نحن والعالم عدد 21 أغسطس 2025

يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 15أغسطس 2025 إلى 21 أغسطس 2025
نفتتح هذا التقرير على لوحة إقليمية ودولية متشابكة: من باريس خرج اللقاء السوري–الإسرائيلي إلى العلن، وبإعلان سوري رسمي، برعاية أميركية، في خطوة تثير جدلاً داخلياً وتعيد الجنوب السوري إلى قلب لعبة التوازنات. وفي الشمال، تستعد دمشق لمعركة محتملة ضد “قسد”، بينما تهتز السويداء بين دعوات الانفصال وصوت مشايخها المنقسم.
العراق يعيد تموضعه مع الأميركيين وسط ضغوط إيرانية، فيما تعلن واشنطن تصفير صادرات طهران النفطية إلى الصين. لبنان يعيش سجال السلاح بين حزب الله والدولة، وإسرائيل تبحث إعادة توطين فلسطينيي غزة في جنوب السودان وليبيا وأرض الصومال.
على الضفة الأخرى من العالم، قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين كرّست عجز واشنطن عن فرض وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، تاركة روسيا كرابح رئيس من القمة، قبل أن تحتضن واشنطن قمة جديدة مع قادة أوروبا، تمنح كييف وعوداً أمنية هشة.
وفي أفريقيا، يشتد صراع الجماعات المسلحة في إثيوبيا، بينما توسع روسيا حضورها العسكري في دول الساحل. وعلى خط الاقتصاد، صفقة ضخمة بين أرامكو وبلاك روك، يقابلها تعيين لاري فينك في قيادة المنتدى الاقتصادي العالمي.
سوريا
يبرز مشهد معقّد تتقاطع فيه ملفات الداخل السوري مع صراعات الإقليم. لقاء سوري–إسرائيلي علني في باريس برعاية أمريكية أعاد إلى الواجهة أسئلة التطبيع والخوف من تقسيم الجنوب تحت شعار “المعابر الإنسانية”. وفي الشمال الشرقي، تتحضر دمشق لمعركة محتملة ضد “قسد” قد تعيد خلط الأوراق بين موسكو وواشنطن وأنقرة. أما السويداء، فبين مظاهرات رافعة لأعلام إسرائيل وصراع بين مشايخها، تبدو أقرب إلى ساحة اختبار لمشروع التقسيم. وعلى خط موازٍ، تتكشف واحدة من أعمق جرائم الحرب: أطفال مفقودون جرى إخفاؤهم قسراً في دور الأيتام.
لقاء سوري – إسرائيلي في باريس برعاية أميركية لبحث الاستقرار في الجنوب
ذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني عقد، يوم الثلاثاء 19 أغسطس/آب في باريس، اجتماعاً مع وفد إسرائيلي برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، لمناقشة ملفات تتعلق بـ”خفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة، وخاصة في الجنوب السوري”.
وأوضحت الوكالة أن المحادثات تناولت عدة محاور، من بينها عدم التدخل في الشأن السوري الداخلي، ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، إضافةً إلى بحث إعادة تفعيل اتفاق فصل القوات الموقّع عام 1974. وأشارت إلى أن هذه اللقاءات تجري بوساطة أمريكية، ضمن مساعٍ دبلوماسية تهدف إلى دعم وحدة سوريا وسلامة أراضيها.
في السياق نفسه، قال المبعوث الأمريكي توم براك إنه التقى الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، مشيراً إلى أن النقاش ركّز على “الوضع في السويداء وسبل تهدئة التوترات وتحقيق توازن بين مصالح مختلف الأطراف”.
ويأتي اللقاء بعد مباحثات أجراها الوزير الشيباني في عمّان منتصف الشهر الجاري مع نظيره الأردني أيمن الصفدي والمبعوث الأمريكي براك، حيث اتُّفق حينها على تشكيل مجموعة عمل سورية–أردنية–أمريكية لمتابعة جهود تثبيت وقف إطلاق النار في السويداء.
وبحسب مصدر حكومي تحدّث لقناة “الإخبارية”، فإن الشيباني، بمشاركة رئيس الاستخبارات السورية، التقى في باريس وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي. وأكد الجانبان خلال الاجتماع “التمسك بوحدة الأراضي السورية ورفض أي مشاريع تقسيم، والتشديد على أن محافظة السويداء جزء لا يتجزأ من سوريا وأن الدروز مكوّن أصيل في النسيج الوطني”. كما جرى التطرق إلى الأوضاع الإنسانية في الجنوب، والاتفاق على تعزيز المساعدات الموجهة لأهالي السويداء والبدو لتخفيف الأعباء المعيشية.
وأضاف المصدر أن الطرفين ناقشا “آلية لإعادة تفعيل اتفاق وقف الاشتباك لعام 1974 بما يمنع التوغلات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية ويؤسس لبيئة أكثر استقراراً”. وخُتم اللقاء بالتأكيد على التزام الجانبين بالعمل من أجل خفض التصعيد في الجنوب وتفادي الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.
تعليق:
لم يكن اللافت في لقاء الشيباني بالوفد الإسرائيلي مجرد عقد الاجتماع، إذ سبق أن جرت لقاءات تم تسريب تفاصيلها، مثل لقاء جمع الوفدين في العاصمة الأذرية باكو في أواخر يوليو/تموز 2025، وأخرى ذات طبيعة سرية على مستويات مختلفة، ولا مستوى التمثيل الرفيع لكلا الوفدين. الجديد أن الإعلان عنه جاء هذه المرة عبر الوكالة السورية الرسمية، وهو ما اعتبره مراقبون تحوّلاً في مقاربة دمشق للملف الإسرائيلي.
إن نشر اللقاء عبر “سانا” يعني أن دمشق لم ترد أن يظل الأمر في إطار التسريبات أو الوساطات، بل فضّلت إخراج الأمر إلى العلن، ربما لاختبار ردود الفعل، أو لإقرار واقع جديد، أو لإظهار أن الدولة تتصرف كفاعل سيادي يتخذ قراراته علناً، وهي بذلك تكون رسالة موجهة إلى الداخل.
أما بالنسبة لرسائل الخارج، فقد حاولت دمشق من خلال الإعلان الرسمي إيصال رسالة مفادها أن سوريا مستعدة للانخراط في قنوات تفاوض علنية مباشرة مع إسرائيل، لا سرية غير مباشرة فقط، وأن هذا يزيل الكثير من الهواجس حول طبيعة النظام السوري الجديد، وطريقة تعامله في الملفات المعقدة المتقاطعة مع الكيان الصهيوني، مما يكسبه المزيد من الشرعية على الساحة الدولية (لما يوليه النظام السوري لهذا الأمر من أهمية قصوى).
لكن المعضلة الأعمق تكمن في الرأي العام السوري الذي يرى في هذه الخطوة تطبيعا فعلياً مع إسرائيل، إذ كان بإمكان الحكومة السورية إبقاء المفاوضات غير مباشرة أو تقتصر على المستويات الأمنية، إن كان التنسيق الأمني هو المقصود فقط. كما أن غياب الشفافية والمعلومات الدقيقة عما جرى خلال هذا اللقاء، وغيره مما سبقه، يثير الكثير من الشكوك والهواجس.
في حين اعتبر آخرون أن هذه الخطوة هي استجابة براجماتية واقعية يفرضها وضع الجنوب السوري المشتعل بالأزمات، وكذلك الوضع الاقتصادي الحرج للبلاد، بما يحتاج دعماً دولياً، ورفعاً من قوائم الإرهاب والعقوبات.
يديعوت أحرونوت: لقاء باريس بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والوزير الإسرائيلي رون ديرمر هدفه الأساسي بحث إنشاء معبر بين “إسرائيل” والسويداء
كشفت المُستشرقة الإسرائيليّة، سمدار بيري، في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة النقاب عن أنّ اجتماع وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة بنيامين نتنياهو، رون ديرمر، وهو الوزير المُقرّب جداً من رئيس الوزراء، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي عُقد الثلاثاء في باريس، بمشاركة المبعوث الأمريكي إلى سوريا ولبنان والسفير الأمريكي في تركيا توماس باراك، سبقه اجتماع تحضيري في الأردن.
وتابعت المُستشرقة، وهي مُحللة شؤون الشرق الأوسط بالصحيفة، تابعت قائلةً إنّه حضر الاجتماع نفسه، الذي عُقد الأسبوع الماضي، الشيباني وباراك ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وذلك بعد رفض عمّان طلباً إسرائيلياً بنقل مواد غذائية وأدوية ومعدات طبية إلى الدروز في محافظة السويداء جنوب سوريّة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه عقب الاجتماع، وعلى غير العادة، نُشر تقرير عنه في وكالة الأنباء السورية (سانا) قرابة منتصف الليل.
وكشفت الصحيفة العبريّة النقاب عن أنّ الاجتماع الثلاثي لكبار المسؤولين من إسرائيل وسوريّة والولايات المتحدة عُقد للمرة الثانية خلال ثلاثة أسابيع، لبحث إمكانية إنشاء “معبر إنساني” من الحدود الإسرائيلية شمالاً إلى معقل الدروز في السويداء، الأمر الذي يسمح بنقل المساعدات الإنسانية.
وكانت إسرائيل قد أوضحت للأردن سابقاً، وفق تقرير الصحيفة العبريّة، رغبتها في نقل الأدوية والمعدات الطبية بشكل عاجل بعد توقف عمليات مستشفى السويداء بسبب الهجمات في المنطقة، وهجران طاقمه للمركز الطبي، مما حال دون تلقي العلاج هناك، إلّا أنّ عمان رفضت رفضاً قاطعاً نقل المعدات من إسرائيل إلى معقل الدرز، ورداً على ذلك، تقرر في دولة الاحتلال أنْ تقوم مروحيات تابعة لسلاح الجو بإسقاط مساعدات طبية وحزم غذائية على السويداء.
وأشارت المستشرقة أيضاً إلى أنّ صحيفة (يديعوت أحرونوت) علمت أنّ اجتماع كبار المسؤولين كان مقرراً الأسبوع الماضي، إلّا أنّ وزير الخارجية السوري أوضح أنّه مضطر لإجراء “مباحثات معمقة أخرى” قبل الاجتماع، وطلب تأجيله لبضعة أيام، إلى أن عٌقد أمس، كما ذُكر.
وتابعت المستشرقة قائلةً إنّ الصحيفة علمت من مصادر رفيعة المستوى في تل أبيب أنّ إسرائيل أُبلغت باستعدادات ما أسمتها بالتنظيمات الإرهابية في جنوب سوريّة لاستغلال “المعبر الإنساني” بين الجولان والسويداء لتهريب الأسلحة والمتفجرات.
وشدّدّت في سياق تقريرها على أنّه قبل اجتماع كبار المسؤولين في باريس، التقى المبعوث الأمريكي باراك بعد ظهر أمس الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، المتواجد أيضاً في العاصمة الفرنسيّة، مُضيفةً في الوقت عينه أنّه خلال الاجتماع، ناقش الطرفان إنشاء معبر إنساني من قرية الخضر الدرزية الواقعة عند سفح جبل الشيخ باتجاه منطقة السويداء، مما يسمح بدخول المساعدات إلى المتضررين في المحافظة، كخطوة لبناء الثقة مع النظام السوري برئاسة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، وذلك برعاية أمريكية، كما عُرضت خلال الاجتماع أدلةٌ تُشير إلى تورط النظام السوري في مجزرة الدروز في السويداء.
وخلُصت المُستشرقة إلى القول إنّه من وجهة نظر الشيخ طريف، كان الاجتماع إيجابياً ومتفائلاً، ومن المتوقع أن يُسهم في مساعدة الطائفة الدرزية التي تُحاصرها قوات النظام الجولاني منذ قرابة شهر، طبقاً لأقوالها.
الحديث عن عملية عسكرية مرتقبة ضد “قسد” في أكتوبر المقبل
كشفت مصادر أمنية لصحيفة ذا ناشيونال أن الجيش السوري يستعد لشن هجوم واسع بحلول أكتوبر المقبل للسيطرة على كامل محافظتي الرقة ودير الزور الواقعتين على نهر الفرات، في حال فشل التوصل إلى اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لتسليم معظم المناطق التي تسيطر عليها.
تفاصيل الخطة العسكرية
- يجري حشد قوة عسكرية سورية قوامها 50 ألف جندي قرب مدينة تدمر، استعداداً للتقدم شمالاً نحو الرقة ودير الزور.
- الخطة تستند إلى دعم قبائل عربية واسعة في المنطقة، يُتوقع أن تنقلب على “قسد” مع بدء أي تحرك عسكري.
- مواقع تمركز للهجوم تُجهّز في مناطق صحراوية مثل الرصافة على طريق تدمر – الرقة، والسخنة التي تربط تدمر بدير الزور.
- في حال اندلاع المعركة، ستشارك أيضاً فصائل سورية مدعومة من تركيا في ريف حلب، عبر استهداف مواقع “قسد” شرق الفرات قرب سد تشرين.
البعد الإقليمي والدولي
مصادر سورية أكدت أن العملية لن تنطلق من دون “ضوء أخضر” أمريكي، إلى جانب ضمان عدم تدخل إسرائيلي، بعد أن قصفت تل أبيب دمشق الشهر الماضي بزعم حماية الدروز إثر أحداث السويداء الدامية.
- الولايات المتحدة كانت قد رعت محادثات بين دمشق و”قسد”، لكنها تعثرت الشهر الماضي بعد فشل اتفاق مارس الماضي الذي نص على دمج قوات “قسد” في الجيش السوري.
- تركيا تدفع باتجاه إنهاء وجود “قسد”، بينما تضغط السعودية باتجاه تسوية سياسية سريعة، وقد رعت إلى جانب واشنطن لقاءً بين الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض مايو الماضي، ضمن مسار تطبيع تدريجي مع دمشق يهدف لإضعاف إيران وروسيا.
الشرع: توحيد سوريا يجب ألا يكون بالدماء والقوة العسكرية
أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن معركة توحيد البلاد بعد سنوات من الحرب “يجب ألا تكون بالدماء والقوة العسكرية”، رافضا أي تقسيم، ومتّهما إسرائيل بالتدخل في الجنوب.
وقال خلال جلسة حوارية مع عدد من وجهاء محافظة إدلب في حضور وزراء وسياسيين بثها التلفزيون الرسمي ليل السبت ـ الأحد “أسقطنا النظام في معركة تحرير سوريا ولا يزال أمامنا معركة أخرى لتوحيد سوريا، ويجب ألا تكون بالدماء والقوة عسكرية” مؤكدا إيجاد آلية للتفاهم بعد سنوات منهكة من الحرب.
وتأتي هذه الجلسة تزامنا تظاهرة تجمع فيها المئات وسط السويداء في جنوب سوريا صباح السبت تحت شعار “حق تقرير المصير” وتنديدا بأعمال العنف الدامية التي شهدتها المحافظة الشهر الماضي والتي أسفرت عن مقتل الآلاف، رفعت فيها الأعلام الإسرائيلية.
وأوضح الشرع “لا أرى أن سوريا فيها مخاطر تقسيم (…) هذا الأمر مستحيل”.
وتابع “بعض الأطراف يحاول أن يستقوي بقوة إقليمية، إسرائيل أو غيرها، هذا أمر صعب للغاية ولا يمكن تطبيقه” في إشارة إلى مطالب بعض الدروز في السويداء بالتدخل الإسرائيلي. (تلفزيون سوريا)
ليث البلعوس: أبناء السويداء مع وحدة سوريا والهجري يقود مشروعاً انفصالياً
أكد الشيخ ليث البلعوس، ممثل مضافة الكرامة في السويداء، أن غالبية أبناء المحافظة يتمسكون بوحدة سوريا ويرفضون الدعوات الانفصالية التي يروّج لها الشيخ حكمت الهجري، لافتاً إلى أن الأخير انقلب على الاتفاقات الموقعة مع الحكومة السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد.
جاء ذلك في مقابلة خاصة ضمن برنامج بودكاست دفين على تلفزيون سوريا، تناول فيها البلعوس تطورات المشهد في السويداء منذ اندلاع الثورة وحتى الأحداث الأخيرة، مع التركيز على تصاعد خطاب التقسيم والانفصال.
رفض التقسيم وضغوط داخلية
قال البلعوس إن «القسم الأكبر من أبناء السويداء يرفضون أي مشروع تقسيمي»، لكنهم يعيشون تحت ضغوط وتهديدات من جماعة الهجري، حيث يُتهم كل من يعارضه بالعمالة والخيانة ويُعرض لخطر القتل، سواء كان من رجال الدين أو من القيادات السياسية أو من عامة المواطنين.
وأشار إلى أن الانتهاكات التي طالت الأهالي والعشائر، ومنها تهجير أكثر من خمسة آلاف عائلة من بدو السويداء، فاقمت حالة الاحتقان الطائفي التي يستغلها الهجري وأنصاره للتحريض والتجييش.
دور الهيئات الدينية والسياسية
وأوضح البلعوس أن الهيئات الدينية العامة في السويداء تلتزم عادة مبدأ فصل الدين عن السياسة، لكن مشيخة العقل تمتلك صلاحيات أوسع وتمارس نفوذاً سياسياً على أبناء الطائفة. وأضاف أن الهجري تصدّر المشهد المحلي والدولي بعد أن تبنى الحراك الشعبي، ما أضعف تأثير الهيئات والقيادات الأخرى التي كانت شريكة أساسية في مواجهة نظام الأسد.
اتهامات بالضلوع في اغتيال وحيد البلعوس
تطرق ليث البلعوس إلى تجربة والده الراحل الشيخ وحيد البلعوس، مؤسس رجال الكرامة، الذي قاد المواجهات الأولى ضد النظام عام 2014. وقال إن وحيد رفض الخضوع لمحاولات استقطابه من قبل الأسد، فصدر قرار اغتياله في اجتماع بالقصر الجمهوري بحضور قادة إيرانيين ولبنانيين وعراقيين، متهماً الهجري بالمشاركة في تلك «المؤامرة».
محاولات اغتيال جديدة
كما كشف البلعوس عن تعرضه شخصياً لمحاولات اغتيال، سواء قبل سقوط الأسد أو بعده، موضحاً أن جماعات مرتبطة بالهجري حاولت استهدافه بعد أن أعلن تأييده للدولة السورية الجديدة، ودعا إلى التعاون معها استناداً إلى تطمينات القيادة في دمشق. وأكد أن الهجري أصدر فتوى بقتله بعد لقائهما الأخير.
انقلاب على الاتفاقات مع الحكومة
وشدد البلعوس على أن الحكومة السورية وافقت عبر وزيري الدفاع والداخلية على مطالب وجهاء السويداء بشأن إدارة مؤسساتها العسكرية والأمنية من أبنائها، لكن الهجري انقلب مراراً على هذه التفاهمات، متهماً الدولة بأنها «داعشية»، في حين أن معظم القيادات الدينية والعسكرية الأخرى التزمت بالاتفاقات.
وختم البلعوس بالتأكيد على أن أبناء السويداء «مع الدولة التي تحمي حقوقهم وتطلعاتهم»، محذراً من مشاريع انفصالية «غامضة» يقودها الهجري بعيداً عن مصلحة المحافظة وسوريا ككل.
مظاهرات في السويداء ترفع شعار “حق تقرير المصير” وأعلام إسرائيل
شهدت مدينة السويداء السبت 16 أغسطس، تظاهرات واسعة شارك فيها المئات، رفعت شعار “حق تقرير المصير”، في ظل التوترات الأمنية والأحداث التي شهدتها المحافظة الشهر الماضي على خلفية الاشتباكات التي وقعت بين قوات الأمن السورية ومليشيات انفصالية تابعه للرئيس الروحي للطائفة الدرزية حكمت الهجري.
ورفع المحتجون الأعلام الدرزية إلى جانب أعلام إسرائيل، وصور شيخ العقل حكمت الهجري، أحد أبرز المرجعيات الدينية الدرزية في سوريا. كما حملوا لافتات كُتب عليها: “حق تقرير المصير، حق مقدس للسويداء”، و”نطالب بفتح معبر إنساني”، إضافة إلى لافتات أخرى دعت إلى إخراج قوات الأمن العام من القرى.
في كلمة ألقتها من على منصة التظاهرة، طالبت إحدى السيدات بـ”الاستقلال التام”، مؤكدة: “لا نريد إدارة ذاتية ولا حكماً فيدرالياً، بل استقلالاً كاملاً”، وهو ما قوبل بتصفيق حاد من المشاركين، وفق بث مباشر نشرته منصة السويداء 24 المحلية.
من جهته، قال منيف رشيد (51 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: “اليوم اتخذت السويداء موقفاً واضحاً واجتمعت في ساحة الكرامة تحت شعار تقرير المصير. ما تعرضت له المحافظة لم يكن طبيعياً ولا يلام أهلها على ما يطالبون به”.(سكاي نيوز)
وأثارت هذه المشاهد جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي السورية حول الجهة المسؤولة عما وصلت إليه الأمور في السويداء.
فقد حمل البعض الحكومة السورية المسؤولية في طريقة تعاملها مع ملف السويداء، بينما ألقى آخرون باللوم على الشيخ حكمت الهجري، أحد زعماء الدروز في السويداء، معتبرين أنه يتحمل مسؤولية الأحداث في المدينة.
ورأى ناشطون أن التحركات التي يقودها حكمت الهجري ومجموعاته ليست سوى “مسرحية مكشوفة”، بطلها الحقيقي هو علم الاحتلال الإسرائيلي الذي رفع فوق “دار الطائفة”، بدلا من أي مشروع وطني أو إصلاحي.
واعتبر هؤلاء أن المشهد يفضح نفسه: “من يرفع علم المحتل فوق مقام ديني ويدعي الدفاع عن ‘الكرامة’ إنما يسلم نفسه طوعا للارتهان الخارجي”.
وأضاف هؤلاء أن ما يحدث هو “نسخة مكررة من مشاريع الانفصال الكرتونية” السابقة، حيث تتحول الكرامة إلى “ورقة توت” تخفي خضوعا لإسرائيل. (الجزيرة نت)
“قسد” و”مسد” يستعدان لعقد مؤتمر تشاوري في الرقة.. ما الهدف منه؟
تستعد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) و”مجلس سوريا الديمقراطية” والإدارة الذاتية، لعقد مؤتمر تشاوري في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، بمشاركة مكونات اجتماعية وسياسية.
ووفق مصادر خاصة لـ “التلفزيون العربي”، تشمل التحضيرات مشاورات مع أطراف اجتماعية وتيارات سياسية لا تقتصر على شمال شرقي سوريا فقط، بل تمتد إلى مختلف المناطق.
ويهدف المؤتمر إلى الاتفاق على مجموعة من المبادئ الدستورية غير الواردة في الإعلان الدستوري المؤقت، على أن يتم تقديمها لاحقاً إلى الحكومة السورية الجديدة للتفاوض بشأنها.
وتعمل قسد ومسد والإدارة الذاتية على الترويج لأنفسهم باعتبارهم أصحاب مشروع سياسي “جامع ومرن”، يهدف إلى استيعاب مختلف الأيديولوجيات والمكونات الاجتماعية والدينية في سوريا.
ويأتي هذا المؤتمر بعد مؤتمر الحسكة الذي عُقد في الثامن من آب الجاري تحت عنوان “وحدة موقف المكونات”، والذي دعا إلى إنشاء دولة لا مركزية وصياغة دستور يضمن التعددية العرقية والدينية والثقافية. (تلفزيون سوريا)
تعليق:
ما تشهده الساحة السورية اليوم من تحركات متزامنة في السويداء والرقة لا يمكن فصله عن المشهد الأكبر: محاولات إعادة صياغة البنية السياسية والاجتماعية لسوريا على أسس طائفية وعرقية بدلاً من مشروع وطني جامع.
تعكس انتقال الصراع من مواجهة عسكرية مفتوحة إلى معركة الهويات، حيث تُطرح شعارات “تقرير المصير” و”اللامركزية” كبدائل للدولة الوطنية. لكن الإشكالية أن هذه المشاريع – رغم تنوعها – تتقاطع عند نقطة خطيرة: تفكيك سوريا إلى كيانات ضعيفة مرتبطة بالخارج.
وتسعى “قسد” باعتبارها نموذجاً انفصالياً مكتملاً نوعاً ما كتشكيل سياسي وعسكري يسيطر على مناطق واسعة شمال شرقي سوريا تحت سلطة الأمر الواقع منذ عام 2014، إلى تصدير نفسه كنموذج حكم يمكن أن تنضوي تحت مظلته المشاريع الانفصالية الأخرى في البلاد القائمة على أساس طائفي “كدولة الدروز في السويداء” و”دولة العلويين في الساحل”، من خلال تقديم الدعم السياسي والعسكري. إذ لا تفوت قوات “قسد” الفرصة لاستثمار أي خلاف بين المكونات السورية، من أجل التأكيد على أنها الخيار الأفضل لسوريا.
كما أن علاقة قسد بفصائل السويداء ليست تفصيلاً ثانوياً بل جزء من استراتيجية لتوسيع مشروعها جنوباً، وتحويل نفسها من كيان كردي إلى لاعب سوري أوسع.
أطفال سوريا المفقودون… أسرار الاعتقال والاختفاء القسري
منذ عام 2013، وثّقت وثائق سرية وشهادات ناجين قيام أجهزة الاستخبارات السورية، خصوصاً المخابرات الجوية، بفصل مئات الأطفال عن آبائهم المعتقلين ونقلهم سراً إلى دور أيتام. التحقيقات كشفت أن بعض هؤلاء الأطفال غُيّرت أسماؤهم أو وُضعوا للتبني، في واحدة من أعمق جرائم الإخفاء القسري في سوريا.
حالة عائلة غبيس
في آب 2015، اعتُقلت عائلة مُصعب وأمامة غبيس مع ابنتيهما ليلى (8 سنوات) وليان (4 سنوات) عند حاجز قرب دمشق، ونُقلوا إلى معتقل مطار المزة العسكري. هناك فُصل الأب، وزُجت الأم وبناتها في زنزانة رطبة. لاحقاً أُخذت الطفلتان إلى دار أيتام تتبع منظمة SOS، حيث سُجلتا بأسماء مختلفة وتعرضتا لمحاولات محو هويتهما. بعد نحو ثلاث سنوات، أُفرج عن العائلة في صفقة تبادل أسرى، لكن الفتاتين كانتا قد فقدتا ارتباطهما الطبيعي بالأسرة، إذ تمسكت ليان بمُربيّتها أكثر من أمها.
وثائق سرية ووقائع ميدانية
- قواعد بيانات الاستخبارات الجوية بيّنت أن القرار بفصل الأطفال عن ذويهم كان يُتخذ على أعلى المستويات، بتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومحافظي ريف دمشق.
- الأوامر كانت تؤكد إخفاء الأسماء وعدم اتخاذ أي قرار دون موافقة المخابرات.
- بعض الأطفال أُدرجوا كـ “مخفيين” (مجهولين رسمياً)، ولم يُسمح بالاستفسار عنهم إلا لرؤساء الفروع الأمنية.
دور منظمة SOS
- نُقل الأطفال إلى ما لا يقل عن تسعة مراكز رعاية، منها ستة تديرها منظمة SOS الدولية.
- المنظمة أقرت لاحقاً بأن 139 طفلاً أُدخلوا إلى رعايتها بين 2013 و2018 دون وثائق رسمية، ولم يُعرف مصير 105 منهم.
- تقارير وشهادات أكدت أن SOS أخفت وجود الأطفال عن أقاربهم الذين حاولوا استلامهم، بل ورفضت تسليمهم دون إذن أمني.
- على غرار تجارب سابقة في السلفادور، وُجهت للمنظمة اتهامات بالتواطؤ مع النظام في إخفاء الأطفال وتسهيل تبنيهم سراً.
قصص مشابهة
- أطفال آخرون مثل عويس العبار وُضعوا مع أشقائهم في دور SOS، حيث مُنعوا من ذكر أسماء عائلاتهم.
- بعض الرضع مثل مروان حبيجان وُلدوا في السجون ونُقلوا إلى دور الأيتام، بينما أُعيدت أمهاتهم للاعتقال حين طالبن بهم.
- في دار “لحن الحياة”، التي كانت تحت إشراف مباشر من أسماء الأسد، وصل مئات الأطفال، بعضهم رُضّع، وسُجّلوا كـ “مجهولي النسب”. عدة شهادات أكدت أن أسماء هؤلاء الأطفال غُيّرت عمداً لتسهيل فصلهم عن ماضيهم أو دفعهم لاحقاً للخدمة العسكرية.
بعد سقوط النظام
- مع سقوط دمشق نهاية 2024، بدأت العائلات تبحث في المقابر الجماعية وتُلصق صور المفقودين على الجدران.
- لجنة حكومية جديدة وثّقت حتى الآن 314 طفلاً من أبناء المعتقلين وُضعوا سراً في دور الأيتام، ورجّحت أن العدد الفعلي أكبر بكثير بسبب إتلاف السجلات.
- بعض الأطفال ربما نُقلوا خارج سوريا أو وُضعوا لدى ميليشيات أجنبية موالية للنظام.
العائلات بعد سنوات
- عائلة غبيس تمكّنت من الفرار إلى تركيا ثم حصلت على لجوء في الولايات المتحدة عام 2024، لكن آثار التجربة تركت ندوباً عميقة في نفوس الأطفال.
- شهادات ناجين أظهرت أن العديد من الأطفال الذين نشأوا في دور الأيتام خرجوا بذكريات مشوشة وهويات مشوهة، وبعضهم اكتشف عبر فحوص DNA لاحقاً أنه كان ضحية تغيير أسماء وانفصال قسري عن أهله. (نيويورك تايمز)
الرئيس أحمد الشرع يستقبل البطريرك يوحنا العاشر في دمشق
استقبل رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، في قصر الشعب بالعاصمة دمشق.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان رسمي مرفق بصور اللقاء إن المحادثات تناولت الدور الوطني للكنيسة في تعزيز قيم المواطنة والوحدة، والإسهام في صون السلم الأهلي وترسيخ التفاهم والتآخي بين مختلف مكونات المجتمع السوري.
وفد رئاسي للعزاء بضحايا كنيسة مار إلياس
وكان البطريرك يوحنا العاشر قد استقبل الأربعاء الماضي الأمين العام لرئاسة الجمهورية ماهر الشرع على رأس وفد رسمي ضمّ معاون الأمين العام لشؤون مجلس الوزراء علي كده، ووزير الإعلام حمزة مصطفى، وعضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب حسن دغيم.
وخلال الزيارة قدّم الوفد تعازي الرئيس الشرع بضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق في حزيران الماضي، مؤكداً على تضامن الدولة الكامل مع أبناء الكنيسة ووقوف السوريين صفاً واحداً في مواجهة الإرهاب.
أمريكا
تتصدر قمة ألاسكا بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين واجهة الأحداث؛ قمة مثيرة للجدل انتهت من دون اختراق، لكنها منحت الكرملين مكاسب رمزية مهمة على حساب واشنطن، فيما بدا أن الحرب الأوكرانية ما تزال بعيدة عن أي تسوية. تلت قمة ألاسكا قمة في البيت الأبيض جمعت ترامب وزيلينسكي مع قادة أوروبا للبحث في ضمانات أمنية جديدة لكييف، وسط انقسام بين براغماتية تفاوضية وتشدد مبدئي تجاه موسكو.
وفي العراق، تتحرك القوات الأميركية لإعادة تموضع محسوبة مع رفض بغداد للضغوط الإيرانية، ما يعكس ميزان نفوذ يميل نحو المظلة الأميركية.
داخلياً، أعلنت الخارجية الأميركية إلغاء أكثر من 6 آلاف تأشيرة طلابية بذريعة انتهاكات قانونية أو شبهات أمنية، في خطوة تعكس تشديد إدارة ترامب على ملف الهجرة. أما على الصعيد الاجتماعي–الاقتصادي، فيتصاعد الغضب الشعبي بعد إلغاء خطة بايدن لتخفيف القروض الدراسية، ما أعاد ملايين الأميركيين إلى دوامة ديون خانقة، لتتحول المسألة إلى قضية عدالة اجتماعية وجيلية مرشحة لتكون من أبرز ملفات الانتخابات المقبلة للتجديد النصفي للكونجرس.
تقرير مطول: قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين.. فشل المفاوضات وانتصار سياسي للكرملين
لا تزال تداعيات القمة التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة “إلمندورف-ريتشاردسون” العسكرية في ألاسكا، يوم 15 أغسطس، تتصدر عناوين الصحف العالمية، وسط تقييمات متباينة لنتائجها. ففيما رأت صحيفة واشنطن بوست أن القمة كانت بمثابة “هزيمة للولايات المتحدة وانتصار لبوتين”، ذهبت صحف أخرى مثل التلغراف البريطانية ولوفيغارو الفرنسية إلى وصفها باللقاء الذي ترك “أسئلة أكثر مما قدّم إجابات”.
استقبال مثير للجدل
أثار استقبال ترامب لبوتين جدلاً واسعاً، إذ فُرش السجاد الأحمر للرئيس الروسي، المتهم من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب عام 2023. وقد حمل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قميصاً بطابع الاتحاد السوفييتي، في مشهد وصفته الصحف بأنه “خدمة مجانية لصورة روسيا كقوة عظمى عائدة إلى المشهد الدولي”.
قمة بلا نتائج حقيقية
في المؤتمر الصحفي الختامي، سعى ترامب للتأكيد على أن المحادثات كانت “مثمرة للغاية”، بينما وصفها بوتين بـ “البنّاءة”. لكن خلف العبارات الدبلوماسية، اعترف ترامب ضمنياً بالفشل في تحقيق أهم الأهداف: وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
بوتين تمسك باعتبار أجزاء من أوكرانيا “أرضاً روسية”، وأغلق الباب أمام أي تنازل، بينما واصل تصعيد هجماته العسكرية بالطائرات المسيّرة والصواريخ منذ تولي ترامب منصبه، متجاهلاً تصريحات الأخير بأن الحرب لم تكن لتندلع لو كان في السلطة عام 2022.
شروط بوتين
كشفت شبكة CNN وصحف أوروبية عن تفاصيل مطالب بوتين خلال القمة:
- انسحاب أوكرانيا من كامل منطقة دونباس، بما في ذلك 30% من أراضي دونيتسك غير الخاضعة بعد للسيطرة الروسية.
- تجميد خطوط المواجهة في خيرسون وزاباروجيا مع التعهد بعدم مهاجمة أوكرانيا أو أوروبا مجدداً.
- تفكيك الجيش الأوكراني جزئياً والتخلي عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وتحويل أوكرانيا إلى دولة محايدة.
في المقابل، لم يقدّم بوتين أي تنازلات ملموسة، مكتفياً بالوعد بوقف التصعيد إذا استجابت كييف لشروطه، مع إصراره للسعي للتوصل إلى اتفاق سلام شامل يحقق مطالبه، وليس مجرد هدنة أو وقفاً لإطلاق النار.
ترامب، الذي أطلع القادة الأوروبيين لاحقاً على نتائج اللقاء، قال إنه يعتقد أن “اتفاقاً سريعاً” ممكن إذا قُبلت شروط بوتين، مشيراً إلى استعداده لمناقشتها مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن يوم الاثنين. كما ألمح إلى إمكانية تقديم ضمانات أمنية أمريكية لكييف على غرار المادة الخامسة من الناتو، لكن دون منحها العضوية.
ماذا قالت الصحف عن القمة؟
واشنطن بوست
رأت أن القمة لم تصل إلى مستوى كارثة هلسنكي 2018، حين أنكر ترامب تدخل روسيا في انتخابات 2016، لكنها كانت بالتأكيد “هزيمة”، إذ نجح بوتين في خداع ترامب وتأجيل العقوبات الأمريكية المقررة، كما لم يتم التوصل لأي اتفاق حول العقوبات أو وقف إطلاق النار.
التلغراف البريطانية
اعتبرت أن اللقاء أكد “رسوخ مكانة روسيا كقوة عظمى”، إذ أثبت بوتين أنه قادر على الصمود وكسب المزيد من الأراضي رغم ثلاث سنوات من الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وأشارت إلى أن زيلينسكي سيكون أمام معضلة: التمسك بالأرض أو القبول بتنازلات قد تكون السبيل الوحيد لوقف الحرب.
لوفيغارو الفرنسية
أوضحت أن القمة “لم تُنتج شيئاً سوى وعود فضفاضة”، إذ لم يعلن أي اتفاق حول العقوبات، التجارة، الطاقة النووية أو حتى الضمانات الأمنية، تاركةً “المزيد من الأسئلة أكثر من الإجابات”.
موسكو تايمز الروسية
رأت أن بوتين حقق هدفه الاستراتيجي: “كسر عزلة روسيا الدبلوماسية”، وأن الهدف لم يكن مجرد ضم الأراضي، بل إعادة ترسيخ روسيا كقوة مهيمنة في أوروبا. لكنها أشارت إلى “عقبات داخلية”، منها اعتماد الاقتصاد الروسي على إنفاق حكومي غير مستدام وظهور طبقة مستفيدة من اقتصاد الحرب، تجعل إنهاء الصراع أكثر صعوبة.
أثر القمة على صورة ترامب
يرى محللون أن قمة ألاسكا أضعفت صورة ترامب دولياً، وقارنوها بمؤتمرات تاريخية مثل ميونيخ 1938 ويالطا 1945، حين خضع قادة غربيون لمطالب خصومهم. الفارق الوحيد، بحسبهم، أن بوتين لم يعد قادراً على التوسع غرباً مثل هتلر أو ستالين، لكن رمزية الحدث ستلاحق ترامب، الذي لطالما قدّم نفسه كـ”صانع سلام” يستحق جائزة نوبل. (BBC) (أخبار اليوم) (CNN) (الجزيرة نت) (رابط لقاء جون ميرشايمر حول نتائج القمة)
تعليق:
القراءات المتقاطعة خلصت إلى أن “قمة ألاسكا” لم تحقق اختراقاً قريباً. فهي أعادت تثبيت المعادلة: موسكو تعرض إنهاء الحرب مقابل شروط ثقيلة، وكييف ترفض من دون ضمانات، والغرب منقسم بين براغماتية تفاوضية وتشدد مبدئي. وبينما تحدث ترامب عن اجتماع مقبل في موسكو، بدا أن ما تحقق حتى الآن لا يتجاوز المكاسب الرمزية للكرملين. أما التسوية النهائية فتبقى مؤجلة إلى حين تبلور معادلة أمنية توازن بين هواجس روسيا وحق أوكرانيا في السيادة.
بهذا، غادرت القمة المشهد الدولي كاستعراض بروتوكولي أكثر من كونها محطة مفصلية، لتترك وراءها سؤالاً مفتوحاً: هل يمكن للرمزيات السياسية أن تمهّد الطريق لاتفاق واقعي، أم أن الحرب ستبقى ساحة اختبار لإرادات مفتوحة بلا نهاية قريبة؟
البيت الأبيض يحتضن قمة غير مسبوقة حول أوكرانيا: ضمانات أمنية ومبادرات دبلوماسية جديدة
شهد البيت الأبيض يوم 18 أغسطس 2025 اجتماعات مكثفة جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وفنلندا، وأمين عام حلف شمال الأطلسي ورئيسة المفوضية الأوروبية. وقد تمحورت القمة حول ملف الحرب في أوكرانيا وسبل توفير ضمانات أمنية لكييف تمهد لإنهاء النزاع مع روسيا.
ضمانات أمنية على الطاولة
أعلن ترامب أن بلاده ستشارك بفاعلية في صياغة منظومة ضمانات أمنية لأوكرانيا، مشدداً على أن الولايات المتحدة ستكون «جزءاً من الحل» إلى جانب الأوروبيين. وأكد أن واشنطن تسعى للتوصل إلى اتفاق قد لا يشترط وقفاً كاملاً لإطلاق النار كشرط أولي، بل إطاراً أوسع يضمن أمن كييف وردع أي هجمات مستقبلية.
من جهته، عبّر زيلينسكي عن تفاؤله بالمسار الجديد، واصفاً محادثاته مع ترامب بأنها «الأفضل حتى الآن»، ومعلناً استعداده لقبول حوار ثلاثي مع روسيا بوساطة أميركية. وأكد أن أوكرانيا تحتاج إلى «كل أشكال الدعم الأمني»، من تدريب وتسليح وتبادل للمعلومات الاستخباراتية، لبناء جيش قادر على حماية البلاد.
مبادرات أوروبية
القادة الأوروبيون شددوا على أهمية الضمانات الأمنية. المستشار الألماني فريدريش ميرتس دعا إلى تكثيف الضغط على موسكو للتوصل إلى هدنة، لكنه رفض أي تنازل عن أراضي دونباس، معتبراً الأمر «غير مقبول». أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فاقترح عقد قمة رباعية تجمع أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مشدداً على أن «سلاماً مستداماً يتطلب دعماً عسكرياً وسياسياً لكييف.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وصفت الضمانات الأمنية بأنها «أساس أي تسوية»، فيما أكدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن السلام لا يمكن تحقيقه إلا بإجراءات رادعة، مشيرة إلى مقترح روما لتكييف المادة الخامسة من ميثاق الناتو بشكل أكثر مرونة لدعم أوكرانيا.
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اعتبر أن الضمانات الأمنية لن تحمي أوكرانيا فحسب، بل ستعزز استقرار أوروبا ككل. أما الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب فشدد على حساسية الموقف بحكم حدود بلاده الطويلة مع روسيا وتجاربها التاريخية معها.
اتصال مباشر مع بوتين
وفي تطور لافت، أعلن ترامب أنه أجرى اتصالاً هاتفياً، عقب انتهاء القمة مع زعماء أوروبا، استمر 40 دقيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ناقش خلاله إمكانية رفع مستوى المفاوضات. وأكد الكرملين أن المحادثة كانت صريحة وبناءة، فيما نقل المستشار الألماني أن بوتين أبدى استعداداً مبدئياً للقاء زيلينسكي خلال أسبوعين، في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب.
ترامب أوضح أن بلاده ستتوسط لعقد اجتماع ثلاثي يضمّه إلى جانب زيلينسكي وبوتين، مؤكداً أن هذه الخطوة قد تكون فرصة حقيقية لإنهاء الحرب.
موقف الحلف الأطلسي
الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته أكد أن عضوية أوكرانيا في الحلف ليست قيد البحث حالياً، مشيراً إلى أن النقاش يتركز على توفير ضمانات أمنية تعادل في مضمونها التزامات المادة الخامسة من الميثاق.
اختبار للنوايا الروسية
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، حذر قادة أوروبيون من نوايا موسكو. الرئيس الفنلندي قال إن بوتين «نادراً ما يكون أهلاً للثقة»، محذراً من احتمال استغلال المفاوضات لكسب الوقت. فيما شدد ماكرون على أن أي نقاش حدودي يجب أن يتم مباشرة بين كييف وموسكو، مؤكداً أن الأولوية هي «ضمان أمن أوكرانيا وتعزيز قدراتها الدفاعية.
نحو مسار تفاوضي جديد
القمة الأميركية–الأوروبية في البيت الأبيض عكست توافقاً غير مسبوق على أولوية الضمانات الأمنية كشرط لأي تسوية. وبينما تتحرك واشنطن لترتيب لقاء ثلاثي قد يشكل نقطة تحول في مسار الحرب، يبقى الاختبار الأكبر في مدى استعداد موسكو للالتزام بخطوات عملية تفتح الباب أمام وقف القتال وبناء سلام مستدام في أوروبا. (مونت كارلو الدولية)
الجيش الأميركي يعيد تموضعه في العراق… وبغداد ترفض الطلبات الإيرانية
في خضم التوتر المتصاعد بين إيران وإسرائيل، تتجه القوات الأميركية في العراق إلى إعادة تموضع محسوبة، استعداداً لمواجهة سيناريوهات أمنية جديدة، فيما بدا أن بغداد تتحفظ على طلبات إيرانية بتعزيز التعاون الأمني على الحدود المشتركة.
إعادة تموضع محسوبة
مسؤول أميركي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن التغييرات الجارية في مواقع وانتشار القوات الأميركية ليست واسعة النطاق، بل تأتي ضمن «إعادة توزيع دقيقة تتماشى مع خريطة المخاطر الأمنية المستجدة في العراق ومحيطه». وأضاف أن هذه التحركات تجري في إطار الاتفاق الأمني الموقع مع حكومة محمد شياع السوداني في سبتمبر (أيلول) 2024، والذي ينص على انسحاب تدريجي للقوات الأميركية حتى نهاية عام 2026.
ورغم ذلك، شدّد المصدر على أن الانسحاب لا يعني إنهاء العلاقة العسكرية، إذ من المقرر أن تواصل واشنطن حضورها عبر بعثة استشارية محدودة. مصادر سياسية عراقية ربطت تلك التحركات بإشارات متزايدة من طهران حول احتمال اندلاع مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، فيما دعت إيران فصائل عراقية إلى رفض عملية نزع السلاح استعداداً لـ«مرحلة جديدة من التصعيد».
ميزان مختل
المشهد الحالي يعكس اختلال ميزان النفوذ بين واشنطن وطهران داخل العراق. فبينما تضغط الولايات المتحدة لعرقلة تشريع قانون يمنح «الحشد الشعبي» صلاحيات إضافية، تجد إيران صعوبة في تحريك الحكومة العراقية بالاتجاه الذي ترغب به، الأمر الذي يعزز فرضية اعتمادها المتزايد على الفصائل المسلحة في أي مواجهة مقبلة.
وبحسب مراقبين، فإن العراق يقف أمام اختبار جديد لسيادته وسط تناقضات معقدة، لكنه في هذه المرحلة يبدو أقرب إلى المظلة الأميركية، خاصة مع رفضه منح طهران أي ضمانات بشأن «الحرب المرتقبة».
الخارجية الأميركية تلغي أكثر من 6 آلاف تأشيرة طلابية دولية
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها ألغت أكثر من 6,000 تأشيرة طلابية دولية بسبب انتهاكات للقانون الأميركي أو حالات تجاوز لفترات الإقامة المسموح بها.
وقالت الوزارة في تصريح لـ”بي بي سي” إن “الغالبية العظمى” من الانتهاكات تتعلق بالاعتداءات الجسدية، القيادة تحت تأثير الكحول (DUI)، السرقات، و”دعم الإرهاب”.
يأتي القرار في إطار حملة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المستمرة ضد الهجرة والطلاب الدوليين. ولم توضح الخارجية الأميركية تفاصيل ما تقصده بـ”دعم الإرهاب”، لكن الإدارة كانت قد استهدفت في وقت سابق بعض الطلاب الذين شاركوا في احتجاجات داعمة لفلسطين، متهمة إياهم بممارسة “سلوك معادٍ للسامية”.
وبحسب البيان، فإن نحو 4,000 تأشيرة أُلغيت بسبب مخالفات قانونية مباشرة، فيما أُلغي ما بين 200 و300 تأشيرة أخرى استناداً إلى المادة INA 3B، التي تعرف “النشاط الإرهابي” بشكل واسع ليشمل الأفعال التي تعرض حياة الإنسان للخطر أو تنتهك القانون الأميركي.
تشديد على فحص حسابات التواصل الاجتماعي
وكانت الإدارة الأميركية قد علّقت في وقت سابق من هذا العام مواعيد التأشيرات للطلاب الدوليين، ثم أعادت فتحها في يونيو مع فرض شرط جديد يطالب المتقدمين بكشف حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي للفحص الموسع.
وقالت الخارجية إن الهدف هو رصد “أي مؤشرات على العداء تجاه المواطنين الأميركيين أو ثقافتهم أو مؤسساتهم أو مبادئ تأسيس الولايات المتحدة”.
كما طُلب من موظفي الوزارة التدقيق في أي متقدم “يدعو إلى أو يدعم منظمات إرهابية أجنبية مصنفة أو يشكل تهديداً للأمن القومي أو يشارك في أعمال معادية للسامية أو عنف غير مشروع”. (BBC)
أمريكا تعود إلى “عبء الديون”.. قلق واسع بعد إلغاء خطة بايدن لتخفيف القروض الدراسية
تعيش الولايات المتحدة هذه الأيام حالة من القلق المتزايد بين ملايين المقترضين الطلابيين، بعدما ألغت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عملياً خطة “Save” التي أقرّتها إدارة بايدن عام 2023 كآلية جديدة لتخفيف أعباء القروض الدراسية. القرار الذي دخل حيّز التنفيذ مطلع أغسطس أعاد الفوائد على القروض الفدرالية، وفتح الباب أمام جيل كامل من الخريجين ليجد نفسه عالقاً بين ارتفاع تكاليف المعيشة واستحقاقات مالية تثقل مستقبله.
بين الحلم المهني وكابوس الديون
“في البداية اعتقدت أن درجة الماجستير ستفتح أمامي أبواب الاستقرار المهني وربما امتلاك منزل”، تقول فايث (33 عاماً) من نورث كارولينا، التي تراكمت عليها ديون دراسية تجاوزت 38 ألف دولار. لكن مع التغييرات الجديدة في خطة السداد، اكتشفت أن حلمها لم يتحقق، بل تحوّل إلى عبء يعرقل كل خططها المستقبلية. تضيف بحسرة: “كنت أظن أني أستثمر في مستقبلي، لكن ما أجنيه اليوم لا يعادل ما أدفعه على شهادتي. أشعر أنني تراجعت خطوات إلى الوراء”.
معضلة المعلمين والطبقة الوسطى
الأزمة لا تقتصر على الأفراد ذوي الدخل المتوسط. جينيفر، معلمة في مدرسة عامة بولاية أوريغون، وجدت نفسها مطالبة بدفع قرابة 480 دولاراً شهرياً، أي ضعف ما كانت تدفعه سابقاً ضمن برنامج “Save”. هذا الارتفاع المفاجئ هدد خططها لتأسيس أسرة. تقول: “أفكر بإنجاب الأطفال قريباً، لكن الضغوط المالية تجعلني خائفة من الإقدام على هذه الخطوة. كيف يمكن لحكومة تدّعي دعم العائلات أن تضع مثل هذه العراقيل أمامنا؟”.
اضطرت جينيفر إلى طلب المساعدة من والديها لتسديد قرض سيارتها، وهو ما تصفه بأنه تجربة قاسية في عمر الـ34، خاصة حين تقارن نفسها بجيل والديها الذين استطاعوا امتلاك منازل وتربية أبناء دون هذا العبء المالي الهائل.
جيل محاصر بين القروض والتقشف
في سياتل، تعيش المحامية سيدونا (30 عاماً) مع شريكها تحت ضغط ديون دراسية هائلة تتجاوز 170 ألف دولار، إضافة إلى قروض خاصة تبلغ 22 ألف دولار. ورغم راتبها الجيد كمحامية شابة، إلا أنها تقول إنها تعيش “من راتب إلى راتب”، وتضطر لتقليص كل نفقات الترفيه وحتى الاشتراك في خدمات بسيطة. وتضيف: “القلق المالي حاضر دائماً في جلسات العلاج النفسي، وكأنه ثقل جاثم لا يزول”.
وترى سيدونا أن قرار ترامب “يعاقب الجيل الغارق أصلاً في الديون، بينما يمنح إعفاءات ضريبية للأثرياء”. حلمها بتبني أو رعاية أطفال مؤجل إلى أجل غير مسمى: “متى أبدأ حياتي فعلياً؟ نحن جيل يشعر أنه مخدوع”.
أفق سياسي غامض
الانتقادات لا تتوقف عند الأبعاد الاقتصادية والشخصية. كثير من المتضررين يرون أن إدارة ترامب تسعى إلى إبقاء المقترضين “أسرى للديون أطول فترة ممكنة”. بالنسبة لـكريس (46 عاماً) من كولورادو، الذي لا يزال مديناً بـ50 ألف دولار رغم سداد جزء كبير منها، فإن الحل سياسي بالدرجة الأولى. يقول: “آمل أن تأتي الانتخابات النصفية المقبلة بقيادات قادرة على تصحيح هذا الوضع الكارثي”.
بين الاقتصاد والسياسة
تعكس هذه الشهادات واقعاً اجتماعياً مقلقاً: جيل كامل من الأمريكيين يواجه خياراً صعباً بين التضحية بأحلامه العائلية والمهنية أو الغرق في دوامة ديون لا تنتهي. وفي حين ترى إدارة ترامب أن على المقترضين تحمّل التزاماتهم كاملة، يرى المعارضون أن المسألة تتجاوز الأرقام لتصبح قضية عدالة اجتماعية وجيلية، خاصة في ظل اتساع الفجوة بين الأثرياء والشباب المثقلين بالقروض.
وبينما يتزايد الغضب الشعبي، تلوح في الأفق معركة سياسية قد تحسم مصير ملايين العائلات الأمريكية، وتجعل من “أزمة الديون الدراسية” إحدى أبرز ملفات الانتخابات المقبلة. (الجارديان)
إيران
في المشهد الإيراني، تتعالى الرسائل الحاسمة مع اقتراب مواجهة محتملة مع إسرائيل، حيث أعلن علي لاريجاني أن سلاح حزب الله خط أحمر يمثل جزءاً من منظومة الأمن القومي الإيراني، محذراً من أن المساس به سيُعد استهدافاً مباشراً لطهران.
على خط موازٍ، وقّعت إيران اتفاقاً أمنياً جديداً مع بغداد أثار تحفظات أمريكية، إذ تراه واشنطن تعزيزاً لنفوذ طهران في العراق على حساب السيادة الوطنية.
في السياق الاقتصادي، عادت إدارة ترامب إلى سياسة “الضغط الأقصى” معلنة نيتها تصفير صادرات النفط الإيراني إلى الصين، في خطوة تهدد الشريان الرئيس لاقتصاد الجمهورية الإسلامية. أما على صعيد الانفتاح الإقليمي، فقد عززت طهران علاقاتها مع يريفان بتوقيع عشر وثائق تعاون مع أرمينيا، وسط تأكيد رئيس الوزراء الأرميني باشينيان أن العلاقات مع إيران خط أحمر وأن لا تغيير في الحدود. هكذا تتحرك إيران على جبهات متوازية: تثبيت محور المقاومة في لبنان والعراق، مواجهة ضغوط أمريكية خانقة، وفتح نوافذ تعاون استراتيجي مع جوارها القوقازي.
إيران تحسم موقفها: سلاح حزب الله خط أحمر مع اقتراب مواجهة محتملة مع إسرائيل
أكد علي لاريجاني، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، خلال زيارته إلى بيروت، أن ترسانة حزب الله تمثل خطاً أحمر بالنسبة لطهران، في وقت تتصاعد فيه التوقعات باقتراب اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل. مصادر سياسية وأمنية أوضحت لصحيفة The National أن الرسالة الإيرانية جاءت حازمة، مشددة على أن أي محاولة للمساس بسلاح الحزب ستُعتبر استهدافاً مباشراً لإيران.
خلفية إقليمية ورسائل متزامنة
زيارة لاريجاني إلى بيروت جاءت بعد جولة مماثلة في بغداد، حيث نقل رسائل مشابهة إلى حلفاء طهران في العراق. وفق مصادر سياسية لبنانية، فإن إيران تنظر إلى العراق ولبنان كساحتين تتعرضان لمحاولات أمريكية لفرض واقع أمني وسياسي يخدم الأجندة الأمريكية في المنطقة.
لاريجاني شدد خلال اجتماعاته أن “إيران بعد الحرب مع إسرائيل لم تعد كما كانت”، وأن التطورات الأخيرة، من الحرب داخل الأراضي الإيرانية وصولاً إلى خسائر النظام السوري سابقاً، دفعت طهران إلى تبني حسابات مختلفة في إدارة التهديدات.
ضغوط أمريكية وصراع داخلي لبناني
الولايات المتحدة مارست ضغطاً على الحكومة اللبنانية لاعتماد قرار رسمي يقضي بنزع سلاح حزب الله، ملوحة بزيادة الضربات الإسرائيلية في حال عدم الاستجابة. الرئيس اللبناني جوزيف عون وجد نفسه في موقف بالغ الصعوبة، وسط تهديدات أمريكية وضغوط داخلية، خصوصاً بعد أن وافق مجلس الوزراء بفارق ضئيل على مقترح مدعوم أمريكياً، ما دفع الوزراء الشيعة إلى الانسحاب احتجاجاً.
في المقابل، صعّد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم لهجته، مهدداً بأنه “لن تكون هناك حياة للبنان” إذا قررت الدولة مواجهة الحزب، محذراً من الاستسلام لإملاءات واشنطن وتل أبيب.
إيران ومحور المقاومة
مصادر أمنية كشفت أن طهران أبلغت حلفاءها أنها مستعدة لتعبئة كامل “محور المقاومة” – من العراق إلى اليمن مروراً بلبنان – لحماية ترسانة حزب الله. أحد المسؤولين الأمنيين المتقاعدين وصف الأمر بأنه “مسألة حياة أو موت بالنسبة لإيران”.
إيران اعتبرت منذ تأسيس حزب الله في أوائل الثمانينيات أن سلاحه ذخر استراتيجي، وقد أنفقت مليارات الدولارات على تدريبه وتسليحه وتحويله إلى قوة عسكرية شبه نظامية شاركت في حروب عدة، أبرزها في سوريا. ورغم الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي قتلت قادة بارزين ودمرت أجزاء من ترسانته، لا يزال الحزب يحتفظ بصواريخ استراتيجية وأسلحة متطورة.
حسابات استراتيجية جديدة
لاريجاني أوضح في لقاءاته أن إيران لا تسعى للتدخل في الشأن اللبناني الداخلي، لكنها تعتبر سلاح حزب الله جزءاً من منظومتها الأمنية الإقليمية، وبالتالي غير قابل للتفاوض. كما شدد على أن “إسرائيل تسعى لتجريد لبنان من أي قدرة دفاعية، وهذا يخدم أهدافها في المواجهة المقبلة”.
في ظل ضعف قدرات الجيش اللبناني وعدم قدرته على صد الهجمات الإسرائيلية، ترى طهران أن أي نزع لسلاح حزب الله سيجعل لبنان مكشوفاً بالكامل أمام إسرائيل.
مؤشرات على مواجهة وشيكة
التصريحات الإيرانية ترافقت مع تحذيرات صريحة من قيادات عليا في طهران. فقد قال يحيى رحيم صفوي، مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي: “نحن لسنا في حالة وقف إطلاق نار، بل في مرحلة حرب… حرب جديدة قد تقع قريباً، وبعدها ربما لن تكون هناك حروب أخرى”.
وفق مصادر مطلعة في بيروت، فإن زيارة لاريجاني حملت رسالة مزدوجة: أولاً طمأنة حلفاء إيران بأن طهران لن تتراجع عن دورها الإقليمي، وثانياً تحذير الولايات المتحدة وإسرائيل من أن سلاح حزب الله ليس قضية لبنانية داخلية، بل ورقة إيرانية محورية في ميزان القوى الإقليمي.
المزيد من التغطية لهذا الموضوع في قسم “متابعات عربية” من هذا التقرير.
اتفاق أمني جديد بين بغداد وطهران يثير تحفظات أميركية
كشف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، تفاصيل الاتفاق الأمني الأخير بين إيران والعراق، الذي أثار اعتراضاً واضحاً من واشنطن. لاريجاني أوضح أن الاتفاق يهدف إلى “إرساء فضاء أمني مشترك” بين البلدين، يقوم على التزام متبادل بمنع استخدام أراضي أي منهما لتهديد الطرف الآخر أو السماح بتدخل أطراف ثالثة في شؤونهما الأمنية.
وأشار لاريجاني إلى أن الاتفاق جاء في أعقاب الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، لافتاً إلى أن بعض الدول سمحت حينها باستخدام أجوائها، ما استدعى ضرورة تحديث قواعد التعاون الأمني. مذكرة التفاهم الأمنية وُقّعت رسمياً في 11 أغسطس الجاري، وشملت بنوداً تتعلق بمراقبة الحدود ومنع التهريب والتسلل غير القانوني.
بالتوازي، كشف تقرير لـ”إيران إنترناشيونال” أن زيارة لاريجاني إلى بغداد هدفت أيضاً إلى حث الفصائل الشيعية العراقية على الدفع باتجاه إقرار مشروع قانون يخص “الحشد الشعبي” داخل البرلمان. ورغم أن القانون لم يُقر بعد بسبب خلافات داخلية وضغوط أميركية، فإن تمريره من شأنه – بحسب مراقبين – أن يعزز النفوذ الإيراني في العراق.
رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، كان قد صرح في نهاية يوليو بأن حكومته منعت المجموعات الموالية لطهران من الانخراط في الحرب الأخيرة عبر “مزيج من الضغوط السياسية والعسكرية”، مشيراً إلى إحباط 29 محاولة لإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة ضد أهداف إسرائيلية وأميركية.
في المقابل، أبدت الولايات المتحدة قلقها من الاتفاق. المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تيمي بروس، قالت في 13 أغسطس إن إدارة ترامب ترفض أي ترتيبات تُضعف التعاون الأمني الثنائي وتحوّل العراق إلى “دولة تابعة” لإيران. وأضافت أن واشنطن تدعم “السيادة الفعلية” للعراق وتعزيز مؤسساته الأمنية الوطنية.
مكتب مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أكد بدوره أن الاتفاق مع طهران لا يتعارض مع استقلالية العراق، بل يهدف إلى تعزيز الاستقرار ومكافحة التهريب. الأعرجي شدد خلال لقائه القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد على أن بلاده تسعى لإقامة علاقات متوازنة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية.
من جانبها، أدانت السفارة الإيرانية في بغداد التصريحات الأميركية، معتبرة أنها تمثل “تدخلاً سافراً” في الشؤون الثنائية، ومحاولة لإثارة التوتر بين دول الجوار. في الأثناء، قدّم عضوان في الكونغرس الأميركي مشروع قانون جديد يهدف إلى تقليص نفوذ إيران داخل العراق، في إشارة إلى استمرار التوتر بين واشنطن وطهران على الساحة العراقية.
تعليق:
بهذا، يجد العراق نفسه في موقع دقيق بين ضغوط أميركية لتقليص الحضور الإيراني، ورغبة جارته الشرقية في ترسيخ نفوذها الأمني والسياسي عبر اتفاقيات رسمية، في وقت يحاول فيه السوداني تثبيت صورة بلاده كدولة ذات سيادة تسعى للتوازن في علاقاتها الدولية.
هذا الاتفاق الأمني بين العراق وإيران ليس مجرد تفاهم حدودي، بل هو ورقة جديدة في لعبة النفوذ الإقليمي. بالنسبة لإيران، هو خطوة لتعزيز عمقها الاستراتيجي؛ بالنسبة لأميركا، تهديد مباشر للنفوذ الغربي في العراق؛ أما بالنسبة لبغداد، فهو اختبار حقيقي لمدى قدرتها على التوفيق بين الضغوط الخارجية وحماية سيادتها الداخلية.
الخارجية الأميركية: إدارة ترامب عازمة على “تصفير” صادرات إيران النفطية إلى الصين
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، عازمة على إيصال صادرات إيران النفط إلى الصين إلى مستوى الصفر.
وذكرت الوزارة، في بيان نشرته يوم الاثنين 18 أغسطس على صفحتها الرسمية باللغة الفارسية، بمنصة “إكس”: “إن إدارة ترامب، وفي إطار حملة الضغط الأقصى لمحاسبة النظام الإيراني على أنشطته التخريبية، مصمّمة على خفض صادرات النفط من إيران إلى الصين إلى الصفر”.
وأضافت الخارجية الأميركية: “النظام الإيراني ينفق أموالاً أكثر من العائدات التي يحصل عليها من تجارة نفطه غير المشروعة في محاولاته المستمرة للالتفاف على العقوبات”.
وكشفت الوزارة أن مسؤولين أميركيين حذروا، خلال اجتماعاتهم مع البنوك في هونغ كونغ، من مخاطر التعاملات المالية المرتبطة بالنفط الإيراني.
وشدد البيان على أن “رسالة إدارة ترامب واضحة باستهداف الشريان الاقتصادي الرئيس للنظام الإيراني: هذا النظام يجب أن يغيّر سلوكه، وإلا فسيواجه عزلة متزايدة وأزمات اقتصادية متفاقمة”.
ويُذكر أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أعاد منذ عودته إلى البيت الأبيض تفعيل سياسة “الضغط الأقصى” ضد طهران، بهدف تقييد مواردها المالية والحد من نفوذها الإقليمي والدولي. (إيران انترناشونال)
إيران وأرمينيا توقعان بياناً مشتركاً و10 وثائق تعاون لتعزيز العلاقات الثنائية
وقّعت إيران وأرمينيا، بياناً مشتركاً وعشرة وثائق تعاون شملت مجالات الاقتصاد والثقافة والسياسة، وذلك خلال الزيارة الرسمية التي يجريها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العاصمة الأرمينية يريفان.
وجرت مراسم التوقيع بحضور الرئيس الإيراني ورئيس وزراء أرمينيا، حيث أكّد البيان المشترك على التزام الطرفين بتوسيع آفاق التعاون الثنائي.
وشملت مذكرات التفاهم مجالات متعددة، من بينها: الشؤون الخارجية، الاقتصاد، السياحة، الثقافة، العلوم والتعليم، البناء، الصحة، الإعلام، إضافة إلى مجالات اجتماعية وبنية تحتية وفنية.
وتأتي هذه التوقيعات في إطار تعزيز العلاقات التاريخية والجغرافية بين البلدين الجارين، مع توقعات بأن تسهم في زيادة حجم التبادلات التجارية والثقافية، فضلاً عن توسيع مجالات التعاون الصناعي والتعليمي والصحي.
باشينيان لبزشكيان: علاقات أرمينيا مع إيران خط أحمر ولا تغيير للحدود
أكد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان خلال لقائه المطوّل مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في يريفان، أن الحفاظ على العلاقات الجيدة مع إيران وعدم تغيير الحدود يشكلان “قراراً حاسماً وخطاً أحمر بالنسبة لأرمينيا”، بحسب ما نقل المستشار السياسي للرئيس الإيراني مهدي سنائي.
وأوضح سنائي أن الرئيس بزشكيان رحّب بخيار السلام، وطرح بوضوح هواجس طهران حيال اتفاق ممر زنغزور، مشيراً إلى أن الجانبين توصلا إلى تفاهمات حول مشاريع جديدة لتوسيع التعاون الثنائي في مجالات متعددة.
من جهته، شدّد باشينيان على أن الاتفاقات التي وُقّعت مؤخراً بين يريفان وباكو في الولايات المتحدة “تمهّد الطريق لوصول إيران عبر السكك الحديدية إلى أرمينيا ومن ثم إلى البحر الأسود”، معرباً عن تقديره لـ”التقييم المحايد” الذي قدّمه الرئيس الإيراني لهذه الاتفاقات.
وتأتي هذه التصريحات في ظل جهود دبلوماسية متسارعة لتعزيز التعاون الإيراني–الأرميني، وسط توترات إقليمية تتعلق بترسيم الحدود ومشاريع الممرات في جنوب القوقاز.
متابعات عربية
لبنان: سجال محتدم بعد تهديدات نعيم قاسم ورفض الحكومة وجعجع
تصاعد التوتر السياسي في لبنان بعد تصريحات الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الذي تعهّد الجمعة (15 أغسطس/آب 2025) بعدم تسليم سلاح الحزب، مهدداً بخوض ما وصفها بـ”معركة كربلائية” إذا مضت الحكومة في خطتها لحصر السلاح بيد الدولة. وحمّل قاسم الحكومة “المسؤولية الكاملة عن أي انفجار داخلي”، معتبراً أن قرارها يخدم المشروع “الأميركي – الإسرائيلي”.
في المقابل، ردّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على خطاب قاسم واصفاً إياه بـ”التهديد المباشر” للحكومة والمؤسسات الدستورية واللبنانيين الأحرار، مؤكداً أن الأكثرية تقف خلف رئاسة الجمهورية والحكومة في ما وصفه بـ”مرحلة تأسيسية بامتياز”.
من جهته، شدد رئيس الحكومة نواف سلام على أن “لا أحد يملي على الحكومة قراراتها”، محذراً من “تصرفات غير مسؤولة تحرض على الفتنة”، فيما قال وزير العدل عادل نصار إن “أي سلاح خارج إطار الدولة مخالف للدستور”، داعياً كل المكونات، بما فيها حزب الله، إلى الالتزام بخيار بناء الدولة.
ويأتي هذا السجال بعد أن كلف مجلس الوزراء الجيش في 7 أغسطس/آب إعداد خطة لتجريد حزب الله من سلاحه بحلول نهاية العام، وسط ضغوط أميركية وتهديدات إسرائيلية بتوسيع ضرباتها إذا لم يُنفذ القرار، في وقت ما تزال إسرائيل تحتفظ بخمس تلال حدودية وتواصل خروقاتها لوقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. (الجزيرة نت) (العربية نت)
تعليق:
تصريحات قيادات حزب الله الأخيرة، من محمود قماطي إلى نعيم قاسم، تعكس تحولاً نوعياً في تموضع الحزب. لم يعد الحديث مقتصراً على مواجهة إسرائيل أو التمسك بسلاح “المقاومة”، بل وصل إلى حد التلويح المباشر بقطع اليد التي تمتد إلى السلاح، أي مواجهة الداخل اللبناني. هذا الخطاب يوازي لحظة 2006–2008 حين التف الحزب على القرار 1701 ثم احتل بيروت لإرغام الدولة على الاعتراف بشروطه.
لكن مقارنة بما بعد حرب 2006، تبدو بيئة 2025 مختلفة جذرياً:
البيئة الإقليمية: فقد الحزب عمقه السوري بعد سقوط الأسد، وتراجع موقعه الاستراتيجي مع تحولات الحرب السورية. إيران نفسها مثقلة بملفات النووي والعقوبات، ولم تعد قادرة على تغطية الحزب بالزخم السابق.
البيئة الدولية: واشنطن والغرب ينظران إلى حزب الله كـ”عنصر اختلال” يجب تحجيمه، لا كقوة أمر واقع. أي محاولة انقلاب أو اجتياح داخلي قد تُواجَه بعقوبات أشد وربما دعم دولي للجيش اللبناني.
البيئة الداخلية: انتخاب رئيس إصلاحي (جوزاف عون) وحكومة برئاسة نواف سلام أوجدت مشروع دولة جديدة يحظى بزخم شعبي ودولي. المزاج اللبناني نفسه تغيّر، فالشعارات التي كانت تبرر السلاح (مزارع شبعا، المقاومة) تراجعت أمام مطلب سيادة الدولة ووقف انهيار الاقتصاد.
وول ستريت جورنال: إسرائيل تبحث إعادة توطين فلسطينيي غزة في جنوب السودان ودول أخرى
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن إسرائيل تُجري محادثات مستمرة مع جنوب السودان وعدد من الدول الأخرى بشأن إعادة توطين فلسطينيين من قطاع غزة، فيما رفضت القيادات الفلسطينية هذه الخطط ووصفتها بأنها غير مقبولة وتشكل “نكبة جديدة”.
تفاصيل المحادثات
ثلاثة مصادر مطلعة أكدت لوكالة رويترز أن المفاوضات مع جنوب السودان لم تصل إلى اتفاق نهائي، لكنها لا تزال جارية.
تقارير أشارت إلى أن إسرائيل تواصل اتصالات مشابهة مع ليبيا، صوماليلاند، وسوريا، غير أن التقدم كان محدوداً جداً مع دمشق وهَرجيسا.
في المقابل، تُمارس واشنطن وتل أبيب ضغوطاً على مصر لقبول توطين فلسطينيين في شبه جزيرة سيناء، وهو ما ترفضه القاهرة بشدة رغم اعتبارات القرب الجغرافي.
موقف إدارة ترامب
عاد الملف إلى الواجهة بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مطلع العام، دعا فيها إلى “إعادة تطوير غزة كوجهة سياحية عالمية” ونقل عدد كبير من سكانها إلى “أماكن جديدة جميلة”، شريطة نزع سلاح حركة حماس وإنهاء الحرب.
المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي قالت إن الرئيس “لطالما طرح حلولاً مبتكرة لتحسين حياة الفلسطينيين”، لكن الخطة مرهونة بوقف القتال.
نفي وتناقضات
الخارجية في جنوب السودان نفت سابقاً صحة هذه الأنباء ووصفتها بـ”المزاعم”، لكن مصادر دبلوماسية أكدت أن وزير خارجيتها موندي سيمايا كومبا ناقش الملف خلال زيارته لإسرائيل الشهر الماضي.
نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي شارن هاسكل نفت أن يكون موضوع إعادة التوطين مطروحاً، مؤكدة أن المحادثات انصبت على ملفات سياسية وإنسانية تخص جنوب السودان.
تزامناً مع حصار غزة وتجويع سكانها.. إسرائيل تعلن إرسال مساعدات إلى جنوب السودان
في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، عزمها إرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى جنوب السودان لمواجهة تفشي وباء الكوليرا المستمر منذ سبتمبر/أيلول 2024، وذلك في وقت تواصل فيه إسرائيل إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة منذ 2 مارس/آذار الماضي، مانعة دخول المساعدات الإنسانية بما يفاقم الأزمة الغذائية هناك.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن المساعدات ستشمل معدات طبية أساسية وأجهزة تنقية مياه وحزماً غذائية، بإشراف وزير الخارجية جدعون ساعر. لكن هيئة البث العبرية ربطت الخطوة مباشرةً بالتقارير المتداولة عن مناقشات بين تل أبيب وجوبا بشأن إمكانية تهجير فلسطينيي غزة إلى جنوب السودان.
وتأتي هذه التحركات بعد أن كشفت تقارير صحفية دولية عن موافقة مبدئية من حكومة جنوب السودان على استقبال فلسطينيين مقابل استثمارات إسرائيلية، قبل أن تعود جوبا وتنفي رسمياً وجود أي اتفاق، واصفة تلك المزاعم بأنها “لا أساس لها”. (العربي)
المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر: من منطقة مهملة إلى بؤرة للجريمة والحرب
تحولت المنطقة الصحراوية القاحلة الواقعة على الحدود بين السودان وليبيا ومصر، والمعروفة بـ”المثلث الحدودي”، إلى ساحة مفتوحة للصراع والجريمة المنظمة، بعد أن أصبحت محور تنافس بين الحكومات، والميليشيات، والجماعات المسلحة المدعومة من قوى إقليمية وخارجية.
السيطرة على المثلث: بين الجيش والدعم السريع
في يونيو/حزيران 2025، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على الجزء السوداني من المثلث، مستفيدة من تراجع الجيش السوداني الذي كان قد استولى على قواعدها هناك مع بداية الحرب في أبريل 2023. ورغم انسحابها السابق، حافظت قوات الدعم السريع على نفوذها عبر تحالفات مع ميليشيات ليبية مرتبطة باللواء خليفة حفتر، وهو ما سهّل تدفق السلاح إليها من الإمارات العربية المتحدة وفق شهادات محلية.
اقتصاد الذهب والسلاح
يرى الباحث السوداني سليمان بلدو أن اقتصاد المثلث جزء من منظومة أوسع تشمل منطقة الساحل الأفريقي، حيث يتركز النشاط على عسكرة المجتمعات المحلية واستغلال الذهب والمعادن. ويضيف أن الفوضى الحالية هي نتاج تقاطع حدثين مفصليين: سقوط القذافي في ليبيا عام 2011، واندلاع الحرب السودانية عام 2023، التي امتدت آثارها إلى دارفور وتشاد ودول إقليمية أخرى.
أبعاد إقليمية وصراع دولي بالوكالة
تؤكد مصادر ليبية أن المعركة على المثلث مرشحة للتصعيد، مع دخول أطراف خارجية – أبرزها الإمارات – على خط الصراع، بهدف تأمين السيطرة لصالح حلفائها المحليين. هذا التدخل يرسخ صورة المثلث كبؤرة لـ”الحرب بالوكالة”، حيث تتقاطع مصالح شبكات التهريب، التعدين غير المشروع، وتجارة السلاح مع أجندات القوى الإقليمية. (أفروبوليسي)
بلاك روك تُبرم صفقة بقيمة 11 مليار دولار مع أرامكو السعودية
أعلنت شركة بلاك روك إتمام صفقة كبرى مع أرامكو السعودية بقيمة 11 مليار دولار، تشمل أصول معالجة الغاز في المرحلة الوسطى المرتبطة بحقل الجافورة، أحد أبرز مشاريع الغاز غير التقليدي في المملكة.
تفاصيل الصفقة
الصفقة جاءت على شكل اتفاقية تأجير وإعادة استئجار، حيث ستبقى أرامكو مالكة لحصة مسيطرة بنسبة 51%، بينما يستحوذ تحالف تقوده بلاك روك على النسبة المتبقية. هذه الخطوة تعزز قدرة أرامكو على جذب استثمارات استراتيجية ضخمة مع الحفاظ على سيطرتها التشغيلية.
أهمية استراتيجية
يُنظر إلى الاتفاقية كجزء من رؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تنويع الاقتصاد وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. كما تؤكد الصفقة الاتجاه العالمي نحو الاستثمارات طويلة الأجل منخفضة المخاطر في قطاع الطاقة، خصوصاً المشروعات المدعومة من الحكومات.
متابعات إفريقية
إثيوبيا.. خارطة الجماعات المسلحة بين المطلبية والعنف الداخلي
رغم مرور أكثر من قرن على تأسيس الدولة الإثيوبية الحديثة، ما زالت البلاد تعاني من أزمات مزمنة تعود جذورها إلى التعدد العرقي واللغوي والديني، وهيمنة أقليات محددة على السلطة والثروة، ما أدى إلى تفاقم الصراعات القومية وتنامي الحركات المسلحة.
أبرز الجماعات المسلحة
- جبهة تحرير تجراي (TPLF):
تأسست عام 1975 بدافع مقاومة التهميش والقمع، وتحوّلت لاحقاً إلى أحد أقوى الفصائل التي حكمت إثيوبيا عبر “الجبهة الديمقراطية الثورية”. دخلت في حرب دامية مع حكومة آبي أحمد عام 2020 انتهت باتفاق بريتوريا 2022، لكنها ما تزال لاعباً رئيسياً رغم الانقسامات الداخلية. - حركة فانو (FANO):
ظهرت بقوة منذ 2016 كحركة شبابية احتجاجية للأمهرا، قبل أن تتحول إلى تشكيلات شبه عسكرية مستقلة. تشارك في الصراع على النفوذ وتعارض سياسات آبي أحمد، رافعة شعار الدفاع عن الهوية الأمهرية. - حركة تحرير أورومو (OLF) وجيش تحرير أورومو (OLA):
نشأت عام 1973 لمواجهة تهميش قومية الأورومو (أكبر قوميات إثيوبيا). ورغم دخولها العملية السياسية عام 2018، انقسمت لاحقاً إلى جناح سياسي وآخر عسكري يواصل تمرداً مسلحاً واسعاً في إقليم أوروميا.
العوامل المغذية للصراع
- الهيمنة المركزية والتهميش العرقي المستمر لعقود.
- فشل الأنظمة المتعاقبة (الملكية، الماركسية، الفيدرالية) في إنتاج عقد وطني جامع.
- التدخلات الخارجية حيث تلجأ الجماعات المسلحة إلى الدعم الإقليمي والدولي لتعزيز نفوذها، مثل دعم إريتريا لبعض فصائل “فانو”، أو الدعم غير المباشر لجبهة تجراي من قوى غربية بحجة حقوق الإنسان.
ديناميات العلاقة بين الفصائل
تتسم العلاقات بين الجماعات المسلحة بالتقلب؛ فبينما تحالفت جبهة تجراي مع جيش تحرير أورومو ضد الحكومة عام 2020، فإن “فانو” تعادي الطرفين معاً رغم قتالها أيضاً ضد الحكومة الفيدرالية. هذا المشهد المعقد يجعل التحالفات مؤقتة وتحكمها المصالح الآنية.
مستقبل مضطرب
يؤكد التقرير أن لا طرف قادر على الحسم العسكري، ما يبقي البلاد رهينة “لعبة القط والفأر” بين الحكومة والفصائل المسلحة. ويظل الحل مرهوناً بحوار وطني شامل يعالج جذور المظلومية العرقية ويحد من التدخلات الخارجية. أما البديل فهو استمرار النزاعات وانقسام البلاد إلى أقاليم متناحرة. (أفروبوليسي)
الاتحاد الأفريقي يعزز التنسيق العسكري في الصومال ويتحرك لتوحيد جهود السلام بالكونغو
أكدت بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال (AUSSOM) التزامها بتعزيز التنسيق مع الجيش الوطني الصومالي في إطار استراتيجية شاملة لهزيمة حركة الشباب، التي كثفت هجماتها خلال الأسابيع الأخيرة وسيطرت على بلدات استراتيجية مثل مقوكوري وأدن يبال ومحاس.
ورغم هذه المكاسب، تكبدت الجماعة خسائر كبيرة في بريري بعد انسحابها من البلدة وفقدان مئات المقاتلين.
وزير الدفاع الصومالي أحمد معلم فقي عقد اجتماعاً استراتيجياً مع قيادة البعثة الأفريقية لبحث تسريع العمليات العسكرية وتنفيذ خطة انتقال المسؤولية الأمنية من القوات الدولية إلى الجيش الصومالي. وأكد مسؤولون أن انتصار بريري يُظهر قدرة الشراكة الدولية على دعم الصومال في مسار الاستقرار.
في سياق آخر، أوصت قمة استثنائية مشتركة جمعت قادة جماعة شرق أفريقيا (EAC) وجماعة تنمية الجنوب الأفريقي (SADC) بأن تتولى مفوضية الاتحاد الأفريقي قيادة عملية السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية، عبر دمج مساري نيروبي ولواندا في مبادرة موحدة.
الاجتماع، الذي عُقد افتراضياً في 13 أغسطس/آب، أعلن تعيين رئيس بوتسوانا السابق موكجويتسي ماسيسي ضمن لجنة ميسرين من خمسة أعضاء. وتأتي هذه الخطوة في ظل استمرار تمرد حركة M23 وسيطرتها على مناطق واسعة شرق البلاد، بما في ذلك غوما، وسط اتهامات دولية لرواندا بدعمها.
البيان الختامي شدد على وضع خطة لتعبئة الموارد، وإنشاء أمانة مستقلة لدعم الوساطة، بما يعزز فرص سلام شامل في شرق الكونغو. (أفروبوليسي)
روسيا تعقد أول اجتماع عسكري مع مجالس دول الساحل الإفريقي
استضافت وزارة الدفاع الروسية، أول اجتماع رسمي يجمعها مع قادة الجيوش في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وهي دول يحكمها مجالس عسكرية وصلت إلى السلطة عبر انقلابات، بعد أن ابتعدت عن النفوذ الفرنسي واقتربت من موسكو.
أكد وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف أن اللقاء يمثل باكورة المشاورات بين روسيا ودول اتحاد دول الساحل، الكيان الجديد الذي نشأ ليحل محل التحالفات الأمنية السابقة المدعومة من الغرب. من جانبه، شدد وزير الدفاع المالي ساديو كامارا على أن التعاون الدفاعي أصبح المجال الأهم في علاقات بلاده مع روسيا، فيما شارك أيضاً وزيرا دفاع النيجر وبوركينا فاسو، ساليفو مودي وسيليستين سيمبور.
وبحسب بيان وزارة الدفاع الروسية، فقد اختُتمت المحادثات بتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون العسكري بين موسكو والدول الثلاث، دون الكشف عن تفاصيل إضافية. (أفروبوليسي)
متابعات دولية
لاري فينك رئيس “بلاك روك” يتولى منصب الرئيس المشارك المؤقت للمنتدى الاقتصادي العالمي
أعلن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) تعيين لاري فينك، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، رئيساً مشاركاً مؤقتاً للمنتدى، في خطوة وُصفت بأنها تعكس تحولاً استراتيجياً في قيادة المؤسسة، وفق ما نقلته منصة MSN.
ويُنظر إلى تعيين فينك كتحرك استراتيجي نظراً للنفوذ الكبير الذي تتمتع به بلاك روك في القطاع المالي، وخبرة فينك العميقة في فهم العلاقة المتشابكة بين الاقتصاد والسياسة والاستدامة البيئية. لطالما كان فينك من أبرز المدافعين عن المسؤولية المؤسسية والتمويل المستدام، وهو ما يتقاطع مع رسالة المنتدى الاقتصادي العالمي الساعية إلى “تحسين حالة العالم” من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص. ومن المتوقع أن يقود المنتدى في نقاشات حاسمة حول قضايا كبرى مثل تغير المناخ، عدم المساواة، ومستقبل العمل.
المنتدى، المعروف بلقاءاته السنوية في دافوس بسويسرا، يعدّ من أبرز المنصات الدولية لتنسيق الحوار بين قادة العالم. وتأتي هذه الخطوة في وقت يحاول فيه المنتدى تعزيز قيادته وسط تحولات اقتصادية عالمية عميقة، لا سيما بعد إعلان نتائج تحقيق داخلي برّأت مؤسسه كلاوس شواب من مزاعم بشأن مخالفات مالية، عقب استقالته في أبريل الماضي.
تعليق:
يعكس تعيين فينك في هذا المنصب تحولاً عميقاً في قيادة المؤسسات التي تقود صناعة القرار في العالم. ينظر الكثيرون إلى المنتدى الاقتصادي العالمي بوصفه “الحكومة الخفية للعالم”، والتي قادته في مرحلة مهمه تم فيها فرض النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة، والذي تبنى أجندة العولمة بشكل صارخ.
يأتي فينك، في الوقت الذي تتربع الشركة التي أسسها ويديرها، بلاك روك، على عرش إدارة الأصول في العالم، بمحفظة تتجاوز 10 تريليون دولار ، تمتد لكافة أنواع الأصول والنشاطات الاقتصادية حول العالم، واكتسبت نفوذا هائلاً، اقتصادياً وسياسياً، في الكثير من دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث كان لها دور كبير في التعاون مع الإدارة الأمريكية لتجاوز الأزمة المالية الطاحنة في 2008.