دراسات

إشكالية العلمانية في السياق الإسلامي

 

تعد إشكالية العلاقة بين الديني والسياسي إحدى الإشكاليات الأساسية التي دار حولها الجدل والصراع بين الفواعل السياسية في أعقاب الثورات العربية، وكانت بمثابة حصان طروادة التي استطاعت أن تنفذ من خلاله الثورة المضادة لتئد عملية التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي مثل حالتي مصر وتونس. وبالرغم من أن جزء من هذا الصراع كانت بواعثه الخلاف حول تقاسم السلطة بشكل مجرد أو ما يعرف بالـ Realpolitik، إلا أن الدوافع الأيديولوجية قد لعبت دورا هاما ليس فقط نتيجة ما أثارته من خلافات بين النخب السياسية، بل أيضاً نتيجة استخدامها من قبل هذه النخب في الحروب الدعائية، وفي الحشد والحشد المضاد مما عمق سوء الفهم والصور النمطية المختزلة والمشوهة بشأن ما تعنيه العلمانية.

وفي هذه الورقة سأحاول أن أقدم مقاربة لهذه الإشكالية، لا تهدف إلى الانتصار لهذا الرأي أو ذاك، بل إلى التغلب على الأفكار المضلّلة والمكرورة بشأن هذه الإشكالية، وطرح رؤى مختلفة قد تكون مفيدة في توجيه الجدل والنقاش إلى مسارات عملية وبنّاءة، وهو ما يتطلب في البداية الوقوف على أسباب سوء التفاهم المرتبط بتناول هذه الإشكالية، والاشتباك مع بعض التصورات المبتسرة السائدة بشأن العلمانية وتفكيكها، وصولا إلى اقتراح تعريفٍ جديد للعلمانية وتصنيفٍ أكثر شمولا لتجلياتها المختلفة.

أولاً: جدالات المفاهيم: علمانية أم لادينية أم لائكية؟!

اعتاد الباحثون عند دراسة أي ظاهرة أن يبدأوا في تعريفها لغويا واصطلاحيا، وهي مسألة قد تكون هامة كمقدمة أو مدخل للفهم، لكنها بالتأكيد لا تساعد على الإحاطة بالظاهرة نفسها، فالظواهر لا تكتسب حقيقتها لا من الجذر اللغوي للمصطلح المعبر عنها، ولا حتى مما تعارف الناس عليه بشأنها، وتتفاقم المشكلة أكثر في حالة ظاهرة مثل العلمانية لأسباب عديدة:

1: أن العلمانية هي ظاهرة اجتماعية لها جذور تاريخية وهي كذلك آخذة في التطور، ولها مظاهر وتجليات مختلفة باختلاف الأزمنة والسياقات التي تمر بها، فالعلمانية في أوروبا القرن التاسع عشر، تختلف عنها في القرن الواحد والعشرين، وعلمانية الولايات المتحدة الأمريكية تختلف عنها في فرنسا، أو الشرق الأوسط، او اليابان مثلا، وبالتالي فالعلمانية ليست مصطلحا استاتيكيا له تعريف محدد، بل ظاهرة آخذة في التحقق.1

2: أن العلمانية مصطلح لا يصف ظاهرة اجتماعية تاريخية محايدة، إذ ارتبطت بهذه الظاهرة معركة أيديولوجية وسياسية حادة، وتم التنازع حولها وشنت حملات معها أو ضدها، تزين أو تزيف طبيعتها، وتعصبت لها أو ضدها الرؤى والمواقف، وبالتالي ضاع الكثير من حقيقتها.

3: أن جدلية الديني-العلماني لها مستويات متعددة من التفاعل: مؤسسي (Institutional) معياري قيمي (Normative) إبستمولوجي معرفي (Epistemological) أنتولوجي (Ontological) أنموذجي (Paradigmatic).

وبالتالي، فإن مصطلح العلمانية عندما يستخدم في الأكاديميا أو في الجدل السياسي لا يمكن التأكد تماما ما هو المقصود به بالضبط، هل هو مجرد فصل مؤسسي تنظيمي بين المؤسسة الدينية ومؤسسة الدولة، أما الفصل القيمي والمعياري بحيث تكون للسياسة (وغيرها من النطاقات الاجتماعية كالاقتصاد والقانون والتربية وما شابه) منظومتها القيمية الذاتية المغايرة للمنظومة القيمية للدين،2 أم رفض المنهجية المعرفية الدينية والتأكيد على الأبستمولوجيا العلمية الوضعية،3 أم أنها تستخدم كبرادايم مناقض ومناهض للدين، له رؤية كونية مادية Materialistic Worldview؟4

4: أن هذا المصطلح الإشكالي تمت ترجمته من كلمة Secularism إلى عدة مفردات عربية لا تتفق في المعنى، ولها مدلولات مختلفة، فجمال الدين الأفغاني ترجمها في النصف الثاني للقرن التاسع عشر إلى “الدهرية”5، وهو مصطلح يربط العلمانية بالرؤية المادية للوجود وبالإلحاد، ثم في بعض المعاجم اللغوية ترجمت إلى “اللادينية”6، وهو معنى مقارب للمعنى الأول، على الرغم من أن البعض أشار إلى أن المعنى المقصود هو “غير الكنسية”، ثم هناك “اللائكية” 7وهي ترجمة للنمط الفرنسي من العلمانية والذي يمتاز براديكاليته، بالإضافة إلى بعض الترجمات الأخرى مثل الزمنية “في مقابل الأبدية” أو الدنيوية “في مقابل العالم الآخر”، وحتى “العلمانية” وهي الترجمة الأوسع انتشارا، لم يحدث اتفاق على أصلها: من العلم أم من العالم.8

إن التطور المستمر للظاهرة العلمانية، وتنوع مظاهرها، وتعدد ترجماتها، والجدل السياسي والأيديولوجي العنيف حولها جعل مدلولها غير متضح، وخاضع للانتقائية، لكن الذي ُيفهم من هذه الترجمات على تباينها ان العلمانية هي مناقض الدين، وهما يمثلان ثنائية حدية، فالشئ إما ديني أو علماني، فإذا كان الأول مرتبط بالإله، فإن الثاني يرتبط بالإنسان، وإذا كان الأول يرتبط بالأبدية، فإن الثاني زمني، وإذا كان الأول قبلته العالم الآخر، فإن الثاني هو الدنيوي، وهكذا. وقد عبر Edward Bailey عن ذلك قائلا “تعريف العلماني سهل للغاية، على الرغم من أن معناه يتغير باستمرار، هو ببساطة عكس الديني، أيا كان معنى هذا الأخير”9، وهذه الثنائية الحدية التي تسربت من هذه الترجمات هي إحدى أسباب التشويش والتنميط الخاطئ بشأن العلمانية، لأنها أهملت حقيقة التفاعل والتداخل بين ماهو ديني وعلماني، وفشلت في إدراك العديد من الظواهر الهجينة.

 

ثانياً: فصل الدين عن الدولة … ماذا يعني؟!

السبب الثاني لإشكالية تعريف العلمانية هو شيوع بعض التعريفات المختزلة التي لا تعكس الواقع بتركيبه وتعقده، فالبعض يرى أن العلمانية كظاهرة وكمصطلح ليست بهذا الغموض، فهي ببساطة تعني فصل الدين عن الدولة، وهو التعريف الأوسع انتشارا والأكثر شيوعا في تعريف العلمانية. وعلى الرغم من شيوع هذا التعريف ووضوحه، إلا أنه أيضا غير كافٍ لفهم العلمانية.10

إذ ما الذي يعنيه فصل الدين عن الدولة على الحقيقة؟!

فهذا السؤال قد تكون له أجابات متعددة، منها:

1ـ على المستوى المؤسساتي: يعني أن المؤسسة المجسدة للسلطة السياسية (وهي الدولة) تنفصل عن المؤسسة المجسدة للسلطة الدينية (سلطة تفسير وتطبيق النصوص الدينية).

2ـ على المستوى القيمي: يعني أن المنظومة القيمية الدينية تنفصل عن المنظومة القيمية السياسية، وهو معنى قريب من فلسفة ميكيافيللي الذي رأى أن السياسة لها منظومة قيم تختلف عن منظومة قيم الدين، ولا يجب أن نقيم إحداهما على معيار الآخر.

3ـ على مستوى الهوية: يعني أن الدولة تصبح دولة مواطنيها أياكان دينهم، وليست دولةً تجسد دينا محددا، أو تمارس تمييزا لصالح أو ضد أتباع دين بعينه.

4ـ على مستوى الوظيفة: يعني أن الدولة لا تقوم بوظائف دينية صريحة، فلا يدخل في اختصاصاتها نشر دين معين لمجتمعات جديدة، أو حتى نشر التدين وترسيخه في داخل مجتمعاتها.

كل هذه الأوجه وغيرها قد يعنيها فصل الدين عن الدولة، لكن يبقى السؤال، أي من أوجه الفصل هذه قابلة للتحقق أو قد تحققت فعلا في الدول العلمانية؟!

(أ) مؤسسيا، الفصل بين المؤسسة التي تُجسد السلطة السياسية وتلك التي تجسد السلطة الدينية هو الأصل في الخبرة المسيحية (بل وفي الإسلامية كذلك)، فكلا المؤسستين كان لهما هيكلهما المستقل وتراتبية ونمط إدارة منفصل، وبالتالي تعريف العلمانية من هذا الوجه لم يأت بجديد،11 وإن كان المقصود بالفصل هنا العلاقة بين كلا المؤسستين، فواقعيا ما سعت إليه العلمانية ليس مجرد تحرير مؤسسة الدولة من المؤسسة الدينية وفصل العلاقة بينهما، بل هو إخضاع المؤسسة الدينية للمؤسسة السياسية، وبالتالي تصبح العلاقة موجودة، لكنها ليست علاقة ندية متبادلة أو هيمنة للديني على السياسي، بل هيمنة السياسي على الديني.12

(ب) قيميا، فإن الدولة ليست كياناً يتحرك في فراغ، بل داخل مجتمع، وهي تحتاج إطارًا قيميًا لتأكيد شرعيتها ولتسويغ قراراتها وقوانينها أمام هذا المجتمع كما أشار كليفورد جيرتز13.

هذا الإطار القيمي بالتأكيد لم يعد دينياً صرفاً، لكنه بالتأكيد أيضا لا يخلو من مسوغات قيمية دينية في أحيان أخرى. كما أن الدولة – وإن كانت كيانا اعتباريا – فإنها تدار من قبل أشخاص حقيقيين، لهم رؤى وتوجهات، تشكّلت ولو جزئيا نتيجة عوامل دينية.

(ج) أما فيما يتعلق بهوية الدولة، فبالتأكيد طغت الهوية القومية والعرقية على الهوية المذهبية والدينية للدولة، وأصبحت الدولة إما تعبر عن هوية قومية كـ nation state أو عن خليط من العرقيات أو القوميات في بعض الأحيان يجمعها رؤية أداتية محايدة الهوية للدولة. لكن أيضا في هذه الحالة، استمر الدين في الحضور وفي إضفاء الهوية، ليس بصورته التقليدية القديمة، ولكن بصورة الموروث الثقافي والحضاري والتاريخي، والذي يتجلى في بعض الرموز التي تستخدمها الدولة، وبعض أعيادها الاجتماعية، بل وحتى من خلال احتفائها ببعض أبطالها التاريخيين.

(د) ربما يكون الشق الوظيفي هو أحد الأوجه التي يتمثل فيها فصل الدين عن الدولة بشكل أوضح، فإسناد مهام دينية للدولة كمهمة نشر الدين خارجياً أو ترسيخ التدين محلياً لم تعد ممارسة مقبولة في الدولة العلمانية، كما أن اضطلاع المؤسسات الدينية فيها بمهام سياسية بشكل صريح لم تعد ممارسة مألوفة أيضا إلا باستثناءات نادرة، وبطرق غير مباشرة.

لكن بالمجمل فإن العلمانية كمحاولة للحصول على مجال سياسي خالٍ من المنطق الديني، أو مؤسسة دولة متحررة من المرجعية والهوية الدينية تماماً لم تتحقق، بل انتهت المجتمعات الأوروبية إلى ما وصفه عالم الاجتماع “يورجن هابرماس” بـ “المجتمع المابعد علماني”، وهو المجتمع الذي يتداخل فيه الموروث الديني التقليدي مع الموروث العقلاني التنويري، وتتفاعل فيه المؤسسات الدينية مع غيرها من المؤسسات المجتمعية السياسية والثقافية والتعليمية، ومن ثم فالدين مازال يلعب أدوارا اجتماعية داخل هذه المجتمعات لكنه في المقابل أصبح فقط بديلا من ضمن بدائل أخرى بدلا من أن يسعى للهيمنة والاحتكار، كما أنه طور خطابه وعقلنه بما يجعله مقبولا وملائما للطرح في المجال العام الحداثي.14

 

ثالثاً: العلمانية والسياق الإسلامي:

السبب الثالث في تعقد إشكالية العلمانية يختص بكون هذه الظاهرة وهذا المصطلح قد ارتبطا بالسياق الأوروبي بشكل واضح، وهي الحقيقة التي دفعت الكثيرين إلى الاعتقاد بأن العلمانية هي منتج حضاري وثقافي غربي حصريا15، نابعٌ من إشكالية الدولة والكنيسة أو الدين والسياسة في المسيحية، وبالتالي فهي إشكالية لا علاقة لها بالسياق الإسلامي، وعلاج لداء لا تعاني منه الأمة المسلمة.

وتنبني هذه الفرضية على أساس أن المسيحية كديانة تنص صراحا على الفصل بين الدين والسياسة وأن نعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله،16 وبالتالي فإن المسيحية لا تتضمن شريعة متكاملة لتنظم شؤون الحياة الاجتماعية، كما أن المسيحية ديانة مؤسسية بها كنيسة تجسد السلطة الدينية وبها طبقة دينية تعرف برجال الدين، وكلا الأمرين لا يتواجدان في الحالة الإسلامية.

ففي الإسلام، لا يمكن الفصل بين الدين والسياسة، نظرا لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان نبيا (مجسدا للسلطة الدينية) ومؤسسا ورئيسا للسلطة السياسية في آن واحد،17 وبالتالي استنبط الفقهاء أن الخلافة هي رياسة للدين والدنيا معا، كما أن الشريعة الإسلامية شاملة، بها أحكام تختص بالشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وفي المقابل، لا يوجد في الإسلام “سلطة دينية مؤسسية” أو “طبقة رجال دين” لكي يتنازع الديني والسياسي معا. 18

هذا الطرح على بداهته إلا أنه تبسيطي بحيث لا يبرز الواقع بتعقده، لسببين أساسيين:

أولهما: أنه على الرغم من أن المسيحية نشأت ديانة غير مسيسة، وأن أول التقاء بين الكنيسة والدولة كان بعد أكثر من ثلاثة قرون بعد اعتناق الإمبراطور قسطنطين المسيحية،19 إلا أن الوظيفة السياسية للكنيسة تطورت مع الوقت وأصبحت تؤدي أدوارا أساسية في بناء هوية الدولة، وإضفاء الشرعية السياسية، وتسويغ وتوجيه السياسات الداخلية والخارجية لها، وهي الوظائف السياسية التقليدية التي كان الإسلام يؤديها للدولة، بل يمكن القول أنه بسبب الطبيعة المؤسسية للكنيسة المسيحية فإن قوتها في مواجهة السلطة السياسية كانت أكبر بشكل ملحوظ من المؤسسة العلمائية في الخبرة الإسلامية.

بالمقابل، على الرغم من كون الإسلام ديانة سياسية بامتياز، وأن السلطة السياسية والدينية قد امتزجتا في دولة المدينة منذ لحظة الميلاد الأولى، وأن الشريعة الإسلامية بها تشريعات سياسية واجتماعية، إلا أن اندماج السلطتين لم يدم طويلا، ليس فقط على المستوى القيمي كما أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه عن افتراق القرآن والسلطان،20 وعن انتقاض عرى الإسلام عروة عروة، وأن أول العرى التي تنتقض هي الحكم،21 بل على المستوى المؤسسي كذلك.

فبعد النبي صلى الله عليه وسلم، والذي اجتمعت في ذاته الكريمة السلطتان الدينية والسياسية للدولة ، وعلى الرغم من نص الفقهاء أن الإمامة هي خلافة للنبي صلى الله عليه وسلم في كلا السلطتين معا، تراجعت السمة الدينية للسلطة السياسية تدريجيا، فمن الخلافة الراشدة، إلى خلافة السلالات الوراثية (الأموية والعباسية) منذ العام 41 هـ ، ثم مع تغلب السلاطين على الخلفاء في منتصف القرن الرابع الهجري تقلصت الطبيعة الدينية للسلطة السياسية، وتزامن مع ذلك نمو المؤسسات العلمائية تدريجيا بعيدا عن الدولة وفي حضن الأمة، وخلال القرن الثاني والثالث الهجري، واستواء المؤسسات الدينية العلمائية نضجا، انتقلت السلطة الدينية22 (الأدبية والعرفية) واقعيا من الدولة إلى هذه المؤسسات، وأدى هذا التمايز إلى توتر مستمر بينهما تجلى في مواقف عديدة.

وبالمحصلة، فإنه في الخبرة المسيحية كما في الخبرة الإسلامية – مع اختلاف السياقات والمظاهر – لدينا مؤسستان (الدولة والمؤسسة الدينية) أو سلطتان (السياسية والدينية) تتنازعان وتتعاونان وتتنافسان، وتحاول كل منهما ان تخضع الأخرى لهيمنتها، وبالتالي تصبح إشكالية علاقة الديني والسياسي كما تتجسد في العلاقة بين الدولة والمؤسسة الدينية إشكالية حقيقة حتى في الخبرة الإسلامية. وبعكس ما هو ذائع، فإن اشتداد التنافس والتوتر بين السلطتين في الخبرة المسيحية مقارنة بالإسلامية، ليس بسبب الاندماج الناجح بين الاثنين في الحالة الإسلامية، بل بسبب القوة النسبية والتنظيمية المؤسسية التي تمتعت بها الكنيسة وطبقة رجال الدين في الخبرة المسيحية مما جعل السلطة الدينية قادرة على منافسة بل وإخضاع السلطة السياسية لهيمنتها في أحيان كثيرة، وذلك في مقابل الاحتواء الناجح والسيطرة الفعالة للدولة على المؤسسات العلمائية في الخبرة الإسلامية، والتي لم تعرف رأسا بقوة منصب البابا ولا مؤسسية واستقلالية كالتي تمتعت بها الكنيسة المسيحية.

 

رابعاً: العلمانية: الظاهرة والأيديولوجيا

سبب أخير يمكن أن يعزى إليه إشكالية تعريف العلمانية هو الخلط المتعمد أو غير المتعمد بين العلمانية كظاهرة اجتماعية مرتبطة بالحداثة وكأيديولوجيا سياسية (العلمانوية)، فالحداثة نتجت عن عدة متغيرات علمية وتقنية أدت إلى إنتاج نظم سياسية واجتماعية وأنماط إنتاج اقتصادية جديدة، وهو ما ارتبط بثقافة جديدة ونمط معرفي (ابستمولوجيا) مختلف، هذا النمط الجديد له عدة سمات، أبرزها مركزية هذا العالم الدنيوي إزاء مركزية العالم الآخر، ومركزية الإنسان أمام مركزية الإله في الوعي والحضارة البشرية، واعتماد العلم التجريبي كمصدر للمعرفة ورفض أي مصادر غيبية (أو خرافية) أخرى.

أو بمعنى آخر أصبح الإنسان والطبيعة هما الموضوع الأساس للاستكشاف وليس القضايا الأخروية والعقائدية المرتبطة بالإله وبالعالم الآخر، وأصبحت منهجية الاستكشاف والبحث مبنية على العلم التجريبي وحقائقه وعلى التفكير العقلاني،23 ولهذا – على سبيل المثال – تراجعت مع الحداثة أهمية التعليم الديني في مقابل التعليم المدني المعني بالتخصصات الأكاديمية الدنيوية المختلفة،بعد أن كانت هذه التخصصات تدرس على هامش العلوم الدينية (بمعناها الواسع والذي يشمل علوم الكلام أو اللغة ونحوهما) أو على الأقل تحتل مرتبة متدنية بالنسبة لها، كما تراجعت منهجيات التفكير التي كانت تجعل من الظواهر الطبيعية أو الأمراض أو السلوكيات الاجتماعية مرتبطة بقوى خارجية غير مدركة واستبدلت بمنهجيات أكثر عقلانية لفهم أسباب ومنهجيات التعامل مع هذه الظواهر والأحداث.

بهذا المعنى فإن العلمانية تطور أو تغير تاريخي اجتماعي بدأ في السياق الأوروبي ثم انتقل (طوعا او كرها) إلى غيره من السياقات،أو حفّز بشكل مباشر أو غير مباشر تطورات مناظرة في السياقات الأخرى غير الأوروبية،24 وهذه التطورات لها أوجه إيجابية، إذ أفادت المعارف الإنسانية وخلصتها من العديد من الخرافات والأفكار المغلوطة، كما أن لها أوجه سلبية أهمها “المأزق الأخلاقي” الناتج من غياب أو تراجع المرجعيات القيمية ونسبيتها، فلا المؤسسات الدينية ولا التقاليد الموروثة ولا المنظومات الفلسفية المعيارية أصبحت معتبرة في عالم الحداثة.

هذا المعنى للعلمانية Secularity يختلف عن العلمانية (أو العلمانوية) كمعتقد أو أيديولوجيا سياسية Secularism والتي رأت هذه التغيرات الاجتماعية والمعرفية خيرا كلها، وحولتها إلى برنامج سياسي يستغل الدولة الحديثة وسلطاتها في “التبشير” بالحداثة، وفرض نموذجها، وإلى معتقد أشبه بالمعتقد الديني، فأصبحت الحداثة دينا واجب الاعتناق، وحتمية تاريخية، يطارد ويحارب الكفار بها والخارجون عليها باعتبارهم ظلاميين. وبالتالي كان موقف العلمانية – كمعتقد وكأيديولوجيا – من الدين موقفا سلبيا في مجمله،25 فهي إما أهملته ونزعت عنه الاعتراف أو حتى طاردته وسعت لإقصائه من المجال العام بل وحتى المجال الخاص،كما في بعض النظم العلمانية المتطرفة كالشيوعية.

لكن المفارقة العجيبة أن العلمانية كظاهرة اجتماعية ومعرفية لم يكن تأثيرها سلبيا على الدين بالضرورة، ولم تؤد إلى اختفائه كما كان يتوهم، بل الذي تراجع ربما هو نمط التدين التقليدي الشعبي والذي يمتاز بعدة خصائص منها: التفكير الخرافي والإيمان بالأساطير، والتعلق والتبرك بالمجسمات والوسطاء كالأولياء والقديسين ونحو ذلك. لكن العلمانية بنشرها نمطاً معرفياً جديداً ساهمت في إنتاج أنماط جديدة من التدين، أكثر قدرة على التكيف والاستمرار في أزمنة الحداثة، بل وساعد بعضها في إعادة الحيويةللدين لتنتشر ظاهرة الصحوة الدينية في سياقات متعددة، وهو ما جعل البعض يذهب إلى الزعم بأن العلمانية هي أحد الأطوار الصحية في دورة حياة الأديان26.

 

خامساً: العلمانية كإعادة إنتاج الدين وفق شروط الحداثة

بعد أن استعرضنا الإشكاليات المتعددة التي تعوق فهم الظاهرة العلمانية عامة وفي السياق الإسلامي على وجه الخصوص، يمكن الآن أن نحاول اقتراح تعريف جديد للعلمانية قد يكون أكثر قدرة على توصيف الظاهرة بتعقدها وتركيبها، فالعلمانية يمكن تعريفها باختصار أنها عملية إعادة انتاج الدين وفق شروط الحداثة، فكما أشار تشارلز تيلور أدت العلمانية كمتغير معرفي واجتماعي إلى إنهاء الاعتقاد الديني البسيط Naïve ووضعت بالمقابل شروط جديدة للإيمان.27 وبالتالي فإن العلمانية ليست بالضرورة لادينية Non-Religious أو ضد الدين Anti-Religious، بل أحيانا هي مجرد نمط مختلف – أو غير تقليدي – من التدين Differently Religious.28

ولهذا فبالإضافة إلى ظاهرة “تديين” الحداثة التي تحدثنا عنها سابقا، والتي جعلت منها معتقدا ورؤية كونية كلية وصلبة، وليست مجرد تغيرات اجتماعية ومعرفية، تحمل بعض الأوجه الإيجابية وبعض الأوجه السلبية، والتي نتج عنها علمانية متطرفة مناهضة للدين، تسعى لإنهاء وجوده في كلا المجالين العام والخاص بشكل منهجي صارم، كان هناك نمطين آخرين، حاولا أن يزاوجا بين الحداثة والدين، وألا يجعلا التناقض بينهما تناقضا مطلقا، بحيث ينفي وجود أحدهما الآخر، بل بحثا في إمكانية التعايش بينهما.

النمط الأول: ما يمكن أن نسميه بـ”خصخصة الدين”:

وهو الذي يعني بالأساس بعلمنة المجال العام، وحصر الدين في المجال الخاص، وذلك عن طريق تحجيم دور المؤسسات الدينية في مختلف المجالات الاجتماعية: السياسية والاقتصادية والقانونية والتعليمية والأدبية ونحوها، بحيث يصبح الدين شأنا خاصا يتمثل في الضمير الفردي، وفي الممارسات الشعائرية. هذا النمط يختلف عن سابقه في كونه أكثر تسامحا مع وجود الدين ووظائفه الاجتماعية بدرجة أو بأخرى في صيغ قيمية وأخلاقية، وأن موقفه من الدين ليس نابعًا من العداء، بل – كما عبر بعض الأكاديميين – أن تحجيم دور الدين في المجال العام هو ثمن لازم لكي يستطيع الدين الاستمرار والتعايش في عصر الحداثة.29

النمط الثاني: علمنة التدين:

وهو ربما الأكثر صعوبة في الإدراك، ويتضمن إعادة إنتاج دين معلمن، لكن هذه المرة على يد المتدينين الذين يؤمنون بمحورية الدين في الحياة الاجتماعية ويدافعون عنه ضد النمطين السابقين من العلمانية، ولكنهم – في سبيل ذلك – أدخلوا تعديلات واعية أو غير واعية على نسخة التدين التي يتبنونها. وفي هذا السياق طبعا لا تعني العلمانية رفض المرجعية الدينية أواللادينية، بل تعني تدينا مختلفا، فالعلمانية هنا مشتقة من العلم ومن العالم، وهذا التدين المتعلمن يعني أنه أكثر اتساقا مع العلم التجريبي والعقلانية وأكثر اهتماما بإشكاليات هذا العالم، وبالتالي فهو يستبطن داخله شيئا من قيم الحداثة.

ومن ثم فهو يتسم بصفتين أساسيتين:

الأولى: القبول بانسحاب الدين من بعض المجالات التقنية التي كان يشغلها في التدين الشعبي التقليدي ليحل محله العلم التجريبي، مثل علاج الأمراض أو فهم حركة الأفلاك أو تفسير الظواهر الطبيعية، وبالتالي أصبح يقوم بتفسير النصوص الدينية التي تتعلق بهذه المجالات تفسيراً مجازياً، أو يقيدها بسياقها التاريخي، كما قام بترشيد وعقلنة خطابه، فأصبح يزاوج بين النصوص الدينية وبين النظريات العلمية والأطروحات الفلسفية، لنجد ظواهر مثل الإعجاز العلمي في القرآن، أو نظريات إسلامية سياسية تزاوج بين النصوص الدينية وأطروحات الليبراليين في الدفاع عن الديمقراطية أو الماركسيين في الدفاع عن العدالة الاجتماعية.

الثانية: إعطاء أولوية لقضايا هذا العالم، وتنظيم الشؤون المجتمعية السياسية والاقتصادية ونحوها على القضايا الدينية الثيولوجية البحتة، ولم يعودوا ينتجون مذاهبا فقهية أو مدارسا كلامية أو تنظيمات صوفية جديدة، بل أصبحوا يؤسسون أحزابا وحركات اجتماعية لا يتعلق إسهامها الفكري بأصول الفقه أو علم الكلام، بل يكاد ينحصر في شكل أيديولوجيات سياسية، تتعلق بالنظام السياسي في الإسلام، والنظام الاقتصادي في الإسلام، والعلاقات الدولية في الإسلام، و هكذا.

وكما ذكرنا، فإن هذا النمط الأخير من علمنة التدين كانت نتائجه إيجابية، إذ استعاد الدين جاذبيته لطبقة العصريين الحداثيين بعد أن كان يتراجع حتى كاد ينحصر في الفئات الشعبية وغير الحضرية، وشهدت الحركات الاجتماعية الدينية نموا ملحوظا، وتزايد تأثيرها في الحياة الاجتماعية، وهي ظاهرة ليست خاصة فقط بالبيئات الإسلامية، بل هي ملحوظة أيضا حتى في السياقات المسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية، واليهودية الصهيونية، وغيرهما. وبدلا من اندثار الظاهرة الدينية كما توقع عدد من رواد التنوير العلمانيين بحلول القرن العشرين، أثبت الدين حيويته وفاعليته وقدرته على البقاء في ظل الحداثة، حتى وإن اضطر إلى أن يخضع بشكل أو بآخر لشروطها ومنطقها.

 

خاتمة:

قد يكون من المفيد أن أوجز أهم الأفكار التي تم طرحها في هذه الورقة كمحاولة لتجاوز الثنائية التقليدية بين الديني والعلماني، وتقديم وجهة نظر مغايرة قد تسهم في التغلب على التصورات النمطية وسوء التفاهم المتبادل بشأنها.

أول هذه الأفكار هي أن الإشكالية التي تناقشها العلمانية، وهي علاقة الديني بالسياسي، أو بشكل أوسع الوظيفة الاجتماعية للدين، ليست إشكالية حصرية في السياق الأوروبي نتيجة طبيعة العقيدة المسيحية والتطورات التاريخية الحضارية التي مرت بها النظم الاجتماعية والسياسية في أوروبا، بل هي إشكالية لها تجلياتها في مختلف السياقات الأخرى، بما فيها السياق الإسلامي، فالفصل المؤسسي بين السلطة السياسية والسلطة الدينية (بمعنى سلطة تفسير النصوص الدينية) تجسد في التمايز – ومن ثم التوتر في العلاقة – بين المؤسسات السلطانية والعلمائية في الخبرة الإسلامية، كما أن الأدوار السياسية التي لعبها الدين الإسلامي في المجال السياسي من بناء الهوية وإكساب الشرعية وتوجيه السياسات العامة هي ذاتها التي لعبتها المسيحية في الخبرة الغربية، مع اختلاف الأطر التنظيمية والوظيفية في كلا الحالتين.

ثانيا: أن فهم العلمانية من منظور الوقوف على نشأة المصطلح Secularism واشتقاقه، أو المصطلحات المناظرة التي ترجم إليها في السياق العربي الإسلامي (الدهرية، واللادينية، والزمنية، والدنيوية، والعلمانية) لن يفيد كثيرا في إدراك حقيقة هذه الظاهرة، كما أن التعريفات الأولية مثل تعريف العلمانية باعتبارها مجرد فصلٌ للدين عن الدولة هي تعريفات تبسيطية لا تحيط بالظاهرة من أبعادها المتعددة: القيمية والمؤسسية والهوياتية والوظيفية، كما أن بعضا من هذه الأبعاد لا يمكن تحقيقه عمليا كما أشرنا إلى ذلك سابقا.

ثالثا: تعريف العلمانية الذي تقترحه هذه الورقة هو “عملية إعادة انتاج الدين وفق شروط الحداثة”، وبالتالي هي ليست بالضرورة لادينية أو ضد الدين، بل أحيانا هي مجرد نمط مختلف غير تقليدي من التدين. فالحداثة وقد ارتبطت بتغيرات إبستمولوجية أساسها مركزية الإنسان، وهذا العالم بديلا عن مركزية الإله والعالم الآخر، واعتبار العلم التجريبي والعقلانية أساسا للمعرفة البشرية، وبما انتجته من نظم اجتماعية سياسية واقتصادية فإنها أثرت ضمن ما أثرت به على الظاهرة الدينية ووعي الإنسان وتعاطيه مع هذه الظاهرة.

رابعا: إن عملية إعادة إنتاج الدين وفق شروط الحداثة يمكن تصنيف منتجاتها إلى ثلاثة أنماط:

الأول: “تديين” الحداثة، بمعنى أنها صارت معتقدا ورؤية كونية، وليست مجرد تغيرات معرفية واجتماعية قد تحمل أوجها إيجابية وأخرى سلبية، وهذا النمط ارتبط بالإلحاد، وأنتج علمانية مناهضة للدين، تسعى لإنهاء وجوده من المجالين العام والخاص على حد سواء.

الثاني: خصخصة الدين، بمعنى حصر الدين – أو حصاره – في المجال الخاص، وذلك عن طريق تحجيم دوره في المجال العام بمختلف نطاقاته السياسية والاقتصادية والقانونية ونحوها، بحيث يصبح الدين بالأساس شأنا عقديا وشعائريا خاصا يتعلق بالضمير الشخصي، مع القبول بأدوار قيمية محدودة للدين في النطاقات الاجتماعية المذكورة.

الثالث: علمنة التدين، بمعنى الإيمان بدور أساسي للدين ليس فقط في المجال الخاص بل وفي المجال العام أيضا، لكن – في المقابل – فإن أدوار الدين الاجتماعية نفسها تمت علمنتها بدرجة أو بأخرى، أي بمعنى جعلها أكثر اتساقا مع العلم التجريبي والعقلانية وأكثر اهتماما بإشكاليات هذا العالم من الأمور الثيولوجية والأخروية.

وفي إطار هذه الأنماط، يمكن القول إن ما حاولت أن تقدمه هذه الأفكار هو منظور جديد للخروج من أسر التصورات النمطية من طراز العلمانية/الإلحاد أو الدينية/الظلامية، ومن الأسئلة المضللة والمقولات التبسيطية، مثل العلمانية كشرط للتقدم أو الدين غير المنسجم مع الحداثة إلى تصورات ومقولات أكثر تركيبا، بحيث يتم توجيه الجدل إلى كيف يمكن إيجاد صيغ أكثر إيجابية في التعاطي مع الحداثة والفرص والتحديات التي تفرضها على وعينا وإدراكنا للدين ووظائفه السياسية والاجتماعية من جهة، ومن جهة أخرى، كيف يقوّم الدين بهديه الإلهي وموروثه البشري الطويل والثري من الحداثة واعتلالها الروحي والأخلاقي (30).

————————————-

الهامش

(1) عبدالوهاب المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ج1، دار الشروق، القاهرة، 2011، ص: 15.

(2) Heba Raouf Ezzat, “Secularism, the state and the social bond” in Islam and secularism in the Middle East, eds. John Esposito and Azzam Tamimi (London: C. Hurst -Co., 2002), 125.

(3) William H. Swatos and Kevin J. Christiano, “Secularization theory: the course of a concept”, Sociology of Religion 60, 3 (1999): 212.

(4) Azzam Tamimi, “The Origin of Arab Secularism” in Islam and secularism in the Middle East, eds. John Esposito and Azzam Tamimi (London: C. Hurst – Co., 2002),15.

(5) John Keane, “Secularism?”, Political Quarterly, 71 (2000): 15

(6) Tamimi, “The Origin of Arab Secularism” in Islam and secularism in the Middle East, 17.

(7)المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ج1، 17.

(8) Talal Asad, Formations of the secular: Christianity, Islam, Modernity (Stanford; California: Stanford University Press, 2003), 207.

(9) Swatos and Christiano, “Secularization theory: the course of a concept”, 213.

(10)عبدالوهاب المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ج2، دار الشروق، القاهرة، 2011، ص: 472.

(11) Asad, Formations of the secular, 2.

(12) Jose Casanova, Public religion in the modern world (Chicago, University of Chicago Press: 1994), 14.

(13) Nikos Kokosalakis, “Legitimation Power and Religion in Modern Society”, Sociological Analysis 46, 4 (1985):367.

(14)عزمي بشارة، الدين والعلمانية في سياق تاريخي ج2-1، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2015، ص:816-818.

(15)المرجع السابق، ص: 44.

(16) Immanuel Wallerstein, “Render Unto Caesar?: The Dilemmas of a Multicultural World”, Sociology of Religion 66, 2 (2005): 121.

(17) Olivier Roy (trans. by Carol Volk), The failure of political Islam (Cambridge; Massachusetts: Harvard University Press, 2001), 12.

(18)عبدالوهاب المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ج1، دار الشروق، القاهرة، 2011، ص:69.

(19)عزمي بشارة، الدين والعلمانية في سياق تاريخي ج1، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2013، ص:443.

(20) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “…ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب، ..” رواه الطبراني

(21) عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها وأولهن نقضاً: الحكم، وآخرهن الصلاة” رواه أحمد

(22) بمعنى سلطة تفسير وتأويل النصوص الدينية

(23)المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ج1، ص:62.

(24)بشارة، الدين والعلمانية في سياق تاريخي ج2-1، ص: 41.

(25) Larry Shiner, “The concept of secularization in Empirical Research”, Journal for the Scientific Study of Religion 6, 2 (1967): 212-213.

(26) Swatos and Christiano, “Secularization theory: the course of a concept”, 217.

(27) Charles Taylor, A Secular Age (Cambridge; Massachusetts: The Belknap Press of Harvard University Press, 2007), 19 – 20.

(28) Linell E. Cady and Elizabeth Shakman Hurd, “Comparative Secularisms and the Politics of Modernity: An Introduction” in Comparative secularisms in a global age, eds. Linell E. Cady and Elizabeth Shakman Hurd (New York: Palgrave Macmillan, 2010), 3.

(29) N. J. Demerath III, “Secularization and Sacralization Deconstructed and Reconstructed” in The SAGE Handbook of the Sociology of Religion, eds. James A. Beckford and N. J. Demerath III (London: SAGE Publications Ltd, 2007), 69.

(30) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

الوسوم

د. محمد عفان

باحث دكتوراة في العلوم السياسية، معهد الدراسات العربية والإسلامية، جامعة إكستر، المملكة المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى