fbpx
السياسات العامةمجتمع

الإنفاق على الصحة في النظم المصرية

دراسة مقارنة

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة

يعد ملف الإنفاق على الصحة من أبرز الملفات التي تشغل بال المصريين باستمرار، سواء كان ذلك قبل أو إبان أو حتى بعد ثورة الخامس وعشرين من يناير. يرجع سبب ذلك إلى أن كثيرا من المشكلات التي يعانيها القطاع الصحي في مصر هي بسبب شح الموارد والناتج عن ضعف موازنة القطاع الصحي بشكل عام، والذي ينتج عنه بلا شك ضعف رواتب كل العاملين بالقطاع، وعدم قدرة القطاع على تقديم الخدمات الصحية بالصورة والجود اللائقة لعموم الشعب المصري، لا سيما الطبقات الفقيرة منه، وخاصة في ظل تفشي الكثير من الأمراض، وعدم قدرة الكثير من أبناء الطبقات الفقيرة على الكشف الطبي، أو الحصول على علاج.

يعد الإنفاق الحكومي على قطاع ما هو أحد المؤشرات القوية على اهتمام النظام السياسي بهذا القطاع، وبإسقاط هذا المفهوم على القطاع الصحي، فيمكننا بمراجعة الموازنة العامة للدولة، والنظر في نسب الإنفاق الحكومي على الصحة، وكيف قررت الدولة أن توزع مخصصات الإنفاق على البنود المختلفة، أن نعرف ما هي اتجاهات الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة، وكيف ترى الدولة دورها.

بجانب ذلك فلكي نخرج بصورة كلية صحيحة عن التوجهات العامة للدولة لهذا القطاع، ينبغي أيضا النظر في سياسات تدبير وإنفاق الموارد المالية في ذلك القطاع. وهو ما تسعى الدراسة إلى القيام به وذلك خلال الفترة من عام 2006 إلى 2019.

تعقد الدراسة مقارنة بين سياسات الإنفاق الحكومي على الصحة من خلال المحورين السابق ذكرهما (اتجاهات الإنفاق الحكومي، وأبرز سياسات تدبير وإنفاق الموارد المالية)، وذلك من خلال أول ثلاثة مباحث، ثم يستعرض المبحث الرابع نتائج الدراسة.

تختتم الدراسة بمبحثها الخامس، والتي تحاول فيه البحث في التوجهات المستقبلية للإنفاق على الصحة، وذلك بهدف معرفة إلى أين يتجه الإنفاق على الصحة في مصر خلال الأعوام القادمة.

المبحث الأول: الإنفاق الحكومي خلال الفترة 2006-2011:

تاريخيا، كانت الدولة هي الممول الرئيس للخدمة الصحية منذ عام 1952 وحتى عام 1964، ثم لجأت إلى إنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحي عام 1964 والتي تمول الخدمة من خلال اشتراكات المؤمن عليهم وهم في غالبيتهم موظفو الدولة، بالإضافة إلى دعم الدولة لميزانية الهيئة، وبعد عام 1974 والتحولات السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد تم إدخال مصادر أخرى للتمويل الصحي وهي القروض والمنح والهبات الدولية، كذلك بداية التوسع ودعم مستشفيات القطاع الخاص والعيادات الخاصة والسماح لها بالعمل في مصر. وقد شهدت تلك المراحل أيضا تراجعا في الإنفاق الحكومي وتقلصا في نصيب الإنفاق الصحي من الميزانية العامة للدولة، وهو ما استمر خلال الفترة المذكورة.

كانت أواخر عهد مبارك -أي في الفترة من 2005 وحتى سقوط النظام في يناير 2011- شاهدةً على حدوث تحولات كبيرة خاصة مع توجه النظام نحو خصخصة الخدمات الصحية. سوف تقوم الدراسة برصد أبرز تلك التحولات من خلال تتبع مخصصات القطاع الصحي في الموازنة العامة للدولة؛ وذلك لمعرفة اتجاهات الإنفاق الحكومي على الصحة، وكذلك تتبع أبرز سياسات الإنفاق على الصحة.

1- اتجاهات الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة:

شهدت تلك الفترة تحولات مهمة كما أسلفنا، حيث يرصد الجدول التالي مخصصات الإنفاق على القطاع الصحي طبقا للتصنيف الوظيفي للنفقات، كما ورد في مشاريع الموازنة العامة للدولة، وذلك خلال الأعوام المالية 2006/2007 – 2010/2011.

جدول (1): مخصصات قطاع الصحة طبقا للتصنيف الوظيفي في الموازنة العامة للدولة خلال الفترة 2006/2007 – 2010/2011. (بالمليون جنيه)

البيان

2006/2007

2007/2008

2008/2009

2009/2010

2010/2011

قيمة

نسبة

قيمة

نسبة

قيمة

نسبة

قيمة

نسبة

قيمة

نسبة

الأجور وتعويضات العاملين

4،377.7

47.87%

4،808.3

45.4%

5،563.1

45.9%

7،503

47%

8،381

45%

شراء السلع والخدمات

2،758

30%

3،027.7

28.6%

3،445.6

28.4%

3،947

24.8%

4،627

24.9%

الفوائد

8.8

0.1%

14.9

0.14%

14.5

0.1%

14

0.22%

20

0.1%

الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية

953.9

10.4%

1،422.4

13.4%

1،247.3

10.3%

1،170

7.3%

1،645

8.9%

المصروفات الأخري

155.9

1.7%

232.5

2.2%

228.2

1.9%

149

0.9%

184

1%

شراء الأصول غير المالية

891

9.7%

1،096.1

10.3%

1،620.3

13.4%

3،137

0%

3،708

3.6%

إجمالي مخصصات القطاع الصحي

9،145.3

100%

10،601.9

100%

12،119

100%

15،920

100%

18،565

100%

الزيادة في مخصصات القطاع عن العام السابق

1،456.6

15.9%

1،517.1

14.3%

3،801

31.4%

2،645

16.6%

المصدر: عمل الباحثان، اعتمادًا على الأرقام الواردة في البيانات المالية لمشروع الموازنة العامة للدولة خلال الأعوام المذكورة، رابط1، رابط2، رابط3، رابط4، رابط5.

يتبين من الجدول السابق مجموعة من الملاحظات، يمكن صياغتها في النقاط التالية:

أ- شهد القطاع الصحي في الفترة محل الدراسة زيادة كبيرة في مخصصاته سنويا؛ إذ تراوحت تلك الزيادة من 14.3% إلى 16.6% في الفترة، ويُستثنى من ذلك فقط العام المالي 2009/2010 والذي شهد زيادة قدرها 31.4%، عن العام السابق. في هذا السياق، يمكن القول إنه كان لنواب المعارضة في برلمان 2005-2010 دور في إقرار تلك الزيادة، حيث كانت نسبة نواب المعارضة في المجلس آنذاك ما يُقارب خمس المجلس.

ب- تراوح مخصص الأجور خلال الفترة من 45% إلى 47%، ويرجع جزء من ذلك إلى نجاح نظام مبارك في المراوغة التي قام بها في ملف كادر الأطباء، وقد رصدت دراسة للمعهد المصري للدراسات الجهود التي قام بها كلا من حاتم الجبلي وزير الصحة آنذاك، وكذلك نقيب الأطباء في تلك الفترة-حمدي السيد-، في سبيل عدم إقرار الكادر[1].

ج- شكلت مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية ما نسبته 7.3% إلى 13.4% من مخصصات القطاع؛ وهو ما يعني تبني الحكومة لخيار دعم علاج المواطنين، رغم ضعف المبالغ المخصصة لذلك مقارنةً بأعداد المرضى والمحتاجين للعلاج.

وسوف تقوم الدراسة بذكر تلك الملاحظات مرة أخرى في جدول النتائج، ومقارنتها مع اتجاهات الإنفاق الحكومي في عهد السيسي؛ وذلك حتى يتبين الفارق بين السياسات المتبعة خلال الفترتين.

2- أبرز سياسات تدبير وإنفاق الموارد المالية:

أ- الاتجاه نحو خصخصة المستشفيات الحكومية

اتجهت حكومة أحمد نظيف إلى خصخصة الخدمات الصحية، وذلك ليس من خلال بيع المستشفيات المملوكة للدولة للقطاع الخاص، ولكن من خلال محاولة تحويل النشاط من هيئات خدمية غير هادفة للربح إلى هيئات اقتصادية هادفة للربح، وفيما يلي أهم الإجراءات التي اتخذتها الدولة في تلك الفترة:

  • أصدر رئيس الوزراء في العام 2007 قرارا بتحويل هيئة التأمين الصحي إلى شركة قابضة، وهو ما يعني أنها “هادفة للربح”، لكن القضاء الإداري أصدر حكما ببطلان قرار رئيس الحكومة، وجاء في حيثيات الحكم: “إن كفالة الدولة للرعاية الصحية تحول دون أن يكون الحق في الصحة محلا للاستثمار أو المساومة والاحتكار”[2].
  • في مايو 2010 صدر قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص رقم 67 لسنة 2010، والذي يخول للقطاع الخاص المشاركة في مشروعات البنية التحتية والتعليم والصحة، وصدرت لائحته التنفيذية يوم23يناير2011، أي قبل يومين فقط من اندلاع ثورة يناير، ليتم تجميد القانون[3].

ب- لائحة المستشفيات ديسمبر 2010

وقع وزير الصحة في الثامن من ديسمبر 2010 على بدء تطبيق اللائحة الجديدة والموحدة للعلاج في مستشفيات الدولة.

وتضمن المحور المالي والإداري الآتي:

-تقديم الخدمة مجاناً للمرضى بالمستشفيات من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً

-تقديم العلاج بأجر بعد الساعة الواحدة ظهرا

-تخصيص ما لا يقل عن 40% من أسرة المستشفى للعلاج المجاني و60% للعلاج بأجر

-لمجلس إدارة المستشفى الحق في زيادة أسعار العلاج 10% عند التعاقد مع الشركات والهيئات والتأمين الصحي

وبموجب اللائحة الجديدة، يتم توزيع عائدات العلاج عن طريق نظام النقاط، وستكون نسب توزيع العائدات عبارة عن 40% للأطباء والعاملين، و48% لصندوق تحسين الخدمة، و7% للمديرية، و5% لديوان عام وزارة الصحة.

إن الأجور التي تحصلها المستشفى ستكون نظير تقديمها كل من خدمات علاجية بأجر ومقابل عبوات الأدوية ومقابل زيارة المرضى، بالإضافة إلى حصيلة إيجار الكافيتريات أو الأماكن المخصصة لبيع الهدايا والزهور، وأية موارد أخرى يقرها مجلس إدارة المستشفى، وكذلك مقابل خدمات استخراج الشهادات الطبية[4].

وقد لاقت اللائحة هجوما شديدا من نقابة الأطباء، وتم رفع دعوى قضائية مقدمة من رئيس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ضد كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الصحة بصفتهم للمطالبة بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة رقم 428 لسنة 2010 واللائحة المرفقة به والمتضمن تنظيم العلاج بالمستشفيات والمعاهد التعليمية التابعة للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية.

وقد قضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة رقم 424 لسنة 2010 وبطلان اللائحة المرفقة به والمتضمن تنظيم العلاج بالمستشفيات والمعاهد التعليمية التابعة للهيئة العامة[5].

المبحث الثاني: الإنفاق الحكومي على الصحة خلال الفترة 2012-2013:

1- اتجاهات الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة:

لا يمكن الحكم على اتجاهات الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة خلال فترة رئاسة الدكتور مرسي؛ ويرجع السبب في ذلك إلى أن مدة الدكتور مرسي في الرئاسة كانت عاما واحدا فقط، وقبل أن يتولى المنصب رسميا كان المجلس العسكري هو من اعتمد موازنة العام 2012/2013، أما موازنة العام التالي 2013/2014 فلم تشهد تغيرا جذريا في الإنفاق الصحي فميزانية الصحة ظلت كما هي في حدود الـ 4.5% فقط من الموازنة العامة للدولة.

بجانب ذلك فمن المهم استحضار أن ما ذكره سعد زغلول -مساعد وزير الصحة لشئون الطب العلاجي حينها- أن هناك وعدا من الرئيس مرسي بزيادة مخصصات الصحة بنسبة 1.5% سنويا خلال مدة رئاسته المقررة بأربع سنوات[6]، وهو ما يعني أنه كان من المنتظر أن تصل إلى 10% -من الموازنة العامة للدولة- بنهاية مدة الرئاسة الأولى عام 2017. ويتوافق ذلك مع ما صرح به أيضا عبد الغفار صالحين رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب[7].

بجانب ذلك يمكن القول إن الهدف الأكبر من السياسات الصحية في عهد الدكتور مرسي هو إصلاح هيكل الإنفاق والذي يتحمل المواطن أكثر من 70% من تبعاته، ويمكن التدليل على ذلك ببعض الإجراءات التي سيتم ذكرها في معرض الحديث عن سياسات تدبير وإنفاق الموارد المالية، بالإضافة إلى بعض الإجراءات التي سيتم استعراضها أيضا، مثل: كادر المهن الطبية ومشروع التأمين الصحي الشامل، واللذان يمثلان بدورهما حجر الزاوية في إصلاح هيكل الإنفاق الصحي، وذلك من خلال (رفع كفاءة المنشآت الصحية- توفير عوامل جذب لاستقرار الأطباء- زيادة تمويل المنظومة الصحية وتفعيل التنافسية مع القطاع الخاص).

2- أبرز سياسات تدبير وإنفاق الموارد المالية:

يمكن رسم خريطة للتحولات التي صدرت في تلك الفترة والتي حددت المستهدف من إصلاح هيكل الإنفاق على القطاع الصحي في مصر، وذلك من خلال النقاط التالية:

أ– إصلاح أولويات الإنفاق داخل وزارة الصحة

أحدث محمد مصطفى حامد وزير الصحة السابق تغيرا كبيرا على سياسات الإنفاق الصحية داخل وزارة الصحة، وذلك من خلال عدة إجراءات تمثلت في توسيع مظلة التأمين الصحي القديمة داخل الهيئة العامة للتأمين الصحي بإضافة الأطفال من سن يوم وحتى السابعة، وضم المرأة المعيلة لمظلة التأمين الصحي، وإنشاء إدارة للصيانة، وإصلاح نظام التعاقدات، وعلاج حالات الطوارئ بالمجان. على أن يتحمل برنامج العلاج على نفقة الدولة تكلفة تلك النفقات، وأما فيما يخص ملف إصلاح أولويات الإنفاق الصحي، فقد اتخذ محمد مصطفى حامد وزير الصحة في حكومة د مرسي عدة إجراءات وهي:

ب- التأمين على الأطفال من سن يوم وحتى السابعة

أصدر الرئيس محمد مرسي في سبتمبر 2012 مرسوما بقانون “رقم 86 لسنة 2012″، بإنشاء نظام جديد للتأمين الصحي على الأطفال دون السن المدرسي، ويشمل النظام جميع المواليد، ومن هم دون سن التعليم الأساسي، غير الخاضعين للقانون 99 لسنة 1992، بشأن نظام التأمين الصحي على الطلاب.

وكلف القانون -في المادة الثانية- الهيئة العامة للتأمين الصحي بتقديم خدمات العلاج والرعاية الطبية في جهات العلاج التي تحددها داخل أو خارج وحداتها للأطفال وفقا لمستويات الخدمة الطبية، على أن يمول النظام من الاشتراكات السنوية التي يتحملها ولي أمر الطفل بواقع 8 جنيهات فقط سنويا عن كل طفل، والاشتراكات السنوية التي تتحملها الدولة بواقع 12 جنيها سنويا عن كل طفل، والإعانات والتبرعات والهبات التي تقدم لأغراض هذا النظام وتقبلها الهيئة العامة للتأمين الصحي، على أن ينتهي انتفاع الطفل بالنظام بمجرد دخوله المدارس، واشتراكه في نظام التأمين الصحي على الطلاب، أو إذا بلغ من العمر 7 سنوات ولم يتم قيده بالمدارس[8]. بجانب ما سبق، كانت هناك بعض الإجراءات الهامة خاصة بنظام التأمين الصحي، وهي كما يلي:

  • ضم المرأة المعيلة لنظام التأمين الصحي الشامل مجانا للفقيرات منهن وبرسوم بسيطة تبلغ نحو 12 جنيهات سنويًا للقادرات، كما أعلنت الهيئة العامة للتأمين الصحي في أغسطس 2012، أن المرحلة الأولى من ضم فئة “المرأة المعيلة” لمظلة التأمين الصحي الذي أقره البرلمان -قبل حله- سوف تشمل 600 ألف امرأة معيلة، من إجمالي 5 ملايين امرأة، وأشار عبد الرحمن السقا رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي إلى أن المرأة المعيلة ستتحمل 12 جنيهًا سنويًا -قيمة اشتراكات العلاج- بينما تتحمل الدولة 200 جنيه سنويًا بدلا منها”، مشيرًا إلى أنه بذلك سترتفع نسبة من يقعون تحت مظلة التأمين الصحي من 59% إلى 62% من المصريين.
  • قرر الدكتور محمد مصطفى حامد وزير الصحة نقل المخصصات المالية لجزء من القوافل الطبية لميزانية أقسام الاستقبال والطوارئ بالمستشفيات لتحسين خدمة المواطنين بشكل يساعد على تقليل حدة المشادات بينهم وبين الفريق الطبي، مع ترك بعض القوافل في المناطق التى تعاني من نقص الخدمة الصحية[9].
  • في 22 يونيو 2012 كلفت وزارة الصحة جميع المستشفيات العامة والخاصة والاستثمارية على مستوى الجمهورية بضرورة تقديم خدمات العلاج مجانًا للحالات الطارئة بحد أقصى 24 ساعة، وذلك بحسب ما نص عليه الدستور، وهو علاج جميع حالات الطوارئ بالمجان.

وأكد مساعد وزير الصحة للطب العلاجي إن قرار علاج الطوارئ بالمجان يحظر على أي مستشفى عام أو خاص أو استثماري احتجاز جثة النزيل أو استغلال حالة الوفاة في الحصول على مزايا مادية أو إجبار الأهل على التوقيع على شيكات، كما يلزم القرار الوزاري المستشفيات الخاصة والاستثمارية بوضع أسعار محددة للعلاج والإقامة بها، وأن يعلن للمرضى والمترددين عليها بشكل واضح وقاطع في أماكن ظاهرة ومعلومة للجميع، إضافة إلى مراعاة أن تكون التكلفة بنظام العلاج الشامل[10].

ج- تفعيل نظام صيانة المنشآت والأجهزة الطبية

أكد محمد مصطفى حامد أنه يتبنى استراتيجية (الصيانة وليس البناء الجديد)، وأشار إلى أن مصر بها 200 مستشفى انتهى عمرها الافتراضي، وأن عدم وجود إدارة مسؤولة عن برنامج الصيانة كلف الدولة 24 مليار جنيه، وذلك منذ عام 2005 وحتى عام 2013، حيث تم إنفاقها على أعمال التطوير الجزئي والكلي لـ 328 مستشفى[11].

وذلك من أصل 520 مستشفى تابعة لوزارة الصحة والهيئات والجهات التابعة لها حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ووزارة التخطيط الصادر عام 2015[12]، حيث أشار التقرير إلى أن عدد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة بلغ 520 مستشفى حتى عام 2014.

كما أن أعمال التطوير التي طالت 328 مستشفى على مدار 8 سنوات في الفترة من 2005 إلى 2013 أي ما يعادل 60% من إجمالي عدد المستشفيات لم يتم الحفاظ عليها من خلال برامج صيانة دورية حقيقية وفق معايير الجودة والرقابة المطلوبة وهو ما جعل تلك المستشفيات تتطلب إعادة صيانة مرة أخرى، وهو ما يجعل موارد وزارة الصحة تستنزف بشكل مستمر في عمليات الصيانة والاحلال والتجديد.

كما أشار في السياق ذاته إلى أن تدشين نظام يتولى مسؤولية الصيانة من شأنه تحقيق الاستغلال الامثل للموارد المتاحة، وأضاف أن خطة الموازنة للعام المالي 2013/2014 تضمنت طلب 400 مليون جنيه لصيانة المنشآت الصحية، و100 مليون جنيه لصيانة التجهيزات الطبية.

د- مواجهة فساد التعاقد بالأمر المباشر

يعد التعاقد بالأمر المباشر من أبزر مظاهر الفساد التي كانت سائدة في عهد مبارك وذلك بسبب كونه خاليا من الشفافية والعدالة، ومن أجل القضاء على ذلك الفساد؛ أصبحت الوزارة تعمل بنظام الممارسات العامة التي ترسو فيها على الشركات ذات أفضل أسعار وكفاءة عالية.

ه- إلغاء نظام التكليف

يعد قرار إلغاء التكليف من الأمور المهمة التي ترتبط بإعادة هيكل الإنفاق داخل وزارة الصحة بشكل غير مباشر، حيث إن هذا القرار كان سيساهم بشكل كبير في منع هجرة الأطباء وتركهم للعمل داخل وزارة الصحة، كما أنه في نفس الوقت كان سيساهم في اختيار التخصص الطبي منذ بداية العمل والدخول في النيابة من أول يوم عمل، وإتاحة الفرصة للالتحاق بالدراسات العليا وبرامج الزمالة في نفس عام التخرج والالتحاق بالعمل، كذلك العمل داخل مستشفى حكومي بما يتيح له ممارسة الطب والتعلم، ومن ثم يذهب إلى العمل بالوحدات الصحية بعد أن يكون مارس مهنة الطب وحصل على الخبرات اللازمة.

المبحث الثالث: الإنفاق الحكومي على الصحة خلال الفترة 2014-2019:

شهدت فترة السيسي العديد من التحولات في إدارة المالية العامة للدولة، حيث يمكن القول إن الاعتماد على القروض والمنح كانت هي السمة السائدة، وبعد أن توقفت المنح تم الإفراط في الحصول على قروض. فعلى سبيل المثال، بعد اندلاع الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو، شهد النصف الثاني من العام 2013، أي النصف الأول من العام المالي 2013/2014 اعتمادا كبيرا على الدعم القادم من دول الخليج، تحديدا المملكة العربية السعودية والإمارات، تجلى ذلك في الحساب الختامي للعام المالي 2013/2014 حيث سجل بند المنح 95.86 مليار جنيه[13]. في حين أن هذا الرقم كان في العام المالي السابق أي عام 2012/2013 ما قدره 5.2 مليار جنيه[14]، أي بزيادة قدرها 1743% وكانت تلك الزيادة في إطار الدعم السياسي الذي قدمته دول الخليج لنظام الثالث من يوليو.

يمكن القول إن ذلك الوضع انسحب على القطاع الصحي. ستقوم الدراسة باستعراض أبرز سياسات الإنفاق على الصحة كما تم في المبحثين السابقين، عن طريق استعراض اتجاهات الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة في الموازنة العامة، ثم ذكر أبرز سياسات تدبير وإنفاق الموارد المالية في القطاع الصحي.

1- اتجاهات الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة:

شهدت تلك الفترة تحولات مهمة، ليس فقط في القطاع الصحي، ولكن في فلسفة إدارة المالية العامة، وبالطبع انعكس ذلك على مخصصات ذلك القطاع في الموازنة العامة للدولة. يستعرض الجدول التالي البنود المنضوية تحت القطاع الصحة طبقا للتصنيف الوظيفي في الموازنة العامة للدولة خلال الفترة 2014/2015 – 2018/2019.

جدول (2): مخصصات قطاع الصحة طبقا للتصنيف الوظيفي في الموازنة العامة للدولة خلال الفترة 2014/2015 – 2018/2019. (بالمليون جنيه)

البيان

2014/2015

2015/2016

2016/2017

2017/2018

2018/2019

قيمة

نسبة

قيمة

نسبة

قيمة

نسبة

قيمة

نسبة

قيمة

نسبة

الأجور وتعويضات العاملين

26،611

62.8%

27290

60.7%

28،569

58.4%

29،399

53.5%

31،600

51.1%

شراء السلع والخدمات

6،752

16%

7967

17.7%

8765

17.9%

10،014

18.2%

12،470

20.2%

الفوائد

20

0.05%

22

0.05%

26

0.05%

40

0.07%

120

0.19%

الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية

2،649

6.2%

2873

6.4%

3،299

6.7%

4،195

7.6%

5،229

8.5%

المصروفات الأخرى

647

1.5%

678

1.5%

702

1.4%

992

1.8%

1،241

2%

شراء الأصول غير المالية

5،723

13.5%

6120

13.6%

7،583

15.5%

3،137

5.7%

3،708

6%

إجمالي مخصصات القطاع الصحي

42،402

100%

44950

100%

48944

100%

54،923

100%

61،811

100%

الزيادة في مخصصات القطاع عن العام السابق

2،548

6%

3،994

8.9%

5979

12.2%

6،888

12.5%

المصدر: عمل الباحثان، اعتمادًا على الأرقام الواردة في البيانات المالية لمشروع الموازنة العامة للدولة خلال الأعوام المذكورة، رابط1، رابط2، رابط3، رابط4، رابط5.

يمكن من الجدول السابق استنتاج بعض الملاحظات الخاصة باتجاهات الإنفاق الحكومي للفترة المذكورة، وهي:

أ- تراوحت الزيادة في مخصصات القطاع سنويا من 6%-12.5%، وهي نسبة ضئيلة، لقطاع مهم كالقطاع الصحي، وتعكس سياسة الدولة نحو القطاع. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الدستور الذي أقرته مصر في العام 2014 كان أول دستور في تاريخ مصر يُقر ألا يقل الإنفاق على الصحة ما نسبته 3% من الناتج المحلي الإجمالي. وبمراجعة بيانات الموازنات العامة للدولة خلال الأعوام الخمسة الماضية؛ يتبين أن الحكومة لم تفِ بهذا الاستحقاق الدستوري مطلقًا. وذلك كما يوضح الشكل التالي.

شكل (1) إجمالي الإنفاق على الصحة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بين مما حددته الحكومة والنسبة التي أقرها الدستور وذلك خلال موازنات الأعوام 2015/2016 – 2019/2020.

الإنفاق على الصحة في النظم المصرية دراسة مقارنة-1
المصدر: محمد أحمد عباس، مصر- قراءة في مشروع موازنة 2019-2020، المعهد المصري للدراسات، 5 يوليو، 2019، رابط.

ب- تراجعت بشكل مستمر نسبة الأجور من مخصصات القطاع، من 62.8% في العام المالي 2014/2015، إلى 51.1% في العام المالي 2018/2019؛ وذلك بالرغم من أن نظام السيسي لم يلتزم بمشروع الكادر المقترح، واكتفائه بنظام حوافز للمهن الطبية السبعة، مع العلم أن هذا الحافز يشمل الـ 200% التي أُقرت بعد ثورة يناير[15]. ويُضاف إلى ذلك أيضا أن مصر في تلك الفترة شهدت معدلات تضخم مرتفعة، وصلت في شهر يوليو 2017 إلى 34%؛ فهل كان من المناسب أن تتراجع الأجور كنسبة من مخصصات القطاع في تلك الفترة التي شهدت ارتفاعا كبيرا في الأسعار نتيجة لرفع الدعم عن الكهرباء والمواد البترولية.

ج- شكلت نسبة الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية 6.2%-8.5%؛ وهي نسبة قليلة إذا قُورنت بالنسب التي أقرتها الموازنة العامة للدولة في عهد مبارك، والتي كانت تتراوح من 7.3%-13.4%؛ وهو ما يعني أن اتجاه الدولة في عهد السيسي هو تقليل مخصصات الدعم الموجهة للقطاع.

2- أبرز سياسات تدبير وإنفاق الموارد المالية:

شهدت مصر في عهد السيسي حدوث تحولات كبيرة في هيكل الإنفاق على الصحة، كما شهدت فترة الحكم الحالية تنوعا في مصادر الإنفاق، وإلى جانب مصادر التمويل التقليدية.

وتحاول الدراسة رصد أبرز تلك التحولات من خلال النقاط التالية.

أ- القروض والمنح

يعد أبرز ما يختلف به الإنفاق على الصحة في عهد السيسي عما قبله، هو التوسع في الحصول على ديون لتوفير مصادر جديدة للإنفاق على الصحة. إذ يمكن القول إن سياسة التوسع في الديون التي انتهجها نظام الثالث من يوليو فيما يخص تمويل مشاريع البنية التحتية والطرق قد امتدت لتشمل القطاع الصحي أيضا. حاولت الدراسة رصد أبرز القروض والمنح من خلال النقاط التالية:

  • تلقي منحة من الولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر 2014 بقيمة 35 مليون دولار لدعم جهود مكافحة فيروس سي[16] .
  • في أغسطس 2017 تمت موافقة الرئيس على اتفاقية قرض مشروع تطوير مستشفى القصر العيني بين جمهورية مصر العربية والصندوق السعودي للتنمية بمبلغ 450 مليون ريال سعودي (نحو 120 مليون دولار أمريكي) والموقعة في القاهرة بتاريخ الثامن من أبريل عام 2016[17].
  • في فبراير 2018 تم الحصول على قرض من الوكالة الفرنسية بقيمة 30 مليون يورو، أي نحو 630 مليون جنيه، بخلاف مليون يورو أخرى كمنحة لوزارة الصحة، أي أن الاجمالي 31 مليون يورو، وذلك من أجل تطوير 22 وحدة صحية ببورسعيد، وإنشاء 18 آخرين من أجل بدء تنفيذ مشروع التأمين الصحي الشامل[18].
  • قرض من البنك الدولي بقيمة 530 مليون دولار بهدف تطوير 600 وحدة صحية و27 مستشفى حكومي، وتنفيذ حملة 100 مليون صحة وزيادة معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة بقيمة 35 مليون دولار، فضلا عن توسيع نطاق برنامج الرائد الصحي المجتمعي لتعزيز مستوى الصحة والتغذية، وفحص مليون وحدة دم سنويا، وتوسيع نطاق فحص التهاب الكبد الوبائي سي لحوالي 35 مليون مواطن وعلاج نحو 1.5 مليون مريض، كما يشمل المشروع فحص 20 مليون شخص بالغ للكشف عن الأمراض غير المعدية[19].
  • منحة من مؤسسة الجايكا اليابانية بقيمة 18 مليون دولار لتطوير العيادات الخارجية بمستشفى أبو الريش للأطفال وقد تم توقيع الاتفاقية الخاصة بها في عام 2016، وتم توقيع عقد استكمال منحة إنشاء ملحق للعيادات الخارجية في يونيو 2019[20].
  • في أغسطس 2019 أعلنت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي توقيع اتفاقية مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالقاهرة بنحو 60 مليون دولار منحا لا ترد في مجالات التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا والصحة والتجارة والاستثمار.

وبحسب بيان الوزارة، تتمثل أولى هذه الاتفاقيات في المرحلة الثانية لاتفاقية تحسين النتائج الصحية، والتي تهدف لتعزيز برنامج مصر لتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية الحالي لجعله أكثر فعالية واستدامة من خلال تحسين جودة خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية[21].

ب- التبرعات

أصبحت التبرعات من المصادر المهمة لدعم وإنشاء المستشفيات الحكومية، وذلك نظرا لما أصبحت تمثله حصيلة التبرعات السنوية من مورد مالي كبير ومتزايد كل عام ويتمتع بالاستدامة والاستقرار، ونتيجة لذلك  قامت الدولة بالدخول في المجال بطرق متحايلة من خلال تأسيس جمعيات أهلية يرأسها مسؤولون سابقون بالدولة للإنفاق على المستشفيات الحكومية خصوصا المستشفيات الجامعية، وخاصة المعهد القومي للأورام الجديد بالشيخ زايد على حساب (500500) والمعهد القومي للأورام  القديم، والحساب الخاص به رقم (700700) ومستشفيات جامعة عين شمس-الدمرداش-على حساب (77999)، كذلك التبرع لمستشفى أبو الريش للأطفال التابعة لجامعة القاهرة.

 وفيما يخص قانونية التبرع للمستشفيات الجامعية فقد أكد فتحي عباس-المستشار الإعلامي لجامعة القاهرة-أن الجامعة ليست لها علاقة من قريب أو بعيد بحملات جمع التبرعات التليفزيونية ولا تتكبد مليما في بث هذه الإعلانات لأن القانون يمنع الجامعات من جمع التبرعات وإنما تقوم الجمعيات الداعمة للمستشفيات بهذه الحملات[22] .

وقالت رشا عمار مدير مستشفى أبو الريش للأطفال في مايو 2018: “هناك مشكلة في الدعم المادي مثلنا كأغلب المستشفيات الجامعية، فالميزانية توفر 17 مليون جنيه، وهذا المبلغ لا يمثل سوى 40% فقط من المصروفات، بينما نعتمد على التبرعات بنسبة 60%، فتكلفة أدوية المريض الواحد في الرعاية قد تصل بين ألفين و3 آلاف جنيه في اليوم الواحد، لذلك إذا توقفت التبرعات سنعانى وتتوقف الخدمة”[23].

ج- دعم منظمات المجتمع المدني للمستشفيات الحكومية

طلب عبد الفتاح السيسي في مارس 2018 بشكل مباشر من منظمات المجتمع المدني تقديم الدعم المالي والفني والإداري للمستشفيات الحكومية، مشيرًا إلى أنه على استعداد لتسليم الجمعيات الخيرية مستشفيات مكتملة لتطويرها وإدارتها، ثم جدد الدعوة في سبتمبر من نفس العام في كلمته التي ألقاها بمناسبة افتتاح مستشفى المنوفية العسكري قائلا: “إن إشراك الجمعيات في إدارة المستشفيات جاء نتيجة لثقتنا في حسن إدارتهم، ونحن على استعداد إلى تقديم 10 و20 و100 مستشفى أمام الجمعيات المستعدة والتي تستطيع تقديم الخدمة بجدارة”[24].

كما تلقت المستشفيات الحكومية دعما ماليا مباشرا من عدة مؤسسات وهي (مؤسسة مجدي يعقوب- جمعية الأورمان- بيت الزكاة المصري- مؤسسة مصر الخير- مؤسسة مستشفى 57357)[25].

المبحث الرابع: نتائج الدراسة

حاولت الدراسة تتبع تطور نمط الإنفاق الصحي في مصر في عهد مبارك ومرسي والسيسي، ويمكن تلخيص ما توصلت إليه الدراسة من خلال ما يلي:

جنى مبارك ثمار عهد السادات في التحول إلى سياسة الانفتاح الاقتصادي، وتعددية مصادر تمويل النظام الصحي، وفي عهده انتشرت العيادات والمراكز الطبية الخاصة، وتقلص دور مستشفيات الدولة، حتى أصبحت الدولة تقدم أقل من 30% من الإنفاق الصحي، وكان مبارك في نهاية عهده ينوي اتخاذ عدة إجراءات نحو خصخصة الخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة بتحويلها إلى خدمات بأجر وهو ما حدث في لائحة المستشفيات 2010.

وضع الدكتور محمد مرسي عدة إجراءات لإحداث التوازن في المنظومة الصحية تمثلت في زيادة ميزانية وزارة الصحة إلى 10% من الموازنة العامة للدولة بحلول العام المالي 2016-2017، وذلك على أن تصل إلى 12% كمستهدف مستقبلي لمواكبة المستويات العالمية في الإنفاق الصحي الحكومي، إنشاء نظام تأمين صحي شامل تتحمل الدولة النسبة الأكبر من الاشتراكات ويكون عصب المنظومة مستشفيات الدولة التابعة لوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية ومستشفيات القوات المسلحة والشرطة.

وفي ذلك الشأن قامت وزارة الصحة بوضع قانون التأمين الصحي الجديد القائم على التشارك بين صاحب العمل والعامل سواء كان الموظف يعمل بالحكومة أو القطاع الخاص، وقد تم تحديد نسبة 5% من إجمالي دخل الفرد كاشتراك تأميني له ولأسرته، على أن يتحمل الموظف 1.25% فقط من أجره الشامل وتتحمل الدولة أو المؤسسة الخاصة 4%[26].

 كذلك إلغاء النص المقترح سابقا في عهد مبارك بزيادة ضريبة المبيعات 2% لتمويل النظام، والاستعاضة عن ذلك ببعض المصادر الجديدة للدخل مثل توجيه 90% من حصيلة الغرامات المحكوم بها في الجرائم المتعلقة بالصحة، و20% من رسوم مرور المركبات على الطرق السريعة (المدارة الآن من قبل هيئات تابعة للقوات المسلحة) لدعم نظام التأمين الصحي الجديد[27] .

بالنسبة لمصدر تمويل اشتراكات التأمين الصحي، ففي عهد جمال عبد الناصر والسادات ومبارك كانت النسبة 4% عبارة عن 1% من الأجر الأساسي و3% من الأجر الأساسي تتحملها الدولة أو المؤسسة الخاصة، وكان التأمين شخصي وليس تأمينا للأسرة، أما في عهد مرسي فكما أشرنا سابقا تحمل الموظف 1،25% وجهة العمل 4% ولكن على الأجر الشامل للموظف، ولم يتم تحديد عدد الأطفال المنتفعين من المزايا التأمينية داخل كل أسرة بل قام القانون على كفالة جميع الأطفال دون تحديد عدد معين.

أما في عهد السيسي فقد تم إقرار قانون التأمين الأسري والذي يُحتسب على الأجر الشامل، ولكن يتحمل الموظف كامل قيمة الاشتراك وبدون حد أقصى فيتحمل (1% بالنسبة له-3% لزوجته في حال كانت لا تعمل أو1% في حال كونها تعمل- 1% لكل طفل بحد أقصى 3 اطفال- 1.5% بالنسبة لكل طفل يولد بعد الطفل الثالث).

أظهرت الدولة في عهد السيسي رغبتها في التخلص من إدارة المستشفيات الحكومية و فتحت المجال أمام مؤسسات المجتمع المدني لإدارة تلك المستشفيات، كما أن الدولة اعتمدت على مصادر أخرى لتمويل الإنفاق الصحي مثل المنح والقروض والتبرعات، لكن النقطة الأهم هي أنها فتحت المجال أمام مستشفيات القطاع الخاص لإدارة منظومة التأمين الصحي الشامل في بورسعيد وحذفت أسماء المستشفيات الحكومية ليحل محلها أسماء المستشفيات الخاصة الشهيرة في مصر وهي (دار الفؤاد- كليوباترا- السلام الدولي- المغربي)، كما تخلت الدولة عن دعم الاشتراكات كما كان معمولا به في النظم السابقة، وجعلت رب الأسرة يتحمل تكلفة الاشتراك للأسرة كاملا على أساس أجره الشامل، وتولت الدولة مسؤولية غير القادرين فقط.

من الملاحظات المهمة أن الإنفاق الحكومي في جميع العهود السابقة لعبد الفتاح السيسي كان يتواكب مع وجود منظومة دعم جيدة للمواطن، لكن في ظل حكم السيسي تم رفع الدعم بشكل شبه كامل، ومع ذلك تم تراجع الإنفاق الصحي، وتم رفع يد الدولة بشكل شبه كامل عن تمويل الحق الصحي في ظل القانون الجديد للتأمين الصحي الشامل.

ويمكن تلخيص بعض مما توصلت إليه الدراسة من خلال الجدول التالي: (جدول 3)

 

مصادر التمويل

برامج الدعم الاجتماعية

الزيادة في مخصصات القطاع سنويا

مبارك

المواطن + موازنة الدولة+ المنح الأجنبية

وجود الدعم

(7.3%-13.4%)

14.3%-31.4%

مرسي

ميزانية الدولة+ المنح الأجنبية+ المواطن (إعادة توازن النفقات)

وجود الدعم

السيسي

المواطن+ المنح+ التبرعات+ القروض+ تمويل مؤسسات المجتمع المدني+ ميزانية الدولة

إلغاء الدعم

(6.2%-8.5%)

6%-12.5%

المبحث الخامس: التوجهات المستقبلية للإنفاق على القطاع الصحي

تحاول الدراسة بعد عمل مقارنة بين النظم الثلاثة البحث في التوجهات المستقبلية للإنفاق على الصحة، وذلك بهدف معرفة إلى أين يتجه الإنفاق الصحي في مصر.

ويتبين من البحث أن مشكلة خلل توازن الإنفاق الصحي مستمرة في مصر، فالإنفاق من جيب المواطن تعدى حاجز الـ 70%، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الدواء وارتفاع تكلفة العلاج بالمستشفيات الخاصة وارتفاع أسعار الكشف بالعيادات الخاصة، كما أن الخدمات التي تقدمها الدولة محدودة، وخدمات الهيئة العامة للتأمين الصحي لا تقدم الخدمة الصحية سوى لـ 8% فقط من المواطنين بالرغم من أنها تغطي أكثر من 60% من المواطنين[28].

