سياسةقلم وميدان

الشعب المصري وتاريخ الثورات

لا شك أن الثورات على الأنظمة الديكتاتورية والفساد، هو حق أصيل للشعوب، خاصة إذا ما بلغ الانتقاص من الحقوق والكرامة حداً لا يمكن السكوت عنه، فحِيْنئذٍ وجب على الشعوب أن تثور وتنتفض في وجه من يتحكم فيهم ويستعبدهم؛ فأينما وُجد الظلم الاجتماعي أو السياسي، فإن الانتفاضات واقعة لا محالة، هذه قاعدة قديمة، قِدم الإنسان على الأرض.

فالانتفاضات والثورات المصرية ليست وليدة اليوم، ففي تاريخ مصر الطويل لم يتوقف الشعب عن الثورات والاحتجاجات إلى يومنا هذا، على عكس ما يروجه البعض من أن الشعب المصري لا يثور.

لذا فمن حق الشعب المصري أن يثور الآن أيضا في وجه النظام الذي يفرض قبضته الأمنية على كل المؤسسات داخل الدولة المصرية، فالشعب المصري قد عانى أشد المعاناة قبل وبعد ثورة 25 يناير التي عول عليها كثير من المصريين في نقل بلدهم إلى قائمة الدول التي يسودها مناخ الحرية والديمقراطية والعدالة.

مفهوم الثورة:

الثورة كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يحركه عدم الرضا أو التطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب، ووصف الفيلسوف الإغريقي أرسطو شكلين من الثورات في سياقات سياسية، وهما التغيير الكامل من دستور لآخر أو التعديل على الدستور الموجود.

والثورة تُدرس على أنها ظاهرة اجتماعية تقوم بها فئة أو جماعة ما هدفها التغيير (لا يُشترط سرعة التغيير) وفقا لأيدولوجية هذه الفئة أو الجماعة، ولا ترتبط بشرعية قانونية، كما تعبر عن انتقال السلطة من الطبقة الحاكمة إلى طبقة الثوار(1).

تاريخ الثورات في مصر

يزخر التاريخ المصري بالهَبّات، والانتفاضات، والثورات، التي قام بها المصريون منذ العهد الفرعوني؛ فإذا كان المصري القديم قد ثار ضد حكامه وملوكه لرفع الظلم، فمن الطبيعي إذن أن يثور ضد من يتحكم في قوته ويسرق أحلامه.

الثورات المصرية في العهد الفرعوني

الثورة الاجتماعية الأولى عندما انهارت الدولة القديمة

شهد المجتمع المصري القديم ما يمكن أن نسميه ثورة أو انتفاضة اجتماعية عنيفة في أواخر عصر الدولة القديمة وبداية عصر الاضمحلال الأول في القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد (بين نهاية الأسرة السادسة وبداية السابعة). حيث كانت هذه الثورة نتيجة مباشرة للأوضاع المتردية التي سادت خلال فترة حكم الأسرة السادسة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو حتَّى الديني، وتحديداً في عهد الملك بيبي الثاني الذي حكم مصر أكثر من تسعين سنة (2).

الكفاح ضد الهكسوس

رغم أن الهكسوس تأثروا بالحضارة المصرية وتلقبوا بألقاب مصرية ولبسوا ملابس المصريين وتحدثوا باللغة المصرية إلا إن المصريين لم يطمئنوا لهم وصمموا على طردهم من البلاد فقرر أمراء طيبة (الذين أسسوا الأسرة السابعة عشرة) قيادة الكفاح ضد الهكسوس(3).

الثورات الدينية في عهد أخناتون

للجانب الديني لدى المصريين القدماء أهمية كبيرة، فقد عاش المصريون فترات طويلة في مرحلة تعدد الآلهة، فكان الإله آمون هو الإله الأكثر شعبية حتى تخطت ثروة كهنة المعبد ثروة الأسرة الحاكمة، فقرر ملوك الأسرة الثامنة عشر أن يقللوا شعبية الإله آمون بتقوية عبادة الإله رع في الشمال ليحدوا من سلطة رجال الدين (الكهنة).

وبعد انقسام الآلهة بين الشمال والجنوب، انقسمت البلاد سياسياً وبدأ كل فصيل يكفر الآخر، وكان المستفيد الأوحد من هذه الانقسامات هم الكهنة الذين تزداد ثروتهم بزيادة تقديم القرابين لكل إله.

لم تعجب تلك القرارات رجال الدين (الكهنة)، فكانت نهاية حكم أخناتون بعد سبعة عشر عاماً من الحكم على أيديهم، فقاموا بثورة ضده وضد أفكاره التوحيدية، وعادت البلاد إلى سابق عهدها من عبادة الآلهة المختلفة والإله ذي الشعبية «آمون» (4).

الثورات الاقتصادية في عهد رمسيس الثالث

خرج المصريون في العام التاسع والعشرين من حكم الفرعون رمسيس الثالث “الأسرة العشرين 11821152 ق. م.” غاضبين بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور الحالة الاقتصادية للبلاد وتأخر صرف أجور العمال “عمال البناء أو الجبانة” في دير المدينة في منطقة البر الغربي بطيبة وكان عددهم كبير للغاية وكانت الإنشاءات كثيرة جدا، وتتم في تلك الفترة سنويا وبشكل مستمر حيث تُغدق عليها الأموال الطائلة، وأهملت الدولة إعطاء العمال مستحقاتهم المالية أكثر من مرة مما تسبب في أول إضراب في نهاية حكمه, فتوقف العمال عن العمل من منطقة عملهم داخل المقابر الملكية، وتوجهوا الي الوزير “تا” المقيم بمعبد الرامسيوم ورفعوا إليه شكواهم ولكن دون جدوي.

في اليوم الثاني قاموا بالهجوم على المعابد الكبرى مثل معبد الرامسيوم، ومعبد رمسيس الثاني، وذلك لما فيها من ثراء وذهب، حيث كانت للمعابد الهِبات من أوقاف وأراض وأموال، والمأخوذة من مخصصات القصور الملكية.

كما هجموا على مخازن الغلال والتموين والأموال وهم يصيحون: جائعون. جائعون، وبعدها اضطر الوزير للتدخل لمنحهم حقوقهم؛ لم يكن إضراب العمال هو السبب الوحيد لقيام الثورة، كان السبب الرئيسي للثورة هو تولي الأجانب وظائف الدولة العامة وخاصة في البلاط الملكي، ليصيروا أمناء للملك، الذي كان يستمع لنصائحهم مما زاد من الأزمة الاقتصادية التي سببت ارتفاعاً كبيراً في أسعار الحبوب الغذائية بصورة لم يكن للشعب عهد بها من قبل(5).

ثورة طيبة ضد تاكيلوت الثاني

في العام 11 من حكم تاكيلوت الثاني، بدأ تمرد تحت قيادة پدوباست الأول الذي تحدى أنصاره سلطة الملك في طيبة، وكان رد تاكيلوت على هذا الأمر بأنه كلف ابنه، اوسركون ب، بالإبحار جنوباً إلى طيبة وقمع التمرد.

نجح اوسركون ب في استعادة السيطرة على المدينة وأعلن نفسه كبير كهنة آمون الجديد، وتم حرق بعض جثث المتمردين عمداً من قبل اوسركون حتى تتيه أرواحهم بشكل دائم دون أي أمل في الحياة الآخرة. ومع ذلك، فبعد أربعة أعوام، في العام 15 من حكم تاكيلوت الثاني، اندلع تمرد كبير وفي هذه المرة طُردت قوات اوسركون ب من طيب على يد پدوباست الأول (6).

الثورة ضد واح ايب رع “أبريس”

الملك “أبريس” الذي أكثر من اعتماده على الأجانب في الجيش فزاد نفوذهم ولكن رجلاً من عامة الشعب كان يشغل وظيفة رئيس الجيش اسمه ” أمازيس ” استطاع أن ينهى حكم ” أبريس” وجعل نفسه ملكا على البلاد واستمر حكمه 44 سنه. استعان الملك “بسماتيك الأول” مؤسس الأسرة السادسة والعشرين بالعناصر اليونانية كمرتزقة في الجيش المصري وذلك لإعادة الوحدة السياسية إلى البلاد، كما اتخذ “أبسماتيك” هؤلاء المرتزقة حرسا خاصا له وجعل منهم حاميات للحدود ومنها حامية “دفنة” على الحدود الشرقية و”ألفنتين” عند أسوان (7).

الثورة ضد الفرس:

يروي المؤرخ العظيم هيرودوت أن مصر كانت تعيش لحظات متعثرة في تاريخها خلال القرن الخامس ق.م.، فكان دخول الفرس لها سهلاً من خلال الصحراء الشرقية، وكانت هذه نصيحة أحد الضباط المرتزقة المنشقين عن الجيش المصري، لم يتمكن الجيش المكون أغلبه من المرتزقة الإغريق من التصدي للفرس، فاضطر الملك المصري بسماتيك الثالث للتراجع والانسحاب، واستغل قائد جيوش الفرس قمبيز الفرصة وحاصر الجيش المصري في منف.

احتل قمبيز مصر، وفكر بخبث ودهاء في التقرب لشعب مصر بتعلم لغتهم والتدين بدينهم والاهتمام بالثقافة المصرية. وعندما فشل، ظهر الوجه الآخر له، فبدأ التعامل بوحشية مفرطة، حيث أخرج مثلاً جثة الملك أحمس الثاني وحرقها، ونهب الذهب والفضة الموجودين في القصور الملكية.

بعد وفاة قمبيز، تولى الملك دارا الذي لم يختلف عنه. وعندما انشغل دارا بحرب المدن الأيونية التي انهزم فيها الفرس، استغل المصريون الفرصة لإعلان الثورة على الفرس، فكانوا يهاجمون مراكز الإمداد ومستودعات التموين الخاصة بجند الحاميات الفارسية في البلاد. وعندما علم دارا بالأمر، توعد المصريين بأشد أنواع العقاب لكنه مات قبل أن ينفذ تهديده.

تولى بعد دارا ابنه اكزركسيس الذي قمع الثورة حتى مات هو أيضًا، وتولى بعده ابنه اكزركسيس الثاني الذي استمر في حربه ضد اليونان. ولكن هذه المرة، استغل المصريين كجنود تُحارب معه حتى اغتيل هو أيضًا على يد قائد الحرس، فاستغل المصريون الفرصة ثانية وأعلنوا الثورة تحت قيادة الملك إيناروس الذي يُعتقد أنه كان ابنًا لبسماتيك الثالث، وبدأت المواجهة المباشرة بين الفرس والثوار حتى انسحب الفرس إلى الحدود، فتمكن المصريون من جزء من مدينة منف، واحتل الفرس الجزء الآخر، وظلت الحرب بينهم حوالي ثمانية عشر شهراً حتى تمكن الفرس من فك الحصار، وهُزمت الجيوش المصرية وأعدم الملك إيناروس.

بعد وقوع مصر ثانية في أيدي الفرس، كان الإسكندر قد دخل غزة، وكان من السهل بعدها دخول مصر، ليس فقط لامتلاكه جيشًا أقوى، ولكن أيضاً لمساعدة المصريين له بعدما عاشوا أعواماً كثيرة في محاولات لطرد الفرس.

انبهر الإسكندر بحضارة مصر وبدأ هو الآخر سياسة التقرب إلى المصريين في محاولات لإرضائهم، فاحترم آلهتهم وقدم لها القرابين، وسافر إلى كل أرجاء مصر حتى نال لقب «ابن آمون»، وأمر ببناء مدينة الإسكندرية لتكون ولاية لحكمه. وبعدما نظم شؤون الدولة المصرية، سافر وراء الفرس الفارين حتى وصل إلى الهند (8).

الثورات في العهد اليوناني

الثورة الأولى: كانت في عهد بطليموس الرابع (فليوباتر)، في عام 207 & 206 ق.م في العام السادس عشر من حكم هزا الملك.

الثورة الثانية: كانت في بطليموس الخامس (ابيفانيس).

الثورة الثالثة: كانت في عهد بطليموس السادس(فيلوماتر)، في عام 195 & 194 ق.م.

الثورة الرابعة: كانت في عهد بطليموس الثامن(يوارجتيس) في عام 131 ق.م.

الثورة الخامسة: كانت في عهد بطليموس التاسع (سوتير الثاني) في عام 90 ق.م، وهو العام الرابع والعشرون من حكم هزا الملك.

الثورات الحديثة في مصر

ثورة القاهرة الثانية في مارس 1800

انتهز المصريون انشغال القوات الفرنسية بالصراع مع الدولة العثمانية في وقاموا بالثورة الثانية، ولكن سرعان ما أُخمدت في القاهرة وبعض البلدان البحرية أما الوجه القبلي فقد توصل الفرنسيون إلى إخضاعه بالاتفاق مع مراد بك لكى يحكم الصعيد تحت الحكم الفرنسي.

مظاهرة فبراير 1881:

بسبب سوء معاملة الرؤساء الأتراك لضباط الجيش المصريين وخاصة وزير الحربية عثمان رفقي باشا، وأيضا بعد نقل الأمير لاى عبد العال بك حلمي قائد الاى طره الى ديوان الحربية (مقر الوزارة) وتعيين أحد الشراكسة مكانه، تجمع الضباط المصريون في منزل عرابي يوم 16 يناير عام 1881 لمناقشة وضعهم داخل الجيش وانتهى الاجتماع على إن يتزعم عرابي هذه الحركة.

ثورة عرابى1881

قادها الزعيم أحمد عرابي خلال الفترة من 1879-1882 ضد الخديوي توفيق والأوربيين وسميت آنذاك بثورة “عرابي”، واندلعت في 9 سبتمبر 1881 ولم تكن في نطاق عسكري فقط بل شملت أيضا المدنيين من جميع فئات الشعب وكانت بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، التدخل الأجنبي في شؤون مصر، ومعاملة رياض باشا القاسية للمصريين.

شارك فيها الشعب المصري بكامل طوائفه مع الجيش بقيادة “عرابي” الذي أعلن مطالب الشعب للخديوي توفيق مثل: زيادة عدد جنود الجيش إلى 18000 جندي، تشكيل مجلس شورى النواب على النسق الأوروبي، عزل وزارة رياض باشا.

وحينما قال الخديوي بميدان عابدين: نحن ورثة الحكم، جاءت الكلمة الشهيرة لأحمد عرابي في هذه الثورة والتي نتوارثها الى الآن “لقد خلقنا الله أحراراً، ولم يخلقنا تراثًا أو عقاراً، فوالله الذي لا إله إلا هو إننا سوف لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم”.

وقد استجاب الخديوي لمطالب الأمة، وعزل رياض باشا من رئاسة الوزارة، وذلك بنصيحة من القنصل الإنجليزي وأيضاً الفرنسي، وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة الجديدة، وكان رجلا مشهوداً له بالوطنية والاستقامة، فألف وزارته في 14 سبتمبر1881م.

ثورة سعد زغلول 1919

كانت بقيادة سعد زغلول زعيم الحركة الوطنية المصرية وجاءت هذه الثورة في ظل المعاملة القاسية للمصريين من قبل قادة الاحتلال البريطاني والأحكام العرفية بالإضافة إلى رغبة المصريين في الحصول على الاستقلال.

وتفجرت شرارتها نتيجة مطالبة سعد زغلول بالسماح للوفد المصري بالمشاركة في مؤتمر الصلح بباريس، وعندما رفضت بريطانيا هذه المشاركة رغم إصرار سعد زغلول عليها، اضطرت إلى نفيه هو ومحمد محمود وحمد الباسل وإسماعيل صدقي إلى مالطة، فانفجرت الثورة في كل مكان بمصر واشترك فيها جموع الشعب المصري.

وكانت أول ثورة تشترك فيها النساء في مصر، بقيادة صفية زغلول وطالبت بالإفراج عن الزعيم سعد زغلول، فاضطرت السلطات البريطانية إلى الرضوخ للمطلب الشعبي وأفرجت عنه.

ثورة 23 يوليو لعام 1952

كانت هذه الثورة عبارة عن انقلاب عسكري قام به ضباط جيش مصريون ضد الحكم الملكي في 23 يوليو 1952، وعرفت في البداية بالحركة المباركة، فبعد حرب 1948، ظهر تنظيم الضباط الأحرار في الجيش المصري بزعامة اللواء محمد نجيب. وفي 23 يوليو 1952، قام التنظيم بانقلاب مسلح نجح في السيطرة على المرافق الحيوية في البلاد، بتأييد من الشعب للخلاص من الظلم. وأذيع البيان الأول بصوت الرئيس الراحل أنور السادات وأُجبر الملك على التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد في 26 يوليو 1952.

انتفاضة عام 1977

كانت هذه الانتفاضة في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حيث قامت هذه الانتفاضة في 18 و19 يناير 1977، عندما أعلن د. عبد المنعم القيسوني نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية في خطابه أمام مجلس الشعب عن إجراءات لرفع أسعار الخبز والسكر والشاي والسجاير والبنزين.

فكانت النتيجة أن ثارت الجماهير والعمال والطلاب في القاهرة والإسكندرية وباقي المحافظات مما أجبر الحكومة على إلغاء قرار زيادة الأسعار.

ثورة 25 يناير 2011

ثورة 25 يناير هي مجموعة من التحركات الشعبية ذات الطابع الاجتماعي والسياسي، والتي انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 الموافق 21 صفر 1432 هـ.

تم اختيار يوم 25 يناير ليوافق عيد الشرطة الذي حددته عدة جهات من المعارضة المصرية والمستقلين، وجاءت الدعوة لثورة يناير احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة وكذلك على ما اعتبر فساداً في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك.

أدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير 2011 (الموافق 8 ربيع الأول 1432 هـ). ففي السادسة من مساء الجمعة 11 فبراير 2011 أعلن نائب الرئيس عمر سليمان في بيان مقتضب تخلي الرئيس عن منصبه وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة محمد حسين طنطاوي بإدارة شئون البلاد، وقد أعلنت أغلب القوى السياسية التي شاركت في التظاهرات قبل تنحي مبارك عن استمرار الثورة حتى تحقيق الأهداف الاجتماعية التي قامت من أجلها.

ثورة يناير في ذكراها التاسعة:

بعد مرور الذكرى التاسعة لاندلاع ثورة 25 يناير، نستطيع أن نقول إن هناك حالة من التخبط الشديدة داخل الصفوف الثورية بالداخل والخارج والتي تُعد هي الأسوأ على مدار التسع سنوات الماضية، ليس هذه المرة بسبب الاستعدادات الأمنية المكثفة على الميادين والشوارع في مصر، ولكن هناك أموراً كثيرة كانت تداعياتها واضحة ومؤثرة على المشهد والحراك الثوري في مصر.

وفى الذكرى التاسعة للثورة المصرية، نجد اشتعال الأجواء في داخل مصر وخارجها على دعوات الحشد والتظاهر، ولكن انقسمت الآراء بين من يرى أن دعوات التظاهر شيئ لابد منه لإحياء روح الثوة من جديد، وبين من يجد أن دعوات الخارج مهلكة للثوار في الداخل كما حدث في تظاهرات 20 سبتمبر التي دعا لها رجل الأعمال المصري محمد على.

وأيضا بعد مرور 9 سنوات على الثورة المصرية نجد أن معظم رموز ثورة 25 يناير، إما في القبور أو السجون أو المنفى أو من استخدمهم النظام لتشويه الثورة المصرية كوائل غنيم الذي تزامن ظهوره قبيل ذكرى الثورة بعد غياب سنوات.

الخلاصة

الثورة تعني التغيير الجذري لكل البُنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يعني تفكيك التكوينات القديمة أولاً، ثمّ إعادة تركيبها ثانياً، بعد إعادة التوازن المفقود لعلاقات التأثير المُتبادَل فيما بينها، بما يحقّق ضمانات تداول السلطة، وإعادة توزيع الثروة، فالثورة لا تعني مجرّد إطاحة حاكمٍ أو نظام حُكمٍ، ما لم تبزغ قوى جديدة حاملة لمبادئ الثورة، لتحلّ محلّ القوى القديمة، وتقوم بعملية إعادة بناء هيكليةٍ من شأنها تحقيق أهداف الثورة.

على النخب المتواجدة على الساحة أن تتوقف عن جلد الشعب المصري، وتكف عن فرضية أنه شعب رضى واستكان للنظام خوفا من البطش السلطوي، فتاريخ الشعب المصري القديم والحديث يؤكد أنه لا يستكين لظالم ولا يرضى بالاستبداد مهما كلفه الأمر، ولا ننسي دور الشعب المصري بعد الثورة في اختيار رئيس منتخب، ومجلسي شعب وشورى، وإنجاز دستور جديد للبلاد.

أخيرا، تفتقر الساحة منذ إندلاع ثورة يناير إلى الزعامة الشعبية الموحدة التى من شأنها أن تغير المشهد كله، فالمصريون في الماضي واجهوا الحملة الفرنسية بانتفاضتيْن كبيرتيْن، بقيادة الزعامة الشعبية وزعيمها عمر مكرم، ولعبت الزعامة الشعبية أيضا دوراً كبيراً في تدعيم أركان حكم محمد علي، وأحمد عرابي، وسعد زغلول وغيرهم.

الهامش

(1) الثورة كمصطلح سياسي. الرابط

(2) مصادر التاريخ المصري القديم. الرابط

(3) كفاح شعب مصر ضد الهكسوس. الرابط

(4) الثورات الدينية في عهد اخناتون. الرابط

(5) ثورات الجياع. الرابط

(6) تاكيلوت الثاني. الرابط

(7) فراعنة الأسرة المصرية السادسة والعشرون. الرابط

(8) ثورات مصر المنسية. الرابط [1].


[1] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

أسماء شكر

باحثة وإعلامية مصرية، وحدة الدراسات الإعلامية، المعهد المصري للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى