ترجمات

بوليتيكس توداي الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني من جنوب أفريقيا إلى فلسطين

نشر موقع بوليتيكس توداي الأمريكي في 5 نوفمبر 2023 مقالاً بعنوان: “الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني – نظرة من جنوب أفريقيا إلى فلسطين” لأيان محمد علي، الباحثة في السياسة العالمية والعلاقات الدولية من جامعة كينجستون بلندن، والمهتمة بقضايا الإسلاموفوبيا، وعدم المساواة الاجتماعية، والهجرة والتنمية الدولية؛ حيث تقول إن السياسات التي تنتهجها إسرائيل من الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني تذكّران العالم بما كان يحدث من قبل في جنوب أفريقيا.

وقد جاء المقال على النحو التالي:

على مدى السنوات الأخيرة، نعتت منظمات حقوق الإنسان وخبراء قانونيون بشكل متزايد سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين بأنها تمييز عنصري، مما أثار جدلاً طويلاً حول ما إذا كان هذا النهج منصفاً في توصيف تصرفات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

وفي عام 1973، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، والتي تُعرّف جريمة الفصل العنصري بأنها ” الأفعال اللاإنسانية التي تُرتكَب بغرض إقامة وإدامة هيمنة فئة عِرقية ما من الأشخاص على أي فئة عِرقية أخرى من الأشخاص واضطهادها إياها بشكلٍ مُمنهج”.

وقد فرضت سياسة الفصل العنصري، التي نشأت في جنوب أفريقيا، على مواطني جنوب أفريقيا غير البيض، الذين يشكلون غالبية السكان، الإقامة في مناطق منفصلة عن مناطق جنوب أفريقيا البيضاء واستخدام مرافق عامة منفصلة. وبالإضافة إلى ذلك، كان الاتصال بين المجموعات العرقية المختلفة مقيّداً بشدة. وأدت هذه السياسة إلى الفصل المادي الفعلي بين الأفراد على أساس عرقهم، مما أثّر على جوانب مختلفة من حياتهم، بما في ذلك محلّ إقامتهم، والوصول إلى المرافق العامة، والتفاعلات الاجتماعية. كان التركيز الوحيد للفصل العنصري هو ترقية فئة عرقية على فئة أخرى من أجل إدامة الهيمنة من جانب الفئة التي لها الغلبة.

أبرز قوانين الفصل العنصري في جنوب أفريقيا:

– قانون جلين جراي لعام 1894: والذي وضع أُسس الفصل العنصري قبل انتخاب الحزب الوطني عام 1948؛ وأطلق عليه رئيس الوزراء آنذاك سيسيل رودس اسم “مشروع قانون من أجل أفريقيا”، لتكريس حرمان السود في جنوب إفريقيا من حقوقهم والحد من فرصهم الاقتصادية.

– قانون تسجيل السكان لعام 1950: وعلى أساسه كان يتم تسجيل كل مواطن في جنوب أفريقيا على أساس سماته العرقية. حيث تحدد الفئة العرقية التي ينتمي إليها الفرد بشكل كبير حقوقه الاجتماعية وحقوقه السياسية وآفاقه التعليمية ومكانته الاقتصادية.

– قانون المرافق المنفصلة لعام 1953: حيث سمح هذا القانون بالفصل العنصري في الأماكن العامة ووسائل النقل والخدمات. وكان القانون يُطبّق فقط على الطرق السريعة والشوارع العامة.

أوجه التشابه في الأراضي الفلسطينية المحتلة

في الثاني من شهر نوفمبر لعام 1917، كتب وزير الخارجية البريطاني آنذاك، آرثر بلفور، رسالة شهيرة، عُرفت بعد ذلك باسم وعد بلفور، إلى ليونيل والتر روتشيلد، زعيم الجالية اليهودية البريطانية. وقد عزّز هذا لاحقًا التزام الحكومة البريطانية تجاه الحركة الصهيونية بالسماح بـ “إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”. وأصبح إنشاء دولة يهودية على أرض غير يهودية في المقام الأول ركيزة أساسية للفصل العنصري. وبالتالي أصبح الفلسطينيون، مسلمين ومسيحيين، أغلبية مضطَّهدة على أرضهم.

ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، فإن التقرير الشامل الذي يحمل عنوان “نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية“، يبيّن كيف أن عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والتهجير القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية تشكل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري بموجب القانون الدولي. ويتم الحفاظ على هذا النظام بفعل الانتهاكات التي تَبَيّن لمنظمة العفو الدولية أنها تشكل فصلاً عنصرياً وجريمة ضد الإنسانية كما هي مُعرّفة في نظام روما الأساسي والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (اتفاقية الفصل العنصري).

وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، في بيان لها: “تقريرنا يكشف النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل. وسواء كان الفلسطينيون يعيشون في غزة، أو القدس الشرقية، أو الخليل، أو إسرائيل نفسها، فهم يُعامَلون كجماعة عرقية أدنى ويُحرمون من حقوقهم على نحو ممنهج. وقد تبين لنا أن سياسات التفرقة ونزع الملكية والإقصاء القاسية المتبعة في جميع الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل تصل بوضوح إلى حد الفصل العنصري. ومن واجب المجتمع الدولي التصرف.”

الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة

منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، قامت الإدارات المتعاقبة فيها بسنّ وإنفاذ نظام من القوانين والسياسات والممارسات التي تهدف إلى قمع الفلسطينيين والسيطرة عليهم. ويتجلى هذا النظام بطرق عديدة في مختلف القطاعات التي تمارس فيها إسرائيل سيطرتها على الحقوق الفلسطينية، لكن الهدف هو نفسه دائماً: تفضيل اليهود الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين.

وقد حققت الحكومة الإسرائيلية ذلك من خلال ثلاث استراتيجيات أساسية:

– الحفاظ على السيطرة والهيمنة على السكان غير اليهود. ففي عام 2018، سن الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يتمتع بسلطة دستورية يؤكد أن إسرائيل هي “الدولة القومية للشعب اليهودي”، ويؤكد أن الحق في تقرير المصير هو حق “فريد للشعب اليهودي” في تلك المنطقة، ويعرّف “الاستيطان اليهودي” بأنه “قيمة وطنية”.

– قامت إدارات إسرائيلية مختلفة بسنّ قوانين وسياسات لضمان استمرار تشظية السكان الفلسطينيين. حيث يقتصر وجود الفلسطينيين على جيوب في إسرائيل والضفة الغربية وغزة ومخيمات اللاجئين، وأنهم يواجهون أنظمة قانونية وإدارية منفصلة. وقد ساهم ذلك في تآكل التحالفات الاجتماعية والسياسية بين الجماعات الفلسطينية، فضلاً عن خنق المقاومة الممتدة ضد نظام الفصل العنصري.

– في شهر مارس 2019، صرّح نتنياهو بأن “إسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها”، بل “الدولة القومية للشعب اليهودي وهم وحدهم”.

الاستعمار الاستيطاني والفقر الاقتصادي

وفي الضفة الغربية المحتلة، قامت إسرائيل بتهجير الفلسطينيين قسراً وهدّمت منازلهم لإفساح المجال أمام إقامة المستوطنات غير القانونية المخصصة لليهود فقط، والتي يدينها المجتمع الدولي باعتبارها غير شرعية.

وفي صحراء النقب في إسرائيل، حيث يعيش البدو الفلسطينيون الآن محصورين في بلدات، انتقدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحق في السكن الملائم، راكيل رولنيك، خطة إسرائيل للتطهير العرقي المنسَّق ووصفتها بأنها “استراتيجية تهويد” “تستبعد الأقليات وتُميّز ضدها وتهجّرها، مما يؤثر بشكل خاص على المجتمعات الفلسطينية، وفي نفس الوقت التطور المتسارع للمستوطنات ذات الأغلبية اليهودية”.

ووفقا لتقرير عام 2019 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) للمساعدة التجارية والإنمائية للشعب الفلسطيني، فإن “الاعتماد القسري على التوظيف في إسرائيل والمستوطنات فقط يُضعف الصادرات ويضعف كذلك النمو على المدى الطويل”.

ويشير التقرير إلى أن “معدل البطالة على مستوى الكساد في الأراضي الفلسطينية المحتلة استمر في الارتفاع في عام 2018، ليصل إلى 31%؛ 52% في غزة و18% في الضفة الغربية. وكما هو الحال في السنوات السابقة، فقد تأثرت النساء والشباب من جرّاء ذلك بشكل غير متناسب.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى