أسيا وافريقيادراساتسياسة

سد النهضة.. الدور المصري والتفاعلات الإقليمية

عانت مصر من تقزم في علاقاتها بالاتحاد الأفريقي والدول الأفريقية بعد الانقلاب العسكري 2013، وشهدت علاقات متوترة مع جنوب أفريقيا والجزائر والمغرب والسودان وإثيوبيا بخصوص عدة ملفات، ثم استطاعت مصر تغيير موقعها من تجميد العضوية في الاتحاد الأفريقي، بعد زيارة لجنة الحكماء التابعة للاتحاد برئاسة رئيس مالي السابق ألفا عمر كوناري، وصولاً إلى حصولها على رئاسة الاتحاد الأفريقي لسنة 2019[1].

وقد قام السيسي بعدد كبير من الزيارات للدول الأفريقية، وعقد 120 اجتماعا مع قادة ومسؤولين أفارقة خلال زيارتهم لمصر أو على هامش المؤتمرات التي شارك فيها، ويعتبر ذلك مؤشرا هاما في سياسات مصر تجاه أفريقيا من خلال تكثيف الزيارات والاجتماعات رفيعة المستوى حيث مثلت تلك السياسة أثرا في استعادة دور الحضور داخل الاتحاد الأفريقي، هذا المدخل كان له تداعياته فيما يتعلق بالشأن القانوني والاعتراف بسد النهضة الذي حصلت عليه الحكومة الإثيوبية حينها مقابل فك الحظر وتجميد عضوية وإعطاء شرعية للنظام.

ويمثل ملف سد النهضة[2]؛ أزمة حقيقية للنظام في مصر، حيث أعلنت إثيوبيا عدة مرات فشل المفاوضات ثم تبعها تصريحات من الخارجية السودانية بإعلان أن المفاوضات فشلت من الجانب المصري، وأن كثرة الأطراف الفاعلة في الملف يعقد الملف ويحتم على مصر بناء التحالفات وآليات الضغط على الممولين، وأن يكون لها دور في المشروع بحيث لا يضر حصة مصر المائية ضررا كبيرا.

وقد استغلت إثيوبيا انشغال مصر مرتين، المرة الأولى بأحداث الثورة حيث قام رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين بوضع حجر الأساس في 2 أبريل 2011، بعد أن تم تحديد موقعين في منتصف 2010 لدراستهم قبل وقوع الاختيار النهائي على نفس الموقع[3]، وأخذ تحركات سريعة لإبرام عقود مع الشركات وجمع الممولين والمتبرعين وحصلت عليه شركة إيطالية Saline Impregilo بقيمة 4.5 مليار دولار، قابل ذلك وجود تخبط شديد في السياسات المصرية وعدم إعطاء الأمر وزنه الحقيقي والمناسب لما يمثله من تداعيات.

خريطة دول حوض النيل يظهر فيها السدود الكبرى المقامة عليه تحت علامة المثلث الأزرق.[4]

وتعد أكبر المشكلات والتهديدات لمصر في تلك القضية هو بوار الأراضي الزراعية حيث تتراوح التقديرات والدراسات حول 2 مليون هكتار إلى 4 مليون هكتار من أصل متوسط 8 إلى 10 مليون هكتار[5] موجودين حالياً مما سيؤثر على الاقتصاد ومصانع التغذية والعاملين في الزراعة وارتفاع معدل الهجرة من الريف إلى المدن وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية.

وقد بدأت الحكومة بالفعل بتفعيل مجموعة من القرارات والقواعد المنظمة للفلاحين من حيث تحديد المنتجات الزراعية المسموح بزراعتها، فتم حظر[6] أو تحديد حجم زراعة صنف بعينه كالأرز وقصب السكر لاستهلاكه العالي للماء[7].

السياسة المصرية وإدارتها لملف سد النهضة

1- رئاسة الجمهورية

1ـ قام السيسي بالتوقيع على وثيقة إعلان المبادئ التي تعتبر اعترافاً ضمنياً بالسد في 2015، وقام السيسي بمجموعة من الزيارات لدول حوض النيل لمحاولة صناعة قرار معاكس لبناء السد ومحاولة الحيلولة من التوسعات في مشاريع السدود التي تنوي الدول بناءها في المستقبل، كما وجه السيسي بإنشاء وتفعيل دور الوكالة المصرية من أجل التنمية، وذلك بعد دمج “الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا” مع “الصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث والدول الإسلامية والمستقلة حديثًا” في هيئة جديدة.[8]

2ـ حاولت إعادة تفعيل اتفاقية “مبادرة حوض النيل” التي قامت مصر بتجميد عضويتها بها في 2010 اعتراضا على توقيع ست دول من دول حوض النيل على اتفاقية عنتيبي، وذلك خلال اجتماع بالقاهرة في ديسمبر 2016 مع بعض وزراء الري لبعض دول حوض النيل[9].

3ـ لم تقم الرئاسة بالتأثير على التمويل الموجه للمشاريع في إثيوبيا من قبل حلفائها بالمنطقة من الخليج العربي “السعودية والإمارات” بشكل معلن، في حين قامت إثيوبيا وبشكل معلن وخلال زيارة إلى المملكة بالمطالبة بإطلاق سراح رجل الأعمال السعودي من أصل إثيوبي محمد العامودي الذي قام باعتقاله محمد بن سلمان[10]، والعامودي يعتبر من أهم الممولين والمتبرعين لبناء السد حيث تبرع بقيمة 88 مليون دولار وساهم في بناء مصنعين للأسمنت موجهين لأعمال انشاء السد[11].

4ـ قدم السيسي ومسؤولون طلبا لإسرائيل للتوسط في حل مشكلة أزمة السد ومحاولة اقناع إثيوبيا للعودة إلى المفاوضات بعد أن توقفت من قبل الطرف المصري قبيل التحركات التي قامت بها مصر في إريتريا نوفمبر 2017.[12]

2- وزارة الخارجية

1ـ قام الوزير سامح شكري بعقد 19 جولة مفاوضات مع السودان وإثيوبيا لم تخرج باتفاق وتفاهم بين الأطراف الثلاثة؛ بل إن المفاوضات توقفت عدة مرات وعادت للاستئناف، في سلسلة من الشد والجذب، حول الأمور الفنية المتعلقة بالسد والسياسة المتبعة في تعبئة السد وتضارب المعلومات.

2ـ مارست مصر ضغوطا على الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا لوقف إقراض إثيوبيا 3.7 مليار دولار بعد جهود دبلوماسية كبيرة[13]، ثم عاد الاتحاد الأوروبي واعتمد ميزانية كبيرة على هيئة مساعدات في مجموعة برامج تنفذ خلال الفترة بين 2014 وحتى 2020، وحسب التقرير صادر من الاتحاد الأوربي بلغ حجم المساعدات 2 مليار يورو موزعة على عدة برامج كالزراعة والغذاء والصحة[14].

3ـ لجأت وزارة الخارجية للبنك الدولي للتوسط لحل أزمة السد وهو ما رفضته إثيوبيا[15].

3- على مستوى وزارة الدفاع

1ـ أوضح مدير الوكالة المصرية للفضاء السابق أن مصر تقوم بشراء صورا لمواقع السد على بعد 8 – 7 متر لدراستها بشكل دقيق خاصة بعد فقدان مصر القمر الصناعي “إيجبت سات1” للأغراض العسكرية والعلمية والتشويش الأمريكي على مواقع السد[16].

2ـ لم يخرج أي تصريح رسمي أو بيان من وزارة الدفاع فيما يتعلق بسد النهضة، وكل من خرجوا في الإعلام ليسوا إلا متقاعدين يظهرون بصفة “خبير أمني / خبير عسكري / خبير استراتيجي”، ولم يكن لهم موقف واضح من تصريحات وزير الدفاع الإثيوبي في 2014، “أن قوات بلاده لديها القدرة الكافية للدفاع عن الوطن في مواجهة أي جبهة داخلية وخارجية والحفاظ على سد النهضة”[17]

3ـ قامت مصر بحشد قوات عسكرية في قاعدة “ساوا” بإريتريا بالقرب مع الحدود السودانية وتسريب معلومات، فيما يخص بتلك التحركات[18]، وكان إبرام اتفاقيات الدفاع المشترك بين السودان وإثيوبيا وانعقاد اجتماعات بين رؤساء أركان الجيوش والدفاع وانتشار للقوات الإثيوبية على الحدود مع إريتريا قد أربك مصر في اتخاذ خطوات عسكرية[19]، وكان القرار السوداني بغلق الحدود مع إريتريا من جهة ولاية كسلا ونشر قوات تزامنا مع تحرك رؤساء أركان كلا من إثيوبيا والسودان، أمراً ذا دلالة كبيرة على وجود تفاهمات تصل لدرجة تحالف[20].

4ـ قامت مصر ببناء 4 محطات لتحلية المياه؛ 3 منهم بسعة إنتاج 150 ألف متر مكعب يوميا، والرابعة 164 ألف متر مكعب يوميا حيث تمت الإشارة لها خلال اجتماع المتحدث العسكري مع مجموعة من الصحفيين بعد أحد المؤتمرات الصحفية، وهو ما يعادل 224724 ألف متر مكعب أي ما يعادل 2 مليار متر مكعب وهو لا يمثل إلا 10 % من حجم الحصة التي ستفقدها مصر والتي تقدر بأقل تقديرات 12 مليار متر مكعب.[21]

4- على مستوى جهاز المخابرات العامة

ذكرت تقارير إعلامية أن المخابرات العامة المصرية قدمت دعما للمعارضة الإثيوبية المتواجدة في إرتريا ومجموعات داخل إثيوبيا، وكان ذلك الدعم على هيئة أسلحة، وأن إثيوبيا قامت بتأجيل زيارة رئيس الوزراء إلى مصر عدة مرات بعد كشفها واستيلائها على بعض الأسلحة[22]، وقد روجت بعض الصحف والتصريحات الرسمية الإثيوبية لتلك الأمور، في المقابل قامت مصر بالنفي.[23]

5- على مستوى وزارة الري

تعاني وزارة الري من افتقار كبير في الشأن الدبلوماسي والتفاوض مع الجانب السوداني والإثيوبي ظهر هذا في التصريحات المتضاربة في هذا الملف وهي مهمة يجب أن تقوم بها وزارة الخارجية بالمقام الأول، يضاف إلى ذلك ضعف قدرات الوزارة في دراسة المشاريع المرتبطة على النيل دراسة فنية، ومعرفة الآثار السلبية بحق مصر بشكل دقيق.

وتعمل الوزارة بدور في تخفيف حدة العلاقات بين البلدين من خلال إقامة مجموعة من البرامج التدريبية للإثيوبيين في نظم المياه وإدارتها من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.

تبنى الوزارة لخطة (4T) حتى عام 2037 بتكلفة 900 مليار جنيه وهي تعتمد على أربعة محاور هي “ترشيد تنقية توعية تنمية”.[24]

6- على مستوى وزارة التعاون الدولي

تحرك وزارة التعاون الدولي في بعض المشاريع المرتبطة بدول حوض النيل تحت غطاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية[25] .

ضعف الوزارة باستخدام الاستثمارات الموجه لمصر في الضغط على الدول التي تستثمر في إثيوبيا “دول الخليج” وخاصة في المجال الزراعي على الرغم من مشاركة بعض تلك الدول في الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية إلا أنها مقتصرة على التدريبات والتأهيل ولا تقدم مشاريع ذات تأثير وعائد اقتصادي حقيقي.

7- على مستوى مجلس الأعمال المصري الإثيوبي

يتحرك المجلس ضمن إطار محدد للاستثمارات “غير الجدية” والمؤثرة وسط تخوفات من قبل الطرفين وترتكز على النسيج والخدمات الفندقية، ويستخدم المجلس كأداة لفتح قنوات اتصال غير مباشر مع الطرف الإثيوبي، يذكر أن المجلس قد توقف لفترة طويلة 17 عاما بعد محاولة اغتيال حسني مبارك في أديس أبابا وانقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

أولاً: دعم المعارضة الإثيوبية

تقدم مصر دعما للمعارضة الإثيوبية؛ بداية من استضافة المعارضة ومنح اللجوء السياسي لهم حيث إن العدد قارب 7000 لاجئ حسب تقرير مفوضية الأمم المتحدة بينما تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن أعدادهم تتجاوز 20 ألفا ويمثلون ثالث أكبر تكتل بعد اللاجئين السورين والسودانيين[26]، وقامت وسائل الإعلام بتناول الأحداث الداخلية لإثيوبيا بشكل فيه سخرية وتركيز على اعتداءات الأمن الإثيوبي، فيما خرجت مجموعة من المظاهرات في القاهرة أمام مفوضية اللاجئين تحمل الأعلام المصرية وجماعة الأورومو، قام الإعلاميون وأحمد موسى باستضافة متحدثين عن جبهة تحرير شعب الأورومو وعرض صورا ومقاطع فيديو عن الأحداث، وقام أفراد المعارضة الذين استضافتهم وسائل الإعلام المصرية بالترويج أن أسباب اختيار مكان السد هو سبب سياسي وليس لأسباب فنية أو اقتصادية والإشارة إلى الأربع أنهار الأخرى التي تصب في المحيط  وأن جماعة التيرجي المعروف كرهها للمسلمين ومصر هي من ضغطت في ذلك الاتجاه، تقدم المعارضة الإثيوبية على وسائل الإعلام المصرية معلومات فيما يخص تحالف وزارة القوى العاملة في السعودية وإثيوبيا حيث يقوم رئيس البرلمان الإثيوبي بزيارات خارجية للجاليات الإثيوبية وتقوم السفارات بإجبار الجاليات على التبرع بــ 500 دولار على الأقل للسد مقابل تجديد جواز السفر.

ثانياً: التهديد بالتحرك العسكري

ناقش معهد ستراتفور الأمريكي الخيارات العسكرية المصرية ضد سد النهضة؛ وهو التابع لوكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية سنة 2013 ورجحت خيارين؛ أولهما توجيه ضربة جوية مباشرة للسد وهو يصعب بسبب الخلافات السياسية المتواجدة مع السودان والاتفاقيات المبرمة مع إثيوبيا وعدم استثمار مصر في الطائرات المزودة للوقود لما ستحتاجه من قطع مسافة كبيرة، وأما الأمر الثاني فهو إرسال مجموعات من الصاعقة المصرية وهو خيار يصعب تحققه للتمركزات الأمنية حول السد إضافة إلى التضاريس والجبال المحيطة بالموقع ، ولن يمنع كلا الخيارين توقف إثيوبيا بناء السد حيث ستستأنف البناء لاحقا.[27]

في كل الحالات؛ إذا كانت هناك رغبة سياسية وعسكرية بضرب السد فيتوجب أن تكون الضربة الموجهة للسد قبيل ملئه لما سيترتب عليه من آثار سلبية على السودان وإغراقها في حال تم توجيه الضربة وهو ممتلئ، وقد شرعت الحكومة الإثيوبية بملئه وذلك في إطار الملء التجريبي لاختبار السد، علاوة أنها لن توقف تلك الضربة أعمال البناء بل ستستأنفها لاحقا وستصنع زخما شعبيا ودوليا ضد مصر؛ على الجانب الآخر قامت إثيوبيا بإبرام مجموعة من اتفاقيات الدفاع المشترك مع كل من إسرائيل وتركيا والسودان وهو أمر يزيد من صعوبة المواجهة العسكرية بين البلدين، وبالرجوع لخريطة القواعد العسكرية المتواجدة بالمنطقة فإن الخيار يتضح مدى صعوبته وأن توجيه أي ضربة لن يمثل إلا أزمة دولية كبيرة لمصر.

يعد الخيار العسكري تجاه إثيوبيا وسد النهضة له تداعيات ومآلات كبيرة ويحكمه مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية المتعلقة بأي تحرك عسكري بشكل عام وبشكل خاص تجاه منطقة القرن الأفريقي، وهو أمر يصعب تحققه وسط ارتفاع الدين الخارجي والاقتتال والتهديد الأمني المتواجد بسيناء وافتقاد السيسي لدعم شعبي يؤهله لخوض حربا خارجية، وربما تلجأ مصر للضغط على دول الجوار وتوجيه ضربة للسد بشكل غير مباشر وسط استراتيجية تؤثر وتحول دون وصول مواد البناء لمتابعة أعمال البناء والانتشار في جيبوتي المنفذ الرئيسي للاقتصاد الإثيوبي حيث أن 80 % من حجم التجارة تمر عبر ميناء جيبوتي الذي تتواجد حوله مجموعة من القواعد العسكرية الصينية والأمريكية والفرنسية والتي تمثل تحدي كبير للقيام بأي عمل عسكري.

ثالثاً: الخطاب الاعلامي المصري

أهم المحاور التي تبنتها المؤسسات الإعلامية الموالية للنظام هي:

  • الدعوة لاستخدام القوة تجاه الإثيوبيين والتلويح بالخيار العسكري
  • الحنين للماضي والاستعمار وتبني الاتفاقات والمعاهدات التي قام بها الاحتلال البريطاني وقتها
  • ترويج أوهام التفوق على إثيوبيا سواء في مسار المفاوضات أو عسكريا
  • استضافة المعارضة الأثيوبية “الأورومية”
  • استخدام خطاب المؤامرة وترويج أن دولا كقطر وتركيا هما من يضلعان في المؤامرة لإحراج السيسي وهو ما يفتقد للموضوعية؛ خاصة أن من يقوم بترويج ذلك هو مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية.
  • الاستهزاء بإثيوبيا وقدرتها على التنمية أو بناء السد
  • الخطابات الهزلية من قبل بعض اللواءات المتقاعدين كزراعة 10 مليون شتلة موز وغيرها
  • تحريف الروايات المتعلقة بمظاهرات إثيوبيا أن سببها هو سد النهضة وأن المتظاهرين قاموا بقطع الطرق عن السد، في حين أن سد النهضة يبعد عن العاصمة قرابة 1100 كيلوا وقد تكون تلك الاضطرابات والمظاهرات سببا مؤثرا في مناخ الاستثمار والمشاريع القائمة إلا أن الإعلام المصري مارس تحريف الروايات واستغلالها سياسيا.

رابعاً: شركات وبنوك مصرية تشارك ببناء السد

البنوك:

كشفت إثيوبيا عن قيام مجموعة من البنوك المصري بالاستثمار في سد النهضة من خلال السندات والأسهم التي تطرحها عبر سفاراتها وقنصلياتها حول العالم لتحفيز رجال الأعمال للاستثمار بالسد حيث تقدم فائدة 36% وذلك بعد رفض البنك الدولي تمويل السد أو المساهمة به فلجأ لفكرة الأسهم لتحفيز البنوك ورجال الأعمال للاستثمار.

ولم يذكر إذا كانت البنوك هي من استثمر أم رجال أعمال شاركوا بحصص مالية عبر تلك البنوك ولكنه أدى لارتباك في وسائل الإعلام ونفي من قبل البنوك أنها مشاركة وقد خرج محافظ البنك المركزي ونفى ذلك واصفا أنها إشاعات، البنوك حسب ما ورد في الوثائق الإثيوبية هي:

  • بنك الإسكندرية
  • بنك القاهرة
  • البنك العربي
  • سيتي بنك
  • البنك التجاري الدولي
  • البنك العربي الدولي

وقد رد هاني السلموني مدير التنمية ونقل التكنولوجيا بالأمم المتحدة مفسرا أن تلك ليست وثائق وأنها مجرد دليل للبنوك قام البنك المركزي الإثيوبي بنشره حتى يتمكن الإثيوبيين من الاكتتاب وذلك سنة 2013، وذكر أنه قد تم جمع 460 مليون دولار، وقد قام المحامي عمرو عبد السلام بتقديم بلاغ للنائب العام ضد مجالس إدارات البنوك المذكورة – رقم البلاغ 14297 -.

أول من نشر تلك – الوثائق! – الدكتورة هايدي فاروق مستشارة قضايا الحدود ومسائل السيادة الدولية والسفير مدحت كمال القاضي سفير مصر سابقا لدى سلطنة عمان والكونغو ومساعد وزير الخارجية للبحث العلمي وهما مؤلفي كتاب “سد النهضة وسد النيل”.

وقد قال مدحت القاضي لاحقا إن البنوك لم تمول بشكل مباشر ولكنها ساهمت من خلال قبولها بأن يتم فتح حسابات لتمويل السد وهي تملك الأسماء وحجم الأموال المودعة ولكن لا يتم نشرها لأن القانون يمنع ذلك.

الشركات:

مثل الصراع في ليبيا أثرا كبيرا على الشركات المصرية العاملة في مجال المقاولات؛ وقامت بنقل نشاطها إلى العمق الأفريقي والمغرب العربي، واستغلت ما قامت به الحكومة الإثيوبية من تخصيص 100 مليار دولار في أعمال الانشاءات العمرانية في ديسمبر 2013 فتوجهت العديد من الشركات هناك إلى العمق الأفريقي لتعويض خسائرها

  1. شركة “أي في كريت” مجال الأسمنت والحديد
  2. شركة “ترانس بيلد” نقل مواد البناء
  3. شركة “اكسبريس بيلدنج” الأعمال الاستشارية الهندسية
  4. شركة “إلكتريك أيفيست” أعمال الهندسة الكهربائية

وقد ذكر فؤاد علام وكيل مباحث جهاز أمن الدولة ومدير أمن بورسعيد سابقا في وسائل الإعلام أن تلك الشركات هي بالأصل شركات إسرائيلية وليست مصرية وأن المصريين ليسوا إلا عملاء.

السياسة الإثيوبية وإدارتها لملف النهضة

شهدت السياسة الخارجية لإثيوبيا تطورا ونشاطا عاليا من بعد 2010، حيث تحاول الحكومة جذب استثمارات من الخارج من خلال عشرات المشاريع ذات أثر اقتصادي يحقق نقلة وتنمية شاملة في البلاد، وترتكز المشاريع التي تروج لها إثيوبيا في الخارج على إقامة السدود لتوليد الكهرباء أو استصلاح الأراضي الزراعية أو الاثنين معا  خلاف البنية التحتية، حيث يوجد في إثيوبيا ما يفوق 30 سدا بعضها تم انشاؤه  والبعض قيد الإنشاء والبعض الآخر يطرح على هيئة مشاريع استثمارية لجلب رؤوس الأموال بخلاف المشاريع المرتبطة بتلك السدود لتحقيق التنمية في قطاع الكهرباء والزراعة والتجارة على وجه الخصوص.[28]

أولاً: تغيرات جذرية في هيكلة الحكومة الإثيوبية

تعيش إثيوبيا مجموعة من التغيرات الجذرية في بنية الحكومة بعد مجموعة كبيرة من المظاهرات الشعبية التي شهدتها والتي يصفها البعض بثورة، قامت بمحاصرة العاصمة أديس أبابا ورضخت لها حكومة ديسالين والجيش بعد سلسلة من الكر والفر انتهت بتنازله عن السلطة، وقد تم تجديد الثقة لأبي أحمد في أكتوبر 2018، وقام بعدها بإعادة هيكلة الحكومة بإلغاء مجموعة من الوزارات وتقليصها من 28 وزارة إلى 20 مع تعين 10 سيدات منهم “عائشة محمد موسى” وزيرة للدفاع وقد صرح أن السيدات أكثر كفاءة وأقل فسادا من الرجال حسب تعبيره، وفيما يخص سد النهضة أعلن مجموعة من الاجراءات ضد الشركات الإثيوبية التابعة للجيش المرتبطة بأعمال بناء السد حيث سحب التراخيص منهم وأعلن فشلهم وقام بالبحث عن بديل دولي وأهم ما في الأمر أنه أعلن تأخر أعمال البناء كنوع من الشفافية أمام الشعب وسط اعتراف من قبل الحكومة بالانتهاكات السابقة التي قامت بها الدولة في 2015 وانشاء وزارة جديدة اسمها وزارة السلام تتولها رئيسة البرلمان الحالي[29].

ويمثل رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد نقلة على جميع الأصعدة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي حيث قام بالإفراج عن ألاف المعتقلين بالإضافة إلى سياساته المتعلقة بمكافحة الفساد واستعانته بالمرأة وفتح المجال السياسي حيث قام بتعين بعض الوزارات الهامة، بجانب إطلاق الحريات الدينية للمسلمين حيث تم إقامة أول صلاة عيد[30]؛ بعد ضغوطات وتضييقات كبيرة كانت تمارسها الحكومات السابقة، ويمكن وصف ما حدث في إثيوبيا على أنه ثورة ونتاج كفاح ممتد من فترات زمنية كبيرة، بجانب ذلك فإن السياسة الخارجية قد تغيرت على عدة مستويات بداية من تصفير المشكلات مع دول الجوار وتحفيز الدول الأفريقية على الاقتداء بها فيما يخص الاستثمار بجانب قيادة دول حوض النيل وتأدية دور كبير ومؤثر في الاتحاد الأفريقي، وقوم أبي أحمد بالتركيز على مفهوم الديمقراطية والحريات في العديد من خطاباته والذي انعكس في علاقاته بدول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص.

يعد أهم ما في المشهد الداخلي الإثيوبي الجديد؛ هو ذلك الصراع البارد بين رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وبين مؤسسات وشركات الجيش والتي انعكست بشكل مباشر على سد النهضة، حيث قام أبي أحمد بالتحدث خلال لقاء صحفي “أن سد النهضة قد لا يرى النور قريبا”[31] وذلك إثر مشكلات متعلقة بتصميم وبنية السد بسبب تبني شركات وزارة الدفاع الإثيوبي أعمال بناء السد، وقد قام مؤخرا بنزع تلك الامتيازات منها وطرحها لشركات تحت قيادة مدير مشروع السد الجديد.

ثانياً: ملامح السياسة الخارجية الإثيوبية

مع قدوم أبي أحمد لرئاسة الوزراء قام بمجموعة من التحركات الإقليمية في دول القرن الأفريقي في خطوة لمحاولة تصفير المشاكل مع دول الجوار، فقام بعمل اتفاقية صلح مع إريتريا بعد أكثر من 20 عاما من الحرب بين البلدين تبعه زيارات متبادلة بين البلدين، حيث أن تلك التحركات كانت أمرا هاما لتحقيق تنمية في الإقليم عن طريق إشراك دول الجوار مثل جيبوتي وإريتريا والسودان في مشاريع تنموية، وقام بسلسلة من الجلسات مع الأطراف المتنازعة في دولة جنوب السودان بين سيلفاكير ومشار انتهت بمجموعة من المباحثات الجدية في الخرطوم بحضور الرئيس السوداني السابق عمر البشير وأوغندا؛ لم تخرج باتفاق ناجح ولكن أدت لتفاهمات وخفت حدة الصراع بين الأطراف المتقاتلة، وترتكز العلاقات الخارجية لإثيوبية على عدة محاور رئيسية هي:

المحور الأول: استثمار القوى الدولية والإقليمية في سد النهضة

يعتبر أهم الفواعل حول ملف سد النهضة هي القوى الدولية والإقليمية التي لها استثمارات داخل إثيوبيا، مثل أمريكا والصين وإسرائيل والاتحاد الأوروبي والسعودية وبعض الدول الأخرى، وتلعب تلك القوى دورا كبيرا في تشكيل وصناعة القرار الإثيوبي؛ حيث أن بعض تلك الاستثمارات ليست ذات عائد اقتصادي فقط، فالبعد السياسي والأمني يلعبان دورا كبيرا في توجيه الاستثمار وتحديد أطره وأشكاله الفنية التي تؤثر في ديموغرافية المنطقة والأمن القومي لعدة دول بالمنطقة، وسنقوم بالمرور على كل دولة وتوضيح حجم استثماراتها في إثيوبيا وارتباطها بالسد وبيان خريطة الاستثمار بشكل عام لتوضيح حجم التأثير في صناعة القرار الإثيوبي:

أمريكا

  • تم تحديد موقع السد من قبل مكتب الاستصلاح الأمريكي بعد إجرائها للدراسة في 1956 – 1964 لتخزين مياه نهر النيل وتم إعادة الدراسة في 2009 وانتهاء التصميم في نوفمبر 2010 وتم الإعلان عن تصميم السد في مارس 2011.
  • تساعد أمريكا من خلال شركة سباير كورب مع شركتين واحدة فرنسية والأخرى صينية شركة Metals & Engineering العسكرية الإثيوبية على امتلاك الآلات والتكنلوجيا التي تساعد على بناء السد.[32]
  • شركة ألستوم هي المسؤولة عن توريد 8 توربينات ومولدات بقيمة 250 مليون يورو للشركة الإثيوبية لوضعهما في السد.[33]
  • أوضح علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، أن أديس أبابا انتهت من بناء 16 بوابة كاملة في جسم السد الضخم، موضحا أن البوابات من ماركة Francis الأمريكية الصنع، وتعمل حينما يكون عمودي المياه فوقها بـ40 مترًا، وهذا يعني أن أمريكا تشارك إثيوبيا في بناء السد، بحسب ما نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية.[34]
  • تشويش على الأقمار الصناعية لعدم قدرة النظام المصري على معرفة التطورات التي تحدث في بناء السد، حيث توفر كلا من موقع وزارة الزراعة الأمريكية وموقع USGS تحديثا دوريا كل 10 أيام لكل البحيرات حول العالم وقد توقف التحديث بتاريخ 22 مايو 2017 وقت أن بدأ بعض الخبراء المصريين التحدث عن أن مصر تقوم باستخدام مخزون بحيرة ناصر لتعويض الفاقد من الحصة المائية بعد أن قامت إثيوبيا ببدء التخزين التجريبي مع زيارة وفود من الدنمارك للموقع وتداول صورا للمياه المخزنة هناك[35].
  • قال حسين الشافعي رئيس “المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم” إن مصر دفعت ٣٠ مليون دولار لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، مقابل بعض الصور لسد النهضة في إثيوبيا ليتبين أنها “صور خادعة ثبت بعد ذلك عدم صحتها، إذ تشير المعطيات إلى اكتمال بناء السد بنسبة 60%[36].

إسرائيل

  • ترتكز إسرائيل على إنشاء شبكات توزيع الكهرباء للدول المجاورة لإثيوبيا (كينيا والكونغو) قارب إنهاء الشبكة؛ فيما ستنشئ شبكات أخرى لجيبوتي والصومال وجنوب السودان نقلا عن وكالة وطن، ويعتبر إنشاء تلك الخطوط هو بمثابة رسم السياسة التشغيلية للسد وتحديد أمكان توزيعها.
  • سعت إسرائيل سابقا لإيصال مياه النيل إلى صحراء النقب خلال فترة حكم السادات والذي عارضه حيث كانت ستدعم مشاريع في السودان ودول المنبع لزيادة حصة مصر المائية على أن تحصل على 2 مليار متر مكعب من المياه وكان من ضمنها مشروع قناة جونقلي بجنوب السودان الذي باشر فيه حسني مبارك وتوقف لاحقا بسبب الحرب الأهلية بالسودان الذين استهدفوا المشروع وأجهزة الحفر التي كانت تقوم بحفرها شركة فرنسية حيث أنجز 260 كيلو من أصل 360 كيلو من طول القناة وقد حصلت الشركة على تعويضات لاحقا من مصر والسودان.

الصين

  • تستثمر الصين بقرض قيمته 1.8 مليار دولار في سد النهضة.
  • تستثمر الصين والبنوك الصينية في معظم السدود المقامة في إثيوبيا وتستفيد من العائد سواء من الكهرباء أو الزراعة حيث يبلغ حجم الاستثمار 12 مليار دولار وهي الدولة الأولى المستثمرة في إثيوبيا علاوة أنها تتداخل في أعمال بناء سد النهضة من خلال خدمات اللوجستيات.

السعودية

  • يلعب رجل الأعمال السعودي محمد العمودي الذي لا يزال قيد الحبس هو وبعض أفراد أسرته دورا كبيرا في هندسة العلاقات بين السعودية وإثيوبيا؛ حيث يمتلك العديد من المشاريع داخل إثيوبيا وازداد نفوذ العمودي مع توليه إدارة أعمال وزير الدفاع الراحل سلطان بن عبدالعزيز وتوسعت شركاته في العديد من القطاعات الزراعية والبناء ومرافق النفط، استطاع العمودي بإقناع الملك عبدالله الراحل بالاستثمار في إثيوبيا لزراعة الأرز للسعودية تحت مشروع “النجمة السعودية للتنمية الزراعية”، وصفته مجلة فوربس الأمريكية بأنه ثاني أغنى رجل عربي حيث تقدر ثروته بـ 13 ونصف مليار دولار ويحتجز في الريترز هو ومجموعة من أقاربه لرفضه التنازل عن مجموعة من أملاكه، وصفته وزارة الخارجية الأمريكية في وثائق مسربة عنها بأنه يحصل على أغلب الامتيازات لأكبر المشاريع في إثيوبيا، حيث يقوم العمودي بتوريد الأسمنت لسد النهضة من خلال مصنعين أسمنت قام بإنشائهما بالشراكة مع شركات إثيوبية لإمداد المشاريع القائمة في إثيوبيا ، فيما أثارت بعض وسائل الإعلام المصرية تأثر بناء السد بسبب اعتقاله.
  • قام رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد خلال أول زيارة له بالسعودية بعد توليه المنصب، فقد تحدث عن الافراج وهو ما يعد مؤشر يدل على أهمية اقتصادية كبيرة لإثيوبيا والسد.
  • أذاع التلفزيون الإثيوبي خبر الإفراج عن العمودي وقام رئيس الوزراء بعمل تعليق على الحدث وأنه ضمن أحد المواضيع التي أثارها سابقا خلال زيارته، وقد كان التلفزيون الإثيوبي أول من أذاع الخبر، ولم يذكر إذا ما تم مصادرة أموال من العمودي أم لا، حيث إن النائب العام السعودي قد أعلن أنه تم تحصيل 100 مليار دولار خلال الحملة التي تم فيها القبض على مجموعة من الأمراء ورجال الأعمال، ويعد هذا الخبر مؤشر جيد في المستقبل بخصوص سد النهضة والاقتصاد الإثيوبي لما يمثله من أهمية كبرى حيث يقوم بتوظيف عشرات الآلاف في مصانعه وشركاته. (المصدر[37])

الإمارات

  • على الرغم من أن حجم الاستثمارات ليست بالوزن الكبير مقارنة بالأطراف الأخرى؛ حيث تستثمر ما يقارب 3 مليار دولار، إلا أن الإمارات تتقاطع سياساتها مع إثيوبيا في عدة ملفات متعلقة بالصراع في القرن الأفريقي وإدارة الموانئ بها، بجانب التحالفات السياسية مع مصر حيث ظهر في الإعلام المصري من قبل بعض الإعلاميين أن مصر تضغط على إثيوبيا عبر دول الخليج، وأن اعتقال العمودي أحد تلك النجاحات التي حققتها الخارجية المصرية في الملفات المتقاطعة مع سد النهضة وإثيوبيا، وتعد السعودية والإمارات على وجه الخصوص أحد الحلفاء الرئيسيين والداعمين للنظام المصري.
  • تعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإثيوبي “لا حاجة لنا بأن تعلمونا الإسلام، فقد ضاع منكم.. ما نريده منكم أن تعلمونا اللغة العربية سريعا لنفهم الإسلام الصحيح جيدا، ثم نعيدكم أنتم أيضا إلى الطريق الصحيح”[38] وذلك خلال أحد لقاءاته بالجالية الإثيوبية في أمريكا أحد أهم المؤشرات التي تدل على عمق الخلافات بين البلدين.
  • على الرغم من أن العلاقات الإثيوبية لم تكن على النحو الجيد قبيل قدوم رئيس الوزراء الأخير أبي أحمد الذي عين في 27 مارس 2018 حيث أن أخر زيارة رسمية تمت في 3 مارس قبيل قدومه بقرابة شهر من قبل عبد الله بن زايد[39] لبحث ملفات اقتصادية ومنذ ذلك اليوم لم تشهد أي زيارات على مستوى تمثيل رسمي كبير وهذا أيضا يعد أحد الشواهد على توتر العلاقات بين البلدين، وهو بالتأكيد أحد التقاطعات في المشهد المصري الإثيوبي.
  • تقوم إثيوبيا بتعزيز العلاقات مع دول الجوار في ضوء دعم الموانئ لما له من أهمية كبرى كمحرك رئيسي للاقتصاد الإثيوبي وتعد تلك السياسة أحد السياسات المتقاطعة سلبيا مع سياسة الإمارات
الدولة حجم الاستثمار
الصين يوجد ما يزيد عن 500 شركة صينية واستثمارات تفوق بليون ونصف دولار

تستثمر الصين في البنية التحتية وقامت ببناء الطرق السريعة التي تربط العاصمة بجيبوتي وتسيطر الصين على أعمال الطرق بواقع 60 % من مشاريع الطرق.

بلغ عدد المشاريع في سنة 2017؛ 624 مشروعا ما يعادل 4 مليار علاوة على توفير 100 ألف فرصة عمل نصفهم دائم، ويبلغ إجمالي الاستثمارات الصينية بإثيوبيا 12 مليار دولار.

أمريكا تقديم دعم نقلا عن موقع الخارجية الأمريكية، فإن الحكومة قد أعطت 870.054 مليون دولار؛ وهي أكبر مساعدات مقدمة لدولة أفريقية.
الاتحاد الأوروبي يقدم الاتحاد الأوروبي قرابة المليار يورو منح مرتبطة بالمشاريع التنموية
إسرائيل تورد للجانب الإثيوبي تكنولوجيا المعلومات والطاقة، حيث تستثمر في 187 مشروعا بواقع 58 مليون دولار، وتعتزم إسرائيل الاستثمار بـ 500 مليون دولار في مجال الطاقة الشمسية والرياح.
السعودية 5.2 مليار 294 مشروعا دولة علاوة على وجود استثمارات من قبل 400 رجل أعمال سعودي تقدر بنحو 13.3 مليار دولار.

تبرع رجل الأعمال محمد العامودي بـ 88 مليون دولار.

المغرب بناء أكبر مصنع للأسمدة في إثيوبية لينقل إثيوبيا من دولة مستوردة للأسمدة إلى دولة مكتفية ذاتيا خلال عدة سنوات، إضافة إلى مجموعة من الاستثمارات الأخرى التي تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار حيث قامت إثيوبيا بفتح سفارة لها في المغرب وهو ما سيحد من الخلافات عند الاتحاد الأفريقي ودور إثيوبيا في التأثير على صناعة القرار الأفريقي، يعتبر ذلك القرار له اعتباراته السياسية فيما يخص علاقة مصر والمغرب حيث تقوم مصر بدعم جماعة الصحراء الجنوبية للمغرب وحضور اجتماعات لهم تحت مظلة الاتحاد الأفريقي واستضافتهم في مصر، وقد يكون ذلك القرار له اعتبار؛ ولكن العوائد الاقتصادية أكبر من المكاسب السياسية وهو ما لا ينفيها.
تركيا تستثمر تركيا في 17 مشروعا قيمتهم 2 ونصف مليار دولار فيما يصل حجم التبادل التجاري 500 مليون حسب تصريح وزير الاقتصاد التركي.
الإمارات تم إنشاء 37 شركة و23 شركة تحت الإنشاء بواقع استثمارات تقدر بنحو 3 مليارات دولار ومليار دولار تبادل تجاري.
قطر تستثمر قطر ب 500 مليون دولار في مجال الأمن الغذائي.

المحور الثاني: قيادة دول حوض النيل

تبنت إثيوبيا سياسة مع دول حوض النيل امتدت لعدة سنوات وسط غياب مصر بترغيب الدول في التنمية من خلال اتفاقية “إطار العمل التعاوني” بعنتيبي التي أعطت شرعية للسدود والمشاريع حيث أمضت 4 دول هم إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا في عنتيبي في مايو 2010 وسط غياب مصري ثم لحقت بهم بورندي وكينيا في فبراير 2011 وسط أحداث الثورة المصرية، يمثل ذلك الاتفاق حجر أساس وشرعية دولية للمشاريع المقامة على النيل من خلال موافقة 6 من دول حوض النيل.

المحور الثالث : التموضع الأمني في قلب القرن الأفريقي

تلعب إثيوبيا دورا كبيرا في قلب القرن الأفريقي لمواجهة الحركات الإسلامية التي نشأت خلال فترة السبعينيات وحتى الآن فصنعت تحالفات مع أمريكا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل لموجهة تلك الحركات التي طالما استهدفت مصالحهم فقامت أمريكا بتفكيك قاعدتها في جنوب أفريقيا وافتتحت قاعدتها في إثيوبيا بإعلان مشترك مع الحكومة الإثيوبية، وتحضر إثيوبيا بشكل فعال وأمني لمواجهة حركة شباب المجاهدين في الصومال وإريتريا وكينيا، ويمثل الموقع الجغرافي عمقا للعمليات العسكرية داخل القرن الأفريقي.

السياسة السودانية وإدارتها لملف النهضة

أولاً: قاعدة العلاقة الثلاثية

“كلما تقارب طرفان فيما بينهما كان على حساب الثالث”، تمثل تلك القاعدة توضيحا بسيطا لفهم العلاقات المتشابكة بين مصر والسودان وإثيوبيا فكلما ضغط الطرف المصري على السوداني وزادت حدة الخلافات فيما بينهم تقارب الطرفان السوداني الإثيوبي والعكس صحيح فكل تنافر ينتج عنه تقارب، حاولت السودان الحفاظ عن مسافة متساوية بين الطرفين في بداية جولات التفاوض حول سد النهضة؛ فبرغم من المنافع الاقتصادية العائدة على السودان التزمت بسياسة متوازنة بين الطرفين ولكن الممارسات المصرية تجاه مجموعة من الملفات كدعم المتمردين في جنوب السودان ودارفور والتمركز في إريتريا ودعمها للمتمردين هناك وغيرها من الملفات حالت دون ذلك فقامت بتقارب مع إثيوبيا وصرح وزير الخارجية الغندور في أكثر من مناسبة على أن مصر هي من المسؤولة عن فشل المفاوضات.

ثانياً: إغلاق السودان حدودها مع إريتريا

قامت السودان بإغلاق حدودها مع إريتريا وأعلنت فرض حالة طوارئ في ولاية كسلا المحاذية للحدود مع إريتريا مع غلق المعابر الحدودية وذلك بعد فترة قصيرة من زيارة أردوغان للسودان حيث قام الرئيس الإريتري بتصريحات مضادة للزيارة، مثلت تلك الزيارة منعطفا كبيرا بالمنطقة وتأجيجا لتحركات عسكرية ضد السودان في قاعدة “ساوا” المتواجدة بإقليم “القاش بركة” الحدودية مع السودان، نشرت الصحف السودانية ووالي مدينة كسلا تحركات بنشر قوات على الحدود الشرقية وتعبئة الآلاف؛ وهي الولاية المحاذية للإقليم التي تتواجد به القاعدة العسكرية.

تزامنت تلك التحركات زيارة وزير الخارجية المصري ورئيس إريتريا لأبو ظبي سامح شكري وأسياس الأفورقي وخروج بيان مشترك من قبل مصر والامارات تنتقد التواجد التركي بالسودان وخروج تصريحات من قبل الأفورقي على نفس الوتيرة بعد توجهه من أبو ظبي إلى القاهرة.

لم نستطع تحديد حجم تلك القوات المتواجدة هناك من مصادر رسمية أو غير رسمية ونقلت وسائل إعلام بإثيوبيا أن هناك اجتماعا حصل في القاعدة ضم عسكريين مصريين واماراتيين وإرتريين وقادة من حركات التمرد بدارفور وحركات شرق السودان لم تسمهم، فيما روجت بعض وسائل الإعلام أن التواجد كان في القاعدة العسكرية الإماراتية “عَصب” التي يتم استخدامها لتوجيه ضربات ضد اليمن.

كان لتلك التحركات المضادة من قبل الجيش الأثيوبي وحشد في منطقة المثلث الحدودي بين السودان وإثيوبيا وإريتريا والتي تقدر بنحو 20 كيلو مترا وقامت بعمليات تمشيط ومسح جوي بالمنطقة ورفع التعزيزات الأمنية على سد النهضة، وهذا ما رصدنا في مراسلات الخارجية حول السؤال عن حجم القوات الإثيوبية التي احتشدت على الحدود السودانية والإريترية حيث طلبت المخابرات العامة بعمل تقرير من قبل السفارة المصرية بأديس أبابا وإيفائها بحجم القوات وكل ما هو مرتبط بذلك علاوة على اتفاقية الدفاع المشترك المبرمة بين السودان وإثيوبيا وتداولت بعض وسائل الإعلام السودانية إلى أن إثيوبيا قامت بتسريب معلومات للحكومة السودانية عن التحركات العسكرية في إريتريا وعن تواجد عسكري مصري إماراتي، مثل ذلك التحرك عقبة كبيرة للقيام بأي عملية عسكرية ضد السودان.

ثالثاً: الاحتجاجات السودانية.. نحو تقارب مصري سوداني

مثلت الاحتجاجات السودانية التي لا تزال مستمرة في الخرطوم وعدة مدن أخرى انعكاسا مباشرا بدول الإقليم ومصر على وجه الخصوص، وفي ضوء التطورات التي تشهدها العلاقات الثنائية بين مصر والسودان في عدة ملفات أمنية واقتصادية وتقاطعات إقليمية؛ حيث شهدت اجتماعات اللجان العليا سواء الرئاسية أو على مستوى وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة ترجمة على الصعيد الدبلوماسي والاقتصادي، حيث تم الإعلان عن تدشين مشروع لربط مصر والسودان بخط سكك حديد والذي لم يكن فقط تصريحات إعلامية بل ترجم عبر اجتماع لجان وتصريحات من مسؤولين عن تكلفة حقيقية للمشروع واعتزام هيئة سكك السودان تغير مواصفاتها في سكك الحديد حتى تكون مطابقة للمواصفات المصرية بجانب مشاريع زراعية ودراسة مشاريع متعلقة بالكهرباء، أما على الصعيد الخارجي فشهد التقارب المصري السوداني في ما يخص الملف الليبي تقاربا بعض الشيء ويعد هذا التقارب نتاج الاجتماعات الدورية لمسؤولي الخارجية والمخابرات العامة.

على الرغم من أن زيارة سامح شكري وعباس كامل للبشير في إطار اجتماع اللجان المشتركة إلا أنه مثل دعما إقليميا للسودان في مواجهة الاحتجاجات المندلعة منذ ديسمبر 2018 وحتى الآن احتجاجا على ارتفاع أسعار الخبز ثم تطور إلى المطالبة بسقوط البشير وتنحيته، حيث يسعى البشير للنزول لدورة رئاسية ثالثة وهو ما شهد بعض المعارضة من قبل أحزاب المعارضة البعثية والاشتراكية إضافة إلى معارضة بعض القيادات في حزبه والذي قام البشير بالتخلص منهم مؤخرا، قبل أن يتم عزله لاحقا، ويشهد السودان ضغوطا كبرى على الصعيد الداخلي والإقليمي والخارجي، حيث يعيش حصارا اقتصاديا مفروضا عليه من أمريكا على الرغم من أن أخر قرار قام بتوقيعه أوباما هو رفع اسم السودان من الحصار إلا أن بقائه ضمن قائمة الدول الداعمة للإرهاب يعزز استمرار الحصار عليه.

وقد صرح البشير خلال زيارته الأخيرة في القاهرة يوم 27 يناير 2019 “الوفد رفيع المستوى الذي زار السودان مؤخرا وهي رسالة مهمة تؤكد دعم مصر لاستقرار السودان، ويجب عدم التأثير على حقوق مصر والسودان في مياه النيل، ومصير السودان ومصر مشترك”، حيث تم مناقشة ملف النيل وسد النهضة بشكل أساسي، وقال السيسي تعقيبا على زيارة البشير وقال السيسي، إنه بحث مع البشير “تعزيز التعاون التجاري، والمشروعات المشتركة بين البلدين، كمشروع الربط الكهربائي، وتطرقت المباحثات للموضوعات ذات الصلة بين مصر والسودان وإثيوبيا، وتطورات مباحثات سد النهضة، والأوضاع في القرن الأفريقي”[40]، ويمثل هذا التقارب ضغطا كبيرا فيما يتعلق على وجه الخصوص بالسياسيات المتبعة في مدة ملء السد.

سد النهضة.. تداعيات اقتصادية واجتماعية

لا تتوقف مآلات أزمة سد النهضة على الجانب المصري عند البعد السياسي فقط، ولكن تمتد إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية كما سنوضح هنا:

أولاً: البعد الاقتصادي[41]

  • انخفاض حصة مصر المائية بمتوسط يقدر من 9 إلى 12 مليار متر مكعب بأقل التقديرات من أصل 55 مليار متر مكعب وهو ما يقارب الربع، وبعض الخبراء يتحدث عن 20 إلى 35 مليار متر مكعب، ويعتبر انخفاض حصة مصر المائية 12 مليار متر مكعب تهديد كبير للأمن القومي المصري، يعتمد حجم التأثير طبقا لعدد السنوات التي ستسعى بها إثيوبيا لتخزين السد فكلما زادت المدة قلت الآثار السلبية المباشرة وتسعى إثيوبيا لملء السد في 3 سنوات وهو ما سيجعل مصر والسودان تفقدان حصة تتراوح بين 15 – 25 مليار متر[42]،[43] مكعب قادمة من إثيوبيا وستضطر مصر للجوء لبحيرة ناصر لتعويض العجز الذي لن يصمد كثيرا، وقد قامت مجموعة من المتخصصين في جامعة الفيوم بعمل ورش عمل ناقشت فيها حجم المآلات التي سيتركها السد في حال شرعت الحكومة الإثيوبية في ملئه بست سنوات وفي حالتين حالة الفيضان العادي وحالة الجفاف، وتلخصت إلى أنه في الحالة الأولى من غير جفاف ستفقد مصر 7ونصف مليار متر مكعب سنويا أما في حال الجفاف فستبلغ إلى 36 مليار متر مكعب من أصل 55 مليار متر مكعب [44].
  • وإذا بلغ الانخفاض مقدار 10 مليارات متر مكعب سنوياً فإن خسائر القطاع الزراعي ستصل إلى 150 ملياراً في السنة.[45]
  • تقلص حجم بحيرة ناصر سيؤثر على عمل توربينات الكهرومائية المرتبطة بالسد العالي علاوة تأثر مشروع تشكا لاعتماده الرئيسي على البحيرة.
  • خسارة 2% من حصة مصر المائية سيفقدها سنويا 200 ألف فدان حسب تصريح وزير الري محمد عبد العاطي[46]، وهو أمر غاية في الخطورة حيث أنه لو فقد مصر 15 مليار مكعب سنويا سيتجاوز نسبة الفقد 18% أي أن حجم ما ستفقده مصر سنويا من الأراضي الزراعية ما يعادل مليون و800 ألف فدان زراعي من أصل 10 مليون أي 18 % من حجم الأراضي الزراعية.
  • انخفاض نصيب الفردي لاستهلاكه للماء ويعتبر مؤشر خطير مع زيادة أعدد المواطنين حيث إن مصر تعتبر من الدول التي تعيش عجزا مائيا يقدر بنحو 42% من احتياجات مصر وتقوم بإعادة تدوير للمياه بنسبة 33 % لتغطية الاحتياجات، ويبلغ خط الفقر المائي 1000 متر مكعب سنويا حسب التصنيف العالمي بينما يبلغ حصة المواطن المصري حاليا متوسط 640 مترا مكعبا بعجز 36%[47].
  • “تأثر إنتاج محطة السد العالي للكهرباء قد تصل إلى 30% من إجمالي الإنتاج، لكن النسبة ليست ثابتة، فهي مرشحة للزيادة والنقص، والقاعدة التي نعمل عليها حسابيا أن المليار متر مكعب من حصة مصر يعطى إنتاجية طاقة بمقدار 2% بما يعنى أن انخفاض مليار متر من الحصة المقررة يقلل 2% من قدرات توليد الكهرباء” وذلك في حوار مع المهندس عبد النبي عبد الغني رئيس مجلس إدارة شركة المحطات المائية لإنتاج الكهرباء “شركة كهرباء السد العالي” في حوار أجري معه في سنة 2013.[48]
  • توقف مشاريع استصلاح الأراضي.
  • تأثر الصناعات الغذائية حيث يتجاوز عدد المصانع الغذائية 1200 مصنع.
  • زيادة البطالة نتيجة بوار الأراضي الزراعية وتوقف المصانع.
  • انخفاض ناتج محاصيل استراتيجية كالأرز وقصب السكر لكبر حجم احتياجها للماء وهو ما سيكون له أثر في تأثر الصادرات المصرية وارتفاع ميزان العجز التجاري، وهو ما تقوم به السلطات المصرية حاليا بمنع الفلاحين من زراعتهم وبتغريمهم ماليا، حيث قام الوزير بخفض حجم الأراضي الزراعية التي تزرع الأرز من مليون و100 ألف فدان إلى 724 ألف فدان فقط[49].
  • ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.
  • انخفاض حجم الصادرات الزراعية والغذائية.
  • زيادة حجم الواردات الغذائية التي تقدر بنحو 60 %.
  • تأثر صناعة القرار السياسي نتيجة زيادة الواردات الغذائية.
  • ستلجأ مصر لمشاريع تحلية مياه البحر الباهظة الثمن.
  • دخول المياه المالحة على منطقة الدلتا نتيجة انخفاض معدل تدفق مياه النيل وارتفاع مستوى البحر وسط تغيرات الطقس العالمية.[50]
  • تأثر منسوب المياه الجوفية في الصعيد.
  • شحط الملاحة المائية بنهر النيل.

ثانياً: البعد الاجتماعي

  • سيؤثر السد على زيادة حجم الضغوط على المزارع المصري وبمعدل كبير خلال فترة ملء خزانه؛ وهو ما بدأ يظهر جليا جراء انقطاع المياه على مجموعة من القرى بصعيد مصر وتبوير العمد للمحاصيل الزراعية الممنوع زراعتها وزيادة أسعار المياه بمعدل 47%.
  • ستزيد مآلات بناء السد من مساحات الطبقة المعدومة والفقيرة وستتقلص الطبقي الوسطى وتنكمش أكثر فأكثر، وستختفي مهن ووظائف مرتبطة بالإنتاج الزراعي وملحقاته وستزيد معدلات الهجرة الداخلية والتغيرات الديموغرافية في البلد.

استنتاجات

أولاً: أهم ملامح السياسة المصرية تجاه ملف سد النهضة

  • ترتكز سياسات مصر تجاه السد في مناقشة الأمور الفنية حيث تسعى لتقليل حجم الآثار السلبية من ملء سد النهضة فتضغط لتكون الفترة الزمنية 10 أو 7 سنوات وليس 3 سنوات ليقل حجم الضرر من بوار الأراضي المصرية من 51 % إلى 17 % إذا تم تعبئته في 7 سنوات في حين أنها لم تنتهج المسارات الدبلوماسية كأولوية كاللجوء لرفع قضية دولية وعمل تحكيم دولي قال معظم الخبراء إنه طبقا للقوانين المنظمة للأنهار فإن فرصة مصر كبيرة في أن تكسب التحكيم.
  • أحد الاخطاء الاستراتيجية في إدارة مصر لملف سد النهضة، هو أنه كان على مصر المبادرة بالمشاركة في بناء السد وتحديد مكانه وتصميم السد والعوامل الفنية المتعلقة ويكون ذلك وفق رؤية استراتيجية نحو الشراكة مع دول حوض النيل وتعزيز الشراكة مع الدول الأفريقية واستعادة النفوذ داخل أفريقيا.
  • سعى السيسي لحل المشكلات التي يواجهها في بداية حكمه من عدم اعتراف دولي ومحاولته للحصول على شرعية للنظام، فقام بتبني سياسات في بداية حكمه بهدف تخفيف حدة الانتقادات الدولية ومنها انتقادات الاتحاد الأفريقي من خلال مجموعة من التنازلات فقام باستخدام ملف سد النهضة والتوقيع على وثيقة إعلان المبادئ وهي تعتبر اعتراف ضمني بالسد فكانت كالجسر نحو الاتحاد الأفريقي لرفع التجميد الذي أقره الاتحاد الأفريقي بعد الانقلاب العسكري.
  • خسارة مصر للسودان في تحركاتها السياسية والخارجية لملف سد النهضة، وتعميق البعد السياسي في خلافاتها مع السودان وتأثيره على مصالح الأمن القومي، فبناء قاعدة عسكرية أو نشر جنود في إريتريا بدلا من التقارب مع السودان هو خطأ استراتيجي سيؤثر على سياسات مصر تجاه ملف سد النهضة بخسارتها حليف رئيسي وفعال مع دول حوض النيل خاصة أن السد يبعد عن الحدود السودانية 18 – 20 كيلو مترا، وقد استغلت إثيوبيا ذلك التباعد في بناء تقارب وتفاهمات مع الجانب السوداني وعرض فرص استثمارية كان أخرها شراء حصة من ميناء بورسودان والمساهمة في تطويره ورفع طاقته التشغيلية، وربما يعد التقارب الأخير بين مصر والسودان مؤشرا إيجابيا حتى تفرض مصر سياساتها على إثيوبيا حيث أن اجتماع مصر والسودان كدولة مصب أمام دول المنبع يعزز من الموقف الدولي أمام الهيئات والمؤسسات الدولية ويقوي حضور مصر إذا ما لجأت إلى تحكيم.

ثانياً: أهم ملامح السياسة الإثيوبية تجاه ملف سد النهضة

  • تتبنى إثيوبيا تكتيك المراوغة السياسية من خلال إطالة فترة المفاوضات وتعمد فتح العديد من المحاور والقنوات الدبلوماسية وإدخال العديد من الأطراف الخارجية لإنهاك الخارجية المصرية في العديد من اللقاءات والاجتماعات غير المجدية أو ذات أثر مباشر على السد حيث أن السد له ارتباط مباشر وتأثير مباشر على كل من السودان ومصر وتميع النقاشات والخلافات الفنية بل وتسيسها وإدخال الأطراف الراعية والممولة للسد والمشاريع المرتبطة به.
  • تستفيد إثيوبيا من الخلافات السياسية المصرية مع دول عربية أخرى كالمغرب لبناء شراكة عبر الاستثمار وفتح سفارتها في العاصمة المغربية فوظفت الخلافات والاحتياجات لدول مختلفة بشكل يصب في صالحها.
  • تغير رأس السلطة في إثيوبيا بشكل مرن بالرغم من عدد القتلى الذي جاوز 700 واعتقال ما يزيد عن 21 ألفا يعطي مؤشرا قويا للاستقرار للدول ورجال الأعمال المستثمرين للأقدام والتوسع في الاستثمار، وتحاول الحكومة الإثيوبية صناعة مناخ استثماري تنافسي من خلال مجموعة من القرارات الاستثنائية لبعض الشركات والبنوك الصينية على حساب الغربية من خلال حزمة من القرارات الإدارية المتعلقة بالجمارك والضرائب فتنشأ منافسة فيما بينهم للحصول على نفوذ وصلاحيات ومصالح أكبر فيما تتوسع أمريكا والدول الأوروبية بدعم الأقلية المسيحية وجماعة التيجاري ماليا وعسكريا وتعتبر القاعدة العسكرية الأمريكية عمقا أمنيا في منطقة القرن الأفريقي، حيث تعتبر إثيوبيا الأن من أكبر الدول التي تحصل على استثمارات من الخارج حسب تقارير البنك الدولي.
  • تمتلك إثيوبيا ما يقارب من 30 سدا قديما والبعض تحت الإنشاء علاوة على السدود الفرعية الداعمة للسدود الرئيسية، وتقوم إثيوبيا بجذب الاستثمارات إلى أرضيها من خلال المشاريع المرتبطة بالسدود والمتعلقة بتصدير الكهرباء إلى دول الجوار جيبوتي وكينيا وجنوب السودان والسودان والصومال وبوروندي وأوغندا، وتخصيص مساحات من الأراضي الزراعية يتم ريها من خلال السدود بعضها يزيد عن النصف مليون هكتار، ويعتبر ذلك العنصران هما الأساس في جذب الاستثمارات حيث يتنافس مجموعة من الدول والبنوك على الاستثمار في تلك السدود.

ثالثاً: إدارة أزمة سد النهضة.. مقارنة بين مصر وإثيوبيا

  • افتقاد مصر لرؤية واستراتيجية للتحرك في الملف حيث تتسم معظم التحركات بتخبط وعشوائية نتيجة التغيرات التي تشهدها الأجهزة المصرية من تغيير قيادات أمنية رفيعة ونقل الملفات من مسؤول لآخر والعكس صحيح ما نشهده في إثيوبيا من تغيرات هيكلية في بنية الحكومة وتولية ذوي الاختصاص والأكفأ وسحب البساط من تحت الجيش ومحاربة الفساد.
  • تبنت مصر سياسات معادية مع السودان بعضها ذات طابع أمني ودعما للمعارضة المسلحة السودانية وهو ما ظهر جليا في دارفور وقاعدة ساوا في إريتريا في المقابل قامت إثيوبيا بتبني سياسة تصفير المشاكل مع دول حوض النيل والقرن الأفريقي وإشراكهم في مشاريع تنموية ذات عائد اقتصادي وتنموي مباشر.
  • استناد مصر على التحركات فيما يخص رواندا وبوروندي رغم عدم ثقلهم ووزنهم الضعيف في التأثير على سياسات دول حوض النيل[51]، فيما قامت إثيوبيا عبر سلسلة من المشاورات بتشكيل تكتلات قامت معظم دول المنبع بالإمضاء على اتفاقية عنتيبي وقامت باستغلال فترات عدم الاستقرار السياسي في مصر بأخذ خطوات جريئة نحو بناء السد.
  • تقوم مصر بتقديم سلسلة من التدريبات والتأهيل ومشاريع صغيرة النطاق مع دول حوض النيل في حين تقوم إثيوبيا بترغيب دول حوض النيل من خلال حزمة من المشاريع الكبيرة ذات المردود الاقتصادي والتنموي الكبير خاصة أنها ستغطي احتياجات أساسية في الكهرباء والزراعة.
  • استطاعت مصر إقناع الاتحاد الأوروبي بعدم إقراض إثيوبيا وتمويل مشروعات قبل 2014، فيما استطاعت إثيوبيا عبر مجموعة من الزيارات مستغلة ملف التنمية ومعدلات النمو الكبيرة التي بلغت 10% سنويا بأن تقنع الاتحاد الأوروبي بعمل برامج مساعدات موجهة في قطاعات الصحة والتعليم والزراعة عبر مشاريع إنمائية من خلال صندوق التنمية الأوروبي، فيما تفتقد مصر لتحركات هامة واستراتيجية من رفع درجة النفوذ والتأثير السياسي عبر استغلال القانون الدولي والاتفاقيات المتعلقة بالأنهار والمنظمة لها.
  • لم تكسب مصر من الجولات المتعددة للمفاوضات مع إثيوبيا شيئا؛ بل حصل الطرف الإثيوبي على اعتراف ضمني بالسد واعتراف بحق إثيوبيا بالتنمية، ومن تلك المنطلقات اثرت على دول حوض النيل في اجتذابهم لطرفها، واستطاعت إثيوبيا المراوغة والكر والفر دبلوماسيا وإعلاميا وفتح قنوات اتصال بالكثير من المنظمات في الخارج لتكسب وقتا لبناء السد.
  • استخدم السيسي التشويش الإعلامي للتغطية على مسؤوليته المباشرة جراء توقيع الاتفاق من خلال إثارة موضعين هما سد تنزانيا وتحويل مسار نهر الكونغو لمضاعفة حصة مصر المائية إلى 120 مليار متر مكعب لإثارة قضايا إعلاميا دون وجود تحركات تتناسب مع حجم طرح تلك القضايا بشكل عملي؛ بل قامت وزارة الدفاع والشركة العربية للتصنيع التابعة لوزارة الانتاج الحربي برفض المشروع وكان ذلك بالتزامن مع ظهور زخم شعبي واهتمام من الرأي العام فعمد على إظهار الدولة بموقف قوي وإظهار مجموعة من المهندسين والمتخصصين في تلك المواضيع لمناقشتها إعلاميا لإبعاد أي مسؤولية سياسية على مؤسسة الرئاسة، في المقابل استغلت إثيوبيا ذلك الاحتقان الإعلامي في إظهار نفسها دوليا أنها ضحية وسعت لتقارب وبناء تحالف مع السودان وهو ما تم.

الخلاصة

النظام المصري الحالي ارتكب جريمة كبرى باعترافه بالسد في اتفاقية المبادئ، وكل السياسات التي تبناها تدل على تخبط كبير وعدم وجود رؤية استراتيجية للتعامل مع الملف ودول حوض النيل بوجه عام، بل إنه ابتعد عن سلوك مسارات ذات تأثير كبير كالتحكيم الدولي، وإدارة الملف إدارة أمنية انعكست بتكتلات وتحالفات مضادة، وستواجه مصر أزمات كبرى ستساهم بتسارع العوامل المهدد للنظام والدولة بل إنه قد يخضع مصر ويجعلها دولة تابعة بالمقام الأول لما سيكون له من آثار في الانتاج الزراعي المحلي والسلع الرئيسية التي تلبي احتياجات المجتمع .

توصيات

  • تعد الأزمة التي تواجهها إثيوبيا في بناء السد فرصة حقيقية يجب استغلالها فالدخول كشريك ودفع المبالغ المتبقية واللازمة لاستكمال أعمال البناء هي فرصة كبيرة لفرض سياسات وآليات تعبة السد علاوة على تحقيق مكاسب جيوسياسية مع دول حوض النيل بجوار إثيوبيا وتعزيز مكانة مصر بمشاريع حقيقية وتشاركية معها، بهذا المدخل تستطيع مصر الاستثمار في تنمية المنطقة وتوجيه موارد بشرية وطاقات شبابية في مصر غير مستغلة وتعاني من بطالة.
  • تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وطرحه كوسيط في عملية دبلوماسية مع إثيوبيا بدلا من البنك الدولي ذو السمعة السيئة وسياساته المقيدة للدول النامية، فوجود ألمانيا كطرف رئيسي أمر غاية في الأهمية خاصة لو تم عمل دراسة فنية متقدمة فيما يتعلق بمآلات سد النهضة على مصر وربطه بزيادة معدلات الطلب على الهجرة للخارج بمعدلات متسارعة سيجعل تحرك الاتحاد الأوروبي أمرا محوريا بالنسبة له لما يمثله من تهديد حقيقي فيما يتعلق بملف المهاجرين.

تمثلت تلك التغيرات الجذرية في بنية النظام الإثيوبي فرصة جيدة يجب استثمارها ببناء حلقات وصل مع جماعات الأورمو ذات الغالبية المسلمة والتشبيك من خلال جمعيات المجتمع المدني وإنشاء علاقات مع المنظمات المتواجدة في الغرب وخلق حلقات تواصل مع المفكرين والصحفيين حتى يكون ذلك العمل المتراكم مجتمعيا مدخلا لبناء شبكات علاقات ذات تأثير يمكن الاستفادة منها مستقبلا حتى يتم صناعة استراتيجية بين البلدين ودول حوض النيل، مع الأخذ في الاعتبار تعمد الحكومة الإثيوبية (قبيل قدوم أبي أحمد) لنشر خاطئ للإحصائيات فيما يخص أعداد جماعة الأورمو التي تتراوح بين 35 – 60% والمهرة 20 – 30% ذو الأغلبية المسلمة وتقوم تلك الجماعات بتضخيم الأرقام وفي المقابل تقوم أقلية التيجاري التي تقدر بنحو 6% ذات الأصول المسيحية والتي تحظى بدعم غربي كبير بوصفهم بالأقلية وحصرهم في أرقام بين 20 و25% والحصول على الأرقام الصحيحة أمر هام لبناء التحالفات المصرية الداخلية والتأثير في الشأن الداخلي.[52]


الهامش

[1]  يذكر أن اختيار رئيس الاتحاد يتم من خلال آلية بتحديد الرئيس الحالي والذي يليه في السنة التالية، وأن يكون بالتناوب بين الأقاليم الأفريقية حيث أن الأقاليم هي شمال وجنوب وشرق وغرب ووسط ويضم الإقليم الشمالي الدول العربية.

[2]   السد X   أو سد النهضة: تم تحديد موقعه إثر دراسة أمريكية سنة 1960 لوفد كبير لأديس أبابا خلال فترة الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا إثر اتفاق بناء السد بين مصر والاتحاد السوفيتي 1959 من هنا

[3] موقع تكنولوجيا المياه، الرابط

[4]  الرابط

[5]  تقرير عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء لسنة 2015 عن حجم الأراضي الزراعية من الرابط

[6]  منع 18 محافظة من زراعة الأرز الرابط  والرابط

[7]  حلقات عمرو أديب يناقش فيها عن منع زراعة الأرز والقصب ويوجه الرأي العام اتساقا مع سياسات الحكومة من الرابط ومن الرابط

[8]  الرابط

[9]  من هنا

[10]  مطالبة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الافراج عن محمد العامودي من هنا

[11]  معلومات عن محمد العامودي ، حجم ثروته وتبرعاته، وشكل مساهماته في بناء السد من هنا  ، هنا ، هنا

[12]  من هنا ، هنا ، الرابط

[13]   مصدر من العربية نقلته الصحف المصرية من الرابط

[14]  تقرير الاتحاد الأوربي عن العلاقات الأوروبية الإثيوبية من الرابط

[15] رفض إثيوبيا اقتراح مصر تحكيم البنك الدولي من الرابط

[16] الرابط

[17] تصريحات وزير الدفاع الإثيوبي من الرابط

[18] إشارة رئيس إريتريا لتبادل المعلومات بين الجانبين السوداني والإثيوبي من الرابط

[19] الرابط

[20] الرابط

[21]  يقوم الجيش ببناء 4 محطات تحلية مياه من هنا وقد تم تداولها إعلاميا على القنوات الفضائية.

[22]  من هنا

[23]  تصريحات وزير الدولة الإثيوبي عن دعم المعارضة المسلحة الأثيوبية من هنا

[24]  وزارة الري وخطة T4   من هنا

[25]  موقع الوكالة من هنا

[26]   من هنا

[27]  من هنا

[28]  قائمة بعض السدود الأثيوبية من هنا

[29]  صفحة الموقف المصري من هنا

[30]  الرابط

[31] الرابط

[32]  من هنا

[33]  من هنا

[34]  من هنا

[35]  من هنا

[36]  تصريحات حسين الشافعي من هنا

[37]  الرابط

[38] الرابط

[39]  الرابط

[40]  الرابط

[41]  قائمة ببعض المهندسين والأساتذة المختصين بالسدود يمكن الرجوع لهم كمصدر رئيسي في الحصول على الدراسات الفنية المتقدمة المرتبطة بسد النهضة، حيث قمت بتلخيص ملاحظاتهم وبعض منن دراساتهم المنشورة حول سد النهضة وتداعياته:

  • د محمد حافظ، أستاذ بجامعة Uniten – Malaysia، ظهر بالجزيرة ومكملين.
  • د أحمد المنشاوي خبير المياه والسدود بالأمم المتحدة.
  • د جمال صيام جامعة القاهرة، دراسة في يناير 2016
  • د نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة
  • د أحمد المفتي ” سوداني ” مرجع وخبرة جيدة في التحكيم الدولي ومسائل السدود والتسلل التاريخي للأزمة بكواليسها بين مصر وإثيوبيا بداية من تحرك عصام شرف 2011، وهو يقول في لقاء تلفزيوني له أن السد مبني على أراضي سودانية!!.
  • الدكتورة هايدي فاروق مستشارة قضايا الحدود ومسائل السيادة الدولية والسفير مدحت كمال القاضي سفير مصر سابقا لدى سلطنة عمان والكونغو ومساعد وزير الخارجية للبحث العلمي وهما مؤلفي كتاب ” سد النهضة وسد النيل “.
  • فريق الإعداد لحلقة أحمد منصور حيث أن فريق قام بعمل متميز بجمع تلك الدراسات، والقوانين المرتبطة به.

[42] لخص أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس محمد شراقي ذلك في انقطاع ما بين 15 و25 مليار متر مكعب من المياه عن مصر والسودان بسبب تخزين هذه الكمية المائية في بحيرة سد النهضة. من هنا

[43]  قال الدكتور صفوت عبد الدايم، مستشار المجلس العربي للمياه، إن سد النهضة بالتأكيد ستكون له تأثيرات سلبية على الأمن المائي المصري والمياه المقبلة إلى مصر من النيل الأزرق، وستقل طبقاً للأبحاث بكميات تتراوح بين 5 و10 مليارات متر مكعب سنوياً من هنا

[44]  ورشة عمل في جامعة الفيوم 2016 من هنا

[45]  من هنا

[46]  تصريح وزير الري محمد عبد العاطي من هنا

[47]  من هنا

[48] من هنا

[49] من هنا

[50]  دراسة من منظمة الأنهار الدولية بعنوان خمس خرافات عن سد النهضة من هنا

[51]  (مصر – السودان – جنوب السودان – إثيوبيا – روندا – بوروندي – تنزانيا – كينيا – الكونغو – أوغندا)

[52] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى