fbpx
دراسات

الإعلام المصري وصناعة الأزمات: سد النهضة نموذجا

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

ملخص

ترصد هذه الورقة وتحلل خطاب عدد من وسائل الإعلام المصرية في تغطيتها لقضية سد النهضة، مع بعض التحليل لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. وذلك لمدة عامين، في الفترة من يونيو 2014 وحتى يونيو 2016. وتقدم تصنيفا لأهم تلك الخطابات وجذورها في الفكر المصري، وتسببه في عدة مشكلات في العلاقات بين مصر وكل من السودان وإثيوبيا.

 

مقدمة

أثارت قضية “سد النهضة” الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2009 ردود فعل واسعة، نظرا لتأثيراته المستقبلية على حصة كل من مصر والسودان من مياه النيل.وقد اختلفت ردود الأفعال المصرية حول مشروع السد، وتنوعت ما بين خطاب رسمي صادر عن مؤسسات الدولة، وخطابات صادرة عن الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام والأزهر والكنيسة ومؤسسات المجتمع المدني ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، كما اختلفت طبقا لتغير نظام الحكم منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، مرورا بحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقب ثورة يناير، ثم عهد الرئيس محمد مرسي والآن تحت قيادة عبد الفتاح السيسي.

كان من الطبيعي أن تناقش ردود الأفعال تلك الآثار السلبية المحتملة للسد، وتحاول أن تقدم تصورات لحلها، لكن بعض هذه الخطابات احتوت على مضامين استعلائية وعنصرية، تتعامل وفقا لخطاب قومي متعصب ضد إثيوبيا بشكل خاص، والشعوب الإفريقية بشكل عام، حتى بالنسبة للسودان، الجار التاريخي لمصر. وهو الخطاب الذي أدى إلى إثارة أزمات دبلوماسية وسياسية بين الدول الثلاث. كما استرجعت بعض الخطابات الإعلامية بعض المضامين الموروثة عن فترة الاستعمار، وهو خطاب لا يرى في الدول إلا مجالات للسيطرة والهيمنة.

في هذه الورقة نرصد ونحلل خطاب عدد من وسائل الإعلام المصرية في تغطيتها لقضية سد النهضة، مع بعض التحليل لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. وذلك في الفترة من يونيو 2014 وحتى يونيو 2016.

ويرجع سبب اختيار تلك المدة الزمنية إلى كونها تبدأ من تولي عبد الفتاح السيسي حكم البلاد بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في مايو 2014، وبالتالي يُمكن أن تُشكل وحدة زمنية قابلة للتحليل، سواء من ناحية السياسة الخارجية المصرية نفسها، أو تغطيات الإعلام المصري.

يضاف إلى ذلك أن هذه المرحلة تعتبر من أهم مراحل بناء سد النهضة، فقد شهدت تسارع خطوات بناء السد، والقيام بتحويل مجرى النيل، وتفاقم الخلافات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول السد وصعوبة التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث، مما يشكل مادة إعلامية كثيفة قامت بتغطية هذا الاستقطاب.

 

الدراسات السابقة

قدمت عدد من الدراسات السابقة تحليلا لأبعاد قضية سد النهضة من المنظور السياسي، يتناول أبعاد القضية ومساراتها والسيناريوهات المستقبلية الخاصة بها.

فقد أوصت دراسة (غيث، 2013) بإعادة الدور المصري في إفريقيا، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، والاهتمام بالدائرة الإفريقية، والكف عن التصريحات الاستعلائية من الجانب المصري، بالإضافة إلى تحقيق مزيد من التعاون في جميع المجالات الاقتصادية والثقافية والرياضية والتنمية، وتفعيل الدبلوماسية الشعبية.

وركزت ورقة (عوض، 2016) على إنشاء تحالفات مصرية جديدة للتعامل مع القضية، واقترحت تحسين العلاقات مع السودان وتسوية أي خلافات معها، وتنقية العلاقات مع قطر وتركيا لأنهما يمكن أن يؤثرا في الساحة الإثيوبية، بالإضافة إلى السعودية والإمارات اللذين يمتلكان استثمارات ضخمة هناك. وأخيرا التحرك على المستويات الإقليمية والدولية لشرح مطالب مصر ومخاوفها من السد، مع التوازن بين الحديث عن الحقوق المصرية والتأكيد على عدم معارضة مصر لحق دول حوض النيل في التنمية.

ورأى (رياض، 2016) أنه لا زال هناك تضارب في المعلومات عن تصميم السد وحجم انسياب المياه خلفه وبالتالي تأثيره على حصص المياه لمصر، موصيا بالحذر في المفاوضات المصرية مع إثيوبيا وعدم الالتفات إلى شعارات الإخاء الأفريقية لأنها “لا تعني شيئا في مفاوضات تمس جذور حياة مصر” ومطالبا بعدم موافقة مصر على السد إلا إذا كانت متيقنة تماما من أنه سيؤدي إلى “استخدام عادل” للمياه، لأن موافقة مصر على السد تلغي اعتراضها عليه بعد ذلك.

وناقش (ضلع، 2015) قضية سد النهضة من منظور إدارة الأزمات الدولية، مركزا على أن ما يجمع دول حوض النيل أكثر مما يفرقهم، وموصيا بتسوية أي خلافات بالوسائل السلمية، مع عدم الاستقواء بأي قوى خارجية وإدراك مخاطر أي لجوء إلى استخدام القوة من جانب أي طرف.

وحللت (إبراهيم، 2015) السياسة الخارجية المصرية تجاه قضية السد، وتوصلت إلى أن هذه القضية كشفت عن تراجع الدور المصري في إفريقيا التي تغيرت بدورها وأصبحت “بيئة تنافسية” أمام دول عديدة، مما يزيد من أهمية إعطاء أفريقيا الأولوية في استراتيجية العمل الخارجي المصري، واقترحت تشكيل لجنة ادارة أزمة وطنية للتعامل تحديداً مع سد النهضة، وضرورة مشاركة مصر في مختلف مراحل تنفيذ سد النهضة بحيث تصبح شريكاً أساسياً لأثيوبيا.

أما فيما يخص الخطاب الإعلامي المصري، فأوصت الدراسة بتبني خطاب إعلامي تصالحي تجاه اثيوبيا ودول حوض النيل والبعد عن لغة التصعيد والتهديد التي تأتي دائماً بنتائج عكسية، والتركيز على أن قضية نهر النيل هي مصدر من مصادر التعاون بين شعوب دول الحوض. ورغم ذلك طالبت الدراسة باستخدام ما سمته “وسائل الترغيب والترهيب” بما فيها “أدوات الضغط الدبلوماسي والاستخباراتي” وهو ما يشكل تناقضا مع المطالبة السابقة بالبعد عن استخدام لغة التصعيد.

وانطلق (بدر، 2015) من توصيف ما حدث في الثالث من يوليو عام 2013 في مصر ب”الانقلاب العسكري” ليحمل السياسة الخارجية المصرية بعد “الانقلاب” المسئولية عما سماها “المأزق الوطني” الذي جعل البلاد “في وضع لا تحسد عليه”. مُقدماً رؤية سياسية للتعامل مع الأزمة، تشمل التنبيه على خطورة الوضع الراهن المترتب على توقيع السيسي على اتفاقية إعلان المبادئ في مارس 2015، ومطالبة الرأي العام بالضغط على السيسي من أجل الهروب من هذا الاتفاق وعدم التصديق عليه من البرلمان. وتفعيل دور الأزهر والكنيسة واستثمارات رجال الأعمال المصريين لربط المصالح الإثيوبية بالمصرية، ومطالبة دول الخليج بالتلويح بسحب استثماراتها حال عدم استجابتها للطلبات المصرية. وعلى الصعيد الإقليمي تقديم دعم “سري” لقوى المعارضة في إثيوبيا، وتقوية العلاقات مع دول الجوار الاثيوبي للضغط على الأخيرة عند اللزوم. ومطالبة البنك الدولي بوقف تمويل السد.

وعرض (حمدي، 2016) التحديات التي تواجه المفاوض المصري في موضوع السد، منها الموقف السوداني الأكثر قربا إلى الجانب الإثيوبي، وفقدان مصر النفوذ الذي مارسته لفترة طويلة على القوي المانحة التقليدية، مثل البنك الدولي، وبنك التنمية الإفريقي، لمنع تمويل السد، بعد إعلان المبادئ الذي احتوي على اعتراف ضمني بالسد. وعدم اعتراف إثيوبيا بغالبية الاتفاقيات الموقعة بدعوي أنها تمت تحت سلطة الاستعمار، واعتراضها على مبدأ الحقوق التاريخية المكتسبة.

أما عن البدائل المقترحة أمام مصر، فقد رأت الدراسة ضرورة اللجوء إلى أدوات القانون الدولي المتعارف عليها في حل النزاعات الدولية، كالمساعي الحميدة، والوساطة، والتوفيق، والتحكيم الدولي. واللجوء إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي للبحث عن تسوية إفريقية للأزمة. والتحرك في مسارات متوازية دولية لإثبات ضرر السد المدمر علي أوجه الحياة في مصر، واللجوء إلى محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن الدولي لإلزام إثيوبيا بوقف العمل في السد لحين الانتهاء من الدراسات اللازمة.

واستعرض (فؤاد، 2016) المسارات المصرية المحتملة لمستقبل ملف سد النهضة، ما بين سحب الاعتراف بالسد وتدويل القضية، أو اللجوء إلى عمل عسكري كحل أخير لكنه مستبعد، نظرا لأنه سينتج عنه إقحام مصر في أزمات مع أطراف دولية مشاركة في بناء وتمويل السد، وصعوبة توجيه الضربة نفسه لإثيوبيا لأنها ليست دولة حدودية مع مصر. أما المسار الثالث والمرجح فهو الاستمرار في المفاوضات بهدف إدخال تعديلات فنية على السد للحد من أضراره.

كما استبعد (شبانة، 2014) توجيه ضربة عسكرية للسد، لأن ذلك سيدخل مصر “حرب خاسرة”، لكنه اعتبر أن هناك دولا تحرض إثيوبيا مثل إسرائيل وقطر يجب الضغط عليهما، بالإضافة إلى الصين وإيطاليا، كما طالب مصر بالتمسك باتفاقية 1902، التي وقعها الإمبراطور “منليك الثاني” ملك إثيوبيا مع بريطانيا، نيابة عن مصر وحكومة السودان، والتي تنص على عدم إقامة أية أعمال على النيل الأزرق، يكون من شأنها التأثير على انسياب المياه إلى النيل إلا بعد الاتفاق مع الحكومة البريطانية”.

لكن اتفاقية 1902 وغيرها من الاتفاقيات القديمة التي دعا الدراسة السابقة إلى التمسك بها، رأى (بيبرس، 2015) أنها “حقوق استعمارية” مكتسبة بالوراثة عن بريطانيا، واعتبر أنها مجحفة وغير عادلة، وأن الدول الأفريقية محقة في رفضها. واقترح بدلا من الحديث عن “الحقوق التاريخية” مبدأ “احترام السيادة” بما يعطي لكل دولة الحق في التنمية.

ووصف الباحث السياسة المصرية تجاه دول حوض لنيل بأنها كانت قائمة على “العنجهية والاستعلاء القومي على الأفارقة شعوبا ودول” كما كانت ترفض مساعدة تلك الدول على التقليل من هدر مياه النيل، مفسرا ذلك بأن الطبقة الحاكمة في مصر لم تتعامل مع قدرة إثيوبيا على بناء السد بصورة جدية.

وحول تفاعلات موضوع السد على المستوى الداخلي، رصد البحث اختلاف موقف النخب السياسية والإعلامية المصرية من قضية السد بين عهدي مرسي والسيسي، ففي عهد الأول كان التحريض والمزايدات واتهام مرسي بعدم الحسم، فيما انقلب الخطاب الإعلامي بعد توقيع الاتفاق الثلاثي إلى الإشادة بالسد، وهو ما رأى فيه الباحث “متاجرة بأوهام الوطنية الزائفة”.

على الجانب الآخر، وفيما يتعلق بالخطاب الإعلامي السوداني، خلص تقرير لمركز “الرؤية لدراسات الرأي العام” أن الصحافة السودانية تأثرت بالإعلام المصري الرافض لقيام السد، لكن التأكيد الرسمي بعدم تأثر السودان بالسد ساهم في تغيير الخطاب الإعلامي بعد ذلك. وحمل التقرير الإعلام المصري المسئولية عن نشر تصريحات غير دقيقة للسفير السوداني بالقاهرة “كمال حسن علي” تفيد بأن قرار إثيوبيا بتحويل مجرى النيل “صادم” بهدف إجبار السودان على اتخاذ موقف معارض لبناء السد.

وتوفر عرض لدراسة أجراها (بيلاي) عن التغطية الإعلامية الإثيوبية لسد النهضة، والذي توصل إلى أن “الإعلام يميل إلى وضع الموضوع في إطار سلبي وعرض المزيد من التقارير التي تتحدث عن احتمال الحرب. مصورا التاريخ السياسي في النيل في إطار التوترات والافتقار إلى الثقة والمواجهة الدبلوماسية بين دول المنبع والمصب، ويجرى تصوير ذلك بطرق مختلفة فيما يتعلق بسد النهضة”. بالإضافة إلى التركيز على التصريحات العدائية من الساسة المصريين، ويبدي مخاوف من احتمالية قيام مصر بعمل عسكري لتدمير السد.

ومن خلال استعراض الدراسات السابقة، نجد أنها قد ركزت على الجانب السياسي في جزء كبير منها، وهو الجانب الذي يناقش آثار السد المحتملة والسيناريوهات المحتملة لعمليات التفاوض، دون تناول تمثلات الخطاب المصري، خاصة الإعلامي.

 

الأسئلة البحثية

انطلاقا من مراجعة الأدبيات السابقة، يمكن تحديد أبرز الأسئلة البحثية حول الموضوع فيما يلي:

  1. ما هي أشكال الخطاب الإعلامي المصري تجاه قضية سد النهضة؟
  2. كيف انتشر الخطاب القومي الاستعلائي في الإعلام المصري في الحديث عن قضية سد النهضة؟ وكيف ارتبط ذلك الخطاب بالتصورات الاستعمارية؟
  3. ما هي أبرز المشكلات التي تسبب بها الخطاب الإعلامي المصري في تغطيته لقضية سد النهضة؟

 

منهج الدراسة:

تعتمد الدراسة على منهج تحليل الخطاب الإعلامي، وهو ما يتيح للباحث قراءة أعمق وأكثر شمولية وتحليلية من الدراسة المسحية السطحية، كما يتيح هذا المنهج تناول ما وراء الخطاب وأسبابه التاريخية والثقافية والسياسية، وأيضا الربط بين تغطية أكثر من وسيلة إعلامية في نفس الوقت وكيف يمكن أن تقوم عدد من وسائل الإعلام بترويج نفس الخطاب.

ويتبنى الباحث تعريف ميشيل فوكو للخطاب باعتباره “كلمة تطلق على مجموعة من التصريحات التي تنتمي إلى نفس التكوين الخطابي، أي أن الخطاب يتكون من عدد محدود من التصريحات التي يمكن تحديد شروط وجودها، فالخطاب بهذا المعنى ليس شكلا مثاليا غير محدد الزمن، بل إنه من بدايته إلى نهايته شكل تاريخي، أي قطعة من التاريخ، وهو يضع حدوده الذاتية وتقسيماته وتطوراته والصيغ المحددة لصفته الزمنية. ويرى فوكو أن المعرفة ليست مجرد انعكاس للواقع، فالحقيقة “بناء خطابي”، والنظم المختلفة للمعرفة تحدد ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي أو زائف. (شومان، 2012).

 

النتائج: الخطاب الإعلامي المصري تجاه قضية سد النهضة

اتخذت التغطية الإعلامية لقضية سد النهضة الإثيوبي العديد من الأشكال وارتكزت على العديد من الأفكار والتصورات فيما يلي:

أولا: الدعوة إلى استخدام القوة

على الرغم من انتهاج نظام السيسي سياسة خارجية هادئة وتهدف إلى الحوار والتفاهم مع الجانب الإثيوبي حول قضية سد النهضة، إلا أن المعالجة الإعلامية انجرت إلى مطالبات انفعالية باستخدام القوة لضرب السد(1)، وحذرت من عدم القيام بذلك قبل أن يصبح أمراً واقعاً.(2) كما استخدم سياسيون وأعضاء في البرلمان نفس الخطاب.(3)

ونشرت عدد من الصحف سيناريوهات ضرب السد،(4) والأسلحة التي يمكن أن تستخدم فيه، وفسر إعلاميون إبرام السيسي عدد من صفقات الأسلحة الحديثة للجيش باستخدامها في ضرب السد.(5)

وقد استخدم هذا الخطاب على المستوى الداخلي، ففي عهد مرسي كانت وسائل الإعلام المعارضة تطالب باستخدام القوة ضد إثيوبيا وتتهم الأخير بالضعف والتفريط في مصالح مصر للمزايدة عليه وتأجيج المعارضة ضده، وفي عهد السيسي توافق الخطاب الإعلامي في البداية مع السياسة المصرية وتحول إلى الحديث عن فوائد السد وحق الدول الأفريقية في تنمية مواردها، ولم يتصاعد الخطاب مطالب بضرب السد إلا في الشهور الأخيرة من عام 2015 بعد تعثر المفاوضات بين مصر وإثيوبيا، فيما انتقلت المزايدة إلى الإعلام المعارض للسيسي، خاصة الموالي لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي، الذي يتهم السيسي بالخنوع والتفريط في أمن مصر القومي في قضية السد، وينوه باستمرار إلى مقولات سابقة لمرسي قبل عزله تحدث فيها عن “التضحية بالدماء” لحماية نهر النيل.(6)

لم تطرح مثل هذه المطالبات تصورا لما بعد الضربة المطلوبة، أو رد الفعل الإثيوبي المتوقع، أو ردود الفعل الإقليمية والدولية، أو أضرار مثل هذه الضربة على العلاقات المصرية في أفريقيا، حتى إنها لم تضع أي تصور لإمكانية لفشل الضربة أصلا في تدمير السد أو إلحاق الأذى به، وكأنه أمر مضمون، وكأن إثيوبيا لا تمتلك قدرات عسكرية معتبرة. وهو ما ناقشه مقال ابتعد عن النغمة السائدة وأكد أن استخدام مصر الخيار العسكري سيؤدي إلى رد فعل إثيوبي مماثل قد يمتد إلى قصف السد العالي وأماكن حيوية أخرى.(7) واستعرض تقرير آخر إمكانيات التعاون بين مصر وإثيوبيا في المجالات السياسية والاقتصادية بدلا من العداء، على الرغم من عنوانه الذي يوحي بالعكس.(8)

 

ثانيا: الحنين للماضي الاستعماري

ارتبطت المطالبات المستمرة بضرب السد واستخدام القوة ضد إثيوبيا بالحنين للماضي الاستعماري المصري في القارة الإفريقية، وارتبط تحديدا بخمسة زعماء مصريين سابقين. هم: محمد علي، الخديوي إسماعيل، جمال عبد الناصر، أنور السادات، حسني مبارك.

تُمجد الأدبيات التاريخية المصرية التاريخ الاستعماري المصري، خاصة في العصر الحديث، الذي بدأ في عهد محمد علي وامتد حتى عهد الخديوي إسماعيل، وترى أن هذا الاستعمار كان ضروريا لتأمين منابع النيل، دون النظر إلى أن هذه المناطق تعيش بها شعوب لها الحق في تقرير مصيرها أيضا.

تسمي الأدبيات المصرية احتلال محمد علي للسودان ب”الفتح” وتتجاهل الانتهاكات العديدة التي تم ارتكابها خلال تلك الفترة،(9) وتشهد الساحة السياسية والإعلامية مطالبات بعودة مصر والسودان دولة واحدة مثلما كانا، لكن هذه المطالبات في الحقيقة لا ترى في السودان إلا مجالا للتوسع، وهي مجرد غطاء للمطالبة بأن تحكم مصر السودان لا أن تكون الدولتان على قدم المساواة.

ويتبنى أنصار الحكم الملكي خطابا يهاجم ثورة يوليو، لأنها أدت حسب رؤيتهم إلى أن تفقد مصر السودان، وكأنها ملكية خاصة. دون النظر إلى أن انفصال السودان جاء بناء على رغبة أهلها بناء على استفتاء شعبي.

كل تلك الخلفيات حضرت أثناء تناول الإعلام المصري لقضية سد النهضة، وامتزجت بخطاب آخر يمجد عبد الناصر ويروج لرواية مفادها أنه منع إثيوبيا من بناء سد كانت تنوي بناءه في عهد الإمبراطور الإثيوبي “هيلا سيلاسي” بعد تهديده باتخاذ مصر إجراءات عنيفة.(10) واعتبرت صحيفة اليوم السابع أن قيام عبد الناصر ببناء السد العالي قطع الطريق على محاولة الولايات المتحدة الأمريكية بناء سد لتخزين المياه في إثيوبيا.(11)

وأشاد المؤرخ والكاتب الصحفي عباس الطرابيلى بغزوات الخديوي إسماعيل التي هدفت في رأيه إلى “اكتشاف منابع النيل”، ودخوله حربين ضد إثيوبيا عام 1875 لـ “تأديبها” حسب تعبيره.(12) وتشبه مقولة “تأمين منابع النيل” الحجج التي أطلقها المستعمر الأوربي لتبرير احتلاله لدول العالم الثالث بزعم “نشر الحضارة”. وهو ما حاول أن يقدمه أحد الكتاب الصحفيين الذي برر الحملات الاستعمارية المصرية في عهد الخديوي إسماعيل بأنها كانت تهدف إلى اكتشاف منابع النيل.(13)

وعلى الرغم من أن إثيوبيا بدأت في بناء سد النهضة في عهد مبارك، وتجاهل مبارك إثيوبيا وتوتر العلاقات معها بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها في أديس أبابا عام 1997، إلا أن البعض تداول روايات تفيد بأن الأخير هدد إثيوبيا بضرب السد إن هي أصرت على استكماله، وتركز على دور عمر سليمان نائب مبارك السابق ومدير المخابرات العامة المصرية الأسبق.

وأبدى المذيع “سيد علي” بقناة “العاصمة” حنينا واضحا لعهد مبارك، عندما زعم أن إثيوبيا لم تجرؤ على بناء السد في عهده،(14) وكان هذا الخطاب الذي يمجد مبارك قد بدأ منذ تصاعد الأزمة قبل أكثر من عامين(15)، رغم أن السد بدأ بناءه قبل ثورة يناير كما سبق أن أشرنا.(16) كما تقوم وسائل إعلام بصورة دورية بإعادة نشر فيديو قديم للمشير عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع الأسبق وهو يهدد برد عسكري في حالة بناء أي سدود على النيل.(17)

كما كان للتفاعلات الداخلية دور كبير في تحديد المواقف من السد، حتى لو أدى ذلك لمواقف متناقضة، فقد أشاد مقال للكاتب “مجدي صابر” بتهديد كل من عبد الناصر والسادات ومبارك لإثيوبيا لمنعها من بناء أي سدود على مياه النيل، لكنه اعتبر في نفس الوقت أن تهديد بعض السياسيين خلال اجتماع رسمي مع الرئيس المعزول محمد مرسي بقصف سد النهضة وتمويل حركات المعارضة الإثيوبية “فضيحة”  استفادت اثيوبيا منها “لتظهر للعالم أن مصر تهددها بالضرب أو بإثارة القلاقل لمنع بناء السد”، أي أن لغة التهديد والوعيد كان ميزة في العهود السابقة لكنها تحولت فجأة إلى عيب وفضيحة في عهد مرسي.(18)

رغم ذلك لم يخل الفضاء الإعلامي من اتهامات للرؤساء السابقين، فقد اتهم نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم العالي الأسبق، حسام عيسى، الرئيس الراحل أنور السادات بالمسئولية عن تفاقم أزمة سد النهضة، بسبب سوء العلاقات المصرية مع إثيوبيا في عهده.(19) بالإضافة إلى اتهامات لمبارك بالتسبب في الأزمة نتيجة سياساته الاستعلائية تجاه إثيوبيا.(20)

السادات كان محورا لحكاية وهمية أخرى تهدف إلى مداعبة الأحاسيس القومية والنزوع إلى القوة، روجتها مواقع التواصل الاجتماعي، مفادها أنه نما إلى علمه أن إثيوبيا تقوم ببناء سدود على النيل، وعندما احتجت مصر أنكرت إثيوبيا قيامها ببناء أي سدود، فما كان من السادات إلا أن أرسل 6 طائرات قامت بضرب جميع السدود من مطار بجنوب السودان، وبالتالي عندما احتجت إثيوبيا على الضربة المصرية كان رد السادات: هل يوجد سدود في إثيوبيا؟ ألم تبلغونا بعدم وجود سدود هناك… فكيف لنا أن نضرب شيء لا وجود له؟(21)

المفارقة أن هذه الرواية الملفقة والتي لا أصل لها وجدت طريقها لمقالات الكتاب في الصحف المصرية، مثل مقال بصحيفة الوفد نقل الرواية كما هي مكتوبة في مواقع التواصل دون تدقيقها أو مراجعتها.(22)

ثالثا: أوهام التفوق الراهن

بعد الحنين للماضي الاستعماري المصري، والترويج لعمليات وحروب وهمية في عهود الرؤساء الجمهوريين، جاء اصطناع بطولات وعمليات أخرى تناسب الوقت الحاضر والحاكم الجديد في مصر. وزعمت صحيفة “فيتو” أن الجيش المصري هدد الحكومة الإثيوبية بهدم السد، وهو ما أجبر إثيوبيا على هدم السد وزيادة حصة مصر من المياه.(23)

واصطنعت وسائل إعلام مصرية قصة عن قيام مصر بتحرير عدد من المواطنين الإثيوبيين الذين قالت إنهم كانوا مختطفين في ليبيا،(24) وحاول السيسي في كلمته أثناء استقباله للأثيوبيين أن يقدم هذا الأمر باعتباره جميلا لإثيوبيا، لكن اكتشف بعد ذلك أن هؤلاء الإثيوبيين كانوا محتجزين لدى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي.(25)

وفي ديسمبر الماضي اندلعت مظاهرات في منطقة “أوروميا” في إثيوبيا، احتجاجا على اعتزام السلطات مصادرة أراض تابعة للسكان التابعين لقومية “الأورومو” هناك وتهجيرهم قسريا. وقتل في هذه المظاهرات ما يقرب من 140 متظاهرا بعد أن فتحت عليهم قوات الأمن النار، وفقا لمنظمة هيومان رايتس ووتش.(26)

إلا أن الإعلام المصري قام بتحريف معظم تفاصيل هذه الاحتجاجات، فزعم أن سبب هذه الاحتجاجات هو الاعتراض على بناء سد النهضة.(27)

أما عن تفاصيل الاحتجاجات نفسها، فقد ادعى الإعلام المصري أن الاحتجاجات عمت المدن الإثيوبية بما فيها العاصمة، وأن الحياة توقفت تماما بعد إغلاق المدارس والجامعات واشتعال الأوضاع في أديس أبابا.(28)

بعد ذلك اتسع سيناريو الثورة الإثيوبية الافتراضية طبقا للإعلام المصري، الذي قام بمحاكاة سيناريو الثورة المصرية في يناير 2011، مطلقا على المظاهرات “الربيع الإثيوبي” ونشر أخبارا عن قيام الحكومة الإثيوبية بقطع الاتصالات عن المتظاهرين(29)، وانضمام ضباط الجيش والشرطة في إثيوبيا لصفوف “الثوار”.(30) وتطور مطالب المتظاهرين لتسمل المطالبة المتظاهرين بإسقاط النظام.

بعد ذلك بدأت الشائعات تتوالى عن قيام المتظاهرين بقطع الطرق إلى سد النهضة(31)، ونشرت عدة صحف صورة لمجموعة من الإثيوبيين يرفعون العلم المصري زاعمين أنها من المظاهرات الأخيرة(32)، لكن اتضح أن الصورة قديمة وتعود لإثيوبيين لاجئين في مصر ولا علاقة لها بالاحتجاجات.(33) وزاد موقع “صدى البلد” وقال إن سد النهضة قد سقط في أيدي المتظاهرين الذين يقومون بحصاره.(34)

واستغلت مواقع إخبارية تقرير في صحيفة إثيوبية يقول إن المظاهرات يمكن أن تخدم أجندات أجنبية مثل مصر وإريتريا، ويتهم مصر بدعم الجماعات المتمردة(35) (وهو جزء من خطاب المؤامرة المنتشر في دول العالم الثالث لتفسير أي احتجاجات ويستخدمه الإعلام المصري نفسه بكثافة) لتحرف مضمونه وتضيف إليه أن المخابرات المصرية تقف وراء الاحتجاجات.(36)

واستضاف المذيع أحمد موسى شخصا قدم نفسه باعتباره معارضا إثيوبيا ومنسقا للعلاقات العربية الأورومية، طالب فيه السيسي بدعم “الثورة” لإسقاط النظام في إثيوبيا.(37)

وأذاعت فضائية “أون تي في” مشاهد لاحتجاجات قديمة على أنها مقاطع فيديو للمظاهرات الأخيرة.(38) كما نشر موقع “فيتو” فيديو قديم لإحدى الحركات المسلحة في إثيوبيا وقالت إنها تتوعد باجتياح العاصمة عسكريا، فيما بدا وكأنه تأييد ومساندة ودعاية لهذه الحركة.(39) دون النظر إلى تعقيدات الواقع الإثيوبي ومدى ما يمكن أن يؤثر هذا الخطاب على العلاقات بين مصر وإثيوبيا.

 

رابعا: استضافة المعارضة الإثيوبية

يضرب الفكر الاستعماري بجذوره في الخطاب المصري بمختلف أنواعه عن القارة الإفريقية عموما، وقضية سد النهضة خصوصا. فمصر تعتمد في حديثها عن حقوقها في مياه النيل على اتفاقيات سبق توقيعها في مرحلة الاستعمار البريطاني، وأبرمتها بريطانيا نيابة عن مصر والسودان، وهي اتفاقيتي 1929 و1959 اللتين تعطيان مصر والسودان 90% من حجم مياه النيل سنويا، وهي نسبة ظالمة بلا شك لإثيوبيا، الدولة التي ينبع منها النيل أساسا. ورغم مطالبات إثيوبيا ودول أفريقية أخرى بتعديل هذا التوزيع المجحف، إلا أن مصر قابلت تلك المطالبات بتجاهل واستعلاء.

انطلاقا من هذا الفكر يتمثل الخطاب المصري الذي يتعامل مع الأفارقة باعتبارهم مجالا للاستغلال، وأن ليس لهم إلا طاعة أوامر المصريين. ويستبطن طريقة تعامل الدول الاستعمارية قديما مع الدول التي تحتلها، من قبيل “فرق تسد”. وقد ترجم الإعلام المصري هذه الطريقة عندما قام باستضافة شخصيات قالت إنها تنتمي إلى “المعارضة الإثيوبية” وإلى الأقلية الأورومية للهجوم على الحكومة واتهامها بالعمل على “تعطيش” مصر ببناء سد النهضة، وتبني خطاب يضخم من الاحتجاجات في إثيوبيا ويبالغ في حجمها وعدد القتلى الذين سقطوا فيها.(40) وتم تصوير تلك المعارضة باعتبارها تتوق لعصر عبد الناصر.(41) بالإضافة إلى نشر موضوعات تحتفي بالحركات المسلحة التابعة لتلك المعارضة(42)، وهو ما أدى إلى اتهام إثيوبيا لمصر على فترات متفاوتة بالعمل على زعزعة استقرار البلاد.

 

خامسا: خطاب المؤامرة

ينتشر الحديث عن المؤامرات الأجنبية بصورة كبيرة في الخطاب المصري تجاه الأحداث المختلفة، وعلى مدار التاريخ كانت “المؤامرة” هو التفسير الجاهز لأي مشكلة أو هزيمة أو تراجع يصيب البلاد. ولم يكن موضوع سد النهضة استثناء، لكن الملاحظ أن تفاصيل المؤامرة تختلف حسب الصحيفة أو القناة الفضائية التي تتناول القضية، وأيضا حسب العهود.

ففي عصر مبارك كان الولايات المتحدة وإسرائيل هما طرفا المؤامرات التقليديين ضد مصر، وكثرت الكتابات التي تتحدث عن الوجود الإسرائيلي والأمريكي في أفريقيا وتحكمه في قرارات الدول الأفريقية، ودعم الدولتين لبناء السد للإضرار بمصر.

وبعد تولي السيسي مقاليد الحكم، استمر الحديث عن دور إسرائيل التآمري، لكن أضيف أعداء جدد وتم ضمهم للقائمة، فانضمت كل من قطر وتركيا لأضلاع المؤامرة، وفي أحيان كثيرة يتم ضم دولتين أو أكثر ضمن المخطط التآمري المزعوم، فقد تكون قطر وتركيا(43)، أو قطر وإسرائيل(44)، أو تركيا وإسرائيل(45)، أو قطر والسودان والولايات المتحدة وجماعة الإخوان المسلمين(46)، أو جميع هذه الدول والكيانات مجتمعة، بالإضافة بالطبع إلى الولايات المتحدة. فيما تميزت “البوابة نيوز” بإضافة دول وشركات أوروبية ومنظمة الأمم المتحدة إلى قائمة المتآمرين مع أمريكا.(47)

لكن وسائل إعلام خرجت عن هذا الإجماع وأضافت دولا أخرى حليفة لنظام السيسي، فتساءلت صحيفة التحرير عما إذا كانت السعودية والإمارات تمولان عملية بناء السد، واتهمت الدولتين بإقامة مئات المشروعات التي تضخ العملة الصعبة في السوق الإثيوبي لتمويل بناء السد.(48) ونقلت صحيفة الشروق عن مصادر سودانية رسمية أن شركات تابعة لرجل أعمال سعودي تدير إنشاءات مشروع السد مع شركة إيطالية.(49)

أحاديث المؤامرة اتسعت لتشمل جوانب أخرى غير التمويل والدعم، فقد نشرت صحف مصرية عديدة تصريحات لرجل يقدم نفسه باعتباره نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، يقول فيها إن الولايات المتحدة تقوم بالتشويش على صور الأقمار الصناعية لسد النهضة لحجب أي معلومات عن مراحل بناءه.(50)

سادسا: الاستهزاء بإثيوبيا:

يعتمد خطاب المؤامرات على استهزاء غير مباشر بإثيوبيا وقدراتها، فهو يتضمن تقديرا بأنها لا تستطيع بناء سد على النيل بمفردها وتحتاج إلى مساعدة خارجية، سواء في التخطيط أو التنفيذ. الاستهزاء بإثيوبيا مقابل تعظيم القدرات الذاتية يظهر في مقال صحيفة الوفد يقدر فيه الكاتب الزمن الذي تحتاجه مصر لضرب سد النهضة بساعة واحدة فقط.(51) وقامت صحيفة أخرى بفبركة تقرير مكذوب نقلا عن المخابرات الأمريكية يتحدث عن امتلاك مصر طائرات تمكنها من ضرب سد النهضة خلال 24 ساعة.(52)

يتجذر هذا الاستهزاء في الرؤية المصرية لأفريقيا منذ سنوات. على سبيل المثال نشر أحد المواطنين خطايا موجها إلى رئيس الوزراء الإثيوبي في عهد مبارك، ونشره موقع “مصراوي”، وفيه وجه المواطن وصلة شتائم للمسئول الإثيوبي، مستنكرا أن يتطاول على “أسياده” المصريين، الذين يمتلكون جيشا يعد من أقوى 10 جيوش في العالم، معتبرا أن مصر لن تحتاج إلا إلى ساعات قليلة إذا أرادت احتلال كل دول حوض النيل التسعة، لكنها تضع في اعتبارها “الأخوة الأفريقية” حسب تعبيره (ويبدو أن هذه الأخوة الأفريقية لا تتعارض مع كون المصريين أسياد الإثيوبيين حسبما قاله المواطن).(53)

 

سابعا: بين مرسي والسيسي

أثار اختلاف تغطية الإعلام المصري لقضية سد النهضة بين عهدي مرسي والسيسي انتباه المراقبين والمحللين، فما بين الهجوم على مرسي واتهامه بالتخلي عن حقوق مصر والتفريط فيها، إلى دعم السيسي في سياسته تجاه التعامل مع السد وعدم تحميله أي مسؤولية عن أي أداء سلبي. لدرجة أن هذا الاختلاف أصبح مادة لتقارير صحفية وتلفزيونية عديدة.(54)

على سبيل المثال، حرصت صحيفة اليوم السابع على أن تنسب الفضل للسيسي وحده عندما كان هناك اتجاه للتوافق حول سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، فخرجت الصحيفة عقب توقيع اتفاق المبادئ بين الدول الثلاثة حول السد بعنوان يقول “السيسي حلها”(55) أما عندما ظهرت المشاكل بعد ذلك وتعثرت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا، فقد خرجت الصحيفة بعنوان “إثيوبيا تخدعنا”(56) بتوزيع المسؤولية على الجميع وتجهيل المسؤول عن أي إخفاق، رغم إشارتها السابقة إلى دور السيسي في الاتفاق الأول.

أما في حالة إبداء أي تذمر أو معارضة لسير الأمور بخصوص سد النهضة، فيقتصر الهجوم على وزير الري أو وزير الخارجية أو رئيس الوزراء، دون المساس بالسيسي.

فبعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ مباشرة، توجه الكاتب الصحفي “سليمان جودة” بمجموعة من الأسئلة حول تلك الاتفاقية، التي أكد أنها لا تحتوي على “حرف واحد” يضمن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل. لكن الملاحظ أنه توجه بهذه الأسئلة إلى وزير الري “حسام المغازي” وليس إلى السيسي الذي قام بالتوقيع على الاتفاقية بنفسه. ومطالبا الوزير بالرد على تلك الأسئلة بـ “شفافية كاملة وصراحة تامة”.(57)

ولم يجد المذيع جابر القرموطي سوى وزير الري لمهاجمته أكثر من مرة على سير المفاوضات مع إثيوبيا بخصوص سد النهضة وتحميله المسؤولية، ومتهما إياه بالخداع.(58) وقبل ذلك كان قد هاجم حكومة رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب حول ذات الموضوع.(59)

أما عن الموقف من وزير الخارجية فقد اختلف ما بين الإشادة والانتقاد، وكان لكل رد فعل أهدافه المختلفة.

فقد جاءت الإشادة بوزير الخارجية عقب إطاحته بميكروفون قناة الجزيرة أكثر من مرة قبل إدلاءه بالحديث أمام وسائل الإعلام عقب انتهاء جولات المفاوضات مع إثيوبيا(60)، وكانت الإشادة بهدف صرف الأنظار عن تردي سير المفاوضات وصعوبة موقف مصر. على اعتبار أن تخلي مصر عن الاتفاقيات السابقة بخصوص النيل ينقص من حقوق مصر التاريخية في نهر النيل.(61)

بعض الصحف لم تكتف بالإشادة وإنما قامت بالترويج لوسم يصف الوزير بـ “أسد الخارجية” على مواقع التواصل الاجتماعي(62)، ونسجت وسائل إعلام سيناريوهات وهمية لتبرير تصرف الوزير، منها الادعاء بأن ميكروفون الجزيرة كان يهدف إلى نقل أحاديث أعضاء الوفد المصري، رغم أنه مؤتمر صحفي حضرته جميع وسائل الإعلام وليس الجزيرة فقط، كما أن الإبعاد اقتصر على ميكروفون الجزيرة فقط دون أي قنوات أخرى.

أما عن الهجوم فكان لنفس أهداف الهجوم على وزير الري أو رئيس الوزراء، وهو التغطية على مسؤولية رئيس الجمهورية الأولى عن الملف، خاصة أن الوزراء هم مجرد منفذين للسياسات التي يضعها الرئيس.(63)

لكن هذا الهجوم لم يؤد إلى صرف الأنظار عن مسؤولية الرئيس، خاصة مع المقارنة الدائمة التي اتبعها مراقبون ووسائل إعلام مثل قناة الجزيرة للموقف الإعلامي تجاه نفس القضية في عهد مرسي وفي الوقت الحالي.(64)

محاولة استجلاب أي نصر معنوي ظهر أيضا في الاحتفاء الإعلامي بقيام ما يسمى “الجيش المصري الإلكتروني” باختراق موقع سد النهضة على شبكة الإنترنت.(65)

رغم ذلك لم يخل الخطاب المصري من تحميل مرسي المسؤولية رغم مرور أكثر من عامين على الإطاحة به من منصبه. فقد وصف وزير الخارجية سامح شكري اجتماع مرسي مع عدد من السياسيين لمناقشة موضوع سد النهضة وتم بثه على الهواء مباشرة بأنه كانت له “نتائج مدمرة” على علاقة مصر بإثيوبيا والكثير من الدول الإفريقية، وفقا لقوله.(66)

وحرصت صحيفة الوفد في إطار إشادتها بأداء السيسي في ملف سد النهضة على المقارنة بينه وبين “الأضرار” التي تسبب بها مرسي وأجبرت السيسي على فتح صفحة جديدة، مع التلميح إلى أن أي انتكاسات بخصوص الملف قد تحدث بعد ذلك إنما يتحملها مرسي وليس السيسي.(67)

ثامنا: حلول بديلة

استهدف عدد من المسئولين ووسائل الإعلام المصرية تقديم خطاب “طمأنة” للشعب المصري بخصوص أزمة سد النهضة، عن طريق الإيحاء بوجود حلول بديلة لنهر النيل في حالة تأثر حصة مصر من المياه بعد بناء السد.

شملت جهود الطمأنة تلك الترويج لمشروع يربط بين نهر النيل ونهر الكونغو، لتعويض كميات المياه التي ستفقدها مصر أثناء فترة بناء سد النهضة، وهو المشروع الذي يتم الحديث عنه بشكل دوري في وسائل الإعلام منذ عدة سنوات. وتشكل فريق عمل سمى نفسه “مشروع تنمية إفريقيا وربط نهر الكونغو بنهر النيل” وهو الفريق الذي ادعى أن المشروع “أخذ كوداً سرياً من الأجهزة السيادية وأصبحت دراسته ملف أمن قومي سري جداً”(68) وأعلن إبراهيم الفيومي رئيس المشروع في مايو عام 2014 أن الحكومة المصرية وافقت على إنشاء شركة مساهمة مصري تتولى تنفيذ المشروع، وأنه تم الاتفاق مع الهيئة العربية للتصنيع على صناعة معدات المشروع.(69) كما زعم بأن الجيش يدعم مشروعه.

وزعم الفيومي إن إسرائيل تتحكم بالكامل في قرارات أثيوبيا، وأن “أديس ابابا”، أكبر محطة للموساد الإسرائيلي، كما زعم أن هناك طابقا كاملا في وزارة الري الإثيوبية للخبراء الإسرائيليين، وأن وزير الخارجية الإسرائيلي السابق “أفيجدور ليبرمان” كان يسوق لسد النهضة في بنوك وهيئات أوروبا.(70)

استقبل أنصار النظام هذه الأنباء باحتفاء شديد، وتداول بعضهم منشورا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد أن السيسي “فاجأ العالم كله” بمشروع ربط نهر النيل بنهر الكونغو، لتوفير 120 مليار متر مكعب من المياه سنويا، وطاقة كهربائية قوتها 300 تريليون وات، وبذلك أصبح سد النهضة لا قيمة له. وقد احتفى بهذا المنشور عشرات الآلاف من مؤيدي النظام ونشروه على صفحاتهم وحساباتهم. إلا أن آخرين شككوا في مصداقيته، لكن دون أن يغيب عنهم هاجس المؤامرة، فاتهموا مدير الصفحة التي نشرت المنشور بأنه “إخواني” يهدف إلى تشويه صورة السيسي بنشر أخبار كاذبة عنه.(71)

استمر هذا الجدل حتى الآن رغم أن وزارة الري أعلنت رسميا رفضها لهذا المشروع لاستحالة تنفيذه على أرض الواقع وافتقاده لأي تفاصيل فنية أو علمية، وعدم استطاعة مصر نقل مياه النيل خارج دول الحوض.(72) كما تبرأت القوات المسلحة من المشروع وصاحبه،(73) الذي اتهم وزارة الري بتضليل القيادة السياسية. كما استمرت بعض وسائل الإعلام في طرح فكرة المشروع واصفة إياه ب “أمل مصر لتعويض حصتها من المياه”.(74)

وبعد التعثر الواضح في مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة ثانية، والتصريحات الإثيوبية التي تؤكد المضي في بناء السد دون الاهتمام بالاعتراضات المصرية، أعلن وزير الموارد المائية والري المصري حسام المغازي عن اكتشاف بئر مياه جوفية يكفي لأكثر من 100 عام، وسيتم استخدامه في مشروع استصلاح مليون ونصف مليون فدان كان السيسي قد أعلن عنه.(75) أما عن المنطقة التي يغطيها الخزان الجوفي الجديد، فقد أكد الوزير أنه يغطي 85% من مساحة مصر.(76)

احتفت وسائل الإعلام المصرية المؤيدة للنظام بهذا “الاكتشاف”، الذي سيغني مصر عن مياه النيل، واعتبر المذيع “أحمد موسى” أن المياه المكتشفة أفضل من المياه المعدنية الموجودة في مصر وأنظف مياه في العالم، وأن مصر لن تكتفي باستهلاكها وإنما ستبيعها بأموال كثيرة.(77)

إلا أن صحيفة “المصري اليوم” كشفت في نفس اليوم أن الخزان الجوفي الذي تحدث عنه الوزير تم اكتشافه بالفعل منذ خمسينيات القرن الماضي.(78) وهو ما دفع الوزير للتراجع مؤكدا أن الحديث عن اكتشاف خزان جوفي جديد “غير صحيح”.(79) كما هاجم خبراء مياه تصريحات الوزير مؤكدين أنها تضر بموقف مصر في محادثات سد النهضة، وأن مياه الخزان غير متجددة، وتكفي فقط لاستصلاح مناطق محدودة بالصحراء الغربية.(80) وأعلنت شعبة الجيولوجيا بنقابة العلميين المصريين في بيان رسمي أن الخزان الجوفي الذي تحدث عنه الوزير معروف لجميع الباحثين والمشتغلين في هذا القطاع من عشرات السنين وليس اكتشافا جديدا. وأن الحديث وجود احتياطيات تكفي لمدة 100 عام لا يستند إلى أي دراسات علمية.(81)

 

تاسعاً: حلول ساخرة:

امتدت الحلول المقترحة إلى طرح أفكار غريبة وطريفة أثارت سخرية واسعة من المتابعين، نسب معظمها إلى عسكريين متقاعدين تستضيفهم وسائل الإعلام المصرية بصفتهم “خبراء استراتيجيين”. من أمثلة هذه الحلول:

  1. زراعة شجر موز

قال اللواء المتقاعد “عبد الرافع درويش” في لقاء على قناة “التحرير” أنه يملك حلا لمشكلة سد النهضة عن طريق زراعة “10 مليون شتلة” أشجار الغابات، وعشرة ملايين شتلة موز بالأنسجة في مصر وأثيوبيا والسودان، وهو ما سيؤدي إلى أن تصبح هذه المناطق ممطرة وتنتفي حاجة أثيوبيا إلى سد النهضة خلال 10 سنوات فقط، واصفا ما قاله بأنه “الحل السحري”.

لم يكتف اللواء المتقاعد بهذا الحل، وإنما أكد أيضا أن مصر تمتلك ثلث مساحة أثيوبيا وأوغندا، وأنه يمتلك العقود التي تثبت ذلك، على حد قوله. وإذا لم تنجح مصر في التوصل إلى حل من تلك الحلول فليس أمام مصر إلا ضرب السد.

  1. انهيار السد تلقائيا

دعا اللواء المتقاعد حسام سويلم، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجيش المصري إن مصر يجب أن تنتظر ولا تفعل شيئا تجاه السد لأنه سينهار تلقائيا، لأنه مقام على تربة رخوة، على حد قوله. وتوقع سويلم أن يؤدي هذا الانهيار إلى إغراق إثيوبيا والسودان وامتلاء بحيرة السد العالي في مصر واندفاع المياه إلى الوادي الجديد.(82)

  1. ملكية مصر لأراضي السد

ظهرت في بعض وسائل الإعلام المصري سيدة تدعى “هايدي فاروق” قائلة إنها تمتلك مستندات تثبت أن مصر قامت بشراء الأرض التي تم بناء “سد النهضة” الإثيوبي عليها كأملاك خديوية، وأن ثمنها تم سداده على أقساط انتهت عام 1995.(83)

لكن على مواقع التواصل الاجتماعي قيلت الرواية بتفاصيل مختلفة قليلا، إذ روجت صفحات مؤيدة لنظام مبارك أن عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الراحل كان قد قام بإمداد السيدة هايدي فاروق بالوثائق التي تثبت امتلاك مصر لأرض تسمى “الأهوار” في إثيوبيا التي هي نفسها الأرض التي يتم بناء السد عليها، وأن آخر أقساط ثمن الأرض دفع في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأن هناك قضية بهذا الصدد تم رفعها أمام “المحاكم الدولية”.(84)

  1. المشاركة الشخصية في ضرب السد

لم تقتصر الحلول الغريبة على الخبراء العسكريين، وإنما شارك بعض أعضاء البرلمان المصري الجديد في طرح أفكار مماثلة، كما تحتوي على خطاب استعلائي واستهزاء بالإثيوبيين.

من هؤلاء النائب “سعيد حساسين” الذي صرح في لقاء تلفزيوني على قناة “العاصمة” إنه يجب الذهاب للمحكمة الدولية بعد تحديد مدة زمنية لحل أزمة السد، وحال الفشل فإن المصريين يجب أن يذهبوا للموت غي إثيوبيا. مضيفا إنه لو ترك الشعب المصري فإنه “سيأكل” إثيوبيا، في إشارة إلى التنكيل بالإثيوبيين، معربا عن استعداده للالتحاق بالجيش المصري لضرب إثيوبيا، بدلا من الموت عطشا، حسب قوله.(85)

  1. تجنيد العفاريت

رأى الداعية السلفي “أحمد النقيب” أن مصر يجب عليها أن تفعل ما بوسعها حتى لو قامت بتجنيد الجني والعفاريت. وتخيل النقيب نفسه يخاطب أحد هؤلاء العفاريت ليستحثه على القيام بتدمير السد وإراحة مصر من أخطار السد المحتملة. ووصف الداعية السلفي السد بأنه مشروع “إسرائيلي” مؤكدا أن إسرائيل لها وجود قوي في إفريقيا يهدف إلى إيذاء مصر.(86)

 

عاشراً: الخطاب الإعلامي تجاه السودان

رغم حاجة مصر الملحة لاكتساب السودان إلى صفها في المفاوضات مع إثيوبيا، إلا أن خطاب الإعلام المصري تجاه السودان ساهم بشكل كبير في توتير العلاقات الثنائية بشكل قد يؤدي إلى فقدان مصر لمساندة جارها التاريخي.

فقد استمرت نفس النبرة الاستعلائية التي ميزت خطاب الإعلام المصري في حديثه عن السودان، حتى إن عددا من الكتاب والصحفيين والإعلاميين اتهم السودان صراحة بالتخلي عن مصر ودعم موقف إثيوبيا في مفاوضات سد النهضة. وكأن السودان من المفترض أن تتبع مواقف مصر بحذافيرها حتى لو كانت لا ترى في السد خطرا كبيرا عليها، وإلا يعتبر ذلك “خيانة”.

في هذا الإطار برزت قضيتين أساسيتين: الأولى هي قضية مثلث “حلايب وشلاتين” الحدودي المتنازع عليه بين مصر والسودان، وهي قضية يتم إثارتها بشكل دوري بين الجانبين. ودائما ما يهاجم الإعلام المصري بشدة أي تصريحات سودانية تفيد بأن المنطقة تنتمي إلى السودان.(87)

وقد كشف الرئيس السوداني عن السبب الذي جعله يطلق تصريحاته الأخيرة بشأن انتماء حلايب للسودان، معربا عن غضبه من أداء الإعلام المصري بخصوص العلاقات المصرية السودانية، واصفا إياه ب “الرديء” و”المؤجج للصراعات”.(88)

وركز البشير في لقاء تلفزيوني على ترويج الإعلام المصري للانتخابات البرلمانية في حلايب بشكل أستفز الشعب السوداني “مما أحرجني كرئيس واضطررت لأخذ موقف من أجل حق شعبي في قضية حلايب” حسب قوله. كما نفى البشير اتهامات الإعلام المصري للسودان بالتحالف مع إثيوبيا.(89)

أما القضية الثانية فكانت تعامل الإعلام المصري مع القبض على عدد من المواطنين السودانيين في مصر بتهمة الاتجار في العملة وتعذيبهم داخل أقسام الشرطة في نوفمبر 2015، ومقتل ١٥ سودانيًا لدى محاولتهم التسلل إلى إسرائيل. فقد أثار هذان الحادثان غضبا كبيرا في السودان التي سلمت مذكرة رسمية لوزارة الخارجية المصرية احتجاجا على ما حدث. وعبر عضو البرلمان السوداني “أبو القاسم برطم” صراحة عن أصل المشكلة، قائلا إن المصريين مازالوا ينظرون إلى السودانيين “نظرة استعلائية ونظرة المستعمر”، على حد قوله.(90)

ومن الملاحظ أن الخطاب الاستعلائي التصعيدي امتد أيضا إلى من يفترض أنهم خبراء وباحثين. فقد اتهم هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، السودان باصطناع الأزمة وتضخيمها تمهيدا للإعلان عن تأييد إثيوبيا في موضوع سد النهضة ضد مصالح مصر المائية. واعتبرت صحيفة “البوابة نيوز” أن السودان “تقامر بعلاقاتها مع مصر”.(91)

حادي عاشر: أزمات الخطاب الإعلامي المصري

أثارت تغطية الإعلام المصري لقضية العلاقات مع السودان وإثيوبيا وقضية سد النهضة استياء كبيرا من الدولتين ومسئوليهما، حتى إن وزارة الخارجية نفسها أعربت أكثر من مرة عن غضبها من الخطاب الإعلامي في مصر وتسببه في أزمات لا داعي لها. وكان آخرها وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية تغطية الاحتجاجات الأخيرة في إثيوبيا بأنها تمت بشكل غير مسئول وأسلوب جاهل.(92)

كما نفى المتحدث باسم الوزارة تصريحات نشرت في الإعلام المصري ونسبت إلى وزير الخارجية الإثيوبي تفيد بأن مصر أضعف من أن تدخل في حرب مع إثيوبيا، متهما الإعلام المصري بإشعال الموقف بين القاهرة وأديس أبابا.(93)

ووصف خبير الشؤون الإفريقية هاني رسلان تعامل الإعلام المصري مع التظاهرات الإثيوبية الأخيرة بأنه “تعامل فج بعيد عن المهنية”، خاصة إيحاءه بسعادة مصر نتيجة هذه التظاهرات.(94)

واشتكى وزير الري المصري “حسام المغازي” من تسبب بعض وسائل الإعلام المصرية في صعوبات خلال مفاوضات الجانب المصري مع إثيوبيا لنشرها معلومات غير دقيقة.(95)

واعتبر خبراء إعلاميون أن أداء الإعلام يسبب ضررا في قضية سد النهضة، خاصة تصريحات إحدى المذيعات التي قالت إن مصر تستطيع ضرب السد ولديها قوة عسكرية لتدميره.(96) وانتقد رئيس الجمعية العربية للمياه حديث الإعلام المصري عن قضية السد بشكل غير منطقي وغير متخصص(97).

أما عن المسئولين الإثيوبيين فقد عبروا أكثر من مرة عن استياءهم من ذلك الخطاب، منهم السفير الإثيوبي،(98) الذي كان قد تعرض إلى موقف محرج مع إحدى المذيعات المصريات التي أغلقت الهاتف في وجهه بعد مشادة كلامية بينهما إثر اتهامه لها ب “التعالي” في الحديث معه، وهو ما تسبب في أزمة دبلوماسية تم تداركها.(99) كما اضطر وزير المياه الإثيوبي إلى تكذيب الإعلام المصري عندما نشر معلومات غير صحيحة حول السد.(100) وأثار رسم كاريكاتيري عنصري في أحد المواقع المصرية ردود فعل غاضبة من مواطنين إثيوبيين على موقع تويتر، بعد أن قام بتصوير الإثيوبيين على أنهم بدائيون وهمج.(101)وأرجع السفير السوداني في القاهرة سبب تفاقم أزمة السد إلى الإعلام المصري الذي يقوم بتشويه الحقائق.(102)

وانتقد وزير الري والمياه والكهرباء الإثيوبي “موتوما مكاسا” بعض وسائل الإعلام المصرية، بشأن طريقة تناولها لأزمة سد النهضة، قائلا إن ما تنشره من معلومات غير صحيح ومغلوط، الأمر الذي يؤثر بالسلب على المفاوضات الجارية حول السد.(103)

 

ثاني عشر: خطاب مغاير

لم يحصل الحديث العقلاني الذي يدعو إلى تغليب المصلحة المشتركة للبلدين إلا نصيب ضئيل للغاية من الخطاب الإعلامي المصري. وكان مقال الصحفي “ماجد عاطف” في صحيفة “المصري اليوم” أحد التمثلات النادرة لهذا الخطاب في الإعلام المصري.

يفند الكاتب في مقاله الحديث عن الأخطار المحتملة من بناء السد، والتي يمتلأ بها الفضاء الإعلامي في مصر، إما لافتقاده للدقة أو لنقص المعلومات أو استغلال القضية سياسيا، معتمدا على قراءات ودراسات تؤكد أن السد في حد ذاته ليس خطرا على مصر، بل قد يكون مفيدا لها، لأنه سد لتوليد الكهرباء وليس لتوفير مياه الري. لذلك يمكن أن يكون السد “صفقة رابحة للجميع”.

وشبه الكاتب بناء السد بالنسبة للإثيوبيين بقيام مصر ببناء السد العالي في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، مستنكرا أن تتوجس مصر خيفة من سد تبنيه أحد جيرانها رغم مرورها بنفس التجربة سابقا.(104)

 

الخلاصة

اتبع الإعلام المصري في بداية عهد السيسي خطاباً متوافقاً مع توجهات السياسة الخارجية المعتمدة على الحوار والتفاهم، خاصة بعد توقيع التفاهم الثلاثي بين مصر والسودان وإثيوبيا في مارس 2015، عكس الخطاب الذي تبنوه في أواخر عهد مرسي من المطالبة باستخدام القوة والتحريض على ضرب السد.

لكن سرعان ما عاود الإعلام المصري اتباع خطاب حاد يركز على مخاطر السد على الحياة في مصر ويضخم من تأثيراته، ويتعامل مع إثيوبيا باعتبارها اعتدت على حق من حقوق مصر، كما يصور الإثيوبيين باعتبارهم مخادعين ومتطاولين على المصريين، وذلك بعد تعثر المفاوضات مع إثيوبيا في الأشهر الأخيرة من 2015. وكانت نسبة الخطاب الإعلامي العقلاني الذي يدعو إلى تغليب الحوار والمصلحة المشتركة ضعيفة. وبذلك ساهم الإعلام المصري في تفاقم المشكلة بدلا من المساعدة على حلها (105).

 

المصادر والمراجع

  1. إبراهيم، دينا. (2015، ديسمبر) تقدير استراتيجي: السياسة الخارجية المصرية تجاه سد النهضة الإثيوبي. المركز الديمقراطي العربي. الرابط
  2. اتجاهات التناول الصحفي لمشروع سد النهضة الأثيوبي في الفترة من 29 مايو/ آيار إلى 10 يونيو/ حزيران 2013. مركز الرؤية لدراسات الرأي العام.
  3. بيبرس، راجي. (2015، مارس) مصر وأثيوبيا وما وراء سد النهضة. بوابة الاشتراكي. الرابط
  4. بيلاي، يشيواس. الإعلام في الشؤون السياسية لحوض النيل.. التغطية الاعلامية لسد النهضة. عرض موجز على موقع أصوات مصرية
  5. حمدي، عماد. (2016، يناير) الموقف التفاوضي المصري في أزمـة سد النهضة.. التحديات والخيارات. السياسة الدولية (203)، 176-179.
  6. رياض، محمد. (2016، يناير) مصر وسد النهضة الإثيوبي. السياسة الدولية (203)، 68-75.
  7. شافعي، بدر. (2015، ديسمبر) نحو استراتيجية مصرية تجاه إثيوبيا وسد النهضة. المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية. الرابط
  8. شبانة، أيمن. (2014، سبتمبر) المسارات المتوازية: كيف تدير مصر أزمة سد النهضة مع إثيوبيا؟ المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية. الرابط
  9. شومان، محمد. (2012، أبريل) تحليل الخطاب الإعلامي: أطر نظرية ونماذج تطبيقية. القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.
  10. ضلع، جمال. (2015، يناير) إدارة أزمة سد النهضة الإثيوبي، التداعيات والسيناريوهات. مركز الحضارة للدراسات الرابط
  11. عوض، شحاتة. (2016، يناير) مصر وسَدُّ النهضة: “وثيقة الخرطوم”.. مفاوضات إنقاذ ما يمكن إنقاذه. مركز الجزيرة للدراسات. الرابط
  12. غيث، مي. (2013، ديسمبر) أزمة سد النهضة والأمن المائي المصري. المركز العربي للبحوث والدراسات. الرابط
  13. فؤاد، خالد. (2016، يناير) سد النهضة: مصر وأزمة الخيارات الصعبة. المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية. الرابط

————————————-

الهامش

(1) “مطالب بإلغاء «اتفاقية سد النهضة» وضرب السد بسبب المماطلة الإثيوبية”، 13 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(2) “خبير سدود عالمي: ضرب سد النهضة بعد ملء الخزان يمحو مصر من “الخريطة” ويغطيها بالطمي”، صدى البلد، 6 يناير/ كانون الثاني 2016.

(3) “سمير غطاس: كل الخيارات متاحة أمام مصر إذا تعنتت اثيوبيا بشأن سد النهضة”، اليوم السابع، 13 يناير/ كانون الثاني 2016.

(4) “سيناريوهات ضرب سد النهضة بريًا وعسكريًا”، صوت الأمة، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(5) “بالفيديو.. رولا خرسا: السيسي يفكر في ضرب سد النهضة بحاملتي الطائرات ميسترال”، بوابة الفجر، 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2015.

(6) “سد النهضة.. السيسي يعود لحلول “مرسي” والتهديد بالحرب بعد “خراب مالطة”، وراء الأحداث، 14 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(7) أشرف عزب، “هداسي جاديب”، بوابة الوفد، 31 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(8) “تفاصيل الخطة المصرية لضرب سد النهضة”، صوت الأمة، 10 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(9) خالد فهمي، “يا أهلا بالمذابح”، الحساب الرسمي على فيسبوك

(10) “عبد الناصر أنهى مشكلة أول سد إثيوبي بخطاب للإمبراطور”، بوابة الصباح، 25 مايو/ آيار 2014.الرابط

(11) “أسماء نصار: فكرة إنشاء سد النهضة خرجت من “رحم” أمريكا و”عبد الناصر” أحبطها ببناء السد العالي.. زيناوى استغل ظروف مصر بعد ثورة يناير وأعلن بناءه.. وضاعف السعة التخزينية من 14 إلى 74 مليارًا”، اليوم السابع، 19 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(12) “حقيقة الخديوي إسماعيل مؤسس مصر الحديثة”، بوابة الوفد، 1 أغسطس/ آب 2014. الرابط

(13) ولاء الشيخ، “إسماعيل.. الخديوي المظلوم”، الدستور، 21 يونيو/ حزيران 2014. الرابط

(14) “سيد على: بتوع ازمة سد النهضة لبسونا في الحيط وفى عهد مبارك لم تجرؤ اثيوبيا على فعل شيء”، قناة العاصمة، 12 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(15) “طنطاوي”: إثيوبيا لم تجرؤ على بناء سد النهضة في عهد مبارك”، البوابة نيوز، 28 مايو/ آيار 2013. الرابط

(16) “وزير اعلام اثيوبيا: بدأنا سد النهضة في عهد “مبارك”.. ومصر لم تعد تملك حق الطعن عليه”، أموال الغد، 19 يونيو/ حزيران 2013. الرابط

(17) المسلماني يعرض فيديو نادر للمشير أبو غزالة حول رؤيته لنظرية الأمن القومي في مصر الرابط

وأيضا “المشير أبو غزالة يتحدث عن أزمة سد أثيوبيا” الرابط

(18) مجدي صابر، “سد النهضة.. قبل فوات الأوان”، بوابة الوفد، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(19) “الحياة اليوم -د/ حسام عيسى: مصر في عهد السادات اساءت لعلاقاتنا التاريخية مع اثيوبيا”، قناة الحياة، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(20) “رؤساء بإثيوبيا ناصر “الوحدة” والسادات “أفسدها” ومبارك “محاولة” اغتيال”، الوطن، 29 يناير/ كانون الثاني 2015. الرابط

(21) مثال لتواجد الرواية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي شهدت مشاركة من الآلاف الذين صدقوها وقاموا بترويجها.

(22) نيفين ياسين، “الرؤساء يصنعون التاريخ”، الوفد، 23 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(23) “السيسي يُجبــر إثيوبيـا على هدم “سد النهضة” وزيادة حصة مصر من المياه”، فيتو، 25 أغسطس/ آب 2013.

(24) “بالفيديو والصور.. “ضربة معلم”.. مصر الكبيرة تحرر الإثيوبيين المختطفين في ليبيا.. السيسي يوجه رسائل من مطار القاهرة للجيش الليبي: استعادة ليبيا أمانة في رقابكم..وللإثيوبيين: نحن شعب واحد ونتألم لألمكم”، اليوم السابع، 7 مايو/ آيار 2015.

(25) بطولات السيسي الوهمية.. صناعة المجد الزائف”، العربي الجديد، 6 يناير/ كانون الثاني 2016.

(26) “هيومن رايتس ووتش: 140 قتيلا على الاقل في قمع تظاهرات في اثيوبيا”، فرانس 24، 8 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(27) “بالفيديو والصور- منسق تنمية إفريقيا: تظاهرات بإثيوبيا لإسقاط الحكومة.. والأورومو يرفضون سد النهضة”، مصراوي، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(28) “ناشط إثيوبي لـ”الوطن”: الحياة توقفت في أديس أبابا.. ومفاوضات السد راحت في 60 داهية”، الوطن، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(29) “الأورومو: الحكومة الإثيوبية تقطع جميع الاتصالات عن المتظاهرين”، فيتو، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(30) “ضباط الجيش والشرطة ينضمون لصفوف الثوار في إثيوبيا”، البوابة نيوز، 23 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(31) “5 قبائل كبري تنضم لانتفاضة إثيوبيا والمتظاهرون يقطعون الطريق إلي سد النهضة”، بوابة الوفد، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(32) “بالصور.. العلم المصري يشارك في الثورة الإثيوبية”، التحرير، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(33) “حقيقة صورة رفع علم مصر في مظاهرات في إثيوبيا”، ده بجد. الرابط

(34) كواليس سقوط “سد النهضة” بقبضة المعارضة الإثيوبية: الحكومة خلعت “الدش” من فوق المنازل.. “وظلم عرقي” وراء ثورة 40% من السكان”، صدى البلد، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(35) “صحيفة إثيوبية: مصر “عدو” تسعى للاستفادة من الاضطرابات في أوروميا”، دوت مصر، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(36) “الربيع الإثيوبي.. الحكومة تقمع المتظاهرين وتصفهم بالانفصاليين.. اتهامات بالحرب المسلحة ضد الدولة.. وصحيفة محلية: المخابرات المصرية وراء التظاهرات”، البوابة نيوز، 23 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(37) “شعب الأورومو يطالب الرئيس السيسي بدعم ثورتهم لإسقاط النظام الإثيوبي”، صدى البلد، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(38) “مقتل 75 شخصا أطلقت قوات الأمن النار عليهم خلال احتجاجات في إثيوبيا”، اون تي في، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(39) “بالفيديو.. حركة «الأورمو» الإثيوبية تتوعد باجتياح «أديس أبابا» عسكريًا”، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(40) “حوار| قيادي «الأوروموا» الإثيوبي: الحكومة تبني سد النهضة لـتعطيش مصر”، التحرير، 23 ديسمبر 2015.

(41) “الأورومو في إثيوبيا.. أغلبية لا تحكم يتوقون لـعبد الناصر”، البديل، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(42) “بالفيديو والصور.. حركة أورومو الإثيوبية لغم تفجير سد النهضة”، فيتو، 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(43) “السفير المنيسي: قطر مصابة بـ«عقدة نقص».. وتحالفها مع تركيا يتولى إنشاء سد النهضة”، الشروق، 2 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(44) “نصر الدين علام في حواره لـ”البوابة”: إسرائيل وقطر تمولان “سد النهضة” ونعيش عصر العطش”، البوابة نيوز، 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2015

(45) “الوطن” تكشف كواليس “تعطيش مصر” برعاية تركية – إسرائيلية”، الوطن، 24 أبريل/ نيسان 2015.

(46) مثال ذلك مقال رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة اليوم السابع بعنوان “الصيد العكر في مياه النيل خلف سد النهضة لقتل المصريين”، اليوم السابع، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(47) “الدور الأمريكي في سد النهضة.. شركات أوروبية تتولى تجهيز المعدات من خلال أخرى عسكرية إثيوبية.. والأمم المتحدة تتولى الدعاية لجلب الأموال للسد على مواقعها”، البوابة نيوز، 4 يناير/ كانون الثاني 2016

(48) “هل تساهم الاستثمارات السعودية والإماراتية بإثيوبيا في بناء سد النهضة؟”، التحرير، 7 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(49) “الشروق تكشف.. ملياردير سعودي يساهم في بناء سد النهضة”، الشروق، 19 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(50) “مسئول بعلوم الفضاء: أمريكا تشوش على صور الأقمار الصناعية لسد النهضة”، اليوم السابع، 29 ديسمبر/ كانون الثاني 2015.

(51) جمال يونس، “أفكار متقاطعة”، بوابة الوفد، 16 ديسمبر/ كانون الثاني 2015.

(52) “تقرير المخابرات الأمريكية يفجر المفاجأة: مصر تمتلك طائرات تمكنها من ضرب سد النهضة خلال 24 ساعة”، بوابة الصباح، 5 مايو/ آيار 2014.

(53) إيهاب فكري، “رئيس وزراء اثيوبيا انت بتلعب في عداد عمرك”، مصراوي، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010.

(54) على سبيل المثال، كان هذا موقف المذيع عمرو أديب من السد بين العهدين “أديب أيام مرسي: سد النهضة هيموتنا.. وفي عهد السيسي: ده جميل”، رصد، 24 مارس/ آذار 2015.

(55) اليوم السابع، 24 مارس/ آذار 2015.

(56) اليوم السابع، 13 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(57) سليمان جودة، “دبرنا يا دكتور مغازي”، المصري اليوم، 24 مارس/ آذار 2015.

(58) “أسامة كمال عن إلقاء شكري ميكروفون الجزيرة: المراسل تعمد نقل أحاديث جانبية”، المصري اليوم، 13 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(59) “بالفيديو.. القرموطي يهاجم الحكومة بسبب “سد النهضة”، الوطن، 22 يوليو/ تموز 2015. الرابط

(60) “من النهاردة مافيش جزيرة”.. وزير الخارجية يطيح بـ”مايك” فضائية بث الفتنة من منصة اجتماعات سد النهضة بالخرطوم.. سامح شكري نجح في إحباط محاولة مندوبي القناة القطرية لنقل أحاديث الوفد المصري الجانبية” اليوم السابع، 12 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(61) “طلع الدكر وميصحش كدة.. أهم ردود الأفعال على “موقعة المايك”، دوت مصر، 13 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(62) “بالفيديو.. مستخدمو “تويتر” يحتفون بـ”أسد الخارجية”.. “سامح شكري الدكر” هاشتاج جديد بعد واقعة إبعاد “ميكرفون الجزيرة”.. سيل من التغريدات دعما له عبر 5 هاشتاجات ضمن الأكثر تداولا.. وهجوم لاذع على قطر” اليوم السابع، 12 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(63) رولا خرسا لسامح شكري: موقفك مع ميكرفون الجزيرة هل كافي في ازمه سد النهضة”. الرابط

(64) “فيديو.. القرموطي: وزير الري بيضحك علينا في أزمة سد النهضة” مصر العربية، 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. الرابط

(65) “الجيش المصري الإلكتروني” يخترق موقع سد النهضة الإثيوبي” الوطن، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(66) “عن سد النهضة.. وزير الخارجية: اجتماع «مرسي» كان مدمرا.. ونعمل للفوز المشترك”، الشروق، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(67) “فيديو.. كوميديا مرسي وحسم السيسي في ملف النهضة”، الوفد، 23 مارس/ آذار 2015. الرابط

(68) بالمستندات: “مشروع نهر الكونغو” يرد على ادعاءات وزارة الري”، بوابة الفجر، 21 فبراير/ شباط 2015. الرابط

(69) “دخول مشروع ربط نهر الكونغو بالنيل حيز التنفيذ”، موقع إم بي سي، 10 مايو/ آيار 2014. الرابط

(70) “رئيس مشروع نهر الكونغو: “الري” سلمت معلومات خاطئة للرئيس حول المشروع.. وطابق كامل لخبراء إسرائيل بإثيوبيا.. والملف يتطلب تفاوض المخابرات المصرية.. و”الخارجية” ارتكبت خطأ فادحا لعدم تدويل القضية” البوابة نيوز، 24 مارس/ آذار 2015. الرابط

(71) رابط المنشور والتعليقات الخاصة به.

(72) مصر تعلن رسمياً رفضها ربط نهر الكونغو بالنيل، العربية نت، 19 يناير/ كانون الثاني 2015. الرابط

(73) «القوات المسلحة» تتبرأ من «مشروع نهر الكونغو»، المصريون، 12 مارس/ آذار 2015. الرابط

(74) نهر الكونغو.. الأمل لتعويض حصة مصر من المياه، بوابة الوفد، 28 مارس/ آذار 2015. الرابط

(75) “وزير الري يعلن اكتشاف مصدر جديد للمياه يكفي 100 عام”، الوطن، 18 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(76) “وزير الري: الخزان الجوفي المكتشف بالمنيا يغطى 85% من مساحة مصر”، اليوم السابع، 18 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(77) “فيديو| موسى عن بئر النوبة: “أحسن ميه وممكن نبعها بفلوس كتير”، دوت مصر، 18 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(78) مفاجأة .. وزير الري يُعيد اكتشاف «الخزان النوبي» بعد اكتشافه بـ«نصف قرن»، المصري اليوم، 18 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(79) “وزير الري يوضح حقيقة اكتشاف خزان جوفي جديد في المنيا”، الوطن، 18 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(80) “خبراء مياه: تصريح «الوزير» يضر بمصالح مصر.. والخزان غير متجدد”، الوطن، 18 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(81) “ضرر وزير الري أكبر من ضرر سد النهضة”، التحرير، 22 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(82) فيديو.. اللواء حسام سويلم: “سد النهضة هيقع لوحده”، مصر العربية، 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2015. الرابط

(83) “مفاجأة .. أرض سد النهضة “مصرية” منذ عام 1902″، النبأ، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(84) مثال.  الرابط

(85) سعيد حساسين: “مستعد اتجند في الجيش واروح أموت في إثيوبيا”، قناة العاصمة، 22 يناير 2016. الرابط

(86) داعية سلفي: “عايزين نجند عفريت يدمر سد النهضة”، الوطن، 16 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(87) كانت آخر تلك التصريحات ما قاله الرئيس السوداني عمر البشير حول الموضوع ورد الإعلام المصري عليه، مثال: “البشير يحاول إثارة «غضب» مصر”، الوطن، 20 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(88) “عمر البشير يهاجم الإعلام المصري ويصفه بـ”الرديء”، عربي 21، 3 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(89) “بالفيديو| الرئيس السوداني: “نعم.. الإعلام المصري أحرجني”، الوطن، 3 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(90) “السودان تقامر بالعلاقة مع مصر: ليست “دولة شقيقة”، البوابة نيوز، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.

(91) مصدر سابق.

(92) “الخارجية: هناك وسائل إعلام مصرية تناولت احتجاجات إثيوبيا بأسلوب جاهل”، الوطن، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2015.

(93) “الخارجية: هناك من يعبث في الإعلام المصري بشأن سد النهضة”، أخبار اليوم، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.

(94) “خبراء: هذه حقيقة مظاهرات إثيوبيا.. وكيف تستفيد مصر منها”، دوت مصر، 22 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(95) “وزير الري: وسائل الإعلام سبب تعثر مفاوضات سد النهضة”، إعلام أورج، 2 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(96) “الشريف: تضامن الإعلام مع أزمة “سد النهضة” يكون بالصمت وعدم الإساءة للدبلوماسية المصرية”، صدى البلد، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(97) “خبير مائي: الإعلام المصري يتناول «سد النهضة» بشكل غير متخصص”، محيط، 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. الرابط

(98) “فيديو.. سفير إثيوبيا في القاهرة: الإعلام لم يوفق في تناول المباحثات الثلاثية حول سد النهضة”، الشروق، 8 ديسمبر/ كانون الأول 2015. الرابط

(99) “بالفيديو.. رانيا بدوي تهدد مستقبل مصر المائي.. أغلقت الهاتف في وجه سفير إثيوبيا بالقاهرة.. أديس أبابا تعترض على إهانة ممثلها بمصر.. و”الخارجية” تتحرك لتهدئة الموقف”، البوابة نيوز، 19 يونيو/ حزيران 2014. الرابط

(100) “إثيوبيا: بناء سد النهضة مستمر ومعلومات الإعلام المصري غير صحيحة”، فيتو، 1 يناير/ كانون الثاني 2016. الرابط

(101) “رد فعل غاضب لأثيوبيين على كاريكاتير عنصري بأحد الجرائد المصرية”. الرابط

(102) “السفير السوداني: الاعلام المصري السبب الرئيسي وراء تفاقم أزمة سد النهضة”، البورصة نيوز، 5 فبراير/ شباط 2014. الرابط

(103) “وزير الري الإثيوبي: معلومات الإعلام المصري عن سد النهضة مغلوطة”، دوت مصر، 18 فبراير/ شباط 2016. الرابط

(104) ماجد عاطف، ” سد النهضة الإثيوبي.. قراءة أخرى”، المصري اليوم، 26 سبتمبر/ أيلول 2014. الرابط

(105)() الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close