دراسات

آثار تحديد المسئولية الدولية عن انتهاكات حقوق الإنسان

تضمنت المواثيق الدولية والإقليمية عدداً من حقوق الإنسان التي يمكن أن تشكل مدونة لما يتمتع به الإنسان من حقوق وحريات، فقد نصت على مجموعة من الحقوق تتعلق بحق الإنسان في الحياة والحرية الشخصية، وحرية التفكير والتعبير والرأي والعقيدة وتغيير الديانة وإقامة الشعائر ومراعاتها، وحق تكوين أو الاشتراك في الجماعات السلمية، وحق الانتخاب على أساس الاقتراع السرى وعلى قدم المساواة مع الجميع وفي ظل إجراءات تضمن حرية التصويت. وقد أصبحت هذه المواثيق بمثابة “الترمومتر” الذى يقاس به مدى احترام الدول لمبادئ حقوق الإنسان.وقد شكلت هذه المواثيق ما اصطلح على تسميته بالقانون الدولي لحقوق الإنسان أو “قانون حقوق الإنسان الدولي”، والذى يتضمن مجموع الحقوق الأساسية التي وردت في ما يسمى بالشريعة الدولية لحقوق الإنسان، فهو يعبر عن مضمون الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، أي أنه يفيد ذلك الجزء من القانون الدولي العام الذى يكفل حماية حقوق الفرد، منظوراً إلية في ذاته، وحماية حقوق الجماعة البشرية أثناء السلم[1].

وقانون حقوق الإنسان لا يشتمل على حقوق الإنسان فقط، بل يتضمن أيضاً قيوداً على هذه الحقوق، بما يخوله لسلطات الدولة من تحديات أو قيود على حقوق لإنسان.. ويطلق البعض الآخر على مجموعة الحقوق الواردة في المواثيق الخاصة بحقوق الإنسان “المدونة العالمية لحقوق الإنسان”[2].

ولم يقتصر الأمر عند مراعاة حقوق الإنسان وقت السلم، ولكن امتدت المواثيق لتشمل حماية حقوق الإنسان في وقت الحرب والنزاعات المسلحة حتى نشأ فرع جديد من القانون الدولي ـ كما أسلفنا ـ يطلق عليه “القانون الدولي الإنساني”، وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي التي استخدمت هذا المصطلح في الوثائق التي تقدمت بها إلى “مؤتمر الخبراء الحكوميين للعمل على إنماء وتطوير القانون الدولي الإنساني المطبق على النزاعات المسلحة” الذى عقد في جنيف 1971م، وهو يشمل القواعد العرفية والاتفاقية التي تضع القيود على تسيير العمليات الحربية أو استخدامها، وغيرها من القواعد التي تقررت نزولاً على اعتبارات مبدأ الإنسانية[3].

وقد ظهر هذا القانون من خلال اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م، فضلاً عن اتفاقيات لاهاي (1899م ـ 1907)، واتفاقيات وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. ومع هذا فلم يأخذ هذا القانون الطابع العالمي بعد، حيث لم تنضم ثلث دول العالم إلى البروتوكولين الإضافيين “جنيف” 1977م، كما أن هناك 36 دولة فقط منضمة إلى الاتفاقية الخاصة بحظر استخدام بعض الأسلحة التقليدية أو الحد منها، الموقعة عام 1981م[4].

ورغم تعدد المواثيق والإعلانات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان حتى غدت حقوق الإنسان وحرياته الفردية والجماعية شأناً عالمياً، وانتقل الاهتمام بها من ميدان المبادئ الأخلاقية والنظريات الفلسفية والأيديولوجيات السياسية والاجتماعية إلى ميدان الممارسة الواقعية من جانب الأفراد والجماعات البشرية، فقد ثار الخلاف حول مدى إلزامية القواعد المتعلقة بحقوق الإنسان الواردة في تلك المواثيق والإعلانات، الأمر الذى يثير بدوره التساؤل عن مدى وجود قانون لحقوق الإنسان، حيث أن من أهم خصائص القانون أنه يضع قواعد ملزمة للجميع، ويضمن تنفيذها، من خلال جزاءات يوقعها على المخالف.

فالبعض يرى أن هذه القواعد تحتوى على التزامات دولية محددة، ومن ثم فهي قواعد آمرة وحجة على الكافة، وهو يستند في ذلك إلى ما أكدته محكمة العدل الدولية في قضية “برشلونة تراكشن”، فضلاً عن حرص المجتمع الدولي على إدانة تصرفات الدول لمخالفة لحقوق الإنسان[5]. ويرى البعض الآخر، أن الجزاء في هذا القانون يتمثل في اعتبار الاعتداء على بعض حقوق الإنسان جريمة دولية تمس المجتمع الإنساني كله، ومن ثم لا يجوز منح مرتكبها حق اللجوء السياسي، كما ترجمت بعض الانتهاكات لحقوق الإنسان في الداخل ومنها القتل، باعتباره اعتداء على حق الإنسان في الحياة، إلى جرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام، فضلاً عن الثورات والتمردات والانتفاضات والاغتيالات التي يزخر بها تاريخ الأمم قديمها وحديثها كجزء من انتهاكات كرامة الإنسان لحرياته الأساسية من جانب الحكومات[6].

وينكر البعض القيمة القانونية للمواثيق الإنسانية ومن أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويرفض اعتباره تطبيقاً لميثاق الأمم المتحدة في مادتيه 55، 56 ولا يعترف له سوى بقيمة أدبية وسياسية فقط[7]. ويؤكد البعض الآخر أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، قد خلا من تحديد كيفية تنفيذه، كما أنه لا يعد اتفاقية دولية، ولم يكن محلاً للتصديق من الدول الأعضاء جميعها، فهو في نظر البعض ليس له سوى تأثير أدبى وفلسفي محض، كما أن قواعده بالغة العمومية وتتسم مبادئه بالغموض ولا يتضمن نصوصاً محددة قابلة للتنفيذ رغم تأكيد محكمة العدل الدولية على قيمته بوصفه يبين المبادئ الأساسية للقانون الدولي[8].

وفي حين يؤكد اتجاه آخر على أهمية العلاقة بين حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي كوسيلة لإنقاذ تلك الحقوق التي تتمتع بعنصر أسمى من الإقليمية أو بالعنصر الدولي، ويدلل على ذلك بأن حقوق الإنسان المتعلقة بالسلامة البدنية والمتضمنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تم إدراجها في وثائق جنائية دولية تنص على تجريم الإبادة الجماعية والفصل العنصري والجرائم ضد السلم الجرائم ضد الإنسانية منها القتل والإبادة والاسترقاق، والاضطهاد لأسباب سياسية أو عرقية أو دينية والقرصنة وخطف الطائرات واحتجاز الرهائن، ومن ثم لابد لحقوق الإنسان أن ترتقى وتتجدد في نصوص تجريمه لضمان انفاذها، ولن يكون ذلك إلا إذا توافر لها العنصر الدولي[9].

وفي هذا الإطار يمكن تناول تبعات تحديد المسئولية الدولية عن حقوق الإنسان، وأبعادها، من خلال المطالب التالية.

المطلب الأول: إصلاح الضرر كمبدأ عام للمسئولية الدولية

يشكل إعادة ارتكاب فعل غير مشروع اعتداء مزدوجاً: اعتداء على قاعدة قانونية من ناحية، واعتداء على مصلحة قانونية محل حماية من ناحية أخرى بعبارة أخرى يعد فعل غير المشروع مخالفة لقانون ولحق معاً وأن الإصلاح يقع تحديداً على مستوى هذين الاعتداءين، فهو موضوعي مجرد من ناحية، وخاص ومادى غالباً من ناحية أخرى. فهو يضم إعادة النظام القانوني السابق على ارتكاب الأفعال غير المشروعة وذلك بهدف كمال القاعدة القانونية، وتعويض الأضرار للحفاظ على مصلحة الدولة الضحية.

أي إن إصلاح الضرر هو أمر ملازم لانتهاك الالتزام الدولي وهدفه وموضوعه هو إزالة الآثار الضارة الناجمة عن هذا الخرق أو الانتهاك، أو بعبارة أخرى الالتزام الذى يفرضه القانون الدولي على الدولة المسئولة كأثر للمسئولية الدولية، فكل مخالفة لالتزام تتضمن التزاماً بالإصلاح أي أن الالتزام بالإصلاح يشكل مبدأ عاماً للقانون الدولي[10].

أولاً: أشكال إصلاح الضرر في القانون الدولي العام:

يمكن التمييز بين ثلاثة صور لهذا الإصلاح:

1ـ الرد العيني:

يعد التعويض عن الضرر جزاءً تأسيساً على أن فكرة الجزاء لا تقف عند حدود الردع أو القسر أو الألم، وإنما أيضاً لها جانب إصلاحي، يضاف إلى ذلك أن التعويض إنما يعد أمراً لازماً في مجال جرائم العنف الدولي، وذلك على غرار التعويض الذى تمنحه الدولة في إطار الإرهاب الداخلي[11]، فالإرهاب الدولي لا تنعقد معه فحسب المسئولية الجنائية وإنما أيضاً المسئولية الدولية المدنية والقائمة على إصلاح الضرر الذى ينسب لأحد أشخاص القانون الدولي العام فهو الالتزام الذى يفرضه القانون الدولي على الدولة المسئولة كأثر للمسئولية الدولية[12].

والرد العيني أو إعادة الحال إلى ما كان عليه يعد الصورة المفضلة لدى الدول في إصلاح الأضرار المترتبة على الفعل الدولي غير المشروع. فهو العقوبة والجزاء العادي لعدم تنفيذ الالتزامات التعاقدية ولا يمكن استبعاد هذا الحل إلا في الحالة التي يصطدم فيها إعادة الوضع إلى ما كان عليه باستحالة مطلقة. وإذا كان الفعل غير المشروع تصرف قانوني، فإن الرد العيني يقوم على إلغاء هذا التصرف وذلك استقلالا عن طبيعته، حتى إذا تعلق الأمر بقرار قضائي.

2ـ التعويض:

يغطى التعويض أي ضرر يقبل التقدير الاقتصادي بما في ذلك الأضرار المعنوية التي يتكبدها رعايا الدولة المتضررة، كما يغطى من حيث المبدأ أي ضياع فرصة للكسب يترتب على الفعل غير المشروع دولياً الأمر الذى يفترض معه وجود معايير لتحديد مدى الضرر الناتج عن هذا الفعل بحيث يؤخذ في الاعتبار أن التعويض المالي لا يقتصر على تعويض الأضرار المادية. فالتعويض النقدي يجب أن يزيل كافة الآثار الناجمة عن الفعل الضار، وأن يكون مبلغاً مساوياً أو موازياً لقيمة الشيء الذى تعذر رده عيناً لذا يدخل في الاعتبار عند حساب مبلغ التعويض ما أصاب الضحية من ضرر وما فاته من كسب[13].

وممارسة “التعويض العقابي” لا يعرفه القانون الدولي حيث أن الأمر لا يتعلق في هذه الحالة بتعويض ضرر مادى أو حتى معنوي وإنما بجزاء، بعقوبة لحقت دولة مذنبة، فالتعويض يقدر حسب أحكام القانون الدولي عن الأضرار المباشرة فقط أي عن الضرر الذى توجد بينه وبين الفعل رابطة السببية.

3ـ الترضية:

تأخذ الترضية في القانون الدولي المعاصر صوراً متعددة أهمها تقديم الاعتذارات الرسمية وذلك بجانب معاقبة مرتكبي الفعل غير المشروع، والتأكيد الرسمي على أن مثل هذه الأفعال لن تتكرر مستقبلاً أو إرسال بعثه رسمية إلى الدولة المتضررة لتقديم الاعتذار ودفع تعويض رمزي أو التبرع بمبلغ نقدى. ويسير القضاء الدولي على أن مجرد صدور الحكم من المحكمة الدولية مثبتاً إدانة الدولة مرتكبة الفعل، يعد في حد ذاته ترضية كافية للدولة التي أصابها الضرر. فإصلاح الضرر القانوني عندما لا يتم مباشرة بمبادرة من الدولة المسئولة ولكن بتقرير قضائي أو بحكم تحكيم، فإنه من الممكن أن يأخذ شكل الحكم المعلن أو المثبت صراحة للطابع غير المشروع لسلوك الدولة[14].

والترضية تمثل مصلحة خاصة في إيضاح المظهر غير المادي لكل اعتداء على حق شخصي لدولة من جراء فعل غير مشروع ينسب لدولة أخرى. فعندما لا يوجد الضرر المادي الذى يتكفل بإصلاحه الرد العيني أو التعويض النقدي فإن الترضية تحتفظ بكامل أهميتها باعتبارها تشكل الرد المناسب لإصلاح الضرر المعنوي الذى يقتصر على الاعتداء على مصلحة قانونية محلاً لحماية، والصور المختلفة لإصلاح الضرر في القانون الدولي المعاصر لا تعنى أن كل طريقة مستقلة عن الأخرى، فقد تجتمع طريقتان أو أكثر معاً مثل وقف السلوك الضار وتقديم الاعتذار ودفع مبالغ مالي على سبيل التعويض [15].

وفي إطار هذه الصور لا تزال الرقابة القضائية، رقابة عشوائية، وذلك من واقع ارتباطها بالموافقة السابقة للدول والتي لا يلجأ إليها إلا نادراً، فالطابع النسبي للأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية، إعمالاً للمادة 59 من نظامها الأساسي لا يؤثر إلا جزئياً في نطاق هذه الرقابة ومداها، حيث ينطبق هذا الطابع بصفة أساسية على منطوق الحكم، أي على القرار النهائي للمحكمة والذى يقرر بصفة خاصة حل النزاع المطروح أمامها، فالطابع النسبي للحجية لا يتعلق بنفس الدرجة بسبب الحكم ولاسيما عندما يأتي التسبيب بعبارات عامة للقواعد والمبادئ التي تستند إليها المحكمة، لذا كان الطابع النسبي لحجية الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية يحد من الوظيفة القضائية منظوراً إليها بالمفهوم التقليدي على أنها مصدر للقانون.

إذ أن الأحكام القضائية تعد في حد ذاتها مناسبة لإيضاح القواعد القانونية التي تستند إليها في حل النزاع وذلك لإمكانية تطبيقهاً على الأطراف الأخرى للمجتمع الدول واقتصار الحجية على منطوق الحكم لا يحقق هذا الهدف من الوظيفة القضائية، حيث أنه ينبغي أن يتم تحليل بعض القواعد وتفسيرها ليخرج الحكم مؤسساً لقواعد لصالح كافة أشخاص القانون الدولي.

لذا هناك من الفقه الدولي من اقترح اللجوء إلى إجراءات رقابية أخرى، إجراءات تقوم على شرعية التدخل لكى لا تكون لها حجية أي اللجوء إلى رقابة، دون نزاع، ويقصد بالرقابة دون نزاع لتطبيق القانون الدولي، مجموع الإجراءات التي بمقتضاها يتم قانوناً التحقق وتكييف سلوك الدول فيما بينها وذلك خارج نطاق إجراء التسوية الودية للخلافات الدولية. فهذه الرقابة تتجه إلى ضمان احترام والتطبيق الفعلي للالتزامات المحددة مسبقاً والمقبولة بصفة عامة بالطريق الاتفاقي.

إلا أن الاختلاف الرئيسي الذى يميز الرقابة دون نزاع والرقابة القضائية، يتعلق بوقت التدخل فالرقابة دون نزاع تتم في غالبية الأحوال قبل نشوء النزاع بين دولتين أو أكثر والمعنية بتطبيق قواعد القانون الدولي، ويقوم على التحقق المنهجي والمنظم إلى حد ما على أساس اتفاقي ويتجه إلى التحقق من احترام كافة الدول الأطراف لمعاهدة، فالرقابة دون نزاع لا ترتبط بالضرورة بالميلاد السابق لنزاع دولي يرتبط بتطبيق قواعد القانون الدولي. وتتطلب هذه الرقابة لفاعليتها أن تقوم بها وحدات متميزة ومستقلة بالنسبة للدول [16].

وبجانب الرقابة تعد الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية وسيلة هامة من وسائل مقاومة انتهاكات حقوق الإنسان، وقد نصت على وجوب اتخاذها العديد من المواثيق الدولية منها: الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1969 (المادة، 2، و8)، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 (المادة، 5)، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 (المادة 2 والمادة 7)، واتفاقيات جنيت الأربع المؤرخة في 12 أغسطس 1949 (المادة 50، من الاتفاقية الأولى والثانية، والمادة 129، من الاتفاقية الثالثة، والمادة 147، من الاتفاقية الرابعة)، ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن 1987 (المبدأ 6، والمبدأ 7)، وإعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية، أو المهينة لعام 1975 (المواد 6،5،4). الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984.

ولم تحدد الاتفاقيات الدولية أو إعلانات الحماية إجراءات بعينها، بل وضعت المبدأ العام وتركت لكل دولة وضع هذا المبدأ موضع التنفيذ، كل حسب ما تقتضيه فلسفته التشريعية ونظمه القانونية والقضائية، بحيث يؤدى في النهاية إلى الهدف المقصود وهو أن تكون الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية وسيلة فعالة لمقاومة انتهاكات حقوق الإنسان.

ويمكن معرفة الإجراءات المطلوبة من خلال مطالعة أعمال لجنة مناهضة التعذيب المنشأة طبقاً لاتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، وأعمال اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة طبقاً للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966. وذلك من خلال ما تفرزه التساؤلات والاستيضاحات والطلبات إبان مناقشة اللجنتين للتقارير التي تقدم إليهما من الدول الأطراف بموجب الصلاحيات الممنوحة لهما وردود ممثلي الدول الأطراف عليها. فقد ألزمت اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 الدول الأطراف بأن تتخذ إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعاله أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي. ولا يعفي الدولة العضو التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت للتحلل من هذا الالتزام، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أم تهديد بالحرب، أو عدم استقرار سياسة داخلي، أو أية حالة من حالات الطوارئ الأخرى.

كما لا يجوز لأي موظف أو شخص يعمل باسم الدولة ولحسابها تعطيل العمل بهذا الالتزام أو وقفه، أو تعطيل أو وقف الإجراءات المتخذة استناداً إلى هذا الالتزام بحجة أن أوامر عليا من موظفين أعلى مرتبة أو من سلطة عامة قد صدرت إليه بهذا، طالماً كان في هذا التصرف ما يهيئ المناخ لوقوع التعذيب أو المعاملة القاسية أو إلا إنسانية أو المهينة.

وقد وصفت اتفاقية مناهضة التعذيب الإجراءات التي يجب اتخاذها بأنها يجب أن تكون “فعالة” وهذا يعنى حرص الاتفاقية على أثر هذه الإجراءات في الواقع العملي، ولم تكتف بمجرد استلزم النص عليها داخل تشريعات أو أنظمة الدول الأطراف. ولهذا أنشأت الاتفاقية لجنة مناهضة التعذيب لتكون هي الآلية العملية لوضع أحكام الاتفاقية موضع لتطبيق والرقابة على حسن تنفيذ الأطراف لها وقد منحت الاتفاقية اللجنة مجموعة من الصلاحيات حتى تتمكن من مباشرة عملها على أكمل وجه، ومن هذه الصلاحيات دراسة التقارير التي تحال إليها من الأمين العام للأمم المتحدة، بعد تقديمها لها من الدول الأطراف، والتعليق عليها واستكشاف مدى اتخاذ الدول الأطراف للتدابير المطلوبة لتنفيذ تعهداتها.

وقد وضعت اللجنة المذكورة مبادئ توجيهية يجب أن تسير عليها الدول الأطراف عند كتابة التقرير الذى سيعرض على اللجنة المذكورة بموجب المادة (19) من الاتفاقية، وبما يجب أن يحويه التقرير من معلومات حتى تتمكن اللجنة من رقابة مدى التزام الدول صاحبة التقرير بتنفيذ التزامها باتخاذ الإجراءات محل البحث ومدى كفايتها وفاعليتها. ولم تكتف اللجنة بالنص على المبادئ التوجيهية، ولكنها راقبت مدى التزام الأطراف بها من حيث الواقع، وذلك أثناء مناقشتها للتقارير التي قدمت إليها من الدول الأطراف بموجب المادة 19 من الاتفاقية.

كما أنشا العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وأعطاها صلاحيات واسعة لتكون هي الآلية العملية للرقابة على تنفيذ التزامات الدول الأطراف بموجب العهدين وبصفة خاصة صلاحيتها في نظر التقارير التي تقدم إليها من الدول الأطراف عبر الأمين العام للأمم المتحدة. وقد مارست هذه اللجنة صلاحيتها على أرض الواقع وكان لها دور بارز في حث الدول الأطراف على اتخاذ الإجراءات التشريعية أو الإدارية، أو القضائية لإعمال الحقوق المعترف بها في العهد [17].

المطلب الثاني: الجانب المادي للقانون الدولي الإنساني

يتضمن أي قانون، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، جانبين أساسيين، الأول: شخصي، أي طوائف الأشخاص أو الكائنات المخاطبة بأحكامه، والثاني: موضوعي أو مادى، ويخص الأشياء أو الأعيان أو الأماكن محل الحماية، تنقسم الأعيان والممتلكات الخاصة بالعدو إلى قسمين أساسيين، هما:

الأول: الأعيان والممتلكات العادية (ويشمل ذلك الأهداف العسكرية والأعيان المدنية):

1ـ الأهداف العسكرية:

الهدف العسكري هو الهدف الذى بطبيعته، وبالنسبة لموقعه، وغرضه، أو استخدامه يساعد في العمل العسكري والذى يحقق تدميره، أو الاستيلاء عليه أو تحييده ميزة عسكرية (المادة 52 من البروتوكول الأول)، ومن الثابت أن الأهداف العسكرية فقط هي التي يمكن أن تكون هدفا للعمليات الحربية والهجوم من قبل الطرف الآخر، وحتى عند مهاجمة هذه الأهداف يجب اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة بواسطة كل طرف عند إعداد وتنفيذ الهجوم عليها، إذا كان من شأن ذلك الإضرار بالأعيان المدنية.

2ـ الأعيان المدنية:

تشمل كل الأشياء التي لا تعد أهدافا عسكرية. وتتمتع الأعيان والممتلكات المدنية بحماية خاصة أثناء العمليات العسكرية، وحتى تحت الاحتلال الحربى. وتتمثل أهم ملامح تلك الحماية أنها تتمتع تلك الأعيان بحماية عامة، بمعنى أن يجب تجنيبها أي مساس بها عند شن العمليات الحربية، ويجب اتخاذ إجراءات وقائية تتمثل في مراعاة الاحتياطات أثناء الهجوم وضد آثاره (م75- 58 بروتوكول1)، ولا يجوز نهب أو تدمير أو مصادرة ملكية العدو إلا إذا حتمت ذلك الضرورات الحربية (الاتفاقية الأولى م 15، 50؛ الثانية م18، 51؛ الرابعة م16، 33، 53،143؛ البروتوكول الأول م51، 52،57،58)، ولا يجوز مهاجمة المستشفيات إلا إذا استخدمت في أغراض تضر بالعدو، وبعد توجيه إنذار لها يتضمن مدة زمنية (م19 الاتفاقية الثالثة).

والأعيان المدنية التي لا يجوز مهاجمتها أو توجيه الهجوم إليها، تشمل أموراً عديدة، منها : الأشياء اللازمة لحياة السكان المدنيين، البيئة الطبيعية، الأعمال والمنشآت التي تحتوى على قوى خطرة، المستشفيات، الأماكن التي لا يتم الدفاع عنها، والمناطق الأمنة، والمناطق منزوعة السلاح (البروتوكول الأول م53- 60؛ البروتوكول الثاني م14، 16)، ويحظر تجويع المدنيين أو مهاجمة الأعيان أو المواد التي لا غنى عنها لبقائهم: مثال ذلك مياه الشرب، والمواد الغذائية، ومياه الري (م 54 ، 14 بروتوكول 1، 2)، ويشكل انتهاك الحماية المقررة للأعيان المدنية جرائم حرب (الاتفاقية الأولى م 50؛ الثانية م 51؛ الرابعة م 143؛ البروتوكول الأول م85). كذلك ذكرت م8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن من جرائم الحرب التدمير على نطاق واسع للممتلكات، الذى لا تبرره الضرورة الحربية والذى يتم تنفيذه بطريقة غير مشروعة وعمداً؛ وكذلك توجيه الهجوم عمدا ضد الأهداف المدنية.

ويجب احترام الممتلكات والأعيان المدنية حتى في حالة الاحتلال الحربى، وهكذا تنص المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 على حظر تدمير الممتلكات والأموال:

“يحظر أي تدمير من قبل السلطة القائمة بالاحتلال للعقارات والممتلكات الشخصية المملوكة للأشخاص العاديين ملكية فردية أو جماعية، أو المملوكة للدولة أو لأية سلطة عامة غيرها، أو لمنظمات اجتماعية أو تعاونية، إلا إذا كان لهذا التدمير ضرورة مطلقة بسبب العمليات العسكرية”.

وتحظر المادة 46 من اتفاقية لاهاي حظرا صريحا مصادرة الملكية الخاصة. بقولها: “يجب احترام شرف الأسرة وحقوقها وحياة الأشخاص والملكية الخاصة، بالإضافة إلى المعتقدات والممارسات الدينية، ولا يمكن مصادرة الملكية الخاصة”. كذلك على دولة الاحتلال المحافظة على ممتلكات واملاك الدولة المحتلة وتديرها باعتبارها مجرد مدير منتفع، لا أكثر ولا أقل في هذا المعنى تنص اتفاقية لاهاي (م55) على أنه: “ينظر لدولة الاحتلال على أنها مجرد مدير منتفع للمباني العامة والعقارات والغابات والأملاك الزراعية المملوكة للدولة المعادية والواقعة في البلد المحتل. ويجب عليها المحافظة على رأس مال هذه الأملاك وإدارتها حسب قواعد الانتفاع هذه.

وتعامل باعتبارها أملاكا خاصة أملاك البلديات والمؤسسات الموقوفة على الدين والإحسان والتعليم والفنون والعلوم، حتى لو كانت ملكا للدولة ويحظر كل استيلاء على مؤسسات من هذا النوع أو على آثار تاريخية أو أعمال فنية وعلمية أو تدمير هذه الأشياء أو إتلافها عمدا، وينبغي اعتبارها موضوع دعوى قضائية”.

3ـ الأعيان والممتلكات الثقافية:

تشكل هذه الأعيان والممتلكات تراثا مشتركا للإنسانية، لذا بات من الطبيعي أن يهدف القانون الدولي المعاصر إلى حمايتها، حتى في أثناء النزاعات المسلحة. وعلى ذلك يجب حماية الممتلكات الثقافية في جميع الأوقات: في زمن السلم ووقت الحرب. وتحكم حماية الأعيان والممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح أو تحت الاحتلال الحربى، مجموعة من القواعد، حيث تتمتع هذه الأعيان والممتلكات بالحماية بغض النظر عن مصدرها أو مالكها؛ وسواء كانت عقارا أو منقولاً، لذلك فهي يمكن أن تشمل: الآثار التاريخية، الأعمال الفنية، أماكن العبادة، المتاحف، المكتبات، الأرشيف، المجموعات العلمية أو الثقافية، والمحفوظات.. الخ). وبشرط عدم استخدامها للأغراض العسكرية، وهذا هو الاستثناء الأول على الحماية المقررة للأعيان الثقافية، بل حتى لو تم استخدامها كذلك يظل الالتزام بعدم التعرض لها قائما، ما لم تحتم الضرورة العسكرية القهرية تدميرها. ويشكل ذلك استثناء الثاني على الحماية المقررة لها، وهو تطبيق للغرض من القانون الدولي الإنساني: تحقيق التوازن بين الضرورات الحربية والاعتبارات الإنسانية.

ويتمثل المبدأ الأساسي الذى يحكم الأعيان الثقافية في أوقات النزاع المسلح في التزام الأطراف بالمحافظة على واحترام تلك الأعيان (م2 اتفاقية 1954). ويحظر ممارسة الأعمال الانتقامية ضد الأعيان الثقافية. (م 4/4 من اتفاقية 1954،م 53 /ج من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977)، ويجب تمييز الأعيان الثقافية بعلامة أو شعار خاص يميزها (م16/1 اتفاقية 1954). وتمييز الممتلكات الثقافية بهذا الشعار ليس بالضرورة شرطاً لتمتعها بالحماية، إنما هو وسيلة لكفالة حمايتها، ووضع شعار الحماية اختياري، بالنسبة لنظام الحماية العامة، وإجباري بالنسبة للممتلكات الثقافية الخاضعة لنظام الحماية الخاصة، ولا يجوز، عمدا، إساءة استخدام الشعار الخاص بحماية الملكية الثقافية م38 بروتوكول 1 لعام 1977).

وقد ذكرت المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (روما مايو 1998) إن من بين جرائم الحرب (سواء في المنازعات الدولية المسلحة أو المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي) توجيه الهجوم عمدا ضد المباني المخصصة للعبادة، أو التعليم أو الفن أو العلوم أو الأغراض الخيرية، أو الآثار التاريخية، أو المستشفيات، بشرط ألا تكون أهدافا عسكرية؛ ونصت اتفاقية 1954 أيضا على نظام يسمى نظام “الحماية الخاصة” والذى يستفيد منه الملاجئ التي تأوي الملكية الثقافية المنقولة وقت النزاع المسلح، والمراكز التي تحتوى على الآثار وغيرها من الأعيان الثقافية غير المنقولة، بشرط أن يتم وضعها في مسافة بعيدة كافية من أي هدف عسكري هام؛ فإذا وضعت بالقرب من هدف عسكري، فيمكن استفادتها من الحماية الخاصة إذا تعهدت الدولة “بعدم استخدام الهدف في حالة قيام نزاع مسلح”، وألا يتم استخدامها لأغراض عسكرية (م8)؛ فإذا استخدمت في الأغراض العسكرية لا يلتزم الطرف الآخر بالحماية المقررة (م11)، وأن يتم إدخالها في “السجل الدولي للمكية الثقافية الخاضعة للحماية الخاصة”، والذى يحتفظ به المدير العام لليونسكو.

وتلتزم الدول باحترام الملكية الثقافية وحظرا أو منع أي سرقة أو نهب تتعرض له (م4)، وقد نصت العديد من المواثيق الدولية على ضرورة احترام الأعيان الثقافية أثناء النزاع المسلح، مثال ذلك لوائح احترام قوانين وأعراف الحرب البرية، الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907، والتي نصت في المادة 27 على ضرورة “اتخاذ كل الخطوات الضرورية لتجنيب المباني المخصصة للدين، والفن، والعلم، والأغراض الخيرية، والآثار التاريخية” ويلات النزاع المسلح، واتفاقية حماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح (اليونسكو 14 مايو 1954). وتسرى الاتفاقية على المنازعات المسلحة ذات الطابع الدولي (م18). أما النزعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي فعلى كل طرف في النزاع أن يطبق، كحد أدنى، نصوص الاتفاقية الخاصة باحترام الملكية الثقافية، أما النصوص الأخرى فيمكن تطبيقها عن طريق اتفاقات خاصة (م19)، اتفاقية باريس الخاصة بوسائل حظر ومنع الاستيراد والتصدير والنقل غير المشروع للمكية الثقافية (اليونسكو 14 مايو 1970)، واتفاقية بشأن حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي (اليونسكو 16 نوفمبر 1972)، والمادة 53 من البروتوكول الإضافي الأول، والمادة 16 من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 الملحقان باتفاقات جنيف لعام 1949.

وقد نص البروتوكول الأول الملحق باتفاقية لاهاي لعام 1954 والخاص بمنع تصدير الممتلكات الثقافية من إقليم محتل كليا أو جزئياً على عدة قواعد في هذا الخصوص، هي: ضرورة التحفظ على الممتلكات الثقافية التي خرجت إلى إقليم أي طرف في البروتوكول، وضرورة إرجاع تلك الممتلكات إلى دولة الأصل، فور انتهاء الأعمال العدائية وعدم إمكانية احتجازها للوفاء بتعويضات الحرب، وضرورة تعاون سلطات الاحتلال مع السلطات الوطنية المختصة في الإقليم المحتل من اجل كفالة حماية الأعيان الثقافية، والالتزام بمنع تصدير الأعيان الثقافية من الإقليم المحتل، وإعادة الممتلكات الثقافية التي تكون قد أودعت لدى دوله ما خشيه تعرضها لإخطار الحرب، فور انتهاء الأعمال العدائية ولا شك إن هذا الحكم يجب مراعاته دائما.

كذلك نص البروتوكول الثاني لاتفاقيه لاهاي لعام 1954 ، والذى تم تبينه عام 1999 على أمور هامة منها: ضرورة اتخاذ الاحتياطيات اللازمة عند الهجوم بخصوص التأكد من أن الهدف الذى سيتم مهاجمته ليس ثقافيا ، وان الأسلحة المستخدمة لن يكون لها اثر جانبيا على الممتلكات الثقافية مع ضرورة وقف أو إلغاء أي هجوم موجه ضد الممتلكات الثقافية أو يكون له اثر جانبي عليه (م7)، وفي حاله الاحتلال الحربى على سلطه الاحتلال بأي حفائز عدا تلك اللازمة للمحافظة على أو تسجيل الأعيان الثقافية.

أما نظام الحماية المعززة، فيطبق بشروط ثلاثة (م10): أن يكون الأثر الثقافي ذو أهميه قصوى للإنسانية، وأن يكون محميا بإجراءات محلية قانونية وإدارية تعترف بقيمته الثقافية والتاريخية الاستثنائية وتكفل اقصى مستوى حماية، وألا يستخدم في الاغراض العسكرية مع إصدار الطرف المعنى إعلانا يفيد ذلك، فإذا توافرت هذه الشروط يمكن للطرف المعنى طلب وضع الاثر الثقافي تحت نظام لحماية المعززة (م11). ويفقد الأثر الحماية المعززة إذا أصبح، باستخدامه هدفا عسكريا أو لم يعد تتوافر فيه شروط الحماية المعززة (م13).

وقد حدد البروتوكول معنى “الضرورة العسكرية القهرية”، بأنها تعنى إمكانية توجيه الأعمال العدائية إلى الأعيان الثقافية إذا توافر شرطان، الأول: أن يكون العمل الثقافي ، بمقتضى وظيفته ،قد تم تحويله إلى هدف عسكري، والثاني: إلا يوجد عملا أي حل أخر لتحقيق ميزه عسكرية تساوى تلك التي تترتب على توجيه العمل العدائي ضد الأعيان الثقافية.

وقد نص البروتوكول على أحول المسئولية الجنائية للفرد، في أحوال، منها: الهجوم على الممتلكات الثقافية الخاضعة لنظام الحماية المعززة، واستخدام الممتلكات الثقافية الخاضعة لنظام الحماية المعززة في العمل الحربى، والتدمير على نطاق واسع للممتلكات الثقافية. وسرقة أو نهب أو الاستيلاء على الممتلكات الثقافية. ويكون الاختصاص لكل دوله بمحاكمه الشخص المعنى، إذا وقعت الجريمة فوق إقليمها، وإذا كان الشخص المعنى من مواطنيها، وإذا كان الشخص موجود فوق إقليمها.

كما نص على إمكانية تسليم الأشخاص المعنيين (م18)، وعلى تقديم كل دوله طرف للمساعدة القانونية المتبادلة للدولة الأخرى (م 19). كذلك نص البروتوكول على انطباقه في حاله المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي (م 22) إنشاء بروتوكول جهازين جديدين: الأول: لجنه حماية الملكية الثقافية وقت النزاع المسلح وتتكون من اثني عشر شخصا وتختص بالأمور الآتية: منح ووقف وإلغاء الحماية المعززة للملكية الثقافية، وإنشاء قائمه الملكية الثقافية الخاضعة للحماية المعززة، ومراقبه تطبيق البروتوكول، والنظر في والتعليق على التقارير التي ترسلها الدول الأطراف كل أربع سنوات. أما الثاني: صندوق حماية الملكية الثقافية وقت النزاع المسلح ، والذى يمنح مساعدات مالية لدعم: الإجراءات التحضيرية التي يجب اتخذها وقت السلم، والإجراءات الطارئة أو المؤقتة أو غيرها لحماية الملكية الثقافية وقت النزاع المسلح أو بعد انتهائه .

أما عن المحاكمة عن الاعتداء على الممتلكات والأعيان الثقافية واعتبارها جرائم حرب، فتكون على مستويين، الأول: على الصعيد الوطني: يتمثل ذلك خصوصا في الأمرين الآتيين: ضرورة إدخال تشريعات وطنيه تتعلق بالاعتداء على الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة إذا كان الاعتداء عمدتا، أو رتب الاعتداء تدميرا لتلك الأعيان على نطاق واسع، وكانت الأعيان الثقافية غير موجودة بالقرب من هدف عسكري.

الثاني: على الصعيد الدولي (المحكمة الجنائية الدولية)، تنص المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة على اختصاصها بالنسبة لجرائم الحرب ، خصوصا تلك التي تدخل في إطار خطه أو سياسة أو تشكل جزء لسلسله جرائم مماثله ترتكب على نطاق واسع . ومن جرائم الحرب التي نصت عليها المادة 8 ( شن الهجوم المتعمد ضد الأبنية المخصصة للدين أو التعليم أو الفن أو العلم أو الأغراض الخيرية، أو الآثار التاريخية أو المستشفيات ، بشرط ألا تكون أهدافا عسكرية).

4ـ حماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة:

تعتبر البيئة من أهم نعم الله علينا .لذا بات لازما حمايتها وقت السلم وفي زمن الحرب[18] وبالتالي لا يجوز – أثناء النزاع المسلح – الهجوم على البيئة الطبيعية إلا إذا شكلت هدفا عسكريا، كما لا يجوز تدميرها إلا إذا حتمت ذلك الضرورة العسكرية القهرية . وتتمثل أهم ملامح حماية البيئة أثناء النزاع المسلح في الاتي : من المحظور استخدام وسائل القتال التي تهدف إلى أو يتوقع منها إحداث ضرر واسع وممتد زمنيا وجسيم بالبيئة الطبيعية. علة ذلك أن هذا من شانه إحداث ضرر كبير بصحة وحياه السكان، ويحظر الاعتداء على البيئة على سبيل الانتقام، وقررت المادة 8 من النظام السياسي للمحكمة الجنائية الدولية أن من جرائم الحرب: شن هجوم عمدا مع العلم أن هذا الهجوم سيحدث فقدا للحياة أو إصابات للمدنيين أو إضرار بالأشياء المدنية أو إضرار واسع وممتد زمنيا وجسيم بالبيئة الطبيعية ، والذى يكون زائدا بطريقه واضحة عن الميزة العسكرية المتوقعة فعلا ومباشرة .

وهناك العديد من المواثيق الدولية التي تنص على ضرورة احترام البيئة وحمايتها حتى في أثناء النزاع المسلح ، ومن ذلك : اتفاقيه جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب (1949)، واتفاقيه الأمم المتحدة للبحار لعام 1982 (م 225)، والبروتوكول الأول لعام 1977 ( م 35 ، 55)، والميثاق العالمي للطبيعة (قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 37 /7 لعام 1982 ، م 20)، واتفاقيه حظر استخدام وسائل التغيير العسكري أو أي استخدام عدائي للبيئة (تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1976 بقرارها رقم 31 / 72)، وإعلان ريو بشان البيئة والتنمية خصوصا المبدأ رقم (24)[19].

5ـ أشياء وأماكن أخرى يحميها القانون الدولي الإنساني:

إلى جانب الاعيان والممتلكات المدنية وكذلك الثقافية والبيئة الطبيعية تقرر قواعد القانون الدولي الإنساني ايضا حمايه لبعض الأشياء والأماكن الأخرى . واهم تلك الأشياء والأماكن ما يلى : حظر مهاجمه الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، وحظر مهاجمه المنشئات التي تحتوى على قوه خطره. حظر مهاجمة المناطق التي لا توجد قوات للدفاع عنها أو منزوعة السلاح أو المحايدة، وحماية استخدام الشعار أو الشارة، وحظر الهجوم على المنشآت والأعيان الطبية[20].

المطلب الثالث: القانون الدولي والتراخي أو الإهمال في محاكمة المتهمين بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان

تسأل الدولة عن أعمال القضاء وتثور تلك المسئولية في المجال العملي في حالات إنكار العدالة، والإدارة السيئة للعدالة، وإصدار حكم يظهر بوضوح أنه غير عادل[21]. وأيضاً تتحمل الدولة المسئولية إذا ثبت في حقها أنها لم تقم بعقاب من صدر منه الفعل غير المشروع، أو أنها أهملت في البحث عنه أو في تقديمه للمحاكمة[22].

وتنشأ مسئولية الدولة بسبب تصرف يصدر عن سلطتها القضائية. وترتكب الهيئة القضائية الداخلية عملاً غير مشروع دولياً إذا طبقت قانوناً داخلياً مخالفاً لقواعد القانون الدولي أو طبقت القانون تطبيقاً مناقضاً لمضمونة وكذلك تثار مسئولية الدولة إذا صدر عن محاكمها ما يمكن تكييفه بأنه إنكار للعدالة[23].

وتسال الدولة المعنية عن إهمالها أو تراخيها في محاكمة المتهم بانتهاكه الجسيم لحقوق الإنسان سواء مارس الانتهاك في الوقع أو حرض عليه أو وافق عليه أو علم به وسكت عنه مع التزامه بمنعه. وهذا ما نصت عليه المادة السادسة من مشروع اتفاقية الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها بقولها “لا يعفي ارتكاب المرؤوس لجريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها رؤساءه من مسؤوليتهم الجنائية، إذا كانوا يعملون، أو كان لديهم سبب للعلم، في الظروف القائمة في ذلك الوقت، بأن المرؤوس يرتكب أو يوشك أن يرتكب تلك الجريمة ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من تدابير لازمة لمنع وقوع هذه الجريمة أو لقمعها. ويستوى أن يكون الموظف وقت ارتكاب الفعل المحرم من قائما بأداء وظيفته أو موجوداً في مقر عمله أثناء التعدي أم لا، طالماً أنه أسهم في هذا الفعل بمناسبة أدائه لوظيفته[24].

وتقرر غالبية الشراح وكذلك أحكام المحاكم الدولية، مسئولية الدولة عن تصرفات موظفيها مادامت قد صدرت بمناسبة تأديتهم لوظائفهم، وذلك على أساس أن على الدولة أن تحسن اختيار موظفيها، وعليها يقع عبء إساءة اختيارهم كما تسأل هي عن تقصيرهم[25].

ولا يعفي الدولة من المسئولية دفع المتهم بالصفة الرسمية. فقد استبعد النظام الأساسي لمحكمة “نورمبرج” الاستثناء الناجم عن الصفة الرسمية لمرتكب الفعل، وذهب إلى أن الوضع الرسمي للمتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان سواء أكانوا رؤساء دول أم من كبار المسئولين لن يعتبر عذراً مبرء أو سبباً في تخفيف العقوبة[26].

واستناداً إلى هذا المبدأ الذى أرسته محكمة نورمبرج، وضع مشروع اتفاقية الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها مادته السابعة التي تنص على أن: لا يعفي الفرد الذى يرتكب جريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها من مسئوليته الجنائية ولا تخفف عقوبته لصفته الرسمية، حتى ولو تصرف بوصفه رئيس دولة أو حكومة[27].

وقد ورد في التعليق على هذه المادة أن كثيراً ما تقتضى الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها مشاركة أشخاص يشغلون مناصب في السلطة الحكومية، ويستطيعون رسم خطط أو سياسات تنطوي على أفعال بخطورة وجسامة غير عاديين، وهذه الجرائم تتطلب سلطة استخدام أو الإذن باستخدام وسائل الدمار الضرورية واستنفار الأشخاص اللازمين لتنفيذ هذه الجرائم. وأي موظف حكومي يخطط لهذه الجرائم أو يحرض عليها أو يأذن أو يأمر بها لا يقوم بتوفير ما يلزم من وسائل وأشخاص لارتكاب الجريمة فحسب وإنما أيضا بغساءة استعمال ما أو كل إليه من سلطة ونفوذ. ويجوز بالتالي اعتبار نصيبه من المسئولية أكبر حتى من نصيب المرؤوس الذى يرتكب العمل الإجرامي فعلياً.

وسيكون هناك تناقض إذا سمح للأفراد الذين يتحملون، في بعض النواحي معظم المسئولية عن الجرائم المشمولة بالمدونة بالاحتجاج بسيادة الدولة أو الاختباء وراء الحصانة الممنوحة لهم بحكم مناصبهم وبخاصة لأن هذه الجرائم البغيضة تصدم وجدان البشرية وتخالف بعض أهم قواعد القانون الدولي وتهدد السلم والأمن الدوليين[28].

وقد أورد التعليق أن الهدف من المادة السابعة هو أيضاً منع الفرد الذى ارتكب جريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها من التذرع بمصبه الرسمي كظرف يعفيه من المسئولية أو يمنحه أي حصانة، حتى ولو أدعى أنه قام بالأعمال التي تشكل جريمة أثناء ممارسته لوظائفه.

وكما اعترفت محكمة نورمبرج في حكمها، فإن مبدأ القانون الدولي الذى يحمى ممثلي الدولة في ظروف معينة لا يسرى على الأعمال التي تشكل جرائم بموجب القانون الدولي. ومن ثم فلا يستطيع الفرد أن يتذرع بمنصبه الرسمي لتجنب المسئولية عن هذا العمل. وكما اعترفت محكمة نورمبرج أيضا في حكمها، لا يجوز لمرتكب جريمة بموجب القانون الدولي أن يتذرع بمنصبه الرسمي للإفلات من العقاب وفقاً للإجراءات القضائية المرعية وإن الحصانة الإجرائية فيما يتعلق بالمحاكمة أو العقاب وفقاً للإجراءات القضائية المرعية هو نتيجة طبيعية أساسية لعدم وجود أي حصانة موضوعية أو دفاع موضوعي. وسيكون هناك تناقض إذا ما منع الفرد من التذرع بصفته الرسمية لتجنب المسئولية عن جريمته وسمح له مع ذلك بالتذرع بهذا الاعتبار ذاته لتجنب نتائج هذه المسئولية. وقررت اللجنة أنه لن يكون من الأسباب اعتبار الصفة الرسمية عاملاً مخففا في ضوء المسئولية الخاصة لفرد يحمل هذه الصفة عن الجرائم المشمولة بالمدونة تؤكد هذه المادة من جديد وعلى نحو صريح استبعاد الصفة الرسمية كعامل مخفف[29].

كما ذكرت اللجنة أن المادة السابعة أكدت من جديد مبدأ المسئولية الجنائية الفردية الذى يقضى باعتبار الموظف مسئولاً عن جريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها رغم صفته الرسمية وقت ارتكاب الجريمة. ونص هذه المادة مماثل للأحكام ذات الصلة الواردة في ميثاق نورمبرج والنظاميين السياسيين للمحكمتين الجنائيتين الدولتين ليوغوسلافيا السابقة ورواندا. وتعيد عبارة “حتى ولو تصرف بوصفه رئيس دولة أو حكومة” تأكيد تطبيق المبدأ الوارد في هذه المادة على الأفراد الذين يشغلون أعلى المناصب الرسمية ومن ثم يتمتعون بأعلى سلطات اتخاذ القرارات[30].

ورغم أن هذا النص مازال مشروعاً، إلا أنه يحتوى على المبادئ العامة للقانون المتعرف بها لدى الأمم المتمدينة، والتي تعد مصدراً للقانون الدولي يستند عليه في ترتيب المسئولية الدولية لدولة ما عن إهمالها أو تراخيها في محاكمة المسئولين فيها عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وعدم قبول تبريرها عدم إقامة المسئولية تجاههم بالدفع الذى يسوقه المتهمين لديها والمتمثل في “الصفة الرسمية”، بل إن “الصفة الرسمية”، لمرتكب الانتهاك يجب أن تكون ظرفاً مشدداً للعقوبة ولاسيما أن أحد الاهتمامات الرئيسية للقانون هي منع إساءة استعمال السلطة.

كما لا يستطيع أحد الوسطاء (المرؤوسين) المنفذين للانتهاك والذين يتلقون الأوامر بخصوصه، أن يتحلل من المسئولية بحجة أن الأمر بالانتهاك قد صدر من حكومة أو رئيس إداري أعلى. وقد أكدت محكمة نور مبرج على هذا المبدأ عندما قررت أن طاعة الرئيس لا تحل المرؤوس من مسئوليته الجنائية حتى ولو كانت الرئاسة عسكرية. كما أكدت محكمة “طوكيو” هذا المبدأ على أساس أنه لا يحق للمرؤوس أن ينفذ عملاً إجرامياً وتتحلل مسئوليته على هذا الأساس[31].

كما نص مشروع الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها على هذا المبدأ في مادته الخامسة، بقوله: “لا يعفي الفرد المتهم بجريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها من المسئولية الجنائية لكونه تصرف بناء على أمر صادر من حكومة أو من رئيس أعلى”[32].

وقد حسمت اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، هذا الأمر عندما نصت في مادتها الثانية الفقرة الثالثة على عدم جواز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب. وقد وجد هذا المبدأ تطبيقاً علمياً في أحكام القضاء الصادرة عن المحاكم العسكرية للولايات المتحدة، فيما يتعلق بمسئولية “الفيلدمار شال” “ليست List” في قضية الرهائن حيث ذكرت المحكمة: “أن الضابط يجب ألا ينفذ سوى الأوامر الشرعية التي يتلقاها. أما الذى يحيل أو يصدر أو ينفذ أمراً إجراميا فإنه يصبح مجرما إذا ألم بالطابع الإجرامي للأمر الصادر أو إذا اضطر للاعتراف بهذا الطابع. ومن المؤكد تماماً أن الفيلدمارشال الألماني الذى كان لديه خبرة تجاوزت 40 عاماً كضابط محترف كان يعرف أو كان عليه أن يعرف الطابع الإجرامي لهذا الأمر[33].

ومما يلفت النظر في هذا الحكم عبارة “كان يعرف أو يجب عليه أن يعرف”. ويعنى هذا أن المحكمة قد أسست حكمها على العلم الحقيقي أو المفترض للمرؤوس بمعرفة الطابع الإجرامي للأمر الصادر إليه بتنفيذه، ومن ثم لا يستطيع المرؤوس ادعاء الجهل بعدم مشروعية هذا الفعل.

وقد ذهبت المحكمة العليا للولايات المتحدة الأمريكية نفس المذهب في قضية يامشيتا[34]. حيث طلب من المحكمة معرفة إذا كانت قوانين الحرب تفرض على قائد ما للجيش الالتزام باتخاذ تدابير مناسبة تكون من سلطته للسيطرة على القوات الخاضعة لقيادته بشكل يمنع الأفعال التي تشكل انتهاكا لقوانين الحرب – ومن هذه الأفعال التعذيب المرتكب على ضحايا الحرب – وذلك بواسطة عسكريين غير نظامين، وما إذا كان يمكن أن يعتبر مسئولاً عن عدم اتخاذ مثل هذه التدابير، وقد كان رد المحكمة على ذلك بالإيجاب.

وقد علقت لجنة القانون الدولي على أحكام المسئولية تلك، بقولها: أن هذه الأحكام قد قررت لضمان تطبيق مبادئ المسئولية الجنائية الفردية بالتساوي ودون استثناء على أي فرد في السلطة الحكومية أو سلسلة القيادة العسكرية بجميع درجاتها يسهم في ارتكاب هذه الجريمة. ومن ثم فإن أي مسئول حكومي يخطط أو يضع سياسة لارتكاب هذه الجرائم، وأي قائد عسكري أو ضابط يأمر مرؤوسا له بارتكاب فعل من هذه الأفعال لتطبيق هذه السياسة، أو يتخلف عمداً عن منع أو قمع هذا الفعل، وأي مرؤوس ينفذ أمراً بارتكاب فعل هذه الأفعال يعتبر قد أسهم في النهاية في ارتكاب الجريمة المحرمة دولياً بموجب الاتفاقية في حالة ارتكابها فعلياً. وتقتضى العدالة اعتبار جميع هؤلاء الأفراد مسئولين[35].

وتكون الدولة أيضاً مسئولة أمام المجتمع الدولي إذا أهملت أو تراخت في محاكمة هؤلاء المسئولين عن الانتهاكات، أو إذا أعفتهم من المسئولية تأسيساً على الدفع بالصفة السياسية الرسمية أو بطاعة الرئيس الإداري الأعلى أو بطاعة أوامر الحكومة. ولا يعفي الدولة من مسئوليتها عن عدم محاكمة المتهمين بالانتهاكات إلا أن تقوم بتسليمهم لمن له حق الولاية القضائية في محاكمتهم طبقاً لمبدأ التسليم أو المحاكمة[36].

المطلب الرابع: الاتفاقيات الدولية وعقبات إثارة المسئولية الدولية عن انتهاكات حقوق الإنسان

يمثل التمسك بمبدأ سيادة الدولة بصورة مطلقة وكذلك طبيعة العلاقات الدولية أسباباً رئيسية لإعاقة إثارة مسئولية الدولة المرتكبة للانتهاكات علي المستوى الدولي. وقد لجأت الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية الإنسان من الممارسات المحرمة إلي وسائل قانونية للتغلب علي هذه العقبات وكحيلة فنية لإقناع الدول بالتوقيع علي الاتفاقيات المعنية دون خوف علي سيادتها ودون تعكير لصفو العلاقات الدولية فيها بينها.

وقد تعددت الوسائل في هذا الشأن، ومن هذه الوسائل ما يعتبر شرطاً لإمكانية رفع الدعوى ضد دولة ما، سواء ما قبل دولة أخرى أو من قبل فرد، ومنها ما يعتبر شرطاً لقبول الشكوى المقدمة من فرد ضد دولته أو دولة أخرى خاضعة للاتفاقية. ومنها ما يعتبر توجيها لأسلوب عمل الجهة التي انعقد لها الاختصاص بنظر الشكوى، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

أولاً: الشرط المسبق لإمكانية رفع الدعوى ضد دولة ما

اشترطت الاتفاقيات الدولية المعنية بمنع انتهاكات حقوق الإنسان، لإمكانية تقديم شكوى ضد دولة ما طرف في الاتفاقية، سبق اعتراف هذه الدولة، بصلاحية الجهة التي ستقدم إليها الشكوى أو التي ستنظرها، سواء كانت لجنة أو محكمة، بقبول ونظر هذه الشكوى فيما يتعلق بهذه الدولة.

وهذا الشرط هو من قبيل السياسة التشريعية الدولية، ووضع بقصد كسر الحاجز النفسي لدى الدول المعنية، وحتى تعتقد الدولة المعنية أن خضوعها للمساءلة وفقاً للاختصاص العالمي، إنما قد تم بإرادتها الحرة وذلك بقبولها المسبق لهذا الاختصاص، وفي هذا إحساس نفسي باحترام سيادتها.

ومن أمثلة هذا الشرط ما نص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته الواحدة والأربعين، فيما يتعلق بالشكاوى التي تقدم إلي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة طبقاً للعهد، من دولة طرف ضد دولة أخرى طرف في العهد المذكور[37]. وكذلك ما نص عليه البروتوكول الاختياري للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته الأولى، فيما يتعلق بالشكاوى التي تقدم من الأفراد ضد الدول الأطراف في العهد[38].

كما نصت اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، علي نفس الشرط وذلك في مادتها الواحدة والعشرين، فيما يتعلق بالشكاوى التي تقدم من دولة ضد دولة أخرى طرفا في الاتفاقية، إلي لجنة مناهضة التعذيب[39].

كما نصت علي نفس الشرط في مادتها الثانية والعشرين، فيما يتعلق بالشكاوى المقدمة من الأفراد ضد دولة عضو في الاتفاقية إلي نفس اللجنة[40].

كما نصت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان علي الشرط المسبق لإمكانية رفع الشكوى إلي اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، المنشأة طبقاً للاتفاقية، وذلك في مادتها الرابعة والعشرين فيما يتعلق بالشكوى المقدمة من دولة ضد دولة أخرى في الاتفاقية[41], وفي مادتها الخامسة والعشرين فيما يتعلق بالشكاوى المقدمة من الأفراد، أو مجموعات الأفراد ضد دولة طرف في الاتفاقية[42].

وهذا ما نهجته أيضاً الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مادتها الخامسة والأربعون فيما يتعلق بالشكاوى المقدمة من دولة ضد دولة أخرى في الاتفاقية[43].

ثانياً: شرط قبول شكوى الفرد ضد الدولة:

اشترطت الاتفاقيات الدولية المعنية بمنع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لقبول شكوى فرد ما ضد دولته أو ضد دولة أخرى في الاتفاقية بالإضافة إلي شروط أخرى – أن يكون هذا الشخص قد استنفد جميع وسائل الانتصاف الداخلية داخل دولته. ويعطي هذا الشرط فرصة للدولة المنتهكة لتصحيح أخطائها وتجنب إثارة مسئوليتها علي المستوى الدولي، وذلك بإنصاف الضحية إنصافاً عادلاً. وهذا ما أكدته المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان بقولها إن قاعدة ضرورة استنفاد وسائل الانتصاف الداخلية إنما رسمت من أجل النفع والخير للدولة، فعن طريقها تعطي الدولة عذراً لتدارك مسئوليتها وإصلاح الانتهاكات وتطبيق الالتزام المنصوص عليه، بواسطة وسائلها الداخلية.

وحتى لا يكون هذا الشرط عائقاً لحماية الإنسان في الممارسات المحرمة، وفي وصوله إلي ساحة القضاء الدولي، نصت ذات الاتفاقيات المعنية علي أن الشخص يكون ملزماً باستنفاد وسائل الانتصاف الداخلية حيثما تكون هذه الوسائل متاحة وميسرة وفعالة وسريعة، أما إذا كانت هذه الوسائل مجرد وسائل صورية، ويترتب علي الالتزام بها مرور وقت طويل لحصول الضحية علي الانتصاف، أو أنها تحقق انتصافا غير عادل . أو أنها غير مجدية فلا يلزم بها الشخص. ومن أمثلة هذا الشرط ما نص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته الواحدة والأربعين[44]. و نصت عليه اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 في مادتها الواحدة والعشرين[45].

وكذلك ما نصتا علي الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في مادتها السادسة والعشرين[46]. وكذلك ما نصت عليه الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مادتها السادسة والأربعين[47]. وقد التزم القضاء الدولي بتنفيذ هذا الشرط كشرط لقبول شكوى الفرد ضد الدولة في الواقع العملي.

ثالثاً: التدخل في أسلوب عمل جهة الاختصاص

نصت الاتفاقيات الدولية المعنية بمنع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان, علي توجيهات ملزمة للجان – المنشأة طبقاً لها – تلتزم بها هذه اللجان عندما تقدم إليها شكوى ضد دولة طرف في الاتفاقية، ويغلب علي هذه التوجيهات الودي والدبلوماسي. وهذا ما ذهبت إليه اتفاقية مناهضة التعذيب في المادة الحادية والعشرين حيث فرضت الاتفاقية علي لجنة مناهضة التعذيب أسلوب عمل يتمثل في ضرورة أن تتيح اللجنة مساعيها الحميدة للدول الأطراف المعنية بهدف التوصل إلي حل ودي للمساءلة علي أساس احترام الالتزامات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية. وتحقيقاً لهذا الغرض، يجوز للجنة أن تنشئ، عند الاقتضاء، لجنة مخصصة للتوفيق. كما يمنح أعضاء اللجنة الأخيرة، التسهيلات والامتيازات والحصانات التي يتمتع بها الخبراء الموفدون في مهام متعلقة بالأمم المتحدة.

وينطبق نفس الأمر بالنسبة للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حيث أوجب علي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تعرض مساعيها الحميدة علي الدولتين الطرفين المعنيتين، بغية الوصول إلي حل ودي للمسألة علي أساس احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها في هذا العدد. وهذا يعني أن تعرض اللجنة مساعيها الحميدة لمساعدة الدول علي أن تصل إلي حل ودي يضمن حماية الإنسان من التعرض للممارسات المحرمة[48] ومعالجة آثارها بما في ذلك التعويض الكامل والتأهيل حال وقوعها فإذا تعذر علي اللجنة حل المسألة محل الخلاف بين الدولتين حلا مرضياً لهما, فإنه تملك, بعد الحصول علي موافقة الدولتين الطرفين المعنيتين, تعيين هيئة توفيق تكون مهمتها أيضاً بذلك مساعيها الحميدة بغية التوصل إلي حل ودي للمسألة علي أساس احترام حق الإنسان في عدم التعرض لتلك الممارسات[49].

كما اتخذت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان نفس النهج حينما ألزمت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان أن تضع نفسها في خدمة الأطراف المعنية بهدف الوصول إلي تسوية ودية للموضوع علي أساس احترام حقوق الإنسان حسبما تقررها هذه المعاهدة[50].

وهذا يعني أن يكون أسلوب اللجنة الودي قائماً علي احترام حق الإنسان في الحماية من الممارسات المحرمة، وتعويض الضحية تعويضاً منصفاً وتأهليه تأهيلاً كاملاً . حال وقوع تلك الممارسات ([51].

كما سارت الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان علي نفس النهج فألزمت اللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان بأن تضع نفسها تحت تصرف الفرقاء المعنيين بهدف التوصل إلي تسوية ودية للقضية علي أساس احترام حقوق الإنسان المعترف بها في هذه الاتفاقية، ويسري هنا ما سبق ذكره بخصوص اللجنة الأوروبية وطبيعة هذه التسوية[52].

كما سار الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب علي نفس النهج فألزم اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بتولي مهمة محاولة التوصل إلي حل ودي بين الأطراف المتنازعين لحل المسألة المتنازع عليها حلا قائماً علي احترام حقوق الإنسان والشعوب[53].

وهكذا أرادت الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية الإنسان من الممارسات المحرمة أن تحفز الدول علي الانضمام إليها بتبديد خوف هذه الدول علي سيادتها أو علي علاقات التعاون فيما بينها، فتدخلت في أسلوب عمل اللجان المنشأة طبقاً لها، وألزمتها بمحاولة إتباع أسلوب معين يتمثل في محاولة التوصل إلي الحلول الودية عن طريق الاتصالات والزيارات والتوفيق في إطار عدم الإخلال بحق الإنسان في الحماية من الممارسات المحرمة وإنصافه في حالة حدوثها, وهذا أسلوب له شأن في مجال العلاقات بين الدول، ويمكن أن يحقق نتائج أفضل من الإثارة المباشرة لمسئولية الدولة علي الساحة الدولية[54].

المطلب الخامس: انعقاد اختصاص محكمة العدل الدولية ومداه بشأن المسئولية الدولية

تنشئ الجريمة الدولية للدولة “كافة النتائج القانونية التي تستفاد من أي فعل آخر غير مشروع دولياً”. بحيث يقع على عاتق كافة الدول عدم إقرار الوضع الذي تولد عن الجريمة والنظر إليه على أنه بمثابة وضع مشروع كذلك عدم مساندة الدولة التي ارتكبت الجريمة للحفاظ على الوضع الذي نتج عنها، بل التعاون مع الدول الأخرى بغرض تنفيذ الالتزامات الدولية، بيد أن هذا النظام لا يتفق بدرجة كافية مع ذاتية الأفعال غير المشروعة والتي تشكل جريمة دولية. وهنا ينبغي التمييز بين التدابير المضادة والتي يطلق عليها (وسائل الحماية الذاتية) والتي تتخذها الدولة تجاه الفعل غير المشروع دوليا. وموضوع المسئولية الدولية، حيث تعد هذه التدابير خارجة عن نظام المسئولية[55].

بيد أن لجنة القانون الدولي قد وجهت أعمالها نحو اتجاه آخر يؤكد فكرة أكثر اتساعا للمسئولية. فوفقاً لهذه اللجنة تغطي المسئولية “كافة أنواع العلاقات الجديدة التي من الممكن أن تنشأ في القانون الدولي بسبب ارتكاب دولة لفعل غير مشروع دوليا، سواء العلاقات التي تقتصر على الدولة المسئولة عن الفعل غير المشروع والدولة المتضررة مباشرة أو تلك التي تمتد أيضا إلى الأشخاص الأخرى للقانون الدولي”.

وهكذا تضم هذه الفكرة الواسعة للمسئولية الالتزام بالإصلاح وتدابير التنفيذ الجبري (عن طريق الانتقام أو الدفاع الشرعي في حالة العدوان) أو اتخاذ تدابير قسرية لكي تحصل بنفسها على إصلاح الضرر (مثل احتجاز الأرصدة التي تؤول لشخص الدولة أو لرعاياها في بنوك الدولة المتضررة)، وتنشأ العلاقة بين الدولة المسئولة والدولة أو الدول الضحايا منذ ارتكاب الفعل غير المشروع بالنسبة للدولة المسئولة وبالمقابل ينشأ حق الدولة المتضررة في التصرف بمجرد مخالفة الشرعية الدولية وتنتهي التدابير المضادة أخيرا في أنها تدخل ضمن ردود فعل الدول المتضررة، أي في إطار هذه المسئولية.

وهكذا يمكن القول بأن القانون الدولي المعاصر يقر – كما كان الوضع في الماضي – للدول ضحايا الأضرار الناشئة عن ارتكاب دولة أخرى لفعل غير مشروع دوليا، الحق في التصرف باتخاذ تدابير – مضادة أو مماثلة بغرض الحصول على تعويض عن الإضرار التي لحقتها من جراء الفعل غير المشروع دولياً غير أن ردود الفعل من جانب الدولة أو الدول الضحايا ينبغي ألا تكون عسكرية، كما يجب أن تكون متناسبة وناشئة عن الرفض المتكرر للدولة المسئولة في الوفاء بالتزامها بالإصلاح يضاف إلى ذلك أن ممارسة التدابير – المضادة ينبغي تمييزها بوضوح عن التدابير التي تتخذ تطبيقاً لقرار يصدر عن عضو مختص لمنظمة دولية تمثل المجموعة الدولية. والواقع أن إدخال التدابير المضادة في إطار المسئولية الدولية لا يمكن التسليم به إلا إذا أخذنا في الاعتبار المفهوم الواسع للمسئولية على النحو الذي جاء في تقرير لجنة القانون الدولي.

ويستلزم تطبيق أحكام المسئولية الدولية وتنفيذ آثارها تدخل سلطة قضائية مستقلة عن الدول أطراف المسئولية والنزاع المترتب عليها سلطة تحل محل الرقابة الدولية التي تقوم بها الدول فيما بينها فالسلطة القضائية تكفل دائما ممارسة رقابة موضوعية لتطبيق أحكام القانون الدولي. ولتحقيق هذا الهدف سعت المجهودات الدولية اعتبارا من أواخر القرن التاسع عشر للتوصل إلى طرق لتسوية ودية للخلافات الدولية، وظهر التحكيم والقضاء الدولي الدائم، وكذلك أجهزة ممارسة رقابة قضائية على الصعيد الدولي حيث يرتبطان مباشرة بحل نزاع ينشأ بين دولتين ويقفان على مدى مطابقة السلوك الدولي لقواعد ومبادئ القانون الدولي العام، ويمارس القضاء الدائم محكمة العدل الدولية، فالذي يميز نظاميا القضاة أو المحكمين هو استقلالهم واختصاصهم الفني، فهم يحكمون على هدى القانون ويمتنعون عن تقدير أو أي مبادرة سياسية تجاه الأطراف، فرقابة مشروعية سلوك هذه الأطراف ليس هو الهدف الدقيق لانعقاد اختصاصهم إذ أنهم يتدخلون في إطار تسوية نزاع بين الدول الأمر الذي يحدد معا نطاق ومدى الدعوى.

وقد تناولت المادة السادسة والثلاثون من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية اختصاص هذه المحكمة، حيث تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليها المتخاصمون .. كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقات المعمول بها، وللدول التي هي أطراف في هذا النظام الأساسي أن تصرح في أي وقت بأنها ذات تصريحها هذا وبدون حاجة إلى اتفاق خاص، تقرر للمحكمة بولايتها الجبرية في نظر جميع المنازعات التي تقوم بينها وبين دولة تقبل الالتزام نفسه، ويجوز أن تصدر هذه التصريحات دون قيد ولا شرط أو أن تعلق على شرط التبادل من جانب عدة دول أو دول معينة بذاتها أو أن تقيد بمدة معينة، وتودع هذه التصريحات لدى الأمين العام للأمم المتحدة وعليه أن يرسل صوراً منها إلى الدول التي هي أطراف في هذا النظام الأساسي والى سجل المحكمة، والتصريحات الصادرة بمقتضى حكم المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي، المعمول بها حتى الآن، تعتبر فيما بين الدول أطراف هذا النظام الأساسي بمثابة قبول للولاية الجبرية لمحكمة العدل الدولية وذلك في الفترة الباقية من مدة سريان هذه التصريحات ووفقا للشروط الواردة فيها.

وهكذا يتأكد أن ولاية المحكمة تشمل جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون. كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعمول بها. وان ولايتها أيضا تفسير معاهدة من المعاهدات وأية مسألة من مسائل القانون الدولي، وتحقيق واقعة من الوقائع التي إذا ثبتت كانت خرقا لالتزام دولي، ونوع التعويض المترتب على خرق التزام دولي ومدى هذا التعويض[56].

ويمارس القاضي الدولي رقابة موضوعية حيث يفرض تسوية الخلاف تقدير مدى القواعد محل التطبيق، ومن هنا يساهم القاضي الدولي غالبا بفضل هذه الممارسة في تحديد وتطور القانون الدولي. وتتصف الرقابة القضائية بسمتين أساسيتين: فهي من ناحية أخرى تثير تفسير القانون، وسلطة المحكمة تكون أكثر اتساعاً مقارنة بالتفسير الذي يستند إلى حكم تحكيم تقرر خصيصاً لنظر نزاع محدد.

بيد أنه للدول وحدها الحق في أن تكون أطرافا في الدعوى التي ترفع للمحكمة، أن تطلب من الهيئات الدولية العامة المعلومات المتعلقة بالقضايا التي تنظر بها. وتتلقى المحكمة ما تمدها به هذه الهيئات من المعلومات كل ذلك مع مراعاة الشروط المنصوص عليها في لائحتها الداخلية ووفقا لها، وإذا أثير في قضية معروضة على المحكمة البحث في تأويل وثيقة تأسيسية أنشئت بمقتضاها هيئة دولية عامة أو في تأويل اتفاقي دولي عقد على أساس هذه الوثيقة فعلى المسجل أن يخطر بذلك هذه الهيئة وأن يرسل إليها صوراً من المحاضر والأعمال المكتوبة.

وترفع القضايا إلى المحكمة بحسب الأحوال، إما بإعلان الاتفاق الخاص وإما بطلب كتابي يرسل إلى المسجل وفي كلتا الحالتين يجب تعيين موضوع النزاع وبيان المتنازعين ويعلن المسجل هذا الطلب فوراً إلى ذوي الشأن كما يخطر به أيضا أعضاء الأمم المتحدة على يد الأمين العام كما تخطر به أي دولة أخرى لها وجه في الحضور أمام المحكمة”.

وتنقسم الإجراءات أمام المحكمة إلى قسمين: كتابي وشفوي. وتشمل الإجراءات الكتابية ما يقدم للمحكمة وللخصوم من المذكرات ومن الإجابات عليها ثم من الردود إذا انقضى الحال كما تشمل جميع الأوراق والمستندات التي تؤيدها. ويكون تقديم ذلك بواسطة المسجل على الكيفية وفي المواعيد التي تقررها المحكمة. وكل مستند يقدمه أحد أطراف الدعوى ترسل منه إلى الطرف الآخر صورة مصدق عليها بمطابقتها للأصل. أما الإجراءات الشفوية فإنها تشكل استماع المحكمة لشهادة الشهود ولأقوال الخبراء والوكلاء والمستشارين والمحامين، وتكون جلسات المحكمة علنية ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك أو يطلب المتقاضون عدم قبول الجمهور فيها.

وقد حددت المادة الثامنة والثمانون من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وظيفة هذه المحكمة في أنها تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقا لأحكام القانون الدولي، وهي تطبق في هذا الشأن: الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترف بها صراحة من جانب الدول المتنازعة، والعادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال، ومبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة، وأحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين من القانون العام في مختلف الأمم.

وللمحكمة أن تقرر التدابير المؤقتة التي يجب اتخاذها لحفظ حق كل من الأطراف وذلك متى رأت أن الظروف تقتضي ذلك. والى أن يصدر الحكم النهائي يبلغ فورا أطراف الدعوى ومجلس الأمن بالتدابير التي يرى اتخاذها، وتفصل المحكمة في جميع المسائل برأي الأكثرية من القضاة الحاضرين وإذا تساوت الأصوات فيرجح الرئيس أو القاضي الذي يقوم مقامه، وإذا لم كان الحكم صادرا كله أو بعضه بإجماع القضاة فمن حق كل قاض أن يصدر بيانا مستقلا برأيه الخاص، ويكون الحكم نهائيا غير قابل للاستئناف وعند النزاع في معناه أو في مدى مدلوله، تقوم المحكمة بتفسيره بناء على طلب أي طرف من اطرافه، غير أن الحكم لا يكون له قوة الإلزام إلا بالنسبة لمن صدر بينهم وفي خصوص النزاع الذي فصل فيه[57].


الهامش

[1] عمر سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1993م، ص 16، 15.[2] الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الإنسان، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة، 1992م، ص 30.

[3] صلاح الدين عامر، الحماية الدولية لحقوق الإنسان، نظرة عامة، في د. أحمد فتحي سرور (تحرير)، حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية والقانون المصري، بحث تم إعداده بين كلية الحقوق القاهرة ومنظمة اليونسكو، 1993م، ص 304.

[4] أنظر: قرار مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي التسعين في سبتمبر 1993م، حول “احترام القانون الدولي الإنساني ومساندة العمل الإنساني أثناء النزاعات المسلحة”، النص العربي للقرارات الصادرة عن المؤتمرات الدورية للاتحاد، ص 188 ـ 189.

[5] عمر سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، مرجع سبق ذكره، ص 17.

[6] الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الإنسان، مرجع سبق ذكره، ص 33، 32.

[7] صلاح الدين عامر، الحماية الدولية لحقوق الإنسان، مرجع سبق ذكره، ص 296.

[8] د. أحمد فتحي سرور، مرجع سبق ذكره، ص 141.

[9] شريف بسيوني وآخرين، التجريم في القانون الجنائي الدولي وحماية حقوق الإنسان، في: حقوق الإنسان، دراسات حول الوثائق العالمية والإقليمية، دار العلم للملايين، المجلد الثاني، بدون تاريخ، ص 455 وما بعدها، أنظر أيضاً: التهامي نقرة، حقوق الإنسان بين دافع الممارسة وتعاليم الأديان، الملتقى الإسلامي المسيحي الثالث، قرطاج 24 ـ 29 مايو 1982م، حول حقوق الإنسان، مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، سلسلة الدراسات الإسلامية، رقم 91، تونس، 1985م، ص 103.

[10] د. عبد الغنى محمود، المطالبة الدولية لإصلاح الضرر في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية، القاهرة، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 1986، ص210.

[11] د. أحمد شوقي أبو خطوه، تعويض المجنى عليهم عن الإضرار الناشئة عن جرائم الإرهاب، القاهرة، دار النهضة العربية، 1997. ص148-149.

[12] د. عبد الغنى محمود، مرجع سابق، ص210.

[13] د. على إبراهيم، مرجع سابق، ص803.

[14] المرجع السابق، ص806-807.

[15] د. طارق عبد العزيز حمدي، مرجع سابق، ص 274- ص 282.

[16] د. طارق عبد العزيز حمدي، المسئولية الدولية الجنائية والمدنية عن جرائم الإرهاب الدولي، المحلة الكبرى، دار الكتب القانونية، 2008، ص.ص 297-299.

[17] د. طارق عزت رخا، قانون حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق في الفكر الوضعى والشريعة الإسلامية، القاهرة، دار النهضة العربية، 2006، ص ص 169-173.

[18] راجع د. احمد ايو الوفا :تأملات حول الحماية الدولية للبيئة من التلوث ،المجلة المصرية للقانون الدولي ، 1993 ، ص45 –87.

[19] ينص المبدأ المذكور على ما يلى:

ان الحرب تدمر في ذاتها التنمية . ولذلك على الدول احترام القانون الدولي الخاص بحمايه البيئة وقت النزاع المسلح وعليها ان تتعاون في تطويره اكثر ، كلما كان ذلك لازما . كذلك نص القرار 72 – س الصادر عن مؤتمر وزراء خارجيه الدول الإسلامية (اسطنبول 1396 / 1975 ) على ضرورة تأكد “الحماية للبيئة ضد الخسائر الناتجة عن الحرب ( راجع بيانات وقرارات مؤتمرات القمه (ووزراء ) الخارجية 1389 – 1401 ، المرجع السابق ، ص 82 – 83.

[20] راجع: د. أحمد أبو الوفا، القانون المصري الخاص باستخدام الشعار أو الشارة ، بحث مقدم إلى: مجموعة المحاضرات الخاصة بإدارة الأزمات ، والتي نظمتها جمعيه الهلال الأحمر المصرية واللجنة الدولية للصليب الأحمر القاهرة ،31 مايو -4 يونيو 1998.

[21] د. الشافعي بشير، المرجع السابق، ص154-155.

[22] د. عبد الواحد محمد الفار، القانون الدولي العام، ص354، مرجع سابق الإشارة إليه. وفي هذا المعنى أنظر: د. رمزي الشاعر، المسئولية عن أعمال السلطة القضائية، ط1، 1987، ص109. ود. سليمان الطماوى، قضاء التعويض، ط7، القاهرة، 1973، ص61. ود. جعفر عبد السلام، مرجع سابق، ص248.

[23] د. جعفر إبراهيم العنانى، القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص96-97.

[24] د. محمد زكى أبو عامر، الحماية الجنائية للحريات الشخصية، ص30-32، مرجع سابق.

[25] د. حامد سلطان ود. عائشة راتب ود. صلاح الدين عامر، القانون الدولي العام، ص123، مرجع سابق.

[26] أنظر: حولية لجنة القانون الدولي العام، 1987، المجلد الثاني، الجزء الأول، وثائق الدورة التاسعة والثلاثين، الأمم المتحدة، نيويورك، 14989، ص20. ود. محمود شريف بسيوني، المدخل لدراسة القانون الجنائي الدولي، ص24، وما بعدها، مرجع سابق الإشارة إليه.

[27] تقرير لجنة القانون الدولي عن أعمال دورتها الثامنة والأربعين، عام 1996، مرجع سابق، ص33.

[28] المرجع السابق مباشرة، ص33.

[29] المرجع السابق، ص35.

[30] أنظر: حولية لجنة القانون الدولي، 1988، المجلد الأول، (باء) المحاضر الموجزة للجلسات 2070 الى 2094، للدورة الأربعين 9 مايو – 29 يوليه 1988، الأمم المتحدة، نيويورك، 1991، ص797.

[31] أنظر د. محمود شريف بسيوني، المدخل لدراسة القانون الجنائي الدولي، ص67- مرجع سابق. وأيضاً: د. عبد الرحيم صدقي، القانون الدولي الجنائي، مرجع سابق، ص67-68.

وقد نصت المادة السادسة من القانون محكمة طوكيو على أن: لا يكفي الوضع الرسمي للمتهم ولا تصرفه في أي وقت، بناء على أوامر صادرة إليه من حكومته أو من رئيس إداري، لإعفائه من المسئولية عن أية جريمة أتهم فيها، ولكن هذه الظروف يمكن أن تعتبر ظروفاً مخففة للحكم إذ1 قررت المحكمة أن العدالة تقتضى ذلك، أنظر ذلك في: حولية القانون الدولي 1987، المجلد الثاني، الجزء الأول، وثائق الدورة التاسعة والثلاثين، الأمم المتحدة، نيويورك، 1989، ص20.

[32] أنظر حولية لجنة القانون الدولي 1987، المجلد الثاني، الجزء الأول، وثائق الدورة التاسعة والثلاثين، الأمم المتحدة، نيويورك، 1989، (وكانت هذه المادة تحمل رقم 8 ثم عدلت في الصياغة الأخيرة الى رقم 5).

[33] أنظر: حولية لجنة القانون الدولي لعام 1987، ص23، مرجع سابق. وحولية لجنة القانون الدولي لعام 1984، ص72، مرجع سابق، وتقرير لجنة القانون الدولي لعام 1996، ص30-31، مرجع سابق.

[34] أنظر: حولية لجنة القانون الدولي لعام 1987، ص23، مرجع سابق. وتقرير لجنة القانون الدولي لعام 1996، ص31، مرجع سابق.

[35] تقرير لجنة القانون الدولي، لعام 1996، مرجع سابق، ص27.

[36] د. طارق عزت رخا، قانون حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق في الفكر الوضعي والشريعة الإسلامية، القاهرة، دار النهضة العربية، 2006، ص356-364.

[37] نصت المادة 41 من العهد علي أن : لكل دولة طرف في هذا العهد أن تعلن في أي حين، بمقتضى أحكام هذه المادة، أنها تعترف باختصاص اللجنة في استلام ودراسة وبلاغات تنطوي علي ادعاء دولة طرف بأن دولة طرفا آخري لا تفي بالالتزامات التي يرتبها عليها هذا العهد. ولا يجوز استلام ودراسة البلاغات المقدمة بموجب هذه المادة إلا إذا صدرت عن دولة طرف أصدرت إعلاناً تعترف فيه، في ما يخصها، باختصاص اللجنة، ولا يجوز أن تستلم اللجنة أي بلاغ يهم دولة طرفاً لم تصدر الإعلان المذكور.

[38] نصت المادة الأولى من البروتوكول الاختياري علي أن: تعترف كل دولة طرف في العهد، تصبح طرفاً في هذا البروتوكول –باختصاص اللجنة في استلام ونظر الرسائل المقدمة من الأفراد الداخلين في ولاية تلك الدولة الطرف والذين يدعون أنه ضحايا انتهاك من جانبها أي حق من الحقوق المقررة في العهد. ولا يجوز للجنة استلام أية رسالة تتعلق بأية طرف في العهد لا تكون طرفا في هذا البروتوكول.

[39] نصت المادة 21 من الاتفاقية علي أن: لأية دولة طرف في هذه الاتفاقية أن تعلن في أي وقت، بموجب هذه المادة، أنها تعترف باختصاص اللجنة في أن تتسلم بلاغات تفيد أن دولة طرف تدعي بأن دولة طرفا أخرى تفي بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقية في أن تنظر في تلك البلاغات . ولا يجوز تسلم البلاغات والنظر فيها وفقاً للإجراءات المبينة في هذه المادة، إلا في حالة تقديمها من دولة طرف أعلنت اعترافها باختصاص اللجنة فيما يتعلق بها نفسها ولا يجوز للجنة أن تتناول، بموجب هذه المادة، أي بلاغ إذا كان يتعلق بدولة طرف لم تقم بإصدار مثل هذا الإعلان.

[40] نصت المادة 22 من الاتفاقية علي أن: يجوز لأي دولة طرف في هذه الاتفاقية أن تعلن في أي وقت أنها تعترف بمقتضى هذه المادة باختصاص اللجنة في تسلم ودراسة بلاغات واردة من أفراد أو نيابة عن أفراد يخضعون لولايتها القانونية ويدعون أنهم ضحايا لانتهاك دولة طرف أحكام الاتفاقية . ولا يجوز للجنة أن تتسلم أي بلاغ إذا كان يتصل بدولة طرف في الاتفاقية لم تصدر مثل هذا الإعلان.

[41] نصت المادة 24 من الاتفاقية المذكورة علي أنه: يجوز لكل طرف سام متعاقد أن يبلغ اللجنة، عن طريق السكرتير العام لمجلس أوروبا، بأي مخالفة لأحكام المعاهدة من جانب أي طرف سام متعاقد آخر.

[42] كما نصت المادة 25 من نفس الاتفاقية علي أن: يجوز للجنة أن تتلقي الشكاوى المرسلة إلي السكرتير العام لمجلس أوروبا من أي شخص، أو من منظمات غير حكومية، أو من مجموعات الأفراد بأنهم ضحايا انتهاك للحقوق الموضحة بهذه المعاهدة من جانب احد الأطراف السامية المتعاقدة، بشرط أن يكون هذا الطرف السامي المتعاقد الذي قدمت ضده الشكوى قد سبق أن أعلن اعترافه باختصاص اللجنة في تلقي هذه الشكاوى”.

[43] نصت المادة 45 من الاتفاقية المذكورة في الفقرة علي أن: أن التبليغات المقدمة عملاً بهذه المادة لا تقبل ولا تدرس إلا إذا قدمتها دولة طرف كانت قد أعلنت أنها تعترف باختصاص اللجنة المذكورة أعلاه . ولا تقبل اللجنة أي تبليغ ضد أية دولة طرف لم تصدر ذلك الإعلان”.

[44] نصت المادة 41 فقرة 1 ج علي أن: لا يجوز أن تنظر اللجنة في المسألة المحالة إليها إلا بعد الاستيثاق من أن جميع طرق التظلم المحلية المتاحة قد لجئ إليها واستنفدت، طبقاً لمبادئ القانون الدولي المعترف بها عموماً. ولا تنطبق هذه القاعدة في الحالات التي تستغرق فيها إجراءات التظلم مدداً تتجاوز الحدود المعقولة.

[45] نصت المادة 21 فقرة 1 ج من الاتفاقية علي أن: لا تتناول اللجنة أي مسألة تحال إليها بمقتضى هذه المادة إلا بعد أن تتأكد من أنه تم اللجوء إلي جميع وسائل الانتصاف المحلية المتوفرة بالنسبة لهذا الأمر واستنفادها، وفقاً لمبادئ القانون الدولي المعترف بها عموماً, ولا تسري هذه القاعدة في حالة إطالة مدة تطبيق وسائل الانتصاف بصورة غير معقولة أو في حالة عدم احتمال إنصاف الشخص الذي وقع ضحية لانتهاك هذه الاتفاقية علي نحو فعال.

[46] نصت المادة 26 علي أن: تبدأ اللجنة عملها بعد أن يستنفد الشاكي جميع وسائل الانتصاف الداخلية، طبقاً للمبادئ العامة المعترف بها في القانون الدولي من خلال ستة أشهر من تاريخ القرار النهائي المتخذ في الداخل.

[47] نصت المادة 46 علي أن: يخضع قبول اللجنة لعريضة أو تبليغ وفقاً للمادتين 44 و 45 للشروط التالية: أن تكون طرق المراجعة التي يوفرها القانون المحلي قد أتبعت واستنفدت طبقاً لمبادئ القانون الدولي المعترف بها واعترفاً عاما. ولا تنطبق أحكام الفقرتين 1(أ) و … من هذه المادة في الحالات التالية: إذا كان القانون الداخلي للدولة المعنية لا يوفر الطرق والإجراءات القانونية والسليمة لحماية الحق أو الحقوق المدعي انتهاكها، وإذا حرم الفريق الذي أدعى أن حقه قد انتهك من استعمال طرق المراجعة السالفة الذكر.

[48] المادة 41 فقرة 5/هـ من العهد.

[49] المادة 42 فقرة 1/أ من العهد.

[50] المادة 28 فقرة ب من الاتفاقية.

[51] أنظر:

Year Book of the European Convention on Human Rights، Vol 16، 1973، P.356 (Application، No. 5961/72).

[52] المادة 48 فقرة (و) من الاتفاقية.

[53] المادة 52 من الميثاق.

[54] د. طارق عزت رخا، قانون حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق في الفكر الوضعي والشريعة الإسلامية، القاهرة، دار النهضة العربية، 2006، ص 385- ص 398.

[55] د. سعيد جويلي “الجوانب القانونية للتدابير المضادة في القانون الدولي العام”، المجلة القانونية الاقتصادية، جامعة الزقازيق، كلية الحقوق، العدد السادس، 1994، ص 74.

[56] د. علي إبراهيم، مرجع سابق، ص 744-745

[57] الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

الوسوم

د. مسعود عبد السلام

باحث وأكاديمي ليبي، دكتوراه في القانون الدولي، كلية الحقوق، جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى