نحن والعالم عدد 17 سبتمبر 2025

يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 13 سبتمبر 2025 إلى 17 سبتمبر 2025
تشهد سوريا حراكاً متسارعاً: لقاءٌ بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد «سينتكوم» وبحث للتعاون وضبط الحدود، مفاوضات مع إسرائيل للعودة إلى صيغة 1974 وسط توغّل جديد في درعا، تحضير لانتخابات ودستور وصندوق إعمار، وتعقيدات مع «قسد»، فيما تتفاقم كارثة التلوث النفطي في دير الزور.
في تركيا، ضربة كبرى لمجموعة «جان هولدينج» ومصادرة أصول تشمل Habertürk وShow TV بإشراف TMSF، بالتوازي مع نزيف داخل حزب الشعب الجمهوري بعد توقيف أكرم إمام أوغلو وطعون قضائية تهدد قيادة الحزب وتعيد رسم ميزان القوى.
في الولايات المتحدة، اغتيال تشارلي كيرك فجّر قلقاً من عنفٍ سياسي متصاعد (قفزة لافتة في الحوادث)، إدارة ترامب تطلب 58 مليون دولار لتعزيز الحماية وتلوّح بإعادة تسمية «الدفاع» إلى «وزارة الحرب»، فيما تتسع حرب الخطاب والاستقطاب.
على الجبهة الإيرانية–الإسرائيلية، كشفت تقارير عن عمليات ميدانية لعميلات موساد وتتبّع دقيق لمخازن يورانيوم مخصّب قد يدفع لتدخّل إذا لزم، وإسرائيل توسّع إنتاج صواريخ «بيكان» الاعتراضية، فيما تطوّر واشنطن ذخائر خارقة للملاجئ بعد ضربات عمق ضد منشآت إيرانية.
دولياً، يطلق الناتو عملية «الحارس الشرقي» لردع مسيّرات روسيا، وتستثمر الدنمارك 9.1 مليار دولار في منظومات أوروبية، وتتجه البرتغال لرافال بدلاً من F-35، بينما تحذّر «موديز» من كلفة تمويل خانقة لاقتصادات أفريقية، وتتصاعد توترات برلمانية في الكونغو الديمقراطية، مع سعي روسي لصوغ حضورٍ أعمق بالقارة.
سوريا
منذ 13 أيلول/سبتمبر حتى اليوم، شهدت سوريا حراكاً متسارعاً سياسياً وأمنياً. التقى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع قائد القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم)، والمبعوث الخاص توماس بارّاك بدمشق لبحث مكافحة تنظيم الدولة وملف المحتجزين، كما كشف في تصريحات هامة عن مفاوضات مع إسرائيل لإعادة الوضع الحدودي إلى ما قبل ديسمبر 2024 وفق صيغة قريبة من اتفاق 1974، كما كشف عن تفاهمات مع روسيا سبقت سقوط نظام الأسد بأيام.
ميدانياً، توغّلت آليات إسرائيلية في ريف درعا الغربي وسط تحليق استطلاعي. وعلى الصعيد الداخلي، تتسارع الاستعدادات للانتخابات البرلمانية المقررة أواخر الشهر وسط نقاشات سياسية حادة. بيئياً، أُعيد تسليط الضوء على التلوث النفطي في دير الزور وتحوله إلى مصدر خطر صحي مزمن على السكان.
أحمد الشرع يتحدث لـ “الإخبارية السورية” عن أهم الملفات الداخلية والخارجية المتعلقة بالمرحلة الراهنة
بثّت قناة الإخبارية السورية لقاءً مطوّلاً مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، أدلى فيه بتصريحات هامة، وكشف عن ملامح المرحلة السياسية المقبلة وخطط التعامل مع الملفات الإقليمية والداخلية الحساسة. (شاهد)
وخلال المقابلة، أكّد الشرع أنّ دمشق تجري مفاوضات أمنية مع إسرائيل تهدف إلى إعادة الوضع على الحدود الجنوبية إلى ما كان عليه قبل الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، بالاستناد إلى اتفاقية فكّ الاشتباك لعام 1974 أو صيغة مشابهة. وشدّد على أنّ أي تفاهم لن يمسّ وحدة الأراضي السورية، قائلاً: “سوريا لا تقبل القسمة، ومصلحة الجميع أن تكون دمشق هي المرجع”.
ولفت الشرع إلى أن السياسات الإسرائيلية تكشف حزنها على سقوط النظام السابق، ورغبتها في تحويل سوريا إلى ميدان للصراع وتصفية الحسابات، وصولاً إلى مخطط للتقسيم، مؤكداً عدم التنازل عن “ذرة تراب” من أرض الوطن.
وشدد على أن بلاده ماضية في ترسيخ سياسة تقوم على الهدوء في العلاقات مع كل الدول، وترتكز على “السيادة الوطنية واستقلال القرار السوري”، مشيرا إلى أن سوريا لن تتنازل عن “ذرة تراب واحدة” وستبقى موحدة.
وأضاف أن من “المهم أن تُبنى العلاقات الخارجية على أساس المصلحة السورية أولا”، وأنّ تجاوز الماضي ضرورة “للانطلاق نحو المستقبل بديناميكية واسعة”، وأكد أن دمشق لن تسمح بالعبث في بنية الدولة من داخلها، وأن أي تغيير يجب أن يتم “ضمن إستراتيجية هادفة”.
وأشار إلى أن سقوط نظام بشار الأسد أدى إلى “إخراج الأذرع الإيرانية من المنطقة”، ما عكس برودا على العلاقات مع طهران.
وأضاف أن “الجرح مع إيران عميق”، لكنه استبعد القطيعة الدائمة، وأشار إلى أن الكرة تبقى في ملعب ما وصفه “الدول التي تسعى لإثارة الفتن والقلاقل في سوريا”.
مفاوضات مع روسيا قبيل سقوط الأسد
وعن العلاقات مع موسكو، أوضح الرئيس السوري أن الروابط مع روسيا ولدت منذ نشأة سوريا عام 1946، وأن سوريا لديها ارتباطات متعددة مع روسيا سابقا “ينبغي الحفاظ عليها وإدارتها بطريقة هادئة ورزينة”.
وكشف الشرع أن مفاوضات جرت مع الروس خلال معارك حماة وحمص، حيث انسحب الروس من المشهد العسكري في إطار اتفاق مسبق، مؤكدا أن دمشق نجحت لاحقا في فتح قنوات التواصل معهم.
وقال إن الروس أعطونا التزامات معينة، ونحن أعطيناهم التزامات معينة، وتم الوفاء من الطرفين بتلك الالتزامات حتى اللحظة.
وأشار الرئيس الانتقالي إلى أنّ صياغة دستور جديد ستكون ضمن أولويات ما بعد الانتخابات البرلمانية المرتقبة هذا الشهر، بهدف إرساء قواعد انتقال ديموقراطي منظم. كما أعلن عن إنشاء صندوق تنمية وإعمار لترميم البنية التحتية المتضررة بفعل سنوات الحرب، مؤكّداً أنّ إعادة الخدمات الأساسية للسكان هي خطوة لبناء الثقة واستقرار المجتمع.
وفي الملف الداخلي، كشف الشرع عن محادثات متعثّرة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، موضحاً أنّ الحوار معها ضروري لكنه يتطلب تنازلات متبادلة وضمانات واضحة لتجنّب المواجهة العسكرية.
وبين أن الاتفاق الموقّع مع مظلوم عبدي ينص على دمج قوات قسد ضمن الجيش العربي السوري مع مراعاة بعض الخصوصيات للمناطق الكردية، على أن تنفذ بنوده قبل نهاية العام الجاري. وأضاف: “قمنا بكل ما من شأنه أن يجنب شمال شرقي سوريا الدخول في معركة أو حرب”. (الجزيرة نت)
أحمد الشرع يلتقي قائد القيادة المركزية الأميركية
أعلنت القيادة المركزية الأميركية أن القائد الأعلى للقوات الأميركية في الشرق الأوسط الأدميرال براد كوبر التقى بالرئيس السوري أحمد الشرع في القصر الرئاسي في دمشق في 12 سبتمبر/أيلول.
بدورها، أفادت الإخبارية السورية بأن الرئيس أحمد الشرع، وعقيلته لطيفة الدروبي، استقبلا اليوم الجمعة في قصر الشعب بدمشق، الأدميرال تشارلز برادلي كوبر، قائد القيادة المركزية الأميركية، وزوجته سوزان كوبر، وذلك بحضور المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأميركية إلى سوريا توماس براك، والوفد المرافق لهما.
أحمد الشرع يلتقي براد كوبر
وشهد اللقاء مناقشة جهود مكافحة تنظيم الدولة في سوريا، وفق القيادة المركزية، فيما لفتت الإخبارية السورية إلى أن اللقاء الذي حضره عدد من الوزراء السوريين، شهد بحثاً في آفاق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والعسكرية.
وجرى التأكيد خلال اللقاء على أن هذا التعاون يهدف إلى خدمة المصالح المشتركة للشعبين، ويرسخ مقومات الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة ككل.
وأكد الجانبان أن أجواء اللقاء كانت إيجابية، وحظي بحرص مشترك على تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين دمشق وواشنطن، وتوسيع قنوات الحوار والتواصل على مختلف المستويات، بما يحقق المصالح المتبادلة ويخدم قضايا السلام والتنمية.
وأضاف البيان أن كوبر وبرّاك أشادا بسوريا لمساعدتها في استعادة المواطنين الأميركيين داخل البلاد.
وكان أحمد الشرع التقى وفداً من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي في دمشق، في 19 من الشهر المنصرم، بحضور كل من وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني ووزير الداخلية أنس خطاب.
توغّل إسرائيلي جديد جنوب سوريا وتصعيد مستمر
نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية توغّل بري في جنوب شرقي سوريا بمحافظة درعا، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء السورية الرسمية، وذلك في أحدث خرق للأراضي السورية ضمن سلسلة عمليات عسكرية وغارات جوية متواصلة.
وأوضحت المصادر أن الجنود الإسرائيليين قاموا بعمليات تفتيش في بلدتي سيسون وجملة القريبتين من خط وقف إطلاق النار لعام 1974، الذي يفترض أن يفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في الجولان المحتل. وتزامن ذلك مع مواصلة إسرائيل غاراتها الجوية على مواقع عسكرية في محيط دمشق ومناطق أخرى، كان آخرها هجمات على حمص واللاذقية، الأمر الذي اعتبرته وزارة الخارجية السورية “انتهاكاً صارخاً لسيادة الجمهورية العربية السورية”.
يأتي التصعيد الجديد بعد يوم واحد من إعلان الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع عن محادثات أمنية مع إسرائيل لإحياء اتفاق 1974 ووقف الاعتداءات المتكررة، مع تأكيده رفض التطبيع الكامل. ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، كثفت إسرائيل هجماتها، ووسّعت احتلالها في الجولان بضم المنطقة العازلة المنزوعة السلاح، وهو ما يعدّ خرقاً مباشراً للاتفاق نفسه.
التوتر الأخير يتزامن أيضاً مع تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول رؤيته لـ”إسرائيل الكبرى” التي تشمل أجزاءً من سوريا ولبنان ومصر والأردن، ومع استمرار الاضطرابات القبلية والطائفية في جنوب سوريا، ما يهدد بمزيد من التصعيد الإقليمي ويفاقم هشاشة الوضع الأمني داخل البلاد.
مناف طلاس… عودة مثيرة للجدل من بوابة باريس ورهانات على مستقبل سوريا
بعد أعوامٍ من الغياب عن الساحة السورية، عاد العميد المنشق مناف طلاس – نجل وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس وأحد المقربين سابقاً من عائلة الأسد – إلى دائرة الضوء عام 2025، من خلال محاضرات أكاديمية في جامعة باريس، طرح فيها رؤيته لمستقبل سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. توقيت ظهوره فاجأ المراقبين وأثار تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية السورية والعربية، خاصة مع تسريبات عن تفاهمات دولية قد تُرسم قبل نهاية العام لتحديد ملامح المرحلة المقبلة.
ينتمي طلاس إلى عائلة ذات ثقل سياسي وعسكري، لكنه فقد نفوذه الشعبي منذ انشقاقه عام 2011. ورغم شائعات متكررة عن طموحه للعودة إلى المشهد السياسي مدعوماً بجهات خارجية، لا يُظهر الواقع الداخلي أي قاعدة قوة واضحة له داخل سوريا حتى الآن.
في محاضراته، شدّد طلاس على ضرورة مرحلة انتقالية تُنظّم السلاح وتُرسّخ السلم الأهلي، داعياً إلى بناء دولة مدنية تقوم على القانون الدولي والمؤسسات، مع اقتراح إنشاء مجلس عسكري يحفظ تماسك الدولة ويمنع الفوضى.
وفيما يلي أبرز النقاط التي طرحها طلاس:
نجاح المرحلة الانتقالية:
- تمنّى مناف طلاس نجاح السلطات السورية الانتقالية بقيادة أحمد الشرع.
- شدّد على أن النجاح يتطلب استيعاب جميع السوريين والمشاركة الحقيقية في السلطة.
- انتقد هيمنة لون واحد على الحكم، ودعا الشرع إلى “الدخول على الدولة وليس على السلطة”.
- أعلن استعداده للتعاون مع الشرع رغم عدم وجود أي تواصل رسمي حتى الآن.
الموقف الشخصي والسياسي:
- أكد أنه لا يسعى للرئاسة أو أي طموح سياسي شخصي.
- هدفه الأساسي هو توحيد سوريا والمشاركة في بناء الدولة لا التنافس على السلطة.
الدين والسياسة:
- يفضّل نموذجاً إسلامياً معتدلاً (أشعري أو صوفي) يشارك في السياسة دون فرض نفسه.
- يرفض الإسلام السياسي الذي يسعى لفرض هيمنته على الدولة.
المؤسسة العسكرية والمجلس الموحد:
- دعا إلى إنشاء مجلس عسكري يوحّد القوى المسلحة لبناء جيش وطني علماني.
- حذّر من انهيار المؤسسة العسكرية وأكد تواصله مع ما لا يقل عن 10 آلاف ضابط منشق وقوات قسد وفصائل أخرى.
- اقترح تقليص صلاحيات الرئيس لصالح المجلس العسكري لضبط المرحلة الانتقالية.
هذه الرؤية أثارت انقساماً: فبعض المعارضين يشككون في نواياه، معتبرين أن تحركاته قد تمثل محاولة لإعادة إنتاج نظام بوجوه مختلفة، فيما يرى آخرون أنّه قد يكون عنصر توازن محتمل إذا حظي بقبول داخلي ودعم خارجي متقاطع.
كما يسعى طلاس لبناء شبكة علاقات مع فاعلين دوليين ومعارضين سوريين، مستفيداً من موقعه في باريس ودعمه في بعض الأوساط الغربية، محاولاً إعادة صياغة دوره في المشهد السوري المستقبلي. لكن يبقى السؤال مفتوحاً حول مدى استعداد الشارع السوري لتقبّل شخصيته وقيادته في ظل الانقسام السياسي والانهيار الاقتصادي وانتشار الفصائل المسلحة.
ورغم ابتعاده الإعلامي وحياته المنعزلة في باريس، يواصل طلاس العمل في الأطر الأكاديمية والسياسية الدولية، مستثمراً إرثه العائلي وخبرته العسكرية في طرح سيناريوهات لسوريا الجديدة، وسط مخاوف من أن تكون هذه السيناريوهات محكومة بأجندات خارجية أكثر من كونها استجابة لتطلعات السوريين.
تعليقنا:
ترتبط أهمية ظهور مناف طلاس بالتوقيت الذي يكشف عن أبعاد أعمق من مجرد نشاط علني، لشخصية سورية جدلية. فهذه المرحلة الحساسة من عمر الفترة الانتقالية في سوريا، بما عصفت بها من أحداث جسيمة، تتقاطع مع لحظة إقليمية ودولية مضطربة أيضاً، وتشهد إعادة تموضع للقوى الإقليمية، ورؤيتهم حول مستقبل سوريا. ورغم أن لا مؤشرات علنية عن تغيّر في المزاج الدولي تجاه الحكومة الجديدة، إلا أن إعادة تعويم طلاس إعلامياً وسياسياً بعد فترة من الزمن قد تشير إلى رسالة مزدوجة: للداخل بأن اسمه لم يُطوَ بعد، وما زال قادراً على الحضور، وللخارج بأن ثمة “بطاقة احتياط” سنية، بمرجعية عسكرية، وأيديولوجيا فكرية مختلفة عن طبيعة أيديولوجيا حكومة الشرع الإسلامية، بالإضافة إلى الارتباطات الأعمق من الظاهر مع نظام الأسد بمرحلتي الأب والابن تمنحه قدرة على التواصل مع طيف واسع من الفاعلين، كما أنها مقبولة لدى الأقليات أو المعارضين لحكومة الشرع.
ورغم أن طلاس أكد أمانيه بنجاح السلطة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، إلا أن ما طرحه من نقاط قد تحمل في طياتها رسائل ناعمة ومدروسة جداً تقدمه كبديل متناغم مع ما تفضله الرؤية الغربية.
ومن أبرز هذه النقاط حديثه عن الإسلام السياسي. لكن من أخطرها طرحه لفكرة المجلس العسكري، وحديثه عن صلته بحوالي 10 آلاف مقاتل منشق عن الجيش السوري وقوات قسد، ورغبته في تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح المجلس العسكري لضبط المرحلة الانتقالية، بما يشير إلى رغبة ضمنية ربما بالانقلاب الناعم على السلطة الانتقالية لصالح مشروع مستقبلي جديد يحكم سوريا ما بعد الأسد، وما بعد الشرع!
وفي هذا السياق يمكن قراءة ما جرى ضمن ثلاث مسارات رئيسية:
أولا: مسار الصعود المؤثر إذا ما تمكن من بناء تحالف عسكري – سياسي متماسك يستطيع أن يكون بديلاً عن السلطة الانتقالية الحالية. وهو مسار غير مرجح ما لم يكون هناك احتمالية تتقاطع مع الإرادة الدولية والاقليمية.
ثانيا: مسار صعود مؤقت كورقة تفاوضية يتم استخدامها لإجراء تعديلات بنيوية في مسار المرحلة الانتقالية.
ثالثا: مسار رمزي محدود لا يتعدى مجرد الحضور الإعلامي دون قدرة فعلية على التأثير بسبب افتقاره للشرعية الدولية أو القاعدة الشعبية.
تسرّبات نفطية كارثية تهدّد دير الزور السورية
حوّلت سنوات الحرب والإهمال حقول النفط في شرق سوريا إلى أنهار من النفايات السامة، حيث يرقد حقل “التيم” النفطي بدير الزور كندبة سوداء وسط الصحراء. رصدت عدسات الصحفيين مساحات شاسعة من الوحول النفطية تتدفق بلا توقف منذ سنوات، حاملة خليطاً مسرطناً من المياه المصاحبة لاستخراج النفط والنفط الخام الذي كان يُحقن سابقاً في أعماق الأرض.
أدّت الحرب إلى تدمير البنية التحتية التي كانت تضمن التخلص الآمن من هذه المخلفات، ولم تُصلَح منذ ذلك الحين. الآن تتسرب المواد الكيميائية على مدار الساعة نحو التربة الصحراوية، مقتربة ببطء من نهر الفرات الذي يشكّل شريان الحياة لدير الزور، مما يهدّد المحاصيل والآبار ومياه الشرب في سوريا والعراق في حال حدوث فيضانات أو عواصف شديدة.
المشهد في الحقل يُظهر ركام المعارك: ثقوب الرصاص في الأنابيب، خزانات وقود مثقوبة، وبقايا حديد مشوّه من الضربات الجوية التي شنّتها قوات التحالف وروسيا أثناء الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية. العمال الذين غادروا بين عامي 2012 و2013 عادوا بعد هزيمة التنظيم عام 2017 ليجدوا أنهار النفط قد اتّسعت، فيما بقيت وعود الحكومات السابقة والحالية بلا تنفيذ.
يقول مهندس السلامة محمد التومة إن التسرب “يقتل الطيور فوراً”، مطالباً العالم بالانتباه إلى “نفايات سامة وإشعاعية” لا تجد من يكترث بها. وبينما تواجه الحكومة الجديدة في دمشق تحديات أمنية وحوكمة هائلة وإعادة إعمار واسعة، لا يبدو أن إصلاح البيئة في دير الزور يحظى بأولوية، تاركاً السكان بين أنقاض الأمس وكارثة بيئية متنامية، في أحد أكثر الوجوه صمتاً وإهمالاً من إرث الحرب السورية. (AJ En)
تركيا
شهدت تركيا هزة اقتصادية وإعلامية كبيرة عقب مداهمات ضد مجموعة “جان هولدينج” شملت 121 شركة بينها قنوات Habertürk وShow TV، بتهم غسل الأموال، الاحتيال، والتهرب الضريبي.
المدعي العام أكد أن الشبكة حوّلت أموالاً مجهولة المصدر بين شركات مختلفة وأدخلتها في قطاعات التعليم والطاقة والإعلام لإكسابها شرعية وهمية، فيما عُيّن صندوق تأمين الودائع التركي (TMSF) قيّماً على الشركات المصادرة لضمان استمرار العمل وحماية الموظفين.
في الوقت ذاته، يتعرض حزب الشعب الجمهوري المعارض لنزيف داخلي حاد بعد اعتقال قيادات بارزة بينهم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بتهم فساد، ما قوّض زخمه بعد فوزه التاريخي في الانتخابات المحلية عام 2024.
عملية واسعة ضد “جان هولدينج” والحجز على قنوات Habertürk وShow TV.
في عملية كبرى هزّت الأوساط الاقتصادية والإعلامية، أعلن مكتب المدعي العام في كوتشوك تشكمجه عن حملة مداهمات ضد مجموعة “جان هولدينج”، طالت 121 شركة من ضمنها قنوات Habertürk وShow TV.
وتم إصدار أوامر توقيف بحق 10 أشخاص، بينهم الملاك الرئيسيون محمد شاكر كان وكمال كان وكنان تكداغ، بتهم تشمل تشكيل منظمة إجرامية، التهرب الضريبي، الاحتيال، وتبييض الأموال.
