نحن والعالم عدد 26 يونيو 2025

يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 20 يونيو 2025 إلى 26 يونيو 2025.
يهتم التقرير بشكل خاص بالتطورات المتعلقة بالساحتين الإيرانية والتركية، وكذلك على الساحة الإفريقية، خاصة منطقة القرن الإفريقي، بالإضافة إلى بعض التطورات الدولية الأكثر أهمية بالنسبة لمنطقتنا.
في هذا العدد، تطرقنا إلى الضربة الأمريكية على إيران، ثم الهدنة بين إسرائيل وإيران بوساطة أمريكية من الرئيس دونالد ترامب، وأبرز ردود الفعل عليها في كل من طهران وواشنطن وتل أبيب، وعدم تأثر الأسواق المالية العالمية كثيرا بالصراع الذي اندلع. تطرقنا أيضا إلى تطور لافت على الساحة الداخلية الأمريكية، حيث حقق زهران مامداني، الديمقراطي الاشتراكي التقدمي، ذو الأصول المسلمة، فوزاً مهماً بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات عمدة نيويورك المقبلة. وفي سوريا، تستعد البلاد لأول انتخابات برلمانية بعد سقوط نظام الأسد، وسط جدل حول التعيينات الرئاسية وصلاحيات اللجنة الانتخابية، بالإضافة إلى قرار الناتو زيادة الإنفاق العسكري لمواجهة روسيا والصين، والعديد من الملفات الإفريقية والعربية والدولية الأخرى.
ملف إيران والحرب
استعراض عام
بعد 12 يوماً من التصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، أعلنت الأطراف المعنية، بوساطة أميركية وقطرية، وقفاً مشروطاً لإطلاق النار، وسط ادعاءات متبادلة بالنصر. الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أن الضربة الجوية “أنهت البرنامج النووي الإيراني لعقود”، بينما أكدت طهران أنها لن تتخلى عن تكنولوجيا النووي، وصادق برلمانها على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ورغم توجيه ضربات ساحقة لمواقع نووية كبرى كـ “فوردو” و “نطنز” و “أصفهان”، كشفت تقارير استخباراتية أن إيران نقلت موادها النووية مسبقا، كما أن هناك أنباء متضاربة عن المدى الدقيق للضرر الذي أحدثته هذه الضرباتً. اللافت، كان اعتراف وزير الدفاع الأميركي الأسبق بأن الضربة كانت خطة قديمة أُعيد تفعيلها.
بالمقابل، وجهت إيران ضربات رمزية على قاعدة العيديد الأميركية في قطر دون خسائر، كما واجهت إسرائيل موجات صاروخية مؤثرة أوقعت قتلى وأضراراً.
اقتصاديًا، هوت أسعار النفط فيما قفزت البورصات العالمية، وسط ترقب متزايد لما بعد الهدنة، ما يؤشر لاطمئنان الأسواق لاستمرارها وزوال المخاطر المتعلقة بالحرب، الآن على الأقل.
في الداخل الإيراني، تصاعدت الاعتقالات للمئات بدعوى التجسس لصالح الموساد، وظهرت أصوات سياسية تعارض وقف إطلاق النار.
قد يوحي المشهد العام بأن الهدنة هشة… لا تنهي الحرب، بل تؤجلها، على الرغم من توافر الدوافع لدى جميع الأطراف المعنية لوقف إطلاق النار، فهل نشهد تجدداً للحرب وانهياراً للهدنة في المدى المنظور؟ أم ستستقر هذه الهدنة، وتتفرغ إسرائيل لاستكمال أجندتها التوسعية في المنطقة في ضوء تحييد إيران في الآونة الراهنة؟
ترامب يعلن نهاية الحرب الإيرانية – الإسرائيلية: وقف إطلاق نار مشروط أم بداية فصل جديد؟
في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، واضعًا بذلك حدًا مؤقتًا لحرب جوية وصاروخية استمرت اثني عشر يومًا، هزّت الشرق الأوسط وأثارت قلق العالم. الإعلان جاء بعيد ردّ إيراني محسوب استهدف قاعدة العيديد الأميركية في قطر، دون أن يُسفر عن أي خسائر بشرية أو مادية. المثير أن ترامب شكر طهران على “التحذير المسبق” من الضربة، ما اعتُبر محاولة لحفظ ماء الوجه من الطرفين.
الحدث فجّر أسئلة كبرى في العواصم الإقليمية والدولية: ما الذي حققته واشنطن وطهران وتل أبيب؟ وهل صمدت مكاسبهم أمام اختبار التوازنات الجديدة؟
الولايات المتحدة: ضربة دقيقة بلا حرب… وترامب في صدارة المشهد
الولايات المتحدة خرجت من هذه الجولة باعتبارها اللاعب الأهم، القادر على التأثير دون الانزلاق إلى مستنقع الحرب. فبضربات محدودة استهدفت منشآت إيران النووية، نجحت واشنطن في تعطيل مشروع، ولو بشكل مؤقت، لطالما شكل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل… دون أن تفتح جبهة مواجهة شاملة.
وقد بدا جلياً أن إسرائيل لم تكن لتخوض هذه الحرب أو تنهيها إلا بضوء أخضر أميركي، ما أعاد التأكيد على أن قرارات الحرب والسلام في الشرق الأوسط لا تزال تمر عبر واشنطن. كما أظهر ترامب قدرة تكتيكية على إدارة الأزمة: تهديد، تصعيد، ضربة، ثم دعوة إلى المفاوضات ثم فرض الهدنة.
في المقابل، كشفت هذه الجولة محدودية الدور الأوروبي، وتراجع النفوذ الروسي، فيما بدت الصين حذرة، مكتفية بالمراقبة من بعيد رغم مصالحها الحيوية في المنطقة.
إيران: الصمود وسط العزلة… ورسالة صاروخية مكلفة
رغم الضربة الجوية القاسية، حافظت طهران على تماسك قرارها العسكري والسياسي. ردّت بصواريخها الباليستية، واستهدفت مدنًا إسرائيلية بشكل غير مسبوق منذ تأسيس الدولة العبرية، وهو ما أعاد تعريف قواعد الاشتباك.
لكن المواجهة عكست أيضًا محدودية التحالفات الإيرانية. فروسيا والصين لم تتجاوزا بيانات الدعم، في حين غابت الفصائل الحليفة في لبنان والعراق وغزة عن المشهد. كما سلطت الحرب الضوء على هشاشة الأمن الداخلي، مع موجة اغتيالات وعمليات اختراق واسعة للأجهزة الإسرائيلية في العمق الإيراني.
وفي الداخل، يتوقع مراقبون أن تواجه القيادة الإيرانية ضغوطًا متزايدة من الرأي العام حول فاعلية النظام الدفاعي، وجدوى مشروعها النووي في ظل الخسائر البشرية والعسكرية الكبيرة.
إسرائيل: نتنياهو في قمة المشهد… ولكن إلى متى؟
تمكّن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من فرض أجندته، وإقناع الإدارة الأميركية بقصف المنشآت النووية الإيرانية. خلال أيام قليلة، سيطرت الطائرات الإسرائيلية على عمق الأجواء الإيرانية، ونجحت عمليات استخباراتية معقّدة في إرباك الداخل الإيراني.
وزّعت تل أبيب تسجيلات قالت إنها من “الموساد – فرع طهران”، وأظهرت قاعدة طائرات مسيّرة تعمل من الداخل الإيراني، ما شكّل استعراضاً غير مسبوق في الحرب النفسية والإعلامية.
لكن رغم هذا، فإن انتهاء المعركة لا يعني نهاية التحديات. فصواريخ إيران اخترقت الدفاعات الإسرائيلية، وسقط قتلى في الداخل، وظهرت مشاهد للدمار غير المسبوق، ما يفتح الباب لانتقادات محتملة من المعارضة التي قد تستحضر سجل نتنياهو في “حروبه المكلفة”، خاصة إذا تجددت المعارك في غزة أو عاد الحديث عن حل الدولتين.
مرحلة ما بعد الحرب: مكاسب مؤقتة أم هدوء ما قبل العاصفة؟
ما تحقق في هذه الحرب لن يبقى ثابتاً. فنجاح وقف إطلاق النار يرتبط بما ستؤول إليه المفاوضات، وموقف إيران من العودة إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما علقه البرلمان الإيراني اليوم.
ترامب، بصفته الراعي والمخرج، يتربع مؤقتاً على عرش الفاعلين، لكنه يعلم أن جبهات الشرق الأوسط لا تهدأ طويلاً. وكل طرف – سواءً انتشى بالنصر أو أُجبر على التراجع – يدرك أن الجولة المقبلة قد تكون أقرب مما يظن الجميع. (الشرق الأوسط)
تعليق د. عمرو درّاج، رئيس المعهد المصري للدراسات
لفهم هذا الاتفاق يجب فهم الدوافع التي أدت إلى فرضه:
بالنسبة لإسرائيل:
– الصواريخ الإيرانية بدأت تتجاوز الدفاعات الجوية وتحدث اضرارا كبيرة ستؤثر ،أن استمرت، على الجبهة الداخلية وتماسكها.
– الرغبة في الحفاظ على مقدرات إسرائيل الاستراتيجية من قواعد جوية وبنية اساسية وحتى المفاعل النووي، والتي من الواضح أن إيران لديها القدرة على الوصول إليها، في ضوء الضعف التدريجي للدفاعات ضد الصواريخ الدقيقة.
– يبدو أن مخزون صواريخ الدفاع الجوي سينفذ قريبا كما تذكر التقارير، وسيستحيل تعويضها قريبا، خاصة الدفاعات التي تستهدف الصواريخ البالستية فرط الصوتية مثل منظومة ارو٣.
– الرغبة في عدم التورط في حرب استنزاف طويلة لن تكون في صالحها.
– القتال الأخير قلّص تركيز إسرائيل على استكمال تحقيق أهدافها في غزة والضفة، والتوسع في مناطق اخرى.
بالنسبة للولايات المتحدة:
– إسرائيل طلبت صراحة التدخل لوقف إطلاق النار للعوامل المذكورة أعلاه.
– الخشية من استهداف الأهداف الأمريكية بدقة في المنطقة، سواء من إيران ذاتها أو من اذرعها المتبقية، بما سيكون شديد الضرر بأمريكا ومصالحها الاستراتيجية في العالم، وكذلك وضعها الداخلي.
– تصاعد الاعتراضات القوية من تيار ماجا الداعم لترامب بالأصل، ما سيؤدي إلى تفكك الكتلة الداعمة له، والتأثير سلبا على تنفيذ اجندته الداخلية.
– الآثار الاقتصادية السلبية المتوقعة على الاقتصاد الأمريكي اذا ما طال أمد الصراع.
– تسكين الجبهة الإيرانية لاستكمال تحقيق أهداف امريكا بإعادة رسم خريطة القوى في المنطقة بشكل كامل.
بالنسبة لإيران :
– الخسائر المتزايدة الناتجة عن القصف الإسرائيلي المستمر، المتفوق عسكريا، فضلا عن احتمالات توجيه امريكا ضربات شديدة مؤثرة على إيران.
– تجنب تحول الحملة عليها إلى اتجاه إسقاط النظام.
– الحفاظ على ما تبقى من القدرات النووية والبناء عليها بدلا عن ضياعها تماما.
– العودة للمفاوضات المؤدية لرفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد.
هذه الدوافع كفيلة بالحفاظ على تماسك اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا سيدعمه ايضا سرديات الأطراف المختلفة لكي يبدو كل منها انها خرج منتصرا.
– إسرائيل ستروج أنها حققت الهدف من الضربات واوقفت المشروع النووي وقضت على التهديد الإيراني، فضلا عن ان يدها تطول اي مكان في المنطقة وتتسيدها، وعلى الجميع سماع كلمتها.
– امريكا ستقول انها حققت نفس الأهداف، ووفرت الحماية اللازمة لحليفها الاستراتيجي. كما أن ترامب سيتغنى انه اثبت قدرته على تحقيق السلام من خلال القوة، وأنه دائما مخلص لمبادئه بجعل امريكا عظيمة مجددا، التي لازالت القوة الأعظم في العالم….الخ.
– إيران ستقول انها انتصرت بتحقيق الردع واجبرت امريكا والكيان على وقف العدوان، وأنها ردت على الاستكبار الأمريكي وقصفت درة قواعده في الخليج، وأنها حافظت على النظام والقيادة، وقدمت الشهداء في سبيل ذلك، وأنها ستواصل استخدام حقها في التخصيب النووي للأغراض السلمية.
هذا المشهد برمته يرجح تماسك اتفاق وقف إطلاق النار واستمراره لفترة من الوقت.
الا انه في نفس الوقت سيسمح باستمرار الخطط الصهيو-أمريكية لتغيير وجه المنطقة في فلسطين، وعدد من البلدان الأخرى، واستهداف كافة أشكال المقاومة في المنطقة سياسيا وعسكريا، ما يفتح المجال لتغييرات كبرى وشيكة.
على الجانب الأخر، فإن استقرار الهدنة وعدم تكرار الحرب سيعتمد على المسار التالي للحرب، فهل سيعود مسار التفاوض مع الولايات المتحدة؟ وهل ستصر أمريكا مجدداً على وقف التخصيب الإيراني لليورانيوم تماما (كما تشير بعض التصريحات الرسمية الأمريكية)؟ وهل ستتمسك إيران بحقها في التخصيب للأغراض السلمية وعدم التفاوض على القدرات الصاروخية (كما تقول التصريحات الرسمية الإيرانية في أعقاب تفعيل الهدنة)؟ وماذا عن رفع العقوبات؟ وما هو تأثير امتناع إيران عن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
إذا استمرت كل هذه العوامل كما كانت قبل اندلاع الحرب، فلماذا اندلعت الحرب أصلاً؟ وهل سيدفع ذلك لاندلاع الصراع من جديد؟ أم سيمكن إجراء صفقة كبرى بقيادة أمريكية تكون مرضية للأطراف كلها، ولو جزئيا؟
السؤال المهم أيضاً هو موضع هذا الصراع في حالة التدافع في الولايات المتحدة بين تيار المؤسسة التقليدية وتيار ترامب، فهل سيتغلب نهج ترامب القائم على التهدئة العسكرية مع الهيمنة الاقتصادية على المشروع التقليدي القائم على إثارة الصراعات والنزاعات، وهل سيحسم الصراع داخليا لصالح ترامب أم المؤسسة التقليدية أم سينفجر الصراع إلى حالة فوضوية؟
الفترة المقبلة ستكشف مألات الصراع المفتوح على جميع الاحتمالات.
“نصران في حرب واحدة”: إيران وإسرائيل تعلنان الانتصار… والشرق الأوسط يدخل مرحلة ترقّب
بعد اثني عشر يوماً من المواجهة العسكرية غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران، أعلن الطرفان وقف إطلاق النار، وسط تصريحات متضاربة تؤكد “الانتصار” من الجانبين، بينما يترقّب العالم الخلفيات الحقيقية لما حدث، والنتائج طويلة الأمد التي ستترتب عليه.
بين طهران وتل أبيب… روايتان للنصر
في خطاب رسمي نُشر الثلاثاء، وصف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان انتهاء الحرب بأنه “نصر عظيم”، وأكد أن بلاده “قاومت العدوان الإسرائيلي بشجاعة”، و”فرضت معادلة جديدة في الردع الإقليمي”. وأضاف أن “المقاومة الصاروخية” برهنت على أن إيران قادرة على مواجهة تهديدات خارجية دون أن تنكسر داخلياً، رغم الخسائر الجسيمة.
على الجانب الآخر، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن “عملية الأسد الصاعد” حققت “أكبر إنجاز استراتيجي في تاريخ إسرائيل”، قائلاً إن قواته “قضت على التهديد النووي الإيراني، وأسقطت البنية التحتية للصواريخ الباليستية، واغتالت ثلاثة من كبار القادة النوويين”.
واشنطن… اليد التي صفّقت ووجّهت الضربة
لعبت الولايات المتحدة الدور الحاسم في هذه الجولة، حيث أمر الرئيس دونالد ترامب بشن غارات جوية دقيقة على منشآت إيران النووية – أبرزها منشأة فوردو المدفونة عميقاً في الأرض، ومنشآت نطنز وأصفهان وآراك. وبحسب البنتاغون، “تم تدمير البنية المركزية للبرنامج النووي الإيراني”، فيما وصفت الضربة بأنها “واحدة من أنجح العمليات العسكرية الأميركية خلال العقود الأخيرة”.
لكن تقارير استخبارية أميركية مسرّبة شكّكت في هذا الادعاء، مؤكدة أن إيران كانت قد نقلت جزءاً من مخزونها النووي – المقدر بنحو 400 كغ من اليورانيوم عالي التخصيب – إلى مواقع بديلة، وأن الأضرار الفعلية لم تتجاوز إرجاع المشروع النووي الإيراني إلى الوراء لبضعة أشهر فقط.
ترامب، من جانبه، هاجم هذه التسريبات ووسائل الإعلام التي نشرتها، وكتب على منصته “تروث سوشال”:
“المواقع دُمرت بالكامل، وكل ما يقال عكس ذلك هو جزء من مؤامرة الإعلام الكاذب لتقويض نجاحي”.
الضربات الإيرانية: رسالة رمزية وسلاح غير مدمّر
ردّت طهران بإطلاق عشرات الصواريخ، بعضها استهدف قاعدة العيديد الأميركية في قطر في سابقة أولى، دون أن تسفر عن خسائر بشرية. وبينما اعتُبر الهجوم بمثابة “حفظ ماء وجه”، أظهر أيضًا أن إيران باتت قادرة على إيصال رسائلها إلى العمق الأميركي في الخليج.
كما أمطرت المدن الإسرائيلية بموجات صاروخية متفاوتة الدقة، اخترقت الدفاعات الجوية الإسرائيلية في حالات محدودة، وتسببت بمقتل 28 إسرائيليًا، وإصابة العشرات، وتدمير مبانٍ سكنية ومرافق حيوية في بئر السبع وأسدود وحيفا وتل أبيب.
المخابرات في قلب المعركة: اختراقات مزدوجة
الحرب كشفت مستوى غير مسبوق من الاختراقات الأمنية:
- إسرائيل استخدمت طائرات مسيرة ووسائل تجسس تم زرعها مسبقاً داخل إيران، وساعدت على تحديد مواقع الضربات بدقة.
- إيران، من جانبها، أعلنت اعتقال نحو 700 شخص بتهمة “العمالة للموساد”، بينهم أوروبيان. وتم تنفيذ حكم الإعدام بثلاثة متهمين بالتجسس خلال المعركة.
- تقارير إسرائيلية أشارت إلى محاولة “الحرس الثوري” تجنيد عملاء داخل إسرائيل، دون نجاح يذكر في التأثير على العمليات.
الثمن البشري والاقتصادي
- في إيران: 627 قتلى مدنيين، وأكثر من 4870 جريح، وفق وزارة الصحة. إضافة إلى خسائر كبيرة في البنية التحتية النووية والعسكرية، ومقتل كبار قادة في الحرس الثوري وعلماء نوويين.
- في إسرائيل :28 قتيلاً ومئات الجرحى، ودمار واسع النطاق في بعض المدن، وهو ما يمثل ضربة معنوية رغم الإنجاز العسكري.
- اقتصادياً: انخفضت أسعار النفط فور وقف إطلاق النار، وبلغ خام برنت 67.89 دولاراً للبرميل. المخاوف من تهديد مضيق هرمز – الذي يمر عبره خُمس النفط العالمي – لا تزال حاضرة، ما يجعل الأسواق الدولية تترقّب أي تصعيد محتمل.
المفاوضات: عودة مشروطة وباب دبلوماسي موارب
إيران، في موقف مزدوج، أعلنت استعدادها “المبدئي” للعودة إلى المفاوضات بشأن برنامجها النووي، لكنها شددت على “الحق المشروع في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية”.
في المقابل، دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى لقاء عاجل مع طهران، مع تصاعد المخاوف من أن الحرب الأخيرة قد تدفع إيران إلى تقليص تعاونها مع المجتمع الدولي – وهو ما أعلنه البرلمان الإيراني بالفعل بقرار تعليق التعاون مع الوكالة إلى حين “ضمان أمن المنشآت النووية”.
النتيجة الحقيقية: من كسب ومن خسر؟
رغم إعلان “نصرين” من الجانبين، لا يمكن الجزم بأن طرفاً خرج منتصراً بشكل واضح. فإسرائيل ألحقت ضرراً فعلياً بالمنشآت الإيرانية، لكن إيران أثبتت أنها قادرة على الرد، وعلى تجاوز الضربة الأولى دون انهيار منظومتها.
وفي الخلفية، يظهر ترامب كمهندس المواجهة ومنظّم الهدنة، مستثمرًا نجاح العملية عسكرياً وسياسياً مع اقتراب الانتخابات الأميركية، في حين يستعد الداخل الإيراني لمساءلة محتملة حول الاختراقات والهزات الأمنية.
في ردود الأفعال في الداخل الإسرائيلي، التي جاء أغلبها مرحبا “بإنجاز نتنياهو” و”النصر في الحرب”، انتقد زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني المعارض أفيغدور ليبرمان، قرار وقف إطلاق النار مع إيران، مشددا على أنه سيقود تل أبيب إلى حرب جديدة وبظروف أسوأ بعد أعوام.
وقال ليبرمان، والذي شغل سابقا وزير الجيش، في تغريدة عبر منصة “إكس”: “في ظل الإنجازات العسكرية المذهلة التي حققها جيش الدفاع الإسرائيلي والموساد في الحرب ضد إيران، فإن النهاية تحمل في طياتها مرارةً وحزنًا بالغين”.
وتابع: “بدلاً من الاستسلام غير المشروط، دخل العالم في مفاوضات صعبة ومملة، في حين أن نظام إيران لا ينوي التنازل لا عن تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، ولا عن إنتاج وتجهيز الصواريخ الباليستية، ولا عن دعم وتمويل الإرهاب في المنطقة وحول العالم”، وفق تعبيراته.
وأشار إلى أنه “في بداية الحرب، حذرتُ من أنه لا يوجد ما هو أخطر من ترك أسد جريح”، مجددا انتقاده لوقف إطلاق النار خاصة في ظل عدم “وجود اتفاق واضح”، قائلا إن ذلك “سيقود (تل أبيب) بالتأكد إلى حرب أخرى بعد عامين أو ثلاثة أعوام، وفي ظروف أسوأ بكثير”.
خاتمة: هدنة متوترة… أم استراحة محاربين؟
ما بعد 12 يوماً من النار والدخان، لم يحمل سلاماً حقيقياً، بل هدنة مشروطة واستراحة غير مضمونة. الطرفان يراقبان، يختبران الخطوط الحمراء، ويستعدان… لجولة ربما لم تبدأ بعد.
بانيتا: “عملية المطرقة” لم تكن وليدة اللحظة
في مقابلة مع قناة CBS الأميركية، كشف وزير الدفاع الأميركي الأسبق ليون بانيتا أن العملية التي عرفت باسم “مطرقة بعد منتصف الليل”، والتي استهدفت مواقع نووية إيرانية حساسة كـفوردو، ونطنز، وأصفهان، كانت “مُعدة مسبقاً ومُتدرّب عليها من قبل الجيش الأميركي منذ أكثر من 12 سنة”، حين كان يشغل منصب وزير الدفاع في إدارة باراك أوباما. (انظر)
تصريح بانيتا يُغيّر قواعد التفسير السياسي للعملية، ويؤكد أن واشنطن لم تُفاجأ بتطورات الحرب، بل كانت تملك خططاً عسكرية جاهزة وضعتها في أدراج الطوارئ، إلى أن قرر الرئيس ترامب تفعيلها في سياق الصراع الأخير.
يذكرنا هذا أيضاً بما كان الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك قد ذكره في مقابلة قديمة عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بأن هناك خططاً لضرب سبع دول في الشرق الأوسط خلال 5 سنوات، أخرها إيران. (انظر)
ترامب يُطلق النار… من بندقية قديمة
الاعتراف الأميركي المتأخر يكشف أن ترامب استخدم عملية قديمة جاهزة، لكنها دقيقة ومدروسة، لاجتراح “نصر استراتيجي” دون الحاجة لحرب شاملة. وبهذا، استثمر رئيسٌ يواجه ضغوطاً انتخابية داخلية في ورقة جاهزة من الماضي ليبدو أمام ناخبيه والعالم كمُهندس لحسم نووي غير مسبوق.
لكن التسريب قد يُضعف سردية “العبقرية العسكرية”، ويمنح خصوم ترامب السياسيين مادة للتساؤل: هل ما حدث كان ضرورة استراتيجية أم قراراً سياسياً؟ وهل هناك من خطط لضرب إيران منذ سنوات وتم تأجيل التنفيذ فقط؟
دمج السياق الكامل: ضربة فوردو تعود إلى رف بانيتا
تصريح بانيتا يُفسر جزئياً الدقة المتناهية التي نُفّذت بها الضربات على منشآت شديدة التحصين، كمنشأة فوردو المدفونة تحت مئات الأمتار من الصخور. كما قد يُفسر توقيت الرد الإيراني المحدود، حيث رجّحت مصادر استخبارية أن طهران كانت تعلم مسبقاً بوجود مثل هذا السيناريو المعد، مما جعلها تتفادى التصعيد المباشر مع واشنطن.
خلاصة جديدة: لم تكن حرباً… بل تنفيذ خطة مؤجلة
في ضوء ما قاله بانيتا، ومن قبله ويسلي كلارك، قد لا تكون حرب الأيام الـ12 مجرّد تصعيد عابر، بل تنفيذ لمرحلة مؤجلة من مشروع استراتيجي طويل الأمد. إسرائيل كانت جزءاً منه، وإيران كانت تعرف بعضه، لكن العالم لم يكن يعلم أن ما بدا ارتجالياً… كان في الواقع منسوجًا منذ عقد
لماذا انهارت أسعار النفط وارتفعت الأسهم بعد الضربة الصاروخية الإيرانية على قواعد أمريكية؟
بينما كانت التوقعات تشير إلى أن قصف إيران لقواعد أمريكية في قطر والعراق سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط وانهيار في الأسواق، شهدت الأسواق العالمية مفارقة لافتة: أسعار النفط هوت، والأسهم الأمريكية قفزت صعوداً.
ضربات محدودة وردود محسوبة
الهجوم الإيراني، الذي استُهدف فيه عدد من القواعد الأميركية بصواريخ تم اعتراض معظمها، لم يسفر عن إصابات تُذكر، وأظهر – بحسب محللين – أن إيران لا تمتلك الإرادة أو القدرة على تصعيد الصراع مع واشنطن بشكل أوسع.
وبحسب مصادر استخباراتية، أبلغت إيران قطر مسبقًا بالهجوم المتوقع، في خطوة هدفت لتقليل الخسائر وفتح باب “التهدئة الرمزية” بدلاً من التصعيد الحقيقي.
صرّح مسؤول رفيع في البيت الأبيض أن الإدارة الأمريكية، بقيادة ترامب، كانت تتوقع هذا الرد المحدود، وهي غير راغبة بتوسيع رقعة المواجهة العسكرية في المنطقة.
انعكاسات على الأسواق: النفط يهوي والأسهم تنتعش
النفط الأميركي انخفض بنسبة 7.2% ليصل إلى 68.51 دولارًا للبرميل، مسجلاً أكبر تراجع يومي منذ أبريل، وأحد أسوأ أيامه خلال ثلاث سنوات.
هذا أول نزول لسعر النفط إلى ما دون 70 دولارًا منذ 12 يونيو، أي قبل بدء إسرائيل ضرب منشآت إيران النووية.
في المقابل، قفزت مؤشرات وول ستريت:
مؤشر داو جونز ارتفع 374 نقطة (+0.89%)
مؤشر S&P 500 صعد بنسبة 0.96%
مؤشر ناسداك ارتفع 0.94%
مؤشر الخوف والطمع لدى CNN دخل منطقة “الطمع” لأول مرة منذ أسابيع.
يقول المحلل العسكري المتقاعد كيرك ليبولد لـ CNN:
“ما رأيناه كان هجوماً رمزياً من إيران… 10 صواريخ فقط، تم اعتراضها، ورغم خطورتها، فإن ذلك لا يرقى إلى تصعيد مفتوح”.
سوق النفط في انتظار “الضرر الحقيقي”
يرى بوب ماكنالي، رئيس مجموعة رابيدان للطاقة، أن الأسواق الآن تنتظر دليلًا فعليًا على تعطل حقيقي في تدفق النفط، ويقول:
“رأى المتداولون كثيراً من الإنذارات الكاذبة في أسواق الطاقة… ما لم يحدث انقطاع مادي في إنتاج أو تصدير الطاقة من الخليج، فارتفاع الأسعار سيكون محدودًا ومؤقتًا.”
حتى وزير الطاقة الأميركي كريس رايت توقع انخفاضًا في أسعار النفط رغم التوترات، قائلاً:
“أنا غير مندهش من تراجع الأسعار… بل فاق حتى ما كنت أتوقعه.”
الذهب والدولار: ردود فعل باهتة
الذهب، الملاذ الآمن التقليدي، ارتفع بنسبة طفيفة فقط بلغت 0.2% إلى 3,390 دولارًا للأونصة.
عوائد السندات انخفضت بشكل طفيف، مما يعكس طلبًا محدودًا على الأمان.
الدولار الأميركي تراجع بنسبة 0.3% رغم أنه كان قد ارتفع في بداية اليوم بنسبة 1%.
وكان يُتوقع أن يرتفع الدولار بفعل التوتر، لكن سياسات ترامب التجارية – لا سيما الرسوم الجمركية الواسعة – قللت من ثقة المستثمرين، وسط مخاوف من ركود تضخمي عالمي.
مضيق هرمز في بؤرة القلق… وإيران تهدد
في سياق متصل، حذرت إيران عبر وسائلها الرسمية من احتمال الرد عبر إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره قرابة 20% من النفط العالمي. هذه الخطوة، إن تمت، ستكون تصعيداً بالغ الخطورة على أسواق الطاقة، وعلى الاقتصاد العالمي برمته.
وحذّر الخبير الاستراتيجي جورج فيسي من أن “تصعيد التوتر في الشرق الأوسط قد يُعزز الدولار عبر قناة الطاقة، رغم التوجهات العامة نحو ضعف الدولار”.
الأسواق ترجح – حتى الآن – أن الرد الإيراني كان محدوداً ومدروساً، وواشنطن لا تسعى للتصعيد. لكن كل شيء يبقى رهناً بتحركات الساعات المقبلة.
فإذا حافظت إيران على هذا النمط الرمزي، قد يستعيد الاقتصاد العالمي بعض استقراره. أما إذا أغلقت المضيق أو استهدفت مصالح خليجية أخرى، فإن المشهد قد ينقلب رأساً على عقب. (CNN)
وفي سياق متصل، سجل مؤشر FTSE 100 – المؤشر الرئيسي لسوق الأسهم في لندن – مكاسب واسعة النطاق اليوم، 24 يونيو، بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، رغم الشكوك حول استمراريته عقب اتهام إسرائيل لطهران بشن هجوم صاروخي، وهو ما نفته إيران.
ارتفع المؤشر بمقدار 26 نقطة، أو بنسبة 0.3%، ليصل إلى 8784.79 نقطة، حيث صعدت أسهم 81 شركة مقابل 19 شركة تراجعت حتى منتصف النهار.
الأسهم الرابحة:
قاد قطاع السفر والترفيه المكاسب، مستفيدًا من انخفاض أسعار النفط لأدنى مستوى منذ أسبوعين.
• ارتفع سهم شركة الطيران easyJet بنسبة 6.36%
• كما ارتفع سهم مالكة الخطوط الجوية البريطانية IAG بنسبة 5.25%
الأسهم الخاسرة:
تراجعت أسهم شركات النفط الكبرى نتيجة انخفاض أسعار الخام:
• BP بنسبة 4.18%
• Shell بنسبة 2.76%
كما سجل قطاع تعدين المعادن الثمينة انخفاضًا نتيجة تراجع سعر الذهب:
• Endeavour Mining خسرت 2.6%
• شركة الدفاع BAE Systems تراجعت بنسبة 1.34%
وتبقى الأنظار متجهة نحو التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتأثيرها على الأسواق العالمية.
تعليق:
رد فعل الأسواق على ما حدث قبل وخلال حرب ال 12 يوماً يدفع للعديد من التساؤلات المهمة؛ فكيف أمكن مواجهة حالة المعارك العسكرية الفعلية، وليست المتوقعة، بترتيب حالة الهدوء الملحوظ في الأسواق العالمية؟ مع العلم أنه في حالات كثيرة تؤدي مجرد الشائعات أو ترقب الصراعات إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق؟ هل تطورت قدرة الأسواق على التنبؤ بمألات الصراع العسكري بشكل يفوق بمراحل قدرات المحللين السياسيين والاستراتيجيين في شتى أنحاء العالم، والذين أجمعوا على عدم قدرتهم على توقع ما سيحدث، سواءً باستمرار المعارك أو انتهائها؟ وهل يدفعنا ذلك إلى تصور مؤداه أن محركي الأسواق المالية العالمية كان لديهم علم بدرجة “احتواء” هذا الصراع، أو أنهم، في واقع الأمر، جزء من هذا التصور، ما أدى إلى تفاعل الأسواق بالنحو الذي رأيناه؟
الإجابة عن هذه الأسئلة قد تساعد كثيراً على فهم المشهد العام بشكل أفضل.
حقوقيون: منذ بداية الحرب بين إيران وإسرائيل تم اعتقال 823 مواطنًا بتهم سياسية
أعلن موقع “هرانا” الحقوقي أن 823 مواطناً تم اعتقالهم في إيران بتهم سياسية أو أمنية منذ بداية الحرب بين إيران وإسرائيل.
وأضاف الموقع الحقوقي أن 286 من هؤلاء المواطنين اعتقلوا بسبب نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي ونشرهم منشورات حول الهجوم الإسرائيلي.
وبحسب التقرير فإن عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم من قبل قوات الأمن لأسباب أمنية بلغ 537 شخصا.
وتزامناً مع الحرب بين إيران وإسرائيل وتصعيد الوضع الأمني في إيران، تزايدت عمليات الإعدام والاعتقال للمواطنين بتهم أمنية.
وحذرت منظمة العفو الدولية أيضا من تزايد خطر الإعدام والتعذيب في أعقاب الاعتقالات واسعة النطاق للمواطنين المتهمين “بالتعاون مع إسرائيل”.
وقالت المنظمة: “إن الدعوات الرسمية إلى المحاكمة الفورية وإعدام المعتقلين بتهمة التعاون مع إسرائيل تُظهر كيف تستخدم السلطات الإيرانية عقوبة الإعدام كأداة للقمع وممارسة السلطة وإثارة الخوف بين السكان”.
برلماني إيراني: وقف إطلاق النار خطأ استراتيجي فادح
قال عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، أبو الفضل ظهرهوند، بشأن وقف الحرب بين إيران وإسرائيل: “وقف إطلاق النار خطأ استراتيجي فادح، لأنه لا معنى لوقف إطلاق النار أساسًا”.
وأضاف: “الآن وقد أصبحنا في موقع مؤثّر، وكان من الممكن تدمير إسرائيل خلال ثلاثة إلى أربعة أيام، قمنا بإبرام وقف إطلاق النار، وذلك مع طرف لم يلتزم يومًا بتعهداته مع الدول الأخرى”.
وتابع هذا النائب: “لا معنى لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، وإذا بدأنا في مسار ما فعلينا أن نُكمله حتى النهاية، لأنهم حوّلوا المعركة إلى معادلة صفر أو واحد، وخلال الـ24 ساعة القادمة ستهاجمنا إسرائيل لأنها لا تلتزم بوقف إطلاق النار”.
وختم ظهره وند: “وقف إطلاق النار، كان فعلًا خاطئًا، ولا أعلم ما الدافع وراء من قدّم هذا المقترح. لا نعرف من هو الشخص الذي أطلق مشروع وقف إطلاق النار داخل النظام؛ فليأتِ هذا الشخص ويُعرّف بنفسه، ويقول إنه قبل المسؤولية استنادًا إلى المصالح الوطنية”.
رئيس البرلمان الإيراني: طهران ستعلق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، إن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ستعلق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى يتم ضمان أمن المنشآت النووية.
وقد صادق نواب البرلمان على المبادئ العامة والتفاصيل لمشروع قانون يقضي بتعليق تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأضاف قاليباف في تصريحاته أن إيران ستواصل برنامجها النووي بوتيرة أسرع.
وقد ازداد تأكيد مسؤولي إيران على التمسك بالبرنامج النووي واستمراره بعد وقف إطلاق النار في الحرب مع إسرائيل.
وقال المتحدث باسم رئاسة البرلمان الإيراني، علي رضا سليمي، إن أعضاء البرلمان وافقوا على الشروط العامة والمفصلة لخطة سيتم بموجبها تعليق تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
سليمي قال إنه وفقاً لقرار البرلمان، ليس من حق مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية دخول البلاد للتفتيش إلا إذا تم ضمان أمن المنشآت النووية والأنشطة النووية السلمية للبلاد، وهذا يخضع أيضاً لموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران.
وتأتي الموافقة على هذه الخطة في الوقت الذي دعا فيه رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى الاستئناف الفوري لأنشطة التحقق النووي في إيران.
وختم علي رضا سليمي حديثه قائلاً: “حدد البرلمان في قراراته عقوبات لمن يسمحون لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول البلاد”.
أمريكا
استعراض عام
خلال الأيام الستة الأخيرة، واجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عاصفة من الانتقادات القانونية والسياسية والإعلامية بعد قراره المفاجئ بشن ضربات جوية على منشآت نووية إيرانية دون تفويض من الكونجرس، ما أثار جدلاً دستورياً حول تجاوزه لصلاحياته التنفيذية، وأعاد طرح تساؤلات حول حدود السلطة الرئاسية في شن الحروب. وكانت أشد الانتقادات، إضافة للمعارضة الديمقراطية بالطبع، من معسكر الماجا، الكتلة الصلبة لترامب، لم رأوه نكوصاً عن وعوده الانتخابية بوقف الحروب والتدخلات الأمريكية غير اللازمة في الخارج، والتركيز على “أمريكا أولا”.
وفيما دافع البيت الأبيض عن التحرك باعتباره ضمن صلاحيات المادة الثانية من الدستور، رأى خبراء قانونيون أنه يشكّل “انتهاكاً صريحاً” لقانون صلاحيات الحرب. كما واجه ترامب تشكيكاً استخباراتياً بتأثير الضربة على برنامج إيران النووي، رغم تأكيداته بـ”تدمير شامل”.
بالتوازي، شن ترامب هجوماً غير مسبوق على رئيس الاحتياطي الفيدرالي، واصفاً إياه بـ”الغبي والعنيد”، وداعياً لتخفيضات ضخمة في سعر الفائدة، ما أثار قلق الأسواق وخلافاً داخل المؤسسات المالية.
وفي تطور آخر، فجّر ترامب جدلاً جديداً بتلميحاته بشأن إمكانية الترشح لولاية رئاسية ثالثة في 2028، رغم الحظر الدستوري الصريح، في خطوة اعتبرها البعض اختباراً لحدود الديموقراطية الأميركية.
أما على الساحة العالمية، فواصل ترامب فرض أجندته على حلف “الناتو”، دافعاً القادة الأوروبيين لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي، في مشهد مثّل “استعراض قوة” أميركية يُعيد تشكيل التوازن داخل الحلف.
في الداخل، فشل الديمقراطيون في تمرير مشروع عزل ترامب على خلفية الضربة، وسط انقسام داخل الحزب، بينما واصل ترامب استخدام منصة “تروث سوشال” كأداة رئيسية لإدارة الأزمات والترويج لقراراته بشكل منفرد، متجاوزاً القنوات الرسمية، ومثيراً مخاوف من “نموذج رئاسي موازٍ” للإعلام والمؤسسات.
كل هذه التطورات ترسم صورة رئيس يستخدم كل أدوات السلطة – الرسمية والشخصية – لتحقيق أجندة توسعية، داخلياً وخارجياً، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من انهيار التوازنات بين السلطات، واندثار المعايير التي ضمنت الاستقرار السياسي الأميركي لعقود.
وفي تطور لافت على الساحة الداخلية الأمريكية، حقق زهران ممداني، الديمقراطي الاشتراكي التقدمي، ذو الأصول المسلمة، فوزاً مهماً بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات عمدة نيويورك المقبلة. جاء هذا الفوز رغماً عن إرادة المؤسسة الأمريكية التقليدية، والأهم رغما عن الدعم الكبير للوبي الصهيوني لمنافسه أندرو كومو ، المحافظ الأسبق لولاية نيويورك، وذو التوجه الصهيوني الواضح. يعتبر هذا الفوز خروجاً عن النهج التقليدي في المدينة التي يقطنها نحو مليون يهودي، وتعتبر معقلاً تاريخياً للنفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة، وذلك على الرغم من الدعم الواضح لممداني للقضية الفلسطينية، ومناهضته للعدوان على غزة.
هل انتهك ترامب الدستور بقصف إيران؟ جدل قانوني ودستوري يشتعل في واشنطن
أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشن ضربات جوية على منشآت نووية إيرانية، جدلاً دستورياً واسعاً، أعاد تسليط الضوء على حدود صلاحيات الرئيس في شن الحروب دون تفويض من الكونغرس.
البيت الأبيض يدافع: المادة الثانية تكفي
وفقاً لمسؤولين رفيعي المستوى في إدارة ترامب، فإن الرئيس استخدم صلاحياته بموجب المادة الثانية من الدستور الأميركي، التي تمنحه الحق في “توجيه القوات المسلحة الأميركية في عمليات ضرورية لحماية المصالح القومية”.
وقد شارك كل من مكتب المستشار القانوني للبيت الأبيض ووزارة العدل في صياغة المبررات القانونية للعملية، بالاستناد إلى مذكرات قانونية من إدارات سابقة.
وقال مسؤول سابق في الإدارة لـ CNN:
“الرئيس يتصرف ضمن صلاحياته الكاملة… انتهى النقاش”.
لكن خبراء القانون يقولون: ما حدث “يتجاوز الخط”
هذا التفسير لم يلقَ إجماعًا في الأوساط القانونية والسياسية. إذ يشير العديد من أساتذة القانون والمشرعين من كلا الحزبين إلى أن الدستور واضح في أن الكونغرس وحده يملك سلطة إعلان الحرب.
كما أن غياب تهديد وشيك على الولايات المتحدة، وعدم وجود تفويض قانوني مسبق مثل ما جرى في حرب العراق، يجعل العملية أقرب لما يُعتبر “تجاوزًا دستوريًا”.
قانون صلاحيات الحرب: استشارة الكونغرس “كانت ممكنة” ولم تحدث
وفقًا للبروفيسور إيليا سومن من جامعة جورج ميسون، فإن حجم الضربة الأميركية يوحي بأنها عمل حربي كامل وليس مجرد عملية محدودة، وبالتالي تستلزم موافقة الكونغرس بموجب قانون صلاحيات الحرب لعام 1973، الذي صدر بعد حرب فيتنام للحد من تفرد الرئيس في استخدام القوة.
وأضاف سومن:
“كان من الممكن استشارة الكونغرس، وكان يجب أن يتم ذلك… لكن الإدارة لم تفعل”.
سياق أوسع: صلاحيات الرؤساء في توسع منذ عقود
ليست هذه المرة الأولى التي يُتهم فيها رئيس أميركي بتجاوز صلاحياته في استخدام القوة. فقد سبق أن تجاوز جورج بوش الأب في بنما، وأوباما في ليبيا، وحتى ترامب نفسه في ولايته الأولى، دون تفويض رسمي من الكونغرس.
لكن هذه المرة، يرى مراقبون أن ترامب قلّص من دور الخبراء القانونيين الحكوميين في اتخاذ القرار مقارنة بإدارات سابقة، واعتمد أكثر على دوائر ضيقة ذات توجّه توسعي لصلاحيات الرئيس.
المحكمة العليا… غير مستعدة للتدخل؟
يرى خبراء قانونيون أن اللجوء إلى القضاء قد لا يكون فعالاً، إذ تميل المحاكم إلى اعتبار هذا الخلاف من اختصاص السلطتين التنفيذية والتشريعية. وحتى لو رفعت إحدى غرفتي الكونغرس دعوى – كما حدث في عهد ترامب الأول بخصوص تمويل الجدار الحدودي – فمن المرجح أن يُرفض الطلب باعتباره “نزاعاً سياسياً”.
بينما يرى البعض أن ما قام به ترامب “لا يختلف كثيرًا عن تجاوزات رؤساء سابقين”، إلا أن حجم الضربة، غياب التهديد المباشر، وانعدام التفويض التشريعي تجعل هذا الحدث لحظة فارقة في تاريخ العلاقة بين البيت الأبيض والكونغرس.
حتى الآن، يبقى مصير هذا التحدي الدستوري معلقًا بين صمت المحاكم، وتحركات بطيئة في الكونغرس، وشعب منقسم بين التأييد والقلق.
الصعوبة.
الكونغرس يجهض محاولة لعزل ترامب على خلفية ضرب إيران
في جلسة مثيرة شهدت انقسامًا داخل الحزب الديمقراطي، رفض مجلس النواب الأميركي، مساء الثلاثاء 25 يونيو/حزيران 2025، بأغلبية ساحقة مشروع قرار قدمه النائب الديمقراطي آل غرين يدعو إلى عزل الرئيس دونالد ترامب، متهمًا إياه بإساءة استخدام السلطة بسبب أمره بشن ضربات عسكرية على منشآت نووية إيرانية دون تفويض مسبق من الكونغرس.
وجاء التصويت النهائي برفض 344 نائبًا للمقترح مقابل موافقة 79 فقط، في حين امتنع عدد من النواب عن التصويت، ما أجهض المبادرة بشكل حاسم. اللافت أن عددًا من الديمقراطيين انضموا إلى الجمهوريين في التصويت ضد المقترح، في إشارة إلى انقسام داخل الحزب حول مدى أحقية المساءلة في هذا التوقيت الحرج.
النائب آل غرين، المعروف بمواقفه المعارضة الحادة للرئيس، علّق على فشل مشروعه بالقول:
“لا أفعل هذا للمتعة… بل لأن الدستور إما أن يكون له معنى، أو لا يكون”، مضيفًا:
“لا يمكن لشخص واحد أن يقرر مصير أكثر من 300 مليون أميركي في خوض الحرب دون استشارة الكونغرس”.
وكان غرين قد طالب بعزل ترامب بتهمة تجاوز صلاحياته الدستورية والتفرد بالقرار العسكري، خاصة أن الضربات الأخيرة على إيران جرت بشكل مفاجئ، وأثارت جدلاً داخليًا وخارجيًا واسعًا، وسط مخاوف من انزلاق واشنطن إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط.
في السياق ذاته، اعتبر مراقبون أن فشل مشروع العزل لا يعني انتهاء الجدل حول مدى قانونية التحرك العسكري، بل يعكس حالة التردد والانقسام داخل الكونغرس، خصوصًا بين أجنحة الحزب الديمقراطي.
ومن جانب آخر، شن الرئيس ترامب هجومًا لفظيًا عنيفًا على النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، بعد أن وصفت الضربة العسكرية بأنها “جريمة تستوجب العزل”. واستخدم ترامب، بحسب وسائل إعلام أميركية، ألفاظًا نابية في معرض رده عليها، ما أجج التوتر بين البيت الأبيض وبعض قيادات الديمقراطيين.
ويُذكر أن هذه ليست المحاولة الأولى لعزل ترامب منذ بدء ولايته الثانية في يناير 2025، لكنها تعكس تصاعد القلق داخل المؤسسة السياسية الأميركية من تداعيات قرارات الرئيس الخارجية، وخاصة ما يتعلق بإيران والشرق الأوسط.
ويتكوف: محادثات واعدة مع إيران ولن نسمح لها بتخصيب اليورانيوم
أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن الولايات المتحدة منخرطة في محادثات مباشرة وغير مباشرة مع إيران، ووصفها بأنها “واعدة” وتحمل إمكانيات حقيقية للتوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد يتجاوز وقف إطلاق النار الحالي.
وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز مساء الثلاثاء، قال ويتكوف:
“نتحدث بالفعل مع الإيرانيين، ليس فقط بشكل مباشر، بل أيضًا من خلال وسطاء. والرئيس ترامب أوضح بجلاء أنه يطمح إلى اتفاق شامل ودائم مع إيران”.
وأضاف بثقة:
“أنا على يقين أننا قادرون على التوصل إلى هذا الاتفاق… كل ما نحتاجه الآن هو الجلوس إلى الطاولة والتفاوض بشكل جدي”.
البرنامج النووي الإيراني: “الضربة كانت قاصمة”
وفي رده على تقارير إعلامية شككت بفعالية الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية نهاية الأسبوع، شدد ويتكوف على أن الضربات كانت ناجحة للغاية، وأنها دمرت أو عطلت الغالبية العظمى من أجهزة الطرد المركزي في المواقع الثلاثة المستهدفة.
وقال:
“من وجهة نظري، ومن وجهة نظر كثير من الخبراء الذين اطلعوا على البيانات الأولية، فإن إعادة إحياء البرنامج النووي الإيراني ستستغرق سنوات… الادعاءات التي تنفي هذا الواقع سخيفة تمامًا”.
وأكد أن الولايات المتحدة لن تقبل بأي شكل من أشكال تخصيب اليورانيوم في الاتفاق المرتقب، مشيرًا إلى أن هذا خط أحمر لن يُسمح بتجاوزه.
تسريب التقييم الاستخباراتي: “خيانة”
وحول التقارير الإعلامية التي استندت إلى تسريبات من تقييمات استخباراتية أميركية، عبّر ويتكوف عن غضب شديد، واعتبر ما حدث “خيانة”، مطالبًا بفتح تحقيق ومحاسبة المسؤولين عن التسريب.
وقال:
“تسريب هذا النوع من المعلومات – بغض النظر عن الجهة التي قامت به – أمر شائن ويجب أن يُحاسب عليه مرتكبوه”.
“هذه ليست حربًا… بل كانت رسالة حاسمة”
وفي ختام تصريحاته، شدد ويتكوف على أن الضربات الأميركية لم تكن بداية لحرب طويلة أو حملة مفتوحة، بل كانت عملية محددة الأهداف.
وأضاف: “ما حدث لم يكن حربًا من أجل الحرب، بل تحرك مدروس لهدف محدد… والرئيس ترامب أثبت مرة أخرى مهارته في اتخاذ القرار، في معرفة متى يضغط الزر ومتى يتوقف. لقد حقق هدفه وانتهى الأمر”. (الجزيرة نت)
ترامب: دمرنا منشآت إيران النووية بالكامل… واتفاق غزة قيد الإعلان
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال مؤتمر صحفي عقده في لاهاي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران يسير بشكل جيد، مؤكدًا أن الضربة الأميركية الأخيرة “أوقفت البرنامج النووي الإيراني لعقود، لا سنوات”، ومشيرًا إلى “أخبار جيدة قريبة بشأن غزة”.
وخلال المؤتمر، الذي جمعه بالأمين العام لحلف الناتو مارك روته، شدد ترامب على أن منشآت إيران النووية دُمّرت بالكامل، مضيفًا: “لم يتمكنوا من إخراج أي مواد نووية”، في إشارة إلى تقارير تحدثت عن نجاح إيران في نقل مواد مخصبة من موقع فوردو قبل الضربة.
وقال ترامب إن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية، مؤكداً: “الإيرانيون كانوا يعرفون أننا سنضرب، فاختبأوا تحت الأرض، لكن الضربة وصلت إليهم”. واعتبر أن العملية “أنجزت المهمة وأوقفت الحرب”، لكنه لم يستبعد تنفيذ ضربة جديدة إذا أعادت طهران بناء برنامجها النووي، قائلاً: “بالتأكيد سنضرب من جديد”.
وفيما يخص غزة، قال ترامب إن الضربة على إيران ستُساهم في التوصل لاتفاق جديد، مرجّحًا أن “تساعد في إطلاق سراح الرهائن المحتجزين”.
روبيو: إيران أبعد الآن عن السلاح النووي
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في تصريحات لـ “بوليتيكو”، إن الهجوم الأميركي ألحق “أضراراً جسيمة” بعدة منشآت نووية إيرانية، مضيفًا أن “إيران باتت اليوم أبعد بكثير عن تطوير سلاح نووي مما كانت عليه قبل الضربة”.
واعتبر روبيو أن التقارير الإعلامية التي شكّكت بفعالية الضربة الأميركية “غير دقيقة”، مشددًا على أن “التقييمات الاستخباراتية تؤكد النجاح الكبير للعملية، خلافًا لما تروج له بعض التسريبات”.
وفي تطور لافت، أشار ترامب إلى أن إسرائيل، بعد دخول اتفاق وقف النار حيّز التنفيذ، أعادت الطائرات التي كانت تستعد لتنفيذ موجة قصف جديدة داخل الأراضي الإيرانية، في ما بدا كرسالة توافق إسرائيلي – أميركي على تهدئة الوضع في المرحلة الحالية.
شكوك استخباراتية… ونفي رسمي
ورغم تصريحات ترامب، كانت تسريبات استخباراتية أميركية قد شككت في حجم الأضرار، معتبرة أن الضربة لم تُدمّر البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وأن بعض المنشآت المهمة ربما نُقلت أو لم تُكتشف بعد.
البيت الأبيض سارع إلى نفي هذه التسريبات، واصفاً إياها بأنها “محاولة للتقليل من حجم الإنجاز الرئاسي”، وأكد أن الضربة كانت “حاسمة وتاريخية”.
أردوغان يحتفل بإنجاز “ترامب” في الشرق الأوسط في قمة الناتو
في لقطة لافتة اصطف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وملك هولندا ويليم ألكسندر لالتقاط صورة جماعية لزعماء “الناتو” في لاهاي.
توجّه ترامب إلى قمة حلف شمال الأطلسي وكأنها أُعدّت خصيصًا له. الزعماء الغربيون الحاضرون في العاصمة الهولندية بدوا وكأنهم يدركون مهمتهم: الالتزام بزيادة الإنفاق العسكري إلى ما يعادل 5% من الناتج المحلي – وهو تصعيد كبير مقارنة بعتبة 2% التي عجزت معظم دول “الناتو” عن بلوغها على مدار سنوات.
5% لأجل ترامب؟
المبادرة تعكس رغبة أوروبية في تولي مسؤولية أمنها وتعزيز قاعدتها العسكرية والصناعية. وعلى الرغم من مطالبة رؤساء أميركيين سابقين بهذا التوجه، لم يكن أحد أكثر صخبًا وإلحاحًا من ترامب.
وفي رسالة خاصة نشرها على “تروث سوشال”، تلقّى ترامب إشادة مباشرة من الأمين العام لحلف الناتو مارك روته:
“دونالد، لقد دفعتنا إلى لحظة مفصلية لأميركا وأوروبا والعالم… لقد حقّقت ما لم يقدر عليه أي رئيس أميركي منذ عقود”، قال روته.
وأضاف: “لقد وقّعوا جميعاً على نسبة الـ5%! أوروبا ستدفع بقوة – كما يجب – وهذا سيكون انتصارك”.
وفي مأدبة عشاء رسمية، رفع ترامب كأسه نخبًا لهذا “الإنجاز”، بينما كرّر روته أن “التزام ترامب بالناتو كامل”، لكنه مشروط بأن “تتحمّل أوروبا العبء الأكبر”.
التوترات الكامنة
لكن هذه الأجواء الاحتفالية تخفي خلافات لا تزال قائمة، أبرزها قلق أوروبا من موقف ترامب تجاه الحرب في أوكرانيا وتردده في تقديم دعم مباشر لكييف. حتى الآن، لا لقاء مرتقب بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي جلس على طاولة منفصلة خلال عشاء رسمي، رغم ضغوط قادة أوروبيين لدمج أوكرانيا في القمة دون استفزاز ترامب.
أحد كبار المسؤولين في الناتو صرّح (دون الكشف عن اسمه) أن انقطاع الدعم الأميركي لن يؤدي لانهيار فوري في أوكرانيا، بل إلى تراجع طويل الأمد وتحول دائم نحو الدفاع، مع نقص في الدفاعات الجوية والدبابات والذخيرة، ما قد يدفع نحو “تقنين في استخدام الأسلحة”.
التحالفات القديمة تتآكل
رسائل ترامب الصلبة دفعت بعض الحلفاء إلى اتخاذ خطوات حذرة. رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، رغم أهمية بلاده كشريك رئيسي للناتو، قرر مقاطعة القمة، على خلفية النزاعات التجارية والضغوط الأميركية لزيادة الإنفاق الدفاعي.
في العمق، تمر علاقات أميركا مع حلفائها بتغيير جذري. استطلاعات رأي حديثة أظهرت تراجعًا حادًا في صورة ترامب عالميًا، خاصة في أوروبا. ووجد استطلاع لمعهد بيو أن غالبية الدول لا تثق بقدرة ترامب على التعامل مع قضايا كالهجرة، الحرب في أوكرانيا، العلاقات مع الصين، الاقتصاد العالمي، وحتى تغيّر المناخ.
أوروبا تُعيد تعريف نفسها
مع هذا التحوّل، تظهر معالم سياسة خارجية أوروبية جديدة، أكثر استقلالاً عن واشنطن.
في تحليل لمجلس العلاقات الخارجية الأوروبي، يُرصد أن “اليمين المتطرف الأوروبي” انتقل من رفض الفيدرالية الأوروبية إلى قيادة حركة قومية حضارية جديدة، بينما اتجهت الأحزاب الوسطية – التي كانت عالمية الطابع – نحو “سيادة الدولة” ومقاومة ما يعتبرونه تدخلاً أيديولوجياً من أميركا.
قادة مثل المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يؤكدون علناً ضرورة تحرّر أوروبا من الاعتماد الاستراتيجي على واشنطن.
وأخيرًا: هل تنهار القيادة الأميركية؟
في مجلة “فورين أفيرز”، كتبت كوري شاك، وهي مسؤولة سابقة بإدارة جورج بوش الابن:
“إدارة ترامب تبني استراتيجيتها على افتراضين خاطئين:
أولاً، أن العالم لا خيار له سوى الرضوخ للولايات المتحدة.
ثانيًا، أن أميركا يمكنها الاستمرار في التفوق دون حلفائها.
هذه أنانية مقنعة بزيّ الاستراتيجية. لن تخلق نظامًا حرًا ومزدهرًا، بل عالمًا أكثر عدائية حيث تنحسر قوة أميركا”.
ترامب يحتفل بـ”نصره” في الشرق الأوسط… لكن الأسئلة الكبرى لا تزال قائمة
بينما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب على متن طائرة “إير فورس وان” متجهًا إلى قمة “الناتو” في هولندا، شارك مع الصحفيين رسالة نصية شخصية من مصدر غير متوقع: رئيس وزراء هولندا والأمين العام لحلف الناتو بالإنابة، مارك روته.
روته كتب لترامب:
“شكراً لك على تحركك الحاسم في إيران، لقد كان تصرفاً استثنائياً لم يجرؤ أحد على الإقدام عليه.”
الرسالة التي أكّد صحتها ناطق باسم “الناتو”، جاءت في سياق إشادة بترامب على خلفية الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، والتي أنهت، مؤقتًا، ما بات يُعرف باسم “حرب الـ12 يوماً” بين إسرائيل وإيران.
ولكن… هل انتهت الحرب فعلاً؟
بينما يروّج البيت الأبيض لانتصار “ساحق” أوقف تقدم إيران النووي، تشير تسريبات من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى أن الضربات لم تكن حاسمة كما صُوّرت. التقييم الاستخباراتي الأولي يرى أن البرنامج النووي الإيراني قد تأخر “أشهرًا فقط”، دون أن يتم القضاء على مخزون اليورانيوم المخصب أو المنشآت الأساسية بالكامل.
“السلام” بضغوط جوّية
حسب مصادر البيت الأبيض، ساهمت مكالمة “صارمة للغاية” أجراها ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى جانب تحذيرات علنية لإيران، في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.
حتى خصوم ترامب السابقين في “الناتو”، الذين طالما انتقدوا سياساته، باتوا يشيدون به بعدما نجح في انتزاع التزام من الحلف بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي.
قضايا لم تُحل
- هل دُمرت المنشآت النووية الإيرانية فعلاً؟
- أين مخزون اليورانيوم المخصب الذي لم يُمس؟
- هل لدى طهران منشآت سرية لم تُقصف بعد؟
- هل ستصمد الهدنة أم أن جولة جديدة من الصراع تلوح في الأفق؟
من “السقوط إلى الصعود”
في الداخل الأميركي، خفّت حدة الانتقادات لترامب مؤقتًا. فالنائب الجمهوري توماس ماسي، الذي كان يعتزم تقديم مشروع قانون يقيد صلاحيات ترامب العسكرية في إيران، أعلن سحب المبادرة.
في المقابل، يواصل نائب الرئيس جي دي فانس ترويج “عقيدة ترامب للسياسة الخارجية”، قائلاً إنها تقوم على:
- تحديد المصالح الأميركية بوضوح.
- التفاوض العدواني لتحقيقها.
- استخدام القوة الساحقة عند الضرورة.
لكنّ منتقدي ترامب يعتبرون أن سياسته أقرب إلى التفاعل اللحظي منها إلى استراتيجية مدروسة، حيث يتقلب بين التصعيد والتهدئة، وبين التهديدات الكبرى والتراجعات المفاجئة، كما حدث حين دعا لتغيير النظام في طهران ثم تراجع بعد أيام.
خلاصة
ترامب يعود من الشرق الأوسط بيدٍ تمسك بوقف إطلاق النار، وأخرى تحمل ملفًا مفتوحًا بالأسئلة.
النتائج، كما يقول أنصاره، هي ما يهم في نهاية المطاف. أما خصومه فيرون أن جولة الانتصار قد تكون سابقة لأوانها – فالقادم قد يحمل مفاجآت.
ترامب يهاجم رئيس الاحتياطي الفيدرالي بعنف: “غبي وعنيد… يجب أن يرحل!”
شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومًا لاذعًا جديدًا على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي)، جيروم باول، متهمًا إياه بـ”الغباء والجمود”، مطالبًا بتخفيض فوري لسعر الفائدة بمقدار 2 إلى 3 نقاط مئوية، وهو مطلب اقتصادي كبير من شأنه أن يغيّر سياسة البنك المركزي جذريًا.
وكتب ترامب صباح الثلاثاء على منصته “تروث سوشال” قائلاً:
“أوروبا قامت بعشر تخفيضات، بينما نحن لم نقم بأي واحدة. لا يوجد تضخم، ولدينا اقتصاد رائع – يجب أن نكون أقل بمقدار نقطتين إلى ثلاث. هذا من شأنه أن يوفر للولايات المتحدة أكثر من 800 مليار دولار سنويًا. وإذا تغيرت الظروف لاحقًا، يمكننا رفع الفائدة من جديد. ما الفرق الهائل الذي سيحدثه هذا القرار!”
غضب علني ومطالب بتدخل الكونغرس
في منشور آخر، وصف ترامب رئيس الفيدرالي بـ”جيروم باول المتأخر جدًا”، وناشد الكونغرس بالتحقيق في قراراته، قائلاً:
“آمل أن يعمل الكونغرس على محاسبة هذا الشخص الغبي والعنيد بحق. سندفع ثمن عدم كفاءته لسنوات قادمة. على المجلس (الاحتياطي الفيدرالي) أن يتحرك. لنجعل أميركا عظيمة من جديد!”
وكان ترامب قد وصف باول الأسبوع الماضي بـ”الأبله الحقيقي”، بعدما قرر الاحتياطي الفيدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثانية هذا العام.
خلفيات الأزمة: فائدة مرتفعة ورسوم جمركية تضخمية
ترامب يرى أن أسعار الفائدة المرتفعة تُعيق نمو الاقتصاد الأميركي، وتضعف من قدرة الشركات والمستهلكين على الاستثمار والإنفاق. لكن البنك الفيدرالي يبرر حذره من التخفيض بسبب مخاوف من ارتفاع التضخم الناتج عن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الواردات الأجنبية.
من جهته، صرّح باول مؤخرًا بأن هدفه الأساسي هو “ضمان استقرار الأسعار وسوق عمل قوية”، مؤكدًا أن السياسة النقدية “مُعدّة بعناية لتستجيب للبيانات الاقتصادية في الوقت المناسب”.
بوادر انقسام داخل الفيدرالي
في تطور لافت، قالت ميشيل بومان، عضو مجلس محافظي الفيدرالي، خلال خطاب لها في براغ، إنها منفتحة على فكرة تخفيض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل المقرر يومي 29 و30 يوليو/تموز، مشيرة إلى أن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم “أضعف وأبطأ مما كان متوقعاً”.
وأضافت:
“إذا استمرت الضغوط التضخمية في التراجع، فسأدعم تخفيض سعر الفائدة في اجتماعنا المقبل.”
الأسواق تنتظر الحسم… والاقتصاد على حافة توازن هش
تُشير بيانات الفيدرالي إلى أن الاقتصاد الأميركي ما يزال يسجل نموًا قويًا، مع معدلات بطالة منخفضة وسوق عمل مستقرة، لكن التضخم “لا يزال مرتفعًا بعض الشيء”، حسب بيان صدر في 18 يونيو.
ويرى مراقبون أن أي قرار بتخفيض الفائدة سيعتمد على مزيج معقد من العوامل: آثار الرسوم الجمركية، وتطورات الأسواق العالمية، واحتمال التصعيد في الشرق الأوسط، الذي يهدد أسعار النفط.
خلاصة المشهد: مواجهة مفتوحة أم تصحيح في اللحظة الأخيرة؟
تصريحات ترامب التصعيدية ضد باول تأتي في لحظة اقتصادية حرجة، حيث تقف الولايات المتحدة بين رغبة سياسية في دفع النمو قبيل الانتخابات، وحذر نقدي مخضرم من التضخم الكامن.
ومع اقتراب اجتماع الفيدرالي في نهاية يوليو، تزداد الضغوط على باول، الذي تنتهي ولايته في 2026، ليختار إما الصمود أمام انتقادات البيت الأبيض… أو الرضوخ لخطاب سياسي يزداد شراسة. (نيوز ويك).
هل يستطيع دونالد ترامب الترشح مجددًا في عام 2028؟ الدستور الأمريكي يضع حدًا واضحًا
بعد عودته المثيرة إلى البيت الأبيض مطلع هذا العام، بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإثارة الجدل مجددًا، ليس فقط عبر قراراته في السياسة الخارجية، كقصف منشآت نووية في إيران، بل أيضاً عبر تلميحاته المتكررة بإمكانية الترشح لولاية ثالثة في عام 2028، رغم أن الدستور الأميركي يمنع ذلك بوضوح.
الواقع الدستوري: الترشح لولاية ثالثة محظور
ينص التعديل الثاني والعشرون (22nd Amendment) من الدستور الأميركي صراحة على أنه لا يحق لأي رئيس أن يُنتخب لأكثر من ولايتين. وقد تم إقرار هذا التعديل بعد وفاة الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي كان الوحيد في تاريخ البلاد الذي تولى الرئاسة لأربع فترات.
تغيير هذا النص الدستوري أمر بالغ الصعوبة، ويتطلب موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، ثم تصديق ثلاثة أرباع الولايات الأميركية. وهو أمر نادر الحدوث، ولم يُطبّق سوى مرات محدودة في التاريخ الأميركي.
ترامب يلمّح… ثم يتراجع
رغم القاعدة الدستورية الصارمة، أثار ترامب تكهنات واسعة عندما بدأ في الترويج لملصقات وقبعات عليها شعار “Trump 2028″، كما أدلى بتصريحات إعلامية توحي بإمكانية التحايل على النص القانوني.
في مقابلة أجراها مع شبكة NBC في مارس الماضي، قال ترامب إن من الممكن – نظريًا – أن يترشح نائبه جي دي فانس ثم يستقيل لصالحه، في محاولة لخلق “طريقة غير مباشرة” لولاية ثالثة.
لكن في مقابلة لاحقة في برنامج Meet the Press يوم 4 مايو، خفف ترامب من حدة موقفه قائلاً:
“الكثيرون يطلبون مني ذلك، لم أتلقَ في حياتي هذا الكم من المطالب… لكن حسب علمي، لا يُسمح لك بذلك. لست متأكدًا إن كان هذا دستوريًا، لكن يبدو أنهم لا يجيزون ذلك.”
ولم تصدر منظمة ترامب (Trump Organization) أي تعليق حتى الآن بشأن القبعات التي تحمل شعار “ترامب 2028”.
ترامب في السلطة مجددًا: رئيس غير متتالي
يُعد ترامب أحد رئيسين فقط في تاريخ الولايات المتحدة يشغلان منصب الرئاسة في ولايتين غير متتاليتين. فقد فاز في انتخابات 2016 أمام هيلاري كلينتون، وخسر في 2020 أمام جو بايدن، ثم عاد وفاز مجددًا في 2024، بعد انسحاب بايدن من السباق لصالح نائبته السابقة كامالا هاريس، ليبدأ ولايته الثانية في يناير 2025 كرئيس رقم 47.
لكن رغم عودته السياسية القوية، تظل شعبيته منخفضة تاريخيًا، وتزايدت الاحتجاجات ضده هذا العام، خاصة بعد قراره الأخير بقصف منشآت نووية في إيران، والذي أدى إلى مظاهرات في عدة مدن أميركية يوم 22 يونيو.
جذور الحظر: من روزفلت إلى التعديل الدستوري
منذ عهد الرئيس المؤسس جورج واشنطن، التزم الرؤساء الأميركيون بشكل غير رسمي بعدم تولي أكثر من ولايتين. لكن في زمن الحرب العالمية الثانية، كسر الرئيس فرانكلين روزفلت هذه القاعدة، وانتُخب لولاية ثالثة ثم رابعة، قبل أن يتوفى في منصبه عام 1945.
أدى ذلك إلى إطلاق حملة لتقييد فترات الرئاسة، انتهت بإقرار التعديل الـ22 في عام 1947، والذي دخل حيز التنفيذ عام 1951، ومنذ ذلك الوقت أصبح من غير القانوني لأي رئيس أن يُنتخب لأكثر من ولايتين.
الخلاصة: الدستور واضح، لكن ترامب لا يتوقف عن الإيحاء
رغم وضوح النص الدستوري، لا يبدو أن ترامب مستعد لإغلاق باب التكهنات. وبين تصريحاته التي توحي بالإصرار، وبين تراجعه الإعلامي، تبقى فكرة “ترامب 2028” مصدر جدل قانوني وسياسي سيُرافق المشهد الأميركي طيلة السنوات المقبلة.
حتى اللحظة، يبقى الجواب القانوني واضحًا:
ترامب لا يستطيع الترشح مجددًا في 2028، إلا إذا تم تعديل الدستور الأميركي – وهو أمر بالغ الصعوبة.
زهران ممداني يقلب الطاولة على المؤسسة الديمقراطية: انتصار لمسلم مهاجر وهزيمة مدوّية لكومو
شهدت نيويورك لحظة سياسية فارقة، حيث تصدّر النائب التقدمي زهران ممداني نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لمنصب عمدة المدينة، متقدماً بفارق مريح على الحاكم السابق لولاية نيويورك أندرو كومو، الذي سرعان ما أقرّ بهزيمته.
لكن الحدث تجاوز كونه مجرد تنافس انتخابي، ليُشكّل ما وصفه البعض بـالهزيمة الصريحة للمؤسسة الديمقراطية وتحالفاتها التقليدية، وعلى رأسها اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة (AIPAC)، التي كانت قد دعمت بقوة كومو في مواجهة ممداني.
وفي تغريدة لقيادي تقدمي بارز من أنصار ممداني، كُتب:
“كومو اعترف بالهزيمة. المؤسسة الديمقراطية وAIPAC هُزمت الليلة على يد مهاجر مسلم خاطب الناس الحقيقيين، لا النخبة. حان الوقت لاستعادة الحزب من أيدي النخب، والمتحرشين الجنسيين (في إشارة لاتهامات كانت قد طالت كومو نفسه)، ودمى AIPAC، ومضاربي الأسهم – المعروفين باسم المؤسسة الديمقراطية.”
ممداني، النائب عن كوينز والبالغ من العمر 33 عامًا، يُعدّ أحد أبرز وجوه التيار الديمقراطي الاشتراكي، وقدّم نفسه كصوت للطبقات المهمّشة، والعمال، والمهاجرين، في مواجهة النخبة السياسية والمالية التي هيمنت على المدينة لعقود. كما عبّر مرارًا عن مواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية، وهو ما عرّضه لحملات تشويه واتهامات بـ”معاداة السامية” من جهات داعمة لإسرائيل.
في المقابل، يُعد فوز ممداني بمثابة هزيمة قاسية لأندرو كومو، الحاكم السابق الذي اضطر للاستقالة عام 2021 على خلفية اتهامات بالتحرش من 11 امرأة. وعلى الرغم من محاولته العودة عبر بوابة بلدية نيويورك، إلا أن الناخبين – خصوصاً في بروكلين ومانهاتن – منحوا ثقتهم لصوت جديد لا يرتبط بفضائح الماضي ولا بقيود لوبيات النفوذ التقليدية.
ممداني، في حال إعلان فوزه رسمياً الأسبوع المقبل بعد استكمال عملية إعادة توزيع الأصوات في النظام التفضيلي، سيُصبح أول مسلم وأول ديمقراطي اشتراكي معلن يتولى قيادة مدينة نيويورك – العاصمة الاقتصادية للعالم – بميزانية تفوق 115 مليار دولار وجهاز إداري يضم 300 ألف موظف.
السياسي الشاب الذي وصف نفسه بـ”كابوس ترامب الأسوأ”، قد يتحول إلى أيقونة تقدمية وطنية، لكنه أيضًا سيكون هدفًا مركزيًا لهجمات اليمين المحافظ ومنصاته الإعلامية، تمامًا كما حصل مع ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز وإلهان عمر وبرني ساندرز.
ورغم أن البعض يشكك في قدرة سياسي تقدمي على إدارة مدينة بحجم وتعقيد نيويورك، يرى آخرون أن صعود ممداني يمثل فرصة اختبار حقيقية لليسار الأميركي في زمن يتزايد فيه الاستقطاب، ويبحث فيه الحزب الديمقراطي عن اتجاه جديد في ظل تراجع شعبية رموزه التقليدية.
ترامب يدشن دبلوماسية الـ “تروث سوشال”
يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أرسى أسلوباً جديداً لإدارة الحروب والدبلوماسية المصاحبة لها. لا نتحدث عن التفكير الاستراتيجي هنا، ولا السيناريوهات التي يضعها عسكريون محنكون، بل عن منشورات على منصات التواصل الاجتماعي، إذ بات يستخدم منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي، تروث سوشال، منبراً مباشراً لإعلان قرارات حاسمة بشأن الحرب بين إسرائيل وإيران، متجاوزاً بذلك البروتوكولات الدبلوماسية التقليدية، وآليات التخطيط العسكري الاستراتيجي المعقدة.
إعلان القرارات العسكرية والدبلوماسية
في 23 يونيو/حزيران الحالي، استخدم ترامب “تروث سوشال” ليعلن تفاصيل عملية عسكرية أميركية استهدفت المنشآت النووية الإيرانية. في منشور الساعة 3:52 من بعد الظهر (بالتوقيت المحلي)، وصف رد إيران بـ”الضعيف جداً” على “إبادة منشآتها النووية”، وأشاد بالإشعار المسبق الذي قدمته طهران لتقليل الخسائر البشرية، في إشارة إلى الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على قاعدة أميركية في قطر الاثنين. هذه التصريحات لم تعلن عبر القنوات الرسمية التقليدية، بل عبر منصة رقمية خاصة يملكها الرئيس الجمهوري، ما يشكل نقطة تحول في طبيعة الخطاب السياسي الرسمي. بعد ساعتين، فاجأ ترامب العالم بإعلانه “وقف إطلاق نار كاملاً وشاملاً” بين إيران وإسرائيل، وكتب: “بافتراض أن الأمور ستسير كما ينبغي -وهو ما سيحدث- أود أن أهنئ الدولتين، إسرائيل وإيران، على امتلاكهما القدرة والتحمّل والشجاعة والذكاء لإنهاء ما يجب أن يُسمى حرب الأيام الـ12”. وأضاف: “هذه حرب كان من الممكن أن تستمر لسنوات، وتدمر الشرق الأوسط بأكمله، ولكن ذلك لم يحصل، ولن يحصل أبداً!” رغم أن هذا الإعلان جاء قبل أي تأكيد رسمي من الطرفين، فقد تبعته تأكيدات إسرائيلية وإيرانية، مع دور قطري بارز في الوساطة، حسب وكالة رويترز.
تضخيم إنجازات عسكرية وتهميش المعلومات الرسمية
كما استخدم ترامب “تروث سوشال” لتضخيم حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية، مؤكداً أنها “هائلة”، ومعلناً أن منشأة فوردو النووية “محيت تماماً”، رغم تحفّظات المسؤولين العسكريين الأميركيين والإسرائيليين الذين قدموا تقييمات أولية أكثر حذراً. في الوقت نفسه، شن ّترامب هجمات متكررة على وسائل إعلام بارزة مثل “سي إن إن” و “إن بي سي” و”إيه بي سي”، واتهمها بـ “الكذب و”التقليل من حجم الأضرار”.
كما شنّ هجوماً سياسياً على نواب جمهوريين معارضين للضربات على إيران، لا سيما النائب توماس ماسي الذي دعا إلى ضرورة موافقة الكونغرس على أي تحرك عسكري، ما أثار جدلاً داخل الحزب الجمهوري.
وخلافاً للخطاب الدبلوماسي المعتاد، تحدث ترامب صراحة عبر “تروث سوشال” عن إمكانية “تغيير النظام” في إيران، قائلاً: “إذا كان النظام الإيراني عاجزاً عن جعل إيران عظيمة من جديد، فلماذا لا يكون هناك تغيير نظام؟”.
وفضلاً عن الخطاب العسكري والسياسي، لم يغفل ترامب عن البُعد الاقتصادي، حيث ناشد عبر منصته وزارة الطاقة الأميركية بأن “تحفر، وتحفر، وتحفر”، لزيادة الإنتاج النفطي، رغم أن هذه المهمة لا تندرج ضمن صلاحيات الوزارة، في محاولة لتخفيف المخاوف من ارتفاع أسعار النفط وتأثيرها السياسي والاقتصادي، خاصة مع التأثير المباشر على الأسواق العالمية والاقتصاد الأميركي.
“تروث سوشال” منصة ترامب للحشد والتضليل
وفقاً لموقع وايرد المتخصص، فإنّ “تروث سوشال” بدأت تعاني من انقطاعات في الخدمة على مستوى العالم في غضون دقائق من نشر دونالد ترامب تفاصيل الضربة العسكرية الأميركية على إيران. هذا وتشير الإحصائيات إلى أن ترامب ينشر عبر “تروث سوشال” من 15 إلى 29 منشوراً يومياً، مع تسجيل ذروة استثنائية وصلت إلى 138 منشوراً في يوم واحد. وأثناء الفترة من مارس/آذار إلى سبتمبر/أيلول 2024، شارك أكثر من 330 منشوراً تحمل محتوى مثيراً للجدل ونظريات مؤامرة.
العام الماضي مثلاً، شارك ترامب على نطاق واسع في نشر الاتهامات الكاذبة لمهاجرين هايتيين في ولاية أوهايو بسرقة حيوانات أليفة لأكلها، ما أثار جدلاً ألقى بظلاله على الحملة الانتخابية لفترة طويلة. ونتيجة للاتهامات، أصبح المهاجرون الهايتيون عرضة للتهديدات في هذه الولاية الواقعة شمال شرقي البلاد. وأشار جاريد هولت من “معهد الحوار الاستراتيجي” حينها إلى أن “منشوراته تشجع وتطبّع وتنشر الأيديولوجيات المتطرفة”، وعبّر عن خشيته من أن يحمس ذلك “الأطراف الأكثر تطرفاً في الحركة المحافظة الحديثة”.
هذا الكم الهائل من المحتوى يعكس استراتيجية واضحة لاستخدام المنصة أداة نشر مكثفة ومستقلة. “تروث سوشال” التي استقطبت في بداياتها جمهوراً محدوداً مقارنة بمنصات مثل “إكس” (تويتر سابقاً) و”فيسبوك”، أثبتت قدرتها على التأثير داخل أوساط مؤيدي ترامب، إذ يعاد نشر محتوياتها عبر قنوات إعلامية يمينية ومؤثرين رقميين، مما يضاعف تأثيرها في الخطاب السياسي والمجتمع الأميركي المحافظ.
سوريا
استعراض عام
تشهد سوريا تحولات مفصلية على الصعيدين السياسي والأمني، بالتزامن مع جهود إعادة الانخراط في النظام المالي الدولي، إلا أن هذه التحولات تصطدم بتحديات جوهرية تهدد استقرار المرحلة الانتقالية.
ففي الوقت الذي تستعد فيه البلاد لأول انتخابات برلمانية بعد سقوط نظام الأسد، وسط جدل حول التعيينات الرئاسية وصلاحيات اللجنة الانتخابية، هزّ تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق المشهد الأمني، في أول اختبار حقيقي لقدرة النظام الجديد على ضبط الأمن ومواجهة جماعات متطرفة مثل “سرايا أنصار السنة”.
وعلى الصعيد المالي، أعلن مصرف سوريا المركزي تنفيذ أول تحويل عبر نظام “سويفت” منذ 14 عاماً، ما فتح باب الأمل أمام المستثمرين المحليين والدوليين، بينما لا تزال فئات واسعة من اللاجئين السوريين في الأردن ترفض العودة، بسبب انعدام الأمان وفقدان الممتلكات والخدمات الأساسية.
كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على شخصيات بارزة من النظام السابق، متورطة في جرائم ضد الإنسانية، في مؤشر على استمرار الضغط الدولي على من ساهموا في دمار البلاد.
وبين الوعود بالتحول الديمقراطي والواقع الميداني المعقد، تقف سوريا أمام مفترق طرق حاسم يحدد مستقبلها السياسي والاجتماعي.
الانتخابات البرلمانية السورية بعد سقوط نظام الأسد – أمل ديمقراطي أم إعادة إنتاج للاستبداد؟
خلفية سياسية وتاريخية
في تحول سياسي تاريخي بعد أكثر من ستة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، أصدر الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، مرسوماً رئاسياً يقضي بتشكيل “اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب”، وهي خطوة تهدف لإعادة الحياة البرلمانية إلى سوريا بعد عقود من القمع السياسي وحكم الحزب الواحد.
اللجنة، التي يرأسها محمد طه الأحمد، أوكلت إليها مهمة تنظيم انتخابات مجلس الشعب خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، وفق الإعلان الدستوري الذي ألغى دستور 2012 وحل المجلس السابق. ويتألف المجلس التشريعي الجديد من 150 عضواً، يتم انتخاب ثلثيهم عبر هيئات ناخبة محلية، في حين يعين الرئيس الثلث المتبقي.
صلاحيات واسعة للرئيس
أثارت هذه الصيغة المختلطة بين التعيين والانتخاب جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والقانونية. إذ يرى مراقبون أن صلاحية الرئيس في تعيين 50 عضواً تثير مخاوف من إمكانية إعادة إنتاج الاستبداد السياسي، خاصة في ظل غياب آليات رقابة واضحة وبيئة انتخابية آمنة.
وقد اعتبر المحامي محمد علي الصايغ أن الإجراءات المتبعة تكرّس اللون الواحد وتفتقد للوضوح والشفافية، بينما أشار الأمين العام لحزب اليسار الديمقراطي درويش سلامة إلى أن تعيين ثلث المجلس دون آلية تشاركية فعلية يهدد بجعل البرلمان أداة بيد السلطة التنفيذية.
اللجنة القانونية ودورها
في سياق متصل، أعلنت اللجنة العليا عن تشكيل لجنة قانونية مكونة من خمسة خبراء، بهدف تقديم الاستشارات وصياغة القوانين اللازمة للعملية الانتخابية. ضمّت اللجنة مختصين في القانون الدستوري والإداري والخاص والدولي والإنساني، ما يعكس محاولة لمنح الشرعية القانونية للمسار الانتقالي.
آلية الانتخابات: خطوات وتحديات
أعلنت اللجنة العليا أن الانتخابات ستُجرى في 65 دائرة انتخابية موزعة على المناطق، وليس المحافظات، بما يعكس توجهًا نحو تقليص الهيمنة المركزية. لكن الجدل احتدم حول طبيعة الهيئات الناخبة، وغياب آليات تضمن تمثيلًا حقيقيًا وعادلاً لكل مكونات المجتمع السوري.
في جلسة عامة شارك فيها قرابة 1300 شخص في دار الأوبرا بدمشق، عرضت اللجنة رؤيتها الأولية للعملية الانتخابية، وفتحت النقاش أمام الجمهور. ورغم الحضور الكثيف، برزت انتقادات من شخصيات سياسية، بينها المعارض مأمون الحمصي، الذي طعن في شرعية التعيين ودعا إلى انتخابات مباشرة.
جدل حول شرعية الإعلان الدستوري
لا يزال الجدل قائماً حول الإعلان الدستوري الذي منح الحكومة الانتقالية سلطات واسعة، منها تشكيل مجلس الشعب وإدارة البلاد. واعتبره البعض “شرعية ثورية” تبرر تجاوز الأطر التقليدية، بينما وصفه آخرون بأنه أداة لتكريس سلطة أحادية جديدة.
القانوني فراس خليل اعتبر أن تعيين الثلث ضروري لضمان تمثيل الأقليات والكفاءات، في ظل غياب ظروف آمنة لانتخابات مباشرة. بينما اعتبر محامون آخرون أن هذه الصيغة تفتقر إلى المشروعية القانونية، وتكرس الهيمنة التنفيذية على السلطة التشريعية.
تحفظات الأقليات
سجلت قيادات من الطائفة الكردية والدرزية، منها المحامي طلحت شيخاني والمحامي أكرم حاطوم، تحفظات على آلية التعيين، معتبرين أنها تفتقر للعدالة في تمثيل الأقليات. واتهموا الحكومة الانتقالية بتهميش الشخصيات الوطنية المستقلة، وتعيين موالين باسم التعددية.
فرص وتحديات المرحلة
الباحث باسل كويفي أشار إلى أن المرحلة الحالية تشكل فرصة تاريخية لبناء عقد اجتماعي جديد، إذا ما اقترنت بضمانات دستورية حقيقية ومشاركة فعالة من المجتمع المدني. ودعا إلى تشكيل هيئات مستقلة للإشراف على التعيينات، وتأسيس محكمة دستورية لمراقبة العملية.
خلاصة
رغم رمزية هذه الخطوة في استئناف الحياة السياسية، يبقى مستقبل البرلمان السوري مرهونًا بمدى التزام الحكومة الانتقالية بمبادئ الشفافية والمساءلة. فبين من يرى في التعيينات ضرورة مرحلية، ومن يحذر من إعادة تدوير الاستبداد، يواجه السوريون مرة جديدة امتحانًا تاريخيًا في طريق بناء دولتهم الديمقراطية.
الرهان اليوم ليس فقط على إجراء الانتخابات، بل على بناء مؤسسات قادرة على عكس إرادة الناس، بعيدًا عن عقلية الوصاية والاستثناء. (العربي الجديد) (جفرا نيوز) (القدس العربي) (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق: أول اختبار أمني للنظام السوري الجديد
في تطور أمني خطير أعاد إلى الواجهة شبح العنف الطائفي، شهدت العاصمة السورية دمشق تفجيرًا دمويًا استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة يوم الأحد 22 يونيو/حزيران، ما أسفر عن مقتل 25 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات، في واحدة من أكثر الهجمات الإرهابية دموية منذ تشكيل الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
تبنٍّ متضارب واتهامات متبادلة
ورغم أن السلطات السورية وجّهت الاتهام إلى تنظيم داعش، فقد أعلنت جماعة مسلحة جديدة تُطلق على نفسها اسم “سرايا أنصار السنة” مسؤوليتها عن الهجوم في بيان نشرته على قناتها في تطبيق تليغرام، مشيرة إلى أن منفذ العملية يُدعى محمد زين العابدين أبو عثمان.
إلا أن وزارة الداخلية السورية سارعت لعقد مؤتمر صحافي أكدت فيه أن الخلية التي نفذت التفجير تتبع رسميًا لتنظيم “داعش”، وليس لها نشاط دعوي كما تدعي. وأشارت التحقيقات إلى أن زعيم الخلية محمد عبد الإله الجميلي، الملقب بـ”والي الصحراء”، جرى اعتقاله خلال عملية أمنية، إلى جانب خمسة آخرين، في مناطق حرستا وكفر بطنا شرق دمشق.
كما كشفت الداخلية عن إفشال هجوم انتحاري آخر كان يستهدف مقام السيدة زينب، مشيرة إلى أن منفذي الهجومين تسللوا من مخيم الهول عبر البادية السورية.
من هي “سرايا أنصار السنة”؟
ظهرت جماعة “سرايا أنصار السنة” إلى العلن لأول مرة في يناير 2025، معلنةً مسؤوليتها عن عمليات اغتيال وقتل طائفي في مناطق متفرقة، أبرزها مجزرة أرزة في حماة التي راح ضحيتها مدنيون من الطائفة العلوية. ويُعتقد أن هذه الجماعة تتبنى خطابًا تكفيريًا شديد التطرف تجاه العلويين، الشيعة، الدروز، والمسيحيين، رغم عدم وضوح علاقتها بتنظيم داعش أو غيره من التنظيمات الجهادية المعروفة.
ويرى مراقبون أن خطاب الجماعة مشابه لأدبيات داعش، لكن حضورها العسكري والإعلامي ما يزال محدودًا ومثيرًا للشك، وسط تساؤلات عن احتمال ارتباطها بجهات استخباراتية تسعى لتأجيج الطائفية أو لخلط الأوراق في المشهد الأمني السوري الجديد.
الارتباك الأمني… واختبار الجاهزية
المحلل الأمني رشيد حوراني وصف تعامل وزارة الداخلية مع الهجوم بـ”المرتبك في البداية”، لكنه اعتبر ذلك طبيعيًا بالنظر إلى حداثة أجهزة الأمن في البلاد. وأشار إلى أن الوزارة استطاعت في غضون ساعات أن ترتب أوراقها وتكشف خيوط العملية.
وتُعد هذه الحادثة أول اختبار حقيقي للمنظومة الأمنية الجديدة التي بدأت إعادة تشكيلها بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، حيث تم حلّ الأجهزة الأمنية السابقة وتشكيل جهاز استخبارات جديد، يتبع لوزارة الداخلية ويعتمد على كوادر مدربة من مناطق الشمال السوري سابقًا.
تحليل أمني: ماذا يعني الهجوم؟
الباحث محمد سعيد المصري اعتبر أن الهجوم كان محاولة لـ”ضرب الاستقرار والتماسك المجتمعي” في دمشق، لكنه شدد على أن الوزارة أجهضت المخطط في مهده. كما أكد أن لدى الوزارة قواعد بيانات وتحليلات دقيقة حول الخلايا الإرهابية، مستفيدة من الخبرات السابقة في الشمال السوري.
وفي المقابل، حذّر من أن تنظيم داعش لا يزال قادرًا على استغلال الثغرات الأمنية، مشيرًا إلى ضرورة تسريع بناء قدرات الاستخبارات عبر التعاون مع شركاء دوليين، وتأسيس معهد أمني وطني لتدريب الضباط الجدد وتطوير أدوات التحليل والرصد، بما في ذلك الأمن السيبراني.
بين الشكوك والاستخبارات
في السياق ذاته، أثارت جماعة “سرايا أنصار السنة” جدلًا واسعًا بين الباحثين. ففي حين يشير البعض إلى أنها امتداد لتنظيم داعش، يذهب آخرون إلى أنها مجموعة مشبوهة أو حتى أداة مخترقة من أجهزة استخبارات تسعى لاختراق الساحة الجهادية أو نسب بعض الجرائم لجماعات وهمية.
المحلل ستيفن همفريز من “بي بي سي” أشار إلى أن الجماعة تفتقر إلى المهنية في بياناتها، وتعاني من ضعف في الخطاب الشرعي والتنظيمي، ما يثير الشكوك حول هويتها الحقيقية. كما أشار إلى محاولاتها المتكررة لربط نفسها بداعش بشكل مفرط قد يدل على سعيها المتعمد لإثارة الذعر الطائفي.
- الهجوم على كنيسة مار إلياس كشف هشاشة الأمن في دمشق، لكنه أظهر أيضًا قدرة وزارة الداخلية على الاستجابة السريعة.
- “سرايا أنصار السنة” تمثل تهديدًا رمزيًا أكثر من كونها قوة ميدانية حقيقية، لكن يجب أخذ خطابها على محمل الجد.
- على الحكومة السورية الجديدة تطوير جهاز استخبارات محترف، وبناء شراكات أمنية إقليمية ودولية.
- الملف الطائفي يجب التعامل معه بحذر شديد، منعًا لتحول سوريا إلى ساحة صراع أهلي جديد.
سوريا تعود إلى النظام المالي العالمي: أول تحويل مصرفي عبر “سويفت” منذ 14 عاماً يشعل آمال الانفتاح والاستثمار
في خطوة وُصفت بـ”المفصلية”، أعلن مصرف سوريا المركزي تنفيذ أول تحويل مصرفي دولي مباشر عبر نظام “سويفت” منذ اندلاع الحرب عام 2011، ما مثّل انطلاقة جديدة نحو إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي بعد سنوات من العزلة والعقوبات.
التحويل الذي جرى بين مصرف سوري وبنك إيطالي، جاء متزامناً مع دعوة وجهها حاكم المصرف المركزي عبد القادر حصرية إلى البنوك الأميركية لإعادة النظر في علاقات المراسلة مع دمشق وفتح مكاتب تمثيلية في البلاد، مؤكداً أن “بناء الثقة هو الخطوة الأولى لاستعادة التعاون المصرفي الدولي”.
انفتاح مصرفي ودعوة أميركية
في اجتماع ضم بنوكاً سورية وأميركية بحضور المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك، استعرض حصرية رؤية “المركزي” لتعزيز الشفافية وتطوير الأطر التنظيمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب برامج تدريبية لضباط الامتثال في المؤسسات المالية السورية.
حصرية شدد على أهمية “لغة مصرفية جديدة تقوم على الانفتاح والأخلاق والانضباط”، معرباً عن استعداد سوريا لتقديم بيئة مالية جاذبة وآمنة للمؤسسات الأجنبية.
ارتياح اقتصادي واسع
لاقى تنفيذ التحويل عبر “سويفت” ترحيباً واسعاً في الأوساط المصرفية والاقتصادية في سوريا، إذ اعتبره المتخصصون “نقطة تحوّل حقيقية” في مسار التعافي المالي وإعادة الانفتاح الاقتصادي بعد سنوات من العقوبات والانعزال.
وأشار الخبراء إلى أن عودة التحويلات عبر البنوك بدلاً من شركات الصرافة سيؤدي إلى تقليل التكاليف وحماية الحوالات، بعدما كانت العمولات المرتفعة تصل إلى 30–40%، الأمر الذي انعكس سلباً على الأسعار وفقدان نسبة من أموال السوريين.
آمال المستثمرين تتجدد
ياسر أسعد، رجل أعمال سوري مغترب في الإمارات، رأى في عودة سوريا إلى “سويفت” خطوة محورية، مؤكداً أنها تمنح المستثمرين الثقة في حرية دخول وخروج الأموال. وأضاف أن البنوك السورية بدأت بالفعل في استئناف علاقاتها مع بنوك مراسلة في دول مثل الأردن.
وقال أسعد لـ “إندبندنت عربية”:
“نحن على أعتاب نهاية فترة الصمت الاستثماري… سوريا فرصة استثمارية كبيرة، وقد تجذب استثمارات تتجاوز 200 مليار دولار خلال خمس سنوات إذا استمر المسار الإصلاحي”.
وأكد أن التحول الحقيقي يبدأ بالأمان وحرية الحركة، معرباً عن أمله في صدور قانون استثمار جديد يُصاغ وفق معايير عالمية.
أهمية “سويفت” في تسهيل الاستثمار
المحلل المصرفي أنس فيومي أشار إلى أن تنفيذ التحويل عبر “سويفت” يمثل انفراجة مصرفية وتجارية لسوريا، خصوصاً في ظل التركيز على جذب الاستثمار. وقال:
“المستثمر يسأل أولاً عن آلية تحويل الأموال. الربط بسويفت يُلغي إحدى أكبر العقبات أمام الاستثمار”.
وأضاف أن الخطوة المقبلة يجب أن تشمل توحيد تشريعات الضرائب وتعديل قوانين الاستثمار.
في المقابل، تساءل فيومي عما إذا كانت العملية تمت عبر بنك وسيط أم بشكل مباشر، لكنه أكد أن مجرد الحديث عن تعامل وشيك مع بنك أميركي، يعد مؤشراً إلى أن سوريا تسير في الطريق الصحيح لإعادة الثقة بالقطاع المالي.
دمشق: الاقتصاد يخرج من قمقم العقوبات
رئيس غرفة تجارة دمشق عصام غريواتي، الذي يترأس أيضاً مجلس الأعمال السوري–الأميركي، وصف الخطوة بأنها عودة قوية لسوريا إلى النظام المصرفي الدولي بعد 14 عاماً من الحظر، معتبراً إياها “إشارة إلى نهاية مرحلة وبدء عهد اقتصادي جديد”.
وأشار غريواتي إلى أن استئناف التحويلات المباشرة سيمكن المصدرين والمستوردين من فتح الاعتمادات والتعامل المالي من دون الاعتماد على قنوات التفافية عبر لبنان أو الإمارات، موضحاً أن هذه الانفراجة تعني إزالة واحدة من أهم العقبات أمام التجارة الخارجية.
هل بدأ التحول الحقيقي؟
تشير المؤشرات الحالية إلى أن سوريا قد تكون مقبلة على مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي والانفتاح المالي، مدفوعة بتحسين البيئة الاستثمارية، وتخفيف القيود المصرفية، وعودة التواصل مع النظام المالي العالمي.
لكن التحدي، بحسب مراقبين، لا يزال في ضمان استقرار هذا الانفتاح، ومواكبته بإصلاحات تشريعية وضمانات قانونية تضمن استدامته، وتستعيد الثقة من المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء. (إندبندنت عربية)
الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على شخصيات سورية متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
فرض مجلس الاتحاد الأوروبي اليوم تدابير تقييدية جديدة بموجب نظام العقوبات العالمي الخاص بحقوق الإنسان، وذلك ضد خمسة أشخاص سوريين على خلفية تورطهم في جرائم ضد الإنسانية ودورهم في إشعال العنف الطائفي، لا سيما خلال أحداث العنف التي شهدها الساحل السوري في مارس/آذار 2025، إضافة إلى دعمهم لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين خلال فترة حكم نظام بشار الأسد.
المستهدفون بالعقوبات
تشمل القائمة الجديدة ثلاثة ضباط سابقين في الحرس الجمهوري والقوات المسلحة السورية، كانوا مسؤولين عن سلسلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تحت سلطة الأسد، منها التعذيب، والقتل خارج نطاق القانون، والمعاملة القاسية للسجناء. هؤلاء الضباط — وهم:
- مقداد فتيحة
- غياث دلا
- سهيل الحسن
هؤلاء كانوا قد أسسوا بعد سقوط النظام ميليشيات خاصة بهم، ساهمت في تأجيج الصراعات الطائفية وتصعيد أعمال العنف التي أودت بحياة مئات المدنيين.
كما استهدفت العقوبات رجلَي الأعمال البارزين:
- مدلّل خوري
- عماد خوري
اللذان لعبا دورًا محوريًا في دعم النظام السابق عبر تمثيل مصالحه المالية والتجارية في روسيا، وساهما في تمويل الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك توفير الدعم لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري.
تفاصيل العقوبات المفروضة
تتضمن العقوبات:
- تجميد الأصول المالية للأشخاص الخمسة.
- منع تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية لهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
- حظر السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وأكد المجلس أنه يتابع التطورات الميدانية عن كثب، ومستعد لاتخاذ تدابير تقييدية إضافية ضد من يواصلون انتهاك حقوق الإنسان أو من يساهمون في زعزعة الاستقرار في سوريا.
الخلفية القانونية
تم نشر الأسماء والمعلومات التفصيلية في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، ويأتي هذا القرار استنادًا إلى نظام العقوبات العالمي لحقوق الإنسان الذي أنشئ في 7 ديسمبر 2020، والذي يتيح للاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على أفراد وكيانات (سواء من الدول أو من غير الدول) ضالعين في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على مستوى العالم.
وبعد التحديث الأخير، أصبح هذا النظام يشمل 123 شخصًا و36 كيانًا خاضعين للعقوبات. كما قام الاتحاد الأوروبي في 4 ديسمبر 2023 بتمديد الإطار الزمني لهذه التدابير لمدة ثلاث سنوات إضافية حتى 8 ديسمبر 2026، على أن تُراجع القوائم سنويًا.
بعد ستة أشهر على سقوط نظام الأسد… لماذا لا يزال لاجئون سوريون في الأردن يرفضون العودة؟
رغم مرور أكثر من ستة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وتزايد أعداد العائدين الطوعيين إلى البلاد، لا تزال فئة واسعة من اللاجئين السوريين في الأردن تُفضّل البقاء على خيار العودة. المخاوف الأمنية، والدمار الهائل، وانعدام الخدمات الأساسية، كلها عوامل تدفع بالكثيرين إلى التريث بل والرفض الصريح لفكرة العودة في المدى المنظور.
“أحن إلى سوريا… لكن لا أجرؤ على العودة”
ريهام، لاجئة سورية تقيم في مخيم الزعتري شمالي الأردن منذ عام 2013، تقول لـ بي بي سي:
“أشتاق لسوريا، لكن كلما فكرت بالعواقب أقول لنفسي: خليني هون أحسن”.
ريهام فقدت زوجها خلال الحرب، ودمّر منزلها بالكامل في مخيم اليرموك قرب دمشق، ولم يعد لها أي مأوى في سوريا. وتضيف:
“بيتي صار على الأرض، ولا عندي مصاري… وين بدي روح؟”
مثلها، رانيا الخالدي، لاجئة من حلب وصلت إلى عمّان عام 2012، تقول:
“لا شيء يشجعني على العودة. بيتي ومشغل زوجي لصناعة الصابون في حلب تدمروا، وأولادي صاروا مرتبطين بالأردن من الدراسة للأصدقاء”.
أرقام متزايدة… لكن الصورة غير مكتملة
وفقًا لأرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، عاد نحو 577,266 لاجئًا سوريًا من دول الشتات إلى سوريا منذ سقوط النظام في ديسمبر/كانون الأول 2024، منهم أكثر من 86 ألف لاجئ من الأردن.
لكن مسحًا أجرته المفوضية في فبراير/شباط 2025 أظهر أن فقط 27٪ من اللاجئين في الأردن أبدوا نيتهم العودة خلال عام، رغم أن النسبة كانت 1.7٪ فقط في العام الماضي.
أبرز دوافع الرفض: انعدام الأمن والممتلكات
المعوقات التي تواجه اللاجئين متعددة، ومن أبرزها:
انعدام الأمن: أكثر من 51٪ من المشاركين في المسح أشاروا إلى مخاوف أمنية كسبب أساسي يمنعهم من العودة.
أحمد نعسان، لاجئ في عمّان، قال: “لا يوجد سلم أهلي حقيقي في ريف دمشق، وهناك عمليات قتل واغتيالات”.
ريهام أيضًا أعربت عن مخاوف من استمرار التصفيات في مناطقهم الأصلية.
فقدان الممتلكات: 66٪ أشاروا إلى أن غياب منازلهم أو استحالة استعادتها يشكل عائقًا رئيسيًا.
51٪ من اللاجئين الذين يملكون منازل في سوريا أشاروا إلى أنها مدمرة بالكامل.
رانيا علقت: “حتى لو عدت، فين أعيش؟ بيتي مش موجود”.
التعليم والعمل: واقع لا يشجع على العودة
تقول ريهام إن أحد أبنائها يدرس الأمن السيبراني في جامعة أردنية، بينما لا يوجد هذا التخصص أصلاً في سوريا. وتضيف:
“حتى لو درس، ما في وظيفة بتناسب تخصصه بسوريا”.
أحمد نعسان، فنان في الأرابيسك اليدوي، قال:
“مهنتي أصبحت من الكماليات في سوريا. الناس عم تدور على خبز وماء، مو على فنون”.
خدمات مفقودة… وواقع اقتصادي هش
41٪ من اللاجئين أشاروا إلى ضعف الخدمات مثل الصحة والتعليم والكهرباء والمياه كسبب جوهري لعدم العودة.
وتحدثت ريهام عن تواصل دائم مع أصدقاء وأقارب في سوريا ينقلون صورة قاتمة عن الحياة اليومية.
من جهة أخرى، عبّر 36٪ من المشاركين عن مخاوف اقتصادية، فيما تواجه الحكومة الجديدة تحديات إعادة الإعمار التي تقدر الأمم المتحدة كلفتها بأكثر من 400 مليار دولار.
موقف الأردن والمجتمع الدولي
يستضيف الأردن أكثر من 534,694 لاجئًا سوريًا مسجلًا، ويقول إن الأعداد الفعلية تتجاوز 1.3 مليون لاجئ.
ورغم إطلاق مبادرات لتوفير النقل المجاني للعائدين الطوعيين، أكدت المفوضية عدم نيتها إغلاق مخيمات الزعتري والأزرق، حيث يقيم أكثر من 108 آلاف لاجئ.
ماريا ستافروبولو، ممثلة المفوضية في الأردن، شددت على أن العودة يجب أن تبقى “قرارًا طوعيًا”، وقالت:
“القرار يعتمد على المكان الذي يعود إليه اللاجئ، ومدى شعوره بالأمان، وتوافر الخدمات الأساسية”.
الخلاصة: معركة الإعمار لا تُخاض فقط بالإرادة السياسية
رغم التغير السياسي الجذري في سوريا، الظروف الواقعية على الأرض – من دمار شامل، ومخاوف أمنية، إلى ضعف البنية التحتية والخدمات – ما تزال تحول دون عودة جماعية للاجئين.
بينما تسعى الحكومة السورية الجديدة لتوفير بيئة آمنة وبدء التعافي، فإن العودة، بالنسبة لآلاف السوريين، تظل قرارًا مؤجلاً… إن لم يكن مستحيلًا على المدى القريب. (BBC)
هل ستسلم الإمارات عصام بويضاني إلى القضاء الفرنسي؟
تحدثت بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي عن تسليم السلطات الفرنسية للقيادي السابق في “جيش الإسلام” السوري، عصام بويضاني (المعروف بأبي همام)، من دولة الإمارات العربية المتحدة، بموجب مذكرة توقيف أوروبية صادرة عن محكمة باريس، تتعلق بتهم اختطاف وتصفية الناشطة الحقوقية رزان زيتونة ورفاقها في دوما عام 2013، إضافة إلى سلسلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرة فصيله سابقاً. (انظر)
وتأتي هذه الخطوة بعد تقارير ظهرت في أبريل 2025 أكدت اعتقال بويضاني في مطار دبي، أثناء مروره عبر الإمارات بجواز سفر غير معلن. ووفقًا لتلك التقارير، فإن الإمارات نفذت مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرتها فرنسا قبل سنوات، بعد مطالبات من منظمات حقوقية وأهالي الضحايا.
نفي وتكذيب متداول
في المقابل، تداولت بعض الحسابات على منصات التواصل، من بينها حساب الناشط حمزة بيرقدار، نفيًا لصحة خبر تسليم بويضاني إلى فرنسا، معتبرة أن الأخبار المنتشرة “تهدف إلى ركوب الموجة وزيادة عدد المتابعين”. كما أن مصادر قضائية أوروبية نفت تلك المزاعم، مؤكدة أن الإجراء تم بموجب تنسيق رسمي بين الإمارات وفرنسا. (انظر) (انظر)
تركيا
عودة محرم إنجه إلى صفوف حزب الشعب الجمهوري CHP
شهد المشهد السياسي التركي تطورًا لافتًا يوم 24 يونيو 2025، مع إعلان انضمام محرم إنجه، رئيس حزب الوطن (Memleket Partisi) سابقًا، رسميًا إلى حزب الشعب الجمهوري (CHP) خلال اجتماع الكتلة البرلمانية للحزب في البرلمان التركي. وقد أعلن رئيس الحزب الحالي، أوزغور أوزال، الخبر بقوله: “لا يمكنني أن أعلّق له شارة الحزب، فهي مرسومة على جبينه منذ ولادته”، في إشارة إلى انتماء إنجه التاريخي للحزب.
وجاءت عودة إنجه بعد زيارة قام بها أوزال له الأسبوع الماضي، حيث أعلن لاحقًا أن حزب الوطن سيُحلّ، وأن محرم إنجه سلّم رئاسة الحزب إلى أحد أعضائه الأكبر سنًا في إطار خطوة تمهيدية للاندماج الكامل مع “البيت الأب” على حد تعبيره. بدوره، خاطب إنجه أعضاء الكتلة البرلمانية قائلًا: “لا خلاص لفردٍ بمفرده، إما جميعنا معًا أو لا أحد منا”، مشددًا على أهمية الوحدة في هذه المرحلة السياسية.
خلفية عن محرم إنجه:
ولد محرم إنجه عام 1964 في قرية ألمالك التابعة لولاية يالوفا، وتخرّج من كلية التربية – قسم الفيزياء والكيمياء – في جامعة باليكسير، وعمل معلمًا ومديرًا لسنوات قبل أن يدخل المعترك السياسي. انتُخب لأول مرة نائبًا عن حزب الشعب الجمهوري عام 2002، وتولى منصب نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب بين عامي 2010 و2014، وتميّز بخطابه الحاد والمؤثر في البرلمان.
ترشّح إنجه لرئاسة الحزب مرتين ضد كمال كليجدار أوغلو دون أن ينجح، لكنه أصبح أحد أبرز وجوه الحزب. وفي عام 2018، مثّل حزب الشعب الجمهوري كمرشح رئاسي أمام رجب طيب أردوغان، محققًا نسبة 30.6% من الأصوات، وهي من أعلى النسب التي حصل عليها الحزب منذ عقود. غير أن ظهوره المرتبك ليلة الانتخابات – وتصريحه الشهير “الرجل فاز” – خلق حالة من الإحباط بين أنصاره.
في عام 2020، أسّس “حركة الوطن في ألف يوم” التي تحوّلت لاحقًا إلى حزب رسمي عام 2021. ومنذ ذلك الحين، ظل إنجه شخصية مثيرة للجدل في المشهد السياسي التركي، إلى أن قرر في يونيو 2025 العودة إلى حزبه الأم، في خطوة أثارت تفاعلًا واسعًا في الأوساط الحزبية والإعلامية، ورحّب بها العديد من قيادات حزب الشعب الجمهوري على أنها بداية لتوحيد الصفوف استعدادًا للمرحلة القادمة.
متابعات عربية
السودان: كامل إدريس يبدأ تشكيل “حكومة الأمل” بتعيين وزيرين للدفاع والداخلية
في أولى خطواته بعد تكليفه رسمياً بتشكيل الحكومة السودانية الجديدة، أصدر رئيس الوزراء كامل إدريس، اليوم الأربعاء، قرارين بتعيين وزيرين للدفاع والداخلية، ضمن ما أسماها بـ”حكومة الأمل”، التي ستتألف من 22 وزارة.
ووفقاً لوكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، فقد تم تعيين الفريق حسن داؤود كبرون كيان وزيراً للدفاع، والفريق شرطة بابكر سمرة مصطفى علي وزيراً للداخلية. ووجّه إدريس الوزارتين والجهات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار.
ويأتي هذا التعيين بعد نحو شهر من قرار رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بتكليف كامل إدريس، الخبير في القانون الدولي والمدير الأسبق للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، برئاسة الحكومة، وهو المنصب الذي ظل شاغراً منذ الإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وفي خطاب له الأسبوع الماضي، كشف إدريس عن ملامح الحكومة المقبلة، مؤكداً أنها ستكون تكنوقراطية غير حزبية تمثل “صوت الأغلبية الصامتة”، وتركّز على تحقيق الأمن والرفاه والعيش الكريم، وتسعى لنقل السودان إلى مصاف الدول المتقدمة.
خلافات حول التشكيل الوزاري
ورغم إعلان الخطوط العريضة للحكومة، يواجه إدريس تحديات سياسية مع الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، التي أبدت اعتراضها على قرار حل الحكومة السابقة وتقليص عدد الوزارات.
وقال مصدر في إحدى تلك الحركات لـ”العربي الجديد” إن المشاورات ما زالت جارية وسط تباينات حادة بشأن الحصص الوزارية وتمثيل الحركات في الحكومة الجديدة، محذراً من “التغول على حقوقها السياسية” بموجب الاتفاق.
وبحسب المصدر، ناقش قادة الحركات مع إدريس أهمية الالتزام الكامل ببنود اتفاق السلام، وضمان استمرار تمثيلهم حتى نهاية الفترة الانتقالية. وأعرب عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق قريب يرضي جميع الأطراف قبل إعلان التشكيلة النهائية.
البنك الدولي يقرّ أكثر من مليار دولار لمشاريع تنموية في العراق وسوريا ولبنان
أعلن البنك الدولي، عن موافقته على تمويل يتجاوز مليار دولار أميركي لعدد من مشاريع البنى التحتية وإعادة الإعمار في كلٍّ من العراق وسوريا ولبنان، في خطوة تهدف إلى دعم الاستقرار وتعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة التي لا تزال تتعافى من آثار الحروب والنزاعات.
العراق: 930 مليون دولار لتحسين السكك الحديدية وتنشيط الاقتصاد
نال العراق الحصة الأكبر من التمويل، حيث وافق البنك على 930 مليون دولار لتمويل مشروع “توسعة وتحديث شبكة السكك الحديدية” الذي يربط ميناء أم قصر في الجنوب بمدينة الموصل شمالاً، بهدف تحسين الخدمات اللوجستية وزيادة قدرات الشحن الداخلي.
وقال جان كريستوف كارّيه، مدير البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط:
“مع انتقال العراق من مرحلة إعادة الإعمار إلى التنمية، يمكن للتجارة المُعزَّزة وتحسين الترابط أن تحفز النمو وتخلق فرص عمل وتقلل من الاعتماد على النفط.”
سوريا: 146 مليون دولار لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء
وفي سوريا، وافق البنك الدولي على منحة بقيمة 146 مليون دولار ضمن مشروع طارئ لإعادة تأهيل شبكة الكهرباء المتضررة، يشمل إصلاح خطوط النقل ومحطات التحويل الأساسية.
يُعد هذا المشروع جزءًا من جهود دعم التعافي الاقتصادي في البلاد، بعد أكثر من عقد من الحرب.
يأتي ذلك بالتوازي مع توقيع دمشق الشهر الماضي اتفاقًا مع تحالف من شركات قطرية، تركية وأميركية لتطوير مشروع طاقة ضخمة بقدرة 5,000 ميغاواط لإعادة بناء الشبكة الكهربائية السورية.
لبنان: 250 مليون دولار لإعادة الإعمار بعد حرب الـ14 شهراً
أما في لبنان، فقد خصّص البنك الدولي 250 مليون دولار لمساعدة البلاد على التعافي من الحرب التي استمرت 14 شهرًا بين إسرائيل وحزب الله.
التمويل سيوجه بشكل عاجل لإصلاح البنية التحتية العامة الأساسية والخدمات الحيوية التي تضررت خلال الحرب، بما يشمل شبكات الطرق والكهرباء والمياه. دلالة سياسية وتنموية
يُعد هذا التمويل بمثابة دفعة قوية للدول الثلاث في مرحلة مفصلية من مسارها السياسي والاقتصادي، ويعكس – بحسب محللين – عودة البعد التنموي التدريجي إلى أجندة البنك الدولي في الشرق الأوسط، رغم الأوضاع الجيوسياسية المعقدة.
متابعات إفريقية
غينيا: هيئة انتخابية جديدة تثير الجدل قبيل الاستفتاء الدستوري
أعلن الجنرال مامادي دومبويا، قائد المجلس العسكري الحاكم في غينيا، تشكيل هيئة انتخابية جديدة استعدادًا للاستفتاء الدستوري المزمع عقده في 21 سبتمبر المقبل. وجاء الإعلان عبر مرسوم رئاسي بثه التلفزيون الرسمي مساء السبت، حيث نصّ على أن الهيئة ستعمل تحت إشراف وزارة الداخلية مع استقلالية مالية، وستتولى تنظيم الانتخابات والاستفتاءات، بالإضافة إلى إدارة سجل الناخبين البيومتري. كما نصّ المرسوم على إنشاء “قوة خاصة لتأمين الانتخابات”.
إلا أن هذه الخطوة أثارت انتقادات واسعة، أبرزها من المحامي والنقيب السابق محمد تراوري، الذي حذّر في منشور على فيسبوك من تسييس الإدارة المكلفة بالعملية الانتخابية، معتبرًا أن إشراف مسؤولي الداخلية المنحازين لترشيح الرئيس الانتقالي يهدد نزاهة الاستحقاق القادم. المعارضة والمجتمع المدني في البلاد بدورهم عبّروا عن قلقهم من النزعة السلطوية المتزايدة للمجلس العسكري، مشككين في مصداقية العملية الديمقراطية المرتقبة. (أفروبوليسي)
مالي: غويتا يمدد سلطته حتى 2030 وسط تدهور أمني وتضييق سياسي
بعد خمس سنوات على استيلائه على الحكم عبر انقلابين في 2020 و2021، عزز الجنرال أسيمي غويتا قبضته على السلطة في مالي، عقب إقرار المجلس الوطني الانتقالي مشروع قانون يمنحه ولاية رئاسية جديدة تمتد حتى عام 2030. وقد برر المجلس العسكري هذه الخطوة بالحاجة إلى “ضمان الأمن والاستقرار” في ظل التهديدات الجهادية المستمرة.
لكن خبراء ومراقبين محليين يرون أن الأوضاع الأمنية لم تشهد تحسنًا ملموسًا، بل ازدادت سوءًا، حيث امتدت الهجمات من الشمال والوسط إلى الجنوب ومناطق الغرب، بحسب أحمد ولد عبد الله، رئيس مركز الساحل والصحراء. في المقابل، شهدت الحريات السياسية تراجعًا حادًا، وفقًا لكلاوس ديتر كونيغ من مؤسسة روزا لوكسمبورغ، الذي أكد أن غويتا يسير نحو حكم ديكتاتوري، وسط اعتقالات واسعة في صفوف المعارضة وحظر للمحطات الإعلامية المستقلة.
كما يواجه الصحفيون قيودًا متزايدة تمنعهم من تغطية الخسائر العسكرية أو الحديث عن وجود المرتزقة الروس. وتشير تقارير “هيومن رايتس ووتش” إلى اختفاء قادة معارضين شاركوا في احتجاجات شعبية مطلع مايو/أيار، ما يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الديمقراطية في البلاد. (أفروبوليسي)
أوغندا: قانون جديد يتيح محاكمة المدنيين عسكريًا يثير مخاوف من استهداف المعارضة
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، وقّع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قانونًا جديدًا يسمح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، رغم حكم سابق صادر عن المحكمة العليا في يناير الماضي يقضي بعدم دستورية هذه الممارسة. ويخشى منتقدون أن يُستخدم هذا القانون لتصفية الخصوم السياسيين، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.
القانون الجديد، الذي أُعلن توقيعه في العاشر من يونيو، يجيز إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري في “ظروف استثنائية”، من بينها حيازة الأسلحة أو الذخائر بطريقة غير قانونية. وتُعد هذه البنود مثار قلق كبير، خاصة أن زعيم المعارضة كيزا بيسيجي – البالغ من العمر 69 عامًا – يواجه بالفعل اتهامات مشابهة، بعد أن اختُطف العام الماضي في نيروبي وظهر لاحقًا في محكمة عسكرية بأوغندا بتهمة “الخيانة العظمى”، وهي تهمة قد تؤدي إلى الإعدام.
وبعد تدخل المحكمة العليا، نُقلت قضيته إلى القضاء المدني، لكن القانون الجديد قد يُمهد لإعادته مجددًا إلى المسار العسكري. وصرح محاميه، إرياس لوكواغو، بأن القانون يهدف إلى “شرعنة الاعتقال والمحاكمة غير القانونيين” ليس فقط لبيسيجي، بل لكل من يجرؤ على معارضة النظام الحاكم. وقد أمضى بيسيجي أكثر من ستة أشهر في السجن دون محاكمة، ما يُثير مخاوف متزايدة بشأن تآكل الحريات السياسية في البلاد. (أفروبوليسي)
متابعات دولية
“الناتو” يقرّ زيادة تاريخية في الإنفاق الدفاعي لمواجهة روسيا والصين
أقرت قمة “الناتو” في لاهاي خطة لزيادة تاريخية في إنفاق دول الحلف الدفاعي “لمواجهة التهديدات المتصاعدة من روسيا والصين وإيران”.
وقال مارك روته أمين عام الناتو: ” – هناك وضوح تام بأن الولايات المتحدة ملتزمة تمامًا بالناتو، ومتمسكة تمامًا بالمادة الخامسة. نعم، هناك أيضًا توقع من الكنديين والأوروبيين بأن يسرّعوا إنفاقهم، وهذا ما سيتحقق اليوم، لضمان قدرتنا ليس فقط على الدفاع عن أنفسنا ضد الروس وغيرهم، بل وأيضًا لتحقيق التوازن، لأن هذا منصف، أن ننفق بنفس قدر إنفاق الولايات المتحدة.
كما دعا الدول الأوروبية والكندية لتسريع زيادة الإنفاق الدفاعي لتحقيق التوازن مع الإنفاق الأمريكي.
وحذر روته من التوسع العسكري الصيني ودعم الصين وكوريا الشمالية وإيران لروسيا في حرب أوكرانيا.
كما أعلن عن خطة جديدة لزيادة الإنفاق الدفاعي خلال السنوات المقبلة لتعزيز القاعدة الصناعية العسكرية وإنتاج الذخائر.
وأعرب عن تفهمه لصعوبة القرارات السياسية المتعلقة بزيادة الإنفاق، خاصة في ظل ندرة الموارد، لكنه شدد على عدم وجود بديل في مواجهة التهديد الروسي التهديد الروسي والوضع الأمني الدولي.
من جهته أعلن فريدريش ميرتز المستشار الألماني عن قرار بتخصيص 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي، بالإضافة إلى 1.5% للبنية التحتية العسكرية.
كما أكد أن القرارات تتخذ بدافع الإدراك بضرورة تعزيز القدرات الدفاعية لأوروبا ضمن الناتو.
من جهته رأى فيكتور أوربان رئيس وزراء هنغاريا أن التهديد الحقيقي لأوروبا هو فقدان القدرة التنافسية الاقتصادية وليس التهديدات الأمنية.
وعلق على إلغاء مشاركة زيلينسكي في القمة بأن أوكرانيا ليست عضوًا في الناتو، وأن مهمته هي الحفاظ على الوضع الراهن.
وفي مؤتمر صحفي للرئيس الامريكي مع روته : كرر الرئيس الامريكي مطالبته السابقة بدول الناتو لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 5%، مؤكدًا أن هذه الزيادة ستتحقق قريبًا.
كما شدد على ضرورة أن تتحمل الدول الأوروبية المزيد من الأعباء الدفاعية لمواجهة التهديدات المشتركة.
الاستخبارات الروسية: مصنعو الأسلحة في صربيا على دراية تامة بوجهتها النهائية
أكدت الاستخبارات الخارجية الروسية أن مصنعي الأسلحة في صربيا على دراية تامة بالمتلقين الحقيقيين لها والبلد الذي ستصل إليه.
وأشارت إلى أن الذخائر والأسلحة تشحن إلى دول “الناتو” مفككة، قبل أن يعاد تجميعها هناك وإرسالها لكييف على أنها ليست صربية المنشأ، بل أنتجت في مصانع غربية، حيث جاء في البيان: “كشف الجهاز أن صربيا تزيد من صادراتها العسكرية إلى أوكرانيا رغم إعلانها الحياد، وذلك عبر استخدام طرق بديلة تشمل إرسال الأسلحة بشكل مفكك إلى دول الناتو مثل التشيك وبلغاريا، حيث يتم تجميعها وإعادة تصديرها إلى كييف على أنها منتجات غربية”.
وأكدت الاستخبارات الروسية “أن بلغراد باعت مؤخرا دفعات كبيرة من قذائف “غراد” لشركة تشيكية لتجميعها وإرسالها لأوكرانيا، مشيرة إلى أن المصنعين الصرب يعلمون أن ذخائرهم تستخدم لقتل المدنيين والعسكريين الروس”.
هذا وكان الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش قد أعلن مؤخرا أنه سيوقف تنفيذ أي اتفاقات لتصدير الأسلحة إذا كانت هناك شكوك حول المتلقي النهائي لها.
وجاء هذا التصريح بعد أن كشفت الاستخبارات الروسية أن الشركات الدفاعية الصربية تواصل إمداد أوكرانيا بالذخيرة والسلاح رغم إعلان بلغراد حيادها في نزاع أوكرانيا.
تعليق:
تزويد صربيا لأوكرانيا، التي تواجه روسيا عسكرياً، يعتبر تغيراً استراتيجياً في ضوء علاقة التحالف التقليدية التاريخية بين روسيا وصربيا. فما هو سر هذا التغير؟ وهل تغيير صربيا لدفتها له علاقة بالنفوذ الإماراتي المتنامي في صربيا وعلى حكومتها، من خلال محمد دحلان؟ متابعة تطور هذا المتغير مهمة في إطار مراقبة التحولات العالمية في الموازين الدولية.