دراسات

تشريعات مكافحة غسيل الأموال: دراسة مقارنة بين المغرب والإمارات

تعتبر ظاهرة غسيل الأموال جريمة دولية منظمة، ذات طبيعة معقدة ومتشعبة تخترق أنظمة دول العالم. لهذه الظاهرة آثار سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وتنبني جريمة غسيل الأموال على جرائم أصلية أخرى تكون السبب في وجودها، كالتجارة في المخدرات والأسلحة. نتيجة لذلك تعمل الدول على مكافحة هذه الجريمة عن طريق سن قوانين ونهج سياسات خاصة لمنع انتشار هذه الظاهرة والتصدي لها.

تنبني معظم القوانين الوطنية للدول الخاصة بمكافحة غسيل الأموال على أساس الاتفاقيات الدولية المؤطرة لهذا المجال. وتعبر التشريعات العربية من بين أكثر التشريعات التي استمدت الأساس القانوني لمكافحة غسيل الأموال من الاتفاقيات الدولية. وفي هذا السياق تعتبر المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة من أبرز الدول العربية التي صادقت على معظم الاتفاقيات الدولية لمكافحة ظاهرة غسيل الأموال.

ورغم الاختلاف القائم بين الدولتين من ناحية الموقع الجغرافي والانتماء القاري والوضع الاقتصادي، إلا أن الإطار القانوني لكل منهما يبدو شكلا متشابها.

يمكن القول بداية، إلى أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية تعتبران دولتان حديثتان نوعا ما في مجال مكافحة غسيل الأموال، ليس من حيث الاعتراف بهذه الجريمة والتنصيص على مكافحتها ضمن القوانين الداخلية فقط، ولكن أيضا بالنسبة إلى الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة. حيث إن قانون مكافحة غسيل الأموال بالنسبة للدولتين لم يظهر بشكل مستقل وواضح إلا في السنوات الأخيرة.

يشكل الموقع الجغرافي للمملكة المغربية عاملا مهما في تفاقم هذه الظاهرة، حيث إن الربط بين القارتين الإفريقية والأوروبية يجعل منه معبرا استراتيجيا مستهدفا من قبل الشبكات الإجرامية الدولية لتهريب الأموال الغير المشروعة.

وتعتبر الإمارات العربية المتحدة من جانبها مركزا استراتيجيا مستهدفا من طرف الشبكات الإجرامية الدولية، وذلك لموقعها الجغرافي الاستراتيجي وسياستها الاقتصادية المبنية على جذب الاستثمارات الدولية والتسهيلات المالية والضريبية.

ورغم الجهود المبذولة من طرف الدولتين إلا أن التقارير الصادرة من طرف مجموعة العمل المالي الدولية تدرج هاتين الدولتين في القوائم السوداء للدول غير المتعاونة في مكافحة غسيل الأموال. هذا الأمر يجعلنا نتساءل عن مدى جدية الدولتين في مكافحة غسيل الأموال. من أجل الإجابة على هذا التساؤل، سنحاول في هذا المقال تحليل القوانين الوطنية المؤطرة لهذه الجريمة ودراسة الجهود المبذولة على أرض الواقع.

أولا: الإطار القانوني العام لجريمة غسيل الأموال بين الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية

أسست اتفاقية فيينا لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية[1] الإطار القانوني الدولي المنظم لجريمة غسيل الأموال. تضمنت هذه الاتفاقية المبادئ والأحكام العامة للتجريم والعقاب، التي من خلالها توجه الدول لاعتماد منظومة قانونية وطنية ملائمة، هدفها قطع الطريق أمام المجرمين من الاستفادة من العائدات المالية للجريمة. ونصت اتفاقية باليرمو لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية [2] على تعزيز التعاون الدولي لمنع الجريمة المنظمة عبر الوطنية ومكافحتها بمزيد من الفعالية والحرمان من عائداتها المالية.[3] وفي نفس السياق نصت اتفاقية ميريدا لمكافحة الفساد[4] على تجريم العائدات المالية الناتجة عن الفساد.

وأسست مجموعة العمل المالي[5] المرجع الأساسي للتشريعات الوطنية في مكافحة طرق وأساليب غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. حيث عملت على وضع إطار عمل شامل ومتسق من التدابير التي ينبغي على الدول تطبيقها في هذا الشأن.[6]

تعتبر تجربة كل من المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة في مجال غسيل الأموال تجربة مهمة تستحق الدراسة. فبالنسبة إلى المملكة المغربية، فإلى غاية سنة 2007 لم يكن للمملكة المغربية قانون خاص لمكافحة غسيل الأموال سوى بعض الفصول في القانون الجنائي التي تجرم هذه العملية بشكل محدود.[7]

ورغم أن قانون مكافحة غسيل الأموال المغربي جاء متوافقا نوعا ما مع الاتفاقيات الدولية، كان هذا الأخير محط انتقاد من طرف مجموعة العمل المالي الشرق الأوسط. حيث لوحظ غياب مجموعة من الأنظمة والمؤسسات المعتبرة في حكم الأطر الضرورية في مكافحة عمليات غسيل الأموال، بالإضافة إلى غياب بعض النصوص التطبيقية. وأشار تقرير المجموعة إلى غياب المؤسسات والأجهزة التنظيمية الضرورية لمكافحة غسيل الأموال. واعتبر التقرير المذكور أن المؤسسات المالية والمهن والأعمال غير المالية تغيب عنها ثقافة مكافحة غسيل الأموال نظرا لعدم وجود خبرات مباشرة في هذا المجال، وأن المؤسسات البنكية هي فقط من يتوفر لديها ثقافة الحيطة والحذر واليقظة لوقاية النظام المصرفي من أي استعمال لأغراض غير مشروعة تصب في عمليات غسيل الأموال.[8]

في حين اعتمدت دولة الإمارات العربية المتحدة أول قانون [9] لمكافحة غسيل الأموال سنة 2002. وعلى غرار المملكة المغربية كان هذا القانون محط انتقاد مجموعة العمل المالي الشرق الاوسط. حيث نص تقرير التقييم للمجموعة الصادر بشأن دولة الإمارات سنة 2008 أن القانون لم يأت متوافقا بالشكل الكامل على ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية ومجموعة العمل المالي، وأنه ينبغي على المشرع الاماراتي تعديل وتحسين قانون مكافحة غسيل الأموال بشكل يستوعب كل أنظمة وتقنيات عمليات غسيل الأموال. كما أشار التقرير إلى ضرورة توسيع دائرة الجرائم الأصلية التي تتأتى منها العائدات الإجرامية المالية لتشمل أكبر عدد مكمن من الجرائم التي يمكن إحاطتها بقانون مكافحة غسيل الأموال. واعتبر التقرير أن دور المؤسسات المالية الملزمة بالمكافحة لا تواكب ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية وتوصيات مجموعة العمل المالي.[10]

وفي هذا السياق، ونظرا للانتقادات الموجهة إلى الدول المذكورة في شأن قانون مكافحة غسيل الأموال، حاولت هذه الدول الاستجابة من خلال إدخال تعديلات جوهرية على قوانينها، كما خرج إلى الوجود قوانين جديدة تتعلق بمكافحة غسيل الأموال، كان آخرها قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الإماراتي الصادر في سنة 2018.[11]

وبمصادقة المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية على الاتفاقيات المذكورة، وبعد مرور مدة زمنية مهمة في إطار إصلاح قانون مكافحة غسيل الأموال بعد الانتقادات الموجهة، سنحاول تفصيل أهم نقاط التوافق والتباين بين القوانين الداخلية وتوجهات الاتفاقيات الدولية ومجموعة العمل المالي.

1-المفهوم العام للجريمة:

يتبين من خلال الاتفاقيات الدولية المذكورة أنها لم تعرف جريمة غسيل الأموال تعريفا موحدا ودقيقا، وإنما اكتفت بسن مجموعة من الأفعال التي تعتبر صورة من صور السلوك الإجرامي الذي يدخل في نطاق هذه الجريمة. من أبرز الصور نذكر ما يلي:

  • تحويل الأموال أو نقلها مع العلم أنها مستمدة من أي جريمة أو الجرائم المنصوص عليها، أو فعل من أفعال الاشتراك في هذه الجريمة أو الجرائم، بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو قصد مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب مثل هذه الجريمة أو الجرائم على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله.[12]
  • إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال، أو مصدرها، أو مكانها أو طريقة التصرف فيها، أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها، أو ملكيتها، مع العلم أنها مستمدة من جريمة أو جرائم منصوص عليها في هذه الاتفاقية، أو مستمدة من فعل من أفعال الاشتراك في مثل هذه الجريمة أو الجرائم[13].

وبناء عليه، نجد أن كلا من التشريع المغربي والإماراتي قد خطيا نفس الخطوات المتعلقة بالاتفاقيات الدولية في شأن التعريف بجريمة غسيل الأموال. فلقد نص المشرع المغربي في القانون رقم 05- 43 لمكافحة غسيل الأموال[14] على مجموعة من الأفعال التي تشكل جريمة غسيل الأموال. من أهمها اكتساب أو حيازة أو استعمال أو استبدال أو تحويل أو نقل ممتلكات أو عائداتها بهدف إخفاء أو تمويه طبيعتها الحقيقية أو مصدرها غير المشروع، إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات الغير مشروعة أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها، تسهيل التبرير الكاذب بأية وسيلة من الوسائل لمصدر ممتلكات أو عائدات مرتكب إحدى الجرائم المشار إليها، محاولة ارتكاب الأفعال المنصوص عليها في هذا الإطار.[15]

وفي نفس السياق نص قانون 2018 لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الارهاب الإماراتي تقريبا على نفس الأفعال المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية. فبالرجوع إلى المادة الثانية من نفس القانون نجد أن المشرع الإماراتي حصر جريمة غسيل الأموال في الأفعال التالية: تحويل المتحصلات الإجرامية أو نقلها أو إجراء أي عملية بها قصد إخفاء أو تمويه مصدرها الغير مشروع، إخفاء أو تمويه حقيقة المتحصلات الإجرامية أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، اكتساب أو حيازة أو استخدام المتحصلات الإجرامية عند تسلمها، مساعدة مرتكب الجريمة الأصلية على الإفلات من العقوبة.

والملاحظ أن قانون مكافحة غسيل الأموال الإماراتي طور من المفهوم العام لجريمة غسيل الأموال، فبعد أن كان القانون القديم لسنة 2002 يحصر جريمة غسيل الأموال في بعض الأفعال مثل التحويل والإخفاء، أضاف القانون الجديد سلوكيات أخرى تكون الركن المادي لجريمة غسيل الأموال، مثل اكتساب وحيازة الأموال العائدة من الجريمة ومساعدة الفاعلين على ذلك.

وعموما نرى أنه على مستوى صياغة التعريف العام للجريمة بالنسبة للدولتين، فان هناك توافقا واضحا بين ما تبنته التشريعات الوطنية المذكورة وما نصت عليه الاتفاقيات الدولية، خصوصا اتفاقية فيينا لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية واتفاقية باليرمو. وهو ما أشارت إليه توصيات مجموعة العمل المالي التي نصت على أنه ينبغي على الدول أن تجرم غسيل الأموال على أساس اتفاقيتي فيينا وبالرمو، وينبغي عليها أن تطبق جريمة غسيل الأموال على كافة الجرائم الخطيرة لتشمل أكبر عدد من الجرائم الأصلية.[16]

2- تحديد الجرائم الأصلية:

من البديهي أنه لا يمكن وصف أموال غير مشروعة إلا إذا كان مصدرها عملا إجراميا، أو جريمة معينة، وبالتالي فان الحديث عن الجرائم الأصلية، يدفعنا للحديث عن أصل الأموال المغسولة أو مصدرها.

تعتبر جريمة غسيل الأموال جريمة تبعية مستقلة، يقتضي اكتمال بنيانها القانوني وقوع جريمة أخرى سابقة يطلق عليها الجريمة الأصلية، أي أن الحديث عن وجود جريمة غسيل الأموال يدفعنا إلى ضرورة التحقق من قيام الركن المفترض الذي يقوم على جريمة سابقة، وأن يتحصل منها محل جريمة غسيل الأموال، وهي العائدات غير المشروعة المراد غسيلها. وقد عرفها البعض على أنها[17] ” نشاط وسلوك إجرامي إيجابي أو سلبي وقع من الفاعل بحيث يفضي إلى متحصلات أو أموال، سواء تم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، والذي يمثل محل جريمة غسيل الأموال”

ورغم بساطة المفهوم، تختلف التشريعات في تبني نظام موحد للجرائم الأصلية، فمن التشريعات من تعتبر أن الجرائم الأصلية هي كل الجرائم التي تذر أموالا على صاحبها،[18] في حين ترى تشريعات أخرى أن الجرائم الأصلية لجريمة غسيل الأموال يجب أن تكون محددة في قائمة تضم أهم الجرائم الخطيرة والتي تذر أموالا على صاحبها،[19] وترى تشريعات أخرى الجمع بين هذين الاتجاهين.

وعموما فان الجريمة الأصلية لغسيل الأموال قد أخذت توجهات ثلاثة، حسب اختلاف التشريعات، بين الأسلوب الحصري، الأسلوب المطلق، الأسلوب المختلط.

استنادا إلى مجموعة من التوصيات الدولية خصوصا مجموعة العمل المالي، نجد أن هذه الأخيرة تركت حق الاختيار للدول الأعضاء في تبني أحد المناهج لتحديد الجرائم الأصلية، وذلك وفق ثلاثة اتجاهات.[20]

الاتجاه الأول: الأسلوب الحصري:

يحدد هذا الاتجاه الجرائم الأصلية بناءا على الأموال المتحصلة من جرائم معينة ومحددة على سبيل الحصر، كجرائم الاتجار غير المشروع بالمخدرات أو المؤثرات العقلية مثلا، بمعنى أن ما دون هذه الجرائم والتي تذر أموالا لا تدخل في نطاق الأموال المحذور غسيلها، ولو أنها أموال غير مشروعة.

ويجد أصحاب هذا التوجه مبررا في ما نصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة فقط الاتجار الغير مشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية. ونقيض هذا التوجه، نرى من جانبنا أن فلسفة وجود هذه الاتفاقية وسبب تركيزها على جريمة المخدرات، يجد أثره في الظروف التي كانت أنداك،[21] وما سببه الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية من أثار سلبية جعل المجتمع الدولي يجرم هذا الاتجار ويجرم حتى التعامل بالأموال التي تصدر عنه. وبالتالي فان هذا الأسلوب الحصري أصبح متجاوزا، خصوصا عندما يركز على جريمة واحدة.

ويجد أصحاب هذا التوجه مبررهم في أن هذا الأسلوب يحقق التناسق بين قانون مكافحة غسيل الأموال وقانون سرية الحسابات بالبنوك، فاتباع هذا الأسلوب يضع القيد على مبدأ سرية الحسابات لمواجهة نوع خطير من الجرائم وليس لمواجهة كل الجرائم، فإذا توسع المشرع واكتفى بالنص على غسيل الأموال المتحصلة من جناية أو جنحة لكان مؤدى ذلك إهدار قانون سرية الحسابات.

الاتجاه الثاني: الأسلوب المطلق:

بخلاف الأسلوب الحصري، يدخل في نطاق هذا الأسلوب تجريم غسيل الأموال المتحصلة من الجريمة بشكل عام، ويسمى بالمطلق لاستهدافه متحصلات الجريمة بصفة عامة، دون انتقاء جرائم معينة أو وضع لائحة حصرية، بحيث يضم كافة أشكال الجريمة كيفما كانت طبيعتها[22] باعتماده على مبدأ التجريم الكلي لمختلف الأفعال المعتبرة في حكم الأفعال الغير مشروعة من جنايات وجنح أو مخالفات.

الاتجاه الثالث: الأسلوب المختلط:

يجمع هذا الاتجاه ما بين الاتجاه الأول والثاني حيث يأخذ نوع معين من الجرائم دون تحديد مكوناته أو محتوياته، كتحديد الجنايات بشكل عام، وفي نفس الوقت حصر بعض الجرائم وتجريم عملية الغسيل التي تقع على الأموال المتحصلة منها.[23] بمعنى أنها تعتمد على الأسلوب المطلق تجاه نوع معين من الجرائم مثل الجنايات، فتعتبر أي أموال صادرة متأتية من أي جناية أموال غير مشروعة تخضع لقانون غسيل الأموال، ومن جهة أخرى تعتمد على الأسلوب الحصري تجاه بعض الجرائم الأخرى مثل الجنح والتي لا تقوم جريمة غسيل الأموال في إطارها إلا إذا تعلق الأمر ببعض الجرائم على سبيل الحصر.

وفي هذا السياق اعتمد المشرع المغربي في قانون مكافحة غسيل الأموال الأسلوب الحصري في تحديد الجرائم الأصلية، وذلك باعتماده على لائحة تضم مختلف الجرائم التي تعد جرائم أصلية سابقة لجريمة غسيل الأموال.

وتجدر الإشارة إلى أن المملكة المغربية قد خضعت في سنة 2007 إلى تقرير شترك بهذا الخصوص لتوصيات العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث أشار هذا التقرير إلى أن قانون مكافحة غسيل الأموال المغربي يعتمد الأسلوب الحصري، وبذلك وجبت ضرورة ملائمة عدد الجرائم الأصلية المحصورة والزيادة في عددها من أجل تغطية جميع الجرائم الأصلية المهمة في مكافحة غسيل الأموال.[24] وبالفعل فقد وسع المشرع المغربي أنداك إثر هذا التقرير من عدد الجرائم الأصلية بموجب القانون رقم 10-13 [25] ليشمل لائحة موسعة من الجرائم التي أوصت بها مجموعة العمل المالي لتصل إلى 24 جريمة أصلية بعدما كانت عددها سبعة فقط. [26]

والملاحظ أن المشرع المغربي قد اعتمد أسلوب التدرج في النص على الجرائم الأصلية، حيث وسع من نطاق هذه الأخيرة مقارنة بالقوانين السابقة،[27] الشيء الذي يثير التساؤل عن أسباب توسيع نطاق هذه الجرائم وعن الأساس المعتمد في اختيارها دون غيرها.

فبالرجوع إلى تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لمجلس النواب المغربي المتعلق بدراسة هذا القانون، نجد جوابا للحكومة على هذا التساؤل، وقد جاء فيه أن الأساس المعتمد في وضع هذه القائمة راجع إلى التزام المملكة المغربية بالاتفاقيات الدولية والبروتوكولات الملحقة بها، كما أن الأسباب الداعية إلى توسيع قائمة الجرائم، هو أنها تتلخص في تنفيذ توصيات العمل المالي خصوصا بعد التقرير الذي تم إعداده تجاه الوضعية القانونية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي أبان عن مجموعة من النقائص في دائرة الجرائم الأصلية.[28]

أما بالنسبة إلى التشريع فقد خطى خطوة مهمة في تحديد الجرائم الأصلية، فبعد أن كان القانون القديم[29] يتخذ في تحديد الجرائم الأصلية الأسلوب الحصري، فان القانون الجديد قد غير من اعتماد الأسلوب الحصري إلى الأسلوب المطلق، وهذا ما عبرت عنه المادة الثانية من القانون المذكور، حيث اعتبرت “مرتكبا لجريمة غسيل الأموال كل من كان عالما بأن الأموال متحصلة من جناية أو جنحة وارتكب عمدا أحد الأفعال التالية…”

يتضح مما سبق أن المادة المذكورة جعلت أي عمل إجرامي يذر أموالا، فان هذه الأموال تدخل في نطاق الأموال المحظور غسيلها دون تمييز بين مصدر هذه الأموال. وتجد الإشارة إلى أن القانون الفرنسي[30] والإسباني[31] اتخذا نفس التوجه المذكور.

بناء على ما سبق، يتضح أن الجريمة الأصلية، رغم ضرورتها لقيام جريمة غسيل الأموال، إلا أنها ليست جريمة موحدة في نوعها بالنسبة لمختلف التشريعات، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن أنجع الأساليب المذكورة في تحديد الجرائم الأصلية، فإذا كان المشرع الفرنسي والإسباني والإماراتي اعتمدا على الأسلوب المطلق والذي يجعل من أصل جريمة غسيل الأموال كل الجرائم، بمعنى أن امتداد نطاق مكافحة غسيل الأموال يمتد إلى كل الجرائم، وفي هذا الاتجاه نوع من الصرامة والتشديد وغلق جميع المنافذ والثغرات المؤدية إلى غسيل الأموال. فإن المشرع المغربي كأسلوب حصري يجعل من الجرائم نوعية محدودة تكون الجريمة الأصلية لجريمة غسيل الأموال، وهو الأمر الذي يبقي لا محالة جرائم معينة خارج نطاق جريمة غسيل الأموال. وحتى إذا فرضنا أن كل الجرائم الأصلية قد أدرجها المشرع في قائمته، إلا أنه لن يسلم من الجرائم الجديدة والمتطورة التي تخلق فيما بعد وخصوصا في وقت تطغى عليه الثورة التكنولوجية وما يتبعها من استغلال سهل للإجرام.

إن التشريعات التي تتخذ الأسلوب الموسع تعطي صورة واضحة حول مدى مكافحة جريمة غسيل الأموال في سد كل الثغرات المؤدية إليها سواء كانت جناية أو جنحة أو أية نشاط إجرامي له مفهوم آخر، وأن المسألة ليست بخصوصية التشريع لكل دولة أو لسرية حساباتها، وإنما يتعلق الأمر بوضوح استراتيجية الدول في مكافحة هذه الظاهرة.

ثانيا: المواجهة الأمنية لعمليات غسيل الأموال

1-مراقبة المؤسسات المالية وحركة الأموال

نظرا للطبيعة الدولية لعمليات غسيل الأموال، اتجهت الاتفاقيات الدولية إلى إلزام المؤسسات المالية باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استخدام أدواتها المصرفية والمالية من أجل ارتكاب جرائم غسيل الأموال المتحصلة من مصادر غير مشروعة.

ويشكل الاهتمام الدولي بالرقابة على المؤسسات المالية محورا أساسيا لا غنى عنه من محاور المواجهة الشاملة لظاهرة غسيل الأموال، وذلك بالنظر إلى الدور الهام التي تلعبه هذه المؤسسات في تسهيل ارتكاب هذه الجريمة، فقد تجد المؤسسة المذكورة أنه قد تم استغلالها في عملية توظيف واستثمار أموال متحصلة من جريمة من الجرائم ضمن العمليات العادية التي تختص يها. لذا كان لابد للمجتمع الدولي من صياغة واعتماد مجموعة متكاملة من السياسات والإجراءات الهادفة لتعزيز دور النظام المالي في مكافحة هذه الظاهرة المجرمة دوليا، وذلك من خلال منظور شامل يسعى إلى الموائمة بين جملة من الاعتبارات أهمها، تطوير النظم المالية واكتسابها القدرة والفاعلية، مع ضمان شفافية العمليات المالية والتثبت من شرعية الأموال والحد من تدفق العائدات الإجرامية عبر المؤسسات المالية والحيلولة دون تحويل هذه المؤسسات إلى قنوات مفتوحة لتبييض الأموال غير المشروعة، إضافة إلى ضرورة تحقيق درجة من الضبط القانوني في تفعيل مبدأ السرية المصرفية، مع ضمان تحقيق التوافق ما بين حقوق الأفراد في السرية والخصوصية، وبين متطلبات القانون الهادفة إلى مكافحة جريمة تبييض الأموال.[32]

ومن أهم الجهود الدولية في مجال الرقابة على المصارف والمؤسسات المالية الإعلان الصادر عن لجنة بازل والمتعلق بالرقابة على البنوك والذي تضمن مجموعة من التوصيات دعا من خلالها إلى فرض رقابة على المؤسسات المالية وإجبارها على اتخاذ الاحتياطات اللازمة في شأن مكافحة عمليات غسيل الأموال التي تمر عبر القنوات المصرفية خصوصا. كما ألزمت توصيات مجموعة العمل المالي مجموع الدول باتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفيق أنظمتها الداخلية المتعلقة بمكافحة جرائم غسيل الأموال مع توصياتها بهذا الشأن.

وبغية مواكبة المجتمع الدولي في خطاه، اهتم المشرع المغربي والإماراتي في قانون مكافحة غسيل الأموال بوضع إطار قانوني ينظم سير المعاملات المالية وانتقالها والتعامل بها بشكل آمن، يفيد مكافحة عمليات الغسيل التي تلجأ إليها أصحابها لدى المؤسسات المالية.

وبهذا الخصوص نص المشرع المغربي على قائمة بالمؤسسات المالية المعنية بمكافحة غسيل الأموال وصل عددها إلى أكثر من 15 مؤسسة تعنى بمكافحة غسيل الأموال وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون ذاته، والتي كان من بين أهمها المؤسسات المصرفية. كما أقر المشرع المغربي في نفس السياق بضرورة وجود مؤسسات أخرى مشرفة تتولى بالتنظيم ومراقبة حركة الأموال داخل هذه المؤسسات كما تتولي التنسيق مع الهيئات الحكومية.

ولقد كان من بين أهم هذه المؤسسات المشرفة “وحدة معالجة المعلومات المالية” وتجدر الإشارة إلى أن هذه المؤسسة كانت محط انتقاد موجه إلى المملكة المغربية بمناسبة التقرير المعد من طرف مجموعة العمل المالي الشرق الأوسط لسنة 2007 والذي أبان عن غياب تام لهذه المؤسسة. وبناء عليه أصدر المشرع المغربي في سنة 2009 مرسوم يتعلق بإحداث وحدة معالجة المعلومات المالية.[33] والتي أسند لها مجموعة من الاختصاصات كان أهمها المراقبة والتنسيق مع المؤسسات المالية والجهات المسؤولة في مكافحة غسيل الأموال.

وبهذه المناسبة صدر عن المؤسسة المذكورة مجموعة من التقارير ما بين سنة 2009 إلى غاية 2017 تبين من خلالها الدور الأساسي والمهم التي تلعبه هذه المؤسسة في شأن مكافحة غسيل الأموال من جانب مراقبة المؤسسات المالية والتنسيق بينها وبين الجهات المسؤولة.[34]

أما بالنسبة إلى القانون الإماراتي، فإننا نلاحظ تطورا هاما بهذا الصدد على مستوى القوانين بين ما كان معمولا به في قانون 2002 وما هو منصوص عليه في المرسوم الجديد لسنة 2018، فبعدما كان دور المؤسسات المالية بشأن مكافحة غسيل الأموال محصورا في بعض المؤسسات فقط، وبعدما كان أداء وحدة المعلومات المالية ضعيفا كما جاء في التقرير الصادر عن مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط،[35] أصبح دور المؤسسات المالية منفتحا على عدة مؤسسات، كما ألزمت هذه الأخيرة بمجموع الإجراءات التي يجب التقيد بها في العمل من تبليغ وإخطار ومراقبة أصل الأموال والأشخاص المتعامل معهم.

وفيما يتعلق بمؤسسة وحدة معالجة المعلومات المالية فقد ميزها المرسوم الجديد باختصاصات واسعة تتمثل في مراقبة المؤسسات المالية وتلقي التبليغات الصادرة عنها في شأن العمليات المشبوهة، كما نص المرسوم ذاته على ضرورة تبادل المعلومات بين هذه المؤسسة ونظيراتها في الدول الأخرى في إطار التعاون الثنائي في مكافحة غسيل الأموال.[36]

من خلال ما سبق، ومن حيث الشكل القانوني، يتبين أن الدول المذكورة قد نهجت أسلوبا واضحا في مكافحة غسيل الأموال من خلال إشراك عدة مؤسسات مالية في شأن مكافحة عمليات غسيل الأموال طبقا لما أوصت به الاتفاقيات الدولية، الأمر الذي يدفعنا بالحديث عن مستوى آخر من المكافحة بالنسبة للقواعد الزجرية، قبل أن نتحدث عن الجانب العملي للدول في شأن المكافحة.

2-في القواعد الزجرية

إدراكا بفداحة الأضرار والمخاطر الناتجة عن عمليات غسيل الأموال، حثت الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة هذه العمليات كافة الدول على وضع ضوابط وقواعد ردعية لمنع استفحال هذه الظاهرة. حيث دعت مختلف الاتفاقيات الدولية بهذا الشأن خصوصا اتفاقية فيينا[37] وباليرمو واتفاقية مكافحة الفساد[38] وتوصيات مجموعة العمل المالي[39] الدول الأطراف إلى سن نظام تشريعي زجري هدفه معاقبة وزجر الأشخاص المتورطين في عمليات غسيل الأموال والحيلولة دون تفشي هذه الظاهرة.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاقيات الدولية المذكورة قد تركت المجال مفتوحا أمام الدول الأعضاء في إعطاء وصف لجريمة غسيل الأموال مراعاة للقوانين الداخلية لكل بلد، باستثناء اتفاقية باليرمو والتي وصفت جريمة غسيل الأموال بالجناية.[40]

وبناء على ما سبق اختلفت الدول العربية في معيار تحديد وصف الجريمة. فمن التشريعات من اعتبرت جريمة غسيل الأموال مجرد جنحة، فيما وصفتها تشريعات أخرى بالجناية طبقا لما دعت إليه اتفاقية باليرمو كما رأينا سابقا.

وبهذا الخصوص، أقر قانون مكافحة غسيل الأموال المغربي بجريمة غسيل الأموال بوصفها كجنحة. ويتأتى لنا معرفة ذلك من خلال نص القانون رقم 3-574 لمكافحة غسيل الأموال المغربي الذي نص على أنه “دون الإخلال بالعقوبة الأشد يعاقب على غسيل الأموال:

  • بالنسبة إلى الأشخاص الطبيعية بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 20.000 إلى 100.000 درهم.
  • فيما يخص الأشخاص المعنوية بغرامة من 500.000 إلى 3.000.000 درهم دون الإخلال بالعقوبات التي يمكن إصدارها على مسيريها أو المستخدمين العاملين بها المتورطين في الجرائم.

وبناء عليه، فبالرجوع إلى القانون الجنائي المغربي عموما، نجد أن معيار تحديد الجريمة هل هي جنحة أم جناية، يتعلق بالعقوبة المقررة لتلك الجريمة، فإذا كانت عقوبة الحد الأقصى للجريمة هي خمس سنوات كانت الجريمة جنحة،[41] والواضح أن العقوبة التي نص عليها المشرع المغربي والمتعلقة بجريمة غسيل الأموال لا تتجاوز الخمس سنوات حبسا مما يؤكد أن وصف جريمة غسيل الأموال في القانون المغربي لا تعدو إلا أن تكون جنحة، وذلك بخلاف ما اتجهت إليه التشريعات الأخرى وما نصت عليه اتفاقية باليرمو.

والملاحظ مبدئيا من خلال العقوبة المقرر لجريمة غسيل الأموال للقانون المغربي، أن المشرع لم يكن متشددا إلى حد ما في وضع نظام صارم يرمي إلى مكافحة غسيل الأموال بآليات زجرية قوية تحقق الردع العام لهذه الجريمة، خصوصا وأن العقوبة المذكورة لها حد أقصى وحد أدنى يصل إلى السنتين حبسا، كما أن الغرامة التي ربطها المشرع بالعقوبة الحبسية ابتدأت بمبلغ 20.000 درهم، وهو مبلغ ضعيف جدا عندما نقارنه بالكميات الضخمة من الأموال التي يتم غسيلها، مما قد يجعل الأمر هينا أمام الأشخاص المقبلين على ارتكاب هذا النوع من الجرائم وعدم اعتبارهم لهذه العقوبة.

وأضاف التشريع المغربي إلى العقوبة المقررة الحكم بالمصادرة الكلية للأشياء والأدوات والممتلكات التي استعملت أو التي كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة والعائدات المتحصلة منها أو القيمة المعادلة لتلك الأشياء والأدوات والممتلكات والعائدات مع حفظ حق الغير حسن النية. وهو ما نصت عليه مجموعة من الاتفاقيات المذكورة.

كما رفع المشرع المغربي في إطار الجريمة المذكورة العقوبة إلى الضعف عندما ترتكب باستعمال التسهيلات التي توفرها مزاولة نشاط مهني أو عندما ترتكب الجريمة بصفة اعتيادية أو عندما ترتكب الجرائم في إطار عصابة إجرامية منظمة.

وفيما يتعلق بالأشخاص المعنوية والتي تدخل في إطارها المؤسسات البنكية والمالية عموما، فكما هو مشار إليه فقد نص القانون على عقوبات مالية تصل إلى 3.000.000 درهم بالإضافة إلى مصادرة كل الأموال أو الأشياء أو الممتلكات بشكل إلزامي. كما فتح القانون المجال للمحكمة الاختيار عند الاقتضاء بالحكم بعقوبات إضافية تتمثل في حل الشخص المعنوي، نشر الأحكام بالإدانة، المنع المؤقت من مباشرة الأعمال أو المهن التي لها علاقة بالجريمة.

أما بالنسبة إلى القانون الإماراتي لمكافحة غسيل الأموال فلم يحد عن وصف جريمة غسيل الأموال باعتبارها جنحة كما حددتها المادة 22 إذ نصت على أنه “يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن 10 سنوات وغرامة لا تقل عن 100.000 درهم ولا تزيد عن 5.000.000 درهم أو بإحدى هته العقوبتين كل من ارتكب أحد الأفعال الممثلة لجريمة غسيل الأموال”.

والملاحظ أن المشرع الإماراتي استعمل لفظ الحبس بدل السجن وهو ما يفيد حسب القواعد العامة للقانون الجنائي الإماراتي أن الأمر يتعلق بجنحة، على اعتبار أنه عندما يستعمل لفظ السجن نكون أمام جناية.[42]

والجدير بالذكر أن المشرع الإماراتي خرج عن القواعد العامة في تحديد العقوبة الحبسية للجنحة، فبالرجوع إلى المادة 29 و69 من القانون الجنائي الاماراتي نجد أن عقوبة الجنحة لا يجوز أن تزيد عن ثلاث سنوات، والحال أننا أمام جنحة غسيل الأموال عقوبتها 10 سنوات. وهو أمر يبين اهتمام المشرع الإماراتي بمكافحة جريمة غسيل الأموال على نحو خاص، كما أن الغرامة المقررة جاءت مرتفعة، حيث وصلت كما هو مذكور إلى 5.000.000 درهم بالنسبة إلى الشخص الطبيعي.[43]

أما بالنسبة إلى الشخص المعنوي فيعاقبه القانون الإماراتي في شأن ارتكاب جريمة غسيل الأموال بغرامة لا تقل عن 500.000 ولا تزيد عن 50.000.000 درهم.

وبمقارنة التشريعين المغربي والإماراتي نجد أنه من خلال العقوبات الحبسية فقد وسع القانون الإماراتي من نطاق العقوبة والتي تصل إلى حبس 10 سنوات، فيما اكتفى المشرع المغربي بالحبس حده الأقصى خمس سنوات.

إلا أنه وفي إطار العقوبات المقررة في التشريع المغربي فإن هذا الأخير لم يترك للمحكمة الاختيار في العقوبة بين الحبس والغرامة، بل ضم العقوبتين باستعماله واو العطف “الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة…” أما على مستوى العقوبة في القانون الإماراتي فقد أعطى القانون للمحكمة الحق في الاختيار بين العقوبة الحبسية والغرامة “10 سنوات وغرامة لا تقل عن 100.000 درهم ولا تزيد عن 5.000.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين“، وهو أمر قد يقلل من قوة الردع العام التي يجب أن تتميز بها العقوبة، إذ وبناء على هذا التوجه قد يجد المجرمون ما يلتجئون إليه من حيل مشروعة وغير مشروعة بغية الحكم فقط بالغرامة أو الحبس فقط.

كما أن المشرع الإماراتي لم يحدد في ضوء قانون مكافحة غسيل الأموال للجنحة حدا أدنى تبتدئ به العقوبة كما فعل المشرع المغربي، بل نص على أن عقوبة جريمة غسيل الأموال لا يجب أن تزيد مدة الحبس فيها عن 10 سنوات.

وبالرجوع إلى القواعد العامة في القانون الجنائي الإماراتي نجد أن الجنحة وطبقا للمادة 69 تبتدئ عقوبتها من شهر، بمعنى أن عقوبة جريمة غسيل الأموال تبتدئ من شهر وتصل إلى 10 سنوات. وبناء على هذا التصور فإن نطاق تفريد العقاب بالنسبة للمحكمة قد أخد شكلا مبالغا فيه، فقد يحكم القاضي في قضية غسيل الأموال بشهر أو قد يحكم بعشر سنوات.

وبناء عليه، يتضح أن المشرع الإماراتي كان متساهلا إلى حد كبير في توقيع العقوبة على مرتكبي جرائم غسيل الأموال. وبالتالي فإننا نرى أن المشرع الإماراتي قد فسح المجال أمام المجرمين في اتخاذ ما يلزم للضغوط والتلاعب بالأحكام والقرارات الصادرة في هذا الشأن تحقيقا لمصالحهم، خصوصا وأن جل الدول العربية لم تتمكن بعد من تحقيق جهاز قضائي مستقل ونزيه.

ثالثا: الجانب العملي للتشريعات العربية في مكافحة غسيل الأموال

بالرغم من فداحة الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تخلفها ظاهرة غسيل الأموال، تبقى مسألة مكافحة هذه الظاهرة نسبية لاعتبارات كثيرة، فقد يرى البعض أن ظاهرة غسيل الأموال ليست سلبية بالشكل المطلق، إذ يمكن الاستفادة منها بشكل أو بآخر. ويظهر ذلك جليا من خلال ضعف الجهود المبذولة من قبل بعض الدول التي تستفيد من هذه الظاهرة لارتباطها بالمجال السياسي أو الجغرافي أو الاقتصادي ولو بشكل مخالف للقانون.

ورغم وجود نظم قانونية منظمة لمكافحة ظاهرة غسيل الأموال في مختلف التشريعات العربية، ودخول كل الدول الأطراف تحت غطاء الاتفاقيات الدولية والتوقيع عليها والسير وفق توصياتها، تطرح ظاهرة غسيل الأموال على مستوى الواقع إشكالات كبيرة من حيث درجة الالتزام بالمكافحة. فقد صدرت عدة تقارير دولية تفيد ضعف جهود الدول العربية في مكافحة غسيل الأموال، ففي ديسمبر 2017 تبنى مجلس الاتحاد الأوروبي قائمة سوداء للملاذات الضريبية في العالم، حيث وصف أن الدول المعنية لا تتوخى الشفافية في المعاملات المالية، وتتبنى تشريعات فضفاضة وغير متعاونة، ولا تقوم بجهود كافية لمكافحة التهرب الضريبي والذي ينتج عنه مباشرة غسيل الأموال.[44]

ولقد كان من بين تلك الدول دولة الإمارات، حيث احتلت مكانة واضحة ضمن الدول الغير متعاونة في مجال غسيل الأموال والتهرب الضريبي. وبعد مدة من ذلك تم شطبها من القائمة لسبب تقديمها لالتزامات على مستويات عالية لإزالة مخاوف الاتحاد الأوروبي، إلا أن ذلك لم يستمر طويلا إذ عادت إلى القائمة السوداء نفسها طبقا لنفس التقارير الصادرة عن مجلس الاتحاد الأوروبي.

ولم يكن هذا التقرير الصادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة وحده، بل أعقبه تقرير صادر عن مركز الأبحاث المتخصص للدراسات الدفاعية المتقدمة الأمريكية C4ADS[45] والذي اعتبر أن استخدام سوق العقارات في دبي خلال السنوات الماضية كان ملاذا لغسيل أموال كثير من منتفعي الحرب، وممولي الإرهاب، ومهربي المخدرات حول العالم.

وقدم التقرير المذكور مجموعة من الأسماء لها علاقة مباشرة بغسيل الأموال، ومنها من هو محكوم عليه إثر هذه الجريمة وهم يمتلكون في الوقت ذاته عقارات ضخمة في دولة الإمارات. مما يتبين أن عمليات غسيل الأموال في دولة الإمارات تحكمها علاقات ومصالح سياسية واقتصادية بينها وبين دول أخرى كــ لبنان وسوريا وإيران وجماعة حزب الله.

ومن بين الشخصيات المذكورة في التقرير شقيقان لبنانيان مقربان من جماعة حزب الله خاضعان للعقوبات الأمريكية مند عام 2014 بعد حصولهما على معدات إلكترونية لازمة لتصنيع الطائرات العسكرية، حيث تم تنفيذ هذه المعاملات المالية تحت غطاء الشركة القابضة الحرة Star Group Holding الإماراتية المتخصصة في بيع الأجهزة الإلكترونية. كما تم رصد امتلاك هذين الأخوين عقارات فخمة في دبي تقدر قيمتها ب 70 مليون دولار.

كما ثبت للتقرير أن شقيقين آخرين أبناء عم بشار الأسد على رأس واحدة من أعظم الثروات في سوريا، محكوم عليهما بعقوبات أمريكية منذ سنة 2008 بسبب الفساد، يمتلكان خمسة عقارات في جزيرة النخلة جميرا.

كما أن أحد الأشخاص الذي له علاقة وثيقة بدمشق يشتبه في كونه مهربا للوقود في العمليات العسكرية للحكومة السورية، يملك ثلاثة عقارات في الإمارات العربية المتحدة. ويملك مواطنان إيرانيان متهمان بالحصول على معدات لبرامج طهران الباليستي، يمتلكان ستة عقارات تبلغ قيمتها حوالي 5 ملايين دولار في دبي.

وفي تقرير آخر صادر عن مجلة لونوفيل أوبسرفاتور صرح رئيس مؤسسة شيرا الفرنسية لمكافحة الجرائم الاقتصادية ويليام بوردون أن مدينة دبي أصبحت “الغسالة العامة للأموال القذرة” وذلك في إطار تغطيتها لما أصبح يعرف بأوراق دبي، والذي كشف عن تحول الإمارات إلى مركز عالمي للتهرب الضريبي وغسيل الأموال. وأكد ويليام أن دور دبي كمركز لغسيل الأموال ظل لفترة طويلة سرا مكشوفا، إلا أنه اتسع في السنوات الأخيرة نظرا لتشديد القوانين الضريبية خصوصا في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لتصبح قبلة للأشخاص الفارين من دفع الضرائب في بلادهم، مستقطبة بذلك ثروات من الصين وروسيا وأفريقيا وأوروبا.

وحسب التقرير ذاته فإن مدينة دبي والتي غدت رمزا للعولمة استطاعت بمهارة فائقة أن تستخدم لجذب مثل هذه الأموال صورتها كمدينة جذابة ورمز للحداثة المفرطة يتقاطر إليها السياح من جميع أنحاء العالم ويقصده رجال الأعمال أفواجا للتفرج على معارضه الدولية الكبرى. كما أن المدينة استخدمت نجاح نموذجها الليبرالي درعا لواقع آخر مبهم، وهو تحولها إلى آلة لغسيل الأموال القذرة.

بالإضافة إلى ما سبق صدر تقرير عن صحيفة “الجارديان” البريطانية في 24 يونيو 2018 يفيد أن إمارة دبي وحدها تخطت جزيرة كوستا دايل كرايم الإسبانية التي تعد أسوأ مكان في العالم لغسيل الأموال، مشيرة إلى أن هناك بريطانيين استخدموا الوضع الهش في دبي لغسيل 16.5 مليار جنيه إسترليني، كضرائب للمملكة المتحدة ما بين عامي 2005 و2016.

والواقع أن دولة الإمارات وحسب تقرير الاتحاد الأوروبي تستهدف من خلال عمليات غسيل الأموال تحقيق مجموعة من الجوانب الاقتصادية والسياسية، فعلى المستوى الاقتصادي تقدم الإمارات تسهيلات خارجية تهدف إلى جذب الأرباح دون مضمون اقتصادي حقيقي، وذلك باستقطاب الرأسمال الأجنبي دون إخضاعه لعملية المراقبة المتعلقة بمصدر الأموال المراد استثمارها في المنطقة، حيث تمثل المبالغ المغسولة إنعاش هذا القطاع بشكل واضح، وهو ما يكشف عن فوائد مباشرة للاقتصاد الإماراتي، خصوصا الجانب العقاري الذي يعد محط اهتمام كبير من طرف حكومة الإمارات على اعتباره محركا رئيسيا للنشاط الاقتصادي.

أما على المستوى السياسي فيظهر ذلك من خلال فسح المجال للشركاء والحلفاء السياسيين بضمان واستثمار العوائد المالية الغير مشروعة بشكل مطمئن تهربا من أي ملاحقات دولية أو محلية، كما جاء في التقرير الصادر عن مركز الأبحاث الأمريكية.

وبمقابل ذلك لم تكن المملكة المغربية بمنأى عن هذا التصور، فقد صدر تقرير عن لجنة بازل السويسرية المتخصصة في مجال مكافحة غسيل الأموال تمويل الإرهاب، أكد فيه أن المغرب احتل في سنة 2017 مرتبة متأخرة عالميا في مجال مكافحة غسيل الأموال ضمن 146 دولة حول العالم. وكشف التقرير أن المغرب حصل على تنقيط 6.38 من أصل 10 نقاط.

كما حدد أحد التقارير الاستراتيجية الصادرة عن مكتب المخدرات والقانون الدولي للولايات المتحدة[46] أن عيوب مكافحة غسيل الأموال للمملكة المغربية تظهر من خلال عائدات المخدرات والمنتجات الفاخرة مثل المجوهرات أو المركبات التي يتم غسيلها بطريقة سلسلة ومعتادة. كما أن مجموعة من المؤسسات تعمل بشكل واضح في مجال غسيل هذه الأموال مثل المؤسسات البنكية، كتاب العدل، مؤسسات الكازينوهات والمحاسبين.

والواضح أن الإشكال التي تنفرد به المملكة المغربية في مجال مكافحة غسيل الأموال يظهر من خلال عدم وضوحها في شأن شرعية بعض الجرائم التي تذر عائدات إجرامية مهمة، حيث تحتل زراعة القنب الهندي الصدارة في مجال مصادر الأموال الغير مشروعة، والتي يلجأ أصحابها إلى عمليات غسيل الأموال العائدة من أجل تغطية مصدرها الغير مشروع. فعلى المستوى القانوني تبقى عملية زراعة القنب الهندي والمتاجرة فيه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في بمقتضى ظهير قانون رقم 1.73.282 لسنة 1974، ولكن الأمر يختلف على المستوى العملي، إذ أن تراخي السلطات أمام مكافحة هذه الجريمة يعم الوضع العام في المملكة، ويبقى القانون في هذا الإطار حبر على ورق.

وبهذا الخصوص صنف تقرير أممي صادر عن مكتب مكافحة المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة[47] أن المغرب على رأس البلدان المنتجة للقنب الهندي على الصعيد العالمي، مشيرا إلى كونه أيضا من بين أكثر البلدان المصدرة لتلك النبتة تحديدا نحو أوروبا، حيث إن معظم كميات حبوب القنب الموجودة في أوروبا مصدرها المغرب. واستنادا إلى التقرير ذاته فإن محجوزات القنب الهندي عرفت ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، وتحديدا خلال الفترة ما بين 2010 و2015. وبناء عليه يبقى المغرب من بين أهم الدول المبلغ عنها من طرف الدول الأعضاء كمصدر للقنب الهندي متبوعا بأفغانستان وبدرجة أقل بلبنان والهند وباكستان.

ونرى أن زراعة القنب الهندي والمتاجرة فيه بطريقة غير مشروعة تضع المغرب أمام حتمية غسيل الأموال، فمن غير المعقول أن تتم المتاجرة في هذه النبتة بشكل كبير دون أية مقاربة أمنية تضع حدا لها رغم وجود نصوص قانونية تجرم هذا النوع من المتاجرة.

وفي هذا الصدد، ونظرا للوضع الغير مستقر لعمليات زراعة القنب الهندي تقدمت أحزاب سياسية بمشروع قانون[48] يرمي إلى تقنين زراعة القنب الهندي ووضعه في إطار قانوني يخول للمستفيدين منه التعامل معه بشكل قانوني وامن، إلا أن هذا المشروع لم يلقَ موافقة من طرف ممثلي الأمة في قبة البرلمان. ويرجع ذلك إلى وجود لوبيات قوية تستفيد من هذا الفراغ التشريعي بهذا الشأن.

والواضح أن عدم دخول المغرب في مخطط تقنين المخدرات سوف يبقيه لا محالة في رتب متقدمة من الدول الغير متعاونة في مجال مكافحة غسيل الأموال، على اعتبار أن علاقة غسيل الأموال بالمخدرات عموما هي علاقة قوية وحتمية، وأن من المدعمات الأساسية لوجود عمليات غسيل الأموال، وجود مصادر غير مشروعة من بين أهمها في الوسط المغربي تجارة المخدرات.

خاتمة

رغم الاهتمام الدولي بمكافحة غسيل الأموال واعتباره من صميم الأنشطة الإجرامية التي تهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي للدول والأمن الدولي بصفة عامة، فإن مفهوم تجريم غسيل الأموال وضوابطه يختلف من دولة إلى أخرى. ويرجع السبب في ذلك بداية إلى صعوبة الاتفاق على تعريفات محددة للمفاهيم المكونة لجريمة غسيل الأموال. ومن ثم فإن القانون المنظم وفلسفته يقومان على فكرة المصلحة التي يحميها القانون، وهذه المصلحة تختلف في مدى ما تستحقه من حماية من كيان سياسي إلى آخر، ولذلك فإن طبيعة هذه المصلحة تختلف من دولة إلى أخرى ومن نظام سياسي إلى آخر، فتتفاوت معه درجة الالتزام وتفعيل الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة غسيل الأموال.

وعموما ترمي السياسة الجنائية التي تعتمدها الدول المذكورة في مكافحة غسيل الأموال إلى تحقيق مصلحتين، مصلحة أولى تتعلق بالجانب الشكلي للدولة، وهو وضعها الخارجي في شأن مكافحة غسيل الأموال، حيث تعمل على تلميع صورتها لدى المجتمع الدولي من خلال تشريع ترسانة قانونية متكاملة متوافقة مع ما نصت عليها الاتفاقيات الدولية في شأن مكافحة غسيل الأموال تفاديا لأية ضغوط دولية.

ومصلحة ثانية تتعلق بالجوانب الاقتصادية والسياسية التي تستفيد منها الدول، حيث تبقى الاستفادة من عمليات غسيل الأموال مسألة لا شك فيها، ويظهر ذلك من خلال هشاشة تطبيق القانون المنظم لمكافحة غسيل الأموال، فقد تبررها الدول تارة بعدم قدرتها على ضبط هذه العمليات لضعف أجهزتها، وتارة أخرى في تشعب الجريمة والصفة الدولية والمنظمة لها. وهو ما يشير على أنه ليس دائما ما يكون لعمليات غسيل الأموال أضرار اقتصادية واجتماعية وسياسية، بل قد تكون لبعض الدول مصالح في إبقاء عمليات غسيل الأموال تروج في محيطها.

من جهتنا نرى أن التساهل في مكافحة جريمة غسيل الأموال والاستفادة من نتائجه اقتصاديا أو سياسيا قد يولد خطرا أمنيا كبيرا، وذلك لعلاقة غسيل الأموال بأخطر الجرائم الدولية، فعلى سبيل المثال فإن لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب علاقة قوية، حيث في الغالب ما يتأسس تمويل المنظمات الإرهابية على أموال غير مشروعة مصدرها جريمة من الجرائم، بمعنى أن التقصير في مكافحة غسيل الأموال هو تقصير في مكافحة تمويل الإرهاب.

إن مكافحة غسيل الأموال أمر يتطلب رؤية دولية موحدة من جميع الدول ومؤمنة بالخطر الذي تشكله هذه الظاهرة، لكن التفاوتات الاقتصادية واختلاف الأنظمة السياسية، تجعل لهذا الأمر توجهات متعددة يستهدف منها تحقيق المصالح الخاصة لكل دولة على حدة[49].


الهامش

[1] _ أبرمت هذه الاتفاقية في مؤتمر “نوي هوفبورغ” الكائن بمدينة فيينا بدولة النمسا في دجنبر 1988 واعتمدت في 19 دجنبر 1988، وفتح باب التوقيع عليها في 20 دجنبر 1988، ثم دخلت حيز التنفيذ في 11 نونبر 1990. وفقا للقرار الأمميRes. 1267/1989/2253. وقد صادقت المملكة المغربية على هذه الاتفاقية بظهير رقم 1.92.283 صادر في 15 ذي القعدة 1422 الموافق لـ 29 يناير 2002 بالجريدة الرسمية عدد 4999 بتاريخ 15 صفر 1423 ه الموافق لـ 29 أبريل 2002م.

[2] _ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، أبرمت في المؤتمر المنعقد بمدينة باليرمو بايطاليا في 15 دجنبر 2000 ودخلت حيز التنفيذ في 29 شتنبر 2003،وفقا للقرار الأممي RES/55/25.وتجدر الإشارة إلى أنه تمت مصادقة المملكة المغربية على هذه الاتفاقية في 20 شتنبر 2002ونشرت بالجريدة الرسمية عدد5186 بتاريخ 21 ذي الحجة 1424 ه الموافق لـ 12 فبراير 2004م بمقتضى ظهير شريف عدد 1.02.132 صادر في شوال 1424ه موافق لـ 4 دجنبر 2003م

[3] _ انظر المادة الأولى من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بباليرمو.

[4] _ انعقدت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بمدينة ميردا بالمكسيك في 11 دجنبر 2003، وفقا للقرار ألأممي عدد RES/58/4 وقد وقعت المملكة المغربية على هذه الاتفاقية بتاريخ 31 أكتوبر 2003، ونشرت بالجريدة الرسمية عدد 5596 بتاريخ 2 محرم 1429ه الموافق لـ 17 يناير 2008م بمقتضى ظهير شريف عدد1.07.58 صادر في 19 ذي القعدة 1428ه الموافق لـ 30 نونبر 2007.

[5] _ هي منظمة حكومية دولية، أنشأت بباريس في 16 يوليو 1989م تتمثل مهام مجموعة العمل المالي في وضع المعايير وتعزيز التنفيذ الفعال للتدابير القانونية والتنظيمية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، والتهديدات الأخرى ذات الصلة بنزاهة النظام المالي الدولي، وقد وصل عدد الدول المنظمة إليها حاليا 18 دولة تمثل 36 عضو، بالإضافة إلى 8 هيئات إقليمية فرعية على نمط مجموعة العمل المالي، حيث تضم كل هيئة مجموعة من الدول.

للمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى موقع المجموعة www.fatf-gafi.org

[6] _ José Silvente Ortega, Críticas a la prevención y represión del blanqueo de capitales en España desde la Jurisprudencia y el Derecho comparado con los países de la Unión Europea, Tesis Doctoral, universidad católica san Antonio, facultad de derecho, 2013, p 31

[7] _ الفصول 574 وما يليها من القانون الجنائي المغربي.

[8] _ أنظر تقرير التقييم المشترك لمجموعة العمل المالي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بخصوص حالة المغرب سنة 2007.

[9] _ قانون غسيل الأموال رقم 4 صادر بتاريخ 22/1 / 2002 م. الموافق فيه 8 ذي القعدة 1422 هـ. في شأن تجريم غسيل الأموال

[10] _ أنظر تقرير التقييم المشترك لمجموعة العمل المالي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بخصوص حالة الإمارات سنة 2008.

[11] _ مرسوم القانون الاتحادي الإماراتي رقم 20 لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسيل الأموال وغسل الأموال وتمويل التنظيمات الغير مشروعة.

[12] _ الفقرة الثانية من المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

[13] _ انظر الفقرة ب من المادة الثالثة من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية بفيينا

[14] _ ظهير شريف رقم 1.07.79 صادر في 28 من ربيع الأول 1428، 17 أبريل 2007 بتنفيذ القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسيل الأموال، الجريدة الرسمية عدد 5522 بتاريخ 14 ربيع الآخر 1428، 3 ماي 2007 ص 1359

[16] _ أنظر المعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح لمجموعة العمل المالي فاتف فبراير 2012

[17] _ محمد علي العريان، عمليات غسيل الأموال واليات مكافحتها، الدار الجامعية الجديدة للنشر، الإسكندرية، طبعة سنة 2005 ص 304

[18] _ التشريع الفرنسي على سبيل المثال.

[19] _ التشريع المصري على سبيل المثال.

[20] _ تنص التوصية الأولى من التوصيات الأربعين لمجموعة العمل المالي لسنة 2004 أنه ينبغي على الدول تطبيق جريمة غسيل الأموال على جميع الجرائم الخطرة، مع مراعاة إدراج أوسع نطاق ممكن للجرائم الأصلية إما بوصفها أو بالإشارة إليها، أو بالنسبة إلى حد معين يرتبط بفئة من الجرائم الخطرة،أو بالعقوبة السالبة للحرية المطبقة على الجريمة الجنائية الأصلية، أو بقائمة من الجرائم الأصلية أو بمزيج من الطرق السابقة.

[21] _ أي وقت النص على الاتفاقية

[22] _ حسن أدريبلة، مكافحة غسيل الأموال بين التشريع والتطبيق، مطبعة الأمنية بالرباط، 2015 ص 45

[23] _ عدنان العوني، جريمة غسيل الأموال : المفهوم والخصوصية، منشورات مجلة العلوم القانونية، العدد الأول، مطبعة الأمنية 2015، ص 153

[24] _ تقرير التقييم المشترك حول مكافحة غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب لمجموعة العمل المالي، منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 02/11/2007 الموقع الالكتروني للمجموعة http://www.menafatf.org

[25] _ الظهير الشريف رقم 1.11.02 صادر في 15 من صفر 143220يناير 2011 بتنفيذ القانون رقم 13.10 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي المصادق عليه بالظهير الشريف رقم 1.59.413 بتاريخ 28 من جمادى الآخرة 1382 26 نوفمبر 1962 والقانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.02.255بتاريخ 25 من رجب 1423 3 أكتوبر 2002، والقانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسيل الأموال الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.07.79 بتاريخ 28 من ربيع الأول، 1428 17 أبريل 2007، الجريدة الرسمية، عدد 5911 بتاريخ 19 صفر 1432 24 يناير 2011 ص 196.

[26] _ الجرائم الأصلية المضافة هي: خيانة الأمانة، الانتماء إلى عصابة منظمة أنشئت أو وجدت للقيام بإعداد أو ارتكاب فعل إرهابي أو أفعال إرهابية، الاستغلال الجنسي، النصب، الجرائم التي تمس بالملكية الصناعية، الجرائم التي تمس بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، إخفاء أشياء متحصلة من جناية أو جنحة، الجرائم المرتكبة ضد البيئة، القتل العمدي أو العنف أو الإيذاء العمدي، القتل العمدي أو العنف أو الإيذاء العمدي، السرقة وانتزاع الأموال، تهريب البضائع، الغش في البضائع وفي المواد الغذائية، التزييف والتزوير وانتحال الوظائف أو الألقاب أو الأسماء أو استعمالها بدون حق، تحويل الطائرات أو السفن أو أية وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلافها أو إتلاف منشآت الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتلاف وسائل الاتصال، الحصول أثناء مزاولة مهنة أو القيام بمهمة على معلومات متميزة واستخدامها لإنجاز عملية أو أكثر في السوق، المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات. تقرير وحدة معالجة المعلومات المالية المغربية، سنة 2010، طبعة 2011، رقم الإيداع القانوني، 2990-2011/MO ص 10 الموقع الرسمي للوحدة، http://www.utrf.gov.ma.

[27] _ حيث كان يعتمد في القوانين السابقة على جرائم أصلية محدودة بالمقارنة بالجرائم الأصلية الحالية.

[28] _ تقرير التقييم المشترك الذي خضع له المغرب حول مكافحة غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب لمجموعة العمل المالي، منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 02/11/2007 الموقع الالكتروني للمجموعة http://www.menafatf.org، وهو ما أشار إليه تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان حول مشروع قانون رقم 145.12 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي والقانون المتعلق بمكافحة غسيل الأموال رقم 43.05، دورة أبريل 2013، السنة التشريعية الثانية 2013.2012، الولاية التشريعية التاسعة، 2016.2011، الأمانة العامة للحكومة، المطبعة الرسمية، الرباط 2013

[29] _ القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2002 بشأن مكافحة غسيل الأموال الإماراتي.

[30] انظر المادة 1-324 من القانون الجنائي الفرنسي.

[31] انظر المادة الثانية من القانون الإسباني رقم 10/2010 بتاريخ 28 أبريل، بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. والمادة 1-301 من القانون الجنائي الإسباني.

[32] _ مصطفى طاهر، المواجهة التشريعية لظاهرة غسيل الأموال المتحصلة من جرائم المخدرات، مطابع الشرطة، القاهرة، طبعة 2007، ص 722

[33] _ مرسوم 2-08-572 الصادر في 25 من ذي الحجة 24 ديسمبر 2008 يتعلق بإحداث وحدة معالجة المعلومات المالية.

[34] _ للاطلاع على التقارير المرجو زيارة الرابط التالي للوحدة http://www.utrf.gov.ma

[35] _ التقرير الصادر عن مجموعة العمل المالي لدولة الإمارات، م س

[36] _ أنظر المادة 9 من المرسوم المذكور.

[37] _ انظر الفقرة ج من المادة الثالثة من اتفاقية فيينا.

[38] _ أنظر المادة 14 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

[39] _ أنظر توصيات مجموعة العمل المالي، المعايير الدولية حول مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح لسنة 2012، ص 11

[40] _ أنظر المادة السادسة من اتفاقية باليرمو.

[41] _ أنظر الفصل 17 و 111 من القانون الجنائي المغربي

[42] _ انظر المادة 29 من القانون الجنائي الإماراتي وما يليها.

[43] _ انظر المادة 23 من قانون مكافحة غسيل الأموال الاماراتي.

[44] _ Council of the European Union, Brussels, 5 December 2017 OR. en, 15429/17, FISC 345 ECOFIN 1088.

[45] _ C4ADS www.c4ads.org 2018

[46] _ United States Department of State Bureau for International Narcotics and Law Enforcement Affairs International Narcotics Control Strategy Report Volume II Money Laundering and Financial Crimes March 2017. INCSR 2017 Volume II Money Laundering and Financial Crimes p 131/132

[47] _ للاطلاع على التقرير أنظر موقع الأمم المتحدة، قسم مكافحة المخدرات www.unodc.org

[48] – مقترح قانون بشأن تقنين زراعة الكيف بالمغرب، تقدم به حزب الأصالة والمعاصرة، بتاريخ 11/12/2015، رقم التسجيل 17

[49] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

إقرأ ايضاً

الوسوم

أيوب الترفوس

باحث دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة/ المغرب. عضو هيئة المحامين بمدينة طنجة

د. أنس كوييز بنعلال

دكتور في القانون الدولي و العلوم السياسية من الجامعة المستقلة بمدريد، أستاذ محاضر بماستر التعاون الدولي والتنمية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، باحث وعضو في مجلة السلام و الامن الدوليين التابعة لجامعة عبد المالك السعدي و جامعة كاديس باسبانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى