fbpx
اقتصادتقارير

فجوة المحاصيل الغذائية في مصر

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تعتبر قضية الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي من القضايا الإستراتيجية الهامة في العالم، فالأمن الغذائي هو من أهم الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة المنشودة لعام 2030، في حين أن مصر لا تزال حتى الآن تعاني من وجود فجوة غذائية كبيرة في معظم المحاصيل الزراعية الهامة مثل القمح والأرز والذرة، ومع التزايد المضطرد لأعداد السكان لم تقدر الدولة على توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية للمواطنين، ولم تستطع تحقيق الاكتفاء الذاتي لمثل هذه السلع الهامة، لذلك تتجه إلى تقليل الفجوة بين الطلب والعرض لهذه السلع عن طريق الاستيراد من الخارج، مما يتسبب في زيادة العبء على كاهل الموازنة العامة للدولة ويزيد من عجز الميزان التجاري.

وتفاقمت الأزمة نتيجة للسياسات الاقتصادية الخاطئة المتوالية المتبعة من قبل الحكومات على الدولة، وفي المقابل يتم تحميل المواطنين نتائج هذه السياسات بدعوى أن الزيادة السكانية هى السبب في حدوث هذه الفجوة، فتوالت على المصريين عدة قرارات لتخفيض بند الدعم في الموازنة العامة للدولة، وتعتبر هذه القرارات بمثابة خطوات تمهيدية لرفع الدعم نهائياً عن المواطنين، وتصدر الأبواق الإعلامية الموالية للنظام أن هذه القرارات هي قرارات لازمة لتقليل العجز فى الموازنة العامة بينما هي في الواقع تعتبر تطبيقاً لسياسات الانفتاح الاقتصادي المزعوم من قبل صندوق النقد الدولي وتقديماً لفروض الولاء لشروطه.

وتعتبر قضية الأمن الغذائي ومحاولة الدول تحقيق إكتفائها الذاتي من أخطر الأسلحة التي تستخدمها الدول العظمى في مواجهة الدول النامية، وتستخدم تلك القضية في الضغط على الدول للانصياع لشروطها وتطبيق سياساتها، ولذلك تقع معظم الدول تحت طائلة التبعية الاقتصادية للدول المصدرة.

 ومن هنا تتجلى أهمية قطاع الزراعة كواحد من أهم القطاعات في أي دولة تحاول تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص الفجوة الغذائية لديها، لذلك سوف تناقش هذه الورقة  الفجوة الغذائية في مصر، وأهم المحاصيل وأكثرها استهلاكاً في مصر، بالإضافة إلى تأثير الموارد المائية على الفجوة الغذائية في البلاد. ويمكننا أخذ محصول القمح كنموذج هام في قضية الأمن الغذائي، مع إيضاح بعض السياسات الزراعية المتخذه من قبل الدولة تجاه زراعة القمح كأهم محصول إستراتيجي في مصر، وإلقاء الضوء على بعض الفساد المتوغل في ملف القمح في مصر، وإهدار الأموال العامة للدولة، ورشاوى صفقات شراء قمح الخبز المدعم.

أولاً : مفاهيم:

الأمن الغذائي: هو ذلك الوضع الذي يتاح فيه لجميع الناس في جميع الأوقات القدرة المادية والاجتماعية والاقتصادية للحصول على كميات كافية من الطعام الآمن والمغذي، وتحقق لهم حياة ناشطة وصحية، حسب تعريف منظمة الأغذية والزراعة (1)

الفجوة الغذائية: زيادة الطلب للمنتجات الغذائية عن معدل إنتاجها محلياً، وكذلك النسبة السنوية بين نمو الإنتاج إلى نمو الاستهلاك (2)

الاكتفاء الذاتي: درجة إمكانية الدولة لإشباع مواطنيها من إنتاجها الوطني، وهو عبارة عن نسبة كمية الإنتاج إلى كمية الاستهلاك كنسبة مئوية، ويعكس قدرة الإنتاج على مواجهة الاستهلاك (3)

ثانياً: الفجوة الغذائية للسلع الزراعية في مصر:

يمثل قطاع الزراعة قطاعاً هاماً من قطاعات الاقتصاد القومي في أي دولة، ورغم أن مصر تعتبر بالأساس دولة زراعية إلا أنها تعاني من وجود فجوة غذائية كبيرة في العديد من المحاصيل الزراعية. وقد ساهم قطاع الزراعة بنسبة 11.4% من الناتج المحلي الإجمالي بتكلفة عوامل الإنتاج وفقاً للأنشطة الاقتصادية بالأسعار الجارية عام 2018/2019، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (4)، وهذه النسبة تعتبر نسبة ضئيلة في دولة زراعية مثل مصر. وتتسع الفجوة الغذائية في مصر لتشمل محاصيل: القمح، الذرة، الأرز، الفول، الطماطم، حيث تستورد مصر حوالي 80% من الغذاء من الخارج (5). وبذلك يكون من الصعب على مصر تحقيق مفهوم الأمن الغذائي، خصوصاً في ظل ارتفاع تكلفة الزراعة وزيادة الفاقد الناتجين عن استخدام الآلات الزراعية التقليدية القديمة مثل: المنجل والفأس والجرارات الزراعية، في حين أن دولاً أخرى تستخدم الروبوتات وتكنولوجيا المعلومات.

-يمكن توضيح مدى اتساع الفجوة الغذائية لبعض السلع في مصر من خلال مقارنة بيانات عام 2012 ببيانات عام 2018، حيث لم تتوفر بيانات رسمية حديثة بعد عام 2018.

بيان الفجوة الغذائية لبعض السلع الهامة في مصر عام 2012: (الكمية: ألف طن)

نسبة الاكتفاء الذاتي(%)

الفجوة الغذائية

/فائض غذائي

المتاح للاستهلاك

الواردات

 

الإنتاج المحلي

السلعة

67.7

(3278)

10155

3284

6877

الذرة الشامية

102.3

126

5549

24

5675

الأرز

38.8

(222)

363

237

141

الفول الجاف

1.6

(63)

64

76

1

العدس

50

(5)

10

6

5

بذرة الكتان

20

(76)

95

78

19

عباد الشمس

62

(27)

71

32

44

السمسم

85.7

(165)

1155

208

990

اللحوم الحمراء

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نشرة حركة الإنتاج والتجارة الخارجية من السلع الزراعية 2012.

الفجوة= الإنتاج المحلي-المتاح للاستهلاك.    نسبة الاكتفاء الذاتي= الإنتاج المحلي÷المتاح للاستهلاك.

بيان الفجوة الغذائية لنفس السلع عام 2018:  (الكمية: الف طن)

نسبة الاكتفاء الذاتي%

الفجوة الغذائية

المتاح للاستهلاك

الواردات

الإنتاج المحلي

السلعة

49.9

(8385)

16734

8388

8349

الذرة الشامية

(بيضاء وصفراء)

90.7

(506)

5467

510

4961

الأرز

12.4

(817)

933

850

116

الفول الجاف

1.1

(179)

181

200

2

العدس

36.8

(12)

19

13

7

بذرة الكتان

18.5

(88)

108

91

20

عباد الشمس

90

(4)

40

19

36

السمسم

48.8

(902)

1760

913

858

اللحوم الحمراء

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نشرة حركة الإنتاج والتجارة الخارجية من السلع الزراعية 2018.

الفجوة الغذائية عام 2012:

1- الذرة الشامية: تم إنتاج حوالي 6.9 مليون طن، واستيراد حوالي 3.3 مليون طن، في حين أن المتاح للاستهلاك كان حوالي 10.2 مليون طن، ووجدت فجوة غذائية بمقدار 3.3 مليون طن، بنسبة اكتفاء ذاتي 67.7 %.

2- الأرز: تم إنتاج حوالي 5.7 مليون طن، واستيراد 24 ألف طن، والمتاح للاستهلاك كان 5.6 مليون طن، وحقق الأرز في هذا العام فائضاً بمقدار 126 ألف طن، بنسبة اكتفاء 102.3% .

3- الفو ل الجاف: تم إنتاج 141 ألف طن، واستيراد 237 ألف طن، وكان المتاح للاستهلاك 363 الف طن، وبذلك كانت توجد فجوة غذائية في الفول بمقدار 222 ألف طن، بنسبة اكتفاء 38.8%.

4- العدس: تم إنتاج ألف طن منه، واستيراد 76 ألف طن، وكان المتاح للاستهلاك 64 ألف طن، فوجدت فجوة غذائية بمقدار 63 ألف طن، بنسبة اكتفاء 1.6%.

5- بذرة الكتان: تم إنتاج 5 آلاف طن، واستيراد 6 آلاف طن، في حين أن المتاح للاستهلاك كان 10 آلاف طن، ووجدت فجوة غذائية فيه بمقدار 5 آلاف طن، بنسبة اكتفاء ذاتي 50%.

6- عباد الشمس: تم إنتاج 19 ألف طن، واستيراد 78 ألف طن، بينما المتاح للاستهلاك كان 95 ألف طن، ووجدت فجوة غذائية فيه بمقدار 76 ألف طن، بنسبة اكتفاء ذاتي 20%.

7- السمسم: تم إنتاج 44 ألف طن، واستيراد 32 ألف طن، وكان المتاح للاستهلاك 71 ألف كن، ووجدت فجوة غذائية فيه بمقدار 27 ألف طن، بنسبة اكتفاء ذاتي 62%.

8_ اللحوم الحمراء: تم إنتاج 990 ألف طن، واستيراد 208 ألف طن، بينما كان المتاح للاستهلاك حوالي 1.2 مليون طن، وكانت الفجوة الغذائية في اللحوم الحمراء 165 ألف طن، بنسبة اكتفاء ذاتي 85.7%.

الفجوة الغذائية عام 2018:

1- الذرة الشامية (بيضاء وصفراء): تم إنتاج 8.3 مليون طن، واستيراد حوالي 8.4 مليون طن، في حين وصل المتاح للاستهلاك منه إلى 16.7 مليون طن، وقدرت الفجوة الغذائية في الذرة الشامية بنوعيها بحوالي 8.4 مليون طن، بنسبة اكتفاء ذاتي 49.9%.

2- الأرز تم إنتاج قرابة 5 مليون طن، واستيراد حوالي 510 ألف طن، بينما كان  المتاح للاستهلاك حوالي 5.5 مليون طن، وقدرت الفجوة الغذائية في الأرز بحوالي 506 ألف طن، بنسبة اكتفاء 90.7%.

3- الفول الجاف تم إنتاج 116 ألف طن، واستيراد حوالي 850 ألف طن، بينما كان المتاح للاستهلاك 933 ألف طن، ونتج عن ذلك فجوة غذائية بمقدار 817 ألف طن بنسبة اكتفاء 12.4%.

4- العدس: تم إنتاج ألفي طن، واستيراد قرابة 200 ألف طن، بينما كان المتاح للاستهلاك حوالي 181 ألف طن، وبذلك كانت الفجوة الغذائية في العدس حوالي 179 ألف طن، وذلك بنسبة اكتفاء ذاتي 1.1%.

5- بذرة الكتان: تم إنتاج 7 آلاف طن، واستيراد 13 ألف طن، والمتاح للاستهلاك وصل إلى 19ألف طن، وبذلك وجدت فجوة غذائية بمقدار 12 ألف طن، بنسبة اكتفاء ذاتي 36.8%.

6- عباد الشمس: تم إنتاج 20 ألف طن، واستيراد 91 ألف طن، بينما المتاح للاستخدام كان 108 ألف طن، فقدرت فجوة غذائية فيه بمقدار 88 ألف طن، بنسبة اكتفاء 18.5%.

7- السمسم: تم إنتاج 36 ألف طن، واستيراد 19 ألف طن، بينما كان المتاح للاستخدام 40 ألف طن، فقدرت فجوة غذائية فيه بمقدار 4 آلاف طن، بنسبة اكتفاء 90%.

8- اللحوم الحمراء: تم إنتاج 858 ألف طن، واستيراد 913 ألف طن، بينما كان المتاح للاستخدام 1.8 مليون طن، وقدرت فجوة غذائية بمقدار 902 ألف طن، بنسبة اكتفاء 48.8%.

 وبمقارنة بيانات عام 2012 ببيانات عام 2018 يتضح لنا الآتي:

-اتسعت الفجوة الغذائية في الذرة الشامية (البيضاء والصفراء) من 3.3 مليون طن عام 2012 بنسبة اكتفاء ذاتي مقداره 67.7% إلى 8.4 مليون طن عام 2018 بنسبة اكتفاء ذاتي 49.4%.

-حقق الأرز فائضاً غذائياً عام 2012 بمقدار 126 ألف طن بنسبة اكتفاء ذاتي تعدى 102%، بينما وجدت فجوة غذائية في الأرز عام 2018 بمقدار 506 ألف طن، وانخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي إلى 90.7%.

-زادت الفجوة الغذائية في الفول الجاف من 222 ألف طن عام 2012 إلى 817 ألف طن عام 2018، وانخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي منه من 38.% إلى 12.4%.

-وبالنسبة للعدس فقد ارتفعت الفجوة الغذائية فيه من 63 ألف طن عام 2012 إلى 179 ألف طن، وانخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي منه من 1.6% عام 2012 إلى 1.1 % عام 2018.

-أما بالنسبة لبذرة الكتان فقد اتسعت الفجوة الغذائية من 5 آلاف طن عام 2012 إلى 12 ألف طن عام 2018، وانخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي من 50% إلي 36.8%.

-وزادت الفجوة الغذائية أيضاً في عباد الشمس من 76 الف طن عام 2012 إلى 88 ألف طن عام 2018، كما انخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي من 20% إلى 18.5%.

-بينما انخفضت الفجوة الغذائية في محصول السمسم من 27 ألف طن إلى 4 آلاف طن، وزادت نسبة الاكتفاء الذاتي من 62% عام 2012 إلى 90% عام 2018.

-وفي اللحوم الحمراء زادت الفجوة الغذائية من 165 ألف طن عام 2012 إلى 902 ألف طن، وانخفضت نسبة الاكتفاء الذاتي من 85.7% إلى 48.8%.

وبذلك يتبين لنا اتساع الفجوة الغذائية في هذه السلع الهامة بنسبة ملحوظة فيما عدا محصولي الأرز والسمسم، ويوضح ذلك وجود مشكلة كبيرة في إمكانية تحقيق مصر لأمنها الغذائي.

 ثالثاً: أثر الموارد المائية على الفجوة الغذائية في مصر:

تعتبر قضية الموارد المائية من القضايا الشائكة في مصر، فهي المحرك الرئيسي لجميع القطاعات الاقتصادية وتعتبر محركاً أساسياً في عمليات التنمية الاقتصادية المصرية، وفي ظل التحديات المائية الأخيرة وانخفاض حصة مصر من مياه نهر النيل أصبحت هذه الأزمة تهدد أمن مصر المائي والغذائي كلاهما، حيث أن القطاع الزراعي هو القطاع المستهلك الرئيسي للموارد المائية والمهيمن عليها في مصر، فحين نتحدث عن أن القطاع الزراعي يستهلك نحو 77% من الموارد المائية فى مصر يتضح لنا الأثر البالغ لنقص المياه على الأمن الغذائي المصري، حيث تتوزع استخدامات الموارد المائية في مصر على: مياه الشرب، مياه الصناعة، مياه الزراعة، وأخيراً مياه البخر، ويبلغ استخدام القطاع الزراعي للمياه في مصر نحو 61.65 مليار م 3 /سنة من إجمالي 80 مليار م 3 /سنة، ويتضح ذلك في الرسم التالي:

فجوة المحاصيل الغذائية في مصر-1

المصدر: مصر في أرقام- الموارد المائية 2020.

وتعتبر مصر إحدى دول العالم المصنفة ضمن دول الفقر المائي خصوصاً بعد ظهور أزمة بناء سد النهضة بإثيوبيا، وهذا بدوره يؤثر بشكل كبير على قضية الأمن الغذائي فيها، حيث تعاني مصر من فجوة غذائية تزيد عن 55% من احتياجاتها الغذائية.

 وترسم دراسة ثلاث سيناريوهات لتبعات ملء سد النهضة الأثيوبي على القطاع الزراعي المصري وهى كالتالي (6):

-السيناريو الأول: وذلك هو أكثر السيناريوهات تفاؤلاً بالنسبة لمصر، ويتحقق عند ملء السد خلال عشر سنوات بعد الانتهاء من بنائه، وهو ما يحرم مصر من حوالي 10 مليار م 3 من مياه نهر النيل، ويتوقع انخفاض المساحة المحصولية إلى 9.13 مليون فدان، وذلك بمقدار فقد في المساحة المحصولية بحوالي 3 مليون فدان سنوياً.

-السيناريو الثاني: وذلك إذا تم ملء السد خلال ست سنوات، حيث يحرم مصر من حوالي 17 مليار م 3، ويتوقع انخفاض المساحة المحصولية إلى 4.85 مليون فدان، بفقد قدره 7.3 مليون فدان سنوياً، وهو السيناريو الأكثر توقعاً لحدوثه كحل وسط بين مصر وإثيوبيا.

-السيناريو الثالث: وذلك إذا تم ملء السد خلال ثلاث سنوات، ويحرم مصر من حوالي 33 مليار م 3، ويتوقع انخفاض المساحة المحصولية إلى 2.96 مليون فدان، بفقد حوالي 9.2 مليون فدان سنوياً، ولكن هذا السيناريو هو أكثر السيناريوهات تشاؤماً والأكثر خسائر سنوية لمصر.

وترى هذه الدراسة أن سد النهضة يؤثر على توسيع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك لبعض المحاصيل الهامة مثل القمح والذرة والأرز والسكر والزيوت، وتقليل مساحات المحاصيل التي تدخل في الصناعات التحويلية الزراعية مثل الأرز والزيوت والذرة والقصب والقطن والمنسوجات والصباغة، والدباغة والإنتاج الحيواني والسمكي.

ومن هنا يتضح لنا الأثر الكبير لندرة الموارد المائية وأثر بناء سد النهضة الأثيوبي علي قضية الأمن الغذائي وتوسيع الفجوة الغذائية في مصر.

رابعاً: محصول القمح كنموذج للفجوة الغذائية في مصر:

يعتبر القمح من أهم السلع الغذائية التي يعتمد عليها المصريون يومياً في الحصول على السعرات الحرارية اللازمة لهم، ويعد الغذاء الرئيسي للطبقات الكادحة ولا يمكنهم الاستغناء عنه بأي حال من الأحوال، حيث يحتوي على نسبة كبيرة من البروتينات والمعادن والفيتامينات، وهو أساس صناعة رغيف الخبز، بالإضافة إلى دخول دقيق القمح في كثير من الصناعات الغذائية والزيوت؛ وأيضاً يتم استخدام القمح كعلف للحيوانات.

وقد تم تقدير متوسط نصيب الفرد من الحبوب في مصر عام 2019 من قبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والذي بلغ حوالي 272.6 كجم منهم 153.3 كجم من القمح فقط، وبذلك يستحوذ القمح علي 56% من إجمالي استهلاك الحبوب في مصر سنوياً، ويوضح ذلك أهمية محصول القمح كسلعة إستراتيجية هامة في مصر (7).

الفجوة الغذائية في القمح: 

ورغم أهمية محصول القمح في مصر إلا أنها تعاني من فجوة غذائية كبيرة فيه، ولا يستطيع الإنتاج المحلي ملاحقة التزايد المستمر لأعداد السكان، ولا تقدر الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، وتتجه نحو استيراد من الخارج لسد الفجوة القائمة، ويتضح ذلك من خلال البيانات التالية:

(الكمية: بالمليون طن)   (المساحة: بالمليون فدان)

نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح (%)

المساحة المحصولية للقمح

الواردات

الإنتاج

العام

53.5

2.7

7

7.4

2006/2007

54.8

2.9

7.55

8

2007/2008

74.4

3.1

9.93

8.5

2008/2009

40.5

3

10.05

7.2

2009/2010

48.8

3

10.14

8.4

2010/2011

55.7

3.2

11.5

8.8

2011/2012

56.7

3.4

8.5

9.5

2012/2013

53.1

3.4

10.5

9.3

2013/2014

49.1

3.5

11.314

9.6

2014/2015

47.7

3.4

12.068

9.3

2015/2016

34.5

2.9

11.172

8.4

2016/2017

35.5

3.2

12.4

8.3

2017/2018

40.3

3.1

12.5

8.6

2018/2019

 

3.4

12.6

8

2019/2020

المصادر: 1) بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. 2) الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نشرة المساحات المحصولية والإنتاج النباتي. 3) وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية.

-يوضح الجدول السابق الكميات المنتجة من القمح في مصر خلال فترة الدراسة (2006:2020)، فنجد أن الإنتاج يتزايد ببطء شديد طوال هذه الفترة، حيث كان إنتاج القمح عام (2006/2007) 7.4 مليون طن، وارتفع إلى 8 مليون كن عام (2007/2008)، ثم إلى 8.5 مليون طن خلال عام (2008/2009)، ولكنه انخفض إلى 7.2 مليون طن عام (2009/2010)، واستمر في التذبذب بين الارتفاع والانخفاض البسيط خلال الفترة ( 2010:2014)، حتى وصل لأقصى قيمة له عام (2014/2015) حيث وصل إلى 9.6 مليون طن، ولكنه عاود الانخفاض والتذبذب مرة أخرى حتى انخفض إلى حوالي 8 مليون طن عام (2019/2020)، وذلك بسبب ارتفاع نسبة الفاقد من المحصول الناتج عن الأمطار والسيول الحاصلة آنذاك والتي أدت إلى تلف نسبة كبيرة من المحصول.

-وفي الحقيقة هذ ا القدر من الإنتاج في بلد تعتمد إعتماداً كبيراً على القمح في غذائها يعتبر قدراً يسيراً لا يغطى احتياجات مواطنيها منه، لذلك نجد تزايد واردات القمح خلال فترة الدراسة لتغطية حجم الفجوة القمحية في مصر، فقد اتخذت واردات القمح إتجاهاً عاماً صعودياً خلال فترة الدراسة، حيث كانت واردات القمح عام (2006/2007) حوالي 7 مليون طن، وارتفعت إلى حوالي 7.55 مليون طن عام (2007/2008)، ثم ارتفعت إلى 9.93 مليون طن عام (2008/2009)، وظلت في التزايد المستمر هذا الذي لم ينخفض إلا عام (2012/2013)، حيث انخفضت إلى 8.5 مليون طن بنسبة انخفاض قدرها 26%، وذلك بعد خطة الرئيس محمد مرسي لتقليل واردات القمح وزيادة إنتاجه لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال أربع سنوات، ولكن بعد حدوث الإنقلاب عادت واردات القمح للارتفاع مرة أخرى، وظلت ترتفع هكذا حتى وصلت إلى 12.6 مليون طن عام (2019/2020).

 ومن المؤكد أن تزايد فاتورة واردات القمح في مصر يزيد من عجز الميزان التجاري للدولة بشكلٍ كبير، ومع ذلك فإن نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في مصر لا يزال يسجل معدلات منخفضة بإستثناء عام (2008/2009) والذي وصل الاكتفاء الذاتي من القمح فيه إلى 74.4%، ولكن خلاف ذلك فإن الاكتفاء الذاتي من القمح يدور حول نسبة 50%،بل وقد وصلت مؤخراً إلى ما يقرب من 40%، وذلك يوضح لنا مدى حجم الفجوة القمحية في مصر.

-توضح لنا البيانات أيضاً المساحة المحصولية للقمح في مصر، فنجد أنها أيضاً تسير بخطى بطيئة للغاية لا تتماشى مع عدد السكان المتزايد في مصر، فقد كانت المساحة المحصولية للقمح عام (2006/2007) حوالي 2.7 مليون فدان، ارتفعت إلى 2.9 مليون فدان عام (2007/2008) بمعدل زيادة حوالي 7.4%، ثم ارتفعت إلى 3.1 مليون فدان عام (2008/2009) بمعدل زيادة 6.8%، وهكذا ظلت تزيد بالقدر اليسير وتنخفض بالقدر اليسير حتى وصلت إلى حوالي 3.4 مليون فدان عام (2019/2020)، وبذلك نجد أن المساحة المحصولية للقمح قد زادت خلال الفترة (2006:2020) بمعدل 25.9%، في حين أن عدد السكان قد تزايد بمعدل حوالي 40%، حيث كان عدد السكان في مصر عام 2006 حوالي 71.3 مليون ووصل عام 2020 إلى حوالي 99.8 مليون نسمة، حسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (8).

السياسات الزراعية لمحصول القمح:

تعتبر السياسات الزراعية المتخبطة من أهم أسباب أزمة الفجوة القمحية في مصر، وتثبت عدم وجود الإرادة السياسية للنظام الحاكم لتقليل حدة هذه الأزمة، ويمكننا مناقشة إحدى هذه السياسات المتمثلة في: قضية دعم المزارعين، سعر توريد القمح، التركز الجغرافي للواردات المصرية من القمح.

1-قضية دعم المزارعين:

تكمن أهمية دعم الدولة للمزارعين خاصةً زارعي القمح في مصر في ارتفاع التكاليف الإنتاجية لزراعة معظم المحاصيل، فمحصول القمح يدخل ضمن مجموعة المحاصيل مرتفعة التكاليف الناتجة عن ارتفاع الأجور الزراعية، فالقمح يعتمد على العمالة الزراعية بشكل كبير، بالإضافة إلى ندرة هذه العمالة بسبب تركز عمليات الحصاد في وقت قصير ومحدد مما يشكل عبئاً ليس بالقليل على المزارعين، كما أن محصول القمح يتسم بانخفاض العائد المادي للمزارع من زراعته، وذلك بسبب انخفاض أسعاره وعدم ارتفاع أسعاره بنفس معدل زيادة أسعار المحاصيل الأخرى بسبب إختلال السياسة السعرية.

ويمكننا القول بأن الحكومة تتخلى عن دعم المزارع المصري، ويتضح ذلك في تخفيض بند دعم المزارعين في الموازنة العامة للدولة، ويتضح ذلك في الرسم التالي:

فجوة المحاصيل الغذائية في مصر-2

المصادر: 1- الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. 2-الموازنة العامة المصرية.

فقد كان دعم المزارعين في الموازنة العامة لعام (2017/2018) حوالي 1.065 مليار جنيه، وبالمثل عام (2018/2019)، ولكن انخفض الدعم عام (2019/2020) إلى 565 مليون جنيه، وذلك بانخفاض بنسبة 46.9%، وهو انخفاض كبير جداً يعكس عدم إهتمام الدولة بالقطاع الزراعي وتقليل الفجوة الغذائية في مصر، وأخيراً فقد ارتفع دعم المزارعين في موازنة عام ( 2020/2021) إلى 565 مليون جنيه بزيادة قدرها 100 مليون جنيه فقط.

2- سعر توريد القمح:

من المعروف أنه توجد علاقة طردية بين الكمية المعروضة من القمح وسعر توريد القمح، فكلما زاد سعر توريد القمح كلما زاد إنتاج القمح وزادت الكمية المعروضة منه، ويعتبر سعر توريد القمح هو العامل الأساسي لإتخاذ المزارع قرار زراعته للقمح (9).

ومن هذا المنطلق يتطلب ذلك إعلان سعر توريد القمح قبل بدء موسم زراعته بالقدر الكافي الذي يتيح للمزارعين إتخاذ قرار الزراعة من عدمه، وبالرغم من ذلك نجد تأخراً في موعد إعلان السعر من قبل الدولة، مما يشيع حالة من التخبط  بين المزارعين لإتخاذ القرار، بالإضافة إلى أن بعض المزارعين يضطرون إلى بيع المحصول للتجار بدلاً من الحكومة، وهذا بدوره يكلف الحكومة أموالاً إضافية بسبب تحكم التجار في السعر وإحتكار المحصول (10).

كما أن الحكومة تقوم بتحديد سعر التوريد بناءً على السعر العالمي للقمح، ويعد ذلك ظلماً للقمح المصري وظلماً للفلاح المصري، فالقمح المصري يتميز بجودته الفائقة إذا ما قورن بالقمح المستورد من حيث نسبة الرطوبة ونسبة البروتين ودرجة النقاوة، ويعتبر ذلك السعر إهداراً لقيمته بين الدول، كما أن السعر العالمي المنخفض للقمح لا يغطي تكاليف زراعة القمح في مصر، ولا تعوض الفلاح عن المصروفات الكبيرة التي يتكبدها في زراعته، علاوة على أن الدستور ينص على إلتزام الدولة بشراء القمح من الفلاح بهامش ربح جيد، وهو ما لا يتحقق للفلاح مما يجعله يفضل زراعة محاصيل أخرى غير القمح لزيادة ربحه (11)

ويصنف الخبراء القمح المصري بأنه قمح من الدرجة الأولى، حيث تتراوح درجة نقاوته بين 22.5 إلى 23.5 قيراط، ونسبة الشوائب فيه لا تتعدى 3%، في حين أن القمح المستورد تصل نسبة الشوائب فيه إلى 6%، علاوة على أن القمح المستورد يزيد عليه تكاليف النقل والتفريغ والتسهيلات والرسوم الإدارية، وبالرغم من ذلك يتم تصنيف القمح المصري على أنه قمح من الدرجة الثانية، ويتم تسعيره على أساس ذلك (12)

فقد نشر المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف دراسة تقارن بين القمح المصري وأصناف أقماح أجنبية من الناحية الكيميائية والتكنولوجية، وقد أوضحت الدراسة أن الأصناف المحلية لا تختلف كثيراً عن القمح الأمريكي، وأوصت بأن يتم إحلال القمح المحلي بدلاً من القمح الأمريكي والأقماح المستوردة الأخرى(13)

الشاهد من هذه الدراسة أن القمح المصري يلحق بجودته القمح الأمريكي، لذلك يجب أن يتساوى على الأقل سعر القمح المصري مع سعر القمح الأمريكي، وقد أعلنت وزارة الزراعة المصرية أسعار توريد الإردب من القمح المحلي زنة 150 كجم لموسم 2021، حيث قدرت 705 جنيه للإردب درجة نظافة 22.5 قيراط، و715 جنيه للإردب درجة نظافة 23 قيراط، و725 جنيه للإردب درجة نظافة 23.5 قيراط (14)، في حين أن القمح الأمريكى وصل سعره لأكثر من 750 جنيه (15)، وذلك يعكس مدى التحيز للقمح المستورد على حساب القمح المحلي.

3- التركز الجغرافي للواردات المصرية من القمح:

يعتبر القمح من أهم الأسلحة الإستراتيجية المستخدمة من قبل الدول المصدرة له تجاه الدول النامية التي تستورد منها القمح، وهو سياسة للضغط على هذه الدول والتلاعب بإرادتها واستقلالها الاقتصادي مما يوقع الدول المستوردة في مستنقع التبعية الاقتصادية والابتزاز السياسي.

وبالنظر إلى مصر نجد أنها تحتل المرتبة الأولى عالمياً في استيراد القمح (16)، حيث تستورد مصر القمح من بعض دول وهى: روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، أوكرانيا، فرنسا، رومانيا وأستراليا وغيرها.

 قدرت واردات مصر من القمح العام الماضي قدرت بحوالي 12.6 مليون طن “طبقاً للبيانات السابقة”، استحوذ القمح الروسي وحده على 49% منها، وتوزعت النسبة المتبقية بين القمح الأوكراني، الروماني، الأمريكي والفرنسي (17).

وهذا التركز الجغرافي لواردات القمح لمصر يؤدي إلى ممارسة الضغوط الروسية على مصر، فمثلاً حين رفضت مصر قبول شحنات القمح الروسية المصابة بفطر الإرجوت المسرطن عام 2016 ردت روسيا بقرار حظر المنتجات الزراعية المصرية في مساومة منها لقبول شحنات القمح المصابة ولإثناء مصر عن قرارها.

ومؤخراً فقد فرضت روسيا رسوماً إضافية على صادراتها من القمح، فقد كانت رسوم صادرات القمح الروسى 25 يورو للطن في أواخر  عام 2020، تضاعفت إلى 50 يورو للطن في أوائل عام 2021، كما أعلنت الحكومة الروسية عن حزمة من الإجراءات لوضع حصص محددة لتصدير القمح (18) .

وعلى إثر هذه القرارات فقد ارتفع سعر توريد القمح العالمي ليتجاوز 300 دولار للطن، واضطرت هيئة السلع التموينية إلى إلغاء مناقصة عالمية لشراء القمح المستورد، حيث زاد العرض الروسي المقدم من 285 دولار إلى 310 دولار للطن، ولكن تلجأ الهيئة أحياناً لشراء القمح بأسعار مرتفعة أحياناً للحفاظ على مستوى المخزون الإحتياطي (19)

وبذلك تتضح خطورة إعتماد مصر على روسيا يشكل كبير في استيراد القمح وسد الفجوة القمحية فيها، وتمثل هذه القرارات صافرة إنذار للحكومة المصرية لمراجعة سياسات التركز الجغرافي المتمثل في روسيا استيراد القمح، وإعطاء القمح المصري حقه في مواجهة نظيره الروسي بالإخذ في الإعتبار مدى الفرق بينهما من حيث درجة الجودة والرطوبة، وعدم الإصرار على دعم الفلاح الروسي على حساب الفلاح المصري.

أثر الفجوة القمحية على المصريين:

توالت علي المصريين عدة قرارات اقتصادية تخص قضية تخفيض الدعم خلال السنوات الأخيرة، وتعتبر هذه القرارات خطوات تمهيدية للبدء في رفع الدعم نهائياً عن المصريين، وهي بمثابة اختبار عن مدى تحمل الشارع المصري وتقبله لسياسات الانفتاح الاقتصادي المزعوم من قبل صندوق النقد الدولي، فما بين رفع أسعار الوقود، والكهرباء، والغاز، والمواصلات العامة من مترو الأنفاق والقطارات انحصر المصريون وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وأخيراً خرج السيسي معلناً عزمه على تخفيض الدعم عن رغيف العيش وزيادة سعره بنسبة 300%، وأعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية أنها تدرس القرار للبدء في تنفيذه.

ورغم تخفيض عدد المستفيدين من دعم الخبز إلى 71 مليون مستفيد مقارنة بـ 81 مليون مستفيد العام الماضي، حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء(20)، بالإضافة إلى تخفيض وزن الرغيف من 130 جرام إلى 110 جرام وأخيراً إلى 90 جرام (21)، إلا أن إرادة الدولة اتجهت إلى تعدي الخطوط الحمراء وزيادة العبء على محدودي الدخل، فمن المؤكد أن رغيف العيش بالنسبة للمصريين يعتبر من أهم السلع استهلاكاً سواء للأغنياء أو للفقراء؛ ورغم تصريحات السيسي السابقة بأنه لن يمس رغيف العيش، إلا أنه نقض عهده مجدداً.

ويؤكد الكثير من الاقتصاديين أن قرار تخيض الدعم عن رغيف العيش قد جاء في إطار تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، وجدير بالذكر أن مصر تتعثر في سداد الدين العام لصندوق النقد الدولي والذي يقترب من 20 مليار دولار  (22)، لذلك فهى تقدم له القرابين لاستمراره في تمويلها وإعطائها المزيد من القروض، وفي المقابل ينحصر المواطن المصري البسيط بين تبعات القرارات الاقتصادية التقشفية المتوالية والتي زادت من إفقاره، وفي كل مرة يتم تمرير مثل هذه القرارات منتهزين قبضتهم الأمنية على المصريين.

وقد صرح السيسي بأن الخبز المدعم الذي يباع بـ 5 قروش يكلف الدولة حوالي 65 قرش، وتدفع الدولة الفرق بين السعرين مما يشكل عبئاً علي الموازنة العامة للدولة، وأعلن وضع اقتراح مشروع لزيادة سعر الرغيف إلى 20 قرش، وأضاف أنه سيستغل زيادة السعر في تمويل منظومة التغذية المدرسية والتي تبلغ قيمتها حوالي 8 مليار جنيه (23) .

وأعلن وزير التموين أن بند دعم السلع التموينية في الموازنة العامة قد ارتفع خلال عام (2021/2022) إلى 87.2 مليار جنيه مقابل 84.4 مليار جنيه عام (2020/2021)، وأن الدعم الموجه إلى رغيف العيش قد ارتفع من 48  مليار جنيه العام الماضي إلى حوالي 51 مليار جنيه العام الحالي (24).

ويمكننا الرد على هذه التصريحات بأن قرارات تخفيض الدعم يجب أن يأتي معها زيادة لمستوى دخل الفرد وزيادة للمرتبات، وذلك للتخفيف عن المواطنين تبعات هذه القرارات، خاصة مع وجود موجات غلاء الأسعار  المتتالية، فما بين رفع أسعار الوقود، والكهرباء، والغاز، والمواصلات العامة من مترو الأنفاق والقطارات انحصر المصريون تحت خط الفقر.

كما أن النسبة الأكبر من عجز الموازنة العامة للدولة ليست بسبب الدعم التمويني أو دعم رغيف العيش وإنما بسبب تزايد الدين العام والذي يلتهم حوالي 64% من استخدامات الموازنة العامة في صورة سداد الديون وخدمتها أو دفع العائد عليها (25)، ولا يجب أن يكون تقليل عجز الموازنة على حساب المواطنين البسطاء ولكن من خلال تقليل القروض المأخوذة من صندوق النقد وغيره لتقليل عبء فوائدها على الموازنة العامة.

كما أن منظومة التغذية المدرسية لا تجدي نفعها في مصر، والأولى منها أن يزداد الدعم الغذائي للأسر المصرية الفقيرة والإهتمام بتغذية الأطفال في منازلهم بدلاً من إهدار المال العام في وجبات مدرسية ضئيلة لا تسمن ولا تغني من جوع. 

ورغم أن وزير التموين يتغنى بزيادة الدعم التمويني ودعم رغيف العيش في الموازنة العامة، فإن هذه الزيادة تعتبر زيادة طبيعية نتيجة لارتفاع أسعار السلع الغذائية، وليست لزيادة الرخاء والتنمية والرفاهية للمواطنين، بل تعتبر زيادة صغيرة خصوصاً في وجود موجات غلاء وتضخم الأسعار وارتفاع نسب البطالة في الدولة.

ملف فساد القمح في مصر:

استشرى الفساد في ملف القمح في مصر كثيراً في عهد مبارك، فما بين تجار السوق السوداء و نظام أراد التبعية للقمح الأمريكي ضاع القمح المصري، فقد كان أصحاب المخابز يقومون بتسريب الدقيق المدعم من المخابز إلى تجار السوق السوداء، حيث أعلن معهد بحوث سياسات الغذاء أن 28% من الدقيق المدعوم في مصر يتم بيعه في السوق السوداء بأضعاف سعره (26)، ذلك في الوقت نفسه الذي نجد فيه المصريين يتقاتلون مع بعضهم البعض للحصول على رغيف العيش، حتى ظهر لنا مصطلح شهداء الخبز.

وبعد ثورة 25 يناير، تم نشر روايات عن إصرار مبارك على عدم التوسع في زراعة القمح لحل مشكلة القمح في مصرحتى تظل مصر تحت وطأة التبعية الاقتصادية والسياسية لأمريكا، فقد سرد الدكتور محمد سليم العوا التالي: “أحد أساتذة كلية الزراعة زرع 150 فداناً بنوعية عالية الجودة من القمح أعطت إنتاجاً رائعاً، فجاء وزير الزراعة يوسف والي ليرى التجربة ووعد بتقديم جائزة للأستاذ، وبعد أيام فوجئنا بالبلدوزرات تقتلع القمح وحولت المزرعة إلى خرابة وكان الذي أرسلها هو يوسف والي وزير الزراعة حينها”(27)

وإن دل ذلك على شئ فإنما يدل على أنه كان هناك إمكانية لحل مشكلة الفجوة القمحية في مصر، ولكن الإرادة السياسية للنظام لم تكن تريد لمصر أن تحقق الاكتفاء الغذائي، وأرادت استمرار التبعية الاقتصادية للدول العظمى، والتي كانت تتمثل في أمريكا حينذاك؛ فكان مبارك يفضل أن تستورد مصر قمحها من أمريكا خوفاً من أن تنقلب عليه وتتوقف عن دعمه.

واستمر الفساد في ملف القمح في مكتب وزير التموين السابق في حكومة الجنزوري، فقد تم الكشف عن قضايا رشاوي في مكتب الوزير، حيث قام مدير مكتبه بتلقى رشاوى بقيمة 8 مليون جنيه نظير منح تأشيرات لتمرير صفقات القمح المدعم (28).

وكان عهد خالد حنفي وزير التموين الأسبق مليئاً أيضاً بالفساد ونهب الأموال العامة للدولة، حيث انتشر في عهده عمليات تضخم الثروات والكسب غير المشروع في الوزارة، والتي تضم حوالي 15 قضية فساد، والتي إنتهت بتقديم الوزير لإستقالته للهروب من المسآلة أمام مجلس النواب، فقد أعلنت لجنة تقصى الحقائق فى المجلس عن وقائع اختلاس في صوامع تخزين القمح، بالإضافة إلى التوريدات الوهمية للقمح وخلط الأقماح المستوردة بالمحلية للإستفادة من فرق السعر.

وأكدت التقارير تورط مسئولين بوزارة التموين في تزوير كشوف حصر بأسماء مزارعين لإثبات توريدهم لمحصول القمح للصوامع والشون، ورصدت اللجنة اختلاسات بقيمة 557 مليون جنيه في مواقع التخزين، بما يعادل 42% من حجم المخزون بها (29).

وطال الفساد وزير التموين نفسه، حيث كشف جهاز الكسب الغير مشروع عن تورط الوزير في قضايا فساد القمح، وذلك بالتعاون مع أصحاب شركات الكروت الذكية التي تستخدم في صرف السلع التموينية المدعمة، حيث قام بإعطاء تعليمات مباشرة بتشغيل الكروت المتوقفة للتربح منها والإستيلاء على أموال الدعم التمويني، كما أنه خالف القانون بإسناده العمل لبعض أصحاب الصوامع المسئولة عن تخزين القمح بالأمر المباشر دون الخضوع لقانون المناقصات (30).

ليست هذه القضايا التي تم الإعلان عنها هي الوحيدة من نوعها، حيث يتم التستر على قضايا فساد في ملف القمح أكثر من ذلك بكثير، ولكن يتم التواطؤ بين المتورطين فيها وتسويتها فيما بينهم، حتى أن الفساد قد توغل إلى داخل لجان تقصى الحقائق نفسها، والتى من دورها تتبع حالات الفساد وإهدار المال العام للدولة.

الخلاصة:

يمكننا الجزم بأن مصر تعاني من وجود فجوة غذائية كبيرة في العديد من المحاصيل الهامة، وتعتبر مشكلة الندرة المائية في مصر من أهم التحديات التي تواجة الأمن الغذائي فيها، خاصة بعد بناء سد النهضة بإثيوبيا وانخفاض حصة مصر في مياه نهر النيل، وتزداد حدة هذه الأزمة وتنقص حسب الثلاث سيناريوهات التي تم رسمها من قبل بعض الدراسات الاقتصادية، حيث تتنوع هذه السيناريوهات بين السيناريو الأكثر تفاؤلاً، والسيناريو الأكثر تشاؤماً، والسيناريو الأكثر واقعية؛ وفي كل الحالات سوف تتأثر الزراعة المصرية بها. ستنخفض حصة مصر من المياه، وبالتالي ستنخفض المساحات المزروعة، وهذا بدوره يؤثر على قضية الأمن الغذائي في مصر ويهدد أمنها القومي.

 واتضحت أيضاً مشكلة الفجوة القمحية، حيث أشارت الدراسة إلى مواضع الخلل في ملف القمح في مصر؛ فقد كان للسياسات الاقتصادية الخاطئة المتبعة من قبل الحكومات المصرية الأثر الكبير في توسيع الفجوة بين عرض وطلب محصول القمح في مصر. وأوضحت الدراسة كيف تخلت الدولة عن دعم الفلاح المصري في زراعته للقمح، فقد تم تخفيض دعم المزارعين في الموازنة العامة للدولة، مما جعل المزارعين يعرِضون عن زراعة بعض المحاصيل الهامة، ومنها القمح، لارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض هامش الربح.

 ويعتبر سعر توريد القمح المحلي من أسباب الفجوة القمحية في مصر، حيث إنه يتم الإعلان عن سعر التوريد في نهاية موسم زراعة القمح وليس قبل بدايته كما هو معهود، مما يثير حالة من التخبط بين الفلاحين لإتخاذ قرار زراعته من عدمه، كما أنه يتم تحديد سعر التوريد بناءً على السعر العالمي  للقمح، مما يعد ظلماً للقمح المصري الفاخر، ومساواةً له مع الأقماح العالمية الأقل جودة والأكثر رداءة. وأيضاً كان للتركز الجغرافي لواردات مصر من القمح دور في استمرار التبعية الغذائية لبعض الدول؛  فاعتماد مصر على دولة معينة لتغطية استهلاكها من محصول إستراتيجي هام مثل القمح يعد من أخطر السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الحكومة المصرية، حيث أصبح ملف القمح أداة سياسية للضغط على الدولة لتحقيق مصالح دول أخرى، وبذلك يبعد السبيل لوصول مصر للاكتفاء الذاتي وتحقيق استقلالها الغذائي.

وقد جاءت تبعات شروط صندوق النقد الدولي لتحط على رؤوس المصريين، حيث توالت عليهم قرارات تخفيض دعم السلع التموينية في الموازنة العامة للدولة، وانخفض دعم رغيف العيش وهو المكون الرئيسي للغذاء لديهم، فما بين تخفيض وزنه وارتفاع سعره اندثر رغيف العيش في مصر.

في الحقيقة لم يتضرر جميع المصريين من ملف القمح في مصر، فقد تضرر منه عامة الشعب فقط، بينما لم يتضرر منه المسئولون في الدولة وحاشيتهم، بل إنهم تربحوا منه، حيث توغل الفساد في ملف القمح في مصر ووصل لأعلى مستوياته، وتم إهدار أموالاً طائلة للدولة، والتي كان من المفترض أن تصل لمحدودي الدخل والفقراء.

وأخيراً، فإن نهاية موضوع الفجوة القمحية وتحقيق حلم الاكتفاء الذاتي من القمح يتلخص في الإرادة السياسية للنظام الحاكم، ومدى قدرته على الاستقلال الاقتصادي، والبعد عن التبعية الغذائية؛ وكذلك زيادة الرقابة أجهزة الدولة للحد من الفساد المستشري بين أركانها، والذي يلتهم خيرات البلاد؛ مع إعادة توزيع الثروات بين أبناء الشعب.


المصادر
  1. جودة عبدالخالق. الأمن الغذائي العربى: ثنائية الغذاء والنفط. قطر : المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015.
  2. إبتسام مهران. تعريف الفجوة الغذائية في الوطن العربي. [متصل] 30 5, 2021. [تاريخ الاقتباس: 1 10, 2021.] الرابط.
  3. ربيع محمد، أحمد سعد. دراسة تحليلية لإمكانية تقليل الفجوة الغذائية من بعض محاصيل الحبوب الإستراتيجية في ظل تحرير سعر الصرف. مجلة حوليات العلوم الزراعية. 2019، مجلد 57 (2).
  4. القاهرة : الجهاز المركز للتعبئة العامة والإحصاء، 2020.
  5. إيمان محمد عباس. كيف تستطيع مصر تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية؟.. الخبراء يجيبون. بوابة الأهرام. [متصل] 2 3, 2019. [تاريخ الاقتباس: 2 10, 2021.]الرابط.
  6. علاء محمد رشاد السبع، محمد كامل ريحان، أمال شوقى عبدالمحسن. دراسة اقتصادية لتأثير سد النهضة الأثيوبي وأثره على القطاع الزراعي المصري. المجلة المصرية للاقتصاد الزراعي. المجلد التاسع والعشرون- العدد الثاني، 2019.
  7. نشرة المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية والحشرية والسمكية. مكان غير معروف : الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2020.
  8. القاهرة : الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2021.
  9. دينا شيرين،محمد شفيق إبراهيم. تأثير سياسة دعم القمح على الاقتصاد المصري. المركز العربي الديمقراطي للدراسات الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية. 2016.
  10. دينا خالد. تأخر الحكومة في إعلان أسعار توريد القمح يربك الفلاحين. [متصل] 8 4, 2018. [تاريخ الاقتباس: 4 10, 2021.] https://www.masrawy.com/news/news_egypt/details/2018/4/8/1320850/تأخر-الحكومة-في-إعلان-أسعار-توريد-القمح-ي-ربك-الفلاحين.
  11. محمد عبدالله. بإنتاج يبلغ 9 ملايين طن.. لماذا لا ينقذ موسم القمح مصر من استيراد؟ الجزيرة. [متصل] 14 4, 2020. [تاريخ الاقتباس: 5 10, 2021.] https://www.aljazeera.net/ebusiness/2020/4/14/نقص-إمدادات-موسم-القمح-مصر-أزمة.
  12. نادر نور الدين. هل تتكرر مأساة الأرز مع القمح ? الأهرام. [متصل] 20 3, 2017. [تاريخ الاقتباس: 8 10, 2021.] https://gate.ahram.org.eg/daily/News/202209/4/584333/قضايا-واراء/هل-تتكرر-مأساة-الأرز-مع-القمح-.aspx.
  13. دراسات كيميائية وتكنولوجية على أصناف القمح المصرى الشائع استخدامها ومقارنتها بأصناف القمح الأجنبى. محمد فهمى زكي،عادل محمد القرماني. مكان غير معروف : المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف، 2006.
  14. سعيد نافع. أسعار توريد إردب القمح المصري في 2021. المصري اليوم. [متصل] 7 4, 2021. [تاريخ الاقتباس: 8 10, 2021.] الرابط.
  15. عقود القمح الأمريكي. مكان غير معروف : investing.com، 2021.
  16. 9 دول عربية تستورد 22% من واردات القمح في العالم. الجزيرة. [متصل] 15 5, 2019. [تاريخ الاقتباس: 6 10, 2021.] https://mubasher.aljazeera.net/news/reports/2019/5/15/9-دول-عربية-تستورد-22-من-واردات-القمح-في.
  17. هاني الحوتي. أسواق للمعلومات: مصر استوردت 13مليون طن قمح في 2019 بنسبة نمو 5%. اليوم السابع. [متصل] 20 2, 2020. [تاريخ الاقتباس: ] 7https://www.youm7.com/story/2020/2/20/أسواق-للمعلومات-مصر-استوردت-13مليون-طن-قمح-في-2019-بنسبة/4638436.
  18. روسيا تضاعف رسوم صادرات القمح. arabic RT. [متصل] 226 1, 2021. [تاريخ الاقتباس: 7 10, 2021.] https://arabic.rt.com/business/1196095-روسيا-تضاعف-رسوم-صادرات-القمح/.
  19. ياسمين كرم. أسعار القمح العالمي تكسر حاجز «300 دولار للطن» عقب مضاعفة روسيا ضريبة التصدير. المصري اليوم. [متصل] 16 1, 2021. [تاريخ الاقتباس: 25 10, 2021.] https://www.almasryalyoum.com/news/details/2235316.
  20. القاهرة : الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2021.
  21. كريم مسعد. خفض وزن رغيف الخبز.. هل تجاوزت الحكومة المصرية “خطا أحمر”؟ الحرة. [متصل] 20 8, 2020. [تاريخ الاقتباس: 8 10, 2021.] https://www.alhurra.com/egypt/2020/08/20/خفض-وزن-رغيف-الخبز-تجاوزت-الحكومة-المصرية-خطا-أحمر؟.
  22. الحديث عن رفع الدعم عن الخبز في مصر.. ما علاقة صندوق النق. العربي. [متصل] 15 8, 2021. [تاريخ الاقتباس: 8 10, 2021.] https://www.alaraby.com/news/مجتمع-43881.
  23. بعد 33 عاماً.. 72 مليون مواطن مصري لن يأكلوا رغيف خبز بـ5 قروش. CNN العربية. [متصل] 4 8, 2021. [تاريخ الاقتباس: 9 10, 2021.] https://arabic.cnn.com/business/article/2021/08/05/egypt-bread-prices.
  24. تحريك مرتقب لسعر رغيف الخبز في مصر. INDEPENDENT عربية. [متصل] 3 8, 2021. [تاريخ الاقتباس: 9 10, 2021.] https://www.independentarabia.com/node/247396/اقتصاد/أخبار-وتقارير-اقتصادية/تحريك-مرتقب-لسعر-رغيف-الخبز-في-مصر.
  25. أحزاب مصرية ترفض زيادة سعر الخبز: تزيد من نسبة الفقراء. القدس العربي. [متصل] 9 8, 2021. [تاريخ الاقتباس: 9 10, 2021.] https://www.alquds.co.uk/أحزاب-مصرية-ترفض-زيادة-سعر-الخبز-تزيد-م/.
  26. مصر.. أزمة خبز أم أزمة نظام؟! SWi Swissinfo. [متصل] 6 4, 2008. [تاريخ الاقتباس: 8 10, 2021.] https://www.swissinfo.ch/ara/مصر—أزمة-خبز-أم-أزمة-نظام–/6559240.
  27. من سلة غذاء العالم إلى دولة مستوردة للغذاء.. أين ذهب قمح مصر؟ تبيان. [متصل] 17 1, 2020. [تاريخ الاقتباس: 9 10, 2021.] https://tipyan.com/where-did-egypts-wheat-go.
  28. فادي الصاوي. أبوشادي يتهرب من اتهام مدير مكتبه بالتزوير. الوفد. [متصل] 30 12, 2013. [تاريخ الاقتباس: 9 10, 2021.] https://alwafd.news/أخبار/599632-أبوشادي-يتهرب-من-اتهام-مدير-مكتبه-بالتزوير.
  29. إبراهيم الطاهر. مافيا فساد القمح..مصر تفرّط في أمنها الغذائي. العربي الجديد. [متصل] 4 8, 2016. [تاريخ الاقتباس: 10 10, 2021.] https://www.alaraby.co.uk/مافيا-فساد-القمحمصر-تفرّط-في-أمنها-الغذائي.
  30. إبراهيم قاسم. “الكسب غير المشروع” يتسلم تحريات جديدة عن تورط وزير التموين فى “فساد القمح”. اليوم السابع. [متصل] 31 10, 2016. [تاريخ الاقتباس: 10 10, 2021.] https://www.youm7.com/story/2016/10/31/الكسب-غير-المشروع-يتسلم-تحريات-جديدة-عن-تورط-وزير-التموين/2945926.31
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close