اقتصادتقديرات

مصر الهيمنة العسكرية على الثروة السمكية

تمهيد:

تعتبر الثروة السمكية في مصر واحدة من أهم مصادر الدخل القومي، وكذلك تعتبر مصدر من مصادر البروتين الآمن والذي يوفر الاحتياجات الغذائية داخلياً وينمي صناعات أخرى بجانبه. وتشغل المصايد السمكية في مصر مساحات شاسعة تزيد على 13 مليون فدان، وبما يعادل قرابة 150% من الأرض الزراعية بها، وتتنوع هذه المصادر بحسب طبيعتها، فمنها البحار، كالبحرين الأحمر والمتوسط، ومنها البحيرات وتشتمل على بحيرات المنزلة، والبرلس، والبردويل، وإدكو وقارون ومريوط والبحيرات المرة، وملاحة بور فؤاد، ومنها أيضاً مصادر المياه العذبة وتشتمل على نهر النيل بفرعيه والترع والمصارف. وإذا كانت المصادر السابقة مصادر طبيعية، فإن الإنسان استحدث أخرى اصطناعية كبحيرة ناصر وبحيرة الريان، هذا بالإضافة إلى المزارع السمكية الموجودة في أنحاء مختلفة من مصر.

 

المحور الأول: مصادر الثروة السمكية:

أولاُ: المصايد البحرية:

تبلغ مساحة هذه المصايد ما يزيد عن 11 مليون فدان، وتضم البحرين الأحمر والمتوسط، وعلى الرغم من المساحة الكبيرة التي تشغلها، فإن الإنتاج السمكي فيها ما زال متدنياً بالمقارنة بمساحتها، حيث تبلغ المساحة الصالحة للصيد في البحر الأحمر 4.4 مليون فدان، وتمتد شواطئها بطول ألف كيلو متر، حيث تشتمل على مناطق الطور ودهب بمحافظة جنوب سيناء، والغردقة بمحافظة البحر الأحمر، وداخل وخارج خليج سويس بمحافظة السويس.

وتبلغ المساحة الصالحة للصيد في البحر المتوسط قرابة 6.8 مليون فدان وتمتد شواطئها بطول ألف كيلو متر، حيث تشتمل على مناطق بورسعيد وعزبة البرج في دمياط، وصيد المكس وأبى قير بالإسكندرية، ومطروح والعريش في محافظة شمال سيناء، ورشيد والمعدية في البحيرة وبلطيم في كفر الشيخ. وتحتل المصايد البحرية المرتبة الثانية من مصادر الإنتاج السمكي في مصر، حيث تشكل مصايد البحر المتوسط حوالي 11% من الإنتاج السمكي الكلى، بينما خليج السويس والبحر الأحمر ينتج حوالي 8.81% من الإنتاج الكلى سنوياً.

 

ثانياً: مصايد البحيرات الطبيعية:

تعد من أخصب بحيرات العالم وأكثرها ثراء من حيث الغذاء الطبيعي المتاح للأسماك، كما تمتاز باعتدال جوها، ونظراً لهذه الظروف الطبيعية الجيدة، وتعتبر هذه البحيرات من أخصب وأهم البحيرات الطبيعية للأصناف الهامة كالبوري والطوبار والدنيس والقاروص واللوت والثعبان والجمبرى وغيرها، وعلى الرغم من توافر الظروف الطبيعية التي تضمن الإنتاج الوفير للإنتاج السمكي، ولكن إنتاج هذه البحيرات يتأثر بسبب البناء المستمر على البحيرة، وتغطيتها بالأحراش النباتية الكثيفة من البوص وغيره، هذا بالإضافة إلى عوامل التلوث المائي، ومن أهم هذه البحيرات:

1ـ بحيرة البردويل، هي ثاني أكبر بحيرات مصر بعد بحيرة المنزلة، حيث تبلغ مساحتها ‏165‏ ألف فدان‏. وتقع في محافظة شمال سيناء، وتبلغ مساحتها حوالي ‏165‏ ألف فدان بطول ‏90‏ كيلو مترا وعرض يتراوح ما بين ‏1‏ ـ ‏22‏ كيلو متر، وتشمل مناطق صيد بئر العبد والعريش بشمال سيناء، وقد بلغ معدل الإنتاج في البحيرة خلال عام 2003 حوالي 3 آلاف و‏250‏ طنا من الأسماك، وهو معدل غير مسبوق في تاريخها.‏ وينمو في البحيرة اسماك الدنيس والقاروس وموسي والوقار والبوري والطوبارة وهي أسماك عليها إقبال كثيف من أوروبا.

ويبلغ طول بحيرة البردويل ككل نحو 130 كيلو متر تمتد من المحمدية قرب رمانة وشرق بورسعيد بنحو 35 كيلو متراً في الغرب حتى قبل العريش غرباً بنحو 50 كيلو متراً منها البردويل (بطول 76 كيلو متر وعرض 40 كيلو متراً) ثم الزرانيق (بطول 60 كيلو متر وعرض 3 كيلو مترات ). وتتصل بحيرة البردويل بالبحر بفتحة أو بوغاز اتساعه نحو 100 متر وفى الشتاء تؤلف البحيرة بكاملها مسطحاً مائياً واحدا، ثم تنحسر عن قطاعها الشرقى صيفا لتتضح الزرانيق عن البردويل مؤقتا.

وتعد بحيرة البردويل إحدى أهم مصادر الثروة السمكية في سيناء ومصر عموماً. ويتلخص تاريخ الثروة السمكية في بحيرة البردويل في الفترة من عام ‏1952‏ حتي ‏2005‏ الي ثلاث فترات الاولي من 1952 حتي ‏1967‏ كان متوسط الانتاج ‏1460‏ طنا والفترة الثانية وهي فترة الاحتلال الاسرائيلي كان متوسط الانتاج ‏1530‏ طناً، والفترة الثالثة فترة السيادة المصرية وكان متوسط الانتاج ‏2240‏ طن.

2ـ ملاحة بورفؤاد، تبلغ مساحتها حوالي 25 ألف فدان، وتشمل مناطق صيد ملاحة بور فؤاد بمحافظة بورسعيد.

3ـ البحيرات المرة: تبلغ مساحتها حوالي 76 ألف فدان، وتشمل مناطق صيد البحيرات المرة وبحيرة التمساح بمحافظة الإسماعيلية.

4ـ بحيرة قارون: تبلغ مساحتها حوالي 55 ألف فدان، وتشمل مناطق صيد قارون بمحافظة الفيوم، وتعد قارون من أكبر وأجمل المحميات الطبيعية في مصر، وتتميز البحيرة بعشرة أنواع من الأسماك هي البلطي، وسمك موسى البوري، الطوبار، الدنيس، القارومي، الجمبري، وثعبان الماء، والقرموط. ولكن على الرغم من كل ذلك فهي مهددة باستمرار عمليات الصرف الصناعي والزراعي في مياه البحيرة مما يهدد الثروة السمكية بالبحيرة وكذلك يمثل هواة الصيد الجائر خطراً على ثروات البحيرة الطبيعية.

5ـ بحيرة البرلس: تبلغ مساحتها حوالي 136 ألف فدان، وتشمل مناطق صيد بلطيم بمحافظة كفر الشيخ.

6ـ بحيرة المنزلة: تقلصت مساحة البحيرة من 700 ألف فدان إلى 323 ألف فدان ثم إلى 130 ألف فدان، وتبلغ مساحتها الآن حوالي ‏100‏ ألف فدان، يصلح منها للصيد 30 ألف فدان فقط، وتشمل مناطق صيد (القبوطى) بمحافظة بورسعيد و(غيط النصارى) بمحافظة دمياط، وقد اضطر الصيادون هجرة البحيرة إلى الصيد بالبحرين الأبيض والأحمر، حيث أصبحت البحيرة تفتقر إلى المناخ المناسب للصيد الحر داخلها بعد أن تم تجفيف مساحات كبيرة منها وتقلصت مساحتها، وتغير المناخ بها في السنوات الأخيرة، حيث أصابها التلوث الناتج من مصرفي بحر حادوس وبحر البقر، بالإضافة إلي زيادة نسب ورد النيل والصيد الجائر للأسماك الصغيرة، وغلق فتحات البواغيز وبالتالي عدم دخول الماء المالح إلى البحيرة ومعه أنواع جديدة من الأسماك، وهو الأمر الذي يتطلب ضرورة فتح وتطهير بوغازي أشتوم الجميل القديم والجديد والهويس.

علاوة على قيام كبار الصيادين بفرض النفوذ والسيطرة على عمليات الصيد الحر بالبحيرة والتصدي لصغار الصيادين، وتنتج البحيرة الآن نحو‏70‏ ألف طن سنويا منها ‏60‏ ألفا يتم نقلها إلى خارج المنزلة و‏10‏ آلاف طن للاستهلاك المحلي.

7ـ إدكو: تبلغ مساحتها حوالي 17 ألف فدان، وتشمل مناطق صيد إدكو بمحافظة البحيرة.

8ـ مريوط: تبلغ مساحتها حوالي 16 ألف فدان، وتشمل مناطق صيد مريوط بمحافظة الإسكندرية.

 

ثالثاً: البحيرات الاصطناعية:

(أ) بحيرة ناصر: تبلغ مساحتها حوالي 1.2 مليون فدان، حيث تعد أكبر مسطح مائي من المياه العذبة، وتشمل مناطق صيد بحيرة السد العالي بمحافظة أسوان، كما أنها تعد من أكبر البحيرات الصناعية في أفريقيا، ويعيش بها أكثر من ‏50‏ نوعا من الأسماك تتبع ‏15‏ عائلة، وأهمها أسماك البلطي النيلي‏‏ البلطي الجاليلي‏‏ والساموس ‏(‏قشر البياض‏)، ‏والبياض، والرابه، الشال‏، الليبس‏ ‏.‏

رابعاً: منخفض الريان

ويشتمل على مناطق صيد الريان 1، 3 بمحافظة الفيوم.

خامساً: المياه العذبة:

وتشتمل على نهر النيل وفرعيه والترع والمصارف بمساحة إجمالية تبلغ 178 ألف فدان.

سادساً: الاستزراع السمكي:

ويساهم بحوالي 70% من إجمالي إنتاج الأسماك في مصر. وتحتل مصر المرتبة 11‏ على مستوى العالم في مجال الاستزراع السمكي. ويعتبر الاستزراع المائي في الوقت الحالى أكبر قطاعات الإنتاج السمكي في مصر، حيث يمثل حوالي 51% من إجمالي الإنتاج السمكي. وتنتج مزارع القطاع الخاص أكثر من 98% من إنتاج الاستزراع المائي.

وقد بدأ التوسع والتطوير والتحديث في قطاع الاستزراع السمكي في مصر منذ عقدين، مما أدى إلى تنمية جوهرية ومتسارعة خلال السنوات القليلة الماضية، أدت بدورها إلى زيادة كبيرة في الإنتاج. ويشهد هذا القطاع أعلى معدل للنمو من بين جميع أنشطة المصايد الأخرى، ولذلك يعتبر الاستزراع المائي هو الخيار المثالى لسد الفجوة بين إنتاج واستهلاك الأسماك في مصر وقد بلغ إنتاج مصر من الأسماك من المصادر الطبيعية 344791 طن، وبلغ إنتاجها من الاستزراع السمكي 1137091 طن.

 

المحور الثاني: العسكر والهيمنة على الثروة السمكية:

بداية هيمنة العسكر على المشاريع الناجحة والواعدة في إنتاج الاسماك كان من خلال تأسيس شركة تقوم على هذا النشاط الحيوي والمهم كمصدر للدخل القومي، والأمن الغذائي، هي الشركة الوطنية للثروة السمكيه (التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة).

جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة هو جهاز تابع لوزارة الدفاع المصرية، وتم إنشاؤه طبقا للقرار الجمهوري رقم 32 لسنة 1979 في عهد الرئيس أنور السادات، والشركات التابعة للجهاز منها: الوطنية لزراعة واستصلاح الأراضي، الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات، الوطنية لإنشاء وتنمية الطرق، الوطنية للبترول، الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، الوطنية للصناعات الغذائية، الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية، العربية العالمية للبصريات، مصر العليا للتصنيع الزراعي، النصر للخدمات والصيانة، النصر للكيماويات الوسيطة، العريش للأسمنت، مكرونة كوين، إنتاج مشمعات البلاستيك، إنتاج البيض المتكامل، قطاع الأمن الغذائي، قطاع التعدين.

وهذه الشركات كلها عائد استثماراتها كله لصالح القوات المسلحة، أو بمعنى أدق لصالح القيادات العليا في القوات المسلحة، أما خزينة الدوله فلا يذهب إليها شيء من عائد هذه الشركات.

وهذه الشركات أصبحت هي المنافس الاكبر للشركات المدنية التي تعمل في نفس مجالاتها، لأنها تملك مميزات نسبية لا يملكها غيرها، مثل الحصول على أراضي مشاريعها بلا ثمن، وتيسيرات وتسهيلات لا حدود لها في الحصول على التراخيص المطلوبة، والعمالة المجانية من جنود القوات المسلحة. كما أن أرباحها معفاة من الضرائب ومتطلّبات الترخيص التجاري وفقاً للمادة 47 من قانون ضريبة الدخل لعام 2005. فضلاً عن ذلك، تنصّ المادة الأولى من قانون الإعفاءات الجمركية لعام 1986 على إعفاء واردات وزارة الدفاع ووزارة الدولة للإنتاج الحربي من أي ضريبة. وكذلك سهوله الحصول على عقود التسويق للمصالح الحكومية، قدرتها على التصدير للخارج لما لها من نفوذ …. وغيرها .

بل أصبحت هذه الشركات تنافس المزارعين الصغار (كما في مشاريع الأسماك)، وتحتكر الإشراف وتطوير المصادر الطبيعية لإنتاج الأسماك، كما حدث في بحيرة البردويل بشمال سيناء وهي ثاني أكبر بحيرة وأنقاها والمصدر الوحيد لتصدير الأسماك للخارج.

ومن المشاريع السمكية الكبري التي دخلتها القوات المسلحة مؤخرا ممثلة في الشركة الوطنية للثروة السمكية والاحياء المائية، قرار السيسي رقم 270/ 2016 بإعادة تخصيص 2815.14 فدان من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة والكائنة بمنطقة “بركة غليون” بمحافظة كفر الشيخ لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة لاستخدامها في مشروعات الاستزراع السمكي.

كما أصدر في يوليو 2016 القرار رقم 3132016 بإعادة تخصيص مساحة 6174.17 فدان من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة بمنطقة بركة غليون بمحافظة كفر الشيخ لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة لاستخدامها فى مشروعات الاستزراع السمكى.

وفي أغسطس 2016، أصدر القرار رقم 332/2016 بإعادة تخصيص مساحة 107.5 فدان من الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة بجهة مثلث الديبة غرب بورسعيد لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لاستخدامها فى مشروعات للاستزراع السمكي. ونشرت هذه القرارات الجمهورية بالجريدة الرسمية.

ومما جاء في جريدة الأهرام بتاريخ 28/4/2016، وفي 25/6/2016 أنالقوات المسلحة تطلق أكبر مشروع للاستزراع السمكى بكفر الشيخ على مساحة 26 ألف فدان، المرحلة الأولى منه بتكلفة 1.7 مليار جنيه، التى تعرض فيها بعض المشاريع السمكية التي ينافس ويزاحم فيها العسكر المزارعين البسطاء ويضيق عليهم معايشهم، مع ان محافظة كفر الشيخ التي اقاموا بها مشروعهم ضاقت باهلها وذهب كثير من ابنائها الي منطقة سهل الطينه بسيناء لاستزراع الأسماك هناك.

وتعد محافظة كفر الشيخ قلعة إنتاج الأسماك بمختلف أنواعها فى مصر، حيث تنتج المحافظة أكثر من 40% من إنتاج مصر من الأسماك وهى أولى المحافظات على مستوى الجمهورية إنتاجا له. وذلك من خلال عدة مصادر أهمها شواطئ المحافظة الممتدة على البحر المتوسط بطول 118 كيلو مترا فى شمال الجمهورية.

وبحيرة البرلس التى تبلغ مساحتها 110 ألف فدان وتقع بالكامل فى نطاق وداخل المحافظة، وكذلك نهر النيل فرع رشيد فى نطاق 3 مراكز بالمحافظة وهى دسوق وفوة ومطوبس، والمزارع السمكية الخاصة على مساحة أكثر من 280 ألف فدان بمراكز الرياض وسيدى سالم والحامول وبلطيم ومطوبس وفوة.

كما يجرى حاليا إنشاء أكبر مزرعة سمكية فى العالم متخصصة فى الأسماك البحرية بكفر الشيخ لرفع إنتاج المحافظة من الأسماك لأكثر من 50% من إنتاج مصر من الأسماك والتصدير الى الخارج، حيث تكثف القوات المسلحة جهودها الكبيرة وتسابق الزمن للانتهاء من إقامة أهم وأكبر مشروع للاستزراع السمكى على مستوى العالم بمحافظة كفر الشيخ فى منطقة «بركة غليون» التابعة لمركز مطوبس، وتقام المرحلة الأولى من المشروع على مساحة 2719 فدانًا، والثانية على مساحة 2815 فدانًا والثالثة على مساحة 6174 فدانًا، والرابعة على مساحة 7 آلاف فدان، بإجمالى 18 ألفا و708 أفدنة.

ويتم تنفيذ هذا المشروع العملاق عن طريق الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة المصرية، بمشاركة 12 شركة وطنية، ومن المقرر أن تفتتح المرحلة الأولى من المشروع فى شهر أغسطس 2017، لرفع إنتاج محافظة كفر الشيخ من الأسماك بعد إنتهاء المشروع بالكامل وعمله بكامل طاقته الى 60% من الإنتاج المحلى للأسماك.

والمرحلة الاولي ستكون عبارة عن مزارع نموذجية لإنتاج الجمبرى والقاروص والدنيس والوقار ومختلف أنواع الأسماك البحرية وكذلك أسماك البلطى والبورى وغيرها من الأسماك الأخرى. ويعتبر هذا المشروع بالكامل، كما تم الاعلان عنه، مشروعا صديقا للبيئة، ولا توجد به أى مصادر للتلوث أو المياه الملوثة، وبه مصنع علف السمك مساحة 1518 مترًا وينتج 180 ألف طن سنويا، كما يتضمن المشروع مصنع «الفوم» على مساحة 5250 مترًا، ومصنع الثلج على مساحة 1900 متر، ومصنع «بروسسينج».

ومما جاء على لسان اللواء حمدي بدين رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للاستزراع السمكي والأحياء المائية عن إطلاق مشروع عملاق للاستزراع السمكي في محافظة كفر الشيخ في منطقة بركة غليون، أن المرحلة الاولي من المشروع على مساحة 2575 فدانا، ثم المرحلة الثانية تشمل حوالي 3 آلاف فدان، ثم المرحلة الثالثة من 20 إلي 21 ألف فدان.. مشيراً إلي أن تكلفة المشروع تصل إلي نحو 1.7 مليار جنيه.

من جانبه قال الدكتور فتحي عبد ربه المشرف على مشروع الاستزراع السمكي في كفر الشيخ ان المشروع بالكامل صديق للبيئة، لا توجد به نقطة مياه واحدة ملوثة، وأنه سيقام مصنع لانتاج العلف الخاص بالمشروع ينتج 120 ألف طن سنويا، متخصصة للأسماك البحرية، التي تختلف عن الأسماك النهرية ) موقع 60 دقيقة 26 أبريل 2016.

وينص القانون رقم 124 لسنة 1983 على حظر إنشاء المزارع السمكية إلا فى الأراضى البور غير الصالحة للزراعة، ويقتصر فى تغذيتها على مياه البحيرات او المصارف، ويحظر استخدام المياه العذبه لهذا الغرض.

وفي هذا السياق، أصدر السيسي القرار 4462015 لتنظيم قواعد التصرف في الأراضي والعقارات التي تخليها القوات المسلحة، وتخصيص عائدها لإنشاء مناطق عسكرية بديلة، وأتاح القرار للقوات المسلحة تأسيس وإنشاء شركات بمفردها أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي. وفتح القرار الباب للشركة الوطنية لتنمية الثروة السمكية التابعة لجهاز الخدمة الوطنية لتأسيس شركة للإستزراع السمكى بالاشتراك مع مستثمر سعودي، وإحدى الشركات الألمانية المتخصصة فى استزراع سمك التونة، تحمل اسم (الشركة الدولية للمنتجات البحرية).

ولدى جهاز الخدمة الوطنية مزرعة الزاوية (محافظة كفر الشيخ) ومساحتها 1000 فدان وعام 2012 انتجت 1200 طن من تلك المساحة.

ومن التطورات المهمة منذ عام 2014، تزايد دور القوات المسلحة في مجال الاستزراع السمكي، وتواجدت بعض مؤسسات تابعة للجيش تشارك في هذا المجال، منها: جهاز الخدمة الوطنية، وهيئة عمليات القوات المسلحة، وشركة حلوان لمحركات الديزل، والشركة المصرية لإصلاح وبناء السفن (جهاز الصناعات والخدمات البحرية- وزارة الدفاع).

وفي يناير 2016، تأسست الشركة القابضة للاستزراع السمكي (الشركة الوطنية لتنمية الثروة السمكية التابعة لجهاز المشروعات الوطنية برأسمال مبدئي مليار جنيه، بالاشتراك مع الهيئة العامة للثروة السمكية. ومن المتوقع أن تصل نسبة جهاز الخدمة الوطنية والشركات التابعة له نحو 65 %وهيئة الثروة السمكية 30 %، كما نشر عن الاتفاق على إنشاء مفرخات سمكية بواسطة شركات تتبع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، وتطوير موانئ صيد، وتوريد زريعة، ولكن الأوضح هو أن الشركة القابضة للاستزراع السمكي تقوم على جهاز الخدمة الوطنية 65%، وهيئة الثروة السمكية 30%.

يمكن القول أنه، بغياب الاستثمارات العملاقة في مشروعات تنموية كالاستزراع السمكي بمصر، كان لابد من تدخل حكومي ومن الجيش، مع أنه قد أثير جدل حول عدم قدرة أحد الشركات التابعة لجهاز الخدمة الوطنية على توريد زريعة حسب اتفاق سابق مع هيئة الثروة السمكية، وفي المواعيد وبالكميات المحددة بينهما، وغيرها من أمور لا توجد خبرات كبيرة لدى القوات المسلحة وشركاتها التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، بما فيها مزرعتها السمكية ذات الألف فدان بالزاوية – كفر الشيخ – والتي تنتج أقل من المتوسط المصري وهو 2.5 طن سمك/فدان/سنة بينما الإنتاج لكل المساحة 1200 طن عام 2012!!

ومن البحيرات ذات الاهمية الاقتصادية التي هيمن عليها العسكر، والتي أزال اسم الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية من الاشراف عليها ووضع اسم شركة العسكر عليها وهي الشركة الوطنية للثروة السمكية والاحياء المائية ( بحيرة البردويل).

وتمثل بحيرة البردويل أحد الملامح الهامة في الساحل الشمالي لسيناء، وتشغل نسبة كبيرة من طوله؛ ومياهها عالية الملوحة، ويفصلها عن البحر حاجز رملي قليل الارتفاع، أقصى اتساع له كيلومتر واحد، وأقل اتساع مائة متر؛ وفي أغلب الأحيان، يطغي عليه البحر فتغطيه مياهه. وبحيرة البردويل ضحلة نسبياً، فعمقها بين نصف المتر وثلاثة أمتار، وقاعها رملي ؛ كما أن بها عدداً من الجزر.

والبحيرة تخدم نحو نصف سكان محافظة شمال سيناء حيث يعمل بالبحيرة أكثر من 5 آلاف صياد يمثلون 5000 أسرة من جميع مراكز المحافظة، ويأتي في المقدمة مركزا بئر العبد والعريش، وتعمل على انعاش الحياة الاقتصادية في هذه المراكز في موسم صيد الأسماك، وما زال من العادات السائدة عند صائدي البحيرة ربط زواج أبنائهم بموسم الصيد، وبصورة عامة فدخل الصيد من أسماك البحيرة بلغ في العام الماضي 108 ملايين جنيه بإنتاج قدره 4733 طنا، ويطلب سمك البحيرة في العديد من دول أوروبا والبحر المتوسط مثل اليونان وقبرص وإيطاليا وغيرها نظرا لنقاوته وبعده عن التلوث.

بحيرة البردويل بمحافظة شمال سيناء من البحيرات المالحة ولم يصل اليها التلوث ولذلك فهي البحيرة الوحيدة التي تنتج اسماك بحرية عالية الجودة صالحة للتصدير للخارج، ولذلك وقع اختيار العسكر عليها لإدارتها والهيمنة عليها، وهذا كما جاء في تصريحات اللواء حمدي بدين عضو المجلس العسكري السابق (الأهرام الزراعى 5 اغسطس 2016)، حيث قال: إن بحيرة البردويل حصلت في منتصف يوليو 2016، على رخصة التصدير إلي أسواق أوروبا والأسواق العربية، مؤكدا أن البحيرة تشهد عمليات تطوير مستمرة، لزيادة انتاج الأسماك والقشريات.

مع أن تطوير البحيرة وتدريب الصيادين وإقامة القري السكنيه لهم وغيرها من مشاريع التنمية تم عن طريق منحة مقدمة من بعض الجهات الدولية بواسطة وزارة التعاون الدولي، ثم بعد ذلك تستولى عليها القوات المسلحة وتضع اسمها بدلا من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، وكأنها هي التي انفقت عليها من خزينتها، فتقوم بالاشراف على البحيره وإدارتها وتتحكم في الصيادين، ويذهب عائد ربحها وتصدير أسماكها للمؤسسة العسكرية (الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية).

وكانت «الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية» قد أغلقت بحيرة البردويل، التي تولاها بعد أحداث «30 يونيو» قائد الشرطة العسكرية السابق اللواء حمدي بدين، لمدة 4 أشهر سنوياً، تبدأ في نهاية سبتمبر وتنتهي في أبريل من كل عام، وذلك لمنح الفرصة أمام نمو الأسماك الصغيرة وتطهير البحيرة، وإعطاء مجال للصيادين من أجل إجراء الصيانة لمراكبهم وشباك الصيد. برغم ذلك، يعترض الصياديون على طريقة الإدارة العسكرية للبحيرة، بسبب تضييقها الخناق عليهم ومنعهم من الصيد من على ساحل البحر القريب من البحيرة، برغم تراكم الديون عليهم. وفي هذا الإطار، تطارد قوات الجيش الصيادين وتصادر كميات الأسماك التي يصطادونها، ثمّ تحوّلها إلى مطاعم وفنادق ونوادي القوات المسلحة.

وهذا تسبب في تراكم الديون على الصيادين، بعدما تراجع حجم المخزون السمكي في البحيرة، ولم يعد بمقدورهم الإنفاق على مراكبهم ومعدّاتهم، وأصبحت حياة الصيادين وأسرهم مهددة بالانهيار، لأن الإدارة العسكرية للبحيرة لا تلتزم بالشروط التي وضعتها “هيئة الثروة السمكية”، وفق نقيب الصيادين في شمال سيناء، سمير السيد، حيث تقوم بتوزيع 37% فقط من الإنتاج على أهالي سيناء، فيما لا يُعرف شيء عن الباقي.

ولم تتوقف هيمنة المؤسسة العسكرية على بحيرات مصر من أجل السيطرة على الثروة السمكية، بل تعدتها إلى مشروعات عقارية ضخمة مزمع إنشاؤها بين بحيرة البردويل وميناء شرق التفريعة، على مساحة 23 ألف فدان، ستستغل في بناء أحياء سكنية راقية فيها 500 فيلا وميناء لليخوت ومزارع خاصة، ومنطقة سكنية لذوي الدخل المرتفع، على أن يتم إنشاء أحياء للأطباء والمعلمين، وتم توثيق ذلك عبر عدد من الصور الجوية للمشروعات التي تدور في المنطقة، والتي ستشمل بناء مطار مدني بتكلفة تتراوح بين ستة إلى سبعة مليارات جنيه مصري، بالشراكة مع مؤسسة الفطيم الإماراتية.

 

مشروع مزرعة التماسيح:

ومن المشاريع الهامة اقتصاديا وسياحيا، مشروع “مزرعة التماسيح” الذى استولي عليه العسكر واستفادوا من كل امكانيات الدوله لصالح المشروع من أرض، وترخيص، وتذليل لكل العقبات…. وفي هذا السياق جاءت تصريحات رئيس جهاز حماية البيئة، المهندس أحمد أبو السعود، عن المشروع (المصري اليوم 25/8/2016 ومصراوي والاهرام الزراعي ودوت مصر 24/8/2016) إن التماسيح تعيش في نهر النيل منذ أكثر من 240 سنة، وإن التمساح النيلي لا يوجد في غير القارة الافريقية فهو موجود في 41 دولة إفريقية ويعد ثروة هامة، حيث يستخدم في صناعة الجلود وبعض العقاقير الطبية، وإن بعض الدول تستغله كثروة سياحية تساهم بقدر كبير في الدخل القومي لهذه الدول. وأوضح ابو السعود بأن الشركة الوطنية لإنتاج الثروة السمكية التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، بدأت مع وزارة البيئة فى إبريل 2016 فى إنشاء مشروع مزارع للتماسيح فى موقع بأسوان تم اختياره بالفعل ويتم تجهيزه الآن.

مؤكدًا أن مشروع مزارع التماسيح من شأنه أن يغير شكل الخريطة السياحية فى مصر كما فى دول أخرى، مثل زيمبابوى، التى يزور مزرعة التماسيح بها أكثر من ٨ ملايين سائح فى العام. وأضاف منسق إدارة الحياة البرية بوزارة البيئة، الدكتور لؤي زنقل، إن الوزارة لديها وحدة للتماسيح في بحيرة ناصر وأن هناك رصد دولي للتماسيح في البحيرة، مشيرا إلى أن وزارة البيئة اتمت عمل دراسة عام 2009 لاستغلال التماسيح استغلالا اقتصاديا، مؤكدا أن الوزارة بذلت جهدا كبيرا لنقل تجمعات التماسيح في مصر من ملحق 1 لملحق 2 في اتفاقية سايتس، حتى تستطيع استخدام التماسيح استخداما اقتصاديا.

وأعلن الدكتور البيلى حطب، مدير عام المكتب الفنى بقطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة، إن لجنة من الوزارة حددت قرابة الـ50 فدانًا لإقامة أول مزرعة لتربية التماسيح فى مصر بأسوان، كخطوة أولى لتنفيذ الشركة المساهمة التى ستنشئها الوزارة بالتعاون مع الشركة الوطنية للثروة السمكية والمائية لإدارة منظومة التماسيح فى مصر. وأكد أن المنطقة المختارة تبعد عن بحيرة ناصر بحوالى 2 كيلو متر، والتى تحوى حوالى 32 ألف تمساح، مشيرًأ إلى أن الوزارة انتهت من البرتوكول المقرر توقيعه مع الشركة الوطنية للثروة السمكية، وأن المزرعة الجديدة ستكون منفصلة عن مزرعة ناصر لأن الإتفاقيات الدولية تحظر صيد التماسيح، موضحاً أن الوزارة تدرس إنشاء مصنع لصناعة الجلود بدلاً من تصديرها.

 

خلاصة:

لقد تطور اقتصاد العسكر في مصر إلى ما هو أبعد من الاحتياجات العسكرية ليشمل جميع أنواع المنتجات والخدمات، ومن المستحيل الحصول على أي أرقام دقيقة حول حجم هذا الاقتصاد، في ظل تدمير وتهميش كل المؤسسات الرقابية في مصر بعد انقلاب 3 يوليو 2016، مع هيمنة ضباط الجيش، في جميع الرتب، على المشروعات العامة الكبرى، بجانب أنهم يمتلكون مشاريعهم الخاصة ويستفيدون بشكل كبير من البنية التحتية والمرافق العامة، هذا بالإضافة لوجود شبكة من المتقاعدين العسكريين تدير العديد من المؤسسات والمنشآت التجارية الحكومية، أو تشارك في العقود الاستشارية، وقد تمتد هذه الممارسات إلى تشكيل شركات خاصة للحصول على العقود من الباطن”(1).

—————————————

المراجع:

1 – بوابة التنمية المجتمعية

2 – حالة الموارد السمكيه وتربية الاحياء المائية فى العالم 2016 منظمة الاغذية والزراعة.

3 – المنظمة العربية للتنمية الزراعية ( الكتاب السنوي للاحصاءات السمكيه في الوطن العربي 2015 ) الرابط

4 – الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بمصر، التطور السمكي من بحيرة البردويل.

5 – عرض كتاب كتاب الاحصاءات السمكية 2014 الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية

6– دراسة مقدمة من الدائرة الاقتصادية بالغرفة التجارية بالشرقيه 2013 (منظومة الاسماك وامكانيات تحقيق الامن الغذائي في مصر).

1 الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

د. الدسوقي عزب

باحث وأكاديمي مصري، أستاذ بكلية الزراعة، جامعة الأزهر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى