أوروبا وأمريكادراسات

إدارة ترامب: الثابت والمتغير في السياسة الخارجية الأمريكية

ملخص

تعد دراسة السياسة الخارجية للدول من أهم وأصعب الدراسات في ميدان العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ويرجع ذلك أولا إلى أهمية السياسة الخارجية للدول في نظامها العام، وثانيا لتداخل وتصارع مجموعة من الفاعلين في صياغتها، دون أن ننسى عوامل أخرى كصعوبة دراسة المتغيرات السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية.

وتعتبر دراسة السياسة الخارجية للولايات المتحدة من بين أهم النماذج التي يهتم المتخصصون بدراستها نظرا لأهمية ومكانة الولايات المتحدة في العلاقات الدولية وكذا الشكل الخاص والفريد لصناعة القرار في سياستها الخارجية.

الكلمات المفتاحية: الولايات المتحدة، السياسة الخارجية، ترامب، الدستور، الشرق الأوسط

مقدمة

لم يكن الآباء المؤسسون للولايات المتحدة يولون اهتماما كبيرا للسياسة الخارجية. حيث دفعت تجارب الصراعات والنزاعات التي عرفتها أوروبا وكذا الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة ضد الدول الأوروبية من أجل الاستقلال إلى تقوقع الولايات المتحدة وانغلاقها على نفسها.

إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة التي نعرفها اليوم مرتبطة بشكل كبير بالتطورات التي حدثت عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تولت الولايات المتحدة مسؤولية التحكم وإدارة الشؤون الدولية منفردة باعتبارها القوة الوحيدة الباقية بعد الحرب الباردة. أمام هذا الوضع الجديد تطور نقاش فكري وسياسي داخلي حول الاتجاه والشكل الذي يجب إتباعه في السياسة الخارجية، فكانت النتيجة وضع آليات جديدة على المستوى الداخلي والخارجي للتحكم بشكل أكبر في السياسة الدولية.

لا يمكن فهم السياسية الخارجية للولايات المتحدة دون الخوض في العامل التاريخي للنشأة، فبعد تجارب الحروب والاضطهاد التي عاشها الأوروبيون في بلدانهم قبل القدوم إلى الولايات المتحدة، ترسخ لديهم فكرة بناء عالم جديد مثالي مغاير لأوروبا الحروب والصراعات، مبني بالأساس على الفكر اللبرالي في جميع مظاهره.

دفع هذا الفكر إلى بروز أيديولوجيات وسياسات مختلفة أثرت ولازالت تؤثر في السياسة الخارجية للولايات المتحدة على اختلاف وتعاقب الحكومات والرؤساء، فمن جهة دفع فكر إنشاء دولة مثالية القادة الأميركيون خصوصا في المراحل الأولى من نشأة الولايات المتحدة إلى نهج سياسة العزلة والانغلاق من أجل حماية نموذجهم من”التلوث” الخارجي، في حين ذهب آخرون إلى تبنى سياسة نشر النموذج الأمريكي في العالم من أجل تصدير الفكر الصحيح والنموذج الحضاري، الذي سينقد العالم من الحروب والتخلف ويقودهم نحو الرقي والتقدم، والذي ينتج عنه بالمقابل تطور وتقدم هذه الدول، الأمر الذي سيمكن الولايات المتحدة من التعامل دون حواجز وعراقيل مما سيساهم في الازدهار المتبادل.

اتخذ هذا الفكر بدوره شكلان مختلفان، حيث ذهب البعض إلى إتباع سياسة التدخل في الشؤون الدولية والداخلية للدول، وصلت في بعض الأحيان لاستخدام القوة، على اعتبار أن هناك دول متخلفة لن تتقبل ولن تفهم هذا النموذج، وبالتالي السبيل الوحيد للتعامل معها هو القوة والعنف.

فيما ذهب آخرون إلى نهج سياسة الحوار والأساليب السلمية، على اعتبار أنها أكثر تأثيراً وفعالية لنشر النموذج الأمريكي، بدل استعمال القوة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، الشيء الذي سيؤدي إلى احتدام النزاع والصراع والذي من شأنه أن يعود بالسلب على الولايات المتحدة.

ومع تغير المعطيات والأحداث، عرف هذان النموذجان انزلاقات وتداخلات كبيرة، أدت إلى التأرجح بين فرض الهيمنة والسيطرة من جهة، والتعاون والمساعدة من جهة أخرى.

وتبنى المفكرون والسياسيون وكذا أجهزة الدولة هذه النماذج، حيث عمل كل طرف بالدفاع على نموذج ومصالح وسياسة معينة، هذا الصراع والتنافس هما اللذان يتحكمان في مآل السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

ولضبط هذه اللعبة وضع الدستور الأمريكي قواعد عامة مرنة عقَّدت من هذا الصراع، وصعَّبت المسألة حتى على صناع القرار أنفسهم.

في إطار هذه الاعتبارات تأتي دارسة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، في فترة حكم الرئيس رونالد ترامب (2016-2018)، وذلك عبر دراسة صناعة القرار في السياسة الخارجية الأمريكية من خلال الدستور الأمريكي أولا، وثانيا عبر دراسة وتحليل هذه السياسة على أرض الواقع.

أولا: السياسة الخارجية للولايات المتحدة على ضوء الدستور

1. تقسيم السلطات في الدستوري الأمريكي

يتميز النموذج الأمريكي بالفصل الصارم بين السلطات، الأمر الذي حتم إنشاء آليات لاتخاذ القرارات بالتشارك والمراقبة المتبادلة، فلم تكن السياسة الخارجية استثناء في هذا النظام، بل بالعكس من ذلك، تعتبر أكبر مثال على هذا النموذج. ثم إن دستور الولايات المتحدة لا يحتوي على تنظيم كامل للسياسة الخارجية، الأمر الذي دفع المحكمة العليا للاجتهاد من أجل تطوير القوانين لتوضيح دور كل سلطة من السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ويتميز تقسيم السلطات أو ما يسمى بالهندسة الدستورية في الولايات المتحدة بالفصل الصارم بين السلطات، حيث أننا لا نجد في النموذج الأمريكي ضوابط مثل حجب الثقة الذي يمارسه البرلمان على مجلس الوزراء، وأن هذا الأخير يسيطر على عمل البرلمان وكذلك على سلطة رئيس الوزراء في حال دعا هذا الأخير إلى حل البرلمان بغرفتيه.

أما بالنسبة للعلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، فان رئيس الدولة يتمتع بنفس الشرعية السياسية مثل الكونجرس، حيث يتم تعيينه مباشرة من قبل الشعب، نفس الشيء بالنسبة لأعضاء الكونغرس، وهذا الترشيح الشعبي للرئيس يمنحه امتيازات استثنائية وسلطة أخلاقية على المواطنين.

ويتميز النموذج الدستوري الأمريكي بوجود عنصر فريد ميز هذا النظم منذ نشأته، وهو الخوف من تجاوزات السلطة التشريعية. ولتفادي هذا الإشكال حاول الثوار الأمريكيون وخاصة الآباء المؤسسون تطوير نظام دستوري يمنع تجاوزات البرلمان.[1]

إن المعادلة التي وضعها النظام الأمريكي لحل الصراعات بين السلطات تعتمد على مجموعة من الضوابط والتوازنات، حيث تفترض هذه العملية وجود أكثر من أداة لحل التضارب بين سلطات الدولة، أبرزها اعتماد الإدارة المشتركة لأكثر من سلطة من السلطات الثلاث خصوصا فيما يتعلق بالقرارات السياسية الرئيسية، إن كانت تخص السياسة الداخلية أو الخارجية.

ولهذا الغرض يتم إنشاء إطار للحوار والتفاوض بين السلطات للوصول إلى القرار النهائي. هذا النظام لم يتم تطويره بشكل كامل وواضح في الدستور، ولكن تم تطويره خطوة بخطوة أمام الحاجة إلى إيجاد حلول لحالات محددة والتي تعذر على الدستور حلها، وعلى أي حال فإن هذه الصيغة من الضوابط والتوازنات توجب الكونغرس على احترام نص الدستور وقرارات المحكمة العليا التي لها قرار الفصل.

إضافة إلى هذه الآليات، نجد في النظام الدستوري الأمريكي العديد من الأمثلة الأخرى حول هذه الضوابط والتوازنات، حددها الدستور الأمريكي في ستة فئات معتمدا على من يمارس الرقابة:

أ) مراقبة السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية: للسلطة الرئاسية حق نقض عمل الكونغرس وكذلك حق التوصية بمراجعة القوانين والموافقة عليها.

ب) مراقبة السلطة التنفيذية للقضاء: وذلك عبر ترشيح الرئيس لأعضاء المحكمة العليا وأيضا العفو الرئاسي.

(ج) مراقبة السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية: غلبة الفيتو الرئاسي على قرار الكونغرس، سلطة التصديق على الاتفاقات الدولية التي تفاوض عليها الرئيس، وسلطة مراقبة التعيينات الرئاسية لكبار المسئولين مثل أعضاء مجلس النواب، المحكمة العليا، وزراء الخارجية، السفراء، إلخ.

د) مراقبة السلطة التشريعية للقضاء: عزل أعضاء المحكمة العليا وسلطة اقتراح التعديلات الدستورية لإنقاذ عدم دستورية القوانين.

ه) مراقبة القضاء للسلطة التشريعية: سلطة المراجعة الدستورية لقوانين الكونغرس.

و) مراقبة القضاء للسلطة التنفيذية: سلطة المراجعة القضائية لقرار الرئيس.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآليات وضعت لمنع وتفادي وقوع صراع بين السلطات، وليس لحل الصراع. وفي هذا الإطار فإن الإشكال المطروح يتمظهر في حال وقوع صراع بين هذه السلطات، ما هو الحل القانوني المعتمد؟ وهناك أمثلة كثيرة ومختلفة حسب اختلاف المجالات السياسية الداخلية والخارجية، إلا أنه في غالب الأحيان، يكمن الحل في انتظار الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية المقبلة .[2]

2.السياسة الخارجية في الدستور الأمريكي

تمثل السياسة الخارجية للولايات المتحدة مثالاً نموذجياً للعلاقة المعقدة بين السلطات الثلاثة، حيث يرى إدوارد كوروين: “إن الأحكام الدستورية المتعلقة بالسياسية الخارجية الأمريكية ” هي دعوة للنضال من أجل نيل امتياز توجيه السياسة الخارجية الأمريكية”.[3]

الأمر الذي يضعنا إذن أمام سياسة غير واضحة المعالم تخضع لضوابط وتوازنات عديدة يتمتع فيها الرئيس بحرية وأولوية.

ويتضمن الدستور الأمريكي بعض المواد حول السياسة الخارجية ولكنها قليلة وغير مفصلة. السؤال المطروح في هذا الصدد، هو لماذا لم يهتم المشرع الأمريكي بهذا المجال رغم أهميته بالنسبة لأي دولة.

عرفت المراحل الأولي بعد استقلال الولايات المتحدة تهميشا للسياسة الخارجية، حيث لم يولي الآباء المؤسسون اهتماما لهذا الجانب، وكان التوجه العام للسياسة الخارجية منحصرا في إطار العلاقات التجارية. فقد منح الدستور الأمريكي صلاحيات خاصة للبرلمان في إدارة السياسة الخارجية أكثر من الأنظمة الدولية الأخرى، فموجب المادة الأولي من الدستور يستحوذ البرلمان على سلطة تنظيم التجارة مع الدول الأجنبية، تحديد ومعاقبة القرصنة وغيرها من الجرائم الخطيرة المرتكبة في أعالي البحار وانتهاكات القانون الدولي، إعلان الحرب، سن القوانين للحفاظ على الجيش، تخصيص الأموال للعمليات العسكرية، المصادقة على الاتفاقيات الدولية، والمصادقة على تعيين السفراء.

في مقابل ذلك تعتبر سلطة رئيس الدولة محدودة للغاية مقارنة مع الكونغرس، فإلى جانب وضع الرئيس المتمثل في القائد الأعلى للجيش، تنص المادة 2 من الدستور كذلك على منح الرئيس سلطة توقيع المعاهدات الدولية وتعيين السفراء بدعم ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، فيما تكمل المادة الثالثة من الدستور المادتين السابقتين حول السياسة الخارجية، وذلك بمنح المحكمة العليا سلطة البث في مجالات متعددة كشؤون الهجرة وشؤون الدولة المتعلقة بالدول الأجنبية وغيرها من المجالات الأخرى [4].

يبدو واضحا على المستوى النظري، أن صلاحيات الكونغرس في السياسة الخارجية أكثر أهمية من صلاحيات الرئيس. علاوة على ذلك، أن السلطة التي منحها الدستور للرئيس تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. بالإضافة الى ذلك يعتبر الدستور بهذا الخصوص غير واضح بالشكل الكافي بالنسبة للسياسة الخارجية وغير منسجم مع تحديات الدولة على أرض الواقع. هذا الخلط في المهام والغموض في التنظيم المنهجي، خوَّل لرئيس الدولة -من خلال تأويل النصوص – توسيع سلطه على حساب الكونغرس.

ومن جانب آخر، إذا رجعنا إلى تفاسير المحكمة العليا بشأن السياسية الخارجية، فان الصلاحيات التي لا تنسب بوضوح إلى أي من القوى الثلاث، يمكن فهمها على أنها سلطة ضمنية تسند إلى الرئيس لممارسة بذلك مهامه كقائد عام، يمكن أن تشمل أيضا مراقبته للقوانين التي يقرها الكونغرس لكي يتم تنفيذها بالشكل الصحيح. وبهذا يمكن القول بأن النموذج الدستوري الأمريكي يخول للرئيس ممارسة سلطات تتجاوز ما هو منصوص عليه في النص الدستوري، إذا كانت السلطات المذكورة ضرورية لتنفيذ السلطات الأخرى المنسوبة إليه في الدستور، مثل السلطات التي أشرنا إليها سابقا، من خلال هذه الصلاحيات الضمنية يتولى الرئيس الأمريكي دور قيادي في السياسة الخارجية.

وقد عقدت أحكام المحكمة العليا من هذه الإشكالية حيث خلقت قراراتها إطارا قانونيا غير واضح وغير منسجم لتوزيع السلطات. فمثلا تتجلى المساندة الدستورية للرئيس بوضوح في الحكم التالي الذي أصدرته المحكمة العليا سنة 1952 حول مصانع الصلب، إذ أقرت المحكمة أن “الرئيس يمتلك السلطة الكاملة والحصرية في السياسة الخارجية”، وهي سلطة لا تتطلب أساسًا إصدار قرار من الكونغرس[5].

كما سمحت المحكمة للرئيس في نازلة أخرى بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية أو مع دول أخرى دون الحاجة إلى دعم من مجلس الشيوخ.

في المقابل، عملت المحكمة العليا على صياغة سياسة موازية متيحة للسلط الأخرى هامش واسع لاتخاذ القرارات، ففي نازلة أخرى أقرت المحكمة على أنه على الرئيس أن يتصرف دائماً وفقا لإرادة الكونغرس، الأمر الذي جعله يتضارب مع الأحكام السابقة.

وجاء في حكم بيكر 19 يناير1982 أن “السياسة الخارجية لحكومتنا يوليها الدستور إلى السلطة التنفيذية والتشريعية، ولا يخضع للسلطة القضائية إن كان استفسار أو قراراً”[6].

هذان الخطان الفقهيان المتضاربان يُعقَّدان الإطار التنظيمي العام، بحيث أن المحكمة العليا تنص أحيانا على مبدأ الاستناد على السلطات الضمنية، وفي حالات أخرى تأكد على مبدأ المشارك في القرارات بين السلطة التنفيذية والتشريعية.

3. صراع الصلاحيات على أرض الواقع

بعيدا عن ما ينص عليه الدستور وعن تفسيرات وقرارات المحكمة العليا، ففي أرض الواقع الأمر أكثر تعقيدا وصعوبة. فبخلاف ما هو معروف على مستوى العالم، فإن وزارة الخارجية في الولايات المتحدة ليست هي الفاعل الوحيد في صناعة السياسة الخارجية للدولة. ويعتبر هذا النموذج المتعدد الأقطاب نتاج التفاعل الدائم بين المؤسسات الحكومية وكذا الخاصة أو غير الحكومية. الأمر الذي يعطي انطباعاً عن أن جهاز السياسة الخارجية الأمريكية غير منسجم وعشوائي، ففي بعض الأحيان يصعب تفسير ما هو دور كل فاعل، وكيف يتم اتخاذ القرار وكيف يتم التوافق بين هاته القوى.

في النظام أو الفكر الأمريكي يعتبر تداخل السلطات بين الرئيس والكونغرس أمراً أساسياً للغاية، حيث أن الوجود الرمزي لرئيسين للجهاز التنفيذي سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية يهدف إلى خلق توازن للقوى. فنجد أن كل قوة لديها قوة مضادة يتم فرضها بموجب الدستور. هذا التفاعل يضمن عدم سيطرة جهة ما على الأخرى.

ويقوم النظام السياسي الأمريكي في السياسة الخارجية على مفارقة، وهي وجود سلطة تنفيذية قوية وسلطة تشريعية قوية. حيث ترتبط هذه الخصوصية بطبيعة النظام الأمريكي الذي هو نظام لا برلماني ولا رئاسي، ولكن هو نظام مبني على التوازن وفصل السلطات. ولقد توطد هذا الشكل أكثر مع نهاية الحرب الباردة في الوقت الذي بدأ الكونغرس بلعب دور أكبر في السياسة الخارجية خصوصا بعد هجمات سبتمبر 2001.

تعتمد العلاقات بين القوتين على تفاعلات المدى القصير، ففي كثير من الأحيان لا تتوافق الأغلبية في غرفتي الكونغرس ولا تتفقان مع الأغلبية الرئاسية. فعندما تنقسم الحكومة تكون النزاعات أكثر اشتعالا بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية.

وعلى أثر ذلك تمكن بعض الرؤساء من التفاهم وخلق انسجام مع الكونجرس رغم الاختلافات. ومن أجل مواكبة التحديات الجيوستراتجية المتزايدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أصدر الرئيس ترومان سنة 1947 قانون الأمن الوطني الذي تم بموجبه إنشاء مجموعة من المؤسسات تساهم بدورها في صناعة القرار وتنفيذه، وقد لعب هذا الجهاز دوراً نصائحياً وتنسيقياً وأحياناً تحريضياً فيما يتعلق بموضوعات السياسة الخارجية والأمن القومي.

يتدخل في صناعة القرار في السياسة الخارجية الأمريكية مجموعة من الفاعلين نجد أبرزهم الكونغرس، القوات المسلحة، وكالة المخابرات المركزية، وكالة الأمن القومي، وزارة الخارجية، وقطاعات من الإدارات الحكومية الأخرى. وعلى أرض الواقع يسيطر على هذه المؤسسات مهنيون من ذوي الخبرة الذين شهدوا العديد من الرؤساء. حيث يتولى مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض مسؤولية تنسيق هذا التجمع الذي يعرف في كثير من الأحيان تضارب المصالح بسبب احتلال النظام من قبل أفراد ذوي قوة كبيرة أو جماعات ضغط خارج الحكومة.

يعتبر الكونجرس الأمريكي لاعباً رئيسياً في السياسة الخارجية الأمريكية. فكما رأينا سابقا، يحتفظ الجهاز التنفيذي بمكانة بارزة، ويبقى الرئيس هو قائد الجيوش والفاعل الرئيسي للدبلوماسية. لكن في المقابل لا يوجد بلد آخر يتمتع فيه الجهاز التشريعي بنفس الدور الذي يقوم به الكونغرس الأمريكي، كما لا يوجد بلد آخر مثل الولايات المتحدة يترك فيه للمجتمع المدني مجالاً للتأثير في عملية صنع القرار كاللوبيات، والرأي العام، ووسائل الإعلام، ومراكز الفكر والمنظمات غير الحكومية والشركات الكبرى. ويعمل هؤلاء الفاعلون بالتأثير على العملية السياسية من خلال العمل والضغط على الكونغرس.

إن أغلب القرارات في السياسة الخارجية الأمريكية تتخذها ثمانية لجان في الكونغرس، وهي لجان الشؤون الخارجية، ولجان القوات المسلحة، ولجان الاعتماد ولجان المخابرات من كل غرفة. وأعضاء هذه اللجان، وخاصة الأعضاء الأكثر أهمية كالرئيس وكبار الأعضاء هم الذين لديهم القدرة على صياغة التشريعات وبناء التحالفات، كل من هذه اللجان تشارك في تفاصيل السياسة الخارجية، ولا تتردد في تحدي السلطة التنفيذية.

ويتجلى التطور الأبرز الذي عرفته هذه اللجان في التداخل في اختصاصات بعضها البعض، فعلى سبيل المثال، أصبحت لجان القوات العسكرية ولجان الاعتماد تنافس لجان الشؤون الخارجية في عملها. ففي غضون بضعة عقود، أصبحت لجان القوات المسلحة تمارس دورا أكثر أهمية من لجان السياسة الخارجية، ويعزى سبب هذا التحول إلى تغير السياسة الخارجية للولايات المتحدة التي أصبحت بعد هجمات سبتمبر 2001 تركز أكثر على الجانب العسكري، في حين فقدت لجان السياسة الخارجية دورها المهم التي كانت تمارسه سابقا، وهذا يرجع بالأساس لمجموعة من الأسباب، أهمها التحول في طبيعة السياسة الخارجية، حيث أصبحت المعاهدات والاتفاقيات الدولية تلعب دوراً ضعيفاً، وتراجعت المساعدات الخارجية بشكل كبير.

وتظهر عوامل سياسية أخرى تؤثر على العلاقات بين البيت الأبيض والكونغرس والتي تكمن في شعبية الرئيس، فبشكل عام، كل رئيس يأتي إلى الحكم بأفكار وسياسة مختلفة، ويعتمد في ذلك بالأساس على علاقاته الشخصية التي بناها من قبل عندما كان عضوا في الكونغرس أو عضوا في مؤسسة أخرى، أو حتى إذا كان رجل أعمال مهم وذي نفوذ.

هذا الأمر يخول له إنشاء علاقة تفاهم وتأثير كبيرين مع الكونغرس وباقي المؤسسات وكذا اللوبيات، ويصبح بذلك أكثر سيطرة على السياسة الخارجية ليملي توجهه العام الذي يخدم في الأساس أجندات سياسية لفاعل معين كاللوبيات على سبيل المثال. لكن فقدان الشعبية مع الوقت يؤدي إلى فقدان النفوذ، مما ينعكس سلبا على مخططات الرئيس، عندها تصبح زمام الأمور في يد الكونغرس ويصبح الرئيس مجرد أداة. فعند اقتراب نهاية حكم كل رئيس يحاول هذا الأخير ترك بصمته من خلال تمرير سياسات معينة استفحلت عليه عند بداية فترة ولايته. هذا الأمر يفسر بتنامي نفوذ الرئيس وتنامي تأييد الرأي العام، فعلى سبيل المثال شهدنا محاولة رؤساء على المصادقة على اتفاقيات دولية، الدخول في حرب أو تأييد لحليف، الخ.

و كما هو الحال في جميع الدول الغربية الأخرى، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية شهد جهاز السلطة التنفيذية الأمريكي للولايات المتحدة زيادة في مساحة تحديد السياسات الخارجية والدفاعية. وقد تم التأكيد على هذا الاتجاه في الولايات المتحدة مع إنشاء مجلس الأمن القومي والذي أعطى للرئيس “مكتب تنفيذي” يعتمد عليه للإشراف على جميع السياسات الأمنية وتنسيقها على المستوى الوطني.

ويستند الرئيس الأمريكي في قراراته على محيطه، ويمكن الحديث في هذا الصدد على مجموعتين من الفاعلين المؤثرين. فمن جهة نجد وزير الخارجية، مسئولون في وزارة الخارجية، سياسيون وكذلك مراكز الأبحاث المختصة. في غالبية الأحيان يتمحور دور هؤلاء في الضغط على المؤسسات والأجهزة المعنية من أجل إعطاء الأولوية للدبلوماسية المبنية على التفاوض. في المقابل يتكون الطرف الأخر من الفاعلين من وزير الدفاع، أعضاء من وزارة الدفاع وسياسيون. حيث يذهب هؤلاء في غالبية الأحيان إلى الأخذ بالحلول العسكرية والصارمة.

تشهد السياسة الخارجية الأمريكية صراعا بين هذين القطبين حيث يعمل كل طرف على محاولة الاستحواذ والسيطرة على الآخر. وكان لوزراء الخارجية مع ترومان وآيزنهاور دور مهم، فقد شغل كل من دين أتشيسون ولاحقاً جون فوستر دالاس منصب نائب للرئيس في السياسة الخارجية، بعد ذلك تولى مستشارو الأمن القومي على غرار ماكجورج بوندي مع كينيدي، وجونسون ثم كيسنجر مع نيكسون وبريزينسكي مع كارتر السيطرة على السياسة الخارجية. وقد تبع ذلك تغييرا مذهلا بسبب قدوم وزراء خارجية أقوياء كشولتز مع ريغان وبيكر مع بوش الأول، ومادلين أولبرايت مع كلينتون، وكولن باول وكوندليزا رايس مع بوش الابن، وجون كيري وهيلاري كلينتون مع اوباما.

وقبل عرض قرار ما على الكونغرس يعمل الرئيس على التفاوض أو محاولة إقناع أجهزة الدولة للسلطة التنفيذية كمجلس الأمن القومي، وزارة الخارجية، وزارة الدفاع، وزارة التجارة والمخابرات. وبهذا الخصوص يستعمل الرؤساء لهذا الغرض مختلف الطرق التي تصل حتى التفاوض مع موظفو هذه المؤسسات حول المصالح والطموحات الشخصية، وفي غالبية الأمر يُولي الرئيس اهتماماً كبيراً لمجلس الأمن القومي بصفته الجهاز المنسق بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع وباقي الأجهزة، ويتجلى الدور الجوهري لهذا الجهاز في الموازنة بين الصراعات الحزبية داخل الدولة من أجل تغليب المصلحة الأمنية.

ثانيا: إدارة ترامب والسياسة الخارجية الأمريكية

جاء دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية وهو يحمل توجهاً معروفاً باسم “أمريكا أولاً”. ويمكن اعتبار السياسة الخارجية لدونالد ترامب هي عودة للأصل وتصحيح لسياسة الرئيس الأسبق باراك اوباما الذي نهج في السنوات الأخيرة من فترة رئاسته مجموعة من التنازلات، المصالحة والانفتاح. ولقد خلفت خطابات وقرارات ترامب صدمة لدى المدافعين على السياسة الخارجية المبنية على دبلوماسية القوة الناعمة والتعاون الدولي. فمنذ بداية فترة رئاسته، دخل ترامب في صراعات مع الجميع سواء معارضيه أو أعضاء إدارته بالبيت الأبيض.

وتمكن دونالد ترامب من التحكم في زمام الأمور أكثر من رؤساء آخرين، ففي مدة قصيرة استطاع ترامب اتخاذ مجموعة من القرارات المهمة في السياسة الخارجية التي صعب على الرؤساء الآخرون تمريرها.

وتصف الأوساط السياسية والإعلامية ترامب بأنه شخصية “غير تقليدية” ومختلف على رؤساء الولايات المتحدة السابقين. وترجع أسباب هذا الوصف وهذا الاختلاف بالأساس إلى نظرته للأشياء التي يعبر عنها بطريقة يغلب عليها طابع العفوية والغرابة في خطاباته. وكأي رئيس دولة في العالم كان رؤساء الولايات المتحدة يختارون كلماتهم بدقة شديدة وذلك من أجل أن يحافظوا على مصداقية القوة الكبرى في العالم حتى في طريقة وأسلوب الخطاب.

في حين تعطي خطابات ترامب انطباع أن الرئيس الجديد للولايات المتحدة لا تعني له الكلمات الشيء الكبير، فهو يمكن أن يهاجم بحدة ويتراجع بعد ذلك، كما ينتقد الشيء ويفعل عكسه. فمثلا خلال حملته الانتخابية هاجم ترامب المملكة العربية السعودية واتهمها أنها “تريد قتل المثليين واستعباد النساء”، لكن بعد ذلك رأينا أنه جعل من المملكة العربية السعودية وجهته الأولى في الخارج بعد توليه الرئاسة.

وكان ترامب قد هاجم أيضا حلف الشمال الأطلسي، حيث قال انه عفا عليه الزمن ومن ثم صرح بغير ذلك. وهاجم ترامب أيضا الصين حيث صرح أنها تتلاعب بالعملة و” تغتصب ” بفعلها هذا الولايات المتحدة وتراجع عن هذا التصريح بعد ذلك. كما هدد ترامب أيضا كوريا الشمالية بتحويلها إلى جحيم لكن انتهى به المطاف إلى الترحيب بعقد اجتماع مع الرئيس الكوري الشمالي.

حسب دراسة أنجزتها سارة جيلارد[7] حول الخطابات السياسية لدونالد ترامب فإن هذا الأخير يستعمل لغة سهلة وواضحة، كما أن أسلوبه الخطابي مباشر وجمله غير مركبة، وحتى طريقته تثير الخوف الكامن في كل إنسان. ففي غالب الأحيان ينهي ترامب خطابته بكلمات مفتاحيه كالموت، الخطر، سيء، وهذا من أجل أن يحتفظ المتلقي في ذهنه بهذه الكلمات كآخر شيء سمعه.

وترى أن ترامب محاور ذكي، وإذا كان لا يحيط علماً بالشكل الكافي بالمواضيع التي يتكلم عنها، فإن هذا ليس مشكلة لأن أسلوبه يعطي انطباعاً على أنه يقول الحقيقة ويجرؤ على قول ما يفكر فيه الآخرون في صمت. هذا الأمر يشفع له ويميزه على الرؤساء السابقين.

ثم إن أسلوب الإهانة، العنف، والتصريحات الصادمة هي سياسة تجعل منه محط أنظار وسائل الإعلام وتضمن وجوده باستمرار فيها، الشيء الذي يمكن الولايات المتحدة كذلك من أن تحافظ على مكانتها كموضوع أساسي أيضا في وسائل الإعلام. إذن هو أسلوب يهدف إلى إرجاع أو ترسيخ قيمة ومكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، وربط هذا التواجد بمفاهيم الخوف، القوة الخطر.

فمن خلال خطاباته يظهر أن ترامب يتبع أسلوب جديد في إدارة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهو أسلوب غير تقليدي شعاره “لا شيء ثابت، الكل متغير”. هذه السياسة يستهدف بها ترامب إبراز قوة ومكانة الولايات المتحدة على مستوى العالم وإبراز أنها قادرة أن تقلب الموازين وتغير الثوابت.

فقد ذهب ترامب إلى حد التراجع على اتفاقيات دولية لطالما دافعت الولايات المتحدة عنها، كالاتفاقية الدولية حول التغيرات المناخية، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، معاهدة الشراكة الاقتصادية العابرة للمحيط الهادئ، اتفاقية حظر استخدام الصواريخ الباليستية مع روسيا، وقف تمويل وكالة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، الاتفاق مع حكومة “هافانا” الكوبية والبرنامج النووي الإيراني، على اعتبار أن هذه المعاهدات والاتفاقيات لا تخدم مصالح الولايات المتحدة[8].

ودفعت خطابات ترامب العنيفة والحادة إضافة إلى قربه الواضح من اليمين المتطرف، وربط العديد من المراقبين سياسيه بنظريات المفكر الأمريكي صموئيل هنتنغتون الذي يحظى بتقدير كبير من قبل الحركات القومية العرقية، ففي نظريته حول “صراع الحضارات” يعتقد هذا الأخير أن احتمال وقوع نزاعات وصراعات يكون ممكنا أكثر بين الدول التي تنتمي إلى “حضارات” مختلفة، لذلك فإن السياسة الخارجية الأمريكية القائمة على منظور حضاري ستكون أكثر عدوانية تجاه البلدان التي لا تنتمي إلى الحضارة الغربية أو التي لا تولي أهمية قصوى لمفاهيم مثل الديمقراطية والحرية الفردية.

كما تطرق هنتنغتون في النظرية الثانية في كتابه “من نحن؟ الهوية الوطنية وصراع الثقافات” إلى التأكيد أن الولايات المتحدة مهددة من قبل المهاجرين من أصل لاتيني والذين يرفضون الاستيعاب ويرفضون التراث الثقافي الأنكلوساكسوني وقيم الدين البروتستانتي. نحن إذن أمام نظريتان إقصائيتين تتوافقان مع الفكر الذي يروج له ترامب.[9]

(أ) السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط

في مقابل السياسة التصالحية مع العالم العربي والإسلامي للرئيس أوباما والتي عرضها في خطاب القاهرة في يونيو2009 [10]، أثار انتخاب دونالد ترامب تخوفا كبيرا لدى الدول المسلمة والمسلمين في أمريكا بصفة عامة بسبب تصريحاته المعادية للمسلمين. فبعد العملية الإرهابية في منطقة سان برناردينو بولاية كاليفورنيا والتي راح ضحيتها 14 قتيلا والتي نسبت لتنظيم داعش[11]، أعلن ترامب آنذاك عندما كان مرشحاً إلى الرئاسة عن رغبته في “التوقف التام والكامل عن السماح بدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة”.[12]

وبعد أقل من أسبوع على تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، وقع دونالد ترامب مرسومًا رئاسيًا يمنع دخول الولايات المتحدة أشخاص من سبع دول ذات غالبية مسلمة هم : إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن. وسمح مرسوم ترامب الأصلي بدخول فقط السوريين المسيحيين إلى الولايات المتحدة على اعتبارهم “أقلية دينية مضطهدة”. وبالمقابل من ذلك اعتبرت المحاكم الفيدرالية هذا المرسوم على أنه عنصري وبالتالي غير دستوري، الشيء الذي حتم على حكومة ترامب إعادة النظر فيه مرتين ليسمح بدخول أقليات أخرى كذلك من كوريا الشمالية وفنزويلا.[13]

هذه السياسة العدائية لم تستمر طويلا، حيث أعلنت زيارة ترامب للمملكة العربية السعودية والخطاب الذي ألقاه في 21 مايو / أيار 2017 في الرياض عن عودة السياسة الخارجية للولايات المتحدة للبراغماتية. كما أشرنا سابقا تغيير ترامب لمواقفه يأتي في إطار استمرار العلاقات الجيدة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وفي خطبة غلب عليها طابع الشكر والامتنان للبلد المضيف، هاجم ترامب الإرهاب ولم يربطه هذه المرة بالإسلام كما فعل من قبل في خطاباته، وأشار إلى أن “أكثر من 95٪ من ضحايا الإرهاب هم مسلمون. واعتبر كل من تنظيم داعش، حركة حماس، حزب الله والقاعدة جماعات إرهابية، وصرح أيضا على أن الحرب على الإرهاب هي حرب ضد الهمجية التي تستهدف البشرية جمعاء وانه على المسلمين أن يحاربوا هذا النوع من التطرف.[14]

أظهر خطاب الرياض نية الولايات المتحدة تأكيد التحالف مع قوة إقليمية في الشرق الأوسط، فاختيار المملكة العربية السعودية هو اختيار كلاسيكي على اعتبار أنها حليف قديم للولايات المتحدة، وأن البلدان مرتبطان باتفاقية كوينسي التي توفر حماية أمنية للمملكة العربية السعودية[15]، وأن هذه الأخيرة زبون أساسي لشركات الأسلحة الأمريكية، وحليف في محاربة الإرهاب في المنطقة، وقوة إقليمية لها دور بارز في مجموعة من النزاعات والصراعات في المنطقة.

في المقابل، وعلى الرغم من لقاء دونالد ترامب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس إلا أنه سرعان ما عاد ترامب إلى السياسة الأمريكية المؤيدة لإسرائيل. فجاء انسحابه من منظمة اليونسكو في أكتوبر / تشرين الأول 2017 بسبب التوجه “المعادي لهذه الأخيرة لإسرائيل” تأكيدا للدعم الأمريكي اللامشروط لإسرائيل، ليعترف بعد ذلك في خطوة غير مسبوقة بالقدس كعاصمة للدولة العبرية في ديسمبر من نفس العام. ومنذ بداية عام 2018، بدأ ترامب والولايات المتحدة محاربة وإعاقة المساعدات المالية للفلسطينيين لدفعهم للتفاوض مع إسرائيل.

وعلى خلاف ما كان متوقعا، جاءت سياسة ترامب تجاه الصراع في سوريا أكثر حذرا. فرغم الجرائم الذي ارتكبها نظام بشار الأسد وعلى الرغم من احتدام الصراع السوري لسنوات، إلا أن ترامب لم يدفع الولايات المتحدة إلى التدخل كما فعل جورج بوش في العراق.

التدخل الوحيد للولايات المتحدة في هذا الصراع كان ضد المنشآت الكيماوية السورية بالتشارك مع حلف دولي ودون امتناع روسيا حليفة بشار الأسد. منذ ذلك الوقت لم تتحرك القوات العسكرية للولايات المتحدة، ولقد أبانت هذه المواقف على أن الولايات المتحدة لا تهتم بالإطاحة ببشار الأسد، ولكن تتبع إستراتيجية حذرة مبنية على انتظار تطور الأحداث مستفيدة من علاقة التفاوض والضغط التي تمارسها مع جميع الأطراف في هذا الصراع.

فيما يخص ملف البرنامج النووي الإيراني جاء قرار دونالد ترامب بسحب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية مع إيران تأكيدا على التوجه العام للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه هذه القضية. وكان هذا القرار يهدف إلى تصحيح الموقف الأمريكي الذي يعتبر في نظر أغلبية الكونغرس خطاً أحمر. والمثير في هذا الأمر، ليس قرار ترامب بالرجوع عن هذا الاتفاق، ولكن الغريب هو موافقة الرئيس الأسبق اوباما على توقيعه، لأن الاتفاقية تخدم المصالح الإستراتيجية لإيران وحليفها روسيا أكثر من أي شيء آخر.

وتعزى موافقة أوباما إلى محاولته نهج سياسة جديدة في أواخر فترته الرئاسية ليترك بذلك بصمة في تاريخه وتاريخ حزبه. وجاءت سياسة الانفتاح والمصالحة مع العالم محاولة من الخارجية الأمريكية لتجريب إستراتيجية بديلة لجس النبض ومحاولة مد جسور جديدة للتعاون في مختلف القضايا الدولية. ولم ينص الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني على بنود لوقفه نهائيا ولم ينص على منع إيران من التسلح ولا على إرغامها على التعاون مع المنظمة الدولية للطاقة الذرية وذلك بالسماح للمراقبين الدوليين بزيارة جميع منشآت البرنامج النووي.

ولكن هذه اتفاقية كان هدفها تأخير البرنامج النووي الإيراني وإعطاء ضمانات جديدة للولايات المتحدة، التي استغلت هذه الورقة من أجل التفاوض مع إيران وروسيا حول وضع المنطقة والمصالح المشتركة لهذه الدول. ومن هنا نستنتج أن تراجع ترامب في هذه القضية لا يعتبر نهج سياسة خارجية جديدة ولكنه عودة إلى الموقف الرسمي.

(ب) السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المكسيك وفنزويلا

كان اقتراح بناء جدار عازل على الحدود الأمريكية المكسيكية هو المسألة الأكثر شهرة في حملة ترامب الانتخابية للرئاسة. فحسب تصريحات ترامب يجب القضاء على الهجرة غير الشرعية المسئولة حسب تقدير ترامب عن ارتفاع نسبة الجريمة في الولايات المتحدة، وكان ترامب قد طلب من الكونغرس سابقا تمويلًا بقيمة 18 مليار دولار لبناء هذا الجدار العازل، وقام الرئيس بزيارة إلى كاليفورنيا لتفقد ثمانية نماذج لبناء الجدار، لكن الصعوبات لا تزال قائمة. لأن تمويل هذا المشروع صعب للغاية كونه يتطلب إمكانيات وميزانية كبيرة، هذا الأمر دفع نواب الحزب الديمقراطي في الكونجرس التردد في التصويت على الميزانية اللازمة الشيء الذي يجعل الموضوع معقدا وغير مؤكد.

منذ تولى ترامب الرئاسة والعلاقات بين البلدين متوترة، فبالإضافة إلى المطالبة بالجدار العازل دفع ترامب الولايات المتحدة إلى إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، حيث يعتبر ترامب أن العجز التجاري بين الولايات المتحدة والمكسيك مفرط. ووصف ترامب هذه الاتفاقية ب”الكارثة” وأنها “أسوأ اتفاقية تجارية ربما وقعت” من قبل الولايات المتحدة. إستراتيجية ترامب هذه تأتي للضغط على المكسيك من أجل منح امتيازات أكبر للشركات الصناعية الأمريكية في معاملاتها مع المكسيك.[16]

من جهة أخرى تعتبر سياسة ترامب تجاه فنزويلا، كوبا ونيكاراغوا تأكيدا على الموقف الرسمي الأمريكي المعادي لهذه الدول. ففي نظر الولايات المتحدة فان أنظمة هذه الدول ديكتاتورية. وتربط الولايات المتحدة هذا الانتقاد دائما بالنظام الاشتراكي الذي يزيد من معاناة شعوب هذه الدول.

كما أن سياسات هذه الدول تشكل عائق كبير لمصالح الولايات المتحدة في هذه المنطقة لصالح دول أخرى بعيدة جغرافيا كروسيا، الصين ومؤخرا وتركيا. هذا الوضع يشكل نقطة ضعف الولايات المتحدة التي لا تستطيع السيطرة بالشكل الكافي على محيطها.

وفي نفس الوقت، فرغم الانتقادات الموجهة من هذه الدول ضد تدخل الولايات المتحدة في شؤونها الداخلية، إلا أنها تربطها مع الولايات المتحدة علاقات تجارية؛ فعلى سبيل المثال تعتبر الولايات المتحدة زبونا مهما لفنزويلا. حيث تصدر هذه الأخيرة بترولها بسعر خاص ومن أجل ضمان عدم التدخل في مصالح نظامها الداخلي. إلا أن المشكلة لدى هذه الدول ولأسباب تاريخية تتعلق بشرعية أنظمتها المبنية على النظام الاشتراكي المدعوم من طرف روسيا والصين، الأمر الذي يجعلها دائما متخوفة من تدخل الولايات المتحدة التي لن تردد بالإطاحة بهذه الأنظمة إذا ما سمحت الفرصة.

(ج) السياسة الخارجية الأمريكية تجاه أسيا

استحوذت قضية كوريا الشمالية على خطابات ترامب وتم تسويقها بشكل مبالغ فيه، فبين التهديد بالتدخل العسكري والدعوة لإجراء مفاوضات حول البرنامج النووي الكوري الشمالي لم يتغير شيء في القضية ولم نشهد أي تحرك على أرض الواقع. وعليه فان موقف الولايات المتحدة في هذه القضية ثابت وواضح، فمن جهة لا تريد الولايات المتحدة وجود دولة نووية في المنطقة يحكمها دكتاتور وموالية للصين، ومن جهة أخرى فإن الولايات المتحدة على يقين أن النظام في كوريا الشمالية لا يهدف إلى ضرب المصالح الأمريكية في المنطقة ولا التقرب للصين ولكن الهدف الوحيد والأوحد بالنسبة لنظام كيم جون أول هو ضمان بقائه. ثم إن التهديدات الكورية الشمالية للولايات المتحدة ما هي إلا أداة ضغط للاستفادة من المساعدة المادية وضمان عدم تدخل الولايات المتحدة في النظام.

إن الأسلوب المتبع من طرف الولايات المتحدة تجاه هذه المنطقة لم يفاجئ الصين، كونها تعرف بدورها أن القضية قضية صراع حول المصالح الاقتصادية، وأن التدخل العسكري الأمريكي ضد كوريا الشمالية ما هو إلا مجرد تصريحات تهدف الضغط عليها من أجل تأكيد القوة والتواجد.

إن القضية الأهم لكل رؤساء الولايات المتحدة في هذه المنطقة هي الصين. وقد كان نائب رئيس الولايات المتحدة قد اتهم في أكتوبر 2018 الصين بمحاولتها إضعاف ترامب واعتبر أن الصين تريد رئيس مغاير، واتهم نائب الرئيس الأمريكي الصين بمحاولة سرقة التكنولوجيا الأمريكية ومحاولة منع تطوير القدرات العسكرية الأمريكية.

وكان ترامب قد انتقد الصين في حملته الانتخابية وانتقدها أيضا بعد ذلك في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتدخلها في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة وانتقد نظمها الاشتراكي بطريقة غير مباشرة بمناسبة انتقاده للنظام في فنزويلا. وعاد ترامب لانتقاد الصين خلال تغريده على تويتر وبرر انتقاد الصين له بتفوق الولايات المتحدة عليها تجاريا واقتصاديا.

وجاءت انتقادات الصين للولايات المتحدة بعدما فرضت هذه الأخيرة رسوم جمركية على المنتجات الصينية (الألواح الشمسية) التي بدورها فعلت نفس الشيء. وكان ترامب قد قام بزيارة للصين في نوفمبر 2017 مدح فيها النظام الصيني واعتبر أن المشاكل التجارية للولايات المتحدة ليس سببها الصين ولكن فشل الرؤساء السابقين للولايات المتحدة. [17]

(د) العلاقات مع روسيا

وضعت إستراتيجية الأمن الوطني الجديدة للبنتاغون روسيا في قائمة التهديدات الأساسية للأمن والمصالح الأمريكية، وكانت الولايات المتحدة قررت مواصلة تطوير أسلحتها النووية للتصدي لأي هجوم. وكان ترامب قد أعلن استعداده لبيع أسلحة ثقيلة لأوكرانيا من أجل التصدي للخطر الذي تشكله روسيا علي هذه الأخيرة، في حين كان باراك اوباما قد امتنع على ذلك.

وفي تصعيد آخر ورداً على تقليص روسيا لعدد الدبلوماسيين الأميركيين في روسيا، قامت الولايات المتحدة بدورها بتوقيف عمل مجموعة من الملحقات الدبلوماسية الروسية وتوقيف عمل القنصلية الروسية في سان فرانسيسكو. وبعيدا عن هذه الأحداث اُتهم ترامب داخل الولايات المتحدة بإظهار مودة كبيرة تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فخلال حملته الانتخابية وعد ترامب بتوطيد العلاقة مع روسيا. هذا التوجه أعقبه بعد بذلك تبادل للزيارات بين أعضاء إدارة ترامب ومسئولون روس.

وكان لقاء الرئيس الأمريكي بوزير خارجية روسيا في الولايات المتحدة حدثا ملفتا للأنظار حيث تناقش الجانبان بصفة علنية حول إقالة المدير العام للاستخبارات الأمريكية. وقام الطرفان بتبادل معلومات أمنية سرية حصلت عليها إسرائيل حول تنظيم داعش.

واعتبرت هذه اللقاءات بين مسئولين أمنيين سابقة بين دولتين لهما مصالح متضاربة في مختلف المناطق في العالم. فمنذ قدوم ترامب إلى الرئاسة طغى على العلاقة بين الجانبين الوضوح في التعامل وإعطاء الأولوية للمفاوضات، وانعكست هذه الإستراتيجية الجديدة على مجموعة من القضايا الدولية التي التزما الطرفان فيها بالحوار وعدم اللجوء إلى الحلول الفردية.

ويمكننا القول في هذا الصدد أن بقاء الصراع السوري دون حل يرجع بالأساس لهذه السياسة. ولقد شهدنا أيضا كيف أن الولايات المتحدة تدخلت ضد المنشآت الكيماوية السورية دون اعتراض من روسيا، وشهدنا كذلك كيف عجزت الولايات المتحدة عن فرض حل على نظام بشار الأسد، وشهدنا كيف انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق مع إيران دون اعتراض من روسيا.[18]

يمكن القول إذن أن روسيا وجدت في ترامب ما لم تجده في رؤساء سابقون، فهو يبدو أكثر استعداد للتفاوض والتفاهم، خصوصا في القضايا التي صعب حلها منذ سنين والقضايا التي تلعب روسيا فيها دور مهم. إذن هو اعتراف ضمني من ترامب لأهمية روسيا في بعض القضايا، وسياسة براغماتية تهدف تفادي الدخول في نزاعات مع روسيا والتي لن تنتهي لصالح الولايات المتحدة، فما دامت المصالح العليا كالمصالح التجارية محفوظة فلماذا الدخول في تجاذبات لا فائدة منها.

(هـ) سياسة ترامب تجاه الاتحاد الأوروبي

لم تنج أوروبا الحليف التقليدي للولايات المتحدة هي أيضا من تقلبات المواقف لدى دونالد ترامب. حيث صرح هذا الأخير في حملته الانتخابية أن حلف الناتو منظمة “عفا عليها الزمن” وأن الأموال الطائلة التي تصرف في العمليات التي يقودها الحلف، هي شوكة مالية للولايات المتحدة.[19]

كما اتهم حلفاءه الأوروبيين بعدم المساهمة بالشكل الكافي بخصوص الدفاع المشترك. لكن وعلى غرار مواقفه في القضايا الأخرى سرعان ما غير ترامب من موقفه حول الحلف، حين أكد في خطابه في أبريل 2018على ضرورة تكريس مبدأ الدفاع المشترك الذي بنيه على أساسه الحلف.

إذا كانت مسألة الدفاع المشترك في إطار حلف الناتو خط أحمر للطرفين، فان هذا لا يمنع من وجود خلاف في قضايا أخرى لا تقل أهمية. فمثلا يُعتبر استقبال أوروبا اللاجئين نقطة خلاف أساسية بين الطرفين. ففي خطابه 6 يوليو 2017 ببولونيا دعم ترامب الحكومة اليمينية الراديكالية التي تتصارع مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي بشأن مسألة حصص اللاجئين.

حيث أيد ترامب التطلعات الوطنية البولندية الرافضة لاستقبال اللاجئين وشكك في السياسة التي تروج لها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ويعتبر هذا الأمر تدخل مرفوض في سياسة دولة أوروبية قوية لها وزن على الساحة الإقليمية والدولية. من جهة أخرى رحب ترامب بنتيجة الاستفتاء لصالح “بريكسيت” في المملكة المتحدة، أي انسحاب هذه الأخيرة من الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، فقد قادت دبلوماسيته ذات الطابع المعارض لأوروبا إلى فرض رسوم جمركية على المنتجات الأوروبية.

لم يكن ترامب هو الرئيس الأمريكي الأول الذي ينتقد بعض السياسات الأوربية أو طريقة عمل حلف الناتو، بل سبقه في ذلك جورج بوش الابن، لكن ترامب هو الرئيس الأول الذي صرح رسميا بذلك. هذه السياسة المنتقدة لأوروبا هي ترسيخ للتوجه العام للسياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تراهن منذ سنوات على منطقة آسيا المحيط الهادي، على اعتبار أن هذه المنطقة هي مستقبل التفاعلات الدولية وصراع القوى التجارية الدولية، وتعتبر أوروبا خارج هذا السباق.

خاتمة

تتدخل في صناعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة مجموعة من الفاعلين الذين يدخلون في صراعات حادة وطويلة تنتهي في بعض الأحيان إلى اللجوء إلى التحكيم من أجل الفصل فيها. الولايات المتحدة ليست كتلة واحدة متجانسة، لكن التأثير الذي يمارسه رئيس الدولة على أجهزة صنع القرار وتفاعل هذه الأخيرة مع قراراته يعطي الانطباع أن الولايات المتحدة تتحدث بصوت واحد وهو صوت الرئيس.

هذا وقد عمل الأمريكيون على ترك الفراغات التي تركها الدستور بشأن السياسة الخارجية حتى يحفظ بذلك لجميع القوى الفرصة في توجيه السياسة الخارجية للدولة واتخاذ القرار.

وقد استطاع ترامب أن يستفيد من نفوذه داخل مؤسسات الدولة ليعطي انطباع أنه هو المتحكم في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وفي هذا السياق جاءت مواقفه ثابتة في بعض القضايا، في حين غير في سياسة تعاطي الولايات المتحدة مع بعض القضايا خصوصا تلك التي تهم المصالح التجارية.

ومن خلال تعامل ترامب مع مختلف القضايا والدول، يتبين أن الهدف الرئيس للرئيس الجديد هو الحد من تأثير القوى الإقليمية كروسيا، إيران أو الصين، والسيطرة على التنافس الاقتصادي مع الصين. وشعار “أمريكا أولاً” يرمز ضمنيا إلى إمكانية تخلي الولايات المتحدة عن الدور الأخلاقي الذي لا طالما تنادي به.

ويمكن اعتبار ترامب على أنه مسرع للسياسة الخارجية للولايات المتحدة أكثر من أنه محول أو مغير. وجاءت سياسة ترامب لتسرع من وتيرة تنفيذ العمليات التي كانت جارية قبل وصوله إلى البيت الأبيض. فإذا لاحظنا التوجه العام للسياسة الخارجية للولايات المتحدة تحت حكم ترامب سنستنتج أن المواقف الرسمية في القضايا الأساسية التي تهم الولايات المتحدة لم تتغير، وأن اعتماد ترامب على أسلوب الاستفزاز والتحذير والتهديد جاء للتسريع من تنفيذ وتمرير بعض السياسات، فسرعان ما تراجع ترامب على أغلب المواقف التي صرح بها خصوصا خلال حملته الانتخابية.

يتضح إذن أننا أمام براغماتية يطفو عليها طابع الاستفزاز والتهور، ولكن في واقع الأمر هي سياسة مدروسة لمواكبة التغيرات المتسارعة في مختلف القضايا والتي تتطلب تفاعل سريع أمن أجل المواكبة والحفاظ على المصالح [20].


الهامش

[1] James A. Nathan & James K. Oliver, Foreign Policy Making and the American Political System, The John
Hopkins University Press, Baltimore, Maryland, 1994, cap. 1

[2] Graham T. Allison, Essence of Decision: Explaining the Cuban Missile Crisis, Boston, Little Brown, 1971;
Morton Halperin, Bureaucratic Politics and Foreign Policy, Washington, D.C: Brookings Institution, 1974.

[3] The Constitution of the United States of America: Analysis and Interpretation (1952) (Editor)

[4] Thomas R. Pickering, The Changing Dynamics of US Foreign-Policy Making, Department of State, Foreign
Policy Agenda, IIP E-journals, March 2000.

[5] A, Tunc, Les pouvoirs du Président des Etats-Unis et l’arrêt de la Cour suprême relatif à la saisie des aciéries, Revue International de Droit Comparé, 1952 , p. 735, 751.

[6] Arrêt de la Cour de justice, Becker, affaire 8-81 (19 janvier 1982)

https://www.cvce.eu/obj/arret_de_la_cour_de_justice_becker_affaire_8_81_19_janvier_1982-fr-7378b2e1-2cc5-48a6-a990-58e641bfc429.html

[7] Sarra Gaillard Sherif, Le success de Donald Trump expliqué par les mots, Wording Factory, 13/04/2017.

https://www.huffpostmaghreb.com/sarah-gaillardcherif/le-succes-de-donald-trump-explique-par-les-mots_b_9668178.html.

[8] عبد الله مجدي، خبراء يفسرون أسباب انسحاب ترامب من 8 اتفاقيات دولية، الوطن

[9] HUNTINGTON Samuel P., « The Clash of Civilizations? », Foreign Affairs 72(3): 22–49, 1993.

HUNTINGTON Samuel P., Who Are We? The Challenges to America’s National Identity, New York : Simon and Schuster, 2004.

[10] للمزيد من التفاصيل حول هذا الخطاب، الرابط

[11] للمزيد من التفاصيل حول هذه العملية، الرابط

[12] Jenna Johnson, « Trump calls for ‘total and complete shutdown of Muslims entering the United States’ », The Washinton Post, 7 décembre 2015.

[13] Alan Yuhas et Mazin Sidahmed, « Is this a Muslim ban? Trump’s executive order explained », The Guardian, 31 janvier 2017. link, consulté le 2 août 2018.

[14] Marianne Meunier, « Pourquoi Trump cible l’Iran », La Croix, 24 mai 2017, « President Trump’s Speech to the Arab Islamic American Summit », 21 mai 2017. link, consulté le 2 août 2018.

[15] بالإنجليزية : Quincy Pact تم التوصل إليه في 14 فبراير 1945 بين الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت. وكان من المقرر أن يدوم هذا الاتفاق 60 سنة، وتم تجديد محتوى اتفاقياته لنفس المدة في 2005 من قبل الرئيس جورج دبليو بوش. وأهم ما جاء في هذا الاتفاق هو توفير الولايات المتحدة الحماية اللا مشروطة لعائلة آل سعود الحاكمة، مقابل ضمان السعودية لإمدادات الطاقة التي تستحقها الولايات المتحدة.

[16] Philip Rucker, Joshua Parlow, Nick Miroff, « After testy call with Trump over border wall, Mexican president shelves plan to visit White House », The Washington Post, 24 février 2018.

[17] Benjamin Carlson, « China Loves Trump », The Atlantic, mars 2018.

[18] Zach Dorfman, « What is Trump’s Foreign Policy on Russia? », Rolling Stone, 13 février 2018. link

[19] Ashley Parker, « Donald Trump Says NATO is ‘Obsolete,’ UN is ‘Political Game’ », The New York Times, 2 avril 2016. link.

[20] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

الوسوم

د. أنس كوييز بنعلال

دكتور في القانون الدولي و العلوم السياسية من الجامعة المستقلة بمدريد، أستاذ محاضر بماستر التعاون الدولي والتنمية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، باحث وعضو في مجلة السلام و الامن الدوليين التابعة لجامعة عبد المالك السعدي و جامعة كاديس باسبانيا.

د. سمر الخمليشي

باحثة وأكاديمية مغربية، دكتوراه في العلاقات الدولية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، جامعة عبد المالك السعدي، المغرب 2016.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى