نبع السلام ـ قراءة في التفاهمات والتداعيات
نبع السلام ـ قراءة في التفاهمات والتداعيات تركيا
تمهيد
توصلت أنقرة وواشنطن في 7 أغسطس 2019، لاتفاق يقضي بإنشاء مركز عمليات مشتركة في تركيا، لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة شمالي سوريا[1]. وفي 28 أغسطس، وتنفيذاً للاتفاق كمرحلة أولى، نفذ الجيشان التركي والأمريكي أول طلعة جوية مشتركة في شرق الفرات، وتبعها ثلاث طلعات أخرى، فضلا عن تسيير عدة دوريات برية مشتركة في تل أبيض ورأس العين السوريتين[2]. وفي 5 أكتوبر، وبرغم الاتفاق الأخير ودورياتهما المشتركة، هاجم الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” الولايات المتحدة، واتهمها بالمماطلة، معلناً أن العلمية باتت قريبة جداً، ما دفع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، والتي تسيطر عليها “وحدات حماية الشعب الكردية” المصنفة إرهابية من قبل تركيا، للتهديد بحرب شاملة[3].
وفي 7 أكتوبر، بدأت القوات الأمريكية بالانسحاب من مواقع في شمال شرقي سوريا، من تل أبيض ورأس العين، وذلك بعد مكالمة هاتفية بين الرئيسين “أردوغان” و”دونالد ترامب”، ما دفع الأكراد لوصف ذلك بأنه “طعنة في الظهر”، كما أعلن البيت الأبيض أنه لن يدعم أو يشارك في العملية التركية[4]. وفي 9 أكتوبر، أعلن “أردوغان” انطلاق عملية “نبع السلام” في شرق الفرات[5]. بدأت العملية بقصف جوي ومدفعي تركي لبلدات تل أبيض ورأس العين، تبعه تدخل بري في ذات المناطق في اليوم التالي من قبل الجيش التركي و”الجيش الوطني السوري” المعارض[6]. وفي 13 أكتوبر أعلنت وزارة الدفاع التركية سيطرتها على تل أبيض والطريق الدولي “إم4″، والذي يربط محافظة الحسكة بمحافظات الرقة وحلب وصولاً للاذقية، في حين ظلت سيطرتها غير مكتملة في رأس العين[7].
وفي 14 أكتوبر، ومع انسحابات أمريكية متتالية، وبتنسيق كردي روسي، دخلت قوات النظام مدينتي منبج وعين العرب[8]. وفي 17 أكتوبر، توصل الجانبان الأمريكي والتركي لاتفاق، يقضي بوقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا، وتعليق العملية العسكرية التركية خلال 5 أيام، مع وعود أمريكية بتنفيذ المنطقة الآمنة[9]. وفي 20 أكتوبر، تنفيذاً للاتفاق سيطر الجيش التركي وحلفاؤه على مدينة رأس العين كاملةً، بعد انسحاب “قوات سوريا الديمقراطية” منها[10]. وفي 22 أكتوبر، توصل الجانبان الأمريكي والروسي لاتفاق، مد فترة وقف إطلاق النار لـ 150 ساعة أخرى، ومتضمناً تقسيماً للنفوذ بين الطرفين في شمال شرق سوريا[11].
وتهدف تركيا من هذه العملية لإنشاء منطقة آمنة تمتد من نهر الفرات غربا حيث مدينة جرابلس، حتى المالكية في أقصى شمال شرقي سوريا، عند مثلث الحدود التركية العراقية السورية، بعمق يتراوح بين 30 و40 كيلومترا، وعلى امتداد يقدر بنحو 460 كيلومترا[12]. وبإنشاء هذه المنطقة يمكن لتركيا تحقيق عدة أهداف: أولاً إبعاد “وحدات حماية الشعب الكردية” عن طول الشريط الحدودي السوري جنوب تركيا، بما يفشل محاولاتهم في إنشاء حكم ذاتي أو دولة مستقلة، والقضاء على التهديدات التي تطال البلدات التركية انطلاقاً من الشمال السوري، ثانياً، إعادة اللاجئين السوريين لبلادهم، والمقدر عددهم في تركيا 3.5 مليون لاجئ. فقد أعلن نائب الرئيس التركي “فؤاد أوقطاي” عن تخطيط تركيا لتأمين عودة نحو مليوني لاجئ سوري إلى المنطقة الآمنة، مشيراً لعودة 360 ألف لاجئ طواعيةً لمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون[13].
شكل (1): المنطقة الآمنة التي تقترحها تركيا
المصدر: بي بي سي.
في هذا السياق، تسعى الورقة لتقديم قراءة كلية لعملية “نبع السلام”، وما تضمنته من تفاهمات بينية أمريكية تركية ثم روسية تركية. وأخيراً تداعيات هذا العملية وهذه التفاهمات، من خلال تبيان حسابات الربح والخسارة للأطراف الفاعلة المختلفة.
أولاً، ردود الفعل ودوافعها
يمكن تناول ردود فعل القوى الإقليمية والدولية على عملية “نبع السلام” من خلال تقسيمها لثلاثة مستويات:
المستوى الأول الدول المعارضة، وجاءت على رأسها: أولاً الجامعة العربية، والتي نددت بالتدخل التركي في بيان رسمي لها، بعد اجتماع طارئ، والدول العربية منفردة، ممثلةً في مصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت والأردن والعراق والجزائر[14]. ثانياً الاتحاد الأوروبي، والذي أدان العملية في بيان رسمي، وطالب تركيا بوقف العملية[15]. فضلاً عن معارضة قوية من قبل مجموعة من الدول الأوروبية، تتزعمهم فرنسا وألمانيا، وقد تشاركوا مع دول أخرى في إصدار قرار بتعليق تصدير السلاح لتركيا، وشملت هذه الدول بجانب فرنسا وألمانيا، إيطاليا وكندا وبريطانيا والنرويج والتشيك وفنلندة وهولندا وإسبانيا[16]. ثالثاً إسرائيل، نددت بالعملية وحذرت من تطهير عرقي للأكراد، وعرضت المساعدة على الأكراد[17]. رابعاً الصين، طالبت تركيا بوقف العملية العسكرية[18].
لقد لاقت العملية التركية اعتراضاً قوياً من مجموعة كبيرة من الأطراف الدولية والإقليمية، في حين كانت الأطراف الداعمة قليلة من ناحية وضعيفة التأثير من ناحية أخرى. وتتمثل دوافع الأطراف الرافضة في:
السعودية بعد أن كانت مؤيدة للتدخل التركي العسكري في سوريا سابقاً[19]. أصبحت من أقوى الدول المعارضة، ويرجع ذلك لعدة أسباب، العلاقات التركية السعودية خلال عام 2019 شهدت عدة أزمات بينية فغلب عليها التوتر النسبي، وبالأخص الأزمة الخليجية، وأزمة مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” من ناحية. ومن ناحية أخرى تعد السعودية من أهم الدول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية، سواء باعتبارها ورقة ضغط في مواجهة تركيا، أو لدور هذه الحركة بدعم أمريكي في تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، ومنع إقامة ممر بري إيراني من طهران لبيروت من خلال تمركزها في الشرق. متغير آخر يفسر تغير الموقف السعودي، هو أن التدخل العسكري التركي ضد الوحدات الكردية الذي دعمته المملكة سابقاً كان تدخلاً في غرب الفرات، وهي لا تعد ذات أهمية جيواستراتيجية حقيقية لها، فالأهم في منظور السعودية هو شرق الفرات؛ لتماسه مع النفوذ الإيراني وممرها البري.
وتتفق إسرائيل مع السعودية في الهدف المتعلق بمواجهة النفوذ الإيراني. فضلاً عن استراتيجيتها في دعم الجماعات العرقية والأقليات في تأسيس كيانات مستقلة، وتفتيت الكيانات العربية القومية، لضمان السيطرة والتفرد من ناحية ولإعطاء مشروعية لكيانها ذاته من ناحية أخرى لتشابه أسس التأسيس. وقد تلعب روسيا دور المهدئ للمخاوف الإسرائيلية في هذا الصدد. وبرغم أنه ليس للصين مصالح استراتيجية قوية في سوريا، ولا تؤثر العملية بأي شكل من الأشكال على مصالح الصين في منطقة الشرق الأوسط. إلا أنها عارضت العملية، وإن كانت معارضة فاترة؛ وذلك لخشيتها من أن يؤدي التدخل التركي لتقوية جماعات المعارضة العسكرية بتوجهاتهم المختلفة، ويعد مقاتلو الإيغور واحدة منهم، تقدر أعدادهم بــ 5000 مقاتل داخل سوريا[20]. ويسعى المسلمون الإيغور للاستقلال عن الصين، وإنشاء دولة تركستان الشرقية شمال غرب الصين.
أما الاتحاد الأوروبي ودوله فقد كانوا الأكثر اعتراضاً على العملية، ولذلك عدة دوافع: من ناحية أولى خشيت دول أوروبا من أن تؤدي العملية التي تهدف بالأساس لعودة اللاجئين، إلى أن تكون سبباً في مزيد من تدفق اللاجئين على بلادهم، في ظل وجود 2 مليون مدني في منطقة العمليات. من ناحية ثانية بينما تمسك تركيا باللاجئين كورقة ضغط في مواجهة أوروبا، فإن الأخيرة تمسك بورقة الأكراد في مواجهة تركيا، ومن ثم بإمكان تركيا من خلال نجاح العملية سحب هذه الورقة من أوروبا، في الوقت الذي تظل فيه تركيا محتفظة بورقة اللاجئين. من ناحية ثالثة، كانت تسعى بعض الدول الأوروبية لخلافة أمريكا في منطقة شرق الفرات، وبالأخص فرنسا، لكن الولايات المتحدة لم تتمكن من ذلك؛ بسبب الضغوط التركية المتزايدة لتسريع العملية، كما أن الأخيرة لا ترغب في هذا السيناريو التشاركي؛ لاختلاف الدوافع والأهداف وطبيعة النظرة لقوات سوريا الديمقراطية.
ومن ناحية رابعة، تخشى أوروبا من عودة الخطر الداعشي سواء من خلال إعادة سيطرته على الأرض في سوريا من جديد، أو تمكنه من العودة لأوروبا، والقيام بعمليات في الداخل الأوروبي. فهناك تقديرات تشير إلى أن ألف عنصر من تنظيم داعش في مخيمات الاعتقال بشرق الفرات ينحدرون من نحو 50 دولة غربية وأوروبية[21]. بينهم أكثر من مئة ألماني[22].
شكل (2): مخيمات معتقلي داعش وأسرهم في شرق الفرات
المصدر: بي بي سي
ومن ناحية أخرى، يعد إحراز تقدم في مسار الحل السياسي للأزمة السورية من أولويات دول أوروبا. ومع إعلان وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” في سبتمبر 2019، أن الحرب في سوريا انتهت، والأولوية للدفع العملية السياسية[23]. وإعلان الأمين العام للأمم المتحدة في نفس الشهر تشكيل اللجنة الدستورية السورية[24]. أدركت أوروبا أن الحل بات قريباً، ومن ثم خشيت من أن يؤدي التدخل التركي لخلط الأوراق من جديد، وأن يطغى البعد العسكري على السياسي في الأزمة من خلال إشعال الساحة السورية عسكرياً، ومن ثم يتم القضاء على مساعي الحل السياسي.
وهو ذات الدافع الذي دفع تركيا لإعلان العملية في هذا التوقيت، حيث أدركت أن هناك توجه دولي لتسريع العملية السياسية وتهدئة الملف السوري خاصة بعد تشكيل اللجنة الدستورية. ومن ثم إذا لم تستطع تركيا حسم ملف شرق الفرات في أقرب وقت، فلن تستطع بعد ذلك؛ حيث سينظر لها حينذاك على أنها سبب تأزيم الوضع من جديد، وإفشال مساعي السلام في سوريا والمنطقة.
المستوى الثاني الدول الداعمة، تمثلت في: أولاً؛ قطر، التي أعلنت من خلال وزير دفاعها دعمها لعملية “نبع السلام”[25]. ثانياً؛ باكستان، التي أعلن رئيس وزرائها “عمر خان” دعم العملية[26]. ثالثاً؛ أذربيجان، حيث أعلنت وزارة خارجيتها دعم بلادها للعملية[27]. وأخيراً؛ المجر، والتي لم تكتف بإعلان دعمها للعملية، بل أعاقت أيضا صدور بيان مشترك يدعو فيه الاتحاد الأوروبي تركيا لإيقاف العملية، كما أعلنت نيتها التعاون مع تركيا في إنشاء المنطقة الآمنة[28].
إن مواقف الدول الداعمة للعملية التركية لم تكن مفاجئة. ولا يبدو العامل الاقتصادي حاضراً في تفسير هذه المواقف بشكل كبير؛ لأن نفس العامل حاضر وبقوة فيما يتعلق بالعلاقات التركية مع دول الاتحاد الأوروبي الرافضة للعملية. ومن ثم هناك دوافع وحسابات أخرى. فباكستان تربطها بتركيا علاقات تاريخية واستراتيجية قوية جداً، وقد كانت أول زيارة لــ “عمر خان” بعد تنصيبه رئيساً للوزراء لتركيا[29]. هذا بالإضافة للتحالف الإسلامي الكبير الذي يسعى إليه قادة دول تركيا وباكستان وماليزيا لتدشينه، في ظل تقارب الأفكار والتوجهات. أما أذربيجان، فبجانب العلاقات التاريخية والاستراتيجية، فإن البلدين يرفعان شعار “بلدان لشعب واحد”، وهي كفيلة للتدليل عن حجم الارتباطات والتداخلات السياسية والاجتماعية بين البلدين. كما كانت أول زيارة لـ “أردوغان” بعد تنصيبه رئيساً للجمهورية للعاصمة باكو[30].
أما المجر، فوضعها استثنائي بحكمها دولة أوروبية تؤيد العملية التركية. والاستثنائية هنا ليست فقط في تأييد العملية، بل لأن المجر تواجه كتركيا اتهامات من الاتحاد الأوروبي بانتهاكات لقيم الديمقراطية وحقوق الانسان[31]. ومن ثم يمكن القول إن الدافع وراء الموقف المجري المؤيد للعملية هي العلاقة الشخصية الجيدة التي تربط رئيس وزراء المجر “فيكتور اوربان” بالرئيس “أردوغان”.
وأخيراً قطر، والتي دخلت في علاقات تحالف استراتيجي حقيقي على جميع الأصعدة مع تركيا، خاصة بعد الأزمة الخليجية. والتي نشرت على إثرها تركيا قواتها في قطر[32]. في قاعدة عسكرية كانت قد أنشأتها تركيا في 2015[33]. حجمت دول الحصار “المقاطعة” من أي عمل عسكري ضد قطر. في المقابل، دعمت قطر تركيا في ظل أزمتها الاقتصادية وتراجع سعر الليرة، من خلال ضخ استثمارات تقدر بــ15 مليار دولار في السوق التركية، وذلك على وقع أزمة الأخيرة مع الولايات المتحدة؛ بسبب محاكمة القس الأمريكي “برنسون”[34]. هذا بالإضافة لتحالفاتهم السياسية، في دعم التوجهات السياسية الإسلامية وثورات الربيع العربي.
المستوى الثالث الدول المتفهمة “موقف وسط”، وهم: أولاً؛ إيران، والذي جمع موقفها بين التفهم في البداية، ومعارضة العملية على استحياء، وانتهى بالدعوة لإيقاف العملية. فقد أبدى الرئيس الإيراني “حسن روحاني” تفهمه للمخاوف التركية، وأن من حقها إزالة هذه المخاوف لكن بالطرق السليمة[35]. فيما عرض وزير الخارجية الإيراني “جواد ظريف” الوساطة بين تركيا والوحدات الكردية[36]. ثم تلاه مطالبة الخارجية الإيرانية تركيا بوقف العملية[37]. ثانياً؛ روسيا، والتي كانت أكثر تفهماً من إيران للعملية وأقل معارضة لها. فقد أعلنت روسيا تفهمها للعملية[38]. كما استخدمت روسيا حق الفيتو لإحباط بيان من مجلس الأمن يدين العملية التركية[39]. ثالثاً؛ حلف الناتو، حيث أبدى الأمين العام للحلف “ينس ستولتنبرغ”، تفهمه للمخاوف الأمنية التركية المشروعة[40]. وفي خلال لقائه مع “جاويش أوغلو”، أكد على مواصلة دعم الحلف لتركيا، في الوقت الذي أعرب فيه عن مخاوفه من هذه العملية[41].
إنه وبرغم التفهم الإيراني الذي كان حذراً وتبعه رفض للعملية، إلا أن الموقفين الروسي والإيراني يتشاركان في تأييدهما لحدوث حراك في شرق الفرات، يكسر حالة الجمود العسكري المسيطرة على هذه المنطقة منذ فترة كبيرة، وتخلط معها الأوراق وتعيد رسم خريطة النفوذ فيها. وبالتالي كان تفهمهما ليس لموافقتهما على سيطرة تركية محل الأكراد، بقدر ما كان وسيلة لإبعاد الأمريكان عن هذه المنطقة، ومن ثم يترك حسم السيطرة عليها لموازين القوى على الأرض، ودينامية التحالفات المرنة بين الأكراد والأطراف المختلفة. وقد كان التفاهم حذراً؛ لخشيتهما من أن تقوم أمريكا بانسحابات متدرجة محسوبة، وبالتنسيق مع تركيا، بشكل لا يسمح للروس وحلفائه بالدخول لهذه المناطق، أو أن يكون الانتشار التركي تشاركياً مع أمريكا، وهو ما لم يحدث. فقد قامت الولايات المتحدة أثناء العملية بانسحابات متتالية بدون تنسيق مع تركيا، بل سلمت بعض المناطق كمنبج وعين العرب لروسيا، وهو ما سيتم إيضاحه لاحقاً.
لكن الحذر الإيراني كان أكبر، ففي مقابل رغبتها في إخراج أمريكا من المنطقة، وتحجيم الطموح الكردي في المنطقة، فإنها تدرك التحركات الإسرائيلية واتفاقاتها مع روسيا من ناحية وأمريكا من ناحية أخرى؛ من أجل تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، وقد تجاوبت معها روسيا كثيراً في هذا السياق. وبالتالي قد تمتد هذه التحركات المحجمة للنفوذ الإيراني لما يحدث في شرق الفرات. وليس مستبعداً أن يكون تسليم الولايات المتحدة مناطق منبج وعين العرب وغيرها لروسيا، في مقابل تعهد من الأخيرة على تحجيم إيران ومنعها من الوصول لهذه المناطق وغيرها.
أخيراً؛ حلف الناتو، فيمكن قراءة هذا الموقف من خلال سياقين، الأول الأهمية الجيواستراتيجية والعسكرية لتركيا بالنسبة للحلف؛ سواء لاعتبار تركيا ثاني أكبر جيش في الناتو بعد الولايات المتحدة، أو لقاعدة أنجرليك الجوية، والتي تمثل قاعدة انطلاق لكثير من عمليات الحلف في الشرق الأوسط. السياق الثاني، محاولة لعب دور إيجابي مواز للدور السلبي التصعيدي للاتحاد الأوروبي ضد تركيا وعمليتها؛ وذلك حتى لا تنهار العلاقات التركية الأوروبية بغير رجعة، بما يدفع تركيا لمزيد من التوجه نحو روسيا.
ثانياً، حدود التفاهمات الأمريكية التركية
شهدت التفاهمات الأمريكية التركية في إطار عملية نبع السلام وما سبقها من ترتيبات ثلاث محطات رئيسية:
المحطة الأولى، في 7 أغسطس 2019، حين توصلت أنقرة وواشنطن لاتفاق يقضي بإنشاء مركز عمليات مشتركة في تركيا، لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة شمالي سوريا[42].
إن الطريقة التي خرج بها هذا الاتفاق، وما تبعه من إنشاء مركز عمليات أمريكية تركية مشتركة في شانلي أورفة التركية، ثم تنفيذ دوريات برية وجوية مشتركة[43]. يشير إلى أنه كان مخطط أن يتم التدخل التركي، ومن بعدها المنطقة الآمنة تدريجياً بشكل مشترك، وأن يتم ذلك بالتوافق مع “قوات سوريا الديمقراطية”، بحيث لا يحدث اشتباكات عسكرية بين الأكراد والأتراك. وبذلك تستطيع أمريكا الحفاظ على علاقاتها الجيدة بالطرفين التركي والكردي من ناحية، ولا تسمح لروسيا وحلفائها بالتمدد في المناطق التي سينسحب منها الأكراد من ناحية أخرى. وتبدو هذه وجهة نظر البنتاغون بالأساس، والذي أعلن أن الاتفاق سيتم تنفيذه بشكل تدريجي[44]. لكن ماذا حدث بعد ذلك؟
المحطة الثانية، الانسحاب الأمريكي وبدء العملية التركية في 9 أكتوبر، بشكل أوحى أن هناك ضوءاً أخضراً وتنسيقاً بين الجانبين. ومع ذلك لا يمكن التعامل مع هذا التدخل باعتباره امتداداً أو تنفيذا لاتفاق 7 أغسطس. بل أتى هذا التدخل كمخرج للتباينات والخلافات التركية الأمريكية في هذا الصدد. وهناك مؤشرات عدة على ذلك، ومن خلالها يمكن فهم الموقف الأمريكي المعقد والمتشابك:
- وجدت تركيا في الدوريات المشتركة سياسة مماطلة أمريكية جديدة، وإلهاءً لها عن هدفها الأساسي. هذا بجانب التباين بين الطرفين في عمق وطول المنطقة الآمنة، فضلاً عن دور قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة. وهو ما دفع “أردوغان” لانتقاد ذلك، معلناً أن تركيا ستقوم بعملية منفردة، فأعلن البنتاغون أن أي عملية منفردة غير منسقة تقوض مصالح البلدين، مؤكداً على استمرار تنفيذ الخطة في مراحل محددة وبطريقة منسقة ومتعاونة[45].
- استغل “أردوغان” التباينات والخلافات داخل الإدارة الأمريكية ومؤسساتها تجاه الانسحاب من سوريا والعملية التركية، في الضغط على “ترامب” ووضعه أمام الأمر الواقع، فالتقت أهدافهما معاً. فبينما يتدخل أردوغان، يستغل “ترامب” هذا كمبرر في مواجهة البنتاغون والكونجرس في فرض خيار الانسحاب، الذي يرغب فيه من البداية.
- أن اتفاق 7 أغسطس كان البنتاغون فاعلاً رئيسياً فيه، وهو ذات الطرف الذي اعترض على قرار الانسحاب والتدخل التركي[46]. ما يعني أن هناك تباين بين الاتفاق وبين التدخل التركي الأخير. لكن اتفاق 7 أغسطس الذي أيده البنتاغون كان يعني انسحاباً أمريكياً ولو جزئياً في النهاية، فلماذا يعترض البنتاغون على قرار ترامب بالانسحاب؟
يبدو أن البنتاغون لا يمانع أن يحدث انسحاباً، ولكن يختلف مع “ترامب” في حجم الانسحاب وكيفيته. من حيث الحجم يؤيد انسحاباً جزئياً فقط من الشريط الحدودي الشمالي فقط، لمعالجة المخاوف التركية والحفاظ على علاقات جيدة مع حليفه التركي. مع بقاء جزء في العمق والحدود الشرقية والجنوبية، لأهميتها في المواجهة مع إيران وتنظيم داعش. ومن حيث الكيفية، أن تتم كما اتفق عليها في الاتفاق بشكل تدريجي وتنسيقي، وتفاهم مع “قوات سوريا الديمقراطية”، حتى لا تخسر الولايات المتحدة أي طرف، وهي الطريقة التي رأى فيها أردوغان مماطلة وإلهاء له.
- كيف يمكن فهم وتفسير إعلان “ترامب” أنه سيدمر اقتصاد تركيا إذا تجاوزت حدودها، وأنه لا يدعم التدخل التركي، واصفاً إياها بالفكرة سيئة[47]. بالإضافة لفرضه عقوبات على تركيا في 14 أكتوبر[48]. يمكن فهم مواقف ترامب المتناقضة من خلال عدة مستويات، من ناحية يحاول “ترامب” امتصاص الغضب الداخلي والخارجي تجاه العملية التركية، حتى العقوبات قد تفهم على أنها محاولة استباقية لمنع الكونجرس من اتخاذ خطوة مشابهة أكثر قوةً وتأثيراً، لذلك جاءت العقوبات ضعيفة لتقطع الطريق أمام الكونجرس في هذا الخصوص. من ناحية ثانية، يدرك “ترامب” أنه وبرغم رغبته في الانسحاب من سوريا وتأييده للتدخل التركي، إلا أنه رأى أن الطريقة التي أخرجت بها هذا الانسحاب الناتج عن ضغط تركي وما تبعه من تدخل الأخيرة وضعه في موقف حرج في الداخل والخارج، في وقت هو يمر فيه بأزمة داخلية على وقع محاسبته بتهمة الخيانة العظمى.
من ناحية ثالثة، امتداد القصف التركي في 11 أكتوبر لمناطق تجاوزت المنطقة المتفق عليها في المرحلة الأولى، بالأخص في القامشلي وعين العرب[49]. وفي 12 أكتوبر، أعلن البنتاغون تعرض جنود أمريكيين قرب بلدة عين العرب “كوباني” لإطلاق نار مدفعي من مواقع تركية، وهو ما نفته تركيا[50]. وهو ما دفع “ترامب” لاستغلال ذلك في تنفيذ مرحلة ثانية من خطة الانسحاب، حينما أعلن وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر في 13 أكتوبر، أن “ترامب” أمر بسحب نحو ألف جندي من شمال سوريا[51]. وهو ما تبعه انسحابات أمريكية متتالية من قواعدها من مدن الرقة ومنبج وعين العرب وعين عيسى، ثم من قواعدها بالحسكة في تل بيدر والرميلان[52].
وبينما جاء الانسحاب الأول الذي شمل 50 جنديا بشكل تنسيقي مع تركيا في تل أبيض ورأس العين، فقد جاء الانسحاب الأخير الذي تم بدون تنسيق مع تركيا، كمعبر عن اعتراض أمريكي وعقاب لتركيا على التطورات الأخيرة. فبعد أن كانت أمريكا ممانعة لعبور قوات النظام السوري نحو عين العرب للسيطرة عليها، سمحت لهم أخيراً بذلك، كما سلمت منبج لروسيا[53].
المحطة الثالثة، الاتفاق الأمريكي التركي بوقف إطلاق النار في 17 أكتوبر لمدة 120 ساعة، ووعود أمريكية بسحب الوحدات الكردية لعمق 32 كم، وإنشاء المنطقة الآمنة[54]. وتنفيذاً لهذا الاتفاق، وبرعاية أمريكية انسحبت قوات سوريا الديمقراطية من رأس العين، لتعلن تركيا السيطرة عليها بشكل كامل[55]. وفي 23 أكتوبر أبلغت أمريكا تركيا اكتمال انسحاب الأكراد، لتعلن معه وزارة الدفاع التركية وقف العمليات، وأنه لا حاجة لعمليات أخرى[56]. وأخيراً إلغاء “ترامب” العقوبات التي كان قد فرضها على تركيا أثناء العملية، بعد أن أبلغته تركيا بوقفها الدائم للعمليات العسكرية[57].
لقد تم هذا الاتفاق، وتم تنفيذه بنجاح لأن كلا الطرفين كانا في حاجة له. فالإدارة الأمريكية في حالة تخبط، وضغوط داخلية من الكونجرس والبنتاغون، وخارجية: أوروبية وإسرائيلية وخليجية متزايدة على “ترامب”، بسبب الانسحاب بهذا الشكل وفي هذا التوقيت، في ظل مساءلة داخلية لترامب بتهمة الخيانة العظمى. وقد وجد “ترامب” نفسه وكأنه قد تورط في هذا المشهد، خاصةً مع تجاوز تركيا في قصفها المناطق المتفق عليها.
وأمريكا آخذة في الانسحاب من قواعدها في الشمال، لتبتعد عن مناطق الاستهداف، في وقت هي في حاجة استراتيجية للتموضع في هذه المنطقة، مع قلق متزايد من عودة داعش، وتعاظم النفوذ الإيراني في دير الزور. وبرغم صمود الأكراد نوعاً ما، فقد خشت الولايات المتحدة من تدمير تركيا لهذه القوات، في ظل حاجة أمريكية لهم في منطقة شرق الفرات. في ظل قرار أمريكي جديد، يقضي ببقاء جزء من القوات في العمق في دير الزور، لحراسة منابع النفط، وعلى الحدود الشرقية وقاعدة التنف الجنوبية[58]. ومن ثم هناك مصلحة أمريكية في إنقاذ هذه القوات من الإنهاك والتدمير.
ويبدو أن الولايات المتحدة تعمدت الانسحاب من بعض القواعد بشكل متسارع، وبغير تنسيق مع تركيا؛ لتترك الأخيرة وحيدة في الساحة، بما يدفعها لإيقاف العملية والتفاوض من أجل تحقيق أهدافها، بدل من استمرار العملية التركية بشكل قد يضر بالمصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة.
أما تركيا فبينما سيطرت على تل أبيض والجزء الأكبر من رأس العين بطول 120كم وعمق 30 كم، فإن هذه السيطرة كانت غير مستقرة وغير مكتملة، بالأخص في رأس العين، وقدرة الأكراد على توفير الدعم اللوجستي، وصمودهم نوعاً ما. والأهم بالنسبة لتركيا هنا، هو الدخول الروسي وقوات النظام السوري على الخط، بعد دخولهم منبج وعين العرب بتنسيق روسي كردي وبرضا أمريكي.
فقد وجدت تركيا نفسها في مواجهة الأكراد من ناحية والنظام والروس من ناحية أخرى. ومن هنا يمكن فهم الموقف التركي الذي خشي أن تتقلص مساحات المنطقة الآمنة أكثر وأكثر، كلما تركت الساحة نتاج تفاهمات كردية روسية، في ظل عدم تنسيق أمريكي تركي. فلجأت لتفاهمات مع أمريكا لموازنة الموقف على الأرض. لقد خرجت تركيا من الاتفاق الأمريكي بسيطرة كاملة ومستقرة على منطقة تمتد من تل أبيض لرأس العين، بطول 120كم، وعمق 30 كم تقريباً.
شكل (3): المنطقة التي تسيطر عليها تركيا بعد الاتفاق الأمريكي التركي
المصدر: جريدة الأخبار
ثالثاً، حدود التفاهمات الروسية التركية
يمكن تناول التفاهمات والتجاذبات الروسية التركية في هذه العملية من خلال ثلاث محطات رئيسية:
المحطة الأولى، بدء العملية التركية في 9 أكتوبر، وبرغم عدم إعلان روسيا دعمها للعملية، إلا أنها كانت متفهمة لها بشكل كبير أوحى بأن هناك ثمة تنسيق تركي روسي، وقد تم توضيح دوافع هذا الموقف سابقاً.
المحطة الثانية، كانت مع الانسحاب الأمريكي الثاني من قواعده في الشمال السوري في 14 أكتوبر، بالأخص من عين عيسى ومنبج وعين العرب والحسكة[59]. وفي هذه المرحلة ظهرت تباينات تركية روسية، خاصةً مع دعم روسي لقوات النظام في الدخول لمناطق كانت تعتبر ضمن منطقة العمليات التركية، كمنبج وعين العرب وتل رفعت. ولعبت روسيا في هذه الفترة دوراً مزدوجاً، حيث رعت تنسيقاً كرديا سورياً لدخول قوات النظام لمناطق الأكراد التي انسحبت منها أمريكا من ناحية، وتنسيقا تركياً سورياً، لمنع الصدام بين الطرفين من ناحية أخرى في ظل تداخل مناطق عمليات الطرفين[60].
وبرغم حدوث مناوشات بين تركيا وقوات النظام في أكثر من مناسبة، إلا أن روسيا نجحت بشكل كبير في الهدفين. فقد ضمنت دخول النظام لأغلب المناطق التي انسحبت منها أمريكا، ومنعت حدوث صدام تركي سوري. حتى أن “أردوغان” أعلن قبوله بسيطرة النظام على هذه المناطق، بشرط إخراج الوحدات الكردية[61].
المحطة الثالثة، الاتفاق التركي الروسي في 22 أكتوبر، لتمديد وقف إطلاق النار لــ 150 ساعة إضافية، وتضمن الاتفاق انسحاب الأكراد برعاية روسية من جميع المناطق على الحدود مع تركيا شرق الفرات لعمق 30 كم، بالإضافة لخروجهم من تل رفعت ومنبج، وتسيير دوريات تركية روسية مشتركة في هذه المناطق باستثناء القامشلي لعمق 10 كم، مع احتفاظ تركيا بالمنطقة التي سيطرت عليها من تل أبيض لرأس العين، وتفعيل اتفاقية أضنة بين الجانبين السوري والتركي[62].
وكما التزمت قوات سوريا الديمقراطية بمخرجات الاتفاق الأمريكي التركي، وانسحبت من رأس العين، فقد وافقت على تنفيذ مخرجات الاتفاق التركي الروسي أيضا، وبدأت بالانسحاب من الشريط الحدودي الشمالي[63]. لقد جاء هذا الاتفاق كمكمل للاتفاق الأمريكي التركي، وكترسيخ وشرعنة لمناطق السيطرة التركية في شرق الفرات، بموافقة دولية روسية ومن قبلها أمريكية. ليكون المخرج النهائي لعملية نبع السلام، خاصة بعد إعلان تركيا وقف العملية، هي منطقة تمتد من تل أبيض لرأس العين وبعمق 30 كم تقريباً.
ويلاحظ أن زيادة مساحة السيطرة الجغرافية التركية لم تكن ضمن مخرجات الاتفاق التركي الروسي، فنفس المساحة التي سيطرت عليها تركيا وحلفائها بعد الاتفاق الأمريكي التركي، هي ذاتها بعد الاتفاق التركي الروسي. ومن ثم اقتصرت الاستفادة التركية من الاتفاق الأخير في ضمان إخراج القوات الكردية من طول الشريط الحدودي الشمالي، ودوريات مشتركة مع روسيا لتأمين ذلك، مع شرعنة وموافقة روسية سورية على التواجد التركي في شرق الفرات. وهو يعبر عن اختلال في موازين القوى لصالح روسيا وحلفائها.
شكل (4): خريطة النفوذ بعد الاتفاق الروسي التركي
المصدر: قناة العالم
رابعاً، حسابات الربح والخسارة
هناك عدة أطراف فاعلة، يمكن مناقشة حجم مكاسبهم وخسائرهم من هذه العملية وتداعياتها عليهم، بما تضمنته من تفاهمات بينية، وما رتبته من تغييرات في خريطة السيطرة والنفوذ الجغرافي في شرق الفرات.
(1) محور روسيا _ إيران _ سوريا، وهي الأطراف صاحبة المكسب الأكبر. فبفضل هذه العملية، سيطر النظام على مناطق منبج وعين العرب وتل رفعت والقامشلي وأجزاء كبيرة من الحسكة وأخرى من الرقة. وضمنت إيران ضرب وإحباط المشروع الكردي، الذي يهددها أيضا لوجود أقلية كردية في إيران. كما تم تقليل التواجد الأمريكي لحد كبير في شرق سوريا، وهو ما يفيد روسيا؛ من حيث تغيير موازين القوى الدولية لصالح الأخيرة في الأزمة السورية، بما يمكنها من فرض توجهاتها ومقترحاتها فيما يخص الحل السياسي النهائي للأزمة.
كما استطاعت روسيا استغلال التطورات الأخيرة في إدماج اتفاقية “أضنة 1998” ضمن الاتفاق التركي الروسي الأخير. وذلك ضمن جهود ترعاها روسيا لتطبيع وإعادة العلاقات التركية مع النظام السوري. فتفعيل اتفاقية أضنة يعني تطبيع هذه العلاقات بشكل رسمي وكبير. ومن ثم فإن هذا الاتفاق قد يساهم بشكل مباشر وغير مباشر في إعادة وتحسين العلاقات التركية السورية على المدى البعيد برعاية روسية. وإلا فإن البديل استغلال النظام السوري ورقة الأكراد وسيطرته على الشريط الحدودي الشمالي كضغط على الجانب التركي. ومن هنا تظهر أهمية قدرة روسيا على معالجة القضية الكردية بشكل يحقق المصالح التركية، ويكبح جماح النظام السوري في استغلال هذه الورقة.
لكن في المقابل، ومع إعلان أمريكا بقاء جزء من قواتها لحراسة النفط في دير الزور، فضلاً عن قاعدة التنف الحدودية، بالإضافة لإرسال تعزيزات عسكرية أمريكية من العراق إلى سوريا للتمركز هذه المناطق[64]. أصبحت معها قدرة النظام من ناحية على استغلال الانسحاب الأمريكي في السيطرة على حقول النفط والغاز، وقدرة إيران على التمتع بحرية الحركة في منطقة شرق الفرات من ناحية أخرى غير متحققة.
(2) تركيا، قياساً للأهداف التي وضعتها، فإنه يمكن القول إن تركيا حققت نجاحاً جزئياً. فمن ناحية أولى أفشلت محاولات قيام حكم ذاتي كردي على حدودها الجنوبية، بعد سيطرتها على منطقة جغرافية بطول 120 كم من الشريط الحدودي الشمالي السوري، ودخول قوات النظام لبقية الشريط الحدودي. وفي حين من الممكن أن يستغل النظام الوحدات الكردية في مناكفة الجانب التركي، لكنه بالتأكيد لن يسمح لها بالسيطرة من جديد على مساحات جغرافية تمكنها من إعلان حكم ذاتي. من ناحية ثانية تحررت تركيا في علاقاتها نوعاً ما مع أمريكا وأوروبا من الضغوط، فلم تعد هناك ورقة الضغط الكردية التي يمكن لهما أن يواجهوا بها تركيا.
ومن ناحية ثالثة امتداد سيطرة تركيا لمساحات جغرافية جديدة يقوي من حضورها في مفاوضات الحل النهائي للأزمة السورية. وأخيراً، استفادت تركيا داخلياً أيضا؛ لأن سيطرة “وحدات الشعب الكردية” على مساحات جغرافية كبيرة في سوريا منذ 2014، دفع العمال الكردستاني التركي لعدم استكمال المفاوضات السياسية التي كانت جارية مع الدولة التركية آنذاك، ولجأ من جديد للعمل العسكري لتحقيق طموحه. ومن ثم فإنه يمكن القول إن هذه التطورات الجديدة سوف تدفع حزب العمال الكردستاني للتهدئة داخلياً، وترجيح خيار عودة المفاوضات السياسية بين العمال الكردستاني مع الدولة التركية من جديد. لكن وفي ظل الأجواء المشحونة داخلياً، يمكن إرجائها لفترة ليست بالقليلة.
لكن وفي المقابل، وانطلاقاً من المعطيات الميدانية والسياسية، فإن تركيا تواجه في إنشاء المنطقة الآمنة ثلاث عقبات رئيسية: الأولى تتعلق بعملية التمويل، فالدور الأوروبي والخليجي كان يعول عليه في هذا الخصوص، وهما من أكثر الجهات التي كانت رافضة للعملية. ما دفع رئيس المفوضية الأوروبية “جان كلود يونكر” للإعلان عن أن الاتحاد الأوروبي لن يدفع أموالاً لإقامة المنطقة الآمنة في شمال سوريا[65]. العقبة الثانية أن المخرج النهائي لحجم المنطق التي استطاعت تركيا السيطرة عليها بعد 9 أيام من العمل العسكري، وتفاهمات تركية _ أمريكي وتركية _ روسية، لا يتعدى طول حدود 122كم من رأس العين لتل أبيض وبعمق 32كم تقريباً. وهو حجم لا يتناسب مع ما كانت تسعى إليه تركيا، حيث حددت منطقة بطول 444كم وعمق 30 إلى 40 كم، من جرابلس للمالكية على الحدود السورية العراقية.
العقبة الثالثة، ووفقاً للتفاهمات التركية الروسية، فإن الشريط الحدودي السوري الشمالي بشرق الفرات، باستثناء مناطق السيطرة التركية من تل أبيض لرأس العين، أصبح تحت سيطرة النظام السوري. والسؤال هنا، ما هو حقيقة الموقف التركي من هذا التطور؟ على المدى البعيد وبعد التوصل لحل سياسي نهائي للأزمة السورية، والتي ستشترط تركيا حينها مراعاة هذا الحل لأمنها القومي، مستغلةً في ذلك ورقة مساحة نفوذها وسيطرتها، في هذه الحالة بل هو الحل الوحيد أمام تركيا بأن تقبل بتواجد قوات النظام السوري على طول حدودها. أما على المدى القصير أو المتوسط، طالما لم يتم التوصل لحل سياسي نهائي، فليس من مصلحة تركيا تواجد قوات النظام على طول حدودها، وإعلان أردوغان بقبوله بسيطرة النظام على هذه المناطق[66]. ليس إلا نتيجةً لعدم قدرته على إخراج النظام والروس من هذه المناطق، في ظل موازين قوى مختلة لصالح الأخيرة، وتراجع أمريكا عن دعم تركيا في عمليتها.
إن دخول النظام السوري لجزء من المناطق التي كان يجب أن تكون ضمن المنطقة الآمنة، يعني من ناحية عدم قدرة تركيا على إقناع اللاجئين للعودة لهذه المناطق، إلا إذا كانت عودة قسرية إجبارية، وهو ما يعني استمرار أزمة اللاجئين في الداخل التركي وإن كان بشكل أقل من السابق. ومن ناحية ثانية ستتحول الأكراد من ورقة ضغط في يد أمريكا ليد النظام والروس، فتركيا لا تثق في النظام السوري في هذا الصدد. وكان بمقدور الولايات المتحدة تجنيب تركيا كل هذا، بتنسيق وتفاهم معها وانسحابات محسوبة، وهو ما لم يحدث.
(3) الولايات المتحدة، لمعرفة المكاسب والخسائر الأمريكية يتعين الإجابة على سؤالين؛ هما: ما هو دور سوريا في الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط؟ وماذا تريد الولايات المتحدة من سوريا في المدى المنظور؟ أولاً؛ لا تمثل سوريا أهمية قصوى في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، فهي منطقة نفوذ تاريخية وتقليدية روسية، وهو ما يفسر السماح الأمريكي للتمدد الروسي بهذا الشكل في سوريا منذ بداية الأزمة، وتركها تتحكم في مجريات وخيوط الأزمة والحل. وبالتالي من المنظور الاستراتيجي ليست هناك خسارة أمريكية حقيقية مما حدث.
لكن على المدى القصير والمتوسط، تحتاج الولايات المتحدة للتموضع في الساحة السورية لتحقيق عدة أهداف: أولاً تمثل منطقة شرق الفرات بحكم غناها بالنفط والغاز والغلال الزراعية، ورقة ضغط مهمة لاستخدامها في مواجهة النظام السوري في مرحلة ما قبل الحل السياسي، خاصة ودورها في تمويل إعادة الإعمار. وبحكم الطبوغرافي، فإن التمركز في الشرق حيوي من أجل احتواء ومواجهة النفوذ الإيراني، وقطع ممره البري من طهران لبيروت. خاصة بعد افتتاح معبر “البوكمال-القائم” بين سوريا والعراق في 30 سبتمبر 2019، وسيطرة الميليشيات الإيرانية وحلفائها عليه، وبناء قواعد عسكرية هناك[67]. وبما أن “ترامب” أعلن عن بقاء جزء من القوات الأمريكية لحراسة النفط في قواعدها في دير الزور، بالإضافة للإبقاء على قاعدة التنف العسكرية[68]. فإن الولايات المتحدة تظل محتفظة بهذه السيطرة كورقة ضغط في مواجهة النظام وإيران. أما إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب بشكل كامل قبل التوصل لحل نهائي للأزمة، فيمكن حينها الحديث عن خسائر أمريكية حقيقية.
فضلاً عن ذلك، فإن الولايات المتحدة ومن خلال تفاهماتها مع تركيا، وانسحابها من كامل الشريط الحدودي الشمالي، تخلصت من أحد العوامل الرئيسية في توتر علاقاتها مع تركيا. ولأن هذا التوتر مركب ومتعدد الأسباب، فإن البلدين في حاجة للبناء على التحسن النسبي في علاقاتهما البينية انطلاقاً من الأزمة السورية، لملفات أخرى، كمنظومة الدفاع “إس400” وغيرها. لكن في المقابل، وبينما يمكن القول بأن أمريكا أصلحت جزئياً علاقاتها مع تركيا، فإنها في المقابل دفعت بها للاعتماد واللجوء بشكل أكبر لروسيا؛ فقد أصبحت الورقة الكردية ورقة ضغط في يد الأخيرة. وكان يمكن لتغيير الطريقة التي انسحبت بها أمريكا، ومساحة المناطق التي انسحبت منها أن تمنع حدوث ذلك أيضا.
(4) الدول الأوروبية، برغم الخسائر السياسية التي طالت الدول الأوروبية المركزية، فإنها في المقابل حققت مكاسب أمنية محتملة. فيما يخص الخسائر السياسية، يمكن إجمالها في أمرين، الأول خسارة القوى الأوروبية للأكراد كورقة ضغط في مواجهة تركيا، وهو ما سيؤدي لمزيد من التحرر في السياسة الخارجية التركية تجاه أوروبا. الثاني عدم تمكن القوى الأوروبية الفاعلة في الساحة السورية على الإحلال محل الولايات المتحدة في المناطق التي انسحبت منها، على رأسها فرنسا، سواء بحثاً عن دور أو لدعم الوحدات الكردية. وأخيراً، أدت العملية وما تلاها من توافقات بينية لمزيد من التعاون التركي الروسي وتمتين علاقاتهما البينية، وهو أمر لا ترغب فيه القوى الأوروبية ولا حلف الناتو.
أما المكاسب، فلم تؤد العملية العسكرية لعملية نزوح للاجئين للخارج، فقط نزوح داخلي، وعاد بعضهم مرة أخرى لمناطقهم بعد انتهاء العملية؛ والسبب في ذلك هو التفاهمات التركية الروسية والتركية الأمريكية التي حجمت الأداة العسكرية لصالح التوافقات والمقايضات السياسية. كما أن بإمكان حل أزمة اللاجئين بشكل جزئي، إذا استطاعت تركيا تنفيذ المنطقة الآمنة في المنطقة التي سيطرت عليها. وفي هذه الحالة قد تغير دول أوروبا موقفها، وتقرر تمويل هذه المنطقة، في ظل القلق المستمر والمتزايد من اللاجئين.
(5) إسرائيل والسعودية، خسرت السعودية ورقة ضغط في مواجهة تركيا، خاصة في ظل علاقاتهما المتأزمة على وقع أزمات متعددة. أما إسرائيل فقد خسرت رهانها فيما يتعلق بإنشاء حكم كردي مستقل، يكون نواة لتفتيت 4 دول إقليمية، سوريا والعراق وتركيا وإيران. وباستثناء تركيا تعد هذه الدول ضمن محور الشر في المنظور الإسرائيلي، وحتى تركيا تجمعها معها علاقات متوترة في ظل حكم “أردوغان”. كما خسرت الدولتان من ناحية تعاظم النفوذ الإقليمي لتركيا كدولة منافسة لهما إقليمياً.
واستناداً لبقاء أمريكي جزئي في شرق الفرات، فإن خسارتهما فيما يتعلق بمواجهة النفوذ الإيراني ليست كبيرة، خاصة وأن الوجود الأمريكي الرمزي بمقدوره تحقيق هذا الهدف. وإن كان بشكل أقل مقارنة بالتواجد الأمريكي الكبير قبل التدخل التركي.
(6) الأكراد، ممثلون في “قوات سوريا الديمقراطية”، هم الخاسر الأكبر من هذه التطورات. فقد فقدوا السيطرة على الشريط الحدودي الشمالي، الذي يمكن أن يحدث تماس مع مناطق الأكراد في سوريا والعراق. فضلاً عن تقليص حجم سيطرتهم لحد كبير، مقتصرةً على عمق شرق الفرات، في أجزاء من الرقة ودير الزور. وبالتالي لا تتناسب حجم هذه السيطرة مع فكرة إنشاء حكم ذاتي شبيه بكردستان العراق.
أخيراً في 23 أكتوبر، أعلن وزير الدفاع الأمريكي “مارك إسبر”، أنه لا يمكن محاربة حليفنا في الناتو “تركيا” من أجل الأكراد[69]. وفي نفس اليوم هدد “بوتين” الأكراد إذا لم ينسحبوا، تنفيذاً للاتفاق التركي الروسي فسيسحقهم الأتراك[70]. إن هذه التصريحات، والتي جاءت في ختام العملية التركية، وبعد التفاهمات الأمريكية التركية والروسية التركية، مؤشر كاف للتعبير عن حجم الخسارة الكردية.
خاتمة
إن عملية نبع السلام التي بدأتها تركيا بتدخل عسكري جوي وبري، أنهتها باتفاقات سياسية مع الولايات المتحدة أولاً، وروسيا ثانياً. وهو ما سمح لتركيا بتحقيق جزئي لأهدافها، في ظل معوقات ميدانية وسياسية واجهتها أثناء العملية. كما أدت هذه العملية بشكل غير مباشر لرسم خريطة للنفوذ والسيطرة مستقرة نوعاً ما بين القوى الإقليمية والدولية في شرق الفرات. ومن ثم فبينما كان هناك قلق من أن يؤدي التدخل التركي لعرقلة مسار الحل السياسي للأزمة، فإنه من خلال تكريس خريطة النفوذ هذه وبتوافقات دولية أمريكية روسية، تعطي دفعة جديدة للسير قدماً في التوصل لحل نهائي ينهي الأزمة السورية. فلم تعد غير إدلب كمنطقة توتر وصراع لم تحسم بعد. وهو ما يعني أيضا أن إدلب ستكون محل نقاشات وحوارات كثيرة بين تركيا وروسيا، وسيتوقف طريقة حسمها على الدينامية التي تحكم العلاقات التركية الروسية.
وبينما استطاعت أمريكا إصلاح جزئي في علاقاتها مع تركيا من خلال الانسحاب من الشريط الحدودي الشمالي، فإن هذه الخطوة لا تكفي نظراً للطبيعة المركبة في توتر العلاقات الأمريكية التركية. ومن ثم فإن البلدين في حاجة للبناء على هذه الخطوة، نحو مزيد من الإصلاحات في الملفات الأخرى، على رأسها ملف منظومة الدفاع إس400.
لكن في المقابل وبسبب الانسحابات الأمريكية المتتالية التي تمت بعد ذلك أثناء سير العملية بدون تنسيق مع تركيا، أدت لسيطرة روسية على الجزء الأكبر من هذه المناطق. وبالتالي من ناحية دفعت الولايات المتحدة تركيا لوقف العملية في ظل عدم قدرتها على الصمود في مواجهة الأكراد والنظام وروسيا في آن واحد، ما فتح الطريق أمام التوافقات السياسية التي تمت بعد ذلك. ومن ناحية أخرى دفعت أمريكا تركيا للجوء والاعتماد أكثر على روسيا، في ظل امتلاك الأخيرة لورقة الأكراد في شمال شرق الفرات. وهي معضلة أخرى ستواجه مساعي إعادة العلاقات الأمريكية التركية لمسارها الصحيح.
أخيراً، أدى التدخل التركي الأخير لتوتر عميق في العلاقات التركية الأوروبية والتركية العربية. وبينما تبدو الأولى أكثر مرونة وقدرة على ترميم وتحسين العلاقات من جديد مع تركيا، من بوابة تمويل المنطقة الآمنة وإعادة اللاجئين، باستثناء فرنسا التي يمكن أن يستمر التوتر لفترة أكبر. فإن الثانية تبدو أكثر صعوبة لجهة إنهاء هذا التوتر، وبالأخص المملكة العربية السعودية، التي باتت علاقتها مع تركيا تصيبها حالة من الجفاء والتوتر أكثر من أي وقت مضى[71]
الهامش
[1] شرق الفرات: اتفاق تركي أمريكي على المنطقة الآمنة بسوريا، الجزيرة نت، 7/8/2019، (تاريخ الدخول:5/10/2019)، الرابط
[2] تركيا تنفذ طلعة جوية رابعة مع أمريكا في أجواء شمالي سوريا (فيديو)، عنب بلدي، 12/9/2019، (تاريخ الدخول:5/10/2019)، الرابط
[3] أردوغان يهدد بعملية عسكرية شرق الفرات و”قسد” بحرب شاملة، دويتشه فيلا، 5/10/2019، (تاريخ الدخول:5/10/2019)، الرابط
[4] Edward wong, President Endorses Turkish Military Operation in Syria Shifting U.S. Policy, New York Times, 15/10/2019, (Accessed on:17/10/2019), Link
[5] أردوغان يعلن انطلاق عملية “نبع السلام” العسكرية التركية في شمال سوريا، فرانس 24، 9/10/2019، (تاريخ الدخول:9/10/2019)، الرابط
[6] الجيش التركي يتوغل في شمال سوريا وقوات سوريا الديمقراطية تعلن التصدي له، فرانس 24، 10/10/2019، (تاريخ الدخول:10/10/2019)، الرابط
[7] بعد تل أبيض.. الجيش التركي يسيطر على طريق سريع ويتوغل بمحور رأس العين، الجزيرة، 13/10/2019، (تاريخ الدخول:14/10/2019)، الرابط
[8] النظام السوري يدخل عين العرب بموجب اتفاق مع الأكراد، العربية نت، 16/10/2019، (تاريخ الدخول:14/10/2019)، الرابط
[9] US and Turkey reach agreement to suspend military operation in Syria, Middle East Eye, 17/10/2019, (Accessed on:17/10/2019), Link
[10]“سانا”: الجيش التركي وحلفاؤه يحتلون مدينة رأس العين بعد انسحاب “قسد”، آر تي، 20/10/2019، (تاريخ الدخول:20/10/2019)، الرابط
[11]Turkey and Russia agree on deal over buffer zone in northern Syria, The guardian, 22/10/2019, (Accessed on:22/10/2019), Link
[12] بعد انطلاقها.. تعرّف إلى أهداف عملية “نبع السلام” التركية بشمال سوريا، الجزيرة نت، 9/10/2019، (تاريخ الدخول:20/10/2019)، الرابط
[13] نائب أردوغان: نخطط لإعادة مليوني سوري إلى المنطقة الآمنة، الأناضول، 21/10/2019، (تاريخ الدخول:20/10/2019)، الرابط
[14] دول عربية وغربية تطالب بوقف العملية العسكرية التركية في سوريا، فرانس 24، 10/10/2019، (تاريخ الدخول:11/10/2019)، الرابط
[15] الاتحاد الأوروبي يدعو تركيا لإيقاف العملية العسكرية في سوريا، الأناضول، 10/10/2019، (تاريخ الدخول:11/10/2019)، الرابط
[16] 9 دول تحظر السلاح لتركيا بسبب عمليتها في سورية… وأخرى تستعد، العربي الجديد، 16/10/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[17] نتنياهو يندد بالعملية التركية في سوريا و”جاهز للمساعدة”، عربي21، 10/10/2019، (تاريخ الدخول:12/10/2019)، الرابط
[18] الصين تطالب تركيا بوقف عدوانها على سوريا، العين الإخبارية، 15/10/2019، (تاريخ الدخول:17/10/2019)، الرابط
[19] الجبير: تطابق سعودي تركي حيال تدخلات إيران، العربية نت، 8/2/2017، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[20] لاستمبا: المسلمون الإيغور جاءوا من الصين لمحاربة الأسد، عربي21، 5/3/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[21] رقم “صادم”.. أعداد عناصر داعش المحتجزين في سجون قسد، أورينت، 21/4/2019، (تاريخ الدخول:10/10/2019)، الرابط
[22] سياسي ألماني بارز يطالب باستعادة مقاتلي “داعش” الألمان من سوريا، دويتشه فيلا، 16/10/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[23] لافروف: الحرب في سوريا انتهت وبقيت بؤر توتر فقط، العربية نت، 13/9/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[24] الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية برعاية أممية، الخليج أون لاين، 23/9/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[25] قطر: ليست جريمة أن تعمل تركيا على حماية نفسها من الإرهابيين، الأناضول، 16/10/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[26] عمران خان يؤكد لأردوغان دعمه لعملية “نبع السلام” بسوريا، عربي21، 10/10/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[27] أذربيجان تدعم العدوان التركي على الشمال السوري، قناة المنار، 11/10/2019، (تاريخ الدخول:13/10/2019)، الرابط
[28] المجر تعتزم التعاون مع تركيا في حال إنشاء منطقة آمنة بسوريا، 16/10/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[29] العلاقات التركية – الباكستانية.. والمخاوف الإسرائيلية، 11/1/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[30] لماذا اختار أردوغان باكو لتكون أول عاصمة يزورها بعد تنصيبه لولاية ثانية؟، بي بي سي، 10/7/2018، (تاريخ الدخول:15/10/2019)، الرابط
[31] أردوغان في المجر: تقارب سياسي وتاريخ طويل، فرانس24، 8/10/2019، (تاريخ الدخول:15/10/2019)، الرابط
[32] البرلمان التركي يوافق على نشر قوات في قطر، سي إن إن، 7/6/2019، (تاريخ الدخول:15/10/2019)، الرابط
[33] تركيا تنشئ قاعدة عسكرية في قطر لمواجهة “الأعداء المشتركين”، رويترز، 16/12/2015، (تاريخ الدخول:15/10/2019)، الرابط
[34] قطر تدعم اقتصاد تركيا باستثمارات مباشرة بقيمة 15 مليار دولار، 16/8/2018، (تاريخ الدخول:15/10/2019)، الرابط
[35] روحاني: تركيا محقة في مخاوفها إزاء حدودها الجنوبية، الاناضول، 9/10/2019، (تاريخ الدخول:11/10/2019)، الرابط
[36] إيران تعرض الوساطة بين نظامي الأسد وأردوغان: إجراءات تركيا ضد سوريا لن تحقق أهدافها، سي إن إن، 6/10/2019، (تاريخ الدخول:11/10/2019)، الرابط
[37] الخارجية الإيرانية تدعو تركيا إلى وقف عمليتها العسكرية شمال شرقي سوريا، آر تي، 10/10/2019، (تاريخ الدخول:11/10/2019)، الرابط
[38] الكرملين: نأمل أن تلتزم تركيا في جميع الظروف بوحدة الأراضي السورية، آر تي، 7/10/2019، (تاريخ الدخول:11/10/2019)، الرابط
[39] فيتو أمريكي وروسي يحبط بيانا بمجلس الأمن ضد “نبع السلام”، عربي21، 10/10/2019، (تاريخ الدخول:11/10/2019)، الرابط
[40] ستولتنبرغ حول “نبع السلام”: تركيا لديها مخاوف أمنية مشروعة، الاناضول، 9/10/2019، (تاريخ الدخول:11/10/2019)، الرابط
[41] ستولتنبرغ: تركيا تقف في الخط الأمامي لنضال هام وسنواصل دعمها، الاناضول، 11/10/2019، (تاريخ الدخول:11/10/2019)، الرابط
[44] البنتاغون يكشف بعض تفاصيل إنشاء “المنطقة الآمنة” في سوريا، دويتشه فيلا، 15/8/2019، (تاريخ الدخول:10/10/2019)، الرابط
[45] البنتاغون: أي عملية تركية شمالي سوريا ستقوض مصلحتنا المشتركة، الحرة، 5/10/2018، (تاريخ الدخول:10/10/2019)، الرابط
[46] الدفاع الأمريكية تحذر تركيا من “مخاطر” تنفيذها أي إجراء أحادي في سوريا، آر تي، 7/10/2019، (تاريخ الدخول:10/10/2019)، الرابط
[47] ترامب يُحمّل تركيا تداعيات هجومها على شمال سوريا، دويتشه فيلا، 9/10/2019، (تاريخ الدخول:10/10/2019)، الرابط
[48] ترامب يفرض عقوبات على تركيا، آر تي، 15/10/2019، (تاريخ الدخول:16/10/2019)، الرابط
[49] القوات التركية تقصف بالمدفعية أحياء القامشلي السورية، العربية نت، 11/10/2019، (تاريخ الدخول:16/10/2019)، الرابط
[50] “الدفاع التركية” تنفي استهداف نقطة مراقبة أمريكية شرقي الفرات، الأناضول، 12/10/2019، (تاريخ الدخول:14/10/2019)، الرابط
[51] ترامب يأمر بسحب نحو ألف جندي أمريكي من شمال سوريا، القدس العربي، 13/10/2019، (تاريخ الدخول:14/10/2019)، الرابط
[52] أمريكا تبدأ بالانسحاب من قواعدها في الحسكة السورية، الأناضول، 21/10/2019، (تاريخ الدخول:22/10/2019)، الرابط
[53] قوات روسية تعبر جسر قره قوزاق وتنتشر بمحيط مدينة عين العرب (كوباني)، المرصد السوري لحقوق الإنسان، 16/10/2019، (تاريخ الدخول:20/10/2019)، الرابط
[54] US and Turkey reach agreement to suspend military operation in Syria, Middle East Eye, 17/10/2019, (accessed on:20/10/2019), Link
[55] قوات “قسد” تنسحب من رأس العين تنفيذا لاتفاق تركي أمريكي، 20/10/2019، (تاريخ الدخول:22/10/2019)، الرابط
[56] “لا حاجة لعملية جديدة”. واشنطن تبلغ أنقرة باكتمال انسحاب المقاتلين الأكراد، الجزيرة نت، 23/10/2019، (تاريخ الدخول: 24/10/2019)، الرابط
[57] العملية التركية في سوريا: ترامب يعلن رفع العقوبات عن أنقرة بعد اتفاق وقف اطلاق النار شمالي سوريا، بي بي سي، 23/10/2019، (تاريخ الدخول:24/10/2019)، الرابط
[58] من أجل النفط وإسرائيل. ترامب يؤكد بقاء قوة أميركية بسوريا، الجزيرة نت، 21/10/2019، (تاريخ الدخول:22/10/2019)، الرابط
[59] أمريكا تبدأ بالانسحاب من قواعدها في الحسكة السورية، الأناضول، 21/10/2019، (تاريخ الدخول:22/10/2019)، الرابط
[60] Turkey-Syria offensive: Russia vows to prevent clashes with Assad forces, BBC, 15/10/2019, (accessed on:20/10/2019), Link
[61] أردوغان: تركيا لن تعلن وقف إطلاق النار شمال شرقي سوريا أبدا، بي بي سي، 16/10/2019، (تاريخ الدخول:18/10/2019)، الرابط
[62] تفاصيل الاتفاق التركي الروسي حول “المنطقة الآمنة” شمالي شرقي سوريا، أورينت، 22/10/2019، (تاريخ الدخول:24/10/2019)، الرابط
[63] اشتباكات بين قوات الأسد وتركيا وقسد تنسحب بموجب سوتشي، عربي21، 27/10/2019، (تاريخ الدخول:28/10/2019)، الرابط
[64] تعزيزات عسكرية أميركية لحماية النفط شرق سوريا، الجزيرة نت، 27/10/2019، (تاريخ الدخول:28/10/2019)، الرابط
[65] المفوضية الأوروبية: لن ندفع لتركيا ثمن المنطقة الآمنة، الأناضول، 9/10/2019، (تاريخ الدخول:15/10/2019)، الرابط
[66] أردوغان: دخول الجيش السوري مدينة منبج ليس سلبيا، عربي21، 15/10/2019، (تاريخ الدخول:28/10/2019)، الرابط
[67] العراق وسوريا يعيدان فتح معبر القائم-البوكمال الحدودي بعد خمس سنوات على إغلاقه، فرانس24، 30/9/2019، (تاريخ الدخول:28/10/2019)، الرابط
[69] وزير الدفاع الأميركي بالعراق: لن نحارب حليفنا في الناتو من أجل الأكراد، الجزيرة نت، 23/10/2019، (تاريخ الدخول:28/10/2019)، الرابط
[70] الكرملين: واشنطن غدرت بالأكراد وتركيا ستسحقهم ما لم ينسحبوا، دويتشه فيلا، 23/10/2019، (تاريخ الدخول: 28/10/2019)، الرابط
[71] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.