دراسات

المعهد الديمقراطي الأمريكي الأهداف والسياسات الجزء الرابع

 

يتناول الجزء الأخير من هذه الدراسة، مواقف وسياسات عدد من الدول العربية تجاه ممارسات المعهد الديمقراطي الأميركي، وردود فعل الولايات المتحدة نحو هذه الدول، وذلك من خلال المطالب التالية:

المطلب الأول: اليمن والمعهد الديمقراطي (NDI):

تساءل مجموعة من العلماء والمثقفين والأكاديميين والصحفيين في اليمن عن مدى شرعية وجود المعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI) وغيره من المنظمات الأجنبية داخل بلادنا، وهل توجد مصلحة من وجودها، ومن هي الجهة التي تتبعها، ولماذا تمارس أعمالها مخالفة لقوانين البلاد وأنظمتها، ولماذا يتم السماح لها بممارسة أعمالها وبرامجها داخل اليمن ويتم استقبال القائمين عليها من الجهات الرسمية ومن بعض الجهات الأهلية بخلاف العديد من الدول العربية التي قامت بإغلاق مكاتبها وبمحاكمة العاملين فيها وتجريمهم وطردهم من البلاد؟

وهل تقوم الحكومة اليمنية بمراقبة أنشطة المعهد الديمقراطي وغيره من المنظمات الأجنبية، وهل تقوم الجهات المعنية بمراقبة الأموال التي تتلقاها من الخارج ومن هي؟ ومن هي الجهات المحلية التي تتلقى دعمها من المعهد الديمقراطي الأمريكي والمنظمات الأجنبية، وماذا تعمل بتلك الأموال، وهل توجد شفافية لدى المعاهد والمنظمات الأجنبية في تقديمها لحساباتها الختامية نهاية كل عام، وعن ما قامت به من أعمال وأنشطة وبرامج بالتفصيل.

وبسب تلك التساؤلات كان لا بد من بيان الموقف الدستوري والقانوني تجاه المعاهد والمنظمات الأجنبية التي تعمل داخل اليمن بدون تراخيص وخاصة بعدما ثبت تورطها في الدول المجاورة بالتجسس وزعزعة الأمن والاستقرار سنبينها في المطالب القادمة.

أما الموقف الدستوري من تلقي بعض الأحزاب والجمعيات والمنظمات اليمنية أموالاً من جهات خارجية فإن الدستور اليمني يمنع ذلك على جميع الهيئات والمنظمات داخل اليمن، وذلك لما فيه من خطورة على أمن البلد واستقراره وانتهاك سيادته.

الدستور اليمني يحرم تلقي الأموال من جهات أجنبية:

نصت المادة 17 الفقرة (د) من قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم 66 لعام 1991م على تحريم تلقي الأحزاب والتنظيمات اليمنية للهبات والمساعدات من جهات أجنبية على النحو التالي:

مادة (17): تتكون موارد الحزب أو التنظيم مما يلي:

د ـ الهبات والتبرعات، وفيه: “لا يجوز للحزب أو التنظيم السياسي قبول أي تبرع أو ميزة أو منفعة من غير يمني أو من جهة غير يمنية أو من أي شخص اعتباري ولو كان متمتعاً بالجنسية اليمنية، وعلى الحزب أو التنظيم السياسي إثبات اسم المتبرع وقيمة ما تبرع به في سجلات حسابية قانونية، مع إبلاغ الجهة المختصة إذا زادت قيمة التبرع عن (100000) مائة ألف ريال في المرة الواحدة أو عن (200000) مأتى ألف ريال في العام الواحد، ولا تخصم قيمة التبرعات التي تقدم للأحزاب والتنظيمات من وعاء أية ضريبة على الدخل”1.

خطورة التمويل الأجنبي على السيادة الوطنية:

من خلال قراءة ما سبق من التحريم والتجريم لتلقي الأموال من الجهات الخارجية فقد حذر مجموعة من السياسيين والأكاديميين الأحزاب والمنظمات اليمنية من تلقي الأموال من جهات أجنبية، وأجمعوا على أنها جريمة وطنية وقانونية، وسنقتصر على ذكر بعض التصريحات على النحو التالي:

  • صرح الدكتور فارس السقاف: إن قانون الأحزاب يحرم على الأحزاب تلقي أموال من الخارج على اعتبار أن الأحزاب ستمارس مهامها على الأموال التي تتلقاها من موازناتها الخاصة وكذا من اشتراكات الأعضاء والموارد المشروعة والقانونية إذا كان لها استثماراتها الخاصة، مطالباً لجنة الأحزاب بإلزام الأحزاب بتقديم حساباتها الختامية والكشف عن مصادر تمويلها، مؤكداً أن تلقي أية أموال من الخارج يعني التبعية والانقياد للجهات الممولة.
  • أكد الدكتور عبد العزيز الكميم أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء: أن أي حزب يتلقى تمويلات غامضة ومشبوهة من الخارج سيكون على استعداد تام للتفريط بمصالح وطنه وربما بيعها بثمن بخس، ويجب محاكمتها داخلياً أمام أفرادها وأعضائها، وكذلك محاكمتها أمام لجنة شئون الأحزاب، وكذلك أمام المجتمع، مؤكداً على أن التمويل يتحول على المدى البعيد إلى قضية عمالة على حساب مبادئها وأفكارها وقيمها الحزبية.
  • حذر الدكتور أحمد الكبسي نائب رئيس جامعة صنعاء للشئون الأكاديمية الأحزاب والمنظمات من تلقي تلك الأموال من الخارج لأنه يؤدي بطبيعة الحال إلى التبعية لمصدر الدعم، وأن أي حزب يتلقى دعما مالياً من الخارج ووصل إلى الحكم فإن قراراته وسياساته ومواقفه ستكون مرتبطة ارتباطاً مباشراً أو غير مباشر بمصدر الدعم الخارجي الذي يحصل عليه، وشدد الكبسي على ضرورة أن يحال أي حزب يثبت تلقيه لدعم مالي من الخارج إلى القضاء لمحاكمته ومنعه من مزاولة أنشطته السياسية والتنظيمية.
  • قال الدكتور أحمد الأصبحي عضو مجلس الشورى: أن من تثبت عليه هذه المخالفة الأخلاقية والسياسية والقانونية الكبيرة فإنه مدان أمام المجتمع والقانون وذلك لفقدها مصداقيتها وهيبتها أمام قواعدها ووطنها، وأن ذلك الدعم سيكون لخدمة الجهة الممولة أكثر من المصلحة الوطنية، مؤكداً على ضرورة إشراك أجهزة الرقابة على مراجعة سجلاتها وحساباتها الختامية.
  • أكدت الدكتورة بلقيس أبو إصبع أستاذة العلوم السياسية بجامعة صنعاء: إن التمويل الخارجي يفقد الأحزاب استقلاليتها ويجعلها تابعة للخارج لتنفيذ أجندته على حساب المصلحة الوطنية.
  • أكد على أبو حليقة رئيس اللجنة الدستورية بمجلس النواب وعضو البرلمان العربي: إن التمويل من جهات خارجية يمثل عمالة ضد الوطن ويسيء إلى الوطن بأسره، مضيفاً أن قانون الأحزاب يجرم هذا النوع من التمويل2.

يمارس المعهد الديمقراطي الأمريكي في اليمن العديد من الأعمال والبرامج والأنشطة، تتلخص بما يلي:

  • قيام المعهد بالترويج والدعوة لموائمة التشريعات اليمنية بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
  • دعوة المعهد إلى إلغاء جميع التشريعات اليمنية الداخلية التي تتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
  • الدعوة إلى إلغاء التشريعات اليمنية الداخلية التي تمنع وصول المرأة إلى الولاية العامة، وتمنع المرأة من الوصول إلى تولي القضاء، والتي تدعو إلى التمييز بين الرجل والمرأة.
  • الدعوة إلى إدراج مفاهيم النوع الاجتماعي (الجندر) في كافة البرامج والهيئات والمناهج الدراسية، والدعوة إلى تخصيص مقاعد للنساء في البرلمان تسمى (الكوتا).
  • قيام المعهد بإجراء استطلاعات للرأي العام بصورة مضللة وكاذبة، والتدخل في الشئون الداخلية لليمن، ووقوف المعهد الديمقراطي ضد الهيئات والجهات الداخلية التي تدعو إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وممارسته للتحريض والتشويه ضدها.
  • الترويج للبرامج التي تثير الفتن والقلاقل بين الشعب اليمني وممثليه في القيادات العليا للدولة، والتي تحدث انقساماً بين جميع الأطراف، مثل الدعوة إلى منع الزواج المبكر، والدعوة إلى فرض (الكوتا) -أو ما يسمى بالمحاصصة-على جميع الأحزاب والمنظمات والهيئات، وكذلك الترويج لإصدار ما يسمى بقانون (العدالة الانتقالية) الذي أحدث انقساما بين ممثلي الشعب في البرلمان اليمني من جهة وبين الحكومة ورئاسة الدولة من جهة أخرى.

فعاليات المعهد الديمقراطي في اليمن:

  • ورشة عمل لمناقشة الأنظمة والإصلاحات الانتخابية بمحافظة الضالع بتاريخ 29-ديسمبر إلى 1-يناير -2012م.
  • مدير المعهد الديمقراطي يقوم بزيارة مقر حزب الرشاد 9-شوال 1434ه-ه-27- 2012م (موقع حزب الرشاد اليمني).
  • مجلس المدينة الثالث وتمويله من مبادرة الشراكة الشرق أوسطية) (10-ديسمبر 2012م. العدالة الانتقالية والمبادئ الأساسية لإعداد الدساتير. محافظة تعز.
  • مدير المعهد الديمقراطي يزور جامعة عدن ويقيم ندوة مع مركز المرأة بجامعة عدن حول أنظمة الحكم والنظام الفيدرالي ونظام الكوتا وتمكين المرأة لوصلها إلى المراكز القيادية. بتاريخ 14-1-2013م.
  • المعهد الديمقراطي يوقع مذكرة تفاهم مع مجلس النواب اليمني حول الدور الرقابي وتعزيز عمل دور اللجان البرلمانية. صنعاء يوم السبت 17 نوفمبر 2007م.
  • مدير المعهد الديمقراطي بيتر ديمتروف يحضر منتدى الإعلاميات اليمنيات بصنعاء يوم الأربعاء-الأربعاء-16-يناير 2008م
  • المشترك ومنتدى التنمية السياسية يكرمان مديرة المعهد الديمقراطي يوم الاثنين 13-نوفمبر 2006م. (صنعاء الإشتراكي نت)
  • المعهد الديمقراطي يقيم ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام حول النظم والإصلاحات الانتخابية. المكلاء بتاريخ 17-20-2012م. بفندق بحر العرب.
  • المعهد الديمقراطي يدرب بصنعاء رؤساء المكاتب التنفيذية بعموم المحافظات. تاريخ 20-12-2012م. (الصحوة موبايل).
  • المعهد الديمقراطي يقيم ورشة عمل لأكثر من (80) متدربا من القيادات الوسطية لمختلف الأحزاب والتنظيمات السياسية في اليمن لمدة يومين من 22-23-2012م. حول أنظمة الحكم الإيجابيات والسلبيات، والسلبيات، وأنواع الأنظمة الانتخابية، وأنواع القوائم الانتخابية، وحجم الدوائر الانتخابية وصيغها (المؤتمر نت يوم الاثنين 23-2012م).
  • المعهد الديمقراطي يدرب احزاب اللقاء المشترك في ذمار حول الانتخابات (الصحوة نت).

واجب القضاء اليمني تجاه أعمال المعاهد والمنظمات الأجنبية:

طالب العديد من الأكاديميين والعلماء والمثقفين والصحفيين القضاء اليمني القيام بدوره، وأن الواجب على الجهات القضائية أن تقوم بدورها تجاه أعمال المعاهد والمنظمات الأجنبية العاملة في اليمن، والقيام بإجراء المحاكمات لمن مارس أعماله وأنشطته مخالف لأنظمة اليمن، والقيام بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة ومسائلتها كوزارة التخطيط والتعاون الدولي التي لم تبلغ القضاء عن ممارسة بعض المعاهد والمنظمات الأجنبية لأعمالها دون تراخيص، وكذلك استدعاء وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، لمعرفة حسابات المعاهد والمنظمات الأجنبية الختامية لأعمالها وأنشطتها، واستدعاء وزارة الشئون القانونية لمعرفة جميع المخالفات القانونية التي مارستها المعاهد والمنظمات الأجنبية من بداية دخولها إلى اليمن، وغير ذلك من جهات الاختصاص لمعرفة كل ما يتعلق بالمعهد الديمقراطي الأمريكي وغيره من المنظمات الأجنبية بالتفصيل.

المطلب الثاني: مملكة البحرين والمعهد الديمقراطي (NDI):

العلاقة كانت جيدة بين المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) ، وبين دول الخليج العربي من عام 2001م-2012م، ولكنها كانت أقوى بمملكة البحرين، التي تربطها علاقات استراتيجية تاريخية مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر المنامة أحد حلفائها في منطقة الخليج3، حتى قام المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) بفتح مكاتب له في المنامة ومارس أنشطته وبرامجه، وبعد أربع سنوات من عمله المتواصل مع الحكومة والفعاليات السياسية البحرينية المختلفة، وفي عام 2006م حصل خلاف شديد بين المعهد الديمقراطي والدولة، وخاصة عندما صدر مرسوم ملكي بتأسيس معهد البحرين للتنمية السياسية الذي تترأسه الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة لؤلؤة العوضي، ليكون هذا المعهد مشرفاً على المعهد الديمقراطي الأمريكي، وإثر ذلك حصل اختلاف بين الطرفين على قانونية إشراف معهد البحرين للتنمية السياسية على عمل المعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI)، ما نتج عنه طرد خبير المعهد الديمقراطي الأمريكي المقيم في البحرين الأمريكي الجنسية والصومالي الأصل فوزي جوليد من البحرين في 16 مايو/ أيار 2006م4.

ووجهت مملكة البحرين للمعهد الوطني الديمقراطي (NDI) اتهامات استوجبت إغلاق مكاتب المعهد، نلخصها على النحو التالي: مخالفة المعهد الديمقراطي الأمريكي للقوانين والأنظمة البحرينية، وأن المعهد له أغراض غير معلنة، وأن المعهد يُحدّ من سيادة دولة البحرين، وأن المعهد له أهداف مشبوهة وغير معلنة، وأن المعهد يعتبر بوابة لتمرير المشاريع الأمريكية إلى المنطقة، وقيام المعهد بدعم وتدريب مراكز داخل البحرين لقلب نظام الحكم، وأن كبار قادة التمرد داخل البحرين والمنطقة تم تدريبهم على أيدي الأمريكيين من خلال وسائل إعلامية جديدة وطرق رصد الانتخابات، وأن المعهد الديمقراطي يعتبر أحد أجندة الصهيونية العالمية، وأن المعهد الديمقراطي يقوم بإثارة الفتن الطائفية والمذهبية داخل المنطقة.

وسنقوم هنا بذكر الأدلة على التهم السابقة بحسب ما تناقلته بعض وسائل الإعلام المحلية والدولية:

أما التهمة الأولى والثانية: فقد نشرت صحيفة الشرق الأوسط تصريحاً للأستاذة لؤلؤة العوضي رئيسة مجلس أمناء معهد التنمية السياسية والأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة في البحرين أن المعهد الديمقراطي يعمل بصورة غير نظامية، ولم يتوافق مع القوانين المنظمة للجمعيات والمؤسسات في البحرين5.

ونشرت صحيفة الوسط البحرينية أنه قبل موعد الانتخابات البلدية والبرلمانية في العام 2006م، اتهمت أوساط إعلامية مقربة للجهات الرسمية المعهد بأن له أغراض غير معلنة، وأنه يحد من سيادة دولة البحرين6.

وأما التهمة الثالثة: فقد نشر موقع القاهرة نت بتاريخ: 20/4/2012م. أن البحرين قد أغلقت مقر المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) الأمريكي في العام 2006، ورحلت القائمين عليه بعد أن ثبت لها بأن للمعهد أهدافاً مشبوهة وغير معلنة7.

وأما التهمة الرابعة: فقد نشرت صحيفة الوسط البحرينية في العدد رقم 1716 قولها: أن من ضمن التهم الموجهة للمعهد: أن كثير من المواطنين البحرينيين يتهمونه بأنه بوابة لتمرير المشاريع الأمريكية إلى المنطقة8.

وأما التهمة الخامسة والسادسة: فقد نقلت جريدة عالم اليوم الكويتية في العدد: 1615 بتاريخ: 25/04/2012م، نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: أن منظمات أمريكية موّلت «حقوق الإنسان» في البحرين لقلب النظام، وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن تلقي مركز البحرين لحقوق الإنسان التدريب والتمويل من منظمات أمريكية لقلب نظام الحكم في البحرين، مشيرة إلى أن كبار قادة التمرد تم تدريبهم على أيدي الأمريكيين من خلال وسائل إعلامية جديدة وطرق رصد الانتخابات، وقال الكاتب (رون نكسون)، في مقاله بالصحيفة، أن هناك عدداً من الجماعات والأفراد الضالعين مباشرة في الاحتجاجات وعمليات التمرد في المنطقة العربية، في مصر، ومركز البحرين لحقوق الإنسان، ونشطاء حقوق الإنسان المتشددين مثل انتصار القاضي في اليمن، تلقوا التدريب والتمويل من المعهد الجمهوري الدولي، والمعهد الديمقراطي الوطني وفريدوم هاوس9.

وهذه المعاهد والمنظمات الأجنبية الأمريكية والغربية لم تكتف بالترويج للديمقراطية بطريقتها المزعومة، ولكنها استغلت منظمات حقوق الإنسان لنشر أفكارها الخفية، وتسويق سياساتها المتناقضة لتغيير الأنظمة في بعض دول المنطقة.

أما التهمة السابعة فتؤكد أن المعهد الديمقراطي يعتبر أداة من أدوات الصهيونية العالمية لتنفيذ مخططاتها داخل المنطقة، فقد نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 10/5/ 2006م، أن البحرين تمهل ممثل المعهد الديمقراطي الجمعة القادمة لمغادرة البحرين وتتهمه بالعمل مع الصهيونية العالمية10.

وإضافة إلى ما سبق فقد نشرت جريدة البلاد البحرينية ما يؤكد صحة تلك التهم السابقة، وأكدت أن المعهد الديمقراطي عبارة عن جهاز استخباراتي تجسسي داخل المنطقة، وقد رصدت الجريدة كثير من الممارسات والانتهاكات قام بها المعهد الديمقراطي خلال بقاءه في البحرين، تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية برمتها، من خلال قيام المعهد الديمقراطي بتأجيج الشارع البحريني وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية، والقيام بتمويل وتدريب منظمات وشخصيات داخل المملكة، وتحريضهم على قلب نظام الحكم داخل المملكة.

وتؤكد جريدة البلاد البحرينية أن ما يحدث في الواقع العملي أمر مختلف عن ذلك الأمر المتعلق بنشر الديمقراطية، حيث تسعى البلدان الكبرى إلى إنشاء مثل هذه المؤسسات والكيانات ليس بهدف مساعدة صانع القرار على اتخاذ القرارات الصائبة بقدر ما يتم إنشاؤها خاصة عندما تكون لها فروع في بلدان أخرى لممارسة أعمال تتنافى مع المبادئ والأسس المعمول بها في العلاقات الدولية وفي مقدمتها احترام سيادة الدول واستقلالها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما يخرجها عن دورها العلمي والأكاديمي والمعرفي، إلى دور سياسي تلعب فيه وتكون فيه بمثابة أداة للتوظيف السياسي، وتنفيذ أجندات خارجية تهدد كيان الدولة التي تعمل بها.

وهو ما ينطبق بجلاء على حالة المعهد الديمقراطي الأمريكي التابع للحزب الديمقراطي الأمريكي، فالمعهد منذ تأسيسه عام 1983، ويلعب دورا سياسيا في البلدان التي يتواجد بها فروع له كما هو الحال في مصر قبل الثورة، وكذلك في بعض البلدان الخليجية مثل الإمارات والبحرين، حيث كشف الواقع عن دور سياسي خطير يلعبه المعهد في إثارة البلبلة والفتن الداخلية وتحريك الصراعات المجتمعية بين أبناء البلد الواحد من أجل تفتيت وحدة المجتمع وهدم كيان الدولة.

وليس أدل على ذلك من المنح والتمويلات السنوية التي يحصل عليها سواء من الكونجرس بصورة مباشرة أو عن طريق كيانات حكومية مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والوقف الوطني للديمقراطية، فضلا عن التمويل المتزايد الذى يحصل عليه المعهد من قبل وزارة الخارجية الأمريكية كونه أحد أدواتها بما يقوم به من أدوار متعددة بدءاً من إعداد الخطط والتقارير السرية عن أوضاع البلدان التي يتواجد فيها، مروراً بتحريك الأوضاع الداخلية في تلك البلدان المستقرة تحت مزاعم الديمقراطية في نسختها الأمريكية التي تقتصر على مناقشة مسائل محلية خاصة بكل بلد، لا تتعدى قضايا حقوق المرأة، أو حقوق المثليين، والاصطفاف وراء واشنطن فيما يتعلق بالمسائل الدولية.

وصولاً إلى مرحلة التدخل في الشؤون الداخلية للدول عن طريق تجنيد بعض الشخصيات المحلية في سبيل تنفيذ أجندات تحريضية ضد أنظمة الحكم القائمة، مستغلة مساحة الحرية وهامش الديمقراطية التي تسمح به المجتمعات الخليجية لإثارة الموضوعات والقضايا المثيرة للجدل كقضية المذهبية والطائفية والعقائدية في مملكة البحرين والتي لعب المعهد دوراً خطيراً في تحريك جذور الفتنة الطائفية والانقسام المذهبي والسعي إلى التفتيت المجتمعي بصورة لم يعرفها المجتمع البحريني من قبل، وذلك كله بهدف زعزعة الاستقرار والأمن الذي كان يعد من أبرز السمات التي ميزت المجتمع البحريني على مدار التاريخ، وهو ما يتطلب فتح باب الحوار حول دور هذا المعهد وخطره على البلاد والعباد في لحظات التحولات التي تشهدها المنطقة برمتها اليوم11.

وبعد إغلاق الحكومة البحرينية للمعهد الذي يدَّعي أنه مستقل ويمارس أعماله بحيادية وشفافية، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ورئيسة مجلس أمناء معهد الـ NDI (مادلين أولبرايت) لزيارة المنامة أواخر العام 2006، وعقدت لقاءات مع كبار المسئولين في المملكة وأعضاء السلطة التشريعية وممثلي الجمعيات السياسية، كما زار المنامة أيضا المدير الإقليمي لبرامج المعهد (ليز كامبل)، ولعب السفير الأمريكي السابق في المنامة وليام مونرو جهوداً كبيرة للتنسيق في المفاوضات مع الحكومة البحرينية12.

ويتضح من خلال ما سبق أن مملكة البحرين كانت هي الأولى عربياً، وكان لها السبق حينما قامت بمراقبة أعمال المعهد الديمقراطي ومتابعة أنشطته وبرامجه، واتخذت إجراءاتها المناسبة بإغلاق مكاتب المعهد الديمقراطي وطرد العاملين فيه، وبهذه الخطوة حفظت المملكة أمنها واستقرارها، وهذا يفسر أيضاً حجم الأضرار التي ألحقها المعهد الديمقراطي بالأمن القومي لمملكة البحرين، وتأجيج الصراعات المذهبية والطائفية داخلها.

المطلب الثالث: مصر والمعهد الديمقراطي (NDI):

نظراً لما تتميز به جمهورية مصر العربية من دور كبير في الريادة والقيادة وخاصة في العالم العربي، وما تتمتع به من ثقافة وحضارة وتاريخ، وقدرة على التأثير في محيطها العربي والإسلامي فقد سارعت إليها مجموعة كبيرة من منظمات المجتمع المدني الأجنبية تحت مسمياتٍ متعددة، وقد مارست أعمالها وأنشطتها وبرامجها، وخاصة بعد قيام ثورة 25 يناير 2011م ودخلت مصر في مرحلة انتقالية أدت إلى المناكفات السياسية بين المجلس العسكري الذي حكم مصر خلال الفترة الانتقالية وبين حركة الإخوان المسلمين التي كانت في طريقها للوصول إلى الحكم، ونتيجة لما تحظى به حركة الإخوان من مساندة وتأييد شعبي منقطع النظير، أدت تلك المناكفات إلى كشف الكثير من الحقائق عن دور المعهد الديمقراطي الأمريكي وغيره من المنظمات الأجنبية، وقام القضاء المصري باستدعاء القائمين على هذه المعاهد والمنظمات وكذلك العاملين فيها ومحاكمتهم لمخالفتهم قوانين الدولة وانتهاك سيادتها وممارستهم لأعمال غير شرعية وغير قانونية، منها: العمل دون الحصول على التراخيص اللازمة، وتلقي أموالاً من الخارج بطريقة غير قانونية، وبدون موافقة القاهرة.

وممارسة نشاطات سياسية لا صلة لها بالعمل المجتمعي أو الأهلي، وأنها منظمات دولية رسمية مراكزها الرئيسية في دول أجنبية خارج مصر، والقيام بأدوار مشبوهة تدعم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في مختلف دول العالم، مستغلين بذلك منظمات المجتمع المدني المحلية؛ للحصول على البيانات والمعلومات، ورصد مواقع القوات المسلحة بالإسماعيلية والسويس، ورسم خرائط مفصلة لمصر، ويوجد عليها تدخل يدوي برموز كُتبت باللغة الإنجليزية تُقّسم مصر إلى أربع مناطق، ويتم تقسيمها على حسب نشاط محافظات مصر سياسياً13.

وكذلك القيام بفتح حسابات سرية في البنوك المصرية، وأن العاملين الأجانب بالمعهد الديمقراطي الوطني (NDI) وغيره من المنظمات الأجنبية كانوا يمارسون أعمالهم داخل مصر بشكل غير شرعي، ولم يحترم الأجانب العاملين في تلك المنظمات القوانيين المصرية المنظمة للإقامة والعمل في مصر، حيث كانوا يعملون بتأشيرات سياحية، وأن المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) وغيره من المنظمات الأجنبية قامت بمخالفة قوانين الضرائب، ولم تسجل أنشطتها في الضرائب، ولم تقم بسداد الضرائب عما كان يتقاضاه العاملين فيها من مرتبات ومكافآت، وأن أنشطته تمس بالأمن القومي المصري، وأن برامجه كانت تضعها إدارة المعهد بأمريكا، وهي التي تقوم بمراجعتها، وتقوم بتعديل بعضها وحذف البعض الآخر وفقاً لأفكارها.

أما الأدلة على صحة الاتهامات السابقة التي وجهتها الحكومة المصرية عبر قضائها المصري، وبعض صحفها الرسمية فنلخصها بما يلي:

  • نشر موقع قناة BBC يوم الجمعة،6 إبريل/نيسان2012م، أن السلطات المصرية اتهمت هذه المنظمات بعدم إتباع الإجراءات السليمة للحصول على التراخيص اللازمة لممارسة أنشطتها14.
  • نقل موقع القاهرة نت بتاريخ 6/4/2012م وفيه: أن المعهد الديمقراطي الأمريكي كان واحداً من منظمات المجتمع المدني التي داهمتها الشرطة المصرية في العام الماضي، واتهمت موظفي الجماعة الأمريكيين بعدم الحصول على التراخيص اللازمة، وتلقي أموالاً من الخارج دون موافقة القاهرة15.
  • أكدت صحيفة الأهرام يوم الأحد 26فبراير2012م أن عدداً من نشطاء وموظفي المعهد الديمقراطي ومنظمات أخرى يمثلون أمام القضاء المصري بتهمة تلقي أموالاً من الخارج، والعمل دون تراخيص16.
  • نقلت جريدة الشرق الأوسط: أن المعهد الديمقراطي الأمريكي والمعهد الجمهوري الدولي من بين المنظمات الأجنبية والمحلية التي يتم مقاضاتها في مصر، وأن السلطات المصرية تقاضي ناشطين يعملون بالمنظمات غير الحكومية من بينهم نجل وزير النقل الأمريكي السابق: (راي لحود)، وقد اتهمتهم بالعمل بجماعات تتلقى أموالاً من الخارج بشكل غير قانوني، ومنعتهما السلطات المصرية من مغادرة مصر17.

وبعد ما أثبت القضاء المصري صحة التهم الموجهة للمنظمات الأجنبية، ناقش مجلس الشعب المصري نشاط هذه المنظمات الأجنبية، ووضع مشروع قانون يقضي بفرض المزيد من القيود الصارمة على المنظمات غير الحكومية-المحلية والأجنبية-التي تتلقى تمويلاً أجنبياً، وقد كان هذا الموقف المصري مشابهاً لما قامت به روسيا تجاه المنظمات الأجنبية، كي تُحِدّ من تواجدها، وخاصة المؤسسات الأمريكية التي تُرّوج للديمقراطية، والتي تزعزع أمن واستقرار البلدان بحسب الاتهامات التي وجهها الكرملين آنذاك18.

وأكدت الصحف المصرية صحة قيام البرلمان بذلك، حيث ناقش مشروع قانون يقضي بفرض المزيد من القيود الصارمة على المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلاً أجنبياً، وخوفاً من اعتقال العاملين لصالح تلك المنظمات الأجنبية فقد اتخذوا من مقر السفارة الأمريكية لأول مرة ملاذاً آمناً لهم19.

وأكد مجلس الوزراء المصري أيضاً رفضه التدخل الأجنبي في الشئون الداخلية لمصر، بما في ذلك التمويل الأجنبي المباشر بجميع أشكاله ومن كل مصادره، الذي يقدم لمنظمات وجمعيات المجتمع المصري، مع مطالبة مماثلة من قبل وزارة التضامن والعدالة الاجتماعية لتلك المنظمات بتحديد المعونات والمنح الخارجية التي تلقتها خلال الأسابيع الماضية وسبل إنفاقها20.

ونُشر على موقع بوابة الوفد الإلكترونية يوم الجمعة 16 شعبان1433 هـ 6يوليو 2012م مقالاً لأستاذ القانون الدولي (ريتشارد فولك)، معلقاً على الغضب الأمريكي تجاه قرارات الإغلاق للمنظمات الأجنبية: منذ متى كانت واشنطن تغضب وتثور دفاعاً عن المنظمات الأهلية في بلد أجنبي؟ إن الناطقين الأمريكيين باسم تلك المنظمات يتعاملون مع الإجراءات التي اتخذت بحقها في مصر، باعتبارها تدخلاً في أنشطة منظمات حكومية خيِّرة وغير مُسيسة، واعتبر الكاتب أن نشاط المنظمات الثلاث في مصر كان تدخلاً مقنعاً في السياسة الداخلية للبلاد، مما يمثل تهديداً لاستقلالها السياسي، ومن الحكمة أن تصّر مصر على أن تلك المنظمات المرتبطة بالحكومة الأمريكية يجب أن تسجل لتحصل على ترخيص بالعمل بها، وأضاف أن السويد لو عرضت أن تقدم مساعدات للولايات المتحدة في مجال الديمقراطية لقوبل ذلك بالرفض المستهجن باعتباره مهيناً لسيادة الولايات المتحدة.

وأهم ما قاله أيضاً: إن التحقيقات الموثقة أثبتت أن المعهدين الجمهوري والديمقراطي قد لعبا أدواراً في زعزعة استقرار حكومات أجنبية معادية للسياسة الأمريكية؛ الأول: أسهم في تمويل الانقلاب في هايتي للتخلص من حكومة (برتران أرستيد) واستبداله بسلطة أخرى رجعية، كما كان له دور في تقوية أحزاب الوسط ويمين الوسط ببولندا، الأمر الذي يُعد تدخلاً في شأنها الداخلي21.

وقد وجه القضاء المصري للمعهد الوطني الديمقراطي وغيره من المنظمات الأجنبية عددٌ من التهم نشرت صحيفة الأهرام المصرية في يوم السبت18فبراير2012م الموافق 16ربيع أول1433هـ العدد:45729‏، حيث نشرت وقائع المؤتمر الصحفي للمستشارين: سامح أبو زيد، وأشرف العشماوي قاضيا التحقيق بمقر وزارة العدل المصرية، وجاء فيه قيام المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) وغيره من المنظمات الأجنبية برصد مواقع القوات المسلحة بالإسماعيلية والسويس، ورصد مواقع الكنائس في مصر، ورسم خرائط مفصلة لمصر، ويوجد عليها تلك الرسوم تدخل يدوي برموز كتبت باللغة الإنجليزية تقسم مصر فيها إلى أربع مناطق، وتم تقسيمها على حسب نشاط محافظات مصر سياسياً.

وكشف القضاء المصري أيضاً عن معلومات مهمة بقوله: ومن خلال التفتيش على أجهزة الحاسب الآلي كشفت التقارير الفنية الخاصة بأجهزة الحاسب الآلي لهذه المنظمات والجمعيات عن بعض التقارير واستطلاعات الرأي في مجالات سياسية ودينية، وترسل نتائجها إلى خارج البلاد وتحجب النتائج عن المواقع الإلكترونية المصرية.

ومثل هذه الأعمال التي مارسها المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) وغيره من المنظمات الأجنبية في مصر لا يختلف اثنان أنها من صميم أعمال أجهزة المخابرات في العالم، وهذا يؤكد ما أثبتناه في مقدمة البحث من أن المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) الأمريكي يعتبر امتداد لأجهزة المخابرات الأمريكية العالمية، ويؤكد ذلك قيام المعهد الديمقراطي الأمريكي وغيره من المنظمات بحجب تلك المعلومات على المواقع الإلكترونية في الدول العربية؛ حتى لا تعلم الشعوب والأنظمة بما يخطط لها ويحاك ضدها ولكنها أبقت تلك المواقع مفتوحة ولم تحجب على الجهات الرسمية في أمريكا والدول الغربية.

وأكد القضاء المصري على أنه تم ضبط بعض الأشياء المشبوهة في مقار المعاهد والمنظمات الأجنبية فمنها وجود عدد من الشيكات المالية والحوالات التي تقدر بملايين الجنيهات، وكانت تلك الحوالات والشيكات تكتب بأسماء بعض العاملين بتلك الجمعيات، أو بأسماء أخرى ليس لها علاقة بالنشاط المعلن للمعهد، بالإضافة إلى أنه تم ضبط بعض الأموال السائلة التي تجاوزت داخل إحدى الجمعيات المليون جنيه22.

وأكدت صحيفة الشروق المصرية في يوم الأربعاء تاريخ29فبراير2012م أنه من خلال سماع أقوال المتهمين الأجانب أمام القضاء المصري والتي تتلخص في وجود شيكات بنكية وحوالات منصرفة لأشخاص مجهولين من قبل المعهد. ويبين القضاء المصري أن اتخاذ القرارات بالكشف عن سرية الحسابات البنكية الخاصة بالمنظمات، وبعض الأشخاص، وجاءت النتائج بعد التحري الدقيق وسماع الشهود مؤكدة للتهم السابقة، وأنها تمت وفقاً للقانون.

وأكد القضاء المصري أن جميع المنظمات المتهمة في تلك القضية كانت قد تقدمت بطلبات للحصول على تراخيص للعمل بشكل رسمي، ولكن لم يتم الموافقة على تلك الطلبات، وبرغم ذلك قامت تلك المنظمات بممارسة أعمالها ونشاطها، ولكن أثبتت التحقيقات أن تلك المنظمات مارست نشاطات سياسية لا صلة لها بالعمل المجتمعي أو الأهلي.

وأوضح القضاء المصري أن العاملين في تلك المعاهد والجمعيات غير المصريين كانوا يمارسون أعمالهم بشكل غير مشروع؛ حيث لم يحصل أحدهم على التصاريح الخاصة بالعمل في مصر، وكانوا يمارسون أعمالهم عبر تأشيرات للسياحة.

وهكذا اثبت القضاء المصري صحة تهمه الموجهة للمنظمات الأجنبية، وأن كل تهمه تؤكد صحة التهمة السابقة الموجهة للمنظمات الأجنبية سواء من الدول العربية أو من القضاء المصري، وأن تلك التهم كانت عبارة عن حلقة مرتبطة بعضها ببعض تأكيداً لممارستها لعمل استخباراتي سري، بأشخاصها المجهولين، وبحساباتها السرية في البنوك، وبحوالاتها المجهولة وبحجبها للمعلومات في مواقعها الإلكترونية.

ويؤكد القضاء المصري أن جميع المتهمين في تلك القضية سواء الجمعيات أو الأشخاص قد قاموا بالعمل في مصر دون تصاريح خاصة لممارسة تلك الأعمال، بالإضافة إلى قيامهم بأعمال سياسية أخرى مرفوضة تماماً وفق القانون المصري23.

وأكدت صحيفة الشروق المصرية في يوم الأربعاء تاريخ29فبراير2012م أن أقوال المتهمين الأجانب تتلخص في اعتراف أكثر الأجانب أنهم دخلوا إلى مصر بموجب تأشيرات دخول سياحية، لا تسمح لهم بالعمل بناءً على تعليمات من إدارة المعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI)بواشنطن؛ لأن مصر لم ترخص للمعهد وغيره من المنظمات الأجنبية…والعاملين مع المعهد بعضهم استمر لسنوات دون الحصول على الإقامة من الحكومة المصرية24.

ويتبين من خلال الأدلة السابقة أن هذه المعاهد والمنظمات الأجنبية انتهكت سيادة الدول التي دخلت إليها، وأن عملها لا يمكن أن يكون بأي حالٍ من الأحوال خيرياً أو مجتمعياً أو تثقيفياً، ولو كان كذلك فهل العمل المجتمعي أو الأهلي بحاجة إلى مثل هذه المغالطات والكذب للوصول إلى الدول التي لا تمنح تراخيص، وبهذه الطريقة القذرة والهمجية؟! فيتم تحركاتهم من خلال توجيه العاملين فيها من المقار الأصلية لتلك المنظمات في أمريكا وغيرها من دول الغرب للقيام بممارسة هذه الأعمال، وكان عليهم أن يغادروا الدول التي لا ترغب في أعمالهم، وهل هذه هي الشفافية التي تدعيها تلك المنظمات الأجنبية.

كما نشرت جريدة الشروق المصرية الأربعاء تاريخ29فبراير 2012م أقوال المتهمين الأجانب في مصر، وأثبت القضاء المصري بعد التحقيق أن المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) لم يسجل في مصلحة الضرائب المصرية.

كما أثبت القضاء المصري بعد التحريات من أن الشرطة المصرية عندما داهمت مقار المنظمات المتهمة حصلت على مستندات تمس بالأمن القومي المصري، ووجود خرائط تقسم مصر إلى مناطق، وأثبتت التحقيقات والبيانات أن مثل هذه المعلومات والخرائط قد أعدها المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) في السودان وأنه تم العثور عليها من قبل أجهزة الأمن السودانية، وعلى إثر ذلك أغلقت السلطات السودانية المعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI).

كما نشرت جريدة الشروق أقوال المتهمين الأجانب في مصر والتي تتلخص في أن إدارة المعهد بأمريكا هي التي تقوم بإعداد معظم البرامج التدريبية لهذه المعاهد، وأنها تقوم بمراجعة جميع البرامج الأخرى، وتقوم بتعديل البعض الآخر.

وأما التهمة الأخيرة عن قيام المعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI)وغيره من المنظمات الأجنبية بتدريب الحزب الوطني المصري المنحل (حزب الرئيس السابق مبارك) طوال السنوات الخمس الماضية، وتأييده في كل سياساته ودعم برامجه وأنشطته، ثم تحولت بعد الثورة إلى تأييد الأحزاب الجديدة، خاصة ذات المرجعيات الدينية25.

وقد كان لهذا الاتهام الأخير محاولة مكشوفة من المجلس العسكري والقضاء المصري الذي كان وربما لا يزال يعمل لصالح نظام مبارك لتشويه حركة الإخوان المسلمين وأن أمريكا تدعمها لتولي الحكم لتؤثر على شعبية الحركة ولكن الحركة تمكنت من تجاوز هذه المكائد السياسية لقوتها ولثقة الشعب بها ولحسن سياستها في إدارة المرحلة الانتقالية بفوزها في الانتخابات البرلمانية وصولاً على الرئاسية.

وتبين من خلال ما سبق أن جميع التهم الموجهة إلى المعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI)والمنظمات الأجنبية صحيحة وثابتة بعد تحريات القضاء المصري، وأن كل التهم كانت عبارة عن سلسلة مترابطة بعضها ببعض، فكل تهمة تثبت صحتها تؤكد صحة التهمة السابقة، وتجر إلى التهمة اللاحقة؛ وبسبب دورها الاستخباراتي المشبوه فقد جعل الكثير من الدول تمنعها من الحصول على تراخيص ومع ذلك فلم تلتزم بالمنع فقد عملت بدون تراخيص، وخالفت قوانين الدولة التي تمنع حصول أفرادها والمنتسبون إليها على تأشيرات الإقامة فدخلوا بتأشيرات سياحية، ورفعت هذه المنظمات شعارات وأهدافاً معلنة و مارست في الواقع أهدافاً خفية، ورفعت شعارات أنها منظمات أهلية وأعمالها خيرية وتثقيفية، ولكن أثبت الواقع أنها مارست أعمالاً سياسية واستخباراتية، ودعت إلى الشفافية في برامجها.

ولكن أثبت القضاء المصري وغيره من الدول العربية أثبت أنها لم تعمل بشفافية وقامت بتشفير وحجب معلومات مواقعها الإلكترونية على الدول العربية حتى لا تتطلع تلك الدول على أعمالها، وكذلك فإنها لم تقدم للجهات المختصة أي بيانات ولا أية حسابات تتعلق بعملها وبالجهات التي تدعمها، وزيادة على ذلك فقد قامت بفتح حسابات سرية في البنوك المصرية وغيرها وصرفت أموالاً لأشخاص مجهولين، وكذلك فقد ادعت هذه المنظمات والمعاهد الأجنبية الحيادية في أعمالها؛ ولكنها دعمت أحزاباً دون أحزاب، ومنظمات دون منظمات، وأنظمة دون أنظمة، وأفكار دون أفكار، وبرامج دون برامج، وأنشطة دون أنشطة، وهكذا تتناقض أهداف هذه المنظمات والمعاهد الأجنبية – وخاصة المروجة للديمقراطية- مع أهدافها المعلنة شكلاً وموضوعاً؛ وبما لا يدع مجالاً للشك بممارستها لأعمال استخباراتية.

ومن كل ما سبق ذكره تم التأكد بأن المرجعية الفكرية والثقافية لهذه المنظمات والمعاهد هي مرجعية غربية أجنبية، وذلك من خلال تركيزها على بعض المناطق العربية والإسلامية التي تريد أن تتوسع فيها فتقوم بتكثيف أنشطتها بهدف التأثير على أفكارها وثقافتها، وكل هذا يعد تحدياً ثقافياً، واعتداء على هوية الأمة الفكرية والعلمية المتبعة في البلاد العربية والإسلامية.

المطلب الرابع: الإمارات والمعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI):

تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وتوصف علاقتها معها بالجيدة، ولكن حينما بدأت بعض المنظمات الأجنبية، وخاصة الأمريكية والأوربية بالتدخل في شئونها الداخلية، وقامت بممارسة أعمالها وأنشطتها منتهكة لسيادة الدولة فقامت بإغلاقها على الفور، وقامت بطردها، وترحيل العاملين فيها، ولم تلتفت لبعض الانتقادات والاحتجاجات.

فحينما لاحظت الدولة مخالفة المعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI) لأهدافه المعلنة في العام 2012م، وأنه مارس أعمالاً خفيه من شأنها مخالفة قوانيين الدولة قامت الحكومة الإماراتية بإيقاف مديرة المعهد الأمريكي ونائبها في مطار دبي ومنعتهما من السفر أثناء مغادرتهما البلاد، واعتقلتهما حتى انتهى التحقيق معهما بإدانتهما بالمخالفة الصريحة لأنظمة البلاد، وعلى إثر ذلك تم إغلاق مكاتب المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI)، إضافة إلى إغلاق عدد آخر من مكاتب منظمات المجتمع المدني الأخرى والمدانة من دولة الإمارات.

وقد وجهت دولة الإمارات للمعهد الوطني الديمقراطي (NDI) والعاملين فيه مجموعة من التهم على النحو التالي: مخالفة شروط تراخيصه، وأنه موجه لخدمة دول أخرى، وتوجيه اتهامات جنائية للمعهد الوطني الديمقراطي، وللعاملين الأجانب فيه، وأن المعهد له ممارسات مشبوهة، وتدخلات واضحة في الشؤون المحلية، وأن برامج هذه المعاهد والمنظمات الأجنبية تتمحور في تدريب مواطنين على قلب أنظمة الحكم في دول خليجية وعربية، وأن الأهداف الحقيقة لهذه المعاهد والمنظمات غير معلومة، وأنها تعمل في الخفاء بعيداً عن الأضواء، وأنها تتدخل في سياسة الدول الداخلية محاولةً إفساد عمل أجهزة حكومية داخل الدول، وتحرض على نشوء الاضطرابات، كما أن رؤساء تلك المنظمات والمعاهد هم عناصر مؤثرة في صنع قرار السياسة الخارجية، سواء في الولايات المتحدة أو في ألمانيا.

وقد نشرت جريدة الشرق الأوسط (السبـت 15 جمـادى الأولـى 1433هـ7 إبريل 2012م، العدد 12184) وكذلك موقع قناة الجزيرة نت 26 أن مساعد وزير الخارجية الإماراتي للشؤون القانونية عبد الرحيم يوسف العوضي، صرح في بيان نشرته وكالة الأنباء الإماراتية، وجاء فيه أن بعض المؤسسات الأجنبية التي كانت تعمل في الإمارات خالفت شروط ترخيصها، مشيراً إلى أن «بعضها كان يعمل دون ترخيص، مما اضطر الجهات القانونية إلى إصدار قرار وقف عمل هذه المؤسسات» وتشير مصادر أيضاً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مكتبي المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) في دبي لم يكونا يوماً بذات فعالية، وأن نشاطهما كان موجها لدول أخرى مثل البحرين.

وقال د. عبد الخالق عبد الله: نحن فوجئنا أصلاً بوجود هذا المكتب ولم نكن نعلم بنشاطه»، لافتاً إلى أن معظم الناشطين لم يكونوا يعلمون بوجوده، وبأن نشاطه لم يكن فاعلاً”. ونقلت الشرق الأوسط عن مجلة فورين بولسي الأمريكية قولها: إن الإمارات أعلمت المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) وثيق الصلة بالحزب الديمقراطي الأمريكي أنه سيتم توجيه اتهامات جنائية ضد موظفيه الأجانب في البلاد للتدخل الأجنبي في الشؤون السياسية27.

والخطورة تتمثل فيما تقوم به هذه المنظمات من أنشطة وجهود وتشكيل علاقات تنظيمية مع شخصيات ومنظمات محلية يمكن أن تستثمر بشكل سلبي مستقبلاً، وتجربة التحول الديمقراطي والإصلاحات السياسية خلال العقد المنصرم أثبتت الدور السلبي والخطر لهذه المنظمات.

وقد بررت دولة الإمارات قرار الإغلاق بما عبر عنه مسئول إماراتي بقوله: إن سياسة بلاده بخصوص إغلاق المراكز الغربية غير المرخصة “واضحة للعيان” ولا تقبل أبو ظبي بأي نشاط يتعارض مع مصالحها الداخلية، أو يمس أياً من قواعد استقرار الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي”28.

ومن ضمن المنظمات والمعاهد الأجنبية التي شملها قرار الإغلاق في الإمارات في غضون أسبوعين أفرع مؤسسة (كونراد أديناور) الألمانية المروجة للديمقراطية، والمعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI)الديمقراطي، الذي تموله الولايات المتحدة، ومكتب منظمة جالوب الأمريكية، المتخصصة في مجال قراءة اتجاهات الرأي العام في أبو ظبي29.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شن الإعلام الأمريكي والألماني هجومًا على الإمارات بسبب إغلاق مكاتب هذه المؤسسات على أراضيها، في الوقت الذي يتحدث فيه إماراتيون أنه ثبت للدولة حقيقة ممارسة هذه المكاتب نشاطاتها المشبوهة داخل الإمارات30.

وفي المقابل فقد لقي قرار الإغلاق لمثل هذه المعاهد والمنظمات الأجنبية ترحيباً كبيراً من قبل النخب السياسية والأكاديمية، وطلبوا من بقية الدول الخليجية والعربية أن تقف مع الإمارات ويعلنوا موقفهم صراحةً، وأن لا يلتفتوا للغضب الأمريكي والأوروبي الذي استهدف أمنهم واستقرارهم عبر هذه المنظمات والمعاهد31.

المطلب الخامس: الأردن والمعهد الديمقراطي (NDI):

المعهد الديمقراطي الأمريكي وغيره من المنظمات الأجنبية، مارست أنشطتها وبدأت بشكل رسمي عام 1997م مع أغلب فئات المجتمع الأردني كالشباب والنساء والمؤسسات الحكومية والأهلية. وقد كان لكثير من القيادات الرسمية، وبعض وسائل الإعلام الرسمية والأهلية مجموعة من الملاحظات والتصريحات على بعض أعمال المعهد الديمقراطي الأمريكي وغيره من المنظمات الأجنبية وتتهمها بمخالفة قوانين الدولة.

فقد حذّر وزير الصحة الأردني الأسبق الدكتور زيد حمزة من هذا النوع من المنظمات، وقال: وإن “قدّمت الكثير منها العديد من الخدمات في مختلف المجالات”، فإن عملها هو “استخباري” في المقام الأول، و”هذه المنظمات عندما تعمل خارج بلدانها، فإنها تعمل أساساً لمصالح بلادها، ومهمتها الأساسية: أن ترسل ما تحصل عليه من معلومات إلى استخبارات بلادها”32.

ونشرت صحيفة “عمان” مقالاً بعنوان: الإعلام المجتمعي في الأردن ينفذ أجندة صهيونية، وفيه: “بدا واضحاً في الآونة الأخيرة زيادة وتيرة نشاط أذرع المعهد الديمقراطي الأمريكي(NDI) على الساحة الأردنية عبر ما يسمى: “شبكة الإعلام المجتمعي” التي تندرج تحت إطار مؤسسات مجتمع مدني، بمسميات براقة تهدف إلى مشاركة المواطنين في العملية السياسية، وتقديم مساعدات مالية وفنية وتنظيمية وتعليمية.

وتشير الصحيفة إلى أن المعهد الديمقراطي الأمريكي”NDI”، الذي ترأس مجلس إدارته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (مادلين أولبرايت)، ونائبة رئيس مجلس الإدارة: ريتشيل هوروفت، ونائب الرئيس مارك ناثانسون، ومدير المالية: يوجين ايدنبرغ، والرئيس: كنيث وولاك، والخمسة يهود متعصبون لإسرائيل، وهناك أعضاء آخرين من اليهود في مجلس الإدارة، وفيما يتعلق بنشاط المعهد “المتصهين “على الساحة الأردنية، فإنه يقوم بتنفيذ أعماله عبر شبكة الإعلام المجتمعي الأردنية التي يقوم عليها ثلاثة صحفيون هم: رنا الصباغ، وداود كتاب، وإلياس فركوح، حيث تتلقى مؤسساتهم تمويلاً من “المعهد”33.

ونشر موقع جفرا نيوز الأردني: “حصلت جفرا نيوز على معلومات موثقة عن قيام داوود كتاب، والياس فركوح من شبكة الإعلام المجتمعي والذين بدورهم حصلوا على تمويل مالي كبير من المعهد الديمقراطي الأمريكيNDI والذي تديره مجموعة من اليهود الأمريكان والذين عُرفوا بتشددهم للدولة الصهيونية، ويترأس هذا المعهد (مادلين أولبرايت) وزيرة خارجية الرئيس كلينتون، والتي قتلت بالحصار والعقوبات على العراق أكثر من مليون ونصف المليون من العراقيين نصفهم من الأطفال في الوقت الذي تتسلل إلى الدول العربية والإسلامية لتعليمهم (الديمقراطية) و(الحرية) و(النزاهة) و(الشفافية) والإنسانية أيضاً، واتهم الموقع هذا المعهد أنه يتبع الموساد الإسرائيلي، ونظراً لدور المعهد الديمقراطي المشبوه في التجسس، والعمل على الإثارة والتدخل في الحراكات الشعبية؛ تم إغلاق مكاتبه في مصر و البحرين والإمارات”.

وتساءل الكثير من الكتَّاب والصحفيين في الأردن عن سماح الحكومة الأردنية لمثل هذه المعاهد والمنظمات الأجنبية المشبوهة الاستخباراتية أن تعمل داخل بلدانها، وتقوم بتوزيع الأموال المشبوهة على أبناء الأردن دون علم الجهات المختصة بذلك ودون رقابة على أعمالها وأنشطتها، وكيف تسمح الحكومة الأردنية لأبناء بتلقي هذه الأموال المشبوهة بعد أن ثبت أن هذه المنظمات تقوم بتدمير القيم والأخلاق داخل الدول العربية34.

وحذر الدكتور زيد حمزة من أعمال هذا المعهد بقوله: أن الأهداف السياسية لهذه المعاهد معروفة للحكومات، ولكنها لا تملك منعها، بل وتمنحها الترخيص أسهل بكثير مما تفعل مع المنظمات الوطنية، لأننا في عصر الهيمنة الغربية، الذي جعل من التبعية للقوى العظمى، وإن اختلفت نسبتها من بلد إلى آخر، جعلها واقعاً بات على كثير من البلدان ونحن منها أن تتعايش معه”، ثم يقول د حمزة: وهذا الواقع لا يعني أن نقف، كمتلقين، مكتوفي الأيدي “علينا أن نبقي دائماً أعيننا مفتوحة على ما تقوم به من نشاطات، وأن نحاول أن نأخذ فقط ما هو مفيد، وأن نلزمها دائماً بالعمل بشفافية، وأن تعمل دائماً تحت القانون”35.

المطلب السادس: الموقف الأمريكي من إغلاق المعاهد والمنظمات الأجنبية.

بالرغم من الادعاء للمعهد الديمقراطي الأمريكي ومن على شاكلته من المنظمات الأجنبية أنها غير حكومية وأنها مستقلة، ولا تتدخل بالأمور السياسية، وإذا شعرت تلك المعاهد والمنظمات بعدم رغبة كثير من الدول بالعمل على أراضيها، أو قررت منعها من مزاولة نشاطها، أو أغلقت مكاتبها فإن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية سرعان ما تتدخل رسمياً، وترمي بثقلها وتمارس الضغوط السياسية ضد أي حكومة، ومن خلال ملاحظتنا للواقع العربي والإسلامي فإن الأمثلة على ذلك كثيرة.

فحينما قامت مملكة البحرين عام 2006م بإغلاق المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI)، وأبطلت دعواه بالاستقلالية وأنه يمارس أعماله بحيادية وبشفافية، وأثبتت الحكومة البحرينية خلاف ذلك، فقد سارعت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ورئيسة مجلس أمناء المعهد الديمقراطي (مادلين أولبرايت) لزيارة المنامة أواخر العام 2006م، وعقدت لقاءات مع كبار المسئولين في المملكة وأعضاء السلطة التشريعية وممثلي الجمعيات السياسية، كما زار المنامة أيضاً المدير الإقليمي لبرامج المعهد (ليز كامبل)، وكذلك فقد لعب السفير الأمريكي السابق في المنامة (وليام مونرو) جهوداً كبيرة للتنسيق في المفاوضات مع الحكومة البحرينية36.

كما تعرضت مصر لتلك الضغوط، حيث سارعت الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في قرار إغلاق هذه المعاهد في مصر إلى حد التهديد بقطع المساعدات العسكرية المصرية التي (يبلغ حجمها 1.3 مليار دولار) 37.

وفي الإمارات سارعت وزيرة الخارجية الأمريكية (هيلاري كلينتون)، إلى إبداء قلقها وأسفها من إغلاق مكاتب المعهد38، وقالت (عن هذه المنظمات): إنها تلعب دورا ًهاماً وشرعياً في التنمية السياسية والاقتصادية في بلد ما، ويجب أن تكون قادرة على العمل وفقاً للقوانين والمعايير المعمول بها وبدون قيود 39.

ملحق: قائمة بعدد من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني العربية التي تلقت دعمًا من المعهد الديمقراطي الأمريكي ومنظمات أجنبية أخرى:

  • مركز ابن خلدون بمصر ويرأسه الدكتور سعد الدين إبراهيم.
  • مركز الدراسات السودانية ويرأسه الدكتور حيدر إبراهيم
  • مركز الخاتم عدلان.
  • منظمة حقوق الإنسان السودانية بالقاهرة
  • مركز أمل لضحايا التعذيب
  • مركز الجندرة للبحوث والتدريب
  • المنظمة السودانية لمناهضة العنف، وغيرها.
  • مركز (منتدى) البحرين للدراسات المستقبلية البحريني.
  • الوفاق البحريني.
  • المنظمة الوطنية لتنمية المجتمع اليمني، ويرأسها شوقي القاضي عضو مجلس النواب اليمني.
  • منظمة صحفيات بلا قيود اليمنية، وترأسها توكل كرمان (40).

————————————-

الهامش

(1) الموسوعة التشريعية للقوانين اليمنية التي أقرها مجلس النواب اليمني من 22مايو 1990م-22 مايو 2004م، قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم: 66 لعام: 1991م-المادة: 17 الفقرة د.

(2) صحيفة 26 سبتمبر يوم السبت 8 يوليو 2006م، بعنوان: تلقي الأحزاب تمويلات من الخارج تمثل استقواء على إرادة الشعب، الرابط.

(3) صحيفة الوسط البحرينية -العدد 2816 -الأحد 23 مايو 2010م -09 جمادى الآخرة 1431هـ، بعنوان: الـ «NDI»: معهد تثقيفي أم منتج أميركي في سوق الشرق الأوسط؟ على الرابط

(4) صحيفة الوسط البحرينية العدد: 2501 | الأحد 12 يوليو 2009م الموافق 19 رجب 1430هـ الرابط.

(5) صحيفة الشرق الأوسط -العدد 10026 -الخميس 11مايو 2006م الموافق 13 ربيع الثاني 1427هـ، بعنوان: المعهد الديمقراطي يرفض أية قيود في تعاطيه الشأن العام البحريني، على الرابط.

(6) صحيفة الوسط البحرينية -العدد 2816 -الأحد 23 مايو 2010م الموافق 09 جمادى الآخرة 1431هـ، بعنوان: الـ «NDI»: معهد تثقيفي أم منتج أميركي في سوق الشرق الأوسط؟ الرابط.

(7) صحيفة الوسط البحرينية، الرابط.

(8) صحيفة الوسط البحرينية -العدد 1716 -السبت 19 مايو 2007م الموافق 02 جمادى الأولى 1428هـ، الرابط.

(8) جريدة عالم اليوم – الكويت، العدد: 1615 بتاريخ: 25/04/2012م-© www.alamalyawm.com

(10) صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، العدد 10025، ب تاريخ12 ربيع الثاني/1427هـ الموافق 10/ مايو/ 2006م، بعنوان: البحرين تمهل ممثل المعهد الديمقراطي الجمعة القادمة لمغادرة البحرين، الرابط.

(11) جريدة البلاد البحرينية، بعنوان: المعهد الديمقراطي الوطني الأميركي (NDI) موّل أنشطة التدريب الإنقلابي، جهاز استخباري تجسسي برامجه تحولت إلى مطالب للخارجين على القانون، الرابط.

(12) صحيفة الوسط البحرينية، العدد 1716، السبت 19 مايو 2007م الموافق 02 جمادى الأولى 1428هـ، الرابط.

(13) صحيفة الأهرام المصرية يوم السبت 19 ربيع أول 1433هـ الموافق11 فبراير 2012م، السنة 136 العدد 23137. بعنوان: الأهرام تنشر نص قرار الاتهام في التمويل الأجنبي‏: ‏التحقيقات تكشف حقيقة مخطط تقسيم مصر، الرابط.

(14) موقع قناة BBC -يوم الجمعة، 6 إبريل/ نيسان، 2012م، الرابط.

(15) موقع: القاهرة نت بتاريخ: 20/4/2012م، الرابط.

(16) صحيفة الأهرام يوم الاحد 26 فبراير، 2012 م_ مقابلة من واشنطن لعزة إبراهيم مع رئيس المعهد الديمقراطي الأمريكي، الرابط.

(17) جريدة الشرق الأوسط جريدة العرب الدولية، السبـت 15 جمـادى الأولـى 1433 هـ 7 إبريل 2012م، العدد 12184.

(18) موقع اسلام ديلي، رصد ومتابعة الإعلام 16 أيار (مايو) 2012-الاثنين، 14 رجب 1433 – الرابط، وموقع شبكة فولتير : وموقع مركز العرين للبحوث والدراسات، الرابط.

(19) موقع صحيفة المصريون بتاريخ 6 يونيو-2012 نقلاً عن صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.

(20) موقع صحيفة المصريون بتاريخ 6 يونيو-2012م، الرابط.

(21) موقع بوابة الوفد الإلكترونية، الجمعة 6 يوليو 2012 م -16 شعبان 1433 هـ، بعنوان: وشهد شاهدٌ من أهله، لقراءة المقال الأصلي على بوابة الوفد د. أميرة أبو الفتوح.

(22) موقع صحيفة الأهرام المصرية يوم السبت-18 فبراير، 2012م الموافق 16ربيع أول-1433هـ، العدد:45729‏، متابعة: ‏ عماد الفقي ومصطفى تمام، الرابط.

(23) موقع صحيفة الأهرام المصرية يوم السبت-18 فبراير، 2012م، مصدر سابق.

(24) جريدة الشروق المصرية، يوم الأربعاء-تاريخ-29-فبراير-2012م، مصدر سابق.

(25) جريدة الشروق المصرية، يوم الأربعاء-تاريخ-29-فبراير-2012م، مصدر سابق.

(26) موقع قناة الجزيرة، الجمعة 15/5/1433هـ، الموافق 6/4/2012م.

(27)جريدة الشرق الأوسط، السبـت 15 جمـادى الاولـى 1433 هـ 7 إبريل 2012 العدد 12184، مصدر سابق.

(28) موقع: القاهرة نت بتاريخ: 20/4/2012م، الرابط

(29) جريدة اليوم السابع، يوم الخميس، 5 إبريل 2012م، الرابط

(30) موقع: القاهرة نت بتاريخ: 20/4/2012م، الرابط.

(31) موقع: القاهرة نت بتاريخ: 20/4/2012م، الرابط.

(32) صحيفة الغد الأردنية، تاريخ: 20/03/2012م، تحقيق: دلال سلامة، بعنوان: منظمة أمريكية تدرّب الطلبة الجامعيين على “العمل الحزبي “والجامعات تمنعه الرابط.

(33) صحيفة عمان–السوسنة– 29/05/2012م-على الرابط

(34) موقع جفرا نيوز، أخبار الأردن، بتاريخ:29/5/2012م-الرابط

(35) صحيفة الغد الأردنية، تاريخ: 20/03/2012م، تحقيق: دلال سلامة، مصدر سابق.

(36) صحيفة الوسط البحرينية -العدد 1716، مصدر سابق

(37) موقع قناة الجزيرة، يوم الجمعة 15/5/1433 هـ -الموافق 6/4/2012م.، صحيفة الشرق الأوسط العدد 7095 يوم السبت 7 إبريل 2012م الموافق 16 جمادى الأولى 1433هـ، الرابط.

(38) صحيفة الشرق الأوسط العدد 7095 يوم السبت 7 إبريل 2012م الموافق 16 جمادى الأولى 1433هـ.

(39) موقع توب نيوز الإخباري، تاريخ-11/4/2012م، مصدر سابق

(40) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى