مجتمع

الإخوان وإدارة العلاقات مع القوى السياسية المؤيدة للثورة

فى ظل حالة الاستقطاب الكبير بين مختلفة القوى السياسية المتواجدة على الساحة ومناخات التخوين والإقصاء والاستعداء التى تمارسها بعض القوى السياسية تجاه الإخوان أو تحالف دعم الشرعية، بدت الحاجة واضحة لإعادة فك وتركيب هذه القوى والتعرف على علاقاتها فيما بينها حتى يمكن تحديد الطرق المثلى فى التعامل معها، و التقدم نحو نظام تشاركي منضبط على أسس سليمة..

أولاً: معضلة الصراع السياسي القائم:

المعضلة الأساسية فى الصراع القائم سياسيا بشكل تجريدى اذا استبعدنا البيئة السياسية التى يعمل فيها النظام هى أنه ليس صراعاسياسيا تقليديا كمعظم الصراعات فى العالم، ولكنه صراع مشاريع وإيديولوجيات فى المقام الأول.

بدا ذلك واضحا فى أعقاب ثورة يناير والاستفتاء على التعديلات الدستورية وانقسم الشعب بنخبه إلى معسكرين معسكر إسلامي وآخر علماني ليبرالى قبطي، ثم تكرر المشهد وبلغ ذروته فى الاستفتاء على دستور 2012 وما سبقه من اجراءات ونقاشات جزرت ومايزت بين المشروعين بشكل واضح.

وأمام هذا التمايز الكبير بين المشروعين فى أفكار والمنطلقات والقيم والمبادىء ورؤية كل منهما لشكل الدولة وهويتها ومرجعيتها يصبح من الصعب الحديث عن إدارة صراع سياسي حقيقي فى خضم صراع إيديولوجى حاد.

ومما عمق حدة الصراع أنه حتى التيارات العلمانية الأخرى لم تتسق مع منطلقاتها الفكرية التى تدعيها مثل البحث عن الديمقراطية وتداول السلطة والحرية والمساواة وغيرها من القيم التى تمثل فلسفات لإيديولوجيات مثل الليبرالية والحداثة واليسار وغيرها من نخب المعسكرى العلماني المصري، وفضلت أن تكون هذه النخب جزءا من الانقلاب العسكري ومن الديكتاتورية الجديدة فى مصر في مقابل محو الطرف الآخر الإسلامي من الوجود شخوصا وفكرا.

وبالتالي فتوصيف الصراع بالسياسي المحض هو توصيف يجانبه التوفيق ويشتت الإنتباه ويحرف البوصلة، لكننا فى خضم صراع إيديولوجى أو حضاري حاد بين مشروع اسلامي يبحث له عن موطىء قدم وساق وجسد ورأس فى وطنه، ومشروع ليبرالي علمانى قبطي متخاصم فى غالبه مع المشروع الإسلامي ويعتبره تهديد لوجوده فى المجتمع والسلطة.

لذلك تعتبر المعركة بحق هي معركة الهوية والمرجعية سواء صبغت في طابع سياسي أو قانوني أو غيرها، ويصبح تقزيم الصراع فى شكل تشاركية سياسية فحسب هو تسطيح للصراع وإضاعة للوقت والهروب من استحقاقات اللحظة.

ثانياً: خصائص بيئة الصراع السياسى الحالي فى مصر:

أ) استبدادية:

تتسم بيئة الصراع السياسي الحالي بأنها بيئة انقلاب عسكرى غاشم فى صفاته وفى سلوكياته وفى طرق تفكيره، وهذه البيئة وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة من البطش فى تاريخ مصر الحديث وربما القديم أيضا. ومع تزايد القمع الممنهج عبر المذابح والمجازر واعتقال عشرات الآلاف والموت تحت التعذيب فى السجون والفصل من العمل والمنع من السفر ومصادرة الممتلكات وامتداد الانتهاكات للزوجات والأبناء والآباء، فضلا عن تجميد الأحزاب وووقف طباعة الصحف وتلفيق القضايا واحكام الإعدامات بالجملة كل هذا البطش والقمع جعل المعارضة السياسية (الحقيقية) باهظة الثمن بشكل غير محتمل.

ب) أمنية مخابراتية:

بمعنى أن من يدير المشهد السياسى الحالي هى أجهزة المخابرات الداخلية والخارجية كما أن تحريك كثير من القوى السياسية حاليا يتم كقطع الشطرنج بلا مبالغة وبنفس درجة السهولة فى تحريك أى قطعة من قطع اللعبة. وتعنى كذلك قدرة الأجهزة الأمنية على فرض سيطرتها عليهم، فمعظم قيادات الحكم الحالية أو حتى المعارضة المدجنة عليها ملفات فساد يتم استخدامها لترويضهم من جانب قادة الانقلاب([2]).

ج) مصلحية:

بمعنى أن عدد غير بسيط من القوى السياسية هو عبارة عن شركة تحولت إلى حزب وبالتالي فالحزب موجود لرعاية المصالح الاقتصادية لصاحبه الذى يصرف عليه وبالتالي نجد أن شبكات المصالح متداخلة بقوة فى المشهد وحزب الوفد والمصريين الأحرار مثال واضح على ذلك.

د) نخبوية:

فلا يوجد ثقل حقيقي لهذه القوى السياسية على الأرض وهى فاشلة فى الحشد أو اقناع الناس ببرامجها ولذلك ارتضت بالانقلاب العسكرى لأنه يبعدها عن اختبار الشارع والشعبية والقدرة على تحريك الجماهير، لذلك من المهم جدا تحديد الأوزان النسبية لهذه القوى والتعامل معها وفق حجمها الحقيقى وليس وفق حضورها الاعلامى، مع التأكيد على أن الحضور و التأثير الاعلامي جزء من الحجم المؤثر، و ليس فقط القوة على الأرض.

ثالثاً: المطالب المتبادلة بين القوى الثورية:

المستوى الأول: مطالب القوى الثورية من الإخوان:

تتلخص مطالب القوى الثورية من الإخوان في:

أ- التنازل عن مطالب عودة الشرعية وعلى رأسها عودة الرئيس محمد مرسي.

ب- التوقف عن رفع شعارات رابعة.

ج- الإعتراف بخطأهم في حق الثورة وفي إدارتهم للبلاد طيلة فترة حكم العسكر.

د- الإبتعاد عن الحياة السياسية تماما والإكتفاء بالدور الدعوى.

ه- الإعتراف بما يصفونه “ثورة” 30 يونيو.

و- الحفاظ على علمانية الدولة دون اعلان ذلك صراحة[3].

المستوى الثاني: مطالب الإخوان من القوى الثورية:

تتلخص مطالب الإخوان من القوى الثورية في الآتي:

1- اعتراف الجميع بأخطاء الماضي.

2- إحترام المسار الديمقراطي الحاصل قبل الإنقلاب.

3- التمسك بعودة مرسي ولو لفترة بسيطة في اعقاب دحر الانقلاب على اعتبار ان هذا الشكل المنطقي لكسره.

4- التوحد على اسقاط الانقلاب الآن ونبذ الخلافات.

5- صياغة مشروع سياسي مشترك لمرحلة ما بعد الانقلاب يعتمد على التشاركية السياسية وليس هيمنة الأغلبية.

6- محاسبة ومعاقبة قادة الانقلاب وعدم التنازل عن حقوق الشهداء منذ ثورة يناير وحتى الآن[4].

المستوي الثالث: تحفظات كل من الإخوان والقوى الثورية على مطالب كل طرف

1ـ تحفظات القوى الثورية على مطالب الإخوان:

· القوى الثورية ترفض تمسك الإخوان بعودة الدكتور محمد مرسي للحكم وتعتبر ذلك وهم، وتحمل د. مرسي المسئولية عن فشل الدولة.

· ترفض ايضا رفع شعارات رابعة وتعتبرها متاجرة بالدماء.

· ترفض أيضا عودة دستور 2012 وتعتبره دستور الإخوان.

· يعتبرون الإخوان يبحثون على مصالحهم فقط من خلال طلب توحد القوى الثورية ويعتبرون مطلب الإخوان هذا، هو نوع من الاستخدام لهم في سبيل البحث عن واجهة غير اسلامية يختبئون خلفها على حد قولهم .

· يعتبر عدد كبير منهم أن ما حدث في رابعة يتحمل الإخوان مسئوليته لرفضهم فض الإعتصام.

· لدى القوى الثورية عداء شخصي مع رموز وقيادات الجماعة التي قادت المرحلة السابقة.

وفي إطار هذه التحفظات تأتي أهمية التأكيد على أن القوى الثورية لديها قناعة بأنه في حالة سقوط الانقلاب فسيكونون هم الخاسرين وخصوصا ان عددا كبيرا منهم شارك بشكل مباشر أو غير مباشر في الانقلاب وفي التحريض على أنصار الشرعية. فضلا عن ان سقوط الانقلاب يعني انتصار للمشروع الإسلامي وبالتالي لن يكون لهم مكان في الدولة الجديدة، لذلك يبدو رفضهم للتشاركية هنا حفاظا على حاضرهم وتامين لمستقبلهم.

2ـ تحفظات الإخوان على القوى الثورية:

· يعتبر الإخوان أن مطالب القوى الثورية هي نوع من الوصاية على الإخوان وعلى الثورة.

· موضوع عودة دكتور مرسي لا يملك الإخوان التنازل عنه، وهو الشئ الذي تريده القوى الثورية، لكونه الرئيس المنتخب من الشعب و ليس فقط الاخوان، وهو صعب حدوثه لتحوله لرمز شعبي يعد التنازل عنه بمثابة انتحار سياسي.

· يرفض الإخوان اتهامات القوى الثورية لها بالخيانة والعمالة والمسئولية عن كل ما حدث وهي الاتهامات التي دأب ( 6 ابريل ) والاشتراكيون الثوريون على تكرارها تجاه الإخوان.

· شباب الإخوان لديهم عداء شديد مع هذه القوى، ويعتبرون أي شكل من التقارب معها هو تنازل ومهانة واعطاء لهذه القوى فوق حقها وكثيرا ما هاجموا بيانات الجماعة التي تتحدث عن ذلك.

· يرفض الإخوان “علمنة الدولة ” التي تريدها القوى الثورية ويعتبرونها لا تتوافق مع المرجعية الحضارية للأمة.

· يصر الإخوان على معاقبة ومحاسبة قادة الإنقلاب وعلى رأسهم السيسي وتعتبره قائد الانقلاب العسكري، في حين تعتبره هذه القوى قائد “ثورة” 30 يوينو ورئيس الدولة المنتخب، و لا تطالب بالضرورة باسقاط النظام بل باصلاحه.

رابعاً: مدى امكانية التوافق السياسي بين الأطراف:

هذه الأجواء من القمع والتعامل الأمني المخابراتى يجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل البحث عن توافق وطني بأدوات العمل السياسي الطبيعية المتوفرة فى الأنظمة الديمقراطية، والتعويل على إحداث شراكة وتحالفات فى ظل هذه البيئة هو خطأ استراتيجي فى التصور والرؤية بكل تأكيد. فمع القمع الحاد للمعارضة ومع السيطرة الأمنية المخابراتية يصعب وبقوة ايجاد بيئة حاضنة لأى حوار سياسي ناجح أو ناضج([5]).

الشاهد هنا انه رغم الجهود الهائلة التى بذلت لم يحدث تقدم نهائي فى الموضوع بل على العكس إزدادات الأمور سوءا بانسحاب عدد من الأحزاب الرئيسية فى التحالف. وبناء عليه يجب أن يكون التعامل مع القوى السياسية الراهنة بمنطق تسجيل الموقف للتاريخ ومحاولة إقامة الحجة عليهم فضلا عن استقطاب (عناصر) منهم إلى الصف الثوري إن أمكن. والإقتناع بهذا الطرح في التعامل معهم سيوفر كثيرا من الوقت والجهد على التحالف والإخوان، ويجعل القدرة على التعامل معهم أفضل لأنها حينها ستنطلق من واقع حقيقي وليس افتراضي.كما ان متخذ القرار لن يعتبرها نقطة إعاقة فى التقدم على الأرض.

خامساً: تحليل للقوى السياسية من منظور وظيفي،

أ) مجموعات سياسية:

الكيانات الحزبية والثورية التى لها برامج حقيقية ومشاريع سياسية وان كانت دون المستوى، أو بمعنى آخر أنها كيانات تحركها دوافع سياسية ذاتية وليس بإرادة فوقية أمنية أو مصالح مباشرة، مع الإقرار بأنه نتيجة ظروف القمع الأمنى يصعب استقلال قرارات هذه الكيانات بعيدا عن الضغوط عليها والأمثلة على ذلك أحزاب مثل (مصر القوية – الوسط – الوطن – الجبهة السلفية – جناح فى 6 ابريل – شخصيات فردية).

ب) مجموعات وظيفية:

كيانات ليست فى الأصل ذات مشروع سياسي حقيقى ولكنها تؤدى أدواراً محددة لها من قبل الأجهزة الأمنية أو المخابراتية أو مجموعات المصالح التى تحركها مباشرة وهذه المجموعات لا يعنيها على الإطلاق التوافق الوطني أو الشراكة او المفاهيم والمضامين التى يسعى التحالف أو الاخوان لتوحيد الثوار عليها، وهى وإن كان لبعضها مشاريع سياسية الا انها تمثيلية اكثر منها واقعية، ومن أمثلتها (التجمع – جبهة الانقاذ – الوفد – المصريون الأحرار – حزب النور – أحزاب الفلول جميعها – تمرد).

ج) مجموعات ثورية غير مؤدلجة:

وهى كيانات نشأت بعد الانقلاب كرد فعل لممارساته ويغلب عليها الطابع الطلابى أو المهني كشباب ضد الانقلاب أو غيرها من الحركات الثورية فى المحافظات او الجامعات المختلفة.

د) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:

تعتبر عنصر قوى واساسي فى الصراع السياسي الحالي وتمثل الحاضن الشعبي الأكبر للانقلاب حتى الآن رغم تآكله نسبيا، ويعتمد السيسي عليها فى الحشود الشعبية التى يحتاجها سواء فى التظاهر أو الانتخابات أو غيرها. والكنيسة ترعى مشروع طائفى بامتياز يشكل عقيدتها الدينية ودورها فى المجتمع ولديها مخزون هائل من السلاح لرعاية مشروعها والحفاظ عليه ان شعرت بالخطر، كما انها متوغلة كلية فى مفاصل الدولة وتسيطر على امكانيات مادية هائلة، لذلك تعتبر الكنيسة المنافس الشعبى الأقوى للتحالف والإخوان والتى ستأتي لحظة الصدام معها عاجلا أم آجلا.

ه) المؤسسات الدينية الإسلامية:

رغم كونها ليست كيانات سياسية إلا أن دورها السياسي المباشر فى الوقت الحالي يجعلها أيضا أحد أطراف الصراع السياسي، ففي بداية الثورة كانت مظلة الأزهر راعية للحوار الوطني بين القوى السياسية، والآن الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء هم الرعاة للإقصاء الوطني بامتياز دون دخول فى تفاصيل يعلمها الجميع.

و) المؤسسات الحقوقية:

فى غالبها هى تابعة للنظام وتؤدى أدوارا وظيفية فى تحسين صورته وسكوتها على المجازر المستمرة خير دليل على ذلك، لكن تظل المؤسسات الدولية منها تحاول الحفاظ على مصداقيتها عبر انتقاد جرائم الانقلاب العسكري لكنها فى الحقيقة غير حيادية، وعندما تحتاج لإدانتك ستنديك بأدلة واهية وفعلتها مرارا قبل ذلك، ومصادر تمويلها الحقيقة يوضح أنك لا تستطيع ان تعتمد عليها دائما.

ى) النقابات المهنية و العمالية:

الدور المهني للنقابات المهنية فعال للغاية لكن لا يمكن الاعتماد عليها فى القيام بدور سياسي نهائيا فى ظل القمع الحالي وتصبح الحالة المثالية فى هذا الظرف هى الحفاظ على بقاء دورها المهني والذي يعتبر دور سياسي غير مباشر[6]. أما النقابات العمالية، فينبغي السعي لزيادة قوتها لتصبح أكثر تمثيلا للعمال و تعبيرا عن مطالبهم الوظيفية و المعيشية، و بهذا يمكن أن يكون لها دورا سياسيا مجتمعيا هاما (على غرار الدور الذي تقوم به في تونس مثلا.

سادساً: مستقبل العلاقة بين الأطراف والقوى الثورية الفاعلة:

بناء على ما سبق لا يمكن التعويل على تغير نوعي فى طبيعة القوى السياسية ولا فى نمط العلاقات بينها ولا حتى فى المنظور القريب، ما دام الانقلاب العسكري ومنظومة قمعه كما هي لم تسقط، وتصبح التغيرات الحاصلة فى غالبها تكتيكية أو إجرائية لتسجيل المواقف أو ضغوط أمنية فى اتجاه معين توظف لصالح بقاء الانقلاب.

ربما يكون هناك فقط متغيران يمكن رصدهما أحدهما فى الاتجاه السلبي وهو فقد السيطرة على باقي النقابات المهنية لصالح الانقلاب إما بالإنتخاب أو الحراسة، وتوغل الكنيسة أكثر على الشأن المصري بما يصاحب ذلك من تداعيات فى ملفات عدة أبرزها زيادة عمليات التنصير بشكل كبير وهو جاري حاليا.

وأيضا وصول رجال الكنيسة لمواقع نافذة بالدولة يصعب ابعادهم عنها بعد ذلك بدعوى التمييز وهو ما يسبب حالة انكشاف للأمن القومي المصري كبيرة، فضلا عن انه كلما طال الوقت كلما زادت منظومة الكنيسة المسلحة قوة من حيث التدريب والتجهيز وهذه أكبر المخاطر المتوقعة فى مستوى المواجهة بعد منظومة الجيش.

وهنا يكون من المهم العمل على بناء نخب سياسية جديدة من رحم الثورة غير مسيطر عليها وتعبر عن قناعات وثقافات المجتمع، لكن الاستثمار فى هذه النخب الجديدة يعتمد بعد الله على قدرة الإدارة الثورية على المساهمة فى تسهيل صناعة هذه النخب الجديدة وتجهيزها للقيام بعملية احلال وابدال محل النخب العلمانية القديمة التي تم زراعتها فى مصر ورعايتها من الغرب.

ومن هنا يجب على صانع القرار الثوري ألا يبني رؤى استراتيجية تعتمد على وحدة الصف الثوري أو التشاركية السياسية كموقف استراتيجي لصعوبة ذلك، إلا مع المجموعات التى وصفناها ب (المجموعات السياسية) وليست (الوظيفية)، المجموعات الوظيفية يمكن بناء علاقات معها كموقف تكتيكي وسنشرح بالتفصيل كيفية التعاطي مع كل شريحة منهم.

سادساً: كيفية إدارة الصراع السياسي:

المرحلة الأولى: تحديد المشروع والمبادئ المرجعية الحاكمة للصراع:

لا يمكن أن تقدم على عملية تشاركية سياسية دون تحديد واضح للمشروع الرافع لهذه التشاركية السياسية على مستوى الاستراتيجيات والمبادىء العامة والتفاصيل إن امكن. رؤية كاملة تضع يدها على الأسس والمنطلقات والمبادىء والقيم الحاكمة والنقاط المرجعية للمشروع السياسى قبل سقوط الانقلاب وبعده، وعليه تتحدد إجابات الأسئلة مع من نتفاوض؟ وعلى ماذا نتفاوض؟، وكيف نتفاوض؟ وغيرها من الأسئلة.

المرحلة الثانية: استراتيجية إدارة الصراع السياسي:

أ) تجميع الحلفاء وتمتين ما هو قائم:

تعتبر هذه نقطة الإنطلاقة الأساسية بعد تحديد “المشروع السياسي”، وتقوم على إقامة التحالفات السياسية التى تتبنى المشروع السياسي بثوابته ومرجعياته وان اختلفت فيما دون ذلك.

ب) بدء حوار غير معلن مع (المجموعات السياسية):

بعد فرزها حول المشروع السياسي والنقاش عليه تحت رعاية شخصيات اعتبارية مستقلة (د سيف عبدالفتاح نموذجا) ، فى محاولة للتفاهم وتقريب وجهات النظر مع مراعاة الضغط الأمني وتأثيره على خوف هذه الأطراف من الحوار.

مع الوضع فى الحسبان ان احتمالية التوقف أو الرفض عالية نتيجة بطش الأمن والخوف من تجميد نشاط هذه الأحزاب وكلها تقريبا تحت هذه المقصلة، لكن مهم جدا رعاية حوار معها باستمرار لتفادي سقوطها لمربع العداء للمتخذ القرار (التحالف أو الإخوان) وفى نفس الوقت للاطلاع المستمر على تطور العلاقات وتشعبها فى ظل الانقلاب.

ج) التعامل مع (المجموعات الوظيفية):

يكون على النحو التالي

1- فرزهم لمستويات على حسب درجة الابتعاد او الاقتراب من الأجهزة الأمنية بحيث يكون التقسيم كالتالى على حسب الأقرب فى التعامل معهم: شبكات المصالح (المالية) ثم (المالية + الأمنية) ثم (الأمنية).

2- اختيار الشخص والوسيلة المناسبة للحوار معهم على أن يتوافر عنصر الندية فى الشخص ومستوى الخطاب ويفضل أن تكون شخصيات تملك القدرة على الحركة دون ضغط أمني (شخصيات مستقلة).

3- فى المجموعات الوظيفية دائما ما يكون المتحكم فى الكيان شخصية محورية وحيدة هى من تدفع وتنفق الأموال أو هى من تتواصل مع الأجهزة الأمنية وتنفذ التعليمات والتوجهات.

لذلك مهم فى كل كيان معرفة الشخصية المفتاح وتحديدها بدقة ثم البدء فى جمع كل المعلومات الممكنة عنها سواء شخصية أو وظيفية أو سياسية أو علاقات، ثم معرفة (نمط الشخصية ونمط التفكير – ملفات الفساد – شبكة العلاقات).

د) اجراءات التعامل مع المجموعات الوظيفية:

بناء على مستوى المعلومات المتحصلة عن الشخصية يتحدد نوعية التعامل المطلوب معه فى عدة أشكال منها:

1- الإلهاء: عبر شغله شخصيا بملفات فساد أو تهديدات توجه لشخصه أو اسرته (تهديد فقط)، فضحه فى ملفات معينة لإنهاكه وارباكه.

2- التوريط: فساد + قضايا + تصريحات.

3- التجنب: عدم التعامل نهائيا لخطورة ذلك أمنيا أو لضعف الاستجابة المتوقعة.

4- الفضيحة

5- تحميلهم المسئولية الكاملة عن اى جرائم تحدث.

6- التواصل مع أسرهم وكشف حقيقتهم أمامهم.

7- تحريك دعاوي قضائية ضدهم.

8- المقاطعة الإقتصادية لمنتجاتهم وشركاتهم وقنواتهم.

9- ضرب مصالحهم الاقتصادية (تعامل أمني).

10- تجنيدها إن امكن عبر ابتزازها أو الضغط عليها بملفات معينة لمعرفة معلومات عن ادارة الانقلاب العسكري وغير ذلك.

11- استخدامها فى الوقيعة بينها وبين أجنحة النظام المختلفة أو بينها وبين شبكات المصالح بشكل مباشر أو غير مباشر

كل وسائل التعامل السابقة تتحدد على حسب مستوى الشخصية وتأثيرها السلبي فى الحياة العامة ومدى الحاجة لانهاكها أو تجنيدها أو إقصائها من المشهد.

ه) بناء النخب الجديدة (غير الحاكمة)

أخطر المواجهات على المستوى السياسي هو تحدي تأسيس نخب جديدة تعبر عن هوية الأمة وثقافتها وحضارتها حتى لو اختلفت فيما بينها فى المشاريع والتفاصيل، والأهم من ذلك هو إحلالها محل النخب القديمة التى صنعها الاستعمار ورعاها.

وهنا يمكن التحرك فى مستويان متوازيان

أ) احتواء وتحجيم النخب القائمة الخاصة المتطرفة سلوكا وفكرا بنفس آليات التعامل مع المجموعات الوظيفية السابق ذكرها.

ب) بناء النخب الجديدة عبر الانتقاء الأمثل لعناصر النخبة وبناء شبكة علاقات انسانية معهم وتقديمهم وابرازهم حتى لو كانوا مع المختلفين مع الإخوان، فالهدف هو نخبة لها انتماء وطني لا تتصادم مع ثوابت الأمة وان اختلفت مع الإخوان. والمقصود هنا ليست النخب الحزبية فليس من المنطقي أن يعمل فصيل سياسي على ابراز فصيل آخر، ولكن المقصود هو النخب الثقافية والاجتماعية والعلمية وغيرها. وهذه النخب لابد من توفير دعم اعلامي لها وبيئات عمل تنمي قدراتها وتصقلها بشكل جيد لتكون الظهير للمشروع الإسلامي الوطني عموما.

سابعاً: سيناريو تشاركي مقترح:

يقوم السيناريو على تقديم تنازلات من جميع الأطراف والقيام بعدة مناورات سياسية تمكن من إحداث تقارب بين هذه القوى، ويقوم السيناريو على تفكيك التحفظات الأساسية، أو النقاط المعضلة في الصراع:

1ـ معضلات التوافق ومستويات حلها:

أ) المعضلة الأولى: عودة الرئيس:

الحل الأمثل للخروج من هذه المعضلة يتمثل في مستويان من التفاوض مع القوى الثورية:

المستوى الأول: محاولة اقناعهم بالعودة الرمزية أو المؤقتة للرئيس ويكون ذلك برعاية وسيط يرتضيه جميع الأطراف مع الاتفاق على شكل العودة من الآن ومدتها، وطريقة شغل المنصب بعدها .

المستوى الثاني: تغييب الرئيس ذاته عبر ادعاء تصفية العسكر له والتخلص منه في حين يكون قد تم نقل مقر إقامته إلى مكان آمن داخل مصر أو خارجها في دولة حليفة كتركيا أو قطر مثلا، دون إعلان بالطبع. أو حتى الإعلان عن مرض الرئيس بشكل لا يمكنه الإستمرار في أداء منصبه ويتم اخراج الموضوع بشكل اعلامي جيد يبرر عدم استكماله لفترة رئاسته دون غضب رافضي الانقلاب[7].

ب) المعضلة الثانية: محاكمة السيسي ومحمد إبراهيم وباقي قادة الانقلاب

المستوى الأول: النجاح في فرض محاكمتهم وعزلهم والقصاص منهم.

المستوى الثاني: توفير خروج آمن لهم إلى دولة داعمة للانقلاب لا يعلن عنها ويمكن معالجة ذلك إعلاميا بأنه ( هروب ) منهم، بحيث أيضا يتم تجنب غضب الجماهير.

المستوى الثالث: ادعاء اعدام بعضهم، ومعالجة ذلك اعلاميا بالإعدام الفعلي لجنائيين متهمين بالقتل ومحكوم عليهم بالإعدام على أنهم رموز الانقلاب ومعالجة ذلك اعلاميا ليظهر وكأنه حقيقي.

ج) معضلة الرئيس الجديد

المستوى الأول: اختيار شخصية مستقلة لتولي منصب الرئيس غير محسوبة على أي طرف والحصول على ضمانات دولية لتمرير ذلك.

المستوى الثاني: مجلس رئاسي مدني يرأسه شخصية مستقلة واثنين واحد اسلامي وآخر ليبرالي مثلا ويكون التصويت فيه ب (2+1)، ويختص فقط بالشئون الخارجية وإقرار السياسات العامة في الدولة.

د) معضلة القصاص للشهداء

بالتخلص من السيسي ومحمد إبراهيم وتغييب الرئيس مرسي أو بقاءه لفترة محددة ستكون المعضلة الأساسية للصراع قد حلت، وعندها يمكن للنظام أن يضحي بمن هم دون ذلك في الإعلام والشرطة والقضاء لذلك لا بد من تحقيق ذلك بالإصرار على القصاص منهم. ويمكن استغلال حالة الفوضى الناشئة بعد سقوط الانقلاب في تصفية عدد من عتاة الإجرام في القضاء والشرطة والاعلام دون انتظار محاكمات.

ه) معضلة توزيع السلطة:

الحكومة: تكون الحكومة توافقية من كافة الجهات مع تحييد الوزارات السيادية.

البرلمان: يفضل تأجيل الانتخابات ويتم الاكتفاء بمجلس ثوري توافقى لا أغلبية فيه لأحد لمراقبة أعمال الحكومة وإقرار القوانين.

المؤسسات السيادية: إقالة الشخصيات المتورطة في جرائم بها، وتفكيك الشبكات الداخلية ووقف عمل الجهاز كله في حالة الفشل في تطهيره أفضل. والتوسع في الشرطة المجتمعية عبر تعيين الآلاف من رافضي الانقلاب داخلها بحيث تكون نواة قوة نظامية يمكن الاعتماد عليها بعد ذلك.

و) معضلة النخب:

يتم التركيز على “صناعة النخب الجديدة” مع محاولة استقطاب القوى الأخرى وفي حالة فشل استقطاب كيان يتم اللجوء إلى استقطاب أفراد منه ومعالجتها اعلاميا على انها ممثلة لهذه النخب[8].

ز) معضلة الدستور:

يمكن العودة إلى كلمة مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع لكن في مقابلها يتم الغاء المحكمة الدستورية العليا والقيام بإصلاحات قضائية حيوية وجذرية تحقق العدالة الإسلامية وتكون مقدمة لتطبيق الشريعة[9].

ح) معضلة الجيش:

عودة الجيش للثكنات وخروجه من المعادلة السياسية أمر جوهري بدونه يعني فشل الثورة، وأيضا معاقبة المتورطين في الدماء مهم للغاية وخصوصا بعد خروج السيسي من المشهد فيمكن للجيش أن يضحي بمجموعة منهم. وهنا الموافقة على ان تكون ميزانية الجيش غير مفصلة، شريطة أن يكون إقرار صفقات السلاح بموافقة الرئيس أو المجلس الرئاسي وخروج للأنشطة المدنية من تحت سيطرة الجيش أو خضوعها للرقابة الصارمة، مع الغاء حصانة وزير الدفاع وعودة الرئيس كقائد أعلى للقوات المسلحة وعودة قسم الولاء له كجزء من الصفقة.

ولكن أقترح عدم اللجوء لهذا السيناريو إلا بعد الوصول إلى لحظة لا يمكن عندها الاستمرار في الحراك الثوري، أو يصبح عندها الحل الثوري خسائره أكبر بكثير من أرباحه عندها يمكن اللجوء إليه.

توصيات ختامية:

1- تحديد القواعد الأساسية لإدارة الصراع السياسي من مرجعيات ومطالب لا يمكن التنازل عنها وشكل الصراع.

2- إنشاء قاعدة معلومات قوية حول القوى السياسية والوظيفية وفرزها جيدا على حسب المعطيات السابقة.

3- التعامل مع كل مجموعة وفق الآليات سالفة الذكر.

4- اعتبار أن الصراع السياسي هو صراع تكتيكي لتسجيل المواقف فالمعركة صفرية.

5- العمل على مشروع سياسي لما بعد الانقلاب للفترة الانتقالية.

6- بناء النخب الجديدة التى المشاركة معها سياسيا في اعقاب الانقلاب.

ملحق ـ 1

النقابات ومقاومة الانقلاب

في إطار تقييم دور النقابات في مواجهة الانقلاب العسكري تبرز عدة ملاحظات:

1ـ أن الخلل الاساسي في عمل الاخوان بالنقابات هو جعلها وسيلة أولا لتقديم خدمات ومن ثم ربط ولاء أعضاء النقابات مع الجماعة، وثانيا واجهه للعمل السياسي بدون اشتباك أساسي مع السلطة، ولكي نتجاوز هذا يجب تحوير العمل النقابي بحيث يكون مراقباً للخدمة التي تقدمها الدولة، ويمكن للاخوان حمل تلك الدعاوي بعد ان تم الاطاحة بهم من مجالس إدارة النقابات المهنية التي كانوا مسيطرين عليها.

2ـ النقابات المفترض انها مستشار غير الزامي لمشاريع الدولة (نقابة المهندسين كنموذج) فبالتالي من خلال تلك الصفة يجب لعب دورين، الاول: الاعتراض على الفساد سواء فني أو اداري من خلال مشاريع الدولة التي ينفذها الجيش تحديدا (مشروع المليون وحدة سكنية كمثال مع الامارات من خلال نقابة المهندسين والتفاوت بين المستفيات العسكرية والميري من خلال نقابة الاطباء). الثاني: اللعب على مناطق النزاع بين أركان السلطة (كرخصة المحمول الرابعة التي ستكون تابعة للمخابرات واعتراض الجيش عليها)، ثم بعد إحداث هذا التصادم تتم المطالبة بتحويل صفة المستشار غير الالزامي الى الزامي، ولا يتم تفعيل اي مشاريع بدون استشارته.

3ـ تغيير فلسفة النقابات من أداء بعض الخدمات لحماية أعضائها بكافة أنواع الحماية وعلى ثلاث مستويات تحديدا:

· أن تكون من صانعي السوق لخدمة اعضائها، أي توسيع الفرص الاستثمارية المتاحة لاعضائها (وهذا ينطبق على النقابات العمالية والخدمية على السواء)([10]).

· توفير فرص عمل لاعضاء النقابة وخاصة صغار الاعضاء الذين لم تتعدى مدة تخرجهم 13 عاما فاذا كانت فلسفة التامينات والمعاشات سواء تامين النقابة أو تامين جهة العمل هو ان تتحمل الاجيال التالية كلفة الاجيال المتقاعدة فيجب ان يتجه تمويل النقابة لكي يتحمل الاعضاء الاقدم توفير فرص عمل للاعضاء الجدد وهذا على مسارين ان يكون للنقابات دور بتمويل المشاريع الصغيرة لاعضائها وان تكون بمثابة شبكة تسويق لمنتج مشاريعهم.

· أن تكون النقابة شبكة أعمال لتوفير فرص العمل المتاحة لاعضاء النقابة وبالتالي هذا سينتج عنه مسالتين، الاولى ان تكون للنقابات ادوارا اكثر فاعلية في المطالبة بتحسين هيكل الاجور لاعضاؤها حيث انها المسؤولة اصلا عن توفير القوى العاملة لصاحب العمل، والثاني توسيع القوى الاقتصادية التي تملكها النقابات بحيث تستطيع الضغط على اقتصاد دولة الانقلاب ككل أو معاقبة اطراف اقتصادية بعينها، باستتباع مثال نقابة المهندسين ايضا فالمهندسين هم فعلا متواجدين بكافة اجهزة ومؤسسات الدولة بل والجيش (من خلال خريجي الفنية العسكرية الاعضاء بالنقابة) فبالتالي تستطيع النقابة ان تبدا حالة اضراب عن العمل بكافة مرافق الدولة وتعطيلها اذا كانت المصلحة العليا لجميع النصف مليون مهندس اعضاء النقابة تقتضي هذا.

4ـ في هذا الظرف الاستثنائي حيث أن هناك تقييد على كافة أنواع العمل المجتمعي يجب تطوير العمل من خلال النقابات بحيث يتم ربط عدة نقابات ببعضها، ففلسفة العمل المجتمعي هو تشبيك عدة طراف متناحرة ومتباعده مع بعضها بحيث تقوم بالدور المناط بالدولة([11]).

5ـ يجب تطوير أسلوب الاضرابات بحيث تكون مصممة لايذاء المسؤولين وليس المستفيدين من الخدمة التي قدمها المضربين، بمعنى كتطوير لاضراب الاطباء يجب أن لا يكون الاضراب ليس امتناعاً عن العمل، وإنما أداء الخدمة مثلاً بالمجان والامتناع عن تحصيل أرباح نظير الخدمة بغرض توصيل رسالة للمتعاملين مع المستشفيات الحكومية أن غرض الاضراب الاول هو الوصول الى نظام تأمين صحي يشمل جميع من يحملون الجنسية المصرية، وتحسين الانفاق على الصحة، وبهذا يحصل التضامن بين المضربين ومتلقي الخدمة.

6ـ لدى جماعة الاخوان المسلمين ذراع اقتصادي تم تعطيله بقرار تجميد أنشطتها وشركاتها واعتقد ان جماعة الاخوان بسبب تراكم خبراتها في مواجهة أزمات متماثلة استطاعت أن توفر تدابير لمواجهة أزمات مماثلة، سواء بنقل رؤوس الأموال للشركات المجمدة للخارج أو توزيعها على شكل أصول لدى شركاء آخرون، .. الخ. وهذا جيد ولكن المطلوب في تلك الأزمة هو إعادة توزيع رؤوس أموال الشركات المجمدة بهدف الحصول على شراكات مجتمعية تحمي هذا النشاط الاقتصادي ويتم توجيه دفته لغرض الاقتصاد المجتمعي بدلا من غرض الاستثمار، وبهذا يتم تأسيس نمط جديد من الاقتصاد المجتمعي يتم تعميمه عند التمكين.

7ـ تكوين جمعية باسم جمعية الاخوان المسلمين لتكون منصة لتجميع الجهد الذي سينتج عن تلك الشراكات المجتمعية الجديدة والجهد الذي ستقوم به بدورها الائتلافات الجهوية والجمعيات التي لم تحظر حتى الان، نحن نتكلم عن تأسيس جمعية باسم الاخوان المسلمين (حتى لو لم توافق على إصدارها وزارة التضامن الاجتماعي)، يكون هدفها التنسيق المركزي للعمل المجتمعي، وأيضا الجانب الفكري بإعادة تجديد الفكر السياسي الاسلامي المعاصر، وفيما يتعلق بقضايا من قبيل سياسات الطاقة والمسكن والأجور والاقتراض الخارجي الخ، المفترض أن يكون مناطها حزب الحرية والعدالة، طالما ظل قائما ولم يحظر وإذا ما أعاد هيكلة نفسه على نمط حزب العدالة والتنمية المغربي.


([1]) الأراء الواردة في هذه الدراسة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات، ولكن تعبر عن وجهة نظر كاتبها

(2) فالمعارض الشرس – عبدالحليم قنديل – لنظام مبارك سابقا والمنشور له على اليوتيوب مقطع دعارة مع كاتبة صحفية ومن يومها وهو حمل وديع وحمامة سلام مع كل الأنظمة وذئب شرس على كل من يعارض النظام العسكرى.

و حمدين صباحي واعتقال ابنته بعد اشتراكها فى عمليات نصب ثم اطلاق سراحها وحفظ التحقيق مجرد لفتة من الأجهزة الأمنية لحمدين. حتى النشطاء السياسيين الذين لم يجدوا ملفات قذرة لهم لتطويعهم بها، لجئوا إلى مستوى أكثر حقارة ودناءة فوجدنا أحد الأحراز التى تم عرضها فى محاكمة علاء عبدالفتاح مقطع فيديو له مع زوجته !!.

وعندما اغتاظوا من الشاعر المحترم عبدالرحمن يوسف الرافض للانقلاب نشروا مكالمة هاتفية له مع د. مصطفى النجار رغم كونه جزء من 30 يوينو !!!. حتى أحد علماء السلطان الحاليين – على جمعة – معروف أن هناك فيديوهات دعارة له فهو يفتى بما يريدون أيا كانت الفتوى وأيا كانت التبعة.

نحن نتعامل مع أنظمة غاية فى السوء والحقارة والانحطاط لا تعرف أى معنى لأى قيم، والتعامل معها بالأخلاق والإحسان والعدل قد يكون فى بعض الأحيان من باب السذاجة المفرطة.

كثير من هذه الملفات كانت فى حوزة أمن الدولة وبعد يناير إنتقلت للمخابرات الحربية وهم يديرون البلد بكاملها بهذه الطريقة القذرة المنحطة. والواقعة التاريخية الشهيرة والذى كان بطلها صفوت الشريف وزير الإعلام السابق والذى كان يشرف على قسم(الدعارة) فى المخابرات العامة وتسهيله للدعارة بين ملوك ورؤساء وفنانات مصريات شهيرات معروفات بالإسم ثم تصويرهم والاحتفاظ بها عند الحاجة أو ارسالها لدول غربية بمقابل مادى أو اثبات ولاء حتى تستخدم بعد ذلك فى اخضاع هؤلاء الملوك والرؤساء لأمريكا !!. ومن يفشلون معه فى كل ذلك فالاعتقال والتعذيب والتصفية الجسدية إن إقتضت الضرورة ذلك، هذا هو عالم العسكر لا دين لا أخلاق لا ضمير لا مبادى لا قيم.

[3]مع هذه المطالب تحاول القوى الثورية حاليا مهاجمة الإخوان وتخوينهم ونفي أية إمكانية للمصالحة معهم كما جاء في رسالة أحمد ماهر الأخيرة والتي نشرها من داخل محبسه”ماذا فعلنا لإبطال المؤامرة؟” والتي يتحدث فيها عن الفاشية الدينية ممثلة في الإخوان.

[4]حاول الإخوان عبر وسطاء مستقلين (مثل د. سيف عبدالفتاح وعبدالرحمن يوسف وغيرهم) جمع الفرقاء على هذه المطالب التي كانت صياغة اغلبها من شخصيات مستقلة ولكن لم ينجح ذلك حتى الآن، وقد حدثت محاولات عدة منها إعلان بروكسيل واعلان القاهرة. ثم انتقل الإخوان إلى شكل أكثر علانية بإعلان المجلس الثوري المصري مع آخرين والتراجع خطوات إلى الوراء في قيادته ولجانه في محاولة لإبداء حسن النية بشكل عملي في التشاركية السياسية وليس الهيمنة بالأغلبية، لكن ظل تأثير التجربة محدود في النطاق الخارجي ولم يستطع حتى الآن الانتقال بها داخليا وهو الأهم. لكن يمكن القول أنها تجربة نجاح حتى الآن، وإن لم تختبر بشكل حقيقي بعد نتيجة بعدها عن الداخل المصري وضغوطه وحساباته المختلفة.

([5]) الدور المشهود للدكتور سيف الدين عبدالفتاح بعد الانقلاب فى محاولة لم الشمل وتجميع الأطراف دليل على صحة هذا الطرح والاعتذارات من الاخوان والتحالف والحديث عن طي صفحة الماضي كلها لم تسفر عن شئ، بل الشاهد أنه فى الوقت الذى زاد حديث الإخوان والتحالف فيه عن الوحدة ولم الشمل والتوحد الثوري خرجت أحزاب الوسط والوطن والاستقلال والجبهة السلفية من التحالف !!.

[6] راجع ملحق (1) في نهاية هذا التقدير حول دور النقابات في مواجهة الانقلاب

[7] في مقابل هذه الرؤية تبرز رؤية تعارضة تماما تقوم على أن هذا المستوي لا يعتبر هذا حلا سياسيا، و لكنه حلا مهينا لكرامة الرئيس و مؤيديه، الأفضل في هذه الحالة أن يخرج الرئيس بنفسه معلنا اعتزاله و اطمئنانه للالية التشاركية التي سيتم الاتفاق عليها

[8]مثال: انقسمت حركة 6 ابريل إلى جناحين، فما المانع من استقطاب أفرادا فيها في أكثر من محافظة وضم عناصر آخرين غير معروفين لهم واعتبارهم طرف ثالث من الحركة وتلميعهم اعلاميا، ثم دعوتهم للتوافق والحوار والوطني كممثلين ل 6 إبريل، اعتقد ان هذه الفكرة يمكن تطبيقها في اكثر من اتجاه، لحلحة الأوضاع داخل هذه القوى ويمكن استخدامهم بعد ذلك كواجه مدنية.

[9] يمكن في المقابل تعطيل الدستور تماما لفترة انتقالية يكتفى فيها باعلان دستوري توافقي حتى يتم التوافق الكامل على الدستور الجديد

([10])كمثال: يجب ان يكون لنقابة المهندسين رأى إلزامي في كود البناء بمصر من أجل تنشيط حركته وتوسيع طاقة الاستثمار العقاري، ومن ثم ايجاد فرص اكبر لاعضاؤها من مهندسي مدني، وهذا حتما سيتصادم مع الجيش حيث أن الجيش هو المسيطر على كل مساحة الأرض الصالحة للاستثمار العقاري بمصر، وخاصة بخط الساحل والظهير الصحراوي، وهذا سيستلزم أن تكون النقابة والحركة المقاومة للانقلاب طرفا في التفاوض بأي موضوع متعلق بالنشاط العقاري بمصر سواء مع الشركات العقارية الكبرى (كاوراسكوم للانشاء والتعمير مثلا أو مؤسسات التمويل العقاري التابعة للحكومة كالبنك العقاري العربي الذي تشارك الامارات بحصة رئيسية بتمويل رأس ماله، ويودع الجيش به حساب بنكي)، وأن يلتف أعضاء نقابة المهندسين حول النقابة باجراءات عقابية لأى طرف يخالف ما ستطرحه.

([11])على سبيل المثال نقابة الاطباء، لن تكون واجهة لحماية حقوق الاطباء من الانقلاب إلا اذا نسقت مع بقية نقابات المهن الطبية أي الصيدلة والتمريض والعاملين بالسمتشفيات لمطلب واحد لجميع العاملين بالقطاع الطبي، فيجب التنسيق على مطلب موحد لاضراب هذه الفئات قبل الشروع فيه، وثانيا التنسيق بين اضراب الاطباء والجمعيات التي اغلقت وتضرر المستفيدين من الخدمة الطبية التي تقدمها كالجمعية الطبية الاسلامية بغرض حشدهم للتظاهر أمام المستشفيات العسكرية بمطلب تقديم نفس الموارد والتجهيزات المتاحة لمرفق المستشفيات العام بغرض اتاحتها لجميع المواطنين بالتساوي وللمتضررين من قرار غلق الجمعيات.

د. ممدوح المنيّر

· رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات و التنمية ، · مدير المركز العربى للدراسات ( القاهرة – مصر الجديدة ) ، · مدير تحرير مجلة منبر الشرق ( للشئون السياسية و الإستراتيجية ) ، · خبير و مدرب دولى بدرجة ( أستاذ ) فى مجالة التنمية البشرية ب ( منظمة اليونيسكو الدولية ).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى