نحن والعالم

نحن والعالم عدد 6 نوفمبر 2025

يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 31 أكتوبر 2025 إلى 6 نوفمبر 2025.

في أسبوعٍ عالميٍ مزدحم بالتحولات، ما يعكسه تقرير المعهد المصري هذا الأسبوع، أعادت واشنطن خلط أوراق السياسة والاقتصاد في آنٍ واحد.

فوز زهران ممداني التاريخي في نيويورك فتح جبهة يسارية غير مسبوقة في قلب الرأسمالية الأمريكية، وفي وسط معاناة اقتصادية كبيرة وتفاوت كاسح في توزيع الثروة بين أفراد الشعب الأمريكي، بينما يواصل الرئيس دونالد ترامب تحركاته المثيرة من خطط عسكرية في فنزويلا إلى مشروع “مجلس السلام” لإدارة غزة ولبنان، إلى تهديدات بغزو نيجيريا لحماية المسيحيين!

في الشرق الأوسط، تسعى الولايات المتحدة لإقامة وجود عسكري في دمشق تمهيداً لاتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، وسط تحولات إقليمية عميقة تشمل انضمام دمشق إلى التحالف الدولي ضد “داعش”.  وبينما تتبدّل موازين الطاقة في تركيا بالتدريج، تحاول إسرائيل إحكام الخناق حول تركيا بتفاهمات استراتيجية مع قبرص واليونان.

أما إيران، فأعلنت إعادة بناء منشآتها النووية “بقوة أكبر” بعد القصف الأمريكي، فيما يواجه العالم اضطرابات من مالي إلى تنزانيا، وتستعد البرازيل لامتحان أمني قبل مؤتمر المناخ بعد “مجزرة ريو”.

أمريكا

في أسبوعٍ أميركيٍ مثقلٍ بالتحوّلات، تتقاطع السياسة والمال والتكنولوجيا في مشهدٍ يعيد رسم ملامح القوة داخل واشنطن.

فمن فوز زهران ممداني التاريخي في نيويورك، الذي كسر احتكار المؤسسة التقليدية، إلى خطط ترامب العسكرية ضدّ مادورو في فنزويلا ومشروعه لفرض وصاية دولية على غزة ولبنان، إلى تهديداته بغزو نيجيريا،  تبدو أمريكا منقسمة بين رؤيتين: يسارٍ اجتماعي صاعد ويمينٍ تكنولوجيٍّ متصلب.

زهران ممداني.. العمدة الذي قلب معادلات نيويورك

فاجأ زهران ممداني، السياسي التقدّمي البالغ من العمر 34 عاماً، الولايات المتحدة والعالم بفوزه التاريخي بمنصب عمدة مدينة نيويورك، وبنسبة تصويت تعدت ال 50%، ليصبح أول مسلم، وأصغر شخص يتولى هذا المنصب منذ أكثر من قرن، وأول عمدة من أصول جنوب آسيوية في تاريخ المدينة.

فوز ممداني، الذي وصفته وسائل الإعلام الأميركية بأنه “زلزال سياسي”، لم يكن مجرد انتصار انتخابي محلي، بل تحوّل رمزي في المزاج السياسي الأميركي، إذ أعاد تعريف ما تمثله نيويورك — مدينة المال والرأسمالية — كمنصة جديدة لتجربة يسارية جريئة تتحدى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتحرج المؤسسة الحزبية التقليدية في واشنطن.

من أوغندا إلى نيويورك.. رحلة مهاجر يصنع التاريخ

وُلد ممداني في كامبالا – أوغندا لأبٍ أكاديمي بارز هو محمود ممداني، وأمٍّ مخرجة سينمائية عالمية هي ميرا ناير. عاش طفولته في كيب تاون قبل أن ينتقل إلى نيويورك في سن السابعة.

تخرج من مدرسة برونكس الثانوية للعلوم، وحصل على شهادة في الدراسات الإفريقية من كلية بودوين. قبل دخوله عالم السياسة، عمل مستشاراً إسكانياً، ومارس موسيقى الراب تحت اسم “السيد كارداموم”، في تجسيد واضح لروح شبابية تتحدث لغة جيله.

هذه الخلفية المزدوجة — الأكاديمية والفنية — جعلت منه سياسياً غير تقليدي، قاد حملته بروح إبداعية، ومقاطع مصوّرة متعددة اللغات بالعربية والإسبانية والأردية، متحدّثاً مباشرة مع الطبقات العاملة وسكان الأحياء المهمّشة.

حملة من الشارع.. وللشارع

بموارد مالية محدودة، ومن دون دعم حزبي تقليدي، استطاع ممداني أن يبني تحالفاً متنوعاً من الشباب والمهاجرين والنقابات والعمال، مركزاً على ثلاث قضايا محورية:

  • تجميد الإيجارات
  • توفير الحافلات المجانية
  • الرعاية الشاملة للأطفال.

هذه الرسائل الاجتماعية البسيطة حركت ملايين الناخبين الذين شعروا بأن نيويورك لم تعد صالحة للعيش بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.

ووفقاً لمجلس الانتخابات، شارك أكثر من مليوني ناخب في التصويت — أعلى نسبة مشاركة في انتخابات بلدية منذ عام 1969 — وهي إشارة إلى عودة الشباب والطبقة العاملة إلى صناديق الاقتراع بعد سنوات من اللامبالاة السياسية.

صدام مبكر مع ترامب

فور إعلان النتائج، شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوماً مباشراً على العمدة الجديد، واصفاً إياه بـ”الشيوعي”، ومهدّداً بقطع التمويل الفيدرالي عن المدينة.

وكتب ترامب على منصّته “تروث سوشيال”: “أيّ يهودي يصوّت لزهران ممداني هو شخص غبي… فهو كاره مؤكد لليهود”.

لكن ممداني لم يتأخر في الرد، قائلاً في خطاب النصر: “إذا كان هناك من يستطيع أن يُظهر لأمةٍ خانها دونالد ترامب كيف تهزمه، فهي المدينة التي شهدت صعوده”.

ووعد بأن تبقى نيويورك “مدينة المهاجرين التي يبنيها المهاجرون ويقودها مهاجر”، معلناً بوضوح أن حقبته ستكون مواجهة مفتوحة مع سياسة ترامب المعادية للهجرة والتنوع.

رؤية يسارية تقدّمية

يعرف ممداني نفسه بأنه “اشتراكي ديمقراطي”، ويرى أن الدولة يجب أن تتدخل لتصحيح اختلالات السوق. برنامجه يشمل:

  • رفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 دولاراً بحلول عام 2030.
  • فرض ضرائب إضافية على الأثرياء والشركات الكبرى.
  • إنشاء متاجر بقالة عامة تبيع بأسعار الجملة.
  • توسيع برامج السكن الميسّر والمواصلات المجانية.

ويرى محللون أن فوزه يمثل تحوّلاً في هوية الحزب الديمقراطي الأميركي، إذ يعكس صعود الجناح التقدّمي على حساب التيار الوسطي التقليدي.

الملف الفلسطيني والإسرائيلي.. اختبار مبكر

ممداني من أبرز السياسيين الأميركيين الذين دعموا علناً فلسطين ونددوا بما وصفه بـ”الإبادة الجماعية في غزة”.

عام 2023، شارك في إضراب عن الطعام أمام البيت الأبيض للمطالبة بوقف إطلاق النار، وتعهد خلال حملته باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا زار نيويورك، تنفيذاً لمذكرات المحكمة الجنائية الدولية.

هذه المواقف جعلته هدفاً لهجوم إسرائيلي غير مسبوق، إذ اعتبرته وسائل الإعلام العبرية “كارثة سياسية ورمزاً للجهاد الصامت في الغرب”.

وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير: “انتخاب ممداني هو انتصار لمعاداة السامية على المنطق السليم.”

لكن المفارقة أن ثلث يهود نيويورك صوتوا لصالحه، في انقسام غير مسبوق داخل الجالية اليهودية، حيث يرى كثيرون أن انتقاد إسرائيل لا يعني معاداة اليهود.

بين اليسار والاقتصاد

رغم شعبيته الواسعة، يواجه ممداني تحديات داخلية كبرى:

  • رفض حاكمة نيويورك كاثي هوشول لرفع الضرائب التي يقترحها.
  • تخوف قطاع الأعمال من “هروب الأثرياء” من المدينة.
  • ضغوط من الديمقراطيين الوسطيين مثل تشاك شومر وحكيم جيفريز الذين لم يدعموه خلال الحملة.

ويرى خبراء مثل باسل سميكل (المدير التنفيذي السابق للحزب الديمقراطي في الولاية) أن العمدة الجديد سيحتاج إلى انتصارات مبكرة تثبت قدرته على إدارة المدينة المعقّدة، وتوحيد أطرافها المتناقضة.

ردود الفعل الدولية: نيويورك تفتح جبهة جديدة

في واشنطن، يُنظر إلى فوز ممداني على أنه إشارة إلى تحوّل سياسي شبابي عابر للولايات. وفي تل أبيب، وصفته وسائل الإعلام بأنه “جرس إنذار لإسرائيل”، فيما دعت شخصيات إسرائيلية رسمية إلى “إعادة النظر في العلاقات مع الحزب الديمقراطي الأميركي”. أما في الشارع العربي، فقد لقي فوزه ترحيباً واسعاً باعتباره نصراً رمزياً للعرب والمسلمين في الغرب، لا سيما أنه أكد أنه “سيبني بلدية تحارب الإسلاموفوبيا وتحمي اليهود والمسلمين معاً”.

بين الرمزية والواقع

ممداني يقف اليوم أمام مدينة عملاقة بميزانية تبلغ 116 مليار دولار، وأكثر من 300 ألف موظف بلدي، وثمانية ملايين نسمة يتطلعون إلى وعوده.

لكنه أيضاً أمام خصوم سياسيين شرسين، على رأسهم ترامب، ودوائر المال والإعلام التي تترصده.

وبين حلم العدالة الاجتماعية وواقع الإدارة اليومية، سيكون عليه أن يوازن بين شعارات الثورة وحدود السلطة. (انظر) (انظر) (انظر) 

تعليق المعهد المصري:

هل يعكس فوز ممداني تغيّراً في مزاج الشباب الأمريكي تجاه إسرائيل؟

رغم التحليلات التي أشارت إلى تغيّر محتمل في المزاج العام لدى فئة الشباب تجاه إسرائيل وظهور تيار جديد عبّر عنه فوز ممداني، إلا أنه لا يعكس بالضرورة تغييراً مستمرا على المدى الطويل، أو سيساهم في بلورة تصور سياسي أمريكي جديد تجاه تل أبيب؛ أولا لأن فوز ممداني جاء بنسبة كبيرة نتيجة للوعود الاقتصادية وتحسين فرص العيش في بيئة محلية، والتي تضمنها برنامجه الانتخابي والذي دفع الناس وخاصة فئة الشباب من مختلف التوجهات إلى انتخابه.

يشار أيضا في هذا السياق إلى  استطلاع للرأي أجرته منصة واشنطن فري بيكون  (Washington Free Beacon)  ذات التوجه اليميني في سبتمبر 2025، أظهر أن غالبية الشباب المحافظين في الولايات المتحدة يؤيدون بشدة سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إسرائيل، ويعتبرون أن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب في عهده تسير في الاتجاه الصحيح.

الاستطلاع، الذي شمل أكثر من ألف مشارك من الفئة العمرية 18 إلى 34 عاماً، كشف عن هامش تأييد إيجابي بفارق 43 نقطة مئوية لصالح أداء ترامب في إدارة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، كما أظهر أن أغلبية المشاركين ترى أن على الولايات المتحدة الاستمرار في دعم إسرائيل كحليف استراتيجي.

نتائج الاستطلاع جاءت لافتة لأنها شملت أيضاً فئات من الجمهور الذي يتابع شخصيات معروفة بميولها المعادية لليهود أو المناهضة للصهيونية مثل نيك فوينتس، تاكر كارلسون، وكانديس أوينز، ومع ذلك ظل التأييد لإسرائيل حاضراً بينهم بنسب ملحوظة.

  • 58 % من متابعي كانديس أوينز عبّروا عن نظرة إيجابية تجاه إسرائيل.
  • 54 % من جمهور تاكر كارلسون أبدوا الموقف ذاته.
  • وحتى بين مستمعي نيك فوينتس – الذي وصف إسرائيل في أكثر من مناسبة بأنها “ضد المسيح” واتهمها بتلفيق هجوم 7 أكتوبر لتحقيق أهداف خاصة بها – عبّر 38% عن دعمهم لإسرائيل مقابل 37% فقط عارضوها.

هذه النتائج، بحسب معدّي الدراسة، تشير إلى أن الولاء لترامب وتوجهاته السياسية يتفوق على المواقف الشخصية للمؤثرين الذين يتابعهم المحافظون الشباب، حتى عندما تكون آراؤهم معادية لإسرائيل.

يُظهر هذا الاستطلاع أن التحالف بين اليمين الأمريكي وإسرائيل لا يقتصر على القيادات السياسية أو الدينية، بل يمتد إلى القاعدة الشابة للمحافظين التي ترى في إسرائيل رمزاً للتحالف الأيديولوجي مع ترامب، حتى في ظل تزايد الخطاب المعادي للصهيونية في بعض أوساط الإعلام اليميني.

هذا الاتجاه يعكس ما يمكن وصفه بـ “الولاء الترامبي فوق الأيديولوجيا” حيث تحوّل دعم إسرائيل إلى موقف هوياتي مرتبط بالانتماء إلى التيار الترامبي نفسه، وليس نابعاً من القناعة الدينية أو التاريخية.

لكن في الوقت ذاته لا يمكن إغفال أن هناك نسبة معتبرة من شباب التيار اليميني أصبح لديها رؤية مغايرة لذلك التوجه، وأن هذه النسبة يمكن أن تتزايد مع الوقت، وهو ما قد يفسر جزئياً السعي الأمريكي لإنهاء ملف الحرب في غزة بسرعة.

كما أن انتخاب معمداني يؤشر جزئياً أيضاً إلى إمكانية تحقيق نصر انتخابي مهم رغم الحشد الصهيوني الضخم المعارض، إذا وجدت الشخصية المناسبة ذات الخطاب الملائم الذي يمس شرائح البسطاء.

تجدر الإشارة أيضاً إلى ردود الأفعال غير المنطقية لبعض الإسلاميين، الذين رأوا في فوز ممداني “نصراً للإسلام”، وبداية عهد جديد للإسلاميين في أمريكا والعالم! لا يجب نسيان أن ممداني مسلم لكنه علماني، يساري، تقدمي داعم لحقوق المثليين والإجهاض إلى أخر هذه الأجندة التقدمية، فلا يمكن نعته بأنه “إسلامي”. كما أنه مسلم في السياق الأمريكي العلماني، وبالتالي لا يجب تحميل فوزه بأكثر مما يحتمل.

أخيراً، من المتوقع أن خصوم ممداني سيسعون جاهدين لإفشاله بكافة الوسائل الشريفة وغير الشريفة لعرقلة تنفيذه لبرنامجه أو تحقيقه لأي إنجاز، وسيكون من المثير للاهتمام مراقبة كيفية تعامل ممداني مع هذه التحديات.

نيويورك تايمز: إدارة ترامب تدرس ثلاث خيارات عسكرية ضد فنزويلا تشمل اعتقال مادورو أو تصفيته

كشفت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير خاص أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضعت على الطاولة ثلاث خيارات عسكرية للتعامل مع الوضع في فنزويلا، أحدها يتضمن إرسال قوات خاصة لاعتقال الرئيس نيكولاس مادورو أو تصفيته، في إطار ما تصفه الإدارة بمحاولة “استعادة السيطرة على الموارد النفطية” في البلاد.

خيارات عسكرية متعددة

بحسب مصادر مطلعة نقلت عنها الصحيفة، تعمل الإدارة الأمريكية منذ أسابيع على تطوير خطط ميدانية تتراوح بين الضربات الجوية والعمليات الخاصة، وعمليات السيطرة على مواقع استراتيجية داخل الأراضي الفنزويلية.

الخيار الأول، وفق التقرير، يتمثل في تنفيذ ضربات جوية عن بُعد تستهدف منشآت عسكرية مرتبطة بحماية مادورو، بهدف إضعاف قدرته الدفاعية ودفعه إلى الفرار، الأمر الذي سيجعله أكثر عرضة “للاعتقال أثناء تحركاته داخل البلاد”.

أما الخيار الثاني فيركز على إرسال وحدات من القوات الخاصة الأمريكية — مثل “دلتا فورس” أو “سيل تيم 6” — لتنفيذ عملية نوعية تهدف إلى القبض على مادورو أو تصفيته ميدانياً، في حال لم يستجب للإنذارات الأمريكية.

ويشمل الخيار الثالث نشر قوات أمريكية على نطاق أوسع للسيطرة على المطارات وحقول النفط الرئيسية في البلاد، وهو الخيار الذي وصفته الصحيفة بأنه “الأكثر تعقيداً والأكثر خطورة على القوات والمدنيين على حد سواء”.

الأساس القانوني قيد البحث

أوضحت نيويورك تايمز أن مستشاري الرئيس ترامب بدأوا التشاور مع وزارة العدل الأمريكية لوضع تفسير قانوني يسمح بالتحرك العسكري دون تفويض من الكونغرس.

ويعتمد هذا التفسير على فكرة أن مادورو وكبار قادته الأمنيين يمثلون شخصيات محورية في ما يسمى “كارتل دي لوس سوليس”، وهي شبكة تتهمها واشنطن بالاتجار بالمخدرات والإرهاب.

وبحسب الصحيفة، تسعى الإدارة إلى استخدام هذا التصنيف لتبرير أي عملية عسكرية باعتبارها “عملاً ضد جماعة إرهابية”، وليس ضد دولة ذات سيادة، وهو ما يتيح تجاوز الحظر القانوني الأميركي على اغتيال القادة السياسيين.

ترامب لم يحسم قراره بعد

ورغم اكتمال الخطط، تشير الصحيفة إلى أن الرئيس ترامب لم يتخذ قراراً نهائياً بشأن تنفيذ أي من السيناريوهات الثلاثة، وأنه ما يزال ينتظر تقارير استخباراتية إضافية قبل اتخاذ الخطوة التالية.

وتربط الصحيفة بين القرار المرتقب وبين وصول حاملة الطائرات الأمريكية “جيرالد آر فورد” إلى منطقة البحر الكاريبي في منتصف نوفمبر، وهي أكبر وأحدث حاملة طائرات في الأسطول الأمريكي، تضم نحو خمسة آلاف بحّار وأكثر من 75 طائرة هجومية واستطلاعية ودعم، بينها مقاتلات F/A-18.

تصعيد محسوب وضغوط متزايدة

يرى مراقبون أن إدارة ترامب تمارس سياسة الضغط الأقصى على حكومة مادورو، في محاولة لإضعافها من الداخل دون التورط في حرب شاملة.

إلا أن وضع سيناريوهات تتضمن اعتقال أو تصفية رئيس دولة يمثل سابقة خطيرة في العلاقات الأمريكية-اللاتينية، وقد يفتح الباب أمام مواجهة قانونية ودبلوماسية دولية.

يأتي التقرير في وقت تشهد فيه العلاقات بين واشنطن وكاراكاس توتراً متصاعداً، على خلفية اتهامات أمريكية لمادورو بالضلوع في تهريب المخدرات وتوظيف موارد النفط لصالح “شبكات غير شرعية”.

ورغم أن القرار لم يُتخذ بعد، إلا أن نشر الحاملة “جيرالد فورد” في الكاريبي، والتحركات السياسية داخل البيت الأبيض، تؤكد أن واشنطن تستعد لمرحلة جديدة من المواجهة مع فنزويلا، قد تبدأ بعملية محدودة — وقد تتطور إلى ما هو أبعد من ذلك.

أكسيوس يكشف عن مشروع قرار أميركي لحكم غزة حتى 2027

كشف موقع أكسيوس أن الولايات المتحدة وزعت، على أعضاء في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار لإنشاء قوة دولية في قطاع غزة لمدة لا تقل عن عامين، بحسب نسخة من المشروع حصل عليها الموقع.

يُظهر المشروع، نية واشنطن والدول المشاركة في العملية تولي إدارة غزة وتوفير الأمن فيها حتى نهاية عام 2027، مع إمكانية تمديد المهمة بعد ذلك التاريخ، وبحسب مسؤول أميركي تحدث لأكسيوس سيُطرح مشروع القرار للنقاش بين أعضاء مجلس الأمن خلال الأيام المقبلة، بهدف التصويت عليه خلال الأسابيع القادمة، على أن يتم نشر أولى وحدات القوة في غزة بحلول يناير المقبل.

وأكد المسؤول أن القوة الدولية للأمن (ISF) ستكون قوة تنفيذية وليست لحفظ السلام (أي أنها قوة إنفاذ سلام، بمعنى أن من مهامها نزع السلاح)، وتتألف من قوات من عدة دول مشاركة، تُنشأ بالتنسيق مع هيئة جديدة تسمى “مجلس السلام”، حيث أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيتولى رئاستها وسيستمر المجلس في عمله حتى نهاية 2027 على الأقل.

وتتولى القوة مهام تأمين الحدود بين غزة وإسرائيل ومصر، وحماية المدنيين والممرات الإنسانية، وتدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة تعمل بالشراكة معها، كما ستكلف بتثبيت الأمن في غزة عبر نزع سلاح الفصائل المسلحة وتدمير البنى العسكرية والهجومية ومنع إعادة بنائها.

ويشير نص المشروع إلى أن هذا التفويض يشمل نزع سلاح حركة حماس، في حال لم تقدم على ذلك طوعاً، كما يمكن للقوة تنفيذ “مهام إضافية حسب الحاجة” لدعم اتفاق غزة.

وينص المشروع على أن القوة ستعمل تحت قيادة موحدة يوافق عليها مجلس السلام، وأن جميع عملياتها ستتم بالتشاور والتنسيق الوثيق مع مصر وإسرائيل، كما ستكون القوة مخوّلة باستخدام “كافة الوسائل الضرورية” لتنفيذ تفويضها وفقاً للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي.

مجلس سلام

يدعو المشروع إلى تمكين مجلس السلام ليكون إدارة انتقالية مؤقتة تتولى تحديد الأولويات وجمع التمويل لإعادة إعمار غزة، إلى أن تُنهي السلطة الفلسطينية برنامج الإصلاحات المطلوب وتحصل على موافقة المجلس لتولي الإدارة.

وسيُشرف مجلس السلام على لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية تضم مختصين من قطاع غزة، تتولى إدارة الخدمات اليومية وشؤون الحكم المحلي.

وقال المسؤول الأميركي إن مجلس السلام سيبدأ عمله قبل تشكيل اللجنة التكنوقراطية، مضيفا أن تقديم المساعدات سيتم عبر منظمات تعمل بالتنسيق مع المجلس، من بينها الأمم المتحدة، والصليب الأحمر، والهلال الأحمر، على أن تُمنع أي جهة من العمل في حال ثبت سوء استخدام أو تحويل المساعدات.

اجتماع إسطنبول يرفض الوصاية

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع مع نظرائه من السعودية وقطر والإمارات والأردن وباكستان وإندونيسيا في 3 نوفمبر 2025، إنّه “يتعيّن على الفلسطينيين حكم الفلسطينيين، ويجب على الفلسطينيين ضمان أمنهم”.

وأشار إلى أنّ “غزة بحاجة إلى إعادة بنائها، ويجب أن يعود سكانها إلى منازلهم. إنها بحاجة إلى تضميد جروحها. ولكن… لا أحد يريد أن يرى ظهور نظام وصاية جديد”.

وأكد أنّ “أي إجراء يُتخذ لحل القضية الفلسطينية… يجب ألا يخاطر بخلق أساس لمشاكل جديدة. ونحن نولي هذا الأمر اهتماما بالغا”، معربا عن أمله في “مصالحة فلسطينية داخلية” سريعة بين حماس والسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.

واعتبر أنّ هذه المصالحة من شأنها “تعزيز تمثيل فلسطين داخل المجتمع الدولي”.

ترامب يتهم روسيا والصين بإجراء تجارب نووية سرية ويستبعد تزويد كييف بصواريخ “توماهوك”

اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دولاً نووية كبرى، من بينها روسيا والصين، بإجراء تجارب نووية سرية تحت الأرض دون الإعلان عنها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لن تكون “الدولة الوحيدة التي لا تُجري تجارب”. وفي الوقت نفسه، استبعد ترامب تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك بعيدة المدى في الوقت الراهن، مؤكداً أنه لا يرغب في تصعيد الحرب مع موسكو.

جاءت تصريحات ترامب خلال مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” على شبكة سي بي إس، ردّاً على سؤال بشأن قراره المفاجئ الخميس الماضي أمْرَ وزارة الدفاع (البنتاغون) باستئناف التجارب النووية الأمريكية للمرة الأولى منذ عام 1992.

وقال ترامب: “روسيا تجري تجارب، والصين تجري تجارب، لكنهما لا تتحدثان عنها. لا أحد يعلم بالضبط أين تُجرى، فهما تنفذانها في باطن الأرض بعيداً عن الأنظار”. وأضاف أن دولاً أخرى مثل كوريا الشمالية وباكستان تقوم أيضاً باختبارات مماثلة على ترساناتها النووية.

وأكد الرئيس الأمريكي البالغ من العمر 79 عاماً: “لا أريد أن أكون الدولة الوحيدة التي لا تجري تجارب نووية، نحن سنفعل كما تفعل الدول الأخرى”.

قرار مفاجئ قبل لقاء شي جينبينغ

قرار ترامب باستئناف التجارب النووية أثار ارتباكاً واسعاً في الأوساط السياسية والعسكرية حول ما إذا كان يعني تنفيذ تفجير نووي فعلي لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود. وجاء هذا القرار بشكل مفاجئ عبر منشور على منصات التواصل الاجتماعي قبل دقائق من اجتماع ترامب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ في كوريا الجنوبية.

وتزامن الإعلان مع اختبارات روسية حديثة على صاروخ “بوريفيستنيك” الذي يعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى غواصة مسيّرة قادرة على حمل رؤوس نووية تحت الماء، وهو ما اعتبره مراقبون أحد دوافع قرار ترامب الأخير.

تحذير مباشر لبكين بشأن تايوان

وخلال المقابلة نفسها، حذّر ترامب نظيره الصيني من “العواقب الوخيمة” لأي محاولة لغزو جزيرة تايوان، لكنه تجنب الإفصاح صراحةً عما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً للدفاع عنها.

وعندما سُئل عن احتمال إصدار أمر للقوات الأمريكية بالتحرك في حال وقوع هجوم صيني، اكتفى ترامب بالقول: “ستعرفون إذا حدث ذلك، وهو (شي) يعرف الإجابة”، مشيراً إلى أن قادة الصين “يدركون جيداً العواقب”.

توماهوك.. ملف مؤجل

أما بشأن صفقة تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك”، فقد أبدى ترامب تحفّظه الواضح قائلاً للصحفيين أثناء رحلته من فلوريدا إلى واشنطن: “لا، ليس تماماً… لكن قد أغيّر رأيي لاحقاً”. وأوضح أنه لا يرغب في زيادة التصعيد العسكري مع روسيا في هذه المرحلة.

وتبلغ مدى صواريخ توماهوك حوالي 2500 كيلومتر، أي ما يكفي لضرب أهداف داخل العمق الروسي، بما في ذلك العاصمة موسكو. وقد طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحصول عليها مراراً، في حين حذّرت موسكو من عواقب أي خطوة لتزويد كييف بهذه الصواريخ.

ترامب يهدد بتدخل عسكري “كاسح” في نيجيريا بذريعة حماية المسيحيين

لوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإمكانية تنفيذ عمل عسكري واسع داخل الأراضي النيجيرية، متّهماً حكومة أبوجا بـ”التقاعس” عن وقف ما وصفه بـ”المجازر الممنهجة بحق المسيحيين”.

وفي منشور نشره عبر منصته الخاصة “تروث سوشيال”، قال ترامب إنه وجّه وزارة الدفاع الأمريكية للاستعداد “لتدخل سريع وقاسٍ وحاسم” في حال استمرار ما أسماه “القتل المنهجي للمسيحيين الأبرياء في نيجيريا”، مضيفاً بلهجة حازمة:

“ستوقف الولايات المتحدة فوراً جميع المساعدات والدعم المقدّم لنيجيريا”

“المسيحية تواجه تهديداً وجودياً”

اتهم ترامب السلطات النيجيرية بالتقاعس عن حماية المسيحيين، مؤكداً أن “المسيحية تواجه تهديداً وجودياً في نيجيريا”. وذهب أبعد من ذلك حين لوّح بـ”هجوم عسكري كاسح للقضاء تماماً على الإرهابيين الإسلاميين الذين يرتكبون هذه الفظائع المروّعة”.

واختتم الرئيس الأمريكي منشوره بعبارة تحذيرية واضحة:

“تحذير! على الحكومة النيجيرية أن تتحرك بسرعة.”

البنتاغون يعلن استعداده

بعد ساعات من تصريحات ترامب، جاء رد سريع من وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، حيث كتب:

“نعم سيدي.”

وأكد هيجسيث أن الوزارة تستعد للتحرك استجابة لأوامر الرئيس، مضيفاً:

“إما أن تحمي الحكومة النيجيرية المسيحيين، أو سنتولى نحن القضاء على الإرهابيين الإسلاميين. يجب أن يتوقف قتل المسيحيين الأبرياء في نيجيريا وفي أي مكان آخر.”

رد نيجيري حازم: “بلادنا لا تعاني من انقسام ديني”

في المقابل، أصدر الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو بياناً رسمياً ردّ فيه على تهديدات ترامب، مؤكداً أن تصريحات الرئيس الأمريكي “لا تعكس واقع نيجيريا الحقيقي”، وأن بلاده تقوم على “الحرية الدينية والتسامح كركيزتين أساسيتين في الهوية الوطنية”.

وأوضح تينوبو أن نيجيريا تواجه “تحديات أمنية معقدة، لكنها لا تقوم على أساس ديني”، مشيراً إلى أن بعض أعمال العنف “ناتجة عن صراعات على الأرض والموارد، لا عن الانتماء الديني”.

كما أكدت وزارة الخارجية النيجيرية في بيان منفصل، أنها “أحيطت علماً بتصريحات الرئيس الأمريكي”، مشددة على التزام الحكومة بـ“مكافحة التطرف العنيف الذي تغذيه مصالح خاصة”.

عنف مزمن ومشهد معقد

تأتي تصريحات ترامب في ظل تصاعد أعمال العنف في شمال نيجيريا الشرقي، حيث تنفّذ جماعة “بوكو حرام” المتطرفة هجمات دامية منذ أكثر من 15 عاماً، تسببت بمقتل عشرات الآلاف وتشريد ملايين السكان من مختلف الأديان والأعراق.

كما تشهد مناطق الوسط والغرب مواجهات متكررة بين رعاة ماشية مسلمين ومزارعين مسيحيين، غالباً ما تتخذ طابعاً اقتصادياً مرتبطاً بالأرض والموارد، لكنها تتحول أحياناً إلى نزاعات ذات بعد ديني.

وكان عضو الكونغرس الأمريكي كريس سميث قد دعا في وقت سابق إلى إدراج نيجيريا ضمن قائمة “الدول ذات الاهتمام الخاص” في تقارير واشنطن عن انتهاكات الحرية الدينية، وهو ما يزيد من حساسية الملف بين البلدين.

أوكسفام: أغنى 10 أمريكيين راكموا 698 مليار دولار في عام واحد – والتريليونير الأول بات قريباً

كشفت منظمة أوكسفام أمريكا في تقرير حديث أن الثروة الجماعية لأغنى عشرة أشخاص في الولايات المتحدة ارتفعت خلال العام الماضي وحده بمقدار 698 مليار دولار، مشيرة إلى أن ظهور أول تريليونير في العالم لم يعد احتمالاً بعيد المنال، خاصة أن إيلون ماسك بات في منتصف الطريق نحو ذلك. ومنذ عام 2020، نمت ثروات هؤلاء الأثرياء العشرة بنسبة 526% بعد احتساب التضخم.

النمو لا يشمل الجميع

ورغم ما يبدو من ازدهار اقتصادي، إلا أن ثمار النمو الأمريكي لا تتوزع بالتساوي. فبين عامي 1989 و2022، ارتفعت ثروة الأسر المنتمية إلى الشريحة العليا (1%) بنحو 8.4  مليون دولار للأسرة الواحدة، مقابل 83 ألف دولار فقط زيادة في متوسط ثروة الأسر المتوسطة خلال الفترة ذاتها. أما الأسر الواقعة ضمن أعلى 0.1%  فقد شهدت قفزة ضخمة بلغت 39.5  مليون دولار للأسرة.

تفاوت عرقي وجندري صارخ

ويكشف التقرير عن فجوات هائلة قائمة على العرق والجندر. إذ ارتفع متوسط ثروة الأسر البيضاء بمقدار يزيد 7.2 مرات عن الأسر من أصول إفريقية، و6.7  مرات عن الأسر ذات الأصول اللاتينية. كما فاقت مكاسب الثروة لدى الأسر التي يعيلها ذكور نظيراتها التي تعيلها نساء بأكثر من أربعة أضعاف.

الأسهم.. مقياس آخر للاحتكار

لم يقتصر التفاوت على الدخل والثروة، بل امتد أيضاً إلى ملكية الأسهم. فالشريحة الأعلى (0.1%) تمتلك وحدها 24% من سوق الأسهم الأمريكية، بينما تستحوذ الشريحة العليا (1%) على نحو نصف السوق تقريباً. (49.9%) في المقابل، لا تمتلك نصف الأسر الأمريكية الأدنى دخلاً سوى 1.1% من الأسهم، رغم اعتماد الكثير منها على صناديق التقاعد المرتبطة بها.

سياسات تعمّق الفجوة

وتحذر أوكسفام من أن الفجوة الطبقية مرشحة للاتساع خلال السنوات المقبلة، في ظل ما تصفه بـ “الإصلاح الضريبي التنازلي” الذي أقرّته إدارة ترامب، إلى جانب تقلّص شبكات الأمان الاجتماعي وتراجع حقوق العمال. وتقدّر المنظمة أن ما يُعرف بـ “القانون الكبير الجميل” الذي تبنّته إدارة ترامب سيؤدي بحلول عام 2027 إلى خفض الضرائب على الشريحة العليا (0.1%) بمقدار 311 ألف دولار سنوياً، مقابل زيادة الضرائب على الأسر ذات الدخل المنخفض (أقل من 15 ألف دولار سنوياً) — ما اعتبرته المنظمة “أكبر عملية نقل للثروة لصالح الأثرياء منذ عقود”.

تعليق المعهد المصري

التفاوت المتنامي في الثروة والإمكانيات المادية بين الأمريكيين، وتركيز الثروة بشكل فاحش في  شريحة ضيقة منهم هو أحد المعاول المدمرة للمجتمع الأمريكي، والتي ينتظر أن يكون لها دور كبير في اندلاع أعمال عنف وعدم استقرار في المجتمع في المستقبل، خاصة وأن الاتجاه العام للسياسات الأمريكية يساهم في اتساع تلك الفجوة بشكل متسارع.

إدارة ترامب تستخدم أموال الطوارئ لتمويل إعانات الغذاء وسط تحذيرات من أزمة معيشية حادة

في ظلّ الإغلاق الحكومي المتواصل وتصاعد الخلافات السياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة لاستخدام أموال الطوارئ لتأمين جزء من المساعدات الغذائية لنحو 42 مليون أمريكي يعتمدون على برنامج الدعم الغذائي الحكومي، في خطوة وُصفت بأنها إجراء اضطراري قصير الأمد لتفادي أزمة جوع محتملة.

وقالت وزارة الزراعة الأمريكية، في إفادة قدمتها إلى محكمة اتحادية بولاية رود آيلاند، إنها ستستخدم 5.25 مليارات دولار من صندوق الطوارئ لتغطية جزء من استحقاقات برنامج المساعدة الغذائية التكميلية (SNAP) لشهر نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك تنفيذاً لأمر قضائي صدر الأسبوع الماضي.

تمويل محدود واحتياجات مضاعفة

ورغم التزام الوزارة بإنفاق المبلغ كاملاً، أوضحت أن التمويل المتاح لا يغطي سوى نصف الاحتياجات الشهرية، التي تتراوح كلفتها بين  8 و 9 مليارات دولار.
وبحسب تقديرات وكالة فرانس برس، ستُخصص الحكومة نحو 4.65 مليارات دولار فقط من صندوق الطوارئ، ما يعني أن ملايين الأسر الفقيرة ستشهد تخفيضات حادة في حصصها الغذائية هذا الشهر.

ويغطي برنامج “سناب” أسراً من ذوي الدخل المحدود والعاطلين عن العمل والمسنين، ويُعتبر الركيزة الأساسية للأمن الغذائي في الولايات المتحدة، حيث يعتمد عليه أكثر من 42 مليون مواطن لتأمين وجباتهم اليومية.

خلفية قانونية: القضاء يجبر الحكومة على التحرك

يأتي القرار عقب حكم قضائي فدرالي أصدره القاضي جون ماكونيل في رود آيلاند، ألزم وزارة الزراعة باستخدام أموال الطوارئ فوراً لضمان استمرار صرف الإعانات الغذائية خلال فترة الإغلاق الحكومي.

وأكدت وزارة العدل الأمريكية التزامها بـ”تنفيذ أمر المحكمة وإنفاق كامل المبلغ المتاح”، لكنها لم توضح خطتها لتغطية العجز المالي الذي يهدد استمرارية البرنامج في حال طال الإغلاق.

وفي تصريحات سابقة، قال الرئيس ترامب إنه “لا يريد أن يجوع الأمريكيون”، مشيراً إلى استعداده “لإطلاق أموال إضافية إذا حكم القضاء لصالح الإدارة”، في إشارة إلى النزاع القانوني الدائر حول صلاحيات استخدام ميزانية الطوارئ خارج نطاقها الأصلي.

جدل سياسي حاد بين الجمهوريين والديمقراطيين

أثار القرار انتقادات شديدة داخل الكونجرس، حيث اتهم الديمقراطيون الإدارة بـ”استغلال معاناة الفقراء لأغراض سياسية”.
وقال حكيم جيفريز، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، إن “الإغلاق الحكومي هو نتيجة مباشرة لفشل إدارة ترامب في تمرير ميزانية عادلة”، مضيفاً أن “الجمهوريين يحمّلون الأسر الفقيرة كلفة الجمود السياسي”.

ويرى مراقبون أن الخلاف حول أولويات الإنفاق يعكس انقساماً أعمق حول سياسات الرفاه الاجتماعي، إذ يسعى الجمهوريون لتقليص برامج الدعم الحكومي، بينما يتمسك الديمقراطيون بضرورة توسيع شبكة الأمان الاجتماعي في ظل ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الغذاء.

أزمة إنسانية تلوح في الأفق

وفقاً لبيانات وزارة الزراعة، فإن التمويل الحالي يكفي لتغطية الإعانات لنصف المستفيدين فقط خلال الشهر الجاري، ما يعني أن نحو عشرين مليون أمريكي قد يواجهون انقطاعاً أو تقليصاً في المساعدات الغذائية إذا لم يتم الإفراج عن مخصصات إضافية.

وحذّرت منظمات إنسانية من أن تقليص التمويل سيؤدي إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية، خصوصاً في الولايات الجنوبية والمناطق الريفية التي تعتمد على البرنامج لتلبية أكثر من نصف احتياجاتها الشهرية.

وقالت منظمة Feeding America، وهي أكبر شبكة بنوك طعام في البلاد، إنّ “أي تخفيض في برنامج سناب سيضاعف الضغط على مراكز توزيع الغذاء المجتمعية، التي تعمل أصلاً بأقصى طاقتها”.

تداعيات اقتصادية أوسع

اقتصادياً، يُخشى أن يؤدي تأخير المساعدات الغذائية إلى تراجع إنفاق الأسر منخفضة الدخل، ما يؤثر في الطلب المحلي ويزيد من هشاشة الاقتصاد الأمريكي في ظل تباطؤ النمو وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

ويرى خبراء أن الأزمة الحالية تعيد فتح النقاش حول إدارة الأموال الطارئة الفدرالية، ومدى شرعية استخدامها لأغراض اجتماعية في غياب موازنة مصادق عليها، خاصة مع دخول الإغلاق الحكومي شهره الثاني دون بوادر انفراج.

تعليق المعهد المصري

مجرد مقارنة هذا الخبر مع تقرير أوكسفام حول البليونيرات في أمريكا يعطى صورة واضحة حول مدى التفاوت الحاد الموجود في مستويات معيشة الشعب الأمريكي!

من يتحكم في الحقيقة؟ جدل واسع حول موسوعة ماسك الجديدة “جروكيبيديا”

أثار إطلاق الملياردير الأمريكي إيلون ماسك لموسوعته الجديدة “جروكيبيديا” عاصفة من الجدل في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، بعدما اتهمها باحثون وخبراء بأنها تخلط بين الشائعات والمصادر العلمية، وتتبنى رؤية أيديولوجية منحازة نحو اليمين المتطرف.

ووفق ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية، حذر أكاديميون من الاعتماد على ما تنشره هذه المنصة الجديدة التي طورتها شركة ماسك “إكس إيه آي”، معتبرين أنها تمثل نموذجاً خطيراً لما يمكن أن يحدث حين يحتكر الذكاء الاصطناعي تحديد “ما هو حقيقي”.

“جروكيبيديا”.. موسوعة بلا بشر

على خلاف موسوعة ويكيبيديا التي تُدار من قبل آلاف المتطوعين والمحررين، تعتمد “جروكيبيديا” بالكامل على روبوت الدردشة الذكي “جروك”، المسؤول عن جمع المعلومات والتحقق منها وتوليد المحتوى، دون أي تدخل بشري مباشر.

وقال ماسك إن مشروعه الجديد جاء ليكون بديلاً “أكثر توازناً” من ويكيبيديا التي يتهمها بـ”الانحياز لليسار الإعلامي”، مشيراً إلى أن الفكرة جاءت من ديفيد ساكس، أحد مسؤولي الذكاء الاصطناعي والعملات المشفّرة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

لكن الأكاديميين رأوا في هذه الخطوة تجسيداً لعقلية وادي السيليكون التي تساوي بين “البيانات الكثيرة” و ”المعرفة الحقيقية”، معتبرين أنها تقوّض المعايير العلمية التي بُنيت عليها الموسوعات والمراجع الأكاديمية منذ قرون.

“الذكاء الاصطناعي يلتقط كل شيء”

المؤرخ البريطاني البارز السير ريتشارد إيفانز، أحد أبرز المنتقدين للمشروع، قال إن المعلومات المنشورة عنه في “جروكيبيديا” كانت “كلها خاطئة”، مؤكداً أن الخوارزمية لا تميّز بين النقاشات في غرف الدردشة والأبحاث المحكمة.
وأضاف: “الذكاء الاصطناعي يلتقط كل شيء بلا تمييز، والمشكلة أن هذه الخوارزميات تُعطي للشائعات نفس المكانة التي تمنحها للحقائق الأكاديمية”.

وأشار إيفانز إلى مثال لافت عن مقال يتناول ألبرت شبير، وزير تسليح هتلر، أعاد نشر الأكاذيب القديمة التي دحضتها كتب موثقة عام 2017، ما يدل على ضعف قدرة المنصة على التحقق من التاريخ الموثوق.

عقلية وادي السيليكون في مواجهة المنهج الأكاديمي

بدوره، يرى ديفيد لارسون هايدنبلاد، نائب مدير مركز لوند لتاريخ المعرفة في السويد، أن “جروكيبيديا” تكشف عن تضارب فلسفي بين المعرفة الأكاديمية والنهج الخوارزمي.
وأوضح أن “عقلية وادي السيليكون قائمة على التجريب السريع وتقبّل الخطأ باعتباره جزءاً من التطور، بينما العالم الأكاديمي يقوم على بناء الثقة والمعرفة عبر الزمن”.
وأضاف: “نحن نعيش زمناً يتزايد فيه الاعتقاد بأن الخوارزمية أكثر موثوقية من البصيرة البشرية… وهذه مشكلة جوهرية في مستقبل المعرفة”.

من يكتب التاريخ حين يمسك الذكاء الاصطناعي بالقلم؟

طرحت الغارديان سؤالاً محورياً: من يتحكم في الحقيقة حين يصبح الذكاء الاصطناعي الذي يقوده رجال أقوياء هو من يكتبها؟
المؤرخ البريطاني بيتر بيرك، أستاذ كامبريدج وصاحب كتاب “تاريخ اجتماعي للمعرفة”، عبّر عن قلقه من “التلاعب السياسي المحتمل”، قائلاً:

“إذا كان ماسك هو من يحدد ما يُنشر، فإننا أمام خطر استخدام المعرفة كسلاح أيديولوجي.”

وحذّر من أن “بعض القراء سيتنبّهون للمغالطات، لكن الخطر الحقيقي أن الغالبية قد لا تلاحظها”.

من ويكيبيديا إلى “جروكيبيديا”.. قلب الطاولة على المنصات

حتى عام 2021 كان ماسك من داعمي ويكيبيديا، لكنه انقلب عليها منذ عام 2023 بعد أن اتهمها بـ “التحيّز الإعلامي”.
ورغم انتقاداته اللاذعة، فإن العديد من مقالات “جروكيبيديا” تم نسخها حرفياً من ويكيبيديا، بينما أُعيدت صياغة مقالات أخرى لتتوافق مع الطروحات اليمينية أو لتُظهر شخصيات مثيرة للجدل بصورة أكثر إيجابية.

محتوى منحاز.. من أوكرانيا إلى “بلاك لايفز ماتر”

تُظهر مراجعات “جروكيبيديا” أن انحيازها ليس عرضياً:

  • ففي مقال الغزو الروسي لأوكرانيا، استعانت الموسوعة ببيانات من الكرملين وكرّرت مصطلحات “نزع النازية” و“حماية العرق الروسي”، بينما تُشير ويكيبيديا إلى أن بوتين يروّج لادعاءات “إمبريالية بلا أساس”.
  • كما وصفت حركة “بريتن فيرست” اليمينية المتطرفة بأنها “حزب سياسي”، في حين تعتبرها ويكيبيديا “جماعة كراهية نيوفاشية”.
  • وفي حديثها عن حركة “بلاك لايفز ماتر”، ركزت “جروكيبيديا” على “أعمال الشغب والأضرار الاقتصادية”، متجاهلة حقيقة أن غالبية المظاهرات عام 2020 كانت سلمية.

حتى في صفحاتها الخاصة بماسك نفسه، لاحظت وكالة الأنباء الفرنسية أن الموسوعة تُقدّم سرداً موجهاً يشيد بتأثيره “الفكري والإعلامي”، بينما تهاجم ما تسميه “الانحياز اليساري في وسائل الإعلام التقليدية”.

اليمين يحتفي.. والخبراء يحذّرون

رحّب عدد من الشخصيات اليمينية بإطلاق المشروع، من بينهم الفيلسوف الروسي ألكسندر دوجين الذي وصف مقال “جروكيبيديا” عنه بأنه “محايد وموضوعي”، بينما ندد بمقال ويكيبيديا الذي وصفه بـ “التشهيري”.

لكن في المقابل، يرى مراقبون أن ماسك يستخدم نفوذه التكنولوجي لتوجيه السرد المعرفي العالمي، خاصة بعد توليه حتى أبريل الماضي منصب مدير إدارة كفاءة الحكومة في إدارة ترامب، حيث أشرف على تخفيضات حادة في الميزانيات والموظفين.

ووفق استطلاع لمؤسسة غالوب في أغسطس الماضي، يُعد ماسك الشخصية العامة الأكثر إثارة للانقسام في الولايات المتحدة —  ما يجعل مشروعه الجديد مرآةً للانقسام الأيديولوجي ذاته الذي يشق المشهد الأمريكي اليوم.

ترامب يقود الولايات المتحدة نحو “الدولة التكنوقراطية” – تحقيق يكشف تحولات غير مسبوقة في البيت الأبيض

في مقابلة بثّها برنامج “كيم آيفرسون شو”، حذّر الصحفي الاستقصائي ديريك بروز من أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعمل على بناء “دولة تكنوقراطية” تتركّز فيها السلطة بيد نخبة من رجال التكنولوجيا والمال، تحت شعار “الإصلاح” و“الكفاءة”.

دمج السلطة بالتكنولوجيا

قال بروز إنّ إدارة ترامب عقدت صفقات كبرى مع شركات مثل أوراكل وبالانتير وإنتل، مضيفاً أن الحكومة اشترت 10% من أسهم إنتل ضمن ما وصفه بـ”شراكة عامة–خاصة” تمكّن الدولة من السيطرة على البيانات والتقنيات.
ويرى بروز أنّ هذه السياسة لا تقلّص حجم الدولة كما يروَّج، بل تحوّلها إلى ذراع تقنية تخدم مصالح الشركات الكبرى.

هيمنة “التكنوقراطيين الكبار”

اعتبر بروز أنّ ما يجري هو “اندماج خطير بين الدولة ووادي السيليكون”، مشيراً إلى أن شخصيات مثل مارك زوكربيرغ وإيلون ماسك ولاري إليسون أصبحت فاعلة في القرار السياسي والاقتصادي الأميركي، “بما يهدد بفقدان السيطرة الشعبية على مؤسسات الحكم”.

السياسة الخارجية والشرق الأوسط

تطرّق بروز إلى البعد الخارجي، قائلاً إنّ التحالف بين إدارة ترامب ورجال أعمال صهاينة مثل بيتر ثيل وأليكس كارب أعاد رسم السياسات الأميركية في المنطقة، بما في ذلك خطة “السلام التكنوقراطية” لإدارة فلسطين، التي تُدار عبر لجنة أميركية–إسرائيلية وُصفت رسمياً بأنها “لجنة تكنوقراطية للسلام”.

رقابة إعلامية واحتكار السرد

وأشار بروز إلى أن البيت الأبيض “يضغط لتقييد الإعلام”، مستشهداً بخروج مراسلين من البنتاغون واندماجات ضخمة يقودها رجال أعمال موالون لترامب، مثل صفقة استحواذ إليسون علىCBS وTikTok وWarner Bros، معتبراً ذلك “توحيداً غير مسبوق للإعلام في خدمة السلطة”.

ختم بروز بالتحذير من أن الولايات المتحدة “تتحوّل تدريجياً إلى نظام تحكم رقمي يديره التكنوقراطيون ورجال المال”، مؤكداً أن ما يقدَّم على أنه تحديث إداري هو في الواقع إعادة صياغة شاملة لطبيعة الدولة الأميركية.

تعليق المعهد المصري

هذه المقابلة تتوافق مع تحليل المعهد المصري مؤخرا مصاحباً لمقابلة الصحفية الاستقصائية ويتني ويب مع الكاتب الصحفي المخضرم كريس هيدجز. 

المنظمة الصهيونية الأمريكية تهدد بالانسحاب من مؤسسة التراث بسبب دعمها لتاكر كارلسون

أعلنت المنظمة الصهيونية الأمريكية (ZOA) أنها ستنسحب من مشروع “إستير” التابع لمؤسسة التراث (Heritage Foundation)، وهي مبادرة تهدف إلى مكافحة معاداة السامية، ما لم يقدم رئيس المؤسسة كيفن روبرتس اعتذاراً علنياً ويقطع علاقته بالمذيع الأميركي المثير للجدل تاكر كارلسون.

وفي بيان مشترك أصدره رئيس المنظمة مورتون كلاين ومديرة الأبحاث إليزابيث بيرني، اتهمت ZOA رئيس المؤسسة بـ”تبييض صورة كارلسون والدفاع عنه بطريقة مخزية”، مشيرة إلى أن الأخير أدلى بتصريحات “تحريضية ومعادية”، من بينها وصفه المسيحيين الداعمين لإسرائيل بأنهم مصابون بـ”فيروس في الدماغ”، إلى جانب استضافته شخصيات وصفتها المنظمة بأنها “نازيون جدد ومنكرو الهولوكوست ومشوّهو سمعة إسرائيل”.، في إشارة لأحدث مقابلات كارلسون مع المؤثر اليميني المتطرف الشاب نيك فوينتس، وغيرها من مقابلاته مؤخرا.

وحذرت المنظمة من أن استمرار التعاون مع كارلسون سيقوّض مصداقية مؤسسة التراث كمؤسسة محافظة مؤيدة لإسرائيل، معتبرة أن المؤسسة “لا يمكنها محاربة معاداة السامية وهي على علاقة بشخص يروّج لمواقف كهذه”.

وجاء في البيان: “سننهي مشاركتنا في مشروع إستير ما لم يصدر كيفن روبرتس إدانة علنية وفورية لتصريحات كارلسون، ويعتذر عن دفاعه عنه، ويوقف أي علاقة بين مؤسسة التراث وكارلسون”، مضيفة أن البديل الوحيد هو “استقالة روبرتس أو إقالته من منصبه”.

وأشار البيان إلى أن الحاخام مارك غولدفيدير، المدير التنفيذي للمركز الوطني للدفاع اليهودي وعضو ائتلاف ZOA، قد استقال بالفعل من المشروع احتجاجاً، فيما أكدت المنظمة أن مشاركين آخرين يستعدون للانسحاب أيضاً.

وختمت ZOA بيانها بالقول إن “روبرتس ألحق ضرراً بالغاً بسمعة مؤسسة التراث، التي كانت رمزاً مؤيداً لإسرائيل، لكنها اليوم تواجه خطر التحول إلى مؤسسة منبوذة في الأوساط اليهودية والأميركية المؤيدة لإسرائيل”.

سوريا

في لحظةٍ تعيد رسم الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، تتحرك واشنطن بخطى محسوبة لإعادة هندسة التوازنات من قلب دمشق.

فبينما تستهدف الولايات المتحدة إقامة وجود عسكري في العاصمة السورية تمهيداً لاتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، تُفتح صفحة جديدة من التحالفات: دمشق على أعتاب انضمام رسمي للتحالف الدولي ضد “داعش”، وإعادة اصطفاف إقليمي يضعها في موقع الشريك لا الخصم.

التحول لا يقف عند حدود السياسة؛ فالمشهد يمتد من الميدان العسكري إلى المعادلات الاقتصادية، حيث تعلن سوريا مناقصة عاجلة لشراء سبعة ملايين برميل نفط وسط أزمة كهرباء خانقة، فيما تنشغل العواصم الأوروبية، وعلى رأسها برلين، بملف اللاجئين السوريين وإمكانية إعادتهم.

الولايات المتحدة تستعد لإقامة وجود عسكري في دمشق تمهيداً لاتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل

كشفت مصادر مطلعة لرويترز أن الولايات المتحدة الأميركية تضع اللمسات الأخيرة على خطة لإقامة وجود عسكري في قاعدة جوية بالعاصمة السورية دمشق، في خطوة تهدف إلى تمكين اتفاق أمني يجري التفاوض بشأنه بين سوريا وإسرائيل بوساطة واشنطن.

وتمثل هذه الخطوة ــ التي لم يُعلن عنها من قبل ــ  إن صحت، تحولاً استراتيجياً بارزاً في موقع سوريا الإقليمي بعد سقوط نظام بشار الأسد العام الماضي، وما تبع ذلك من إعادة اصطفاف سياسي جعل دمشق أقرب إلى واشنطن، بعد سنوات من التحالف مع طهران.

قاعدة في قلب التحول الجديد

تقع القاعدة الجوية المقترحة في موقع استراتيجي يربط العاصمة بمناطق الجنوب السوري، والتي يُنتظر أن تُشكّل جزءاً من منطقة منزوعة السلاح ضمن اتفاق عدم اعتداء بين سوريا وإسرائيل، يجري الإعداد له تحت إشراف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ووفقاً لستة مصادر تحدثت إلى رويترز – من بينهم مسؤولان غربيان ومسؤول دفاعي سوري – فإن القاعدة ستُستخدم لمراقبة تنفيذ الاتفاق الأمني المحتمل، إلى جانب مهام لوجستية وإنسانية واستطلاعية.

وأكدت المصادر أن سوريا ستحتفظ بسيادتها الكاملة على المنشأة، رغم وجود عناصر أميركية فيها.

تحركات ميدانية وتكتم رسمي

أفادت المصادر بأن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أجرت خلال الشهرين الماضيين عدة بعثات استطلاع إلى القاعدة، وتبيّن أن مدرجها الطويل أصبح جاهزاً للاستخدام الفوري.

كما نقلت مصادر عسكرية سورية أن طائرات أميركية من نوع C-130 هبطت في القاعدة مؤخراً لاختبار جاهزية المرافق، وأن نشاطاً “تجريبياً” يجري حالياً بشكل متقطع.

في المقابل، امتنعت كلٌّ من وزارتي الدفاع والخارجية السوريتين، وكذلك البنتاغون، عن التعليق على الخطط، في حين قال مسؤول في الإدارة الأميركية إن بلاده “تُقيّم باستمرار وضع قواتها في سوريا لمحاربة تنظيم داعش بفعالية”، رافضاً الخوض في تفاصيل الموقع أو توقيت الانتشار.

إلا أن مصدراً مسئولاً في وزارة الخارجية السورية صرح لوكالة أنباء سانا الرسمية في وقت لاحق أنه “لا صحة لما نشرته وكالة رويترز عن القواعد الأمريكية في سوريا”.

شراكة مراقبة إقليمية

الوجود الأميركي في دمشق يأتي ضمن نمط جديد من القواعد المخصصة لمراقبة اتفاقات وقف إطلاق النار في المنطقة، إذ أنشأت واشنطن في الأشهر الماضية نقطتين مشابِهتين:

إحداهما في لبنان لمتابعة الهدنة بين إسرائيل وحزب الله،

والأخرى في إسرائيل لمراقبة وقف النار بين حماس وتل أبيب الذي تم التوصل إليه في عهد ترامب.

ويُضاف ذلك إلى القوات الأميركية الموجودة أصلاً في شمال شرق سوريا، والتي دعمت على مدى عقد من الزمن القوات الكردية في قتال تنظيم داعش، قبل أن يُعلن البنتاغون في أبريل عن خفض عددها إلى نحو ألف جندي.

زيارات واتصالات رفيعة المستوى

تشير المعلومات إلى أن موضوع القاعدة نوقش خلال زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) الأميرال براد كوبر إلى دمشق في 12 سبتمبر الماضي، برفقة المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس براك.

وخلال الزيارة، التقى الوفد بالرئيس السوري أحمد الشّرع، الذي شكرته واشنطن على “مساهمته في الحرب ضد داعش” معتبرةً أن هذه الخطوة تمهّد لـ“شرق أوسط مزدهر وسوريا مستقرة في سلام مع نفسها وجيرانها”.

اتفاق أمني مرتقب

تعمل الإدارة الأميركية منذ أشهر على إبرام اتفاق أمني تاريخي بين سوريا وإسرائيل، بعد عقود من العداء بين البلدين.

وكان من المفترض إعلان الاتفاق خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، لكن المفاوضات تعثرت في اللحظات الأخيرة بسبب خلافات تقنية.

ومع ذلك، تقول مصادر سورية إن واشنطن تمارس ضغوطاً متزايدة على دمشق لإنجاز الاتفاق قبل نهاية العام الجاري، وربما قبل زيارة الشّرع المرتقبة إلى واشنطن.

تقرير: معهد الشرق الأوسط في واشنطن يكشف عن تنسيق عملياتي متقدم بين دمشق والتحالف الدولي واحتمالات الانضمام الرسمي.

كشف معهد الشرق الأوسط (MEI)  في تقريره الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 2025 عن مستوى غير مسبوق من التنسيق العملياتي بين الحكومة السورية وقوات التحالف الدولي، في خطوة قد تمهّد لانضمام دمشق رسمياً إلى التحالف ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وأوضح التقرير أن الاتفاقيات العملياتية الجديدة شملت تبادلاً للمعلومات الاستخباراتية بين وزارة الداخلية السورية وقوات التحالف، إلى جانب تقليص الغارات الجوية لصالح دعم ميداني من وحدات مكافحة الإرهاب السورية، والتعاون في إعادة دمج أسر مخيم الهول، فضلاً عن فتح قنوات اتصال عسكرية مباشرة بين وزارة الدفاع السورية وقوات التحالف في قاعدة التنف. كما لفت التقرير إلى تنفيذ عملية مشتركة في مدينة الضمير بريف دمشق ضد خلايا التنظيم، هي الخامسة من نوعها خلال ثلاثة أشهر.

ورأى المعهد أن دمشق تعتبر الانضمام الرسمي للتحالف خياراً استراتيجياً لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، أبرزها نيل اعتراف دولي كشريك في مكافحة الإرهاب، والحصول على دعم فني ولوجستي أميركي، إضافة إلى تقويض احتكار قوات سوريا الديمقراطية للعلاقة مع التحالف والوصول إلى أنظمة تبادل المعلومات لضبط عمليات التجنيد ومنع تسلل عناصر متطرفة.

وأشار التقرير إلى أن بعض الأوساط في واشنطن تربط بين رفع العقوبات الأميركية عن سوريا واحتمال انضمامها إلى التحالف، في حين تصر دمشق على تخفيف العقوبات كشرط مسبق، ما يخلق حالة من الجمود السياسي بين الطرفين.

وحدّد التقرير أربع سيناريوهات محتملة للتعاون:

  1. الانضمام الرسمي – وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً، ويؤسس لجبهة موحدة ضد الإرهاب ودعم دولي لإعادة الإعمار.
  2. التنسيق دون انضمام رسمي – يضمن المرونة لكنه يضعف الكفاءة والثقة المتبادلة.
  3. انهيار التنسيق – يؤدي إلى فراغ أمني يعيد تنشيط التنظيمات المتطرفة.
  4. العمل الأحادي – يعيد مشهد العمليات المنعزلة شرق الفرات وإدلب ويحدّ من الفاعلية.

وختم معهد الشرق الأوسط تقريره بدعوةٍ إلى تبنّي جهد سياسي أميركي–سوري منسّق، يوازن بين احترام السيادة السورية ومتطلبات الأمن الإقليمي، مع تقديم دعم فني ومؤسسي للحكومة السورية مقابل إصلاحات داخلية وحوكمة أكثر شفافية تعزز الثقة الدولية وتسهّل اندماج دمشق في الجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب.

ورقة علمية: معالم على المسار الإسرائيلي لتقسيم سورية 

تعرضت هذه الدراسة التوثيقية، التي أصدرها مركز الزيتونة للدراسات والإستشارات، لتكوين مشهد للتحديات التي تتعرض لها سورية على المسار التقسيمي الإسرائيلي، الذي لا ينفصل عن الرؤية الصهيونية لتفكيك المنطقة العربية ككل، وإقامة كيانات عرقية ودينية وطائفية مستقلة فيها، تطلب دعم وحماية “إسرائيل”، أو على الأقل رضاها عنها.

وترصد الدراسة، التي أعدّها الأستاذ إبراهيم عبد الكريم، جوانب من المساعي الصهيونية الأولى لتقسيم سوريا في السياق الاستعماري، وتقدم عيّنات كأسانيد من الخطط الإسرائيلية التقليدية لتقسيم سورية، والاعتبارات والدلالات الاستراتيجية لدى الصهيونية و ”إسرائيل” حول ذلك، وبعض الطروحات التقسيمية الإسرائيلية خلال فترة الربيع العربي والثورة (الأزمة) السورية، ثم في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد، وتتوقف عند حالة “ممر صلاح الدين/ داوود” الصيغة القديمة المتجددة التي وضعت قيد التداول.

وتستطلع الدراسة آفاق المراهنات الإسرائيلية لتقسيم سورية، وخيارات النظام السوري “الواقعية” حيالها.

وعلى الرغم من الحديث عن احتمال التوصل إلى اتفاق أمني بين “إسرائيل” وسورية، فإنّ هذه الدراسة تفترض أنّ اتفاقاً كهذا لن يُولّد وازعاً داخلياً ولا رادعاً خارجياً لـ ”إسرائيل” لتكفّ عن مشروعها التقسيمي، ولن تلتزم بأي تقييد لها، إذا ما أخذنا بالحسبان التلازم لديها بين الفكر والممارسة، على قاعدة ثبات استراتيجيتها إزاء سورية.

المبعوث الأمريكي: لبنان “دولة فاشلة” وسوريا تقترب من الانضمام إلى التحالف ضد “داعش”

في تصريحات حادة تعكس خيبة الأمل الأمريكية من الوضع في بيروت، وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، لبنان بأنه “دولة فاشلة”، مشيراً إلى أن واشنطن لن تنخرط مجدداً في أزمة بلد “تتحكم فيه منظمة إرهابية أجنبية”، في إشارة إلى حزب الله.

وجاءت تصريحات باراك خلال مشاركته في منتدى “حوار المنامة” في البحرين ضمن جلسة بعنوان “السياسة الأمريكية في المشرق”، حيث أكد أن الرئيس السوري أحمد الشرع سيزور واشنطن في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، في أول زيارة لرئيس سوري إلى البيت الأبيض منذ استقلال سوريا عام 1946.

وأوضح باراك أن دمشق تستعد للانضمام رسمياً إلى التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، واصفاً هذه الخطوة بأنها “تطور كبير واستثنائي”، مشيراً إلى أن التحالف يضم نحو 80 دولة تسعى لمنع عودة التنظيم.

أما بشأن لبنان، فقال المبعوث الأمريكي إن “الدولة هي حزب الله”، موضحاً أن الحزب يقدم الدعم والخدمات لأنصاره أكثر مما تقدمه مؤسسات الدولة، في ظل الانهيار المزمن في قطاعات الكهرباء والمياه والخدمات الأساسية. وأضاف: “الأمر متروك للبنانيين. الولايات المتحدة لن تستمر في ضخ الأموال في دولة فاشلة تدار من قبل منظمة مصنفة إرهابية”.

وفي الملف الإسرائيلي–اللبناني، أشار باراك إلى أن واشنطن لن تتدخل عسكرياً، لكنها ستدعم حليفتها إسرائيل إذا تصاعدت الاعتداءات من الجانب اللبناني، مؤكداً أن آلاف الصواريخ ما زالت موجهة نحو إسرائيل من الجنوب اللبناني.

كما كشف أن الولايات المتحدة تقود جهوداً دبلوماسية بين سوريا وإسرائيل لاستعادة اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974 وإنشاء منطقة فصل منزوعة السلاح تحت إشراف الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن الطرفين عقدا أربع جولات من محادثات خفض التصعيد ويستعدان للجولة الخامسة قريباً.

تقرير: انضمام سوريا للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة يعيد رسم خريطة التحالفات الإقليمية

تتجه الأنظار إلى العاصمة الأميركية واشنطن، حيث من المقرر أن يوقّع الرئيس السوري أحمد الشرع اتفاقية انضمام سوريا رسمياً إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، خلال زيارته المرتقبة إلى البيت الأبيض في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني، في خطوة تُعدّ سابقة في تاريخ العلاقات بين البلدين.

وبحسب المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، فإن هذه الزيارة ستفتح مرحلة جديدة من التعاون الأمني والسياسي بين دمشق وواشنطن، بعد سنوات من القطيعة منذ اندلاع الحرب السورية وسقوط نظام بشار الأسد.

ويرى محللون أن الانضمام إلى التحالف سيمنح الحكومة السورية الجديدة شرعية دولية موسعة، ويعيد إدماجها في النظام الإقليمي كشريك رئيسي في مكافحة الإرهاب، كما سيساعد على رفع بعض العقوبات الغربية تدريجياً مقابل التزامات سياسية وأمنية محددة.

في المقابل، سيترتب على دمشق تنسيق مباشر مع التحالف، يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنفيذ عمليات ميدانية مشتركة ضد تنظيم الدولة، وهو ما اعتبره مراقبون تحولاً جذرياً في العقيدة الأمنية السورية.

ويرجّح خبراء أن يؤدي هذا التحول إلى تقليص نفوذ قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي كانت حتى الآن الشريك الرئيس للتحالف، في حين ستنتقل مسؤولية العمليات تدريجياً إلى وزارة الدفاع السورية بإشراف دولي محدود.

كما أشار مراقبون إلى أن الانضمام قد يشكّل مقدمة لـ إعادة الإعمار وتوسيع التعاون الاقتصادي، في حال نجاح الزيارة المرتقبة وعودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين دمشق وواشنطن، وسط ترحيب حذر من أنقرة واستعداد تركي للتنسيق الميداني في ملفات شمال سوريا ومكافحة الإرهاب.

بهذا، تبدو سوريا على أعتاب تحوّل استراتيجي يعيد رسم موقعها الإقليمي من محور المقاومة إلى شراكة أمنية مع التحالف الغربي، في خطوة وُصفت بأنها “أكبر إعادة تموضع سياسي منذ عام 2011”.

ألمانيا.. انقسام سياسي حول ترحيل السوريين وميرتس يدعو الشرع لبحث الملف

تشهد الساحة السياسية الألمانية جدلاً متصاعداً حول ملف ترحيل اللاجئين السوريين، بعد تصريحات مثيرة لوزير الخارجية يوهان فاديفول عبّر فيها عن رفضه لإعادة السوريين في الوقت الراهن بسبب حجم الدمار الذي شاهده خلال زيارته إلى مدينة حرستا في ريف دمشق أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

فاديفول قال إنه “من الصعب على الناس العيش بكرامة في ظل هذا الدمار”، مضيفاً أن إعادة اللاجئين يجب أن تتم بشكل محدود جداً إلى حين إعادة تأهيل البنية التحتية في سوريا.

لكن هذه التصريحات أثارت انتقادات حادة داخل حزبه “الاتحاد المسيحي الديمقراطي” (CDU)، حيث اعتبر عدد من القيادات، بينهم غونتر كرينغز، أن موقف الوزير “غير مقبول”، مضيفاً: “من سيعيد بناء البلد إن لم يكن مواطنوه؟”

من جهته، شدد مارتن هوبر، الأمين العام للحزب الاجتماعي المسيحي (CSU)، على أن الحرب في سوريا انتهت وأن على اللاجئين الذين لا يملكون أسباباً للبقاء “العودة للمساعدة في الإعمار”، مع التركيز على ترحيل المجرمين ومنتهيي الإقامات أولاً.

أما وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت، فأكد أن الحكومة الفيدرالية تعمل على اتفاق مع دمشق لتسهيل عمليات الترحيل، مضيفاً أن “المرحلة المقبلة ستبدأ بإعادة النظر في طلبات اللجوء المرفوضة، خصوصاً للشباب القادرين على العمل”.

وفي تطور لافت، أعلن المستشار الألماني فريدرش ميرتس أنه دعا الرئيس السوري أحمد الشرع لزيارة ألمانيا لمناقشة آليات ترحيل السوريين ذوي السجلات الجنائية، مؤكداً أن “الترحيل سيُنفذ عملياً خلال الفترة المقبلة”.

ميرتس أضاف أن برلين تسعى في الوقت ذاته إلى التعاون مع دمشق لاستقرار سوريا، مشيراً إلى أن الحرب “انتهت فعلياً” وأن “أسباب اللجوء في ألمانيا لم تعد قائمة”.

ويعكس الجدل الدائر انقساماً سياسياً حاداً داخل الائتلاف الحاكم بين تيار يرى أن الوقت حان لإعادة اللاجئين، وآخر يحذّر من المخاطر الإنسانية والقانونية لهذه الخطوة في ظل هشاشة الوضع الداخلي السوري.

سوريا تطرح مناقصة لشراء 7 ملايين برميل نفط خام لتخفيف أزمة الكهرباء

أعلنت وزارة الطاقة السورية، عن مناقصة لشراء 7 ملايين برميل من النفط الخام الخفيف، في محاولة لتغطية النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، بحسب ما أوردته وكالة رويترز.

وذكرت الوكالة أن سوريا لا تزال تعاني من تدهور كبير في قطاع الكهرباء بعد 14 عاما من الحرب، إذ لا يتجاوز إنتاجها الحالي 1.6 غيغاواط مقارنة بـ 9.5 غيغاواطات قبل عام 2011، وهو ما أدى إلى انقطاعات يومية طويلة في التيار الكهربائي في معظم المحافظات.

وأضافت رويترز أن الإمدادات النفطية من إيران، التي كانت تشكل المصدر الرئيس لتوليد الطاقة، توقفت منذ الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول، ما أجبر الحكومة على البحث عن بدائل عاجلة.

وتابعت أن قطر بدأت منذ مارس/آذار الماضي بتزويد محطة الكهرباء الرئيسية في دمشق بالغاز الطبيعي المسال في إجراء مؤقت لتجنب انهيار المنظومة الكهربائية، في انتظار التوصل إلى اتفاقات توريد مستقرة.

وبحسب محللين نقلت عنهم رويترز، فإن المناقصة الجديدة تعكس “محاولة إنقاذ عاجلة لمنع تفاقم العجز الطاقوي”، في ظل ضغوط اقتصادية خانقة وعقوبات تعيق قدرة دمشق على استيراد الوقود بانتظام.

تركيا

بين ضغط العقوبات الغربية وتحولات خرائط الطاقة، تتحرك تركيا بهدوء لتقليص اعتمادها على النفط الروسي، بعد الهند، فاتحةً أبواباً جديدة للتوريد من العراق وكازاخستان وأذربيجان.

التحرك التركي يعكس توازناً دقيقاً بين حاجتها إلى الطاقة الرخيصة وضغوط واشنطن المتزايدة على شركائها للحد من تمويل موسكو في حربها الأوكرانية.

لكن في خلفية مشهد الطاقة، تتكشف لعبة أوسع في شرق المتوسط: إسرائيل تُحكم طوقها حول تركيا عبر قبرص واليونان، بينما تسعى أنقرة للردّ بتكامل عسكري وتقني يمتد من “إس-400” إلى الدرونات “قزل إلما”.

بعد الهند.. تركيا تقلّص وارداتها من النفط الروسي وتتجه نحو بدائل إقليمية

قالت وكالة رويترز نقلاً عن مصادر مطلعة في قطاع النفط إن تركيا بدأت بشراء كميات متزايدة من النفط غير الروسي، في خطوة تعكس تأثير العقوبات الغربية الأحدث المفروضة على موسكو، والضغوط المتصاعدة من الولايات المتحدة على شركائها التجاريين، ولا سيما الهند وتركيا، للحد من تمويل روسيا عبر صادرات الطاقة.

تُعد أنقرة، إلى جانب الصين والهند، من أكبر مستوردي الخام الروسي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، لكنها بدأت الآن باتخاذ مسار شبيه بما فعلته الهند التي خفّضت مشترياتها بعد تحذيرات أمريكية مباشرة.

تحوّل في استراتيجية المصافي التركية

ووفقاً للمصادر، اشترت مصفاة “ستار” التابعة لشركة سوكار الأذربيجانية — وهي إحدى أكبر المصافي في تركيا — أربع شحنات جديدة من النفط الخام من العراق وكازاخستان ومنتجين آخرين غير روس، يفترض وصولها في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

تُقدّر هذه الكميات بما بين 77 ألفاً و129 ألف برميل يومياً من الإمدادات غير الروسية، وهو ما يعني أن مصفاة سوكار ستخفّض اعتمادها على الخام الروسي خلال الفترة المقبلة.

ولم يُعلن من قبل عن تحركات تركية مماثلة بهذا الحجم لتقليص المشتريات من روسيا، مما يجعل هذه الخطوة مؤشراً على بدء انحسار تدريجي في اعتماد تركيا على النفط الروسي.

تغييرات موازية في شركة “توبراش”

كذلك، أكدت مصادر أن شركة توبراش (Tüpraş)، وهي أكبر شركة تكرير في تركيا وتمتلك مصفاتين رئيسيتين، تستعد للتوقف تدريجياً عن استيراد الخام الروسي في إحدى مصافيها، بهدف تجنب خرق العقوبات الأوروبية المقبلة، والحفاظ على استمرار صادرات الوقود التركي إلى الأسواق الأوروبية.

في المقابل، يُتوقع أن تواصل الشركة معالجة الخام الروسي في المصفاة الثانية لتلبية الطلب المحلي.

ورفضت كل من توبراش وسوكار التعليق على هذه المعلومات.

حجم الواردات الروسية إلى تركيا

بحسب بيانات شركة كبلر لمتابعة حركة شحنات الطاقة، استوردت تركيا خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025 نحو 669 ألف برميل يومياً من النفط الخام، شكّل الخام الروسي منها حوالي 317 ألف برميل يومياً (أي 47%).

وفي الفترة نفسها من عام 2024، بلغت واردات أنقرة 580 ألف برميل يومياً، منها 333 ألف برميل من روسيا، ما يعكس اتجاهاً تنازلياً تدريجياً في الاعتماد على النفط الروسي.

ضغوط غربية متزايدة

تأتي هذه التحركات في ظل تشديد العقوبات الأمريكية والأوروبية والبريطانية على صادرات الطاقة الروسية، التي تُعد المصدر الرئيس لتمويل موسكو في حربها على أوكرانيا.

وبينما تواجه الهند وتركيا تهديدات غير مباشرة بفرض قيود أو  رسوم إضافية في حال استمرار استيراد النفط الروسي بأسعار تتجاوز سقف السعر المحدد غربياً (60 دولاراً للبرميل)، تحاول الدولتان الموازنة بين حاجتهما إلى الطاقة الرخيصة وضغوط واشنطن وحلفائها.

وفيما بدأت بعض المصافي الهندية تجميد مشترياتها مؤقتاً بعد التهديدات الأمريكية، تُظهر تركيا استعداداً لإعادة تشكيل سلتها النفطية بما يتناسب مع التوازن السياسي والاقتصادي الذي تنتهجه في علاقاتها مع الغرب وروسيا على حد سواء.

بين السياسة والاقتصاد

يرى مراقبون أن توجه تركيا نحو تنويع وارداتها من الخام ليس قطيعة مع روسيا بقدر ما هو إعادة تموضع ذكي لتجنب تبعات العقوبات الغربية والحفاظ على انسيابية صادراتها البترولية.

وتشير التقديرات إلى أن أنقرة ستحافظ على مستوى معين من العلاقات النفطية مع موسكو عبر عقود طويلة الأجل، لكنها في المقابل تعزز علاقاتها مع دول منتجة مثل العراق وكازاخستان وأذربيجان، بما يضمن لها مرونة استراتيجية في سوق الطاقة المضطربة.

هام: إسرائيل تبدأ محاصرة تركيا عبر بوابة قبرص: شبكة دفاعية جديدة تغيّر موازين شرق المتوسط

من حرب غزة إلى الجبهات المفتوحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، يتضح أن إسرائيل لم تعد تخوض حروباً محدودة، بل تعمل ضمن رؤية توسعية تسعى لفرض هيمنتها الإقليمية على كامل الشرق الأوسط.

وفي هذه الخارطة الجديدة، تظهر تركيا بوصفها التحدي الأكبر أمام هذا المشروع، إذ تمثل أنقرة القوة الإقليمية الوحيدة القادرة على موازنة النفوذ الإسرائيلي عسكرياً وجغرافياً واقتصادياً.

لكن ما لم يكن واضحاً للعيان حتى وقت قريب هو أن إسرائيل تعمل منذ سنوات على بناء طوق استراتيجي يطوّق تركيا — وأحد أبرز أركانه اليوم يتموضع في جزيرة قبرص.

قبرص.. من شريك محدود إلى قاعدة متقدمة

في سبتمبر/أيلول الماضي، انتشر مقطع مصوّر من ميناء ليماسول القبرصي يُظهر شاحنة تنقل مكونات منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية “باراك إم إكس”. أكّدت لاحقاً وسائل إعلام قبرصية وغربية صحة الخبر، مشيرة إلى أن المنظومة دخلت الخدمة ضمن خطة تعاون عسكري متقدمة بين تل أبيب ونيقوسيا.

تُستخدم “باراك إم إكس” لاعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ المجنحة والطائرات القتالية على مسافات تصل إلى 150 كيلومتراً، وهي منظومة متعددة الطبقات قابلة للدمج مع أنظمة إنذار بعيدة المدى.

لكن الأهم من القدرات التقنية هو ما تمثله الصفقة سياسياً: فهي تنقل قبرص من خانة “الشريك الدفاعي المحدود” إلى نقطة أمامية في منظومة الإنذار والاستخبارات الإسرائيلية الممتدة عبر شرق المتوسط.

تحول تاريخي في تموضع قبرص

كانت قبرص، لعقود، أقرب إلى محور الحياد. ففي ستينيات القرن الماضي، انضمت إلى حركة عدم الانحياز، وأقامت علاقات وثيقة مع مصر عبد الناصر، واعترفت بدولة فلسطين عام 1988.

لكن بعد انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 وتزايد توترها مع تركيا، بدأت تعيد رسم بوصلتها السياسية. ومع اكتشاف الغاز في شرق المتوسط، تعزّز تقاربها مع إسرائيل واليونان، ليبلغ ذروته بعد تدهور العلاقات التركية-الإسرائيلية إثر حادثة سفينة مرمرة عام 2010.

منذ ذلك الحين، نظّمت الدولتان مناورات عسكرية مشتركة مثل “أونيسيلوس–جدعون”، وتطوّر التعاون ليشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية، واستخدام إسرائيل الأجواء القبرصية كمنطقة تدريب آمنة.

وتحوّلت نيقوسيا إلى زبون رئيسي للصناعات العسكرية الإسرائيلية، اشترت بنادق “تافور” وطائرات مسيّرة، وها هي اليوم تُسلّح بمنظومة “باراك إم إكس”، لتصبح أحد أذرع الرصد الجوي الإسرائيلي في المتوسط.

منظومة “باراك إم إكس”.. العين الإلكترونية لإسرائيل في المتوسط

المنظومة الإسرائيلية الجديدة لا تُمثل مجرد صفقة تسليح، بل امتداداً تقنياً لشبكة المراقبة الإسرائيلية (C4ISR) — وهي منظومة تكاملية تجمع بيانات الأقمار الصناعية والرادارات والطائرات والأنظمة الأرضية في صورة موحدة.

بفضل مدى رادار “باراك” الذي يتجاوز 200 كيلومتر، تستطيع إسرائيل (في حال تبادل البيانات مع قبرص) رصد تحركات الطيران التركي في الجنوب قبل إقلاعه من إسكندرون أو مرسين، إضافة إلى مراقبة تجارب الطائرات المسيّرة والصواريخ قصيرة المدى.

وتشير تقديرات إلى أن تل أبيب تسعى لدمج البيانات القبرصية ضمن شبكة “أوبال” التي تربط كل أنظمة إسرائيل العسكرية في “زمن حقيقي”، بما يجعل رادارات قبرص تعمل فعلياً كـ “رادار أمامي” لإسرائيل.

تحالف قبرص – اليونان – إسرائيل: كماشة ثلاثية ضد أنقرة

يتكامل هذا المحور مع التحالف الدفاعي بين إسرائيل واليونان، الذي توّج عام 2021 بعقد ضخم قيمته 1.65 مليار دولار لإنشاء مركز تدريب جوي يوناني بإدارة شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، تجري مناورات سنوية مشتركة، وتُستخدم بطاريات “إس-300” الروسية في جزيرة كريت كأهداف تدريبية للطيران الإسرائيلي، مما يتيح له اختبار تكتيكاته ضد منظومات مشابهة لتلك الموجودة في سوريا وإيران.

كما اتفقت الدولتان عام 2024 على تطوير نسخة يونانية من القبة الحديدية، بينما حصلت أثينا على طائرات “هيرون” المسيرة لتعزيز المراقبة في بحر إيجه.

هكذا يتشكل ما يمكن وصفه بـ “كماشة ثلاثية” تطوق تركيا من الشرق والغرب:

  • من الشرق، عبر قبرص التي تستضيف منظومات الإنذار الإسرائيلية.
  • ومن الغرب، عبر اليونان التي عززت أسطولها بطائرات “رافال” و”إف-16″ المطوَّرة.
  • وبينهما، تدير إسرائيل شبكة المعلومات والإنذار والتحكم المشترك.

نتيجة ذلك، أصبحت تركيا محاطة بشبكة مراقبة إلكترونية وجوية غير مسبوقة تمتد من كريت إلى تل أبيب.

أنقرة ترد: “إس-400” و“سيبر” ودرونات هجومية

تنظر أنقرة إلى هذه التطورات بعين القلق الاستراتيجي. فقد وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحالف قبرص-اليونان-إسرائيل بأنه محاولة لعزل تركيا عن موارد الغاز الإقليمية، محذراً من “عواقب خطيرة” على الأمن الإقليمي.

وفي مواجهة “باراك إم إكس”، تدرس تركيا نشر منظومة “إس-400” الروسية في الجنوب لإنشاء منطقة حرمان جوي (A2/AD) تغطي شمال قبرص، بالتوازي مع تسريع نشر منظومتها المحلية “سيبر” (Siper) طويلة المدى.

كما تعمل أنقرة على دمج منظوماتها الدفاعية القصيرة والمتوسطة المدى مع قدرات الحرب الإلكترونية، عبر أنظمة “كورال” و“أتماجا”، لخلق مظلّة اعتراض وتشويش متداخلة تقلص فعالية أي نظام راداري معادٍ.

وفي حال تصاعد التوتر، قد تلجأ تركيا إلى نشر بطاريات صواريخ مضادة للسفن في شمال قبرص، أو تنفيذ مناورات جوية تكتيكية لاستعراض جاهزيتها.

سباق التقنية والاستخبارات

تدرك أنقرة أن المعركة لم تعد محصورة بالصواريخ، بل انتقلت إلى المجال التقني والاستخباراتي. ولهذا تضاعف جهودها في تطوير المسيرات الهجومية “قزل إلما” و”أقنجي”، إلى جانب صواريخ “أكبابا” المضادة للرادار، لتشكّل أدوات اختراق للمنظومات المعادية.

كما تراهن تركيا على تعطيل أنظمة “باراك” إلكترونياً عبر التشويش أو هجمات سيبرانية تستهدف شبكات الاتصال القبرصية والإسرائيلية. هذه الاستراتيجية تهدف إلى تحييد المنظومة قبل المواجهة، مع الحفاظ على مبدأ الردع دون الانزلاق إلى حرب مفتوحة.

شرق المتوسط… ميدان اختبار جديد

في المحصلة، لا تبدو منظومة “باراك” صفقة دفاعية فحسب، بل لبنة في مشروع إقليمي لإعادة هندسة ميزان القوى في شرق المتوسط.

تسعى إسرائيل من خلالها إلى تثبيت حضورها العسكري والتقني في قلب الحوض الجنوبي لتركيا، عبر قبرص واليونان، في حين تعمل أنقرة على إعادة التوازن عبر الردع الذكي والتكامل بين الجو والبحر والسيبرانية.

وبين شبكات الرادار ودوائر الغاز ومجالات النفوذ الجديدة، يتحوّل شرق المتوسط إلى خريطة صراع ثلاثي الأبعاد — عسكري واقتصادي وتكنولوجي — تتنافس فيها الدول على من يملك “السماء” قبل أن يملك البحر.

تركيا والعراق يوقعان “وثيقة الآلية” لتمويل مشاريع التعاون بمجال المياه

وقع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ونظيره العراقي فؤاد حسين “وثيقة آلية تمويل المشاريع بخصوص اتفاقية التعاون الإطارية في مجال المياه” بين البلدين.

وذكرت مصادر دبلوماسية، أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استقبل الوزير فيدان في إطار زيارته الرسمية إلى العراق.

وأضافت المصادر أنه بعد اللقاء، وقّع فيدان وحسين “وثيقة آلية تمويل المشاريع بخصوص اتفاقية التعاون الإطارية في مجال المياه بين حكومة الجمهورية التركية، وحكومة جمهورية العراق”.

وأشارت المصادر إلى أن وثيقة الآلية المذكورة تتضمن الترتيبات التي ستُمكّن من التطبيق الفعلي لـ”اتفاقية التعاون الإطارية في مجال المياه” التي أبرمت خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد في 2024.

وتنص الآلية على تمويل المشاريع التي ستتولاها الشركات التركية في مجال تحديث وتشييد البنية التحتية من أجل الاستخدام الفعّال والمثمر والمستدام لموارد المياه في العراق، من خلال نظام يعتمد على مبيعات النفط العراقي.

ومن خلال هذا الإجراء تهدف تركيا إلى زيادة مساهمتها في تطوير البنية التحتية للمياه في العراق وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية.

وتُعدّ “اتفاقية التعاون الإطارية في مجال المياه” المبرمة في 22 نيسان/أبريل 2024، و”وثيقة آلية التمويل” الموقعة اليوم، بداية مرحلة استراتيجية جديدة في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ومن المتوقع أن تسهم في تسهيل وصول شركات المقاولات التركية إلى السوق العراقية وفتح فرص جديدة أمامها في المشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية.

وبالنظر إلى تناقص الموارد المائية في المنطقة بسبب التغير المناخي العالمي، تكتسب الجهود الرامية إلى إيجاد حلول طويلة الأمد لأزمة المياه، التي تُشعر بها تركيا أيضاً، عبر التعاون الإقليمي، أهمية خاصة.

إيران

الرئيس الإيراني: سنعيد بناء المنشآت النووية المُدمّرة مجدداً و”بقوة أكبر”

بعد أشهر قليلة من الهجمات غير المسبوقة، التي شنّتها الولايات المتحدة على منشآت طهران النووية، أعلن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أن بلاده ستعيد بناء تلك المنشآت المدمّرة “بقوة أكبر”.

وجاءت تصريحات بزشكيان، خلال زيارته معرضاً أقامته منظمة الطاقة الذرية الإيرانية.

وقال بزشكيان: “إن العلم النووي موجود في عقول علمائنا، ولن تواجهنا مشكلة بتدمير المباني والمصانع؛ سنعيد البناء مجدداً وبقوة أكبر”.

وأشار إلى فتوى المرشد الإيراني، علي خامنئي، التي تحرّم إنتاج السلاح النووي، موضحاً: “إن إيران لن تتجه نحو تصنيع هذا النوع من السلاح استناداً إلى تلك الفتوى”.

ومن جانبها، أعلنت الولايات المتحدة، في وقت سابق، أنها لا تعتبر فتوى خامنئي أساساً موثوقاً لمنع إيران من التسلّح النووي.

وتأتي تصريحات بزشكيان حول إعادة بناء المنشآت النووية في وقتٍ كان فيه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد حذر من أن واشنطن ستتعامل مجدداً مع إيران، إذا حاولت استئناف برنامجها النووي.

وأكد ترامب، في الأشهر الماضية، أن الهجمات الأميركية دمّرت المنشآت النووية الإيرانية، واصفاً قصفها بواسطة قاذفات “بي-2” بأنه “من أجمل العمليات العسكرية في التاريخ”، مضيفاً أن تدمير قدرات طهران النووية أرغمها على التراجع عن “بلطجتها وغطرستها في الشرق الأوسط”.

كما قال ترامب إن عدم تنفيذ تلك الهجمات كان سيُلقي بظلال قاتمة على اتفاق إنهاء حرب غزة.

وأكدت طهران مراراً أن أنشطتها النووية ذات طابع سلمي بحت، لكن الغرب وإسرائيل يتهمانها بالسعي إلى تطوير سلاح نووي، مستندين إلى أنشطة غير معلَنة ومواد يورانيوم مخصّب لم تُبلّغ بها إيران الوكالة الدولية.

تصريحات متناقضة من بزشكيان حول إعادة البناء النووي

خلال الأشهر الماضية، أدلى بزشكيان بتصريحات متضاربة حول إعادة بناء المنشآت النووية؛ حيث قال، قبل الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، إنه “في حال استهداف منشآتنا النووية، سنعيد بناءها من جديد”.

ولكن بعد الهجمات الإسرائيلية والأميركية، قال في اجتماع للحكومة: “حسناً، إن أعدنا بناءها، سيعودون لضربها مرة أخرى”.

وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قد أكد أن أجهزة الطرد المركزي الإيرانية تضررت بالكامل، مشيراً إلى أن الهجمات الأميركية أوقفت نشاط طهران النووي “بشكل ملحوظ”.

وقال غروسي، في مقابلة مع قناة “العربية” الإخبارية: “إن أجهزة الطرد المركزي الإيرانية تضررت تماماً، لكن القدرات لا تزال موجودة”.

متابعات إفريقية

تقرير: القاعدة تقترب من خنق مالي وتهدد بسقوط باماكو

تشهد مالي تصعيداً غير مسبوق من قبل تنظيم القاعدة عبر فرعه الإقليمي “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، التي وسّعت نطاق سيطرتها في وسط وشمال البلاد، وسط مخاوف من سقوط باماكو في قبضة التنظيم خلال الأشهر المقبلة.

ووفق تقارير ميدانية، باتت الجماعة تفرض طوقاً شبه كامل حول العاصمة، معتمدة على خلايا صغيرة تنفذ هجمات نوعية ضد القوافل العسكرية ومراكز الإمداد قبل انسحابها إلى مناطق ريفية وعرة.

وقال رئيس مركز “ديلول” للدراسات الاستراتيجية، العقيد السابق أحمد امبارك الإمام، إن التنظيم بات “القوة الأكثر نفوذاً في ولايات موبتي وسيغو وغاو”، حيث شكّل مناطق عمليات ولوجستيات مترابطة، وتمكّن من قطع طرق التجارة والوقود القادمة من غينيا وساحل العاج.

وأضاف أن القاعدة تمددت جنوباً وغرباً حتى حدود بوركينا فاسو وموريتانيا، محذّراً من أن المنطقة باتت “خط تماس مباشر مع الجغرافيا المتشددة”، بينما يحتفظ تنظيم داعش في الصحراء الكبرى بنفوذ موازٍ في الشرق، ما جعل البلاد مسرحاً لصراع نفوذ بين التنظيمين.

وأشار الإمام إلى أن الجماعة انتقلت من الكمائن الدفاعية إلى هجمات منسقة واسعة النطاق، وأنها أسست “منظومات حكم موازية” تقدّم خدمات محلية محدودة لكسب الحاضنة الشعبية.

من جانبه، قال الصحفي المالي سيد حيدرة إن الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الجماعة على باماكو “خنق العاصمة”، وأدى إلى تفاقم الانقسامات داخل المجلس العسكري الحاكم، وسط تحذيرات من احتمال وقوع انقلاب جديد في ظل عزلة مالي الدولية.

ويرى مراقبون أن استمرار التوسع الجهادي في الساحل يهدد بتحويل مالي إلى أول دولة إفريقية تسقط بالكامل في قبضة تنظيم القاعدة.

المعارضة التنزانية ترفض نتائج الانتخابات وتصفها بـ“المزورة”

رفض حزب الديمقراطية والتقدم (شاديما)، أبرز أحزاب المعارضة في تنزانيا، النتائج الرسمية للانتخابات العامة التي أعلنت فوز الرئيسة سامية صولوحو حسن بنسبة تجاوزت 97% من الأصوات، واصفاً إياها بأنها “مزيفة بالكامل” وغير معبّرة عن إرادة الشعب.

وقال الحزب في بيان رسمي إن ما جرى “لم يكن انتخابات حقيقية”، مضيفاً أن “الاحتجاجات الواسعة التي عمت البلاد دليل واضح على رفض المواطنين لهذه العملية المعيبة”.

وجاءت هذه التطورات وسط اضطرابات وأعمال عنف شهدتها مدن عدة بينها أروشا ودار السلام، حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين الغاضبين من استبعاد أبرز مرشحي المعارضة واعتقال قادتهم. وأفادت تقارير حقوقية بمقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص، بينما تقول المعارضة إن العدد أكبر بكثير.

من جهتها، دافعت الرئيسة سامية عن نزاهة الانتخابات، ووصفت أعمال الشغب بأنها “غير مسؤولة ولا وطنية”، مؤكدة أن الحكومة ستستخدم “كل الوسائل الأمنية الممكنة لضمان استقرار البلاد”.

وفرضت السلطات حظر تجول شامل وقيوداً على الإنترنت منذ يوم الانتخابات في 29 أكتوبر/تشرين الأول، فيما ألغيت عدة رحلات جوية بسبب تصاعد التوتر.

ووفق اللجنة الوطنية للانتخابات، شارك نحو 87% من الناخبين، وصوّت أكثر من 31.9 مليون لصالح الرئيسة من أصل 32.7 مليون ناخب مسجل، في نتيجة وصفتها المعارضة بأنها “غير واقعية” وتؤكد “هيمنة الحزب الحاكم على العملية السياسية”.

متابعات عربية

رئيس الوزراء العراقي: نزع سلاح الجماعات المسلحة مرتبط بانسحاب قوات التحالف

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إن نزع سلاح الجماعات المسلحة مرتبط بانسحاب قوات التحالف الذي سيتم في سبتمبر/أيلول المقبل، مؤكدا سعيه للفوز بولاية ثانية في الانتخابات التشريعية المقبلة.

وفي مقابلة مع وكالة رويترز، قال السوداني “تعهدنا بوضع السلاح تحت سيطرة الدولة، لكن ذلك لن ينجح طالما بقيت قوات التحالف بالبلاد”، مضيفا “هناك إجماع من القوى السياسية على إنهاء وجود أي سلاح خارج مؤسسات الدولة”.

وعن الانتخابات المقبلة المقررة في الـ11 من الشهر الجاري، قال رئيس وزراء العراق إنها “مفصلية ومنعطف بين عدم الاستقرار سابقا والأمن والإعمار حاليا، كما أن عدم المشاركة فيها يفسح المجال أمام الفاسدين ويرسخ مبدأ المحاصصة”.

والانتخابات المقبلة هي سادس انتخابات تشريعية منذ الغزو الأميركي في 2003. وبحسب مفوضية الانتخابات، يتنافس 7768 مرشحا، هم 5520 رجلا و2248 امرأة.

ويحق لنحو 21 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم. ويضم البرلمان العراقي الحالي 329 نائبا، وتملك أحزاب وتيارات شيعية الغالبية فيه.

بلير إلى بيروت… وواشنطن تدفع بخطة “مجلس السلام”: ترشيح بول سالم لملف المفاوضات يثير الجدل

عاد اسم طوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، إلى الواجهة مجدداً  ليس بوصفه وسيطاً للسلام كما يقدّمه الغرب، بل كرمزٍ لخطة وصفتها أوساط لبنانية بأنها “استعمارية بغطاء دولي”. ووفق معلومات حصلت عليها صحيفة الأخبار اللبنانية، يستعدّ بلير لزيارة بيروت الأسبوع المقبل على رأس وفد لم تُعرف بعد طبيعته أو هويته الكاملة، في إطار تحرّكات متصلة بمشروع أميركي جديد في المنطقة تحت مسمى “مجلس السلام”.

تقول مصادر مطّلعة إن زيارة بلير تأتي ضمن خطة أميركية أوسع تهدف إلى فرض نموذج إداري جديد في فلسطين ولبنان، يقوم على إنشاء هيئات مدنية ذات طابع دولي تشرف على إدارة المناطق الحدودية.
ووفق التقديرات، قد يُكلَّف بلير لاحقاً الإشراف على تنفيذ “الخطة الجديدة” في لبنان، على غرار دوره السابق في غزة بعد حرب 2024، حين تولّى التنسيق بين واشنطن ولندن وتل أبيب ضمن ما وُصف آنذاك بـ“الانتداب الإنساني”.

ترتبط زيارة بلير بما يروّج له الأميركيون منذ أشهر حول مستقبل الجنوب اللبناني، إذ تسعى واشنطن إلى إنشاء “مجلس مدني” يتولى إدارة شؤون المنطقة الحدودية مع فلسطين المحتلة، تحت شعار “تحويل الجنوب إلى منطقة اقتصادية وسياحية وزراعية”.

لكنّ مراقبين في بيروت يرون في هذا المشروع غطاءً لفرض وصاية سياسية وأمنية دولية، هدفها الأساسي تقليص نفوذ حزب الله وتحجيم دور الدولة المركزية.

ضغوط إسرائيلية وتصعيد مرتقب

في المقابل، تضغط تل أبيب على إدارة ترامب الجديدة للتخلي عن دعم السلطة اللبنانية، متهمة بيروت بعدم الجدية في تطبيق التزاماتها، خصوصاً فيما يتعلق بسلاح حزب الله.

وتعتبر الأوساط الإسرائيلية أنّ حديث الرئيس اللبناني جوزاف عون عن مفاوضات غير مباشرة هو محاولة “لكسب الوقت بما يخدم مصلحة الحزب”، محذّرة من أن إسرائيل لن تظلّ مكتوفة الأيدي طويلاً.

وبحسب تقارير أمنية وصلت إلى بيروت، اتخذت إسرائيل قراراً بالتصعيد الميداني، في ظلّ معلومات عن إعادة حزب الله ترميم قدراته العسكرية على الجبهة الجنوبية، وهو ما يثير مخاوف من تحضير جولة مواجهة جديدة بالتوازي مع التحركات السياسية التي يقودها بلير.

الرئاسة اللبنانية بين التهدئة والاستعداد للمفاوضات

أمام هذا المشهد، يحاول الرئيس جوزاف عون امتصاص التوتر والدفع نحو مسار تفاوضي يجنّب البلاد الانزلاق إلى مواجهة شاملة.

لكن مصادر سياسية كشفت أنّ عون بدأ بالفعل تحديد أسماء الوفد اللبناني المحتمل للمفاوضات، ومن بين المرشحين بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن.

وأثار هذا الاختيار موجة استغراب في الأوساط السياسية اللبنانية، إذ اعتُبر مؤشراً إلى رفع مستوى التمثيل إلى سياسيين مقرّبين من الدوائر الأميركية، وليس فقط خبراء تقنيين كما جرت العادة.

خاتمة: لبنان بين “سلام” بلير  وواقعية الميدان

تتزامن زيارة بلير المحتملة مع مرحلة دقيقة من التجاذب الإقليمي، وسط اتهامات لبريطانيا والولايات المتحدة بالسعي إلى إعادة إنتاج نموذج وصاية سياسية – اقتصادية في المشرق العربي تحت لافتة “مجالس التنمية والسلام”.

وبينما يروّج الأميركيون لهذا المسار كمدخل “للاستقرار”، يخشى لبنانيون أن يكون الجنوب اللبناني هو المحطة التالية في خطة فرض وصاية دولية جديدة، يُشرف عليها طوني بلير، ويمهّد لها تعاون بين واشنطن وتل أبيب، تحت مظلة تفاوضية يُراد للبنان الرسمي أن يشارك فيها بأسماء “معتدلة” مثل بول سالم.

ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص يعيد الجدل حول المصالح الإقليمية وحقوق بيروت في شرق المتوسط

عاد ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص إلى واجهة المشهد السياسي اللبناني، بعد أن أقرت الحكومة اللبنانية اتفاقية الترسيم المثيرة للجدل، وسط انقسام داخلي حاد بين من يراها تثبيتاً للسيادة اللبنانية، ومن يعتبرها تنازلاً عن حقوق بحرية في شرق المتوسط.

ففي 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أقرّ مجلس الوزراء اللبناني الاتفاقية الموقعة مع إدارة جنوب قبرص اليونانية خلال جلسة في بيروت، رغم اعتراضات سياسية وقانونية أعادت إلى الأذهان سجالاً يعود إلى أكثر من 15 عاماً.

اتفاق قديم يعاد إلى الواجهة

تعود جذور الجدل إلى عام 2007، حين وقّعت بيروت ونيقوسيا اتفاقاً أولياً لترسيم حدودهما البحرية، لكنه لم يُعرض على البرلمان ولم يدخل حيز التنفيذ. آنذاك، اتُّهمت الحكومة اللبنانية بأنها تنازلت عن مئات الكيلومترات المربعة من مياهها الإقليمية بعد قبولها بالنقطة رقم 1 كنقطة ثلاثية تجمع لبنان وقبرص وإسرائيل، وهو ما اعتبره خبراء القانون البحري تفريطاً بالمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان.

لاحقاً، شكّل ذلك الاتفاق مرجعاً لاتفاق تل أبيب ونيقوسيا عام 2010، الذي أصبح بدوره أحد الأسس التي اعتمد عليها اتفاق الترسيم اللبناني – الإسرائيلي برعاية أميركية عام 2022، ما جعل كثيرين يطرحون مجدداً سؤالاً حول تأثير الترسيم مع قبرص على حقوق لبنان المستقبلية في شرق المتوسط.

محادثات بيروت – نيقوسيا: بين السيادة والمخاوف

ومع استئناف اللقاءات بين الرئيسين جوزيف عون ونيكوس خريستودوليدس في بيروت، تسير الحكومة اللبنانية نحو تثبيت الترسيم مع قبرص، في خطوة يعتبرها البعض ترسيخاً للسيادة الوطنية، فيما يحذّر آخرون من أنها قد تكرّس “أمراً واقعاً” قد يُستخدم لاحقاً لصالح إسرائيل في أي نزاع بحري مقبل.

خلفيات قانونية وتقنية

توضح خبيرة النفط والغاز في الشرق الأوسط لوري هايتيان أن أول محاولة لترسيم الحدود بين لبنان وقبرص جرت عام 2007، لكنها لم تُقرّ برلمانياً، ولذلك بقيت دون مفعول قانوني.

وتضيف هايتيان أن لبنان طوّر بين عامي 2007 و2011 خبرته التقنية والقانونية في هذا الملف، وأودع في عام 2011 إحداثيات حدوده البحرية لدى الأمم المتحدة، متضمّنة نقاط التماس مع إسرائيل وقبرص وسوريا. وشملت تلك الإحداثيات تعديلات على النقاط الثلاثية، خصوصاً الخط 23 عند التقاء الحدود اللبنانية–الإسرائيلية–القبرصية، والنقطة 7 عند الحدود اللبنانية–القبرصية–السورية.

وترى هايتيان أن تثبيت الخط 23 في اتفاق الترسيم مع إسرائيل عام 2022 أعاد الحاجة إلى إنهاء الترسيم مع قبرص عند النقطة 7، لتثبيت الحدود بشكل نهائي ومعترف به دولياً، مشيرة إلى أن لبنان نسّق أيضاً مع سوريا لاعتماد النقطة 7 كحد مشترك بين الدول الثلاث.

وأكدت أن الاتفاق الحالي “يوفر إطاراً قانونياً واضحاً يسمح للبنان باستثمار موارده البحرية بأمان”، لافتة إلى أن شركات نفط عالمية بدأت بالفعل أعمال المسح والحفر في البلوك 8، بعد توقيع اتفاقيات تمنح لبنان غطاءً قانونياً واستثمارياً مستقراً.

وجهات نظر متباينة

يرى المحلل السياسي خلدون شريف أن الاتفاقية الجديدة “عادلة وقانونية”، وتمنح لبنان كامل حقوقه البحرية وفقاً للقانون الدولي للبحار. ويقول في حديثه للجزيرة نت إن الاتفاق “هو الأفضل الممكن في ظل الظروف الراهنة”، مضيفاً أن عملية التفاوض خضعت لـ”مراجعات تقنية وعسكرية وبرلمانية دقيقة قبل موافقة مجلس الوزراء”.

ويشير شريف إلى أن الاتفاقية احترمت الخطوط المعتمدة دولياً، وسمحت للبنان بالاحتفاظ بحق مراجعة النقاط المشتركة لاحقاً مع سوريا وقبرص، مؤكداً أن “لا دليل على أي تنازل فعلي أو تراجع عن الحقوق”.

انتقادات اقتصادية وجيوسياسية

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي علي نور الدين أن إقرار الاتفاقية “جاء متسرعاً ومبنياً على مفاوضات قديمة” تعود إلى عامي 2006 و2007، في فترة لم يكن لبنان يمتلك فيها الخبرة التقنية الكافية في ترسيم الحدود البحرية.

ويعتبر نور الدين أن اعتماد مبدأ “خط الوسط” بين الشاطئين اللبناني والقبرصي “قلّص المساحة اللبنانية الممكنة”، مشيراً إلى أن القانون الدولي ومحكمة العدل الدولية يمنحان الدول أدوات تفاوض إضافية تتيح تطبيق مبدأ الإنصاف للحصول على مساحة أوسع.

ويضيف أن “الاتفاقية الحالية تمنح قبرص أكثر مما يحق لها قانونياً، في حين تكتفي بمنح لبنان الحد الأدنى من حقوقه البحرية”، مؤكداً أنه لو أُعيد التفاوض من الصفر، “لتمكّن لبنان من الحصول على شروط أفضل وأكثر إنصافاً”.

ومن زاوية التوقيت، يرى نور الدين أن الاستعجال بإقرار الاتفاقية لم يكن مبرراً، مشيراً إلى أن “الجانب القبرصي كان الأكثر استعجالاً بسبب نشاطه الغازي المتسارع، بينما كان لبنان يستطيع الانتظار لتعزيز موقعه التفاوضي”، خصوصاً أن “الظروف الاقتصادية والأمنية الحالية لا تسمح بتحقيق عوائد كبيرة من الغاز في المدى القريب”.

ويختم بالقول إن الأولوية كان يجب أن تُمنح لترسيم الحدود مع سوريا أولاً، ثم التفاوض مع قبرص كطرف موحد، لتفادي تكرار احتساب المساحات البحرية نفسها مرتين، مع مراعاة التوازنات الإقليمية مع تركيا ودمشق.

بين تثبيت السيادة والمصالح الإقليمية

بين من يرى في الاتفاق فرصة لتثبيت حقوق لبنان البحرية وبين من يعتبره تنازلاً جيوسياسياً لصالح قوى المتوسط، يبقى ترسيم الحدود مع قبرص ملفاً حساساً متشابك الأبعاد — قانونياً واقتصادياً وسياسياً — يعكس عمق الصراع على موارد الطاقة في شرق المتوسط، حيث تتقاطع مصالح الدول الصغيرة مع حسابات القوى الكبرى وشركات النفط العملاقة.

لبنان يتسلم من ليبيا ملف التحقيق في اختفاء موسى الصدر

تسلم لبنان من ليبيا ملف التحقيق في قضية اختفاء موسى الصدر مؤسس حركة أمل، والذي لا يزال مصيره مجهولا منذ عام 1978.

وخلال استقبال الرئيس اللبناني جوزيف عون وفدا من حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة إبراهيم الدبيبة، قال وزير الدولة الليبية للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي إن الوفد سلم قاضي التحقيق اللبناني (في قضية تغييب الإمام موسى الصدر) ملف التحقيق الذي أجرته السلطات الليبية كاملا. وأوضح أن الوفد أبدى الاستعداد للتعاون في سبيل توفير كل المعطيات المتصلة بهذه القضية.

وتُحمِّل الطائفة الشيعية في لبنان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي مسؤولية اختطاف الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب، والصحافي عباس بدر الدين، في ليبيا أثناء زيارة إليها يوم 25 أغسطس/آب 1978، لكن النظام الليبي السابق نفى التهمة مؤكدا أن الثلاثة غادروا طرابلس إلى إيطاليا.

وأشار البيان إلى أن الجانبين “اتفقا على تحديد قناة التواصل والتعاون لأجل تفعيل العمل بمذكرة التفاهم الموقّعة بين البلدين بخصوص هذه القضية، لاستكمال التحقيقات وتبادل الاقتراحات والمعلومات”.

وذكرت لجنة المتابعة لقضية اختفاء الصدر ورفيقيه أن الجانب الليبي اعترف سابقا خلال مذكرة التفاهم بين الجانبين بـ”ارتكاب نظام القذافي السابق جريمة إخفاء الإمام ورفيقيه” في ليبيا.

وسُجِّل آخر ظهور للصدر في ليبيا التي زارها مع اثنين من مساعديه يوم 25 أغسطس/آب 1978، لعقد اجتماع مع القذافي. وشوهد اللبنانيون الثلاثة للمرة الأخيرة يوم 31 من الشهر ذاته، قبل أن يختفوا تماما بشكل غامض، ليبقى مصيرهم مجهولا حتى اليوم.

قطر تلوّح بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا على خلفية تشريع لمراعاة البيئة وحقوق الإنسان

لوّح وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري بقطع الدولة الخليجية إمداد أوروبا بالغاز الطبيعي المسال على خلفية تشريع لمراعاة البيئة وحقوق الإنسان يسعى الاتحاد الأوروبي لتطبيقه.

يفرض التشريع المسمى رسميا “توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية”، على الشركات الكبرى إصلاح “التأثيرات السلبية على حقوق الإنسان والبيئة” في سلاسل التوريد الخاصة بها حول العالم.

يحظى التشريع بدعم تحالف سياسي أوروبي واسع النطاق يشمل اليسار والخضر والوسطيين، بما في ذلك مشرعون من يمين الوسط.

لكنّ القواعد التي يفرضها التشريع تواجه انتقادات باعتبارها تشكّل أعباء كبيرة على الشركات.

وقال وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري سعد بن شريده الكعبي في الجلسة الحوارية الافتتاحية لمعرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (“أديبك”)، “إذا لم يتم تعديل أو إلغاء توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية فلن نورّد الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وهذا أمر مؤكد”.

تُعدّ قطر من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا وروسيا.

تزايد طلب الدول الأوروبية على الغاز القطري منذ بدأت روسيا غزو أوكرانيا في العام 2022، في هجوم أثار تخوّفا من انقطاع الإمدادات.

في الأشهر الأخيرة، وقّعت قطر اتفاقات لتوريد الغاز الطبيعي المسال مع شركات كبرى عدة بينها توتال الفرنسية وإيني الإيطالية وبترونت الهندية وسينوبك الصينية.

وقال الكعبي “إن جميع شركائنا وزملائنا في هذه القاعة يعلمون أنه كانت لقطر نفس السياسة ونفس النظرة حول كيفية رؤيتنا للأعمال، وللتحول إلى طاقة منخفضة الكربون، والحاجة إلى النفط والغاز في المستقبل، وهذا لم يتغير أبدا”.

التشريع الأوروبي كانت اقترحته المفوضية الأوروبية في العام 2022 وجرى تبنيه في نيسان/أبريل 2024 لكنه لم يدخل بعد حيّز التنفيذ.

مذكرة تفاهم بين الكويت والإمارات لحماية البيانات والمعلومات المتبادلة في المشاريع الأمنية المشتركة

صدر في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم» مرسوم بقانون رقم 150 لسنة 2025 بالموافقة على مذكرة تفاهم لحماية البيانات والمعلومات المتبادلة في المشاريع الأمنية المشتركة بين حكومة الكويت وحكومة الإمارات العربية المتحدة.

وجاء في المرسوم:

مادة أولى: الموافقة على مذكرة تفاهم لحماية البيانات والمعلومات المتبادلة في المشاريع الأمنية المشتركة بين حكومة دولة الكويت وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة والملاحق المرفقة بها، والموقعة في مدينة الكويت بتاريخ 3 يونيو 2025 والمرفقة نصوصها بهذا المرسوم بقانون.

مادة ثانية: على الوزراء – كل فيما يخصه – تنفيذ هذا المرسوم بقانون ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

ونصت المذكرة الإيضاحية للمرسوم انه رغبة في تعزيز التعاون بين حكومة دولة الكويت وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في ضمان حماية البيانات والمعلومات المتبادلة في المشاريع الأمنية المشتركة وسعيا من البلدين لتحقيق التوازن بين المتطلبات الأمنية والتنظيمية وبين حماية البيانات والمعلومات المتبادلة فقد تم التوقيع على مذكرة تفاهم لحماية البيانات والمعلومات في المشاريع الأمنية المشتركة بين حكومة البلدين في دولة الكويت بتاريخ 3 يونيو 2025 وتضمنت هذه المذكرة 12 مادة وسبعة ملاحق بها.

ونصت المادة الأولى من المذكرة على نطاق تطبيقها وحددت مادتها الثانية أهدافها، بينما تناولت المادة الثالثة ملاحق مذكرة التفاهم، ونصت على أن الملاحق الملحقة بها تعد جزءا من هذه المذكرة، حيث نص المرفق 1 على آلية تنفيذ مشروع الربط الشبكي الثنائي بين الطرفين وملحق (ب) على آلية تنفيذ مشروع تطوير منظومة الربط الإلكتروني الثنائي للمخالفات المرورية والملحق (ج) على آلية تنفيذ مشروع ربط الأنظمة المرورية والملحق (د) نص على آلية تحويل مبالغ المخالفات المرورية، بينما نص الملحق (هـ) على آلية استرجاعات مبالغ المخالفات المرورية وتضمن الملحق (و) على آلية تنفيذ مشروع تبادل بيانات وبصمات المبعدين والبصمات المجهولة بشكل إلكتروني، وأخيرا تضمن الملحق (ز) بيان الخدمة ووصفها وغرضها والجهة المنفذة والمسؤولة عنها والشبكة المستخدمة في نقلها وغيرها من المصطلحات، بينما أوضحت المادة الرابعة التزامات الطرفين في حماية البيانات والمعلومات وبينت المادة الخامسة كيفية الإبلاغ عن حوادث تسرب البيانات والمعلومات.

متابعات دولية

روسيا تعلن تقدماً شرق أوكرانيا وزيلينسكي يؤكد تسلّم دفعة جديدة من منظومة “باتريوت”

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها حققت تقدماً ميدانياً في مدينة بوكروفسك شرق أوكرانيا، في وقت أكد فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده تسلمت دفعة جديدة من منظومات الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت” لتعزيز قدراتها في مواجهة الهجمات الروسية المكثفة.

وقالت الوزارة في بيان إن القوات الروسية دمرت تشكيلات أوكرانية محاصرة قرب محطة السكك الحديدية والمنطقة الصناعية، وتمكنت من التمركز داخل المدينة، مشيرة إلى أن العملية تأتي ضمن تقدم تدريجي باتجاه غربي دونيتسك.

لكن الجيش الأوكراني نفى هذه المزاعم، مؤكداً أن القوات الروسية “لم تفرض سيطرة كاملة على أي منطقة داخل بوكروفسك”، وأن هجماتها تُنفَّذ عبر مجموعات صغيرة من المشاة دون استخدام مدرعات ثقيلة.

وأضاف أن القوات الأوكرانية أحبطت محاولة روسية لقطع طريق الإمداد الحيوي بين رودينسكي والشمال، مشيراً إلى أن المدينة تشهد معارك ضارية ونزوحاً مدنياً متزايداً مع استمرار القصف.

أهمية إستراتيجية لبوكروفسك

تكتسب بوكروفسك أهمية عسكرية بارزة باعتبارها بوابة نحو مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك، آخر معقلين رئيسيين للقوات الأوكرانية في إقليم دونيتسك الذي تسعى موسكو للسيطرة عليه بالكامل.

وبحسب تقارير ميدانية، فإن السيطرة الروسية على بوكروفسك قد تمهد لفتح محور جديد نحو شمال شرق أوكرانيا، فيما أعلن قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي تحقيق مكاسب محدودة شمال المدينة قرب دوبروبيليا بهدف “تشتيت تركيز القوات الروسية”.

تصعيد ميداني متزامن

تزامن التصعيد في الجبهة الشرقية مع تكثيف روسيا ضرباتها على البنية التحتية الأوكرانية، خصوصاً شبكة الطاقة، استعداداً لفصل الشتاء.

وفي المقابل، تتعرض مصافي النفط الروسية لهجمات متكررة بطائرات مسيرة أوكرانية، أدت إلى تعطل جزئي في إمدادات الوقود وارتفاع الأسعار بنحو 20% خلال الأشهر الستة الأخيرة، بحسب تقارير اقتصادية روسية.

دعم دفاعي جديد لكييف

من جانبه، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده تسلمت دفعة جديدة من منظومات الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت”، ضمن برامج الدعم الغربي المتواصل لتعزيز الدفاعات الأوكرانية ضد الهجمات الجوية الروسية المتكررة.

وقال زيلينسكي في منشور على منصتي فيسبوك وإكس مساء الأحد إن هذه الأنظمة “ستساعد في التصدي للهجمات اليومية”، معرباً عن شكره لألمانيا والمستشار فريدريش ميرتس على مساهمتهما في هذا الدعم، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل حول طبيعة التسليم أو موقع انتشار الأنظمة الجديدة.

وأشار إلى أن هجوماً روسياً بطائرات مسيّرة أدى إلى مقتل رجل وإصابة خمسة من أفراد عائلته في إحدى المناطق السكنية، مؤكداً أن تعزيز منظومات الدفاع الجوي “أصبح ضرورة وجودية” في مواجهة التصعيد الروسي.

وتفيد تقارير إعلامية غربية بأن أوكرانيا تمتلك حالياً نحو عشر بطاريات من منظومة باتريوت، معظمها تم تسليمه عبر ألمانيا أو بمساعدتها الفنية واللوجستية. كما تواصل كييف مطالبتها لشركائها بتزويدها بمزيد من الصواريخ الدفاعية بعيدة المدى لحماية منشآتها الحيوية.

توازن هش في حرب مفتوحة

وبينما تسعى موسكو لترسيخ مكاسبها الميدانية في الشرق، تعمل كييف على تعزيز مظلة دفاعها الجوي واستنزاف القدرات الروسية من خلال عمليات مسيّرات طويلة المدى وهجمات دقيقة ضد البنية النفطية الروسية.

وفي ظل غياب أي تقدم سياسي ملموس نحو مفاوضات سلام، تبدو الحرب الأوكرانية في مرحلة جديدة من “توازن الردع بالنيران”، حيث يحاول كل طرف فرض معادلة ميدانية قبل حلول شتاء يُتوقع أن يكون الأكثر قسوة منذ اندلاع الحرب في 2022.

مجزرة ريو دي جانيرو: مئة قتيل في أعنف عملية للشرطة بتاريخ البرازيل.. والحكومة تطمئن زوار مؤتمر المناخ “كوب30”

أعلنت السلطات البرازيلية أن 119 شخصاً على الأقل قُتلوا في مدينة ريو دي جانيرو خلال عملية أمنية ضخمة استهدفت عصابات تهريب المخدرات في الأحياء الفقيرة، في ما وصف بأنه أعنف تدخل أمني في تاريخ البلاد الحديث.
الحدث أثار صدمـة داخلية ودولية، وأعاد الجدل حول أساليب الشرطة البرازيلية واستخدامها المفرط للقوة، في وقت تستعد فيه البلاد لاستضافة فعاليات مرتبطة بمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب 30 الأسبوع المقبل.

عملية غير مسبوقة

بحسب سلطات ريو دي جانيرو، أسفرت العملية التي نُفذت الثلاثاء الماضي عن مقتل 115 مشتبهاً بهم و4 عناصر من الشرطة، بينما ذكر مكتب المحامي العام في الولاية أن عدد الضحايا قد بلغ 132 شخصاً.
واستهدفت الحملة الواسعة شبكات تهريب المخدرات في منطقتي كومبليكسو دا بينيا وكومبليكسو دو أليماو، وهما من أكبر أحياء الصفيح في شمال المدينة، حيث تنشط جماعة “كوماندو فيرميليو” (القيادة الحمراء) الإجرامية.

ووفق مراسلي وكالات الأنباء، واصل السكان الأربعاء انتشال عشرات الجثث من غابات أعلى حيّ كومبليكسو دا بينيا، قبل أن تُنقل إلى الطرقات العامة في مشهدٍ صادم أثار موجة غضب وبكاء جماعي بين الأهالي.

شارك في العملية نحو 2500 عنصر أمني، ووصفتها حكومة الولاية بأنها “ناجحة” بعد عام من التحقيقات واعتقال أكثر من مئة شخص.
لكن هذه الرواية الرسمية واجهت انتقادات حادة من منظمات حقوقية ومسؤولين فدراليين اعتبروا ما جرى “إعدامات ميدانية” أكثر من كونه اشتباكات أمنية.

ردود سياسية وحقوقية

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أعرب عن “صدمته العميقة” من عدد القتلى، بحسب ما نقله وزير العدل ريكاردو ليفاندوفسكي، الذي أوضح أن الحكومة الفدرالية في برازيليا لم تكن على علم مسبق بالعملية.

أما حاكم ولاية ريو المحافظ كلاوديو كاسترو، فدافع عن العملية قائلاً إنها جزء من حملة حاسمة لمكافحة الجريمة المنظمة.
وفي المقابل، وصفت أكثر من 30 منظمة غير حكومية، بينها منظمة العفو الدولية، ما جرى بأنه “مجزرة” وحالة “رعب” تعيشها المدينة، داعية إلى تحقيقات شفافة وسريعة.

كما أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن “صدمتها العميقة” من حصيلة الضحايا، مطالبةً الحكومة البرازيلية بـ”ضمان التزام قواتها الأمنية بالقانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.

مقارنة دموية في التاريخ البرازيلي

تُعدّ العملية الأمنية في ريو دي جانيرو الأعنف في تاريخ البرازيل منذ مجزرة عام 1992 في سجن كارانديرو قرب ساو باولو، حين قُتل 111 سجيناً خلال قمع تمرد داخل المعتقل.
وشهدت أحياء ريو خلال العملية الأخيرة شللاً شبه تام: توقفت المدارس والمواصلات العامة، وتقطعت السبل بآلاف السكان الذين لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم.
لكن السلطات أكدت أن الحياة بدأت تعود تدريجياً إلى طبيعتها يوم الأربعاء، رغم استمرار حالة الحزن والاحتجاج في الشوارع.

طمأنة قبل مؤتمر المناخ

تزامنت الأحداث مع التحضيرات الجارية لاستضافة مؤتمر المناخ الدولي “كوب30″، المقرر عقده في مدن ريو دي جانيرو وساو باولو وبيليم في منطقة الأمازون الشهر المقبل، بحضور عشرات آلاف المشاركين وقادة العالم.

وفي ظلّ المخاوف الأمنية، سعى مسؤولون برازيليون إلى طمأنة الزوار بأنّ ما حدث “حادث محلي معزول”.
وقال جواو باولو دي ريزيندي، وكيل وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية، في تصريح لوكالة رويترز:

“ما حدث في ريو غير معتاد جداً حتى بالمعايير البرازيلية، ومن غير المرجح أن يتكرر خلال الأسابيع المقبلة. فعاليات كوب30 ستكون آمنة بالكامل”.

كما أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش “يشعر بقلق بالغ إزاء العدد الكبير من القتلى”، ودعا الحكومة البرازيلية إلى تحقيق عاجل وضمان التزام الشرطة بالقانون الدولي.

وفي خطوة احترازية، أصدرت القنصلية الأمريكية في ريو دي جانيرو تحذيراً من زيارة الأحياء المتضررة، مشيرة إلى أن “الاشتباكات لا تزال مستمرة بين الشرطة والعصابات المسلحة”.
كما أعلنت الأرجنتين عن تعزيز المراقبة على حدودها مع البرازيل التي تمتد لأكثر من ألف كيلومتر.

تحوّل روسي جذري: موسكو تنسحب تدريجياً من غرب آسيا

استناداً إلى تحليل محمد حسن سويدان – مجلة الأخبار، 31 تشرين الأول/أكتوبر 2025

تشير التطورات الأخيرة، كما ورد في منتدى خبراء غرب آسيا وروسيا في موسكو، إلى تغيّر استراتيجي كبير في السياسة الخارجية الروسية، يقوم على الانسحاب التدريجي من ميدان غرب آسيا واعتماد سياسة “الحياد المتحفظ” بدل الانخراط العسكري والسياسي العميق.

تعتبر موسكو اليوم أن الشرق الأوسط أصبح ساحة نفوذ أميركية مغلقة، وأن أي محاولة روسية لمنافستها مباشرة ستكون مكلفة وخاسرة. ووفق دبلوماسيين روس، أصبحت الأولوية القصوى هي تأمين الجنوب الروسي والحدود القريبة، وليس الدخول في صراعات إقليمية جديدة.

هذا التحوّل انعكس في مواقف موسكو من الحرب الإيرانية–الإسرائيلية، إذ اكتفت بالدعوة إلى ضبط النفس دون أي دعم عسكري مباشر لطهران. كما باتت سوريا، التي كانت مركز النفوذ الروسي منذ 2015، عبئاً أكثر منها ورقة نفوذ، بعد تراجع سلطة النظام وتزايد الانقسامات الداخلية.

ويرى الخبراء أن الحرب في أوكرانيا استنزفت القدرات الروسية وأجبرت الكرملين على إعادة ترتيب أولوياته، فانتقلت المنطقة من كونها جبهة نفوذ رئيسية إلى مجرد أداة ضغط على الغرب.

في المقابل، تراهن موسكو الآن على القوة الناعمة من خلال التعاون الاقتصادي وتصدير القمح والطاقة والمشاريع النووية المدنية، والحفاظ على قنوات اتصال مع جميع الأطراف دون التورط في محاور.

وبحسب تحليل سويدان، تمثل هذه المقاربة الجديدة اعترافاً روسياً ضمنياً بتراجع دورها الإقليمي، وانتقالها من مرحلة إدارة التوازنات في غرب آسيا إلى مرحلة الاكتفاء بالحضور الرمزي والمصالح المحدودة.

صوفيا خوجاباشي

صحفية وباحثة في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى