المعهد المصري للدراسات

دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في عملية صنع القرار

مقدمة:

تهتم القيادة السياسية في أي دولة بتنظيم مؤسساتها الاستخباراتية، وتقويتها بهدف حماية أمنها القومي ومصالحها، كما تهتم الدول بالعمل الاستخباري من أجل التخطيط لإدارة العمل السياسي، والاقتصادي، والعسكري، عند مواجهة الحروب المحتملة، وتساعد الأجهزة الاستخباراتية قيادة الدولة في اتخاذ القرارات السليمة لإدارة الأزمة وحلها.
لذلك نجد أن أجهزة الاستخبارات تسهم بشكل كبير في صناعة القرار السياسي بناء على المعلومات التي تمتلكها تلك الأجهزة.
إسرائيل من الدول التي تهتم بالأجهزة الاستخباراتية، وتحتل تلك الأجهزة أهمية بالغة في بناء الكيان، حيث تلعب أدورا رئيسية في حماية أمن إسرائيل، وفي صناعة قرارها السياسي والعسكري.

 وتعتمد القيادة السياسية في إسرائيل على هذه الأجهزة، لما تقدمه من معلومات وتقديرات استخباراتية في عملية صنع القرار السياسي في الداخل والخارج.

في ظل ذلك يأتي هذه البحث لمعرفة دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل.

أولاً: مشكلة البحث

تتمثل مشكلة الدراسة في إلقاء الضوء، على الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل ودورها في صناعة القرار السياسي في إسرائيل داخليا وخارجيا، وكيف تتم عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل، وعليه فإن السؤال الرئيس لهذه الدراسة هو: ما دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل؟

وينبثق من هذا التساؤل الرئيس مجموعة من التساؤلات الفرعية الأتية.

ثانيا: فرضيات الدراسة

تنطلق هذه الدراسة من الفرضيات التالية:

لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية دور في مجريات الحياة السياسية، بما لها من انعكاسات على رؤية القيادة السياسية في اتخاذ قراراتهم.

عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل، تساهم فيها العديد من القوى، والأحزاب، والحكومة، والمؤسسة العسكرية والأمنية.

ثالثا: أهداف الدراسة

تهدف هذه الدراسة إلى:

رابعا: أهمية الدراسة

وهي تنقسم إلى فرعين، هما:

أولاً: الأهمية النظرية

ثانيا: الأهمية التطبيقية والعملية

تمثلت الأهمية العملية لهذه الدراسة على، ضوء نتائج الدراسة الحالية لكل تساعد صناع القرار في الدول العربية، وأجهزة الاستخبارات العربية، وحركات المقاومة ضد إسرائيل، في معرفة تركيبة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل، ودور أجهزة الاستخبارات في صناعته.

خامسا: حدود الدراسة

الحد الموضوعي “دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في صناعة القرار السياسي في إسرائيل”

الحد المكاني “إسرائيل”

الحد الزماني “من ١٩٩٦ إلى ٢٠٢١”، حيث إن بداية هذه الفترة ونهايتها تولي فيها بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

سادسا: منهجية الدراسة

إن الدراسة القائمة استوجبت منهج تحليل النظم، هذه المنهج يتنازل طبيعة العلاقة بين متغيرات الدراسة، وهي الأجهزة الاستخباراتية، وصنع القرار السياسي في إسرائيل.

كما استندت الدراسة إلى المنهج التاريخي للرجوع إلى ما كتب عن المشكلة قيد البحث تاريخيا، منذ نشأة الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل، وحتى أخر مراحل تطورها.

كما استندت إلى منهج صنع القرار وذلك لمعرفة المؤسسات والأجهزة التي تشارك في مراحل صنع القرار.

سابعا: الدراسات السابقة

التعقيب على الدراسات السابقة

من خلال استعراض الدراسات السابقة والمقارنة مع الدراسة القائمة، نجد أن هذه الدراسات لم تتناول موضوع دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في صناعة القرار السياسي في إسرائيل؛ وما سبق أضاف تميز لهذه الدراسة من خلال موضوعها، مما يفيد المكتبة العربية في هذه الإطار.

ثامناً: مصطلحات الدراسة

المبحث الأول: لمحة تاريخية عن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية

تحتاج كل الدول للعمل الاستخباري، للحفاظ على مصالحها من تربص الأعداء، لذلك تسعى كل دولة إلى بناء جهاز أمني واستخباري فعال، يحافظ على أمنها ويرعى مصالحها.

ونعرض في هذا المبحث لمحة تاريخية عن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمراحل التي مرت بها هذه الأجهزة، ويمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل:

أولا: المرحلة الأولى “التأسيسية”

 كانت هناك منظمتا استخبارات رئيسيتان في الاستيطان اليهودي حتى حرب عام ١٩٤٨، الأولى هي: الشعبة السياسية للوكالة اليهودية، حيث إن بنية هذه الشعبة ونشاطاتها تأثرت ببنية جماعة الاستخبارات البريطانية، التي كان لوزارة الخارجية فيها مكانة السيطرة.

وقد تمحور عمل الشعبة السياسية فيما يلي: العلاقات بين الفلسطينيين ومدن الجوار، العلاقات بين الدول العربية والدول العظمى، العلاقات العربية الداخلية، والتطورات الداخلية في الدول العربية التي كانت لها انعكاسات على ما يحدث في إسرائيل، وقد اهتمت الشعبة بجمع معلومات اقتصادية وأمنية وسياسية وبإجراء الأبحاث، وتطوير العلاقات مع الجهات الاستخباراتية الأجنبية، والمبادرة للقيام بعمليات تهدف لإحباط العمليات المعادية، كما تابعت التحركات والنشاطات الأجنبية في إسرائيل.

وعند قيام إسرائيل تم دمج الشعبة السياسية للوكالة اليهودية في وزارة الخارجية الإسرائيلية على غرار ما هو حادث في بريطانيا. (عقيلي، ٢٠٠٩ م)

أما المنظمة الأخرى الثانية فكانت تعرف باسم: “هيئة المعلومات لمنظمة الهاجانه العسكرية”، التي كانت النواة الأولى الأساسية لجيش الكيان، وتركزت أنشطتها حول الجبهة الداخلية، وعرب الداخل، والبريطانيين والبلدان العربية وقامت الهيئة بتجنيد شبكات من المتطوعين والمتعاونين، ومع إنشاء الجيش الإسرائيلي تفككت هذه الهيئة واستخدمت وحداتها المختلة لتشكيل هيئة استخبارات عسكرية داخل الجيش. (أبو سويرح – ٢٠١٦- ص ٣)

ثانيا: المرحلة الثانية

في منتصف عام ١٩٤٨م وفي أوج الحرب تم تقسيم جماعة الاستخبارات الإسرائيلية إلى الجهات التالية:

وفي إبريل ١٩٤٩م تشكلت لجنة التنسيق بين الهيئات العليا برئاسة رأوبين شيلواح، أمين سر رئيس الوزراء بن جوريون، ويتكون أعضاء هذه اللجنة من رؤساء الأقسام السياسية، الشاباك، المخابرات العسكرية، وشرطة إسرائيل.

أما المؤسسة المركزية لتركيز وتنسيق الخدمات المخابراتية والأمنية فقد تشكلت في ١٣ ديسمبر ١٩٤٩م وترأسها شيلواح أيضا، وكان الهدف منها تطوير أنشطة المخابرات وتنسيقها. (أبو سويرح – ٢٠١٦- ص ٤).

لقد استقرت المؤسسة المركزية لتركيز وتنسيق خدمات الأمن والاستخبارات، كهيئة مستقلة في وزارة الخارجية وسيطرت على القسم السياسي في الوزارة، وكان هدفها تنسيق أعمال الجبهتين الاستخباريتين الأخريين “الخدمات الأمنية وقسم الاستخبارات في شعبة عمليات الجيش الإسرائيلي” بيد أن هذه الخطوة لم تفض على الصعيد العملي لإقامة مركز إداري لجماعة الاستخبارات في إسرائيل، بل لخلق منظمة جديدة وهي الموساد للاستخبارات والمهام الخاصة. (عقيلي، ٢٠٠٩، ص ٥٢).

ثالثاً: المرحلة الثالثة

في مارس ١٩٥٤م تحولت المؤسسة المركزية لتركيز وتنسيق الخدمات الاستخباراتية والأمنية إلى هيئة مستقلة بذاتها ولم تعد تابعة لوزارة الخارجية، وأصبحت تابعة لرئاسة الوزراء بصورة مباشرة، وفي المقابل حدث تغير جوهري في مهامها، حيث أنشئت هيئة مركزية مستقلة داخل هذه المؤسسة منوطة بكل العمليات الاستخبارية خارج البلاد، التي مثًلت فيما بعد الجزء الرئيس من جهاز الموساد.

اشتملت الهيئة على ممثلين من جهازي الاستخبارات الأخريين، سواء على مستوى القيادات العليا أو القيادات الميدانية، وبرزت في تلك الآونة شخصية رأوبين شيلواح الذي نجح في تطوير مجموعة من العلاقات الخارجية السرية، كما نجح في نسج علاقات خاصة مع أجهزة مخابرات غربية ومن بينها المخابرات المركزية الأمريكية. (أبوسويرح -٢٠١٦ / ص ٥)

المبحث الثاني: الوضع القائم لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية

في هذه المبحث سوف نتطرق بشكل سريع إلى أهم الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية معرفين بهذه الأجهزة وأنشطتها.

وهذه الأجهزة هي: جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”، جهاز المخابرات العامة “الشاباك”، المؤسسة المركزية للاستخبارات والأمن الإسرائيلي الخارجية “الموساد”، المخابرات الجوية والمخابرات البحرية، إدارة المباحث الخاصة بالشرطة، مركز الأبحاث بوزارة الخارجية “مماد”.

أولا: جهاز الاستخبارات العسكرية ” أمان”

الهدف: مهمة جهاز الاستخبارات التابع للهيئة العامة لأركان الجيش الإسرائيلي الأساسية هي العمل الأمني والاستخباري لصالح الجيش، ووزير الدفاع والحكومة، ومختلف الأجهزة الرسمية الإضافية العاملة في مجال الأمن والعلاقات الخارجية، ويركز عمله في البيئة الاستراتيجية المحيطة بإسرائيل.

من جهة التبعية الإدارية والتنظيمية فإن جهاز أمان يتبع مباشرة لرئيس هيئة الأركان الذي يتبع بدوره مباشرة لوزير الدفاع التابع أصلا للحكومة. (أبو عامر، ٢٠٠٩، ص ٢٠).

نشأة جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”:

“أمان” مثلها مثل الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية الأخرى، فهي امتداد لأجهزة المنظمات الصهيونية ما قبل إعلان إسرائيل ولم تكن مثل ماهي عليه اليوم، وإن كانت كقسم تابع لهيئة أركان الجيش وتمارس أعمالها وأهدافها، ولكن الشكل المعرف اليوم يعود إلى الثامن والعشرين من كانون الأول ١٩٥٣م، كشعبة في هيئة الأركان بدلا من قسم الاستخبارات ويرأسها أحد جنرالات الجيش الإسرائيلي، الذي يكون عضوا في هيئة الأركان العامة ويتركز عملها في مراقبة القدرات العسكرية للدول والمنظمات. (عقيلي، ٢٠٠٩).

أبرز مهام جهاز أمان:

تركيبة جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”:

بعد التطور المتسارع الذي طرأ على أمان تنوعت الأقسام والوحدات داخله، ليتمكن من مواكبة المخاطر الأمنية المتزايدة، حيث تم إدخال تحديثات عديدة عليه، ويشمل جهاز الاستخبارات العسكرية أمان حاليا وحدات وأقسام عديدة تعمل في مجالات جمع المعلومات، وبحثها، وتحليلها، وفي مجال التطور التكنولوجي. (أبوسويرح، ٢٠١٦).

تتكون رئاسة المخابرات العسكرية أمان من الأقسام التالية:

وهناك من الصعوبة على أي جهة أن تنكر دور أمان في توفير الكم الهائل من المعلومات الاستخباراتية في مجال الجمع والتحليل للمعلومة الأمنية للدرجة التي تصل فيها مهامه إلى خارج حدود الجيش من خلال إمداد المستوي السياسي وأجهزة الأمن الأخرى بالمعلومات اللازمة لتحقيق أهدافها المرجوة (أبو عامر، ٢٠٠٩).

ثانيا: جهاز المخابرات العامة “الشاباك”

الهدف: جهاز الشاباك يتركز عمله في الحفاظ على أمن الدولة والمحافظة على الطابع الديمقراطي للدولة ورعاية مؤسساتها، من أي تهديد إرهابي، تخريبي، أو أعمال تجسس وكشف لأسرار الدولة. كما يقوم بالحفاظ على المصالح الرسمية للدولة لا سيما الحيوية منها وكل ما يتعلق بالأمن القومي للدولة وفقا لما حددته القوانين الحكومية.

والشاباك كما هو معلوم تابع كليا للجهاز الحكومي وبصورة خاصة إلى مكتب رئيس الحكومة (أبو عامر، ٢٠٠٩).

يعتبر جهاز الشاباك الإسرائيلي من أكثر أجهزة الاستخبارات حضورا وتأثيرا على عملية صنع القرار السياسي والعسكري، ولا يمكن مقارنة تأثيره الطاغي، بتأثير أي جهاز أمني أخر في إسرائيل وتأتي أهمية هذ الجهاز من كونه مكلف بمهمات الأمن الداخلي ومكافحة التجسس. (محمود، ٢٠٠٣)

نشأة جهاز الشاباك

لقد تم يوم ١٨ فبراير ١٩٤٩م إضفاء صفة الرسمية على جهاز الأمن وإن استمر التكتم على وجوده حتى عام ١٩٥٧م. ثم تطور عمل جهاز الشاباك وخاصة بعد حرب عام ١٩٦٧م وكان يسمي سابقا الشين بيت ويسمى الآن الشاباك وهي الأحرف الأولى من “شيرون بطاحون كلالي” ومعناها بالعربية مصلحة أو خدمات الأمن العام. (عقيلي، ٢٠٠٩).

أبرز مهام جهاز الشاباك:

تتلخص مهامه الأساسية في التالي:

تركيبة جهاز الأمن العام الشاباك

تتبع هيكلية الجهاز الشكل الهرمي حيث تبدأ من قائد الجهاز وهو غالبا برتبة لواء أو عميد حتى يصل إلى القاعدة التي تضم المحققين وضباط المناطق وتكون أدني رتبة في الجهاز هي رتبة رقيب وتتكون تركيبة الجهاز مما يلي:

ثالثا: المؤسسة المركزية للاستخبارات والأمن الإسرائيلي الخارجية “الموساد”

الموساد هو المؤسسة المركزية للاستخبارات والأمن الإسرائيلي الخارجية وهو أحد أهم مركبات جهاز الأمن الإسرائيلي، وهو منظمة تجسس مسؤولة عن جمع المعلومات المدنية والعسكرية والقيام بعمليات أمنية وسرية خارج حدود الدولة. (عقيلي، ٢٠٠٩).

الهدف جهاز الموساد أسس من قبل قيادة الدولة للقيام بمهام جمع المعلومات وإجراء البحوث وتنفيذ المهام السرية خارج حدود إسرائيل. (أبو عامر، ٢٠٠٩).

نشأة الموساد الإسرائيلي:

في عام 1951 م صدر قرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي دافيد بن جوريون بإنشاء جهاز استخباري خارجي، ليكون بمثابة ذراع استخبارات رئيس ضمن أجهزة الاستخبارات السرية المتعددة، الذي يعني بجميع المعلومات وإجراء البحوث وتنفيذ المهام الخاصة والاغتيالات، وعلى الرغم من أن دور الموساد محدود وغير مباشر في العمل الاستخباري في الضفة الغربية، وقطاع غزة خصوصا والأراضي الفلسطينية عموماً، إلا أن ساحات عمله خارج حدود الدولة واسعة وغير محدودة، ويتبع جهاز الموساد بصورة كاملة لرئيس الحكومة. (أبوسويرح، ٢٠١٦).

مهام جهاز الموساد الإسرائيلي:

تتركز مهام جهاز الموساد في النواحي التالية:

وبالتالي فإن الموساد المكلف بتنفيذ المهام الخاصة يمكن تصنيفه على أنه جهاز أمني يقدم خدمات قومية ومكلف بالمهام التالية ” جمع المعلومات – إجراء الأبحاث الأمنية – تنفيذ عمليات سرية خاصة خارج حدود الدولة.

دوائر وأقسام جهاز الموساد:

يتكون جهاز الموساد من دوائر وأقسام مختلفة ولكل واحد منها مهامه وصلاحياته ويقوم برفع تقاريره إلى رئيس الموساد، ومن أهم هذه الأقسام.

رابعا: مركز الأبحاث السياسية ” مماد”

الجهاز التابع لوزارة الخارجية ويعمل في مجالات تقدير المواقف السياسية فقط، في ضوء ما يصله من معلومات أمنية واستخباراتية وسياسية من المكاتب والقنصليات التابعة لها في مختلف عواصم العالم.

وجهاز الأبحاث السياسية مركز صغير نسبيا إذا ما تم قياسه بمراكز الأبحاث الأخرى التابعة لجهازي الموساد وأمان، ويتم الاستفادة من أبحاثه في مجال العمل الدبلوماسي الذي تضطلع به وزارة الخارجية.

ومع ذلك فإن ممثليه والعاملين فيه يشاركون في أحيان كثيرة في اجتماعات الحكومة لتقدير المواقف الأمنية ويقدمون توصياتهم ومقترحاتهم للتعامل مع مختلف المستجدات السياسية ذات الصلة بإسرائيل. (أبو عامر، 2009).

تم تأسيس جهاز داخل المركز سمي بـ “كمان”، حيث معظم العاملين فيه من النساء ولديهم مهام تشابه مهام عميلات الموساد، ولكل ما يختلف أن معظم النساء العاملات في الجهاز هن من عالم السياسة ودبلوماسيات ويملكن شبكة علاقات واسعة مع مسؤولين سياسيين وعسكريين وأمنيين ودبلوماسيين ومعارضين مع العرب ومن دول أجنبية كثيرة.

وبحسب معظم التقارير فإن “كمان” لعب دورا مهما في توطيد العلاقات بين إسرائيل ودول العالم في أوروبا وأسيا بصفة عامة وفي إفريقيا بصفه خاصة، ولعب دورا في عقد محادثات بين السياسيين الإسرائيليين ونظرائهم العرب والأفارقة خلال العشر سنوات الماضية. (أبوسويرح، ٢٠١٦).

خامسا: جهاز الاستخبارات التابع لشرطة إسرائيل

الشرطة الإسرائيلية لديها جهاز استخبارات فعال، تستفيد منه في مجال التحقيقات التي تجريها في شتى المجالات، كما تعتمد عليه في تنفيذ عدد من المهام الشرطية الخاصة.

ويتلخص دور الاستخبارات الشرطية على جمع المعلومات، وتقدير الموقف، والبحث والتحليل، وتنفيذ مهام خاصة، وإحباط جهود معادية لا سيما المساهمة في تكثيف الجهود لمحاربة الجريمة، والحافظ على الأمن العام، ورعاية أمن الجمهور الداخلي.

كما أن جهاز الاستخبارات الشرطية، مسؤول أمام قيادة الشرطة على وضعها في صورة الوضع العام داخل الدولة، في القضايا التي تمثل اهتمامها بالدرجة الأولى لكي تساعد صناع القرار فيها، على اتخاذ الصائب منها وتجنب اتخاذ قرارات غير مستندة إلى معلومات غير دقيقة. (أبو عامر، 2009).

سادسا: المخابرات الجوية والمخابرات البحرية

المخابرات الجوية والمخابرات البحرية صغيرة وذات وحدات عالية التخصص تركز على الموضوعات التي تهمها بشكل مباشر، أي التي تهم القيادة البحرية والجوية.

يشترك مدير المخابرات الجوية ومدير المخابرات البحرية في اجتماعات مدير المخابرات العسكرية ويشارك ضباط هذين الجهازين في الاجتماعات الدورية لقسم البحوث حتى يمكن تنسيق مسؤولية تقديم التقارير.

المبحث الثالث: صناعة القرار في إسرائيل

عملية صنع القرار في إسرائيل تخضع للعديد من المؤثرات الداخلية والخارجية والتي تساهم عمليا في الضغط على أصحاب القرار كي يضعوا وجهات النظر المتعددة في حسابتهم وأحيانا يتم فرض بعض الآراء على أصحاب القرار نتيجة بعض التوازنات ـ وخاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي الإسرائيلي، واذا اعتبرنا أن الحكومة الإسرائيلية هي صاحبة القرار، بما كفلت لها القوانين فإنه لا شك فيه أن بعض القوى والمؤسسات وجهات الضغط أيضا تمارس هذه الدور بشكل أو بأخر فنجد أحيانا الدور الفاعل والمؤثر للمؤسسة العسكرية في حسم بعض القرارات والتي غالبا ما تخص قضايا الحرب أو الصراع فتكون الأكثر تأثيرا وحسما في هذه القضايا وعلى اعتبار أن المؤسسة الأمنية التي تمتلك كافة المعلومات في هذا المجال، أيضا يبرز بوضوح دور الأحزاب الإسرائيلية في التأثير على صناعة القرار وخاصة الأحزاب اليمينية الدينية حيث تستغل هذه الأحزاب وجودها في الحكومة من أجل سن بعض القوانين الخاصة والتي تؤدي إلى الحفاظ على قواعدها الحزبية.

ويبرز أيضا الدور المركزي لمراكز الأبحاث حيث أنها تلعب دورا مركزيا في توجيه الرأي العام باتجاه بعض القضايا الهامة والمصيرية وأحيانا بلجأ صانع القرار إلى تشكيل مراكز بحث لهذه الفرص والذي من خلاله يتوفر لصانع القرار المعلومات الكافية التي تساعده على اتخاذ القرار السليم، لذلك سنحاول بشكل مختصر إلقاء الضوء على دور القوى متخذة القرار الإسرائيلي.

(1) دور الحكومة الإسرائيلية في اتخاذ القرار

بعد تكليف رئيس الحكومة من قبل رئيس الدولة يتم عرض الحكومة على الكنيست الإسرائيلي للمصادقة عليها، وبعد أن تمنح الثقة تعتبر حكومة قائمة ويباشر الوزراء مهامهم، ومنذ تلك اللحظة يمتلك رئيس الحكومة صلاحية تعيين الوزراء أو إقالتهم. ويعد رئيس الوزراء السلطة العليا التي تضع السياسيات وتنفيذها. وهاك أيضا مجلس وزراء مصغر أو داخلي ويضم عادة حوالي عشرة أعضاء مأخوذين من مجلس الوزراء الأكبر حجما، ويتكون من أهم الوزارات مثل الدفاع والشؤون الخارجية، والمالية. (جوبسر، 2001).

أهم اللجان في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي

1 – لجنة الوزراء لشؤون الأمن:

رئيس الحكومة يرأس هذه اللجنة وتسمى الكابينت أو المجلس الوزاري المصغر ولها الصلاحية في صناعة القرار السياسي في القضايا الهامة أو المصيرية.

2-مجلس الأمن القومي

مؤسسة تابعة لديوان رئيس الحكومة، ويستمد مجلس الأمن القومي صلاحيته وقوته من الحكومة.

3-سكرتير الحكومة العسكري

يعتبر سكرتير الحكومة العسكري مركزا حساسا، لأنه حلقة الوصل بين رئيس الحكومة والمؤسسة الأمنية، ويحضر جميع اجتماعات رئيس الحكومة مع المسؤولين العسكريين والأمنيين.

(2) المؤسسة العسكرية والاستخباراتية:

منذ تأسيس إسرائيل والمؤسسة العسكرية ممثلة بالجيش والموساد والشاباك تدار وفقا لمدونة سلوك تختلق عن تلك الخاصة بالمستوى السياسي حيث إن مدد شغل المناصب فيها طويلة نسبيا ومستقرة. وتعتمد التعينات فيها على درجة الاحترافية، والخطط التطويرية تمتد على مدى عدة مستويات وبالتالي فهي تملك القدرة على التخطيط وتنفيذ السياسيات على نحو أكثر فاعلية من الأجهزة الأخرى. (أبوعامر، 2010).

أصبحت المؤسسة العسكرية الحاضنة الأساسية للقيادات السياسية التي تتبوأ المناصب السياسية العليا والأهم في إسرائيل، فقد تولى في العقدين الأخريين ثلاث جنرالات سابقين لرئاسة الحكومة وهم ” يتسحاق رابين، ويهود بارك، أرائيل شارون، وفي العقود الخمسة الأخيرة شغل أكثر من 60 جنرال منصب وزير ونائب وزير في الحكومات الإسرائيلية المتعاقدة و أكثر من 100 جنرال عضوية الكنيست.

(3) دور مراكز البحث والفكر في مساعدة صانعي القرار:

باتت إسرائيل تمتلك خلال العام 2020 العشرات من مراكز البحث ومعاهد الدراسات الاستراتيجية التابعة للجامعات والوزارات المختلفة، وبطبيعة الحال لكل مركز أو معهد اختصاص مناط بنشاطه من ندوات ومؤتمرات وصولا إلى إصدار تقارير وبحوث دورية، تتضمن نتائج واستخلاصات على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي أو العسكري، تفيد في مجملها في اتخاذ قرارات استراتيجية تخطط إسرائيل لها مسبقا. (السهلي، 2020).

تعتبر مراكز الابحاث أحد أهم روافد عملية صنع القرار في الغرب، وفي دولة الاحتلال الإسرائيلي على وجه الخصوص، حيث أدركت مبكرا أهمية هذه المراكز خاصة في تحقيق مكاسب في صراعها مع العرب.

ويوجد في إسرائيل أكثر من 50 مركزا بحثيا ومعهدا للدراسات يقومون بمعالجة الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ويقدمون مقاربات وتوصيات لصانع القرار في إسرائيل لكيفية معالجة هذه الأزمات وأهم هذه المراكز:

10-معهد مراقبة وسائل الإعلام الفلسطينية. (أبو كريم، 2010).

(4) دور الأحزاب الإسرائيلية:

تتميز الأحزاب السياسية بالتعدد الذي يعد من أبرز خصائص النظام السياسي الإسرائيلي ومرجع هذا التعدد هو تنوع الطوائف وتباين الاتجاهات وتضارب الأصول التي تسعى كل منها للتعبير عن نفسها بشكل حزب سياسي.

تظهر قوة تأثير الأحزاب الإسرائيلية في النظام السياسي في إسرائيل قبل وأثناء المفاوضات مع رئيس الحزب المكلف بتشكيل الحكومة حيث تظهر قوتها على التأثير في تشكيل الحكومة وتوقع اتفاقيات تحافظ على مصالحها سواء كانت اجتماعية أو سياسية. (خطيب، 2015).

المبحث الرابع: دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في صناعة القرار في إسرائيل

(1) الاستخبارات العسكرية أمان:

يعتبر جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أمان أكبر الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على الإطلاق وأكثرها كلفة لموازنة الدولة، ويقدم الجهاز التقييمات الاستراتيجية للحكومات الإسرائيلية والتي على أساسها يتم صنع واتخاذ القرار في إسرائيل. (نحاس – ٢٠٠٦)

تقدم المخابرات العسكرية الإسرائيلية أمان تقارير استخباراتية فورية لها أهمية عملياتية وتوزع كمادة خام كما وردت مع بعض التعليقات عليها من كبار الباحثين، كما تقدم تقرير يومي إجمالي عن المستجدات مع تحليل لها، وتقارير خاصة في موضوعات مختلفة بين الفينة والأخرى خلال السنة، كما تقدم أحدث التقديرات الاستراتيجية لوزير الدفاع ورئيس الوزراء وغيره من صناع القرار في اجتماعات أسبوعية، ويصدر عن أمان التقدير الاستخباراتي القومي السنوي.

(2) دور جهاز المخابرات العامة والأمن العام “الشاباك”:

على الرغم من أن الشاباك هو أصغر الأجهزة الاستخباراتية في دولة الاحتلال إلا أنه يعتبر أكثر الأجهزة الأمنية حضورا وتأثيرا على عملية صنع القرار السياسي والعسكري ولا يمكن مقارنة تأثيره الطاغي بتأثير أي جهاز أمني آخر في إسرائيل. (وكالة وفا)

كل وسائل الإعلام الإسرائيلية تجمع على أن الحكومة تضرب بعرض الحائط توصيات بقية الأجهزة الأمنية الأخرى إذا كانت تتعارض مع التوصيات التي يقدمها الشاباك.

وقد دلت التسريبات التي تبرز من المداولات الأمنية السرية التي عقدتها الحكومة الإسرائيلية منذ انطلاق انتفاضة الأقصى بشكل لا يقبل التأويل أن الشاباك هو الذي رسم سياسيات القمع التي مارستها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وهو الذي كان ينجح دائما في رفع سقف هذا القمع مستغلا إنجازاته لتبرير مطالبة الحكومة بتبني توصياته.

وهذا النفوذ الواسع الذي يحظى به الشاباك هو الذي جعل ناحوم برنيع كبير معلقي صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية يعتبر رئيس الشاباك هو الحاكم الحقيقي للدولة. (النعامي- ٢٠٠٥)

(3) دور جهاز الأمن الخارجي “الموساد”:

الموساد يلعب دورا مهما في سياسة الظل الخارجية لإسرائيل مع الدول ويعتبر جهاز الموساد عبر رئيسه الحالي يوسى كوهين عرّاب العلاقات مع قادة عرب ورأس حربة التطبيع والهدف من تطوير هذه العلاقات والتدرج بتظهيرها للعلن هو الدفع باتجاه التعامل مع إسرائيل كدولة طبيعية. (أبو زبيدة – ٢٠٢٠).

خاتمة

توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصيات تتمثل في الآتي:

أولا: النتائج

1ـ معظم السياسات في إسرائيل تبنى على تقييمات استخباراتية.

2ـ تتمحور وظيفة الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل في توفير المعلومات وتزويدها لصانع القرارات في المستويين العسكري والسياسي.

3ـ تولي إسرائيل أهمية خاصة للأجهزة الاستخباراتية والأمنية حيث تعتبر دولة عسكرية من طراز نادر.

4ـ هناك علاقة كبيرة بين المستوى السياسي والمستوى الاستخباري في صناعة القرار السياسي في إسرائيل.

5ـ وجود معلومات وتقدير موقف جيد من أجهزة الاستخبارات يساهم في دور فعال في اتخاذ القرار السياسي.

ثانيا: التوصيات

_________________

مراجع البحث

أولا: الكتب

ثانيا: الدراسات

ثالثا: المحاضرات

رابعا: المواقع

Exit mobile version