ملخص:
تبحث هذه الورقة صناعة السياسات الإعلامية في مصر منذ عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وحتى نهاية الفترة الأولى لعبد الفتاح السيسي في مارس 2018. وتحاول الورقة تفكيك العلاقة بين السلطة السياسية في مصر ووسائل الإعلام منذ استقلال البلاد بعد ثورة يوليو 1952 وحتى اندلاع ثورة يناير. ثم ترصد تغير خارطة الإعلام المصري منذ تولي عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، ورؤيته للعلاقة بين السلطة والإعلام، ودور الإعلام في تحقيق سياساته، وآليات تنفيذ هذه الرؤية، بدءا من إنشاء هيئات حكومية للرقابة على وسائل الإعلام وملاحقتها، مرورا بتأميم الإعلام الخاص ووضعه تحت سيطرة الدولة المباشرة، وانتهاء بأهم الإجراءات العقابية ضد وسائل الإعلام.
المحتويات
المبحث الأول: الإعلام المصري من عبد الناصر حتى الانقلاب أولا: الإعلام الحكومي ثانيا: الإعلام الخاص المبحث الثاني: الإعلام المصري من الثورة وحتى الانقلاب أولا: الإعلام المصري خلال المرحلة الانتقالية ثانيا: الإعلام المصري في عهد مرسي ثالثا: الإعلام المصري بعد الانقلاب المبحث الثالث: السيسي والسيطرة على الإعلام أولا: دور الإعلام في صناعة صورة السيسي ثانيا: رؤية السيسي للإعلام ثالثا: إدارة السيطرة على وسائل الإعلام رابعا: أهم الفواعل في المشهد الإعلامي • المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام • الهيئة العامة للاستعلامات • نقابة الصحفيين • نقابة الإعلاميين خامسا: تأميم الإعلام الخاص • مجموعة إعلام المصريين و”إيجل كابيتال” • شركة المتحدة للطباعة والنشر • شركة “دي ميديا” • شركة تواصل “فالكون” المبحث الرابع: الإجراءات العقابية أولا: الإجراءات السياسية • الإغلاق • الاستهداف • الاعتقال • التشويش • المنع من العمل • ملاحقة الإعلام الخارج • اعتزال السياسة ثانيا: الإجراءات القضائية • الملاحقات القضائية • الإدراج على قوائم الكيانات الإرهابية ثالثا: الإجراءات الاقتصادية • حجب المواقع • الإجراءات الاقتصادية ضد رجال الأعمال رابعا: الإجراءات المهنية • الفصل التعسفي • المساءلة المهنية خامسا: عقوبات متنوعة الخلاصة |
المبحث الأول: الإعلام المصري من 1952 إلى 2013:
يمكن القول إن وسائل الإعلام المصرية، مثلها مثل وسائل الإعلام العربية بشكل عام، خضعت ومازالت تخضع للأنظمة السياسية المتعاقبة التي حكمت البلاد منذ بداية عهد الجمهورية عام 1952 وحتى الآن، ويمكن تناول الاعلام المصري خلال المرحلة محل الاهتمام على النحو التالي:
أولا: الإعلام الحكومي
منذ استقلال الدول العربية عن الاحتلال الأجنبي، كانت ملكية الدولة لوسائل الإعلام هو النمط السائد في جميع الدول العربية، وقد كان لذلك تأثير كبير في توجهات وسائل الإعلام التي استخدمتها الأنظمة الحاكمة لمصلحتها لأهداف داخلية وخارجية، وحتى في الخلافات بين الدول العربية نفسها[1]. فكانت بعض وسائل الإعلام مثل إذاعة صوت العرب وسيلة من وسائل نظام عبد الناصر لحشد الجماهير العربية خلفه ومهاجمة الدول العربية المعارضة لسياساته.
من ناحية أخرى أحكمت الدولة سيطرتها على الصحافة عبر مؤسسات صحفية كبرى، وصدر قانون الصحافة عام 1960، والذي تقرر بموجبه تأميم الصحافة وجعل ملكيتها في يد الدولة[2]. واعتبرت الصحف المصرية متحدثة باسم النظام ومدافعة عنه، وارتكبت تلك الصحف أخطاء وسقطات مهنية عديدة في سبيل الدفاع عن السلطة. وفي عهد السادات ظهرت الصحف الحزبية بعد عودة الأحزاب السياسية إلى الظهور. كما ظهرت الصحف الخاصة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وقد أصدر مبارك القانون رقم 96 لسنة 1996 لتنظيم الصحافة، وجاء في معظمه فضفاضا في معانيه، وساعد في إحكام السلطة قبضتها على الصحافة، وقد جاء القانون في بابه الرابع ليحمل تشكيل المجلس الأعلى للصحافة، والذي احتوى معظم أعضائه على مسؤولين بصحف حكومية وآخرين يختارهم مجلس الشورى، الذي كان يسيطر عليهم الحزب الوطني الحاكم، وأصبح الاعلام المصري محكوماً بقوانين ذات نصوص واسعة تتحمل تفسيرات متعددة وتأويلات متنوعة[3].
كما كان مجلس الشورى هو المسؤول عن تعيين رؤساء الصحف الحكومية المملوكة للدولة، والتي يقدر عددها بالعشرات، وبذلك كانت الدولة تضمن ولاء تلك القيادات لها ولسياستها ولرئيسها، لأنهم يعلمون أن أي محاولة منهم للخروج على سياسة النظام ستكون نتيجتها إقالتهم من مناصبهم على الفور.
ثانيا: الإعلام الخاص:
ظهر نوع آخر من الإعلام قبيل ثورة يناير بسنوات قليلة، واستمر حتى الآن، وهو الإعلام الخاص. لكن إنشاء وسائل الإعلام الخاصة كان يتم بموافقة السلطة ورضاها. فقد امتلك عدد من رجال الأعمال أبرز الفضائيات الخاصة، ومعظمهم كانوا مؤيدين للسلطة، أو تربط بينهم وبين السلطة شبكات مصالح معقدة[4]، بل إن أحدهم كان ينتمي إلى الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم آنذاك، وهو رجل الأعمال حسن راتب مالك قناة المحور.
وكانت الدولة تملك الحق في قبول أو رفض إنشاء أي وسيلة إعلامية خاصة بحجج مختلفة، ولم تكن هناك أي معايير أو قوانين تنظم عمل الإعلام الخاص أو معايير يجب الوفاء بها للحصول على ترخيص بالبث، وعرف ضمنا أن موافقة الأجهزة الأمنية، خاصة جهاز مباحث أمن الدولة، شرط رئيسي لذلك[5]. كما لم تكن هناك أي مواثيق شرف إعلامية تنظم عمل الإعلام، وهو ما أدى إلى أن وسائل الإعلام عملت في أغلب الأوقات بدون إطار تنظيمي يحدد نشاطه.[6]
وعلى الرغم من نجاح الإعلام الخاص في رفع سقف الحريات بشكل ملحوظ قبل ثورة يناير وإتاحة المجال أمام الحركات المعارضة للتعبير عن رأيها، إلا أنه كان مقيداً بخطوط حمراء وأسيراً لتوجهات ومصالح وأهداف مالكيه من رجال الأعمال[7]، والذين كانوا حريصين على عدم إغضاب النظام حتى لا تتأثر استثماراتهم في مصر، فالحرية الإعلامية كانت شكلية إلى حد بعيد أو ضمن إطار متفق عليه مسبقا، باستثناء بعض الصحف الحزبية والخاصة التي هاجمت الرئيس شخصيا. أما من كان يحاول تحدي تلك الخطوط الحمراء أو السقف المسموح به، فكان يتم التنكيل به، إما عبر المنع أو الاعتقال أو التهديد بالحبس.[8]
وقد ظهرت السياسات الإعلامية لوسائل الإعلام الخاصة عندما اندلعت ثورة يناير، فلم تختلف تغطية الإعلام الخاص كثيرا عن تغطية الإعلام الحكومي، والذي كان يهدف إلى محاربة الثورة والقضاء عليها وتشويه المتظاهرين ودعم النظام، فقد ظهرت هنا أجندة الإعلام الخاص الحقيقية التي تظهر أثناء الأزمات.
المبحث الثاني: الإعلام المصري من ثورة 2011 وحتى انقلاب 2013
أولا: الإعلام المصري خلال مرحلة المجلس العسكري 2001-2012:
بعد الثورة، نشط رجال أعمال مبارك في تأسيس فضائيات وصحف جديدة، يجمع بينها جميعا الانتماء لنظام مبارك، وعداء الثورة.[9] وبلغ عدد الفضائيات التي أنشأت بعد الثورة خلال شهرين فقط 22 فضائية.[10] وقد بدا هذا الأمر واضحا أثناء تغطية وسائل الإعلام الحكومية والخاصة للأحداث التي أعقبت تنحي مبارك، فقد كانت تتهم المتظاهرين المعارضين للمجلس العسكري الذي حكم البلاد بعد مبارك بأنهم “بلطجية” وليسوا ثوارا، وأنهم عملاء لجهات أجنبية[11]، في الوقت الذي تحولت فيه وسائل الإعلام من الدعاية لمبارك إلى الدعاية للمجلس العسكري.[12]
وقد عادت الدولة المصرية ممثلة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى محاولاتها للسيطرة على الإعلام وإخضاعه لها بعد فترة قليلة من تنحي مبارك، فأعيدت وزارة الإعلام مرة أخرى بعد إلغائها عقب تنحي مبارك، وتم استدعاء عشرات من الصحفيين والمدونين للتحقيق معهم وإحالة بعضهم إلى المحاكمة العسكرية، بالإضافة إلى اعتداءات بدنية جسيمة على آخرين.[13]
ثانيا: الإعلام المصري في عهد مرسي:
على الرغم من أن وسائل الإعلام الحكومية كانت تبدو مملوكة للدولة التي يرأسها الرئيس المعزول محمد مرسي في ذلك الوقت (2012- 2013) إلا أن وسائل الإعلام الخاصة كان لها الدور الأبرز في التحريض ضد حكم مرسي والدعوة إلى انقلاب الجيش في 3 يوليو 2013.
اتضح تأثير ملكية وسائل الإعلام في توجيه سياساتها أثناء عهد مرسي، فقد أعلنت وسائل الإعلام الخاصة عن معارضتها للأخير بعد إصداره الإعلان الدستوري في نوفمبر/ تشرين الأول 2012[14]. وقد ساهمت وسائل الإعلام الخاصة في تقديم خطاب دعائي ضد مرسي في ذلك الوقت، عبر الهجوم المستمر عليه، وإطلاق عشرات الشائعات ضده، وهي شائعات وجدت قبولا في الشارع المصري وكان من نتيجتها مشاركة الملايين في مظاهرات 30 يونيو 2013 التي مهدت للانقلاب.[15] ووصل انحياز وسائل الإعلام إلى درجة قيام صحيفتي المصري اليوم والوطن باستضافة مسؤولي حركة تمرد لعقد مؤتمرات صحفية في مقر الصحيفتين.
وعلى الرغم من محاولات مرسي ضبط المشهد الإعلامي، إلا أنه عجز عن ذلك، وبدا عدم سيطرته على مؤسسات داخل الدولة مثل الجيش والشرطة والقضاء وجزء كبير من وسائل الإعلام التي كانت تهاجمه بشكل مستمر، في الوقت الذي لم يختلف أداء وسائل الإعلام الحكومية ووسائل الإعلام “الإسلامية” المؤيدة له عن تقديم خطاب دعائي يتنافس في رداءته مع الخطاب الدعائي الموجه ضده، وهو ما شكل حالة استقطاب حادة في المشهد الإعلامي[16]، تشكلت أساسا بين الفضائيات الدينية وقناة مصر 25 المؤيدة لمرسي من جانب، والفضائيات الخاصة التي يملكها رجال أعمال مرتبطون بالنظام السابق ولديهم علاقات وثيقة مع الجيش، من جانب آخر. كما لم تخل وسائل الإعلام الحكومية نفسها من انتقادات حادة لمرسي ولجماعة الإخوان، وهو ما يعود في جزء منه إلى انتماءات شخصية للصحفيين العاملين في تلك المؤسسات.
ثالثا: الإعلام المصري بعد الانقلاب:
بعد الخطاب الذي أعلن فيه وزير الدفاع حينذاك عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس مرسي، قامت قوات من الجيش والشرطة بمحاصرة وإغلاق العديد من القنوات الفضائية. وذلك بهدف القضاء على أي صوت يمكن أن يشكل معارضة للإجراءات التي تم الإعلان عنها. حيث كان يريد التأييد الكامل دون السماح بأي أصوات معارضة.
بدأت منذ ذلك الوقت حقبة اتسمت بسيادة ظاهرة “إعلام الصوت الواحد” الذي يعبر عن السلطة وخطابها دون أي وجود لمطالب الجماهير أو تطلعاتها، وهي ظاهرة كانت متواجدة في الإعلام المصري خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، كما تصاعد الخطاب الدعائي بشكل أكبر بكثير مما كان عليه في عهد مبارك، واقتصرت وظيفة وسائل الإعلام على حشد المواطنين وتعبئتهم لتأييد الجيش من جهة، والتحريض ضد معارضي الانقلاب، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى.[17] وقد ظهرت تلك الدعاية في عدد كبير من الأحداث، خاصة الكبرى منها، مثل الاستفتاء على الدستور الجديد في يناير 2014، والانتخابات الرئاسية، وغيرها.
وقد وصلت ظاهرة “إعلام الصوت الواحد” إلى درجة أن الصحف المصرية على سبيل المثال صدرت أكثر من مرة وهي تحمل نفس العناوين في صفحتها الرئيسية دون أي تغيير. ومثلما لم يكن هناك فارق بين وسائل الإعلام الحكومية والخاصة أثناء ثورة يناير، تلاشى هذا الفارق تماما بعد الانقلاب العسكري، واندمجت جميع أنواع وسائل الإعلام المصرية التي لم يتم إغلاقها في نوع واحد اتسم بغلبة الطابع الدعائي والتعبوي.[18]
رغم ذلك فقد وصلت الانتهاكات ضد الصحفيين والإعلاميين في مصر إلى مستويات غير مسبوقة، وامتدت حتى إلى وسائل الإعلام المؤيدة للنظام بشكل كامل، فمنعت بعض الصحف من الطباعة والتوزيع وأجبرت على تغيير عناوينها وحذف بعض موضوعاتها التي لم ترق للسلطة، وألقي القبض على عدد كبير من الصحفيين المصريين والأجانب، المعارضين والمؤيدين على حد سواء، وساهمت السلطة في خلق رأي عام يعادي الصحفيين ويرى فيهم خطرا داهما، وصنفت مصر واحدة من أكثر البلدان قمعا لحرية الصحافة في العالم.[19]
المبحث الثالث: السيسي والسيطرة على الإعلام
أولا: دور الإعلام في صناعة صورة السيسي
كان الإعلام صاحب الفضل الأول في صناعة أسطورة السيسي من البداية، ومنذ تعيينه وزيرا للدفاع، دأبت الصحف والفضائيات علي نشر أخبار تشيد به وبما يقوم به، وتؤكد رفضه الكامل لسياسات الرئيس المعزول محمد مرسي، والخلافات الشديدة بين الرجلين. خاصة فيما يتعلق بالشائعات التي روجها الإعلام عن رغبة مرسي في بيع سيناء وقناة السويس والأهرامات وحلايب وشلاتين، وغيرها من الشائعات التي هدفت إلى تشويه صورة مرسي وتصعيد السيسي في المقابل.
كما لعبت وسائل الإعلام دورا أساسيا في حشد الجماهير للخروج يوم الثلاثين من يونيو 2013، وقامت بعمل حملات دعائية لحملة “تمرد” لجمع التوقيعات ضد مرسي، وظهر منسقو الحملة يوميا على شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد، وقام مذيعون بالإمضاء على استمارة تمرد على الهواء مباشرة وهم يدعون الشعب المصري إلى النزول لإسقاط مرسي. وقبل فترة قصيرة من يوم 30 يونيو، صار الإعلاميون يدعون المواطنين إلى النزول صراحة، ويشجعون المحافظات التي لم تشهد نزولا كبيرا على النزول والمشاركة.
ومع خروج المظاهرات، ادّعى الإعلام وصول العدد إلى أكثر من ثلاثين مليون مصري، وقد تم نسبة الخبر إلى شبكة “سي إن إن” الأمريكية، ولم يكن ذلك صحيحاً، لكن الإعلاميين تعاملوا مع الرقم وكأنه حقيقة.
الإعلام كذلك ساند جميع خطوات الانقلاب منذ بدايته، ودافع عن كافة الإجراءات والانتهاكات التي شهدتها البلاد، بل إن إعلاميين سبقوا السياسيين أحيانا وطالبوا بإعلان الإخوان جماعة إرهابية قبل الإعلان الرسمي بأسابيع. وأقنع الإعلاميون الجمهور بأن مصر تخوض حربا عالمية ضد عدد كبير من الدول، وأن السيسي يتصدى وحده لكل هؤلاء. كما نشروا قصصا وهمية عن تصدي السيسي للأسطول السادس الأمريكي، وأسر أحد قياداته، وعن تعرض السيسي لمحاولة اغتيال مكذوبة، وغيرها من الأساطير.
أما عن الأزمات المعيشية مثل المرور والكهرباء وغيرهما، فشهدت اختلافا كبيرا في تعامل وسائل الإعلام معها بين مرسي والسيسي، فمن الانتقاد الشديد والهجوم المتواصل على مرسي وحكومة هشام قنديل، وتحميلهما مسئولية تردي الأوضاع، إلي الدفاع الشديد عن نفس الأزمات في عهد الانقلاب والسيسي، وتحميل الشعب المسؤولية عن تلك الأزمات ونفي أي مسؤولية عن السيسي، وتجاوز إعلاميون الأمر إلى الهجوم على الشعب وسبه بألفاظ جارحة في سبيل الدفاع عن السيسي، حتى أصبح هذا التناقض مصدرا لسخرية واسعة من المواطنين والمتابعين الذين قارنوا بين تعامل الإعلاميين في الحالتين. ومنهم باسم يوسف نفسه. لدرجة أن بعضهم مثل خالد أبو بكر ضاق ذرعا بحملات السحرية والهجوم واعترف علنا في برنامجه بتناقض مواقفه.
على سبيل المثال، كانت وسائل الإعلام قد انتقدت مرسي على وعوده في أول 100 يوم من رئاسته، وحرصت على إظهار فشل تحقيق هذه الوعود، ووجه إعلاميون رسائل مباشرة إليه قائلين: إذا لم تكن قادرا علي تحمل مسئولية الوطن فلترحل. أما في عهد السيسي، فيكفينا تناول نموذج واحد، فقد استبقت جريدة الوطن اكتمال أول 100 يوم من عهد السيسي، وأكدت في تقرير لها أن السيسي نجح في تحقيق جميع وعود مرسي في 60 يوما فقط[20]، وأضافت أن المواطنين شعروا بتغير نوعي في البنود الخمسة التي كان قطعها مرسى على نفسه، وهي: الأمن، النظافة، الوقود، الخبز، المرور. وفقا لخبراء قالت الجريدة إنها استطلعت آراءهم. وعند قراءة التقرير، يتضح أن هؤلاء “الخبراء” عبارة عن أستاذ اقتصاد واحد فقط، يؤكد أن تبرع السيسي بنصف راتبه هو الإنجاز الأكبر له، وعرضت الجريدة لما قالت إنها تعليقات “نشطاء” يؤكدون وجود تحسن في حياة المواطنين، لكن تعليقات “النشطاء” على التقرير نفسه في موقع الجريدة تقول عكس ذلك تماما، فمعظمهم هاجم الجريدة وقال إنها تتحدث عن بلد آخر غير مصر.
ثانيا: رؤية السيسي للإعلام:
يعتبر التسريب الذي بثته شبكة “رصد” الإخبارية في 2013 أول تصريح للسيسي عن رؤيته تجاه وسائل الإعلام ودورها في المجتمع، فقد تحدث السيسي في هذا التسريب عن تكوين ما سماها “أذرع إعلامية” داعمة له ولسياساته، موضحا أن ذلك يستغرق وقتا وجهدا، وكشف عن أنه منذ اليوم الأول لتعيينه عضوا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو مهتم بكيفية امتلاك نسبة تأثير في وسائل الإعلام.[21]
ومن هنا يتضح أن السيسي يرى في الإعلام مجرد تابع يقوم بالدعاية والترويج للنظام السياسي ليس أكثر. وقد أولى السيسي اهتماما كبيرا بملف الإعلام، وحرص منذ توليه منصب الرئيس على الالتقاء بالصحفيين والإعلاميين بصورة منتظمة، ما يعكس اهتمامه الشديد بهذا الملف وإدراكه لخطورته، وصرح في إحدى هذه اللقاءات أن “الرأي العام في مصر يتشكل بالإعلام”.
لكن رؤية السيسي للإعلام ودوره بدت مختلفة عن رؤية الأنظمة السياسية السابقة له، فقد كانت تلك الأنظمة تترك الحرية لوسائل الإعلام لكي تهاجم الوزراء والمحافظين ورئيس الوزراء لكن بعيدا عن شخص الرئيس أو أسرته، وكانت تلك الصيغة السائدة عند الإعلام المصري في عهد مبارك، ولم تختل هذه المعادلة إلا في آخر سنوات حكمه وعلى استحياء من بعض الصحف المعارضة حينذاك. وكانت هذه الصيغة تضمن للنظام تحقيق قدر من تنفيس الغضب عند المواطنين، وفي نفس الوقت يظهر أن هناك حرية رأي وتعبير للدول الغربية. لكن السيسي أعرب أكثر من مرة عن غضبه من هجوم وسائل الإعلام على الحكومة، وظهر في خطاب له في يوليو 2014 لينتقد تعامل الإعلام مع أزمة الكهرباء، بسبب عنوان جريدة انتقدت تعامل الحكومة مع الأزمة، رغم أنها لم تنتقده شخصيا ولم تحمله المسؤولية، كما أن تلك الجريدة ليست معارضة.
كما انتقد السيسي تعامل وسائل الإعلام مع حادثة غرق أجزاء من محافظة الإسكندرية جراء السيول، رغم أن وسائل الإعلام انتقدت فقط أداء محافظ الإسكندرية ورئيس الوزراء،[22] لكن السيسي لم يقبل حتى بمعادلة عصر مبارك المتمثلة في قبول انتقاد الحكومة، على اعتبار أن انتقاد الحكومة يشكل هجوما غير مباشر عليه كونه من عين هذه الحكومة، ولا يرضي إلا بأن يكون الإعلام تابعا له بشكل كامل، وهو تصور يبدو مستمدا من نظرية “الأذرع الإعلامية”. أو كما عبر بنفسه في إحدى خطبه بأن عبد الناصر كان محظوظا بإعلامه “لأنه كان بيتكلم والإعلام كان معاه”[23] وهو ما يدل على رغبة من السيسي في أن يكون الإعلام نسخة من إعلام مصر في عقدي الخمسينيات والستينيات.
وقد امتد غضب السيسي ليطال إعلاميين عرفوا بمساندته طويلا، لأنهم حاولوا انتقاد تعامل الحكومة والقيام بدور معارض تحت سقف تأييد السيسي، مثل المذيع خيري رمضان الذي ألقي القبض عليه بعد أن قال إن ضباط الشرطة يعانون ماديا، وأن زوجة أحد ضباط الشرطة قالت له إنها تفكر في العمل خادمة في البيوت لتغطية نفقات منزلها، الأمر الذي دفع وزارة الداخلية إلى تقديم بلاغ ضده انتهى بحبسه لمدة يوم قبل الإفراج عنه، وهو ما أثار غضب إعلاميين مؤيدين للنظام، ودفع بعضهم إلى الحديث عن الخدمات التي قدموها للنظام، وأنه لا يليق بهم أن يعاملوا بهذه الطريقة المهينة.[24] بالإضافة إلى توفيق عكاشة الذي منع من العمل وأغلقت قناته “الفراعين” وأسقطت عضويته في البرلمان، رغم دوره الكبير في الحشد لمظاهرات 30 يونيو. فضلا عن إعلاميين آخرين سيتم تناولهم في الجزء الخاص بالإجراءات العقابية.
ثالثا: إدارة السيطرة على وسائل الإعلام
كشفت العديد من التسريبات التي أذيعت على مدار السنوات الماضية عن آلية التحكم والسيطرة التي يتبعها النظام المصري لضمان ولاء وسائل الإعلام وتنفيذ سياساته، والتي تقوم على التواصل بشكل مباشر مع الملاك والمذيعين ورؤساء تحرير الصحف وإصدار التعليمات المباشرة لهم بكيفية تناول الموضوعات والأخبار، وما الذي يجب أن يقولوه، وما الذي يجب عليهم أن يتجنبوه. وقد كشف ذلك بوضوح تسريب عباس كامل مدير مكتب السيسي مع أحمد علي، المتحدث السابق باسم القوات المسلحة، والذي أذيع أوائل عام 2015.
في هذا التسريب يعطي عباس كامل لـ “أحمد علي” تعليماته التي يجب أن يقوم بدوره بنقلها للإعلاميين، بضرورة تلقينهم محاور خطة إعلامية لـ “تهييج” الشعب لصالح ترشح السيسي للرئاسة، والحديث عن الأخير باعتباره ضحى بنفسه من أجل الشعب المصري الذي يجب أن يدعمه ويقف وراءه، واستخدم كامل في المكالمة عبارة “تلبيس العمة” وهو مصطلح يشير في الثقافة الشعبية المصرية إلى ممارسة الكذب والخداع، كما ذكر أسماء عدد من المذيعين بالاسم، مثل محمود سعد ويوسف الحسيني وعزة مصطفى. ويكشف هذا التسريب عن النفوذ الواسع لإدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة في إدارة وسائل الإعلام والتحكم بها، وهو نفوذ بدأ يظهر منذ عهد مرسي، عندما كان السيسي حريصا على تجميع الإعلاميين والفنانين في الاحتفالات والفعاليات التي تقيمها إدارة الشؤون المعنوية، والتحدث معهم وتوصيل رسائل لهم.
أما التسريب الثاني فنشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية وبثته قناة “مكملين”، وهو عبارة عن مكالمات هاتفية لشخص يقدم نفسه باسم “الضابط أشرف الخولي” ويقوم بإعطاء تعليمات لعدد من المذيعين والفنانين عن الطريقة التي يجب أن يعالجوا بها قضية إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. وقد أثارت تلك التسريبات حالة من الجدل حول حقيقتها ودرجة مصداقيتها، وما إذا كان هناك أصلا ضابط يحمل اسم “أشرف الخولي” كما جاء في التسريبات أم لا.
لكن وبغض النظر عن حقيقة شخصية الضابط، فإن هذه التسريبات تكشف عددا من الأمور، منها أن المذيعين والفنانين يتعاملون مع الشخصية باعتبارها حقيقية، كما يتعاملون مع التعليمات التي تصدر إليهم ببساطة ودون استغراب أو محاولة للرفض أو حتى للنقاش والأخذ والرد، خاصة أن “القدس” موضوع حساس وخطير وغير مسبوق، وهو ما يدل على أنهم معتادون على تلقي مثل هذا النوع من الأوامر. وقد نشرت وسائل إعلام بعضا من تلك المكالمات بين الضابط أشرف الخولي وعدد من الإعلاميين، وقارنتها بأداء هؤلاء الإعلاميين بعد المكالمة، ليتضح أنهم نفذوا تعليمات الضابط بالحرف.[25]
كما تكشف هذه التسريبات عن سياسة كانت ومازالت مستمرة تلجأ لها أنظمة الحكم المختلفة في مصر، وهي الاستعانة بالمشاهير من الإعلاميين والفنانين –وحتى الرياضيين- وكل من له حظ من الشهرة في توصيل رسائل معينة إلى الجمهور ومحاولة إقناعه بها.
وتعد ثورة يناير أبرز تلك الأحداث التي حشد فيها نظام مبارك كامل طاقته من الفنانين والإعلاميين والرياضيين ورجال الدين للهجوم على الثورة ودعوة المتظاهرين للعودة إلى بيوتهم، واتهامهم بالتخريب والعمالة لجهات أجنبية. العشرات منهم بدون مبالغة كانوا يظهرون يوميا على شاشات الفضائيات الحكومية والخاصة لتوصيل تلك الرسائل وتكرارها، كما حشدهم النظام في مظاهرات التأييد التي نظمها في عدد من الشوارع والميادين للإيحاء بوجود انقسام في الشارع المصري بين المؤيدين والمعارضين. هذه السياسة أدت إلى تعرض هؤلاء إلى مواقف محرجة بعد تنحي مبارك، فقد هوجموا بعنف ووضعت أسمائهم في “قوائم سوداء”، لكن تلك القوائم لم تحقق النتيجة المرجوة منها، بعد أن عاد هؤلاء الإعلاميين والفنانين والرياضيين ورجال الدين مرة أخرى إلى الواجهة بعد تنحي مبارك بفترة قصيرة لتكملة أدوارهم، بعد أن استعادت “الدولة العميقة” أنفاسها مرة أخرى وبدأت الثورة تتلقى الانتكاسات واحدة بعد الأخرى، حتى تسيدوا المشهد تماما قبل الانقلاب العسكري وبعده حتى الآن.
رابعا: أهم الفواعل في المشهد الإعلامي المصري بعد 2013:
بعد إقرار دستور عام 2014، نشأت عدد من الكيانات الإعلامية الجديدة التي تولت مهمة مراقبة وسائل الإعلام والإشراف على المنظومة الإعلامية والتحكم بها، واتخاذ ما يلزم من عقوبات بحقها إذا تجاوزت الخطوط المسموح بها.
1ـ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
يعد الكيان الأهم المتحكم في المشهد الإعلامي المصري في الوقت الراهن، وهو بديل وزارة الإعلام بعد إلغائها، والتي كانت تسيطر على الفضاء الإعلامي منذ عشرات السنين. وقد أنشئ وفقا للقانون رقم 92 لسنة 2016، والذي حدد مهام المجلس في “تنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي والرقمي بالصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها” ويتم تشكيل المجلس بقرار من رئيس الجمهورية. ويتشكل من 13 عضوا، يمثلون كل من:
رئيس المجلس، ونائب لرئيس مجلس الدولة، ورئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وممثل للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، و2 من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، و2 من الصحفيين، و2 من الإعلاميين، و2 من الشخصيات العامة وذوي الخبرة يرشحهما مجلس النواب، وممثل للمجلس الأعلى للجامعات.
وقد صدر التشكيل الأول للمجلس برئاسة الكاتب الصحفي ونقيب الصحفيين الأسبق “مكرم محمد أحمد” منذ أبريل 2017، ويتبع المجلس هيئتين هما: الهيئة الوطنية للصحافة، برئاسة الكاتب الصحفي كرم جبر، والهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة حسين زين. وهذه الهيئات الثلاث هي الهيئات البديلة عن الهيئات السابقة التي كانت تنظم عمل الإعلام المصري قبل ذلك، وهي: وزارة الإعلام، والمجلس الأعلى للصحافة، واتحاد الإذاعة والتلفزيون، وذلك وفقا لدستور 2014 الذي نص على استبدال هذه الكيانات بالهيئات الثلاث الجديدة.
وتتولى الهيئة الوطنية للإعلام مهمة تنظيم وإدارة المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة وتقديم خدمات البث والإنتاج التليفزيوني والإذاعي والرقمي. فيما تختص الهيئة الوطنية للصحافة بإدارة المؤسسات الصحفية التابعة للدولة، وتنظيم عمل المؤسسات الصحفية الأخرى.
تمتع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام منذ بداية عمله بصلاحيات واسعة لملاحقة ومعاقبة وسائل الإعلام تحت عدة مبررات، وشملت القرارات التي اتخذها المجلس: تقديم بلاغات للنائب العام المصري ضد إعلاميين، ووقف برامج وإعلاميين عن العمل، ومنع ضيوف من الظهور، والتهديد بسحب تراخيص عدد من القنوات، وإصدار قرارات بإيقاف استطلاعات بحوث نسب المشاهدة، وإقرار غرامات مالية على قنوات بسبب مسلسلات رمضان، والمطالبة بحذف عدد من مشاهد تلك المسلسلات، إلى جانب ترحيب المجلس بقرار حجب المواقع الإلكترونية، وتشكيل مرصد لـ”كشف المواقع المهددة للأمن القومي”.[26] كما شجع القرار المواطنين على التقدم ببلاغات ضد وسائل الإعلام، بعد أن خصص جزءا من مبلغ الغرامة لمكافأة المواطن الذي يكشف عن أي إساءة قامت ببثها وسائل الإعلام.[27] في الوقت الذي تجاهل فيه المجلس كافة الانتهاكات التي تقوم بها السلطة ضد الصحفيين والإعلاميين، ولم يتحرك بشأنها أو يتخذ مواقف واضحة.[28]
ومن أشهر البرامج التي أوقفها المجلس برنامج “SNL بالعربي” وهو برنامج كوميدي كان يذاع على قناة “ON E” بدعوى تضمنه إيحاءات وعبارات جنسية “تخالف المعايير الأخلاقية والمهنية”.[29] رغم أن المجلس لا يملك صلاحيات لوقف أي برنامج، بسبب عدم وجود قانون ينظم عمله وصلاحياته. وربط البعض بين توقيت الأخبار المتداولة عن إيقاف البرنامج وقيامه بعرض مشاهد تمثيلية تسخر من ممارسات رجال الشرطة، خاصة أن البرنامج يتضمن إيحاءات جنسية منذ بدايته ولم يتخذ أحدا قرارا ضده قبل ذلك.[30] وبالتالي يمكن أن يكون المجلس قد استخدم حجة الأخلاق غطاء للسبب الحقيقي لوقف البرنامج. كما وقع رئيس المجلس نفسه في تناقض كبير، عندما قال لفظا بذيئا على الهواء في إحدى المؤتمرات الصحفية، رغم قيامه بوقف إعلاميين بناء على أسباب أخف من هذا. خاصة أن المجلس نفسه أصدر قرارا سابقا بتغريم وسائل الإعلام في حالة استخدام لفظ بذيء في أي منها.[31]
وأثيرت شائعات عن وقف برنامج “أبلة فاهيتا” على قناة “سي بي سي” إلا أن القناة نفت الأمر[32] وقالت إن المجلس الأعلى للإعلام أرسل لها ملاحظات على البرنامج تتضمن حذف الإيحاءات الجنسية من الحلقات، والكشف عن هوية الشخصية التي تتقمص دور أبلة فاهيتا “حتى يتسنى محاسبته عند الخطأ”. لكن متابعي البرنامج فوجئوا بحذف أرشيف البرنامج بالكامل من موقع يوتيوب، دون الإعلان عن السبب. وهو نفس ما فعلته قناة ONTV التي حذفت أرشيف برنامج “آخر كلام” ليسري فودة و”الصورة الكاملة” لليليان داود من موقع يوتيوب.[33] كما أصدر المجلس قرارات بوقف برامج أخرى بصورة مؤقتة، مثل وقف برنامج “صبايا الخير” لمدة أسبوعين[34]، وبرنامج “الوسط الفني” على قناة “الحدث اليوم” لنفس المدة[35]، وفرض غرامة على القناة. وبرنامج “ملعب الشريف” على قناة LTC، لمدة شهر، وإحالة المذيعين إلى التحقيق.[36] وقد استند المجلس في قراراته تلك إلى أسباب اعتبرها مراقبون “فضفاضة” ومنها على سبيل المثال “تكرار مناقشات تُضَرّ بالأسرة والمجتمع” أو “مشاهد وحوارات تحمل ايحاءات غير مقبولة”.[37] و”استخدام ألفاظ خادشة للحياء العام” و”الإخلال بالآداب العامة” وهي أسباب لا تستند إلى أي نصوص قانونية، وهو ما يعد إخلالا بقاعدة “لا عقوبة بدون نص، وألا العقوبة إلا بحكم قضائي. فضلا عن إخلال القرار بمبدأ أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون”.[38]
وعلى الرغم من أن المجلس بدأ تطبيق ما سماه “كود أخلاقي” خاص بتناول القضايا الخلافية العربية، والذي نص على عدم “التزام الإعلامي بألا تتضمن عباراته سباً أو قذفاً أو تجريحاً لأشخاص، وأن يكون الرأي والنقد محل الخلاف موجهاً إلى القرار محل الخلاف، ولا ينسحب على شخصه”[39] إلا أن المجلس لم يتخذ أي إجراء ضد الإساءات المتكررة التي وجهها إعلاميون مصريون ضد دول عربية وأجنبية، وهي إساءات امتدت إلى سب مسؤولين بأسمائهم وشعوب بكاملها، مثل الإساءات التي يوجهها الإعلام المصري باستمرار للسودان، والتي أدت إلى أزمات دبلوماسية وصلت إلى سحب السفير السوداني من القاهرة، بالإضافة إلى دول أخرى مثل إثيوبيا وسلطنة عمان ودولة قطر والمغرب. واستغل المجلس ذلك الكود لإحالة رئيس تحرير الموقع الإلكتروني لصحيفة المصري اليوم للتحقيق، بعد نشر الموقع خبرا عن تورط أميرة سعودية في الاعتداء على أحد العاملين في شقتها بباريس، بحجة “مخالفة الكود الأخلاقي”.[40]
كما يقوم المجلس بإصدار تقارير تحت مسمى “الحالة الإعلامية” يعتمد فيها على 14 معيارا مهنيا لتقييم المواقع الإخبارية، منها الاعتماد على المصادر غير المجهلة والفصل بين الإعلان والتحرير والأخطاء الإملائية والحض على الكراهية وبث الفتن وغيرها.
أما لجنة الدراما بالمجلس فقامت بتحديد موضوعات لمؤلفي السيناريوهات ليكتبوا في إطارها الأعمال الدرامية خلال الفترة المقبلة، والتي قالت إن “المجتمع يحتاج لها في المرحلة الراهنة” الأمر الذي أدى إلى رفض واسع وصل إلى فنانين معروفين بمساندة السلطة مثل عادل إمام الذي رفض ما سماها “الوصاية على الفن”،[41] كما أصدرت جبهة الإبداع بيانا شبهت فيه ذلك الإجراء بما كان يقوم به “غوبلز” وزير الدعاية في النظام الألماني النازي بقيادة هتلر في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين.[42]
وتدل عدد من الشواهد والإجراءات التي قام بها المجلس على تبعيته الكاملة للسلطة وعلاقة التبعية المطلقة والولاء الذي يدين به المجلس وأعضاؤه لها، فقد قام المجلس بتنظيم دورات تدريبية لكل من تخطى منصب “رئيس قسم” في الصحف المصرية عن “الإعلام والأمن القومي”، بالتعاون وأكاديمية ناصر العسكرية التابعة لوزارة الدفاع.[43] وقد اشتكى الصحفيون على مدار الأعوام الماضية من ملاحقتهم من جانب السلطات تحت مسميات مطاطة وغامضة تحتمل تفسيرات متعددة من قبيل “تكدير السلم العام” وكذلك “الإضرار بالأمن القومي” وغير ذلك من الاتهامات التي حوكم بسببها العشرات من الصحفيين.
وبالنظر إلى خلفيات رؤساء وأعضاء هذه المجالس التي تتحكم في وسائل الإعلام المصرية يمكن معرفة أسباب تبعيتها للسلطة، فمكرم محمد أحمد هو أحد كبار الصحفيين الموالين للرئيس المخلوع حسني مبارك طوال سنوات حكمه، وتولى مناصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئيس تحرير مجلة المصور لمدة 24 عاما، كما انتخب بدعم من الدولة نقيبا للصحفيين من عام 1989 حتى عام 1993 ومن عام 2007 حتى عام 2010، كما كان عضوا في مجلس الشورى المصري لأكثر من أربع دورات متتالية،[44] وكان يكتب خطابات مبارك لمدة 10 سنوات حتى عام 2005،[45] وظهر في وسائل الإعلام المصرية أثناء ثورة يناير مدافعا عن مبارك ومهاجما المتظاهرين.
أما رئيس الهيئة الوطنية للصحافة فهو “كرم جبر” رئيس مجلس إدارة مؤسسة روز اليوسف أثناء حكم مبارك، وكان يعد هو الآخر من كبار مؤيدي الرئيس المخلوع، وقدمت صحيفة مجلة “روز اليوسف” تغطيات اعتبرت مسيئة للمعارضة المصرية في ذلك الوقت. ومن أشهر تصريحاته في عهد السيسي تصريحه بأن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لو كان حيا لقام بسجن الداعين لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، كما اتهم الداعين للمقاطعة بأنهم “يبنون مجدهم على التخريب والدمار، ولهم علاقة قديمة وعلاقات نسب ومصاهرة مع جماعة الإخوان الإرهابية”.[46] كما وصف دعوات مقاطعة الانتخابات بأنها “تحريضية مغرضة”.[47] واتهم منظمة هيومان رايتس ووتش أنها تروج لأفكار جماعة الإخوان،[48] بعد إصدار الأخيرة تقرير عن التعذيب في مصر.
2ـ الهيئة العامة للاستعلامات
الهيئة العامة للاستعلامات فآلت تبعيتها لرئاسة الجمهورية، بعدما كانت تتبع وزارة الإعلام التي أُلغيت بصدور المجلس الأعلى للإعلام وهيئتي الصحافة والإعلام، وتختص بشكل أساسي بتنظيم عمل وسائل الإعلام الأجنبية داخل مصر، وإصدار تراخيص مزاولة العمل للمراسلين الأجانب. بالإضافة إلى مهام أخرى منها “تقديم صورة مصر إلى الرأي العام العالمة ونقل الحقائق عنها إلى وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم” وكذلك “التثقيف السياسي والتوعية الاجتماعية للمواطنين وشرح السياسات الوطنية لهم والمساهمة في التوعية بالقضايا والمشكلات الوطنية”.[49] ويرأس الهيئة منذ يونيو 2017 ضياء رشوان، نقيب الصحفيين الأسبق، ومدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية السابق بالأهرام، وعضو لجنة الخمسين التي كتبت دستور عام 2014 بعد الانقلاب العسكري.
دخلت الهيئة العامة للاستعلامات في صدامات متعددة مع عدد من وسائل الإعلام العالمية، مثل صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية وشبكة “بي بي سي” البريطانية. فقد تولت الهيئة الرد على التسريبات التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز حول تعليمات أصدرها ضابط مخابرات مصري إلى عدد من الإعلاميين والفنانين المصريين بشأن التعامل مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.[50]
كما هاجمت الهيئة تغطية وسائل الإعلام الأجنبية لحادث الواحات في أغسطس 2017 الذي أدى إلى مقتل عدد من ضباط الشرطة المصرية، وأصدرت الهيئة بيانا أدانت فيه تغطية “رويترز” و”بي بي سي” للحدث، وقيامهما بنشر أرقام ضحايا أكبر من الرقم الفعلي، استنادا إلى مصادر أمنية. كما أدانت الهيئة تجنب بي بي سي وصف العناصر المسلحة بـ”الإرهابيين” واستبداله بمصطلح “المقاتلين” واعتبرت أن المصطلح يعطي “إيحاءات إيجابية للقارئ” وطالبتهما بالاعتذار.[51]
وطالبت الهيئة وسائل الإعلام الأجنبية بالالتزام بما سمته “نشر البيانات الرسمية الصادرة عن المتحدث العسكري والقيادة العامة للقوات المسلحة والمكتب الإعلامي لوزارة الداخلية، بشأن العمليات الجاري تنفيذها في شمال سيناء لمواجهة العناصر المسلحة” كما طالبتها بعدم نشر أي اخبار نقلا عن مصادر خاصة بها،[52] وهو ما يعد قتلا لمهنة الصحافة التي تعتمد على السبق الإخباري التميز في نقل الأخبار عبر المصادر الخاصة، وتحولها إلى نسخ مكررة من بعضها.
ودعت الهيئة، في بيان اليوم الجمعة، المراسلين الأجانب إلى عدم نشر أي أخبار نقلاً عن “مصادر مطلعة”، أو تصريحات منسوبة لمصادر خاصة، أو عن وزارات أخرى بخلاف وزارتي الدفاع والداخلية.
أما أبرز صدامات الهيئة فكان مع شبكة بي بي سي البريطانية، التي أذاعت تقريرا وفيلما وثائقيا تضمن اتهامات للنظام بتعذيب وإخفاء المعارضين السياسيين، بالإضافة إلى اغتصاب إحدى المعتقلات وتدعى “زبيدة”. واتخذت الهيئة العديد من الإجراءات، منها إصدار بيان إدانة لما بثته القناة، ومطالبتها بالاعتذار، وتسليم البيان مدير مكتب بي بي بالقاهرة،[53] كما دعا رئيس الهيئة “النخبة المصرية” إلى مقاطعة بي بي سي ورفض الظهور على شاشتها أو الادلاء بتصريحات لها.[54] وشهد التعامل الإعلامي مع القضية بعدا مختلفا باستضافة زبيدة مع زوجها في برنامج الإعلامي عمرو أديب، ونفيها التعرض لأي انتهاكات، وهي حلقة أثارت الجدل بين مؤيد يرى أن بي بي سي تسرعت في بث التقرير دون التأكد من محتواه، ومعارض رأى أن زبيدة تعرضت لضغوط وإجبار على الظهور، مستدلين على ذلك باعتراف عمرو أديب نفسه بأن اللقاء تم في إحدى مقرات وزارة الداخلية.[55] ونشرت وسائل الإعلام خبرا موحدا يدعي أن والدة زبيدة اعترفت في التحقيقات أنها تلقت أموالا من بي بي سي لتدعي تعرض ابنتها للاغتصاب، وهو اعتراف لا يمكن التحقق من صحته نظرا للقبض على محامي السيدة ومنع نشر أي أخبار عنهما.
3ـ نقابة الصحفيين
إحدى أقدم الهيئات المنظمة للعمل الصحفي في مصر، وقد شهدت مواجهة غير مسبوقة مع السلطة عام 2016 في عهد النقيب السابق يحيى قلاش، بعد اقتحام قوات من وزارة الداخلية مقر النقابة للقبض على اثنين من الصحفيين على خلفية المظاهرات المناهضة لاتفاقية تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وأدى ذلك إلى انعقاد جمعية عمومية غير عادية للنقابة طالبت بإقالة وزير الداخلية وتقديم رئاسة الجمهورية اعتذارا لجموع الصحفيين عن اقتحام النقابة، والإفراج عن الصحفيين المحتجزين على ذمة قضايا نشر، وإعلان الاعتصام داخل مقر النقابة، وتسويد الصفحات الأولى في الصحف، ومنع نشر اسم وزير الداخلية، والاكتفاء بنشر صورته “نيجاتف”، وقرارات أخرى بلغ عددها 18 قرارا،[56] لكن السلطة لم تنفذ أيا من تلك المطالب، وانتهت المواجهة بانتخاب عبد المحسن سلامة نقيبا للصحفيين منذ مارس 2017.
اتخذ النقيب الجديد سياسة مختلفة بشكل كبير عن سابقه، فقام بلقاء وزير الداخلية أكثر من مرة، ووجه إليه دعوة لزيارة النقابة، وهو ما أثار غضب الصحفيين،[57] كما أصدر بيانا حرض من خلاله المواطنين على “الإبلاغ عن أي تجمّعات أو مظاهر تثير الريبة”[58]، كما اعتبر أن القبض على من وصفهم “مسئولي وسائل إعلام الأخبار الكاذبة ليس ضد حرية الرأي ولن يهدف لعرقلة الصحفيين والصحافة”.[59] ونأى بنفسه عن مساندة الصحفيين المعتقلين، بل نفى أكثر من مرة وجود أي صحفي معتقل أو محبوس في قضية نشر، قائلا إن الصحفيين المحبوسين حاليا على ذمة قضايا أخرى مثل التظاهر.[60] كما نشر العديد من التصريحات الداعمة والمؤيدة للنظام، مثل تصريحه بأن السيسي “يبذل جهداً كبيرًا على مدار الساعة ليواجه قدره في قيادة البلاد في هذه الفترة الصعبة”. حتى إنه وصف النقابة بأنها واحدة من أذرع الدولة الرئيسية.[61]
4ـ نقابة الإعلاميين
إلى جانب نقابة الصحفيين، ظهرت نقابة الإعلاميين والتي أنشئت وفقا للقانون رقم 93 لسنة 2016 والذي أصدره رئيس الجمهورية في 3 يناير 2017، ووفقا لذلك صدر قرار بتشكيل اللجنة التأسيسية للنقابة برئاسة “حمدي الكنيسي” رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، لمباشرة إجراءات تأسيس النقابة، إلا أنها لم تستطع أن تفرض نفسها باعتبارها أحد الهيئات المنظمة لعمل الإعلام، فبعد قيام المذيع أحمد موسى بإذاعة تسجيل صوتي مسرب لأحد الناجين من حادث الواحات في أغسطس 2017، اتخذت النقابة قرارا بإيقافه عن العمل، إلا أن القرار لم ينفذ على أرض الواقع، بعد أن أبدى مجلس تنظيم الإعلام اعتراضه على القرار قائلا إنه وحده المختص بمحاسبة الإعلاميين.[62] وبعد اتهام المذيعة أماني الخياط بالإساءة إلى سلطنة عمان، أصدرت النقابة قرارا بتحويلها إلى التحقيق،[63] إلا أن الأخيرة أعلنت عدم اعترافها بالنقابة وما يصدر من قرارات،[64] كما اتخذت النقابة عدة قرارات أخرى مثل وقف المذيعتين ريهام سعيد ودعاء صابر لمدة ثلاثة أشهر، وتوجيه إنذار للإعلاميين سعيد حساسين ومحمد الغيطي، والتهديد بسحب ترخيص قناة “إل تي سي”.
ومثل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فإن اللجنة التأسيسية للنقابة اتخذت قرارات لمعاقبة الإعلاميين دون وجود لائحة تنفيذية تحدد المخالفات والعقوبات المقابلة لها، كما لم تتخذ اللجنة أي إجراءات لتأسيس النقابة وبدلا من ذلك تفرغت لملاحقة الإعلاميين، بل ودخلت في صراعات مع جهات رقابية أخرى للفوز بأحقية معاقبة الإعلاميين.[65]
ولم تختلف مواقف النقابة عن الهيئات الأخرى من إبداء دعم واضح للنظام ومهاجمة وسائل الإعلام الأجنبية التي تقدم روايات مختلفة، ومن هذه المواقف إشادة رئيس النقابة بقرار مقاطعة بي بي سي واتهام الأخيرة بلعب “دور مشبوه في مخطط الإساءة إلى مصر”.[66]
خامسا: تأميم الإعلام الخاص
عندما وصل السيسي إلى سدة الحكم في يونيو 2014، كانت وسائل الإعلام المصرية مقسمة بين إعلام حكومي مملوك للدولة، وإعلام خاص مملوك لمجموعة من رجال الأعمال، لكن النظام بدأ في خطة ممنهجة للسيطرة على وسائل الإعلام الخاصة، والتي نفذت معظم بنودها عام 2017، ليتحول المشهد الإعلامي في مصر إلى وضع غير مسبوق، وهو وجود وسائل إعلام خاصة ظاهريا لكنها مملوكة للدولة فعليا.
شهد العامان الماضيان عمليات استحواذ كبرى على شبكات إعلامية خاصة عبر مجموعة من الشركات، ويمكن تلخيص تلك العمليات فيما يلي:
1ـ مجموعة إعلام المصريين و”إيجل كابيتال”
استحوذت شركة “إعلام المصريين” المملوكة لرجل الأعمال “أحمد أبو هشيمة” أحد المقربين من السلطات على قناة ONTV عام 2016، وقامت بتحويلها إلى مجموعة قنوات، تشمل قناة ON E الرئيسية، وقناة ON LIVE وقناة On drama وقناة On sport الرياضية التي تستحوذ على حقوق بث العديد من المباريات الهامة، مثل مباريات منتخب مصر في تصفيات كأس العالم. وتعاقدت الشركة مع مجموعة كبيرة من أشهر المذيعين لتقديم برامج “توك شو” أبرزهم عمرو أديب، ولبنى عسل، التي كانت تقدم البرنامج الرئيسي على قناة الحياة، ومعتز عبد الفتاح، وإبراهيم عيسى، وأماني الخياط، فضلا عن استمرار المذيع يوسف الحسيني.
كما استحوذ أبو هشيمة على صحيفة وموقع اليوم السابع، أحد أشهر المواقع الإخبارية في مصر، واستحوذ أيضا على صحيفة “صوت الأمة” الأسبوعية. وقام بتعيين معتز عبد الفتاح رئيسا لمجلس إدارتها، لتشهد الصحيفة تحولا في خطابها الذي كان يتسم بطابع المعارضة طوال عهد مبارك وما بعد الثورة، لتتحول إلى مؤيدة بالكامل للسلطة وتقوم بالهجوم على المعارضة بخطاب حاد. كما تملك “إعلام المصريين” مجموعة من وسائل الإعلام الأخرى، مثل موقع “إيجبت توداي” الناطق بالإنجليزية، وموقع انفراد، وموقع عين المشاهير، وصحيفة عين ومجلتي إيجيبت توداي وبيزنس توداي.[67] وموقع وتلفزيون “دوت مصر”، إضافة إلى شركات “بريزنتيشن سبورت” وشركة “مصر للسينما”، وشركات أخرى مختصة بالإنتاج الإعلامي والإعلان والتسويق والعلاقات العامة.[68]
قد يبدو الأمر عاديا ويتمثل في قيام رجل أعمال لديه طموحات إعلامية بالاستحواذ على مجموعة من وسائل الإعلام، لكن العديد من المؤشرات تدل على ارتباط أبو هشيمة القوي بأجهزة الدولة، خاصة الأمنية والسيادية منها، فقد صرح رجل الأعمال “أحمد بهجت” صاحب قناة “دريم” الفضائية أن أبو هشيمة ما هو إلا مجرد واجهة فقط، وأنه لا يشتري بأمواله، وأنه يؤدي دوره جيدا، محذرا مما سماه “سيطرة التوجه الواحد على الإعلام”.[69]
كما صرح حازم عبد العظيم، العضو السابق في حملة السيسي الرئاسية، أن استحواذ أبو هشيمة على مجموعة من وسائل الإعلام يأتي ضمن خطة لتـأميم الإعلام والسيطرة عليه لخلق وضع “شبيه بما كان يحدث في الستينات، ولكن بشكل عصري” معتبرا أن أبو هشيمة من رجال الأعمال المقربين من السيسي والمخابرات الحربية بشكل خاص.[70] كما عرف عن أبو هشيمة تأييده للسيسي وتبرعه بصورة مستمرة لصندوق “تحيا مصر” الذي أعلن عنه السيسي.
لكن نهاية عام 2017 شهد تحولا نوعيا آخر، تمثل في قيام أبو هشيمة ببيع كامل أسهم شركته “إعلام المصريين” إلى شركة أخرى، هي “إيجل كابيتال” والتي ترأسها “داليا خورشيد” وزيرة الاستثمار السابقة.
وتمتلك داليا خورشيد نفوذا واسعا منذ أن كانت تعمل وزيرة للاستثمار، وظهر هذا النفوذ على سبيل المثال في قيام قناة ONTV بالإعلان عن فسخ التعاقد مع المذيعة “رانيا بدوي” بسبب هجومها على الوزيرة، ووصفها لها بأنها “أسوأ وزيرة في مصر” وذلك قبل أن تستولى الوزيرة بنفسها على القناة والشركة التي تملكها.[71] وهي زوجة طارق عامر محافظ البنك المركزي.
وقد نشرت عدة تقارير صحفية تؤكد تبعية شركة “إيجل كابيتال” إلى المخابرات العامة المصرية، مثل موقع “مدى مصر” الذي نشر تقريرا كتبه الصحفي الاستقصائي “حسام بهجت” نقلا عن مصادر خاصة أن الشركة عبارة عن صندوق استثمار مباشر مملوك لجهاز المخابرات العامة المصرية، مهمته إدارة الاستثمارات المدنية للجهاز. كما أن أبو هشيمة لم يكن في الأصل مالكا لمجموعة “إعلام المصريين” بل كان مالكا لمجموعة محدودة من الأسهم، واقتصر دوره على العمل كواجهة إعلامية للمجموعة المملوكة في الأصل لجهاز المخابرات العامة.[72] وأكد رئيس تحرير المصري اليوم أن إيجل كابيتال تتبع إحدى “الجهات السيادية” وأنها “بمثابة صندوق سيادي ضخم يُنظِّم المعاملات والعلاقات المالية في أكثر من جهة” وأن الدولة قررت الدخول والاستحواذ على وسائل إعلام عديدة.[73] كما استحوذت إيجل كابيتال على شبكة راديو النيل، التي تُدير إذاعات “ميجا” و”هيتس” و”نغم” و”شعبى”.[74]
كما بدأت شركة إيجل كابيتال في مفاوضات لشراء شبكة قنوات النهار، وشركة تواصل المالكة لقنوات الحياة والعاصمة.[75] وقالت مصادر أخرى إن الشركة بدأت التفاوض بالفعل مع عدد من ملاك صحف وفضائيات بشأن مشاركة جهاز المخابرات العامة في شركاتهم أو شرائها بالكامل.[76]
2ـ شركة المتحدة للطباعة والنشر
استحوذت شركة المتحدة على نسبة 50% من أسهم شركة المستقبل المالكة لقنوات “سي بي سي” المملوكة لرجل الأعمال “محمد الأمين” كما استحوذت على نفس النسبة من أسهم شركة “ميديا لاين” المسؤولة عن توفير الإعلانات لقنوات النهار، و«فيوتشر ميديا» الذارع الإعلانية لقنوات CBC، كما استحوذت على حق إدارة مجموعة إذاعات شركة راديو النيل، وقررت الشركة دمج قناتي “النهار اليوم” و”سي بي إكسترا” في قناة جديدة سميت “إكسترا نيوز” إلا أن الاندماج فشل، لكن الشركة احتفظت بأسهمها في الكيانين، وحاولت الشركة بعد ذلك شراء كامل أسهم قناة النهار[77]، لكن الصفقة لم تتم،[78] ولا تعرف أي معلومات عن الشركة أو مسؤوليها أو أعضاء مجلس إدارتها. وإن كان موقع “مدى مصر” قد أكد أنها مملوكة أيضا لجهاز المخابرات العامة، وأنها قامت بنقل أسهمها في قناة “ٍسي بي سي” إلى شركة “إيجل كابيتال” التي أصبحت تمتلك ما يقرب من نصف أسهم القناة.
وكانت شركة إعلام المصريين قد أعلنت في سبتمبر 2016 أنها بصدد الاندماج مع شركة “دي ميديا”،[79] تزامنا مع الإعلان عن اندماج قناتي النهار وسي بي سي، إلا أن الاندماج لم يتم كما لم يستمر الاندماج الأول.
3ـ شركة “دي ميديا”
تملك شركة “دي ميديا” مجموعة قنوات dmc التي ظهرت مطلع 2017 بميزانية ضخمة، وهي عبارة عن قناة dmc العامة و dmcالرياضية و dmcدراما ومن المقرر إطلاق 3 قنوات أخرى، واحدة للمسرح والثانية للأخبار والثالثة للأطفال،[80] وضمت القناة العديد من كبار الفنانين الذين يقدمون برامج أو يظهرون كضيوف على شاشتها. كما تملك الشركة موقع “مبتدأ” الإخباري وراديو 9090 الذي تبث ستوديوهاته من داخل الكلية الحربية، كما استحوذت الشركة على قناة “الناس” السلفية وحولتها إلى قناة دينية ولكن من نوع آخر، إذ ظهر عليها شيوخ رسميون يمثلون وجهة نظر الدولة، مثل علي جمعة المفتي السابق، والمفتي الحالي شوقي علام، والشيخ أسامة الأزهري مستشار السيسي للشؤون الدينية، وأحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية في مجلس الشعب في عهد مبارك.
وتتحدث تقارير إعلامية عدة عن كون صاحب الشركة “طارق إسماعيل” ضابط مخابرات سابق، وأنه مرتبط بجهاز المخابرات الحربية، ونشرت مواقع إخبارية مستندات تثبت أن اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي وكاتم أسراره الأبرز هو عضو مجلس إدارة قنوات dmc.[81] ووصفت “مراسلون بلا حدود” القناة بأنها “صوت المخابرات التي تحصل من السلطات الأمنية على تصاريح التصوير في أماكن وأحداث، فيما تُواجَه طلبات وسائل الإعلام الخاصة الأخرى بالرفض”.[82]
4ـ شركة تواصل “فالكون”
أعلن في سبتمبر 2017 عن بيع شبكة قنوات الحياة إلى شركة “تواصل”[83] المملوكة لشركة “فالكون” وهي شركة خدمات أمنية يديرها أحد ضباط المخابرات السابقين، اللواء خالد شريف، وكيل المخابرات الحربية السابق، والمدير السابق لقطاع الأمن في اتحاد الإذاعة والتلفزيون.[84]
وكانت الشركة قد تعاقدت مع الدولة على تأمين 9 جامعات بعد الانقلاب العسكري، قبل أن تدخل مجال الإعلام بصفقة شراء قنوات الحياة بمليار و400 مليون جنيه. كما استحوذت الشركة أيضا على قنوات “العاصمة”[85] بالإضافة إلى امتلاك الشركة راديو drn.[86] وقامت الشركة بتعيين ضابط المخابرات “ياسر سليم” عضوا منتدبا ومديرا تنفيذيا لجميع وسائل الإعلام تلك، بعد أن اندماج شركته “بلاك أند وايت” مع الشركة المالكة. وهي شركة تدير عدة شركات أخرى، منها شركة إنتاج درامي وسينمائي، وشركة للإنتاج الموسيقى، وشركة بوست برودكشن، وأكاديمية بلاك أند وايت للتدريب، وشركة للدعاية والإعلان.[87] وقد ظهر اسم سليم للمرة الأولى عندما كشف تحقيق صحفي لموقع مدى مصر عن دوره في تشكيل قائمة “في حب مصر” التي استحوذت على الأغلبية في انتخابات البرلمان المصري،[88] ثم انتقل إلى مجال الإعلام ليصبح أحد رجال النظام الذين يعتمد عليهم لتأمين السيطرة عليه.
من خلال تحليل هذه الصفقات واتفاقيات الاستحواذ، يمكن القول إن هذه الشركات تتميز بعدد من السمات المشتركة، فهي مملوكة لأجهزة المخابرات، سواء العامة أو الحربية، ويديرها ضباط مخابرات سابقين أو حاليين.
لكنها في نفس الوقت يسودها الغموض، فلا يعرف عنها سوى معلومات قليلة، سواء من ناحية ملاكها أو أعضاء مجالس إدارتها أو رؤسائها، ولا تتمتع بحضور على شبكة الإنترنت أو مواقع التواصل. ولم يعرف عن هذه الشركات أي خبرة سابقة سواء في مجال الإعلام أو غيره، فشركة إيجل كابيتال لم يمر على إنشائها سوى عام واحد فقط قبل الإعلان عن استحواذها على شركة إعلام المصريين، والتي بدورها لم تكن تمارس أي نشاط إعلامي رغم إنشائها عام 2013.
كما أن تزامن الإعلان عن صفقات الاستحواذ هذه يشير إلى سياسة ممنهجة تقف وراءها. فالفترة الزمنية بين كل صفقة وأخرى قليلة للغاية، خاصة أن الإعلان عن هذه الصفقات تم بصورة مفاجئة ودون تمهيد أو أحاديث سابقة عن وجود مفاوضات بين الملاك الجدد والقدامى، وكأنها حدثت بـ”الأمر المباشر”.
وتتمتع الشركات الجديدة بامتيازات غير مسبوقة في مجال الإعلام، فراديو “9090” المملوك لشركة “دي ميديا” هو الوحيد الذي يملك الحق في البث من خارج مدينة الإنتاج الإعلامي، كما أن الحصول على رخصة للبث الإذاعي الخاص يستلزم موافقة من الأجهزة السيادية المصرية التي سبق أن رفضت العشرات من الطلبات المماثلة بحجة الحفاظ على الأمن القومي[89]. كما حصلت نفس الشركة على تردد بث أرضي لقناة “الناس” المملوكة لها، رغم أن هذه الترددات تقتصر فقط على القنوات المملوكة للدولة،[90] كما أن شركة “آي فلاي” المملوكة لشركة “إيجل كابيتال” هي الوحيدة المسموح لها أمنيا بالتصوير بالطائرات بدون طيار في مصر. وهي امتيازات بمثابة امتداد لامتيازات تحصل عليها تلك الشركات في مجالات عملها الأصلية، فشركة فالكون تتولى حراسة الجامعات والمطارات، كما تولت مهمة تأمين مقار حملة السيسي الرئاسية عام 2014، وتتولى مهمة تحصيل رسوم الكهرباء من المواطنين، فيما تتولى شركة المتحدة في توريد الحاسبات لمدارس وزارة التعليم، كما تقوم بتأمين الشوارع بكاميرات المراقبة.[91]
ومن اللافت للنظر المبالغ الضخمة التي رصدت لهذه الصفقات، والتي بلغت المليارات، فصفقة الاستحواذ على شركة إعلام المصريين بلغت أكثر من 6 مليارات جنيه على سبيل المثال،[92] وهي مبالغ يرى الناشر هشام قاسم أنها مبالغ فيها وأكثر من قيمتها السوقية بكثير، دون التفكير في تحقيق أرباح، بل الاكتفاء بالشراء والتحكم في وسائل الإعلام فقط، وهو ما يترتب عليه إهدار مبالغ طائلة.[93]
وبذلك أصبحت النسبة الأكبر من سوق الإعلام المصري مملوكة لـ4 شركات مرتبطة بشكل مباشر بالنظام، هي “إيجل كابيتال” و”دي ميديا” و”تواصل” و”المتحدة للطباعة والنشر. بالإضافة إلى رجال أعمال آخرين لكنهم موالين للنظام بشكل كامل، أبرزهم محمد أبو العينين مالك قنوات “صدى البلد” وأحد المتهمين بالتخطيط لـ”موقعة الجمل” أثناء الثورة، بالإضافة إلى حسن راتب مالك قناة المحور، وأحد كبار أعضاء الحزب الوطني في عهد مبارك، وطارق نور مالك قناة القاهرة والناس، ورجل الأعمال أحمد بهجت مالك قناة “دريم”، والذي ترددت أنباء عن بيعه القناة لصالح شركة “دي ميديا” المالكة لقنوات dmc، ولا زال محمد الأمين يملك الحصة الأكبر في قناة “سي بي سي” فضلا عن صحيفة الوطن، كما لا تزال قنوات النهار مملوكة لرجل الأعمال علاء الكحكي،[94] فيما لا يزال نجيب ساويرس مالكا لحصة في صحيفة المصري اليوم، بالإضافة إلى موقع فيتو وموقع وكالة أنباء “أونا” وموقع مصراوي، و60% من أسهم قناة “ten”، وإن كانت تقارير صحفية غير مؤكدة قد تحدثت عن بيع حصته في المصري اليوم لرجل الأعمال صلاح دياب.[95] بالإضافة إلى قناة “إم بي سي مصر” المملوكة لرجل الأعمال السعودي وليد الإبراهيم.
المبحث الرابع: الإجراءات العقابية
منذ 3 يوليو 2013 شهد الإعلام المصري العديد من الانتهاكات والعقوبات بحق الصحفيين والإعلاميين، والتي توسعت بصورة كبيرة وغير مسبوقة منذ عهد عبد الناصر. وهي تهدف بصورة رئيسية إلى المزيد من التحكم في وسائل الإعلام إذا حاولت تقديم خطاب مختلف عن خطاب السلطة. وتتحمل السلطة التنفيذية المسؤولية عن أغلب هذه العقوبات التي تطبقها بصورة مباشرة، إما عبر قوات الجيش، أو وزارة الداخلية، أو وزارة الاتصالات، أو مجالس تنظيم الإعلام، وغيرها من مؤسسات الدولة، كما استعانت أيضا بجهات أخرى في الدولة لتطبيق بعض العقوبات الأخرى، مثل النيابة والقضاء، أو ممارسة الضغوط على المؤسسات الصحفية نفسها لتتحرك لمعاقبة الصحفيين. كما ابتكر النظام عقوبات غير مسبوقة، مثل الاستهداف وحجب المواقع والقوائم الإرهابية.
ويمكن تصنيف أبرز هذه الانتهاكات والعقوبات فيما يلي:
أولا: الإجراءات السياسية
1ـ الإغلاق
هو الإجراء الأول الذي لجأت إليه السلطات في اللحظات الأولى لإعلان عزل مرسي، فقامت قوات من الجيش والشرطة باقتحام مكاتب عدة قنوات وإغلاقها والقبض على العاملين فيها، وهي قنوات: “مصر 25″، “الحافظ”، “الشباب”، “الناس”، التي عادت بعد بيعها لملاك آخرين، وقناة “الرحمة”، التي عادت بعد تفاهمات بين مالكها “محمد حسان” والدولة، بالإضافة إلى جريدة الحرية والعدالة المعبرة عن لسان حزب الحرية والعدالة. كما انضمت قناة الفراعين إلى قائمة القنوات المغلقة، بعد قرار هيئة الاستثمار وقف برامج صاحبها “توفيق عكاشة” ثم إغلاق القناة نفسها.[96]
2ـ الاستهداف
تعرض الصحفيون والعاملون في المجال الإعلامي للاستهداف المباشر أثناء تأدية عملهم منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013، وقد وثق تقرير للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان مقتل 7 صحفيين خلال العام الأول بعد الانقلاب، هم: أحمد عاصم، حبيبة عبد العزيز، مصعب الشامي، أحمد عبد الجواد، مايك دين، تامر عبد الرؤوف، ميادة أشرف.[97] ويضاف إليهم اثنان آخران، هما: مصطفى الدوح، ومحمد سمير، ليصبح المجموع 9 صحفيين قتلوا في مصر خلال عام واحد فقط.[98]
3ـ الاعتقال
يعتبر الإجراء الأشهر ضد الصحفيين والإعلاميين في مصر، وقد اعتقلت السلطات المصرية العشرات من الصحفيين أثناء تأدية عملهم منذ الانقلاب، كان أشهرهم صحفيو الجزيرة الإنجليزية الثلاثة الذين اعتقلوا في 2013 وأفرج عنهم تباعا بعد إصدار أحكام قضائية ضدهم بالحبس لمدة 7 سنوات، فضلا عن عبد الله الشامي مراسل قناة الجزيرة العربية الذي قضى ما يقرب من 10 أشهر أعلن خلالها إضرابا عن الطعام قبل الإفراج عنه، والمصور محمود أبو زيد المعروف باسم “شوكان” المحبوس منذ أكثر من 4 أعوام.[99]
وقد احتلت مصر المرتبة الثانية بعد الصين على قائمة الدول الأكثر اعتقالا للصحفيين في العام 2015 والذين وصل عددهم في ذلك الوقت إلى 32 صحفيا[100]. فيما احتلت مصر المرتبة الثالثة عالميا عام 2017 بـ20 صحفيا[101]. ووفقا للمرصد العربي لحرية الإعلام، بلغ عدد الصحفيين السجناء بنهاية نوفمبر 2017 الماضي 87 صحفياً، فيما وصل عددهم في نهاية العام إلى 106 محتجزين،[102] وقدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عدد الصحفيين المحبوسين في يوليو 2017 بـ58 صحفيا،[103] فيما قدرت منظمة مراسلون بلا حدود العدد في مارس 2018 بـ29 صحفيا، وهو عدد جعل مصر تحتل المرتبة رقم 161 من 180 في مؤشر حرية الصحافة حول العالم الذي أعدته المنظمة عام 2017.[104] كما تعرض صحفيون آخرون للإخفاء القسري بعد اعتقالهم.[105] وخضع آخرون إلى محاكمات عسكرية.[106] فضلا عن عشرات الحالات من الاحتجاز المؤقت.
وتوجه السلطات إلى هؤلاء الصحفيين تهما مثل الانتماء لجماعة محظورة على خلاف القانون، والتخطيط لأعمال عنف، وغيرها من التهم الجنائية التي تحاول من خلالها تفادي الانتقادات الدولية بالقول إنه لا يوجد أي صحفي معتقل بسبب آرائه السياسية، وقد صرح السيسي أكثر من مرة أن الصحفيين المعتقلين في مصر يحاكمون وفقا لتهم جنائية وليس سياسية. وكذلك نقيب الصحفيين الذين أكد عدم وجود أي معتقل في مصر بسبب آرائه السياسية.[107] كما امتدت هذه العقوبات إلى معاقبة الصحفيين على تصريحات شخصيات أخرى، مثل اعتقال الصحفي “معتز ودنان شمس الدين” بعد إجرائه حوارا صحفيا مع هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، أطلق من خلاله عدة تهديدات للنظام، ما تسبب في اعتقال هو والصحفي الذي أجرى الحوار معه، رغم أن الصحفي ليس مسؤولا عما تقوله المصادر التي يتعامل معها، وحتى إذا رأت السلطات في تلك التصريحات مخالفة للقانون فلا يجب أن يمتد عقابها للصحفي الذي نشرها.[108]
ووصل التضييق على الصحفيين إلى حد القبض على صحفية ومصور في الإسكندرية أثناء قيامهما بإعداد تقرير عن ترام الإسكندرية، وهو موضوع لا علاقة له بالسياسة، ورغم ذلك وجهت لهما النيابة تهم الانضمام لجماعة محظورة و”حيازة وسائل سمعية وبصرية بقصد إذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسكينة العامة وهدم النظم الأساسية للدولة والإضرار بمصلحة البلاد وتلقي مبالغ مالية من جهات خارجية عبر الحوالات البنكية نظير ارتكاب الجريمة محل الاتهام السابق، ومزاولة مهنة صحفي دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وتسجيل وتصوير مصنف سمعي وبصري بدون تصريح من وزارة الثقافة”.[109]
4ـ المنع من العمل
اتجه النظام المصري منذ الانقلاب العسكري إلى منع عدد من وسائل الإعلام الأجنبية من العمل في مصر، وملاحقة صحفييها بالاعتقال والترحيل، فمنذ اللحظات الأولى للانقلاب، اقتحمت قوات من الجيش والشرطة ستوديوهات ومكاتب قنوات الجزيرة العاملة في مصر واحتجزت الصحفيين العاملين فيها وصادرت الأجهزة ومعدات البث، قبل أن تطلق سراحهم وتبقي على مكاتبها مغلقة، فضلا عن قناتي اليرموك والقدس، وهي قرارات اتخذت غطاء قضائيا بعد ذلك مع إصدار محكمة القضاء الإداري قرارا بوقف بث تلك القنوات من داخل مصر وإغلاق مكاتبها.[110] وبعد اعتقال مراسلي الجزيرة الإنجليزية، تعرض النظام المصري لإحراج دولي دفعه للإفراج عنهم وترحيلهم إلى خارج مصر، وقد صرح السيسي أنه يرى أن الترحيل هو الحل الأمثل مع الصحفيين “المتجاوزين” على حد وصفه،[111] وبالفعل أصدر قانونا خاصا بترحيل المواطنين الأجانب[112]، وكانت مراسلة جريدة “التايمز” البريطانية آخر ضحايا الترحيل في مصر، بعد أن أوقفتها السلطات واقتادتها إلى مطار القاهرة وأجبرتها على السفر إلى لندن دون إبداء أسباب.[113] بعد تهديدها بالخضوع لمحاكمة عسكرية.
وبررت الهيئة العامة للاستعلامات ترحيل المراسلة لأنها “مخالفة للقانون” وتعمل بصورة غير مشروعة. وأنها لم تحصل على بطاقة صحفية من الهيئة، رغم أن الهيئة عادت وأقرت بأن المراسلة تعمل في مصر منذ 5 سنوات بصورة طبيعية. وتحججت الهيئة بأن البطاقات الصحفية السنوية لجميع الصحفيين الأجانب تأخر صدورها لعام 2018 العام “لظروف فنية” وأن المراسلة قدمت فعلا طلبا للحصول على تلك البطاقة،[114] وهو ما ينفي اتهام الهيئة لها بأنها مخالفة للقانون ويحمل الهيئة المسؤولية عن تأخير صدور البطاقة.
أما على المستوى الداخلي، فقد اتبعت السلطات المصرية هذا الإجراء مع عدد من الشخصيات والكيانات، مثل فرقة “كايروكي” الغنائية التي منعت من تقديم عدة حفلات داخل مصر[115] بعد إصدارها ألبوما غنائيا احتوى على أغنية سخرت من سياسة السيسي، كما سخرت من علاج الإيدز الذي أعلن عن الجيش عام 2014. كما منعت الرقابة طرح الألبوم تجاريا لتكتفي الفرقة بطرحه على الإنترنت.[116]
ويشمل المنع أيضا تعرض كتاب صحفيون لمنع نشر مقالاتهم، وأبرزهم عبد الناصر سلامة، رئيس تحرير صحيفة الأهرام السابق،[117] الذي منع له عدة مقالات من النشر في صحيفة المصري اليوم. كما يشمل المنع أيضا رفض إعطاء التصاريح والتراخيص اللازمة للقنوات أو شركات الإنتاج للعمل والتصوير في الشارع المصري.
5ـ التشويش
لم تكتف السلطات المصرية بوقف عمل وسائل إعلام أجنبية وإغلاق مكاتبها وترحيل صحفييها، بل قامت بالتشويش على عدد منها، وتأتي في مقدمتها قنوات شبكة الجزيرة التي تعرضت تردداتها على نايل سات وعرب سات للتشويش لأسابيع عام 2013، وأدت إلى وجود مشكلات في الإرسال ورداءة في البث، وأظهرت تحقيقات قامت بها الشبكة بالتعاون مع شركة “إنتيغرال سيستم” ونشرتها صحيفة الجارديان البريطانية أن مصدر التشويش قريب من مواقع تابعة للجيش المصري بالقرب من القاهرة.[118]
6ـ ملاحقة الإعلام الخارجي
اهتم النظام المصري بملاحقة الإعلام المصري المتواجد في الخارج، وكذلك الإعلام الأجنبي الذي يغطي الأحداث في مصر، وأبرزهم قنوات شبكة الجزيرة (خاصة قناة الجزيرة مباشر مصر المخصصة للشان المصري) بالإضافة إلى الفضائيات التي تبث من تركيا ويغلب عليها المعارضة للنظام وتأييد شرعية مرسي، وهي قنوات: مكملين- الشرق- أحرار 25 (التي تحولت إلى قناة وطن)- وقنوات أخرى لم تستمر، مثل قناة “الشرعية” وقناة “رابعة”.
وتمثلت أبرز الاستراتيجيات التي اتبعها النظام في ملاحقة تلك الوسائل في الهجوم عليها والتحريض على العاملين بها في وسائل الإعلام المصرية، بالإضافة إلى ملاحقة بعضهم قضائيا من خلال رفع قضايا تطالب بإسقاط الجنسية المصرية عنهم، والمطالبة بإعلان وسائل الإعلام التي يعملون فيها “كيانات إرهابية” أو “داعمة للإرهاب”، وكذلك فصلهم من الوظائف التي كانوا يعملون فيها داخل مصر، إذ يعمل بعضهم في وسائل حكومية مثل التلفزيون المصري الرسمي، وقد حصلوا على إجازات طويلة قبل عملهم في الجزيرة أو في القنوات المتواجدة في تركيا. كما قامت وسائل الإعلام الداعمة للنظام بشن حملات تطالب الجمهور بعدم مشاهدة تلك الفضائيات، وقامت السلطات بملاحقة مراسلي الفضائيات التي تبث من تركيا والمتعاونين معها، وألقت القبض على العشرات منهم أثناء قيامهم بتغطية المظاهرات والاشتباكات.
وامتدت الملاحقات لتشمل أيضا الضيوف الذي يظهرون في تلك الفضائيات، حتى لو كانوا يمثلون وجهة نظر النظام ويدافعون عنه، عبر الهجوم الإعلامي عليهم ومطالبتهم بعدم الظهور في تلك الفضائيات، وكان أبرز تلك الحالات الاعتداء البدني على الكاتب الصحفي سليمان الحكيم وهدم منزله بسبب ظهوره على الفضائيات المعارضة. وهو ما أدى إلى اعتذار بعض الضيوف عن الظهور على تلك القنوات، ما أدى إلى مشكلات فيما يتعلق بتحقيق التوازن والموضوعية في تلك الفضائيات، وهو الهدف الذي كان النظام يسعى إليه، وهو إظهار تلك الفضائيات مفتقدة للتوازن والموضوعية.
ولا يمكن الفصل بين توتر العلاقات بين النظام المصري وكل من قطر وتركيا عن قيام الأخيرتين باحتضان وتمويل عدد من وسائل الإعلام الخارجة عن سيطرة النظام المصري والتي يرى فيها تهديدا له، كما استعان النظام المصري بحلفائه الخليجيين من أجل مساعدته على الضغط على دولة قطر لتغيير سياسة وسائل الإعلام التي تدعمها، وكان من بين وسائل الضغط تلك قيام السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائهم من الدوحة في مارس 2014، وقد كشف مؤخرا عن أن إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر كان واحدا من بنود المصالحة الخليجية أواخر 2014 والتي أدت إلى عودة السفراء مرة أخرى إلى الدوحة. وكان ذلك نتيجة ضغوط مصرية بالدرجة الأولى. وقد تطور ذلك الطلب ليشمل إغلاق قنوات شبكة الجزيرة بكاملها، وإغلاق كافة وسائل الإعلام الممولة من قطر، بعد الحصار الذي فرضته الدول الخليجية الثلاث على الدوحة في يونيو 2017.
7ـ اعتزال السياسة
أجبر النظام عددا من الإعلاميين والفنانين على تجنب الخوض في الأمور السياسية والاكتفاء بأدوار اجتماعية أو فنية بحتة لا علاقة لها بالسياسة. فبعد أكثر من عامين على غيابه، عاد المذيع المعروف “محمود سعد” إلى الظهور لتقديم برنامج جديد قائلا إنه “طلب منه” ألا يتحدث في السياسية، وبالتالي فهو لن يعمل على تغطية الأحداث السياسية في برنامجه الجديد، وإنما “تناول الأحداث التي تمر بالبلد من وجهة نظر البسطاء وليس الصفوة” على حد قوله. وكذلك فعل إبراهيم عيسى الذي توقف عن تقديم برنامجه على قناة “القاهرة والناس” لعدة أشهر بعد أن انتقد عدة قرارات للسيسي وحكومته، قبل أن يعود ببرنامج يتحدث عن موضوعات تاريخية، كما أعلن المخرج خالد يوسف اعتزاله العمل السياسي والتركيز على أعماله الفنية، بعد أن كان أحد المعارضين لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية في مجلس النواب، قبل أن يتعرض للتضييق من النظام ويتم إيقافه من قوات الأمن أثناء سفره إلى الخارج العام الماضي، بتهمة حيازة دواء مخدر، وتحدثت تقارير إعلامية عن أن ما حدث مع يوسف بمثابة تهديد مبطن بعد حديثه في وسائل الإعلام عن قضية جزيرتي “تيران وصنافير” وتأكيد مصريتهما.[119]
وكانت الممثلة “بسمة” زوجة الباحث السياسي عمرو حمزاوي واحدة ممن تم التضييق عليهم بسبب آرائهم السياسية، كما منع مسلسل “أهل إسكندرية” الذي قامت ببطولته من العرض، وهو ما جعلها تستقر في الولايات المتحدة لمدة قاربت العامين، قبل أن تعلن اعتزال السياسة موضحة أنها أخطأت عندما اعتقدت أنها يمكن أن تقدم شيئا للمجتمع في مجال آخر غير عملها الفني.[120]
ثانيا: الإجراءات القضائية
1ـ الملاحقات القضائية
يعد القضاء أحد المؤسسات الرئيسية المسؤولة عن ملاحقة الصحفيين وعقابهم، بدءا من تقديم بلاغات ضدهم مرورا بتحويلهم إلى التحقيق في النيابة العامة، وانتهاء بإصدار أحكام قضائية ضدهم بالسجن والغرامة بتهمة نشر أخبار كاذبة، لكنها تتعلق في جزء كبير منها بانتقادات للسيسي والنظام.
وصدرت أحكام قاسية ضد العشرات من الصحفيين، وصلت إلى الحكم بإعدام 4 من الصحفيين، ثلاثة منهم غيابيا، هم: قناة الجزيرة، أحمد عبده عفيفي، ومدير الأخبار السابق في قناة الجزيرة إبراهيم هلال، وعلاء سبلان وأسماء الخطيب. كما صدرت أحكام بالمؤبد ضد إعلاميين آخرين، أبرزهم الإعلامي في قناة “وطن” شريف منصور، والمؤبد حضورياً للمصور إسلام جمعة في قناة “مصر 25″، وأحكام غيابية بالحبس 5 سنوات للإعلامي عبد الرحمن يوسف والفنان محمد شومان، والحبس 3 سنوات حضورياً لمحمد أبوالسول (أخبار اليوم) وغيابياً لمدير قناة “الجزيرة مباشر” أيمن جاب الله.[121]
وقد تعرض المئات من الصحفيين للملاحقة القضائية بتهم مختلفة، أشهرها “إهانة القضاء” وهي تهمة حوكم بسببها المئات من السياسيين والإعلاميين والشخصيات العامة، وكانت آخر تلك القضايا حكم صدر ضد جابر عصفور وزير الثقافة السابق و3 صحفيين بالحبس لمدة عام مع إيقاف التنفيذ وغرامة 10 آلاف جنيه بتهمة إهانة القضاء.[122] كما تعرض صحفي من جريدة الفجر للتحقيق بتهمة “خدش رونق القضاء” بعد أن نشر تحقيقا تناول فيه تعيين الكثير من أبناء القضاة ورجال الشرطة في صفوف النيابة.[123] وحكم على عدة صحفيين بالحبس والغرامة بتهمة إهانة أحمد الزند وزير العدل السابق أثناء توليه منصبه،[124] قبل أن يتورط الأخير في زلة لسان متعلقة بإصراره على حبس الصحفيين، وأدت إلى إقالته من منصبه. بعد أن صرح أنه سيسجن أي صحفي يهاجمه حتى لو كان نبيا. كما حكم على صحفيين آخرين بالسجن بتهمة “إهانة الرئيس” على فيسبوك[125]، وتقوم النيابة العامة بالتحقيق في كافة البلاغات التي يقدمها المحامون ضد الصحفيين وتشمل تهما مثل إهانة الرئيس او إهانة القضاء أو تكدير السلم العام وغيرها من التهم الفضفاضة.
وبعد اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحفيين على خلفية مظاهرات تيران وصنافير عام 2016، أصدرت محكمة مصرية حكما بسجن نقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش و3 أعضاء من مجلس النقابة سنتين مع إيقاف التنفيذ، بتهمة إيواء صحفيين مطلوبين لدى أجهزة الأمن،[126] وهو ما يعد دعما لرواية وزارة الداخلية عن الواقعة ومساندة من القضاء للنظام في مواجهته مع النقابة في ذلك الوقت، وهي مساندة تكررت في حالات أخرى فيما يتعلق بالمجال الإعلامي، أبرزها تقنين منع وسائل إعلام أجنبية من العمل داخل مصر، وسيتم تناول هذا الجانب بالتفصيل في موضع لاحق.
وأصدرت النيابة العامة بيانا حرضت فيه المواطنين على الإبلاغ عن كل من ينشر “أخبار كاذبة” في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، وخصصت أرقام هواتف محمولة لهذا الصدد. كما أصدر النائب العام تكليفا لرؤساء النيابة والمحامين العموميين بـ”متابعة وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع وضبط كل ما يبث منها ويصدر عنها عمدًا من أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب في نفوس أفراد المجتمع أو يترتب عليها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة واتخاذ ما يلزم حيالها من إجراءات جنائية”.[127] ويلاحظ أن النائب العام استخدم في بيانه كلمة “قوى الشر” في الإشارة إلى الجهات التي تنشر “الأخبار الكاذبة” وهو مصطلح عام وفضفاض ولا علاقة له بالقانون، كما أنه يتشابه مع مصطلح “أهل الشر” الذي يردده السيسي دائما.[128] وقد جاء البيان عقب الجدل الذي أثاره تحقيق قناة بي بي سي حول الأوضاع في السجون المصرية، ما يدعم فرضية وجود ترابط بينهما.
2ـ الإدراج على قوائم الكيانات الإرهابية
تمثل قوائم الإرهاب إحدى الوسائل الجديدة التي لجأ إليها النظام المصري لمعاقبة معارضيه من كافة التيارات والمجالات، وقد احتوت على المئات من الشخصيات السياسية والاقتصادية والفنية والرياضية، وضمت تلك القوائم ما يقرب من 50 صحفيا وإعلاميا.[129] ويؤدي إدراج الأشخاص في تلك القوائم إلى التحفظ على أموالهم ومنعهم من السفر، وسحب جوازات سفرهم دون محاكمة.
ثالثا: الإجراءات الاقتصادية
1ـ حجب المواقع
يختص هذا الإجراء بالمواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت، وقد بدأت سياسة الحجب منذ مايو 2017، ووصل عدد المواقع المحجوبة في فبراير 2018 إلى 497 موقعا إخباريا[130]، شملت مواقع مصرية وعربية وأجنبية. وقد لجأت بعض المواقع المحجوبة إلى عدة إجراءات لتفادي الحجب، مثل وضع روابط بديلة للأخبار، إلا أن السلطات المصرية حجبت بعض تلك الروابط أيضا.
ولم يقتصر الحجب على المواقع التي تغطي الشؤون السياسية فقط، بل تعداها إلى مواقع رياضية وفنية. فقد تعرض موقع “في الفن” الذي يغطي الأخبار الفنية إلى الحجب بعد أن نشر خبرا عن اعتداء رئيس هيئة الرياضة السعودية “تركي آل الشيخ” على المطربة “أمل ماهر” وعن قيام الأخيرة بتقديم بلاغ رسمي ضده. وهو ما أدى إلى قيام الموقع بحذف الخبر وروابطه من منصاته على مواقع التواصل، وكذلك فعل موقع “مصراوي” الذي كان قد نشر الخبر أيضا.[131]
وتمثل سياسة الحجب مشكلة كبيرة لدى المواقع المصرية بشكل خاص، والتي تعتمد على تغطية الأخبار المحلية، وبالتالي فإن معظم جمهورها المستهدف من المصريين، كما أن عددا منها تعتمد على زيارات الموقع للحصول على إعلانات لتتمكن من تحقيق عائدات تساهم في تغطية المصروفات لضمان استمرار الموقع، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى إغلاق تلك المواقع، مثل موقع مصر العربية، الذي واجه مشكلات مادية أدت إلى تخفيض عدد الصحفيين العاملين فيه بنسبة وصلت إلى 60%، فضلا عن مواجهته مشكلات في التعامل مع المصادر التي ترفض التعاون مع المواقع المحجوبة خوفا من غضب السلطات،[132]
كما أعلنت عدة مواقع عن توقفها عن العمل نتيجة الحجب، وهي مواقع “البديل” و”القصة” وموقع “كورابيا” الرياضي الذي حاول قرر القائمون عليه التوقف عن العمل بعد حجبه وحجب الروابط البديلة له. فضلا عن توقف موقع “البداية” عن نشر أخبار جديدة منذ ديسمبر/ كانون الأول 2017.
وقد تعرضت مواقع أخرى للحجب بصورة مؤقتة، مثل موقع “المصري اليوم” الذي نشر خبرا عن إصدار مذكرة اعتقال بحق حصة بنت سلمان، ابنة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بتهمة المسؤولية عن الاعتداء على عامل في شقتها بباريس.[133] كما حجب موقع “صوت الأمة” لأيام ثم رفع الحجب عنه، كما حجب موقع “نون” عن طريق الخطأ لتشابه اسمه مع موقع “نون بوست” الذي حجب هو الآخر.
وتتبع السلطات المصرية سياسة الغموض مع قرارات الحجب، إذ لا يعرف على وجه التحديد الجهة التي تقف وراء الحجب، وينفي الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات مسؤوليته أو علمه بقرارات الحجب، مبررا ذلك بأنه لا يمتلك التقنية الفنية لحجب المواقع.[134] لكن صحيفة المصري اليوم نشرت تقريرا قالت إنه صادر من جهات سيادية يدافع عن قرارات الحجب ويعتبرها ضرورة من أجل الحفاظ على الأمن القومي المصري، ويستشهد بتجارب دول عديدة في هذا المجال، ويستبعد أن يكون التقرير صادرا بدون رغبة أو رضاء الأجهزة الأمنية أو السيادية، وإلا كانت أجبرت الصحيفة على حذف التقرير تجنبا لغضب السلطة، لكن نشر الصحيفة التقرير والإبقاء عليه يمثل دليلا على مسؤولية السلطات عن الحجب بشكل مباشر.[135]
ويمثل الحجب إجراء جديدا لم تعهده مصر من قبل، باستثناء بضعة أيام خلال ثورة يناير حجبت خلالها شبكة الإنترنت بشكل كامل.[136]
وقد مهد البرلمان المصري لتقنين الحجب، بعد موافقة لجنة الاتصالات فيه على مشروع قانون “مكافحة الجرائم الإلكترونية”، المقدم من الحكومة، والذي ينص على منح الدولة الحق في حجب أي مواقع أو روابط أو محتوى يشكل “تهديداً للأمن القومي أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر”. وإقرار عقوبة الحبس والغرامة لمن يخالف القانون.[137]
2ـ الإجراءات الاقتصادية ضد رجال الأعمال
لجأ النظام عدة مرات إلى ضرب المصالح الاقتصادية لبعض ملاك وسائل الإعلام من رجال الأعمال، فقد ألقت السلطات القبض على صلاح دياب مالك صحيفة المصري اليوم، إحدى أبرز الصحف المصرية، ونجله وعدد من مرافقيه، في نوفمبر 2015، وحرصت على تصويره وهو مقيد ونشر الصورة في وسائل إعلام أخرى، قبل ان يتم حذف الصورة لاحقا، وأصدر النائب العام نبيل صادق، أمرا بالتحفظ على أمواله وأموال زوجته وعدد من شركائه المؤسسين للصحيفة، وأعلن أن الأمر له علاقة بـ”فساد مالي”.[138] لكن الأمر لم يستمر سوى أيام قليلة قبل إصدار قرار بالإفراج عنه وإلغاء أمر التحفظ على أمواله[139]، فيما بدا وكأنها رسالة من السلطة تحمل تحذيرا له.
وفسرت صحيفة العربي الجديد ما حدث بأنه رسالة تهديد لدياب الذي كان يماطل في دفع المبالغ المطلوبة منه من جانب النظام، بالإضافة إلى إطلاقه العنان لصحيفة المصري اليوم للهجوم على النظام،[140] وبالفعل قام صلاح دياب بسداد مبلغ 300 مليون جنيه لحفظ التحقيقات معه في إحدى القضايا التي كان يحاكم فيها،[141] وصدر حكم لصالحه بالبراءة في قضية “حيازة سلاح بدون ترخيص”[142] بعد أن شهدت المصري اليوم تحولا في خطابها، بدأت إرهاصاته عام 2016، عندما نشر مالك الصحيفة نفسه مقالا انتقد فيه تغطية الصحيفة للأزمة بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية عام 2016، وتعهد بعدم تكرار ذلك مرة أخرى[143]، كما نشرت الصحيفة بعد ذلك بأشهر رسالة لقرائها بعنوان “الشراكة هي الحل” وصفت فيها السيسي بأنه “ليس عنه بديل في الأفق المنظور” وبأنه “الرجل الذي اختاره المصريون واستعانوا به لإنقاذ مصر” داعية الشعب المصري إلى أن يتحمل المسؤولية بجانب السيسي لإنجاح البلاد.[144] كما وجهت رسالة أخرى مفادها أن الوقت الآن ليس وقت الانتقاد أو الحديث عن السلبيات، بحجة أن البلد تواجه خطرا عظيما، وأن “الإعلام الوطني” قد حان دوره الآن، وأن الواجب “يتقدم على الحق” و”تتقدم فيها حقوق الوطن على حقوق الأفراد، يتقدم فيها العطاء على الأخذ، يتقدم فيها العقل على العاطفة، يتقدم فيها الصبر على التهور، تتقدم فيها الحكمة على الحمق والنزق والانفعال”.[145] وبذلك دشنت الجريدة مرحلة جديدة أقرت فيها بانضمامها إلى وسائل الإعلام التي تحولت إلى الدعاية للنظام بدلا من تقديم خدمة إخبارية وصحفية للقراء[146]. وقامت بعد ذلك بتعيين عبد اللطيف المناوي في منصب “العضو المنتدب” وقد شغل المناوي منصب رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري في عهد مبارك وحتى قيام الثورة، وكان مسؤولا بصورة أساسية عن تغطيات الإعلام المصري التي هاجمت الثورة واتهمت المتظاهرين بالخيانة والعمالة.[147] كما أعفي الصحفي أحمد رجب من منصبه كمدير تحرير الموقع الإلكتروني للجريدة، والذي كان مسؤولا عن تقديم تغطيات اعتبرت معارضة للنظام ومختلفة عن تلك التي تقدمها النسخة المطبوعة من الصحيفة.
مثال آخر على إجراءات مماثلة قامت بها السلطات المصرية، تمثل في إلغاء أحد معارض الأثاث الذي تنظمه وكالة إعلانية مملوكة لـ”طارق نور” مالك قناة القاهرة والناس قبل إقامته بأسبوع، وهو ما أدى على خسائر لنور بملايين الجنيهات، وربطت وسائل إعلام بين هذا الإلغاء وبين هجوم إبراهيم عيسى المذيع في قناة القاهرة والناس على النظام في ذلك الوقت، وهو ما أدى إلى إيقاف برنامج عيسى على القناة.[148] وصرح الأخير أن مالك القناة وضع أمام خيارين: إما وقف البرنامج أو وقف القناة نفسها.[149] كما تحفظت السلطات على أموال مالك جريدتي “البورصة” و”ديلي نيوز إيجبت” بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان.
رابعا: الإجراءات المهنية
1ـ الفصل التعسفي
بعد سيطرة النظام المصري على وسائل الإعلام عبر الملكية المباشرة لها، امتدت ضغوطه على العاملين لتشمل فصلهم تعسفيا أو إجبارهم على تقديم استقالاتهم، فقد استدعى خالد صلاح، رئيس تحرير جريدة اليوم السابع، عددا من الصحفيين عام 2017، وأخبرهم أن مالك الجريدة الجديد هو الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأن الملاك الجدد طلبوا منه فصلهم من العمل، بسبب انتقادهم للنظام على حساباتهم الشخصية على فيسبوك، وقيامهم بتوقيع بيان ضم 1600 صحفي مناهض لاتفاقية تيران وصنافير. ثم طلب منهم التوقيع على أجازة لمدة عام بدون راتب، وعندما رفض الصحفيون التوقيع فصلوا من العمل.[150] كما أمر المسؤولون في التلفزيون المصري بفصل المذيعين والصحفيين العاملين في قنوات الجزيرة والقنوات التي تبث من تركيا، بعد اتهامهم بالعمل في وسائل إعلام “معادية لمصر”.[151] كما فصل إعلاميون آخرون من عملهم بسبب معارضتهم للسلطة، مثل “عبير حمدي الفخراني” التي فصلت من عملها بقناة “الدلتا” وعزة الحناوي التي أحيلت للتحقيق وفصلت من عملها بقناة “القاهرة” بسبب انتقادها للسيسي ومشاركتها في قنوات اعتبرت “معادية لمصر”.[152]
2ـ المساءلة المهنية
تمارس الهيئات الإعلامية المتحكمة في المنظومة الإعلامية المصرية عملية مراقبة واسعة لوسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، وتقرر مجموعة كبيرة من العقوبات، تشمل منع البرامج بصورة مؤقتة أو نهائية، وتغريم الإعلاميين ووسائل الإعلام، وإحالة إعلاميين إلى التحقيق. وقد تم تناول تلك الإجراءات بالتفصيل في الجزء الخاص بمهام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وتعد تلك الإجراءات أشد تأثيرا من تلك التي تتخذها السلطات، نظرا لأنها تتخذ واجهة مهنية بعيدا عن السلطة، وبالتالي تستطيع الأخيرة التنصل منها، رغم أنها المسؤولة في النهاية عن تشكيل تلك المجالس والهيئات المتحكمة في المنظومة الإعلامية، لكن الجدل سينصب في تلك الحالات على أبناء المهنة الواحدة فقط ولن يمتد للحديث عن دور السلطة.
خامسا: عقوبات متنوعة
يلجأ النظام المصري عادة إلى مجموعة واسعة من العقوبات المتنوعة ضد الصحفيين والإعلاميين، تشمل منع الصحفيين من العمل الميداني عبر عدة طرق، مثل الاعتداء البدني عليهم من جانب أفراد أمن أو ممن يوصفون بـ”البلطجية” التابعين للنظام، وكذلك رفض إعطاء التراخيص للتصوير في الشارع، ومصادرة الكاميرات والمعدات أو تهشيمها، ومسح ذاكرة الكاميرات، ومنع نشر مقالات تنتقد النظام، ومنع صحفيين من السفر، ومصادرة أعداد من الصحف المطبوعة أو تأخير طباعتها وإجبارها على استبدال موضوعات بعينها، مثل مصادرة عدد جريدة “البوابة نيوز” أكثر من مرة بسبب هجومها على وزير الداخلية ومطالبته بالقبض على حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق بعد صدور حكم ضده بالحبس،[153] وكذلك مصادرة أعداد من صحيفة الوطن، وكان سبب المصادرة في إحدى المرات أن الصحيفة تناولت ثروة السيسي وقدرتها بـ30 مليون جنيه مصري. وبلغت حالات مصادرة الصحف أو وقف طباعتها 14 حالة خلال عامين فقط، كما بلغت حالات منع المقالات من النشر 6 حالات.[154]فيما بلغ عدد حالات المنع من التغطية عام 2017 نحو 61 حالة، تنوعت بين المنع بناء على قرار من رؤساء المحاكم، أو رئيس مجلس النواب، أو بناء على أوامر من داخل وسائل الإعلام نفسها، كما منع 9 كتاب من نشر مقالاتهم، واعتدي على 12 صحفيا، واحتجز 4 منهم بشكل غير قانوني، و13 حالة اعتقال، و5 حالات استيلاء على الكاميرات وتكسيرها.[155]
سادسا: الانتخابات الرئاسية والسيطرة على الإعلام
شهدت الساحة المصرية العديد من الأحداث الهامة التي لم يتناولها الإعلام المصري مطلقا، مثل عشرات التسريبات التي أذيعت للسيسي ومجموعة من رجال نظامه، أبرزه مدير مكتبه عباس كامل وأعضاء في المجلس العسكري وعدد من الوزراء، وأيضا الأخبار التي تتناول العمليات في سيناء وتأثيرها على حياة المواطنين هناك، مثل القصف العشوائي الذي يؤدي لمقتل مدنيين، ومشاركة الطيران الإسرائيلي في قصف أهداف داخل سيناء بموافقة السيسي، وبالطبع الحديث عن الخلفيات المخابراتية لملاك الشركات التي استحوذت على السوق الإعلامي. كما كشف صحفي بجريدة روز اليوسف عن محاولة الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق إذاعة مقطع الفيديو الذي كشف فيه عن تعرضه للاحتجاز في الإمارات على قناتين فضائيتين، إلا أنهما رفضتا، وبالتالي ظهر المقطع في النهاية على قناة الجزيرة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.[156] وقد لجأ هذا الصحفي إلى كتابة المعلومات التي حصل عليها على حسابه الشخصي بموقع فيسبوك لأنه لا يستطيع بالتأكيد أن يكتب هذا في صحيفته التي يعمل بها، والتي يمكن أن تتعرض للإغلاق ويمكن أن يحبس رئيس تحريرها والصحفي نفسه لو نشرت مثل هذا الكلام. وقد انتشرت ظاهرة لجوء الصحفيين إلى كتابة “الحقيقة” على مواقع التواصل الاجتماعي بدلا من صحفهم وحتى إعلان تبرؤهم من الموضوعات التي تنشر باسمهم في الصحف التي يعملون بها نتيجة تدخل الإدارة فيما يكتبونه ومنعهم من التغطية.[157] وتخطط السلطات حاليا للتوسع في منع التغطية الصحفية المهنية، عبر تعديل قانون الإجراءات الجنائية لمنع علانية جلسات المحاكمات، رغم أن الدستور ينص على علانية الجلسات بصورة صريحة.[158]
وقد تجلت كل تلك السياسات الإعلامية أثناء تغطية وسائل الإعلام للانتخابات الرئاسية في مارس 2018 وتعامل النظام مع تلك التغطية أيضا، فرغم وجود العشرات من الصور ومقاطع الفيديو والشهادات الموثقة عن عمليات حشد قامت بها أجهزة الدولة، وتهديدات لموظفي الحكومة لإجبارهم على الذهاب إلى اللجان الانتخابية، وتوزيع أموال ورشاوى على المواطنين لحثهم على المشاركة، إلا أن أحدا من وسائل الإعلام المصرية لم تذكر أيا من ذلك، رغم حديث وسائل الإعلام العربية والعالمية عن تلك المظاهر[159].
ليس هذا فحسب، بل تورطت وسائل الإعلام في الدعاية بشكل فج للسيسي ودعوة الجمهور لانتخابه، وقامت عدد من الصحف بإرسال رسائل على الهواتف المحمولة للمواطنين تحثهم على المشاركة.[160] كما تورطت عدد من وسائل الإعلام في بث ونشر الأخبار الزائفة، عبر نشر صور قديمة لطوابير انتخابية على أنها صور حديثة للانتخابات الأخيرة[161]، وتزييف وقائع أخرى هدفت بشكل أساسي إلى الإيحاء بوجود إقبال جماهيري على لجان الاقتراع.[162] كما مارس الإعلام دورا في التحريض على شاب نشر مقطع فيديو وهو يسخر من مؤيدي السيسي، الأمر الذي أدى إلى القبض عليه بعد تحريض المذيع أحمد موسى[163]، وهو دور لا علاقة له بالعمل الإعلامي. وبذلك تحول الإعلام من مصدر مفترض للأخبار عن الانتخابات إلى مادة للصحف العربية والعالمية ومواقع التواصل الاجتماعي التي رصدت محاولات الإعلام المصري نشر أخبار كاذبة والدعاية للنظام في هذه الانتخابات[164]، وأصبحت مواقع التواصل ووسائل الإعلام الأجنبية تتحدث عن أخطاء وسائل الإعلام في مصر وكيف تبث الأكاذيب، وأصبح الإعلام المصري بمثابة “دراسة حالة” لما يمكن أن يفعله النظام السياسي بالإعلام وكيف يحوله إلى أداة للدعاية ويقضي على حريته.
ولم تكتف السلطات بذلك، بل استخدمت ترسانتها من الإجراءات العقابية ضد وسائل الإعلام التي خرجت عن ذلك السياق، فقد شنت وسائل الإعلام المصرية وأنصار النظام على مواقع التواصل الاجتماعي حملة ضد صحيفة المصري اليوم، لأن الأخيرة كتبت عنوانا رئيسيا في صفحتها الأولى يقول إن الدولة تحشد الناخبين[165]، وتم تقديم بلاغات ضدها إلى النيابة العامة، كما تقدمت الهيئة الوطنية للانتخابات بمذكرة إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تتهم الصحيفة “بنشر أخبار وبيانات كاذبة وتقارير إخبارية غير صحيحة بهدف الإساءة إلى الانتخابات الرئاسية، والهيئة المشرفة على إدارتها، والتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية برمتها”.[166] لتجبر الصحيفة على سحب العنوان في طبعاتها التالية، وتنشر بيانا تقول فيه إنها قصدت “الحشد الإيجابي” وأكدت أن الصحيفة بكل من فيها تقف إلى جانب السيسي وتدعمه وتسانده.[167]
لكن هذا التراجع لم يكن كافيا بالنسبة للنظام، فقرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تغريم الصحيفة مبلغ 150 ألف جنيه، وألزمها بنشر اعتذار في نفس المساحة ونفس المكان، كما أحال رئيس تحرير الصحيفة ومحرر الخبر إلى نقابة الصحفيين للتحقيق معهم.[168] أما النقابة نفسها، التي من المفترض أن تدافع عن حرية الصحفيين وحقهم في التغطية المهنية، فلم تدافع عن الصحيفة، بل صرح نقيب الصحفيين إن فرض الغرامة عليها “ربما تكون وقاية من أشياء أخرى” في إشارة إلى عقوبات أشد قد تتعرض لها الصحيفة مثل إغلاقها أو اعتقال رئيس تحريرها مثلما حدث مع مالكها في وقت سابق، وهو تصريح يعبر عن رؤية الدولة ويتحدث بلسانها وليس بلسان شخص مهمته الدفاع عن حرية الصحافة.[169]
عقوبة أخرى قررها المجلس ولحقت بموقع مصر العربية، إذ قرر المجلس تغريم موقع مصر العربية بسبب قيامه بترجمة تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية[170] عن توزيع أموال على المواطنين للمشاركة في الانتخابات[171]، وهي عقوبة غير مسبوقة، نظرا لأن التقرير مترجم عن صحيفة عالمية ولا يتحمل الموقع المسؤولية عن محتواه، كما أن الموقع محجوب من الأساس منذ أشهر، ولم توافق هيئة الانتخابات على إصدار تصاريح لمحرريه بتغطية الانتخابات بهدف منع الموقع من العمل وتقديم تغطية مناسبة، وبذلك تعرض الموقع لعقوبات متعددة في نفس الوقت، قبل أن تقتحم قوات الأمن مقر الموقع وتقوم بإغلاقه في اليوم التالي لإعلان السيسي رئيسا لفترة رئاسية ثانية، وتلقي القبض على رئيس التحرير الموقع وتأمر النيابة بحبسه على ذمة التحقيق.
وقد لحق موقع “منشور” بقائمة المواقع المحجوبة بسبب تغطيته للانتخابات[172]، بعد أن كشف عن كذب وسائل الإعلام المصرية التي ادعت أن وفدا من الكونجرس الأمريكي زار مصر لمتابعة العملية الانتخابية، وأثبت الموقع أن الكونجرس لم يرسل أية وفود إلى مصر.[173] وبذلك كشف الموقع عن تورط الإعلام المصري في ترويج أخبار كاذبة عن الانتخابات كجزء من الدعاية لها لصالح النظام.
وقد وصل الأمر إلى درجة القبض على أحد الأشخاص بتهمة قيامه بـ”محاولة تصوير” إحدى اللجان الانتخابية وهي فارغة، رغم أن القانون لا يوجد به أي تهمة من هذا النوع، ورغم أن اللجان الانتخابية كانت فارغة فعلا، باعتراف الصحيفة التي نشرت الخبر، وهو ما يشير إلى هوس السلطة بمنع الصحفيين من تغطية أي أحداث حتى لو كانت حقيقية تماما وبسيطة مثل تصوير لجنة انتخابية واحدة وهي فارغة، ولذلك يمكن فهم سلوك النظام تجاه وسائل الإعلام التي حاولت تقديم جانب من الصورة التي لا يريدها.[174]
أما الإعلام العالمي فقد اختصت الهيئة العامة للاستعلامات بملاحقته، ومنها وكالة رويترز التي نشرت تقريرا تناول الأساليب التي لجأت إليها الدولة لحشد الناخبين، مثل توزيع السلع والأموال ونقل المواطنين بالحافلات، وقالت الهيئة إن الوكالة سحبت تقريرها الذي وصفته بـ”المغلوط”[175]، لكن بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أكد أن الوكالة اضطرت لذلك بعد تهديد السلطات المصرية لها بحبس الصحفيين المصريين الذين أعدوا التقرير.[176]
لكن ملاحقة الإعلام العالمي بأكمله مهمة مستحيلة التحقيق على الهيئة، نظرا لأن معظم وسائل الإعلام العالمية قد تناولت الانتخابات باعتبارها “نكتة” أو حدث يستحق السخرية أو الشعور بالعار[177]، ولذلك لن تستطيع الهيئة فعل شيء تجاه كافة وسائل الإعلام الأجنبية التي ستصبح مع مرور الوقت –إلى جانب الإعلام المصري المعارض بالخارج- المصدر الرئيسي للأخبار عند المصريين القادرين على الوصول إليها ومتابعتها[178]، خاصة على شبكة الإنترنت، وحينها ستكون عقوبة “الحجب” جاهزة.
هذا الأداء من جانب وسائل الإعلام من ناحية، والسلطة من ناحية أخرى، هو نتيجة طبيعية لتركز ملكية وسائل الإعلام في يد عدد محدود من الأشخاص والكيانات، الأمر الذي يقضي بدرجة كبيرة على تنوع وحرية الإعلام.
غير أن سيادة إعلام الصوت الواحد لم يؤد إلى تحقيق الإعلام المصري أي نجاح يذكر، بل تفاقمت الخسائر والديون التي أدت إلى تسريح المئات من الموظفين في وسائل الإعلام، لأن الإعلام يتطلب تقديم مادة جذابة وحصرية للقارئ والمشاهد الذي سيغض الطرف عن مشاهدة أي وسيلة إعلامية لا تتحدث عن همومه ومشاكله، بل تتحدث عن إنجازات وأخبار إيجابية لا يجد المواطن أثرا لها على أرض الواقع، وبالتالي أصبح الإعلام نسخة مكررة تردد نفس النغمة وتنشر نفس الأخبار. وبالفعل تعاني عدد من الفضائيات من الخسائر الحادة التي تكبدتها، وأدت إلى تسريح عمالة وتأخير دفع الرواتب لأشهر طويلة، وخفض رواتب الباقين، ووصل تراكم الديون إلى حد قطع البث عن بعضها والحجز على ممتلكاتها، مثلما حدث مع قنوات الحياة.[179] وهو ما ساهم في قيام ملاك الصحف والفضائيات بالموافقة على بيع وسائل الإعلام التي يمتلكونها لتسديد الديون ووقف الخسائر.
ولم يمر شهران على تولي أسامة الشيخ مهام منصبه رئيسا لشركة إعلام المصريين المملوكة لشركة إيجل كابيتال حتى قدم استقالته،[180] تزامنا مع أنباء عن خطط وضعتها الشركة لتسريح 300 من موظفيها بسبب الخسائر.[181]
كما تدل صفقات الاستحواذ أيضا على أن السيسي لا يثق بالإعلاميين أو رجال الأعمال المالكين لوسائل الإعلام، حتى وإن كانوا مدينين بالولاء له، وأنه يريد اصطفافا كاملا من الإعلام مثلما كان عليه الحال في عهد عبد الناصر، حتى يصبح “محظوظا” مثله. وبذلك عاد الإعلام المصري ليس إلى عهد المخلوع مبارك فقط، بل انتكس وأصبح كما بدأ منذ خمسينيات القرن الماضي، مجرد وسيلة دعائية للنظام وإحدى أذرعه التابعة له، ويصبح مجرد نسخة أخرى منه. لكن مواقع التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي الذي حدث منذ الستينيات وحتى اليوم سيجعل النهاية مختلفة عن تلك التي يريدها النظام مثلما قاد المشهد في يناير 2011، ما لم يتدخل النظام ويحاول السيطرة على تلك المواقع هي الأخرى، وقد بدأت إرهاصات ذلك من خلال طرح مشروع قانون لما يسمى “الجرائم الإلكترونية” وملاحقة عدد من نشطاء مواقع التواصل وسجنهم بتهمة إهانة السيسي على “فيسبوك وتويتر”، لكن من السابق لأوانه الحكم على نجاح تلك الوسائل من عدمها.
خلاصة
1ـ استخدمت السلطة وسائل الإعلام المصرية منذ ثورة يوليو 1952 في تحقيق أهداف داخلية وخارجية، عبر تأميمها وتحويلها إلى أداة للدعاية لصالحها. ورغم إتاحة الفرصة أمام إنشاء وسائل إعلام حزبية وخاصة في عهدي السادات ومبارك، إلا أن الإعلام ظل مرتبطا بالسلطة بشكل أو بآخر، وظل مقيدا بالعديد من القيود التي تمنعه من أداء وظيفته. وتجلى ذلك في تغطية الإعلام المصري لثورة الخامس والعشرين من يناير، والتي اتسمت بالانحياز للنظام وتبني روايته مقابل الهجوم على الثورة واتهام المتظاهرين بالخيانة والعمالة.
وحتى بعد تنحي مبارك، وعلى الرغم من إنشاء العشرات من وسائل الإعلام، فإن معظمها كان مرتبطا إما بنظام مبارك أو بالمجلس العسكري، كما عانى الصحفيون من التضييق على عملهم من جانب السلطة الانتقالية. وقد اتضح انحياز وسائل الإعلام الحقيقي في عهد مرسي، بعد إعلانها بشكل واضح معارضتها لمرسي ودعوتها لإسقاطه.
2ـ لعب الإعلام دورا مهما في صناعة صورة السيسي والدعاية له قبل وبعد الانقلاب، وساهم في ترويجه باعتباره منقذا للبلاد وكذلك تقديمه في صورة الأصلح لقيادة البلاد خلال المرحلة المقبلة، واختلفت تغطية وسائل الإعلام للأزمات المعيشية والقضايا الداخلية والخارجية منذ تولي السيسي منصب الرئيس اختلافات جذريا وصل إلى حد التناقض مع تغطية نفس القضايا في عهد مرسي، إذ ركزت على الدفاع عن السيسي وتبرير قراراته، بينما كانت تهاجم مرسي بصورة حادة.
3ـ بعد الانقلاب العسكري 2013، بدأت السلطات في وضع سياسات جديدة بهدف التحكم في المشهد الإعلامي، اعتمادا على رؤية السيسي نفسه للإعلام، والتي تتلخص في تكوين أذرع إعلامية تابعة للنظام وتابعة له، وعدم السماح للإعلام بتوجيه أي انتقادات للنظام حتى تلك التي كان مسموحا بها في عهد مبارك، وتم تطبيق تلك الرؤية بشكل رئيسي خلال العامين الماضيين عبر استحواذ شركات تابعة للأجهزة الأمنية والمخابراتية على أبرز وسائل الإعلام، لتصبح تابعة للنظام بشكل رسمي. كما استحدث النظام كيانات جديدة لتقوم بدور الرقيب على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية وتعاقب من يخرج منها على الخط المرسوم. فمن يحاول الخروج على القواعد التي وضعها النظام يتعرض لترسانة واسعة من الإجراءات العقابية مثل الاعتقال والمصادرة والإغلاق، كما شملت تلك الإجراءات عقوبات غير مسبوقة مثل حجب المواقع. وتعتبر الانتخابات الرئاسية في مارس 2018 نموذجا لعقوبات النظام التي أنزلها على وسائل الإعلام التي حاولت تقديم جانب من الحقيقة. وبالتالي استطاع النظام المصري فرض سيطرته الكاملة والمباشرة على السوق الإعلامي المصري، وأصبح متحكما فيه بدءا من الملكية مرورا بالتعليمات المباشرة وانتهاء بالإجراءات العقابية تجاه من يحاول الخروج عن النص ([182]).
الهامش
[1] صلاح الدين حافظ، تزييف الوعي: أسلحة التضليل الشامل، (القاهرة: إصدارات سطور، 2004).
[2] Mabrouk, Mirette F. Changing the Channel: Egypt’s Evolving Media Landscape and its Role in Domestic Politics. Brookings. 2010.
[3] سليمان صالح، أزمة حرية الصحافة في مصر، (القاهرة: دار النشر للجامعات، 1995).
[4] محمد شومان، الإعلام المصري وثورة 25 كانون الثاني/ يناير. في: الثورة المصرية: الدوافع والاتجاهات والتحديات، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012) ص 365-384.
[5] رشا عبد الله، الإعلام المصري في خضم الثورة، (واشنطن: مركز كارنيغي للسلام الدولي، 2014).
[6] شحاتة عوض، أزمة الإعلام الخاص بمصر: أكبر من مجرد ضائقة مالية، (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2015).
[7] شحاتة عوض، مصدر سابق.
[8] محمد شومان، مصدر سابق
[9] أسامة الرشيدي، استراتيجيات الإعلام المصري خلال حكم الرئيس محمد مرسي وما بعد الانقلاب. (الدوحة، مجلة سياسات عربية، 2014) ص 101-117.
[10] شحاتة عوض، مصدر سابق.
[11] رشا عبد الله، مصدر سابق.
[12] صناعة الكذب، مصدر سابق.
[13] رشا عبد الله، مصدر سابق.
[14] أسامة الرشيدي، مصدر سابق.
[15] أسامة الرشيدي، الإعلام وحرب الشائعات في عهد مرسي، (إسطنبول، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، 2016).
[16] رشا عبد الله، مصدر سابق.
[17] شحاتة عوض، الإعلام المصري بعد 30 يونيو: أزمة بنيوية أم مرحلة عابرة؟، (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2014).
[18] شحاتة عوض، أزمة الإعلام الخاص بمصر: أكبر من مجرد ضائقة مالية، مصدر سابق.
[19] شحاتة عوض، الأزمة بين السُّلطة والصحافة في مصر: علاقة متناقضة، (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2016).
[20] إسلام زكريا، “وعود «مرسى» في الـ 100 يوم.. يحققها «السيسي» في 60 فقط”، الوطن، 7 أغسطس/ آب 2014.
[21] السيسي: المتحدث العسكري عامل جذب مهم للسيدات .. وخطة الجيش للسيطرة على وسائل الإعلام، 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2013.
[22] أسامة الرشيدي، “ماذا فعل الإعلام ليغضب السيسي؟”، مصر العربية، 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
[23] محمد عباس، “السيسي: «عبدالناصر كان محظوظ»”، المصري اليوم، 5 أغسطس/ آب 2014. الرابط
[24] عبد الله سالم، “عمرو أديب عن حبس خيري رمضان: «إحنا اللي وقفنا ضد الإخوان.. نسيتونا؟»”، المصري اليوم، 6 مارس/ آذار 2018. الرابط
[25] “كيف نفذ الإعلامي المصري عزمي مجاهد تعليمات ضابط المخابرات الحربية في تسريب شفيق الذي أذاعته قناة مكملين”، الجزيرة مباشر، 9 يناير/ كانون الثاني 2018. الرابط
[26] “المجلس الأعلى للإعلام” في مصر: 6 أشهر من خنق حرية التعبير”، العربي الجديد، 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2017. الرابط
[27] “الإعلام المصري… فوضى وصراع على الاختصاصات”، العربي الجديد، 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2017. الرابط
[28] رنا ممدوح، “فوبيا ورقابة.. المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام”، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2017. الرابط
[29] عمر مصطفى، “الأعلى للإعلام” يوقف برنامج “SNL بالعربي” لتضمنه إيحاءات جنسية، مصراوي، 11 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[30] “إيقاف SNL بالعربي: إيحاءات جنسية أم وصاية أخلاقية؟”، العربي الجديد، 13 فبراير/ شياط 2018. الرابط
[31] “مكرم محمد أحمد: راعي الأخلاق… والشتائم في مصر”، العربي الجديد، 28 مارس/ آذار 2018. الرابط
[32] “«CBC»: لا صحة لإيقاف «أبلة فاهيتا».. ونحترم قرارات «الأعلى للإعلام»”، الوطن، 8 مارس/ آذار 2018. الرابط
[33] “ماذا بعد حذف أرشيف “أبلة فاهيتا” وأخواتها؟”، العربي الجديد، 19 مارس/ آذار 2018. الرابط
[34] نبيل العدوي، “ريهام سعيد بعد وقفها: أنا أكثر مذيعة تم عقابها في مصر”، صدى البلد، 23 أغسطس/ آب 2017. الرابط
[35] “الأعلى للإعلام يوقف برنامج “الوسط الفني” علي قناة الحدث اليوم”، البديل، 28 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[36] “آخرها “ملعب شريف”… مصر نحو مزيد من إيقاف البرامج التلفزيونية بذريعة الأخلاق”، العربي الجديد، 27 مارس/ آذار 2018. الرابط
[37] مي شمس الدين وهبة عفيفي، “بين منَع «النقابة» لإعلاميين ووقَف «المجلس» لبرامج.. كيف «ستنظم» الدولة الإعلام؟”، مدى مصر، 10 أغسطس/ آب 2017. الرابط
[38] “إيقاف SNL بالعربي: إيحاءات جنسية أم وصاية أخلاقية؟”، مرجع سابق.
[39] سمير صلاح، “الكود الأخلاقي وسيلة حكومية للسيطرة على الإعلام المصري”، العربي الجديد، 12 يونيو/ حزيران 2017. الرابط
[40] “التحقيق مع رئيس تحرير “المصري اليوم” بسبب أميرات سعوديات”، العربي الجديد، 16 مارس/ آذار 2018. الرابط
[41] “على غرار خطبة الجمعة الموحدة.. لجنة الدراما بالمجلس الأعلى للإعلام تحدد موضوعات للمؤلفين لتناولها في الأعمال الدرامية خلال الفترة المقبلة”، الجزيرة مصر، 11 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[42] مي رضا، “جبهة الإبداع ترد على تصريحات “لجنة الدراما”: تنتج مسلسلات جوبلز (بيان)”، القاهرة 24، 4 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[43] عبد الوكيل أبو القاسم، “الأعلى للإعلام يستعد لعقد دورات تدريبية للصحفيين عن الأمن القومي”، صدى البلد، 7 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[44] “مكرم محمد أحمد”، جولولي. الرابط
[45] “سر خطاب مبارك العاطفي يكشفه مكرم محمد احمد .. وجمال والفقي تلاعبا بمشاعر الثوار”، مصرس، 6 سبتمبر/ أيلول 2011. الرابط
[46] بسام رمضان، “كرم جبر: لو كان عبد الناصر حيًا لوضع مقاطعي الانتخابات الرئاسية في السجن (فيديو)”، المصري اليوم، 3 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[47] محمد السيد، “كرم جبر: دعوات مقاطعة الانتخابات الرئاسية “تحريضية””، اليوم السابع، 24 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[48] محمود العمري، “بالصور.. الوطنية للصحافة: هيومان رايتس تروج لأفكار الجماعة الإرهابية وتقاريرها مزيفة”، اليوم السابع، 10 سبتمبر/ أيلول 2017. الرابط
[49] إبراهيم سالم، “11 معلومة عن الهيئة العامة للاستعلامات بعد قرار تولى ضياء رشوان رئاستها”، اليوم السابع، 6 يونيو/ حزيران 2017. الرابط
[50] مصطفى نجيب، “شاهد.. رد الهيئة العامة للاستعلامات على أكاذيب نيويورك تايمز”، 7 يناير/ كانون الثاني 2018. الرابط
[51] “مصر: حرب على التغطية الإعلامية لاعتداء الواحات”، العربي الجديد، 22 أكتوبر 2017. الرابط
[52] “مصر تطالب المراسلين الأجانب بالالتزام بالبيانات الرسمية”، العربي الجديد، 9 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[53] “بيان لهيئة الاستعلامات يفند أكاذيب بي بي سي”، الأهرام، 24 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[54] “الاستعلامات تدعو المسئولين والنخبة لمقاطعة البى بى سى”، الهيئة العامة للاستعلامات، 27 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[55] أحمد عزب، “باعتراف أديب: مسرحية زبيدة تمت بالداخلية… وأذرع السيسي: #بي_بي_سي_راعية_الإرهاب”، العربي الجديد، 28 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[56] محمد السيد، “ننشر قرارات الجمعية العمومية للصحفيين ردا على أزمة اقتحام النقابة”، اليوم السابع، 4 مايو/ أيار 2016. الرابط
[57] “نقيب الصحافيين المصريين يدعو وزير الداخلية لزيارة النقابة….وصحافيون: لن نسمح”، العربي الجديد، 20 مايو/ أيار 2017. الرابط
[58] أحمد البهنساوي، “الصحفيين تناشد المواطنين إبلاغ الأمن بأي تحركات مريبة: إنا لمنتصرون”، الوطن، 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2017. الرابط
[59] محمد السيد، “نقيب الصحفيين: ضبط مسئولي وسائل إعلام الأخبار الكاذبة ليس ضد حرية الرأي”، اليوم السابع، 28 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[60] “فيديو.. نقيب الصحفيين: لا يوجد صحفي محبوس على ذمة قضايا نشر”، الشروق، 9 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[61] “اضطراب إعلامي قبيل الانتخابات الرئاسية المصرية”، العربي الجديد، 5 مارس/ آذار 2018. الرابط
[62] “الإعلام المصري… فوضى وصراع على الاختصاصات”، العربي الجديد، 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2017. الرابط
[63] “نقابة الإعلاميين تحيل أماني الخياط وأحمد الشريف وعبدالناصر زيدان للتحقيق”، المصري اليوم، 6 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[64] محمد البرمي، “«الإعلاميين» ترد على عدم اعتراف أماني الخياط بالنقابة: «لم تقرأ القانون»”، المصري اليوم، 7 فبراير/ شباط 2018. الرابط
[65] بين منَع «النقابة» لإعلاميين ووقَف «المجلس» لبرامج.. كيف «ستنظم» الدولة الإعلام؟، مصدر سابق.
[66] مينا غالي، “«الإعلاميين»: BBC ظهرت عارية تمامًا أمام الرأي العام العالمي”، 28 فبراير/ شباط 2018.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1264800
[67] أحمد عبد القوي، “كيف أصبح الإعلام المصري في قبضة الجيش؟”، مدونات الجزيرة، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017. الرابط
[68] هبة ياسين، “بيع «شركة إعلام المصريين» يربك المشهد التلفزيوني”، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2017. الرابط
[69] محمود رجب، “أحمد بهجت: أبو هشيمة ولابيشتري ولاحاجة.. مجرد “واجهة” و يؤدي دوره جيدا”، مصر العربية، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016. الرابط
[70] “أبو هشيمة يستحوذ على قناة “أون تي في” وجريدة صوت الأمة.. وضغوط لبيع “الحياة” لمستثمر إماراتي”، هاف بوست عربي، 15 مايو/ أيار 2016. الرابط
[71] “مصر: إقالة الإعلامية رانيا بدوي بسبب وصفها داليا خورشيد بـ«أسوأ وزيرة في مصر»”، القدس العربي، 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2016. الرابط
[72] حسام بهجت، “تفاصيل استحواذ المخابرات العامة على «إعلام المصريين»”، مدى مصر، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2017. الرابط
[73] محمد السيد صالح، “حكايات السبت”، المصري اليوم، 12 ديسمبر 2017. الرابط
[74] ريم حمادة، “إيناس جوهر مشرفا على شبكة راديو النيل”، البوابة نيوز، 2 يناير/ كانون الثاني 2018. الرابط
[75] “خريطة سيطرة المخابرات المصرية على المشهد الإعلامي، التلفزيون العربي، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2017. الرابط
محمد المحلاوي، “خاص.. “إيجل كابيتال” تدرس الاستحواذ على شبكة قنوات الحياة وراديو DRN”، القاهرة 24، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2017. الرابط
[76] حسام بهجت، مصدر سابق.
[77] ريم حمادة، “النهار تدخل مراحل بيعها النهائية.. وأزمة مالية تضرب الشبكة، البوابة نيوز، 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2017. الرابط
[78] أحمد فاروق، “مسئول بالنهار لـ«الشروق»: أغلقنا ملف بيع القناة يوم 24 ديسمبر الماضي”، بوابة الشروق، 17 يناير/ كانون الثاني 2018. الرابط
[79] “دمج “إعلام المصريين” مع شركة D Media”، الوطن، 8 سبتمبر/ أيلول 2016. الرابط
[80] أحمد فاروق، “2016.. عام التغيير في خريطة الفضائيات المصرية”، بوابة الشروق، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2016.
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=28122016&id=9df8a5c1-9143-4e5e-8fd3-8c3cc781ef97
[81] أحمد ولد مبروك، “انفراد بالمستندات .. مدير مكتب «السيسي» عضو مجلس إدارة ومؤسس بشبكة «DMC»”، الخليج الجديد، 8 مارس/ آذار 2018.
http://thenewkhalij.news/ar/node/61430
[82] “«مراسلون بلا حدود» تبدي قلقها من سيطرة «المخابرات» على مؤسسات إعلامية في مصر”، مدى مصر، 5 سبتمبر/ أيلول 2017.
[83] هاني عزب، “بالصور.. شركة “تواصل” تعلن عن ضم قنوات الحياة ومشاريعها الإعلامية”، 19 سبتمبر/ أيلول 2017.
[84] “«مراسلون بلا حدود» تبدي قلقها من سيطرة «المخابرات» على مؤسسات إعلامية في مصر”، مصدر سابق.
[85] أحمد سمير سامي، “إعلام مصر في 2017: الدولة ولعبة الكراسي الموسيقية”، إضاءات، 29 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
https://www.ida2at.com/egyptian-media-2017-landscape/
[86] محمد المحلاوي، “خاص.. “صقر المخابرات” يقترب من “فالكون” وإدارة قنوات “الحياة” و”العاصمة” و”drn””، القاهرة 24، 27 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
[87] عمرو صحصاح، “ياسر سليم يبدأ مهام عمله مديرا تنفيذيا لقنوات الحياة والعاصمة والراديو”، اليوم السابع، 5 يناير/ كانون الثاني 2018.
[88] حسام بهجت، “هكذا انتخب السيسي برلمانه”، مدى مصر، 8 مارس/ آذار 2016.
[89] “عسكرة الكلمة.. قصة تحول الإعلام المصري لواجهات استخبارية”، ميدان، 8 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
[90] قطب العربي، “خريطة جديدة للإعلام المصري بعد عامين من حكم السيسي”، الجزيرة نت، 20 يونيو/ حزيران 2016.
[91] أحمد سمير سامي، مصدر سابق.
[92] “المصري اليوم تكشف قيمة صفقة بيع “إعلام المصريين””، إعلام دوت أورج، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
https://www.e3lam.org/2017/12/20/270095
[93] حسام بهجت، “تفاصيل استحواذ المخابرات العامة على إعلام المصريين”، مدى مصر، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
[94] “مصر: خارطة “الأذرع الإعلامية” توشك على الاكتمال”، 16 سبتمبر/ أيلول 2017.
[95] محمد المحلاوي، “خاص.. نجيب ساويرس يبيع حصته فى “المصري اليوم””، القاهرة 24، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
[96] “قبل خيري رمضان… لماذا يعاقب النظام المصري إعلامييه؟”، العربي الجديد، 7 مارس/ آذار 2018.
[97] “شهداء الصحافة في مصر – منذ ثورة يناير والافلات من العقاب”، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، 6 سبتمبر/ أيلول 2014.
[98] “صحفيون قتلوا في مصر منذ الانقلاب العسكري”، الجزيرة نت، 25 يونيو/ حزيران 2014.
[99] “عدد قياسي من الصحفيين خلف القضبان ومصر الثالثة”، إيلاف، 16 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
http://elaph.com/Web/News/2017/12/1181701.html
[100] “صحفيون في مصر.. عام آخر خلف القضبان”، الجزيرة نت، 31 ديسمبر/ كانون الأول 2015.
[101] أماني عبد الغني، “لجنة الحماية: مصر الثالثة عالمياً في حبس الصحفيين”، المصري اليوم، 13 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1231574
[102] “الصحافة المصرية في 2017: 1058 انتهاكاً أبرزها الحجب والإعدام”، العربي الجديد، 11 يناير/ كانون الثاني 2018.
[103] “14 انتهاكا ضد الصحفيين والإعلاميين المصريين خلال يوليو”، الخليج الجديد، 6 أغسطس/ آب 2017.
http://thenewkhalij.news/ar/node/76877
[104] “الإعلام المصري تحت مجهر سلطات السيسي”، 3 مارس/ آذار 2018.
[105] “مصر: نوفمبر شهر اتهام الإعلاميين بإهانة الرئيس”، العربي الجديد، 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
[106] “مصر: صحفيون منسيون خلف القضبان وآخرون أمام القضاء العسكري”، الجزيرة مباشر، 15 فبراير/ شباط 2015.
[107] نرمين عفيفي، “عبد المحسن سلامة: لا يوجد صحفي واحد معتقل أو محبوس في قضية نشر”، الوطن، 10 سبتمبر/ أيلول 2017.
https://www.elwatannews.com/news/details/2503782
[108] “حبس «مُحاور جنينة» 15 يومًا.. والصحفي ينفي تسجيل الحوار خِلسة”، مدى مصر، 22 فبراير/ شباط 2018.
[109] “محدَّث: حبس صحفية ومصوِّر في الإسكندرية 15 يومًا لتصويرهما لتقرير عن الترام”، مدى مصر، 2 مارس/ آذار 2018.
[110] محمد أسعد، “ننشر حيثيات إغلاق “الجزيرة مباشر مصر والقدس واليرموك وأحرار 25”.. المحكمة تصف القناة القطرية بـ “شيطان مريد”.. وتؤكد: القنوات خانت الأمانة وبثت الأكاذيب وأثارت الفتنة بين الشعب والجيش”، اليوم السابع، 3 سبتمبر/ أيلول 2013.
[111] “السيسي يرى ترحيل الصحفيين الأجانب المتجاوزين”، الجزيرة نت، 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2014.
[112] محمد بصل، “السيسي يصدر رسميا قانون ترحيل المتهمين الأجانب”، بوابة الشروق، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.
[113] Bel Trew, “I adore Egypt but I can’t go back and no one can say why”, The Times, March 24 2018.
[114] سلمى نجم، “مصر تقول إنها رحلت صحفية بريطانية لمخالفتها القانون وعملها بدون ترخيص”، رويترز، 26 مارس/ آذار 2018.
https://ara.reuters.com/article/ME_TOPNEWS_MORE/idARAKBN1H110L
[115] مروة عبد الفضيل، “كايروكي بعد إلغاء حفلاتهم لأسباب أمنية: راجعين أقوى”، العربي الجديد، 27 فبراير/ شباط 2018.
[116] ريهام عبد الوهاب، “أمير عيد: الرقابة منعت طرح ألبوم «كايروكي» لأسباب غير واضحة”، التحرير، 26 يوليو/ تموز 2017.
[117] “من هو “الرجل الكذاب” الذي يقصده عبد الناصر سلامة في مقاله الممنوع من النشر في صحيفة المصري اليوم؟”، الجزيرة مباشر، 26 فبراير/ شباط 2018.
https://twitter.com/ajmubasher/status/978431602874298370
[118] “التشويش على الجزيرة مصدره مصر”، الجزيرة نت، 3 سبتمبر/ أيلول 2013.
[119] سارة القصاص وسارة نور، “خالد يوسف.. من ضيق السياسة إلى براح السينما”، مصر العربية، 29 سبتمبر/ أيلول 2017.
[120] أحمد فاروق، “بسمه تعترف لـ«الشروق»: أخطأت عندما تخليت عن التمثيل بعد 25 يناير.. واعتزلت السياسة نهائيا”، بوابة الشروق، 17 يونيو/ حزيران 2015.
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=17062015&id=c695379b-52b9-4d20-9d77-b8a2c499a78c
[121] “الصحافة المصرية في 2017: 1058 انتهاكاً أبرزها الحجب والإعدام”، مصدر سابق.
[122] مصطفى المنشاوي، “حبس جابر عصفور و3 صحفيين سنة مع إيقاف التنفيذ في «إهانة القضاء»”، بوابة الشروق، 13 مارس/ آذار 2018.
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=13032018&id=8baa8155-a65f-431a-8dac-002295ebfd35
[123] سالي نبيل، “جدل في مصر بعد خدش رونق القضاء”، بي بي سي عربي، 11 مايو/ أيار 2017.
http://www.bbc.com/arabic/media-39886033
[124] محمد الأشول، “بينهم صحفيون وقضاة.. ضحايا سب الزند”، 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2014.
يارا صالح، “بعد حكم حبس صحفي بالأهرام.. 15 صحفيا يواجهون خطر الحبس بتهمة سب وقذف «الزند» في قضايا نشر”، البداية، 31 يوليو/ تموز 2016.
http://albedaiah.com/news/2016/07/31/117895
[125] “مصر: نوفمبر شهر اتهام الإعلاميين بإهانة الرئيس”، مصدر سابق.
[126] محمد عبد اللاه، “الحبس سنة مع وقف التنفيذ ليحيى قلاش نقيب الصحفيين المصريين السابق”، رويترز، 25 مارس/ آذار 2017.
https://ara.reuters.com/article/ME_TOPNEWS_MORE/idARAKBN16W0B7
[127] “النيابة العامة تخصص أرقام هواتف لتلقي بلاغات «الأخبار الكاذبة»”، بوابة الشروق، 12 مارس/ آذار 2018.
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=12032018&id=a87465f5-f77a-439c-88f3-6b2804f8cb26
[128] جمال عيد، “تعليق قانوني على بيان النيابة العامة”، 28 فبراير/ شباط 2018.
https://twitter.com/gamaleid/status/968805733834792961
[129] “الصحافة المصرية في 2017: 1058 انتهاكاً أبرزها الحجب والإعدام”، مصدر سابق.
[130] باسل مغربي، “مصر: حجبُ نحو 500 موقع إلكتروني”، عرب 48، 21 فبراير/ شباط 2018.
[131] إسلام الراجحي، “مصر تحجب في الفن لنشره اعتداء آل الشيخ على آمال ماهر”، الخليج الجديد، 20 مارس/ آذار 2018.
http://www.thenewkhalij.org/ar/node/100720
[132] بسيوني الوكيل، ” AFP: بسبب الانتخابات ..وسائل الإعلام تحت الرقابة الرسمية في مصر”، مصر العربية، 3 مارس/ آذار 2018.
[133] كريستين أبيض، “أين اختفى خبر اعتداء تركي آل الشيخ على آمال ماهر؟”، العربي الجديد، 20 مارس/ آذار 2018.
[134] حسن الأزهري ومحمد الطاهر، “بقرار أحيانا.. عن حجب مواقع الوِب في مصر”، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 1 فبراير/ شباط 2018.
https://afteegypt.org/digital_freedoms/publications_digital_freedoms/2017/12/05/13645-afteegypt.html
[135] “تقرير رسمي يدافع عن قرار حجب مواقع إلكترونية بمصر لدعمها الإرهاب”، المصري اليوم، 25 مايو/ أيار 2017.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1139015
[136] “الإعلام المصري تحت مجهر سلطات السيسي”، مصدر سابق.
[137] “النواب المصري يوافق على تقنين حجب المواقع الإلكترونية”، العربي الجديد، 13 مارس/ آذار 2018.
[138] “القبض على رجل الأعمال المصري صلاح دياب”، سكاي نيوز عربية، 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
[139] “الإفراج عن صلاح دياب بعد يوم من تجديد حبسه لمدة 15 يوما”، الجزيرة مباشر، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
[140] “رسائل توقيف صلاح دياب في مصر: ادفعوا واصمتوا وإلا….”، العربي الجديد، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
[141] “تجديد الهجوم على صلاح دياب: عين نظام السيسي على المصري اليوم”، العربي الجديد، 21 أغسطس/ آب 2017.
[142] محمود السعيد، “براءة رجل الأعمال صلاح دياب من تهمة حيازة أسلحة نارية”، مصراوي، 18 سبتمبر/ أيلول 2017.
[143] “صلاح دياب يكتب: رسالة من مؤسس «المصري اليوم»”، المصري اليوم، 11 مايو/ أيار 2016.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/945597
[144] “الشراكة هي الحل”، المصري اليوم، 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2016.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1028672
[145] “رسالة الإعلام بين الحقوق والواجبات”، المصري اليوم، 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2016.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1024564
[146] مصطى محيي، “افتتاحية «المصري اليوم»: مطلوب دعاية.. لا صحافة”، مدى مصر، 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2016.
https://www.madamasr.com/ar/2016/10/16/opinion/u/افتتاحية-المصري-اليوم-مطلوب-دعاية-ل/
[147] “عبداللطيف المناوي عضواً منتدباً للمصري اليوم”، المصري اليوم، 17 يوليو/ تموز 2017.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1163743
[148] ” توقف برنامج “مع إبراهيم عيسى” بسبب ضغوط”، دويتشه فيله، 1 يناير/ كانون الثاني 2017.
[149] محمود رمزي، “إبراهيم عيسى: وقف برنامجي «توافق أجهزة».. والأمن يريد دم أفكاري”، المصري اليوم، 25 يناير/ كانون الثاني 2017.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1078254
[150] غادة قدري، “بعد فشل المفاوضات بين النقابة و«اليوم السابع» لإعادة 3 صحفيين تم فصلهم تعسفيًا”، زحمة، 14 سبتمبر/ أيلول 2017.
[151] انتصار إبراهيم، “عصام الأمير يوافق على فصل المذيعين العاملين في قنوات “الجزيرة والشرق التركية”، روز اليوسف، 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2014.
[152] محمد طه، “فصل عزة الحناوي من ماسبيرو”، المصري اليوم، 1 يناير/ كانون الثاني 2018.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1239466
[153] “الهارب حبيب العادلي يصادر عدد الأحد من جريدة البوابة”، البوابة نيوز، 2 سبتمبر/ أيلول 2017.
http://www.albawabhnews.com/2694134
[154] تليفون من جهة سيادية.. عن حجب ومصادرة الصحف المصرية بعد صدور الدستور، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، 6 سبتمبر/ أيلول 2015.
[155] محمد عبد السلام وحسام فازولا ووسام عطا وسارة محسن، “تقنين القمع: كيف تحكم السلطة حصارها على حرية التعبير.. التقرير السنوي عن حالة حرية التعبير لعام 2017″، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 25 مارس/ آذار 2018.
https://afteegypt.org/publications_org/2018/03/18/14818-afteegypt.html
[156] “أحمد العطار صحفي في روز اليوسف قال إن فيديو ترشح سامي عنان أرسل لقنوات مصرية ورفضت”، 19 يناير/ كانون الثاني 2018.
https://twitter.com/Ibranagy/status/954535598907428864
[157] محمد الخولي، “الإعلام المصري يتخبّط في جحيم القمع والتقييد والإنتهاكات”، الأخبار، 18 أغسطس/ آب 2017.
https://al-akhbar.com/Media_Tv/236481/الإعلام-المصري-يتخب-ط-في-جحيم-القمع-والتقييد-والإنتهاكا
[158] مصطفى محيي، “«جريمة التغطية الصحفية» في تعديلات «الإجراءات الجنائية».. «مغالاة قانونية» أم أمر مؤقت فرضته الظروف”؟، مدى مصر، 10 يناير/ كانون الثاني 2018.
[159] “عالم الظهيرة: مراسلتنا في المنوفية سالي نبيل: حث المواطنين على التصويت عبر مكبرات المساجد، وفرض غرامة على من لا يدلي بصوته، ونسبة الاقبال نحو 20%.”، بي بي سي عربي، 28 مارس/ آذار 2018.
[160] إيهاب الزلاقي، “رسائل من الخدمات الإخبارية للأهرام واليوم السابع تحث المواطنين على النزول للتصويت“.
[161] بعد مراجعتك لتواريخ نشر الصور.. برأيك أين يقع الطابور الحقيقي؟!”، الجزيرة مباشر، 26 مارس/ آذار 2018.
https://twitter.com/ajmubasher/status/978334694851805187
[162] #بي_بي_سي_ترندينغ: أشهر الصور والفيديوهات الزائفة في الانتخابات المصرية”، بي بي سي عربي، 2 أبريل/ نيسان 2018.
https://www.facebook.com/bbcarabic/videos/10156582065480139/
[163] خالد الأسمر، “أحمد موسى يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد شاب سب المصريين بالانتخابات”، الوطن، 28 مارس/ آذار 2018.
https://www.elwatannews.com/news/details/3219328
[164] “كذبة الانتخابات في إعلام السيسي: نساء وأتوبيسات للحشد وأغانٍ وطنية مزيفة”، العربي الجديد، 27 مارس/ آذار 2018.
[165] “حملة شرسة على “المصري اليوم” بسبب عنوان الدولة تحشد الناخبين”، العربي الجديد، 29 مارس/ آذار 2018.
[166] “الوطنية للانتخابات تشكو المصري اليوم ونيويورك تايمز”، العربي الجديد، 1 أبريل/ نيسان 2018.
[167] “كلمة «المصري اليوم».. الحشد الإيجابي”، المصري اليوم، 29 مارس/ آذار 2018.
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1276368
[168] “«الأعلى للإعلام» يفرض عقوبات مالية على «المصري اليوم» و«مصر العربية» بسبب تغطية الانتخابات”، مدى مصر، 1 أبريل/ نيسان 2018.
[169] محمد فتحي، “نقيب الصحفيين: غرامة «المصري اليوم» ربما وقاية من أشياء أخرى”، التحرير، 1 أبريل/ نيسان 2018.
https://www.tahrirnews.com/Posts/share/880491
[170] “نيويورك تايمز: المصريون يزحفون للانتخابات من أجل 3 دولارات”، مصر العربية،
[171] بسبب تغطية الانتخابات.. «الأعلى للإعلام » يعاقب «مصر العربية» و«المصري اليوم»”، مصر العربية، 1 أبريل/ نيسان 2018.
[172] “المنصة ينضم إلى قائمة المواقع المحجوبة في مصر”، مدى مصر، 30 مارس/ آذار 2018.
[173] معتز صبري، “عازف بيانو وسمسار: كيف باع وفد “كونجرس المنوفية” الوهم للصحافة المصرية”، المنصة، 29 مارس/ آذار 2018.
https://almanassa.com/ar/story/9616
[174] منى باشا، “القبض على شخص حاول تصوير إحدى اللجان فارغة بالدقهلية”، 26 مارس/ آذار 2018.
http://gate.ahram.org.eg/News/1856672.aspx
[175] “الاستعلامات: رويترز حذفت تقريرها “المغلوط” عن الانتخابات في مصر”، مصراوي، 29 مارس/ آذار 2018.
[176] بهي الدين حسن، “إجبار رويترز علي سحب تقريرها”، 31 مارس/ آذار 2018.
https://twitter.com/BaheyHassan/status/980023554640175105
[177] “واشنطن بوست: أشباح الربيع العربي تطارد “انتخابات العار” المصرية والقاهرة تبحث الرد”، العربي الجديد، 29 مارس/ آذار 2018.
[178] محمد الخولي، مصدر سابق.
[179] “أزمات مالية تضرب القنوات المصرية.. وقف رواتب وتسريح للعمالة”، عربي 21، 27 فبراير/ شباط 2018.
[180] “استقالة أسامة الشيخ من «إعلام المصريين»”، المصري اليوم، 21 فبراير/ شباط 2018.
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1262126
[181] علوي أبو العلا، “أسامة الشيخ عن تسريح 300 عامل بقنوات ON: «لا أعرف العدد.. لكنه أمر داخلي لا يخص أحدًا»”، المصري اليوم، 30 يناير/ كانون الثاني 2018.
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1252452
([182]) الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات