fbpx
دراساتالحركات الإسلامية

الحالة الجهادية في مصر قبل ثورة يناير

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

عاد التيار الجهادي ليبرز في المشهد المصري مع خروج عناصره من السجون عقب ثورة يناير، ومعاودته لعملياته إثر تصاعد حملات القمع عقب الانقلاب العسكري في يوليو2013. وتهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة التيار الجهادي المصري منذ ثورة يناير وصولا إلى منتصف عام 2018.
ولفهم الحالة الجهادية المصرية أثناء ثورة يناير وما بعدها، فلابد أن أتناول أولا خلفيات نشأة التيار الجهادي المصري، وجذوره التاريخية، ومرتكزاته الفكرية، وبناه التنظيمية، ومشروعه التغييري، ونجاحاته وإخفاقاته قبل الثورة.
وينقسم البحث إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول يتناول الحالة الجهادية في مصر منذ بواكير تأسيسها إلى ثورة يناير 2011، بينما يتناول الجزء الثاني الحالة الجهادية في مصر منذ ثورة يناير إلى الانقلاب العسكري في يوليو 2013. ويتناول الجزء الثالث الحالة الجهادية منذ الانقلاب العسكري إلى منتصف عام 2018.
وسأتناول في الجزء الأول التطور التنظيمي للتيار الجهادي بمصر من مجموعات الجهاد إلى جماعة الجهاد خلال الفترة الممتدة من عام 1966 إلى 1988. ثم استعرض بإيجاز تجربة جماعة الجهاد منذ نشأتها وصولا إلى تعثر مشروعها التغييري داخل مصر، واندماجها مع تنظيم القاعدة، وتداعيات ذلك على تواجد الجماعة بالمشهد المصري. ونظرا لأن الجماعة الإسلامية مثلت الرافد الثاني للتيار الجهادي المصري خلال عهدي السادات ومبارك، فسأتناول تجربة الجماعة من خلال تتبع جذور نشأتها كحركة طلابية مطلع السبعينات، ثم تسيسها بمرور الوقت وتحولها إلى حركة ذات إطار محدد المعالم، مرورا بدخولها في صدام مع النظام الحاكم، وصولا إلى تبنيها لمراجعات فكرية غيرت مسار الجماعة. كما سأتناول باختصار بعض المجموعات الجهادية التي ظهرت عقب أحداث سبتمبر، وتأثرت بأطروحات تنظيم قاعدة الجهاد مثل تنظيم شبرا، وجماعة التوحيد والجهاد في سيناء، ثم أختتم الجزء الأول بتحليل التجربة الجهادية الأولى بمصر منذ نشأتها حتى قبيل اندلاع ثورة 25 يناير.
وفي الجزء الثاني سأستعرض الحالة الجهادية المصرية لحظة اندلاع ثورة يناير، والتي يمكن توصيفها بأنها كانت تعاني من موت سريري، فالجماعة الإسلامية نبذت تنظيراتها السابقة، وقدمت تنظيرات جديدة ترفض العمل المسلح داخل البلاد. بينما تلاشت جماعة الجهاد خارج مصر بعد اندماج أميرها أيمن الظواهري وعدد من رفاقه مع تنظيم القاعدة، كما تفككت الروابط التنظيمية بين عناصرها داخل السجون.
ولكن مع اندلاع الثورة انتعش التيار الجهادي، دون أن تنخرط أي مجموعات محسوبة عليه في عمل مسلح سوى على نطاق محدود بسيناء. ثم سأستعرض النشاط الجهادي خلال فترة تولي د. محمد مرسي للرئاسة، وهي الفترة التي شهدت وقائع معدودة بالأخص في سيناء، لتجري آنذاك محاولات للوساطة والتهدئة شارك فيها قدامى الجهاديين، مما أدى إلى انتشار جو من الهدوء النسبي سرعان ما تبدد عقب الانقلاب العسكري.
وسأتناول في الجزء الثالث العوامل التي أدت إلى تصاعد المد الجهادي بعد الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، وسأستعرض باختصار تجارب أبرز التنظيمات الجهادية التي ظهرت منذ ذلك الحين مثل أنصار بيت المقدس، وأجناد مصر، وكتائب الفرقان، وكتائب أنصار الشريعة، وولاية سيناء، وجماعة المرابطين، وأنصار الإسلام، وجند الإسلام. ثم أحلل التجربة الجهادية الثانية التي بدأت منذ الانقلاب العسكري وصولا لمنتصف عام 2018، وأقارنها بالتجربة الجهادية الأولى من حيث الحالة المجتمعية، وشرعية النظام، والنطاق الجغرافي، والوضع الإقليمي والدولي. ثم استشرف مستقبل التيار الجهادي المصري في ظل التطورات السياسية المتلاحقة، ثم أختم البحث بالنتائج النهائية المستخلصة منه مع تقديم بعض التوصيات الختامية.

أولاً: الحالة الجهادية قبل ثورة ٢٥ يناير

1-من مجموعات الجهاد إلى جماعة الجهاد (١٩٦٦-١٩٨٨)

لم ينشأ التيار الجهادي على هيئة تنظيم موحد بل تكون على شكل مجموعات متعددة تأسس العديد منها خلال الحقبة الناصرية. وبمرور الوقت وتوالي الأحداث اندمجت بعض هذه المجموعات في جماعة واحدة عام 1988 تحت اسم جماعة الجهاد المصرية.

بداية النشأة:

في عام 1965 دشن النظام الناصري موجة قمع جديدة ضد جماعة الإخوان المسلمين توجت بإعدام الاستاذ سيد قطب عام 1966، بينما نجت جماعة أنصار السنة من هذا القمع لهامشية تأثيرها وبعدها عن الصدام مع النظام الناصري.وفي تلك الأجواء نشأت إحدى أبرز المجموعات الجهادية عام (1966)1 . وضمت بين عناصرها اسماعيل طنطاوي الذي اشتهرت المجموعة باسمه، فضلا عن (رفاعي سرور2 ، وأيمن الظواهري)3 .
تأثرت المجموعة بكتابات سيد قطب فاعتبرته (نموذجا للصدق في القول، وقدوة للثبات على الحق)4 . كما تأثرت بمنهج جماعة أنصار السنة المتمثل في الاهتمام (بعقيدة التوحيد، وبالتعامل المباشر مع النصوص الشرعية، وبالقراءة في كتب الجهاد والسير في الصحيحين، بالإضافة إلى الاعتناء بكتب ابن تيمية وابن القيم)5 . وتبنت المجموعة مبدأ الانقلاب العسكري كوسيلة للتغيير لأن (النظام الحاكم يحكم بالقوة والقمع، ويسد أي منفذ للتغيير السلمي)6 . فدفعت بعض عناصرها للالتحاق بالجيش. ونجحت في ضم (ضابط الجيش عصام القمري، وتمكن القمري من تجنيد العديد من ضباط الجيش)7 . واعتمدت المجموعة (منهجا للدراسات الشرعية يستند إلى المنهج السلفي وكتابي “معالم في الطريق – في ظلال القرآن” لسيد قطب، وألزمت أفرادها بحضور دروس الشيخ محمد خليل هراس في مسجد قوله بعابدين، والموجود به المقر العام لجماعة أنصار السنة)8 . أي أن هذه المجموعة الجهادية الأولى جمعت بين منطلقين:
الأول: الجهاد باعتبارها مجموعة تسعى لتغيير نظام الحكم.
الثاني: السلفية باعتبارها مجموعة تعتني بنصوص الكتاب والسنة وفهم السلف لهما9 .
ومَثّل حجم العداء للنظام الحاكم وأولوية تغييره فارقا مميزا بين تلك المجموعة وما سبقها من جماعات إسلامية، فوفقا للظواهري (الحركة الإسلامية في مصر، وإن كانت قد مارست الجهاد من قبل، فإن خطها العام لم يكن موجها ضد النظام الحاكم بل كان موجها بالأساس ضد العدو الخارجي. بينما العدو الداخلي لا يقل خطورة عن العدو الخارجي، بل إنه الأداة التي يستعملها العدو الخارجي في شن حربه على الإسلام) 10. ثم وقعت هزيمة 1967 وخفت وطأة القهر الناصري. واتيحت مساحة أوسع للدعوة والانتشار، فاندمجت مجموعة الظواهري مع مجموعات جهادية أخرى ثم حدثت انشقاقات على خلفية تفاوت الآراء تجاه طريقة التغيير، فتبنى يحيى هاشم ورفاعي سرور فكرة التغيير الجماهيري عبر (الثورة الشعبية أو حرب العصابات كبديل عن الانقلاب العسكري)11 .
ووفد إلى مصر عام 1971 الفلسطيني صالح سرية ليعمل موظفا بالجامعة العربية12 . وأسس تنظيما جهاديا جديدا. ونفذ عام 1974 محاولة انقلاب عسكري اشتهرت بأحداث الفنية العسكرية13 . ورغم بساطة الخطة وفشلها إلا أن خطورتها كمنت في كونها أول خطة انقلاب لمجموعة جهادية تدخل حيز التنفيذ، فضلا عن رسالتها الرمزية برفض الحكم العلماني للسادات رغم ما حققه من انجاز عسكري وسياسي وإعلامي في حرب أكتوبر14 .
ومن بين بقايا وهوامش تنظيم صالح سرية برز المهندس محمد عبد السلام فرج الذي أحدث نقلة نوعية للتيار الجهادي على المستويين الفكري والتنظيمي:

المستوى الفكري:

قدم أطروحة شرعية وفكرية جديدة عام1980 في رسالته (الفريضة الغائبة)، فتناول حكم إقامة الدولة الإسلامية، وقال إن حكام العصر الحالي لا يحملون من الإسلام إلا الأسماء، وقارن بينهم وبين حكام التتار في عهد ابن تيمية مؤكدا وجوب قتالهم، ثم تناول مناهج التغيير لدى الجماعات الإسلامية المختلفة بالنقد، وقال إنه لا تغيير حقيقي إلا بالقتال، وصك الجملة التي تحولت إلى شعار للتيار الجهادي المصري بأن (قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد)15 .

المستوى التنظيمي:

اقتنع فرج بنظرية عبود الزمر القائلة بأن (الانقلاب العسكري لابد أن تصحبه تحركات شعبية مؤيدة له) 16. فقرر عدم الاكتفاء بضم الأفراد من خلال الدعوة الفردية، وحاول تجميع قادة المجموعات الجهادية في عمل مشترك فأحدث نقلة كمية كبيرة في أعداد أفراد تنظيمه17 ، واعتمد مشروعه للتغيير على محورين 18:
الأول: تكوين مجموعات عسكرية من أفراد الجيش بغرض القيام بانقلاب عسكري.
الثاني: إعداد مجموعات مدنية تدعم الانقلاب العسكري لحظة وقوعه.
وفي تلك الآونة تصاعدت إجراءات السادات القمعية، إذ أصدر قرارا باعتقال 1536 شخصية عامة في سبتمبر 1981. وشملت قرارات الاعتقال عددا من قيادات المجموعات الجهادية، مما جعل اغتيال السادات من أولوياتهم قبل أن يفتك بهم ويكرر معهم التجربة الناصرية مع الإخوان. ونجح عبد السلام فرج في ربط معظم المجموعات الجهادية بمخططه المتمثل في اغتيال السادات، والسيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون لبث بيان يطالب الشعب بتأييد الثورة الوليدة بالتزامن مع مظاهرات يقودها الجهاديون بالميادين الرئيسية. ولم ينجح من المخطط سوى اغتيال السادات يوم 6 أكتوبر عام1981. بينما حاولت مجموعات من الجماعة الإسلامية بالصعيد السيطرة على مدينة أسيوط يوم 8 أكتوبر تمهيدا للزحف منها على بقية المحافظات، ولكن نجحت قوات الجيش والشرطة في السيطرة على المدينة عقب اشتباكات دامية. وقبضت الأجهزة الأمنية على عناصر المجموعات الجهادية بشكل سريع نظرا لمعرفتهم ببعض البعض، وأُعدم على خلفية اغتيال السادات محمد فرج ومنفذو الاغتيال الأربعة، بينما تفاوتت الأحكام على بقية الأعضاء ما بين البراءة والمؤبد وصولا إلى السجن 3 سنوات. وتشكل في السجن هيكل تنظيمي يضم قادة المجموعات الجهادية المتنوعة، فضم مجلس شورى التنظيم كلا من (أيمن الظواهري وطارق الزمر وناجح إبراهيم وعصام دربالة برئاسة عبود الزمر)19 .
ولكن سرعان ما حدثت خلافات بين مجموعة الجماعة الإسلامية بالصعيد والمجموعات الجهادية الأخرى، وانتهى النزاع بتشرذم التنظيم المراد إنشائه لعدة مجموعات. أما خارج السجون فقد اتسع نطاق المتعاطفين مع التيار الجهادي لنجاحه في كسر حاجز الخوف من السلطة بقتله لرئيس الجمهورية في عملية جريئة استغرقت 40 ثانية. وتحول الجهاديون إلى لاعب فاعل في الساحة الإسلامية والمشهد العام. كما أدت تداعيات اغتيال السادات إلى انتقال المجموعات الجهادية المصرية من حيز المحلية إلى العالمية، ففي عام 1984خرجت من السجون دفعة المحكوم عليهم بالسجن 3 سنوات ومن ضمنهم أيمن الظواهري الذي آخذ يجمع شتات رفاقه من جديد، ونجح في مغادرة مصر منتصف عام 1985، ليتخذ من باكستان وأفغانستان بدءا من عام 1986 مرتكزا لنشر أفكاره وسط التجمعات الجهادية الموجودة هناك، ومن ثم تأسست جماعة الجهاد المصرية عام 1988.

2-جماعة الجهاد رؤية من الداخل (1988-2001) 20

تأسست جماعة الجهاد المصرية عام 1988 في بيشاور، وتمحورت مرتكزاتها الفكرية والمنهجية حول أن(الكفار يتسلطون على بلاد المسلمين سواء بالاحتلال المباشر أو من خلال الأنظمة التابعة لهم)21 التي يقودها حكام مرتدون. ومن ثم تبنت الرأي القائل بأن (قتال الحكام المرتدين مقدم على قتال غيرهم من الكفار الأصليين)22 . ورأت أن (الأوضاع الجاهلية الموروثة عبر أنظمة سابقة لابد من تغييرها تغييرا جذريا، ولا يصلح معها ترقيع ولا أنصاف حلول)23 . ولخصت أهدافها في بيان أصدرته عام 1993 قائلة إنها تتمثل في (العمل على إقامة دولة الإسلام التي تعمل على نشر عقيدة التوحيد، والحكم بشريعة الإسلام، وتحرير أراضي المسلمين، وتحرير الأمة الإسلامية من التبعية الاقتصادية، ونشر الفضيلة والأخلاق الإسلامية، والتقسيم العادل للثروة، وإرساء العدالة الاجتماعية، وتحقيق التكافل الاجتماعي، ورفع الظلم عن الطبقات الفقيرة المحرومة، وتشجيع العلم ورفع مكانة العلماء، واحترام القضاء الشرعي الذي يحفظ الحقوق ويساوي بين الخصوم، وصيانة حريات الناس وفق أحكام الشريعة)24 .

الهيكل التنظيمي لجماعة الجهاد25

اعتمدت الجماعة في تسيير أمورها على مجلسين، مجلس للشورى يضم القيادات التنظيمية ويختص بدراسة سياسة الجماعة وأنشطتها، ومجلس تأسيسي يضم عدة لجان تباشر العمل التنظيمي. وتولى إمارة الجماعة في بداية تأسيسها سيد إمام باعتباره أكثر أعضائها تحصيلا للعلم الشرعي 26. بينما قادها فعليا وتنظيميا أيمن الظواهري، والذي تولى الإمارة لاحقا عقب استقالة سيد إمام من منصبه عام 1993على خلفية توقيف الأجهزة الأمنية لمعظم مجموعات الجماعة بمصر في قضية طلائع الفتح.

منهج الدعوة واصدارات الجماعة27

اعتمدت الجماعة في ضم أفرادها على الدعوة الفردية فضلا عن بث أفكارها من خلال أنشطة الدعوة العامة عبر الدروس الدينية في المساجد، والرحلات، ومجلات الحائط بالجامعات. كما أصدرت الجماعة عددا من الكتب والرسائل التي كتب معظمها سيد إمام باسم حركي هو “عبد القادر عبد العزيز”، ومن أبرزها:
– العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله تعالى – صدر عام 1989.
– نصح الأمة في اجتناب فتوى الشيخ ابن باز في جواز دخول مجلس الأمة.
– الحوار مع الطواغيت مقبرة الدعوة والدعاة.
كما كتب أيمن الظواهري “الحصاد المر: الإخوان المسلمون في ستين عاما” و”الكتاب الأسود: تعذيب المسلمين في عهد حسني مبارك”. وتبرز عناوين ومضامين هذه الإصدارات الخيارات الشرعية والفكرية للجماعة، والتي تركزت حول بيان أهمية تحكيم الشريعة، وردة الأنظمة العلمانية، ووجوب قتالها، ورفض المشاركة في العملية النيابية مع توجيه انتقادات لمناهج التغيير لدى الجماعات الإسلامية الأخرى.

اسلوب الإدارة ونطاق تواجد الجماعة

أبقت جماعة الجهاد (قادتها والأفرع المعاونة لهم خارج البلاد، ليكون رأس التنظيم وعقله بعيدين عن بطش النظام)28 . بالتوازي مع تكوين أذرع بالداخل. فكونت عدة مجموعات بنطاق محافظات القاهرة والجيزة والشرقية والقليوبية وبني سويف والاسكندرية والغربية والبحيرة. كما أسست عددا من المحطات الخارجية في كل من (السودان، اليمن، النمسا، ألمانيا، بريطانيا، أذربيجان، السعودية) 29.

استراتيجية جماعة الجهاد وأبرز عملياتها

اعتمدت جماعة الجهاد استراتيجية الإعداد لانقلاب عسكري مدعوم بمجموعات مدنية، ورفضت اعتماد أسلوب حرب العصابات لأن (الطبيعة الجغرافية لمصر تجعل نشوء حرب عصابات فيها أمر غير ممكن)30 وفقا للظواهري. وتعرضت الجماعة لضربة أمنية قوية إثر القبض على المئات من عناصرها داخل مصر نهاية عام 1992ومطلع عام 1993 في سلسلة قضايا اشتهرت باسم طلائع الفتح. وافتخرت الصحف الحكومية بالقبض على 800 عضو من جماعة الجهاد بدون إطلاق طلقة واحدة. فقررت الجماعة تغيير أسلوبها ودشنت (معركة المواجهة مع الحكومة، بعد أن كان خطها السابق الانتشار، وتجنيد العناصر)31 . ودخلت الجماعة هذه المعركة حسب الظواهري من أجل (المحافظة على إرادة القتال، وإفشال حملة التيئيس الحكومية التي تفيد بأن أي مقاومة لا جدوى منها، وأن السبيل الوحيد هو الاستسلام) 32.
دخلت جماعة الجهاد في صراع مع النظام وهي في أضعف حالاتها بعد القبض على أغلب عناصرها بالداخل، فضلا عن تخلخل بنيتها التنظيمية بالخارج بعد حدوث انشقاقات كبيرة على خلفية تبادل الاتهامات حول المسئولية عن انكشاف مجموعاتها داخل البلاد33 . فاستهدفت في 18أغسطس1993 وزير الداخلية حسن الألفي بدراجة نارية مفخخة مما أسفر عن إصابته في ذراعه. واستهدفت في 25 نوفمبر1993 رئيس الوزراء عاطف صدقي بسيارة ملغومة. ومع توالي سقوط عناصر الجماعة بيد الأمن اتخذ الظواهري عام 1995 قرارا بوقف العمليات داخل مصر بعد تنفيذ ضربتين متزامنتين خارج مصر وداخلها (باستهداف السفارة الأميركية بباكستان، واستهداف فوج سياحي إسرائيلي بخان الخليلي)34 .
ولما عجزت مجموعة التنفيذ عن استهداف السفارة الأميركية قامت باستهداف السفارة المصرية بإسلام أباد عام 1995، بينما نجحت الأجهزة الأمنية في إحباط مخطط استهداف الفوج السياحي الإسرائيلي، وتمكنت من القبض على القائمين على تنفيذه.
تعرضت قيادة جماعة الجهاد للتضييق والترحال باستمرار، فغادرت أفغانستان وباكستان إلى اليمن عقب اشتعال الحرب الأهلية الأفغانية بعد سقوط نظام نجيب الله عام 1992، ثم عقب محاولة اغتيال رئيس الوزراء عاطف صدقي عام1993 وذيوع اتخاذ الجماعة لليمن مركزا لنشاطها، غادر قادة الجماعة اليمن إلى السودان، ثم عقب محاولة اغتيال حسني مبارك بأديس أبابا على يد الجماعة الإسلامية عام1995، تعرضت الحكومة السودانية لضغوط سياسية نتج عنها رحيل كافة الجهاديين من السودان ومن ضمنهم قيادات جماعة الجهاد، فرحلوا إلى افغانستان مرة أخرى ليصيروا في ضيافة حركة طالبان، ولتشهد الجماعة تحولا تاريخيا في مسارها.

الاندماج مع القاعدة وتداعياته

تعثر مشروع جماعة الجهاد داخل مصر، فدخل الظواهري في تحالف مع تنظيم القاعدة أعلن عنه في 22 فبراير 1998 تحت اسم “الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين”. ولخص قيادي الجماعة أحمد النجار عام 1999 أهداف تلك الجبهة قائلا إنها تتمثل في (شن حرب عصابات تستهدف كافة المصالح الامريكية والاسرائيلية على مستوى العالم لإجبار أمريكا على إعادة النظر في سياساتها تجاه القضايا العربية والإسلامية). وتوقع النجار أن يؤدي (نشاط هذه الجبهة في المستقبل الى استقطاب عالمي للمسلمين الراغبين في تحدي القوى الامريكية والاسرائيلية وإضعافها)35 . ثم تحول التحالف مع تنظيم القاعدة إلى اندماج منتصف عام2001 لتتشكل جماعة جديدة باسم “قاعدة الجهاد”36 . ونتج عن ذلك تغير في استراتيجية جماعة الجهاد بتخليها عن أولوية قتال العدو القريب، وتبنيها لاستراتيجية استهداف المصالح الأميركية والإسرائيلية.
وعقب إعلان تحالف ثم اندماج جماعة الجهاد مع تنظيم القاعدة تعرض قادة الجماعة لحملة مطاردة شرسة. فقبضت الاستخبارات الأميركية على القيادي أحمد النجار بألبانيا وسلمته إلى مصر عام 1998، كما قبضت على مساعد الظواهري” أحمد سلامة مبروك” بأذربيجان وسلمته إلى مصر عام 1999، وقبضت الإمارات عام 2000 على محمد الظواهري وسلمته لمصر. ويذكر سيمور هيرش في كتابه “القيادة العمياء”37 أن الإدارة الأمريكية اختطفت وسلمت 70 جهاديا إلى دولهم قبل عام 2001. وهو ما يفسر تصريح عضو اللجنة الإعلامية سابقا بتنظيم الجهاد هاني السباعي بأن الاندماج مع القاعدة (جرّ مصائب كبيرة إلى جماعة الجهاد)38 .

بقايا جماعة الجهاد والمنشقين عنها (2001-٢٠١١)

رفض بعض قادة جماعة الجهاد الاندماج مع القاعدة، وأصروا على البقاء على استراتيجيتهم القديمة في أولوية مواجهة النظام المصري، وكان على رأس هذا الفريق نائب الظواهري ثروت صلاح. ولكنهم لم يتمكنوا من القيام بأي نشاط داخل مصر. وعقب أحداث 11 سبتمبر تعرض أعضاء جماعة الجهاد بما فيهم المنشقون عنها لحملة مطاردة عالمية، فقبضت الحكومة اليمنية على سيد إمام عام 2001 وسلمته لمصر رفقة عبد العزيز الجمل عام 2004 رغم انفصالهما عن الجماعة، وسلمت السويد القيادي المنشق عن الجماعة أحمد عجيزة لمصر عام 2001، بينما قبضت الإمارات عام 2003 على مسئول اللجنة الشرعية السابق بالجماعة محمد شرف رغم انفصاله عنها منذ عام 1995 وسلمته إلى مصر.
وفي السجن كتب سيد إمام عام 2007 مراجعات فكرية بعنوان (وثيقة ترشيد العمل الجهادي). ورد الظواهري على تلك الوثيقة بكتاب سماه (التبرئة). وتفككت الجماعة داخل السجون. وبدأت الحكومة بالإفراج التدريجي عن مؤيدي المبادرات، ثم بدأت لاحقا في الإفراج عن بعض رافضي المبادرات مع إبقاء كبار القيادات من رافضي المبادرات بالسجون فضلا عن أعضاء الجماعة ممن آخذوا أحكام بالسجن. وعندما اندلعت ثورة يناير لم يكن لجماعة الجهاد أي تواجد يُذكر في المشهد المصري.

3-الجماعة الإسلامية 39

ازدادت رقعة الحرية والنزعة للتدين عقب انكسار المشروع الناصري عام 1967 ثم موت عبد الناصر عام 1970، فضلا عن تحجيم السادات لنفوذ أجهزة الأمن والمخابرات عقب قضاءه على مراكز القوى في أحداث 15 مايو1971. وفي تلك الأجواء نشأت الجماعة الإسلامية كحركة اجتماعية في الوسط الطلابي الجامعي عام 1971 دون أن تكون لها مرجعية فكرية أو شرعية محددة. إنما تأثرت بروافد متنوعة كالجمعية الشرعية وأنصار السنة وبعض الدعاة كمحمد الغزالي وسيد سابق ويوسف القرضاوي فضلا عن كتابات المودودي وسيد قطب40 .
تأسست أولى نويات الجماعة بكلية طب القصر العيني بجامعة القاهرة تحت اسم لجنة التوعية الدينية المتفرعة عن اللجنة الثقافية باتحاد الطلبة41 . وكان من أبرز مؤسسيها د. عبد المنعم أبو الفتوح، ثم تحول اسمها إلى الجمعية الدينية. وامتد نشاطها إلى جامعات أخرى كجامعة أسيوط على يد صلاح هاشم42 . واقتصر نشاط الجمعية الدينية في البداية على إقامة حلقات تلاوة للقرآن، ودروس للتجويد، وإلقاء للمواعظ قبيل المحاضرات، وتعليق مجلات حائط، وتوفير الحجاب للطالبات دون الانخراط بشكل مباشر في العمل السياسي. ثم دخل أفرادها انتخابات اتحاد الطلاب بكلية طب القاهرة عام 1973 وفازوا بخمسة من لجان الاتحاد الست. ومن ثم تحولت كلية طب القاهرة إلى مركز عام للنشاط الإسلامي بجامعة القاهرة وبقية جامعات مصر43 . وتغير اسم اللجنة الدينية إلى الجماعة الإسلامية عام 1973 تيمنا بالجماعة الإسلامية الباكستانية التي كان يتزعمها آنذاك أبو الأعلى المودودي 44. وسيطرت نزعة سلفية على شباب الجماعة، فأطلقوا لحاهم واعتادوا دخول الجامعة بالجلباب، كما انتشر النقاب بين الطالبات، وأطلقت الجماعة سلسلة إصدارات بعنوان “صوت الحق” تتضمن إعادة نشر أبرز إصدارات مشاهير الدعاة والمفكرين الإسلاميين. كما برز استخدام القوة في التغيير كمكون أساسي لدي أفرادها، فيقول عبد المنعم أبو الفتوح (استخدام العنف كان مقبولا والاختلاف حول توقيته وجدواه فحسب)45 . ويؤكد صلاح هاشم أن نظام السادات لم تكن له يد في تأسيس الجماعة، ولكنه سمح لها بالعمل دون تضييق كي يوجد معادلة توازن مع خصومه من الناصريين واليساريين 46.
خرج قادة جماعة الإخوان من السجون عام 1974 بعد إقامتهم 20 سنة بها، ونجحوا سرا في استمالة أبرز قادة الجماعة الإسلامية إلى صفوفهم كعبدالمنعم أبو الفتوح وعصام العريان وحلمي الجزار من جامعة القاهرة، وابراهيم الزعفراني من جامعة الاسكندرية، ومحيي الدين عيسى وأبو العلا ماضي من جامعة المنيا، وخيرت الشاطر من جامعة المنصورة، فوهب الإخوان لهؤلاء الطلبة (الفكرة والمشروع والتاريخ، بينما وهب الطلبة للإخوان جسد التنظيم الذي أقاموه بالجامعات)47 .
وتزايدت وتيرة معارضة الجماعة لنظام السادات عقب عقده اتفاقية كامب ديفيد، فسقط “عنتر كمال” أول ضحية من عناصرها على يد الأمن أثناء فض مظاهرة بأسيوط تندد باستقبال السادات لشاه إيران في مصر48 . ومع ازدياد مناهضة الجماعة للسادات، بدأ التضييق الحكومي على أنشطتها، فَحُل اتحاد الطلبة عام 1979. وألغيت اللائحة الانتخابية الطلابية، واعتُقِل بعض الطلبة من بينهم كرم زهدي وأبو العلا ماضي الذي يروي أنه (في السجن دارت مناقشات حول مقترحين أحدهما لكرم زهدي يقترح فيه تأسيس تنظيم مستقل له جناح عسكري، والآخر يقترح الانضمام للإخوان كتنظيم سلمي له تاريخ وامتداد بالرغم من الملاحظات عليه)49 . وسرعان ما اكتشف بقية قادة الجماعة الإسلامية عام 1980 انضمام بعض رفاقهم سرا للإخوان50 . فانفصلت مجموعة من جامعة الاسكندرية وأسست الدعوة السلفية بالإسكندرية. ورفضت مجموعة الصعيد الانضمام إلى جماعة الإخوان لاعتبارهم إياها (جماعة مداهنة تخلت عن الجهاد، وتحاول استيعاب الشباب الجهادي ضمن صفوفها ليمنحها النظام شرعية الوجود، ويسمح لها بمعاودة النشاط)51 .
وحاولت العناصر المنضمة لجماعة الإخوان الاستمرار في العمل تحت اسم الجماعة الإسلامية مع رفع شعار الإخوان (سيفان بينهما مصحف والآية الكريمة *وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة*، بينما رفعت المجموعة الأخرى شعارا يتكوم من مصحف يخرج منه سيف واحد والآية الكريمة *وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله*. ودارت بين المجموعتين صراعات على إدارة المساجد التابعة للجماعة قبل الانشقاق، ولكن أدى توجه مجموعة الصعيد لاستعمال القوة في انكار المنكرات، إلى ابتعاد المجموعة المنضمة للإخوان عن استعمال اسم الجماعة، لتعمل تحت مظلة الإخوان بشكل كامل)52 .

تحول الجماعة الإسلامية للعمل المسلح

لم تمتلك الجماعة مشروعا محددا للتغيير إلى أن التقي رئيس مجلس شوراها كرم زهدي عام 1980 بمحمد عبد السلام فرج. فاقتنع بمشروع تنفيذ انقلاب عسكري مصحوب بثورة شعبية. واندمجت الجماعة الإسلامية عام 1980 مع تنظيم فرج الذي كان يضم عبود وطارق الزمر وآخرين53 . واشتهر التنظيم الجديد باسم تنظيم الجهاد54 . واختار التنظيم الشيخ عمر عبد الرحمن أميرا له في يونيو عام (1981)55 . واشتركت الجماعة في أحداث اغتيال السادات وما واكبها، إذ شن 35 من عناصرها في 8 أكتوبر1981 هجوما واسعا على مديرية أمن أسيوط وقسمي شرطة وبعض النقاط الأمنية سعيا للسيطرة على المدينة التي تمثل عاصمة الصعيد. ولكن تدخلت قوات الجيش والشرطة واستعادت السيطرة على المدينة بعد اشتباكات أسفرت عن مقتل 7 من أفراد الجماعة و82 من أفراد الشرطة، وصدرت أحكام متفاوتة بالسجن على أعضاء الجماعة، وكان المؤبد من نصيب قادتها البارزين.

التأطير الفكري وإعادة البناء التنظيمي

إثر تفكك تنظيم الجهاد الشهير بتنظيم محمد عبد السلام فرج داخل السجون، عملت الجماعة الإسلامية بشكل منفرد عن المجموعات الجهادية الأخرى. وحرص قادتها على تأطير منهجها، وتقديم تنظير فكري وشرعي يوضح الملامح العامة لها فأصدروا رسالة “ميثاق العمل الإسلامي” عام 1984مؤكدين فيه على سلفية المعتقد، وتبنيهم لثلاثية (الدعوة كأداة لتغيير المفاهيم، والحسبة كأداة لتغيير المجتمع، والجهاد كأداة للتغيير عندما لا تجدي الدعوة ولا تكفي الحسبة)56 . كما أصدرت الجماعة عام 1987 رسالة “حتمية المواجهة” التي بررت فيها الصراع مع النظام الحاكم بأربعة أسباب تتمثل في وجوب (خلع الحاكم الكافر المبدِّل لشرع الله، وقتال الطائفة الممتنعة عن شرائع الإسلام، وإقامة الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين، وتحرير البلاد واستنقاذ الأسرى ونشر الدين).
وتواكبت هذه الإصدارات مع إعادة بناء الجماعة تنظيميا على يد رموز الصف الثاني مثل (صفوت عبد الغني، علاء محيي الدين، طلعت ياسين همام)57 – الذين استفادوا من توثيق علاقتهم مع كثير من المعتقلين على خلفية اغتيال السادات فضموهم لصفوفهم58 . واعتمدوا العمل الدعوي العلني في المساجد والجامعات، فضلا عن تقديم الخدمات في المناطق الشعبية، ومدوا نطاق التواجد الجغرافي للجماعة من القرى إلى المدن، ومن الصعيد إلى القاهرة الكبرى وبعض محافظات وجه بحري، فتحولت أحياء عين شمس وإمبابة والعمرانية إلى معاقل قوية للجماعة التي بلغ من نفوذها أن صارت أجهزة الأمن تحيل مشاكل المواطنين إلى قادتها لحلها59 .
وبدأت الأجهزة الأمنية تتصدى لأنشطة الجماعة بدءا من عام 1986 فقتلت طالب كلية التجارة شعبان راشد أثناء تعليقه إعلانا عن اللقاء الأسبوعي للجماعة بمسجد الجمعية الشرعية بأسيوط60 . وهو أول قتيل للجماعة منذ أحداث1981. وتصاعدت الأحداث في أغسطس 1988 إثر مقتل 6 من أعضاء الجماعة أثناء اقتحام الأمن لمسجد آدم بعين شمس. وخلال الفترة الممتدة من عام 1986 إلى 1990 اقتحم الأمن (40 مسجدا تابعا للجماعة، وقتل 70 من أفرادها)61 . فبدأت الجماعة منذ عام 1988 في ارسال بعض شبابها للتدرب في أفغانستان تمهيدا لتأسيس جناح عسكري يحميها من اعتداءات الأمن. وأطلقت مجلتها “المرابطون” من بيشاور عام 1990.

الثأر وغياب الاستراتيجية

لم تقدم الجماعة في أدبياتها رؤية واضحة لآلية التغيير الذي تتبناه. ولم تخض الصراع المسلح مع النظام باعتباره صراعا يفضي إلى التغيير، إنما خاضته ردا على تجاوزات الأمن تجاه أفرادها، وللضغط على النظام من أجل تنفيذ طلباتها، والتي تمثلت في إيقاف التعذيب والمحاكمات العسكرية والإفراج عن المعتقلين والسماح بحرية العمل الدعوي. نفذت الجماعة أولى عملياتها في ديسمبر عام 1989 بمحاولة اغتيال وزير الداخلية زكي بدر بواسطة عربة مفخخة. ومع تولي عبد الحليم موسى لوزارة الداخلية مطلع يناير 1990 وتبنيه لسياسة الضرب في المليان التي أسفرت عن مقتل 34 عنصرا من الجماعة في أول 3 شهور من عهده. ثم اغتيال الأمن للمتحدث الإعلامي باسم الجماعة د. علاء محيي الدين عاشور في 2 سبتمبر1990، أصدرت الجماعة بيانا بعنوان (ومضى عهد الكلام). ثم ردت في 12 أكتوبر1990 باغتيال رئيس مجلس الشعب رفعت المحجوب مع حراسه على كورنيش النيل. وظل خطاب الثأر ظاهرا في خطاب الجماعة وممارساتها، فتعهدت بالثأر من اعتداء أجهزة الأمن على زوجات قادتها المتهمين باغتيال المحجوب في بيان بعنوان (لبيك يا أختاه) قائلة لبيكن سنثأرن، لبيكن سننتقم 62 . كما قتلت عام 1993 الشرطي طه عبد الله الذي سبق له قتل عضوها شعبان راشد عام 1986.

الجناح العسكري للجماعة ومحاور عمله

ظلت الجماعة تمارس نشاطها الدعوي العلني في ظل أجواء الصراع بين جناحها العسكري وأجهزة الأمن، ولم تتم عسكرة الجماعة ككل. وتولى الإشراف على جناحها العسكري ممدوح علي يوسف (1988-1990) ثم خلفه عقب توقيفه إثر حادث المحجوب مصطفى حمزة الذي غادر مصر عام1992وظل مشرفا على العمليات من الخارج، بينما تولى قيادة العمليات بالداخل طلعت ياسين همام63 ، وعدد من القادة بالمحافظات مثل فريد كدواني64 ، ورفعت زيدان. وتجنب الجناح العسكري للجماعة تنفيذ عمليات خارج مصر، وشذت عملية واحدة عن ذلك، وهي محاولة اغتيال حسني مبارك في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا عام 1995. كما شارك بعض عناصر الجماعة في القتال بأفغانستان والبوسنة، فقُتل10 منهم في أفغانستان منذ بدء مشاركتها هناك وصولا إلى أغسطس (1991)65 . أما على مستوى الداخل المصري، فيذكر عضو الجماعة محمد الحكايمة إحصائية بعدد عمليات الجماعة تضمنت التالي66 :

السنة 1993 1994 1995 1996
عدد العمليات 173 333 97 125

أما إحصائية وزارة الداخلية المصرية عن عدد عمليات الجماعة فتذكر أنها بلغت 1314 عملية خلال الفترة الممتدة من عام 1992 إلى 1997، سقط خلالها 471 عنصرا من الجماعة فضلا عن إعدام 88 آخرين67 . ويمكن تحديد ملامح العمل العسكري لدى الجماعة في المحاور التالية:

1- استهداف رموز النظام السياسية والأمنية والثقافية

قتلت الجماعة رئيس مجلس الشعب رفعت المحجوب عام1990، والكاتب العلماني فرج فودة عام 1992، واللواء رؤوف خيرت مسؤول مكافحة التطرف الديني بجهاز مباحث أمن الدولة عام 1994.كما استهدفت وزير الإعلام صفوت الشريف عام 1993، وقائد المنطقة العسكرية المركزية عام 1993، وأصابت الأديب نجيب محفوظ عام 1994، واستهدفت حسني مبارك عدة مرات من أبرزها في أديس أبابا عام 1995.

2-استهداف عناصر الشرطة بالصعيد68

نظرا لثقل الجماعة بالصعيد فقد ركزت عملياتها فيه، وبالأخص في أسيوط التي بلغ عدد قتلى الشرطة فيها خلال عامي (1992- 1993) 43 شرطيا منهم مساعد مدير الأمن اللواء محمد الشيمي، ومفتش الداخلية العميد محمد طعيمة، ورئيس مكتب أمن الدولة بديروط المقدم مهران عبد الرحيم.

3-استهداف السياح والبنوك للضغط على النظام

أصدرت الجماعة بيانا في 30 سبتمبر 1992 تحذر فيه السياح من القدوم إلى مصر69 ، ثم استهدفت في اليوم التالي باخرة تقل140سائحا ألمانيا بإطلاق النار عليها قرب أسيوط، ثم تتابعت حوادث استهداف البواخر السياحية وأتوبيسات نقل السياح حتى عام 1997 الذي شهد مذبحة الأقصر.

 
العام عدد الهجمات عدد القتلى عدد المصابين
1992 3 1 8
1993 9 6 33
1994 12 7 10
1995 5 2 2
1996 2 17 15
1997 2 68 26

جدول بعمليات استهداف السياح في مصر (1992-1997)

كما شنت الجماعة قرابة خمس هجمات على البنوك70 ، ونفذت سلسلة عمليات خلال الفترة من فبراير 1993 الى يونيو 1993 استهدفت إحراج نظام مبارك أمنيا عبر وضع عبوات ناسفة أمام مقار الشركات الحكومية والبنوك والفنادق والأماكن العامة في القاهرة الكبرى.

4-استهداف النصارى

عبر القيادي رفاعي طه عن فلسفة الجماعة في هكذا أفعال قائلا (قضيتنا من الأقباط واضحة، رجالنا لا يستهدفونهم إلاّ إذا ارتكبوا ما يصنّفهم ضمن النظام الحاكم، أو إن ثبت تآمرهم على الإسلام والمسلمين). ومن ثم نفذت الجماعة العديد من العمليات ضد الأقباط من أبرزها قتل 14 قبطيا في قرية صنبو بأسيوط عام 1992، وقتل 5 أقباط بينهما راهبان في هجوم على دير المحرق بالقوصية في أسيوط عام 1994. وقتل 12 قبطيا في الهجوم على كنيسة ماري جرجس بأبي قرقاص عام 1997، وقتل 12 آخرين بنفس العام في أحداث عزبة داوود بنجع حمادي.

إنهاك الجماعة وتجربة المراجعات

لم تنجح عمليات الجماعة في ردع الشرطة، فاقتحم الأمن مساجدها، واعتقل قرابة 20 ألف من أعضائها والمتعاطفين معهم، ودشن سياسة الاعتقال المفتوح، وقتل 434 من أعضاءها في مواجهات خلال الفترة الممتدة من عام 1993 إلى 199771 . وأُعدم 88 من عناصرها، كما توفي المئات منهم في السجون نتيجة التعذيب والإهمال الطبي. وبالتوازي مع تدهور أوضاع الجماعة داخل مصر، تعرضت الجماعة بالخارج لهزة قوية باختطاف أحد أبرز قادتها طلعت فؤاد قاسم في سبتمبر عام 1995 من كرواتيا على يد المخابرات الأمريكية وتسليمه إلى مصر ليختفي إلى الأبد. كما تعرضت ملاذاتها في السودان واليمن وأفغانستان للتضييق إثر محاولة اغتيال حسني مبارك بأديس أبابا وأحداث 11 سبتمبر.
وعندما وصلت الجماعة إلى حائط مسدود، أعلن قادتها التاريخيون من داخل سجنهم مبادرة لوقف العنف من طرف واحد في 5 يوليو عام 1997. ولم يحظ إطلاق قادة الجماعة للمبادرة بتجاوب حكومي، كما رفضها عدد من قادتها بالخارج مثل رفاعي طه الذي أشرف على تنفيذ حادث الأقصر في نوفمبر 1997 قائلا إنه وقع (كمحاولة من الجماعة لفك أسر قادتها)72 . وأدى الحادث إلى خلافات داخل قيادة الجماعة بالخارج نتج عنها تشكيل مجلس شورى جديد أعلن في 28مارس 1999 تأييده لمبادرة وقف العنف73 .

استمرار القمع الأمني قبل الموافقة على المبادرة

وبالرغم من الموقف أحادي الجانب من جهة الجماعة بوقف العمليات إلا أن النظام استمر في تنكيله بها، فنفذ أحكاما بالإعدام بحق 12 من عناصرها74 . ثم حدثت تطورات جوهرية تمثلت في أحداث سبتمبر 2001 التي جاءت كطوق نجاة للجماعة، إذ سارع النظام المصري لتفعيل المبادرة عقب الهجمات بشهر واحد فقط أي في أكتوبر 2001 وفقا لشهادة كرم زهدي75 ، فالمبادرة (أزالت نحو 15000 عضوا من الجماعة من معسكر مؤيدي القاعدة وحلفائها)76 . ثم صدرت في يناير 2002 أولى مراجعات الجماعة على هيئة 4 كتب تحت عنوان “سلسلة تصحيح المفاهيم” فند فيها قادة الجماعة أطروحاتهم وممارساتهم السابقة، وبدأ خروج قادة وعناصر الجماعة من السجون بشكل تدريجي خلال السنوات التالية مع تقييد حريتهم في العمل العام، بينما لم يخرج عبود وطارق الزمر إلا بعد ثورة يناير نظرا لمطالبتهما بالسماح لهما بالعمل السياسي.

4-بعض المجموعات الجهادية الأخرى

لم يقتصر نشاط التيار الجهادي في مصر على جماعة الجهاد أو الجماعة الإسلامية، إذ ظهرت عشرات المجموعات الجهادية التي تأثرت بأفكار جماعة الجهاد وتنظيم القاعدة عقب أحداث سبتمبر مثل تنظيم جند الله الذي تشكل من عناصر تتواجد بأربع محافظات (الغربية، والبحيرة، والاسكندرية، والقاهرة). وتولي قيادته رائد الجيش طارق أبو العزم، ونجحت الأجهزة الأمنية في تفكيكه عام 2002 والقبض على 45 من عناصره. ولكن سأقتصر على ذكر أبرز مجموعتين نفذتا عمليات في الداخل المصري:

أ-تنظيم شبرا (2005)77 :

هو تنظيم جهادي صغير تأثر بأفكار تنظيم القاعدة وتمركز بحي شبرا بالقاهرة، وتركز نشاطه على استهداف السياح، ففجر عضو التنظيم حسن بشندي نفسه في مجموعة من السياح بتاريخ 7 إبريل 2005 في حي الأزهر مما أسفر عن مقتل سائحين فرنسيين وسائح أميركي وإصابة 18 آخرين. ثم فجر عضو التنظيم إيهاب يسري نفسه في ميدان عبد المنعم رياض بتاريخ 30 إبريل 2005 مما أدى لإصابة 4 سياح منهم سائحين إسرائيليين، بينما قامت شقيقته وخطيبته في نفس اليوم بإطلاق النار على أتوبيس سياحي إسرائيلي بحي السيدة عائشة وقُتلتا بمكان الحادث. وقبضت الأجهزة الأمنية على بقية أفراد التنظيم لتصدر أحكام متفاوتة بالسجن ضد تسعة من عناصره، بينما توفي قائد التنظيم أشرف سعيد أثناء التحقيقات.

ب- تنظيم التوحيد والجهاد (2000-2006)78

خالد مساعد مؤسس تنظيم التوحيد والجهاد في سيناء

تأسس التنظيم بمدينة العريش عام 2000 على يد طبيب الأسنان “خالد مساعد 79” الذي دفعه تصاعد حملات القمع الإسرائيلي ضد انتفاضة الأقصى بفلسطين إلى دعوة من يثق بهم للجهاد ضد اليهود. وعقب احتلال العراق عام 2003 اتسع التنظيم حتى تجاوز تعداد عناصره 100 عنصر، وتسمى باسم “التوحيد والجهاد” تيمنا باسم التنظيم الذي أسسه أبو مصعب الزرقاوي بالعراق قبل أن يبايع القاعدة في أكتوبر2004. وشكل خالد مساعد تنظيمه في خلايا عنقودية، ودرب عناصره على استعمال الأسلحة وتصنيع المفرقعات، وتمركز نطاق تواجد التنظيم بشمال سيناء في مناطق العريش، ورفح، والشيخ زويد فضلا عن جبل الحلال بوسط سيناء، والإسماعيلية. واعتمد التنظيم برامج فكرية وشرعية تستند على تدريس كتاب “العمدة في إعداد العدة” 80 وتأصيل قضايا الحاكمية والولاء والبراء. وتمثلت المرجعية الشرعية للتنظيم في أطروحات تيار السلفية الجهادية فتبنى تكفير حسنى مبارك وأركان حكومته باعتبار أن النظام لا يحكم بما أنزل الله، ويساند عدوان اليهود على أهل فلسطين، ولم يتبن التنظيم أطروحة تكفير المجتمعات، واعتبر نفسه يمثل امتدادا لتنظيم القاعدة فأعلن في بيان تبنيه لتفجيرات منتجع ذهب أنه يشن هجماته على السياح طاعة لقادة المجاهدين بتنظيم القاعدة.

أبرز العمليات

اعتمد التنظيم تكتيكات تنظيم القاعدة في تنفيذ عدة هجمات متزامنة. وتُعد العمليات التي نفذها من أكبر العمليات التي وقعت في الساحة المصرية باعتبار حجم التفجيرات وعدد الضحايا، ويلاحظ أنها وقعت في ذكرى الأعياد القومية مثل حرب أكتوبر، وثورة 23 يوليو، وعيد تحرير سيناء:

1- تفجيرات طابا ونويبع 7 أكتوبر 2004:
عبارة عن ثلاث تفجيرات بسيارات مفخخة استهدفت فندق هيلتون طابا ومخيمين سياحيين بنويبع مما أسفر عن مقتل 34 شخص منهم 22 إسرائيليا فضلا عن إصابة 158 آخرين. واختار خالد مساعد مدينتي طابا ونويبع لتنفيذ أولى عمليات التنظيم نظرا لكثافة تواجد السياح الإسرائيليين بهما خلال عيد الغفران اليهودي.

2- تفجيرات شرم الشيخ 23 يوليو 2005:
وهيثلاث تفجيرات منها تفجيران بسيارتين مفخختين استهدفا فندق غزالة والسوق التجاري بشرم الشيخ فضلا عن كافتيريا سياحية بمنطقة خليج نعمة بعبوة ناسفة مخفاة في حقيبة يحملها أحد عناصر التنظيم مما أسفر عن مقتل 68 شخصا من بينهم 24 سائحا. واختار خالد مساعد مدينة شرم الشيخ لتنفيذ العملية نظرا لما تتمتع به المدينة من رمزية سياسية وأمنية لكونها مقر الإقامة شبه الدائم للرئيس المصري حسني مبارك، وأكد على ذلك في بيان مسئولية التنظيم عن العملية قائلا (شرم الشيخ التي اخترناها تحديا لأجهزة الطواغيت الأمنية).

3- عملية الجورة 15 أغسطس 2005:
استهدفت أتوبيسا تابعا للقوات متعددة الجنسيات في سيناء بالقرب من مطار الجورة بعبوات ناسفة انتقاما من القبض على أسامة النخلاوي خبير صناعة الدوائر الكهربية بالتنظيم. وعقب تلك العملية لقي خالد مساعد مصرعه في اشتباك مع حاجز للشرطة في 28 سبتمبر 2005.

4- تفجيرات مدينة ذهب في 24 إبريل 2006:
وهي ثلاث تفجيرات بواسطة عبوات ناسفة مخفية في حقائب يحملها 3 عناصر استهدفوا فندقا ومطعما وسوقا بمنتجع ذهب السياحي مما أسفر عن مقتل 18 شخص من بينهم 6 سياح أجانب81 .

تفكك التنظيم

ردا على تلك العمليات شن الأمن حملات اعتقال عشوائية طالت الآلاف من أبناء سيناء. ونجح الأمن في الوصول لعناصر التنظيم، فقتل منهم أكثر من 30 عنصرا، بينما سقطت معظم العناصر المتبقية في قبضة الشرطة.وفي السجون أيد الشيخ أسعد البك أحد أبرز القضاة الشرعيين بشمال سيناء مبادرات وقف العنف، وكذلك فعل عدد من كوادر التنظيم. ومن ثم أفرجت الأجهزة الأمنية تدريجيا عن معظم المعتقلين السيناويين، وصدرت أحكام بالإعدام على ثلاثة من أعضاء التنظيم82 ، والسجن لثلاثة عشر آخرين، بينما ظل العشرات غيرهم قيد الاعتقال إلى أن اندلعت ثورة يناير.

تحليل الحالة الجهادية منذ نشأتها إلى يناير 2011

1- تأسست المجموعات الجهادية الأولى في مصر على قاعدة الثأر من النظام الحاكم القمعي، والرغبة في تغييره دون امتلاكها لاستراتيجية تغييرية ذات ملامح واضحة. وأدى غياب التماسك التنظيمي لتلك المجموعات بالتوازي مع ضعف التجانس بين عناصرها إلى تشظيها السريع في وقت قصير. بينما أدت فترات السجن المحدودة لبعضهم إلى تعارفهم على بعضهم البعض، وتكوينهم عقب خروجهم من السجون أنوية عمل جديدة. ومن جهتها لم تسع الجماعة الإسلامية للمواجهة مع النظام في سنوات نشأتها الأولى إنما فرضها نظام السادات إثر سعيه لتقليم أظافرها عقب محاولتها نقل دعوتها وأنشطتها من داخل أسوار الجامعة إلى الشارع. كما دخلت الجماعة لاحقا في صراع عنيف مع نظام مبارك على أرضية ثأرية تغيب عنه الرؤية الاستراتيجية، فكان عناصر الجماعة يمارسون نشاطهم الدعوي العلني في ظل اشتعال المواجهات مع رفاقهم بالمدن الأخرى. مما ممكن الأجهزة الأمنية من تركيز جهودها على المناطق الأكثر خطورة، وسهل عليها تصفية الجماعة بشكل تدريجي.
2- تمايز التيار الجهادي عن جماعة الإخوان وارتباطه بها، إذ نشأ كتيار صدامي يتبنى حتمية المواجهة، وينبذ منهج جماعة الإخوان السلمي مع تمركزه شعوريا حول مظلومية الإخوان وما أصابهم في محنتهم في العهد الناصري.
3-نشأت الحالة الجهادية في ظل نظام إقليمي متماسك ودول قومية قوية تحكم قبضتها على حدودها وشعوبها وتتمتع بمظلة حماية من الدول الكبرى، فحظي النظام الحاكم في مصر بمشروعية قانونية أمام الجماهير، واعتبر معظم المواطنين الجهاديين بمثابة متطرفين خارجين على الشرعية. كما نددت معظم الجماعات الإسلامية بالعمليات المسلحة، وقدمت تنظيرات مناهضة له مما مثل عائقا أمام تمدد أفكار الجهاديين.
4-ساهم التيار الجهادي وبالأخص الجماعة الإسلامية نظرا لنشاطها الدعوي المعلن في نشر حالة من التدين المجتمعي، وإحياء شعائر غائبة مثل الحجاب وأداء صلوات العيد في الخلاء. فضلا عن نشر الوعي بقضايا شرعية وفكرية لم تكن متداولة بشكل واسع سابقا مثل الحاكمية والجهاد. ولكن أدى تمركز أغلب مجموعات التيار حول أولوية قتال العدو القريب، ووجوب قتال الطائفة الممتنعة عن شرائع الإسلام الظاهرة، ونبذ المشاركة السياسية ضمن مجموعة قضايا يصعب تفهم قطاعات واسعة من الناس لها، إلى حصر المجموعات الجهادية في نخب ثورية شبابية.
5- لم تنجح جماعة الجهاد في تحقيق استراتيجيتها للتغيير في مصر، كما أدى ضعف التمويل إلى تقليص حجم أنشطتها، وحد من قدرتها على تغطية احتياجاتها فضلا عن احتياجات المعتقلين وأسرهم. وساهمت الخبرة الواسعة لأجهزة الأمن المصرية في تفكيك وتصفية مجموعات الجماعة داخل مصر.
6- نجح التيار الجهادي في إحياء حالة المواجهة بعد القمع الناصري، وتمكن من استغلال الساحات الخارجية في أفغانستان والشيشان والبوسنة في تدريب وتطوير عناصره، وأدت النشأة العسكرية لمجموعات الجهاد إلى دفع بعضها للاستمرار في المواجهة ولو بصورة مختلفة تمثلت في تبني أطروحة تنظيم القاعدة التي وسعت من دائرة التفاعل مع التيار، فتحولت التنظيمات الجهادية من تنظيمات نخبوية تضم بضع مئات أو بضعة آلاف في أحسن الأحوال إلى تنظيمات أممية تضم عشرات الآلاف من الأعضاء وأضعافهم من المؤيدين في أنحاء العالم (83 ).


الهامش

1 – عبد المنعم منيب، دليل الحركات الإسلامية المصرية، ط1 (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2009) ص72.

2 – رفاعي سرور مواليد الاسكندرية 1947، أيمن الظواهري مواليد القاهرة 1951.

3 – انظر: عبد المنعم منيب: ص74، واعترافات الظواهري في قضية اغتيال السادات بمجلة الوسط في 21/2/1994.

4 – أيمن الظواهري، فرسان تحت راية النبي، ط 2 (القاهرة: دار أشبيليه، 2011)، ص15.

5 – رفاعي سرور، التصور السياسي للحركة الإسلامية، ط 2 (القاهرة: نسخة إلكترونية على موقع الجبهة السلفية، 2012) ص264، 265.

6 ) عبد المنعم منيب، ص78– نقل منيب هذا التفسير لاختيار الانقلاب العسكري كاستراتيجية للتغيير عن نبيل البرعي ومصطفى يسري من مؤسسي التيار الجهادي بمصر.

7 ) حوار جريدة الحياة مع أيمن الظواهري نشره المكتب الإعلامي لجماعة الجهاد عام 1993.

8 ) انظر لمزيد من التفاصيل: عبد المنعم منيب، ص76.

9 ) انظر: رفاعي سرور، ص278. وعبد المنعم منيب، ص 75.

10 ) انظر أيمن الظواهري، ص 13- 14.

11 ) انظر لمزيد من التفصيل: عبد المنعم منيب، -ص79-81.

12 ) حصل صالح سرية على الدكتوراه في التربية، وعمل موظفا بمنظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية.

13 ) تلخصت خطة الانقلاب في قيام أفراد التنظيم من طلبة كلية الفنية العسكرية بمساعدة أعضاء التنظيم المدنيين في الهجوم على   الكلية والاستيلاء على الأسلحة الموجودة بها، ثم التوجه لمقر اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي لمهاجمته أثناء تواجد الرئيس السادات به. وفشل المخطط عقب اشتباكات محدودة، ونجحت قوات الجيش والشرطة في القبض على أفراد التنظيم والبالغ عددهم 92 شخصا.

14 ) انظر: رفاعي سرور، ص279- 280.

15 ) محمد عبد السلام فرج، الفريضة الغائبة (القاهرة: نسخة إلكترونية، بدون تاريخ) ص15.

16 ) عبد المنعم منيب، التنظيم والتنظير، ط1(القاهرة: مكتبة مدبولي، 2010) ص11.

17 ) بلغ عدد المتهمين عام 1981 في قضية الجهاد الكبرى 302 فردا. بينما بلغ عدد المتهمين عام 1974 في قضية الفنية العسكرية 92 فردا.

18 ) انظر: عبد المنعم منيب، دليل الحركات الإسلامية، ص87 – 88.

19 ) طارق الزمر مواليد عام 1959، بينما عبود الزمر مواليد عام 1947. ولمزيد من التفصيل انظر: عبد المنعم منيب، دليل الحركات الإسلامية المصرية، ص 100 – 101.

20 ) للمزيد من التفاصيل عن جماعة الجهاد انظر: أحمد مولانا، الحركات الجهادية المصرية، (اسطنبول، المعهد المصري للدراسات، 2017).

21 ) انظر: عبد القادر عبد العزيز، العمدة في إعداد العدة، ط2 (نسخة إلكترونية، بدون تاريخ) ص 24.

22 ) عبد القادر عبد العزيز، ص320.

23 ) الحلقة الثانية من اعترافات عضو الجماعة أحمد النجار عام 1999أمام نيابة أمن الدولة العليا، ونشرها موقع شفاف الشرق الأوسط في 27 سبتمبر2004.

24 – انظر: حوار مراسل جريدة الحياة اللندنية مع أيمن الظواهري، ونشره المكتب الإعلامي لجماعة الجهاد عام 1993.

25 – الحلقة الأولى من اعترافات أحمد النجار – شفاف الشرق الأوسط – 26سبتمبر 2004.

26 – سيد إمام وأيمن الظواهري كانا رفيقين بكلية الطب بجامعة القاهرة، ومن أعضاء مجموعة اسماعيل طنطاوي.

27 – لمزيد من التفصيل انظر الحلقة الثالثة من اعترافات أحمد النجار – -شفاف الشرق الأوسط – 28سبتمبر 2004.

28 – انظر: أيمن الظواهري، التبرئة، ط1 (السحاب للإنتاج الإعلامي، نسخة إلكترونية، 2008) ص197.

29 – الحلقة الأولى من اعترافات أحمد النجار – مصدر سابق.

30 – أيمن الظواهري – فرسان تحت راية النبي – ص 93.

31 – المصدر السابق- ص144.

32 – انظر: أيمن الظواهري- التبرئة – ص (193 ،194).

33 – مثل انشقاق أحمد عجيزة وإيهاب صقر وآخرين.

34 – أيمن الظواهري- فرسان تحت راية النبي – ص (185-188).

35 – الحلقة الثانية من ملف التحقيقات مع أحمد النجار – مصدر سابق.

36 – أبو مصعب السوري-، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، ط1 (نسخة إلكترونية، 2005) ص740.

37 – سيمور هيرش، القيادة العمياء– ط1(بيروت: الدار العربية للعلوم، 2005) ص61.

38 – حوار هاني السباعي مع جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 4/9/2002.

39 – للمزيد من التفاصيل عن الجماعة الإسلامية انظر: أحمد مولانا، الجماعة الإسلامية: استراتيجيات متعارضة، (اسطنبول، المعهد المصري للدراسات، 2018).

40 – عبد المنعم أبو الفتوح، شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر (1970- 1984)، تحرير حسام تمام، ط2 (القاهرة: دار الشروق، 2012)، ص43، 67.

41 -عبد المنعم أبو الفتوح، ص40.

42 -مهندس خريج جامعة أسيوط، ومن مؤسسي الجماعة الإسلامية عام 1972.

43 -عبد المنعم أبو الفتوح، ص43.

44 -عبد المنعم أبو الفتوح: ص47، بينما يذكر صلاح هاشم في حواره مع موقع إسلام أون لاين بتاريخ 2/10/2010 أن اللجنة الدينية تأسست عام 1972. وتحول اسمها إلى الجماعة الإسلامية عام 1975.

45 -عبد المنعم أبو الفتوح، ص65.

46 – حوار صلاح هاشم مع موقع إسلام أون لاين، مصدر سابق.

47 – عبد المنعم أبو الفتوح– ص91.

48 – “عنتر والشاه“، مجلة المرابطون، العدد (22- 23)، إبريل ومايو 1992.

49 – أبو العلا ماضي، جماعات العنف المصرية وتأويلاتها للإسلام، ط1 (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2006)، ص19.

50 يؤكد الموقع الرسمي للجماعة الإسلامية حدوث هذا الانفصال عام 1980 في موضوع بعنوان: انعقاد أول جمعية عمومية للجماعة الإسلامية بأسيوط عام 1980.

51 الإرهاب فرض والقوة واجبة“، مجلة المرابطون، العدد 1، مايو 1990.

52 لمزيد من التفصيل انظر: أبو العلا ماضي، ص20، 21؛ وشهادة أسامة حافظ في: سلوى العوا، الجماعة الإسلامية المسلحة في مصر (1974- 2004)، ط1(القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2006)، ص83.

53 – مذكرات علي الشريف، الموجز، 28/12/2013؛ اعترافات ناجح ابراهيم عام1981ضمن: مختار نوح، موسوعة العنف في الحركات الإسلامية المسلحة، ط1 (القاهرة: سما للنشر والتوزيع، 2014)، ص498.

54 – تنظيم الجهاد الذي نفذ أحداث 1981 بقيادة محمد عبد السلام فرج وعبود الزمر مختلف عن جماعة الجهاد التي تأسست عام 1988 بقيادة سيد إمام وأيمن الظواهري، لمزيد من التفاصيل عن التنظيمين انظر: أحمد مولانا، الحركات الجهادية المصرية،   (اسطنبول: المعهد المصري للدراسات السياسية،26 يوليو 2017).

55 – انظر: اعترافات عاصم عبد الماجد في التحقيقات معه عام1981، في: مختار نوح، ص492.

56 – لمزيد من التفاصيل انظر: ميثاق العمل الإسلامي، ط1 (القاهرة، نسخة الكترونية على موقع منبر التوحيد والجهاد، 1984).

57 -خرج صفوت عبد الغني من السجن عام 1984. وخرج رفاعي طه عام 1986. بينما خرج ممدوح علي يوسف وطلعت فؤاد قاسم ومصطفى حمزة وخالد حنفي عام 1988.

58 بلغ عدد المعتقلين على خلفية اغتيال السادات 7 آلاف معتقل وفقا لمحمد مورو في: تنظيم الجهاد: أفكاره- جذوره– سياسته، ط1(القاهرة: الشركة العربية الدولية للنشر والإعلام، دون تاريخ)، ص139.

59 – تصريح لوزير الداخلية اللواء حسن الألفي في: مدحت فؤاد، خارج السلطة وأسرار الداخل: اعترافات الألفي، ط1 (القاهرة: المكتب العربي للمعارف 1998)، ص25.

60 –  للمزيد من التفاصيل عن حوادث استهداف عناصر الجماعة انظر: يا نظام مبارك.. ويحكم ماذا جنى أطهارها؟، المرابطون- العدد 8- ديسمبر 1990.

61 يا نظام مبارك.. ويحكم ماذا جنى أطهارها؟، المرابطون، العدد 8، ديسمبر 1990.

62 لبيك يا أختاه، مجلة المرابطون، العدد 9، يناير 1991.

63 – تمكنت أجهزة الأمن من القبض عليه حيا وتصفيته يوم 25 إبريل 1994.

64 – قتل عام 1999- الحياة اللندنية، 8 /9/1999.

65 وصية شهيد، مجلة المرابطون، العدد (14- 15)، يوليو وأغسطس 1991.

66 – محمد خليل الحكايمة، تاريخ الحركات الجهادية في مصر: التجارب والأحداث (1964-2006)، نسخة إلكترونية.

67 – الرائد محمد حمزة، مكافحة الارهاب والتطرف وأسلوب المراجعة الفكرية، ط1 (القاهرة: وزارة الداخلية المصرية،2012) ص16.

68 – لمزيد من التفاصيل عن تلك العمليات انظر: أحمد عمر، أسيوط مدينة النار: أسرار ووقائع العنف، ط1 (القاهرة: سفنكس للنشر، 1994).

69 انظر تقريرا مفصلا بحوادث استهداف السياح في مصر على الرابط

70 محمد خليل الحكايمة، مصدر سابق.

71 –  مدحت فؤاد، ص85 (تصريح لوزير الداخلية السابق حسن الألفي).

72لقاء رفاعي طه مع وكالة رويترز عام 1420 هجريا.

73 -نهر الذكريات: المراجعات الفقهية للجماعة الإسلامية، ط1 (القاهرة: مكتبة التراث الإسلامي، 2003)، ص7.

74 -سلوى العوا، ص172.

75 -نهر الذكريات، ص35.

76 -عمر عاشور، تحوّلات الجماعات الإسلامية المسلّحة وأسبابها، مركز كارنيجي، 2009.

77 – – لمزيد من التفاصيل عن تنظيم شبرا، انظر: أحمد إبراهيم محمود، تفجيرات سيناء وتحولات ظاهرة الإرهاب في مصر، كراسات استراتيجية ط1 (القاهرة، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،2006).

78 – لمزيد من التفاصيل انظر: أحمد مولانا، من التوحيد والجهاد إلى أنصار بيت المقدس (إسطنبول، المعهد المصري للدراسات،20 أغسطس 2017).

79 نشرت ولاية سيناء هذه الصورة النادرة للدكتور خالد مساعد في 1 سبتمبر 2016 ضمن إصدار بعنوان (حصاد الاجناد، غزوة أبي صهيب الانصاري).

80 – كتاب “العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله تعالى” من تأليف عبد القادر بن عبد العزيز. وأصدرته جماعة الجهاد المصرية عام 1989 تحت اسم حركي لأميرها سيد إمام الشريف. وتناول حكم التدريب العسكري، والإمارة وأحكامها، وواجبات الأمير وعناصر المعسكر، فضلا عن الرد على أبرز الحجج والشبهات التي يرددها خصوم التيار الجهادي.

81 – بيان للنائب العام ماهر عبد الواحد نشرته جريدة المصري اليوم بتاريخ 30/4/2006، بينما أعلنت وزارة الداخلية في بيانها عن الحادث يوم25/4/2006 مقتل 23 شخص بينهم 3 أجانب.

82 – هم (محمد جايز، أسامة النخلاوي، يونس عليان جرير).

83 الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close