الشرق الأوسطترجمات

جاريد كوشنر وملامح الاستراتيجية الصهيونية المقبلة في المنطقة

في تغريدة مطولة نشرها جاريد كوشنر في حسابه على منصة إكس، تويتر سابقاً، احتفى كوشنر بمقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. لكن يبدو أن هذا ليس مجرد احتفاء بمقتل نصر الله، فهذه التغريدة هي بمثابة مقال تأسيسي للاستراتيجية الصهيونية المقبلة في منطقة الشرق الأوسط، ولنظرتها في أهداف الحملة الحالية التي تشنها ضد حزب الله، وإمكانيات توسيعها، وكذلك النظرة السائدة حالياً عن ايران.

من المعروف أن جاريد كوشنر هو صهر الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي الحالي دونالد ترامب (زوج ابنته إيفانكا)، ورجل الأعمال والمستثمر الأمريكي اليهودي الأرثوذكسي، والمالك الرئيسي لشركة “كوشنر بروبرتي” وصحيفة “نيويورك أوبزيرفر”، كما أنه نجل قطب العقارات الأمريكي تشارلز كوشنر. وكان ترامب قد عيّن صهره جاريد كوشنر، إبّان فترة رئاسته، مستشاراً له، كما أنه أوكل إليه حينها الكثير من المهام المتعلقة بعملية السلام في الشرق الأوسط، بالإضافة على الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وفي تغريدته على منصة إكس، احتفى جاريد كوشنر باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في السابع والعشرين من سبتمبر، معتبراً أن هذا اليوم (27/9) هو اليوم الأكثر أهمية في منطقة الشرق الأوسط منذ توقيع اتفاقات أبراهام في الثالث والعشرين من أكتوبر عام 2020. ودعا كوشنر إسرائيل إلى اغتنام الفرصة السانحة أمامها اليوم لتحييد حزب الله في الشمال، بعد أن تم تحييد التهديد من غزة إلى حد كبير، على حد زعمه.

وقال كوشنر أيضاً إن الخطوة الصحيحة التي يوصي بها الولايات المتحدة هي أن تطلب من “إسرائيل” إنهاء هذه المهمة، وإنهاء حزب الله تماماً في الشمال، وتحييد ترسانة إيران من الأسلحة التي تهدد إسرائيل، مؤكداً أن هذا الأمر قد تأخر كثيراً وأن هذه ليست معركة إسرائيل وحدها. كما أشار كوشنر في تغريدته إلى أن منطقة الشرق الأوسط في حالة من السيولة اليوم، وأن “القدرة على إعادة تشكيلها غير محدودة”، ناصحاً إسرائيل والولايات المتحدة ألا يضيعوا هذه الفرصة الذهبية.

وقد جاءت التغريدة المطولة لجاريد كوشنر على النحو التالي:

إن يوم السابع والعشرين من سبتمبر 2024 هو اليوم الأكثر أهمية في منطقة الشرق الأوسط منذ توقيع اتفاقات أبراهام (2020).

لقد أمضيت ساعات عديدة لا حصر لها في دراسة “حزب الله”، ولا يوجد خبير على وجه الأرض يعتقد أن ما قامت به إسرائيل من قطع رؤوسهم وإذلالهم كان ممكناً.

وهذا أمر بالغ الأهمية، ذلك أن إيران قد أصبحت الآن مكشوفة تماماً. حيث كان السبب وراء عدم تدمير منشآتها النووية، على الرغم من ضعف أنظمة الدفاع الجوي لديها، هو أن حزب الله كان بمثابة سلاح محشو بالذخيرة وموجَّه إلى إسرائيل. فقد أنفقت إيران السنوات الأربعين الماضية في بناء هذه القدرة كرادع يعمل لصالحها.

وفي كثير من الأحيان، كان الرئيس دونالد ترامب يقول: “مع أن إيران لم تكسب قط حرباً، إلا إنها لم تخسر أي مفاوضات”. ويكون نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية أكثر صرامة عندما يخاطر بحياة حماس وحزب الله والسوريين والحوثيين، خاصة إذا قارنا مواقفه عندما يتعلق الأمر بالمخاطرة بحياة مواطنيه. إن مساعيهم الحمقاء لاغتيال الرئيس ترامب واختراق حملته الانتخابية لتنبئ بحالة اليأس التي وصلوا إليها وتؤدي إلى زيادة صلابة التحالف الكبير ضدهم.

وبينما تظل القيادة الإيرانية عالقة في ذلك الشرق الأوسط القديم، يتقدم جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي بقوة نحو المستقبل من خلال الاستثمار في شعوبهم وبنيتهم ​​الأساسية. لقد أصبحت دول مجلس التعاون الخليجي بمثابة مغناطيس ديناميكي جاذب للمواهب والاستثمارات في الوقت الذي تتخلف فيه إيران أكثر فأكثر عن الركب. ومع زوال وكلاء إيران وتهديداتها، فسوف يرتفع مستوى الأمن والازدهار الإقليمي للمسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء.

والآن ترى إسرائيل نفسها وقد تخلصت إلى حد كبير من التهديد الذي يشكله قطاع غزة، وأصبحت لديها الفرصة لتحييد حزب الله في الشمال أيضاً. قد يكون من المؤسف أننا وصلنا إلى هذه النقطة أصلاً، ولكن قد يكون هناك بصيص أمل في نهاية النفق.

إن كل من يدعون إلى وقف إطلاق النار في الشمال مخطئون. فليس هناك مجال للتراجع بالنسبة لإسرائيل. فهي لا تستطيع الآن أن تتحمل عدم إتمام المهمة وتفكيك الترسانة التي كانت موجهة ضدها بشكل كامل؛ ولن تتاح لها فرصة أخرى مماثلة أبداً.

وبعد النجاحات التكتيكية الرائعة السريعة التي حققتها عمليات أجهزة البيجر (النداء) وأجهزة الراديو (اللاسلكي) واستهداف القيادات، أصبحت مخابئ الأسلحة الضخمة لحزب الله بلا حراسة ولا حراس. حيث يختبئ معظم مقاتلي حزب الله في أنفاقهم. وليس هناك بين الموجودين منهم حالياً في الأرجاء من يكتسب أهمية تؤهله لحمل جهاز نداء أو لتتم دعوته إلى اجتماع قيادي. كما تشعر إيران أيضاً بعدم الأمان وعدم اليقين بشأن المدى التي وصل إليه اختراق استخباراتها. ولذلك فإن الفشل في الاستفادة الكاملة من هذه الفرصة لتحييد التهديد بشكل كامل هو تصرف غير مسؤول.

لقد سمعت بعض الروايات المذهلة حول كيفية قيام إسرائيل بجمع المعلومات الاستخباراتية على مدى الأشهر العشرة الماضية باستخدام بعض التكنولوجيات الرائعة ومبادرات التعهيد الجماعي (الاستعانة بمجموعة كبيرة من المصادر الخارجية).

ومع تأكيد مقتل نصر الله وتصفية ما لا يقل عن ستة عشر من كبار قادة الحزب في تسعة أيام فقط، فإن هذا اليوم هو اليوم الأول الذي بدأت فيه بالتفكير في شرق أوسط بدون ترسانة إيران المحشوة بالذخيرة بشكل كامل والموجهة إلى إسرائيل. وهناك إمكانية لأن نصل إلى العديد من النتائج الإيجابية الأخرى.

إن هذه اللحظة هي اللحظة المناسبة للوقوف إلى جانب “الأمة الإسرائيلية الساعية إلى السلام” والسواد الأعظم من اللبنانيين الذين يعانون من بطش حزب الله والذين يريدون العودة إلى الأزمنة التي كانت تنعم فيها بلادهم بالازدهار، وأن تصبح بيروت مدينة عالمية. إن القضية الرئيسية التي تقف عائقاً بين لبنان وإسرائيل هي “إيران”؛ وإلا فإن هناك فوائد جمة لشعبي البلدين ستعود عليهما من وراء العمل المشترك بينهما.

إن التحرك الصحيح الآن بالنسبة للولايات المتحدة يتلخص في أن تطالب إسرائيل بإنهاء المهمة بشكل كامل. فقد طال انتظار هذا الأمر كثيراً. فالمعركة ليست معركة إسرائيل وحدها.

لقد أجهز حزب الله على 241 عسكرياً أميركياً، بما في ذلك 220 منهم كانوا من مشاة البحرية، وذلك قبل أكثر من أربعين عاماً؛ حيث يظل هذا اليوم هو الأكثر دموية بالنسبة لسلاح مشاة البحرية الأميركي منذ معركة إيو جيما. وفي وقت لاحق من نفس اليوم، قتل حزب الله 58 من المظليين الفرنسيين.

أما الآن، فقد نجحت إسرائيل على مدى الأسابيع الستة الماضية أو نحو ذلك في القضاء على عدد من “الإرهابيين” المدرجين على قائمة الولايات المتحدة للإرهابيين المطلوبين يعادل ما فعلته الولايات المتحدة في السنوات العشرين الماضية. ومن بينهم إبراهيم عقيل، زعيم جماعة الجهاد الإسلامي اللبنانية، التابعة لحزب الله، والذي خطط لقتل هؤلاء الجنود من مشاة البحرية الأمريكية في عام 1983.

وكان الفيلسوف برنار هنري ليفي قد كتب على منصة “إكس”: “إنني أقرأ في كل مكان أن لبنان على وشك الانهيار. لا، بل هي على وشك الإغاثة والخلاص”.

قد تأتي لحظات كهذه مرة واحدة في كل جيل، وذلك إن أتت أصلاً.

يتصف الشرق الأوسط في كثير من الأحيان بالجمود وعدم التغيير، اللهم إلا النذر القليل. أما اليوم فقد أصبح يتصف بالسيولة، وأصبحت هناك إمكانية غير محدودة لإعادة تشكيل المنطقة من جديد. فلا تضيعوا هذه اللحظة الفارقة. فلنصلي جميعاً من أجل النجاح والسلام واتخاذ قادتنا للقرار الصائب في هذا الأمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى