دراسات

خريطة_القوى_في_الداخل_الأمريكي_ورقة_أولية

مقدمة:

لما كان المجتمع الأمريكى مجتمعاً متنوعاً عرقياً ودينياً من جهة سكانه ومرد هذا الأمر هو الهجرة التى إرتفعت منذ ستينات القرن الماضى والإنفتاح على كل شعوب العالم أجمع، وهذا الأمر خلق جيلاً ولد على أرض أمريكا من أصول مختلفة وهذا الجيل يحمل الفكر الأمريكى عن طريق المدرسة مع إحتفاظه بحضارته وموروثة الديني الذى تحتفظ به الأسرة وهذا الفكر والموروث يتلقاه فى المنزل ومؤسساته الدينية والقومية المنتشرة فى كل بقاع أمريكا.

كما أن هناك تنوعاً فى تركيبة السلطة الحاكمة للمجتمع الأمريكى نظراً لإتساع الرقعة الجغرافية لهذه القارة المترابطة جغرافياً وسياسياً، فهناك سلسلة من الحكومات داخل المجتمع الأمريكى مهما صغر وتباعد، فتجد سلسلة من الحكومات المترابطة من الأسفل للأعلى، حكومة المدينة أو القرية ثم حكومة المقاطعة ثم حكومة الولاية وأخيراً الحكومة الإتحادية.

أولاً: خريطة القوى في الداخل الأمريكي:

ولكى نغوص فى عملية تحديد خريطة القوى المؤثرة في الداخل الأمريكي كى نحدد آليات التعامل معها، فإنه يتعين علينا أن نضع التفرقة الواضحة المعالم فى الإعتبار بين القوى السياسية والقوى الشعبية والمراكز الأخرى التى تؤثر فى صنع القرار ونتعامل مع كل فئة بأسلوب مختلف وبشكل يتناسب مع وضعها. وعليه فإننا أمام ثلاث قوى فى الداخل الأمريكى يتعين علينا أن نتعامل مع كل قوى بآليات وأساليب مختلفة عن القوى الآخرى وهذه القوى هى:

  • القوى السياسية: القوى السياسية الأمريكية تنقسم إلى عدة تقسيمات داخلية وهى الحكومات المحلية وما يتبعها من إدارات تنفيذية مثل حكومات الولايات المختلفة و برلماناتها المحلية. الحكومة الإتحادية وما يتبعها من الكونجرس بفرعية مجلس الشيوخ ومجلس النواب, ولكل من هذه الأفرع أساليب وآليات للتعامل معها.
  • القوى الشعبية: وهى القاعدة العريضة من المجتمع الأمريكى وهى القوى التى تؤثر فى المجتمع الأمريكى الشعبى وهى عبارة عن تجمعات مناطقية وأخرى دينية أو عرقية. وهذه التجمعات تحرك الحكومات المحلية.
  • المراكز الآخرى: وهذا القسم من خريطة القوى فى الداخل الأمريكى تمثل حجر الزاوية فى التأثير على صانع القرار الأمريكى، وهذه المراكز هامة جداً مثل المراكز البحثية والشخصيات العامة المؤثرة مجتمعياً مثل (نعوم تشومسكى) وغيره. وكذلك هناك الجامعات حيث مجال التفاعل والتعامل معها مؤثر جداً فى القوى الشعبية، وكذلك الشركات الكبرى والمؤسسات المالية والإعلامية الضخمة، العابرة للقارات والتي تنطلق من داخل الولايات المتحدة، وتقف خلفها العديد من القوى.

المجموعة الأولي: القوى السياسية

هناك طبقات متعددة من القوى السياسية المؤثرة فى المجتمع الأمريكى من حكومات مختلفة منتخبة فى كل بقعة من أرض الولايات المتحدة المختلفة. وعلى رأس هذه الحكومات توجد الحكومة الإتحادية ومجالسها التشريعية (مجلس النواب و مجلس الشيوخ)، وهذه الحكومة الإتحادية هى التى تظهر لكل الشعوب والحكومات فى تأثيرها على الساحة الدولية والداخلية أيضاً إذا إقتضى الأمر ذلك.

والحكومات المحلية لا يظهر تأثيرها فى السياسة الدولية بشكل فعال إلا أنها وبسبب التفاعل الدائم والمتواصل بين الحكومات المحلية ومؤسساتها والحكومة الإتحادية فإن حجر الزاوية المؤثر فى السياسات الأمريكية هى القاعدة العريضة من الحكومات المحلية من المدينة أو القرية والمقاطعة والولاية بمؤسساتها التى تقوم بالتشريع المحلى للمنطقته.

كما أن هذه الحكومات المحلية تمثل القاعدة العريضة من مصادر الدخل للحكومة الإتحادية فعندما يكون هناك نشاطاً إقتصادياً عن طريق عمليات تسهيل من الحكومات المحلية فإنها بالتالى ستصب فى مصلحة الحكومة الإتحادية عن طريق الضرائب التى ستفرض على هذه الأنشطة. وبالتالى فالحكومات المحلية تعمل كجماعة ضغط محلية على الحكومة الإتحادية وفى معظم الأحول تستجيب الحكومة الإتحادية للضغوط المحلية أياً كان نوعها سواءً كانت سياسية أو إقتصادية. أى أن هناك تناغماً بين القاعدة العريضة من الحكومات المحلية وراس الدولة الأمريكية وهى الحكومة الإتحادية.

وعلينا أن ندرك بأن سبب دعم الإنقلاب من بعض القوى السياسية فى الولايات المتحدة مرده إلى الخوف من التعامل مع التيار الإسلامى الذى رسخ فى ذهن الجميع لعقود طويلة بأن هذا التيار لا يجيد إلا عملية الإرهاب والعنف طريقاً لتنفيذ طموحاته.

كما أن تأثير جماعات الضغط المختلفة على الكونجرس مثل (اللوبى الصهيونى وبعض المنظمات القبطية المتعاونة مع بعض القوى الأصولية المسيحية) هذه الجماعات قامت بعملية ترسيخ ذهنية فى العديد من طبقات المجتمع الأمريكى بوصم التيار الإسلامى بالصفة الإرهابية، فالمجتمع الأمريكى يضع كل التيارات الإسلامية فى سلة واحدة وهذا المجتمع غير قادر على التمييز بين الأصولية الإسلامية المتشددة وبين بقية التيارات التى تظهر سماحة الدين الإسلامى فى منهجها فى التعامل مع الغير.

خطوات التعامل مع القوى السياسية

1ـ التعامل الرسمى من برلمانيين وسياسيين مصريين

بعد الإنقلاب العسكرى على السلطة الشرعية المنتخبة فى 3 يوليو 2013 تمكن بعض أعضاء البرلمان المصرى وبعض السياسيين من وزراء وغيرهم من السفر للخارج. وبالتالى فأنه يتعين علينا أن نبدأ بإستعمال هذه المجموعة كعنوان للسلطة الشرعية التى تم الإنقلاب عليها. وبالتالى فإن هذه الفئة ستكون مؤثرة جداً فى التواصل داخل المجتمع الأمريكى وذلك على النحوالتالى.

لما كان القانون المنظم لإتحادات البرلمانات الدولية ينص على أنه فى حالة عدم وجود برلمان فى أى دولة بسبب حل البرلمان أو أية اسباب أخرى، فإن آخر برلمان يعتبر هو الممثل القانونى لبرلمان الدولة لحين إنتخاب برلمان جديد.

ومن هذا المنطلق، فإن أعضاء البرلمان المصرى السابق هو الممثلون القانونيون فى البرلمان الدولى وبالتالى يمكنهم التواصل تحت هذا المسمى. وعليه فإننى أرى أن أى من أعضاء البرلمان المصرى السابق (مجلس الشورى المصرى) يمكنه أن يبدأ فى التواصل مع أعضاء البرلمانات المختلفة حول العالم ومنها الولايات المتحدة الأمريكية متمثلة فى أعضاء الكونجرس والسيناتور.

وبالتالى فإننى أعتقد أن التواصل هذا لو تم فإنه سيغير نظرة أعضاء الكونجرس بشقيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ. ويمكن أن يتم هذا التواصل بشكل فردى فى العديد من الولايات المختلفة عن طريق أشخاص أو مراكز إسلامية ويتم هذا الأمر عن طريق توضيح حقيقة الإنقلاب ومخاطره على المصالح الأمريكية فى المنطقة. وبعد ذلك يمكن عن طريق تكتل بالكونجرس أن يتم طلب جلسة إستماع لوفد من البرلمان المصرى بالكونجرس للشرح والتوضيح.

ونظراً لخصوصية منطقتنا التى تعد محور السياسة الأمريكية بسبب وجود أهم مصادر الطاقة والدول التى تقع تحت الحماية الأمريكية مثل السعودية والإمارات ودولة إسرائيل. فإنه يمكننا أن نقوم بعملية توضيح ونطلب الدعم السياسي داخل المؤسسات التشريعية الأمريكية للحراك الموجود فى الشارع.

ويتم توضيح أن حكومة الإنقلاب تقوم بعملية قتل وتعذيب وإعتقال بسبب صمت ودعم الولايات المتحدة لمثل هذه الأفعال وأن هذا الأمر سيؤدى فى النهاية إلى تهديد المصالح الأمريكية لأن حالة عدم الإستقرار تؤدى إلى زيادة نشاط التطرف. وبهذا فإننا نستطيع أن نضع للقوى المؤيدة للانقلاب والداعمة له بأساليب عديدة فى التعامل بحيث نقنعها ونتعاطى معها ويمكن أن نطمئنهم على مصالحهم الخاصة فى المنطقة بشكل يؤدى نفس الغرض الذى تؤديه سلطات الإنقلاب.

2ـ التعامل من قبل المصريين الأمريكيين

يوجد فى الولايات المتحدة الأمريكية عدد لايستهان به من المصريين الذين يعملون فى العديد من المراكز الهامة الحكومية. ويمكننا أن نتواصل معهم بحيث تكون هذه الشخصيات كياناً أمريكياً مصرياً يمكنه أن يتحرك بشكل منتظم للتواصل مع الجهات السياسية الأمريكية وترتيب لقاءات مع سياسيين من الحكومات المختلفة مع بعض الوزراء أو البرلمانيين المصريين للتفاعل ومن ثم يمكننا الوصول إلى صانع القرار.

ويمكن تجميع المصريين الفاعلين فى أمريكا من مختلف الإتجاهات السياسية والفكرية تحت مظلة واحدة، يمكن أن تكون المجلس الثوري المصري، أو بتنسيق بين المجلس الثوري والكيانات القائمة في المجتمع المصري، ثم تنظيم بعض اللقاءات الثنائية مع أطراف من حكومات محلية ثم نقوم بعملية توسيع تدريجى داخل الولاية ثو إجتماع عام يضم كل القوى فى الولايات المتحدة كلها.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (American Israel Public Affairs Committee ) المعروفة أيباك (AIPAC ) تقوم على اساس التفاعل بين اليهود المتصهينين والحكومات المحلية ثم الحكومة الإتحادية وهى تمثل أكبر جماعة ضغط على أرض أمريكا لصالح العدة الصهيونى. وهذه اللجنة تضم أكثر من عشرة آلاف عضو، وعدد المصريين أكبر منها بمراحل، ولكن تلزمهم الإرادة والتمويل المبدئى.

على سبيل المثال لو توفر مبلغ 50 مليون دولار خلال عام التجديد النصفى لأعضاء الكونجرس سوف نضمن على الأقل 25% من أعضاء البرلمان الأمريكى عن طريق الدعم المادى لحملات بعض السيناتور الشباب الذين بدأوا فى الظهور على الساحة السياسية الآن وسوف نختار مجموعة معينة ممن يمكنهم خدمة أغراض وأهداف التجمع العربى الإسلامى على غرار التجمع اليهودى، وهو ما تفعله بالتمام والكمال (أيباك AIPAC ) حيث تدعم أعضاء البرلمان فى التجديد النصفى الذى يأتى كل سنتان ومن ثم تقوم بعمل إجتماع سنوى تدعوا له كل الأعضاء التى دعمتهم وتعرض خططها لدعم الكيان الصهيونى وتخاطبهم بمشاريع قوانين تؤدى إلى الوصول بطلباتهم داخل آلية الإقرار وتتلقى هذه المنظمة دعماً من اليهود المقيمين فى أمريكا كتبرع شهرى لها.

فالجالية العربية والإسلامية هنا فى الولايات المتحدة الأمريكية يلزمها نوع من التنسيق والتمويل. وأن يترك الأمر لمتخصصيين وأن لا يتدخل أحد بفرض إرادته الشخصية على المجموع. وللعلم هناك إنزواء من العديد من الشخصيات المؤثرة فى الجالية المصرية والإسلامية والعربية بسبب سيطرة بعض المتطلعين من غير ذوى المؤهلات على المشهد وهذا ما يضر بوحدتنا.

المجموعة الثانية: القوى الشعبية:

المقصود بالقوى الشعبية هى التجمعات الأهلية والمناطقية والدينية والعرقية المنتشرة فى كل أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه التجمعات قامت فى الأساس لتعويض السكان الأصليين أو المهاجرين عن الترابط العائلى والأسرى المفقود فى المجتمع الأمريكى، حيث نشأت تلقائياً تجمعات شعبية إلتفت حول مفهوم الدين أو العرق أو الأسرة أو المنطقة السكنية وهذه التجمعات تعترف بها الحكومات المختلفة وتشجعها لأنها تؤدى فى نهاية المطاف إلى ما يسمى بالسلم والأمن المجتمعى. ويجتمع أعضاء هذه التجمعات عادة فى لقاءات دورية ويتم إختيار مجلس لإدارة هذا التجمع على غرار أية وحدة محلية. وعادة ما تكون على هيئة منظمات شعبية غير ربحية ولها تمويلها الذاتى من الأعضاء أو تتلقى معونات من جهات حكومية أو غير حكومية وخصوصاً غذا كانت هذه الجهات تقدم خدمات للمنطقة. وقد تنبثق من هذه التجمعات مراكز خدمية مثل دور رعاية المسنيين أو حضانة الأطفال أو حتى مدارس إبتدائية وثانوية مثلما هو موجود فى التجمعات الإسلامية حيث إنتشرت المدارس الإسلامية مستندة إلى تجمعات المسلمين المنظمة.

فالمسلمين مثلاً لهم تجمعاتهم التى ترعاها المساجد. وفى داخل هذه التقسيمة تجد العرب لهم مساجدهم التى يخطب فيها الخطيب بلغتهم العربية. وهكذا فالباكستانيين يفضلون أن يكون خطباء مساجدهم ممن يتقنون الإنجليزية حتى يخاطبون الجيل الجديد باللغة التى يفهمها.

وهذه التجمعات تتفاعل مع بعضها البعض داخل الولاية أو المقاطعة حسب حجم هذه التجمعات. وتلتقى مجالس هذه الإدارات وتلتف حول حكومة الولاية وتتفاعل معها وخصوصاً فى أوقات الإنتخابات حيث يقوم المرشحون بزيارات لهذه التجمعات ويعقدون ندوات لشرح برامجهم الإنتخابية ويعرضون خدماتهم على الجاليات المختلفة طمعاً فى أصوات الجالية. وعلى سبيل المثال هناك ترابط واضح بين أعضاء الجالية الإسلامية المصرية والحكومة المحلية فى العديد من الولايات الشرقية وخصوصاً نيوجرزى ونيويورك وبنسلفانيا. حيث توجد كثافة سكانية إسلامية فى هذه الولايات.

خطوات التعامل مع القوى الشعبية

هذه الكيانات الشعبية المنتشرة فى الولايات المتحدة الأمريكية دائما ما تتفاعل مع محيطها من أفراد أو تجمعات أخرى، وبالتالى يمكننا أن نتواصل مع هذه التجمعات الدينية أو العرقية عن طريق التجمعات الإسلامية المنتشرة فى كل الولايات. وعن طريق هذه التجمعات سوف نتواصل مع شخصيات فاعلة فى المجتمع الأمريكى.

ويمكن ترتيب لقاءات بسيطة فى بداية الأمر مع القائمين على هذه الكيانات ثم نطور الأمر لعقد لقاءات مفتوحة ويتم دعوة السينتاور الخاص بالمنطقة لهذه اللقاءات أو الإجتماعات وبهذا نكون قد وصلنا للقاعدة العريضة من المجتمع الأمريكى.

المجموعة الثالثة: المراكز الآخرى

يوجد فى الولايات المتحدة الأمريكية العديد من المؤثرات فى المجتمع الأمريكى ويمكن للجالية المصرية التى إنصهرت بالفعل فى المجتمع الأمريكى أن تكون بمثابة المحرك الأساسى داخل هذه المراكز.

وهذه الفئة تمثل المراكز البحثية المنتشرة فى كافة الولايات وكذلك الشخصيات العامة المؤثرة مجتمعياً مثل (نعوم تشومسكى) وغيره. وكذلك هناك الجامعات التى تضم العديد من الأساتذة والطلاب المصريين حيث مجال التفاعل والتعامل معها مؤثر جداً فى القوى الشعبية نظراً لوجود طلاب من كافة القوميات والأديان والتى ستنقل لذويها الفكرة الصحيحة غن موضوع الإنقلاب فى مصر.

وقد وصل العديد من ابناء الجالية الإسلامية أخيراً إلى مراكز مرموقة فى المجتمع الأمريكى فمنهم أساتذة فى الجامعات وقضاة كما أن العاملين المصريين فى بعض الإدارات المختلفة يمكن أستعمالهم فى الوصول إلى قيادات الدرجات الوظيفية العليا التى يمكن أن تؤثر بطريقة مباشرة فى إيصال الأفكار المبتغاة.

ومن أهم المراكز التى يتعين التعامل معها بالتواصل المستمر مركز كارتر والمراكز الحقوقية التابعة للحزبين الجمهورى والديمقراطى والمراكز التابعة للجامعات العريقة مثل جامعة (كولومبيا) فى نيويورك وغيرها، كما أن هناك مراكز بحثية موجودة فى العديد من الولايات تقدم خدمات مجتمعية لمحيطها يمكننا التعامل معها من منظورها الخدمى لمجتمعها. حبث أن هذه المراكز لديها مفهوم خاطئ عن منطقة الشرق الأوسط من حيث عدم نجاعة الطرق الديمقراطية التقليدية كأسلوب حكم لهذه الشعوب كون شعوب هذه المنطقة محافظة دينياً وبالتالى أن أنجع اسلوب للتفاعل مع شعوبها يجب أن يأتى بأسلوب الطاعة العمياء للحاكم حتى يتم كبح جماح تطلعات الشعب الدينية، وهو أسلوب العسكر الذى ظل يحكم منذ 1952 حتى قيام ثورة 25 يناير.

خطوات التعامل مع المراكز الاخرى

التعامل مع هذه المراكز يبدأ من التواصل المباشر مع الشخصيات والتبرع للمراكز الحقوقية والتواجد والتفاعل معها من متخصصين بحيث لا يترك موضوع هذه الشخصيات والمراكز والمنظمات للهواة وأن يتم تكوين فريق فنى يقوم بتقسيم العمل بينهم للوصول إلى كل المواقع والمؤسسات والمراكز والشخصيات وتحديد أولويات التواصل إليهم بشكل دورى ومتتابع.

وعن طريق التواصل مع هذه القوى المؤثرة مجتمعياً يمكننا أن نصل لكل من القوى الداعمة والمؤيدة للإنقلاب فى الحكومة الإتحادية أو الحكومات المحلية، وكذلك للقوى الرافضة له. وبهذا فإننا نستطيع أن نضع للقوى المؤيدة للانقلاب والداعمة له أساليب عديدة فى التعامل بحيث نقنعها ونتعاطى معها بشكل يؤدى نفس الغرض الذى يؤديه الإنقلاب لأن كل القوى الداخلية الأمريكية يهمها بالدرجة الأولى المصالح التى قد تتهدد من وجود أى طرف لا تجيد التعامل معه. ولأن الجيش المصرى تم تطويعه منذ عقود وتمكنت الإدارة الأمريكية من التعامل معه بشكل ما.

أما بالنسبة للقوى الرافضة للانقلاب. فالتعامل معها يتم عن طريق توضيح بعض النقاط التى قد تؤثر فى توجهاتها مستقبلياً ونسعى إلى تضخيم هذه القوى عن طريق إقناع الآخرين ممن يقفون على الحياد بالإنضمام لهذه القوى بالتأثير عليها بأساليب متعددة.

خاتـمة

الولايات المتحدة مجتمع شاب فتي من المهاجرين والمنضمين الجدد بما يعنيه ذلك من تنوع إثنى وديني وثقافي للمجتمع الأمريكي، ومن ثم تنوع وتباين، بل واختلاف المصالح والاهتمامات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لشرائح السكان والمواطنين الأمريكيين. ومن ثم، فإن الاستجابة المجتمعية التلقائية لهذه الحاجات تجيء، وفى جزء هام منها، متمثلة في إنشاء وتكوين الاتحادات والجمعيات المتنوعة كقنوات أكثر ملائمة للتعبير عـن تلك الاهتمامات والمصالح، وكآليات للمشاركة الفاعلة في الحياة العامة، والتأثير في السياسات الحكومية الخارجية والداخلية، عبر الضغط على مسؤولين فيها، أو التأثير على الرأي العام عبر وسائل الإعلام المتنوعة كقنوات للتأثير الجماهيري الفعال، إضافة إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي للمرشحين إلى المناصب المختلفة المهمة بدءً بالمناصب الحكومية الكبرى.

ومروراً بعضوية مجلسي النواب والشيوخ، ووصولاً إلى رئاسة البلديات، وعادة ما يرتبط هذا الدعم بمواقف ورؤى المرشحين للقضايا التي تهتم بها وتعمل من أجلها جماعات المصالح أو الضغط وما يكفله من ضمانات دستورية وحقوق وحريات سياسية يتمتع بها الأفراد والجماعات على حد سواء، كحرية التعبير والاجتماع والاعتقاد وحق التقدم بالالتماسات وما إلى ذلك من حقوق سياسية وضمانات دستورية شكلت الأساس القانوني والسياسي لقيام تلك الجماعات طبقا لقانون تنظيم جماعات الضغط الصادر عام 1946، والذي أصبح بموجبه ولكل جماعة بشرية أو مؤسـسة أو دولة أجنبية أن تنشئ جماعات ضغط محلية مسجلة باسمها في الكونجرس، وتتدخل نيابة عنها في أي سياسات عامة أو قرارات متعلقة بها.

الأمر الذي أسهم بدوره في إفساح المجال أمام جماعات الضغط لتمارس وبشكل قانوني وعلني أدوارها ووظائفها في العملية السياسية الأمريكية في بعديها الداخلي والخارجي، وما يستند إليه من توزيع للسلطات والموارد بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات والمحليات، وهذا أوجد بدوره حاجة لوجود آليات مؤسسية ذات تنظيم جيد، ومعترف بها، تستطيع من خلالها الجماعات المتنوعة على مستوى الولايات والمحليات، وبصفة خاصة، عندما تفشل فى تحقيق أهدافها على مستوى الولاية، أن تلجأ من خلالها إلى واشنطون في محاولة للتأثير على أجهزة صنع القرار في الحكومة الفيدرالية (التنفيذية والتشريعية والقضائية) أملا في أن ُيكتب لها النجاحُ فيما لم تستطع تحقيقه على مستوى الولاية.

من الأمثلة ذات الدلالة هنا حالة جماعات الحقوق المدنية، وحكم المحكمة العليا بعدم دستورية الفصل العنصري عام 1954، فاتساع مجال وأنواع البرامج والأنشطة الحكومية وما يرتبط بذلك من تزايد الحاجة لإنشاء جماعات جديدة تتولى تنظيم الاستفادة من تلك البرامج والمخصصات ومقاومة ما قد يرتبط بها من تغييرات على مصالح بعض الفئات الخاصة.

من أمثلة ذلك مجالات مثل تشريعات الأجور والتأمينات والمعاشات وخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية وما شابهها. ففي المجتمع الأمريكي اجتماعيا واقتصاديا وما صاحبها وترتب عليها من عمليات إعادة صياغة علاقات القوى والتوازنات بين فئات وشرائح المجتمع الأمريكي، والآثار المترتبة على الثورة التكنولوجية في تيسير عملية الاتصالات، وسرعة تداول المعلومات، وإنشاء وتمويل ومتابعة أنشطة جماعات المصالح المختلفة كاستجابة للحاجات الجديدة التي تنشأ مرتبطة بتلك التطورات (على سبيل المثال قضايا المرأة، والعلاقات بالمجتمعات الأم للجماعات العرقية الأمريكية) في نطاق الممارسة الحزبية ارتبط هذا الشعور بالفراغ الإيديولوجى وغياب تنوع إيديولوجى جوهري بين الحزبين الكبيرين، والانخفاض العام لمعدلات التصويت، والتضخم الرهيب في تكاليف الحملات الانتخابية، وغيرها من مشكلات وأوجه قصور متزايدة، أسهمت مجتمعة في دفع التحول باتجاه جماعات الضغط كمنظمات تمثيلية يمكن أن تلعب دورا سياسيا بديلا يعوض بعضا من قصور الممارسات الحزبية.

ومن ثم لا يمكن إغفال تأثير هذا في إتاحة الفرصة لجماعات الضغط لتمارس دوراً سياسياً فعالاً يملأ قدراً من الفراغ في الحياة السياسية، خاصة وأن نشأة تلك الجماعات قد ارتبطت بداية وفى جانب كبير منها بقضايا تلك الجماعات العرقية، والحاجة إلى رعاية مصالحها بالوطن الأم أو غيره من الدول التي يرتبطون بها بروابط نفسية وإيديولوجية. من بين أهم أمثلة هذا النوع، حالات اللوبي الصهيوني، ولوبي المصالح الأيرلندية، ومنظمات اللوبي الممثلة لدول شرق أوربا وغيرها في الولايات الأمريكية المتعددة

يتم توصيف جماعات الضغط فى المجتمع الأمريكى بجماعات المصالح وهى مجموعات تحظى بالإجماع حولها سياسياً وإجتماعياً حيث يعترف بها المجتمع. ومن أسباب وجود هذه الجماعات إتساع مجال المصالح، وتعدد أنواعها، والتباين فى خلفيات واهتمامات أعضاء تلك الجماعات..الخ.

من هنا كان تفضيل الاتجاه لاستخدام بعض المعايير التى تحظى بالاتفاق العام مثل التنظيم، والدوام، وطبيعة المصلحة، وتوظيفها كأساس يمكن على ضوئه التمييز بين أنواع جماعات المصالح على النحو التالى:

أولا: منظور التنظيم الرسمى:

تقسم الجماعات إلى جماعات مصالح رسمية، وأخرى غير رسمية. الأولى تتميز وتسود فى تنظيم معترف به كالنقابات، بينما تنتشر الثانية فى خارج الإطار غير الرسمى، مثل المافيا.

ثانيا: معيار الدوام والتأقيت:

يقسم الجماعات مصالح إلى جماعات دائمة، وأخرى مؤقتة أو غير دائمة. الجماعات الدائمة تتكون دفاعا عن مصلحة أو قضية ذات وجود مستمر، بينما الجماعات غير الدائمة فتنشأ لأداء غرض محدد ثم تنحل بعد ذلك.

ثالثا: نوع المصلحة العامة:

يتم التمييز بين أنواع أربعة لجماعات المصالح:

  • النوع الأول ويسمى جماعات المصالح الترابطية Associational Interest Groups : وتتكون من أجل مصالح أعضائها، ووظيفتها الأساسية هى التعبير عن المصالح وتوصيل المطالب إلى جهاز صنع القرار. ومن أمثلتها نقابات العمال، الجمعيات المهنية، تنظيمات الفلاحين، الغرف التجارية.
  • النوع الثانى فيسمى جماعات المصالح المؤسـسـية Institutional Interest Groups : وهى لا تتكون بهدف التعبير عن المصالح، بل لتحقـيق أهداف أخرى. فالافتراض الرئيسى أنها لا توجد أساساً لتقدم مطالب أو التأثير على السياسات العامة، بالشكل الذى يحقق مصالحها الخاصة. أهم أمثلة هذه النوعية من جماعات المصالح تتضمن الجيش، البيروقراطية المدنية، البرلمان، الكنيسة، المسجد… وكما يبدو واضحا، فإن بعضا من هذه الجماعات له طبيعة حكومية رسمية، بل والمفترض فيها أنها تقوم على صنع وإدارة السياسة العامة، وليس لتعظيم منافعها الذاتية من هذه السياسات. وعلى الرغم من هذه الخصوصية، فإن هذه الجماعات تقوم على خدمة مصالحها الذاتية، كما أنها أحيانا ما تحاول التأثير على السياسة العامة بما يخدم هذه المصالح، وعلى سبيل المثال عند مناقشة الميزانية العامة/ العسكرية).
  • النوع الثالث: جماعات المصالح غير الترابطية Non- Associational Interest Groups : وهى تتكون من مجموعة كبيرة من الأفراد الذين يشتركون فى سمة أو أكثر مثل الموقع الجغرافى أو الطبقة الاجتماعية، أو الديانة والأصل العرقى، واللغة أو السن. وتتشكل هذه الجماعات أساسا على أساس من الانتماءات والثقافات الفرعية المتميزة داخل المجتمع الواحد، وعلى نحو ما تنتشر هذه الثقافات الفرعية فى بلدان آسيا وإفريقيا، كما أن لها نظائرها فى الدول المتقدمة مثل كندا وفرنسا والولايات المتحدة. وعلى ذلك، وعند ممارسة نشاطها السياسى، يكون من المتوقع أن يترتب على ذلك نوع من التهديد للاستقرار السياسى، ذلك أن الاشتراك فى الأصل الاجتماعى يعتبر ركيزة تفوق فى قوتها المهنة التى يزاولها المرء.
  • النوع الرابع يسمى جماعات المصالح الأنومية Anomic Interest Groups : وهى جماعات تظهر فجأة عندما تثور مشكلة معينة أو حينما يعانى الأفراد المطالبون بسياسة ما أو المعارضون لها إحباطا شديدا. من أبرز أمثلة تلك الجماعات تأتى المظاهرات وأعمال الشغب والتى ليس لها تنظيم دائم، وقد تعبر عن مطالب متناقضة وغالبا ما تلجأ إلى العنف. وعلى الرغم من قصر عمر تلك الجماعات، فإنها عادة ما تكون شديدة الخطورة، ويمكن أن تؤدى وبسهولة إلى انتشار العنف وتزايد القمع السلطوى. وعلى ذلك، فإن هذه الجماعات تختلف عن الجماعات الترابطية المصلحية من جوانب ثلاثة تتضمن أنها ترفض القيم الأساسية، وتتسم تكتيكاتها بالتلقائية والعنف، كما يميل نشاطها إلى السلبية، بينما تقبل الجماعات الترابطية المصلحية بالقواعد الأساسية للنظام السياسى، وبقيمه وبقواعد اللعبة السياسية فيها، ويندر أن تسعى لتغيير النظام، كما يتصف نشاطها بالإيجابية.

بوجه عام، يمكن التمييز فى تلك الآليات بين كل مما يلى:

أ) التمثيل المباشر: فى أجهزة صنع القرار وخاصة البرلمان والأجهزة التنفيذية؛

ب) المساندة الانتخابية: وتهدف إلى مساعدة مرشح ما على الفوز وإسقاط مرشح آخر، وقد تكون المساندة بالمال أو الرجال أو الدعاية أو الثلاثة معا؛

ج) الدعاية والمعلومات: ولها أهمية خاصة، فهى متاحة أمام كل أنواع الجماعات خاصة فى النظم الديموقراطية لإقناع الجماهير واستثارة اهتمامها بفكرة أو سياسة ما. ويُعُد إعداد وتقديم المعلومات لصانعى القرار أمر يساعدهم فى اتخاذ قرار يخدم مصالح الجماعة؛

د) إقامة علاقات خاصة مع الأحزاب؛ وهى علاقات تعرفها النظم الديموقراطية، وأهم صورها خلق كتل تشريعية داخل حزب أو أكثر لتدافع عن مصالح الجماعة؛

هـ) المساومات المستترة: ويتبع هذا الأسلوب فى شتى النظم السياسية، ويتطلب تنفيذه امتلاك إمكانية الوصول إلى مراكز صنع القرار، وتفضله اتحادات العمال ضمانا لسرية التفاوض حول النشاط الاقتصادى وكنوع من صمام الأمان لتجنب التناقضات الاجتماعية؛

على ضوء ما سبق، ومن منظور المشاركة السياسية، فإن جماعات المصالح،- وبما تمثله من مجالات اهتمام، وبما توظفه من آليات-، تُـتيحُ أطراً بديلة أكثر مرونة وقدرة على استيعاب قطاعات متسعة، سواءً من الأفراد أو المؤسسات، غير الراغبة فى أو غير القادرة على المشاركة السياسية الحزبية، كما توفر، وعلى الأقل نظريا، آليات لها أهميتها وفعاليتها المباشرة فى التأثير على صنع القرار، هذا فضلا عن مما تتسم به من براجماتية وجرأة فى التعامل لا تضطر معها للالتزام دائما بالقواعد الأخلاقية والمعنوية.

وفى السياق العام للنظام السياسى الأمريكى، وفى توجهاته المتزايدة نحو تبوأ دور القيادة الدولية ومسؤوليتها، تبرز خصوصية وضع جماعات الضغط الأمريكية وتفرد دورها كأحد المدخلات الرئيسية الفاعلة فى العملية السياسية عامة، وفى مجال السياسة الخارجية لهذا النظام على وجه الخصوص. فجماعات الضغط تعبر فى مجملها عن “قطاعات منظمة من السكان، لديهم قيم ومعتقدات مشتركة يؤمنون بها وبشدة حول الموضوعات والقضايا السياسية، ولا يستطيعون تحقيقها بمفردهم.

من هنا تبرز أهمية نشأة جماعات الضغط كاستجابة لاتجاه عام لدى الأمريكيين نحو الاتحاد وتشكيل جماعات أو أطر تنظيمية من أجل العمل الجماعي. كما أنها، وإن كانت لا تقدم وبشكل مباشر مرشحين عنها فى عملية الاقتراع، إلا أنها تلعب أدواراً هامة ومتزايدة في التأثير على نتائج تلك الانتخابات تأييداً أو معارضةً لأولئك الذين يسعون إلى شغل المناصب العامة، وتشكيلاً وتوجيها للرأى العام، واستحواذاً على منافذ الوصول إلى صانعي القرار في الحكومة.

كذلك تلتقي جماعات الضغط، وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، مع قطاعات الرأي العام الأمريكي فى مواجهته للتطورات والتحديات الدولية التي تتطلب استجابات سريعة ومتواصلة، وضرورة أن تتسق هذه التطورات مع قـيم ومعتقدات الجمهور الأمريكي على اتساعه، وفى مواجهة انعكاسات ذلك على موضوعاتها المتنوعة وكيفية تأثيرها على صنع القرار السياسي الخاص بها.

على هذا النحو، تكتسب جماعات ومنظمات الضغط الأمريكية أهمية خاصة باعتبار طبيعتها التمثيلية التي “تسمح بالتفاعل بين الشعب والإدارة، واستخدام القوة السياسية في تنفيذ العملية السياسية، أو التأثير فيها”، مستهدفة، وعلى نحو ما يذكر إلويتز، “التأثير على السياسة العامة بطريقتين رئيسيتين:

  • الأولى من خلال مقابلة المشرعـين والموظفين العموميين.
  • الثانية بممارسة الضغط على صانعي السياسة باستخدام أساليب غـير مباشرة بـما في ذلك وسائل الإعلام” فيما يلي مناقشة لأبعاد هذه الخصوصية المتميزة لجماعات المصالح فى النظام السياسي الأمريكي.

بوجه عام، يتميز المجتمع الأمريكي بالوجود المكثف والفعال لجماعات الضغط، والتي تشهد خلال السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظا في نموها كماً ونوعاً، كما يبدو حرصها واضحاً في اتخاذ مقارها الرئيسية بالقرب من دوائر صنع القرار في العاصمة واشنطون من جانب، وبالقرب من كبريات مؤسسات الأعمال الكبرى والاتحادات وشركات الأعمال والتجارة، خاصة وأن أكثر من نصف جماعات الضغط الرئيسية تتمركز مقارها في العاصمة الأمريكية. هذا النمو العام لجماعات الضغط، وتزايد تأثيرها في العملية السياسة الأمريكية يجد جذوره في مصادر متعددة.

وفى النهاية يمكننا أن نقول وبثقة أن وصول بعض الوجوه العربية والإسلامية إلى مراكز مرموقة فى المجتمع الأمريكى – حيث يوجد أكثر من عمدة لبعض المدن بولايات مختلفة كذلك بعض القضاة والمستشارين فى المحاكم بجميع أفرعها – يعتبر أول خطوة يمكن أن نعتمد عليها فى تكوين هذا اللوبى الذى سيخدم المصالح العربية الإسلامية فى المجتمع الأمريكى سواء سياسياً أو إقتصادياً.

خلاصات تنفيذية

إن التعاطي مع الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الفاعلة في الداخل الأمريكي يتطلب مراعاة العديد من الاعتبارات:

  • إن الهدف الأول للولايات المتحدة هو البحث عن أدوات لممارسة النفوذ من أجل تشكيل مصر الثورة والضغط عليها، فقد أدركت الولايات المتحدة أنها بلا أوراق، وأن موقفها فى مصر صار أضعف، فالمعونة الاقتصادية صارت غير مؤثرة على الاقتصاد المصرى، والمعونة العسكرية يصعب استخدامها لأن الولايات المتحدة فى حاجة لاستمرارها، خصوصاً أن تلك المعونة كانت جزءاً من معادلة كامب ديفيد التى تسعى الولايات المتحدة بكل قوة لحمايتها. لذلك ظل البحث عن أدوات تسمح للولايات المتحدة بتشكيل حاضر مصر ومستقبلها محوراً للتحركات الأمريكية بعد الثورة المصرية.
  • إن الولايات المتحدة، من وجهة نظر البعض، لا يعنيها أيديولوجية النظام السياسى فى مصر بعد الثورة، ولا طبيعته، عسكرية كانت أو مدنية، ولكن الأهم هو ألا يقاوم ذلك النظام المشروع الأمريكى ولا يتحدى المصالح الأمريكية، وهنا برز فى دوائر الحكم الأمريكية تياران: الأول، يميل لقبول نظام حكم ديمقراطى مدنى فى مصر بشرط امتلاك أدوات ضغط سياسية واقتصادية لتقويم الأداء المصرى إذا ما تعارض مع مصالح الولايات المتحدة. والثانى يفضل فى مصر نظاماً سياسياً لا ينسحب فيه العسكر من السياسة، وإنما يشتركون مع الإسلاميين فى الحكم، على غرار تركيا ما قبل انطلاقها الديمقراطى، أو حتى على غرار باكستان اليوم.
  • يعتبر الجيش المصري وجهاز المخابرات العامة المصرية بالنسبة للولايات المتحدة، المؤسستين الأكفأ فى مصر والقادرتين على حفظ العلاقات الثنائية بين البلدين، وفي ظل الضعف المستمر لوزارة الداخلية المصرية، تبقي المؤسستان وحدهما القادرتين على منع مصر من الانزلاق نحو الفوضى ومن ثم تبدو العلاقة الثنائية بين البلدين مصبوغة بصبغة عسكرية.
  • إن معرفة خطط وسياسات الإدارات الأمريكية، عملية ضرورية، من باب البحث عن أرضية موضوعية أو نقاط لممارسة سياسات “المصالح” المتبادلة والمتكاملة، ولكن يستحيل تحقق الفائدة من جميع ذلك، ما لم نجعلها أولا “ذات علاقة بأنفسنا”، وصناعة القرار المشترك فيما بيننا ولدينا.
  • إن مواجهة ممارسات الخارج وخططه وسياساته تبدأ من الداخل، فلا توجد دولة قوية خارجياً ما لم تكن قوية داخلياً، والقوة الداخلية لا تعني ممارسة القهر والبطش في مواجهة المواطنين، ولكن في القدرة على تعبئة مختلف الإمكانات والقدرات حول رؤية كلية تدعم أمن الوطن واستقراره.

د. سعيد عفيفي

مستشار قانونى، مركز مونتجمرى للدراسات، مكتب حقوق الإنسان والعمل، وزارة الخارجية الأمريكية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى