السياسات العامةسياسة

الطبقية العسكرية: تباين الموارد بين صندوق العسكر وصندوق الأطباء

الطبقية العسكرية: تباين الموارد بين صندوق العسكر وصندوق الأطباء

مقدمة

في ورقتين بحثيتين سابقتين ألقي الباحث الضوء على نموذجين لصناديق مالية أسسها النظام المصري لأغراض اقتصادية استثمارية، كانت الدراسة الأولي بعنوان: الإشكاليات العشر للصندوق السيادي المصري[1] فيما كان عنوان الثانية: البنية التشريعية لصناديق الأموال تحيا مصر نموذجاً([2]).

وتسعي هذه الورقة لرصد زاوية أخري لتأسيس الصناديق من قبل الدولة وهو ما يمكن تسميته بـ (صناديق الخدمات التكافلية) التي اتجه لها النظام المصري بإفراط منذ 2013، حيث أنشأ عشرات الصناديق وفق قوانين أو قرارات رسمية، تبين الدراسة أيضا مدي اعتمادها على سياسة الجباية بضرائب ورسوم جديدة، ومدي توافق ذلك مع فكرة التكافل.

وقد اختار الباحث نموذجين من الصناديق للمقارنة بينهما: الأول: صندوق تكريم شهداء (الجيش والشرطة) وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والأمنية والإرهابية، وأسرهم [3]، والثاني: صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية[4]

أسباب اختيار الصندوقين

تم اختيار الصندوقين لتطابق الهدف فيهما، والتقارب في عوامل اختيار الفئة المستهدفة من حيث طبيعة العمل وفلسفة التكافل والشعور بالمسئولية تجاههما، فالفئات المرعية المشمولة بالصندوقين كل منهما تؤدي وظيفة تتضمن خدمة للمجتمع كما أنها بالقدر ذاته تنطوي على قدر من الخطورة كانت سبباً في تأسيس صندوق لدعمها.

أهمية الدراسة

توضح الدراسة جانباً مهماً من جوانب السياسات التشريعية التي اعتمدها النظام المصري في التقنين منذ الانقلاب العسكري، والتي تنتهج مساراً تشريعياً يعمل وفق معايير تمييزية تخلق طبقية عسكرية جديدة تتمتع فيها الطبقة العسكرية بمميزات كبيرة وآليات عمل رحبة تخدم أفرادها ودوائرهم في الوقت التي تضن الدولة بمثل هذه المميزات على فئات المجتمع الأخري.

محاور الدراسة

تنقسم الدراسة إلى جزءين، يهتم الأول بالنقاط التالية:

  • الطبيعة القانونية للصندوقين والهدف من إنشائهما.
  • طريقة توفير الموارد وأوعيتها والفوارق الهائلة بين الصندوقين في هذا الشأن.
  • حجم وطبيعة المزايا والخدمات المقدمة لكل فئة ورصد عوامل التمييز والطبقية بينهما.

الجزء الثاني يعمل على التالي:

  • كيفية معالجة الجانب النفسي للفئات المستهدفة

مظاهر المحاباة والفوارق الحادة بين النظم الحاكمة لكلٍ منهما.

الطبيعة القانونية والغرض من التأسيس

(صندوق شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي شهداء الجيش والشرطة والإرهابية، أسرهم) أسس بالقانون رقم 16 لسنة 2018[5] و(صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية) تأسس ضمن القانون رقم 184 لسنة 2020[6].

الطبيعة القانونية للصندوقين تتطابق في أمور وتختلف في أخري، فهما يعملان علي دعم فئة معرضة للخطر لقيامها بمهام عملها، ويدير كل منهما مجلس إدارة يشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء (غير أن القانون نص على تشكيل صندوق مخاطر المهن الطبية فيما تركت حرية تشكيل مجلس إدارة صندوق شهداء الجيش والشرطة لرئيس مجلس الوزراء)، وأموالهما أموالاً عامة، ويخضعان لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، ولكل منهما موازنة مستقلة وحساب خاص بالبنك المركزي، ويتبع كلا الصندوقين رئيس مجلس الوزراء.

ويتضح من الطبيعة القانونية لكل منهما رغبة المشرع في منح حرية حركة لمجلس الإدارة في تحديد توجهات الصندوق وآليات إدارته واستثمار أمواله، ورغبته في إسباغ الحماية الكاملة لأموال الصندوقين بمنحهما الحصانة المقررة للأموال العامة من جانب وإخضاعهما لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات من جانب آخر.

(تعديل قانوني) أصبح صندوق شهداء الجيش والشرطة من الجهات ذات الطبيعة الخاصة

صدر قرار رئيس الجمهورية[7] باعتبار الصندوق من الجهات ذات الطبيعة الخاصة ولا تسري عليه أحكام المادتين (17 -18) من قانون الخدمة المدنية[8]، والمادتين تنظمان أوضاع التعيين في الوظائف القيادية والالتزام بإجراء مسابقات التعيين وتحديد المدد وتوافر شروط معينة وكذا تنظم طريقة انتهاء شغل هذه الوظائف، ويتضح هنا أن التعديل منح وضعية خاصة لمجلس إدارة الصندوق في الاستمرار في الإدارة دون حد أقصي وكذا عدم التقيد بشروط شغل الوظائف، وهو ما لم يُمنح لصندوق المخاطر الطبية.

الغرض من التأسيس

قانون شهداء الجيش والشرطة قرر حزمة من الأهداف تعمل على تكريم الفئات المستفيدة بالقانون ودعمهم ورعايتهم في النواحي الاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها، بالإضافة لصرف التعويضات المالية، فيما يهدف صندوق المخاطر الطبية لتعويض المستفيدين عن الوفاة والإصابة الناتج عنها عجز كلي أو جزئي لمزاولتهم مهنة الطب وتقديم الرعاية الاجتماعية للأعضاء وأسرهم.

ويتضح هنا الفارق بين الأغراض التي رسمها قانون كل منهما، حيث يتمتع صندوق شهداء الجيش والشرطة بأهداف أوسع تقدم خدمات أكبر بكثير من الخدمات التي يقدمها صندوق المخاطر الطبية، وهو ما سيتضح تفصيلاً عند الحديث عن خدمات الصناديق.

تباين الموارد والأوعية

تختلف الأوعية التي يعتمد عليها كل قانون اختلافاً جوهرياً، فيما كلٍ من الكم والكيف، ففي حين يعتمد صندوق المخاطر الطبية على موارد محصورة في حدود رسوم التراخيص أو الاستقطاعات من البدلات والمكافآت المقررة للمهن الطبية، يتوسع قانون شهداء الجيش والشرطة في الأوعية التي يعتمد عليها حيث تشمل أبواباً واسعة علي قدر كبير من التنوع بين ضرائب ورسوم مقررة على جميع الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، وفي الوقت ذاته ملزمة لكافة المواطنين وليس فئة معينة كالأطباء ، نذكر تلك الفوارق بشيء من التفصيل فيما يلي:

أولاً: موارد صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية

تقتصر موارد الصندوق على نسب تستقطع من بدلات ومكافآت الأطباء أو أعضاء المهن الطبية وهو وعاء ضيق إلي حدٍ بعيد، فقد قرر القانون تحصيلات لصالح الصندوق تشمل التالي:

5% من الأوعية التالية:

  • بدل مخاطر المهن الطبية المقررة لأعضاء المهن الطبية.
  • المكافأة المقررة لأطباء الامتياز.
  • رسوم تراخيص إنشاء العيادات والمراكز الطبية والمستشفيات الخاصة والمكاتب العلمية الصحية ومراكز الأشعة والمعامل والمستشفيات الخاصة.
  • رسوم مزاولة المهن الطبية.

موارد أخري

  • عائد استثمار أموال الصندوق.
  • التبرعات والهبات التي يقبلها مجلس الإدارة.
  • الإشتراكات المقررة على الفئات الأخري التي تضم للصندوق.
  • ما تخصصه الخزانة العامة للدولة من موارد لصالح الصندوق.

كما هو واضح فالأوعية التي اعتمد عليها موارد الصندوق تقتصر في معظمها على المجتمع الطبي وهو شكل تكافلي ضيق يشبه صناديق العاملين التي تنشئها الجهات العامة وأقرب ما يكون لصناديق الزمالة.

ثانياً: موارد صندوق شهداء الجيش والشرطة

صندوق شهداء الجيش والشرطة ليس مجرد صندوق تكافلي لكنه بمثابة وزارة مالية أو وزارة تضامن اجتماعي مستقلة كما أنه يشبه من حيث الأرصدة وكثافة الموارد بنك اجتماعي متخصص على غرار بنك ناصر مثلاً، الجدول التالي يلقي الضوء على طبيعة تلك الموارد وأوعيتها من واقع القانون وتعديلاته:

الوعاء

القانون الأصلي

التعديل

الخدمات الحكومية

أولا: طابع بقيمة خمسة جنيهات يلصق على أوراق الخدمات التالية:

– رخص السلاح والقيادة بجميع أنواعها ورخص تسيير المركبات بجميع أنواعها

– شهادة الصحيفة الجنائية

– تأشيرات الإقامة للأجانب

– تصاريح العمل للمصريين لدي جهات أجنبية

– كراسات الشروط في التعاقدات الحكومية

– عقود المقاولات والتوريدات الحكومية

– طلبات حجز الأراضي والوحدات السكنية بالمجتمعات العمرانية

– تراخيص إنشاء المدارس الخاصة والدولية أو تجديدها

– طلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية والشرطية

ثانيا: 5% من حصيلة رسم تنمية الموارد المالية للدولة

تعديل وصف الخدمات المقدمة

– الخدمات أو المستندات التي تقدمها أو تصدرها (الجهات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته وشركات قطاع الأعمال العام والشركات المملوكة بالكامل للدولة أو التي تساهم فيها بنسبة تزيد عن 50 بالمائة)

إضافة

– الطلبات التي تقدم لهذه الجهات للحصول على خدمة من الخدمات إذا زادت الرسوم فيها عن ثلاثة أضعاف الضريبة المنصوص عليها

– طلبات حجز الأراضي والوحدات السكنية و(الإدارية) بالمجتمعات العمرانية

طريقة تحصيل

– تحصل في حالة الخدمات الورقية والإليكترونية بوسائل الدفع الإليكتروني

خدمات شبه حكومية

طابع بقيمة خمسة جنيهات على:

– تذاكر المباريات الرياضية

– تذاكر الحفلات الغنائية بجميع أنواعها

– طلبات الاشتراك في النوادي وتجديد العضوية السنوية فيها

تعديل

– تذاكر الحفلات والمباريات التي تزيد عن 50 جنيه فأكثر

أضافة

– تذاكر الرحلات الجوية

التضامن المجتمعي وزيادة وعي النشء

– خمسة جنيهات مساهمة تضامنية يؤديها طلاب ماقبل التعليم الجامعي

– عشرة جنيهات مساهمة تضامنية سنوية يؤديها طلاب التعليم الجامعي وما بعده

تعديل

– تحصل مساهمات الطلاب سنوياً

إضافة

– خصم بقيمة خمسة من عشرة آلاف من راتب العاملين بالجهات العامة وقطاع الأعمال وشركاته وقطاع الأعمال العام وما يتبع هذه الجهات والهيئات والشركات من وحدات ذات طابع خاص والصناديق الخاصة والعاملين لدي الأشخاص الاعتبارية الخاصة

موارد أخري

– ما قد تخصصه الدولة من موارد أخري

– التبرعات والهبات والوصايا والإعانات والمنح

– عائد استثمار اموال الصندوق

– ما يخصصه مجلس النواب من تبرعات النواب من مكافآت العضوية

– حصيلة الغرامات المحكوم بها تطبيقا لأحكام هذا الصندوق

يتضح من عرض هذه الأوعية والموارد التفاوت الكبير بين الصندوقين، فإن كانت حدود أوعية صندوق المخاطر الطبية هي القطاع الطبي وموارده منحصرة في الاستقطاعات من هذا القطاع، أو مساهمات خجولة من الموارد الأخرى التي تقدمها الدولة، فأوعية صندوق شهداء الجيش والشرطة لا محدودة تشمل (كافة) العمليات الخدمية والإجراءات الحكومية التي تقدم للمواطنين من الدولة وشركاتها والقطاع العام والجهات العامة والوزارات ووحدات الحكم المحلي، بالإضافة لحزمة أخري من الخدمات شبه الحكومية، والمساهمات المجتمعية، ما يصنع بالتبعية فجوة بين المجتمعين المستهدفين من خدمات الصندوقين.

اتساع الموارد وتعددها أدي لتراكم مالي كبير قد يتجاوز احتياجات المستفيدين لذلك صدرت التوجيهات باستثمار تلك الأرصدة [9]

فجوة المزايا والخدمات

بطبيعة الحال يترتب على الفجوة بين موارد الصندوقين فجوة بنفس القدر في طبيعة الخدمات المقدمة للفئة المستهدفة بالخدمة، وفارق في طبيعة الالتزام الملقي على عاتق مجلس الإدارة في كلا الصندوقين، فالألفاظ القانونية للإلزام في قانون صندوق شهداء الجيش والشرطة أقوي وأعمق في الدلالة على الالتزام بتقديم الخدمات، والتعهد بتقديم المزايا، فقد عبر القانون بألفاظ التزام صريحة وناجزة (يتولى الصندوق – توفير – تقديم – إتاحة – …) بينما اكتفي صندوق المخاطر الطبية بألفاظ التزام ضمنية معلقة (يهدف الصندوق – يختص – يجوز- …) وهو ما يدلل على قصد ورغبة المشرع في التعبير عن مدي الإلزام في كلٍ.

أولا: خدمات صندوق المخاطر الطبية

تقتصر الخدمات يقدمها الصندوق على التعويض المستحق والذي يقرره ويحدد قيمته مجلس الإدارة بعد موافقة مجلس الوزراء عن حالات العجز والوفاة.

وأضافت لائحة النظام الأساسي بعض الخدمات التي (يجوز للمجلس التنسيق بشأنها)، فنصت المادة 19 من اللائحة على:

يجوز للمجلس التنسيق مع كافة الجهات للحصول على بعض المزايا وله على الأخص:

  • الحصول على أولويات في التيسيرات التي يقررها مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي والبنوك الأخرى.
  • الاتفاق مع الجهات المختلفة للحصول على مزايا وخدمات للأعضاء وأسرهم.

المزايا التي قدمتها اللائحة التنفيذية ليست على سبيل الإلزام القانوني لمقدم الخدمة بل هي اختصاص جوازي لمجلس الإدارة يخضع للتنسيق.

ثانيا: خدمات صندوق شهداء الجيش والشرطة

الخدمات التي يقدمها الصندوق:

  • صرف تعويض دفعة واحدة للمستفيدين.
  • إمكانية صرف منح أو دفعات مالية دورية لفترة زمنية محددة.
  • توفير فرص الدراسة والمنح الدراسية بالتعليم الأساسي والجامعي.
  • كفالة استمرار إتمام التعليم الخاص للملتحقين به بالفعل.
  • توفير فرص عمل تناسب مؤهلاتهم ومنحهم أولوية في مسابقات التوظيف التي تعلنها الدولة والقطاع الخاص.
  • تقديم الخدمة الصحية بالمستشفيات والمراكز الحكومية والعسكرية والشرطية.
  • تخفيض 50 % للمواصلات العامة
  • توفير الاشتراك والتجديد المجاني في مراكز الشباب والنوادي والمنشآت الرياضية والأنشطة الرياضية المختلفة لغير المشتركين بها.
  • الدخول المجاني لكافة المتاحف والمتنزهات والحدائق والمسارح وقصور الثقافة التابعة للدولة.
  • توفير فرص الحج للمصاب ووالدي وأرمل أو زوج الشهيد أو الضحية أو المفقود.
  • توفير فرص الحصول على وحدات سكنية بمشروعات الدولة أو المدعمة لمن لم يسبق له الحصول عليها.
  • إطلاق أسماء الشهداء على شوارع الميادين والمدارس تخليداً لذكراهم وتضحيتهم.
  • إنشاء وسام من طبقتين يسمي تحيا مصر يمنح لمن قاموا بأعمال ممتازة تدل على التضحية أو الشجاعة في مواجهة شهداء الجيش والشرطة والإرهابية وأدت إلي إصابتهم، ويستحق من يمنح الوسام مكافأة شهرية 2000 جنيه للطبقة الأولي و 1000 جنيه للطبقة الثانية دون المساس بدخله أو معاشه من أب جهة أخري وبدون حد أقصي.

ويزيد القانون من الإلزامية عندما قرر وجوب تولي المجلس متابعة حصول المستفيدين من هذا القانون على جميع الحقوق الواردة به.

من جهة أخري رتب عقوبات الحبس والغرامة على كل من يخالف او يتحايل أو يمتنع عن تقديم الالتزامات التي قررها هذا القانون

استثناءات فئوية

كلا القانونين سمح باستثناءات في تحصيل المزايا، وأخذ كلاهما بالأثر الرجعي في تطبيق أحكام القانون تحصيل المزايا.

أولاً: صندوق شهداء الجيش والشرطة

حيث صدر قرار من مجلس الوزراء بضم (شهداء ومصابو) (القوات المسلحة والشرطة) خلال الفترة بين 25 يناير 2011 حتي 17 يناير 2014) وهي الفترة من بداية ثورة يناير حتي اعلان نتيجة الاستفتاء على دستور 2014[10] وعلى ذلك القرار عدة ملاحظات جوهرية:

الأولي: طول الفترة المستثناة (ثلاث سنوات) وبُعدها بفاصل زمني كبير عن تاريخ إقرار قانون الصندوق، حيث أقر قانون الصندوق في 2018

الثانية: اقتصار الضم على حالات الجيش والشرطة فقط دون باقي المواطنين وهي تفرقة دون مسوغ بل الأقرب للضم هم المواطنين الذين قتلوا برصاص الجيش والشرطة وضم المواطنين هو الأكثر اتفاقاً مع مسببات ثورة يناير ومخرجاتها.

الثالثة: الصندوق خاص بالعمليات (الحربية والإرهابية والأمنية) وهو ما يسبب التباس في هدف الضم وتساؤلات من قبيل هل هو وصم ثورة يناير بالإرهاب، أو أنه رد اعتبار في الجرائم التي تمت أثناء الثورة وسبق تقديم مرتكبوها للمحاكمات واعتبارها وفق هذا الاستثناء عمليات أمنية أو حربية تمت بصورة شرعية.

الرابعة: ازدواج التغطية، حيث تأسس صندوق لرعاية ضحايا ثورة يناير وأسرهم بالقرار رقم 128 لسنة 2011[11]، وعليه يكون ضم منتسبي الجيش والشرطة لصندوق شهداء الجيش والشرطة دون باقي شهداء الثورة المشمولين بقرار صندوق الثورة تمييز بغير سبب ينافي مساواة المواطنين أمام الدستور والقانون.

ثانيا: صندوق المخاطر الطبية

اعتمد الصندوق استثناءً زمنيا وأخذ بالأثر الرجعي قصير المدي حيث ضم لمظلته فترة زمنية سابقة على إقرار القانون، ابتداء من 13 فبراير 2020 حتي تاريخ العمل بالقانون، وهو التاريخ الذي اعلنت فيها الدولة إجراءات وتدابير كورونا كجائحة، وذلك برغم انه لم تُذكر كورونا صراحة وهو مسلك غير مبرر.

على عكس الملاحظات التي ذكرناها على الاستثناء الوارد بقانون شهداء الجيش والشرطة من ضم شهداء ثورة يناير من منتسبي الجيش والشرطة للصندوق، جاء الاستثناء الوارد بقانون صندوق المخاطر الطبية لمصابي ووفيات كورونا موافقاً للغرض الذي أسس لأجله الصندوق.

خاتمة

يتضح مما عرضناه في هذا الجزء القصد التشريعي في التمييز بين فئتين تشتركان في كثير من المحددات كما أوضحت الدراسة، وكيف تصنع السلطة المصرية الحالية طبقية عسكرية تحميها التشريعات وتحابيها الجهات التنفيذية بالدولة.

وكيف أصبحت الحقوق التكافلية تنتهج سياسة وتدابير عقابية لتوفير مواردها تعتمد على إرهاق كافة المواطنين بضرائب ورسوم أو استقطاعات من الرواتب والأجور والأموال، وكيف انتقلت شيئاً فشيئاً من مساحة التكافل لمساحة الجباية.

مرفقات الدراسة

1- قرار رئيس الجمهورية رقم 231 لسنة 2021

2- الجريدة الرسمية العدد 38 مكرر أ في 28 سبتمبر 2021

3- قانون رقم 4 لسنة 2021

4- قانون رقم 16 لسنة 2018

5- قانون رقم 184 لسنة 2020


الهامش

[1] الإشكاليات العشر للصندوق السيادي المصري، دراسة نشرها للباحث المعهد المصري للدراسات https://cutt.us/9A4OH

[2] البنية التشريعية لصناديق الأموال: تحيا مصر نموذجاً، دراسة نشرها للباحث المعهد المصري للدراسات https://cutt.us/gtCBA

[3] تم إنشاء الصندوق بالقانون رقم 16 لسنة 2018 منشور في الجريدة الرسمية العدد 10 مكرر (د في 13 مارس 2018

[4] تم إنشاء الصندوق بالقانون رقم 184 لسنة 2020 منشور في الجريدة الرسمية العدد 36 مكرر (أ في 5 سبتمبر 2020

[5] القانون منشور بالجريدة الرسمية العدد رقم 10 مكرر(د في 13 مارس 2018

[6] القانون 184 لسنة 2020 بتعديل أحكام قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية العاملين بالجهات التابعة لوزارة الصحة والسكان من غير المخاطبين بقوانين أو لوائح خاصة الصادر بالقانون 14 لسنة 2014 وبمد الخدمة لأعضاء المهن الطبية وبإنشاء صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية نشر بالجريدة الرسمية العدد 36 مكرر(أ في 5 سبتمبر 2020

[7] القرار رقم 231 لسنة 2021 باعتبار صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم من الجهات ذات الطبيعة الخاصة، منشور بالجريدة الرسمية العدد 22 مكرر في 6 يونية 2021

[8] قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 منشور بالجريدة الرسمية العدد43 مكرر (أ في أول نوفمبر 2016

[9] الرئيس يوجه بتنمية موارد صندوق «تكريم الشهداء» المصري اليوم https://cutt.us/j0ukk

[10] قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 34 لسنة 2019 بإضافة شهداء ومصابو القوات المسلحة والشرطة بين تاريخي 25 يناير 2011 و 17 يناير 2014 لصندوق تكريم الشهداء، منشور بالجريدة الرسمية العدد 44 مكرر (أ في 3 نوفمبر 2019

[11] قرار رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة رقم 128 لسنة 2011 بإنشاء صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية لضحايا ثورة 25 يناير وأسرهم، منشور بالجريدة الرسمية العدد 26 مكرر في 2 يولية 2011

الوسوم

عباس قباري

باحث سياسي، متخصص في الشأن المصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى