تقديرات

تطورات_الوضع_اليمني_ومواقف_الإخوان_المسلمين

على الرغم من نجاح “ثورة الشباب اليمنية” في فبراير 2011 في تحقيق هدفها بإزاحة الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن الحكم في نوفمبر من العام نفسه تنفيذاً لبنود “المبادرة الخلجية”، فإن تلك الثورة لم تكن استثناءً عن ثورات الربيع العربي التي تواجه بتحديات جسيمة، تمثلت في اليمن بتصاعد مطالب الجنوبيين بالانفصال (الأمر الذي تم استيعابه جزئياً بإقرار نظام الأقاليم)، وتوسع نشاط القاعدة استغلالاً لحالة الفراغ الأمني وتراجع دور الجيش بعد الثورة، فيما كان الأخطر هو الطموح الواسع لجماعة الحوثي التي نجحت في الدخول المسلح إلى العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014.

ولم تتوقف المشكلات اليمنية عند هذا الحد، حيث عمد الحوثيون إلى محاولة تعطيل جهود تشكيل الحكومة بالتنسيق مع الرئيس اليمني السابق وأنصاره، ساعين في إطار ذلك إلى فرض واقع جديد على الأرض، باستمرار نهجهم المسلح للسيطرة على أكبر أجزاء ممكنة من الأرض اليمنية، الأمر الذي كانت له تداعيات أمنية خطيرة، داخل اليمن، وعلى الساحة الإقليمية عموماً.

ولقد التزم إخوان اليمن بسياسة ضبط النفس إزاء التطورات الجارية في البلاد، مقررين عدم خوض أية مواجهات مسلحة في صنعاء، ولكن استمرار النشاط المسلح لعناصر الحوثي، واستهدافهم قادة الإخوان وأنصارهم على نحو خاص، وإعلانهم مؤخراً التحفظ على وزراء في تشكيل الحكومة الجديدة التي يفترض بها

تحقيق التطلعات اليمنية، يثير تساؤلات واسعة عن السيناريوهات المحتملة لتعامل إخوان اليمن مع هذا الوضع(1 ).

أولاً: أخطاء ما بعد الثورة في اليمن:

١- في اليمن انكشف حزب الاصلاح كحامل للثورة كثيرا، بتحكم اعضائه في ساحة الثورة وشعور الحلفاء الشباب بالتحفظ تجاه سياساته منه، فاتجهوا للتعبير عن ذلك بأداء اعلامي تضرر منه حزب الاصلاح والثورة، ولم يفهم التيار الاسلامي أن مهمة الحفاظ على الهوية انتهت مع انتهاء الصراع مع القوميين واليسار وأن الصراع الحالي مع الطائفية يحتاج لعمل وطني وشعبي، ولذا فثورة الشباب كان يفترض أن تدفع بالاحزاب وبالذات الاسلاميين لتقديم الشباب ودعمهم كوجهاء جدد مشاركين في صناعة القرار السياسي داخل الاحزاب والدولة.

2- من بين الأخطاء الكبرى التي تعرضت لها الثورة: انسحاب الشباب من الساحات قبل تحقيق مطالب الثورة، كما لم يكن للشباب كيانات مستقرة سياسيا تشارك في استقرار البلد، وأن التحالف مع الاحزاب والرئيس كان بناء على الثقة وليس بناء على المصلحة، وكذلك الدخول في الحكم بالشراكة وترك مربع المعارضة فارغا فبدأت تملأه جماعات مسلحة، وأيضاً التنازلات المتتالية لصالح الخصوم على حساب الثورة وشبابها وحاملها السياسي، هذا بجانب القبول بمصالحة مع النظام السابق وجماعة الحوثيين المسلحة دون تفعيل أية أوراق سياسية أو اجتماعية أو ثورية لالزام الجميع بالمضي في مسار ثوري محدد.

3ـ أخطاء مرحلة الحوار الوطني: اتسمت هذه المرحلة بسيطرة مجموعة أشخاص في السلطة لهم اهداف سياسية ومناطقية على مجريات الحوار الوطني، والتدخل الخارجي في نتائج الحوار لصالح قوى سياسية ذات أدوات غير سلمية، والقبول بتضييق الخناق على الثورة والثوار من خلال التراجع عن تحقيق أهداف الثورة والقبول بانتقال سياسي لم يؤد للتغيير وإنما لتوزيع نفوذ النظام السابق على عدة جهات سياسية ومسلحة تحمل الحقد على الثورة، والتقليل من حالة الثورة المضادة المتعلقة بعمليات التخريب والفساد من قبل رجال صالح والتوسع المسلح من قبل الحوثي، واعطاء دور كبير للأمم المتحدة والتعويل على وعود الدول العشر الراعية للانتقال، واعطاء دور للرئيس بدون رقابة أو ضغط في تحديد خطواته لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وعدم الضغط مبكرا على كل الشركاء لتنفيذ قرارات مجلس الامن ومخرجات الحوار الوطني، وانعدام أو عدم تفعيل أدوات سياسية وإعلامية وعسكرية وأمنية، والانشغال بالانتقال وعدم تحقيق أي مصالح اقتصادية ومعيشية للمواطن اليمني وتردي خدمات الدولة(2 ).

ثانياً: الفواعل المؤثرة في مسار الثورة المضادة في اليمن:

بدأت بشكل أكثر سوء بعد نجاح انقلاب مصر …. وفي اليمن اتسمت بعمل مسلح وتمدد لجماعات العنف في ظل اختفاء مفاجيء للدولة وأجهزتها المدنية والعسكرية:

أ) النظام السابق: مارس النظام السابق تحت واجهة جماعات تخريبية ومسلحة عملية ارهاق الدولة واستهدفت عصاباته المنشآت الكهربائية والنفطية وموارد المال والفساد الكبير داخل الدولة ودخل في تحالف مع الحوثيين عسكريا لاسقاط الدولة واستهداف خصومه السياسيين وناشطي الثورة والسيطرة على مدن ومعسكرات وصولا لاسقاط العاصمة صنعاء في ٢١ سبتمبر.

ب) الجماعات المسلحة: استغلت الجماعات المسلحة حالة ضعف الدولة وعملية الانتقال وبدأت تتوسع وتكسب انصارا جدد وتفتح جبهات حروب وتهاجم مؤسسات مالية ومدنية وعسكرية :

  • تنظيم القاعدة: تلقى ضربات من الدولة بين ٢٠١١ و٢٠١٤ مما أضعفه وأفقده السيطرة على مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين والتي أسس فيها امارة اسلامية ، كما ان معسكراته الثابتة تفككت ولكنه كان يتجه للتمركز في محافظات رداع بالبيضاء التي لم تنفذ ضدها حملات عسكرية قوية الى قبل سقوط صنعاء ونشر مسلحيه على شكل عصابات نفذت عمليات ضد معسكرات في شبوة وحضرموت . وبعد سيطرة الحوثيين بدأت القاعدة تكسب حاضنة اجتماعية من خلال تبنيها مواجهة الحوثيين في رداع وفي حال استمرار الحوثيين في السيطرة على البلاد سيتسع نطاق تأثيرها وعملياتها وقد يؤدي توجه الحوثيين للمناطق الجنوبية لدخول اليمن في حرب أهلية من خلال توفر عنصري الطائفية والمناطقية.
  • الحوثيون: ساعد الحوثيون للسيطرة على العديد من المدن والمعسكرات عملية تكامل وتنسيق متبادلة بين صالح وقيادة الحركة، كما أن حصولها على السلاح وفتح المناطق وتجنيد الاطفال وكسب أنصار في مناطق شمال الشمال التي يرتفع فيها معدل البطالة والأمية ساعدها على التمدد والاتكاء التدريجي على عملية تنظيم وتوغل خاصة في أوساط القبائل المنتمية لحزب صالح وربما تكون الحركة قد استقطبت غالبية العسكريين فيما كان يعرف بالحرس الجمهوري التي اتاح صالح لهم التعاون مع الحوثيين.
  • الحراك الجنوبي المسلح: هو فصيل يطالب بانفصال الجنوب وكان مرتبطا بنائب الرئيس السابق علي سالم البيض ويمتلك معسكرات، تم تدريب بعض أعضائه في لبنان وايران وكان يخضع لتمويل واشراف حزب الله ، وهذا الفصيل قام بعمليات عسكرية أربكت الدولة في مرحلة الانتقال لكنه تماهى حاليا في التيارات الأخرى، فبعض أنصاره انضم للقاعدة وبعضهم دخل ضمن عملية احتواء الرئيس هادي والبعض يعمل مع الحوثيين بسرية تامة خاصة وان هذه الحركة فقدت دعم وثقة الجنوبيين

ج) الأحزاب السياسية: مختلف الاحزاب غضت الطرف عن تمدد وتوسع الحوثيين باعتباره يقوم بتنظيف قوى متنفذة اجتماعية تتمثل في أسرة الشيخ الاحمر وعسكرية تتمثل في على محسن الاحمر الذي كان قائدا للمنطقة الشمالية والغربية والفرقة أولى مدرع، كما أنهم يرون ان الحوثي سيضعف التيار الايدلوجي والشخصيات الدينية الكاريزمية في حزب الاصلاح وخاصة الشيخ عبد المجيد الزنداني، ويجعل هناك توازن يمنع الاصلاح من السيطرة منفردا على الحكم.

د) القبيلة: ساهمت القبيلة في الثورة المضادة منطلقة من مصالحها التي همشها الرئيس هادي، فهي تتعامل بمصلحية وبراجماتية شديدة وقد تتدخل لاسقاط الحوثي سواء اعتماداً على المقاومة شعبية أو حتى القاعدة. وتشعر القبيلة ان حالة ظلم من القيادات القبلية والسياسية والحزبية طالها، فهناك تقصير في الدولة تجاه مناطق شمال الشمال خاصة في التعليم والصحة ولذا شكلت بؤرة غير مستقرة، والمتنفذون من الشيوخ القبليين استخدموها مطية للوصول الى مراكز نفوذ دون ان يحققوا تنمية حقيقية. كما أن الاحزاب السياسية اخترقتها من بوابة التمدين، لكن لم يصلوا بها الى المؤسسية الرسمية، وإنما تركوها لعنف وسيطرة جماعات السلاح وهذا ما سيجعل القبيلة إما أن تنصهر مع تيارات مسلحة متطرفة للانتقام أو إعادة تشكيل بيئتها التقليدية المسلحة واستعادة نفوذها في الدولة.

هـ) رئيس الجمهورية: انشغل رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، بمحاولات تشكيل لوبي وذراع سياسية وعسكرية واجتماعية لضمان بقائه في الدولة خلال ما بعد الانتخابات ، ودفعه الشك باهداف حلفائه الحزبيين وخاصة المشترك الى محاولة التحالف مع أطراف أخرى غير سياسية. كما اتجه للجنوب وجند لجان شعبية واحتوى من خلال المال، عدداً من تيارات الحراك الجنوبي واخترق فصائله ونجح في إضعاف خيارات الانفصال أو التحكم بها كورقة مستقبلية، كما نجح في تفكيك دولة ومعسكرات القاعدة هناك، لكنه فشل في الشمال ودخل في حرب استنزاف مفتوحة مع بقايا نظام صالح مما جعله يحاول احتواء حلفاء خصمه الحوثيين فقدم تنازلات لهم ضد حلفائه غير الموثوق بهم لاضعافهم واضعاف خصمه الرئيس السابق على عبد الله صالح وكانت أهم بوادر ذلك التعاون معهم في اسقاط عمران.

و) دول الخليج : لم تكن هناك استراتيجية متطابقة بين دول الخليج للحفاظ على اليمن، وتمثل الدعم الخليجي للانتقال من خلال المبادرة الخليجية تكتيكا لتفادي تبعات الربيع في اليمن، ولم يكن هناك تطابقا واضحا بين السعودية الجار الاكبر لليمن والامارات التي حملت على عاتقها مهمة اسقاط الربيع العربي والتي كان نجل الرئيس السابق على ارتباط بها من خلال وجوده سفيرا هناك. وحاولت السعودية استعادة السيطرة على ملف اليمن بالتنسيق مع الامريكيين لكن كان الاداء الاماراتي والامريكي والاوربي وحتى السعودي يخدم اهداف ايران في تزعزع الوضع وتوسع سيطرة الحوثي على البلاد. وكان هناك دعم خليجي وسعودي للحوثيين في بداية معاركهم مع السلفيين وقبائل حاشد وأعضاء الاصلاح في عمران وهو توجه قد يهدف لاسقاط الثورة أو اضعاف قبليين واسلاميين ساندوا الثورة أو تجنب حرب طائفية على الحدود أو بقصد التغلغل في الحركة الحوثية أو ارهاقها بتشجيعها في حروب متعددة لكنها كلها صبت في توسع الحوثيين والسيطرة على غالبية محافظات الشمال(3 ).

ز) إيران : سعت ايران منذ بدء الثورات لركوب موجة الربيع العربي تحت لافتة الصحوة الاسلامية ودعمت الحوثيين في الانضمام للحراك السلمي وفي نفس التوقيت في القيام باعمال عسكرية في عدة محافظات للكسب على الارض أكثر، ثم دعمت الدخول في حوار وطني مع توسع مسلح أكثر ثم دعمت ما يعرف بثورة الحوثي لاسقاط الحكومة لكسب تحالف شعبي ادى في النهاية لاسقاط صنعاء. وتتجه ايران لدعم الحوثيين للحصول على دعم شعبي من خلال حروب واجراءات سيطرة على الدولة عبر ما يسمى اللجان الثورية تحت لافتة الحفاظ على الوحدة اليمنية ومكافحة الفساد، والحصول على شرعية جديدة تحت ذريعة مكافحة الارهاب والسعي للسيطرة على العملية السياسية وابتلاع الدولة من خلال تجربتي العراق وايران. ولا ترى ايران في اليمن منطقة نفوذ فحسب بل تستغلها لتكون منطقة امتداد وانطلاق للسيطرة على باب المندب والتمدد في جنوب وشرق السعودية وكسب اوراق جديدة لتعويض اي ضعف في سوريا والعراق وكسب اوراق لضمان نقاط جديدة في معركة البرنامج النووي(4 ).

