الشراكة الأورومتوسطية ـ السياقات والمسارات
لقد دخل الاتحاد الأوروبي مفهوم الشراكة في علاقته مع الدول المتوسطية، بسبب الأهمية الاستراتيجية للمتوسط التي تستند إلى بعد حضاري عميق وتكتل بشري كبير وموارد طبيعية مهمة أعادت له الاهتمام الدولي، وهذا من خلال تطوير الاتحاد الأوروبي لسياسته المتوسطية سنة 1989، حيث أصدرت اللجنة الأوروبية في نفس العام وثيقة بعنوان “إعادة توجيه السياسة المتوسطية”، وتمثلت هذه السياسة في الشراكة الأورومتوسطية التي تندرج في إطار الموجة الأخيرة من التكتلات الاقتصادية الحالية، والتي تعرف في الأدبيات الاقتصادية الحديثة بالإقليمية الجديدة.
ونجد أن مشروع الأورومتوسطي نتاج لامتزاج العولمة والإقليمية، هذه الأخيرة تجسد مجموع الصياغات الإقليمية المفروضة من جانب مركز أو أكثر من المراكز الكبرى للعولمة؛ والتي تهدف إلى تحقيق الاندماج في العولمة وإرساء المصالح المشتركة بين فئات وشرائح اجتماعية مستفيدة من مجريات العولمة.
وللتوضيح أكثر سنركز في هذا المبحث على السياق العام للشراكة الأورومتوسطية، بدءاً بتعريف الشراكة الأورومتوسطية، ومن ثمّ نتطرق إلى مسار تطور العلاقات الأورومتوسطية.
المطلب الأول: مفهوم الشراكة الأورومتوسطية
طرح الاتحاد الأوربي ابتداء من سنة 1995 نوعاً جديداً من العلاقات مع بلدان البحر الأبيض المتوسط، فيما يعرف بالشراكة الأورومتوسطية، معبراً بما يسمى بمؤتمر برشلونة الهادف إلى إقامة منطقة تجارة حرة مع بلدان جنوب المتوسط بحلول عام 2010، هذه المبادرة تندرج ضمن الاستراتيجية الجديدة للاتحاد في ظل تصدع المعسكر الشيوعي، ونهاية الحرب الباردة من جهة واستمرار الصراعات والنزاعات الداخلية في أوروبا، وكذا التحديات والمخاطر والتهديدات القادمة من الجنوب.
أولاً- تعريف الشراكة الأورومتوسطية:
يعد مفهوم الشراكة مفهوما حديثاً، حيث لم يظهر في القاموس إلا في سنة 1987، بالصيغة التالية:” نظام يجمع المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين”[1]، أما في العلاقات الدولية فإن أصل استعمال كلمة شراكة تم لأول مرة من طرف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (CNUCED) في نهاية الثمانينات. [2]
قبل تعريف الشراكة الأورومتوسطية بصفة عامة، فإنه ينبغي في البداية معرفة ما المقصود بمصطلحي، “الشراكة”، “الأورومتوسطية”.
1- الشراكة: Partenership”, Partenariat”
أ-المدلول اللغوي للشراكة، هي من الفعل شاركَ، يُشاركُ، أي وقعت بينهما شراكة، أي اختلاط النصيبين بحيث لا يميز أحد عن الآخر.
ب-المدلول الاصطلاحي للشراكة، لقد تم استعمال كلمة “شراكة” كثيرا من طرف الباحثين دون إعطائها مفهوما دقيقاً، من بين أهم هذه التعاريف:
يعرف فتح الله ولعلوا الشراكة أنها: “العلاقة المشتركة والقائمة على أساس تحقيق المصالح المشتركة من جهة وتجسيد مدى قدرات ومساهمات كل طرف من جهة أخرى للوصول إلى الغايات المنشودة والمتوقعة «.
وعرف محمد السيد أمين الشراكة أنها: “نمط من العلاقات الخاصة والمميزة والقائمة بين المؤسسات والمبني على التعاون طويل المدى والذي يتعدى العلاقات التجارية”. [3]
كما يعرفها جون فليب نوفيل بأنها:» شكل من أشكال التعاون بين المؤسسات المبني على التبادل الأساسي المتمثل في تأجير الموارد مقابل الخدمات «. [4]
أما ماري جوزبف سوستر عرفها أنها:» حالة تأمل فيها أن تجعل إمكانية خلق علاقة متميزة بين المشاركين المتعاونين ترتكز هذه العلاقة على البحث بالتعاون للتحقيق الأهداف في الأجل المتوسط والطويل، بدون شرط ضروري من أجل تجسيد علاقة ثقة بين المتعاملين «. [5]
نستخلص بأن الشراكة، هي خلق علاقة بين متعاملين من خلال الجمع بينهم لتحقيق مصالح مشتركة، عن طريق اتفاق طويل المدى (*)، في مجال أو عدة مجالات تقوم على أساس وجود أجهزة دائمة وثابتة وملكية مشتركة، حيث يساهم كل طرف منهم بما يقدر عليه من إمكانيات (مادية، معنوية)، لتحقيق نتائج تعود بالنفع على كل الأطراف.
ج- مميزات الشراكة: إن الشراكة ما هي إلا وسيلة أو أداة لتنظيم علاقات مستقرة ما بين وحدتين أو أكثر (دول أو مجموعات إقليمية)، وهذه العملية تتطلب مجموعة من الخصائص منها:
- التعاون والتقارب المشترك أي لابد من الاتفاق حول أدنى المرجعيات المشتركة التي تسمح بالتفاهم والاعتراف بالمصلحة العليا للأطراف المتعاقدة.
- علاقات التكافؤ والتوازن بين المتعاملين. [6]
- وجود مصلحة دائمة ومشتركة.
- خاصية الحركة في تحقيق الأهداف المشتركة.
- اتفاق طويل أو متوسط الأجل بين الطرفين. [7]
- لا تقتصر الشراكة على تقديم حصة في رأس المال، بل يمكن أن تتم من خلال تقديم خبرة أو نقل تكنولوجي أو دراية أو معرفة.
- لابد أن يكون لكل طرف الحق في إدارة المشروع (إدارة مشتركة)، التقارب والتعاون المشترك على أساس الثقة وتقاسم المخاطر بغية تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة.)[8](
د- الشراكة وبعض المفاهيم المشابهة: لعل أهم المفاهيم الأكثر ارتباطاً بمفهوم الشراكة نجد:
-التعاون: Coopération” “
التعاون قديم قدم التاريخ الإنساني وقد مر بعدة مراحل من مجرد التفاهم والتوافق والمشاورة إلى توثيق التعاون بمعاهدات واتفاقيات، فلا يمكن أن تعيش الدول وتستمر، وهي في عزلة عن بعضها البعض، لأن المصالح الإنسانية وبناء الحضارات يتطلب إقامة علاقات متنوعة وتوثيق روابط التعاون الإنساني.
إذ يقصد بالتعاون: “مجموعة مكثفة من التفاعلات والاتصالات في المجالات المختلفة التي تسمح بالبناء وتحقيق التقدم وتعظيم درجة الأمن بين عدة أطراف ليسوا بالضرورة متقاربين مكانياً أو جغرافياً أو منتمين إلى دين واحد أو ذوي أصول عريقة واحدة، وإذا تعلق الأمر بالتعاون الإقليمي فالأمر يتصل بتفاعلات في إقليم جغرافي معين وبين عدة دول تنتمي إلى هذا الإقليم «. [9]
كما يعرف أيضاً بأنه: “صيغة من العلاقات الدولية والذي يتضمن تنفيذ سياسية وبالتالي (استراتيجية تكتيك)، متتابعة خلال فترة زمنية معينة لذلك تسعى تلك الآليات المستمرة إلى توطيد العلاقات الدولية في مجال أو عدة مجالات، مع التخفيف من القيود على حرية تنقل الوحدات المعنية”. [10]
إذن التعاون هو تبادل مساعدة ولا يهدف إلى خلق مؤسسات دائمة وهو ذو طبيعة مؤقتة وأهداف مجردة وغير مشتركة، فهو عبارة عن مشاركة في العديد من النشاطات بين الدول ذات مستوى إنمائي متفاوت، ومن المؤكد أنه لا يؤدي حتماً إلى بناء نوع من الوحدة المؤسساتية ومن هنا فهو يختلف عن غيره من المفاهيم كالشراكة.
-التكامل: Integration””
يشكل التكامل أحد الموضوعات المهمة في العلاقات الدولية باعتباره انقلاباً على الفكر الواقعي في العلاقات الدولية الذي يقوم على اللا تعاون، كحل لإشكالية اللا أمن وعلى مواجهة النزاعات. [11]
يعرف بيلا بلاسا B. Balassa التكامل بأنه:» عملية وحالة في آن واحد، فبوصفه عملية تتضمن التدابير والإجراءات والوسائل التي تستخدم في العملية التكاملية، والتي تؤدي إلى إلغاء التمييز بين الوحدات المنتمية إلى دول قومية مختلفة، أما بوصفه حالة فإنه يتمثل في زوال مختلف صور التفرقة بين الاقتصاديات القومية للدول الأطراف «. [12]
يرى المفكر العربي عبد الغني أن التكامل هو: جمع ما ليس موحد في إطار علاقة تبادلية تقوم على التنسيق الطوعي والإرادي؛ بهدف توحيد أنماط معينة من السياسات الاقتصادية بين مجموعة من الدول تجمعها مميزات محددة، تستهدف المنفعة المشتركة من خلال إيجاد سلسلة من العلاقات التفضيلية. [13]
يعد التعاون مرحلة متطورة من التكامل، يتجلى الفرق في طبيعة الأهداف والبناء المؤسساتي أما الشراكة فهي تدخل في إطار العمل التكاملي بحيث يمكن اعتبارها إحدى مستويات التكامل الإقليمي، إلا أنها في الوقت نفسه تقوم على مجموعة من الأسس والاعتبارات التي تختلف في مضمونها على أسس ومفهوم التكامل الاقتصادي التقليدي.
–التبعية: “Dependance”
تم تطوير مفهوم التبعية في الستينات والسبعينات لتحديد عدم المساواة البنيوية في الثروة والسلطة العالمية، وهذه النظرية مبنية على عمل المدرسة البنيوية للاقتصاد السياسي الدولي التابعة لعالم الاقتصادي الأمريكي راول بريبيس الذي برز في الثلاثينيات.
يقصد بالتبعية الشروط المفروضة من قبل دول أجنبية فيما يتعلق بتعرض بلدان العالم الثالث للاستثمار الأجنبي المباشر، والاتفاقيات التجارية غير متساوية، وتسديد فوائد على الديون بالإضافة إلى تبادل الموارد الأولية بسلع مصنعة غالية الثمن، هو ما يسبب بالأساس نشوء علاقات بنيوية غير متوازنة بين المركز والأطراف، بحيث تتحول الثروة تلقائياً من الأطراف إلى المركز ويأتي التخلف المزمن كنتيجة لذلك. [14]
إذن مفهوم التبعية عكس مفهوم الشراكة، يقوم على أساس اعتماد غير متكافئ، لا يهدف لخلق مؤسسات أو أجهزة دائمة، كما أنه لا يقوم على وجود مصالح مشتركة، فهو حالة من خلالها يبقى اقتصاد عدد من الدول مشروطاً بتوسع وتطور دولة أخرى.
–الاعتماد المتبادل: “Interdépendance”
يعرف عبد الوهاب الكيالي في موسوعة السياسة التكامل على أنه: “حاجة الأفراد والمؤسسات إلى تبادل المساعدات والخدمات في هذا العصر، الذي جعلت فيه التكنولوجيا العالية العنصر البشري أشد أهمية من العنصر المادي والطبيعي، وتستخدم هذه العبارة تمييزاً عن التبعية التي تعني ضمناً أن بعض الدول أو المجتمعات تعتمد على دول أو مجتمعات أخرى دون أن تكون هذه المجتمعات الأخيرة معتمدة على الأولى”. [15]
2-الأورومتوسطية: “Euro-mediterranée”
إن القراءة الواضحة لكلمة “الأورومتوسطية” توحي بتواجد طرفين، الأول يضم الاتحاد الأوروبي وهذا ما يدل عليه الشطر الأول “الأورو”، والشطر الثاني “المتوسطية” تعني دول حوض البحر الأبيض المتوسط، مما يعني أن ثمة مشروع شراكة قائم بين الاتحاد الأوروبي ممثلاً في الضفة الشمالية مع الضفة الأخرى من الحوض المتوسطي، وهي دول الضفة الجنوبية. حيث ظهر مفهوم المتوسطية في بداية السبعينات عندما قام الاتحاد الأوروبي بوضع سياسات تهدف إلى إعطاء مفهوم شامل للدول الواقعة جنوب البحر الأبيض المتوسط، أهم ما جاء في هذه السياسات هو خلق منطقة آمنة ومستقرة، إضافة إلى كيفية وصول النفط والغاز إلى أوروبا، كما تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات بين الفترة الممتدة (1972-1976). [16]
كلمة “المتوسط حسب “إيف لاكوست”، هو الإطار الذي تشغل فيه الظاهرة المتوسطية، إذ هي تنوع التفاعلات المباشرة عن طريق البحر بين مجموعة من الدول تحيط الإمداد البحري نفسه والمضايق نحو المحيطات التي تسهل بدورها التداخلات البحرية القادمة من المناطق العالمية الأخرى. [17]
تأتي تسمية البحر الأبيض المتوسط (La méditerranée) من كلمتين لاتينيتين هما “Medius” أي المتوسط، و”Terra” أي الأرض كونه يقع وسط الأرض، وهو حلقة وصل ونقطة التقاء بين القارات القديمة الثلاث، فأوروبا تقع من الشمال منه وآسيا إلى الشرق وإفريقيا إلى الجنوب، أما الغرب فيربط مضيق جبل طارق البحر الأبيض المتوسط (بالمحيط الأطلسي، ويربط مضيق الدردنيل البحر الأبيض المتوسط ببحر مرمرة والبوسفور والبحر الأسود، وفي الجوب الشرقي تفصل قناة السويس البحر الأبيض المتوسط عبر البحر الأحمر. [18]
يعتبر البحر الأبيض المتوسط بموقعه المركزي، نقطة التقاء محورين: الشرق والغرب الشمال والجنوب، وهو يفصل بين قوسي الدائرة الاستراتيجية التي تمتد من شرق ووسط أوروبا لتشمل غرب وشرق الوطن العربي، وهي المنطقة التي يطلق عليها علماء الجيوسياسية من الأوروبيين “قلب العالم”، ومن يسيطر على هذه الجزيرة يحكم العالم، وأكدت ذلك وقائع التاريخ القديم والحديث. [19]
كما كتب “ألفريد ماهان” الخبير الأمريكي في الاستراتيجية البحرية في أواخر القرن التاسع عشر يقول: “جعلت الظروف البحر الأبيض المتوسط يلعب دوراً تجارياً وعسكرياً في تاريخ العالم أكبر مما لعبه أي سطح مائي آخر يتمتع بالحجم ذاته؛ فقد سعت أمة بعد أمة للسيطرة علية، ولا يزال الصراع مستمراً وهذا التقييم يصعب تحديه”. [20]
فحوض البحر الأبيض المتوسط ليس كتلة من الماء تفصل بين مساحات الأرض لكل من أوروبا وإفريقيا وآسيا؛ وإنما هو بحر تحيطه دول ذات هويات ومصالح مختلفة تماماً، وهذه الدول مرتبطة بعلاقات الجوار، إذ يجب التفكير في حوض المتوسط كمنطقة لها وضعها الخاص وكوحدة جغرافيا تربط الدول باهتمامات مشتركة لمشاكلها المحلية التي تزيد تعقيداً وتشابكاً واتساعاً، كما أن الأهمية المركزية لحوض المتوسط جعلت أمنه قضية جوهرية تهم العالم كله لذلك اكتسبت هذه المنطقة ثقلاً خاصاً عند وضع الإطار العام للمنظومة الأوروبية، كما يشكل البحر الأبيض المتوسط فضاءاً للصراع والتنافس على المصالح من جهة، والتعاون والشراكة من جهة أخرى، وأهميته لم تتآكل بسقوط نظام القطبية الثنائية بل احتدم الصراع والتنافس الخفي على حد سواء بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي المدافع عن الشراكة الأورومتوسطية.[21]
بعدما حددنا المقصود من مصطلحي “الشراكة” (و) “الأورومتوسطية”، نتطرق إلى تعريف المصطلحين معاً، أي الشراكة الأورومتوسطية.
يجمع الاقتصاديون على أن الشراكة الأورومتوسطية هي تجمع إقليمي يشمل جميع الدول الواقعة على البحر الأبيض المتوسط تضم دول الاتحاد في غربي المتوسط، وجميع الدول المتوسطية غير الأوروبية في شرق وجنوب المتوسط (مع كل من تركيا، إسرائيل).
يرى واضعو مشروع برشلونة بأن مفهوم الشراكة، يستهدف خلق مجال حقيقي للرخاء المشترك، ولكنه لا يستطيع الاكتفاء بمجرد العلاقات بين الدول، إذا أراد تحقيق أهداف تنموية مشتركة، لذلك يجب تعزيز الآليات اللازمة لتحقيق تعاون لامركزي وتعزيز التبادل بين العاملين من أجل التنمية في المجالس التشريعية الوطنية، والمسؤولين في المجتمع السياسي والمدني والعالم الثقافي والديني، … إلخ، ولتحقيق ذلك يجب تدعيم الهيئات الديمقراطية، وتقوية دولة القانون وتفعيل دور المجتمع المدني. [22]
وباعتبار أن الشراكة الأورومتوسطية تضم طرفين أوروبا من جهة، ودول جنوب المتوسط من جهة أخرى، فإن لكل طرف مفهومه الخاص للشراكة.
يرى المفكر العربي ناصف حتى، بأن الشراكة الأورومتوسطية هي: “نهج أوروبي للتعاون مع دول كانت كلها تقريباً وإلى أمد قريب ضمن منطقة النفوذ الأوروبية بأسواقها ومواردها الأولية”.
فبالنسبة لأوروبا؛ الشراكة تعني: “مصالح مشتركة بين الطرفين، وتوسيع الدعم المالي للدول النامية من أجل مساعدتها على تجاوز مشاكلها وبالتالي الدعوة إلى الانضمام والاندماج في الاقتصاد العالمي”. [23]
أما بالنسبة لدول الجنوب فتعني لهم الشراكة مع الاتحاد الأوروبي: “تلك الأداة الجوهرية لمواكبة التغيرات العالمية والتحولات الجديدة، وهذا يتطلب منها إصلاحات وتغيرات جذرية في هياكلها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية”. [24]
إذن الشراكة الأورومتوسطية)[25]( هي عبارة عن اتفاقيات مكتوبة بين الاتحاد الأوروبي من جهة، والدول المتوسطية من جهة أخرى، بهدف تحقيق أهداف الشراكة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليها في إعلان وبرنامج عمل برشلونة.
من بين أهم خصائص الشراكة الأورومتوسطية:[26]
-التأكيد على إطار عمل متعدد الأطراف لحكم علاقات الاتحاد بالمنطقة المتوسطية.
-اتساع نطاق الشراكة لتغطي قضايا متعددة، بما في ذلك القضايا الاجتماعية والسياسية والأمنية والبيئية، والهجرة غير الشرعية، …، إلخ.
-الدعم المالي الممنوح في إطار الإصلاحات الاقتصادية في شكل قروض لدعم الإصلاح القطاعي والهيكلي لإعادة الهيكلة الاقتصادية.
-اختلاف درجات ومؤشرات التنمية بين الاتحاد والدول المتوسطية مما يجعل ارتقاء هذه الأخيرة إلى مستوى التنافسية الأوروبية أمراً صعباً على اعتبار أن اقتصاديات الدول المتوسطية هي اقتصاديات تقليدية تعتمد أساساً على الموارد الأولية والزراعة، أما الاتحاد فيعتبر اقتصاداً متنوعاً ذو تنافسية مرتفعة، هذه الاختلافات تكرس عدم التكافؤ في علاقات القوى بين الاتحاد من جهة والدول المتوسطية من جهة أخرى، بدليل أن المفاوضات تتم بين الاتحاد ككتلة واحدة وكل الدول المتوسطية.
إن مفهوم اتفاقيات الشراكة في إطار بيان برشلونة؛ يعني تحول المنطقة المتوسطية بشكل عام والدول العربية-المتوسطية بشكل خاص، إلى اقتصاد السوق بغض النظر عن الإيجابيات والسلبيات التي قد تصحب عملية التحول هذه، وإن كانت اتفاقيات الشراكة تعني للجانب الأوروبي ضمان سوق أوسع لمنتجاته، فإن العمل بموجب هذه الاتفاقية يعني دخول الدول العربية-المتوسطية لمنافسة غير متكافئة، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى تحقيق فوائد الطرف الأقوى وخسائر للطرف الأضعف.
ثانياً- دوافع الشراكة الأورومتوسطية:
هناك مجموعة من العوامل دفعت الاتحاد الأوروبي إلى تبني مبادرة الشراكة والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
- بروز فكرة “الدولة الحاجز”، بتعبيرRufin” Ean Christophe”، أو “الدولة المحورية” بتعبير “بول كيندي، Poul Kindi”، والتي هي دولة من الجنوب تقع على خط تماس مباشر مع الشمال (حال المكسيك، دول جنوب البحر الأبيض المتوسط) لتشكل “تخوم، “Limes، تكون وظيفة هذه الدولة الحاجز أو المحورية امتصاص التوترات القادمة من الجنوب وإضعافها حتى لا تصل إلى قلعة الشمال، مقابل هذا تستفيد من بعض الامتيازات التي تساعدها على أداء هذا الدور ويمكن تحديد وتلخيص دور الدولة الحاجزة في كلمة واحدة وهي “ضمان استقرار الشمال” ومهما يكن حجم الدولة الحاجزة الجنوبية ومواردها وتاريخها ونظامها السياسي، فهي حين تلامس “التخم، Lime” تملك شيئاً لا يقدر بثمن، ثروة لا تنفذ في مساهمتها في حفظ أمن الشمال، وهو الشيء الذي يؤهلها للانخراط في ترتيبات اقتصادية جغرافيا.[27]
- سقوط وانهيار الاتحاد السوفياتي والذي مثل فرصة لعودة حوض المتوسط كما كان منطقة نفوذ أوروبية، بعد أن كانت منطقة للصراع على النفوذ بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي. [28]
- استعادة التوازن داخل الاتحاد الأوروبي حيث تمكنت ألمانيا بفضل قوتها الاقتصادية الهائلة من السيطرة على الاتحاد خاصة بعد أن نجحت في إقناع شركائها بضرورة توسيعه إلى بلدان أوروبا الشرقية والوسطى مما زادها قوة. لذا فإن اقتراح الشراكة الأورومتوسطية من قبل فرنسا بمساندة إيطاليا وإسبانيا يدخل ضمن رغبة هذه الأخيرة في إعطاء نفسها الوسائل الكفيلة بالتوازن مع التوسع الألماني، ذلك أن فرنسا لا يمكنها أن تستعمل كل ثقلها ولاسيما في أوروبا دون الروابط التي عقدتها وراء البحر خاصة نحو جنوبها. [29]
- إن الشراكة تخدم التوجهات الأوروبية نحو تطوير عملية الاندماج الأوروبي، وإبراز أوروبا كقوة اقتصادية لها مناطق نفوذ لها، مما يدعم موقعها في عملية المنافسة مع القوى الاقتصادية الدولية الأخرى، من أجل رعاية مصالحها الحالية والمستقبلية وتعظيمها واستمرارها، ويبقى الهدف الرئيسي لفكرة الشراكة هو التنافس الخفي والمعلن مع الولايات المتحدة الأمريكية والرغبة في لعب دور في إدارة وتقرير شؤون المنطقة؛ التي ترتبط بها بعلاقات ثقافية واقتصادية وتجارية، والتي تعود جذورها إلى أعماق التاريخ خاصة بعد أن انفردت الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة تحت حجة مصالحها الاستراتيجية خاصة النفطية منها.[30]
- إيمان أوروبا بأن أمن الشمال وجنوب المتوسط لا ينفصلان، هو ما جعل أوروبا تسعى لممارسة سياسة جغرافيتها، حيث أدركت أن أمنها لا ينفصل عن أمن جيرانها بالضفة الأخرى والتي تعد امتداداً طبيعيا لها، لذلك يرى الأستاذ “وجيه كوثراني، “Wajih Kawatharani” أن أوروبا طرحت الشراكة كوسيلة لتنمية جنوب المتوسط للحفاظ على استقراره. [31]
- كما أن توجه أوروبا نحو الجنوب والشرق يأتي متسقاً مع التوجهات العالمية السائدة ومع تطلعات المجموعة لدورها العالمي، ورداً على التحولات التي تشهدها الساحة العالمية وتجسيداً لهذه التوجهات فإن المجموعة تسعى من خلال الإطار الجديد للتعاون إلى إقامة منطقة أوروبية يتوقع أن يصل عدد المشاركين فيها 40 دولة، ويبلغ حجم سوقها ما يقارب 800 ملون نسمة عام 2025، مما لا شك فيه أن إنشاء مثل هذه المنظومة الأوروبية الاستراتيجية سيجعل أوروبا في وضع متوازن في مواجهة المنطقتين الأمريكية والآسيوية. [32]
- يرى الجانب الأوروبي دائماً أن جيرانه المتوسطيين يمثلون سوقاً واسعة ونامية وأن المنطقة تتمتع بمحزون كبير من الموارد الطبيعية، لذلك فإنه من الأهمية الحيوية والسياسية والاقتصادية لأوروبا العمل على تطوير العلاقات معهم، لأن ذلك يجعل أوروبا في موقع تنافسي أفضل في وجه المنافسة الأمريكية والصينية واليابانية. [33]
إذا كان للضفة الشمالية أسباب دفعتها إلى عرض مشروع الشراكة، فإن دول الضفة الجنوبية هي الأخرى انطلقت من ظروف معينة أجبرتها على الاستجابة للدخول في الشراكة الأورومتوسطية، تتلخص فيما يلي:
- تأثر العالم الثالث بانهيار الاتحاد السوفياتي، حيث أدى زوال الحرب الباردة إلى جعل حصول الدول الجنوبية على مساعدات أو استثمارات صعب جداً، وذلك لاتجاهها إلى دول أوروبا الشرقية والتي كانت اشتراكية بالأمس، لكنها أوروبية سابقاً وحاضراً، ناهيك عن تمتعها بهياكل أحسن ويد عاملة أكثر تأهيلاً، فقد كان ما يستثمره الاتحاد الأوروبي في جنوب المتوسط لا يتجاوز 03%، مقابل 35 %بأوروبا الشرقية، 30% بآسيا، 30% بأمريكا اللاتينية. [34]
- الخوف من التهميش، فالعالم كان يتجه نحو التكتل الاقتصادي وبالتالي فإن دول الضفة الجنوبية بدأت تشعر بأنها إن لم تجد فضاء اقتصاديا ما، سيكون مآلها التهميش في ظل عولمة لا ترحم، وقد بدت لها الشراكة الأورومتوسطية أنسب تكتل إليها نظراً للروابط التاريخية والثقافية والاقتصادية التي تجمع بين الضفتين. [35]
انطلاقاً مما سبق نجد أن أهداف ودوافع مشروع الشراكة الأورومتوسطية، مختلفة فنجد أن دول الاتحاد تسعى لتحقيق بعض الأهداف المعلنة وغير المعلنة؛ المتمثلة أساساً في توفير مجال أوسع للصادرات الأوروبية، ومقاومة الهجرة السرية، وهو ما يسعى إليه الاتحاد الأوروبي من خلال المشروع المتوسطي على اعتبار أنه فرصة لبناء مركز تفاوضي قوي في عصر التكتلات الاقتصادية الكبرى والاستفادة من حجم ونوعية التطور الاقتصادي والتكنولوجي لدول الشمال وتحقيق التوازن مع دول الجوار الجغرافي، أما دول الضفة الأخرى فهي تسعى للحصول على مساعدات وقروض لتمويل مشاريعها وجلب رؤوس الأموال الأجنبية من أوروبا.
المطلب الثاني: تطور العلاقات الأورومتوسطية من التعاون إلى الشراكة
تطورت العلاقات بين ضفتي المتوسط (الشمالية الأوروبية والجنوبية الشرقية) منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ لتدخل مرحلة التوازنات الدولية التي فرضتها الثنائية القطبية منذ بداية الحرب الباردة، ولقد شهدت العلاقات التاريخية بين أوروبا والعرب وحتى النصف الأول من القرن العشرين، عدداً من الصراعات كان آخرها حرب السويس عام 1956، ثم اتخذت هذه العلاقات مع نهاية حرب الجزائر ودخول الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى لها مصالحها في المنطقة منحى آخر، أدى إلى قيام الدول الأوروبية بوضع سياسات إقليمية تركز على التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى زيادة معدلات النمو في بلدان المتوسط.[36]
تميزت سياسات دول الاتحاد الأوروبي تجاه البلدان المتوسطية العربية وغير العربية في السبعينات والثمانينات، بمنح الامتيازات التجارية ودعم التعاون المالي، إلا أن هذه الإجراءات أثبتت عدم كفايتها لدفع النمو الاقتصادي في هذه البلدان التي تعاني من مشاكل اقتصادية ساهمت في اتساع الفجوة بينها، وبين دول الاتحاد الأوروبي، لذلك قامت الدول الأوروبية باستحداث سياسة أكثر جرأة تمكن الدول المتوسطية من مواجهة التحديات الدولية والإقليمية التي تعترضها. [37]
من أجل إيفاء مسار العلاقات الأورومتوسطية بجميع مراحلها عبر مختلف الحقب الزمنية سنعتمد على تقسيمها إلى مرحلتين:
أولاً-المرحلة الأولى: التعاون الأورومتوسطي في الفترة الممتدة من (1963-1994):
تتكون هذه المرحلة بدورها من مجموعة من المراحل الجزئية التالية:
1- السياسة المتوسطية للمجموعة الاقتصادية الأوروبية (السياسة المتوسطية الجزئية):
شملت هذه السياسة الفترة الممتدة من (1969-1973) وتحددت منذ اتفاقية روما، عن طريق العلاقات الخاصة التي ربطت فرنسا بمستعمراتها القديمة في منطقة الغرب العربي، ومن بين أهم العوامل الأساسية التي دفعت الدول الأوروبية خاصة فرنسا لإعادة تصميم علاقاتها مع بلدان جنوب المتوسط وخاصة الدول المغاربية [38]:
-حصول معظم الدول المغاربية والمتوسطية على استقلالها الكامل (المغرب- تونس)، وبالتالي لم يعد هناك عملياً أية إطار بنيوي أو تنظيمي يضمن لفرنسا والدول الأوروبية استمرار هيمنتها ومصالحها عليها.
-الخطر الشيوعي وتخوف دول المجموعة الاقتصادية الأوروبية من تبني الدول المتوسطية والمغاربية المستقلة لنماذج سياسية واقتصادية شيوعية.
-حاجة دول المجموعة الاقتصادية الأوروبية بعد بدأ مسار تكاملها بتأمين حدودها الجنوبية ببث الاستقرار فيها.
نظراً لهذه المتغيرات بادرت المجموعة الاقتصادية الأوروبية برسم سياسة متوسطية واضحة المعالم منذ التوقيع على اتفاقية روما 1958، والمنشأة للمجموعة الاقتصادية الأوروبية مثلت هذه المعاهدة الإطار القانوني الذي تحولت عبره العلاقات الفرنسية مع البلدان المغاربية من علاقات الاستعمار التدخلي المباشر إلى علاقات تعاون جوهرها اقتصادي. [39]
وفي هذا الإطار بدأت كل من تونس والمغرب منذ 1963 فتح مفاوضات مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية، بغية التوصل إلى اتفاقيات التعاون بينهما، وبين الدول الستة المكونة للمجموعة الاقتصادية الأوروبية في تلك الفترة، أما الجزائر فلم تكن معنية بهذه المفاوضات بالنظر للوضع الاستعماري الذي كانت تخضع له والذي جعلها جزء من المجموعة الاقتصادية الأوروبية حسب وثيقة مشروع القسطنطينية.
سنة 1969 انتهت المفاوضات بالتوقيع على اتفاقية التجارة التفضيلية مع تونس والمغرب كل على حدة لمدة خمس سنوات، مع الإشارة إلى أن المجموعة الأوروبية كانت قد وقعت في السابق اتفاقيتين متماثلتين واحدة مع اليونان سنة 1962، وأخرى مع تركيا سنة 1963 وإسرائيل سنة 1963. [40]
غير أن هذه الاتفاقيات سرعان ما أظهرت محدوديتها بسبب:[41]
-كونها عبارة عن اتفاقيات تجارية تفضيلية، تشمل المساعدات المالية، وتقف فقط عند حد التعامل التفضيلي، فضلاً عن الطابع الثنائي لاتفاقيات الستينات، فهي تربط بين كل قطر مغاربي على حدة والمجموعة الاقتصادية الأوروبية دون إعطاء أي اعتبار للبعد الجهوي.
وعليه فقد أدت جميع هذه الاعتبارات لاختلال معدلات التبادل التجاري على حساب البلدان المغاربية، مما يعني الفشل العملي لهذه الاتفاقيات في بناء مشروع تنموي فاعل، وفي محاولة أوروبية لاستدراك الوضع تبنت المجموعة الاقتصادية الأوروبية في قمة باريس 19-21 أكتوبر 1972، استراتيجية جديدة اتجاه جيرانها في المتوسط.
2-السياسة المتوسطية الشاملة:( 1972-1988):
تعتبر السياسة المتوسطية الشاملة بمثابة الجيل الثاني من الاتفاقيات التي جاءت لدعم التبادلات التجارية، حيث شعرت الدول الأوروبية بضرورة إعادة هيكلة سياستها المتوسطية لتشمل جميع الدول المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط.
تميزت هذه السياسة بتوسيع مجال الاتفاقيات بين المجموعة الأوروبية ودول المتوسط من جانبين، سواء من حيث عدد الدول بدءاً بإسرائيل سنة 1975، و (تونس، المغرب، الجزائر، سنة 1976)، المشرق العربي (مصر، سوريا، الأردن، لبنان)، ويوغوسلافيا، أما من حيث مجالات التعاون فنجد أنها شملت، المبادلات التجارية، التعاون المالي والتقني، التعاون في مجال اليد العاملة، وفي المجال المؤسساتي. [42]
السياسة المتوسطية الشاملة لم تتم في إطار إقليمي متعدد الأطراف إنما جرت المفاوضات بين المجموعة الاقتصادية الأوروبية من جهة وكل دولة متوسطية من جهة أخرى، والجديد الذي تمخض عنها هو انفتاح المجموعة الاقتصادية الأوروبية على معظم الدول المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط، والأردن، بالإضافة إلى الطابع الشمولي لهذه السياسة، وأما عن جوهر هذه السياسة الأوروبية فهي كالتي سبقتها هي المصلحة الأوروبية، الهدف منها هو تسهيل التنقل الحر للبضائع الصناعية، وإقرار معاملة تفضيلية للمنتجات الزراعية والخفض من الحقوق الجمركية التي تتراوح بين 20%، و80% حسب نوع المنتج.[43]
إذن السياسة المتوسطية الشاملة، جاءت لهدف جوهري هو تدعيم المبادلات التجارية بين الدول المتوسطية، ودعم القطاع الصناعي والفلاحي، عن طريق تقديم قروض مالية، إلا أن الواقع وبعد أعوام من انطلاق هذه السياسة بقيت التبادلات التجارة غير متوازنة، بل أكثر من ذلك عملت هذه الاتفاقيات على تعميق التبعية بين دول الضفتين.
لنخلص بنتيجة هامة أن سياسة المجموعة الاقتصادية الأوروبية الشاملة أكثر استراتيجيه تسعى لتوسيع منطقة النفوذ والتبادل في المتوسط.
3-السياسة المتوسطية المتجددة (1988-1995):
نظراً لعدم تحقيق السياسة الشاملة للأهداف المرجوة منها والأهداف التنموية، عملت الدول الأوروبية على تجديد السياسة المتوسطية، والتي جاءت تهدف بالدرجة الأولى إلى تمتين الروابط بين الدول المتوسطية عن طريق زيادة حجم المساعدات من خلال البروتوكول المالي الرابع، وكذا تحسين شروط الدخول للسوق الأوروبية المشتركة أمام السلع الزراعية والصناعية لدول الجنوب إضافة لمشاريع تتعلق بالبيئة والبحث وبرامج التعاون اللامركزي.
السياسة المتوسطية المتجددة لا تختلف اختلافا جوهريا عن السياسة المتوسطية الشاملة مع إدخال تعديلات وتطورات جديدة لتدعيم تلك العلاقات أهمها: [44]
زيادة حجم المساعدات المالية المقدمة للدول المتوسطية من خلال بروتوكول رابع بالإضافة إلى فتح الأسواق بشكل أوسع أمام السلع الزراعية والصناعية للدول جنوب المتوسط
وتنويع هذه السلع والمنتجات التي تحضي بالأفضلية التصديرية لأوروبا.
غير أن الواقع بين أن السياسة المتوسطة المتجددة بقيت موجهة أساساً بالمصالح التجارية ولم تهدف إلى خلق حالات تكاملية أو خلق استراتيجية فعلية لتنمية متضامنة.
أخيرا نستنتج أن السياسات الثلاثة التي جاءت بها المجموعة الاقتصادية الأوروبية جوهرها نفسه، بمعنى أنها منذ 1969 هي سياسة مركنتلية (مصلحية)، فمعاملاتها التجارية والمالية وطبيعتها الاستمرارية، وكذا محاولة سد النقائص التي بقيت بارزة خاصة في عدم تناسب الهدف المرغوب تحقيقه مع الإمكانيات والوسائل المتاحة والمسخرة لذلك، ويبقى عدم التكافؤ بين طرفي العلاقة التعاونية عائقاً يصعب تجاوزه لتحقيق الأهداف المرجوة للطرفين.
هذا ما استوجب ضرورة إيجاد مبادرات جديدة من شأنها تعزيز التقارب ومحاولة خلق نوع من التوازن بين الضفتين وبذلك ضمان استقرار المنطقة، فجاء مسار مشروع برشلونة كمقاربة شاملة تهتم بالمسائل الأمنية والاقتصادية، الاجتماعية والثقافية مما جعل هذه المبادرة رؤية جديدة لشراكة أورومتوسطية.
ثانياً- المرحلة الثانية: التعاون الأورومتوسطي بين الفترة الممتدة (1995-2008):
بعد تعطل مسيرة الحوار الأوروبي المتوسطي من خلال المبادرات التي سبقت مرحلة 1995، وبعد تطور الجماعة الأوروبية، وتحولها إلى الاتحاد الأوروبي وفق نصوص اتفاقية ماستريخت لسنة 1992، أخذ هذا الأخير يعيد النظر في سياسته اتجاه جواره المتوسطي الجنوبي وهذا ما أخذ في التبلور الفعلي انطلاقاً من قمة لشبونة للمجلس الأوروبي في جوان 1992.
1- مؤتمر برشلونة وسياسة الشراكة الأورومتوسطية:
يعد المؤتمر الأوروبي المتوسطي الذي عقد في مدينة برشلونة الإسبانية في نوفمبر 1995 تتويجاً للجهود الأوروبية الفرنسية بشكل خاص الساعية لإعادة صياغة الدور السياسي الاقتصادي الأوروبي في المنطقة، حيث شاركت في مؤتمر برشلونة 27 دولة متوسطية، من بينها ثماني دول عربية ( لبنان، مصر، الأردن، السلطة الفلسطينية، سوريا المغرب، الجزائر، تونس ) فضلاً عن (قبرص، تركيا، مالطا، إسرائيل)، بالإضافة إلى الدول الخمس عشرة التي كان يتألف منها الاتحاد الأوروبي أنا ذاك، حيث تمكنت الدول الأوروبية في مؤتمر برشلونة وضع الركائز الأساسية لسياستها المتوسطية الجديدة في فترة ما بعد الحرب الباردة والتي تشكل امتداداً للحوار الأوروبي العربي الذي انطلق في سبعينات القرن العشرين، حيث تمت الموافقة على اتخاذ قرارات تؤسس لإقامة شراكة أورومتوسطية من خلال تعزيز الحوار السياسي وتحقيق التعاون الاقتصادي والمالي والأمني مع الاهتمام بالعلاقات الثقافية. [45]
لقد برزت هذه الشراكة نتيجة لمعادلة صعبة بين ثلاثة توجهات سياسية داخل الاتحاد الأوروبي وهي:[46]
- التوجه الألماني: الذي يصيب اهتمامه في تطوير الشراكة مع دول أوروبا الوسطى والشرقية وخلق منطقة مستقرة اقتصاديا وسياسياً في جوارها الشرقي.
- التوجه البريطاني: المتشبث بالتعاون الأطلسي وتطوير العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والذي قد لا تهمه في قضايا المتوسط الأمنية إلا المصالح الاستراتيجية الأساسية للحلف الأطلسي والممرات المائية.
- التوجه المتوسطي: والمتمثل في الدول المتوسطية الأربعة وهي فرنسا، إسبانيا إيطاليا اليونان؛ والذي حقق انتصارا على المحاور السابقة من خلال دفعه للاتحاد الأوروبي لتبني سياسة اقتصادية موحدة تجاه بلدان جنوب وشرق المتوسط من خلال عملية برشلونة وتقديم المساعدات اللازمة لإنجاح هذه المسيرة.
تشمل الشراكة الأورومتوسطية على صيغتين للتعاون هما:
- الصيغة الثنائية: يقوم من خلالها الاتحاد الأوروبي بتنفيذ عدد من الأنشطة بشكل ثنائي مع كل دولة، وأهمها اتفاقيات الشراكة التي يتفاوض الاتحاد بشأنها مع الشركاء المتوسطيين كل على حدة بشروط متباينة من دولة لأخرى، وتعكس هذه الاتفاقيات المبادئ العامة التي تحكم العلاقات الأورومتوسطية الجديدة. [47]
- الصيغة الإقليمية: يمثل الحوار الإقليمي أكثر الجوانب إبداعاً، حيث أنه يشمل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، من خلال شبكة متكاملة من المنتديات والبرامج والمشاريع، ويعد هذا التعاون أحد العناصر التي توفر الدعم للإجراءات الثنائية التي يجرى اتخاذها في إطار اتفاقيات الشراكة ومكملاً لها في الوقت نفسه. [48]
–المحاور الأساسية لمشروع برشلونة:
وافق المشاركون في مؤتمر برشلونة على إقامة شراكة شاملة بين المشاركين عبر حوار سياسي منتظم وتنمية التعاون الاقتصادي والمالي، وتركيز أكبر على قيمة الأبعاد الاجتماعية والثقافية والإنسانية مركزين على المحاور التالية:
- المحور الأول: مشاركة سياسية وأمنية: إنشاء منطقة مشتركة للسلام والاستقرار
اعتبر الإعلان أن تحقيق السلام والاستقرار والأمن في منطقة البحر الأبيض المتوسط يجب أن يكون هو الأساس لأي تعاون بين دول البحر الأبيض المتوسط، وحدد الالتزام بين الدول المشاركة بالمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، والبيان الدولي لحقوق الإنسان أهمها: تنمية دولة القانون والديمقراطية في نظامهم السياسي… احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وفرض احترام التنوع والتعددية في مجتمعاتهم… احترام سيادتهم المتساوية… احترام مساواة حقوق الشعوب وحقهم في تقرير مصيرهم… عدم التدخل المباشر وغير المباشر في الشؤون الداخلية للشريك الآخر… حل الخلافات بالطرق السلمية… توطيد التعاون من أجل الوقاية ضد الإرهاب وضد انتشار الجرائم المنظمة ومحاربة مشكلة المخدرات… تشجيع الأمن الإقليمي بالعمل مثلاً على عدم انتشار الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية، وعدم التجهيز بقدرات عسكرية تتجاوز الحاجات المشروعة للدفاع، تشجيع الظروف التي من شأنها تنمية علاقات حسن الجوار الأخذ في الاعتبار أية إجراءات لبناء الثقة والأمن بين الأطراف بهدف خلق منطقة سلام واستقرار في البحر الأبيض المتوسط. [49]
- المحور الثاني: شراكة اقتصادية ومالية: بناء منطقة ازدهار متكاملة
حدد إعلان برشلونة عدة آليات وأهداف أهمها: إنشاء منطقة تجارة حرة بحلول عام 2010 تزال من خلالها تدريجياً كافة العوائق الجمركية وغير الجمركية التي تعترض سبيل التجارة بين الدول المعنية. ووردت فيه إشارة تفصيلية للقواعد التي ستقوم عليها هذه المنطقة ومنها: [50]
– توحيد الأنظمة بإصدار شهادات المنشأ.
– حماية الملكية الفكرية، والمنافسة المتكافئة.
– تحديث البنية الاقتصادية والاجتماعية.
بالإضافة إلى تشجيع التنمية الاقتصادية المتكاملة والمستدامة التي تحمي البيئة والموارد الطبيعية وتنمي القدرات البشرية وتخلق مناخاً مواتياً للاستثمار بإزالة الحواجز التي تحول دونه وتنمية إمكانيات البحث والتأهيل العلمي والفني ونقل التكنولوجيا.
- المحور الثالث: الشراكة في المجالات الاجتماعية والثقافية والإنسانية: تشجيع التفاهم بين الثقافات
أقر المشاركون بأن تقاليد الثقافة والحضارة على جانبي البحر الأبيض المتوسط والحوار بين هذه الثقافات، والتبادل على المستوى الإنساني والعلمي والتكنولوجي يشكل عاملاً رئيسياً في التقارب بين الشعوب وفي هذا السياق وافق المشاركون على إنشاء شراكة في المجالات الاجتماعية والثقافية والإنسانية وفي سبيل هذا:
يركزون على أن حوار احترام الثقافات والأديان شرطان ضروريان لتقارب الشعوب، …، يشددون على الطبيعة الجوهرية لتنمية المواد البشرية سواء فيما يخص التعليم وتأهيل الشباب بوجه خاص أو في مجال الثقافة، …، يؤكدون على أهمية قطاع الصحة في التنمية المستديمة، …، يعترفون بأهمية التنمية الاجتماعية التي يجب أن تواكب التنمية الاقتصادية، …، يعترفون بالدور الرئيسي الذي بإمكان المجتمع المدني القيام به في تنمية الشراكة، …، يعترفون بأهمية تشجيع الاتصالات والتبادلات بين الشباب في إطار برامج تعاون غير مركزية، تركيزه على قضية الهجرة التي تؤرق الدول المتوسطية، …، إلخ.[51]
تتمثل أحد أهم الإجراءات الأكثر جوهرية والتي اتخذت على مستوى الشراكة الاجتماعية والثقافية والإنسانية والتي تمثل محور دراستنا، قيام المفوضية الأوروبية بطرح العديد من برامج البحث الدولية والاتفاقيات الثنائية لتطوير التعاون العلمي والبحثي في المنطقة المتوسطية والذي سنتناوله بالتفصيل في المبحث الموالي.
يتضح أن طرح هذه المجالات من “الشراكة”، بهذه الصورة إنما يخدم في الأساس المصالح الأوروبية، في ظل اختلال التوازن السياسي والاقتصادي والثقافي بين الطرفين الأوروبي ودول جنوب المتوسط.
وهذا يدخل ضمن النظرة النيوكولونيالية لأوروبا المتمثلة في تحويل جنوب المتوسط إلى منطقة تابعة لها، عن طريق انفتاح اقتصاداتها وخصوصياتها وتكييفها لحاجيات الاقتصاديات الأوروبية، ومن ثمة تصبح المنطقة سنداً قوياً لأوروبا في إطار تنافسها مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا نجد بأن المنطقة تصبح بؤرة للتأثير الخارجي الأوروبي تمرر عبره أوروبا ما تشاء من أطروحات لتعزيز مكانتها الدولية، وجعل المنطقة دروعاً واقية تتحكم في تحركات الهجرة وتلعب دور حراس الحدود لحماية أوروبا من الهجرة، وهنا تكمن الأغراض الخفية للاستراتيجية الأوروبية في المنطقة.
2- من شراكة برشلونة إلى الاتحاد من أجل المتوسط:
سجلت عملية برشلونة مؤشرات تمزج بين النجاح والنجاح النسبي إذ يبدوا أن هناك هوة بين النجاحات المحققة على مستوى البرامج الجزئية من جهة، ونجاح أقل في تجسيد الأهداف الكلية، ليأتي ميلاد الاتحاد من أجل المتوسط كامتداد لمسار سابق يسمى برشلونة الذي لم يوفق في تحقيق ما كان يصبوا إليه من مشاريع لصالح دول حوض المتوسط.
شكلت فكرة الاتحاد من أجل المتوسط هاجساً “لنيكولا ساركوزي” منذ أن كان وزيراً للداخلية سنة 2005، وفي ذروة المعركة الانتخابية الرئاسية أعلن في 07-02-2007 صراحة عن مشروعه مستعرضاً فوائد التعاون والاتحاد بين ضفتي المتوسط في زمن العولمة، وبعدما تم انتخابه رئيساً للجمهورية أطلق نداء للانضمام إلى مشروعه الذي اعتبره حلماً كبيراً للحضارة، لوحدة إفريقيا وأوروبا ويبني مصيراً مشتركاً بينهما للتأثير في مصير العالم ومواجهة العولمة. [52]
ولقد كانت قمة “هانوفر، Hanouvre”، بألمانيا في 03 مارس 2008، قمة الحسم التي جمعت الرئيس الفرنسي “نيكولا ساركوزي” والمستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، ومنه كان الانتقال من “الاتحاد المتوسطي” إلى “الاتحاد من أجل البحر الأبيض المتوسط”. ذلك نظراً للتداخل بين “الاتحاد المتوسطي” و”مسار برشلونة” والذي وجد الترجمة له بتعديل التسمية من “الاتحاد المتوسطي” إلى “مسيرة برشلونة: الاتحاد من أجل المتوسط” وقد جاء هذا التغيير في تسمية وحتى مضمون هذه المبادرة انعكاساً لما يأتي:[53]
– انتقال الوصاية على مبادرة المشروع من فرنسا إلى الاتحاد الأوروبي.
– اعتبار الصيغة الثانية للمبادرة حسب تصريح رئاسة الاتحاد؛ تحديثاً لمسار برشلونة ودفعة جديدة له، وهو أمر يعكس الإدارة الأوروبية الجماعية في إعطاء الصفة التكاملية على كافة مشاريعها المتوسطية من خلال الجمع بينهما حتى لا تتعارض وتتداخل أهدافها وأساليب عملها حتى لا يرى في أي مشروع أوروبي متوسطي بديلاً عن مسار برشلونة.
– الاتفاق على ضم كافة دول أوروبا في المشروع، وليس الدول الأوروبية المتوسطية فقط كما كان مطروحاً في صيغته الأولى، وعلى أن تكون رئاسته الدورية مشتركة بين دول الشمال وجنوب المتوسط معاً وليس دول أوروبا المتوسطية.
يهدف هذا المشروع إلى تشجيع التنمية الاقتصادية في منطقة البحر الأبيض المتوسط ورسم معالم فضاء الأمن المتوسطي، والدفع بالتنمية الاجتماعية، حماية البيئة والتنمية المستدامة، حوار الثقافات، إذ يعد هذا المشروع أكثر تقدماً من ميثاق برشلونة. [54]
إلا أنه من الواضح أن الحواجز التي سبق أن وقفت في طريق نجاح اتفاق برشلونة ستكون طليعة العناوين الكبرى التي ستستأثر بقائمة التحديات على مشروع الاتحاد من أجل المتوسط والتي ينبغي أن ينجح في تجاوزها، وهي القضية الفلسطينية والتي أضيفت إليها أزمات جديدة على غرار الأزمة السورية، وعدم الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا، هذا فضلاً عن الأزمات الأخرى القائمة والتي لا يدري أحدً عواقبها، ولا كيف سيتم تجاوزها، وغيرها من التحديات الأخرى [55].
الهامش
[1] Marie Françoise Labouz, Le Partenariat De L’union Européenne Avec Les Pays Tiers, Conflits Et Convergence (Bruxelle : Bruylant,2000), P48.
[2] – محمد جمال الدين مظلوم،” نحو استراتيجية مستقبلية عربية في إطار الشراكات الدولية: دول الجوار”، مداخلة قدمت للملتقى العلمي: الرؤى المستقبلية والشركات الدولية (جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الخرطوم، 03/05/فيفري 2013) ص 05.
[3]– معين أمين سيد، “مفهوم الشراكة، آلياتها، أنماطها”، مداخلة قدمت إلى الملتقى الاقتصادي الثامن حول: الجزائر والشراكة الأجنبية الجزائر) 10/09 ماي 1999)، ص 06.
[4]– فاروق تشام، “المشاركة الأورو-عربية، مآلها وما عليها، وسبل تفعيلها”، في: صالح صالحي وآخرون، التكامل الاقتصادي العربي كآلية لتحسين وتفعيل الشراكة العربية الأوروبية (عين مليلة: دار الهدى للطبع والنشر والتوزيع، 2005)، ص75.
[5]– معين أمين سيد، المرجع السابق الذكر، ص 06.
*– اتفاق أو عقد الشراكة، هو مجموعة من القواعد التي يتفق عليها الشركاء عند إبرام اتفاقية الشراكة أو عقد الشراكة، وهو ما يتضمنه العقد من التزامات الطرفين، من خلال مجموعة من مواد تبين التزامات كل طرف فيما يخص حصص المساهمة عدد العمال، كيفية تقسيم الأرباح والخسائر، ….،إلخ.
[6]– جمال الدين مظلوم، مرجع، سبق ذكره، ص 06.
[7]– عبد اللطيف بوروبي، “العلاقات الأوربية المغاربية بعد عام 2001، تعاون بلا شراكة: مناقشات وآراء”، مجلة المستقبل العربي، ص 96.
[8]-Marie Françoise Labouz, Op.cit., p26.
[9]– محمد غربي، واقع التنمية المستدامة وضغوط العولمة (بيروت: دار الروافد الثقافية ناشرون، 2014)، ص 20.
[10]– فاطمة الزهراء رقايقية، الشراكة الأورومتوسطية، رهانات، حصيلة وآفاق: التجربة الجزائرية والعقبات المحيطة (عمان: دار زهران للنشر والتوزيع، 2014)، ص 30-31.
[11]– عبد اللطيف بوروبي، مرجع سبق ذكره، ص 16.
[12]– محمد غربي، مرجع سبق ذكره، ص 17..
[13]– عبد الغني حماد، “التكامل الاقتصادي والسوق العربية المشتركة: أسباب التعثر وشروط الانطلاقة”، مجلة المستقبل العربي، العدد (25) (ديسمبر 1999)، ص 65.
[14]-مارتن غريفيش، تيري أوكالاهان، المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية، (ترجمة: مركز الخليج العربي للأبحاث الإمارات العربية المتحدة) (مركز الخليج العربي للأبحاث، 2008)، ص 118-119.
[15]– عبد الوهاب الكيالي وآخرون، موسوعة علم السياسة، ط3(بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1990) ص 214.
[16]– محمد عبد العزيز سمير، التكتلات الاقتصادية الإقليمية في إطار العولمة (الإسكندرية: مكتبة الإشعاع الفنية، 2001) ص184.
(3)– Ives Lacoste, Géopolitique De La Méditerranée (Paris, Armand colin), p19.
[18]– عبد القادر رزيق المخادمي، الاتحاد من أجل المتوسط: الأبعاد والآفاق (الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية،2009) ص16.
[19]– بكر مصباح تنيرة، “الوطن العربي في المنظور الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي: التحديات والطموح”، مجلة شؤون عربية، العدد (10) (القاهرة، جوان 2002)، ص 174.
[20]– على الحاج، سياسات دول الاتحاد الأوروبي في المنطقة العربية بعد الحرب الباردة، سلسلة أطروحات الدكتوراه (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2005)، ص 97.
[21]– الحسين شكراني، “البنك الأوروبي للاستثمار وبرنامج التسهيلات الأورومتوسطية ” فميب”، بحوث اقتصادية عربية العدد (22) (مارس، 2014)، ص 44.
[22]– علي الكنز، “المشروع الأورو-متوسطي بين الواقع والخيال”، في: سمير أمين وآخرون، العلاقات العربية الأوروبية: رؤية عربية نقدية (القاهرة: مركز البحوث العربية بالتعاون مع دار الأمين للنشر والتوزيع، 2002)، ص 23.
[23]– جعفر عدالة، “تطور سياسات دول الاتحاد الأوروبي بعد الحرب الباردة”، مجلة العلوم الاجتماعية، العدد (2) (19 ديسمبر 2014)، ص 05.
[24]– عراب رزيقة، سجار نادية، “محتوى الشراكة الأورو جزائري”، مداخلة قدمت إلى الملتقى الدولي حول: آثار وانعكاسات اتفاق الشراكة الأورومتوسطية على الاقتصاد الجزائري وعلى منظومة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (جامعة سطيف، 13/14 نوفمبر 2006)، ص 05.
[25]– يتماشى هذا التعريف مع نص المادة (01) من اتفاقية فينا، لقانون المعاهدات لعام 1969، والذي يشير إلى أن المعاهدة تعني اتفاقاً دولياً يعقد بين دولتين أو أكثر كتابة ويخضع للقانون الدولي سواء تم في وثيقة واحدة أو أكثر وأياً كانت التسمية التي تطلق عليه.
[26]– فتح الله ولعلو، الاقتصاد العربي والمجموعة الأوروبية (لبنان: دار الحداثة، 1982)، ص49-50.
[27] مصطفى بخوش، “مضامين ومدلولات التحولات الدولية بعد الحرب الباردة”، مجلة العلوم الإنسانية، العدد (03) (جامعة بسكرة، أكتوبر 2002)، ص 05.
[28] جعفر عدالة، مرجع سبق ذكره، ص 05.
[29] شمامة خير الدين، العلاقات الاستراتيجية بين قوى المستقبل في القرن 21 (الجزائر: دار قرطبة، 2009)، ص 340.
[30] رميدي عبد الوهاب، سماي علي، ” الآثار المتوقعة على الاقتصاد الوطني من خلال إقامة منطقة التبادل الحر الأوروجزائرية”، مداخلة قدمت إلى الملتقى الدولي حول: آثار وانعكاسات اتفاق الشراكة على الاقتصاد الجزائري وعلى منظومة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (جامعة سطيف، 13/14 نوفمبر 2006)، ص66.
[31] شمامة خير الدين، مرجع سبق ذكره، ص 136.
[32] أحمد فارس العوران، “الشراكة الأورومتوسطية من خلال اتفاقية الشراكة الأوروبية الأردنية: دراسة تحليلية أولية”، مجلة الجامعة، المجلد (19)، العدد (01) (دمشق، 2002)، ص 193.
[33] أحمد فارس العوران، مرجع سبق ذكره، ص 194.
[34] شمامة خير الدين، مرجع سبق ذكره، ص 340.
[35] المرجع نفسه، ص 340.
[36]– علي الحاج، المرجع السابق الذكر، ص200.
[37]– علي الحاج، المرجع السابق الذكر، ص 200.
[38]– مصطفى بخوش، البحر الأبيض المتوسط منذ نهاية الحرب الباردة: دراسة في الرهانات والأهداف (الجزائر: دار الفجر للنشر والتوزيع، 1996)، ص77.
(1) – BKhader Bichara, Le Grand Maghreb L’Europa: Enjeux Perspective (Paris, Publisid, 1992)، P 12.
[40]– مصطفى بخوش، البحر الأبيض المتوسط منذ نهاية الحرب الباردة: دراسة في الرهانات والأهداف، مرجع سبق ذكره، ص 77.
[41]– فتح الله ولعوا، المشروع المغاربي والشراكة الأورومتوسطية (المغرب: دار طوبقال، 1997)، ص 197.
(1)– Khader Bechara, Le Partenariat Eeuro-Méditerranéen Après La Conférance De Barcelone) Paris, l’armathan, 1997), p31.
(2)– Ibid, P 34,36.
[44]– فتح لله ولعلوا، مرجع سبق ذكره، ص 198.
[45]– علي الحاج، مرجع سبق ذكره، ص 193.
[46]– أنور محمد فرج، مرجع سبق ذكره، ص 86.
[47]– أحمد مختار الجمال، “التعاون المصري الأوروبي”، سلسلة قضايا، العدد (29) (المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، السنة 2008)، ص 06.
[48] أحمد مختار الجمال، مرجع سبق ذكره، ص 08.
[49]– وثيقة إعلان برشلونة، التي تمت المصادقة عليها في المؤتمر الأوروبي المتوسطي (27/28 نوفمبر 1995)، أنظر في: الرابط
[50]– المرجع نفسه.
[51] وثيقة إعلان برشلونة، التي تمت المصادقة عليها في المؤتمر الأوروبي المتوسطي (27/28 نوفمبر 1995)، مرجع سبق ذكره.
[52] عبد القادر رزيق المخادمي، مرجع سبق ذكره، ص 40.
[53] جعفر عدالة، مرجع سبق ذكره، ص 09.
[54] أنور محمد فرج، مرجع سبق ذكره، ص 91.
[55] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.