 ويغطي برنامج العلاج على نفقة الدولة والذي تبلغ ميزانيته السنوية 7،6 مليار جنيه وفق ميزانية 2019-2029 باقي المواطنين الذين لا يخضعون لمظلة التأمين الصحي الحالية، وبناء عليه فإن الدولة تغطي جميع المواطنين وفق النظام الصحي الحالي، لكن من الناحية الفعلية هي غير قادرة على الإيفاء بتلك الالتزامات والمواطن يتحمل الجزء الأكبر من الإنفاق الصحي.

التأمين الصحي والتمويل:

في ظل المشروع الجديد للتأمين الصحي الشامل والذي بدأ تطبيقه في بورسعيد بداية من الأول من يوليو 2019، فإن الدولة لن تتحمل سوى اشتراكات غير القادرين فقط، وقد أشرنا في تقرير سابق عن التأمين الصحي الشامل أن التكلفة المتوقعة للمشروع 140 مليار جنيه سنويا، لن تتحمل الدولة منها سوى ما يقارب 10% وهي النسبة المخصصة لغير القادرين حيث أكد القانون أن الدولة تتحمل مساهمات غير القادرين فقط.

 وذلك في حال أن يكون عدد غير القادرين 20 مليون مواطن، ومن التوقع أن يكون العدد أقل من ذلك بكثير نظرا لأن القانون حدد غير القادرين بأنهم من يتقاضون أقل من الحد الأدنى للأجور والبالغ 1200 جنيه، وهو ما يعني أن الدولة ستساهم بـ 60 جنيها فقط شهريا عن كل فرد وهي نسبة الـ 5% المقررة بالقانون لغير القادرين، وهذا يعني أن جملة ما تتحمله الدولة من مساهمات مالية لن يتجاوز الـ 14 مليار جنيه، وهي نسبة ضعيفة جدا، على فرض صحة مقولة الحكومة بأن غير القادرين عددهم 20 مليون مواطن[29].

وبالتالي فمن المتوقع في ظل تطبيق قانون التأمين الصحي الجديد أن ينخفض الإنفاق الحكومي على الخدمات الصحية والتي سيتم تحريرها بالكامل، وستكتفي الدولة بتقديم الخدمات الوقائية وحملات التطعيم ضد شلل الأطفال وخدمات هيئة الإسعاف المصرية، ومكاتب الصحة، وستخرج المستشفيات والوحدات من سلطة وزارة الصحة، وسيكون هناك دورا كبيرا للقطاع الخاص في المشاركة في تنفيذ القانون والإدارة.

وفي التحليل الأخير فإن مصر ستمثل حالة فريدة في العلاقة بين الدولة والمجتمع نتيجة لقيام الدولة برفع الدعم وتعظيم الضرائب من ناحية والذي من المنتظر أن يقابله زيادة في المخصصات المالية لقطاعات الصحة والتعليم والمرافق، لكن في الحالة المصرية سيتم تحرير الخدمة الصحية وتقليل الإنفاق الحكومي إلى 10% فقط من نفقات العلاج وفق مظلة التأمين الصحي الشامل، وبالنسبة للإنفاق العام فإن العيادات الخاصة وبرامج التأمين الخاصة لن تتوقف، وهو ما يعني أن مساهمة الدولة وفق الإنفاق العام ستتراجع إلى أقل من 10%، ولا يفوتنا أن ننسى أن هناك مصادر أخرى جديدة لتمويل الإنفاق الصحي متمثلة في القروض والمنح والتبرعات ودعم مؤسسات المجتمع المدني.

تنامي الاستثمار الخليجي في القطاع الصحي.

شهدت بداية تطبيق مشروع التأمين الصحي الشامل الجديد قيام وزارة الصحة بتوقيع بروتوكولات تعاون مع عدة مجموعات طبية خاصة لإدارة مستشفيات المرحلة الأولى ببور سعيد، وتلك المجموعات هي: (مجموعة مستشفيات السلام الدولي، وذلك لتطوير مستشفى بورسعيد العام- مجموعة دار الفؤاد لتقديم الخبرات الطبية والفنية للارتقاء بمستشفى الزهور ببورسعيد-  مجموعة مستشفيات كليوباترا؛ لتطوير مستشفيات: التضامن، والنصر للأطفال، والنساء والولادة ببورسعيد- مجموعة مستشفيات مغربي؛ لتقديم الدعم الطبي والفني المطلوب لمستشفى الرمد ببورسعيد- مجموعة الأميدا للرعاية الصحية لتطوير مستشفى بور فؤاد المركزي[30]).

وجدير بالذكر أن مجموعة مستشفيات كليوباترا ضمن المؤسسات الصحية المصرية المملوكة لشركة أبراج كابيتال الإماراتية، والتي أعلنت في مارس 2015 الماضي، أعلنت شركة “أبراج كابيتال” الإماراتية أنها قامت بتأسيس مجموعة استثمارية للرعاية الصحية في مصر وتونس باسم مجموعة مستشفى شمال أفريقيا القابضة باستثمارات تصل إلى 200 مليون دولار.

كما استطاعت شراء عدة مستشفيات مهمة على رأسها إلى جانب مستشفى كليوباترا؛ مستشفيات النخيل والنيل بدراوي والقاهرة التخصصي، ومعملي البرج والمختبر[31] .

كما أن مجموعة أندلسية السعودية – التي تمتلك مستشفى أندلسية الشلالات بالإسكندرية، والتي شيدت منذ عام 1989، ومستشفى أندلسية المعادي منذ عام 2009، ومستشفى أندلسية سموحة بالإسكندرية منذ عام 2012، ومجمع عيادات أندلسية أنتونياديس بالإسكندرية منذ عام 2018-  قررت توسيع استثماراتها بمصر من خلال عدة مشروعات، و أكدت في يوليو الماضي – بداية تطبيق منظومة التأمين الصحي الشام الجديدة- سعيها لشراء قطعتي أرض من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لإقامة مستشفيين، الأول في مدينة 6 أكتوبر على 15 ألف م2، بطاقة 250 سرير، ويضم كل التخصصات، والثاني في مدينة القاهرة الجديدة على 20 ألف م2، وتبلغ التكلفة الاستثمارية لبناء المستشفيين نحو مليار جنيه، بالإضافة إلى التوسع في مستشفى المعادي[32] .

خاتمة

أهدر انقلاب 3 يوليو 2013 على الشعب المصري فرصة تاريخية للحصول على الحق في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ليجد الشعب نفسه أمام نظام يسارع في استكمال ما تردد مبارك في إكماله بالتفريط في حق المواطن في الصحة والحق في الحصول على رعاية صحية كريمة.

كما أن الدولة أمام فشل سياساتها وانتشار الفساد وارتفاع عبء الديون وتراجع جميع المؤشرات الاقتصادية تجد نفسها أمام تحديات تقليص الإنفاق العام، وهو ما يدفعها دوما إلى الضغط على القطاع الخدمي بشكل عام، ويجعلها تبحث عن طرق مختلفة للتخلص منه، وأمام تزايد حدة عدم القدرة على تمويل البرامج الاجتماعية والإنسانية، فقد اكتفت الدولة في عهد عبد الفتاح السيسي بالتحول إلى مجرد شركة تأمين تنظم العلاقة بين المنتفع وهو المواطن، ومقدم الخدمة وهي المستشفيات الخاصة والتي بدورها ستسيطر على المستشفيات الحكومية، لتتخلى الدولة عن الإدارة والإنفاق، وأي التزام تجاه حق المواطن في الصحة [33].


الهامش

[1]أمجد حمدي، استجابة النظم المصرية لقضايا الصحة 1981 ـ 2019، المعهد المصري للدراسات، سبتمبر 2019، تاريخ الوصول 2019، رابط.

[2]– المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، 17 يوليو 2010، حكم رفض خصخصة الهيئة العامة للتأمين الصحي، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط

[3]– الجريدة الرسمية، قانون رقم 67 لسنة 2010 بإصدار قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، الرابط

[4]– أميرة عبد السلام، 8 سبتمبر 2010، وزارة الصحة تبدأ تطبيق اللائحة الجديدة للمستشفيات الحكومية، تاريخ الاسترداد 2019، من اليوم السابع، الرابط

[5]– أحمد حسان عامر، 26 أبريل 2011، بطلان لائحة الجبلي لتنظيم العلاج بالمستشفيات والمعاهد التعليمية، تاريخ الاسترداد 2019، من بوابة الأهرام، الرابط

[6] طارق عبد العزيز، 10 يونيو 2013، مساعد وزير الصحة: ميزانية “الصحة” تخالف الدستور.. واعتصام الأطباء ليس له مبرر، تاريخ الاسترداد 2019، الوطن نيوز، الرابط

[7] محمد يوسف، 8 يوليو 2013، في اجتماع “مالية الشورى”.. وزارة الصحة تطالب بزيادة موازنتها، تاريخ الاسترداد 2019، الوطن نيوز، الرابط

[8]– محمد بصل، 6 سبتمبر 2012، مرسي يصدر قانونا بإنشاء نظام للتأمين الصحي على الأطفال قبل سن الدراسة، تاريخ الاسترداد 2019، من بوابة الشروق، الرابط

[9]– محمد سليمان، 6 أغسطس 2012، وزير الصحة يقرر نقل المخصصات المالية للقوافل الطبية لميزانية أقسام الطوارئ والاستقبال، تاريخ الاسترداد 2019، من اليوم السابع، الرابط

[10]– بوابة الأهرام نقلا عن أشأ، 22 يونيو 2013، مساعد وزير الصحة: علاج حالات الطوارئ مجانًا بالمستشفيات العامة والخاصة.. وعقوبات رادعة للمخالفين، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط

[11] – حوار محمد مصطفى حامد – وزير الصحة السابق- مع برنامج 90 دقيقة، الرابط

[12] راجع تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، دراسة قضايا الرعاية الصحية بالتطبيق على قطاع الدواء فى مصر لعام 2015، الرابط

[13]الموقع الرسمي لوزارة المالية، جمهورية مصر العربية، حساب ختامي الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2013/2014، قطاع الحسابات الختامية، رابط.

[14]الموقع الرسمي لوزارة المالية، جمهورية مصر العربية، حساب ختامي الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2013/2014، قطاع الحسابات الختامية، رابط.

[15] أمجد حمدي، استجابة النظم المصرية لقضايا الصحة 1981 ـ 2019، مرجع سبق ذكره.

[16]– وليد مجدي، 11 سبتمبر 2014، 35 مليون دولار لدعم مرضى فيروس سي، تاريخ الاسترداد 2019، من المصري اليوم، الرابط

[17]– محمد قاسم، 24 أغسطس 2017، الجريدة الرسمية تنشر موافقة السيسي على قرض سعودي لتطوير قصر العيني، تاريخ الاسترداد 2019 ومن مصراوي، الرابط

[18]– إبراهيم الطيب، 26 فبراير 2018، وزير الصحة يطلق مشروع الوكالة الفرنسية للتنمية ببور سعيد، تاريخ الاسترداد 2019، من المصري اليوم، الرابط

[19]– البنك الدولي، 27يونيو 2018، الرابط

[20]– أحمد عاشور، 16 يونيو 2019، لتصل إلى 18 مليون دولار.. مصر واليابان توقعان استكمال منحة إنشاء مبنى جديد لمستشفى أبو الريش، تاريخ الاسترداد 2019، من المال، الرابط

[21]– مصطفى عيد، 4 أغسطس 2019، الاستثمار تعلن تفاصيل أربع اتفاقيات منح مع أمريكا بنحو 60 مليون دولار، مصراوي، الرابط

[22]– راجع أمجد حمدي، المجتمع المدني ودعم مؤسسات الحكومة بعد 2013، الرابط

[23]– أسماء سرور (حوار)، 7مايو 2018، مدير مستشفى أبو الريش لـ ” الشروق” 60% من ميزانيتنا تبرعات، تاريخ الاسترداد 2019، من الشروق، الرابط

[24]– محمد مبروك، 19 سبتمبر 2018، السيسي: أيدينا مفتوحة للشراكة مع الجمعيات في إدارة المستشفيات، تاريخ الاسترداد 2019، من مبتدأ، الرابط

[25]– راجع أمجد حمدي، المجتمع المدني ودعم مؤسسات الحكومة بعد 2013، الرابط

[26]– راجع اليوتيوب، الرابط

[27]– أسماء سرور(حوار)، 4يناير 2013، في حواره مع الشروق: مساعد وزير الصحة.. إلغاء العلاج على نفقة الدولة بعد تطبيق التأمين الصحي، تاريخ الاسترداد 2019، من الشروق، الرابط

[28]– أسماء سرور(حوار)، 4 يناير 2013، في حواره مع الشروق: مساعد وزير الصحة.. إلغاء العلاج على نفقة الدولة بعد تطبيق التأمين الصحي، تاريخ الاسترداد 2019، من الشروق، الرابط

[29]– راجع أمجد حمدي، التأمين الصحي الشامل في مصر، الرابط

[30] – محمد غايات، 17 أبريل 2019، 3 بروتوكولات تعاون بين الصحة ومجموعات طبية لتطوير مستشفيات ببورسعيد، من مصراوي، الرابط

[31] – د سيد رأفت، 21 نوفمبر 2017، الإمارات والقطاع الصحي في مصرن المعهد المصري للدراسات، تاريخ الاسترداد 2019، الرابط

[32] – محمد مجدي، 2 يوليو 2091، استثمار سعودي بمليار جنيه في مستشفيين بالقاهرة الجديدة و6 أكتوبر، الوطن، الرابط

[33] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close