الشرق الأوسطدراسات

التنافس الأمريكي الإيراني في العراق.. خلفياته ومستقبله

الملخص التنفيذي:

التنافس بين إيران والولايات المتحدة يتعدى فرض النفوذ العسكري والأمني لكل منهما إلى النفوذ السياسي في مركز صنع القرار الذي تمثله السلطة التنفيذية، والنفوذ الاقتصادي أيضا؛ حيث قدمت الولايات المتحدة دعماً عسكرياً للجيش العراقي لتعزيز قدراته بعد انهيار يونيو/حزيران 2014، وفي خط مواز عززت إيران قوة وقدرات فصائل الحشد الشعبي العسكرية ودعمت الأجنحة السياسية التي تشكلت قبيل انتخابات مايو 2018 للوصول إلى مجلس النواب الجديد والسلطة التنفيذية ممثلة بحكومة عادل عبد المهدي للسنوات الأربع القادمة في ضوء نشاطات بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتحالف الدولي، لمواجهة الجهود التي يبذلها قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني لوصول حلفائهما أو من يعتقدان أنه الأقرب إلى سياساتهما إلى رأس السلطة التنفيذية في العراق.

رغم الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة في التهيئة لتشكيل الحكومة الجديدة، لكنها فشلت في تهميش القوى الحليفة لإيران وإبعادها عن المشهد للسنوات الأربع القادمة، وليس ثمة ما يؤكد على تراجع أو انسحاب إيران تدريجيا من مناطق نفوذها وتخليها عن القوى الحليفة لها التي تمثل الاذرع الخارجية لمشروعها الذي يمتد من إيران عبر الأراضي العراقية إلى سوريا ولبنان وسواحل البحر الأبيض المتوسط، كما أن إيران بنت خلال السنوات الأخيرة شبكة متداخلة من القوى الحليفة لها في بلدان عدة، تتشكل من أبناء تلك البلدان، أنفقت على تدريبهم وتسليحهم أموالا طائلة وجهودا كبيرة في مواجهة الضغوط الخارجية.

وتحاول الولايات المتحدة من خلال بقاء جنودها في العراق العمل باتجاهي منع تجديد تنظيم الدولة نشاطاته أو عودته ثانية، ومنع تحول العراق إلى دولة خاضعة كلية للنفوذ الإيراني بعد تشكيل الحكومة الجديدة في حالة شبيهة بالحكومتين اللبنانية والسورية.

وانتهت الدراسة إلى أن العراق سيظل بحاجة إلى وجود المزيد من المستشارين والجنود الأمريكيين لاستكمال تدريب القوات الأمنية وإعادة تأهيلها للحفاظ على سيادة الدولة ومؤسساتها، والتصدي للقوات شبه العسكرية التي تشكل تهديدا جديا للدولة العراقية.

مع تصاعد احتمالات استهداف المصالح الأمريكية في العراق وجنودها في العراق وسوريا، أو تهديد دول أخرى حليفة للولايات المتحدة مثل السعودية والكويت انطلاقا من الأراضي العراقية في حال دخلت إيران بمواجهة مع الأمريكيين مباشرة أو عبر القوى الحليفة لها في مضيقي هرمز وباب المندب.

كما يبدو أن الدور الأمريكي في العراق بدا بالتراجع التدريجي بعد الانتهاء من قتال تنظيم الدولة رغم الانفاق الأمريكي الهائل والدعم الجوي المباشر للقوات البرية في المعارك التي كانت فصائل الحشد الشعبي الجزء الأهم منها.

تمهيد

منذ الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979 التي قادها آية الله الخميني حتى وفاته عام 1989؛ تبنّت إيران سياسة معلنة في عدائها للولايات المتحدة أو الشيطان الأكبر، من خلال شعارات “الموت لأميركا”، وهي السياسة التي جذبت إليها عواطف العرب والمسلمين من الذين ضاقوا ذرعا بازدواجية السياسة الأميركية، وانحيازها المعلن إلى جانب إسرائيل ضدّ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

إلاَّ أنّ ذلك كلّه اصطدم بواقع المشروع الذي تبناه قائد الثورة، وصرح به علنا بأنّ “طريق القدس يمر عبر كربلاء”[1] في العراق، وهو ما بات يعرف بمشروع “ولاية الولي الفقيه” في واجهته الدينية، أو مشروع “تصدير الثورة” في واجهته السياسية الذي أعلن عنه الخميني في الذكرى الأولى لانتصار الثورة الإسلامية في 11 فبراير/شباط 1980 كمنهج يتمسك به القائمون على المشروع الإيراني، “ويواصلون التأكيد عليه” في مناسبات عدة.

اتسمت علاقات إيران والولايات المتحدة فيما يتعلق بأفغانستان والعراق بسمتي المنافسة على النفوذ والتعاون في آن واحد؛ ولم يكن اسقاط نظامي طالبان وصدام حسين، المعروفين بعلاقاتهما غير الودية مع إيران، “ليحدث بهذه السهولة لولا التعاون الإيراني” مع الولايات المتحدة؛ واستبدالهما بنظامين يتوافقان مع السياسات الإيرانية العليا تماما.

هذا الاستبدال جعل من العراق دولة تابعة لكل من الولايات المتحدة وإيران في نفس الوقت، وهو ما أهّل إيران لأن تكون لاعبا مؤثرا في العراق، والإقليم معا، وفاعلا فيما يتعلق بالاستقرار الإقليمي سلبا، أو إيجابا.

يرى الايرانيون أنّ “حدود بلادهم غربا لا تقف عند منطقة الشلامجة على الحدود العراقية، بل تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر الجنوب اللبناني، وهذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الأبيض المتوسط “[2] في إشارة إلى حدود الامبراطوريتين الأخمينية والساسانية الفارسيتين قبل الإسلام.

كما لا يخفون امتلاكهم لعدة جيوش شبه رسمية مرتبطة بالثورة الإيرانية في كلّ من العراق وسورية واليمن “يبلغ حجمها 10 أضعاف حجم حزب الله في لبنان”[3] تنفذ سياسات إيران وتعمل على تحقيق مصالحها العليا، وتعتمد إيران على وزارة المخابرات والحرس الثوري في التنسيق والاشراف على المشروع الإيراني عابر الحدود.

وتعمل الوزارة والحرس الثوري بشكل وثيق مع شبكات محلية مثل الحشد الشعبي في العراق وحزب الله اللبناني وحركة الجهاد الإسلامي في غزة وجماعة أنصار الله (الحوثيين) وعشرات المجموعات الشيعية المسلحة في سوريا، ولهما نشاطات امنية وعسكرية وثقافية تتعلق بتشييع مجتمعات مناطق النفوذ، ونشاطات أخرى تتعلق بالجوانب التجارية عن طريق الاستثمار وتجارة المخدرات وغيرها لتوفير أموال إضافية لتمويل ودعم تلك الشبكات وضمان انتشارها جغرافيا.

تعد مؤسسة الحرس الثوري المؤسسة الإيرانية الأهم في المشروع الإيراني عابر الحدود عبر ذراعه الخارجي فيلق القدس المسؤول عن العمليات الخاصة للحرس الثوري خارج إيران من خلال رعايته لمجموعات شيعية مسلحة تتشكل من أبناء الدول التي يستهدفها المشروع الإيراني بما يصطلح على تسميتها “جيوش شعبية” أو ميليشيات مثل فاطميون وزينبيون، أو فصائل ضمن مؤسسات الدول مثل الحشد الشعبي في العراق، أو اذرع عسكرية لأحزاب تشكل دولة داخل الدولة مثل حزب الله اللبناني وجماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين)، وهما نموذجان تسعى إيران لتكراره بالعراق عن طريق دعم الحشد الشعبي.

ومع اختلاف المسميات، فان جميعها تلتقي على مبادئ أساسية تحكمها أولويات تنفيذ السياسات الإيرانية من خلال الكيانات أو المجموعات التي تمثل ما يمكن تسميتها باسم “الشبكات الإيرانية” التي تعني الخلايا النائمة أو المجموعات المسلحة شبه العسكرية المعروفة باسم الميليشيات أو الأحزاب السياسية والدينية المرتبطة بإيران، أو حتى منظمات مدنية أو شخصيات دينية أو فكرية أو سياسية تعمل على تنفيذ السياسات الإيرانية في الدول التي يستهدفها مشروع تصدير الثورة الإسلامية في إيران.

الشبكات الإيرانية في حقيقتها ليست أقل من وكلاء جندتهم إيران من سكان البلدان الأخرى تقوم بدعمهم وتمويلهم ويخوضون حرب الوكالة خدمة لسياساتها الخارجية.

وتتخوف الولايات المتحدة من زيادة النفوذ الإيراني في العراق خشية امتداده إلى دول الخليج العربية بأهميتها الحيوية كنقطة ارتكاز للحرب الكونية على الإرهاب، في ذات الوقت التي تشكل هذه الدول خزين استراتيجي للطاقة وممرات نقلها إلى أوروبا والولايات المتحدة.

إلا أن الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 ساهم بشكل واضح في إحداث خلل في توازن القوى الإقليمية في المنطقة لصالح إيران ضمن بيئة عربية خليجية قادرة على لجم التهديدات الإيرانية للأمن القومي لدول المنطقة، وبالتالي حماية المصالح الأمريكية من التهديدات الإيرانية المحتملة.

 تطور التنافس الإيراني الأمريكي في العراق بين غزو العراق 2003 والانسحاب الأمريكي 2011

اتسمت علاقات إيران والولايات المتحدة بعد غزو أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003 بسمتي المنافسة على النفوذ والتعاون في آن واحد.

ولم يكن اسقاط نظامي طالبان وصدام حسين المعروفين بعلاقاتهما غير الودية مع إيران ليحدث لولا التدخل الإيراني المباشر إلى جانب الولايات المتحدة، واستبدالهما بنظامين يتوافقان مع السياسات الإيرانية العليا تماما، هذا الاستبدال جعل من العراق دولة تابعة لكل من الولايات المتحدة وإيران في نفس الوقت، وهو ما أهّل إيران لأن تكون لاعبا مؤثرا في العراق، والإقليم معا، وفاعلا فيما يتعلق بالاستقرار الإقليمي سلبا، أو إيجابا.

بلغت أعلى مراحل التنسيق بين الولايات المتحدة وإيران بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر ضمن المسعى الأميركي في حربها الكونية على الإرهاب، ولم يكن الرئيس الإيراني الإصلاحي محمد خاتمي العاتب على الإدارة الأميركية، لعدم وفائها بالتزاماتها تجاه إيران لموقفها من غزوّ العراق، لم يكن هذا أقلّ صراحةً من نائبه للشؤون القانونية محمّد علي أبطحي؛ الذي قال في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديّات المستقبل في 15 كانون الثاني/ يناير 2004، الذي نظمه مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية في أبوظبي، “إنّ إيران قدمت الكثير من العون للأميركيين في حربيهم ضدّ أفغانستان والعراق”، وأضاف “أنّه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابل وبغداد بهذه السهولة”[4].

أما في العراق، فإنّ الولايات المتحدة لم تعترض على تعاظم النفوذ الإيراني لأسباب على صلة بالدعم العسكريّ الإيراني للولايات المتحدة في عملية إسقاط نظام صدام حسين، من خلال تعاون الحرس الثوريّ الإيراني قبل الاحتلال، واستمرار هذا التعاون إلى سنوات بعد الاحتلال.

وقد كشفت دراسة أصدرتها مؤسسة “جيمس تاون فاونديشن” الأميركية تحت عنوان “مساهمة إيران في الحرب الأهلية في العراق”، عن أنّ الحرس الثوري الإيراني طلب من فيلق بدر تشكيل كتيبتين سُميت الأولى “مجاهدي الحسين” ترسل إلى مدينة العمارة، وسُميت الثانية “أنصار الحسين” ترسل إلى الناصرية لجمع المعلومات عن انتشار الوحدات العسكرية العراقية قبل شن الحرب، ولتحديد مواقع المنشآت الحكومية، ومراكز قوات الدفاع الجوين، وأشرف على ذلك جنرال من الحرس الثوري الإيراني يدعى الجنرال محمد.

“إنّ الأغلبية الشيعية في العراق، الذين كانوا بمثابة حليف أساسي لواشنطن في إحداث تغيير في النظام، تهيمن عليها من الناحية السياسية كيانات على علاقة وثيقة بإيران ولذلك؛ رأى الإيرانيون فائدة مزدوجة في الغزو الأميركي للعراق لأنه خلّص إيران من عدو لدود، ونصّب في مكانه نظاماً صديقاً”[5].

بعد الاحتلال الأميركي مباشرة، استثمرت السياسة الإيرانية إقرار الولايات المتحدة العملية السياسية لضمان هيمنة الأحزاب الدينية الشيعية على السلطة والنفوذ في العراق من خلال صناديق الاقتراع، كوسيلةٍ مثلى تتفق تماماً مع وجهة نظر المرجعيات الشيعية في العراق التي ترى أنّ “شكل نظام الحكم في العراق يحدده الشعب العراقي وآلية ذلك أنْ تجرى انتخابات عامة لكي يختار كل عراقي من يمثله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستور”[6].

هذا وغيره أتاح لإيران فرصة بناء ركائز نفوذ متداخل في المناحي السلطوية، السياسيّة والأمنيّة والاقتصادية وغيرها، يصعب على الولايات المتحدة الخلاص منها خلال فترة الاحتلال، كما يصعب ذلك أيضاً على العراقيين في السلطة مع افتراض رغبتهم في التخلص من النفوذ الإيراني، وهو افتراض لا يؤيده واقع تركيبة الأحزاب السياسية الحاكمة في العراق، وتوجهاتها ورغابتها.

لم يكن الاحتلال العسكري الأميركي للعراق احتلالاً متفرداً في فرض السيطرة الكاملة على مقدرات العراق الاقتصادية ورسم السياسات، أو على مستوى فرض السيطرة العسكرية على الأرض، فقد كانت إيران شريكة فاعلة أجادت استخدام القوة الناعمة سياسيا وأمنيا واقتصاديا، في مقابل الولايات المتحدة التي استخدمت القوة العسكرية في غزو العراق واحتلاله دون استراتيجية واضحة لإعادة بناء دولة العراق ومؤسساتها.

شكلّت المقاومة العراقية ضدّ الاحتلال الأميركي الخطر الأكبر على المشروع الإيراني في العراق والهيمنة الشيعية على مقدرات البلد وثرواته وسياساته، كما هو الخطر على الصفحة الثانية من مشروع احتلال العراق المتمثلة بالمضي قدماً في المشروع السياسي الساعي لفرض النموذج الأميركي للديمقراطية في العراق، ومن ثم نشره في كامل منطقة الشرق الأوسط.

رأت كلّ من إيران والولايات المتحدة أنّ استمرار المقاومة المسلحة ضدّ القوات الأميركية والحكومة الشيعية قد تؤدي إلى انزلاق العراق إلى الحرب الأهلية التي ستؤدي إلى تفكيك وحدة العراق، وما يشكلّه من انعكاسات على الاستقرار في عموم الدول المؤثرة على المصالح العليا للاستراتيجية الإيرانية، خاصة سوريا وبلدان الخليج العربي، إضافة إلى انعكاساتها المباشرة على بنية المجتمع الإيراني بتعدديته الدينية والطائفية والعرقية غير المتجانسة.

فمن جهة كانت الولايات المتحدة قد وجدت نفسها معنية بالحفاظ على الوحدة الترابية للعراق حتى انسحابها الكامل منه وتسليمه إلى العراقيين، ومن الجهة الثانية تجد إيران أنّ أي تقسيم، أو تفكيك للدولة العراقية القائمة سيغذي الرغبات الدفينة للقوميات والطوائف الإيرانية التي تشعر بالاضطهاد وتسعى لنيل حقوقها والتمتع بسلطات تؤهلها على الأقل لإدارة ذاتية لمناطقها، هذه المقاربة وضعت كلاً من الولايات المتحدة وايران في موقع حاجة كل منهما للآخر، وما تستلزمه من تنسيق متبادل، أو تنازلات طرف لآخر، واعتراف كل منهما بدور ونفوذ الآخر، إلاَّ أنّ المحصلة كانت اعتراف أميركي بنفوذ إيراني، ودور فاعل في رسم مستقبل العراق السياسي، إضافة إلى الاعتراف بدور إيران كلاعب إقليمي في جميع قضايا المنطقة.

بات مقبولاً أن تكون إيران هي القوّة الأولى واللاعب الأقوى في العراق والمنطقة، وهو ما كرَّسه الاحتلال الأميركي للعراق بالقوّة العسكرية، أو القوّة الصلبة، في مقابل السماح بنفوذ إيراني شامل ومهيمن قريب الشبه باحتلال يستخدم القوّة الناعمة على شكل “عقود تجارية واقتصادية، وسياحة دينية ومراكز فكرية وثقافية، ومنظمات اجتماعية ومدارس دينية وغيرها، ودعم لكافة الألوان السياسيّة الشيعية والسُنيّة على حدٍّ سواء”[7]، وإنْ كان بانتقائية وحذرٍ يختلف بين لونٍ وآخر.

خلال عامي 2006 و2007، بدا أمر التفاوض بين واشنطن وطهران حول العراق، أشبه بالأمر الواقع الذي لا مناص منه أمام الولايات المتحدة، إنْ لم تكن مرغمة على الدخول فيه.

فالولايات المتحدة في تلك الفترة كانت تعيش أسوأ أيامها في العراق بسبب تعرضها اليومي لمئات العمليات العنيفة من فصائل المقاومة المسلحة، وفي ذات الوقت كانت بغداد تنزلق نحو حربٍ أهليّة سنيّة شيعية شاملة بعد تفجير مرقدي سامراء في 22 فبراير/شباط 2006، أفقدت الولايات المتحدة القدرة على التحكم بالأمن، وبدت خارج مديات التأثير على الأرض إلا بمواصلة استخدام القوّة الغاشمة ضدّ مناطق المقاومة يروح ضحيتها عادةً مدنيون أبرياء، وإنّ التأثير الحقيقي في الجانبين السياسي والأمني هو لإيران؛ التي يتطلب التعاطي معها أميركياً الأخذ بعين الاعتبار مصالحها في العراق، والتخفيف من الضغوط الدولية لوقف البرنامج النووي الإيراني.

عمدت الولايات المتحدة على التخفيف من الضغوط الدولية على إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي طالما أنّه لا يشكل أيّ خطرٍ أو تهديدٍ على الدول الأوربية، أو الولايات المتحدة، أو إسرائيل، بل على جيران إيران من العرب فقط.

واعتمدت الولايات المتحدة الوسائل الدبلوماسية عبر حوارات، تشترك بها سوريا أيضاً مع مجموعة دولية تضم دول جوار العراق، إضافة إلى مصر، وضرورة طمأنة إيران بعدم لجوء الولايات المتحدة للخيارات العسكرية ضدّها، كما أوصت لجنة دراسة الأوضاع في العراق[8]، والاستفادة من تجربة التعاون بينها وبين إيران فيما يتعلق بأفغانستان عبر مفاوضات مباشرة، وهو ما تم تكراره في العراق بعد أنْ أعربت إيران عن استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة التي ردّتْ عليه بالموافقة، وتخويل سفيرها ببغداد زلماي خليلزاد آنذاك.

ووفقا لتقرير البيت الأبيض في 16 مارس/آذار 2006، وفي رد على ما رددته وسائل الإعلام عن أنّ الزعماء الإيرانيين يريدون مناقشة موضوع العراق بشكل مباشر مع المسؤولين الأميركيين، صرح السكرتير الصحفي للبيت الأبيض سكوت ماكليلان بأن “السفير الأميركي في بغداد زلماي خليلزاد قد خُوّل صلاحية إجراء محادثات مع القادة الإيرانيين لكي يؤكد لهم ويعبر لهم عن هواجسنا حول تورطهم في داخل العراق” للعمل على وقف النشاط الإيراني الذي يسعى إلى زعزعة الاستقرار الأمني عبر أذرعها في العراق والذي يسعى للزج بالقوات الأميركية في وضع لا يسمح لها بالتفكير باتخاذ أيّة إجراءات عسكرية ضدّها حتى إكمال انسحابها من العراق، وزوال التهديد الأميركي المفترض، مع الإبقاء على السيطرة الكاملة في الجانبين الأمني والسياسي للحكومة الموالية لها، خشية انفلاتٍ يؤدي إلى سيطرة القوى “الجهادية” المعادية لها وللولايات المتحدة في العراق، أو إلى تقسيم العراق إلى دويلات تشجع الحركات الانفصالية للأقليات الإيرانية المتعددة على المطالبة بالانفصال.

وبعد أنْ كانت مناطق عدّة في محيط العاصمة وخارجها تحت السيطرة الكاملة للمقاومة في العراق تنظِّم منها هجمات شرسة ضدّ قوات الاحتلال، بات أمر الدفاع عن بغداد من السقوط الكامل بيد أذرع إيران في العراق أمراً يحتل أولوية متقدمة على الاستمرار في مواجهة الاحتلال الامريكي، خاصة بعد أنْ أوغلت المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران في الدماء وإحراق المساجد وتهجير العرب السُنّة من بغداد ومحيطها.

وفي منشور تَمّ توزيعه في مناطق عدّة من بغداد يحتوي على بيان موقع من وزارة الإعلام في “دولة العراق الإسلامية” (تنظيم الدولة الآن) في 14 يناير/كانون الثاني 2007، جاء فيه، “أن جنود دولة العراق الإسلامية عازمون بعون الله على تطهير المدينة من كل رموز ورؤوس الصفويين الحاقدين وميليشياتهم وعصاباتهم الإجرامية، وأنّ المعركة القادمة هي معركة مصيرية ليس لأهل السُنّة في العراق فحسب، بل للعالم الإسلامي ككل، إننا لن نسمح أبدا بأن تكون بغداد دار الخلافة مدينة صفوية، تُهدم وتحرق فيها مساجد التوحيد”[9].

لقد دفعت سياسات الحكومة الاتحادية، والمجموعات الشيعية المرتبطة بإيران، باتجاه تغيير أولويات أعداء المقاومة، واعتبار “إيران العدوّ الأخطر والأشدّ على العراق”[10] من أميركا طالما واصلت دعمها وتمويلها وتدريبها لتلك المجموعات الشيعية المسلحة، وعدم الضغط عليها باتجاه وقف نشاطاتها ضدّ السُنّة، وإشغال المقاومة، وتشتيت جهدها المفترض أن يكون بأجمعه ضدّ قوات الاحتلال، ولا خلاف على قدرة إيران على ذلك، إذ أنّ لدى إيران العديد من الجماعات الموالية لها داخل العراق، ومن ثم فلديها القدرة على التأثير فيه بشكل كبير؛ لكن الولايات المتحدة لم تفعل ما يكفي لمحاولة الحد من تأثير العامل الإيراني من خلال الربط بين “إقامة علاقات ثنائية بين واشنطن وطهران من ناحية، وبين سلوك إيران في العراق من ناحية أخرى، مع زيادة الرقابة على المجموعات المدعومة إيرانياً داخل العراق عبر قطع تدفق الأموال إليها”[11].

كما في أفغانستان، نظرت إيران إلى الوجود الأجنبي في العراق، والمنطقة، بأنَّه هو السبب الرئيسي في عدم الاستقرار؛ مما يعني، من وجهة النظر الإيرانية، إنّ الانسحاب الأميركي سيعقبه استقرار في العراق والمنطقة، وهو خلاف ما يراه الآخرون من العراقيين والعرب وغيرهم ممن يخشون فرض إيران هيمنتها على الخليج، وشبه الجزيرة، والعراق، الذي لم يخفِ الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد إعلان “استعداد بلاده لملء الفراغ  الذي ستخلفه القوات الأميركية المنسحبة منه”[12]، وبالتالي جرِّ المنطقة إلى صراع بين دولها على النفوذ في العراق، وباقي دول المنطقة؛ إلاَّ أنَّ إيران هي الرابح الأول في كل ما حدث، أو قد يحدث، حيث باتت هي القوّة الإقليمية الكبرى دون منازع بعد غياب قوّة العراق .

ليس يعني كثيراً سواء أصدقت الرؤية الإيرانية بتحقيق الاستقرار بزوال السبب، الذي هو الوجود الأجنبي، أو صدقت الرؤية المناقضة التي ترى أنّ الانسحاب الأميركي من العراق سيؤدي إلى فرض هيمنة إيرانية أحادية الجانب، ودخول العراقيين في صراعات سنية شيعية، أو عربية كردية، واحتمالات انتشارها إلى دول الجوار العربي والإقليمي، مما سيؤدي إلى إعادة رسم الجغرافية السياسية للشرق الأوسط بدءاً من العراق، إلى تركيا وإيران وسوريا والكويت والسعودية وباقي دول الخليج العربي واليمن.

لكن الأهم من كل ذلك، أنّ الانسحاب الأميركي من العراق يعني نهاية أي شكل من أشكال التهديد الخارجي المفترض لإيران، حيث زال التهديد العراقي بعد الاحتلال وتفكيك مؤسسات الدولة العراقية، خاصة مؤسسة الجيش بقرار الحاكم المدني لسلطة الائتلاف السفير بول بريمر، فيما تاريخيا لم تكن دول الخليج العربي تشكل تهديدا لإيران. كما أنّ احتمالات عودة التهديد العراقي، أو على الأقل بروز العراق كقوة إقليمية في معادلة التوازنات العسكرية في المنطقة، هي احتمالات غير واقعية، على الأقل، في العقود القليلة القادمة.

وأبدت الولايات المتحدة، خلال فترة الاحتلال وبعدها، عجزاً كبيراً في مواجهة تصاعد التأثير الإيراني في العراق والمنطقة، في مقابل تراجع التأثير الأميركي إلى مستويات متدنية[13].

كان أبرز ملامح تراجع دور الولايات المتحدة هو ما شهدته نتائج انتخابات آذار/ مارس 2010 وفرض مرشحين موالين لإيران، أو ينالون رضاها، على النقيض من العملية الديمقراطية التي أساسها الاحتكام إلى صناديق الاقتراع ونتائجها، وهي العملية التي بشَّرت بها الولايات المتحدة العراق والمنطقة، كما حرصت على الإعلان عن حمايتها وتضمين هذا في الاتفاقية الأمنيّة الموقعة مع الحكومة العراقية[14]، وهو ما يفسَّر على أنّه تخلي أميركي عن حلفائها وبعض أهدافها في العراق سيُخل بمصداقيتها في المنطقة والعالم، وإنها قدمت المزيد من التضحيات البشرية والمادية “لتعمق الانقسامات الطائفية، وتسلّم العراق لإيران”[15] التي لم يعد ثمَّة من يختلف على سقوط العراق بالكامل في دائرة النفوذ الإيراني، جغرافياً وسياسياً وأمنياً واقتصادياً وفكرياً وغيره، وهو ما تنفيه الإدارة الأميركية فقط.

التنافس الإيراني الأمريكي بين 2011 و2014

شهد العراق بعد الانسحاب الأميركي من العراق نهاية عام 2011 نوعا من الاستقرار الأمني النسبي في العامين 2012 و2013، لكن استمرار سياسات حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الإقصائية وتهميش السُنّة واطلاق يد المجموعات الشيعية المسلحة الشيعية دفعت العرب السُنّة إلى تبني خيار حق التظاهر المكفول دستورياً للمطالبة بإعادة التوازن في المناصب السيادية، واطلاق المعتقلين السُنّة الذين يتم اعتقالهم دون مذكرات قبض قانونية وعدم تقديمهم إلى المحاكم حتى بعد مرور عدة سنوات على اعتقالهم، وإلغاء قانون المساءلة والعدالة، والمادة أربعة من قانون مكافحة الإرهاب، وغيرها من المطالب التي تعكس واقع معاناة السُنّة في العراق طيلة سنوات الاحتلال، وما بعدها.

ارتكزت الاستراتيجية الأميركية في الفترة النصفية الأولى من الدورة الرئاسية الثانية للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على الحفاظ على التوازنات الإقليمية بين المحورين المتصارعين في المنطقة المتمثل بالمحور الإيراني والمحور الاخر المفترض بقيادة السعودية، وضمان تدفق سلس للنفط، إضافة إلى هزيمة الجماعات الإسلامية الموصوفة بالتشدد والتي تشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي، حسب الرؤية الأميركية له وفق وثيقة الأمن القومي الأميركي للعام 2010 الصادرة في 27 مايو/ أيار 2010 التي تركز على “منع الهجمات على أميركا وفي داخلها بتوظيف كل القدرات الأمنية الممكنة، وتطبيق القانون بما يحقق هذا الهدف، والتنسيق بشكل أفضل مع الشركاء في الخارج لتحديد وتعقب الإرهابيين والحد من عمليات تمويلهم ومنع سفرهم”[16].

التركيز الأمريكي على محاربة الإرهاب “السني” أتاح لإيران والقوى الحليفة المرتبطة بها فرصة بناء نفوذ واسع جغرافيا يمتد عبر عدة دول في سياق السعي لبعث “إيران الكبرى” التي تعهد محمد باقر خرازي رئيس “حزب الله” الإيراني في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية للعام 2010 “ببعث إيران الكبرى الممتدة التي ستحكم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تمهيدا لظهور المهدي المنتظر”، وعدّ أنّ قيام إيران الكبرى سيؤدي إلى “تدمير إسرائيل والدول المنافسة المجاورة”[17]، في إشارة إلى المملكة العربية السعودية.

شعار “قيام إيران الكبرى” هو جزء من رؤية العقل الإيراني لمشروعهم وامتداداته، وهي رؤية يشترك بها كلا التيارين الإصلاحي والمحافظ، فقد أعلن علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني، أن “إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم، كما في الماضي”[18]، ويرى يونسي “إن إيران ستدافع عن كلّ شعوب المنطقة، لأننا نعتبرهم جزءا من إيران، وسنقف بوجه التطرف الإسلامي والتكفير والالحاد والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية”، وهو يدعو أيضاً إلى “اتحاد إيراني” دون إزالة الحدود السياسية لكل البلاد المجاورة على اعتبار “أن أمنهم ومصالحهم مرتبطة ببعضها بعضا”.

بعد انطلاق الحركات الاحتجاجية “الربيع العربي” أواخر العام 2010، شهدت عدة بلدان عربية حركات شعبية استهدفت “التغيير” من أنظمة الحكم الاستبدادية أو الدكتاتوريات العسكرية إلى أنظمة تقوم على آليات التغيير والتداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع؛ ومنذ بداية الحرب الاهلية السورية عام 2011 ضمنت إيران ممرا بريا لنقل المقاتلين “الشيعة” والامدادات عبر أراضي محافظة الانبار إلى حلفائها في سوريا ولبنان لقتال المعارضة السورية المسلحة؛ وهو الأقرب برياً والأقل تكلفة في الامداد من الوسائط البحرية والجوية.

وسعت إيران إلى التواجد الفعلي من خلال شبكاتها العاملة في العراق على الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية مع العراق؛ وعملت على إيجاد مراكز سيطرة على حدودها الجنوبية مع اليمن لتشكيل طوق جغرافي من هاتين الجهتين الحدوديتين؛ إضافة إلى الحدود الشرقية للسعودية على شاطئ الخليج العربي قبالة السواحل الإيرانية في امتداداته إلى خليج عدن ومضيق باب المندب، المنفذ الوحيد للموانئ السعودية على ساحل البحر الأحمر باتجاه دول جنوب القارة الأفريقية، وإلى الجنوب الشرقي باتجاه دول جنوب شرق آسيا بما يمثله هذا المضيق من تهديد للأمن القومي السعودي دفع لتشكيل تحالف عربي في مارس/آذار 2015 لمنع حركة أنصار الله (الحوثي) الذراع الإيراني في اليمن من السيطرة على مضيق باب المندب وعدن ومدن أخرى على الساحل الجنوبي لليمن.

وقد قدّرت إحدى الرسائل المبعوثة من سفير أمريكا بالعراق، كريستوفر هيل، إلى وزارة الخارجية الأمريكية نوفمبر/تشرين الثاني 2009، “المساعدات الإيرانية للتنظيمات العراقية بما بين 100 إلى 200 مليون دولار سنويا”[19] لتقوية المجموعات الشيعية المسلحة وتعزيز نفوذها في العراق.

تسعى الولايات المتحدة على المدى البعيد لبناء دولة عراقية قوية قادرة على منع تشكل بؤر قادرة على خلق أجيال من “الجهاديين”، فيما تسعى إيران للإبقاء على عراق ضعيف ومفكك تقوده سلطة غير قادرة على القيام بمهام الدولة دون مساعدة إيرانية مباشرة.

وتعتبر إيران زيادة نفوذها في العراق أحد أهم عناصر الحفاظ على امنها القومي؛ وهو جزء من نفوذ أوسع عبر العراق إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط في سوريا ولبنان؛ وتنظر إلى أن “أمن العراق جزء من أمنها وأمن المنطقة”[20].

اتجهت المنطقة بعد ثورات الربيع العربي إلى إعادة صياغة الاستقطابات الإقليمية المرتبطة جدليا بالاستقطابات الدولية وانعكاساتها على المنطقة التي انتجت محورين اثنين؛ محور عربي إسلامي تقوده المملكة العربية السعودية يضم دول الخليج العربية ودول عربية وإسلامية اخرى، ومحور إيراني يرغب في استكمال مشروع تصدير الثورة الإسلامية بغض طرف، أو تواطؤ، أمريكي بُعيد توقيع الاتفاق النووي مع إيران في يوليو/تموز 2015، حيث تجد الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ضرورة التعاون مع إيران كدولة إقليمية فاعلة بشكل مباشر على الرقعة الجغرافية العراقية والسورية بشكل أكثر أهمية من حاجتها إلى الدعم السعودي في مواجهة تنظيم الدولة.

ما يميز الاتهامات الأمريكية والغربية الموجهة للمحورين بدعم الإرهاب والعنف هو التباين الواضح في اتهامات لا ترقى إلى المساس بكيان الدولة وضلوعها في ذلك، وهو ما تمثله الاتهامات الموجهة للمحور العربي الإسلامي الذي يحارب الإرهاب والتطرف والعنف على أكثر من صعيد؛ وإن كان ثمة دعم ما فهو في إطار نشاط مجتمعي خارج عن سلطة الدول المعنية خلاف ما عليه الأمر في المحور الإيراني الذي تتبنى الدولة الإيرانية رسميا دعم الجماعات العنفية الشيعية التي تمارس عمليات القتل وانتهاك حقوق الإنسان في أكثر من بلد عربي تحت عنوان تصدير الثورة الإسلامية.

في العراق، تريد إيران التأكد تماما من غياب أي مؤشر لتكرار وجود نظام يهدد أمنها القومي; ولتحقيق هذا ترعى إيران مجموعات شيعية مسلحة لها نفوذ واسع داخل السلطة لضمان بقائها بيد حكومة شيعية ترتبط معها بعلاقة تبعية يكون الرضا الإيراني عليها هو العامل الحاسم لتأكيد ذلك؛ بمعنى أن تشعر أي حكومة أنها جاءت بإرادة إيرانية وعليها رعاية مصالح إيران في العراق والمنطقة.

الانخراط الإيراني الواسع في الصراع العراقي أثار خشية العرب السُنّة من تزايد النفوذ الإيراني واستمرار التغيير في التركيبة السكانية لصالح المكون الشيعي، كما حصل في جرف الصخر ومحافظة ديالى التي شهدت معظم مدنها وقراها تهجيرا قسريا للعرب السُنّة منها وسيطرة فصائل الحشد الشعبي عليها ومنع عودة سكانها إلى مناطقهم حتى بعد استعادة السيطرة عليها.

على الرغم من الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للقوات الأمنية والحكومة العراقية، إلا أنها أهملت أو غضت الطرف عن تنامي النفوذ الإيراني في فترة الاحتلال بسبب انشغالها في مكافحة فصائل المقاومة العراقية، أو تنظيم الدولة في مرحلة قيادتها التحالف الدولي بعد أحداث الموصل 2014.

ولأغراض تامين الممرات البرية الإيرانية إلى القوى الحليفة لها في سوريا ولبنان، بدت الحكومة المركزية الحليفة للولايات المتحدة متواطئة أو شبه عاجزة تجاه إجراءات فصائل الحشد الشعبي بالتنسيق مع إيران “لإحداث التغيير في التركيبة السكانية لمحافظة ديالى بشكل كامل”[21] في المناطق الحيوية للأمن الإيراني على الشريط الحدودي حيث تشكل بداية الممرات البرية بين إيران وسوريا عبر أراضي محافظتي نينوى والأنبار.

التنافس الأمريكي الإيراني في العراق بين عامي 2014 و2018:

ترفض إيران بشكل رسمي أي تدخل خارجي في العراق، ومفهوم التدخل الخارجي يعني تدخل الدول الغربية وحلفائها الإقليميين في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية التي ترى أنّ التدخل الغربي وتقديم المساعدة للحكومة العراقية سيدفع باتجاه منع إيران من استثمار ما يحدث لمزيد من التدخل المباشر على الأرض، وتعزيز نفوذها بشكل أكبر مما هو عليه الآن، في ذات الوقت الحيلولة دون تقارب إيراني أميركي على حساب التحالف العميق بين السعودية والولايات المتحدة التي تجد نفسها اليوم أكثر حاجة إلى التعاون مع إيران الفاعلة بشكل مباشر على الرقعة الجغرافية العراقية والسورية من حاجتها إلى الدعم السعودي في مواجهة تنظيم الدولة.

دأبت إيران الرسمية على نفي تدخلها في الشؤون الداخلية للعراق، لكن ما ينشره الاعلام الرسمي الإيراني من تصريحات لقادة إيرانيين، أو تقارير مصورة لتشييع قتلى من قيادات عسكرية سقطت في العراق، أو سوريا، تدحض الادعاءات الرسمية.

ففي أوائل تموز/ يوليو 2014 نشرت وسائل إعلام إيرانية صور تشييع جثمان أحد القتلى في العراق الطيار الإيراني “شجاعت علمداري مورجاني” إلى مسقط رأسه بالقرب من شيراز.

وفي الخامس من حزيران/ يونيو 2014 قتل العقيد في الحرس الثوري كمال شيرخاني خلال الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة على مدينة سامراء العراقية والذي انتهى بفرض سيطرتها على المدينة بشكل كامل قبل أنْ تغادرها بعد ساعات استجابة لرغبة شيوخ عشائر سامراء الذين يخشون من اندلاع شرارة موجة جديدة من حرب أهلية شاملة نظرا لحساسية المدينة التي تضم مرقدين مقدسين لدى الشيعة، كما حدث في شباط/ فبراير 2006 عندما تَمّ تفجير هذين المرقدين واتهام السُنّة مباشرة على الرغم من الأدلة على تورط فيلق القدس الإيراني وضلوعه بالتفجير، كما كشف عن ذلك الجنرال جورج كيسي، القائد العام للقوات الأميركية والائتلاف ساعة وقوع التفجير[22].

من منطلق رؤية إيران لوصايتها على العراق وسوريا، وبذريعة حماية الزوار الإيرانيين والدفاع عن المقدسات الدينية في العراق وسوريا، وحماية بغداد ودمشق من السقوط بيد تنظيم الدولة والمسلحين السُنّة؛ تجيز إيران لنفسها التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للبلدين.

فقد أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني في حديث خاص مع شبكة إن بي سي الأميركية[23]، “أن إيران قدمت كل مساعدة طلبتها الحكومة العراقية وبالتنسيق الكامل معها”، وأضاف “أن إيران لا تسمح بسقوط بغداد أو النجف أو كربلاء، وتعتبر سقوط المقدسات الدينية في العراق بيد الإرهابيين خطا أحمر”.

أما قائد القوة الجوية في الحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زاد فقد قال في تصريحات للتلفزيون الإيراني “إن قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني قد تمكن برفقة 70 شخصا فقط من الحيلولة دون سقوط مدينة أربيل العراقية بيد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية”[24]، وهذه إشارة صريحة إلى تدخل عسكري إيراني على الأرض في العراق، ومع هذا يشدد المسؤول الإيراني في موقف متناقض على “أن إيران مستعدة لتقديم الدعم للعراق إذا طلب منها ذلك”.

وفي إطار ذات السياسة ترى إيران وصايتها الكاملة على سوريا من خلال التدخل المباشر على الأرض في مواجهة فصائل المعارضة السورية المسلحة لمنع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وقد صرح وزير الخارجية الإيراني السابق علي أكبر صالحي بعد لقاء جمعه بالرئيس بشار الأسد في 07 مايو/ أيار 2014، “أن إيران لن تسمح أن تقع سوريا في يد إسرائيل أو أميركا أو التكفيريين”[25].

سيطرة تنظيم الدولة على الموصل ومدن أخرى في 10 يونيو/حزيران 2014، وضع الدول الإقليمية في موقف لا يسمح لها باستمرار التعاطي مع الخلافات الموجودة أصلا، وضرورة تناسيها والتنسيق مع بعضهم البعض في مواجهة خطر تنظيم الدولة.

كان من أـبرز ملامح “تنسيق الضرورة” الذي لجأت إليه كل من الرياض وطهران هو التخفيف من حدة الخطاب الإعلامي والسياسي المتبادل، والدعوة التي وجهها وزير الخارجية السعودي السابق، سعود الفيصل، إلى لقاء نظيره الإيراني لبحث المستجدات في المنطقة، وهي الدعوة التي تجاهلها الوزير الإيراني الذي يرى فيها أنها حاجة سعودية وليست إيرانية على الرغم من أنّ كلا من الرياض وطهران لديهما ملفات حيوية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن.

ففي الوقت الذي تشكل فيه الأحداث الأخيرة في العراق عاملا مؤثرا له تداعياته المباشرة على كلا البلدين، إلاَّ أنّ السعودية لم تلعب دورا فاعلا على الأرض واكتفت بالدعوة التي تبنتها الولايات المتحدة لتشكيل تحالف دولي ضمّ العشرات من الدول العربية والإقليمية والغربية بقيادة الولايات المتحدة، أما إيران فقد انخرطت في الحدث العراقي بشكل مباشر على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية خارج إطار التحالف الدولي.

حاولت الولايات المتحدة الموازنة بين استدراج إيران لتكون طرفا فاعلا في المواجهة مع تنظيم الدولة، واستثمار الهيمنة الشيعية على دول مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن كبيئة معادية للسُنّة من جهة، والتخفيف من حدّة المعارضة السُنيّة السعودية، والإقليمية، لهذه السياسة الأميركية من جهة أخرى، إضافة إلى الموقف الإسرائيلي القريب من المعارضة السُنيّة آنفة الذكر، وهو ما يجعل الولايات المتحدة تبحث عن بدائل تخرجها من دائرة الحرج تلك.

قد لا تجد الولايات المتحدة أفضل من البديل التركي الذي يمكن أن يكون مقبولا إلى حد ما من الدول السُنيّة في الإقليم، حيث تعد تركيا العضو المسلم الوحيد في المنطقة بحلف الناتو، وتمثل القوة الاقتصادية الأكبر في الشرق الأوسط، كما أنّ جيشها هو الجيش الأقوى في المنطقة دون منازع، لكن هذا التوجه يصطدم بغياب سياسة جدية تتبناها الولايات المتحدة لتقويض النفوذ الإيراني في شبه الجزيرة العربية، والى الشمال منها في العراق وسوريا ولبنان.

يحتاج العراق إلى دعم كل من الولايات المتحدة وإيران في مواجهة تهديدات تنظيم الدولة؛ وتعترف الحكومة العراقية بان الدعم الجوي الأمريكي والاستطلاع والمعلومات قلصت من حجم الخسائر في صفوف القوات العراقية وساعدت في ضرب مقرات التنظيم واستعادة المدن من سيطرته عن طريق “المقاتلين على الأرض الذين تزودوا بالخبرة الإيرانية في قتال العصابات وإدارة المعارك”[26].

وتشمل القوات البرية التي قاتلت تنظيم الدولة وتلقت الإسناد المدفعي والدعم الجوي من التحالف الدولي، في معركة الموصل، على سبيل المثال، التي انطلقت في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016 بمشاركة 45 ألفا من مقاتلي “القوات الأمنية التي تشمل وحدات الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، إضافة إلى قوات الحشد الشعبي والحشد العشائري والحشد الوطني السني وقوات البيشمركة الكردية”[27] وغيرها.

ترتبط الكثير من المجموعات الشيعية المسلحة بسياسية “ولاية الولي الفقيه” التي تُلزمها الدفاع عن إيران “والقتال إلى جانبها في حال نشوب أية حرب”[28] حتى لو تعلق الأمر بمواجهة عسكرية مع بلدها الأم؛ كما ترتبط تنظيميا بمؤسسات إيرانية مثل الحرس الثوري الإيراني أو مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يُعد مرجعا دينيا لعدد من المجموعات المرتبطة معه بـ “بيعة شرعية”[29]، ومنها “41 فصيلا أعلنت رسميا بيعتها الشرعية للمرشد الأعلى علي خامنئي من أصل أكثر من 70 فصيلا تتشكل منه هيئة الحشد الشعبي”[30].

وتتبنى إيران مشروعاً يهدف إلى فرض نفوذها الإقليمي وهيمنتها على جغرافية سُنيّة “تمتد إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط ومضيق باب المندب”[31] لتأمين العمق الاستراتيجي لأمنها القومي ضمن رقعة متصلة جغرافيا عبر ممرات برية تربط بين إيران وكل من العراق وسوريا ولبنان، وهي بلدان تحكمها قوى نافذة حليفة لإيران.

ففي العراق، تهيمن قوى “شيعية” على القرارين الأمني والسياسي في الحكومة المركزية التي تسيطر على الملف الأمني بمشاركة فصائل الحشد الشعبي التي تلعب “بشكل رسمي دورا في الملف الأمني”[32] خارج المهمة التي تشكلت من أجلها لقتال تنظيم الدولة بعد أحداث الموصل 2014؛ وتُعد فصائل الحشد الشعبي من القوى الحليفة لإيران التي باتت “تستحوذ على العراق”[33].

ولا يزال “الممر البري الأول” خارج قدرة إيران على الاستفادة منه بعد أن أنشأ التحالف الدولي قاعدة عسكرية له في منطقة التنف السوري ومعسكرا لتدريب الفصائل المعتدلة في الجيش السوري الحر؛ وشهدت المنطقة أول “حالة صدام مباشر”[34] في 18 مايو/أيار 2017؛ لكن هذا لا يمنع أن تستفيد منه إيران مستقبلا بعد تفكيك التحالف الدولي قاعدة التنف العسكرية.

ولمواجهة الاستراتيجيات الإيرانية أقامت قوات التحالف منتصف أغسطس/آب 2016 “قاعدة عسكرية في منطقة التنف السوري عند التقاء الحدود مع العراق والأردن”[35]؛ وأنشأت في يونيو/حزيران 2017 قاعدة جديدة في منطقة “الزكف”، 70 كيلومتراً شمال شرقي التنف لمنع تحالف قوات النظام من الوصول إلى الحدود العراقية؛ لكن “اتفاقا بين روسيا والولايات المتحدة أدى إلى إخلاء المعسكر ونقل الجنود والمعدات إلى قاعدة التنف”[36] في 19 سبتمبر/أيلول 2017.

التنافس الأمريكي الإيراني في العراق لغاية عام 2022

السنوات الأربع ما بين عامي 2018 و2022 من حكومة عادل عبد المهدي التي تشكلت في أغسطس/آب 2018 بعد انتخابات مايو 2018، ستكون الفترة الأكثر وضوحا في التنافس الأمريكي الإيراني في العراق، والتحديات التي ستواجهها في الامتثال للعقوبات الأمريكية على إيران التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي في أيار/مايو 2018؛ ودخول فصائل الحشد الشعبي الحليفة لإيران ضمن التشكيلة الحكومية وفي مجلس النواب العراقي عبر ائتلاف البناء الذي يقوده الأمين العام لمنظمة بدر/الجناح العسكري هادي العامري الحليف الموثوق لإيران.

ويعمل ائتلاف البناء ضمن منظومة متكاملة تضم أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، الحليف الموثوق الآخر إلى جانب قيادات سياسية حليفة لإيران، مثل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون ضمن ائتلاف البناء، وقيادات في الحشد الشعبي مثل قيس الخزعلي الأمين العام لعصائب أهل الحق، وأكرم الكعبي أمين عام حركة النجباء وغيرهما من قيادات الفصائل التي تدين بالولاء الشرعي “البيعة” للمرشد الأعلى علي خامنئي.

وعلى خلفية تأخير تشكيل الحكومة العراقية الجديدة التي تشارك فصائل الحشد الشعبي في مفاوضات تشكيلها ضمن ائتلاف البناء الذي يرأسه القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري، الحليف الأوثق لإيران، حذرت تلك الفصائل في 5 سبتمبر/أيلول 2018، من “مؤامرة أمريكية سعودية لتشكيل حكومة ضعيفة تخضع للأوامر الخارجية”، وأنها ستكون مستعدة “لإحباط التدخلات الخارجية في اللحظة المناسبة لتجريد المتآمرين من أدواتهم”.

وتشارك الولايات المتحدة في دعم جهود إعمار البنية التحتية وإعادة تأهيل المدن المتضررة جراء الحرب على تنظيم الدولة.

إن طبيعة العلاقات الاقتصادية بين العراق وإيران لا تعطي ما يكفي من هامش المناورة للحكومة المركزية إذا فكرت بالابتعاد عن إيران استجابة لضغوطات أمريكية؛ وتشكل إيرادات المواد الغذائية والمنتجات الزراعية ومواد البناء الأساسية والسيارات وقطع غيارها وغيرها أهمية استثنائية لكل من إيران والعراق الذي يعاني من أزمات مالية جراء الفساد وعدم استقرار الأوضاع الأمنية والانفاق العالي على القوات الأمنية بسبب الحرب على تنظيم الدولة، وحاجته إلى سلع ومواد بأسعار منخفضة قد لا يجد لها بديلا عن المنتجات الإيرانية

وبلغ “حجم التبادل التجاري بين إيران والعراق عام 2017 نحو 6 مليارات دولار من غير القطاع النفطي”[37].

أعلن رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي التزاما جزئيا بالعقوبات الأمريكية على إيران استجابة لمصالح العراقيين في استمرار العلاقات الاقتصادية بين العراق وإيران والتعامل بالعملات المحلية لتفادي إجراءات أمريكية ضد الدول التي تخرق العقوبات وحاجة العراق إلى المنتجات الإيرانية وامدادات الطاقة الكهربائية.

ولدى إيران مصلحة في استمرار العلاقات الاقتصادية مع العراق، ومن غير المستبعد أن تستثمر القوى الحليفة لها المتنفذة في القرار السياسي لمنع استجابة عراقية للعقوبات الأمريكية واستمرار العراق في أن يكون متنفسا لإيران لكسر جزئي للعقوبات وممرا لتسويق المنتجات الإيرانية إلى السوق العراقي وأسواق الدول المجاورة.

وتعتقد الولايات المتحدة أن لإيران قدرات كبيرة على زعزعة الأمن والاستقرار وتهديد المصالح الأمريكية والجنود الأمريكيين في العراق وسوريا عبر فصائل الحشد الشعبي الحليفة لإيران.

يمكن أن تشهد السنوات الأربع من حكومة عادل عبد المهدي جولات جديدة من الصراع الإيراني الأمريكي متعدد الأبعاد في سياق التنافس على النفوذ في العراق.

وإذا كانت الولايات المتحدة لا تسمح بأن تكون الحدود الإيرانية العراقية ممرا للقفز على العقوبات الأمريكية وتجاوزها، فإنها في ذات الوقت تدرك تماما أن عدم وفرة بدائل مناسبة ذات جدوى اقتصادية عن التجارة العراقية مع إيران سيؤدي حتما إلى خلق أزمة اقتصادية في العراق تضاف إلى الأزمات الأساسية بما يقود إلى حالة من عدم الاستقرار الأمني اللازم للتنمية وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب على تنظيم الدولة، وضرورة العمل على تعزيز الخدمات الأساسية بما يضمن حالة من الاستقرار الذي تهدده الاحتجاجات التي شهدتها محافظات وسط وجنوب العراق منذ أوائل يوليو/تموز 2018، وما رافقها من عنف متبادل؛ أطرافه فصائل الحشد الشعبي والقوات الأمنية والمحتجين أيضا، طالت مكاتب ومقرات الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة المرتبطة بإيران إضافة إلى قنصليتي إيران والولايات المتحدة في البصرة.

يمكن أن يكون تزويد إيران لبعض المجموعات الشيعية المسلحة بصواريخ باليستية استراتيجية منسجمة مع استراتيجياتها في دعم وتمويل حزب الله اللبناني وجعله قوة ذات نفوذ واسع بما يشبه دولة موازية للدولة اللبنانية.

بعد أيام من إحراق القنصلية الإيرانية في 7 سبتمبر/أيلول الماضي، واستهداف القنصلية الأمريكية في البصرة من قبل فصائل الحشد الشعبي، أعلنت الولايات المتحدة وقوف إيران خلف الهجوم، واتخذت وزارة الخارجية الأمريكية قرارا بإخلاء موظفي القنصلية وإعادتهم إلى بغداد.

تقف الولايات المتحدة ضد امتلاك إيران للسلاح النووي أو الصواريخ بعيدة المدى، وضد استمرار الدعم المالي والتسليحي للمقاتلين الشيعة في العراق وسوريا واليمن الذين يخوضون حربا بالوكالة عن إيران خارج حدودها ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

تسارعت الاستفزازات الإيرانية ضد الولايات المتحدة منذ سبتمبر/أيلول 2018 بعد قيام محتجين في مدينة البصرة بإحراق القنصلية الإيرانية، وعقب ذلك استهدفت صواريخ محيط السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء ببغداد والقنصلية الأمريكية في البصرة؛ أشارت بيانات السفارة الأمريكية في بغداد إلى مسؤولية مجموعات شيعية مسلحة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

وفي 28 سبتمبر/أيلول 2018 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية اخلاء قنصليتها في البصرة تفاديا لتهديدات امنية إيرانية.

وتحمل الولايات المتحدة إيران المسؤولية المباشرة عن أي ضرر يلحق بالجنود والموظفين الأمريكيين أو المرافق الدبلوماسية العاملة في العراق؛ وتأخذ التهديدات التي تطلقها المجموعات الشيعية الحليفة لإيران على محمل الجد والتصدي لها “بالعمل مع الشركاء في الحكومة العراقية والقوات الأمنية”.

خلص تقييم استخباراتي أمريكي في 27 سبتمبر/أيلول 2018 إلى أن “الميليشيات المدعومة من إيران قد تخطط لضربات تستهدف القوات أو المصالح العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط”.

وعلى خلفية تأخير تشكيل الحكومة العراقية الجديدة التي شاركت فصائل الحشد الشعبي في مفاوضات تشكيلها ضمن ائتلاف البناء الذي يرأسه القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري، الحليف الأوثق لإيران، حذرت تلك الفصائل في 5 سبتمبر/أيلول 2018، من “مؤامرة أمريكية سعودية لتشكيل حكومة ضعيفة تخضع للأوامر الخارجية”، وأنها ستكون مستعدة “لإحباط التدخلات الخارجية في اللحظة المناسبة لتجريد المتآمرين من أدواتهم”[38].

تخوض إيران بصفتها الدولة التي تقود الشيعة حول العالم حربا بالوكالة عن طريق قوى محلية حليفة لها ضد الولايات المتحدة عبر السعودية بصفتها الدولة ذات المكانة الأعلى بين دول الإسلام السني وتوظيف طرفي حرب الوكالة قوات حليفة من أبناء الدول العربية التي تشهد صراعات مسلحة، سوريا واليمن والعراق ولبنان.

تتفق الحكومة العراقية مع المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بضرورة عدم المساس بهيئة الحشد الشعبي؛ وترفض تصنيف الولايات المتحدة للقيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بـ “الإرهاب”[39].

وهيئة الحشد الشعبي من وجهة نظر الحكومة العراقية “جزء لا يتجزأ من القوات العراقية التي تأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة”؛ والمهندس هو نائب رئيس الهيئة الذي تم إدراجه على لائحة إرهاب في الولايات المتحدة عام 2009.

تدرك الولايات المتحدة قوة الحشد الشعبي على الأرض وقدراته على فرض الأمر الواقع وزعزعة الأمن والاستقرار في العراق بالقدر الذي تدرك فيه عمق الارتباط التنظيمي بفيلق القدس الإيراني وقائده اللواء قاسم سليماني الذي طالما “هدد بفتح أبواب جهنم ومهاجمة القوات الأمريكية في حال تعرضت للحشد الشعبي”[40]، وأنها سوف ترد بعنف على القواعد العسكرية الأمريكية في العراق.

وترى إيران أن “الولايات المتحدة هي العدو الأساسي لإيران”[41]، وأن على إيران ألا تبدي أي تراجع عن خيارها الوحيد في مواجهة الأمريكيين، وهو خيار المقاومة.

بعد أحداث الموصل 2014 وسيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل وأجزاء واسعة من محافظات غرب وشمال غرب العراق، أظهرت تقارير أمريكية لمستشارين عسكريين وعناصر من الاستخبارات الأمريكية المتواجدة في العراق تقييما للقدرات العسكرية العراقية في مواجهة تنظيم الدولة خلص إلى جهد إيراني في المواجهة عبر “تدريب المجموعات الشيعية المسلحة في العاصمة العراقية ومحافظات جنوب العراق”[42].

وبموجب أوامر ديوانية للقائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، تم تشكيل هيئة الحشد الشعبي كإطار تنظيمي انضوت تحته معظم المجموعات الشيعية المسلحة العاملة في العراق، أو التي تشكلت بعد فتوى “الجهاد الكفائي” التي أعلنها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في 13 يونيو/حزيران 2014، أي بعد يومين من سيطرة التنظيم على مدينة الموصل.

بعد أن فشلت الدبلوماسية الأمريكية في إقصاء أو تهميش ائتلاف البناء الحليف لإيران من تشكيلة الحكومة الجديدة ولعب دور مستقبلي في رسم السياسات وصدارة المشهد السياسي؛ بدأت الولايات المتحدة بالتفكير في تخفيض الدعم العسكري والمساعدات الأخرى للعراق إذا أوكل رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي مناصب مهمة على صلة بالقرارين الأمني والعسكري لقيادات سياسية حليفة لإيران.

بعد خمسة عشر عاما من غزو العراق لا تزال الولايات المتحدة تحافظ على وجود عسكري تفاوتت قوته بين مرحلة وأخرى وفق الاستجابة لمتطلبات العراق الأمنية.

وتقوم القوات الأمريكية بعد الانتهاء من العمليات القتالية الكبرى ضد تنظيم الدولة بمنع نشاطاته أو عودته ثانية والحفاظ على استقرار العراق والمنطقة، إلى جانب تدريب القوات الأمنية العراقية ومساعدتها في التصدي لما تبقى من عناصر تنظيم الدولة.

لقد ساهمت المجموعات الشيعية المسلحة المكونة من أبناء البلدان التي يستهدفها المشروع الإيراني، العراق وسوريا ولبنان واليمن، في التدخل المبكر مع بداية أي صراع في هذه البلدان وفرض وقائع على الأرض لصالح الاستراتيجيات الإيرانية دون تحمل المزيد من التكلفة المادية والتبعات السياسية مقارنة بإرسال قوات نظامية إيرانية.

بعد هزيمة تنظيم الدولة عسكريا، استنفذت إيران وفصائل الحشد الشعبي حاجتها من الوجود الأمريكي في العراق والدعم الجوي لقواتها البرية من خلال طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة؛ وبدت القوى الحليفة لإيران أكثر اندفاعا باتجاه تبني فكرة انسحاب القوات الأمريكية من العراق على الرغم من حاجة القوات الأمنية للتدريب والاستشارات التي يقدمها الأمريكيون لإعادة تأهيلها وتعزيز قدراتها لمواجهة التهديدات الأمنية والعسكرية التي يمكن أن تشكلها بقايا تنظيم الدولة التي لا تزال تنشط في غرب وشمال غربي العراق.

يتحدث مسؤولون أمريكيون، مثل وزير الخارجية، عن أن إيران هي مصدر التهديدات ضد الولايات المتحدة في العراق وفقا لمعلومات أثبتت مسؤولية إيران عن الهجمات التي تعرضت لها المصالح الأمريكية في سبتمبر/أيلول الماضي في البصرة وبغداد أدت إلى إخلاء العاملين من القنصلية الأمريكية في البصرة إلى سفارتها في بغداد.

وارتفعت حدة التوتر بين الولايات المتحدة والمجموعات الشيعية المرتبطة بإيران بعد فرض عقوبات على عدد من قيادات حزب الله اللبناني في 13 نوفمبر/تشرين الثاني بتهم تتعلق بتحويل أموال ونقل أسلحة وتدريب مقاتلين شيعة في العراق.

تعتقد إيران أن نفوذها في العراق عامل أساسي في استراتيجيات أمنها القومي، وجزء من جهودها في إنفاذ مشروعها عبر ربط مراكز القيادة والسيطرة في الحرس الثوري بالقوات الحليفة لها في سوريا ولبنان عبر الأراضي العراقية.

أرسلت إيران أكثر من رسالة للحكومة المركزية وحكومة الولايات المتحدة خلال فترة ما بعد الانتهاء من الحرب على تنظيم الدولة والدور الذي لعبته عبر القوات الحليفة لها والتي هي الأخرى لعبت دورا أساسيا في إفشال الاستفتاء الكردي على الانفصال عن العراق، وهو هدف إيراني بالمقام الأول، إلى جانب الدور الذي لعبته في استعادة السيطرة على كركوك والمناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد.

نفت إيران أن تكون قد نقلت ترسانة من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى إلى أحد فصائل الحشد الشعبي الحليف لها خلافا لتقارير أكدت قيام إيران بنقل تلك الصواريخ ومعدات عسكرية متقدمة من أجل تحسين قدرات الفصائل الحليفة لها في هيئة الحشد الشعبي استعدادا لأي مواجهة محتملة على الأراضي العراقية أو السورية بين إيران والولايات المتحدة، أو مع إسرائيل، أو مع القوات الأمنية التابعة للحكومة المركزية.

الخاتمة:

من غير المستبعد أن تلجأ إيران للخروج من تداعيات تراجع اقتصادها بسبب العقوبات الأمريكية إلى حلول عسكرية عبر استهداف قوات حليفة لها أهداف ومصالح الولايات المتحدة وجنودها في العراق وسوريا؛ ومن المؤكد أن إيران ستواصل تصديها للعقوبات الأمريكية والالتفاف عليها بوسائل شتى لاستمرار مشروعها في المنطقة الذي يمثل أساس الاستراتيجيات الإيرانية.

لدى الولايات المتحدة آلاف الجنود والعاملين في العراق الذين يعتقد على نطاق واسع أنهم سيكونون هدفا متاحا لفصائل الحشد الشعبي التي تهدد باستهدافهم بشكل متواصل.

وتعتقد الولايات المتحدة أن لإيران قدرات كبيرة على زعزعة الامن والاستقرار وتهديد المصالح الأمريكية والجنود الأمريكيين في العراق وسوريا عبر فصائل الحشد الشعبي الحليفة لإيران.

يمكن أن تشهد السنوات الأربع من حكومة عادل عبد المهدي جولات جديدة من الصراع الإيراني الأمريكي متعدد الأبعاد في سياق التنافس على النفوذ في العراق.

وإذا كانت الولايات المتحدة لا تسمح بأن تكون الحدود الإيرانية العراقية ممرا للقفز على العقوبات الأمريكية وتجاوزها، فإنها في ذات الوقت تدرك تماما أن عدم وفرة بدائل مناسبة ذات جدوى اقتصادية عن التجارة العراقية مع إيران سيؤدي حتما إلى خلق أزمة اقتصادية في العراق تضاف إلى الأزمات الأساسية بما يقود إلى حالة من عدم الاستقرار الأمني اللازم للتنمية وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب على تنظيم الدولة وتعزيز الخدمات الأساسية بما يضمن حالة من الاستقرار الذي تهدده الاحتجاجات التي شهدتها محافظات وسط وجنوب العراق منذ أوائل يوليو/تموز 2018، وما رافقها من عنف متبادل؛ أطرافه فصائل الحشد الشعبي والقوات الأمنية والمحتجون أيضا.

تحّمل الولايات المتحدة إيران المسؤولية المباشرة عن أي ضرر يلحق بالجنود والموظفين الأمريكيين أو المرافق الدبلوماسية العاملة في العراق؛ وتأخذ التهديدات التي تطلقها المجموعات الشيعية الحليفة لإيران على محمل الجد والتصدي لها “بالعمل مع الشركاء في الحكومة العراقية والقوات الأمنية”.

إن أعداد مجموعات مسلحة ونشرها في ساحات الصراع التي تتطلبها ضرورات المشروع الإيراني أقل تكلفة مادية وسياسية من التدريب وتسليح القوات النظامية وإرسالها عبر الحدود.

إلى جانب التدخل المسلح عبر القوات الحليفة، سعت إيران لفرض نفوذ مواز في الجانب السياسي وارتهان القرار في البلدان المعنية عبر الدعم السياسي لأحزاب وشخصيات نافذة في مراكز القرار في مؤسسات الدولة السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية؛ وعلى غرار الدور الذي يلعبه حزب الله اللبناني والنفوذ الواسع في مراكز القرار واستقلاليته عن الدولة اللبنانية، تعمل إيران بشكل جدي على خلق نموذج شبيه من فصائل الحشد الشعبي في العراق، وبالأخص التي تدين بالولاء المطلق للمرشد الأعلى وتتلقى تعليماتها من الحرس الثوري الإيراني.

وعلى الرغم من هزيمة تنظيم الدولة وانتهاء العمليات القتالية الكبرى في العراق، إلا أن القوات الحليفة لإيران لا تزال تحتفظ بكامل تجهيزاتها العسكرية من المعدات والسلاح باستقلالية قرار عن المؤسسة العسكرية التي يمثلها الجيش العراقي والقوات الأمنية التابعة للدولة العراقية.

إذا كان التحدي الذي واجه الكتل السياسية مجتمعة هو الاتفاق على تشكيل الحكومة، فإن تلك الكتل تجاوزت المرحلة الأخطر بإعلان حكومة “غير مكتملة” وسط خلافات على تسمية ثماني وزارات، أهمهما الداخلية والدفاع.

تسمية عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة كشخصية توافقية أخرجت القوى السياسية من معضلة الكتلة النيابية الأكثر عددا في عملية ترقيعية لا تستند إلى بنود الدستور العراقي وتعديلاته، مع الإقرار بوجود نية لإحداث إصلاحات جذرية حان وقتها بعد الانتهاء من الحرب على تنظيم الدولة وإعلان النصر قبل نحو عام.

ولا يزال أمام عبد المهدي المزيد من التحديات التي يتوجب عليه مواجهتها لمنع عودة نشاطات تنظيم الدولة بالشكل الذي يستوجب عودة الحرب من جديد إذا لم تتم معالجة الانقسامات الطائفية وإعادة بناء الثقة بين المكونات الطائفية والعرقية، وخاصة بين المكون العربي السني والحكومة المركزية التي يهيمن عليها الشيعة وتفرض قيادات الحشد الشعبي الحليفة لإيران نفوذا واسعا في مراكز القرار العسكري والأمني والسياسي، والاقتصادي أيضا.

في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2018، حمّل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إيران والقوات الحليفة لها في العراق مسؤولية الهجمات التي تعرضت لها المصالح الأمريكية في العراق خلال شهر سبتمبر/أيلول 2018.

أطلق مهاجمون قذائف الهاون على محيط السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء ببغداد، وصواريخ كاتيوشا على القنصلية الأمريكية في مطار مدينة البصرة التي تشهد منذ 8 يوليو/تموز 2018 احتجاجات شعبية واسعة النطاق احتجاجا على تردي الخدمات الأساسية والبطالة، وأيضا ضد النفوذ الإيراني وسيطرة المجموعات المسلحة والأحزاب الشيعية الحليفة لإيران على المحافظة.

أعلن رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي التزاما جزئيا بالعقوبات الأمريكية على إيران استجابة لمصالح العراقيين في استمرار العلاقات الاقتصادية بين العراق وإيران والتعامل بالعملات المحلية لتفادي إجراءات أمريكية ضد الدول التي تخرق العقوبات وحاجة العراق إلى المنتجات الإيرانية وامدادات الطاقة الكهربائية.

ولدى إيران مصلحة في استمرار العلاقات الاقتصادية مع العراق، ومن غير المستبعد أن تستثمر القوى الحليفة لها المتنفذة في القرار السياسي لمنع استجابة عراقية للعقوبات الامريكية واستمرار العراق في أن يكون متنفسا لإيران لكسر جزئي للعقوبات وممرا لتسويق المنتجات الإيرانية إلى السوق العراقي وأسواق الدول المجاورة.

تخوض إيران بصفتها الدولة التي تقود الشيعة حول العالم حربا بالوكالة عن طريق قوى محلية حليفة لها ضد الولايات المتحدة عبر السعودية بصفتها الدولة ذات المكانة الأعلى بين دول الإسلام السني وتوظيف طرفي حرب الوكالة قوات حليفة من أبناء الدول العربية التي تشهد صراعات مسلحة، سوريا واليمن والعراق ولبنان.

ترى إيران أن “الولايات المتحدة هي العدو الأساسي لإيران”، وأن على إيران ألا تبدي أي تراجع عن خيارها الوحيد في مواجهة الأمريكيين، وهو خيار المقاومة[43].


الهامش

[1] شبكة الاعلام المقاوم، مبعوث الإمام الخامنئي: “طريق القدس يمر عبر كربلاء” والصهاينة مرعوبين من زيارة الأربعين، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018  الرابط

[2] مستشار خامنئي: حدود إيران تصل إلى الجنوب اللبناني، موقع قناة الرأي الكويتية، 4 أيار/مايو 2014؛ (تصريحات للجنرال يحيى رحيم صفوي القائد السابق للحرس الثوري والمستشار العسكري الحالي للمرشد الأعلى علي خامنئي) الرابط

[3] إيران: جيوشنا الشعبية بالعراق وسوريا واليمن أضعاف حجمها بلبنان، الجزيرة نت، 31 ديسمبر/كانون الأول 2014 الرابط

[4] أبطحي: لولا إيران لما سقطت كابول وبغداد، أرشيف إسلام اونلاين، 13 يناير/كانون الثاني 2004 الرابط

3 الانسحاب الأمريكي من العراق، مركز الكاشف للمتابعة والدراسات، 5 مارس/آذار 2010 الرابط

[6] موقع مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، أسئلة وكالة أسوشيتدبرس، (د.ت) الرابط

[7] القوّة العسكرية لإيران، تقرير وزير الدفاع الأمريكي إلى الكونغرس، ترجمة وإعداد علي باكير على مدونته الشخصية، 30 أغسطس/آب 2010 الرابط

[8] موقع إيلاف، تقرير لجنة بيكر -هاملتون (توصية رقم 10-يجب أن يستمر التعامل مع مسألة البرنامج النووي الإيراني عبر مجلس الأمن وأعضائه الخمسة الدائمين، إضافة إلى ألمانيا) الرابط

[9] شبكة فلسطين للحوار، دولة العراق الإسلامية // حول التصعيد الصفوي الأخير ضد أهل السنة في بغداد، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 الرابط

[10] الجزيرة نت، برنامج بلا حدود، أحمد منصور، المقاومة العراقية بعد أربع سنوات من الاحتلال (مقابلة مع إبراهيم الشمري الناطق الرسمي باسم الجيش الإسلامي في العراق)، 19 أبريل/نيسان 2007 الرابط

[11] مؤسسة راند، دراسة 2009، الانسحاب من العراق. البدائل، والمخاطر ذات الصلة، واستراتيجيات التسكين، (راند: أربعة أخطار ترتبط بالانسحاب الأمريكي من العراق)، موقع إسلام أون لاين، إعداد: مروة نظير، 23 سبتمبر/أيلول 2009 الرابط

[12] الجزيرة نت، أحمدي نجاد يدعو من تركيا لملء الفراغ في العراق، 16 أغسطس/آب 2008  الرابط

[13] روبرت سكير، لماذا الولايات المتحدة الأميركية بحاجة لإيران للخروج من العراق، موسوعة الرشيد، ترجمة آمنة البغدادي، 28 أبريل/نيسان 2008 (في حين أكدت كونداليزا رايس موقف حكومتها من إيران باعتبارها هي وراء الاضطرابات التي تحدث في الشرق الأوسط من بيروت لبغداد إلى بقية دول المنطقة، بالإضافة إلى خطورة برنامج إيران النووي، يبرز مستوى نفوذ الولايات المتحدة الأميركية المتدني بالنسبة لتزايد التأثير الإيراني، مع التذكير بالاستقبال الحافل للرئيس الإيراني في العراق، وهذا يضعنا أمام نقطة جوهرية، بأن الحكومة الإيرانية هي الحاكمة في بغداد، وأن الولايات المتحدة الأميركية لا تستطيع الخروج من العراق بصورة آمنة بدون التعاون أو التعامل مع طهران الرابط

[14] موقع رئاسة الوزراء، اتفاق بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية، المادة السابعة والعشرين، 1. عند نشوء أي خطر خارجي أو داخلي ضدّ العراق أو وقوع عدوان ما عليه، من شأنه انتهاك سيادته أو استقلاله السياسي أو وحدة أراضيه أو مياهه أو أجوائه، أو تهديد نظامه الديمقراطي أو مؤسساته المنتخبة، وبناء على طلب من حكومة العراق، يقوم الطرفان، بالشروع فوراً في مداولات استراتيجية، ووفقاً لما قد يتفقان عليه فيما بينهما، تتخذ الولايات المتحدة الإجراءات المناسبة، التي تشمل الإجراءات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو أي إجراءٍ آخر، لردع مثل هذا التهديد.

[15] بي بي سي العربية، سعود الفيصل: أمريكا تسلم العراق للنفوذ الايراني، 21 سبتمبر/أيلول 2005 الرابط

[16] استراتيجية الامن القومي الأميركي 2010، مركز الجزيرة للدراسات، 26 يونيو/حزيران 2010 الرابط

[17] جريدة الحياة اللندنية رجل دين إيراني متشدد يدعو إلى إقامة “إيران الكبرى، 16 أيار/مايو 2010 الرابط

[18] العربية نت، إيران: أصبحنا إمبراطورية عاصمتنا بغداد، 8 مارس/اذار 2015 الرابط

[19] إيران الممسكة بالعراق بمواجهة السعودية والخليج ستقدم كل ما لديها لمقاتلة داعش، سي إن إن العربية، 4 يناير/كانون الثاني 2015. الرابط

[20] خلال لقائه العبادي، روحاني: إيران تعتبر أمن العراق جزءا من أمنها وأمن المنطقة، وكالة مهر نيوز، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2017 الرابط

[21] تقرير خاص داخل “مناطق القتل” في العراق، وكالة رويترز، 18 ديسمبر/كانون الأول 2014 الرابط

[22] جنرال أميركي: الإيرانيون يدربون تنظيمات الزعزعة، جريدة الوطن أونلاين السعودية، 7 أيار/مايو 2014 الرابط

[23] الرئيس الإيراني: سقوط المقدسات في العراق بيد الإرهابيين خط أحمر لإيران، وكالة فارس نيوز، 19 سبتمبر/أيلول 2014 الرابط

[24] مسؤول إيراني: سليماني منع سقوط أربيل بيد تنظيم الدولة، الجزيرة نت، 24 سبتمبر/أيلول 2014 الرابط

[25] صالحي أكد للرئيس السوري: لن نسمح أن تقع سوريا بيد إسرائيل أو أمريكا أو التكفيريين، صحيفة القدس العربي، 07 أيار/مايو 2013 الرابط

[26] العبادي لـ “التايم” الأمريكية: الخلافات بين واشنطن وطهران يجب أن تكون بعيدة عن العراق، شبكة رووداو الإعلامية، 9 مارس/آذار 2018 الرابط

[27] الأطراف المشاركة في الهجوم على مدينة الموصل، الجزيرة نت، 18 أكتوبر/تشرين الأول الرابط

[28] رجل دين شيعي عراقي: لو نشبت حرب بين العراق وإيران سأقف مع إيران، موقع جي بي سي نيوز، 31 ديسمبر/كانون الأول 2013 الرابط

[29] ميليشيا عصائب أهل الحق العراقية تبايع خامنئي، بوابة صيدا، 07 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 الرابط

[30] الحشد الشعبي… خلفيات التشكيل، الدور والمستقبل، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 12 ديسمبر/كانون الأول 2016 الرابط

[31] شمخاني: منعنا سقوط دمشق وبغداد وأربيل بيد داعش، شبكة رووداو الإعلامية، 10 مارس/آذار 2015 الرابط

[32] وزير النفط العراقي يبحث مع نائب رئيس الحشد الشعبي آلية حماية آبار ومنشآت النفط في كركوك، وكالة سبوتنيك عربي، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 الرابط

[33] ترامب: إيران تستحوذ على العراق بعد إهدار أمريكا 3 تريليون دولار، موقع قناة العالم، 2 فبراير/شباط 2017 الرابط

[34] دمشق تعلن عن خسائر بشرية جراء غارة التحالف، روسيا اليوم، 19 مايو/أيار 2017 الرابط

[35] القاعدة البريطانية في سوريا.. الموقع والأهداف، الجزيرة نت، 14 أغسطس/آب 2016 الرابط

[36] القوات الأميركية تخلي قاعدة عسكرية جنوب سوريا، الجزيرة نت، 19 سبتمبر/أيلول 2017 الرابط

[37] إيران: التبادل التجاري مع العراق يبلغ 6 مليارات دولار، قناة السومرية، 6 مارس/آذار 2018 الرابط

[38] فصائل الحشد الشعبي تحذر من مؤامرة أميركية – سعودية لتشكيل حكومة ضعيفة، السومرية نيوز، سبتمبر/أيلول 2018 الرابط

[39] العراق يرد على وصف واشنطن أبو مهدي المهندس بـ “الإرهابي”، عربي 21، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2017 الرابط

[40] قيادي رفيع بالحشد: سليماني هدد بفتح “أبواب جهنم” على القوات الأمريكية في العراق، الغد برس، 15 سبتمبر/أيلول 2018 الرابط

[41] آية الله خامنئي: العدو الأول لإيران هي أميركا”، موقع قناة العالم، 27 ديسمبر/كانون الأول 2017 الرابط

[42] تقييم المستشارين الأمريكيين ببغداد: الجيش العراقي سيقاتل داعش إن اقتحمت المدينة.. وإيران تدرب ميليشيات شيعية، صحيفة الشرق الأوسط، 2 يوليو/تموز 2014 الرابط

[43] الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

الوسوم

رائد الحامد

صحفي عراقي، عضو اتحاد الصحفيين العراقيين، عمل رئيساً لوحدة البحوث والدراسات في مركز بغداد للبحوث الاستراتيجية، ورئيس تحرير مجلة “نوافذ الثقافية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى