fbpx
قلم وميدان

تأجيل اجتماعات القوة العربية المشتركة التوقيت والدلالات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تقرير إعلامي

جاء الطلب السعودي من جامعة الدول العربية، مدعومًا بطلبات من بعض دول الخليج، من بينها الإمارات وقطر، بجانب العراق، لتأجيل عقد الاجتماع المشترك لوزراء الدفاع والخارجية العرب لإقرار بروتوكول القوة العربية المشتركة، والذي كان يفترض انعقاده الخميس 27 أغسطس، ليكون أهم حدث أسبوعي يتعلق بالعلاقات المصرية – السعودية، باعتبار أن مصر – السيسي – هي الداعي والداعم الرئيس لفكرة تأسيس قوة عربية مشتركة تكون مهمتها الأساسية مواجهة التنظيمات الإسلامية الراديكالية المسلحة.

التأجيل وأبعاده

أثار الطلب السعودي، مع عدم تحديد موعد بديل، الكثير من الشكوك حول إمكان تنفيذ المقترح المصري بتشكيل القوة، وخصوصًا أن هذا التأجيل هو الثاني من نوعه خلال أقل من شهر بعدما كانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قد دعت لعقد الاجتماع الأول في 29 يوليو 2015.

وكان قرار تشكيل القوة قد اتخذ في القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ، في مارس 2015، بعدما اقترحت مصر إنشاءها “دفاعًا عن الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب الذي يتهدد العديد من الدول العربية، وفي ظل استفحال تنظيم داعش”، إلا أن إقرارها عمليا يبدو متعثرًا.

وطلبت مجموعة من الدول العربية، تتقدمها السعودية، الأربعاء، 26 أغسطس، تأجيل الاجتماع لموعد يحدد في وقت لاحق، بعد تحضيرات مكثفة، استمرت حتى ما قبل يوم الاجتماع بيوم واحد، للإعداد للاجتماع الذي لم يُعقد منذ العام 1984م. وأوضحت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أنها تلقت مذكرة رسمية من الوفد السعودي يعرب فيها عن رغبة حكومة المملكة بتأجيل عقد اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك بين وزراء الدفاع ووزراء الخارجية العرب إلى موعد يحدد لاحقًا. وذكرت الأمانة العامة، في بيان أصدرته، أنها تلقت أيضاً مذكرات من كل من البحرين والكويت وقطر والإمارات والعراق، تؤيد الطلب السعودي.

وأكدت الأمانة العامة أنه بناءً على ما تقدم وبعد المشاورات التي أجراها الأمين العام للجامعة نبيل العربي، مع رئاسة القمة العربية، مصر، تقرر تأجيل عقد هذا الاجتماع إلى موعد يُحدد لاحقًا، وكانت الجامعة العربية قد تولت الإعداد للاجتماع مع مصر، بمشاركة وزير الدفاع المصري الفريق أول صدقي صبحي، قبل أن يتخذ قرار التأجيل.

وثمة خلافات عربية ربما باتت تهدد انعقاد هذا الاجتماع، الذي ستتحدد على ضوئه ملاحظات الدول العربية حول بروتوكول القوة العربية المشتركة.

وكانت الاجتماعات السابقة لرؤساء أركان الجيوش العربية قد كشفت عن خلافات وتباينات في الرؤى حول القوة العربية المشتركة، ولا سيما في ظل تحفظ قطر على بعض الأمور الخاصة بآليات قيادة وتدريب هذه القوة، وتحفظ الجزائر أيضًا، التي أعلنت أنها لن تشارك في هذه القوة تماشياً مع دستورها، وهو السبب نفسه الذي بررت به سلطنة عُمان أيضاً عدم مشاركتها متذرعةً بنظامها الأساسي.

أما العراق فقط سجل اعتراضه على قرار القوة العربية المشتركة، خلال أعمال القمة العربية الأخيرة 26 في شرم الشيخ، محذرًا من عسكرة الخلافات السياسية.

وترى مصادر أن طلب التأجيل، ولا سيما من قبل دول عربية مؤثرة (السعودية تحديدًا)، يُحرج مصر التي تترأس القمة العربية حاليًا. ووفقاً للمصادر نفسها، فإن “ارتباط بعض وزراء الخارجية بجولات خارجية فضلاً عن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير دفاعه إلى روسيا، ربما يكون أحد أسباب التأجيل. وترجح المصادر إمكانية عقد الاجتماع في غضون أيام قليلة، ليكون حضور السيسي للاجتماع دافعًا قويا لمشاركة رفيعة المستوى في الاجتماع الذي سيقر بروتوكول القوة العربية المشتركة، وهو بروتوكول اختياري بالأساس.

وكان اللواء محمود خليفة، مستشار الأمين العام للجامعة العربية للشؤون العسكرية، قد نفى في تصريحات صحافية سابقة، وجود خلافات أو رفض كامل لفكرة تشكيل القوة المشتركة، مشيرًا إلى أن الدول التي لن توقع لم ترفض رفضًا قاطعًا الفكرة، وإنما كل دولة قد تكون لديها دساتيرها وقوانينها، وأيضًا قد تكون هناك دولة ترى أنه ليس لديها احتياج في الوقت الراهن للانضمام. كما أشار خليفة إلى أن هناك العديد من الدول أرسلت موافقة فعلية، من دون أن يفصح عنها. وقال خليفة إنه أيا كان عدد الدول التي ستقوم بالتوقيع على البروتوكول؛ سيتم تشكيل القوة العربية، وليس إلزامًا أن تكون القوة بمشاركة كافة الدول العربية. كما أوضح أن القوة العربية المشتركة ستكون جاهزة لتنفيذ أية مهام، بعد المصادقة والتوقيع على البروتوكول الخاص بها.

ولفت إلى أن هذا البروتوكول من شأنه أن يحدد مهام القوة والقيادة والسيطرة والمخصصات المالية كدعم مادي أو الإنفاق والتمركز والأحجام والاشتراك من عدمه، معتبرًا أن البروتوكول به “مرونة كاملة في كافة الجوانب”.

وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، ربط بين التأجيل وبين التصعيد الذي تشهده الساحة اليمنية، ودخول أطراف إقليمية ودولية تسعى بقوة لتحويلها إلى بؤرة صراع وتوتر لاستنزاف دول الخليج. لكنه نفى احتمال وجود خلافات حول القوة المشتركة، خصوصًا أن الجامعة العربية شهدت اجتماعًا تنسيقيا الثلاثاء الماضي، للإعداد للاجتماع الذي كان مقررًا الخميس، بحسب صحيفة “الحياة” اللندنية.

وقال إن التأجيل جاء “بناء على طلب سعودي، وبتأييد خليجي، وتفهم مصري”، نظرًا لتغير استراتيجيات بعض الدول في تعاطيها مع الملف اليمني، وهو ما يكشف بداية مرحلة جديدة تقودها السعودية لوضع أسس وثوابت إقليمية جديدة للتعامل مع أزمات دول المنطقة، خصوصاً العسكرية منها، كما يقول العرابي.

دلالات التوقيت

ثمة رابط بين قرار تأجيل انعقاد اجتماع القوة العربية المشتركة، وبين حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء لقائه السيسي، عن ضرورة تشكيل جبهة واسعة لمواجهة الإرهاب، بمشاركة اللاعبين الدوليين الأساسيين ودول المنطقة، بما فيها سوريا، وهو ما يعني موافقة مصرية على شرط روسيا بقاء الرئيس السوري بشار الأسد، خلافًا للموقف السعودي.

ولقد أثار هذا الكلام، الكثير من علامات الإستفهام حول دور التحالف الجديد، وعلاقته بالتحالف التي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة “الإرهاب” في الشرق الأوسط، ومدى تأثير التحالف الجديد على العلاقات المصرية السعودية التي تتمسك مع الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج على ضرورة رحيل الأسد وعدم التعاون معه في مكافحة الإرهاب.

يُضاف إلى ذلك، حديث الرئيس السوري بشار الأسد لقناة “المنار”، الذي قال فيه إن سوريا ومصر في خندق واحد ضد الإرهاب، كما تزامنت زيارة السيسي لموسكو مع تواصل القيادة الروسية المشاورات على المستويَين الإقليمي والدولي، حول مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتشكيل تحالف واسع لمواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي.

حيث قال الرئيس الروسي في لقائه مع السيسي: “لدينا مواقف متطابقة فيما يخص ضرورة تكثيف مكافحة الإرهاب الدولي، وهي مهمة تزداد أهميتها نظرا للمساعي العدوانية التي تبديها التنظيمات الراديكالية، وبالدرجة الأولى، “الدولة الإسلامية””.

ومن بين الآراء التي عززت هذا الاتجاه:

· قال الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء حمدي بخيت: إن التحالف الجديد يتعارض تمامًا مع التحالف التي تقودة الولايات المتحدة لمحاربة “الإرهاب” في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة “لا تحارب الإرهاب، لكنها تنشر الإرهاب”، لافتًا إلى أن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب “هي حرب صورية وشكلية وليست حربًا حقيقية”. وقال إن سوريا تسعى لمحاربة الجماعات الإرهابية المنتشرة على أراضيها، مشيرًا إلى أن روسيا تساند مصر وسوريا حفاظًا على مصالحها في المنطقة، منوها أن مصر ليس عضو في التحالف الأمريكي لمحاربة الإرهاب. وأضاف: إن التحالف الجديد سيكون له تأثير سلبي على العلاقات المصرية السعودية من حيث التفاهمات والهدف.

· أشار اللواء طلعت مسلم إلى بعض الأمور ذات الصلة في هذا الاتجاه؛ حيث قال إن التحالف الجديد سيكون فعالاً بعكس التحالف الأمريكي الذي لم ينجح في القضاء على “داعش” حتى الأن، لافتًا إلى أن “مشاركة سوريا في التحالف الجديد سوف يساعدها على دحر الجماعات الإرهابية من أراضيها”، مؤكدا أن السعودية “ستضطر في النهاية إلى التعاون مع الأسد ومع مصر والإنخراط في التحالف الجديد لمحاربة الإرهاب”.

· أشارت صحيفة “الرأي” الأردنية، إلى محادثات السيسي – عبد الله، قائلة إن وجهات نظر البلدين “متطابقة” بشأن سوريا وجهود مكافحة الإرهاب. وأوضحت أن “عمان والقاهرة تنظران بخطورة وقلق إلى الأوضاع التي تعيشها سورياـ والأزمة التي تعصف بها، الأمر الذي ترجمه الزعيمان الكبيران في إعادة التأكيد على الدعوات المبكرة التي كانت انطلقت من عمان ومن القاهرة أيضًا، ومنذ بدايات اندلاع الأزمة بأنه لا حل عسكريا لهذه الأزمة”.

· قال محمد كعوش، صحيفة “الرأي” الأردنية، أن هناك “فرصة تاريخية” لحل الأزمة السورية، وفق الرؤية السابقة. وقال إن “التراجع الأمريكي في المنطقة، وهذا الموقف الرخو الهلامي الغامض، أعطى فرصة ذهبية للحراك الروسي، وصعود دور موسكو من أجل القيام بدور سياسي مؤثر”. وناشد كعوش “الأطراف العربية المعنية والمتورطة في القتال داخل سوريا وخارجها أن تلتقط الفرصة التاريخية بعقلانية وحكمة وتشارك في إيجاد حل سياسي مقبول يحمل الخلاص للجميع”، في إشارة بطبيعة الحال إلى السعودية والإمارات وقطر، التي تلعب أهم الأدوار في تمويل وتسليح المعارضة السورية المسلحة.

· قال عريب الرنتاوي (الدستور الأردنية) إن تغيرات في المواقف السياسية تجاه سوريا قد لاحت بالفعل “مع قيادة موسكو للدبلوماسية الدولية حول سوريا” وإن بدا الطريق “مديدًا ومريرًا”. وقال إن “إيران نشطة في الحديث عن حل سياسي وقدمت لهذا الغرض مبادرة، وتركيا عدلت من لهجة خطابها حيال سوريا ووزير خارجيتها يأمل أن تكون الضربات العسكرية التركية – الأمريكية المنسقة، بمثابة رسالة للأسد للانخراط في الحل السياسي”. وأضاف أن “باريس التي تقود التيار الدولي “الصقري” ضد الأسد، ما زالت تتحدث عن ’تحييده‘ متفائلة بـ”الإشارات” على الانتقال السياسي ونبيل العربي من على رأس الجامعة العربية، متفائل بالحل السياسي ومستعد للقاء (وزير الخارجية السوري) وليد المعلم في أي زمان ومكان و مصر انتقلت من “جس النبض” إلى “التنسيق الأمني” مع دمشق”.

· قال مصطفى بسيوني (في السفير اللبنانية) إن هذا الوجود العربي المثير للانتباه فى موسكو يأتي في سياق زيارات عدة قامت بها وفود حكومات اقليمية للعاصمة الروسية، فيما يتوقع أن يعقبه وصول مسؤولين ايرانيين لاختتام مفاوضات حول شراء طهران أنظمة الدفاع الروسية إس 300″. وذهب الكاتب إلى عدم فصل الزيارة عن الحراك السياسي الذي تقوده الدبلوماسية الروسية لحل الازمة السورية. وأضاف: “لم يعد خافيًا التباين بين الموقفَين المصري والخليجي بقيادة السعودية فيما يتعلق بالملف السوري، فبينما ترى السعودية، ومن خلفها دول خليجية أخرى، أن أي حل في سوريا يبدأ بإبعاد الرئيس بشار الأسد عن المشهد السياسي، ترى مصر متفقة مع روسيا أن مواجهة خطر الإرهاب وخاصة داعش هو الأولوية، وترى أن للأسد دورًا في تلك المواجهة، بل تعتبر أن أي غياب مفاجئ للأسد عن المشهد السياسي يهدد بانهيار سوريا وتكرار مشهد التشرذم الليبي”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close