fbpx
دراسات

الحاكمية بين حسن البنا وسيد قطب

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

الحاكمية لغة هي “مصدر صناعي يؤدي نفس المعنى الذي يؤديه المصدر القياسي “الحكم” وكلاهما جذره اللغوي (ح. ك. م) إلا أن هناك من يفرق بين الحاكمية والحكم من جهة أن الحكم اسم للحدث من حيث هو، والحاكمية اسم له مع ملاحظة ذات تتصف به”[1].

أما معنى الجذر “حكم” فهو متعدد في لسان العرب، منه: المنع، الحكمة والعلم، القضاء والاتقان. أما الحاكمية اصطلاحا: فقد رفض البعض هذا مصطلح تارة لاعتباره حديثا وتارة لأنه استخدم من قبل الخوارج أو القرامطة قديما، لكن ثمة رد على كل من هذا وذاك.

ففي مسألة الخوارج: أورد الإمام الشهرستاني قول الخوارج ورد الخليفة علي رضي الله عنه عليهم: قالوا، أخطأ في التحكيم، إذ حكم الرجال ولا حكم إلا لله، لهذا قال على كلمة حق أريد بها باطل، إنما يقولون لا إمارة ولا بد من إمارة بر أو فاجر[2].

وهنا يُلاحظ بوضوح أن جواب الإمام علي رضي الله عنه على استغلالهم لهذا المبدأ حيث قال: “كلمة حق أريد بها باطل”. إذا هو ما ألغى هذا المبدأ أو المصطلح، كما ألغاه بعض المعاصرين في ردهم على من يدعون أنهم خوارج في هذا العصر، بل هو كلمة حق وكلمة عدل لكنهم أرادوا بهذا العدل والحق جورا وباطلا، ولو كان مصطلح الحاكمية باطلا أو دخيلا على التصور الإسلامي لألغاه هذا الصحابي الجليل، ولكنه يفهم من كلامه إقراراه له ورفضه لسوء استعماله[3].

أما الحاكمية اصطلاحا، فقد عرفها الإمام المودودي بأنها: “كلمة تطلق على السلطة العليا والسلطة المطلقة، على حسب ما يصطلح عليه اليوم في علم السياسة”[4] ويضيف “أن القانون يسن بإرادة صاحب الحاكمية ويجب على الفرد طاعته وأما صاحب الحاكمية، فما هناك من قانون يقيده ويوجب عليه الطاعة لأحد، فهو القادر المطلق في ذاته، ولا يجوز سؤاله فيما صدر”[5].

وفي هذا السياق، يقول الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس في كتابه (النظام السياسي في الإسلام) وذلك بعد أن ساق باقة من الآيات القرآنية التي توجب الحاكمية لله قال: مما تقدم يتضح لنا أن الحاكمية لا تكون إلا لله، وهي من أولى خصائص الألوهية، وقد انفرد بها الله سبحانه وتعالى وليس لأحد من البشر أن يدعيها، فالمشرع هو الله، والمحلل هو الله، والمحرم هو الله، فما أحله الله فهو الحلال وما حرمه فهو الحرام[6].

إشكالية الدراسة:

تسعى الدراسة لتناول مفهوم الحاكمية لدي الإمام حسن البنا ومقارنتها بما جاء عند المفكر الإسلامي سيد قطب. خاصة أن هذا المصطلح لم يرد على لسان الإمام حسن البنا ولم يُكتب في أي من مؤلفاته أو رسائله ومقالاته، ولهذا عملت الباحثة على ما جاء عند البنا حول مفهوم الحاكمية لله اصطلاحا وإن لم يرد لفظا.

تساؤلات الدراسة:

كيف تبلور مفهوم الحاكمية عند كل من الإمام حسن البنا والمفكر سيد قطب؟ ما هي مواقف البنا من بعض القضايا المرتبطة بالحاكمية؟ وما الذي أضافه أو خالف فيه سيد قطب الإمام البنا في الفكر والعمل السياسي؟

تقسيم الدراسة:

جاءت الدراسة في مبحثين: الأول تناول ما يتعلق بالحاكمية والدولة عند الإمام حسن البنا وكذلك جانبا من سيرته التي ساهمت بتشكيل شخصيته السياسية، وفي المبحث الثاني ما يتعلق بالمفكر سيد قطب، وما خالف فيه سيد قطب حسن البنا، من خلال التركيز على مسألتين فقط “المرحلية” و”الجاهلية”.

المبحث الأول: الحاكمية والدولة عند حسن البنا

يتم التركيز في هذا المبحث على مسائل محددة تندرج تحت مفهومي الحاكمية والدولة، وعليه جاءت مطالب هذا المبحث، على النحو التالي:

المطلب الأول: ترجمة حسن البنا

ولد الإمام حسن البنا (حسن أحمد عبد الرحمن الساعاتي)، في قرية المحمودية التابعة لمحافظة البحيرة في مصر سنة (1906م)[7]. تربى في أسرة اشتهرت بالعلم والدين فوالده الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا[8]. وتلقى علومه الأولية في مدرسة الرشاد الدينية ثم بالمدرسة الإعدادية بالمحمودية، وبدأ اهتمامه في سن مبكرة بالعمل الإسلامي المنظم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأنشأ مع زملائه في الدراسة “جمعية الأخلاق الدينية ثم جمعية منع المحرمات وكان رحمه الله شغوفا بحفظ المتون من الصغر، وكان ذا ذاكرة قوية[9].

وفي 1928 قامت النواة الأولى لجماعة الإخوان المسلمين، فقد تعاهد حسن البنا مع ستة نفر على تكوين هذه الجماعة، وهؤلاء الستة هم: حافظ عبد الحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز الدين، وزكي المغربي. بايعوا الله تعالى أن يكونوا لدعاة الإسلام جندا، وصاروا إخوة في خدمة الإسلام، ومن هنا جاءت التسمية بــ “الإخوان المسلمين”[10].

كان لسقوط الخلافة العثمانية، وما شهدته تلك الفترة العصيبة من تاريخ الأمة الإسلامية وصدور مجموعة من الكتب التي كانت تهاجم الإسلام ونظم الحكم الإسلامي، أثر في نفس حسن البنا وتكوين شخصيته وفكره. وبين عامي 1928 و1938 كانت هذه المرحلة مرحلة دعوية بحته تحض على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا دخل لها بالسياسة، وأثناء هذه المرحلة تبلور البناء الهيكلي للجماعة، حيث تشكلت لأول مرة هيئة مكتب الإرشاد العام، وطبيعة الحركة باعتبارها: دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية، وهو مما يؤكد شمولية فكر الجماعة وإحاطتها بمختلف أوجه الحياة منذ انطلاقها.[11]

ثم انتقلت الجماعة من العمل الدعوى إلى المشاركة في الحياة السياسية، حيث أعلن البنا في عام (1938م)، بأنه “سينتقل من خير الدعوة العامة إلى خير الدعوة الخاصة، ومن دعوة الكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال، وسنتوجه بدعوتنا إلى المسؤولين من قادة البلد، وزعمائه، ووزرائه، وحكامه، وشيوخه، ونوابه، وأحزابه، وسندعوهم إلى مناهجنا، ونضع بين أيديهم برنامجنا، وسنطالبهم بأن يسيروا بهذا البلد المسلم بل زعيم الأقطار الإسلامية في طريق الإسلام في جرأة لا تردد معها، وفي وضوح لا لبس فيه، ومن غير مواربة أو مداورة، فإن الوقت لا يتسع للمداورات، فإن أجابوا الدعوة وسلكوا السبيل إلى الغاية آزرناهم، وإن لجأوا إلى المواربة، والروغان، وتستروا بالأعذار الواهية، والحجج المردودة، فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب، أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام، ولا تسير في الطريق لاستعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام، سنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة معها حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.[12]

بعد دخول الجماعة إلى العمل السياسي، شهدت أحداثًا وتطورات أثرت بالإيجاب والسلب على الجماعة ومكانتها، إذ شهد عام (1940م) أول انشقاق في صفوف الجماعة، حيث لجأ بعض الأعضاء في الجماعة إلى تكوين (جماعة شباب محمد) وكان يغلب عليها جانب أكثر تشددا، ولقد أرجع بعض هؤلاء المنشقين أسباب انشقاقهم عن الجماعة إلى تساهل الإخوان في التعامل مع القضايا السياسية، ومن بينها المشاركة في الانتخابات وقبولهم المعونات المالية.[13]

كما تطورت الأحداث في عام (1947م) وشهدت الجماعة انشقاقًا آخر في صفوفها، إلا أن هذا الانشقاق كان أكثر خطرًا، إذ يرجع خطورته إلى أهمية المنشقين عن الجماعة وعلى رأسهم (أحمد السكري) نائب الجماعة[14]. كما أنه مع انتقال الجماعة للعمل السياسي دخلت في صراعات متعددة مع الأحزاب التي كانت موجودة على الساحة كحزب الوفد، بالإضافة إلى صراعها مع الحكومة، حتى صدر قرار حل جماعة الإخوان المسلمين عام (1948م) [15]. واغتيال الإمام البنا في 12 فبراير 1949.

المطلب الثاني: الحاكمية عند حسن البنا

عند تناول مصطلح “الحاكمية” لدى الإمام حسن البنا، يتجلى بوضوح غيابه في تراث البنا لفظا أو إشارة لكن وجدت الباحثة أنه من خلال الوقوف على بعض المسائل التي تناولها الإمام البنا يمكن فهم مراده، منها:

1: ما يتعلق بوجوب وجود سلطة ترعى شؤون الناس: يقول البنا في رسائله: “وكانت الأمة مجتمعة الكلمة باستمساكها بأهداب الدين، واعتقادها فضل ما جاء به من أحكام، ورعايتها لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشديده في الوحدة حتى أمر بقتل من فارق الجماعة أو خرج على الطاعة”[16].

2: الحكومة الإسلامية: يعتبر البنا الحكومة التي لا تُطبق أحكام الشرع الإسلامي ليست حكومة إسلامية، ويؤكد ذلك في رسائله حيث يقول: “وهذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركناً من أركانه، ويعتمد على التنفيذ كما يعتمد على الإرشاد، وقد جعل النبي الحكم عروة من عري الإسلام، والحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد والأصول، لا من الفقهيات والفروع، فالإسلام حكم وتنفيذ، كما هو تشريع وتعليم، كما هو قانون وقضاء، لا ينفك واحد منها عن الآخر”[17]. ومن أجل أن يتحقق الحكم الإسلامي في البلاد، لابد من مراعاة هذه القواعد وهي: مسؤولية الحاكم، ووحدة الأمة، احترام إرادة الأمة

3: الخلافة الإسلامية: ينظر حسن البنا إلى الخلافة الإسلامية على أنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير في إعادتها، ولكن قبل عودة الخلافة لابد وأن يسبقها عدة أشياء وهي: بناء الفرد المسلم، ثم الأسرة المسلمة، فيتكون المجتمع المسلم، فتأتي الحكومة الإسلامية، ثم الدولة الإسلامية، ثم تعاد الخلافة الإسلامية، فنصبح أستاذية العالم.

وفي ذلك يقول البنا: “إن الإخوان يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية، ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، وإنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكر في أمرها والاهتمام بشأنها، والخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله، ولهذا قدم الصحابة رضوان الله عليهم النظر في شأنها على النظر في تجهيز النبي ودفنه، حتى فرغوا إلى تلك المهمة واطمأنوا إلى إنجازها، والأحاديث التي وردت في وجوب نصب الإمام، وبيان أحكام الإمامة وتفصيل ما يتعلق بها، لا تدع مجالا للشك في أن من واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم منذ حورت عن منهاجها ثم ألغيت بتاتاً إلى الآن، والإخوان المسلمون لهذا يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم[18].

من خلال ما سبق تبين أن فكرة إعادة الخلافة الإسلامية، كانت من أولويات حسن البنا لدرجة أنها كانت مقدمة على طلب الاستقلال الوطني. وقد كان تقديم الخلافة على الاستقلال الوطني بحسب المستشار طارق البشري يعود لأسباب منها: سقوط الخلافة الإسلامية وما سببته من ضياع للمجتمع الإسلامي، وإنكار الخلافة الإسلامية من قبل بعض الشخصيات الدينية، وعلى رأسهم علي عبد الرازق، والتبشير وما سببه من مخلفات فكرية وعقائدية للمجتمعات الإسلامي، واعتقاد البنا أن الخلافة ستعيد الأمة إلى العصر الذهبي للإسلام، لأن الأمة الإسلامية ستكون تحت إمام واحد[19].

4- العلمانية والديمقراطية: إن المدقق في رسائل حسن البنا سيجد اعتراضًا واضحًا وجليًا على الديمقراطية التي كان ينادى بها الغرب، حيث يعتقد البنا أن الديمقراطية في عهده كانت بمثابة ستار لممارسات المستعمر الخبيثة ضد الشعوب، لذلك نجده يقول “أما أغنية الديمقراطية والديكتاتورية فأنشودة نعتقد أن الحرب الحالية ستدخل عليها ألحانًا جديدة، وأنغاما جديدة، ولن يكون في الدنيا بعد هذه المحنة ديمقراطية كالتي عهدها الناس، ولا ديكتاتورية كهذه الديكتاتورية التي عرفوها. ولن تكون هناك فاشية ولا شيوعية على غرار هذه الأوضاع المألوفة، ولكن سيكون هناك نظم في الحكم، وأساليب في الاجتماع تبتدعها الحرب ابتداعًا، ويخترعها الساسة اختراعا، ثم يضعونها موضع التجربة من جديد. وتلك سنة الله، ونظام المجتمع[20].

ويؤكد حسن البنا على رفض العلمانية قائلا: “وهل أوضح في ذلك من قول الله تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ*كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: 78-79]، ومن قول الرسول صلى الله عليه وسلم “سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله” (أخرجه الحاكم)؟ في أحاديث وآيات أكثر من أن يتسع لها كتاب ما دام الإسلام يقول هذا-أيها الناس- فليس هناك شيء اسمه دين وآخر اسمه سياسة، وهى بدعة أوربية أراد خصومكم بها أن تفتر حماستكم للإسلام، وأن يصرفوكم عن نظمه إلى نظمهم الفاسدة، وليس هناك في حقيقة الأمر إلا شيء واحد –هو شريعة الله التى صلح عليها أمر الدنيا والآخرة، ووضعت للناس أفضل النظم في سياسة معاشهم، ومعادهم، وحكمهم، وقضائهم، وحربهم، وسلمهم، وأخذهم، وعطائهم: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلام دِينًا فَمَنِ﴾[المائدة: 3].

ويحذر بشكل حاسم من العلمانية التي يتم الترويج لها على اعتبارها خلاصا مما جرته علينا النظم الدينية السابقة، وأن جماعة الإخوان المسلمين لا تفرق ما بين الدين والسياسة: أيها الناس: ضعوا عن أبصاركم هذه المناظير الملونة التي قدمتها إليكم أوربا وروجها عليكم ساسة هذا العصر، وانظروا إلى الإسلام بنور الله الذي هداكم إليه فحبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم ترون ذلك جليا وتبصرونه واضحا، وتعلمون أن الحق في جانب الإخوان المسلمين وأن الخطأ كل الخطأ في نظرات الزعماء السياسيين الذين يفرقون بين السياسة والدين.[21]

كذلك يؤكد البنا في رسائله أن الدول الإسلامية عرفت مفاهيم أشمل من مفاهيم الديمقراطية، وهذه المفاهيم هي (الشورى) وفي ذلك يقول: ”كم تريدون أن تثبتوا دعائم الديمقراطية الصحيحة وتقروا مبادئها في الأرض وتعلنوها في الناس شريعة العصر الجديد وثمرة هذا الجهد الجهيد والكفاح الشديد؛ ولكنا نحن المسلمين قد تلقيناها درسا أوليًا في أبجدية ديننا، وفي تاريخ أسلافنا، وطبقناها نظامًا عمليًا على أديم صحرائنا، وفي ظل مضاربنا، وخيامنا، وسجلها الله حكمًا عربيًا في آيات كتابنا، كما نظمناها أدبًا رائعًا في قصيد شعرائنا[22]، مقدما عظمة الإسلام في الحقل السياسي.

ومن خلال ما سبق تبين أن الديمقراطية كانت مرفوضة عند حسن البنا، إلا أنه في الحقيقة نجد بعض الباحثين أشاروا إلى البنا قد قبل بالديمقراطية وشارك ببعض مظاهرها، مرتكزين الى أفعال البنا على أرض الواقع ومنها: ترشحه للانتخابات النيابية في مصر مرتين، وإلقاء البنا محاضرة بمقر جمعية الشبان المسلمين بعنوان: الديمقراطية الإسلامية[23]، وتأكيده على أن النظام البرلماني ينسجم من حيث المبدأ مع نظام الحكم الإسلامي.

ولكن تُرجح الباحثة أن مواقف البنّا وكتاباته لم تعكس موافقة أو تأييده للنظام الديمقراطي، فالديمقراطية ليست مجرد انتخابات ونظام برلماني فحسب، وإنما تتألف من معايير عدّة أخرى لم يكن البنّا يوافق عليها، وأهمها أنه ينفي مبدأ السيادة الشعبية، ويؤكد ذلك في رسائله “أن الحاكم أو المسؤول هو مسؤول أمام الله عن الشعب وحكمه لهم وهل قام بتطبيق الشريعة الإسلامية أم لا”. وهذه تُعطي الحاكمية لله وتنفي مبدأ السيادة الشعبية، التي هي أساس الحكم الديمقراطي. وهو وإن استخدم بعض هذه الآليات فقد كانت إحدى وسائله للقيام بالتغيير الذي ينشده.

وبالرغم من موافقة البنّا على مبدأ الانتخابات، فقد حدد أن على الأمة واجب الاختيار من بين “أهل العقد والحل، أي أن البنّا لا يوافق على مبدأ المساواة في الفرص والمساواة في حق الترشح للجميع، وهذا يناقض المعايير الديمقراطية. وذكر شروطا صارمة متعلقة بقانون الانتخاب وشروط المرشحين وما يعملون عليه تحت قبة البرلمان.

وردا على من اعتبر أن الإمامة ليست من أصول الدين وأنها من جملة “بدع حسن البنا”، نرى أن مسائل الإمامة والحكم ألحقها العلماء في أصول الاعتقاد وذلك لعظيم خطرها وأهميتها.

يقول الطاهر بن عاشور في كتابه (النظام الاجتماعي في الإسلام): “ولمكانة الخلافة في أصول الشريعة ألحقها علماء أصول الدين بمسائله، فكان من أبوابه الإمامة” بل من جعل مسألة الحاكمية من الفروع خالف الإجماع بذلك.

وقبل كل هذا فالحاكمية أصل من أصول الدين، قررها الله عز وجل في كتابة الكريم من خلال قوله تعالى:﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾[يوسف: 40]، والنصوص كثيرة في هذا الموضوع والتي لا يتسع المقام لذكرها والتي تبين تصور الحاكمية عند العلماء بأنها سلطة للأمة مقيدة بحدود الشريعة، لا مما أتى به حسن البنا أو الإخوان المسلمون.

كما يقول الشيخ محمد بخيت المطيعي: “ومن هنا تعلم أن المسلمين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ومبايعتهم أبا بكر على الوجه الذي حصل؛ كانوا أول من سنّ أن الأمة مصدر جميع السلطات، وأنها هي التي تختار من يحكمها بدين الإسلام، وشريعة الإسلام هي القانون الإلهي الذي وضع ذلك وجعله متبعاً في كل إمام وخليفة”[24].

المطلب الثالث: شكل الدولة عند البنا

أولا: نظرة البنا في الدستور والقوانين

إن المطلع على ما كتبه البنا في هذا المجال سيجد، أنه قد بيَّن الحكم الشرعي في تطبيق هذه القوانين، فـالبنا يرى أن القوانين الوضعية التي تخالف الأحكام الشرعية قوانين باطلة، ولا يحل للمسلم أن يحكم بها، أو أن يتحاكم بها، أو أن يلتزم بأحكامها، وفي ذلك يقول: “فمن غير المفهوم ولا المعقول أن يكون القانون في أمة إسلامية متناقضًا مع تعاليم دينها، وأحكام قرآنها وسنة نبيها، مصطدماً كل الاصطدام بما جاء عن الله ورسوله”.[25]

فالإسلام في فكر حسن البنا يشمل جميع نواحي الحياة، فالإسلام دين ودولة، لذلك إذا قصرت الإسلام على العبادات فقط، واتبعت غير المسلمين في الشؤون الأخرى من الحياة يصبح هذا الإسلام ناقصاً، ولكن عند حديث البنا عن الدستور لا بد لنا أن نفرق ونميز بين موقفين: الأول: نظرة البنا إلى الدستور على أنه وثيقة، وعلاقة سياسية، والثاني: نظرته إلى الدستور المصري بنظرة النقد، والرفض.

يقول الإمام البنا تحت عنوان: الدستور والقرآن: “إن الذين وضعوا الدستور المصري قالوا في المادة التاسعة والأربعين بعد المائة منه: (إن دين هذه الدولة الرسمي هو الإسلام) فالأمر لا يعدو أحد اثنين إما أن يكونوا جادين في هذا الذي سجلوه على أنفسهم وعلى الدستور المصري، فيجب أن يكون محل احترام منهم، وأن يعملوا جاهدين؛ حتى تحل النظم الإسلامية محل كل نظام غير إسلامي في كل شيء في الحكم والقانون والعادات والمعاملات وكل مظاهر الحياة.

وحينئذ يكون بحق دين الدولة الرسمي هو الإسلام، ويكون الدستور المصري محترما مصونا قد احترمه واضعوه، ونزلوا على حكمه هو الآخر، وإما أن يكونوا لا يقصدون ما يقولون، ولا يؤمنون بما يكتبون، وهم بذلك يعبثون ويلهون أو يغشون الشعب ويخدعونه بمثل هذا النص الذي لا تحقق له في الخارج.

وحينئذ يجب علينا -معشر الدعاة-أن نقوم إليهم وإلى هذا الشعب المخدوع بالنصيحة، فإن فعلوها فبها وإلا فنحن دائبون في جهادنا عاملون على تحقيق هذه الغاية مهما كلفتنا، جادون في إيقاظ الفكرة الإسلامية النائمة في نفس الشعب المسلم المسالم الطيب القلب؛ حتى يعرف حقه، ويحرص على دينه، ويملي إرادته على حكامه، فينزلون عليها ولا يجدون مناصا من تحقيقها فيكون الدين الرسمي بذلك للدولة هو الإسلام”.[26]

إذاً، هو لا يعارض الدستور والقانون من حيث المبدأ، لكنه يعارض ما علق به من شوائب، فيقول: “نحن لا نعترض على الحكم الشورى النيابي (التمثيلي) من حيث هو، فإن الإسلام قد وضع الأساس للشورى وللتناصح، ولحرية الرأي ولسلطة الأمة، ولتبعة الحكام، وهي أركان الدساتير العصرية، ولكن الذي نعترض عليه ونطالب بالتحرر منه هذه الشكليات الفارغة التقليدية التي جربناها عشرين سنة، فلم نجن منها إلا الفرقة والخلاف والشوك والحسك والصاب والعلقم”.

ويضيف: “نريد تعديلات في النصوص والأشكال تُوفق بين تعاليم الإسلام وما نحن عليه، وتُخلصنا من هذا البلاء الداهم الذي وقعنا فيه من جراء تقليد الغرب من غير تبصر، ولا تقدير لعواقب الأمور[27]. يقصد بالبلاء الداهم تلك القوانين الوضعية المستنسخة من القوانين الغربية.

وهذا كلام واضح على أن جماعة الإخوان المسلمين في حينها كانت تسعى من خلال العملية السياسية الديمقراطية إلى السيطرة على الحكومة وفرض الشريعة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية.

كما ينتقد البنا وجود قوانين تخالف الدستور (مما يعني عدم دستوريتها)، لذا نجده يدعو إلى تعديل القوانين التي تخالف الدستور، فيقول: “فهلا تفكر الحكومة في تعديل القوانين، ولها هذا الحق وليس من يعارضها فيه إن أرادت في تعديل التشريع الحالي بما يجعله يتناسب مع الدستور ومع القوم الذين يطبق عليهم هذا التشريع، وهلا ترى أنه من غير الجميل أن يقع هذا التناقض الغريب بين القانون الكلي، وهو الدستور وبين القانون الجزئي وهو تشريع المحاكم الأهلية[28]. على اعتبار أن الشريعة الإسلامية هي مرجعية هذه القوانين والدستور من قبلها.

ثانيا: نظرة البنا للقانون الانتخابي والمجلس النيابي

الشعب أو الأمة مصدر السلطات شعار رفعه البنا منذ بداية دعوة الإخوان المسلمين، وقد عبر الإمام البنا عن ضرورة مشاركة الشعب في القرار السياسي بقوله: “وأما عن احترام رأي الأمة، ووجوب تمثيلها واشتراكها في الحكم اشتراكاً صحيحاً، فإن الإسلام لم يشترط استبانة رأى أفرادها جميعاً في كل نازلة، وهو المعبر عنه في الاصطلاح الحديث بالاستفتاء العام، ولكنه اكتفى في الأحوال العادية (بأهل الحل والعقد) ولم يعينهم بأسمائهم، ولا بأشخاصهم … ولقد رتب النظام النيابي الحديث طريق الوصول إلى أهل الحل والعقد بما وضع الفقهاء الدستوريون من نظام الانتخابات وطرائقه المختلفة، والإسلام لا يأبى بهذا التنظيم ما دام يؤدي إلى اختيار أهل الحل والعقد، وذلك ميسور إذا لوحظ في أي نظام من نظم تحديد الانتخاب صفات أهل الحل والعقد، وعدم السماح لغيرهم بالتقدم للنيابة عن الأمة”[29]. لكن واقعا هذا ما لا يتم بل إن من يحظى بتغطية دولية وأجنبية هو من يمتلك الحظ الأوفر في تمثيل الناس، على عكس الآليات الاسلامية في اختيار الممثلين عن العباد من بينهم.

ويقول عن البرلمان: “إن دار البرلمان هي مظهر كرامة الأمة ورمز آمالها وأمانيها وصورة قوميتها وحياتها”[30]. لكن يوضح الشروط التي ينبغي توافرها، كي يكون الشعب مصدر السلطات: من إصلاح لقانون الانتخاب، فيقول: “لا بد من تعديل وإصلاح لقانون الانتخاب.

ومن وجوه هذا الإصلاح الضرورية:

1ـ وضع صفات خاصة للمرشحين أنفسهم، فإذا كانوا ممثلين لهيئات فلا بد أن يكون لهذه الهيئات برامج واضحة وأغراض مفصلة يتقدم على أساسها هذا المرشح، وإذا لم يكونوا ممثلين لهيئات فلا بد أن يكون لهم من الصفات والمناهج الإصلاحية ما يؤهلهم للتقدم للنيابة عن الأمة.

2ـ وضع حدود للدعاية الانتخابية، وفرض عقوبات على من يخالف هذه الحدود.

3ـ إصلاح جداول

4ـ وضع عقوبة قاسية للتزوير من أي نوع كان، وللرشوة الانتخابية.

5ـ اعتماد القانون الانتخابي بالقائمة لا الفردي.

وهو بذلك يُقيد عملية الانتخاب ويجنب الأمة معضلات ومساوئ الديمقراطية، التي بات يعرفها كثير من النخب في الغرب قبل المسلمين.

المبحث الثاني: الحاكمية عند سيد قطب

بخلاف تراث الإمام البنا، يزخر تراث سيد قطب بمصطلح ومفهوم الحاكمية لا بل يعتبر سيد قطب مع المودودي أعلام على هذا المصطلح، وأبرز من تناوله بشكل جلي في العصر الحديث أو بعد سقوط الخلافة العثمانية. وفي هذا المبحث نتناول المصطلح عند سيد قطب وما جاء مغايراً أو جديدا على طرح الإمام البنا، فضلا عن جانب من سيرته.

المطلب الأول: ترجمة سيد قطب

ولد سيد قطب في قرية من قرى الصعيد اسمها (موشه) سنة 1906، وهي تتبع محافظة أسيوط. حفظ القرآن وهو ابن 10 سنوات. كان أديبا مميزا وعمل بعد تخرجه أستاذا في وزارة المعارف. وانقسمت حياته لمراحل متنوعة ما بين الفترة التي قضاها في التعليم الى مرحلة سفره إلى الولايات المتحدة وصولا لسجنه.

يقول الشيخ عبد الله عزام بهذا الصدد[31]: ويشاء الله عز وجل أن يهديه سواء السبيل وأن يريه آياته ليجعله جنديا مخلصا في صف الدعوة الإسلامية، وتحدث معه حادثتان تضطرانه للدخول تحت جناح الدعوة.

الحادثة الأولى: فقد حصلت في شباط 1949، يقول فيها أنه كان مستلقيا فوق سريره في إحدى مستشفيات أمريكا، فيرى معالم الزينة وأنوار الكهرباء الملونة وألوان الموسيقى الغربية والرقصات، ما هذا العيد الذي أنتم فيه؟ فقالوا: اليوم قُتل عدو النصرانية في الشرق، اليوم قُتل حسن البنا، وقد كانت هذه الحادثة كفيلة أن تهزه من أعماقه، حسن البنا!! يُحتفل بمقتله في داخل أمريكا، إذن لا بد أن يكون الرجل مخلصاً، وأن تكون دعوته خطيرة حقاً، ترجف لسماعها أوصال الغرب هلعا واضطرابا.

الحادثة الثانية: فقد حصلت في بيت مدير المخابرات البريطاني في أمريكا، إذ كانت السفارات الغربية تتسابق في رمي شباكها لاصطياد الطلاب الشرقيين وإيقاعهم بحبائلها ليكرسوا في محافلها المختلفة، ويقسموا العهد على خدمتها وإنذار الحياة خالصة لخدمتها، وأي صيد أثمن من الكاتب المعروف سيد؟ فدعاه مدير المخابرات البريطاني إلى بيته.

يقول سيد قطب: واستدعى انتباهي أمران:

الأول، أن هذا البريطاني يسمى أبناءه بأسماء المسلمين، محمد وعلي وأحمد…، والثاني وجدت لديه كتاب العدالة الاجتماعية، وهو يعمل في ترجمته، وهي النسخة الثانية في أمريكا إذ الأولى لدي وصلتني من أخي محمد قطب.

وبدأ الحديث عن أحوال الشرق وما ينتظره من مستقبل وأحداث، ويعرج على مصر ليستفيض في الحديث عنها وتأخذ جماعة الإخوان المسلمين القسط الوافر من الحديث، ويعرض علي تقارير مفصلة عن نشاط الجماعة وعن تحركات البنا وخطبه منذ أن كانت الجماعة ستة أفراد في الإسماعيلية حتى سنة 1949، تفصيلات تؤكد أنهم قد سخروا أجهزة وأموال تتبع نشاط الإخوان وحركاتهم وسكناتهم ورصدوا لذلك أموالاً ورجالاً خوفاً من هذا الغول البشع -الإسلام- وعقب البريطاني قائلا: (إذا قدر ونجحت حركة الإخوان في استلام حكم مصر فلن تتقدم مصر أبدا، وسيحولون بعقليتهم المتخلفة بين الحضارة الغربية، وستقف عقلياتهم المتحجرة دون تطور الشعب والأرض، ثم قال: ونحن نأمل من الشباب المتعلمين أمثالك ألا يمكنوا هؤلاء من الوصول إلى سدة الحكم.

يقول سيد قطب: قلت في نفسي (الآن حصحص الحق)، وأيقنت أن هذه الجماعة على الحق المبين، ولم يبق لي عذر عند الله إن لم أتبعها، فهذه أمريكا ترقص على جمجمة البنا وهذه بريطانيا تسخر أجهزتها وأقلام مخابراتها -حتى داخل أمريكا-لمحاربة الإخوان”[32].

ويهمنا الإشارة أيضا إلى الفترة التي حُورب وسجن فيها سيد قطب حتى إعدامه، كتب أهم مؤلفاته وصولا لسنة 1965 حيث أعلن عبد الناصر من موسكو اكتشاف مؤامرة الإخوان المسلمون بقيادة سيد قطب، لإسقاط حكمه وتخريب البلاد، فشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف الإخوان أيضا وفي مقدمتهم سيد قطب[33]. نال فيها سيد قطب حكم الإعدام ونُفذ بعد عام في 1966.

وفيما يتعلق بمسألة سجنه وتعذيبه وأصحابه تعذيبا شديدا، يرى البعض أن هذه المحنة أثرت فيه بشكل إيجابي وشكلت شخصية سيد قطب المفكر الإسلامي الرائد؛ ومن هؤلاء صلاح الخالدي ومحمد توفيق بركات. ومنهم من يراها أثرت به سلبا، وأن الوسائل الوحشية التي استخدمت بحقه أثرت على اتزان افكاره وخاصة نظرية الحاكمية التي يرى البعض أنها نتاج مرحلة قاسية أليمة في حياة سيد قطب[34].

المطلب الثاني: الحاكمية عند سيد قطب

يقول المفكر الإسلامي سيد قطب: “إن وجود هذا الدين هو وجود حاكمية الله. فإذا انتفى هذا الأصل انتفى وجود هذا الدين، وإن مشكلة هذا الدين في الأرض اليوم لهي قيام الطواغيت التي تعتدي على ألوهية الله، وتغتصب سلطانه، وتجعل لأنفسها حق التشريع بالإباحة والمنع في الأنفس والأموال والأولاد… وهي هي المشكلة التي كان يواجهها القرآن الكريم بهذا الحشد من المؤثرات والمقررات والبيانات، ويربطها بقضية الألوهية والعبودية، ويجعلها مناط الإيمان أو الكفر، وميزان الجاهلية أو الإسلام”[35]. ولعلنا هكذا يمكن أن نختصر باقتباس واحد مسألة الحاكمية لله ومعركة الإيمان مع الكفر عنده.

فالحاكمية عند سيد قطب: هي إفراد الله سبحانه وتعالى بالحكم والتشريع والقوامة والسلطان، واستمداد التشريعات والمناهج والنظم والقيم والموازين والعادات والتقاليد من الله وحده وتطبيق شريعته على كافة مناهج الحياة. والحاكمية كما يراها سيد قطب نوعان ذكرهما عند تفسيره لآيتي الحكم في سورة يوسف الآية الأولى في قوله تعالى، يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ءأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40).

والموضع الثاني: من سورة يوسف أيضا: وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67).

النوع الأول: الحاكمية الكونية الإلهية، تتمثل في المشيئة العامة المحيطة بكل الكائنات.

النوع الثاني: الحاكمية الإلهية التشريعية، وهي إرادة الله الدينية التي تتمثل في الشرائع والشعائر والأخلاق والمناهج والقيم والتصورات التي أنزلها الله لعباده، وأوجب عليهم الاعتقاد بها، والأخذ بمقتضاها، وتطبيقها في حياتهم وواقعهم[36].

إذ يُقرر ذلك سيد قطب عند سورة يوسف فيقول: “وفي السورة تعريف بخصائص الألوهية وفي مقدمتها الحكم وهو يرد على لسان يوسف بمعنى الحاكمية في العباد من ناحية دينونتهم وطاعتهم اللاإرادية.

ويشير قطب إلى قول يوسف: (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ)، ويأتي مرة على لسان يعقوب بمعنى الحاكمية في العباد من ناحية دينونتهم لله في صورتها القدرية القهرية، فيشير رحمه الله إلى قول يعقوب: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ.).

فيتكامل المعنيان في تقرير مدلول الحكم وحقيقة الألوهية على النحو الذي لا يجئ عفوا ولا مصادفة أبدا[37].

وعند تفسيره للآية الأخيرة يبين أن كمال الإيمان لا يتحقق إلا بالجانبين وبالنوعيين معا، إذ كيف يؤمن الناس بالجانب القدري ويكفرون بالجانب اللاإرادي؟

فيقول: “وحكم الله القدري يمضي في الناس من غير إرادة منهم ولا اختيار. وإلى جانبه حكم الله الذي ينفذه الناس عن رضى منهم واختيار وهو الحكم الشرعي المتمثل في الأوامر والنواهي وهذا كذلك لا يكون إلا لله، شأنه شأن حكمه القدري، باختلاف واحد: هو أن الناس ينفذونه مختارين أو لا ينفذونه فيترتب على هذا أو ذاك نتائجه وعواقبه في حياتهم الدنيا وفي جزائهم في الآخرة، ولكن الناس لا يكونون مسلمين حتى يختاروا حكم الله هذا وينفذوه فعلا راضين”[38].

ويكرر هذا الترابط بين هذين الجانبين الحاكمية بوضوح أكثر حين يقول: فيجب أن تكون السلطة التي تنظم حياتهم –الناس-هي السلطة التي تنظم وجوده -الكون-فلا يشذوا هم بمنهج وسلطان وتدبير غير المنهج والسلطان والتدبير الذي يصرف الكون كله ومن ثم ينبغي أن يثوبوا إلى الإسلام في الجانب اللاإرادي من حياتهم فيجعلوها شريعة الله هي الحاكمية[39].

كذلك قدر ربط سيد قطب الحاكمية بالتوحيد، فهو يرى أن الحاكمية من أصل العقيدة الإسلامية التي كانت السور والآيات المكية تؤكد عليها خاصة عندما تناول تفسير سورة الأنعام، فيقول: “وهكذا انقضت ثلاثة عشر عاما كاملة في تقرير هذه القضية الكبرى، القضية التي ليس وراءها شيء في حياة الناس إلا ما يقوم عليها من المقتضيات”[40].

ونحو هذا التفسير والتحليل جاء عند الطبري وابن كثير، وابن تيمية، وممن وافق سيد قطب في مقالته بالحاكمية لله وبوجوبها: المودودي، أحمد شاكر، محمد بن إبراهيم آل شيخ، العلامة الشنقيطي، الشيخ يوسف القرضاوي، عبد القادر عودة وغيرهم… في حين خالفه البعض وجلهم من المتأخرين: كــ علي عبد الرازق، علي الهضيبي، محمد عمارة، وعبد الاله بلقزيز…

إن مفهوم الحاكمية عند سيد قطب، هو ما فهمه إذا من دلالات الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} في سورة يوسف: 40. {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} في سورة الأعراف: 54. {وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} في سورة القصص: 70. {فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة} في سورة البقرة: 113. {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ} في سورة المائدة: 49. {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} في سورة المائدة: 50. {أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً} في سورة الانعام: 114. {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} في سورة الرعد: 41.

أما عن إقامة هذه الحاكمية وشرع الله: فقد عرف سيد قطب “شرع الله” أنه “كل ما شرّعه الله لتنظيم الحياة البشرية”، ودور المسلمين هو في تنزيل هذه الأحكام على واقع الحياة… من خلال “الفقه الإسلامي” وقال بوضوح ما فيه نص شرعي، فلا يسع المسلم أن يتركه، وما لم يأت فيه نص شرعي فهناك مبدأ عام يحكمه، فيجتهد المسلم داخل هذا الإطار العام. فمثلاً يورد “الشورى” في كتابه -نحو مجتمع إسلامي -فقال الشورى مبدأ عام، أما كيفية تنزيل هذا المبدأ على واقع الحياة، فهو متروك لاجتهاد المسلمين في عصرهم، وكيفية تحقيق مبدأ الشورى.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه يعتبر أن الشورى والقيام بها طاعة لما أمر الله به… ومن جانب آخر هذه الشورى محكومة بآية أخرى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً} فالشورى: تجعل السيادة لله ولشرعه، والسلطة والأمر للأمة، بينما الديمقراطية تجعل السيادة للشعب -لا لله -ولا تقف عند ما أمر الله به.

وسيد قطب عندما يفصل بمسألة الحاكمية لله ودور الحكام أو البشر في الحكم ويفسر قوله تعالى : “إن الحكم إلا لله” يعود فيقرر أن للشعب سلطة ويجيب بالتفريق بين مصدر السلطة الذي هو الله سبحانه، وبين مزاولة السلطة التي هي بيد البشر، وذلك حين يقول: “والأمة في النظام الإسلامي هي التي تختار الحاكم فتعطيه شرعية مزاولة الحكم بشريعة الله؛ ولكنها ليست هي مصدر الحاكمية التي تعطي القانون شرعيته إنما مصدر الحاكمية هو الله، وكثيرون حتى من الباحثين المسلمين يخلطون بين مزاولة السلطة وبين مصدر السلطة فالناس بجملتهم لا يملكون حق الحاكمية إنما يملكه الله وحده والناس إنما يزاولون تطبيق ما شرعه الله بسلطانه ، أما ما لم يشرعه الله فلا سلطان له ولا شرعية، وما أنزل الله به من سلطان”[41].

المطلب الثالث: مقارنة حسن البنا وسيد قطب

يعتبر البعض أن ما جاء به سيد قطب كفكر سياسي مخالف وليس من فكر الاخوان المسلمين، “إخوان الإمام حسن البنا” وعلى رأسهم الدكتور يوسف القرضاوي وعدد من تلامذته مثل عبد المنعم أبو الفتوح والذين أكدوا ان الجماعة رفضت هذه الأفكار وردت من خلال كتاب “دعاة لا قضاة” الذي أخرجه مرشد الجماعة الثاني الأستاذ حسن الهضيبي. في حين دافع الكثير من قيادات الإخوان عن فكر سيد قطب وخاصة الذي انتموا لتنظيم 1965 وحاولوا أن يبرروا مواقفه ويؤكدوا على أن أفكاره هي من معين الجماعة.

وفي هذا الجانب ما يوضح هذه المسألة برأي الباحثة ويضعنا أمام أبرز الفوارق أو ما خالف فيه سيد قطب البنا، وهي وثيقة لأهم قيادات التنظيم في 1965 المهندس محمد عبد العزيز الصروي والتي جاءت في كتابه: “محنة 1965 الزلزال والصحوة”.

لقد رأى سيد قطب التنكيل بإخوانه شهداء مذبحة طره سنة 1957 (21 شهيدا)، وغيرهم من الجرحى يموتون في ساحة السجن في معركة غير متكافئة. ومرضى يموتون في السجون لمنع دواء وعلاج، فأيقن أنها معركة هو في قلب ساحتها. وللمعارك قوانين أخرى.

وفي هذا يروي الصروي: “عاش سيد قطب ساحة قتال، وليست زنازين سجن وهو مريض لا يملك إلا قلمه، فحارب الباطل بقلمه، فنزلت كلماته ـ عليه رضوان الله ـ سيوفا على الباطل في كل أرجاء الأرض، جريء لا يتردد .. فالتردد في المعركة هزيمة نكراء”[42].

وعليه عمل سيد قطب برأيه على تعرية الباطل، واختار له مصطلحات من وجهة نظره المناسبة لساحة القتال. ففي حين كانت ظروف حياة حسن البنا في حقل مختلف، وظروف مغايرة، كان لظروف قطب تأثيرا مغايرا، حيث يُلاحظ هنا فروق جوهرية بين عبارات وفهم حسن البنا، وعبارات وفهم سيد قطب للواقع وشكل الصراع وأدواته. وهذا ليس حصرا بسبب ما تعرض له من تعذيب بل لما كان واقعا من نظم الحكم وسياساتها.

وقبل أن يورد الصروي ما اختلفا فيه، يذكر أهم الأصول الجامعة والمشتركة بينهما وهي على النحو التالي[43]:

  1. هذا الدين نظام حياة لكن عامة الناس، وكل الحكام أو جلهم لا يحب هذا.
  2. هذا الدين حضارة متكاملة لا تقبل القسمة ولا الترقيع ولا قطع الغيار لأنه منهج كامل متكامل من عند الله.
  3. إن الناس بعدوا كثيرا عن الدين والتدين .. ولا بد من رجوعهم إلى حظيرة الدين.
  4. لا بد من إيقاظ المسلمين من غفلتهم الشديدة.
  5. إن الإصلاح لا يأتي أبدا من الرأس، بمعنى تغيير الحكومة، فكلاهما (أي حسن البنا وسيد قطب) متفقان على أن الإصلاح يبدأ من القاعدة.
  6. ضرورة عودة الخلافة.
  7. يتفق الإمام والشهيد على ألا نكفر مسلما نطق بالشهادتين وعمل بمقتضاهما.

لكن كان لسيد قطب عبارات ومصطلحات قوية وشديدة، كما وصفها معاصروه؛ بل إنهم قابلوا سيد قطب بكلمات قاسية في محنته ووصفوه ومن معه بأنهم من الخوارج في موقف سيئ من العلماء في عام 1965 وعلى رأسهم شيخ الأزهر في حينها.

ومن هذه المصطلحات: الجاهلية، الجماعة المسلمة، معنى شهادة لا إله إلا الله، دار الحرب، دار الكفر ودار الإسلام، الحاكمية، المرحلية، المفاصلة بين الشعورية والمادية، واستعلاء الإيمان. لكننا نشير إلى مسألة واحدة وهي الأهم مسألة الجاهلية.

ويبدو أن البنا حرص على تجنب أي عبارة أو مصطلح ينفر المسلمين من جماعته أو تجرح بما أسماها الهيئات والشخصيات، أو فتوى مذهبية تؤدي إلى انقسامات، ولم ينظر للمجتمع الإسلامي إلا أنه حاضن للخيرية بمجمله.

أما سيد قطب فوضع وصف “الجاهلية المعاصرة”، لهذه المجتمعات على اعتبارها تتبع سنن جاهلية ما قبل الإسلام، لا الإسلام الحقيقي، وذلك من نظمها السياسية إلى قوانينها الوضعية التي لا تحكم شرع الله، مرورا بسلوك المسلمين والمرأة… وغيرها من الملفات التي أحيت بها المجتمعات عصر ما قبل الإسلام.

وانطلاقا من الواقع والمجتمع الجاهلي هذا، وضع سيد قطب منهجا حركيا على الطريقة المحمدية في الدعوة لإزالة هذه الجاهلية وهزيمتها، وأدل على ذلك بعبارته الشهيرة: الجاهلية المنظمة لا يهزمها إلا الإسلام المنظم.

وعليه، نقول إن منهج التغيير عند البنا قائم على الإصلاح والاستفادة من الخير المتبقي في هذه الأمة إلى يوم الدين، وقد أولى الدعوة أهمية كبرى. أما منهج سيد قطب ومنطقه كان ثوريا انقلابيا على الواقع، وعلى المجتمع والحكام. البنا يصلح ما وجد وقطب يصفر الساحة، ويسعى لبناء صرح جديد من البداية. وكلاهما رغم اختلاف الآلية لم ينجُ من بطش وقتل العدو.

وحينما تكلم الإمام البنا عن آليات التغيير تناول موضوعا آخر مختلفا تمام الاختلاف عن كلام الشهيد سيد قطب، حيث جاء عنه: “وأما التدرج والاعتماد على التربية ووضوح الخطوات في طريق الإخوان المسلمين، فذلك أنهم اعتقدوا أن كل دعوة لابد لها من مراحل ثلاث: مرحلة الدعاية والتعريف والتبشير بالفكرة وإيصالها إلى الجماهير من طبقات الشعب، ثم مرحلة التكوين وتخير الأنصار وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف من بين هؤلاء المدعوين، ثم بعد ذلك كله مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج، وكثيراً ما تسير هذه المراحل الثلاث جنباً إلى جنب نظراً لوحدة الدعوة وقوة الارتباط بينها جميعاً، فالداعي يدعو، وهو في الوقت نفسه يتخير ويربي، وهو في الوقت عينه يعمل وينفذ كذلك”[44].

خاتمة

بعد القراءة والوقوف على مبدأ ومفهوم “الحاكمية” في اللغة والقران الكريم، والذي أشارت إليه الباحثة بشكل مختصر في التمهيد، وبناء على ما جاء في كل من المبحثين فيما يتعلق بهذا المفهوم ومصطلحه “الحاكمية لله”، لدى كل من الإمام حسن البنا والمفكر الاسلامي سيد قطب، والمقارنة ترى الباحثة أن مبدا الحاكمية ومقتضاه موجود ومتوفر لدى الراحلين وإن كان أكثر وضوحا وبلورة في تراث المفكر سيد قطب، وأن مصطلح الحاكمية أصيل في التراث الإسلامي، من القران الكريم واللغة، ولم يكن من لدن المعاصرين فقط ولا هو مرتبط بالخوارج بل هي دعوة مردودة، وأن الحاكمية كـــــ معنى ومضمون وردت في تراث الإمام البنا خاصة عند الوقوف على رأيه بالعلمانية والديمقراطية والقوانين الوضعية المخالفة لدين الله، كما أن القسوة والعنف التي مورست بحق المفكر سيد قطب في حياته والتشويه الذي لحق به بعد موته لم يؤثر في صحة أفكاره، خاصة مسألة ادعاء تكفيره للمجتمعات[45].


الهامش

[1] عبد الواحد، عبد الحميد عمر عبد الحميد، الحاكمية في ظلال القران الكريم، رسالة ماجستير، كلية أصول الدين، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، 2005، ص 7.

[2]  الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل، تحقيق محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت، 1982، ص (116-117).

[3]  الخالدي، صلاح عبد الفتاح، في ظلال القرآن في الميزان، دار المنارة، جدة، 1986، ص (184-185).

[4] المودودي، أبو الأعلى سيد أحمد حسن، تدوين الدستور الإسلامي، مؤسسة الرسالة، 1980-1400هـ، ص 18.

[5]  المرجع السابق، ص 19.

[6] عبد الواحد، عبد الحميد عمر عبد الحميد، مرجع سابق، ص 18.

وانظر كتاب: أبو فارس، محمد عبد القادر، النظام السياسي في الإسلام، 1980، ص 17. (معلومات الكتاب غير ظاهرة).

[7] عبد العزيز، جمعة أمين، ظروف نشأة المؤسس، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 2003، ص 143.

[8] المرجع السابق، ص 143.

[9] قميحة، جابر، الإمام الشهيد حسن البنا بين السهام السوداء وعطاء الرسائل، دار التوزيع والنشر الإسلامية، مصر، 1988، ص 10.

[10] شوربجي، أحمد حسن، ركائز في منهج الإمام، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع، الإسكندرية، 2011، ص (14-25).

[11] عودة، جهاد، سقوط دولة الإخوان، كنوز للنشر والتوزيع، القاهرة، 2013م، ص 21.

[12] البنا، حسن، مذكرات الدعوة والداعية، مكتبة آفاق للنشر والتوزيع، الكويت، 2011، ص 178.

13 بيومي، زكريا سليمان، الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية المصرية 1948-1928، مكتبة وهبة، القاهرة، 1978، ص (132-134).

[14] المرجع السابق، ص 284.

[15] الحنفي، عبد المنعم الحنفي، موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب السياسية، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2005، ص 142.

[16] البنا، حسن، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، دار الدعوة، القاهرة، 1984، ص 231.

[17] المرجع سابق، ص 103.

[18] البنا، حسن، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع سابق، ص 110.

[19] البشري، طارق، الحركة السياسية في مصر، دار الشروق، القاهرة، 2002، ص (121-121).

[20] البنا، حسن، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع سابق، ص 162.

[21] البنا، حسن، الإخوان بين السياسة والدين، جريدة النذير، العدد 10، 5 جمادى الثاني 1957هــ، مصر، 1938.

[22] البنا، حسن، الشورى، مجلة المنار، المجلد 35، جمادى الثانية 1358ه، مصر، 1939، ص (34-41).

[23] هويدي، فهمي، الإسلام والديمقراطية، مجلة المستقبل العربي، العدد 16، بيروت، 1996، ص 22.

[24] المطيعي، محمد بخيت، حقيقة الإسلام وأصول الحكم، المطبعة السلفية ومكتبتها، القاهرة، 1344هـ، ص 24.

[25]حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع السابق، ص (111-112).

[26] البنا، حسن، الدستور والقرآن، جريدة النذير، العدد 31، 11 ذو القعدة 1357 /3 يناير 1939، مصر،1939، ص (3-5).

وانظر: تراث الإمام البنا، طبعة البصائر، ج 9/203.

[27] جريدة النذير، مرجع سابق.

[28] منشور بمجلة الإخوان المسلمون الأسبوعية، العدد 25، 4 يناير 1934، مصر، 1934، ص (17-18).

انظر: العيد الخمسيني للمحاكم الأهلية، تراث الإمام البنا، ص 9/245.

[29] البنا، حسن، رسالة نظام الحكم، متوفر على موقع موسوعة الإخوان المسلمين الالكترونية، وانظر طبعة مركز البصائر، ص 670.

[30] مسجد البرلمان، جريدة الإخوان المسلمون الأسبوعية، العدد 33، 13 رمضان 1353هـ/ 20 ديسمبر 1943، مصر، 1943، ص 26.

[31] انظر: عزام، عبد الله عملاق الفكر الإسلامي الشهيد سيد قطب، مركز الشهيد عزام الإعلامي، بيشاور، 2011، بتصرف.

[32] انظر: عزام، عبد الله عملاق الفكر الاسلامي الشهيد سيد قطب، مركز الشهيد عزام الإعلامي، بيشاور، 2011، بتصرف.

[33] عبد الواحد، عبد الحميد عمر عبد الحميد، مرجع سابق، ص 28.

[34] المرجع السابق، ص 29.

[35] قطب، سيد، في ظلال القران الكريم، دار الشروق، بيروت والقاهرة، 1980، ص 1163.

[36]  الخالدي، صلاح عبد الفتاح، في ظلال القران في الميزان، دار المنارة، جدة، 1986، ط 9، ص 174.

[37] قطب، سيد، في ظلال القران الكريم، مرجع سابق، ج 4، ص 1967.

[38] المرجع السابق، ج4، ص 2018.

[39] قطب، سيد، مرجع سابق، ج 3، ص 1555.

[40] قطب، سيد، مرجع سابق، ج 3، ص 1004.

[41] قطب، سيد، مرجع سابق، ج7، ص 725.

[42] انظر: الصروي، محمد عبد العزيز ، تنظيم (1965) الزلزال … والصحوة (1955- 1975)، متوفر على موقع موسوعة الإخوان المسلمين الالكترونية.

[43]  انظر: الصروي، محمد عبد العزيز، مرجع سابق.

[44] فكر الجماعة بين الغاية والوسيلة، متوفر على موقع موسوعة الإخوان المسلمين الالكترونية. والكلام في أصله للإمام البنا انظر رسائل البنا.

[45] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close