مصر 2017 أزمات السياسة الخارجية
يتاول هذا التقرير أهم الأزمات السياسية للنظام المصري خلال عام 2017، على المستوى الخارجي، مستعرضاً كل ازمة من خلال محورين رئيسيين، يتناول المحور الأول أهم المحطات التي مرت بها الأزمة منذ بداية عام 2017 وحتى نهايته والمحور الثاني يتناول تحليل عام للأزمة وابعادها ومآلاتها على المدى القريب.
أولاً: قضية ريجيني ومسار العلاقات المصرية الايطالية
بالرغم ن مرور ما يقارب العامين على حادث مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة (عثر على جثته في 3 فبراير 2016 وعليها آثار تعذيب) والذي تسبب في نشوب أزمة سياسية بين النظام المصري والجانب الايطالي انتهت باستدعاء ايطاليا لسفيرها لدى القاهرة جراء عدم تعاون السلطات المصرية في التحقيق بوفاة ريجيني، إلا أن تداعيات الحادث على مسار العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين ظلت ممتدة حتى عام 2017.
تأكيدات متعددة من وزير الخارجية الايطالي مع بداية عام 2107 بسعي بلاده للوصول الى حقيقة ما حدث لجوليو ريجيني، في شهر فبراير عادت الشكوك والشبهات مرة أخرى حول ضلوع الأجهزة الأمنية المصرية في تعذيب وقتل ريجيني بعد بث النظام المصري فيديو يعرض محادثات بين ريجيني ونقيب الباعة الجائلين في مصر، ولكن الفيديو بدلا من أن يقدم أجوبة واضحة عن حقيقة مقتل ريجيني تسبب في إثارة الشبهات وزيادة حدة الانتقاد من الصحف الايطالية للنظام المصري.
ثمة تغير ملحوظ في اللهجة الايطالية عن السلطات المصرية وخط سير التحقيقات في قضية ريجيني، بدا ذلك بوضوح مع بداية شهر مارس من خلال عدة تصريحات للمدعي العام الايطالي ووزير الخارجية الايطالي في أكثر من مناسبة تشير إلى تعاون السلطات المصرية في ملف قضية ريجيني، كانت المرحلة الأخيرة من التصريحات الايجابية من الجانب الايطالي هي ما أعلن عنه وزير الخارجية الإيطالي “أنجلينو ألفانو” في منتصف شهر أغسطس إنه سيُعيد سفير بلاده إلى القاهرة بعد أكثر من عام على استدعائه، معللا ذلك بالتقدم الذي شهدته قضية ريجيني في الفترة الأخيرة، ليتسلم السفير الإيطالى مهام عمله بالقاهرة في منتصف سبتمبر بالتزامن مع تسلم السفير المصري لمهام عمله فى روما.
عقب عودة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين الجانبين اتجهت ايطاليا إلى منحى جديد ومغاير في مسار قضية ريجيني حيث سارت في اتجاه يبتعد عن الإشارة إلى اتهام الاجهزة الامنية للنظام المصري بتعذيب وقتل ريجيني والإتجاه إلى اتهام مشرفة ريجيني بجامعة كامبريدج بالتسبب في مقتل ريجيني، وذلك عبر طلب رسمي تقدمت به إيطاليا في شهر أكتوبر للسلطات البريطانية لتمكينها من استجواب الدكتورة “مها عبد الرحمن” مشرفة ريجيني بجامعة كامبريدج.
بالرغم من التصريحات الرسمية للمسؤولين الايطاليين التي ظلت متأرجحة خلال عام 2017 بين مطالبة الجانب المصري بالإسراع بكشف غموض مقتل ريجيني وبين الاشادة بالتفاهم مع النظام المصري حول سير التحقيقات إلا أن تهدئة القضية واستثمارها من الجانب الايطالي كان هو المسار السائد خلال عام 2017 حيث سعت إيطاليا من خلال ملف قضية ريجيني للضغط على النظام المصري في ملف الازمة الليبية وتقريب وجهة النظر الايطالية ورؤيتها لحل الأزمة،ودفع الجانب المصري إلى التعاون الأمني في الحد من الهجرة غير الشرعية، ومن جهة أخرى تحقيق مكاسب اقتصادية عبر التوسع في الصفقات والاستثمارات لصالح الشركات الايطالية الموجودة في مصر لاسيما وأن إكتشاف اكبر حقل غاز مصري في مياه المتوسط “حقل ظهر” جاء من خلال شركة إيني الإيطالية التي تمتلك امتياز شروق الذي يضم حقل ظهر إضافة إلى ذلك تمتلك شركة إيني الإيطالية نسبة 50% من شركة يونيون فينوسا الإسبانية الشريك الرئيسي في مجمع إسالة الغاز الطبيعي في دمياط “سيجاس” والتي تتطلع في الفترة القادمة إلى مشاريع ضخمة لإسالة الغاز الطبيعي سواء القادم من قبرص أو إسرائيل، في المقابل حرص الجانب الايطالي على عودة العلاقات الدبلوماسية الرسمية مع النظام المصري وتحويل دفة القضية إلى مسار آخر باتهام مشرفة ريجيني بجامعة كامبريدج بالتسبب في مقتل ريجيني.
ثانياً: أزمات العلاقات المصرية السودانية:
شهد عام 2017 توتراً ملحوظاً في العلاقات بين مصر والسودان، وامتد هذا التوتر إلى أكثر من ملف، وربما مثَل تحول السودان في موقفها من سد النهضة إلى الجانب الإثيوبي بدافع المكاسب التي يمكن أن تعود عليها من السد، وسعي السودان لإبرام إتفاق مع إثيوبيا لإيصال الكهرباء من سد النهضة إلى الخرطوم، العامل الرئيسي في اشتعال ملفات أخرى، منها:
1ـ حلايب وشلاتين
ارتفعت حدة اللهجة السودانية منذ بداية عام 2017 فيما يخص قضية حلايب وشلاتين حيث تكررت التصريحات من المسؤلين السودانيين حول أن مثلث حلايب أرض سودانية، وكانت أبرز تلك التصريحات تلك التي صرح بها الرئيس السوداني عمر البشير في منتصف شهر فبراير 2017، بأن حلايب أرض سودانية، وفي أواخر شهر مارس صرحت اللجنة الفنية لترسيم الحدود بالسودان بأنها تعد خارطة طريق بشأن المنطقة وكيفية إخراج المصريين منها عبر الطرق الدبلوماسية، وفي منتصف شهر أبريل صرح وزير الدفاع السوداني بأن قواته تتعرض لاستفزازات ومضايقات عسكرية من الجانب المصري في مثلث حلايب وأن قوته تلتزم ضبط النفس.
في المقابل جاء رد النظام المصري بتصعيد من ناحيته حيث أعلن رئيس الوزراء المصري في شهر يوليو، على قرارات تتعلق بإنشاء مجموعة من المرافق الحكومية في منطقة مثلث حلايب وشلاتين وعقب ذلك القرار قامت السلطات المصرية بحملة اعتقالات في المنطقة لما يزيد عن 120 مواطناً سودانياً، على اثر التصعيد المصري احتجت السودان لدى مجلس الأمن في منتصف يوليو ضد الإجراءات التي قامت بها السلطات المصرية، وفي نهاية عام 2017 وخلال أكثر من مناسبة تكررت تصريحات وزير الخارجية السوداني “ابراهيم غندور” والتي أكد خلالها على سودانية حلايب وشلاتين وأن حل القضية لن يكون إلا من خلال الحوار أو اللجوء إلى التحكيم الدولي، وهو ما رفضه النظام المصري عبر تصريحات للمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية.
2ـ دعم مصر لجنوب السودان
عدة محطات منذ بداية عام 2017 تبرز التطور الإيجابي للعلاقات بين النظام المصري وجنوب السودان، وهو الأمر الذي تعتبره السودان نوعاً من المناكفة الذي تمارسة مصر في ظل العلاقات المتوترة بين البلدين، حيث التقى سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان بالسيسي في شهر يناير، وفي نهاية شهر فبراير إتهم البشير الحكومة المصرية بدعم حكومة دولة جنوب السودان بالأسلحة والذخائر، وفي منتصف يونيو قام النظام المصري بتسيير جسر جوي لجنوب السودان محملاً بالمساعدات الغذائية، ولم يقتصر دعم النظام المصري لجنوب السودان على المساعدات الإنسانية، ولكنه امتد إلى المصالحة بين أطراف النزاع في جنوب السودان، ليقوم النظام المصري في منتصف شهر نوفمبر بالتوقيع على وثيقة إعلان القاهرة لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان.
3ـ دعم مصر لمتمردي دارفور
لم يسلم إقليم دارفور من النزاعات القائمة بين الجانبين المصري والسوداني حيث اتهم البشير في شهر مايو النظام المصري بدعم المتمردين بإقليم دارفور وصرح أن القوات السودانية ضبطت عربات ومدرعات مصرية في معاركها في الإقليم، وهو ما نفاه النظام المصري مباشرة من خلال المتحدث باسم وزارة الخارجية ومن خلال تصريحات أدلى بها السيسي في نهاية شهر مايو يؤكد فيها عدم التدخل او التآمر على السودان.
هذه العلاقات المتوترة والمتقلبة بين الجانبين المصري والسوداني، ما بين اتهامات متبادلة بين الطرفين في أكثر من قضية إلى تصريحات ايجابية بين الطرفين، وقد بدا واضحا أن النظام المصري في ظل عدم التوصل إلى حلول مرضية بشأن ملف سد النهضة سعى إلى امتلاك أوراق ضغط على الجانب السوداني حيث شهد عام 2017 تنامي متزايد للعلاقات مع جنوب السودان ودعما عسكرياً لحركات التمرد في إقليم دارفور، على الناحية الأخرى استمرت السودان في التصعيد بشكل متزايد حول ملف حلايب وشلاتين. ويبدو من خلال الأزمات المتعددة بين الجانبين المصري والسوداني أن مسار العلاقات بين الجانبين سيظل على نفس الوتيرة من التوتر وربما تتصاعد حدة التوتر بناء على تطورات ملف سد النهضة، ثم مؤخراً تنامي العلاقات التركية السودانية، والوجود التركي في جزيرة سواكن السودانية.
ثالثاً: سد النهضة والعلاقات المصرية الاثيوبية
بدا واضحا منذ بداية عام 2017 اتجاه النظام المصري إلى تصريحات متزنة نحو إثيوبيا وتعاملها مع ملف سد النهضة، حيث صرح وزير الخارجية المصري في شهر أبريل بأن العلاقات بين مصر وإثيوبيا تأتي في إطار بناء وإقامة علاقة قوية بين الجانبين وهو ما أكد عليه السيسي أثناء لقاء مع وزير الخارجية الاثيوبي في القاهرة، في نفس الوقت استمرت الخلافات الفنية على مسار الدراسات التي تعدها الشركات الاستشارية الفرنسية “بى أر ال” و”أرتيليا” والمُكلفين بتنفيذ دراسة الآثار السلبية لسد النهضة على دولتى المصب مصر والسودان وتقديم تقرير مبدئي بشكل محايد عن قواعد ملء الخزان الخاص بسد النهضة، وهو الأمر الذي شهد معوقات متعددة خلال عام 2017 وحتى انتهاء المهلة المحددة للشركات الفرنسية في شهر سبتمبر بالإنتهاء من إعداد الدراسات الخاصة بسد النهضة.
ومع بداية شهر سبتمبر بدأ النظام المصري يُبدي قلقه من تعطل المسار الفني بشأن سد النهضة من خلال تصريحات لوزير الخارجية المصري، واستمرت الخلافات وعدم التوافق بين الأطراف الثلاثة مصر وإثيوبيا والسودان حول التقرير الاستهلالي للشركات الفرنسية والخاص بدراسة الآثار السلبية للسد على دول المصب حتى نهاية شهر نوفمبر، ومع وصول المسار الفني إلى مرحلة الجمود بدأت العلاقات بين الجانبين المصري والإثيوبي تشهد توتراً حاداً وتصريحات متبادلة بين الجانبين، كان أبرزها اتهام الرئيس الإثيوبي للنظام المصري بدعم المعارضة المسلحة وتصريح وزير الري الإثيوبي بأن تعطل الاتفاق مع مصر لن يوقف أعمال البناء في السد دقيقة واحدة، في المقابل صرح سامح شكري في شهر ديسمبر بأن على الجانب الأثيوبي إدراك أهمية عامل الوقت.
لقد بدا من خلال تعطل المسار الفني سعي النظام المصري إلى التوصل مع إثيوبيا لإتفاق بشأن التخزين دون انتظار المسار الفنى وذلك عبر امتلاك أوراق ضغط على الحكومة الإثيوبية، كان أبرزها تقديمه دعماً للمعارضة المسلحة في إثيوبيا، على الجانب الآخر استمر الجانب الثيوبي في سياسة المماطلة فيما يتعلق بالدراسات الفنية بهدف إطالة زمن التفاوض، في حين استمر في استكمال بناء سد النهضة دون توقف ويبدو أن حدة التوتر بين الجانبين المصري والإثيوبي والتي ظهرت بوضوح في اواخر عام 2017 مرشحة للإستمرار في عام 2018 ومع غياب الحلول السياسية التي ربما تدفع النظام المصري لحلول أكثر تدخلية في الأزمة.
رابعاً: الأزمة الخليجية ومسار العلاقات المصرية القطرية
شهد عام 2017 نقطة تحول في مسار العلاقات المصرية القطرية، فبعد ان اتسمت العلاقات بين الجانبين منذ انقلاب الثالث من يوليو بالتوتر أحياناً وبالهدوء أحياناً أخرى جاء شهر يونيو 2017 ليحمل تحولاً حاداً في مسار العلاقات بين الجانبين.
حيث تم الإعلان عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وفرض عقوبات عليها تتمثل في إغلاق الأجواء والموانئ البحرية للدول الأربعة السعودية والإمارات ومصر والبحرين أمام كافة وسائل النقل القطرية فيما يشكل حصارا مفروضا من الدول الأربعة على قطر، استمرت الأزمة في تصاعدها فبعد أقل من شهر من قطع العلاقات امهلت دول الحصار قطر 10 أيام لتنفيذ مجموعة من الشروط تتضمن 13 بنداً لرفع الحصار المفروض عليها تم تخفيضها فيما بعد في شهر يوليو إلى 6 نقاط في اجتماع لوزراء خارجية دول الحصار في القاهرة.
واستمرارا للعلاقات المتوترة بين مصر وقطر شهد شهر أكتوبر صراعاً محتدماً بين الجانبين في المنافسة على منصب مدير عام اليونيسكو ولم يسفر عن فوز أي من المرشحين المصري والقطري بالمنصب الذي كان من نصيب المرشحة الفرنسية.
ولم تستطع مصر ومعها دول الحصار خلال الأزمة الخليجية فرض إرادتها السياسية وإجبار قطر على الشروط المفروضة لرفع الحصار وعودة العلاقات في حين تمكنت قطر من خلال شراكات واتفاقيات مع قوى إقليمية ودولية على تعزيز موقفها وتمكينها من عدم الإستجابة للمطالب المفروضة عليها من دول الحصار، في حين يبدو دور النظام المصري في الأزمة الخليجية مهمشاً مقارنة بالدور السعودي والإماراتي إلا أنه من غير المتوقع أن تحذو مصر نهجاً مختلفاً عن النهج السعودي والإماراتي في علاقتهما مع قطر والذي يشير إلى إستمرار الأزمة الخليجية وعدم توقع حدوث انفراجة لها على المدى القريب.
خامساً: العلاقات المصرية السعودية .. توافقات هشة
التذبذب في العلاقات بين الجانبين المصري والسعودي كان السمة السائدة خلال عام 2017 حيث انحصرت العلاقات بين الجانبين ما بين توتر يصل إلى حد القطيعة وتصعيد وتراشق إعلامي وما بين والعلاقات الهادئة والتوافق والتفاهم في عدة قضايا.
وشهدت بدايات عام 2017 استمراراً للأزمة التي نشبت بين الجانبين المصري والسعودي في أكتوبر 2016، بعد أن أوقفت السعودية شحنات الوقود المقررة إلى مصر على خلفية تصويت النظام المصري على مشروع قرار روسي في مجلس الأمن حول سوريا لم تؤيده السعودية، وتزايدت حدة التوتر بين الطرفين بعد الحكم الصادر في منتصف يناير برفض طعن الحكومة المصرية على حكم بطلان اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير والتي انتقلت بموجبها السيادة على الجزيرتين للسعودية.
وبدأت بوادر انفراج الأزمة بين الطرفين في أواخر شهر مارس حين التقى السيسي مع الملك سلمان على هامش أعمال القمة العربية ثم انتهت الأزمة في أواخر شهر أبريل بعد زيارة السيسي للرياض ولقائه الملك سلمان ثم حضور السيسي ومشاركته في القمة الإسلامية الأمريكية بالرياض والتي أكدت على عودة العلاقات بين الجانبين المصري والسعودي إلى طبيعتها.
بدأت العلاقات بين الجانبين المصري والسعودي تأخذ منحى التوافق والتناغم بعد إعلان السعودية ومصر والإمارات والبحرين مقاطعة دولة قطر في شهر يونيو وهو الأمر الذي تبعه لقاءات مكثفة بين وزراء خارجية الدول الأربعة للتنسيق فيما بينهم حول استمرار مقاطعة قطر، إلا أن حالة التوافق بين النظام المصري والسعودية في الأزمة الخليجية لم تمتد إلى ملفات أخرى في المنطقة، بدا ذلك بوضوح في اعقاب أزمة إستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في شهر نوفمبر 2017، والاتجاه السعودي للتصعيد مع ايران وحزب الله حيث خالف النظام المصري ذلك التوجه، وصرح السيسي برفضه التدخل العسكري ضد إيران وحزب الله وتبع ذلك التصريح ما أكدته مصادر دبلوماسية في الجامعة العربية أن مصر أوقفت توجهاً سعودياً لتعليق عضوية لبنان في الجامعة في حال لم توافق على قرار يدين حزب الله.
وهنا يمكن القول أن انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية شكل عاملاً رئيسياً في عودة العلاقات المصرية السعودية حيث يهدف ترامب إلى تشكيل تحالف قوي بين حلفائه في المنطقة يستطيع من خلاله انفاذ رؤيته لمنطقة الشرق الأوسط إلا أن حالة التوافق التي تبدو عليها العلاقات المصرية السعودية تبدو حالة ظاهرية، حيث أن العلاقات بين الجانبين يشوبها عدم الإستقرار بشكل دائم بسبب وجود خلاف واضح بين رؤية النظام المصري ورؤية السعودية لبعض القضايا الإقليمية ويعزز من فرضية إستمرار حالة عدم الإستقرار والتي ربما يشوبها توتر في العلاقات بين الجانبين احتدام الأزمة بين السعودية وإيران على خلفية القتال الدائر بين السعودية والحوثيين في اليمن.
سادساً: العلاقات المصرية التركية..هدوء وبوادر تقارب
شهد بداية عام 2017 استمرار التوتر وإنقطاع العلاقات الرسمية بين الجانبين المصري والتركي حيث ادانت مصر في أواخر شهر أبريل القصف الجوي التركي الذي استهدف منطقة جبل سنجار في شمال العراق، كما انعكست الأزمة الخليجية على العلاقات المصرية التركية لاسيما بعد التدخل التركي السريع والمساند لقطر عبر تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين الجانبين التركي والقطري والخاصة بالقاعدة العسكرية التركية في قطر.
كما جاءت القمة الخامسة بين مصر واليونان وقبرص في أواخر شهر نوفمبر في إطار حرص الدول الثلاث على إقامة تحالف “شرق متوسطي”، يهدف إلى تضييق الخناق على تركيا والحد من نفوذها في منطقة شرق المتوسط.
بينما شهد اواخر عام 2017 حالة من الهدوء وانخفاض حدة اللهجة الرسمية بين الجانبين حيث تكررت التصريحات الإيجابية من وزير الخارجية المصري سامح شكري نحو الجانب التركي حيث صرح شكري في منتصف شهر أكتوبر بأنه “لا مانع لديه للقاء الرئيس اوردوغان ولكن على المؤسسة التركية أن تقوم بدور ايجابي” وعاد شكري في نهاية شهر ديسمبر ليعلن أن مصر تأمل في عودة العلاقات مع تركيا، مؤكدًا أن مصر منفتحة على ذلك، ولديها رغبة دائمة في تجاوز أي توتر، على الجانب الآخر أعلنت تركيا الحداد في أواخر شهر نوفمبر، تضامنا مع ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجد الروضة في سيناء.
ويبدو أن النظام المصري يُدرك حجم التخبط الذي تعاني منه السياسة السعودية على خلفية تولي محمد بن سلمان إدارة الملفات السياسية للمملكة وهو ما يدفع النظام المصري إلى البحث عن علاقات مع قوى إقليمية أخرى تتسم سياستها بالإتزان وهو ما يمكن أن يفسر لنا السعي الأخير من النظام المصري للتقارب مع تركيا عبر تصريحات سامح شكري المتكررة لاسيما وان الجانبين المصري والتركي تربطهما علاقات قوية مع روسيا القوى الفاعلة الأبرز في المنطقة في السنوات الأخيرة.