وبحسب بيان النيابة، كشفت تقارير وحدة الجرائم المالية (MASAK) عن قيام شبكة داخل “جان هولدينج” بتحويل أموال مجهولة المصدر بين شركات مختلفة لإخفاء مساراتها، واستخدام فواتير وهمية لتقليل الضرائب، وزيادة رؤوس أموال شركات غير نشطة بغرض إدخال أموال غير شرعية إلى النظام المالي. كما أوضح البيان أنّ هذه الأنشطة استُخدمت لتمويل استحواذات في قطاعات التعليم، الإعلام، الطاقة، والتمويل، بغية تعزيز القوة الاقتصادية للمجموعة ومنحها مظهراً من الشرعية.
تم تعيين صندوق تأمين الودائع التركي (TMSF) كقيّم على الشركات المصادرة، مؤكّداً أنه سيتولى إدارة الكيانات “بمسؤولية عامة” لضمان استمرار الأعمال وحماية حقوق الموظفين والعملاء، مع التشديد على أن المؤسسات التعليمية التابعة للمجموعة ستواصل عملها بشكل طبيعي.
وأصبحت مجموعة “جان هولدينج” في السنوات الأخيرة لاعباً بارزاً في الإعلام التركي بعد استحواذها في ديسمبر 2024 على أسهم Ciner Yayın Holding التي تضم Habertürk وShow TV وBloomberg HT.
كما كانت المجموعة تملك حصة 17.46% في Tekfen Holding، وسعت لزيادة حصتها إلى 42.69% قبل أن تُعرقل الصفقة بسبب اعتراض هيئة المنافسة التركية التي غرّمتها 10.9 مليون ليرة.
تشمل أنشطة “جان هولدينج” قطاعات واسعة من الطاقة وتوزيع الوقود إلى الأجهزة الإلكترونية (Awox) والتعليم والسياحة والصحة. ووفقاً للتقارير السابقة، كانت المجموعة قد استثمرت 3.5 مليار ليرة في إنشاء مصنع ضخم للإلكترونيات في مرسين بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 50 مليون جهاز.
مقال رأي: المعارضة تنزف في تركيا
في نهاية مارس/آذار 2024 حقق حزب الشعب الجمهوري فوزا كبيرا في الانتخابات بنسبة تناهز 38%، متقدما على حزب العدالة والتنمية لأول مرة منذ أكثر ما يقرب من عشرين عاما، كما نجح في الفوز برئاسة أغلبية البلديات الكبرى، وفي مقدمتها إسطنبول، وأنقرة، وإزمير، وأنطاليا، وغيرها.
ذلك الإنجاز المفاجئ أعطى للحزب دفعة لتطوير أهدافه وطموحاته، حيث بدأ يتطلع بقوة للفوز بالرئاسة والبرلمان، مدفوعا بالوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به تركيا، بسبب برنامج الإصلاح القاسي الذي وضعه وزير المالية، محمد شيمشك، ويحظى بدعم واضح من الرئيس رجب أردوغان.
لكن لسوء حظ الحزب أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سيحل موعدها منتصف عام 2028، وكما يقال في تركيا فإن 24 ساعة في السياسة التركية طويلة جداً، فما بالنا بهذه السنوات.
كان حزب الشعب يدرك أن أردوغان بمقدوره تصحيح الكثير من أخطاء حزبه، وأن برنامج الإصلاح الاقتصادي سيؤتي ثماره، وخاصة على صعيد انخفاض نسب التضخم والفوائد البنكية والبطالة… إلخ وهو ما يحدث حاليا بالفعل.
لذا حاول الحزب الضغط في اتجاه انتخابات مبكرة لكنه فشل، في الوقت الذي لم تنجح فيه جهود تطبيع العلاقات التي بدأها أردوغان وتوجت بزيارات متبادلة لمقري حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، قام بها أردوغان ورئيس حزب الشعب، أوزغور أوزيل.
لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، إثر تفجر قضايا فساد مالية مطلع العام الحالي، اتهم فيها رؤساء بلديات ينتمون لحزب الشعب، بلغت ذروتها مارس/آذار الماضي عندما اعتقلت قوات الأمن التركية، رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وقرابة مائة آخرين، من بينهم رؤساء بلديات فرعية، على ذمة قضايا تتعلق بتلقي رِشاً والتلاعب في المناقصات، كما يتعلق بعضها بالإرهاب.
كان اعتقال إمام أوغلو ومن معه، بمثابة ضربة البداية، إذ استمرت حملة الاعتقالات بحق آخرين مع توالي اعترافات الموقوفين، الأمر الذي فتح الباب واسعا لاستنزاف حزب الشعب، تزامنا مع تفجر مشاكله الداخلية.
نزيف حزب الشعب
الملاحظة الجديرة بالتسجيل أولا، أن ملفات حزب الشعب المنظورة أمام القضاء، لم يكن للحكومة يد فيها، فالدعاوى والشهود والأدلة أتت كلها من داخل الحزب، لتصفية المشاكل الداخلية، وترجيح جناح على حساب جناح آخر، مثلما كان الوضع بالنسبة لقضايا الفساد.
ففي أحدث حلقات الصراع الداخلي، قضت إحدى محاكم إسطنبول، بعدم قانونية مؤتمر الحزب الذي عقد 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وإبطاله تماماً، والذي كان مخصصا لانتخاب رئيس الحزب في إسطنبول وأعضاء المجلس التنفيذي، وقالت المحكمة في قرارها؛ إن إرادة المندوبين تم إفسادها والتلاعب بها من خلال الوعود الممنوحة لهم بأموال وهواتف وأجهزة لوحية ووظائف مقابل أصواتهم.
وترتب على قرار المحكمة إيقاف رئيس الحزب في إسطنبول، أوزغور تشيليك، وتعيين لجنة مؤقتة بدلاً منه برئاسة غورسيل تكين.
من هو الوصي الجديد؟
قوبل قرار المحكمة بتعيين غورسيل تكين وصياً مؤقتاً على فرع حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول بعاصفة من الرفض والاستهجان من جانب رئيس الحزب، أوزغور أوزيل.
رغم أن تكين ليس غريبا عن الحزب، بل يعد أحد القيادات الوازنة بما يملكه من تاريخ حزبي وبرلماني.
فقد تدرج داخل حزب الشعب حتى وصل إلى تولي رئاسة فرع الحزب في إسطنبول عام 2007، كما تولى منصب الأمين العام للحزب في الفترة من 2014 إلى 2016.
إضافة إلى مناصبه القيادية داخل الحزب، فقد انتخب تكين لعضوية البرلمان التركي من 2011 إلى 2023.
لكنه استقال من الحزب في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إثر الإطاحة بكمال كليجدار أوغلو من رئاسة الحزب، وانتخاب أوزغور أوزيل بديلاً عنه، إذ كان معروفاً بقربه من كليجدار أوغلو، حيث عملا معاً لفترة طويلة.
وهنا يكمن السبب الرئيسي وراء محاولة منعه من دخول مبنى الحزب في إسطنبول لممارسة مهام عمله، وفق قرار المحكمة، والتي وصلت إلى حشد المئات من أنصار الحزب أمام المبنى والدخول في مواجهات مع قوات الشرطة للحيلولة دون تنفيذ القرار.
يعد غورسيل من المحسوبين على جناح رئيس الحزب السابق، كليجدار أوغلو، الذي تمت الإطاحة به في انتخابات داخلية مثيرة للجدل ينظر القضاء في شأن إبطالها، ووجوده على رأس فرع الحزب في إسطنبول الذي يعد الأهم والأقوى في عموم تركيا، في تلك الظروف الحساسة التي يمر بها الحزب، لن يكون مقبولا لدى جناح أوزيل- إمام أوغلو.
فمن المعروف أن فرع الحزب في إسطنبول يعد داعماً قوياً لإمام أوغلو، الذي حرص على هندسة قياداته والقائمين على تسيير أموره، كما امتدت تلك الهندسة إلى رؤساء البلديات الفرعية في إسطنبول، لكن كل هذا صار في مهب الرياح مع عودة غورسيل وصيا على الحزب، بما يملكه من خبرات داخلية كبيرة تؤهله لإعادة ترتيب الوضع الداخلي بما لا يشتهي إمام أوغلو القابع في السجن حتى الآن.
تكرار الأخطاء
في مواجهة الأزمة الحالية، يكرر رئيس الحزب، أوزغور أوزيل، ذات الأخطاء، دون الاستفادة مما سبق منها.
فعندما اعتقل إمام أوغلو في مارس/آذار الماضي لجأ أوزيل إلى الشارع للضغط على الحكومة للعدول عن قرارها، حيث تحولت المظاهرات الرافضة لاعتقال إمام أوغلو، إلى مواجهات عنيفة، خصوصا بعد انضمام مجموعات يسارية راديكالية إلى الاحتجاجات.
تلك المواجهات أسفرت عن اعتقال المئات، لا يزال بعضهم قابعا في السجن حتى الآن، وآثار اقتصادية سلبية قدرت بمليارات الدولارات، حيث تراجع الاحتياطي النقدي قبل أن يعاود الصعود مجددا في الآونة الأخيرة.
لكن لم تتراجع الحكومة عن إجراءاتها، بل توسعت في اعتقال متهمين جدد؛ بسبب الاعترافات التي أدلى بها الموقوفون.
وقبل فترة قليلة أعلن المدعي العام في إسطنبول، أكين غورليك، أنه بصدد إعداد لائحة الاتهام في القضية، التي وصفها بأنها الكبرى في تاريخ الجمهورية التركية منذ مائة عام.
إذن فشلت خطة أوزيل في استخدام الشارع، لمواجهة أزمة قضائية، كان يجب عليه أن يواجهها بأدوات قانونية لا بتنظيم احتجاجات عنيفة، تسببت في خسائر مادية امتد أثرها إلى المواطن العادي، في موازاة اعترافات كان يدلي بها الموقوفون اختياريا للاستفادة من تدابير العفو وتخفيف الأحكام، وهذه الاعترافات ولدت قناعة لدى المواطن غير المسيس أن الاتهامات بحق إمام أوغلو ومن معه يستحقون المحاكمة بشأنها، وليس الصدام مع الشرطة.
لكن أوزيل عاد اليوم ليواجه تعيين وصي على فرع الحزب بإسطنبول، باللجوء إلى الشارع ودفع أنصاره للصدام مع الشرطة مجدداً، ورفض تنفيذ أحكام القضاء، حتى إنه قال في تصريح لصحيفة فايننشال تايمز:
“يمكننا الرد على الحكومة بطرق مختلفة. من بينها أعمال عصيان مدني سلمية وفعالة للغاية، من شأنها “شلّ الحياة” في تركيا.”
ولا أدري كيف يتوقع أوزيل الحصول على نتائج إيجابية، بنفس الوسائل التي أثبتت عدم فاعليتها، إضافة إلى أن الشارع الموالي له لم يعد بنفس الحماس والاندفاع الذي كان عليه عندما تم اعتقال إمام أوغلو.
فواجب الوقت بالنسبة له الآن أن يعمل على وقف النزيف اليومي للحزب، عبر الاستقالات المتتابعة لكوادره.
نزيف الحزب
حكم المحكمة بإبطال المؤتمر الانتخابي لفرع الحزب في إسطنبول، قد يمهد الطريق أمام حكم مماثل مرتقب لإبطال نتائج المؤتمر العام للحزب، الذي انعقد نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
ما يعني الإطاحة بأزغور أوزيل من رئاسة الحزب وربما عودة كليجدار أوغلو مرة أخرى، أو تعيين وصي على الحزب.
ورغم ذلك السيناريو المتوقع، فإن الخسارة الأشد فداحة في تقديري، تتمثل في النزيف المستمر للحزب من خلال خسارته لكوادره، الذين تتوالى استقالاتهم يوما بعد الآخر.
ففي أغسطس/آب الماضي، أعلن حزب العدالة والتنمية خلال مؤتمره السنوي، انضمام مجموعة من رؤساء البلديات المنتمين لحزب الشعب الجمهوري إلى صفوفه، يأتي في مقدمتهم رئيسة بلدية آيدين، أوزلم تشرجي أوغلو، ما يعني انتقال رئاسة البلدية إلى الحزب الحاكم.
أيضا قبل أيام، أعلنت نائبة رئيس بلدية بيكوز، إحدى البلديات الفرعية في إسطنبول، أوزلام أورال غورزيل، استقالتها من حزب الشعب، فيما تتردد أنباء عن احتمالية انضمامها لحزب العدالة والتنمية، ما يعني انتقال رئاسة البلدية إليه، إذ تديرها أوزلام عقب اعتقال رئيسها، علاء الدين كوسلر، على ذمة تحقيقات الفساد.
هذا النزيف المستمر لا يقابل حتى الآن بإجراءات وقائية من جانب أوزيل ومعاونيه، رغم أن الخسارة مزدوجة، فالمستقيلون لا يكتفون بمغادرة الحزب، بل يذهبون طواعية للانضمام للحزب الحاكم، بأشخاصهم ومناصبهم التي انتخبهم الشعب على أساسها.
والخلاصة
يحتاج حزب الشعب الجمهوري إلى روشتة علاج للتعافي من آثار الفوضى التي ضربت جنباته على وقع قضايا الفساد والتلاعب الداخلي، وليس من المتوقع أن ينجح رئيس الحزب الحالي، أوزغور أوزيل، في القيام بهذه المهمة؛ لأنه صار جزءا من الأزمة الحالية.
ما يعني أن الحزب بات في حاجة ماسة للتغيير على مستوى القيادات والأفكار والأولويات. (الجزيرة نت)
أمريكا
أعاد اغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك النقاش حول تصاعد العنف السياسي في الولايات المتحدة، إذ حذّر مشرعون من الحزبين من أن الخطاب المتطرف بلغ مستوى “مخيفاً”، وسط بيانات تظهر ارتفاع الحوادث الإرهابية بنسبة 40% وزيادة الهجمات الجماعية بأكثر من 180% خلال 2025.. كما طالبت إدارة ترامب الكونجرس بتمويل عاجل قدره 58 مليون دولار لتعزيز أمن المسؤولين بعد حادثة كيرك، في وقت يتزايد فيه نفوذ حركة MAGA داخل الكونجرس وتتصاعد التوترات الحزبية مع اقتراب موعد تمرير الإنفاق الفيدرالي.
وفي خطوة مثيرة للجدل، أعلن ترامب عزمه إعادة تسمية وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”، معتبراً أن الاسم يعكس المهمة الأساسية للجيش، وهو ما اعتبره محللون تراجعاً عن النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية وإشارة إلى نهج أميركي أكثر عدوانية.
ردود الفعل الأميركية بعد اغتيال تشارلي كيرك وتصاعد المخاوف من العنف السياسي
أثار اغتيال الناشط السياسي المحافظ تشارلي كيرك صدمة عميقة في الأوساط الأميركية، وأعاد إلى الواجهة النقاش حول حدة الاستقطاب السياسي ومستوى العنف المتصاعد في الولايات المتحدة. وأجمع مشرعون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في تصريحات لـFox News ووسائل إعلام أخرى على أن الخطاب السياسي بلغ مرحلة “مخيفة”، مؤكدين أن البلاد تمر بلحظة تاريخية قد تحدد مسارها السياسي والاجتماعي في السنوات المقبلة.
قال السناتور الجمهوري جوش هاولي إن الاغتيال يعكس مناخاً يحرّض المتطرفين ويجعلهم يعتقدون أنه “من المقبول إطلاق النار على خصومهم لأنهم يُصوَّرون على أنهم هتلر”. واعتبر أن أحداثاً سابقة، مثل محاولتي اغتيال الرئيس دونالد ترامب وحوادث العنف التي طالت حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو ونواباً في مينيسوتا، تؤكد أن التهديدات أصبحت جزءاً من المشهد السياسي الأميركي. من جانبه، عبّر السيناتور الديمقراطي آندي كيم عن قلقه من استطلاع أظهر أن أكثر من نصف الأميركيين يعتبرون الحزب الآخر “عدواً”، واصفاً ذلك بأنه خطر داهم على الديمقراطية. فيما شدّد السيناتور جيف ميركلي على ضرورة أن يُدار الخلاف السياسي عبر الانتخابات والحوار لا العنف، وهو ما أكد عليه أيضاً السناتور شيلدون وايتهاوس عندما وصف اللجوء للعنف بأنه انحراف خطير عن قيم البلاد.
النائب الجمهوري توماس ماسي استحضر شخصية كيرك وطريقة عمله، معتبراً أن الناشط الراحل كان مهذباً، مستعداً للاستماع، وينشر أفكاره بالحوار، مؤكداً أن قتله يمثل تهديداً لحرية التعبير. أما النائب الديمقراطي جوناثان جاكسون فدعا الأميركيين إلى التوقف قليلاً ومراجعة خطابهم السياسي، محذراً من أن “الكلمات العنيفة تسبق الأفعال العنيفة”.
في تقرير موسّع لـThe Guardian، وصف حاكم ولاية يوتا سبنسر كوكس الاغتيال بأنه “منعطف تاريخي” قد يكون نهاية لفصل مظلم أو بداية لفصل أكثر قتامة في التاريخ الأميركي. وأشارت بيانات مركز دراسة الإرهاب في جامعة ميريلاند إلى ارتفاع الحوادث الإرهابية المستهدفة بنسبة 40% خلال النصف الأول من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مع زيادة هائلة في الهجمات الجماعية بنسبة 187.5%. يرى خبراء التطرف مثل إيمي بيات وويليام برانيف أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ووفرة الأسلحة الفتاكة جعلا هذه المرحلة أكثر خطورة من حقبة الستينيات، إذ تسرّع نظريات المؤامرة والبيئات الرقمية المغلقة عملية التطرف، ما يقلل الوقت المتاح للتدخل ومنع العنف.
تزامن ذلك مع تصاعد غضب رقمي من قبل مجموعات يمينية متشددة، حيث كشفت رويترز والجزيرة أن حملة منظمة من عمليات “الدكسينج” (نشر المعلومات الشخصية) استهدفت معلمين وصحفيين وموظفين حكوميين عبّروا عن آراء ناقدة لكيرك على الإنترنت. أدت هذه الحملة إلى فصل أو إيقاف أكثر من 15 شخصاً عن عملهم، بينما تعرض آخرون لوابل من التهديدات والضغط على أرباب أعمالهم. وقادت الناشطة تشايا رايشك، صاحبة حساب “Libs of TikTok”، هذه الحملات بنشر صور وأسماء وأماكن عمل من انتقدوا كيرك، في حين حذرت نقابات عمالية ومنظمات حقوقية من أن مثل هذه الإجراءات قد تقوض حرية التعبير التي يحميها التعديل الأول للدستور الأميركي.
كما شهدت الساحة السياسية والاجتماعية خطوات احترازية إضافية؛ فقد ألغى بعض السياسيين فعاليات عامة خشية هجمات جديدة، ووضعت جامعات، بينها كليات تاريخياً للسود، في حالة تأهب أمني. ويرى خبراء أن دعوات الانتقام والحرب من بعض الأصوات اليمينية قد تزيد احتمالات وقوع هجمات فردية جديدة، محذرين من أن أي شخص يحمل سلاحاً ودافعاً شخصياً يمكنه إشعال دائرة جديدة من العنف.
يدعو محللون وباحثون مثل برانيف وبيات إلى التعامل مع الأزمة باعتبارها قضية صحة عامة تحتاج إلى استثمارات في برامج الوقاية والتدخل المبكر، بما يشمل تقديم خدمات دعم نفسي وعلاج الإدمان وإيجاد مسارات بديلة للأشخاص المعرضين للتطرف. وأشارت شانون واتسون، مؤسسة منظمة Majority in the Middle، إلى أهمية بناء علاقات إنسانية خارج السياسة، مؤكدة أن التعرف إلى الآخر عن قرب يقلل الكراهية ويخفف الانقسام.
من اللافت أن حملة الاتهامات كانت قد بدأت بتوجيه السهام نحو “اليسار” وأصحاب التوجهات الليبرالية والسود، إلخ، من جهة داعمي كيرك من اليمينيين المحافظين. إلا أنه مؤخراً، بدأت حملة مضادة تعتمد على اتهام قوى يمينية أكثر تطرفاً (كتلك التي يمثلها المؤثر اليميني المتطرف الشاب نيك فيونتيس)، بأنها هي التي قامت بالتحريض على قتل كيرك لأنها ترى كيرك وأتباعه لا يعبرون بما يكفي عن التوجهات اليمينية البيضاء الحقيقية، ويتماهون مع مؤسسة الحكم بشكل أكبر من اللازم، ويستندون إلى دلائل تشير إليها بعض التفاصيل المتعلقة بالشاب الذي ألقي القبض عليه بتهم القتل، تايلر روبنسون، 22 عاماً، وكذلك الخلافات العميقة داخل التيارات اليمينية (أنظر).
يزداد الغموض المحيط بعملية الاغتيال ومن يقف وراءها، واتسعت دائرة الاتهامات لتشمل بذلك، ليس فقط اليسار مقابل اليمين، بل أيضاً بين قوى متطرفة وأخرى أكثر تطرفاً داخل التيار اليميني ذاته.
اغتيال تشارلي كيرك كشف هشاشة المناخ السياسي الأميركي، حيث تتشابك خطابات التحريض، وفقدان الثقة بالمؤسسات، وسرعة انتشار التطرف عبر الإنترنت. وبينما يدعو قادة الحزبين إلى خفض التصعيد، فإن حملات الانتقام الرقمية والانقسامات المتزايدة تظهر أن البلاد أمام لحظة حاسمة: إمّا أن تتحول إلى بداية فصل أكثر ظلاماً من العنف السياسي، أو أن تستغل الحادث كفرصة لإعادة بناء قيم الحوار والديمقراطية التي طالما ميزت الحياة العامة الأميركية. (انظر) (انظر) (انظر) (انظر)
مما يمكن أن يكون له تداعيات ضخمة، ومستويات غير مسبوقة من العنف والعنف المضاد على شتى الأصعدة.
إدارة ترامب تطلب تمويلاً عاجلاً لتعزيز الأمن بعد اغتيال تشارلي كيرك
طالبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكونجرس بتخصيص 58 مليون دولار إضافية لتعزيز التدابير الأمنية للسلطتين التنفيذية والقضائية، وذلك في أعقاب حادثة اغتيال الناشط اليميني البارز تشارلي كيرك، التي فجّرت موجة قلق واسعة حول سلامة المسؤولين الحكوميين وتصاعد العنف السياسي.
كيرك، البالغ من العمر 31 عاماً، كان رئيس منظمة Turning Point USA وأحد أبرز الشخصيات المحافظة التي ساعدت في توسيع قاعدة ترامب بين الناخبين الشباب. اغتياله أثناء فعالية جامعية في ولاية يوتا هذا الأسبوع أعاد إلى الأذهان محاولة اغتيال ترامب العام الماضي، وأشعل المخاوف من تصعيد أكبر في الهجمات ذات الدوافع السياسية.
وفق وكالة بلومبرغ، يأتي طلب التمويل ضمن مشروع قانون إنفاق مؤقت يجب تمريره قبل 30 سبتمبر، موعد انتهاء قانون الإنفاق الفيدرالي الحالي. كما أبدت الإدارة دعمها لتوسيع الموارد المخصصة لحماية المشرعين، لكنها أحالت التفاصيل إلى الكونجرس، بحسب صحيفة بانشبول نيوز.
ترامب، في خطاب متلفز للأميركيين الأربعاء، ألقى باللوم على ما وصفه بـ “اليسار المتطرف” في حادثة كيرك، وهو موقف تبناه العديد من نشطاء حركة MAGA. ويضغط الجمهوريون حالياً لتمرير مشروع قانون قصير الأجل يمنع إغلاق الحكومة الشهر المقبل، لكنهم يرفضون مطالب الديمقراطيين بإضافة بنود تتعلق بتمويل الرعاية الصحية. هذا الخلاف يفتح الباب أمام مواجهة سياسية حادة، إذ يحتاج الجمهوريون إلى أصوات الديمقراطيين لإقرار أي تمديد للإنفاق، بينما يلوّح الديمقراطيون بعرقلة أي مشروع قانون يتجاهل أولوياتهم الصحية.
تقرير أسوشيتد برس أشار إلى أن العلاقة بين ترامب والكونجرس تغيّرت بشكل جذري منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي. فالجمهوريون باتوا أكثر امتثالاً لمطالبه وأقل تمسكاً بصلاحياتهم الرقابية، في مشهد يختلف عن ولايته الأولى حين واجه معارضة من شخصيات جمهورية بارزة مثل ليز تشيني وميت رومني. اليوم، يسيطر جيل جديد من الجمهوريين المتأثرين بحركة MAGA على الكونجرس، ويقلّد الكثير منهم نهج ترامب السياسي وأسلوبه الخطابي.
هذا التطور يعكس واقعاً سياسياً جديداً في واشنطن: اغتيال شخصية بارزة مثل كيرك لم يقتصر أثره على الجوانب الأمنية فحسب، بل سرّع أيضاً التحولات في توازن القوى بين البيت الأبيض والكونجرس، ورفع منسوب التوترات الحزبية مع اقتراب موعد حاسم لإقرار التمويل الفيدرالي.
تقرير صحفي يكشف مخاوف تشارلي كيرك من نفوذ إسرائيلي قبل اغتياله
أفاد تقرير لموقع The GRAYZONE أن الناشط اليميني الأميركي تشارلي كيرك، الشريك المؤسس لمنظمة Turning Point USA والمقرّب من الرئيس دونالد ترامب، كان يعيش حالة من الخوف والقلق من قوى مؤيدة لإسرائيل قبل اغتياله في جامعة يوتا فالي.
التقرير، الذي نُقل عن صديق مقرّب من كيرك رفض الكشف عن اسمه خشية الانتقام، أشار إلى أن كيرك رفض في وقت سابق من هذا العام عرضاً مالياً ضخماً قيل إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قدّمه لدعم منظمته. وبحسب المصدر، أثار هذا الرفض ردود فعل غاضبة داخل الدوائر المؤيدة لإسرائيل، وأدى إلى حملة ضغط وتهديدات غير معلنة ضده.
الصديق أوضح أن كيرك بدأ خلال الأشهر الأخيرة يتحدث بصراحة أكبر عن ما اعتبره “نفوذاً مفرطاً” لإسرائيل داخل الإدارة الأميركية، وكان يصف نتنياهو بأنه “متنمّر” يسعى لفرض قراراته على البيت الأبيض، مستخدماً شخصيات نافذة مثل المليارديرة ميريام أدلسون لضمان ولاء واشنطن. وأضاف أن كيرك حذّر ترامب في يونيو الماضي من الانجرار إلى عمل عسكري ضد إيران خدمةً لأجندة تل أبيب، وهو ما قوبل بغضب من الرئيس الذي أنهى النقاش بشكل مفاجئ.
التقرير نقل أيضاً أن دوائر مقربة من ترامب نفسها باتت قلقة من غضب نتنياهو وتأثيره، وأن بعض المقربين تحدّثوا عن محاولات تجسس إسرائيلية سابقة على البيت الأبيض، في سياق أوسع من التوتر بين شخصيات في الإدارة الأميركية واللوبي الإسرائيلي.
ورغم أن هذه الادعاءات لم تُؤكد من البيت الأبيض أو جهاز الخدمة السرية، فقد أشار الموقع إلى أن مزاعم مماثلة حول أجهزة تنصت إسرائيلية قرب مواقع حساسة في واشنطن ظهرت عام 2019 في تقرير لمجلة Politico، كما تطرق رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون في مذكراته إلى حادثة مماثلة تتعلق بنتنياهو.
الضغط المؤيد لإسرائيل ظهر علناً قبل أيام من الاغتيال، عندما شنّ الإعلامي اليميني اليهودي الأرثوذكسي، الداعم بقوة لإسرائيل، بن شابيرو هجوماً مبطّناً ضد كيرك عبر Fox News، منتقداً ضمناً اتهامات داخل التيار المحافظ تقول إن ترامب يتصرّف “بناءً على أوامر إسرائيلية”. وبعد اغتيال كيرك، أعلن شابيرو عن إطلاق جولة خطابية في الجامعات لتعويض غياب الناشط الراحل.
يُذكر أن السلطات الأميركية لم تُحمِّل أي جهة أجنبية المسؤولية حتى الآن، وأكدت أن المشتبه به تايلر روبنسون (22 عاماً) لا يُعرف بانتماء سياسي. لكن التقرير أثار جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وأعاد إلى الواجهة النقاش حول دور جماعات الضغط الإسرائيلية في واشنطن، والتوترات داخل المعسكر الجمهوري بين الموالين التقليديين لتل أبيب والأصوات المحافظة الجديدة التي بدأت تنتقد نفوذها المتزايد.
بينما نفى نتنياهو رسمياً أي علاقة لإسرائيل باغتيال كيرك، يرى مراقبون أن هذه المزاعم ستؤجج الجدل حول طبيعة العلاقات الأميركية–الإسرائيلية، خاصة في ظل المناخ السياسي الأميركي المحتقن بعد سلسلة هجمات سياسية استهدفت شخصيات بارزة خلال العامين الماضيين.
بإعلانه تغييرها إلى “وزارة الحرب”.. ترامب يدفع بالبلاد إلى أجواء الحرب العالمية الثانية
يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إثارة الجدل داخل واشنطن وخارجها بعد إعلانه عن إعادة تسمية وزارة الدفاع الأميركية لتصبح “وزارة الحرب”، وهو الاسم التاريخي الذي استخدمته الولايات المتحدة حتى عام 1949.
ترامب اعتبر أن التسمية القديمة “تعكس بوضوح المهمة الأساسية للجيش”، فيما يرى معارضوه أن الخطوة تمثل نكوصاً عن النظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية.
فبحسب مراقبين، يعكس التوجّه الجديد رغبة ترامب في إعادة تشكيل هوية الولايات المتحدة العسكرية بعيداً عن المفاهيم الدبلوماسية التي سادت منذ تأسيس الأمم المتحدة والناتو.
تاريخياً، أنشأ الكونجرس الأميركي وزارة الحرب عام 1789 كأول جهاز تنفيذي مسؤول عن الجيش، ثم انفصلت عنها وزارة البحرية عام 1798.
بعد الحرب العالمية الثانية، أقر الكونجرس قانون الأمن القومي عام 1947، الذي أسس “الهيئة العسكرية الوطنية” (National Military Establishment) ومجلس الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية. لكن الاسم المختصر للهيئة، NME، كان يُقرأ أحياناً “Enemy” (العدو)، ما دفع الكونغرس عام 1949 إلى تغيير التسمية رسمياً إلى وزارة الدفاع.
يرى مؤرخون أن ترامب بتبنيه هذا الطرح ينقض التقليد الذي وضعه الرئيس هاري ترومان، الذي شدد عام 1947 على أن مهمة الجيش ليست الغزو بل الحفاظ على السلام. آنذاك قال ترومان: “نستخدم قوتنا العسكرية فقط للحفاظ على سلام العالم”، وهو مبدأ استمر خلال الحرب الباردة تحت شعار “السلام عبر القوة”.
لكن الواقع الأميركي شهد تناقضاً متكرراً بين خطاب السلم والانخراط العسكري المستمر، من الحرب الكورية والفيتنام إلى غزو العراق واحتلال أفغانستان. الآن، يرى محللون أن إعادة اسم “وزارة الحرب” قد تعزز صورة أميركا كقوة تميل إلى الصدام، في وقت يحاول فيه حلفاؤها الأوروبيون الحفاظ على توازن دبلوماسي وسط أزمات دولية متلاحقة.
كما أن هذه الخطوة تأتي في سياق سياسي داخلي متوتر، حيث يواجه ترامب انتقادات بشأن مغامرات عسكرية سابقة، من قصف إيران ودعم إسرائيل إلى عمليات محدودة في فنزويلا. ومع ذلك، يؤكد الرئيس الأميركي أن الاسم القديم “كان يبدو أفضل”، في إشارة إلى أسلوبه المعروف في التركيز على الرمزية والرسائل المباشرة، حتى وإن تسببت في خلافات سياسية ودبلوماسية.
ويُحذّر خبراء الأمن القومي من أن تغيير الاسم قد يُنظر إليه عالمياً كمؤشر على سياسة أميركية أكثر عدوانية، ويعيد للأذهان ذكريات الحرب العالمية الثانية وما تلاها من سباق تسلح عالمي.
إيران
كشفت جيروزاليم بوست أنّ عشرات من عميلات الموساد عملن ميدانياً داخل إيران خلال الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً، في عمليات استهدفت البرنامجين النووي والصاروخي، ووصف رئيس الموساد دورهن بأنه “جوهري”. وفي الوقت نفسه، كشفت الصحيفة ذاتها عن إدانة شاب من اليهود الحريديين يبلغ من العمر 22 عاماً بالتجسس لصالح إيران.
كما عرضت القناة 12 الإسرائيلية لأول مرة صوراً لخط إنتاج صواريخ “بيكان” الاعتراضية، مشيرة إلى دورها الحاسم في اعتراض صواريخ من إيران ولبنان واليمن، وتطوير أجيال جديدة مثل “بيكان 4″ و”بيكان 5”. وبالتوازي، تعمل الولايات المتحدة على تطوير جيل جديد من القنابل خارقة الملاجئ بالتعاون مع بوينج، بعد استخدامها قاذفات B-2 في عملية “مطرقة منتصف الليل” لقصف منشآت إيرانية محصنة، وسط تصاعد التوتر الإقليمي.
عميلات موساد نفذن عمليات سرية في إيران خلال الحرب الأخيرة
أفاد تقرير حصري لصحيفة جيروزالِم بوست أن عشرات من عميلات الموساد الإسرائيليات عملن ميدانياً داخل إيران خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً في يونيو/حزيران، والتي استهدفت البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين. وأوضح التقرير أن رئيس الموساد، ديفيد بارنيا، وصف دور النساء في العمليات بأنه “جوهري”، دون كشف طبيعة المهام السرية بالتفصيل.
التقرير أشار إلى أن الهجمات الإسرائيلية دمّرت أجزاء كبيرة من مرافق نطنز وفوردو وأصفهان النووية، بينما بقي نحو 400 كغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% دون استهداف. ورغم أن بعض المحللين الإسرائيليين حذّروا من إمكانية اندفاع إيران لإنتاج سلاح نووي خلال أشهر، يرى مسؤولون دفاعيون أن إعادة بناء البرنامج قد تستغرق نحو عامين.
كما ذكر أن الموساد يمتلك معلومات دقيقة عن مواقع اليورانيوم ويمكنه التدخل إذا حاولت طهران استغلاله للتقدم نحو تصنيع قنبلة نووية، في وقت يطالب فيه الغرب إيران بالسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى مخزوناتها لتجنّب إعادة فرض العقوبات الدولية.
التقرير يؤكد أيضاً أن الموساد عزز تجنيد وتدريب معارضين محليين في إيران، وأن العملية شملت تنسيقاً واسعاً لمئات العملاء والمصادر. هذا الكشف يعكس تصعيداً غير مسبوق في أساليب الاستخبارات الإسرائيلية، ويبعث برسالة ردع لطهران وسط استمرار التوتر بشأن ملفها النووي.
“جيروزاليم بوست”: الموساد مستعد للتدخل ضد مخزونات اليورانيوم المخصّب في إيران إذا لزم الأمر
ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أنّ جهاز الموساد يمتلك معلومات دقيقة عن مواقع تخزين اليورانيوم المخصّب في إيران، والتي لم تُستهدف خلال الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، مؤكدة أنّ الجهاز “سيكون قادراً على التدخل إذا اقتضت الضرورة”.
وبحسب التقرير، فإن تدخل الموساد مشروط بوجود مؤشرات على أنّ طهران تعتزم استخدام هذا اليورانيوم لاستئناف مسار تصنيع السلاح النووي، مشيرة إلى أنّ الجهاز سيواصل مراقبة الوضع عن كثب حتى يسمح النظام الإيراني لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى المخزونات.
خلال حرب الأيام الـ12 بين إسرائيل وإيران، دمّر الجيش الإسرائيلي جزءاً كبيراً من المنشآت النووية الإيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان، وألحق أضراراً بعدة مواقع أخرى. لكنّ مصير أكثر من 400 كغ من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60% – وهي نسبة تقترب من المستوى المطلوب لإنتاج الأسلحة النووية – لا يزال يشكّل قضية أساسية.
الصحيفة لفتت إلى أنّه نظرياً يمكن تخصيب هذه الكمية بدرجة أعلى لاستخدامها في تصنيع نحو ست قنابل نووية. وبعد وقف إطلاق النار الأخير، عبّر بعض المعارضين الإسرائيليين عن مخاوفهم من أنّ عدم استهداف هذه الاحتياطات قد يمكّن إيران من إنتاج قنبلة نووية خلال أشهر.
مع ذلك، أوضح عدد من القادة العسكريين الإسرائيليين للصحيفة أنّه حتى لو بدأت طهران فوراً بإعادة بناء الأجزاء المتضررة من برنامجها النووي، فإنّ الأمر سيستغرق نحو عامين قبل أن تتمكّن من التقدّم نحو تصنيع سلاح نووي، مؤكدين أنّ اليورانيوم المخصّب وحده غير كافٍ لإنتاج القنبلة.
في سياق متصل، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إنّ مفتشي الوكالة لم يُسمح لهم بعد بدخول مواقع نطنز وأصفهان، بينما أشارت الصحيفة إلى أنّ قدرة الموساد على التدخل إذا لزم الأمر “ينبغي أن تثير القلق لدى النظام الإيراني”.
ويأتي ذلك بينما تشترط الدول الغربية، لتجنّب تفعيل آلية الزناد التي تعيد العقوبات الأممية تلقائياً، أن تسمح إيران لمفتشي الوكالة بالوصول إلى مخزونات اليورانيوم. وقد أمهلت دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا) طهران حتى نهاية سبتمبر الجاري للتوصّل إلى اتفاق مع الغرب يضمن تفادي إعادة فرض العقوبات الدولية.
إدانة شاب حريدي بالتجسس لصالح إيران في القدس
أدانت محكمة القدس المركزية، الشاب الإسرائيلي إليميليك شتيرن (22 عاماً)، وهو طالب يَشيفا من سكان بيت شيمش ومنتمٍ لتيار فيجنِتس الحسيدي، بتهمتي التواصل مع عميل أجنبي والتآمر على التهديد، وذلك بعد نحو شهرين من توجيه لائحة اتهام له بتنفيذ أعمال لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ووفقاً للائحة الاتهام، أقام شتيرن قناة اتصال عبر تطبيق تيليجرام مع شخص قدم نفسه باسم “آنا”، وتبيّن للنيابة أنه عميل إيراني. ونفّذ المتهم مهاماً بطلب منها، وتلقى مقابلها مدفوعات بعملات رقمية، كما جنّد شخصين إسرائيليين آخرين للمشاركة في تلك الأنشطة.
وتشير التفاصيل إلى أن أحد الأعمال التي نُفذت تمثلت في طباعة وتعليق ملصقات تُظهر يداً مضرجة بالدماء مرفقة بعبارة: “سيسجّل التاريخ أن أطفالاً قُتلوا [في غزة]… دعونا نقف في الجانب الصحيح من التاريخ.” وقد وثّق أحد المجنَّدين عملية التعليق وأرسل الصور إلى شتيرن الذي حوّلها بدوره إلى “آنا” مقابل أجر.
وفي واقعة أخرى، التقط أحد المجنَّدين هاتفاً محمولاً من منطقة عتليت شمالاً بناءً على تعليمات “آنا”، بينما سلّم مجنّد آخر مبالغ نقدية في القدس وتل أبيب. كما أفادت اللائحة بأن العميلة طلبت من شتيرن إرسال سكين وباقة زهور إلى منزل السفير الإسرائيلي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية رونِن شاؤول، إلا أن المتهم امتنع عن ذلك خوفاً من الاعتقال.
وخلال التحقيقات، زعم شتيرن أنه لم يشتبه في كون “آنا” عميلةً إيرانية، وادعى تعرّض حقوقه لانتهاكات أثناء الاستجواب وطالب باستبعاد إفاداته. غير أن النيابة أكدت أنه كان على دراية كاملة بحقوقه، وأن أقواله أُدلي بها طوعاً، مشيرةً إلى توافر جميع عناصر جريمة الاتصال بعميل أجنبي. وذكرت أن المتهم نفسه أقرّ بأنه ساوره الشك منذ البداية في هوية الشخص الذي يتواصل معه وأنه كان واعياً للمخاطر.
وجاء في قرار الإدانة أن “الأدلة تُظهر أن المتهم ارتاب في حقيقة هوية (آنا) منذ اللحظة الأولى، وتنامى شكّه كلما ازدادت خطورة الأفعال ذات الطابع القومي–الأمني، بل إنها كشفت له عن طبيعتها كعميلة أجنبية تسعى لتجنيده بصورة أعمق وتزويده بتدريب قتالي.”
وقال ممثل الادعاء يشاي زيغمان: “تلقّى شتيرن مهاماً ونفّذها وجنّد آخرين وتلقى مقابلاً مالياً، وهو يعلم تمام العلم أن وراء (آنا) جهةً معادية تسعى إلى زعزعة أمن إسرائيل.” وأضاف: “ترسل هذه الإدانة رسالة واضحة: أي تواصل مع عملاء أجانب ومعادين ستكون له تبعات. سنواصل حماية أمن إسرائيل بحزم.”
ولم تُعلن المحكمة بعدُ العقوبة التي ستُفرض على المتهم، على أن يُحدد موعد جلسة النطق بالحكم لاحقاً.
إسرائيل توسّع إنتاج صواريخ “بيكان” الاعتراضية.. وأميركا تطوّر ذخائر خارقة للملاجئ.
كشفت القناة الإسرائيلية 12 وللمرة الأولى صوراً من خط إنتاج صواريخ “بيكان” الاعتراضية، مؤكدة أن هذه المنظومة كانت حاسمة خلال العامين الماضيين في اعتراض الصواريخ التي أُطلقت من إيران ولبنان واليمن. وأشار مسؤولو الأمن الإسرائيليون إلى أنّ غياب “بيكان” كان سيضاعف خطورة الصراع بشكل كبير، إذ تعتمد إسرائيل عليه كدرع رئيسي في حماية أجوائها.
التقرير أوضح أن “بيكان” قادر على الانطلاق إلى الفضاء بسرعة 7 ماخ، والاعتراض خارج الغلاف الجوي على ارتفاع يتجاوز 100 كيلومتر. ويعتمد النظام على حساسات فائقة الدقة وأنظمة إلكترونية متقدمة وحاسوب طيران يوجّه الصاروخ ليصيب الهدف بدقة تقارب السنتيمتر الواحد، في عملية وصفتها الصناعات الجوية بـ”إبرة مقابل إبرة”.
أصحاب المشروع أعلنوا أنّ معدل النجاح يبلغ 86%، لكن خبراء حذّروا من أنّ أي فشل واحد قد يسبّب أضراراً جسيمة. أحد مهندسي الصناعات الفضائية قال: “كل صاروخ يفلت من بين أيدينا يمثل ألماً كبيراً”، مضيفاً أن مهندسي إسرائيل يخوضون “حرب عقول” مع خبراء إيرانيين يطوّرون صواريخهم باستمرار لتجاوز المنظومة.
أضاف مهندس رادار آخر أنه أثناء هجوم إيراني كان في منزله، وما رآه على شاشات الرصد جعله يشعر بأن “المحاكاة تحوّلت إلى واقع”. وأوضح زميله أنه بعد انتهاء صافرات الإنذار وعودة الحياة الطبيعية، بدأ الإسرائيليون يدركون أهمية ما أُنجز. وخلال الحرب، واصلت المصانع إنتاج الصواريخ على مدار الساعة.
وأشارت القناة إلى أن التصميم الأولي لـ”بيكان” يعود إلى ما بعد حرب الخليج لمواجهة تهديد صواريخ سكود العراقية، ووُصف حينها بأنه أول نظام لاعتراض الصواريخ الباليستية في العالم. وتبلغ تكلفة كل صاروخ نحو مليوني دولار، فيما يُبلَّغ رئيس الوزراء ووزير الدفاع مباشرة بحجم المخزون. وأكدت مصادر في الصناعات الجوية أنّ قرارات الحكومة بشنّ عمليات عسكرية تعتمد بدرجة كبيرة على مستوى الاحتياطي من هذه الصواريخ، مشيرة إلى تطوير أجيال جديدة مثل “بيكان 4” و**”بيكان 5″** لمواكبة التقدّم الصاروخي الإيراني.
التقرير ختم بالتأكيد على أنّ المنظومة كانت عاملاً حيوياً في بقاء إسرائيل خلال عامين من الحرب الإقليمية، وأن تمويل زيادة الإنتاج أصبح موضوع نقاش رئيس بين وزارتي الدفاع والمالية.
وفي سياق متصل، نقلت القناة أن الولايات المتحدة أبرمت عقداً جديداً مع بوينغ ومركز أبحاث عسكري لتطوير جيل جديد من القنابل الثقيلة خارقة الملاجئ، لتكون بديلاً أكثر تطوراً للقنابل الضخمة المستخدمة سابقاً. ويأتي القرار عقب عملية “مطرقة منتصف الليل” في يونيو/حزيران، حين استخدمت قاذفات شبحية B-2 لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية المحصنة في فوردو ونطنز.
وزارة الدفاع الأميركية أشارت إلى أنّ العملية أحدثت أضراراً كبيرة، لكن محللين أكدوا أن الملاجئ العميقة لا تزال تمثل تحدياً صعب الاختراق. الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصف العملية بأنها “مثالية”، مؤكداً إصابة جميع الأهداف، وكرّم طواقم القاذفات بميداليات في البيت الأبيض.
متابعات عربية
الجيش الإسرائيلي يعزز الحدود الأردنية وينشئ فرقة “جلعاد” تحسباً لسيناريو تسلل جماعي
وسط مخاوف إسرائيلية متجددة من عملية تسلل واسعة النطاق شبيهة بأحداث 7 أكتوبر 2023، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن الجيش الإسرائيلي جنّد طوعاً نحو 12 ألفاً من جنود الاحتياط، وباشر بناء خطوط دفاع إضافية على الحدود مع الأردن. ووفق التقرير، فإن هذه الخطوات تأتي ضمن “دروس مستخلصة” من فشل حماية مستوطنات غلاف غزة، وتهدف إلى تعزيز الجبهة الشرقية في حال محاولة ميليشيات أو خلايا مسلحة اختراق الحدود.
الصحيفة أوضحت أن إسرائيل قررت تسريع إنشاء فرقة “جلعاد” (96) – الفرقة الشرقية الجديدة – لتأمين حدودها الأطول مع الأردن، الممتدة على نحو 500 كيلومتر من إيلات جنوباً حتى “حمات غدير” في الجولان شمالاً. هذه الحدود، بحسب التقرير، تتضمن أجزاء مفتوحة وأخرى بأسوار مثقوبة، ويحتاج استكمال تحصينها إلى سنوات. ورغم نشر وسائل مراقبة واستخبارات متقدمة، يعترف مسؤولون عسكريون بأن إغلاق كل الثغرات “شبه مستحيل”، مشيرين إلى أن المهربين والجماعات المعادية يغيرون تكتيكاتهم باستمرار لتجاوز العوائق.
التقرير أكد أن الخوف الإسرائيلي لا يتعلق بالجيش الأردني، بل بفرضية تسلل ميليشيات عراقية أو خلايا فلسطينية أو تابعة للحوثيين. وأشار إلى وجود مصالح أمنية مشتركة مع الأردن لمنع تسلل هذه العناصر، لكنه حذّر من أن حتى مجموعة صغيرة من المسلحين قد تتمكن من تنفيذ هجمات داخل العمق الإسرائيلي إذا لم تتوفر معلومات استخباراتية مسبقة، كما حدث في 7 أكتوبر.
ضمن خطة الدفاع، أعيد تشغيل مواقع حدودية قديمة مثل مواقع “خط المياه”، وأُقيمت خطوط إضافية تشمل مستوطنات غور الأردن ومحور “آلون” الرابط بين الغور ووسط البلاد. وفي مايو الماضي، صادقت الحكومة الإسرائيلية على إنشاء 22 مستوطنة جديدة وتعزيز المستوطنات القائمة على طول الحدود الشرقية، مع تجهيز مزارع وأراضٍ مصنفة “أراضي دولة” لتعزيز السيطرة على المنطقة. الوزيرة أوريت ستروك أعلنت حينها مشروعاً أولياً بميزانية 80 مليون شيكل لتجربة الاستيطان وتشكيل “نوى استيطانية” كقوة ردع سكاني وأمني.
الجيش الإسرائيلي عرض خلال حفل رسمي افتتاح الفرقة الجديدة التغييرات على الحدود الشرقية، بحضور قادة بارزين بينهم قائد القيادة المركزية اللواء آفي بلوط وقائد القوات البرية اللواء ناداف لوتان. بلوط شدّد على أن “فشل 7 أكتوبر” غيّر المفهوم الأمني لإسرائيل، داعياً إلى تعزيز القدرات الاستخباراتية والرقابية والجاهزية للحركة والقتال، والعودة إلى مفهوم “أمة مجنّدة” باحتياطات قوية وسريعة الاستجابة.
قائد الفرقة العميد أورين سيمحا وصف إنشاء “جلعاد” بأنه “درس حاسم من الفشل الصعب”، مؤكداً أن انضمام 12 ألف مقاتل احتياط طوعياً يشكل “بشرى عظيمة” ويعكس وحدة المجتمع الإسرائيلي حول مهمة حماية الحدود الشرقية. كما أشار إلى أن استيطان غور الأردن يعكس المشروع الصهيوني ويشكل “جزءاً أساسياً من الأمن القومي”.
الصحيفة لفتت إلى أن الفرقة بدأت فعلياً عمليات أولية خلال “حرب الأيام الـ12 مع إيران”، وأنها ستواصل بناء ألوية واستخبارات متخصصة حتى عام 2027، بما في ذلك تدريب مجندات على مركبات JLTV الحديثة لمهام الاستجابة السريعة في بيئة غور الأردن القاسية. كما أحبط الجيش، منذ بداية العام، 120 محاولة تسلل وضبط 242 كغ من المخدرات واعتقل 11 مشتبهاً بهم خلال عمليات تهريب أو تسلل.
التقرير يبرز أن الحدود الأردنية، رغم سنوات من الاستقرار النسبي، تبقى بؤرة معروفة للتهريب ومحاولات إدخال أسلحة بإشراف جهات إيرانية، بهدف إشعال الضفة الغربية وتهديد العمق الإسرائيلي. الجيش الإسرائيلي يرى أن تعزيز القوات والبنى الدفاعية قد لا يمنع تماماً أي حادث مستقبلي، لكنه سيقلص حجمه وتأثيره، مع الاعتماد أيضاً على تعاون الجيش الأردني واستقرار الحكم الهاشمي لضمان إحباط أي محاولات تسلل كبرى.
متابعات إفريقية
ما تريده روسيا في أفريقيا وكيف تخطط لتحقيقه
في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، تزداد أهمية أفريقيا كساحة تنافس عالمي. تقرير حديث أعدّه 25 خبيراً روسياً، برعاية وزارة الخارجية الروسية وبإشراف الأكاديمي سيرجي كاراجانوف، يكشف ملامح السياسة الروسية الحالية تجاه القارة ونواقصها، ويقترح مسارات جديدة لتعزيز النفوذ الروسي.
أفريقيا كسوق استراتيجية وفرصة لتنويع الاقتصاد
- أفريقيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.4 مليار نسمة، تمثل سوقاً واعدة للسلع والخدمات ومصدراً أساسياً للموارد الطبيعية.
- ترى موسكو أن التنافس الدولي المتصاعد يفتح أمامها فرصة لتثبيت حضورها الاقتصادي والسياسي.
- الموارد المعدنية النادرة، الطاقة، والبنية التحتية تمثل مجالات جذب رئيسية للاستثمارات الروسية.
تقييم الخبراء لسياسة موسكو الحالية
- انتقد الخبراء تشتت الاستراتيجية الروسية وغياب التنسيق بين مؤسسات الدولة العاملة في أفريقيا.
- أشار التقرير إلى المبالغة في القدرات الروسية، حيث تُعلن مشاريع غير جاهزة وتُقدَّم الأفكار على أنها إنجازات فعلية.
- أكد التقرير أن العديد من الاتفاقيات الموقعة في القمم الروسية–الأفريقية لم تُنفَّذ بسبب ضعف الإعداد والمراجعة.
الأهداف الرئيسية للسياسة الروسية
- ضمان الأمن القومي: مواجهة تهديدات مثل الإرهاب، الأوبئة، والمنافسة مع القوى الكبرى.
- التنمية الاقتصادية: استخدام الأسواق الأفريقية لتنويع الاقتصاد الروسي وتحديثه، خصوصاً في مجالات النقل، الهندسة الزراعية، والخدمات.
- تعزيز المكانة الدولية: إقامة شراكات سياسية مع الدول الأفريقية والاتحاد الأفريقي لإبراز روسيا كقوة عالمية تدافع عن السيادة وحق الدول في اختيار نماذج التنمية.
الأدوات المقترحة لتعزيز النفوذ
- وثيقة عقائدية علنية: لتوحيد الرؤية الروسية وإثبات الجدية وبناء الثقة مع الأفارقة.
- تعزيز التواصل الإعلامي والمجتمعي: تنظيم حملات ضغط أكثر تنظيماً وإشراك الخبراء والمجتمع المدني.
- التركيز على التعاون الإنساني: تطوير التعليم والصحة كمدخل لتعميق العلاقات حين يصعب توسيع التجارة سريعاً.
- الالتزام بالمبادئ الأفريقية: دعم أجندة الاتحاد الأفريقي 2063 وأهداف الأمم المتحدة 2030، وتبنّي شعار “الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية”.
مشهد التنافس الدولي
- الصين تبقى اللاعب الأقوى، بينما ينمو نفوذ الهند، تركيا، الإمارات، وقطر.
- يتراجع نسبياً حضور الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، مع بقاء ألمانيا الوحيدة القادرة على تعزيز حضورها.
- التنافس يمتد إلى موانئ البحر الأحمر والبنية التحتية الاستراتيجية، حيث تتنافس تركيا والإمارات بوضوح.
آفاق التعاون الروسي المستقبلي
- يقترح التقرير استكشاف شراكات جديدة مع دول مثل الهند ، و(خارج إطار البريكس) كوريا الجنوبية، فيتنام، وكوبا.
- يدعو لتعزيز التعاون في مجالات التعليم والرعاية الصحية وتمويل المشاريع التنموية.
- يؤكد أن زيادة الحضور الروسي لا يجب أن يُقدَّم كخطوة ضد الغرب، بل كجزء من بناء نظام عالمي متعدد المراكز. (أفروبوليسي)
موديز: ارتفاع تكاليف التمويل يضغط على اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء
حذّرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني في دراسة جديدة من أن تكاليف الاقتراض للحكومات والشركات في جنوب أفريقيا ونيجيريا وكينيا ارتفعت بشكل حاد خلال السنوات الخمس الماضية، بفعل ضعف السياسات الاقتصادية، وتصاعد التضخم، وتدهور ظروف السوق.
وأشارت لوسي فيلا، نائبة رئيس موديز، إلى أن أسعار الفائدة الرسمية المرتفعة رفعت تكاليف الدين على البنوك والشركات غير المالية والحكومات في الدول الثلاث، رغم لجوء بعضها إلى شركاء التنمية للحصول على قروض منخفضة الفائدة. وبينت الدراسة أن هذه القروض خفّضت جزءاً من أعباء الدين بالعملات الأجنبية، لكنها لم تعوّض الفوائد الباهظة في الأسواق المحلية والدولية.
ورغم انخفاض تكاليف الاقتراض عالمياً نسبياً منذ 2022، يظل فارق العائدات مقارنة بسندات الخزانة الأميركية نحو 500 نقطة أساس، مما يجعل التمويل أكثر كلفة. كما أوضحت موديز أن جنوب أفريقيا، رغم تمتعها بأسواق رأس مال متطورة، ما زالت تكاليفها مرتفعة مقارنة باقتصادات ناشئة أخرى.
وأكدت الوكالة أن غياب الإصلاحات قد يدفع جنوب أفريقيا إلى حلقة سلبية، حيث تؤدي الفوائد العالية لجذب التدفقات المالية إلى تقليص الاستثمار المحلي وتعميق الأزمات الاقتصادية. وفي كينيا، حدّ الإفراط في الاقتراض وضعف الأسواق المحلية من قدرة الشركات على الوصول إلى التمويل، فيما تواجه نيجيريا عوائق بسبب التضخم المرتفع وضعف الادخار المحلي.
واختتمت موديز بالتشديد على أن معالجة هذه التحديات تتطلب وقتاً لبناء هياكل سياسية واقتصادية أكثر فاعلية، بما يعيد الثقة ويخفض تكاليف التمويل في الاقتصادات الكبرى بأفريقيا جنوب الصحراء.
الكونغو الديمقراطية: انقسامات حادة تهز البرلمان في أولى جلساته لهذا الموسم
شهد البرلمان الكونغولي افتتاح جلساته وسط أجواء متوترة، بعد أن تقدّم نائبان من الحزب الحاكم “الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي” بعريضتين تطالبان بإقالة رئيس الجمعية الوطنية فيتال كاميريه ورئيس مجلس الشيوخ جان ميشال ساما لوكونده.
العريضتان، اللتان جمعتا أكثر من نصف تواقيع النواب البالغ عددهم 500، تتهمان القيادتين بالتقصير في الرقابة البرلمانية وغياب الشفافية، إضافة إلى التأخر في صرف مخصصات النواب لمدة عشرة أشهر وضعف الخدمات الصحية. وفي مجلس الشيوخ، وُجهت اتهامات مشابهة إلى لوكونده، في حين وصف مقربوه المزاعم بأنها “اتهامات بلا أساس”.
أنصار كاميريه رأوا في التحرك تصفية حسابات سياسية، مشيرين إلى أن خفض ميزانية الجمعية بأكثر من الربع هو السبب في تعثر تحسين الرواتب والمزايا. من جانبها، نفت قيادة الحزب الحاكم أي صلة مباشرة بالخطوة، مؤكدة أن الكلمة النهائية ستكون للرئيس فيليكس تشيسيكيدي.
التطورات تأتي في مرحلة سياسية حساسة، إذ تهدد بإبطاء مناقشات مشروع الموازنة وتعكس هشاشة التحالف الداعم للرئيس، ما قد يعيد رسم التوازنات داخل المشهد السياسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
متابعات دولية
البرتغال تتخلى عن مقاتلات F-35 الأميركية لصالح رافال الفرنسية: تحول استراتيجي يعزز الاندماج الدفاعي الأوروبي
في قرار يُعدّ تحولاً بارزاً في سياساتها الدفاعية، أعلنت البرتغال اختيارها المقاتلة الفرنسية “رافال” بدلاً من F-35 الأميركية ضمن خطة تحديث أسطولها الجوي في إطار حلف الناتو. هذا القرار يشير إلى تعميق التزام لشبونة بالاندماج العسكري الأوروبي ويطرح تساؤلات حول مستقبل التعاون داخل الحلف.
دوافع القرار
- تكلفة التشغيل المرتفعة لمقاتلات F-35 لعبت دوراً حاسماً في قرار البرتغال.
- رافال تتمتع بمرونة عملياتية واسعة وتكلفة تشغيلية أقل، ما يجعلها أكثر ملاءمة لاحتياجات البرتغال طويلة الأمد.
- اختيار رافال يضمن تكاملاً أفضل مع أنظمة الدفاع الأوروبية ويعزز التعاون الصناعي داخل الاتحاد الأوروبي.
الأبعاد الاقتصادية والصناعية
- القرار يفتح الباب أمام نقل التكنولوجيا واستثمارات صناعية جديدة بين فرنسا والبرتغال.
- يُتوقع أن يخلق وظائف ويحفّز الابتكار في قطاع الدفاع البرتغالي.
- الخطوة قد تدفع دولاً أوروبية أخرى لاتخاذ قرارات مماثلة، ما يعزز الاستقلالية الدفاعية الأوروبية.
تداعيات على الناتو
- القرار يكسر نمط التوحيد الذي يفضله الناتو لمعداته، ويبرز توجهاً نحو التنويع والاستقلالية بين الدول الأعضاء.
- قد يدفع دولاً أخرى لإعادة تقييم خياراتها الدفاعية، ويعيد النقاش حول التوازن بين الابتكار التكنولوجي والسيادة الوطنية.
وبإعلانها تبني مقاتلات رافال، ترسل البرتغال إشارة واضحة بدعمها لإطار دفاعي أوروبي أقوى. هذا التحول قد يعيد تشكيل العلاقات داخل الناتو، ويشجع الدول الأوروبية على تنويع مصادر تسليحها وتعزيز صناعاتها الدفاعية، ما يمهّد لمشهد عسكري أكثر استقلالية وتعددية على المستوى الدولي.
الدنمارك تستثمر 9.1 مليار دولار في أنظمة دفاع جوي أوروبية لمواجهة تهديد روسيا
أعلنت وزارة الدفاع الدنماركية أنها ستنفق نحو 58 مليار كرونة (9.1 مليار دولار) لشراء أنظمة دفاع جوي وصاروخي أوروبية، في خطوة تعكس الدروس المستفادة من الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقالت الوزارة إن النظام الفرنسي–الإيطالي SAMP/T سيُستخدم لتغطية الاحتياجات بعيدة المدى، بينما سيُختار للمدى المتوسط واحد أو أكثر من الأنظمة التالية: NASAMS النرويجي، IRIS-T الألماني، أو VL MICA الفرنسي. ومن المقرر شراء ثمانية أنظمة دفاع جوي، على أن يدخل أولها الخدمة التشغيلية بحلول نهاية 2025، رهناً بموافقة البرلمان الدنماركي.
وزير الدفاع ترولز لوند بولسن شدّد في بيان رسمي على أن الوضع الأمني الحالي يجعل الدفاع الجوي الأرضي “أولوية قصوى” في تطوير القوات المسلحة، مضيفاً أن تجربة أوكرانيا أظهرت الدور الحاسم لهذه الأنظمة في حماية السكان المدنيين من الهجمات الروسية.
تأتي هذه الخطوة ضمن سياسة إعادة التسلّح التي تنتهجها حكومة مته فريدريكسن منذ بداية الغزو الروسي، حيث كانت الدنمارك قد قررت في يونيو الماضي الإسراع بتأمين دفاع جوي متوسط المدى لتلبية الاحتياجات العاجلة.
وخلال مؤتمر صحفي، أكّد مسؤولو الدفاع أن هذا الاستثمار لا يعني رفض الأنظمة الأميركية مثل “باتريوت”، بل إن سرعة التسليم كانت العامل الحاسم، في ظل طول جداول التسليم الخاصة بالأنظمة الأميركية مقارنة بالبدائل الأوروبية.
عملية “الحارس الشرقي”: ردّ الناتو على اختراقات الطائرات المسيّرة الروسية
أعلنت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن إطلاق عملية جديدة تحت اسم “الحارس الشرقي” (Eastern Sentry) لتعزيز الدفاعات الجوية على حدودها الشرقية، وذلك عقب اختراق 19 طائرة مسيّرة روسية المجال الجوي البولندي الأسبوع الماضي خلال هجوم موسّع على أوكرانيا.
الرئيس البولندي كارول ناوروكي وقّع الأحد مرسوماً سرياً يسمح بوجود دائم لقوات الناتو في بولندا كجزء من العملية. أمين عام الناتو مارك روتّه كشف عن العملية في 12 سبتمبر، فيما أكّد مقر القيادة العليا لقوات الحلف (SHAPE) أن هذه الخطوة “ستُعزز أكثر من أي وقت مضى قدرتنا على حماية جميع الحلفاء وردع أي أعمال متهورة وخطيرة”.
الحادثة الأخيرة ليست الأولى؛ إذ أبلغت بولندا مراراً عن اختراقات لطائرات مسيّرة وصواريخ منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022. كما سجّلت لاتفيا وليتوانيا ورومانيا حوادث مماثلة، فيما تحطمت مسيّرة أوكرانية في إستونيا بعد أن تسببت التشويشات الروسية في تغيير مسارها.
جنرال الناتو الأعلى في أوروبا أليكسوس ج. غرينكويتش قال: “انتهاك الأجواء البولندية لم يكن حادثاً معزولاً، وتأثيره يتجاوز بولندا. الناتو لا ينتظر، بل يتحرك”. وأضاف أن “الحارس الشرقي” يهدف إلى توفير ردع ودفاع مرن ومركّز حيثما وحينما دعت الحاجة.
حتى الآن، أعلنت عدة دول عن مساهماتها: الدنمارك سترسل مقاتلتين من طراز F-16 وفرقاطة مضادة للطائرات، فرنسا ستشارك بثلاث مقاتلات رافال، فيما ستنشر ألمانيا أربع مقاتلات يوروفايتر. العملية تُدار بواسطة قيادة العمليات المشتركة للحلف (ACO) وتستند إلى نموذج عملية “الحارس البلطيقي” التي أُطلقت مطلع العام لتعزيز الأمن في بحر البلطيق.
بالتوازي، يعمل الحلف مع قيادة التحوّل التابعة للناتو لتجربة واعتماد تقنيات جديدة على نطاق واسع، تشمل أجهزة استشعار وأسلحة مضادة للطائرات المسيّرة. وقد تم تسجيل أول اختراق جديد للأجواء منذ بدء العملية عندما أعلنت وزارة الدفاع الرومانية الأحد أن مسيّرة روسية اخترقت مجالها الجوي قبل أن تعود إلى أوكرانيا.
مركز دراسات الحرب (ISW) اعتبر أن هذه الاختراقات تهدف إلى “اختبار قدرات الناتو وردود فعله لاستخلاص دروس لمواجهات مستقبلية محتملة”. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شدّد في رسالة على تيليجرام أن المسارات الجوية لهذه المسيّرات محسوبة بدقة، مضيفاً: “هذا ليس حادثاً عشوائياً ولا خطأ. إنه توسع واضح للحرب من قِبل روسيا”.
في المقابل، نفت موسكو مسؤوليتها عن أي اختراقات، وحذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف من أن إسقاط طائرات مسيّرة روسية فوق أوكرانيا أو بالقرب من حدود الناتو “سيعني حرباً بين روسيا والحلف”.
إطلاق “الحارس الشرقي” يعكس تصميم الناتو على تعزيز دفاعاته الشرقية بسرعة، بينما تواصل روسيا استخدام الطائرات المسيّرة بشكل متزايد في هجماتها، ما يرفع مستوى التوتر على حدود الحلف ويضع اختباراً جديداً لقدرة أعضائه على الردع والدفاع دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع موسكو.