ح ) الولايات المتحدة وأوربا: ترى الولايات المتحدة والدول الأوربية في الحركة الحوثية المسلحة حالة صعود فتية يمكن الاستفادة منها في خلق توازن مع الإصلاح، وتنظيف بؤر النفوذ والفساد، وواجهة جديدة لمكافحة الإرهاب، وبوابة الشراكة مع ايران في بعض الملفات الإقليمية، ووسيلة لاعادة رسم خريطة المنطقة والخليج، وعامل تهديد جديد يساعد التحكم في الخليج النفطي، كما يمكن أن تساهم في افشال صعود محور الربيع العربي الذي قد يؤدي قيادة تركية له ودعم قطر الى خسارة النفوذ والمصالح في المنطقة.

ط) مجلس الأمن والأمم المتحدة:

ساهم اداء مندوب مجلس الامن جمال بن عمر في تسليم بطيء للدولة حيث حرص من منطلق تشجيع الحوثيين للاندماج في العمل السياسي الى اعطاء فرصة لتوسعهم ، ثم ان قرارات مجلس الأمن خاصة القرار ٢١٤٠ القاضي بعقوبات ضد معرقلي الانتقال لم يستفاد منه كعمل وقائي يمنع الحروب واسقاط المدن ولم يتم تففعيله حتى سيطر الحوثيين على البلاد. والحديث حاليا عن عقوبات تشمل منع السفر وتجميد الاموال قد يتضرر منها جزء من تحالف الانقلاب، صالح ونجله، لكنها لن تجدي في ارغام الحوثيين على ترك السلاح وانهاء السيطرة على مؤسسات الدولة وايقاف الحرب وتسليم المدن والمعسكرات والسلاح للسلطات والاندماج في العمل السياسي ، بل قد تساعدهم على التفرغ لابتلاع الدولة(5 ).

ثالثاً: الوضع السياسي اليمني بعد دخول الحوثيين صنعاء:

بعد إخفاق جماعة الحوثي خلال ستة حروب خاضتها في محافظة صعدة ضد الدولة اليمنية بين عامي 2004 و2010 بتحقيق هدفها بالسيطرة على شمال البلاد، فقد عملت على استغلال حالة الاضطراب السياسي والأمني خلال فترة ما بعد الثورة محاولة إعادة إحياء نفوذها مرة أخرى، ليس في صعدة فحسب، ولكن على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي اليمنية.

وعلى ذلك لم تحُل الموافقة التي أعلنتها الجماعة على المشاركة في ركب الحوار الوطني منذ 18 مارس 2013، من خلال جناحها السياسي “أنصار الله”، دون استمرار النهج المسلح للحوثيين، والذين عمدوا منذ ذلك الحين إلى التحرك بقوة السلاح باتجاه التوسع والانتشار الفعلي للسيطرة على محافظات الجوف وعمران وحجة، بعد سيطرتهم على منطقة “دماج” بصعدة، إثر مواجهات واسعة مع السلفيين خلفت أكثر من ألف قتيل وجريح من الطرفين، لتنتهي مأساة “دماج” بتهجير 1500 أسرة يمنية مطلع عام 2014(6 ).

واكتسبت المشكلات اليمنية بعداً أكثر خطورة مع نجاح الحوثيين في الدخول المسلح إلى العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر، وعلى الرغم من أن الحدث نفسه لم يكن مفاجئاً للكثيرين، ذلك أن سيطرة الحوثيين في يوليو الفائت على منطقة عمران الاستراتيجية في شمال صنعاء جعلتهم على أبواب العاصمة، وقد قام أنصارهم بعد ذلك بالاحتشاد في الساحات وإقامة المخيمات القبلية المسلحة على مداخل العاصمة في حصار محكم على المدينة منذ 18 أغسطس 2014 في مؤشر واضح على نية الحوثيين اقتحامها، ولكن مع ذلك كان السقوط السريع لصنعاء لافتاً.

فإن كانت سيطرة الحوثيين على مدينة عمران جاءت بعد مواجهات واسعة مع القاعدة استمرت على مدار شهرين كاملين، فإن سيطرتهم على العاصمة اليمنية كانت خلال ثلاثة أيام فحسب، تمكنوا خلالها من السيطرة على مقرات قيادة الفرقة السادسة (مقر الفرقة الأولى مدرع- سابقاً)، وقيادة اللواء الرابع للحرس الرئاسي، والقيادة العليا للقوات المسلحة، ودائرة التوجيه المعنوي التي يبث التلفزيون الحكومي برامجه منها، بجانب سيطرتهم على البنك المركزي والبرلمان والهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد ومقر وزارة الدفاع(7 ).

وقد اختلفت التحليلات إزاء السبب في ذلك، ففيما أشار البعض إلى احتمال وجود تواطؤ من جانب وزير الدفاع اليمني الذي اتهمه بعض أفراد وقادة الجيش بخيانتهم وخذلانهم ومنع الإمدادات عنهم وتوجيههم بالاستسلام للحوثيين الذيم لم يتم مواجهتهم بفعالية(8 )، أشار البعض الآخر إلى أن موقف وزير الدفاع كان يصعب اتخاذه إلا بمعرفة وتوجيهات من الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي قد يكون قد عقد صفقة مع الحوثيين بهدف التأثير على الدور السياسي لـ”حزب التجمع اليمني للإصلاح”، المقرب من إخوان اليمن، تماشياً مع التغيرات القائمة في المنطقة، والتي تستهدف جماعة الإخوان المسلمين على نحو خاص(9 ).

ولكن الأرجح بالنسبة للمتابعين أن قيادات عسكرية وقبلية موالية للرئيس السابق عبد الله صالح ساعدت الحوثيين في السيطرة على مؤسسات الدولة في صنعاء بعد أن سهّلت سيطرتهم على مناطق في الشمال، فيما يُفسر على أنه انتقام من ثوار اليمن، وفي المقدمة منهم زعماء تكتل “حاشد” القبلي المنضوين تحت لواء الإخوان المسلمين، والذين كانوا القوة الأكثر تأثيراً خلال الثورة التي طالبت برحيل صالح، وحيث تشير التحليلات إلى دخول صالح وأنصاره في حلف غير معلن مع الحركة الحوثية أملاً في استعادة دورهم السياسي مرة أخرى على الساحة اليمنية( 10).

ولذلك لم يتردد الحوثيون، حتى مع دخولهم المسلح إلى العاصمة، في التوقيع في اليوم نفسه على وثيقة “السلم والشراكة الوطنية” التي تنص من بين بنودها على تشكيل حكومة جديدة، مستغلين في ذلك الواقع الجديد الذي تم فرضه على صنعاء ذلك اليوم، وهم مع ذلك قد وقفوا ضد قرار الرئيس هادي في 7 أكتوبر، تكليف مدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك بتشكيل الحكومة، الأمر الذي استجاب له الرئيس الذي اتجه بعد ذلك إلى تكليف وزير النفط الأسبق ومندوب اليمن لدى الأمم المتحدة خالد محفوظ بحاح، بتشكيل الحكومة في 12 أكتوبر(11 ).

ولكن مرة أخرى وبعد الإعلان عن تشكيل هذه الحكومة مساء السابع من نوفمبر 2014 (والتي ضمت 36 وزيراً، منهم وزراء محسوبين على الحوثيين، مع تخصيص 40% من المقاعد للجنوبيين، بينما حظيت الأحزاب السياسية على نسبة 38% من مقاعد الحكومة الجديدة، وكانت باقي المقاعد من نصيب شخصيات مستقلة)12 ، جاء موقف الحوثيين بالتحفظ على بعض الوزراء، حيث اعتبروا في بيان لهم أن الحكومة بتشكيلتها الحالية “تعد مخالفة لاتفاق السلم والشراكة الوطنية.. وعرقلة واضحة لمسار العملية السياسية لحساب مصالح خاصة وضيقة”، مشددين على “ضرورة تعديل هذه التشكيلة وإزاحة من لم تنطبق عليه المعايير المنصوص عليها وفي مقدمتها الكفاءة والنزاهة والحيادية في إدارة شؤون البلاد، ومن عليهم ملفات فساد”، بحسب وصفهم(13 ).

وبدوره، دعا حزب “المؤتمر الشعبي العام” أعضاؤه إلى الانسحاب من الحكومة، الأمر الذي لم يستجب له الوزراء المكلفين، فيما تشير مصادر يمنية إلى أن جماعة الحوثي وحزب “المؤتمر الشعبي” برئاسة عبد الله صالح يتجهان لإعلان تحالفهما علناً من خلال توقيع اتفاق للتنسيق السياسي، بعد أن كان هذا التحالف سراً لأكثر من عامين، وتأتي هذه الخطوة بعد أن عزل حزب المؤتمر الرئيس هادي على خلفية قرار مجلس الأمن الصادر في 7 نوفمبر 2014 بفرض عقوبات على صالح واثنين من أبرز القيادات الميدانية الحوثية، بسبب دورهم المعرقل للحياة السياسية14 .

رابعاً: التداعيات الأمنية الداخلية والخارجية لنشاط الحوثي:

فيما تحدثت بعض التحليلات عن تواطؤ أطراف يمنية لتسهيل سيطرة الحوثيين على العاصمة لهدف إضعاف الوضع السياسي لإخوان اليمن ودورهم عموماً في عملية اتخاذ القرار، ولاعتبار البعض كذلك أن الحوثيين قد يكون لهم القدرة على مواجهة تنظيم القاعدة الذي شهدت عملياته نمواً متصاعداً خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ولكن في واقع الأمر فإن توسع نفوذ الحوثي تسبب في مشكلات أمنية وسياسية خطيرة داخل اليمن يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

فمن ناحية أولى: ورغم توقيع الحوثيين اتفاق “السلم والشراكة الوطنية”، وتوقيعهم لاحقاً على الملحق الأمني الخاص بالاتفاق، والذي يقضي في أهم بنوده بسحب مسلحيهم من صنعاء، وتسليم كل الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من معسكرات الدولة، فإن الحركة، ومع استمرار سيطرتها على كل النقاط الأمنية وسط العاصمة بصورة مطلقة، استمرت في محاولاتها توسيع نطاق نفوذها إلى خارج صنعاء من خلال السيطرة على إقليم الجند (الذي يشمل محافظتي إب وتعز) وإقليم سبأ (الذي يشمل محافظات البيضاء والجوف ومأرب)، مع التوسع المسلح نحو مدينة الحديدة الاستراتيجية على البحر الأحمر في إقليم تهامة15.

وفي إطار ذلك أشارت أنباء إلى مقتل شخصين على الأقل من رجال أمن مطار صنعاء خلال اشتباكات وقعت مع الحوثيين في 10 نوفمبر، وبعد ثلاثة أيام فقط من تشكيل الحكومة الجديدة، بسبب خلاف بشأن تأمين مدخل مبنى الركاب، الأمر الذي أدى إلى إغلاق المطار ساعة كاملة. وقالت مصادر المطار إن الحوثيين يتدخلون على نحو متزايد في تفتيش الركاب بمن فيهم الأجانب ويطبقون قراراً بالمنع من السفر اتخذوه ضد عدد من مسؤولي الحكومة السابقين16 .

وأيضاً فقد أثار حادث اغتيال القيادي البارز في أحزاب تكتل “اللقاء المشترك” زعيم حزب “اتحاد القوى الشعبية” الدكتور محمد عبد الملك المتوكل في صنعاء في الثاني من نوفمبر 2014، المخاوف من أن يكون الحادث مقدمة لعمليات اغتيالات مماثلة لسياسيين آخرين بهدف إفشال الجهود المبذولة لإخراج اليمن من أزمته وخلط الأوراق لإثارة الفوضى وزعزعة الأمن، خاصة وأن الحادث الذي لقي تنديداً من جانب الأحزاب اليمنية المختلفة، جاء بعد يوم واحد من اتفاق المكونات السياسية على تفويض رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بتشكيل حكومة كفاءات وطنية17 .

ومن ناحية ثانية: فإن سيطرة الحوثيين المسلحة على مناطق واسعة من اليمن وعلى العديد من المنشآت الحيوية، تدفع بالجهة الأخرى إلى تنامي نشاط تنظيم القاعدة لمحاولة مواجهة تمدد الجماعة الشيعية، ولاسيما أن التنظيم اكتسب تعاطفاً شعبياً لدى قبائل محافظتي إب والبيضاء بعد اجتياح الحوثيين لمناطقهم، وبسبب ما يصفونه بـ”خذلان الدولة لهم وعدم تصديها للتمدد الحوثي”.

وقد تعرض الحوثيون لعدد من الهجمات جراء ذلك، لعلّ أبرزها قيام انتحاري من جماعة “أنصار الشريعة” التابعة للقاعدة بتفجير حشد من أنصار الحوثي خلال تجمع دعت إليه الجماعة في 9 أكتوبر في صنعاء، احتجاجاً على قرار الرئيس اليمني تكليف مدير مكتبه عوض بن مبارك بتشكيل الحكومة، مما أدى مقتل 55 منهم وإصابة العشرات(18 ). ومرة أخرى قتل عشرات من عناصر الحوثي في 8 نوفمبر، خلال هجوم مزدوج تبنته القاعدة في مدينة رداع بمحافظة البيضاء وسط اليمن، وهي المدينة التي كانت قد شهدت يومي 19 و20 أكتوبر الماضي أعمال عنف خلفت 50 قتيلاً(19 ).وذلك فضلا عن حادث استهداف السفارة الايرانية بتفجير تبنته جماعة أنصار الشريعة في بداية ديسمبر 2014.

والخطورة الأكبر هنا أن نشاط القاعدة لا يقتصر على مواجهة الحوثيين، حيث يكتسب التنظيم من الشعبية المتنامية التي أضحى يتمتع بها قوة دفع في مواجهة المؤسسات السيادية من جيش وشرطة، مما يفاقم حالة التأزم الأمني القائمة في اليمن.

وفي هذا الإطار تمكن التنظيم في الأول من نوفمبر 2014، من احتجاز 30 جندياً يمنياً كرهائن بعد هجوم استهدف قوات الأمن في محافظة الحديدة مما أسفر عن سقوط 25 قتيلاً وجرح 10 آخرين، مع تمكن عناصر القاعدة من السيطرة على مديرية أمن “جبل أبو راس” التابعة لمحافظة الحديدة 20.

ومن ناحية ثالثة: فإن خطر التمدد الحوثي لا يقتصر على اليمن فحسب، ولكن له تأثيرات إقليمية خطيرة، في ضوء مسعى التمرد الامتداد بمناطق نفوذه حتى السواحل الغربية لليمن، الأمر الذي يتيح السيطرة على مضيق “باب المندب” الاستراتيجي على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر في تهديد لحركة التجارة العالمية، وحيث يمر عبر المضيق ما يقرب من 3.2 مليون برميل نفط يومياً، بجانب ما يعنيه ذلك من تطويق دول الخليج، وتحديداً المملكة العربية السعودية التي تشترك بحدود واسعة مع اليمن، وسبق أن خاضت حرباً مع الحوثيين في نوفمبر 2009 أسفرت عن مقتل 97 جنديا سعودياً وجرح 400 آخرين، بحسب تقارير سعودية، بينما قتل أكثر من 1500 من الجانب الحوثي21 .

هذا، وتضيف العلاقة غير الخفية التي تربط جماعة الحوثي بالنظام في إيران، بُعداً مذهبياً للسياسة التي يتبناها الحوثيون وعلى مقربة من حدود السعودية، وحيث تتواجد التجمعات الشيعية، وهو الخطر نفسه الذي ينذر بالتمدد إلى باقي دول الخليج وخصوصاً البحرين، ودون إغفال الدور الإقليمي البارز الذي تسعى إيران إلى القيام به، مستغلة في ذلك علاقتها ودعمها لجماعة الحوثي بالمال والسلاح، محاولة في إطار ذلك إيجاد موطئ قدم في محيط استراتيجي شديد الأهمية، بما يسمح لها بتوسيع نفوذها من جهة، والتأثير فى توزانات القوى الإقليمية من جهة أخرى، ذلك أن اليمن يمثل البوابة الجنوبية للوطن العربي عموماً، والجزيرة العربية والخليج بشكل خاص 22.

خامساً: التمدد الحوثي والإخوان المسلمين في اليمن:

فى 2011 م استدعى الرئيس اليمنى آنذاك على عبد الله صالح قيادات الإخوان وعرض عليهم الدخول فى الحرب ضد الحوثيين لأن المعلن هو قتال الحوثيين والأهداف الحقيقية لدى الرئيس صالح كانت الخلاص من على محسن وبعض القيادات .إلا ان الاخوان رفضوا هذا المطلب لمعرفتهم بخداع على عبد الله صالح. وانتهى الأمر بأن على محسن كان بإستطاعته انهاء فتنة الحوثيين والقضاء عليها فى مهدها لكن على عبد الله صالح كان يرفض دائما وكان الإخوان يرون أن هذا فكر فلا يقاوم إلا بفكر(23 ).

تحرك الحوثيين ضد الاخوان:

أول تحرك من الحوثيين ضد الاخوان كان بعد الثورة اليمنية وسقوط نظام صالح فقد نجح الإخوان فى الإستيلاء على احد أهم معسكرين فى مأرب (تبعد مأرب عن صنعاء مسافة 450 كم شرق صنعاء)، معسكر الحرس الجمهورى والذى كان يتبع أحمد على عبد الله صالح – نجل الرئيس اليمنى- كما استولى الحوثيين على المعسكر الآخر لكنهم طمعوا فيما فى أيدى الإخوان، وتصدى لهم الإخوان واستولوا على معظم ما كانوا يسيطرون عليه وهنا طلب الحوثيون الصلح وقبل الإخوان الصلح. وقد أدى صمود الإخوان فى الجوف (شرق صنعاء 450 كم) أمام الحوثيين إلى تهدئة الأوضاع فى الجوف.

وبعد هزيمة الحوثيين وفشلهم أمام الإخوان فى الجوف إستشعرت إيران الخطر، فتم تزويد الحوثيين بكميات ضخمة من الأسلحة والعتاد عبر إستئجار بعض موانىء إريترية بالإتفاق مع أسياسي أفورقى، رئيس اريتريا مما أثر على تغيير موازيين القوى لدى الحوثيين وزيادة أطماعهم فى اليمن تبعا للمخطط الإيرانى وتم ضخ كميات كبيرة من الأسلحة لم تنجح الحكومة إلا فى مصادرة سفينتين فقط فى البحر الأحمر.

أما الموقف السعودى من أطماع الحوثيين فى اليمن، فقد كان داعما للحوثيين بشكل كبير ولعل ذلك مرده لأمرين إثنين:

الأول: بعد نجاح الحوثيين فى التوغل فى الأراضى السعودية لمسافة 10 كم وعجز القوات السعودية عن صدهم حدث اتفاق تم بمقتضاه دفع مبلغ مائة مليار ريال سعودى، لإنسحاب الحوثيين داخل الحدود اليمنية واعلانهم انهم انسحبوا تحت ضربات وقصف القوات السعودية، وذلك عام 2009.

الثانى: ان الملك عبد الله اراد الانتقام من الشيخ حميد الأحمر الذى صرح لوسائل الاعلام عقب الانقلاب العسكرى ضد الدكتور مرسى بأنه لولا تآمر من هم فى غرف الإنعاش فى السعودية والمراهقين فى أبو ظبى لما وقع الإنقلاب فى مصر.

الموقف السعودى والإماراتى الداعم لنظام على عبد الله صالح حتى بعد سقوطه والذى تبلور فى المبادرة الخليجية والتى كان من أهم بنودها منح صالح حصانة قضائية له ولأسرته وحاشيته مع بقاء خمسة آلاف من الحرس الجمهورى لحماية الرئيس صالح، بجانب العداوة الخليجية لثورات الربيع العربى والخوف من إنتقال المد الثورى لمنطقة الخليج والكراهية لمنهج الإخوان والتى يعتبرها قادة الخليج العدو الأول فى المنطقة.

تحديات الإخوان في اليمن:

أصبح الإخوان ومن يدور فى فلكهم أمام أربع تحديات هى:

  • الحوثييون وتوغلهم فى صعدة شمال اليمن على بعد 350 كم .
  • القاعدة والدعم المخابراتى الخليجى لها بالإضافة للتنسيق مع حركة شباب المجاهدين فى الصومال عبر البحر الأحمر.
  • الحراك الجنوبى المسلح والذى بدأ يراوده حلم إنهاء الوحدة مع الشمال وعودة الأوضاع لما قبل 1992.
  • نظام على عبد الله صالح والذى يسعى للعودة الى الحكم مرة أخرى بدعم خليجى وأمريكى فى نفس الوقت.

إلا ان اتفاقا تم بين الرئيس اليمنى، عبد ربه منصور هادى، والولايات المتحدة تم بمقتضاه توجيه ضربات للقاعدة عبر طائرات بدون طيار وقصف مواقعهم مما أدى الى إضعاف قدراتهم. ثم حاول الرئيس هادى التخلص من حرس الرئيس صالح فتدخل السفير الأمريكى لدى هادي وأجبره على بقاء الحرس وصرف رواتبهم من الخزانة اليمنية، بعدها أدرك الإخوان أن الاتجاه يسير لضربهم فذهبوا لمقابلة هادى، وأثناء اللقاء ثار عليهم وأخرج لهم استقالته من درج مكتبه، وقال إنه يتعرض لضغوط أمريكية وإقليمية، وأن عليهم أن يحموا أنفسهم”.

فى هذه الاثناء حاول الحوثيون الاستيلاء على منطقة أرحب (التي تبعد نحو 8 كم من مطار صنعاء) إلا أن الاخوان تمكنوا من هزيمة الحوثيين فيها، وهنا اتجه الحوثيون للزج بالمرتزقة كصف أول، حتى اذا ما تم ارهاق الخصم تتقدم الصفوف الخلفية المدربة للإجهاز على الخصم بعد إرهاقه وانهاكه( 24).

وعلى الرغم مما تعرض له اليمن من تهديدات ارتبطت بالنشاط المسلح للحوثيين، فقد آثرت جماعة الإخوان المسلمين اليمنية عدم الدخول في مواجهة مسلحة مع المتمردين، وحيث أعلنت قيادات سياسية في حزب “التجمع اليمني للإصلاح”- الذراع السياسي لإخوان اليمن، أنه بتجنب الدخول في مواجهة مسلحة مع الحوثيين، تمكنوا من النجاة من مخطط كان يرمي إلى “إحراق عناصر من الحزب والتخلص من كوادره عبر الزج بهم في معركة مع الحوثيين”25 .

حيث كانت رؤية الإخوان المسلمين قائمة على إعطاء الأولوية للحفاظ على أمن اليمن، وتجنيب البلاد خطر الحرب الطائفية، وعلى اعتبار أن المسؤولية عن الحماية تقع بالدرجة الأولى على عناصر الجيش، في حين أن المسؤولية الأولى للحزب والإخوان عموماً هي التوجيه والعطاء والبناء وليس الحرب.

وفي إطار ذلك وجّه زيد بن علي الشامي، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح، رسالة إلى أنصاره، شدد فيها على أن اليمن يمر بـ”لحظة فارقة”، داعياً إياهم إلى “التجمل بالصبر والحلم والتزام المنازل، وعدم الانجرار لأي دعوات للعنف والانتقام”، مضيفاً: “أنتم حزب سياسي ولستم مسؤولين عن حماية مؤسسات الدولة، كما أنكم لستم البديل عنها” 26.

وبناء على ذلك لم يعترض الإخوان المسلمون، ومن خلال حزب الإصلاح، على التوقيع على “وثيقة الشراكة الوطنية”، التي جاء التوقيع عليها اثر التدخل المسلح في صنعاء، واستمرت الجماعة في محاولة تفعيل الدور السياسي في مواجهة الحوثيين حتى النجاح بالإعلان عن الحكومة مؤخراً.

ولكن على الجانب الآخر، وبالرغم من ضبط النفس الذي مارسته القيادات السياسية والقبلية المرتبطة بالإخوان، فإن الحركة الحوثية وقياداتها لم تلتزم على الجانب الآخر بالنهج السلمي، ولم تلتزم بما أعلنه زعيمها عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه بعد دخول صنعاء، والذي اهتم خلاله بإرسال رسائل تطمين إلى القوى السياسية وعلى رأسها حزب الإصلاح الذي عرض عليه المصالحة والحوار، بقوله “أيدينا ممدودة إلى حزب الإصلاح للشراكة والتآلف، ولن نقصي أي طرف أو مكون سياسي، ولسنا في وارد التصفية أو الثأر ضد أي أحد” 27.

ولكن عمد الحوثيين إلى استهداف المقربين من الإخوان وحزبهم السياسي، وقاموا مع دخول صنعاء بمهاجمة منزل اللواء الركن علي محسن الأحمر، مستشار الرئيس اليمني لشؤون الدفاع والأمن، والذي يعد من أكثر أعداء الحوثيين بسبب قيادته للحروب الست الماضية في محافظة صعدة، ومنزل الشيخ حميد الأحمر، رجل المال والسياسة والقيادي البارز في حزب الإصلاح، ومنزل وزير التربية والتعليم الذي أكدت أنباء نهب محتوياته، إضافة إلى محاولة مداهمة منزل الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان والمقربة من إخوان اليمن 28.

واستمر الحوثيون منذ ذلك الحين في اقتحام مقرات حزب الإصلاح في صنعاء وعدد من المحافظات بشمال البلاد، وتمثل آخر هذه الحوادث في اقتحام ونهب وتفجير مقر الحزب في مدينة إب بوسط البلاد مطلع نوفمبر 2014، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات، مع شنّ الحوثيين حملة اعتقالات واسعة بحق حوالي 50 من كوادر الإصلاح، فيما فرّ آخرون تحت وقع الاقتحامات والمداهمات 29.

وتؤكد كذلك مصادر حكومية تجميد جميع حسابات الشيخ علي محسن الأحمر وحميد الأحمر، وجميع أفراد أسرتيهما في البنوك اليمنية، والسيطرة على جميع الشركات التابعة للأخير بدفع من جماعة الحوثي التي تقوم بالإشراف على هذه الشركات عبر ممثلين تابعين لها، تنفيذاً لأمر أصدرته نيابة الأموال العامة إلى البنك المركزي اليمني، وتمهيداً لإصدار حكم قضائي يقضي بمصادرة جميع أموال وأملاك وشركات حميد الأحمر وعلي محسن وأسرتيهما للدولة. وجاء في أمر النيابة أن عملية تجميد أموال وأرصدة علي محسن وحميد الأحمر وكافة أفراد أسرتيهما سيستمر “حتى استكمال إجراءات التحري وجمع المعلومات والاستدلالات حول ما ورد في البلاغ المقدم ضدّهم”30 .

الحوثيون ونظرية الحسن الصباح(31 ):

الحسن الصباح شيعى نجح فى السيطرة على كثير من البلاد فى اليمن وغيرها بالاساليب الارهابية ومنه انبثقت جماعة الحشاشين الذين كانوا ياكلون الحشيشة وينطلقون يقتلون المعارضين لهم وهم تحت تأثير المخدرات، بجانب ممارسة السحر وعمليات النهب والسلب، وفى البلاد التى يتمكنوا من السيطرة عليها يتم تخيير أولياء أمور الشباب بين ثلاثة بدائل، الأول: تجنيد أبنائهم مع الحوثيين، الثاني، دفع 40,000 ريال يمنى شهريا، الثالث: قتل الأبناء أمام آبائهم.

سقوط عمران:

حاول الاخوان الدفاع عن عمران من ناحية المناطق الجبلية ومن داخل المدينة لكن إنسحب الجيش فجأة وبدون مقدمات، وبعد سيطرة الحوثيين على عمران واكتشاف خيانة وزير الدفاع اليمنى وتواطئه مع الحوثيين وتقديم مبالغ مالية له قرر الاخوان ومن معهم الانسحاب من عمران والعودة الى صنعاء والتحصن بها لعلمهم انها اصبحت فى مرمى نيران الحوثيين.

ولذلك تم الاتفاق مع اللواء محسن الاحمر على ضرورة الدفاع عن صنعاء ولو لزم الامر لنقل المعركة الى صعدة معقل الحوثيين وقصفها بالطيران وتم تهيئة الشباب وتجييشهم لذلك وتم حشد عدد كبير من الشباب كلجان شعبية مع تدريبهم وتسليحهم تحسبا لقدوم الحوثيين وبالفعل تم مصادرة كميات من الاسلحة تم تخزينها فى بعض البيوت فى صنعاء والقاء القبض على من بداخل هذه البيوت من أتباع الحوثيين. وبدأ الحوثيون الاقتراب من صنعاء وبدأت مناوشات بينهم وبين الشباب الاخوانى واضطر اللواء على محسن للإنتقال الى الفرقة للدفاع عن صنعاء لكن نجح الحوثيين من السيطرة على الاذاعة والتليفزيون بعد ما صدرت الاوامر للحراسة بأن ينسحبوا، وفى هذه الأثناء بدأت بعض مواقع الجيش تطلق النيران على الفرة لضرب على محسن.

وهنا صدرت الأوامر لشباب الاخوان بالانسحاب من مواقعهم وخروج القيادات إلى المحافظات المجاورة وسقط نحو 70 من شباب الاخوان، واستولى الحوثيون على مقرات الاصلاح وتم نهب بيوت الاخوان ومؤسساتهم مثل جامعة الايمان، والعلوم والتكنولوجيا ومؤسسة اليتيم وجمعية التضامن من قبل قوات النظام السابق التى انضمت للحوثيين وابتهجت بسقوط صنعاء وقامت بنهبها.

وأمام هذه التحولات بدأت بعض القوى الدولية والاقليمية الداعمة للحوثيين تستشعر الخطر بعد تمدد الحوثيين فى كل اليمن والتصريحات الايرانية بسقوط رابع عاصمة عربية(32 )، لأن مهمة الحوثيين التي تم التخطيط لها من جانب هذه القوى كانت تقليم أظافر الاخوان والاصلاحيين فقط، لكن النتيجة كانت سقوط معظم المحافظات اليمنية وتحرك الحوثيين نحو باب المندب ومعبر حرض على الحدود السعودية اليمنية.

واستناداً لروايات أحد شهود العيان، فقد تمت إتصالات غير مباشرة بين الحوثيين والاخوان عبر على العماد (شقيق الشيخ عبد الرحمن العماد من قيادات الاخوان) الذي يتبع الحوثيين وهو من أتباع النظام السابق، وتضمنت الاتصالات تقديم نوع من الاعتذار عن نهب مقرات الاخوان والإصلاح، وأن يتم الاتفاق على حدوث نوع من التهدئة على أن تعود مقرات الاصلاح وقنواتهم تدريجيا والتراجع عن الانتقام. ولكن لم يتم الالتزام بذلك حيث استمر الحوثيون في ممارساتهم (ومن ذلك اقتحام منزل شيخان الدبعى، الامين العام المساعد لحزب الإصلاح)، دون احترام لاتفاقات أو تسويات.

سادساً: السيناريوهات المستقبلية للوضع في اليمن

هناك احتمالات ومسارات متعددة يمكن أن تتجه إليها تطورات الأوضاع في اليمن مستقبلاً، ويمكن حصرها في النقاط التالية:

السيناريو الأول: عودة النظام السابق:

من مؤشرات ذلك استمرار نفوذ العناصر المرتبطة بنظام علي عبد الله صالح في مؤسسات الدولة الحيوية، ولاسيما في الجيش والشرطة، وعدم نجاح الفترة الانتقالية في تحقيق هدف تطهير المؤسسات على النحو المنشود، الأمر الذي كان من نتيجته تواطؤ العناصر المرتبطة بنظام صالح مع الحوثيين لتسهيل انتشارهم على الأرض، وبهدف تهيئة الأجواء لعودة حكمه، وخصوصاً مع تراجع ثورات الربيع العربي لصالح الأنظمة القديمة، باستمرار حكم بشار الأسد في سوريا رغم المواجهات المسلحة الواسعة التي شهدتها البلاد، واحتمال عودة نظام بن علي إلى الحكم في تونس، ووقوع الانقلاب العسكري في مصر.

وفي إطار ذلك يمكن فهم الدور المعرقل للعناصر المرتبطة بنظام صالح في تسيير عمل الحكومة اليمنية الجديدة، التي تم تشكيلها برئاسة “خالد عمر بحاح”، في 7 نوفمبر 2014 كحكومة كفاءات وطنية، وفيما رحبت كل الأوساط بتلك الحكومة التي حددت أبرز أولوياتها في مجالات الأمن والاقتصاد والتنمية، فإن أعضاء في حزب “المؤتمر الشعبي العام” من الموالين للرئيس السابق ونظامه، كان لديهم تحفظات في البداية على التشكيلة الحكومية، وهم قد أعاقوا مرتين عملية نيل الثقة في مجلس النواب على برنامج الحكومة، وحيث يمثل عناصر حزب المؤتمر غالبية أعضاء المجلس الذي يرأسه اللواء يحيي الراعي، الذي ينتمي كذلك إلى الحزب، فيما تنص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية على أن القرارات داخل المؤسسة التشريعية وغيرها من المؤسسات يتم وفقاً للتفاهم والتشاور والحوار والاتفاق33 .

هذا، ولم يتم منح الثقة للحكومة إلا في 18 ديسمبر، بعد أن رضخت حكومة بحاح للشروط التي وضعها مجلس النواب، وبما يتضمن التزامها برفض العقوبات الدولية ضد أي مواطن يمني، في إشارة إلى العقوبات الأممية المفروضة ضد الرئيس السابق واثنين من قيادات جماعة الحوثي، والمطالبة كذلك بإخلاء المقرات التابعة للحزب، في مؤشر قوي على النفوذ الذي لايزال يمتلكه صالح ونظامه على الساحة اليمنية 34.

ولكن مع ذلك لا يتوقع أن يعود النظام القديم إلى التحكم المطلق بمجريات الأمور على الساحة اليمنية لسببين رئيسيين:

الأول: أن “حزب المؤتمر الشعبي العام” نفسه الذي يرأسه صالح يشهد انقساماً حاداً، بعد أن تكتل عدد من قياداته الجنوبية إلى جانب الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، وهم يكثفون جهودهم في عدن لأجل الدعوة لاجتماع يطيح بصالح من رئاسة الحزب أو يعلن تشكيل حزب “مؤتمر شعبي جنوبي”، على خلفية قيام الحزب بعزل الرئيس هادي ومستشاره عبد الكريم الإرياني من منصبيهما كنائبين في الحزب، بسبب قرار مجلس الأمن الصادر في 7 نوفمبر بفرض عقوبات على القيادات اليمنية التي اعتبر المجلس أن دورهم معرقل للحياة السياسية، وذلك يسبب بلاشك ضعفاً للعناصر الموالية للنظام السابق والمدعومة من جانب “المؤتمر الشعبي العام”(35 ).

السبب الثاني: أن النظام القديم لا يجد في الواقع الدعم الإقليمي والدولي المناسبين الذي يتيح له العودة من جديد، وخصوصاً مع تصاعد الغضب الدولي من تصرفات عبد الله صالح لتحالفه مع المتمردين الحوثيين ومساعدتهم عبر أنصاره في السيطرة على العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الشمالية، وهذه التصرفات تتنافى مع قانون الحصانة الممنوح له مقابل أن يكف عن ممارسة العمل السياسي وعرقلة التسوية السياسية الحالية، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ مجلس الأمن قراره المشار إليه بفرض عقوبات بحق صالح واثنين من القيادات الحوثية البارزة، مع وجود اتجاه في المجلس لتوسيع رقعة العقوبات لتشمل أسماء جديدة، في حال استمرت المعوقات في طريق استتاب الوضع السياسي داخل الدولة 36.

السيناريو الثاني: ابتلاع الحوثيين للدولة:

وهذا الاحتمال ليس ببعيد، حتى أن مستشار الرئيس اليمني عبد الكريم الإرياني قد أقر بأن الحوثيين هم الذين يحكمون اليمن حالياً مستعملين لذلك قوة السلاح، قائلاً: “إن ما نراه في كل مؤسسة وفي كل وزارة تصرفات قوة سياسية طابعها عسكري لا يحكمها القانون”، في إشارة إلى تدخلات الحوثيين في مؤسسات الدولة من عمليات اقتحام وفرض مطالب، ومضيفاً أن “الدولة بهياكلها ووزاراتها ومؤسساتها لا تحكم البلاد، وجماعة الحوثيين كفِئة سياسية جديدة على المسرح اليمني هي التي تتحكم” 37.

وبحسب تعبير أحد مواطني صنعاء، بات اليمن يُحكم من قبل عشرات الآلاف من المسلحين الحوثيين الذين ينتشرون “كما الجراد”، وحيث يستمر توسع نفوذ الحوثيين على الساحة اليمنية ومن نواحٍ متعددة:

من ناحية أولى: وبجانب الدلالات القوية المرتبطة بتمكن الحوثيين من السيطرة على العاصمة اليمنية، فإنهم يستمرون في تعزيز مجالات نفوذهم في صنعاء، وتؤكد المعلومات أنهم أحكموا سيطرتهم على جملة من المؤسسات والمصانع والمنظمات والدوائر الحكومية، وتمكنوا من السيطرة على البنك المركزي في 17 ديسمبر 2014، بعد مطالبات بالرقابة على المعاملات المالية، وسيطروا كذلك على مبنى مصلحة الأحوال المدنية بصنعاء، في خطوة تمكنهم من معرفة كل تفاصيل وبيانات المواطنين في مختلف أنحاء الجمهورية.

كما سيطر الحوثيون على مبنى شركة “صافر” النفطية الرسمية التي تعنى بإنتاج وتصدير النفط، وأغلقوا مبنى “منتدى التغيير والبناء السياسي”، فيما تشير الأنباء إلى توقيفهم الملاحة البحرية في ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن، ومنع مديره من دخول الميناء تمهيداً لتغييره، وفي خطوة تؤكد تقدم الحركة المتمردة نحو السيطرة الكاملة على الدولة ومرافقها(38 ).

وفي السياق ذاته، تشهد “جامعة صنعاء”، كبرى الجامعات اليمنية، مظاهرات طلابية متواصلة اعتراضاً على وجود ميليشيا الحوثي في الحرم الجامعي وتحكمهم في جميع تفاصيل العملية التعليمية، وتحدثت مصادر إعلامية يمنية عن تهديدات يتلقاها الطلاب والطالبات الرافضون لوجود المسلحين في الجامعة، وحيث اعتقل الحوثيون عدداً من الطلاب بينهم نائب رئيس اتحاد كلية الطب، وأغلقوا مكاتب الاتحاد العام للطلاب39 .

من ناحية ثانية: يستمر الحوثيون في تحقيق هدفهم في مدّ مناطق نفوذهم على المستوى الأفقي من الشمال وحتى العاصمة صنعاء إلى محافظات غرب وجنوب اليمن، وبهدف السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي اليمنية، وليس بعيداً عن ذلك الإعلان في 14 ديسمبر 2014، عن إقالة محافظ مدينة الحديدة الاستراتيجية من منصبه، ليصبح ثاني محافظ تقيله الجماعة خلال أسابيع بعد أقل من شهر على عزلهم محافظ عمران(40 ).

وكان مسلحو الحوثي قد اقتحموا مكتب المحافظ بعد طرد حراسه في 8 ديسمبر 2014، وأملوا عليه مطالب عدة بشأن مسائل مالية، وإصدار أوامر بتجنيد عناصرهم في قوام قوات الأمن والجيش المخصصة للمحافظة، وفي بعض المؤسسات المؤثرة، مطالبين كذلك بتغيير بعض مديري العموم الحاليين في مكتب المحافظة وفي جميع المرافق الحكومية، وهي المطالبات التي رفض محافظ الحديدة الاستجابة لها قبل عزله( 41).

من ناحية ثالثة: لا يُغفل أن الحوثيين الذين باتوا يسيطرون على الوضع الأمني في صنعاء والحديدة ومناطق أخرى، يسعون إلى السيطرة على الإدارة الأمنية في عموم البلاد، في خطوات يستهدفون من ورائها امتلاك ناصية القرار على مستوى الدولة، في حالة شبيهة لوضع “حزب الله” في لبنان، وهم يرتبون في إطار ذلك لدمج 20 ألفاً من مسلحيهم ضمن المؤسستين العسكرية والأمنية، وذلك بعد أن وعدت مؤسسة الرئاسة باستيعاب عشرات الآلاف من المسلحين الحوثيين في قوام قوات الجيش والشرطة(42 ).

وهناك مخاوف مثارة على الساحة اليمنية من تحكم الحوثيين بعمليات التعيين والعزل في المؤسسات الأمنية والعسكرية بصورة شبه تامة، وحيث تشير مصادر عسكرية إلى فصل عدد كبير من الجنود في وزارتي الداخلية والدفاع بدفع من الحوثيين، الذين حلوا مكانهم عناصر تتبع لميليشياتهم التي تسيطر على العاصمة صنعاء. كما تشير الأنباء إلى أن منظومات الصواريخ التابعة للجيش اليمني باتت حالياً تحت سيطرة الحوثيين، الذين يسيطرون على قاعدة “الديلمي” الجوية الاستراتيجية في صنعاء، بالإضافة إلى المطار الدولي في العاصمة، وعلى أهم المنافذ العسكرية المهمة( 43).

من ناحية رابعة: اكتسب تنامي نفوذ الحوثيين على الساحة اليمنية بعداً أكثر خطورة، بعد أن هاجم زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي، الرئيس اليمني بقوة في موقف سياسي هو الأول من نوعه، إذ وصفه بأنه بات “مظلة للفاسدين”، واتهمه بالعمالة للخارج، كما اتهمه بالوقوف إلى جانب القوى المناوئة لما أسماها الحوثي “الثورة الشعبية”، التي أطلقها أنصاره عسكرياً باحتلال المحافظات والعاصمة صنعاء، مطالباً بمراقبة إنفاق المال العام، وأن تخضع ميزانية عام 2015 لمراجعة دقيقة “حتى لا تكون أيضاً دعماً إضافياً وهائلاً للفاسدين والعابثين”، بحسب قوله.

وبناء على ذلك توقع الساسة اليمنيون أن يكون لدى الحوثي مخطط آخر شبيه بمخطط إسقاط صنعاء، باستهدافه غالباً إسقاط الحكومة اليمنية الجديدة، موضحين أن “الخطاب الناري الذي ألقاه الحوثي يعتبر مفترق طرق، وقد يكون إشارات ودلالات على تحركات حوثية ميدانية”، وبالفعل بعد ساعات من الخطاب اقتحم مسلحو الحوثي مبنى “مؤسسة الثورة” الرسمية للصحافة في صنعاء التي تصدر عنها صحيفة “الثورة” الرسمية اليومية وعدد من الصحف والمجلات والمطبوعات في صنعاء، وسيطروا عليها44 .

من ناحية خامسة: فما يضيف إلى أسباب قوة الحوثيين، هو الدعم الخارجي الذي يحصلون عليه وتحديداً من إيران، التي تشير المعلومات إلى تزويدها لهم بالسلاح والمال والتدريب، قبل وبعد دخول صنعاء. فبجانب الحصول على الدعم المادي، وتتوراد الأنباء عن سفر عناصر من الحوثيين إلى إيران ولبنان لتلقي تدريبات على يد “حزب الله” وبدعم من إيران، وفي إطار صراعها على النفوذ الإقليمي .

الأمر الذي دفع السعودية على الجانب الآخر إلى تعليق المساعدات المقدمة لليمن بسبب تزايد نفوذ الحوثيين، والذين انتقدوا بوضوح بيان “القمة الخليجية” في الدوحة التي عقدت في 9 ديسمبر، مدعين أن “اعتبار القمة بعض المحافظات مناطق محتلة من قبل “أنصار الله” ومطالبتهم بالانسحاب منها، توصيف يندرج في خانة التدخل المباشر في شئون الغير، والإمعان في ذلك بالتحريض الإعلامي والسياسي والتمويل المالي للعابثين في بلادنا انتهاك للمواثيق الدولية المنظمة للعلاقات بين دول الجوار”(46 ).

السيناريو الثالث: استعادة الثورة:

تشهد المدن اليمنية التي دخلها الحوثيون رفضاً لوجود الحركة، تم التعبير عنه من خلال مظاهرات شعبية واسعة تطالب بخروج المسلحين من المدن المحتلة، والانسحاب من شوارع وأحياء العاصمة وبقية محافظات وسط وغرب ﻭﺷﻤﺎﻝ ﺍﻟﺒﻼﺩ، مع مطالبة الرئيس هادي بتشكيل مجلس عسكري لحماية البلاد، ﻭتحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حتى يختار اليمنيون حكامهم، والتشديد في إطار ذلك على ضرورة عودة مؤسستي الجيش والأمن لحفظ الأمن ﻭﺍﻻﺳﺘﻘرﺍﺭ ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ العنف والإرهاب 47.

وعلى الجانب الآخر، فهناك دفع إقليمي ودولي لإنجاح الاستحقاقات اليمنية في مرحلة ما بعد الثورة، تم التعبير عنه بفرض مجلس الأمن عقوبات على عبد الله صالح واثنين من قادة الحوثيين، على خلفية اتهامهم بزعزعة الوضع السياسي في البلاد، بجانب الموقف الخليجي الذي ترجم مؤخراً في بيان الدوحة الذي صدر في التاسع من ديسمبر 2014.

حيث أدانت الدول الراعية للمبادرة الخليجية، استخدام جماعة الحوثي أسلوب العنف والتهديد في المدن والمحافظات التي تقع تحت سيطرتها، كما رفضت دمج عناصرها في الجيش اليمني قبل نزع سلاحهم، معلنة دعمها للعملية السياسية الجارية في اليمن، ومشددة على أهمية تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وفي إطارها مقررات “اتفاق السلم والشراكة الوطنية” الذي وقعته الأطراف اليمنية بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء في 21 سبتمبر الماضي، مدينة في بيانها استخدام العنف أو التهديد باستخدامه من قِبل أحد الأطراف بحجة تعزيز اتفاق السلم والشراكة أو تنفيذ مخرجات الحوار( 48).

ولكن مع ذلك فإن هذا السيناريو يتأرجح بين المؤشرات الداعمة وأخرى داحضة له؛ ففي حين تتمثل المؤشرات الرئيسية لنجاح هذا السيناريو باستكمال جلسات الحوار الوطني، وتواصل الجهد لأجل إنهاء المرحلة الانتقالية بإعلان الدستور ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية دائمة، لكن على الجانب الآخر تضع القوى الحوثية والقوى المرتبطة بالنظام السابق العراقيل في سبيل عمل الحكومة، وحيث نجحت في تجميد العقوبات المفروضة على عناصر التأزيم كشرط لمنح الحكومة الثقة، ويتوقع أن يستمر دورها المعرقل أمام تنفيذ مقررات الحوار الوطني، وخصوصاً ما يتعلق بإنهاء المظاهر المسلحة في العاصمة وسحب سلاح الميليشيات من عموم البلاد، مما يضع عقبات قوية أمام نجاح هذا السيناريو في ظل غياب الحل الأمني، واستمرار ضعف الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة، وعدم كفاية الحراك الشعبي وحده في استعادة زخم الثورة اليمنية.

السيناريو الرابع: العودة إلى المرحلة الانتقالية:

ويقوم هذا السيناريو على افتراض أن الدول الإقليمية لن تنتظر طويلاً تسيد الحوثيين المشهد السياسي اليمني، لما في ذلك من ارتدادات خطيرة على أمن واستقرار كامل المنطقة، ولكن نظراً لوجودهم السياسي والأمني كحقيقة واقعة على الساحة اليمنية، فقد تكون هناك رؤية محلية وإقليمية لمعالجة هذا الوضع، حتى وإن تم تأجيل أمد الاستحقاقات النهائية من إقرار الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، أملاً في الوصول إلى توافق سياسي يساعد في الخروج من الأزمة.

ويشار هنا إلى أن الدول الراعية للمبادرة الخليجية قد حددت عدداً من البنود التي لم يتم تنفيذها في “اتفاق السلم والشراكة”، وهي:

  • البند (7) بخصوص التحضيرات للسجل الانتخابي الجديد، والاستفتاء على الدستور، والانتخابات.
  • البند (8) المتعلق بتحقيق التوافق على الدستور الجديد.
  • البند (14) بخصوص وقف التصعيد السياسي والجماهيري والإعلامي والحملات التحريضية.
  • البند (15) المتعلق بإزالة جميع نقاط التفتيش غير التابعة للدولة في صنعاء ومحيطها عند البدء في تشكيل الحكومة الجديدة.
  • البند (5) من الملحق الأمني باتفاق “السلم والشراكة الوطنية” بخصوص وقف جميع أعمال القتال ووقف إطلاق النار في الجوف ومأرب فوراً، وانسحاب جميع المجموعات المسلحة القادمة من خارج المحافظتين مع ترتيب الوضع الإداري والأمني والعسكري 49.

وإلى حين التوصل إلى التوافق المطلوب بشأن الخلافات المشار إليها، أو التوصل إلى اتفاق سياسي عام بين كل التيارات السياسية والثورية للاستمرار في المرحلة الانتقالية، يتخوف من أن يكون البديل هو تفاقم الوضع الأمني في البلاد.

السيناريو الخامس: الفوضى والحرب الأهلية:

وهي أخطر السيناريوهات المحتملة على الساحة اليمنية، مع استمرار النشاط المسلح للحوثيين من جهة، وتنامي مطالب انفصال الجنوب من جهة ثانية، وتوسع نشاط القاعدة من جهة ثالثة، وحتى حمل رجال القبائل السلاح دفاعاً عن مجتمعاتهم من جهة رابعة، وأخيراً محاولات الحوثيين ضم مسلحيهم قسراً إلى المؤسسات الأمنية، الأمر الذي من شأنه أن يضيف إلى أسباب الخلاف والاحتقان في الدولة. وهنا تبرز عدة اعتبارات يمكن أن تدفع باتجاه هذا السيناريو، لعل في مقدمتها:

1ـ إن سيطرة الحوثيين المسلحة على مناطق واسعة من اليمن، وعلى العديد من المنشآت الحيوية، تدفع في المقابل إلى تنامي نشاط “أنصار الشريعة” المرتبط بتنظيم القاعدة، لمحاولة مواجهة تمدد الجماعة الشيعية. وتعد منطقة “رداع” في محافظة البيضاء بوسط اليمن من أبرز البيئات الخصبة لنشاط “أنصار الشريعة” في مواجهاتهم مع الحوثيين، وبهدف السيطرة على المنطقة التي تعد مدخلاً إلى مديرية “لودر” في محافظة أبين الجنوبية، وحيث يأخذ الصراع هناك صبغة مذهبية (سنية – شيعية)، بغض النظر عن كونه صراعاً سياسياً( 50).

وبحسب إعلانات القاعدة والحوثيين، فقد قُتل المئات من الطرفين خلال الأسابيع الماضية أثناء محاولة كل طرف السيطرة على المدينة التي كانت خاصرة مهمة في الحروب الأهلية في نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي بين الشمال والجنوب، قبل الوحدة اليمنية منتصف عام 1990( 51).

وقد وُجهت اتهامات إلى القاعدة بالتورط في مقتل أكثر من 30 شخصاً، بينهم على الأقل 20 طالبة إثر انفجار سيارتين مفخختين (16 ديسمبر 2014) في “رداع”، وكذلك مقتل عدد من أعضاء اللجان الشعبية التابعة للحوثيين لم يفصح عن أعدادهم. وأشارت مصادر أمنية إلى أن الانفجار استهدف منزل القيادي الحوثي عبد الله إدريس، كرد فعل على تفجير الحوثيين العديد من منازل القبائل والمواطنين في عدد من قرى “رداع”(52 ).

وفي السياق ذاته، لقي عدد من اليمنيين في 18 ديسمبر 2014، مصرعهم في انفجارين هزا مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، استهدف أحدهما منزل اللواء علي محسن الأحمر، الذي احتله الحوثيون وأصبح مكتبا لـ”أنصار الله”، مما تسبب في سقوط نحو عشرة قتلى في صفوف الحوثيين وجرح آخرون بعضهم إصابتهم خطيرة، وتواكب ذلك مع مقتل 16 حوثياً في مدينة ارحب بشمال صنعاء 53.

2ـ إن نشاط القاعدة يمتد ليستهدف المؤسسات السيادية في الدولة من جيش وشرطة، مستغلاً في ذلك الشعبية المتنامية التي أضحى يتمتع بها بسبب مواجهته للحوثيين وتكثيف عملية التجنيد في صفوف التنظيم، وكان من بين العمليات، التي تمت في هذا الإطار، مقتل 3 جنود يمنيين وجرح 5 آخرين في عملية شنها تنظيم القاعدة في 19 ديسمبر 2014، وكانت العملية الثانية من نوعها خلال 3 أيام فقط في محافظة حضرموت جنوب شرقي البلاد، بعد هجوم بعبوة ناسفة نفذته القاعدة في 17 ديسمبر أسفر كذلك عن مقتل ثلاثة جنود في مدينة “سيئون”. وتعد حضرموت من أبرز معاقل تنظيم القاعدة في اليمن، وغالباً ما تتعرض القوات الأمنية اليمنية والجيش لهجمات دامية تنسب عادة إلى تنظيم القاعدة(54 ).

3ـ لا يُستبعد تحرك مسلحي الحوثي ميدانياً نحو محافظة تعز اليمنية، التي تربط بين شمال اليمن وجنوبه بعد أن أحكموا سيطرتهم على مدينة “إب” وسط البلاد، وحيث يؤكد خصومهم أنهم يحاولون التمهيد لمرحلة جديدة من التوسع نحو المحافظات الجنوبية. ويمكن أن يؤدي تسارع خطى الجماعة نحو بسط سيطرتهم على تعز، التي تعتبر النقطة الأخيرة الفاصلة بين المحافظات الشمالية والجنوبية، إلى تحول مدن الجنوب لمحطة صراع قادم بين الحوثيين وفصائل الحراك الجنوبي التي تطالب بـ”فك الارتباط” بين الجنوب والشمال.

وكانت مكونات جنوبية قد حذرت الحوثيين من التقدم باتجاه الجنوب بعد أيام من إعلان سيطرتهم على بلدة “القاعدة” القريبة من مدينة تعز، وقبلها مدينة “الرضمة” الاستراتيجية الواقعة شمال شرق مدينة “إب”، والتي تشكل مدخلاً رئيسياً إلى الجنوب عبر بوابة مدينة “الضالع” المعقل الرئيسي للحراك الجنوبي55 .

وهذا الوضع يفاقم من خطر استفحال الصراع المذهبي والعنصري في اليمن، مما يهدد بنشوء حرب أهلية تكون أطرافها الأساسية الجماعات الدينية المذهبية “السنية- الشيعية” المتطرفة، الأمر الذي يدفع بتكتلات إقليمية لأن تمول وتذكي الصراعات والحروب داخل اليمن، وحينها لا يُستبعد التدخل العسكري الدولي في اليمن تحت البند السابع وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم (2140) لعام 2014(56 ).

السيناريو السادس: تفتت وانقسام اليمن:

على الرغم من أن القضية الجنوبية تم حلها نسبياً خلال جولات الحوار الوطني، ولكن تطورات الوضع في اليمن ونجاح الحوثيين في فرض واقع على الأرض يزيد على الجانب الآخر من طموح الحراك الجنوبي لتحقيق هدفه بالانفصال، وفي ظل خروج الجنوب من سلطة الدولة بصورة شبه تامة.

ويركز الحراك في هذا الإطار على استنساخ تجربة الحوثيين قبل اجتياحهم صنعاء، بتكثيف تحركاتهم الميدانية من خلال توسيع المظاهرات وإقامة ساحات الاعتصام، وتنفيذ فاعليات أسبوعية للعصيان المدني، كان من نتيجتها معاناة عدد من المحافظات الجنوبية من شلل شبه تام، ووقوع اشتباكات متقطعة بين القوات الأمنية ومناصري الحراك الجنوبي، أسفرت عن مقتل وجرح عدد محدود من مواطني الجنوب.

وعلى الرغم من المخاوف القائمة من تمدد الحوثيين ناحية الجنوب، ولكن مع ذلك لا يستبعد البعض حدوث اتفاق بين الحراك الجنوبي والحوثيين على دعم صيغة اتحاد فيدرالي من إقليمين، شمالي وجنوبي، بعيداً عن التقسيم الفيدرالي الذي خرج به مؤتمر الحوار الوطني، بالتحالف مع الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي سالم البيض، الذي تربطه علاقات جيدة مع إيران ويقيم الآن في بيروت(57 ).

وقال الأمين العام لحزب “رابطة أبناء الجنوب العربي الحر” محسن بن فريد، “إن أبناء عدن والمدن الأخرى لن يتراجعوا عن خيار استعادة دولة الجنوب العربي”، وأشار إلى أن “الدولة المنشودة ستكون اتحادية، ولن ترث جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي اتحدت مع اليمن الشمالي، وعاشت حرب الانفصال ثم أعيدت قسراً للوحدة مع الشمال”، بحسب تصريحه، وأوضح أن هيمنة الحوثيين على مقدرات الشمال والحكم في صنعاء يدفع بأبناء الجنوب العربي إلى التعجيل بإقامة دولتهم(58 ).

وترى عناصر الحراك الجنوبي أن مقومات الدولة الجنوبية -وإن بدت غير متوفرة في الوقت الحالي- يمكن وجودها في المستقبل إذا ما تمكن الجنوبيون من فك ارتباطهم بالشمال، ولاسيما أن لدى الجنوبيين إرثاً إيجابياً مع الدولة، ويمتلكون خبرات تمكنهم من بناء وطن مستقل قابل للحياة والتطور، مع الوضع في الاعتبار أن الوضع الأمني في الجنوب أفضل بمراحل من الوضع في الشمال، وحتى في العاصمة صنعاء.

كما أن فروع الوزارات المختلفة في عدن يمكن أن تتحول إلى وزارات مركزية، إضافة إلى أن الدولة الجنوبية السابقة كانت تمتلك نظاماً إدارياً وجيشاً، ووفق بعض التقارير الاقتصادية يمتلك الجنوب أكثر من 60% من مجمل الثروة في اليمن، وتغطي عائدات النفط الخام المستخرجة من محافظتي حضرموت وشبوة الجنوبيتين نحو 70% من الموازنة العامة للدولة، و63% من إجمالي صادرات البلاد، و30% من الناتج المحلي الإجمالي، وإلى جانب النفط والغاز والسمك والزراعة، يمتلك الجنوب ثروات معدنية من بينها الذهب.

لكن في المقابل توجد عدة معوقات في سبيل استقلال الجنوب، ذلك أن مقومات الدولة هناك تم إضعافها إلى حد كبير بعد حرب صيف 1994، وأيضاً فإن إعادة الكوادر الجنوبية المؤهلة لبناء المؤسسات من جديد يتطلب إمكانيات كبيرة ودعماً ومساندة من جانب دول الإقليم، التي ستخشى غالباً تبعات انفصال الجنوب(59 ).

ومن ثم فإن الخلاصة التي يمكن التوصل إليها، وفي ضوء تعدد السيناريوهات الخاصة بمآل الوضع الأمني والسياسي في اليمن:

أن تمكن الحوثيين من تعزيز نطاق نفوذهم وسيطرتهم داخل الدولة هو احتمال ليس ببعيد، مستغلين في ذلك الأداة العسكرية لتحقيق عدد من المطامح السياسية المحلية والإقليمية، في حالة تعيد إلى الأزهان الدور الذي يقوم به “حزب الله” في لبنان، وخصوصاً في حال عدم نجاح القوى السياسية اليمنية في وضع استراتيجية عملية قابلة للتنفيذ لتطويق نفوذ الحوثيين، الأمر الذي يتعارض وطموح الحراك الجنوبي بتحقيق هدف الانفصال.

وفي ظل هذا الوضع تتضاعف المخاوف من تبعات الاشتباكات القائمة في اليمن وبين أطراف مختلفة، قد تفضي إلى فوضى وحرب أهلية، وخصوصاً مع حالة عدم الاستقرار القائمة في الجوار والتنازع بين عدد من الأطراف على تحقيق هدف الهيمنة الإقليمية.

سابعاً: الخيارات المتاحة أمام إخوان اليمن:

إزاء الخطر الذي تمثله جماعة الحوثي على الصعيدين الأمني والسياسي، واستهدافها إخوان اليمن على نحو خاص، و في ضوء السيناريوهات ذات الاحتمالات المتقاربة التي تم استعراضها، يكون التساؤل عن الخيارات المتاحة أمام الإخوان لمواجهة هذا الوضع، وخصوصاً مع دورهم المؤثر في تاريخ اليمن وتطوراته السياسية الآنية:

ويمكن بهذا الشأن طرح عدد من البدائل:

الخيار الأول: الردّ باستخدام القوة على انتهاكات الحوثيين:

خصوصاً مع تعمدهم استهداف منازل قيادات الإخوان والمقرات السياسية التابعة لحزب الإصلاح. ولكن إخوان اليمن والحزب كانوا واضحين في رفض اللجوء إلى العمل المسلح، والتأكيد أن ذلك من أعمال السيادة المرتبطة بالجيش والشرطة، ولاسيما بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي وقعت خلال المواجهات مع الحوثيين في عمران، والتي لحقت حتى بالمدنيين، وأدت إلى عمليات نزوح واسعة للأسر اليمنية60 .

وأيضاً لأنه من شأن الارتكاز إلى العمل المسلح وحده في مواجهة نشاط الحوثي، أن يضاعف من خطر نمو التنظيمات الإرهابية المسلحة، الأمر الذي يستنهض معه الصراع المذهبي والعنصري في اليمن، وبما لا يساعد تحقيق الاستقرار المنشود، وحينها سيسمح وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2140) لسنة 2014 بالتدخل العسكري الدولي تحت البند السابع ليصبح اليمن بعدها مسرحاً أوسع للحروب والصراعات الدولية والإقليمية61 .

الخيار الثاني: دعم المظاهرات المعارضة لجماعة الحوثي:

إذ تشهد المدن اليمنية التي دخلها الحوثيون رفضاً لوجود الحركة تم التعبير عنه من خلال مظاهرات شعبية واسعة، وجاء في إطار ذلك تنظيم اليمنيين في الأول من نوفمبر، مظاهرات في العاصمة صنعاء مطالبة بخروج مسلحي الحوثي، مع مطالبة الرئيس هادي بتشكيل مجلس عسكري لحماية البلاد، ﻭتحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حتى يختار اليمنيون حكامهم، كما طالب المتظاهرون ﺑـ”رحيل مليشيات الحوثي من شوارع وأحياء العاصمة وبقية محافظات وسط وغرب ﻭﺷﻤﺎﻝ ﺍﻟﺒﻼﺩ”، مشددين في بيان أصدروه على “ضرورة عودة مؤسستي الجيش والأمن لحفظ الأمن ﻭﺍﻻﺳﺘﻘرﺍﺭ ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ العنف والإرهاب”62 .

في وقت أعلن فيه “الحراك التهامي السلمي” في غرب اليمن تصعيد مسيراته الاحتجاجية الرافضة لوجود المليشيات المسلحة، مضيفاً أنه بصدد إعلان برنامج تصعيدي في حال لم يخرج الحوثيون من مدينة الحديدة ومن تهامة ككل 63. ولكن مع أهمية التحرك في إطار هذا الخيار لإظهار حجم المعارضة الشعبية لوجود الحوثيين، فإن فعالية الاعتماد على هذا الخيار وحده تبقى محدودة في مواجهة الدور المسلح للحركة الحوثية.

الخيار الثالث: القبول بجماعة الحوثي:

ذلك أن الجماعة، وبحسب وجهة نظر البعض، أصبحت بالفعل واقعاً موجوداً على الأرض، وهي جزء من العملية السياسية القائمة خاصة بعد توقيع “أنصار الله” مع مختلف القوى والأحزاب السياسية على وثيقة “السلم والشراكة الوطنية” بإشراف أممي ومباركة إقليمية ودولية.

غير أن القبول بالحركة الحوثية والتعامل معها بوصفها شريكاً قوياً ومؤثراً على الساحة اليمنية يكون فقط بافتراض أنها ستتحول إلى حركة سياسية خالصة ذات برنامج مدني يرفض ممارسة العنف وينبذ استخدام السلاح، و لا يرتبط بأية مشروعات خارجية، أما في حال استمرار تمسك الحوثيين بمنطق القوة والسلاح فمشروعهم ستظل تحكمه وتسيطر عليه أفكار واتجاهات مذهبية متعصبة، ذلك أن مشروع الحركة الحوثية يتماهى أصلاً في أهدافه ومراميه مع المشروع الإيراني في المنطقة، مما يشكل من وجهة نظر محلية وإقليمية تهديداً لأمن واستقرار اليمن ودول الخليج عموماً64 .

الخيار الرابع: انتظار إخفاق الحوثيين:

ويقوم هذا السيناريو من منطلق أن حداثة تجربة الحوثيين في العملية السياسية كفيل بحد ذاته في إنهاء تأثيرهم سريعاً، فلا خبرات ولا خبراء لديهم في مواجهة مشكلات اليمن الضخمة، إذ يمثلون قوة عسكرية كبيرة دون برنامج وعمل سياسى65 ، هذا بالاضافة الى تمددهم الجغرافي الواسع فيما يتعدى حدود قدراتهم في الحفاظ على مراكزهم الجديدة، مع الأخذ في الاعتبار الأزمات التي يواجهها النظام الايراني الداعم للحوثيين في الوقت الحالي، مما قد يؤثر على هذا الدعم في المستقبل.

ودون إغفال تأثير القرار الذي اتخذته الأمم المتحدة في 7 نوفمبر بفرض عقوبات على الرئيس السابق عبد الله صالح و2 من قادة الحوثيين العسكريين هما عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيي الحكيم، وحيث يخضع الثلاثة الآن لحظر على السفر وتجميد لأصولهم المالية66، وأعقب ذلك قرار الولايات المتحدة الأمريكية في 10 نوفمبر تنفيذ قرار الأمم المتحدة، بعد أن وجهت وزارة الخزانة الأمريكية إلى الثلاثة تهم الإساءة “مباشرةً إلى السلام والاستقرار في اليمن”، والتدبير للانقلاب على السلطة 67.

غير أن الاعتماد على هذا السيناريو فيه مجازفة كبيرة، خصوصاً مع نجاح النهج المسلح الذي يتبعه متمردي الحوثي إلى الآن، فضلاً عن أنه لا يمكن الإستهانة بقدرتهم على التكيّف مع الواقع وتبدل الظروف كما اتضح خلال أحداث ما بعد الثورة اليمنية، وخوضهم غمار العمل السياسي توازياً مع استمرارهم في النهج المسلح؛ فالواقع يبين بوضوح أن متمردي الحوثي لم يتلقوا بعد هزيمة عسكرية كبيرة تدفعهم إلى إعادة النظر في حساباتهم.

الخيار الخامس: الرهان على الأطراف الإقليمية:

ويقوم هذا السيناريو على افتراض أن الدول الإقليمية لن تنتظر طويلاً تسيد الحوثيين المشهد السياسي اليمني، لما في ذلك من ارتدادات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة، ويرى أنصار هذا السيناريو أنه حتى بافتراض صحة التحليلات بوجود دور غير مباشر لأطراف إقليمية في توسع نشاط الحوثيين بهدف تحجيم دور الإخوان المسلمين في اليمن وعلى مستوى الإقليم، لكن هذه الأطراف لن تنتظر نجاح كل مخططات الجماعة التي تعمل لصالح إيران 68.

وذلك مما يفسر الترحيب الإقليمي والدولي الواسعين بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، وبعد أن كانت الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية قد شددت في بيان أصدرته في 31 أكتوبر، على أن “اليمن بحاجة إلى حكومة فعالة كي يكون بإمكانها توفير الأمن والإدارة الاقتصادية المستقرة والإدارة الوطنية السليمة للمواطنين، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الاجتماعية”، داعية جماعة “أنصار الله” إلى “وقف استحواذهم المستمر على الأنشطة العسكرية وأنشطة الدولة، ومن ذلك سيطرتهم على مناطق مختلفة، والاستيلاء على المعدات العسكرية الحكومية التي يجب عليهم أن يعيدوها إلى الدولة”69 .

توصيات ختامية

في ضوء التحدي الذي يطرحه الواقع اليمني، وخصوصاً مع نجاح الحركة الحوثية بنهجها المسلح في توسيع مناطق نفوذها، فإنه قد يكون من المهم للإخوان المسلمين لمواجهة هذا الوضع العمل على المحاور التالية.

المحور الأول: معالجة قضية حمل السلاح:

وذلك بالتأكيد على أهمية نبذ العمل المسلح من جانب كل الأطراف اليمنية، ودعم جهود الدولة لمعالجة مشكلة انتشار السلاح، مقابل التزام إخوان اليمن بسياسة ضبط النفس والحفاظ على سلميتهم رغم ما يتعرضون له من ضغوط، ذلك أن الدخول في مواجهات عسكرية واسعة مع الحوثيين سيصعب معه تجنب إصابة المدنيين، وسيفاقم الوضع الإنساني بتوسع نزوح الأسر اليمنية، ويعطي فرصة للعناصر المتطرفة لتحقيق أجندات ومآرب خاصة، الأمر الذي يؤثر حتى على الشعبية التي يتمتع بها الإخوان المسلمون، سواء في داخل اليمن أو على المستوى الإقليمي.

غير أن نبذ كل مظاهر العمل المسلح يتطلب على الجانب الآخر ضغط من جانب الإخوان المسلمين ومن جانب حزب التجمع اليمني للإصلاح في داخل المسار الحكومي، لأجل استكمال جهود تطهير الجيش والشرطة من كل العناصر الفاسدة واستبدالها بقيادات وطنية مشهود لها بالنزاهة، وحتى التيقن من تفكيك شبكة أقارب عبد الله صالح في الجيش وفي المؤسسات الأمنية المختلفة، وخصوصاً أن ذلك كان أحد المطالب الرئيسية لثورة الشباب اليمنية والتي لم يتم استيفائها على نحو كامل.

الأمر الذي كان من نتيجته استمرار عناصر موالية للرئيس السابق في مواقع مؤثرة داخل الجيش وفي داخل المؤسسات الأمنية، والتي توجه إليها اتهامات بمهادنة الحوثيين للسيطرة على أنحاء واسعة في اليمن، ودون إغفال تحكم الحوثيين واقعياً على النقاط الأمنية في العاصمة صنعاء في تراجع لدور رجال الأمن المكلفين رسمياً بذلك، وذلك الوضع يزيد بلاشك من الحنق الطائفي والسياسي داخل الدولة، ويدفع أطراف مختلفة حتى من القبائل اليمنية لحمل السلاح لمواجة الخطر الحوثي، وذلك ما يستدعي دور فاعل للجيش، وعلى أن يراعى في جهود إخوان اليمن لاستكمال هذا الدور المتطلبات الآتية:

  • التأكيد على أهمية حياد الجيش وتوفير الظروف الملائمة لذلك، والتنبيه هنا لمخاطر ما كشفه وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي عن توجه لاستيعاب المسلحين الحوثيين في القوات المسلحة والأمن، وحيث يطالب “أنصار الله” بضم عشرات الآلاف منهم إلى الجيش، فيما تصر السلطات على قبول عشرين ألفاً منهم فقط، ولكن في كل الأحوال يجب معارضة هذا التوجه لما فيه من إضرار بيّن بالحياد المفترض أن يكون عليه الجيش.
  • ضمان التمثيل المتوازن في الجيش ليكون ظهيراً أمنياً لكل التيارات وبما لا يدفع إلى تكوين ميليشيات خاصة تغذي نوازع الانفصال لدى البعض، وأيضاً إحباط حاجة اليمنيين إلى حمل السلاح حماية لأمنهم أو حتى لمواجهة ما يروه من مخططات تدميرية لبعض الأطراف.
  • إن وجود جيش يمني أمر مهم، ليس فقط لمواجهة مطامح الحوثيين والحفاظ على وحدة الدولة، ولكنه يعمل أيضاً كحائط صد ضد أي مظهر من مظاهر التدخل العسكري الخارجي حتى لو بدعم الكيانات المتمردة في الداخل، ويساعد كذلك في مواجهة النشاط المتنامي للقاعدة.

المحور الثاني: البحث في حلّ جذري لقضية صعدة:

فقد لا يكون هناك بُدّ من البحث في حل واقعي لأزمة صعدة وحلّ كل الآثار المترتبة على استمرار تلك القضية على مدار عشرة أعوام كاملة، على أن يراعي إخوان اليمن في ذلك عدد من الأمور:

  • أن يرتبط أي حوار مع الحوثيين أو ممثلهم “أنصار الله” بشروط مسبقة بنبذ كل مظاهر العمل المسلح، والالتزام الكامل ببنود اتفاق “السلم والشراكة” التي وقعها الحوثيون ومختلف الأطراف اليمنية مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، واستكمال ذلك بالتوقيع على الملحق الأمني الخاص بالاتفاق، والذي يقضي في أهم بنوده بسحب مسلحي الحوثي من صنعاء، والتوقف عن تحركاتهم الميدانية نحو عدد من المحافظات والمدن اليمنية.
  • أي حديث أثير عن اتفاق تهدئة بين اخوان اليمن والحوثيين يقضي بوقف المعارك والمواجهات المستمرة بينهم، قد يكون مهماً في سبيل نزع أسباب التوتر والخلاف، لكن من المهم أن يضمن الاتفاق أيضاً تعهدات أكيدة من جانب الحوثيين بالالتزام الكامل بالبنود السابق الإشارة إليها، وعلى أن يراعي الاتفاق الصالح اليمني العام وليس فقط كيفية تجنب المواجهة بين الطرفين، وذلك ما يساعد على تفعيل الدور الوطني لإخوان اليمن من جهة، ويدعم سبل بناء الدولة العادلة التي تكفل الحقوق والحريات لجميع اليمنيين من جهة أخرى. ولكن في حال استمرار الحوثيين في نهجهم المسلح، وحيث تشير الأنباء إلى سيطرتهم مؤخراً على الكلية الحربية في العاصمة، فإن ذلك لا يستقيم ومنطق الحوار.
  • من الأهمية بمكان تفعيل دور المتخصصين من رجال الدين لأجل لإلقاء الضوء على مدى التقارب المذهبي بين الفكر الزيدي الذي يعتنقه السواد الأكبر من الشيعة في اليمن والمذهب السني، مقابل خلافات الفكر الزيدي الجوهرية مع المذهب الإمامي في إيران، وبما يساعد على تخفيف حدة الاحتقان الديني الذي لا ينبغي أن يعانيه اليمن، ذلك أن نقاط التماسّ بين الشيعة الزيدية والسنة أكبر من نقاط التماس بين الشيعة الزيدية والاثني عشرية الإمامية، بل إن الاثني عشرية الإمامية لا يعترفون أصلاً بإمامة زيد بن علي مؤسس المذهب الزيدي، وعلى الناحية الأخرى فإن الزيديين لا يقرون كثير من معتقدات الاثني عشرية ولا حتى في موقفهم من الصحابة الكرام.
  • يرتبط بالنقطة السابقة إلقاء الضوء إعلامياً على حقيقة استغلال الحوثيين من جانب إيران في تنفيذ أجندات اقليمية خاصة بالأخيرة تخدم أهدافها داخل اليمن وعلى الساحة الإقليمية، وكيفية استقطاب إيران لبدر الدين الحوثي والذي أصدر كتاباً بعنوان “الزيدية في اليمن”، يشرح فيه أوجه التقارب المزعومة من وجهة نظره بين الزيدية والاثني عشرية، ثم اضطراره إلى الهجرة إلى طهران بعد المقاومة الشديدة لفكره، حيث عاش هناك سنوات عدة قبل أن يعود ليخوض الحروب الستة في مواجهة الدولة اليمنية خلال الفترة من 2004 وحتى 2010.
  • لا ينبغي إغفال حقيقة أن نجاح بدر الدين الحوثي في استقطاب شيعة اليمن لتنفيذ أجندات وأهداف إقليمية لم يكن ذلك بعيداً عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي السيئ في شمال اليمن، الأمر الذي يجب معالجته، ليس فقط في صعدة، ولكن في كل أنحاء اليمن؛ فالتوزيع العادل للموارد هو الضمان الأول للأمن والاستقرار، وهو ما ينبغي أن يركز عليه الإخوان المسلمون ومن خلال “حزب التجمع اليمني للإصلاح” في إطار جلسات الحوار الوطني واجتماعات المجالس الحكومية، وعلى أن يتم وضع خطة فاعلة لإعادة إعمار صعدة، وكل المناطق اليمنية التي تعاني التهميش70 .

المحور الثالث: التنسيق والتعاون السياسي مع الحراك الجنوبي:

بحيث يكون الهدف هو مواجهة أي دور معرقل للحوثيين والفلول من فريق عبد الله صالح، والذي دخل في عداء واسع مع الجنوبيين الذين كانت لهم تظلمات من ممارسات النظام تجاههم بعد حرب 1994. ولذلك يكون من المهم إبداء موقف تضامني من جانب الإخوان لتنفيذ ما تم التوصل إليه في جلسات الحوار الوطني بتفعيل المشاركة السياسية للجنوبيين وتحقيق العدالة الاقتصادية، وبحيث يكون الحدّ في دعم مطالب الجنوبيين هو ما دون تنفيذ هدف الانفصال، حفاظاً على وحدة اليمن من جهة، ولمحاولة تحقيق الوفاق السياسي لما فيه الخير العام من جهة أخرى.

وقد يكون من المفيد هنا دعم الجهود الأخيرة التي اتخذها الرئيس منصور هادي في سبيل إعادة الموظفين المدنيين من الجنوبيين الذين سبق فصلهم بعد الحرب إلى أعمالهم ومعالجة قضايا الأراضي المنهوبة في الجنوب، بجانب إصداره مرسوماً لإعادة وتسوية أوضاع 8 آلاف ضابط وجندي تم إبعادهم خلال حكم الرئيس السابق. وفي إطار التنسيق والتعاون مع الجنوبيين والنظر في مطالبهم، يكون من المفيد أيضاً إلقاء الضوء على الخطر المشترك الذي يمثله ليس فقط نشاط القاعدة على الساحة اليمنية وفي الجنوب، ولكن أيضاً توسع نشاط الحوثي الذي يسعى في مخططاته لمد سيطرته حتى إلى المناطق الجنوبية.

ومن ذلك فإن التنسيق مع الجنوبيين يساعد على تحقيق عدد من الأهداف، فهو يساعد على تهدئة نوازعهم الانفصالية من جهة، ويدعم التقارب السياسي بينهم وبين الإخوان المسلمين من جهة ثانية، ويساعد في مواجهة مخططات النظام السابق من جهة ثالثة، ويساعد على التنسيق في مواجهة مخططات الحوثيين من جهة رابعة، ويُعدّ هذا التنسيق حائط صد في مواجهة نشاط القاعدة من جهة خامسة.

المحور الرابع: عدم الاستهانة بالتنسيق مع التيارات والأحزاب اليمنية المختلفة:

الأمر الذي ترجم أخيراً بتشكيل الحكومة رغم ما واجهته من تحديات، ويمكن البناء على مثل هذا التعاون لأجل الدفع نحو إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية، وعلى أن يتم البحث بالأساس في القضايا محل الاتفاق، وعلى سبيل المثال كيفية إضعاف نفوذ النظام السابق، والرؤى العملية لتقوية دور الجيش وضمان عدم تسييسه، وكيفية مواجهة التمدد الحوثي، وسبل حل القضية الجنوبية، الأمر الذي يعني وحدة الأطراف اليمنية في مواجهة التحديات، وحتى لا يتاح للمتمردين سوى البحث في كيفية تحقيق مطالبهم بالتعاون المشترك، وتحت مظلة الحوار الوطني الشامل.

ولا ينبغي هنا إغفال دور إخوان اليمن، وحزب الإصلاح تحديداً، في تكتل “اللقاء المشترك” الذي يضم عدداً من الأحزاب اليسارية والقومية والدينية، وحيث كان للحزب الدور الرئيسي في التكتل الذي نجح في دعم الجهود المطالبة برحيل الرئيس السابق، ولذلك من الأهمية بمكان الحفاظ على هذه المكانة وعلى هذا الدور بتكثيف التعاون والتنسيق بين التيارات السياسية المختلفة والعمل على التقارب معها لأجل تحقيق ما فيه صالح اليمن.

وذلك على الجانب الآخر يتيح تحقيق عدد من الأهداف، والتي يأتي من بينها القبول بنتائج المسار السياسي، وعدم تحميل الإخوان وحدهم مسؤولية أي إخفاق وارد في العمل السياسي، وتقوية النوازع الوطنية للنجاح المشترك، فضلاً عن تخفيف درجة الاحتقان الداخلي.

المحور الخامس: البحث في سبل التعاون الإقليمي:

فعلى الرغم من التوترات القائمة في علاقة الإخوان بعدد من الأطراف الإقليمية، ووجود شكوك لدى البعض بتقبل تلك الأطراف للتطورات الأخيرة في اليمن بهدف التأثير في دور الإخوان المسلمين، ولكن مع ذلك يمكن لإخوان اليمن التركيز على الخطورة التي تمثلها جماعة الحوثي لمحاولة التأثير في تلك المواقف. والجدير بالذكر، أن المبادرة الخليجية في عام 2011 كان لها دور في تحجيم المخاطر الأمنية في اليمن مباشرة بعد الثورة، ثم دعم الحوار الوطني الذي نجح في تحجيم مطالب الجنوبيين بالانفصال، وحتى تشكيل الحكومة الأخيرة، الأمر الذي يمكن استغلاله بالبناء على النقاط محل الاتفاق وإثبات الدور الذي يمكن للإخوان القيام به في التصدي للتهديد الشيعي القائم في المنطقة.

وقد يكون من المفيد هنا استغلال المصالحة الخليجية بين قطر ودولتي السعودية والإمارات بالأساس، في إرسال الرسائل الخاصة بحجم التهديد الذي يمثله النشاط الحوثي، وأهدافه في مد سيطرته حتى الممرات المائية الحيوية في نطاق اليمن لصالح أهداف خارجية، والدور السياسي والدعوي الذي يمكن لإخوان اليمن القيام به لمعالجة هذا التتهديد وتطويقه.

المحور السادس: تعزيز الاهتمام بالبعد الإعلامي:

يتمتع إخوان اليمن بحضور شعبي وسياسي واسعين في المجتمع وفي مؤسسات الدولة، وهو ما يمكن استغلاله والبناء عليه لأجل تحجيم مخاطر عودة النظام السابق، بالتوازي مع الحاجة إلى مراجعة الخطاب السياسي للإخوان المسلمين، وتطوير أدواتهم الإعلامية التي أضحت اليوم الموجه والمرشد والمحرك لعجلة المجتمع. وليس بعيداً عن الحقيقة أن الحرب الإعلامية التي شُنّت ضد الإخوان وعلى الصعيد الإقليمي العام، كانت سبباً رئيسياً لما عانوه مؤخراً من مشكلات وما تعرضوا له من هجمات، لم يكن النجاح كاملاً من جانب الجماعة في مواجهتها، مما أدى إلى تراجع نسبي في دورها بعد نجاحها الكبير في خضم ثورات الربيع العربي. ولذلك يجب مراعاة عدد من الأمور:

  • أن يكون تطوير الأجنحة الإعلامية التابعة لإخوان اليمن ليس فقط على الصعيد الكمي، ولكن على الصعيد التقني أيضاً، والاستفادة في إطار ذلك من المهنيين المتخصصين.
  • محاولة الالتزام بالحياد حتى في نقل وجهة نظر الجماعة إزاء التطورات السياسية، بإلقاء الضوء على المرتكزات المنطقية لوجهات النظر تلك، ومما يساعد في توسيع قاعدة متابعة الأخبار على المواقع الإعلامية المدعومة من الإخوان.
  • إلقاء الضوء على قضايا داخلية وخارجية عامة وبما يساعد على استقطاب مساحة أكبر من المتابعين، والاستفادة من ذلك ضمنياً في إرسال رؤى إخوان اليمن بصورة ليست بموجهة وغير مباشرة، مما قد يحدث تأثيراً أكبر.
  • عدم إغفال البعد الدعوي والديني في إلقاء الضوء على القضايا السياسية، فذلك هو الركيزة الأساسية لدعوة الإخوان تخدمها السياسة، وليس العكس، وأيضاً فإن الجانب الدعوي يساعد على تغذية قيم التسامح والتحاور والشورى، كما يساعد في تحجيم أي اتجاهات متطرفة داخل اليمن، ولإظهار الصورة الحسنة، ليس فقط للإخوان، ولكن للإسلام على نحو عام.

المحور السابع: أهمية استيعاب الطاقات الشبابية:

لم يغفل الإخوان المسلمون منذ بداية دعوتهم لأهمية النشاط الاجتماعي في عمل الجماعة، غير أن ذلك لا يعني التغافل عن أهمية التطوير والتجديد، وفي ظل المتغيرات الاجتماعية والسياسية القائمة، والتعاون مع الهيئات الاجتماعية والشخصيات النافذة في هذا الشأن على الساحة اليمنية، حتى من خارج إطار الجماعة.

ومن الأهمية بمكان في إطار ذلك إيلاء أهمية خاصة لاستيعاب الطاقات الشبابية، ليس فقط على الصعيد الداخلي لإخوان اليمن، ولكن على الصعيد العام، بتفعيل دور الشباب في عملية اتخاذ القرار داخل الجماعة، فيزداد إيمانهم بدورهم وتضعف نوازع الانفصال لديهم (وهو الوتر الذي تلعب عليه بعض الأطراف المعادية)، وحتى على الصعيد العام يكون التحاور مع القيادات الشابة على الساحة اليمنية، وبما يساعد على تفعيل دورهم ونشاطهم السياسي، وضعاً في الاعتبار الحقائق الآتية:

  • أن الشباب كان لهم السبق في الحشد للثورة اليمنية، وقد قدموا عدد كبير من الضحايا بوقوع نحو ألفين شهيد و20 ألف جريح خلال تسعة أشهر من عمر الثورة السلمية، ومقابل ذلك فإن الشباب في اليمن لهم تظلمات واسعة من تحجيم دورهم في رسم الخريطة السياسية بعد الثورة وتراجع مقاعدهم في جلسات الحوار الوطني العام.
  • تفعيل دور الشباب يساعد في وضع رؤى عصرية لحل المشكلات اليمنية وإدارة الدولة ومواجهة التحديات، وتفعيل هذا الدور للشباب يعالج على الجانب الآخر نوازع التطرف لدى قطاع من الشباب قد يتجه إلى الأنشطة المتطرفة في حال عدم استيعاب طاقاتهم وطموحهم.
  • مبادرة إخوان اليمن وقادة حزب الإصلاح باستيعاب طاقات الشباب السياسية، ووضع الخطط اللازمة لذلك، فإنهم بذلك يعطون نموذجاً إيجابياً لباقي التيارات يمكنهم الاقتداء به، وكذلك للقطاع العام من الشباب الذي يصبح أكثر تفهماً لسياسات الإخوان في اليمن.

تعليق المعهد المصري

للدراسات السياسية والاستراتيجية

يوضح التحليل السابق للسيناريوهات المختلفة عدم وجود سيناريو راجح بقوة، بل تتقارب نسب رجحان جميع السيناريوهات مما يجعلها جميعا شديدة الحساسية نحو حدوث أية متغيرات جديدة، و قد تدفع خطوة واحدة خاطئة الى كارثة، أو على الأقل الى تغيير المعادلة في اتجاهات سلبية، مما يدفع القوى الوطنية الجادة و في مقدمتها الاخوان الى العمل الايجابي المبادر لادخال عوامل جديدة تؤثر على المعادلة ايجابيا، مع التحلي بالمرونة و اتباع منهجية الرشاقة الاستراتيجية للاستجابة السريعة الى أية متغيرات.

في ضوء النتائج والخلاصات السابق عرضها، تأتي أهمية التفكير في تبني إستراتيجية شاملة، تقوم على الايجابية والمبادرة في اتخاذ المواقف مما يدفع في اتجاه السيناريو الأمثل بالنسبة لليمن، من خلال “العمل على تحريك الشارع ثوريا، مع السعي لاستنزاف الحوثيين وانهاكهم عسكريا، وذلك بهدف انجاح الثورة اليمنية واستئناف المسار الديمقراطي الصحيح”.

ويقتضي تحقيق هذه الاستراتيجية العمل على عدة مسارات على التوازي، وذلك على النحو التالي:

  • الانهاك و الاستنزاف العسكري للحوثيين بأدوات مختلفة.
  • بناء تحلفات وطنية (أحزاب – قبائل – حركات شبابية).
  • السعي لتفكيك تحالف الحوثييين مع علي عبد الله صالح.
  • السعي لتفكيك تحالف الحوثيين/ صالح مع السعودية و الامارات.
  • السعي لتحريك و تثوير الشارع.
  • تفعيل شبكة من العلاقات الاقليمية والدولية مع القوى الأكثر تأثيراً وفاعلية في الداخل اليمني والأكثر إيماناً بأهمية التحول السياسي وإنجاح المسار الديمقراطي.

———————————————-

الهامش

2 ( ) د. عبد السلام محمد، الوضع الحالي في اليمن، مركز أبعاد، ، اليمن، حلقة نقاشية مع المركز المصري للدراسات السياسية و الاستراتيجية 27 أكتوبر 2014.

3 ( ) تشير بعض المعلومات بأن اجتماعاً تم في روما في منتصف 2014، شارك فيه الايرانيون والاماراتيون وكذلك أحمد علي عبد الله صالح، اتفقوا فيه على التحالف واسقاط عمران ثم التقدم، وذلك بتميل اماراتي. و في ضوء تفاجؤ السعوديين بسقوط صنعاء بسهولة، و أنهم قد تم خداعهم من الامارات، بدأ هجومهم باتجاه علي عبد الله صالح.

4 ( ) طبقا لهذا التصور، يرى البعض أنه لا يمكن النظر للحوثيين على أنهم مجرد مجموعة سياسية مسلحة، ولكنهم يشكلون مشروعاً للاستيلاء على الدولة في إطار المشروع الايراني الكبير، و قد يشابه ما يتم الان ما قام به الايرانيون من قبل في دعم حزب الله في لبنان.

5 ( ) د. عبد السلام محمد، الوضع الحالي في اليمن، مصدر سابق

6 ( ) د. عبد الوهاب الروحاني، تعقيدات المشهد اليمني: الانقلاب على المبادرة الخليجية ( 1 – 3)، صحيفة الشرق الأوسط، 18/10/2014.

7 ( ) فتحي شمس الدين، كيف سيطر الحوثيون على صنعاء دون مقاومة من الجيش؟، موقع بي بي سي العربية، 26/9/2014

8 ( ) د. عبد الوهاب الروحاني، سقوط صنعاء تحالفات داخلية وخارجية ، الهدف إبعاد «إخوان اليمن»، موقع مأرب برس الالكتروني، 19/10/2014. هذا بالاضافة الى أن من مصلحة علي عبد الله صالح أن يتم تفكيك الدولة في وضعها الحالي بحيث يصير هو القوة الرئيسة القادرة على السيطرة.

9 ( ) فتحي شمس الدين، مرجع سابق

10 ( ) حسان حيدر، علي عبد الله صالح يسعى إلى إضعاف الإخوان والحوثيين؟!، موقع فرانس 24 الالكتروني، بتاريخ: 22/10/2014 . الرابط

11 د. عبد الوهاب الروحاني، تعقيدات المشهد اليمني: الحوثيون.. الواقع الجديد ( 3 – 3)، صحيفة الشرق الأوسط، 20/10/2014

12 ( ) صحيفة القدس العربي، 13/11/2014

13 ( ) كان الرئيس هادي بعد تكليفه محفوظ بحاح بتشكيل الحكومة، قد نجح في الحصول على توقيع الكتل السياسية المختلفة، ومنها أنصار الله”، على وثيقة تتضمن تفويضه وبحاح بتشكيل حكومة كفاءات وطنية وفقاً للمعايير المتفق عليها في وثيقة “السلم والشراكة الوطنية”، وحيث تعهدت الكتل السياسية بعدم معارضة هذه الحكومة أو الطعن عليها، والالتزام بتقديم كل الدعم اللازم لها، وهو الأمر الذي لم يلتزم به الحوثيون.

14 صحيفة الحياة اللندنية، 10/11/2014

15 ( ) أضلاع مثلث الرعب في اليمن… تتسبب بمغادرة الاسر لمنازلها، موقع براقش. نت الالكتروني، 3/11/2014. صحيفة الشرق الأوسط، 28/10/2014

16 صحيفة الحياة اللندنية، 12/11/2014

17 http://www.dostor.org/706203 ، 3/11/2014

18 http://www.dailynewsarabic.com/arabic-news/2014/news-33579.html ، 11/10/2014

19 صحيفة الشرق الأوسط، 9/11/2014

20 صحيفة الحياة اللندنية، 3/11/2014

21 موقع أخبار اليمن الالكتروني، 12/10/2014

22 إيمان أحمد عبد الحليم، اختراقات مذهبية: مخاطر تنامي النفوذ الإيراني في اليمن، موقع مجلة السياسة الدولية، 7/5/2014

(23 ) رأي المعهد: كان هذا خطأ إستراتيجياً، فكما أسلفنا، اتضح أن الحوثيين هدفهم الاستيلاء على الدولة في اطار المشروع الايراني الكبير، وبالتالي فالتعامل معهم، وخصوصا في المستقبل كمشروع سياسي فكري، سيكون خطأ استراتيجيا.

(24) شاهد عيان من الداخل اليمني، في إفادة للمعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية.

25 احمد الزرقة، (إخوان اليمن): من السلطة إلى الشارع، موقع المؤتمر. نت، 7/10/2014

(26) أضاف الشامي: “يجب ألا تستفزّكم المستجدات المتسارعة فتخرجوا عن نهجكم السلمي، حتى مع نهب بعض منازلكم ومقراتكم ومؤسساتكم.. أيها الإصلاحيون لقد أعددتم أنفسكم للسلم وليس للحرب، وللبناء وليس للخراب، والوقت ليس مناسباً للعتاب ولا للتقويم والحساب؛ فالكيد والتآمر الداخلي والإقليمي والدولي لا يخفى عليكم، فإياكم ثم إياكم أن تندفعوا لتكرار تجارب الصراع المدمر في دول أخرى كسوريا والعراق”. وختم الشامي بالقول: “عودوا إلى ميادين التربية والتوجيه والعطاء، اعطوا أنفسكم فسحة من الوقت للمراجعة والبناء الداخلي، الجأوا إلى الله ولا تثقوا بغيره، فهو سبحانه الذي له الأمر من قبل ومن بعد، و”سيجعل الله بعد عسر يسراً”. أنظر: http://yemen-press.com/news35791.html ، 21/9/2014

27 فتحي شمس الدين، مرجع سابق

(28 ) صحيفة الشرق الأوسط، 23/9/2014

(29) انظرفي هذا الشأن: صحيفة الشرق الأوسط، 2/11/2014. موقع عدن الغد الالكتروني، 2/11/2014

(30) ثروات وممتلكات حميد الأحمر في قبضة الحوثي، موقع تعز الغد الالكتروني، 27/10/2014

(31) شاهد عيان من الداخل اليمني، في إفادة خاصة للمعهد المصري.

(32) صدرت تصريحات لمسؤلين وبرلمانيين إيرانيين إبتهاجا بسقوط صنعاء بأيدى الحوثيين، منها: “ها هى العاصمة الرابعة تسقط وأن عبد الملك الحوثى هو سيد الجزيرة العربية وأننا أصبحنا نملك من مضيق هرمز إلى مضيق باب المندب وأن الطريق صار ممهدا إلى مكة وإنتزاع الكعبة من أيدى اللوطيين واننا نحن من سيدير الحج العام القادم”.

33 صحيفة الشرق الأوسط، 17/12/2014

34 عادل الأحمدي، اليمن: الثقة لحكومة بحاح مقابل رفض العقوبات على صالح، صحيفة العربي الجديد، 18/12/2014

35 انظر بهذا الشأن: عمق الخلافات والانشقاقات في حزب المؤتمر الشعبي العام، صحيفة عدن الغد، 11/10/2014. موقع سي ان ان العربية، 18/11/2014

36 صحيفة الشرق الأوسط، 5/12/2014

37 موقع روسيا اليوم الالكتروني، 12/12/2014. موقع الجزيرة. نت، 11/12/2014

38 صحيفة الشرق الأوسط، 18/12/2014

39 موقع الجزيرة. نت، 8/12/2014

40 موقع روسيا اليوم الالكتروني، 14/12/2014

41 صحيفة الشرق الأوسط، 8/12/2014

42 د. عبد الوهاب الروحاني، تعقيدات المشهد اليمني: الحوثيون.. الواقع الجديد ( 3 – 3)، صحيفة الشرق الأوسط، 20/10/2014

43 صحيفة الشرق الأوسط، 11/12/2014

44 صحيفة الحياة اللندنية 17/12/2014. موقع روسيا اليوم الالكتروني، 16/12/2014

45 صحيفة الحدث اليمنية، 17/12/2014

46 صحيفة الشرق الأوسط، 11/12/2014

47 شبكة رصد الإخبارية، 1/11/2014

48 صحيفة الشرق الأوسط، 16/12/2014

49 المرجع السابق

(50 ) من أبرز الهجمات التي تعرض لها الحوثيون تمثلت في قيام انتحاري من جماعة “أنصار الشريعة” بتفجير حشد من أنصار الحوثي خلال تجمع دعت إليه الجماعة في 9 أكتوبر في صنعاء ، احتجاجاً على القرار السابق للرئيس اليمني بتكليف مدير مكتبه عوض بن مبارك بتشكيل الحكومة، مما أدى مقتل 55 منهم وإصابة العشرات، أنظر، الرابط

(51) صحيفة الحياة اللندنية، 17/12/2014

(52) 17/12/2014 . الرابط

(53) صحيفة عدن الغد، 20/12/2014

54 صحيفة الشرق الأوسط، 20/12/2014

55 سمير حسن، الحوثيون يطرقون أبواب جنوب اليمن، موقع الجزيرة. نت، 6/12/2014

56 د. عبد الوهاب الروحاني، تعقيدات المشهد اليمني: الحوثيون.. الواقع الجديد ( 3 – 3)، مرجع سابق

(57) صحيفة الشرق الأوسط، 6/12/2014.

(58) موقع روسيا اليوم الالكتروني، 16/12/2014.

(59) سمير حسن، جنوب اليمن.. غياب المقومات ينغّص حلم الانفصال، موقع الجزيرة. نت، 19/11/2014

60 موقع سي ان ان العربية، 18/10/2014

61 د. عبد الوهاب الروحاني، تعقيدات المشهد اليمني: الحوثيون.. الواقع الجديد ( 3 – 3)، مرجع سابق

62 شبكة رصد الإخبارية، 1/11/2014

63 صحيفة الشرق الأوسط، 2/11/2014

64 د. عبد الوهاب الروحاني، تعقيدات المشهد اليمني: الحوثيون.. الواقع الجديد ( 3 – 3)، مرجع سابق

65 خيرالله خيرالله، “انصار الله” والسباحة في الرمال المتحرّكة اليمنية، موقع ايلاف الالكتروني، 27/10/2014. على محسن حميد، اليمن.. فترة انتقالية مفتوحة على كل الاحتمالات، صحيفة الأهرام، 17/10/2014

66 جدير بالذكر، أنه في أول رد فعل للرئيس اليمني السابق عبد الله صالح على العقوبات الدولية التي أقرها مجلس الأمن في 7 نوفمبر، أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح، إقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من منصبه كأمين عام للحزب، وذلك لإضعافه بعد اتهامه بالدعوة إلى فرض العقوبات على الرئيس السابق وزعيم حزب أنصار الله عبد الملك الحوثي وقيادي حوثي آخر هو عبد الله يحيى الحكيم.

67 صحيفة الشرق الأوسط، 11/11/2014

68 السعودية تستغل أحداث اليمن لإسقاط الإخوان، موقع مصر اليوم الالكتروني، 22/10/2014

69 صحيفة الشرق الأوسط، 2/11/2014

70 حول الأسباب التاريخية لقضية صعدة، أنظر: د. راغب السرجاني، قصة الحوثيين، موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمون، على الرابط

إيمان أحمد

باحثة مصرية، دكتوراه الفلسفة في العلوم السياسية، 2016، ماجستير العلوم السياسية 2008 جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى