fbpx
قلم وميدان

العودة إلى القاهرة بعد 6 سنوات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

من المعروف هنا (في مصر) أن كل من يقف ضد الجنرال السيسي ينتهي به الحال في السجن، أو يختفي قسريا، ولكن هذا الأمر أصبح طبيعيا. فمصراليوم بعيدة عن الرقابة الدولية إلى حد كبير. وليس لدى معاهد البحوث تقارير حديثة عن البلاد، ولا تكاد تجد هنا نسخة واحدة من دليل السفر الدولي الشهير الذي تصدره مؤسسة “لونلي بلانيت” الأمريكية.

السياح والمحللون والصحفيون: الجميع قد غادر

تعتبر العودة إلى القاهرة أمرا محبطا.. ففي عام 2011، كان شباب ميدان التحرير نموذجا يحتذى به للشباب في جميع أنحاء العالم: حتى بالنسبة للأمريكيين الذين وجدوا حينذاك العرب للمرة الأولى مصدر إلهام بالنسبة لهم، ولذلك احتشدوا في زوكوتي بارك بنيويورك. في ذلك الوقت، كان يمكنك المجيء إلى مصر لتمتلئ بالحيوية. كانت هناك طاقة حتى في الهواء الذي تستنشقه؛ وكان هناك حلم، وشجاعة. والآن لم يعد ينطبق على ميدان التحرير حتى وصف “الميدان”. فلكي تعرقل السلطات احتشاد المسيرات فيه، قامت بإحاطته بالجدران، والأعمدة، وفتحات موقف جديد تحت الأرض للسيارات. وهناك حواجز من جميع الأنواع. بما في ذلك الجيب المدرعة، والقناصة، والحرس بمداخل الشوارع المؤدية إليه، في الوقت الذي تتولى فيه طائرة بدون طيار مراقبة كل شيء آخر.. لم يتبق شيء من تلك اللحظات. ينظرإليك المصريون في ضجر وهم قلقون على المستقبل.. عندما سألت بائع عصير: هل هذا يوم سيء ؟، رد قائلا: “حياتنا كلها ضنك”، على حد قوله.

وفي القاهرة تحت حكم السيسي، هذه هي أطول محادثة يمكنك أن تأمل بإجرائها مع أحد المصريين. الجميع هنا خائفون. وهم ليسوا فقط خائفين من الظهور، بل هم خائفون أيضا من مجرد الكلام. في عام 2016، شكّل قتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني -والذي تم تعذيبه حتى الموت لأسباب غير واضحة -شكّل صدمة للإيطاليين. ولكن وفقا لمنظمة العفو الدولية، فإن في مصر من ثلاثة إلى أربعة مثل ريجيني يختفون كل يوم. وفي مصرأيضا أصبحت الوحشية أمرا معتادا. فربما ترى فجأة رجال الشرطة وهم يضربون أويسحلون شخصا أمام عينيك على قارعة الطريق الذي تسير فيه، وذلك في وضح النهار؛ ولا تستطيع إزاء ذلك إلا أن تستمر في طريقك، متظاهرا بأنك لم تلاحظ شيئا.. وتعليقا على ذلك، كان تاجر أنتيكات في مصر القديمة يقول لي: “كل شيء تمام”. “ماذا يمكن أن أقول غير هذا؟”. “كل شيء تمام”. “كل شيء عظيم”.

وفي الوقت الذي تبدو فيه القاهرة، في ظاهرها، على الحال الذي ظلت عليه دائما دون تغيير، فإنه على العكس من ذلك، تغيرت جميع البلدان المجاورة خلال الأعوام القليلة الماضية تغيرا عميقا. ففي دول الشرق الأوسط تنمو وتتزايد أعداد الشباب بصورة كبيرة، وتستطيع أن ترى رافعات ومواقع البناء منتشرة فيها في كل مكان: وعندما تعود إليها بعد ثلاثة أشهر، أو ستة أشهر، أو سنة، ترى كل شيء مختلفا تماما عن آخر مرة رأيتها، حتى إنك قد لا تتمكن من الوصول إلى المكان الذي تريده بسهولة.. ولكن على العكس من ذلك، فإن كل شيء هنا في القاهرة ثابت.. كل شيء تجده تماما كما كان.

لا تزال مئات العائلات المصرية تعيش في المقابر، وعلى مقربة من ذلك، على هضبة المقطم حيث نفايات القاهرة، ترى فئة الزبالين وهم ينقبون في القمامة وسط مجموعة من الفرنسيين مشغولين بالتقاط صور شخصية لهم في هذا المكان، حيث تجذر الفقر هنا حتى صار جزءا لا يتجزأ من المناظر الطبيعية: لم يعد الفقر قضية اجتماعية، بل أصبح وسيلة جذب سياحي! حيث لا يوجد أي أثر للاستثمارات العامة هنا. وصل عدد سكان القاهرة الآن حوالي 18 مليون شخص، ولا توجد بها شبكة مواصلات جيده حتى الآن، وفي كثير من الأحيان، لا تجد مياها صالحة للشرب. وعلى الرغم من أنها لا تبدو كذلك، فإن القاهرة ليست على الإطلاق هي نفسها كما كانت في أي وقت مضى. فلم تعد هناك طبقة وسطى في مصر.  وهناك 27 فى المائة من المصريين، الذي يبلغ عددهم 93 مليون نسمة، تحت خط الفقر. وبالإضافة إلى ذلك، فهناك 60 فى المائة منهم على حافة الفقر. وفي حين أن عدد الأغنياء أصبح أقل كثيرا عما كان من قبل، إلا أن هذا القليل أصبح أكثر غنى وأكثر ثراء. ففي “مول مصر” الذي تم افتتاحه حديثا أول منتجع داخلي للتزلج في أفريقيا.

ولأن السيسي مدعوم بسخاء من قبل دول الخليج، فقد حصلت مصر منذ عام 2013 على أكثر من 50 مليار دولار، إلا أن احتياطيها النقدي انخفض مع ذلك 31 مليار دولار، وزادت ديونها 21 مليار دولار، ليصبح المجموع 102 مليار دولار.. فأين ذهبت كل هذه الأموال؟

من خلال إلقاء نظرة فاحصة، يمكننا القول أنه حتى حملات القمع وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها السلطات في مصر أصبحت مختلفة تماما عن أي وقت مضى.. ففي عهد مبارك، كانت هناك قواعد واضحة مهما كانت درجة شراستها. لكن يبقى أنه كانت هناك قواعد، وكان مبارك يسيطر على الدولة. أما اليوم فقد تجد نفسك، مثل جوليو ريجيني، ضحية لنزاعات بين أجهزة أمنية متنافسة تتصارع على السلطة. ومن الصعب أن تعرف ما إذا كانت كل هذه الأجهزة تدين بالولاء للسيسي، أم أن لديها رغبة في استبداله.. والشرطة اليوم في مصر تقتل الناس بلا سبب.

فقد يكون القتل نتيجة اختلاف على أجرة تاكسي (ما يعادل 3 دولارات و 83 سنتا)، كما حدث مع السائق الذي قتله شرطي رميا بالرصاص في فبراير 2016، أو حتى لأقل من ذلك .. فقط من أجل ما يعادل40 سنتا عند الاختلاف على سعركوب من الشاي، كما حدث مع البائع الجائل الذي قُتل برصاص شرطي في أبريل 2016

أصبحت قبضة الدولة على المجتمع محكمة تماما، وذلك من خلال سن القوانين تدريجيا الواحد تلو الآخر.. وكان الناشطون أول المستهدفين، ثم جاء استهداف المظاهرات، وبعدها المنظمات غير الحكومية. وفي 29 أيار / مايو، صدر أخيرا القانون الجديد المتعلق بالمنظمات غير الحكومية. فلم يعد مطلوبا من المنظمات غير الحكومية التسجيل الرسمي فقط والعمل تحت رقابة هيئة وطنية يتم تشكيلها أساسا من قبل ضباط المخابرات، بل أصبح عليها من الآن أن تلتزم بأن يحقق كل نشاط لها خطط التنمية التي تحددها الدولة. وهذا يعني أن كل نشاط تقوم به يجب أن يكون مجرد نشاط اجتماعي فقط، وليس نشاطا سياسيا. والآن أصبحت هذه المنظمات تحتاج إلى تصريح لتمارس نشاطها أو لنشر تقاريرها. وعلى وجه العموم فإنه لا يمكنك متابعة الأخبار على الانترنت هنا. فالجزيرة، وهافينغتون بوست، ومدى مصر، وهي المنفذ الإعلامي المعارض الرئيسي كلها مغلقة في مصر.

أما بخصوص الناشطين فلم يتغير شيء بالنسبة لهم. وقد يكون أكثر تحديدا القول بأن كل سجلاتهم تشبه إلى حد كبير سجل علاء عبد الفتاح، الذي يبلغ من العمر 36 عاما. فهو واحد من رموز ميدان التحرير وسُجن في كل العصور: في عصر مبارك، والمجلس العسكري، ومرسي. والآن في عهد السيسي.

ما تبقى هنا من القاهرة هو فقط مدينة من المتسولين. فبسبب بلوغ التضخم نسبة 30 في المائة، تمثل كل قطعة عملة معدنية واحدة الآن مهما كانت صغيرة في حد ذاتها ثروة.. كان على السيسي أن يقترض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، في ظل الأزمة المالية التي ضربت دول الخليج بسبب تدني أسعار النفط. وعندما قام صندوق النقد الدولي بفرض برامج التقشف المعتادة له، فقد الجنيه المصري نصف قيمته، وهي ضربة قوية لبلد يعتمد على الواردات، وخاصة من الطعام.. تمثل الصحراء حوالي 94 في المئة من مساحة مصر؛ لذا فإن الفقر في مصر يعود إلى أزمنة سحيقة؛ ولكن الذي يثير دهشتك في مصر السيسي، هو تلك الأحياء التي كانت في السابق تمثل الطبقة الوسطى: الزمالك بحدائقها وسفاراتها، والمعادي، ومصر الجديدة. أصبحت القاهرة بأكملها الآن مساحات لا نهاية لها من المباني المتهالكة، والكابلات المتشابكة، وقطع الجبس المتساقطة، وقنوات المجاري، والطرق المليئة بالحفروالشقوق، والذباب في كل مكان.. في الدقي، كنت أسأل رجلا يرتدي بدلة أنيقة أن يصف لي اتجاهات الطريق. وأثناء ذلك حاولت التحدث معه لفترة وجيزة ولكنه تمنع وكأنني كنت أطلب منه مالا. وفي النهاية، انسحب الأستاذ الجامعي قائلا: آسف، آسف، وهو يسير في خجل بعيدا عني.. حدثني أحد البقالين وهو يقف على باب متجره قائلا: “نحن كلنا جوعى ولا نجد طعاما”. وقال أيضا: “حتى السكر أصبح ترفا هنا”. ثم قال: “في الخريف الماضي، استولى الجيش على مخزونات السكر في مصنع لشركة بيبسي، وفي الحقيقة كانت مستودعات الجيش مملوءة بالسكر، لكنهم يصنعون المشاكل لمجرد اقناعنا أنهم هم فقط الذين يستطيعون حلها” ثم أضاف: أنت صحفية، أليس كذلك؟ لماذا تكتبون أن هذا هو الاستقرار، وأن البديل الوحيد للسيسي هو الكارثة؟  .. الكارثة هي التي نعيشها الآن.”

في حين تبدو المشكلة في مصر بالنسبة للعالم الخارجي أنها تتمثل في الانقسام بين المعسكر العلماني والإسلاميين، إلا أن الحقيقة أن المشكلة تتمثل في الجيش. فهو أكثر بكثير من أن يكون جيشا فقط: حيث يمتلك بشكل مباشر أو غير مباشر ثلثي اقتصاد البلاد. وهكذا فإن تغيير مصر يعني تغيير الجيش أولا. ولكن كلا الجانبين (العلماني والإسلامي) أدركا ذلك متأخرا جدا. فاليسار متشرذم على الرغم من أن لديه ناشطين لامعين، ولديه دعم من الكتاب البارزين، وصناع الأفلام، والفنانين، والأكاديميين في جميع مجالات الدراسة، ولكن الجميع يتحدث عن نفسه فقط.. وجماعة الإخوان المسلمين، التي يعتبرها النظام خارجة عن القانون، أصابها التشرذم أيضا مثل اليسار. وعلى الرغم من أن الغرب يصمها بالتشدد، فهي في الواقع حركة تتبنى التدرج في منهجها وتفضل العمل الاجتماعي على النضال السياسي. لكن القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لها أنه عندما فازت بالانتخابات، اختارت البحث عن حل توافقي، وحاولت أن تتعايش مع الجيش، بدلا من أن تجابهه -كان محمد مرسي هو من عين جنرالا غامضا يدعى السيسي قائدا للقوات المسلحة، حيث كان ضابطا صغيرا وكان يعتقد على ما يبدو أنه سيكون سهل القياد. وبينما يفضل الحرس القديم لجماعة الإخوان المسلمين الاتفاق مع الجيش حتى الآن بعد أن تم إجبارهم على العمل تحت الأرض، واستنزاف قوتهم من خلال المحاكمات وإصدار الأحكام ضدهم بالسجن مدى الحياة، إلا أن جيل الشباب يدعو إلى تغيير عميق في قيادة واستراتيجية الجماعة على حد سواء، وهو بالتأكيد أمر صعب، والأهم من ذلك كله، أنه سيستغرق وقتا طويلا. وقد قال لي شاب في العشرينات يعمل في مكتب لبيع التذاكر في الأهرامات: “بدون قيادة، وبدون خطة، لن يغامر أحد بثورة جديدة”، وأضاف: “الوضع الذي آلت إليه ليبيا وسوريا يدفعنا دائما إلى الحذرمن المخاطرة.. نعم، نحن جائعون في مصر، ولكننا بالتأكيد أفضل من الوضع في حلب”.

وعلى الرغم من الرقابة التي تفرضها السلطات، فإن المصريين يتابعون الأخبار بعناية، وبشكل دوري. إلا أنه في كل زخم لقيام تظاهرات جديدة، تبادر السلطات بالقيام بموجة من الاعتقالات لتفريغها من قوتها.. ومع ذلك فإنه يبدو أن انتفاضة جديدة تبدو في الأفق. على الرغم من أن الأولويه في الوقت الراهن عند الجميع هي تلبية احتياجاتهم الأساسية.. وقد وصل الحال الآن إلى أن يلوم البعض نفسه ويلعنها على عدم مشاركته في 25أحداث يناير 2011 ولم يتواجد في ميدان التحرير وقتها.

ومع ذلك، إلى متى يمكن أن يستمرهذا الوضع؟

كم من الوقت سيتحمل المصريون مثل هذه الحياة؟

وعلى وجه العموم، فإن ما قد يحدث في مصرهو بالتأكيد ليس من مصلحة العالم في شئ، لأنه على الرغم من أن السيسي لا يفعل شيئا يذكر للمصريين، وهذا صحيح، إلا أنه يفعل الكثيرلكل من سواهم. فمن أجل إنعاش الاقتصاد، أطلق السيسي عدة مشاريع أسماها “المشاريع العملاقة” تبدأ من تفريعة قناة السويس إلى إنشاء وكالة للفضاء يفترض أنها ستكشف عن موارد غير معلومة تحت رمال الصحراء. ومن أهم هذه المشاريع: العاصمة الجديدة التي ستكلف 45 مليار دولار والتي “لا تحتاجها مصر على الإطلاق” على حد قول المخطط العمراني ديفيد سيمز. ومثل هذه الأعمال غير مؤكدة الجدوى، ولكنها في الوقت نفسه أكيدة الأرباح، لذا تجد المستثمرين الأجانب يصطفون من أجلها ومن بينهم حوالي 130 شركة إيطالية، على رأسها شركة إيني، المٌنتج الرئيسي للطاقة في مصر، والتي تضطلع بعقود قيمتها 16.5 مليار دولار. وعلى الرغم من مقتل جوليو ريجيني في مصر، إلا أن ايطاليا لا تزال تعتبرمصر “دولة صديقة”، وأوضحت أن مقتل ريجيي لم يؤثر على الاستثمارات في مصر.

ولأن مصرعلى حافة الإفلاس، فقد قال السيسي ذات مرة إنه مستعد لبيع نفسه من أجل بلده إن كان ذلك ممكنا – ومن جانبهم، تلقف المصريون منه هذه العبارة فعرضوه للبيع على موقع “إي باي” على الفور.. في الحقيقة، لا يتعلق الأمر فقط بالأعمال التجارية، فما يبيعه السيسي حقا هو السياسة الخارجية لمصر. مصر لديها أكبر وأقوى جيش عربي. وهذا بالفعل أمرجاذب: فكل عام يحصل الجيش من الولايات المتحدة على 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية. ويعتبر الجيش المصري هو أكبر مشتري للأسلحة بين جميع البلدان النامية. ولكن الأهم من ذلك كله، أن السيسي سخرهذا الجيش لدعم ما أطلق عليه في عام 2016 “الجيوش الوطنية”: أي الأسد في سوريا، والمملكة العربية السعودية في اليمن، وحتى إسرائيل في غزة -حيث أمر السيسي الجيش بإغراق أنفاق حماس – التي تستخدم في نقل الطعام بالإضافة إلى تهريب الأسلحة. ولأن السيسي يفتقر إلى وجود شرعية له بالداخل، فقد حاول أن يبني لنفسه نوعا من الشرعية الدولية على انه بطل الحرب ضد الجهاديين، وبخاصة في ليبيا، التي تبلغ حدودها مع مصر حوالي 700 ميل والتي تعتبر الآن خط الإمداد الرئيسي للجنرال خليفة حفتر، وهو الرجل الذي يعتمد عليه مصير خطة الأمم المتحدة للسلام في ليبيا -فضلا عن مصير آلاف المهاجرين الذين هم على أهبة استعداد للهجرة إلى أوروبا.

ومع ذلك، ففي حربه على الإرهاب لم يحقق السيسي الكثير، بل ما حدث هوالعكس تماما. في مصر، حيث يعتبرالتطرف الإسلامي ليس جديدا في البلاد، فقد واجه مبارك على مدى سنوات عديدة جهاديي الجماعات الإسلامية الذين كانوا يستهدفون السياح الغربيين.. أما سيناء، والتي يسكنها البدو الذين كانوا دائما على عداء مع الحكومة المركزية، فقد أصبحت الآن أرضا بلا صاحب .. بل هي الآن، رسميا، ولاية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية. وإضافة إلى ذلك يقوم الجهاديون الآن بهجمات خارج سيناء، حيث يستهدفون الأقباط، أي المصريين وليس الأجانب فقط. ووفقا لتقارير لم يتم التحقق منها، ففي سوريا توجد قوات خاصة مصرية تقاتل مع بشارالأسد، ولكن في الوقت نفسه هناك على وجه اليقين حوالي 3000 جهادي مصري يقاتلون في سوريا.

وقد أصبح من المعلوم أن مصر السيسي هي مصر اليائسة. ولكن ما يدعو للسخرية هو ببساطة أن السيسي بالنسبة لنا (الغرب) هو الشخص الذي نحتاج إليه في الحرب على الإرهاب، وبسبب ذلك يظل ميدان التحرير رسميا الآن تحت رقابة طائرات بدون طيار، وبسببه أيضا تُسير السلطات دوريات من القناصة في سيارات جيب مصفحة في شوارع القاهرة. وفوق ذلك فقد أعاد السيسي فرض حالة الطوارئ في مصر، والتي استمر تطبيقها 30 عاما في عهد مبارك، و كان إلغاؤها رمزا من رموز ثورة 25 يناير.. ومن جديد أصبح الجميع في مصرمهددا بالاعتقال لأي مدة زمنية ولأي سبب من الأسباب، وحتى بدون وجود أسباب، ثم يقدم للمحاكمة أمام محكمة عسكرية، دون الحاجة إلى أي دليل ودون السماح له باستئناف الأحكام التي تصدرها.. الآن، أصبح في كل محطة من محطات المترو بمصر جهاز لكشف المتفجرات، وهذا هو الإبداع الوحيد الذي أنجزته السلطة، والاستثمار العام الأوحد لها. ومع ذلك، فرجال الشرطة ينامون خلف هذه الأجهزة، ولا يكاد الواحد منهم يرى من يمرأمامه.

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close