بحوث

مصر: لماذا عادت وزارة الإعلام بعد 5 سنوات من إلغائها؟

شهد التعديل الوزاري الذي شهدته مصر الأحد 22 ديسمبر 2019، عودة وزارة الإعلام، وعقب أدائه اليمين القانونية أمام عبد الفتاح السيسي، صرح وزير الدولة للإعلام، أسامة هيكل، أن الدستور لم يمنع وجود وزارة للإعلام، وأن هذه رؤية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، مضيفاً أنه في الماضي كان من الممكن أن يتولى الوزير تنظيم الإعلام، لكن فى الوقت الحالي سيأتي وزير إعلام بمفهوم جديد خاصة مع وجود الهيئات الإعلامية.

وزير بلا وزارة

كشف مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وفي تصريحات صحفية، أن تعيين أسامة هيكل وزير دولة للإعلام، يعني أنه وزير بلا وزارة تتعلق بشؤون الإعلام، فحتى الآن القانون لم يوضح اختصاصاته، ولا علاقته بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام والهيئة والوطنية للصحافة.

وأضاف مكرم، أن القرار لم يوضح اختصاصات هيكل، لكن الدستور أكد على وضع المجلس الأعلى والهيئتين، متسائلاً نريد أن نفهم طبيعة العلاقات والاختصاصات والتشابكات بين وزير الدولة للإعلام والمجلس والهيئتين حتى تسير الأمور بسلاسة.

هيكل وزيرا للإعلام للمرة الثانية

تولى أسامة هيكل منصب وزير الدولة للإعلام في التعديل وكان قد شغل منصب وزير الإعلام خلال عامي 2011 و2012، ويبدو أن هيكل هو الهدف الرئيسي من التعديل الوزاري الأخير، فهو الصحفي والمحرّر العسكري السابق الذي اختاره وزير الدفاع الأسبق، محمد حسين طنطاوي، لتولي وزارة الإعلام بعد «ثورة يناير»، وظل مقرّباً من السلطة، كما شغل خلال السنوات الماضية رئاسة لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، بجانب رئاسة الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، التي حققت أرباحاً في عهده بعد خسائر سنوات.

دور الهيئات الإعلامية الثلاث بعد عودة وزارة الإعلام

مصر كانت قد ألغت وزارة الإعلام في عام 2014، وكان آخر وزير لها الدكتورة درية شرف الدين التي تولت المنصب في الفترة منذ 16 يوليو 2013 عقب الإطاحة بحكومة هشام قنديل حتى 17 يونيو 2014.

لكن مع وجود 3 هيئات مختصة بإدارة ملف الإعلام، أصبح من الصعب تحديد اختصاصات الوزير الجديد، إذ يقول مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن القانون لم يوضح اختصاصات أسامة هيكل كوزير دولة للإعلام، ولا علاقته بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام والهيئة والوطنية للصحافة.

دور وزارة الإعلام الجديدة

لم يتم الإعلان عن المهام الرئيسية لوزارة الدولة للإعلام، وكانت منظمات حقوقية تصف وزارة الإعلام بأنها رمز للرقابة إبان حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

كان السيسي قد أنشأ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام للإشراف على صناعة الإعلام والإنتاج الفني، وحاز المجلس سلطة فرض غرامات على المطبوعات ومحطات الإذاعة والتلفزيون أو وقفها عن العمل.

أدانت منظمات حقوقية ولجنة حماية الصحفيين انخفاض مستويات الحريات الصحفية في مصر، وقالت لجنة حماية الصحفيين إن مصر تأتي في المرتبة الثالثة على مستوى العالم في عدد الصحفيين المسجونين.

عوار دستوري لوزارة الإعلام الجديدة

ينص الدستور المصري على وجود 3 جهات تقوم بتنظيم الإعلام، على أن تكون وزارة الإعلام كهمزة بين الحكومة والبرلمان، كما أنها يمكن أن تقوم بمتابعة العملية التنفيذية لقرارات المجلس الأعلى للإعلام.

وزارة الإعلام لا يحق لها دستورياً أن تتخطى اختصاصات المجلس الأعلى للإعلام؛ خاصة أنه لم يتم تحديد الاختصاصات التي ستقوم بها الوزارة بعد.

 تنص المادة 211 من الدستور على: (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري، وموازنتها مستقلة ويختص المجلس بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها).

تستكمل المادة: (ويكون المجلس مسؤولاً عن ضمان و حماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية، ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحفية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي، وذلك على الوجه المبين فى القانون، و يحدد القانون تشكيل المجلس، ونظام عمله، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيه ويُؤخذ رأى المجلس فى مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عمله).

المادة 211 تنص على: (الهيئة الوطنية للصحافة هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان تحديثها واستقلالها، وحيادها، والتزامها بأداء مهنى، وإداري، واقتصادي رشيد، ويحدد القانون تشكيل الهيئة، ونظام عملها، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها، ويُؤخذ رأى الهيئة فى مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها).

تتضمن المادة 213: (الهيئة الوطنية للإعلام هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة، وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان استقلالها وحيادها، والتزامها بأداء مهنى، وإداري، واقتصادي رشيد ويحدد القانون تشكيل الهيئة، ونظام عملها، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها ويُؤخذ رأى الهيئة فى مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها).

إشكالية الوزارة الجديدة للإعلام

سيطر النظام المصري بشكل كبير على ما كان يسمى بالإعلام الخاص أو شبه الخاص والذي كان متنفسا للرأي الآخر بحدود مرسومة سلفا وقواعد متفق عليها”.

يريد النظام الحالي الاستعانة بأسامة هيكل كوزير للإعلام، لإنقاذ الإعلام من حالة الانهيار التي وصل إليها، والذي دفع المصريين لابتعاد عنه، إلا أنه من الواضح أن هناك صداما بين هيكل، ورئيس المجلس الأعلى للإعلام مكرم محمد أحمد، الذي فوجئ بالتعيين، وبات يسأل عن صلاحيات وزير الدولة من خلال تصريحاته الإعلامية.

كما تؤكد عودة وزارة الإعلام للمرة الثانية، رغبة النظام في السيطرة على المشاكل الشخصية والمهنية المتصاعدة بين المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للإعلام، وفي الوقت ذاته التحكم في سياسة كل منهما والإشراف على عملهما وتنفيذهما لتوجيهات دائرة السيسي، إلى جانب تولي مسؤولية التحدث باسم الدولة في الأوقات الصعبة، في ظل ثقة الاستخبارات والجيش بأسامة هيكل.

يجب لفت النظر أيضا إلى أنه تم إسناد حقيبة الإعلام إلى أسامة هيكل وزير الإعلام السابق، في تجاهل واضح لرئيس مجلس إدارة مؤسسة الأخبار ياسر رزق، والذي كان أبرز المطالبين بعودة هذه الوزارة والمروجين لنفسه كوزير لها.

لقراءة ملف الPDF إضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى