جدالات المصالحة في مصر التفسيرات والسيناريوهات
مقدمة (1):
بين الحين والآخر، وفي عدد من المناسبات الموسمية، تعود فكرة المصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام العسكرى الحاكم في مصر إلى المشهد الاعلامي المصري، وكانت شرارة الانطلاق، في آخر ظهور لهذه الفكرة، قد بدأت مع تصريحات وزير مجلس النواب المصري بعد الانقلاب(2) في خضم حديثه عن قانون العدالة الانتقالية بإمكانية مصالحة النظام مع جماعة الإخوان، كانت تلك الإشارة المباشرة من المستشار مجدي العجاتي، كافية لإثارة موجة عالية من الحديث والتكهنات حول امكانية المصالحة والسيناريوهات المتوقعة، لاسيما وقد جاء التصريح في هذه المرة مختلفا عن المرات السابقة التي كانت تخرج من أطراف محسوبين أو قريبيبن من دوائر النظام.
إلا أن خروج التصريحات في هذه المرة عبر مسؤول رسمي ربما أضفى عليها بعداً مختلفاً عن سابقيها، في حين يبدو من الصعوبة بمكان النظر إلى تصريحات العجاتي بمعزل عن توجهات النظام في الوقت الراهن بشأن المصالحة مع الإخوان، وربما التصريحات التي تلت تصريح “العجاتي” تُعضد من هذه الفرضية، حيث جاءت من أطراف تدور في فلك النظام.
حيث صرح سعد الجمال(3) رئيس ائتلاف “دعم مصر”، بعدم ممانعة الائتلاف صاحب الأغلبية داخل البرلمان، فى المصالحة مع جماعة الإخوان وفق شروط محددة، فيما بعد أكد امين عام المجلس القومي لحقوق الإنسان(4)، أن المصالحة مع الإخوان مرجعيتها الدستور واحترام دولة القانون.
وفي هذا الإطار يسعى هذا التقدير للإجابة عن سؤالين رئيسيين، يتعلق الاول بالسيناريوهات المتوقعة للمصالحة بين الإخوان والنظام المصري؟ والاخر يتعلق بالآثار المترتبة على تلك المصالحة في حال إتمامها؟.
أولاً: الدلالات والتفسيرات:
تعددت التفسيرات التي برزت في سياق تصريحات النظام المصري بشأن المصالحة مع جماعة الإخوان والتي يمكن إجمالها كالآتي:
التفسير الأول: الظهور بمظهر المستجيب للضغوط الإقليمية:
حيث يذهب البعض إلى القول أن تفاقم الأوضاع السعودية في اليمن وتفاقم الأوضاع في سوريا والعراق وحالة التوتر المرتفعة بينها وبين إيران ربما يدفعها للمسارعة في بناء تحالف سني تستطيع أن تقف من خلاله امام التهديدات الإيرانية في ظل قناعة تولدت لدى السعوديين أنهم لا يمكنهم أن يعولوا كثيرا على الولايات المتحدة في مواجهتهم للتمدد الإيراني، وفي إطار سعي السعودية لخلق هذا التحالف ربما تكون حاجتها متزايدة لقوة شعبية تساند هذا التحالف السني بحيث يُمكنها أن تمثل ظهيراً شعبياً وداعم للتحالف السني المأمول، في حين تدرك السعودية أن جماعة الإخوان يمكنها أن تقوم بهذا الدور الشعبي في مساندة التحالف، وهو ما يجعل السعودية تسعى إلى تسوية ما بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين لإنهاء الأزمة القائمة بينهما.
وفي المقابل، وفي إطار رؤية النظام السياسي الإماراتي للتعامل مع جماعة الإخوان، هذه الرؤية التي تهدف بالأساس إلى إضعاف الجماعة بحيث لا يمكنها أن تصل إلى سدة الحكم مرة أخرى في أي من دول المنطقة في المستقبل، وحيث أن الأوضاع في مصر لم تستقر والأزمات الإقتصادية الطاحنة التي تعيشها مصر بجانب حالة التخبط الواضحة التي يظهر عليها نظام الحكم الحالي ربما تجعل من توقيت المصالحة مع الإخوان غير مناسب، بل ربما عودة الإخوان في هكذا توقيت يمكنها ان تمثل تهديدا على نظام الحكم الحالي في مصر ومن ثم على رؤية الإمارات للمنطقة بأسرها في المستقبل.
هنا يبدو واضحا ان الضغوط الاقليمية على النظام المصري تسير في اتجاهين متضادين بشأن المصالحة مع الإخوان، وهو ما يدفع النظام إلى اطلاق تصريحات تُبدي إستعداده للقيام بالمصالحة ومن ثم الظهور بمظهر المستجيب لتلك الضغوط الداعية للمصالحة، ومن جهة أخرى يلقي النظام بقرار المصالحة إلى ساحة البرلمان والشعبـ وهو الامر الذي يرفع عنه حرج رفض أو قبول المصالحة بما يحافظ على توازن علاقاته مع دول الإقليم.
التفسير الثاني: تخفيف حدة الانتقادات الدولية:
حيث يذهب البعض إلى أن حديث بعض المنظمات الدولية عن إجراءات القمع التي يمارسها النظام بشكل ممنهج، يسبب للنظام حرج بالغ أمام الدوائر الدولية، وهو ما يجعل النظام يسعى إلى تخفيف حدة تلك الانتقادات وتصدير مشهد مغاير عن طريق إطلاق تصريحات حول إجراء إصلاحات تتعلق بالحياة السياسية وإطلاق الحريات العامة وإصدار قانون العدالة الانتقالية والمصالحة مع جماعة الإخوان.
التفسير الثالث: شروط إستسلام وإذعان وليست مصالحة
وينطلق من أن مدى حاجة ورغبة النظام وجماعة الإخوان للمصالحة، سيعكس بدوره حدود وتصور المصالحة لدى الطرفين، وهو ما يدفعنا للنظر إلى موازين القوى لدى كلا الطرفين والتي من خلالها يمكننا أن ننظر بشكل واقعي ما إذا كانت المصالحة تعبر عن عملية توافق بين الطرفين تستند إلى آليات محددة وفق مجموعة من الإجراءات تهدف للوصول إلى تحقيق مكاسب للطرفين ذات أوزان نسبية مختلفة بحسب موازين القوى لدى كل طرف، أم انها مجرد شروط إستسلام وإذعان من طرف لصالح طرف في ظل غياب توازن حقيقي بين موازين القوى لدى الطرفين.
وربما تكون رؤية النظام الحالي وفق حسابات موازين القوى، لا تهدف إلى مصالحة حقيقية مع الاخوان يحقق كل طرف فيها مجموعة من إشتراطاته، ولكن الوصول إلى حالة إستسلام من قبل جماعة الإخوان مشابهة لتلك التي حدثت في التسعينيات من القرن العشرين مع الجماعة الإسلامية، وهو ما يمكن عملياً أن نطلق عليه عملية إستسلام وإذعان وليست مصالحة.
ووفق هذا الإطار يعمد النظام إلى استخدام مصطلح المصالحة بهدف التسويق لتلك العملية، من ناحية لإحداث تمهيد للجماهير التي تم شحنها على مدار ثلاث سنوات منذ الانقلاب العسكري ومن خلال ألة إعلامية ضخمة عمدت إلى شيطنة ممنهجة لجماعة الإخوان ورفض أي فكرة للمصالحة معها أو لعودتها مرة اخرى بشكل طبيعي إلى المجتمع، ومن ناحية أخرى خلق صورة ذهنية لدى أفراد جماعة الإخوان ومؤيديهم عن عملية مصالحة مغايرة لواقع وحقيقة الإستسلام الذي يسعى اليه النظام والذي سيكون مرفوضا لدى قطاع عريض من افراد الإخوان ومؤيديهم في حال طرحه بشكل مباشر وواقعي.
التفسير الرابع: المصالحة وصراعات الأجنحة داخل النظام:
المتابع للأزمات التي يمر بها النظام المصري الحالي في الشهور السابقة يُدرك أن هناك حالة من عدم التوافق بين الأجنحة، قد ترقي من وجهة نظر البعض إلى الصراع فيما بينها، فأكثر من جناح أو فصيل داخل النظام يتحرك وفق مايراه يحقق مصلحة مباشرة له، ويمتد هذا الخلاف في إدارة الملفات إلى ملف المصالحة مع جماعة الإخوان، حيث يرى فصيل بوجوب اجراء مصالحة ما مع جماعة الإخوان في ظل تجارب وخبرات سابقة تدفعهم للشروع في مثل تلك المصالحة، في حين أن هناك فصيلاً آخر يصر على استمرار سياسة القمع الشديدة مع جماعة الإخوان بهدف القضاء عليها وضمان عدم عودتها إلى الحياة السياسية مرة أخرى، ويرى أن اجراء أية مصالحة في هكذا توقيت ليست فقط تمثل خطورة على النظام، وإنما تُمثل تهديداً مباشراً لشعبية السيسي، وربما يفسر هذه الاختلاف داخل أروقة النظام الحالي ما يخرج من تصريحات عن المصالحة مع الإخوان من حين إلى آخر.
التفسير الخامس: تعميق الازمة الداخلية للإخوان
حيث ذهب البعض إلى القول أن حديث المصالحة في هذا التوقيت يهدف إلي إستغلال الأزمة الداخلية للإخوان، حيث يدرك النظام أن اجراء تسوية أو مصالحة ما مع الإخوان في هكذا توقيت ربما يزيد من الأزمة الداخلية ويفاقم حالة الإنقسام داخل جماعة الإخوان، وهو ما يعني أن مجرد التلويح بمصالحة دون الإشارة إلى تفاصيلها ستكون محصلتها مزيداً من الإضعاف لجماعة الإخوان، وتبادل الجدالات بين أطرافها حول من يقوم بهذه المصالحة، وهو ما يمكن أن ينال من وحدتها أو على الأقل إشغالها بقضايا داخلية بعيداً عن ممارسات النظام ومسار الثورة المصرية.
التفسير السادس: مصالحة مع أفراد وليست مع الجماعة
يرى البعض أن أحاديث المصالحة التي يطلقها النظام ليس المعنيَ بها الجماعة ككيان وإنما هي موجهة إلى افراد الجماعة ويمكن أن تفهم في اطار استخدام النظام لسياسة العصا والجزرة عن طريق استخدام كل ما يتعلق بالقوة الصلبة مع أفراد الجماعة واستمرار توجيهه الضربات على مدار ثلاث سنوات، من ناحية، ومن ناحية ثانية، فتح الباب لمن أصابهم اليأس والإحباط للانخراط مرة أخرى بشكل فردي داخل المجتمع ويمكن أن يأتي ذلك من خلال الافراج عن بعض المعتقلين وفقا لعملية مراجعات داخل السجون يُسوق لها النظام.
التفسير السابع: احتواء الجماعات العنيفة:
حيث يذهب البعص إلى أن الاستخدام المفرط للقمع والعنف ضد أفراد جماعة الإخوان المسلمين والإسلاميين بشكل عام ربما يتسبب في زيادة حالة الإستقطاب لكثير من الشباب للإنضمام لتنظيم الدولة الاسلامية وإلى جماعات مسلحة أخرى وهو الأمر الذي يثير مخاوف النظام المصري من امتداد تجربة ولاية سيناء إلى القاهرة والمحافظات الأخرى، وربما تدفع هذه المخاوف النظام المصري للقيام بمصالحة مع الإخوان بهدف التهدئة والقضاء على حالات الاستقطاب والحد من تمدد تنظيم الدولة الإسلامية خارج سيناء.
التفسير الثامن: حاجة النظام لقيام الاخوان بدور مجتمعي
ويذهب أنصار هذا التفسير إلى القول برغبة النظام، في ظل الإخفاقات المتكررة والوضع الإقتصادي المتأزم إلى عودة الإخوان لأداء دور مجتمعي بات النظام في أمس الحاجة اليه، وهو ما يعني سماح النظام للإخوان بالعودة للعمل الخدمي والتوعوي مع المجتمع ليهدئ من وطأة الحالة الاقتصادية المتعثرة دون الإقتراب أو المشاركة في أي عمل سياسي، ومن ثم المساهمة بشكل غير مباشر في حل الأزمات الإقتصادية والسياسية التي يعاني منها النظام.
التفسير التاسع: فزاعة عودة الإخوان
ويذهب أنصار هذا التفسير إلى القول أن الرسائل التي يهدف إليها النظام من خلف اطلاق تصريحات وتلميحات المصالحة مع جماعة الإخوان ليس المعني بها الاخوان بقدر ما هي موجهة بالأساس إلى القوى والتكتلات السياسية المتناغمة مع النظام، وهو ما يجعل النظام من وقت إلى آخر يلجأ إلى إطلاق تصريحات حول المصالحة مع جماعة الاخوان، بهدف استخدامها كفزاعة لتمرير بعض القرارت أو لتخطي بعض الأزمات.
التفسير العاشر: تفريغ شحنات الغضب قبل الموجات الثورية
المتابع للخط الزمني لدعوات المصالحة السابقة سيجد ربطاً بين توقيتات تصريحات المصالحة والموجات الثورية، الا أن الحال في هكذا توقيت يختلف عن سابقيه من حيث خفوت واضح في الحراك الثوري على مستوى جميع المحافظات، وهو ما يقلل من منطقية هذا التفسير.
ثانياً: السيناريوهات والمآلات:
في إطار التفسيرات السابقة تبرز عدة مسارات حول أطروحة المصالحة بين النظام العسكري الحاكم في مصر وجماعة الإخوان المسلمين:
الأول: يمكن تسميته بشروط إستسلام أو إذعان بحيث لا يتعدى الأمر الإفراج عن بعض المعتقلين، ومع بقاء استمرار النظام في الهيمنة والسيطرة الكاملة على الحياة السياسية ودون السماح للجماعة بالعودة للقيام بأي أدوار سياسية داخل المجتمع، ويقتصر الأمر فقط على تخفيف القبضة الأمنية على الجماعة ومن ثم الحفاظ على جسد وتنظيم الجماعة.
الثاني: المصالحة المحدودة: ويقوم على الإفراج عن المعتقلين والسماح للجماعة بالانخراط مرة أخرى في المجتمع والقيام بأدوارها المجتمعية سواء الدعوية او الخدمية، وإعطائها نفس المساحة التي كانت متاحة لها قبل ثورة يناير 2011.
الثالث: أن تكون هناك توجهات نحو عملية مصالحة أشمل وأعم من جماعة الإخوان، ووفق مجموعة من الإجراءات والإصلاحات الخاصة بعودة النشاط السياسي وإقرار قواعد عدالة انتقالية تشمل تعويضات لأهالي الشهداء وربما اعتذارات من أطراف المشهد السياسي، وهو الامر الذي ربما يكون من الصعوبة بمكان في ظل وجود السيسي على رأس النظام الحالي.
ثالثاً: محددات موقف الإخوان من أحاديث المصالحة
حديث المصالحة المتكرر منذ انقلاب 3 يوليو 2013، وبعد مرور ثلاث سنوات على الانقلاب، يثير العديد من الاعتبارات ذات الصلة بجماعة الإخوان المسلمين، منها:
1ـ إن الخطاب الرسمي للجماعة على مدار ثلاث سنوات من عمر الانقلاب، ربما لم يختلف كثيرا عن اللحظة الحالية، حيث اعتمد الخطاب على مجموعة من المضامين التي شكلت فيما بعد ثوابت عند قطاع عريض من الاخوان والقوى الثورية، وهو ما يشير إلى صعوبة اتخاذ الاخوان قرارات بشأن مصالحة تتنازل فيها عن ما صدرته في خطابها على مدار تلك السنوات، وهو ما يعني أن قبول الاخوان لأي مصالحة مع النظام في ظل وجود السيسي سيمثل تنازلاً صريحاً عن شرعية الدكتور محمد مرسي، من ناحية، ومن ناحية أخرى اعترافاً ضمنياً بأن الدماء التي سالت على مر ثلاث سنوات وآلاف المعتقلين والمطاردين في سبيل إسقاط منظومة الانقلاب المستبدة، لم يكن لها قيمة حيث عادت الجماعة إلى ما كان يمكن أن تقبل به مع اعلان الانقلاب في الثالث من يوليو، مما يجعل مسألة مجرد قبول الإخوان فكرة التصالح مع النظام في ظل وجود السيسي، تهديداً للجماعة كتنظيم ومصداقية وحاضنة شعبية.
2ـ أن إقدام الإخوان، أفراداً أو تيارات، على أي شكل من أشكال المصالحة مع النظام العسكري في ظل توقيت تمر به الجماعة بأزمة داخلية ربما تكون الأشد في تاريخها، من شأنه أن يؤدي، من وجهة نظر البعض، إلى تعميق تلك الأزمة ويزيد من حدة الإنقسام داخل الجماعة والذي بدت بوادره تلوح في الفترة الأخيرة.
3ـ أن إجراء مصالحة بين الإخوان والنظام بمعزل عن القوى الثورية الأخرى ودون الحديث عن إصلاحات حقيقية تمس الحياة السياسية والحريات العامة والعمل المدني، ربما يزيد من حالة الانقسام بينهم وهذا يعني إطلاق رصاصة الرحمة على فكرة توحد الإخوان والقوى الثورية مرة اخرى لإسقاط منظومة الإنقلاب.
ومن ناحية رابعة، يذهب البعض إلى أن جماعة الإخوان تمثل أحد أهم مكوناات الثورة المصرية، وليست المكون الوحيد، وأية مصالحة بينها وبين النظام العسكري، ستكون من وجهة نظر البعض، على حساب الثورة ومسارها بشكل جذري.
4ـ أنه بالرغم من تأثير المصالحة السلبي على مستوى الجماعة (أفراداً وتنظيماً) وعلى القوى الثورية الأخرى، إلا أن البعض يتعاطي مع مثل هذه الأفكار من منظور إيجابي، من منظور الثورة المصرية، حيث يرى أن تفكير أو اتجاه الإخوان أو غيرهم من القوى السياسية للمصالحة مع النظام العسكري، قد تدفع إلى بروز وتشكل مسار ثوري جديد يختلف عن المسارات السابقة في رؤيته وإدارتة للثورة المصرية، تكون نواته الأساسية من التيارات والقوى الشبابية، إخوان وغير إخوان، من الرافضين لفكرة المصالحة والرافضين لنمط إدارة تحولات الثورة خلال السنوات الماضية، والصامدين في الشوارع والميادين، يكون أكثر حسما وفاعلية في إدارة المشهد الثورى في المرحلة القادمة، وهو ما يرتبط بقدرات من سيقومون على تشكيله وإرادتهم، وحجم الدعم والتأييد الذي يمكن أن يحصلوا عليه.
خاتمة:
في ظل إستمرار النظام العسكري الحاكم في مصر بعد انقلاب 3 يوليو 2013، ربما يكون السيناريو الأقرب إلى الواقع فيما يخص مستقبل علاقته مع جماعة الإخوان على المدى القريب، هو عدم وجود مصالحة بهذا المعنى خلال هذه الفترة وربما تكون محاولات فرض “شروط استسلام وإذعان” هو المصطلح الاكثر ملاءمة فيما يبدو لما يرغب أن يقوم به النظام العسكري على الأقل خلال المرحلة الراهنة، وهو الأمر الذي يتطلب الوعي بأبعاده ووضع الخطط والسياسات الكفيلة بالتعاطي الفعال معه، بما يحافظ على المسار الثوري، ويضمن ترسيخه وتفعيله في مواجهة النظام التسلطي الاستبدادي في مصر. والوصول لهذه الحالة يتطلب التأكيد على:
1ـ أن حالة الحراك الثوري هي البوصلة الحاكمة لكل القوى الثورية، بما فيها جماعة الإخوان، قبل الحديث عن أي شكل من أشكال المصالحة، حيث أن قوة أو ضعف الحراك تؤثر بشكل كبير على ردود الأفعال المتوقعة بشأن أحاديث المصالحة، وهو ما يتطلب إجراء تقييم لحالة الحراك خلال الشهور الماضية وإلى أي مدى يمكن إحياء الحراك الثوري مرة أخرى.
2ـ أن الأزمة الداخلية للإخوان تمثل عنصرا بارزا في أي معادلة مع النظام، وربما يكون دخول الإخوان في أي معادلة من خلال جبهة داخلية موحدة له أثر ايجابي على كل المسارات، وهو ما يفرض على أطراف الأزمة السعي الجاد نحو الوصول إلى توافق حول رؤية واضحة المعالم لإدارة المشهد السياسي في مواجهة النظام العسكري.
3ـ بذل مزيد من الجهد في القيام بمراجعات حقيقية لرؤية واستراتيجية الجماعة في الفترة المقبلة والتي في ضوئها يمكن تحديد سياسات وآليات التعاطي مع تطورات المشهد المصري، استراتيجياً ومرحلياً.
4ـ القيام بقراءة دقيقة لأوراق القوة التي تمتلكها الجماعة والتي يمكن الارتكاز عليها في إدارة العلاقة مع النظام وفي ضوء تلك القراءة يمكن تحديد ما لا يمكن التنازل عنه وما يمكن التنازل عنه.
——————————-
الهامش
(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.
(2)مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية: التصالح ممكن مع الإخوانى (اليوم السابع)
(3) «دعم مصر»: 5 شروط للمصالحة مع «الإخوان» (الشروق)
(4) المصالحة في مصر “مرجعيتها الدستور واحترام القانون” (BBC عربي)