تقارير

سيناء بين الاستثمارات الاقتصادية والترتيبات الإقليمية

 

تمهيد (1):

بينما انشغل المصريون بقرار قائد الإنقلاب بمنح جزيرتين مصريتين مهمتين للغاية، تيران وصنافير، للسعودية وبتظاهرات شرائح واسعة من المواطنين ضد تفريط عبد الفتاح السيسي ورفاقه بالأرض، تعرض خلالها شباب للإعتقال والموت والإصابات، وتم إفتعال أزمة اقتحام عناصر من الشرطة لنقابة الصحفيين لكي ينشغل المصريون بقضية محلية ويتناسون تيران وصنافير. بينما كان الإنقلابيين يجهزون المسرح لإجراءات تنفيذ القرار الأكثر خطورة بمنح مساحات واسعة من أراضي محافظة شمال سيناء للسعودية من أجل تشييد منطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة عليها أي منطقة حرة وربطها بممر بري يقطع سيناء عرضياً صوب نفق أو كوبري الجزيرتين المقترح، حيث تتملك السعودية المنطقة الحرة أيضاً وجسرها تلك المنطقة التي ربما تفوق مساحتها الجزيرتين معاً.

وفي ذات السياق شهدت الأسابيع القليلة الماضية خطوات تنفيذية ملفتة للإنتباه على صعيد تهيئة شبه جزيرة سيناء أمام الإستثمارات العربية والأجنبية، تلك الخطوات ترجمتها سلسلة من الإتفاقات تم إبرامها مع القيادة السعودية، وسلسة إتفاقيات أخري في طريقها للإبرام أو تم إبرامها مع كل من دولتي الإمارات العربية المتحدة والكويت ومملكة البحرين، ولاتزال المباحثات جارية حول عدد منها حتى الآن.

وتعد تلك الاتفاقيات المبرمة والمقترحة الآن بمثابة تدويلً لشبه جزيرة سيناء، من خلال قيام الإنقلابيين ببناء شبكة إستثمارات متعددة الجنسيات في سيناء، وتمتد تلك الشبكة الإستثمارية متعددة الجنسيات من منطقة حرة سعودية تقام على ساحل البحر المتوسط في محافظة شمال سيناء يتم ربطها مباشرة بجسر أو نفق يمر عبر تيران وصنافير تجاه المملكة العربية السعودية، وأراضي تلك المنطقة الحرة ومشروعاتها إضافة للجزيرتين تنقل ملكيتها للسعودية وصندوقها ومستثمريها وتقنن بموافقة حكومة الإنقلاب في مصر ومؤسساتها ومن بينها برلمان الإنقلاب.

وعبر هذا النفق أو الجسر تمر تجارة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي من خلال ميناء يُشيد في تلك المنطقة الحرة أو الإقتصادية ذات الطبيعة الخاصة قادمة من الأسواق الأوروبية تجاه الأسواق الخليجية والعربية والعكس، وهو الأمر الذي يؤثر بقوة على قناة السويس، والتي تمت توسعتها لتستوعب المزيد من السفن (2).

وهذه المنطقة الحرة السعودية يتم تشييدها مقابل سلسلة من المشروعات الخليجية التي تخدم المجتمع المحلي بسيناء، وتضمن صمت أهل سيناء ومن بينها تشييد جامعة الملك سلمان وطرق ومحطات مياه وكهرباء وعدد من المصانع، تقام باستثمارات سعودية لتشغيل أهل سيناء (3).

هذا إلى جانب مشروعات للسياحة الدينية والترفيهية تتولاها شركات صهيونية متعددة الجنسيات عبر وكلاء إقليميين، وذلك على امتداد مدن جنوب سيناء من عيون موسي مروراً بجبل الطور وشرم الشيخ ونويبع وطابا والتي ستساهم فيها شركات إماراتية وكويتية وبحرانية، وتواصل جهات مصرية الآن شق الأنفاق أسفل قناة السويس والطرق البرية والحديدية إلى جانب بنى تحتية تمهيداً لدخول تلك الإستثمارات نطاق التنفيذ.

وحتى تشعر تلك الشركات العربية والأجنبية بالآمان أصدر قائد الإنقلاب سلسلة من القوانين التي لها حيثية دولية تستثني الإستثمارات العربية والأجنبية بمنطقة الطور وعيون موسي والمنطقة الحرة من قيود الإستثمارات في سيناء، وذلك كتحصين لتلك الشركات وضمان حق الإستحواذ لفترات تمتد إلى ما يقرب من ١٠٠ عام في سيناء (4)، (5).

وبإستثناء ٥٠٠ مليون دولار منحتها السعودية للحكومة المصرية كمقدم ٢.٥ مليار دولار تعهد بها الملك سلمان خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، في أبريل 2016(6)، فإن الإتفاقات الإستثمارية التي أبرمت السلطات في القاهرة مع المملكة السعودية لم ينفذ منها أية إتفاقية حتى الآن، حيث اشترطت المملكة موافقة مجلس النواب المصري على كل الاتفاقات والتي من بينها اتفاقية تعيين الحدود البحرية والإقرار بحق السعودية في الجزيرتين (7).

وفيما يلي تقرير نتناول خلاله تطورات ضخ الإستثمارات العربية في شبه جزيرة سيناء:

أولاً: تمليك السعوديين:

أصدر قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، قراراً جمهورياً بعدم تطبيق قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء على المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة الواقعة في سيناء، ضمن مخطط المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بهدف تسهيل عمل المستثمرين اﻷجانب، وخصوصا الخليجيين والصهاينة، وشراكتهم مع اﻷجهزة الحكومية المصرية، وعلى رأسها ما يسمي بجهاز الخدمة الوطنية بالجيش.

وبذلك تخرج هذه المناطق من نطاق تطبيق قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، والذي ينص في مواده على أن يكون جهاز تنمية سيناء هو المدير الفعلي للأراضي الصحراوية ومناطق المشروعات التنموية في شبه الجزيرة، وينص أيضاً على أن يكون تملك الأراضي والعقارات المبنية للأشخاص الطبيعيين من حاملي الجنسية المصرية وحدها، دون غيرها من أية جنسيات أخرى، ومن أبوين مصريين، وللأشخاص الاعتبارية المصرية المملوك رأس مالها بالكامل من قبل مصريين، مع بطلان أي عقد تمليك يبرم على خلاف ذلك (8).

ويحظر قانون تنمية سيناء ممارسة حق التملك للمصريين أو حق الانتفاع أو الإيجار للمصريين وغير المصريين في الأراضي والعقارات الموجودة في المناطق الاستراتيجية، ذات الأهمية العسكرية والمناطق المتاخمة للقرار الجمهوري الخاص بتحديد المناطق الحدودية، وكذلك الجزر الواقعة في البحر الأحمر والمحميات الطبيعية والمناطق الأثرية، على أن يكون استغلال الأراضي بمناطق التنمية بنظام حق الانتفاع فقط سواء للمصريين أو الأجانب.

أما القانون، الذي سيسري على هذه المناطق من الآن، فلم يحدد حالات خاصة لتنظيم ملكية الأراضي وحقوق الانتفاع، لكنه يُجيز لرئيس الجمهورية إنشاء قرارات خارج الحيز العمراني، بإنشاء مناطق اقتصادية بقصد إقامة مشروعات زراعية وصناعية وخدمية، وإلحاق أو إنشاء موانئ بحرية أو جوية أو جافة بها.

وحسب مراقبين “يؤدي إخراج المناطق الاقتصادية، التي سبق أن حددتها الحكومة المصرية في سيناء من نطاق تطبيق قانون تنمية شبه جزيرة سيناء وتطبيق قانون المناطق الاقتصادية عليها؛ إلى السماح للمستثمرين الأجانب باكتساب حق انتفاع وإيجار الأراضي، التي كانت محظورة عليهم من قبل، لكونها جزءاً من المناطق اﻻستراتيجية أو الحدودية ذات اﻷهمية العسكرية.”

كما يمنح السيسي بقراره مزيدا من اﻹعفاءات والتسهيلات الجمركية والضريبية والمالية للمستثمرين المحليين واﻷجانب، الذين سينشطون في هذه المناطق، والذين سيتشاركون مع الحكومة وبصفة خاصة الهيئات العسكرية، في إنشاء شركات مساهمة لتنفيذ مشروعات ﻷغراض تنموية أو استثمارية (9).

وفي ذات السياق تناولت تقارير إعلامية أن الحكومة تدرس استثناء مستثمري المملكة العربية السعودية من اشتراطات القانون 14 لسنة 2012 الخاص بتنمية سيناء والذي يقصر تخصيص الأراضي لغير المصريين على نظام حق الانتفاع فقط، بحيث يحصل السعوديون على مساحات شاسعة من أراضي شرم الشيخ فى سيناء، بنظام التملك لاستغلالها فى إقامة مشروعات سياحية عملاقة”.

وأن منح السعوديين الحق فى تملك الأراضى فى سيناء، يأتى تفعيلاً للاتفاقية التى وقعتها مصر مع الجانب السعودى لإنشاء صندوق استثمار بقيمة 60 مليار ريال، على هامش زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة، وأراضى شرم الشيخ يتم طرحها للمستثمرين بنظام حق الانتفاع، بموجب قانون تنمية سيناء رقم 14 لسنة 2012، وتعديلاته لمدة 50 عاماً، على أن تمتد لـ 75 عاماً، مع إمكانية منح التخصيص بنظام التمليك عبر استثناء من رئيس الجمهورية”(10).

الحكومة المصرية عرضت على الجانب السعودى استغلال 8 ملايين متر مربع فى منطقة رأس كنيسة بشرم الشيخ، التى تقع تحت ولاية هيئة التنمية السياحية، وأن فريقا استشاريا عاين الأراضى بالفعل، وجار دراستها حالياً من الجانب السعودى. وتصل مساحة الأراضى القابلة للاستثمار السياحى فى “رأس كنيسة” إلى 30 مليون متر مربع، وتم تكليف هيئة التخطيط العمرانى عام 2015 بوضع المخطط لها، بُموجب بروتوكول تم توقيعه مع محافظة جنوب سيناء وهيئة التنمية السياحية، وأن الجانب السعودى يدرس بالاتفاق مع محافظة جنوب سيناء والجهات الحكومية المختلفة استغلال الأراضي الممتدة بطول ساحل مدينة شرم الشيخ الجديدة فى أنشطة سياحية.

وأن هناك جهات حكومية انتهت من تسعير الأراضي المعروضة على الجانب السعودي، استعداداً لتخصيصها فور انتهاء دراسات الجدوى الاقتصادية التى يتم إعدادها بمعرفة مكتب استشاري عالمي تعاقدت معه السعودية. ووفقًا للمصادر تتكتم الحكومة على تفاصيل واشتراطات العقود الاستثمارية مع الجانب السعودى، منعاً لتكوين رأى عام مضاد، كما حدث فى اتفاقية تعيين الحدود البحرية، التى نتج عنها إقرار الحكومة المصرية بأن جزيرتى «تيران وصنافير» بالبحر الأحمر سعوديتان، وهو ما أثار احتجاجات واسعة فى مصر (11).

ثانياً: تقنين الاتفاقيات:

زعمت بعض وسائل الإعلام السعودية أن كلاً من السعودية ومصر أبرمتا اتفاقا لتنمية اقتصادية ضخمة لواحدة من أهم المناطق الاستراتيجية غير المستغلة في الوطن العربي، وذلك لإنشاء منطقة حرة في شمال سيناء، عبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي (12).

وقالت إن تلك المنطقة الحرة التي أبرمت اتفاقيتها خلال الزيارة التاريخية للملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر سوف تشكل منفذاً لوجستياً للصناعات السعودية في مشروع “وعد الشمال”، والمشاريع التعدينية، إضافة لخلق منفذ جديد للبترول الخليجي المتجه لأوروبا، إذ سيتم نقله عبر جسر الملك سلمان إلى الميناء في المنطقة الحرة، ومنه إلى البحر الأبيض المتوسط.

وبالنسبة للجانب المصري، ذكر الاعلام السعودي أن التنمية سوف تطال منطقة شمال سيناء، إما عبر المنطقة الحرة أو عبر استثمارات بنحو 1.3 مليار دولار بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية، حيث هذه الاستثمارات تستهدف تطوير البنية التحتية في شمال سيناء لضمان سلاسة نقل البضائع والمواد الأولية من وإلى هذه المنطقة، إضافة لإنشاء عدد من التجمعات السكنية، واستثمارات زراعية للاستفادة من البيئة الخصبة في سيناء (13).

وفي خضم تهيئة الأجواء أمام إتفاقيات الإستثمار مع السعودية حتى تبدأ المملكة في ضخ الأموال لبدء تنفيذ تلك المشروعات تعددت تحركات حكومة الانقلاب لترسيخ الوضع وتهيئة الأجواء أمام الاستثمارات السعودية.

ففي 29 مايو 2016م، حضرت سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، اجتماع إدارة المنحة السعودية الموجهة إلي دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر والتي تبلغ قيمتها 200 مليون دولار. ورأس الجانب المصري في الاجتماع شهاب مرزبان، مساعد وزيرة التعاون الدولي بينما رأس الجانب السعودي، حسن العطاس مدير عام إدارة العمليات بالصندوق السعودي للتنمية الذي يتولى تقديم هذه المنحة لمصر، حيث تستهدف هذه المنحة توفير تمويل بتكلفة منخفضة نسبيا للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في مصر من خلال الصندوق الاجتماعي للتنمية والبنك الأهلي المصري.

وأشاد حسن العطاس، بجهود حكومة السيسي في التعاون مع الصندوق السعودي للتنمية، مشيرا إلى أن الصندوق يقوم بمراجعة عقود مشاريع تنمية سيناء في الطرق والزراعة.وأكد أنهم ينتظرون الرأي القانوني من مجلس النواب، حتى يتم الدفع الفوري في العقود.

وفي 12 يونيو 2016، عرضت سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي بحكومة الإنقلاب ما أسمته “برنامج الملك سلمان بن عبد العزيز لتنمية سيناء”، ضمن برنامج وزارتها للفترة من ٢٠١٥ ـ ٢٠١٨ أمام لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، برئاسة على مصيلحى (العضو السابق بأمانة السياسات بالحزب الوطني المنحل) وعرضت الوزيرة، على أعضاء اللجنة.

وأشارت إلى أن “الصندوق السعودى دعم مشروع تنمية سيناء بتمويل 1.5 مليار دولار، وأن هناك اتفاقيات تم توقيعها مع الصندوق الكويتى بقيمة 825 مليون دولار، والصندوق العربى للانماء بقيمة 155 مليون دولار، موضحة أن هناك 4 صناديق عربية ستساهم فى مشروع تنمية سيناء، وكل صندوق سيساهم فى تخصصات مختلفة”.

وزعم أحمد زكى بدر (وزير التنمية المحلية لحكومة الإنقلاب): “أن اختيار هذه المشروعات جاء بعناية شديدة، مشيرا إلى أن هناك مدن كاملة ستنشأ بعد إقامة جامعة الملك سلمان بن عبد العزيز فى سيناء، مؤكدا أنه تم توفير كثير من أراضى الدولة لإقامة هذه مشروعات (14).

ثالثاً: منطقة وعد الشمال:

كتب محمد عطيف (محلل سياسي سعودي): “إن فكرة منطقة حرة سعودية بسيناء موجودة، لكنها عاشت على هامش التاريخ حتى جاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ليجعل الحلم السعودي حقيقة، بعدما بقيت مجرد فكرة، منذ طرحت لأول مرة عام 2009؛ إذ ينظر لها الآن فعلاً لتكون نبع الحلول الجذرية لأهالي المنطقة نفسها”. “ولتفرض حضورها في تلك المنطقة كواجهة اقتصادية عالمية، تحضر فيها السعودية بثقلها الاقتصادي ومنتجها النفطي، وكذلك النفط الخليجي؛ ليطلا على أوروبا من خلال المتوسط في مفاجأة للاقتصاد العالمي، ستغير في الكثير من الموازين الاقتصادية”(15).

وحول رؤيته للمشروعات الاستثمارية السعودية في سيناء يقول الخبير الاقتصادي الدكتور فاروق عبد الحي: “إقامة المنطقة الحرة في سيناء سوف تساعد على ربط كل صناعات السعودية في الشمال بها”. و”تتضمن ميناء بحريًّا، بهدف الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في هذه المنطقة”.

من ناحية أخرى، كشف خبير التجارة الدولية الدكتور فواز العملي: “دول الخليج تستورد 73% من المواد الاستهلاكية عبر أوروبا، وستمر هذه المنتجات من أوروبا إلى مصر، ثم عبر الجسر البري إلى أسواق الخليج كافة والعكس”. وهذه المنطقة الحرة ستكون منفذًا عالميًّا للصناعات والاقتصاد السعودي، خاصة لمشروع “وعد الشمال”، أبرز مشاريع التعدين مؤخرًا في السعودية، وبوابة تصدير عالمية.

وذكرت وسائل اعلامية سعودية أن هذه الاتفاقية جاءت لكي تعبر عن رغبة سعودية في الاستفادة من المقومات الاقتصادية المصرية في المنطقة، لمضاعفة حجم الاستثمارات السعودية في مصر، والتي كانت تقدر بنحو 50 مليار جنيه مصري، تضخها نحو 3100 شركة سعودية، وهي استثمارات تحتل بها السعودية المركز الأول في قائمة الدول العربية المستثمرة في مصر”.

وتكمن أهمية هذه الاتفاقية في كونها أيضًا أول مشروع اقتصادي ضخم يرتبط بإنشاء جسر الملك سلمان الذي أُعلن إنشاؤه بين البلدين، والذي يفوق في أهميته مشروع محور قناة السويس، الذي تروج له مصر عربيًا ودوليًا.

وأن هذا المشروع السعودي “يعلن أن العرب قادمون للمنطقة مجددًا عبر جسر الملك سلمان والبوابة السعودية، التي باتت تحتل مركزًا اقتصاديًا عملاقًا سيغير الكثير من ملامح المنطقة العربية اقتصاديًا، وسيساهم في تدفق العديد من الاستثمارات العربية إليها، وهو ما تهدف إليه قيادة المملكة، التي تثبت يومًا بعد آخر أن السعودية ستظل دائمًا الرائدة، والقائدة لقاطرة التنمية الاقتصادية، والبشرية في العالم العربي”.

وأن هذه المنطقة التجارية الحرة، أول حصاد سريع لهذا الجسر، ونافذة جديدة تنطلق منها الصادرات السعودية إلى العالم عبر البحر المتوسط، فمن خلال هذه المنطقة – والجسر المزمع إنشاؤه- ستكون الفرصة مواتية لنقل المعادن، والمواد الخام، والصناعات السعودية، بل والبترول السعودي، والخليجي، بسهولة إلى كل دول العالم، وتلك ميزة نسبية ستتمتع بها المملكة، وستتغير بمقتضاها الكثير من مراكز التجارة العالمية، حيث سيكون لهذه المنطقة الحيوية بحكم موقعها الاستراتيجي، والجغرافي المتميز مركز أفضل، مما يساهم في إنعاش الاقتصاد السعودي”.

وسيكون للجسر والمشروعات العملاقة المرتبطة به، دور ملحوظ في زيادة حركة التجارة البينية السعودية المصرية؛ إذ وصل حجم التبادل التجاري العام الماضي نحو 6.3 مليار دولار مقابل 5.3 مليار دولار في العام 2013. ولن يسهم الجسر فقط في زيادة التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين؛ إنما يختصر العديد من الأيام أمام حركة عبور البضائع عبر المضايق للوصول من وإلى أوروبا، محققًا زيادة في حجم التجارة تقدر بنحو 200 مليار دولار”.

وذكر “موقع الوئام”: “لضمان نجاح هذا مشروع المنطقة الحرة السعودي، لم يفت على المخطط السعودي أن يدعم هذا المشروع بعدد من الاتفاقات الأخرى المساندة، لبرنامج الملك سلمان، لتنمية شبه جزيرة سيناء، ومن بينها عشر اتفاقيات مهمة، تشمل مشروع محطة المعالجة الثلاثية لمياه الصرف، ومشروع التجمعات السكنية بسيناء ـ المرحلة الثانية ـ ومشروع طريق محور التنمية بطول ـ-90 كلم ـ، ومشروع أربع وصلات بطول إجمالي ـ61 كلم ـ-، تربط محور التنمية بالطريق الساحلي، واتفاقية مشروع طريق النفق – طابا، ومشروع جامعة الملك سلمان بن عبدالعزيز بمدينة الطور ـ المرحلة الثانية ـ، ومشروع طريق الجدي، واتفاقية مشروع تطوير طريق عرضي رقم ـ1ـ المرحلة الأولى، واتفاقية مشروع إنشاء 13 تجمعًا زراعيًا، واتفاقية مشروع إنشاء قناة لنقل المياه، وغيرها من المشروعات التي تسهم في نجاح التحالف الاقتصادي السعودي المصري، ودعم التحالف العسكري بين أهم وأقوى دولتين عربيتين، يشكلان بتحالفهما اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا قوة إقليمية دولية جديدة مؤثرة، بمواجهة القوة الإيرانية أو أية تهديدات إقليمية تتعرض لها المنطقة”(16).

——————————-

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

(2) هيا حسن، أهم تفاصيل 4 ساعات في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، الوطن -٦-٨-٢٠١٥، الرابط

(3) موقع شركة مصر سيناء ـ السيسي عن شركة مصر سيناء لعمرو أديب: يتم الآن تنفيذ مجمع مصانع للرخام بوسط سيناء يضم 5 مصانع، الرابط

(4) الجريدة الرسمية لشهر يونية، قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٣٢ لعام ٢٠١٦، تستثنى المنطقة الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة الواقعة بشبه جزيرة سيناء الصادر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 330 لسنة 2015 من أحكام المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012 بشأن التنمية المتكاملة فى شبه جزيرة سيناء والمعدل بالقانون رقم 95 لسنة 2015 ويسرى على هذه المنطقة قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة الصادر بالقانون رقم 83 لسنة 2002 وتعديلاته، الرابط

(5) القرار رقم ٢٣٥ الصادر عن رئيس الجمهورية مايو٢٠١٦ الجريدة الرسمية بالموافقة على استثناء شركتي عيون موسي لتوليد الطاقة (ش.م.م) وعيون موسي للبنية الأساسية والخدمات اللوجيستية (ش.م.م) من نسبة مشاركة المصريين في رأسمال الشركات الأجنبية لتنفيذ مشروع إنشاء محطة توليد كهرباء بالفحم بقدرة (2640 ميجاوات) بموقع عيون موسي بمحافظة جنوب سيناء، الرابط

(6) وزيرة التعاون: البنك المركزي تلقى ٥٠٠ مليون دولار من المنحة السعودية، أخبار اليوم، ٢٩ مايو ٢٠١٦

(7) وزيرة التعاون الدول في اجتماع إدارة المنحة السعودية: سننفذ مشاريع سيناء بشكل سريع فور اقرار مجلس النواب الاتفاقيات مع الصندوق السعودي، ٢٩ مايو ٢٠١٦ـ موقع وزارة التعاون الدولي

(8) مسؤول: تنفيذ 60% من الاستثمارات المخصصة لسيناء، موقع مباشر، 2015-ـ 2016

(9) النص الكامل لقرار رئيس الجمهورية بشأن التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء ـ موقع صحيفة الاهرام

(10) قرار رئاسي يسمح للأجانب بتملك مشروعات في سيناء، العربي الجديد

(11) مصر: أحمد عاشور، السماح للسعوديين بتملك أراضي سيناء، صحيفة المال، الخميس، 21 إبريل 2016

(12) إتفاق تاريخي لاستثمار سعودي في المنطقة الحرة شمال سيناء -ـ موقع دار الأخبار

(13) التعاون الدولى توقع 4 اتفاقيات مع الصندوق السعودي للتنميةـ موقع وزارة التعاون الدولي

(14) وزيرة التعاون الدولي تعرض برنامج الوزارة واتفاقية “تنمية سيناء” أمام لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، موقع وزارة التعاون الدولي

(15) محمد عطيف، “وعد الشمال” يصافح العالم، المنطقة الحرة في سيناء، واجهة اقتصادية عالمية تنقل الخليج لـ”المتوسط”، موقع سبق، 10 إبريل 2016.

(16) مـشـروع عـالـمـي عـمـلاق: المنطقة الحرة في سيناء نافذة جديدة لتنويع مصادر الدخل السعودي وإنعاش «وعد الشمال”، موقع الوئام، ١١ ابريل ٢٠١٦.

صلاح بديوي

كاتب وصحافي وناشط مصري، من مؤلفاته “الاختراق الإسرائيلي للزراعة المصرية”، عضو نقابة الصحفيين المصريين، عضو سابق في المجلس الأعلى للصحافة في مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى