المرصد

تطورات المشهد السعودي 13 يونيو 2016

يتناول هذا التقرير أهم التطورات الداخلية والخارجية في المملكة العربية السعودية، وكذلك القضايا المصرية، كما تناولها الإعلام السعودي خلال الفترة من 3 إلى 11 يونيو 2016، وذلك على النحو التالي:

أولاً: حدث الأسبوع: خطة 2020:

كانت خطة “التحول الوطني 2020” التي أقرها مجلس الوزراء السعودي يوم الإثنين 6 يونيو 2016، هي الحدث الأهم في وسائل الإعلام السعودية، خلال الأسبوع المنصرم، بعد عقد سلسلة من المؤتمرات الصحفية لعدد من الوزراء، استغرقت جانبًا مطولاً من الأسبوع، حيث عقد مجلس الوزراء السعودي، يوم الإثنين 6 يونيو جلسة أقر فيها ما عُرِف بـ”خطة أو برنامج التحول الوطني 2020″؛ ركزت، بحسب وكالة الإعلام الرسمية “واس”، والصحف والمصادر السعودية الأخرى، على التحديات وتطوير المبادرات الداعمة، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية، والإجراءات التنفيذية الخاصة بها.

وأول ملاحظة في هذا الصدد على وسائل الإعلام السعودية، هو أن خطة التحول الوطني، قد استُبدِلَت بـ/ أو وضعت جنبًا إلى جنب مع “رؤية المملكة 2030″، في بعض المصادر، وصار لها ملفات خاصة وعناوين جديدة في المصادر السعودية، بينما الخطة الجديدة هي ضمن الإجراءات التنفيذية للرؤية في الأصل.

كما تراجع الحديث عن دور الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، ووزير الدفاع، باستثناء صحيفة “عكاظ” التي أبرزته في صدر تغطياتها، باعتباره المسؤول الأول عن الخطة الجديدة والرؤية بالكامل. في المقابل، تم تحسين صورة الحكومة السعودية – التي يقودها العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز – وباتت الآن تتصدر الصورة باعتبارها الإطار التنفيذي لخطة التحول الوطني.

وفي التفاصيل، ذكرت وسائل الإعلام السعودية أن خطة أو برنامج التحول الوطني 2020، تستهدف توفير نحو 450 ألف وظيفة في القطاع الخاص، ويحدد نحو 24 جهة حكومية لتنفيذه، ويؤسس لبنية تحتية قوية، وأن القطاع الخاص سيمول 40%، من الإنفاق الحكومي على البرنامج الجديد، والذي يصل إلى حوالي 270 مليار ريال؛ حيث يتضمن البرنامج 534 مبادرة يبدأ تنفيذها من العام الجاري، وتصل تكاليفها الإجمالية على الحكومة السعودية بحلول العام 2020م، إلى هذا الرقم (1).

كانت صحيفة “الرياض”، من أهم المصادر التي عملت على وضع “تسويق” مستقل لخطة التحول الوطني عن الرؤية. ونقلت الصحيفة تصريحات لمختصين وخبراء اقتصاديين، أن موافقة مجلس الوزراء على برنامج التحول الوطني، كـ”أحد برامج رؤوية المملكة 2030″، هو بداية الانطلاقة نحو تغيير شامل للاقتصاد المحلي “المؤثر على اقتصاديات العالم”، مبينين أن من أهم الأهداف التي سيحققها هي الحد من البطالة والمشاركة الفاعلة للمرأة في سوق العمل، وحل أزمة الإسكان، وتعزيز المساهمات الاقتصادية، إلى جانب تطوير الأنشطة الثقافية والترفيهية والسياحية، والخروج من دائرة الاقتصاد الريعي(2).

واستمرت الغالبية من المصادر الورقية السعودية التي تصدر في الداخل، وكذلك في لندن، في تضمين البرنامج الجديد ضمن ملفات رؤية 2030م.

ويُلاحظ أن برنامج التحول الوطني، قد ضم في طياته أهم مستهدفات “رؤية السعودية 2030″، وعلى رأسها قضية التحول عن الاقتصاد الريعي النفطي، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى توظيف حوالي نصف مليون مواطن كما تقدم، وبالتالي؛ فإنه من غير المنطقي الإعلان عن أن ذلك سوف يتم في غضون أربع سنوات فحسب؛ بينما من المخطط له سلفًا أن يستمر – بالذات خطة التوظيف – حتى العام 2030م.

ومن ثَمَّ؛ فإن هناك باعث سياسي لهذا الإعلان عن برنامج التحول الوطني الجديد، والترويج المكثَّف الإعلامي المكثف له، وقد يكون متعلقًا بأوضاع سياسية داخلية لدى النظام السعودي، أراد التغطية عليها، من خلال حدث إعلامي قوي يرتبط بقضية التنمية وتحسين مستوى معيشة المواطن، في ظل تقارير خارجية عديدة عن عدم قناعة المواطن السعودي بجدية أو جدوى ما يتم الإعلان عنه من قرارات. ومن بين مؤشرات ذلك، كانت هناك بعض المواد الترويجية للإجراءات الحالية التي تتبناها الحكومة السعودية، وإثبات جديتها وجدواها، حرصت بعض وسائل الإعلام السعودية على تقديمها.

ومن بين ذلك شهادات من هيئات ومؤسسات دولية، تشيد بكفاءة عملية التحول والإجراءات التنفيذية للرؤية.

فنجد – على سبيل المثال – تقريرًا لصحيفة “الشرق الأوسط”، بعنوان: “صندوق النقد: الإصلاحات في السعودية تتسارع بوتيرة كبيرة”(3)، نقلت فيه عن مارتن سومر، نائب مدير إدارة الشرق الأوسط ووسط آسيا بصندوق النقد الدولي، قوله إن الإصلاحات التي تشهدها السعودية “تتسارع بوتيرة كبيرة”، وأن العناصر التي وردت في الرؤية “تُعد طموحة وترفع التوقعات على المدى المتوسط وتزيد من فرص العمل”.

سومر أعد دراسة حول “التعايش مع أسعار نفط منخفضة”، أكد فيها على أن تذبذب الأسعار سيكون هو الملمح الأهم للسوق النفطية العالمية في الفترة المقبلة، وخصوصًا في حال عودة إيران إلى السوق.

وقد يكون الجانب السياسي يتصل بقلق بعض الأوساط السعودية المتنفذة من النفوذ المتزايد للأمير محمد بن سلمان؛ فكان طرح خطة التحول الوطني في الإطار الحكومي الجماعي الذي تم. ويعضد ذلك، الحملة المحمومة لصحيفة “عكاظ” التي تدعم الأمير محمد بن سلمان، لإعادته إلى الواجهة، بخلاف تجاهل الصحف الأخرى له.

وهنا نجد أن الصحيفة قد صدرت صفحتها الإلكترونية بمقالَ وتقرير حملا صورًا كبيرة للأمير محمد بن سلمان، مستعيدة الصحيفة فيهما، ما سبق أن أكد عليه في صدد ضرورة تحرر الاقتصاد السعودي من أسر النفط، وضرورة مواجهة التحديات الدولية الراهنة في السوق النفطية، وعلى مستوى الاقتصاد العالمي بشكل عام.

اللافت أن التقرير الذي حمل عنوان: “«التحول» .. ليس بالنفط وحده يحيا السعوديون”(4)، كان لرويترز بالكامل، وبالتالي، فقد كان خلوًا من ذكر الأمير محمد بن سلمان، ولكن تم تصديره بصورته.

نفس الأمر في المقال، الذي حمل عنوان: “إقراره ضمان قوي لتحقيق «رؤية 2030».. «التحوّل الوطني».. احترافية وجرأة في مواجهة التحديات”(5)؛ حيث لم يذكر الكاتب أي شيء عن الأمر محمد بن سلمان، ولكن المقال حمل صورته باعتباره رمزًا للرؤية والبرنامج الجديد، كما ذكر بعض من علقوا على المقال.

ثانياً: تطورات السياسة الداخلية:

1- قضايا اقتصادية ذات طابع سياسي:

ثمة مجموعة من التطورات في المجال الاقتصادي ذات عمق أو بُعد سياسي، تواترت على هامش موضوع إطلاق مشروع التحول الوطني. من بين أهم هذه الملفات طرح أسهم شركة “أرامكو” للاكتتاب العام؛ حيث نقلت المصادر السعودية تقريرًا موجزًا عن “رويترز”، يقول إن بنوك الاستثمار “في عواصم العالم” قد “تحولت لخلايا نحل للمشاركة في الاكتتاب بأسهم “أرامكو” السعودية باعتباره بوابة لصفقات مجزية متوقعة من خطة إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي وبرامجها التنفيذية”.

واستخدمت المصادر السعودية عبارات وكلمات ذات مدلول في هذا الصدد مثل أن هذه البنوك “تهرول” نحو الفرص السعودية “لأنها طوق نجاة من التباطؤ الاقتصادي العالمي الذي قصم أرباحها”. ويجمع مسؤولو تلك البنوك على أنه لو قررت السعودية بيع 1% فقط من أسهم أرامكو فسيكون أيضًا أكبر اكتتاب عام على مستوى العالم.

وفي الملف المتعلق بموضوع الإسكان، الذي بات ملفًّا سياسيًّا؛ ذكرت “عكاظ”، أن خطة 2020 سوف تعمل على رفع نسبة تملك السكن إلى 52 بالمائة، مستعرضة المبادرات التي طرحتها وزارة الإسكان لحل أزمة السكن، الأربعاء 8 يونيو(6)، والتي بلغ عددها 21 مبادرة، من أبرزها فرض رسوم على الأراضي البيضاء، والسعي إلى الاستفادة من المطورين الأجانب، لبناء 150 ألف وحدة سنويًّا على الأقل، لزيادة المعروض، وتقليص تكاليف الإنشاء، وتوفير 101 ألف وحدة سكنية لذوي الضمان الاجتماعي.

ولعل أهم ما في الأمر، هو موضوع لائحة الأراضي البيضاء التي يملك أمراء الأسرة السعودية غالبيتها (في مصر تُعرف بأراضي التسقيع) وتحوي اللائحة على 18 مادة، وتستهدف تطبيق الرسوم على أربع مراحل، الأولى للأراضي غير المطورة بمساحة 10 آلاف متر مربع فأكثر والواقعة ضمن النطاق الذي تحدده الوزارة، أما المرحلة الثانية، فتضم الأراضي المطورة العائدة لمالك واحد بمخطط معتمد واحد، ومجموع مساحتها يزيد على 10 آلاف متر مربع. المرحلة الثالثة، تخص الأراضي المطورة العائدة لمالك واحد في مخطط معتمد واحد، ومجموع مساحتها يزيد على خمسة آلاف متر مربع، فيما تأتي المرحلة الرابعة للأراضي المطورة العائدة لمالك واحد في مدينة واحدة، ومجموع مساحتها يزيد على 10 آلاف متر مربع.

2- ملف الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد:

منذ فترة يتفاعل في الإعلام السعودي قضية الرقابة على الأجهزة الحكومية ومكافحة الفساد، وما يتضمنه في صدد عملية الإصلاح الإداري. وكان طرح رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، بمثابة فرصة لمناقشتها بشكل أكثر علنية.

ومن بين المقالات المهمة في هذا الصدد، مقال بعنوان: “المهمات الصعبة لجماعات الإصلاح الإداري”(7)، للكاتب عبد العزيز المحمد الذكير، وبالرغم من أنه لم يخصص في هذا الموضوع على الحالة السعودية، وتناول فيه بعض تجارب الدول الأخرى في مجال الإصلاح الإداري؛ إلا أنه أكد على أنه أحد أهم الخطوات المطلوبة لتحقيق النهضة الاقتصادية والنقلة التنموية المطلوبة، باعتبار أنه من أهم المعوقات التي تقف أمام مشروعات التنمية المختلفة.

مقال آخر بقلم نجوى هاشم، كان أكثر صراحةً ومباشرةً في تناوله للقضية؛ حيث حمل عنوان: “حوكمة رؤية المملكة 2030.. ممكن لإدارتها الفاعلة”(8)، ويعلق كاتبه، طلعت بن زكي حافظ، على إعلان المملكة عن نظام حوكمة وضعه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، لتحقيق “رؤية المملكة 2030″، ويوفر الضمانات لتفعيل مأسسة عمل الرؤية، والرفع من كفاءة الأداء، وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة بتنفيذ الرؤية بما يُمكِّن المجلس من المتابعة الفاعلة للتنفيذ.

3- ملف الإخوان المسلمين والإسلام السياسي:

كان هذا الأسبوع يحمل الكثير كما هو المعتاد عن الإخوان المسلمين و”المتأسلمين” كما يحلو لبعض كُتَّاب المقال السعوديين أن يصفوا الإسلام السياسي وتياراته. كما لم يخلُ كذلك من مقالات تتناول ملف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي بات يحمل بعض المحاذير في تناوله، في ظل – كما هو ملموس من اتجاهات تناول المؤسسة الدينية الرسمية بمختلف فروعها – توجيهات بعدم توجيه انتقادات علنية للمؤسسة الدينية الرسمية، وخصوصًا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد أزمة سحب مجلس الوزراء للصلاحيات التنفيذية منها.

في البداية، نقرأ مقالاً لعلي القاسمي، في “الحياة” اللندنية بعنوان: “«مطوع»!”(9)، ينتقد في المجمل العام القدسية الممنوحة لهذه الفئة من أبناء المجتمع السعودي، ممن يعملون في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويركز في تناوله على أن المملكة والمجتمع السعودي يتحملون في صورتهم الذهنية أمام الآخر، المشكلات التي يرتكبها بعض المنتمين إلى هذه الفئة.

ويقول في هذا الصدد:

“نتحمل نسبة كبرى من منح هذه الكلمة هالة سعودية خالصة، نطير مع أي خطأ يأتي منها، ونعتبره ضربة قاصمة وفعلاً استثنائياً خطراً ينذر بكارثة ويبعث فينا كمية من الشكوك على هذا القسم، الذي يجزئ المجتمع إلى قسمين: فئة مزكاة، وقسم بلا اسم دارج، سوى أنه في المنطقة المضادة للقسم الأول. العاطفة والهوس بالمظاهر والقدرة البارعة في إقناع المجتمع بالتحول من القاع للقمة في زمن بسيط وقفت ثلاثية شهيرة للصمت أمام أصحاب شهادات التزكية الاجتماعية من دون تمريرهم على أي مسطرة، وتوقع أنهم مثلنا بالضبط يخطئون ويصيبون، ينامون ويستيقظون، أهواؤهم كأهوائنا، ولا يعلم سرائرهم وسرائرنا إلا الله”.

أما محمد علي المحمود، فقد كتب في “الرياض” عن “موقف الإسلاميين من دعوات التطور”، المقال حمل عنوان: “المتطرفون الانغلاقيون والاتهام بالتغريب”(10)، ويقول فيه كاتبه إنه من المفترض أن من ينتمي إلى التيار الديني، أن يكون على أكبر قدر ممكن من التجرد من الدنيوية، مع عدم حيلولة ذلك، دون تحقيق طموحات ذاتية مشروعة بطبيعة الحال، ولكنه يعيب على “الإسلاميين” طلبها بوسائل “زائفة”، وهي توظيف الدين بمعنىً أدق. ويقول في ذلك:

“إن طلب الأغراض الدنيوية المشروعة بوسائل نزيهة ليس أمرا مشروعا فحسب، بل هو مطلوب، إذ هو داعم لحركة النمو العام التي يستفيد منها الجميع في النهاية. في المقابل، طلبها بوسائل مزيفة جريمة تستحق العقاب، فكيف إذا كان هذا التزييف يتم باسم الدين وبلغة الدين؟!”.

ويضيف من واقع السياسة الداخلية في المملكة:

“لقد رأينا كيف أن بعضهم حاول أن يضع له صوتا في الساحة الدينية/الاجتماعية بالمشاكسة والاعتراض على القرارات الحكومية ذات الطابع الانفتاحي؛ ليصنع لنفسه زعامة جماهيرية تُضاف إلى منصبه الحقيقي أو الرمزي. وآخرون أرادوا احتلال هذه المكانة ذات البعد الجماهيري بافتعال معارك مع كل جديد من الأفكار والفعاليات، باسم الدين تارة، وباسم الذود عن الأخلاق تارة أخرى. وفي كل مرة، يتوسلون إلى ذلك بوصم مخالفيهم بمخالفة صريح الدين، أو بتدنيس حرم الأخلاق، زاعمين أنهم يعكسون جانب الأصالة في الأمة، وأن مخالفيهم يعكسون حالة التغريب؛ حيث الغزو والاختراق”.

ناصر الحزيمي، تناول في مقال في “الرياض”، بعنوان: “الراديكالية العمياء”(11)، كذلك قضية حمل السلاح، واللجوء إلى العنف باسم الدين من جانب بعض الأفراد والجماعات. الحزيمي تناول القصة التاريخية الشهيرة بين الإمام علي بن أبي طالب “رَضِيَ اللهُ عنه”، وبين الخوارج، ولكن الإشارات التي احتواها المقال قريبة من الواقع الراهن المتعلق بموقف الإعلام السعودي الموجه، من التنظيمات السلفية الجهادية.

ثالثاً: تطورات السياسة الخارجية:

1- السعودية وقائمة الانتهاكات في اليمن:

انتهى الأسبوع بحدث إعلامي كبير شغل الأوساط الإعلامية السعودية والدولية، وهو سحب الأمم المتحدة اسم التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في اليمن، من القائمة السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال في مناطق الصراعات، وهو ما قيل إنه وقع تحت ضغوط بتهديدات نفتها السعودية، بقطع التمويل عن وكالات الأمم المتحدة. الخطوة انتقدتها منظمة العفو الدولية، ومنظمات حقوقية دولية أخرى، وقالت إنها تفت في عضد مصداقية الأمم المتحدة. التقرير حمل السعودية مسؤولية مصرع 510 أطفال وإصابة 667 آخرين، كما اتهم التحالف، الذي يضم 9 دول عربية واسلامية أخرى، بالوقوف وراء نصف عدد الهجمات التي تعرضت لها المدارس والمستشفيات في اليمن.

2- الحرب في سوريا:

عادت الحرب في سوريا، وللأسبوع الثاني على التوالي لواجهة الحدث الخارجي في الإعلام السعودي، في ظل مفصلية معارك حلب ومحيط الرقة، والتي بدا التنسيق “الكبير” فيها بين واشنطن وحلفائها على الأرض، وموسكو وحلفائها على الأرض.

على المستوى الإخباري، كان الاهتمام الرئيسي يتعلق بتقدم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًّا، في منبج، في حلب، بالإضافة إلى عمليات هذه القوات التي يشكل الأكراد عمودها الفقري، وعمليات الجيش السوري، حول الرقة، المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة “داعش” في سوريا والعراق. وكان من الملاحظ أن وسائل الإعلام السعودية قد خلت من أية مصطلحات سلبية في وصف الجيش السوري، أو الرئيس السوري، بشار الأسد، وكان من المفترض أن خطاب الأخير أمام مجلس الشعب الجديد في سوريا، سيكون محل انتقادات أو ما شابه، ولكن هذا لم يتم، حتى في مقالات الرأي.

فيما يتعلق بتقييم الحدث، كان أهم تقييم هو ما طرحه عبد الوهاب بدرخان، في “الحياة” اللندنية، بعنوان: “هدف روسيا: اجتذاب أميركا إلى تصفية المعارضة «المعتدلة»”(12). لخص بدرخان المشهد العام الراهن في الميدان السوري، والسياسات الروسية وأهدافها في عبارة مهمة، وهي:

“فيما يشكّل تنظيم «الدولة الإسلامية/ داعش» عنواناً لتغطية التدخّل الأميركي (والبريطاني) كلياً، والروسي جزئياً، فإن موسكو بادرت منذ غاراتها الأولى (آخر ايلول/ سبتمبر 2015) إلى إبراز «جبهة النصرة» كعنوان رئيسي آخر لتدخلها، لكنها استخدمته تحديداً للتعمية على استهدافاتها الحقيقية: كل الفصائل المعارضة التي تقاتل نظام بشار الأسد”.

بدرخان ومحللون آخرون رأوا أن روسيا نجحت في التأكيد على أن تدخلها في سوريا أسقط الخيار العسكري للمعارضة، وأن هزيمة النظام وإيران، لم تعد هدفًا ممكنًا، وأن الحل السياسي ينبغي أن يخضع لميزان القوى العسكري، وبهذا المعنى فإن الحكومة الانتقالية والانتخابات المبكرة هما المخرج الوحيد المتاح للمعارضة السورية، ولداعميها. ويفسر هؤلاء العملية الجوية الواسعة فوق حلب منذ فترة لدفع واشنطن للضغط على حلفائها للقبول باستسلام لصيغة الحل السياسي الذي تفرضه موسكو.

3- الحرب في اليمن:

ركز الإعلام السعودي على مشروع قيل إن الرياض قدمته في مفاوضات الكويت الحالية بين الحوثيين والحكومة اليمنية، للتهدئة وتنسيق وقف إطلاق النار في اليمن، ونقلت وسائل الإعلام السعودية أن “الأطراف المعنية وافقت عليه من دون قيد أو شرط”. وينص المشروع، على أربعة بنود، هي: إيجاد الهيكل التنظيمي للجان التهدئة ووقف إطلاق النار، وتشكيل فرق ميدانية في عدد من الجبهات في كل محافظة، وربط فرق التهدئة على مستوى الجبهات، وتحديد مسافات فاصلة وآمنة على أرض الميدان. كما ذكرت المصادر السعودية أن الرياض سوف تقدم مليون ريال لمشروع وقف إطلاق النار في سبعة محافظات يمنية.

4- الملف التركي:

بجانب التغطيات الإخبارية للحدث الأمني المتواتر في تركيا، بعد تفجيرات إسطنبول وماردين؛ استمر الهجوم على تركيا وشخص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخصوصًا في الإعلام اللندني، مثل “الحياة” و”الشرق الأوسط”، بالإضافة إلى موقع “إيلاف”. الكاتب الكردي هوشنك أوسي، كتب في “الحياة” اللندنية(13)، يقول:

“بات في حكم المفروغ منه أن رجب طيب أردوغان وطاقمه الإسلامي الحاكم في تركيا يمارسان في حق الأكراد سياسات تتجاوز ما مارسته الحكومات العلمانيّة الأتاتوركيّة من «إرهاب دولة» منظّم، منذ منتصف العشرينات وحتى نهاية التسعينات. والفارق بين حكومة «العدالة والتنمية» الإسلامي والحكومات القوميّة والعلمانيّة السابقة، أن الأوّل يتاجر بالدين والحديث عن العدالة والديموقراطيّة، وأنه يزعم أنه قدّم للأكراد تنازلات ومنَّنهم بإعادة جزء من حقوقهم إليهم بوصف ذلك «فتحاً» ديموقراطياً مبيناً”.

إلا أنه يعيب على حزب العمال الكردستاني سياساته، التي قال إنها تخدم سياسات الحكومة التركية ضد الأكراد، وشبَّه سياسات الحزب، بسياسات “حزب الله” اللبناني، فيقول:

“هذا السلوك التدميري اللامسؤول، يتقاطع تماماً مع سلوك «حزب الله» اللبناني حين اختطف جنديين إسرائيليين، وكان ما لحق بلبنان وشعبه من حرب ودمار جراء ذلك. ثم أتى تصريح حسن نصر الله الذي ذكر فيه أنه لو كان يعرف بأن عمليّة الاختطاف ستجلب كل هذا الخراب على لبنان، لما فعل ذلك”.

ويختم مقاله بالقول:

“يبدو أن أردوغان وحكوماته يلزمهم من يؤجج الحرب من بين الأكراد أكثر من حاجتهم إلى المتطرّفين الأتراك. وأصوات كصوت أوجلان وكل من يدعو للسلام ويحذّر من مخاطر الحرب وتبعاتها، لا تجد آذاناً صاغية لدى أردوغان وأعوانه. وعليه، فحاجة إسرائيل لتنظيمات مثل «حزب الله» و «حماس» هي نفسها حاجة أردوغان إلى «الكردستاني»”.

لم يقف الأمر عن هذا المستوى؛ حيث إن جورج سمعان، في “الحياة” كذلك(14)، أشار إلى أن التعقيدات السياسية التي تفرضها إيران في معركة الفلوجة، تتشابه مع التعقيدات السياسية التي تفرضها تركيا في معركة حلب – كلاهما ضد تنظيم “داعش” – وأن كلا الطرفَيْن، إيران وتركيا، يتحملان مسؤولية عدم نجاح الحملات العسكرية الرامية إلى طرد “داعش” من سوريا والعراق. وردد سمعان صراحة ما تقوله روسيا في صدد اتهام تركيا بدعم تنظيم “داعش”؛ حيث يقول:

“بات واضحاً أن واشنطن لا تقيم وزناً لغير الحرب على الإرهاب. وهي تلقي بثقلها لإنهاء وجود «داعش» شمال سورية. أولاً لإقفال أبواب الحدود التركية، من جرابلس إلى أعزاز، أمام انتقال عناصر التنظيم ذهاباً وإياباً، ووقف الدعم المالي واللوجيستي. وثانياً لتسهيل المعركة الدائرة لتحرير مدينة الرقة، عاصمة «خلافة أبي بكر البغدادي». من هنا، أهمية المعركة الدائرة في منبج لطرد التنظيم منها واستكمال تطويقه. وهي معركة تزيد سوء التفاهم بين واشنطن وأنقرة تعقيداً”.

ويختم بأن يتهم كلاًّ من إيران وتركيا بالتسبب في زعزعة استقرار المشرق العربي، وأن ذلك يصب في مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى:

“كسب المعركة في الفلوجة والرقة لا ينهي الحرب، ولا يثمر تفاهماً بين واشنطن وموسكو يوقف الفوضى والانهيارات في المشرق العربي. ولا ينهي طموحات كل من تركيا وإيران. بل إن سياسة هاتين الدولتين زرعت وتزرع مزيداً من الألغام في طريق الحرب على الإرهاب بالنفخ في نار الصراع المذهبي… هنيئاً لإسرائيل هذا الهدوء وهذه السكينة فلا رياح تعاكس سفينة نتانياهو وليبرمان!”.

أما جهاد الخازن، فقد كتب تحت عنوان: “أردوغان ينكر مجزرة الأرمن”(15)، يعلق على قرار البرلمان الألماني “البوندستاج”، بالاعتراف بما يُعرف بمجزرة الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، عام 1915م، والتي نُسِبت إلى الدولة العثمانية، ورد فعل تركيا الغاضب إزاء ذلك. الخازن يعرض بعض “الوقائع” التاريخية التي أراد منها التأكيد على مسؤولية الدولة العثمانية في هذا الصدد، والتعريض بمواقف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ضد ألمانيا، والتي بدأت بسحب السفير التركي من برلين.

5- ملف الإسلام السياسي والربيع العربي:

استمرت تداعيات تحولات “حركة النهضة الإسلامية” التونسية في أثرها على الإعلام السعودي، ضمن الإطار العام لملف الإسلام السياسي والربيع العربي، الذي صار بندًا مستقرًا ودائمًا في الوسائط السعودية.

“الشرق الأوسط” اللندنية، كانت الأكثر اهتمامًا في هذا الصدد، وتحت عنوان: “«العدالة والتنمية» و«النهضة».. الأولوية السياسية”، نشرت “الشرق الأوسط” مقالاً للكاتب الدكتور خالد يايموت، يوم 6 يونيو، قدم قراءة في استراتيجيتَيْ الحزبَيْن المغربي والتونسي(16).

التقرير مال إلى استخدام لغة إيجابية في التعبير عن تجربة كلا الحزبَيْن، وقال، إن هناك صدقية فيما يؤكده “العدالة والتنمية”، وكذلك حركة النهضة، من أنهما حزبان بمرجعية إسلامية، وأنهما تنظيمان إصلاحيان ديمقراطيان يؤمنان بالتداول والمواطنة والتشاركية في السلطة، من دون إقصاء أي تيار سياسي؛ حيث جاء سلوكهما السياسي أقرب لأدبياتهما منه لمزاعم خصومهما الأيديولوجيين. وختم يايموت، وهو أستاذ للعلوم السياسية في جامعة محمد الخامس بالرباط، بالقول:

“ورغم أن «العدالة والتنمية» وحركة «النهضة» لم يحققا الكثير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي في المغرب وتونس، فإنهما تمسكا فعلا بمنهج الشراكة الوطنية، ونبذا احتكار السلطة، ومدا اليد لمختلف التيارات السياسية الشرعية، وتحاشيا الاصطدام مع المؤسسات الممسكة بالدولة تاريخيا، وبرز وقوفهما الحازم ضد الفكر والتنظيمات الإرهابية. كل ذلك ساهم بشكل حاسم في الحفاظ على استقرار بلدي الحزبين، كما أدى ذلك إلى توسيع هامش الحريات العامة وتعزيز حقوق الإنسان، في دولتين تبحثان عن بناء دولة ديمقراطية حديثة، وترفضان الانزلاق نحو الحروب الأهلية الدموية”.

على العكس تمامًا من هذه الرؤية الإيجابية، نشرت الصحيفة مقالاً للكاتب هاني نسيرة، بعنوان: “داعش: انقلاب «التلميذ» على «الأستاذ»”، تناول فيه المقولات الأساسية التي يطرحها تنظيم “داعش”، وكيف تعرف هذه النوعية من التنظيمات التكفيرية، الانقسامات التي تقود إلى اقتتال داخلي فيما بينها(17). ويتناول في ذلك تجربة أبو عبد الله المنصور، الملقَّب بـ”أمير جيش المجاهدين”، الذي كان أول مَن استقبل أبو مصعب الزرقاوي في العراق، عام 2003م، ومَن قدمه لجماعته، وكان تنظيمه هو أول تنظيم انضم له أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم “داعش”، وبايعه في أواسط العام 2005م، قبل أن ينقسم البغدادي عليه، مع أبو محمد الجولاني، أمير “جبهة النصرة”.

ووصل الأمر إلى حد محاولة اغتيال المنصور في سوريا، من جانب البغدادي، ورفض الجولاني ذلك، مبررا هذا بأن شيوخ “القاعدة” لا يكفِّرون المنصور، فكان فصم العلاقة بين “داعش” و”النصرة”، ومن ثَمَّ؛ بين “داعش” وأصله، “القاعدة” وقادتها.

في ذات الإطار، قضية الفكر المتطرف وما يتصل به في شان مكافحة الإرهاب، نشرت صحيفة “الوطن” السعودية خبرًا نقلاً عن مصادر لم تسمها(18)، أن دول مجلس التعاون الخليجي “تتجه” إلى إنشاء مركز تدريبي للأئمة والخطباء، بهدف مواجهة التطرف والإرهاب. وكشفت هذه المصادر أن مقترح إنشاء المركز نوقش خلال اللقاء التنسيقي المشترك لوزارتَيْ الشؤون الإسلامية السعودية والكويتية، كما طرح في اجتماع اللجنة الدائمة للشؤون الإسلامية بدول مجلس التعاون أخيرًا.

6- الملف الإيراني وأزمة الحج:

“إيران تعيث فسادًا في الأرض”.. هذا هو الملخص المعتاد للإعلام السعودي حول السلوك الإيراني في المنطقة، ولكن في التفاصيل، كان هناك أمران ركز عليهما الإعلام السعودي، فيما يخص هذا الفساد الإيراني في الأرض.

الأمر الأول: أزمة موسم الحج، بعد إعلان إيران عن عدم إرسال حجاج هذا العام، بسبب رفض السعودية مطالب إيرانية بإقامة شعائر مستحدثة، مثل “طقوس البراءة من المشركين”، والتي تقود إلى مشكلات وتحرشات مع بعض الحجاج السُّنَّة. التوصيف الذي يقوله الإعلام السعودي في هذا الصدد، هو “تسييس العبادات”، وتحت هذا العنوان، كتب رشيد بن حويل البيضاني، في “عكاظ”، يقول(19):

“شهدت الساحة أخيرا بعض الادعاءات الباطلة من قبل إيران التي تزعم فيها منع حكومة خادم الحرمين الشريفين الحجاج الإيرانيين من أداء فريضة الحج لهذا العام، في محاولة خبيثة، وهذا أسلوب الساسة في إيران لتشويه صورة المملكة، وإثارة الرأي العام ضدها، وما يترتب على ذلك كله من تداعيات (..) لعل الملالي في إيران يدركون أن الحج فريضة دينية، وليست خيارا سياسيا، وإن كان لهم رأي آخر، فليوجهوا قبلتهم إلى «قم»، ويفعلوا بها ما يشاءون، وآمل ألا يكونوا ممن قال الله تعالى فيهم: «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا»”.

الأمر الثاني: يرتبط بمعركة الفلوجة؛ حيث اهتم الإعلام السعودي بتقارير الأمم المتحدة حول جرائم ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية، ضد السُّنَّة من أبناء المدينة، وما تم تداوله في صدد تعيين الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، مستشارًا للحكومة العراقية، بالرغم من أنه لم يتم تأكيد الخبر.

وبينما قال راشد صالح العريمي تعليقًا على دور سليماني في العراق(20)، إنه في اللحظات التي كانت تشهد الاستعداد لتحرير مدينة الفلوجة العراقية من قبضة تنظيم “داعش”، ظهر قاسم سليماني ظهورًا سريعًا على أطراف المدينة العراقية المبتلاة بالنكبات منذ عقد ونصف العقد تقريبًا، تاركًا وراءه سُحُبًا من التوتر والتوجس والغضب الذي حوَّل جزءًا من المناقشة الدائرة حول تحرير الفلوجة نحو الحديث عن هذا الظهور المنذر بالشرور؛ فإن محمد علي فرحات(21)، يقول إن “تحرير الفلوجة” يبدأ من إزاحة النفوذ الإيراني من العراق، في ظل ازدياد وتيرة التنفذ الإيراني في العراق.

رابعاً: القضايا المصرية في الاعلام السعودي:

استمرت الصحف ووسائل الإعلام السعودية، عدا بعض الصحوية منها، في التأكيد على أن العلاقات المصرية السعودية في أفضل أوضاعها، بالرغم من بعض العوارض

1ـ قانون التظاهر:

اهتمت وسائل الاعلام بتصريح المستشار مجدى العجاتي، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب المصري، تكليفه من قِبَل المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بتعديل قانون تنظيم حق التظاهر، وما قاله العجاتي من أن القانون “سيراعي أن تكون التعديلات متفقة مع الحق الدستوري في التظاهر السلمي، وما يضمن تعزيز الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور الجديد، مع الالتزام بالمحافظة على سلامة منشآت الدولة”.

مصادر سعودية أبرزت أنه من المقرر أن يشمل قانون تعديل التظاهر ألفَيْ معتقل تم الزج بهم في السجون على إثره منذ أكتوبر من العام 2013م، وحتى العام الجاري، وفقًا لمصادر أمنية وقضائية مصرية.

2ـ سلطان السامعي:

الحدث الثاني محل الاهتمام، كان منع السلطات المصرية في مطار القاهرة، دخول النائب البرلماني اليمني، سلطان السامعي، إلى مصر، ونقلت صحف سعودية أن السامعي هو مؤسس الميليشيات الحوثية في محافظة تعز، ومسؤول الشبكة المالية الإيرانية في اليمن؛ إذ كانت إيران قد قدمت له مبالغ مالية كبيرة لتأسيس قناة تلفزيونية باسم قناة “الساحات” “تستهدف أمن واستقرار اليمن والمنطقة ويشغل منصب رئيس مجلس إدارتها”.

3- تسريبات الثانوية العامة:

كانت محل اهتمام الصحف والمصادر السعودية على المستوى الإخباري، وكذلك على مستوى التعليق المقالي. ونشرت “الحياة” اللندنية، يوم 7 يونيو، مقالاً لسمير السعداوي(22)، مقالاً حول هذه الظاهرة التي وقعت في مصر والجزائر والمغرب، ودول عربية أخرى، وأكد فيه الكاتب أن الخطوة “مريبة”، وقد تكون “مؤامرة تستهدف الأمن القومي لهذه الدول”. وقال إن الأمر اتخذ ابعادًا خاصة في مصر والجزائر، وصلت إلى حد وصف رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال، عملية تسريب اسئلة البكالوريا (الشهادة الثانوية) بأنها “مساس بالأمن القومي”، فيما صنفت أوساط الرئاسة الأمر بـ”المؤامرة”، واتهمت “الإسلاميين” بتدبيرها، للنيل من وزيرة التربية نورية بن غبريط، التي طالبت اوساط الاسلام السياسي بإقالتها على خلفية “إصلاحات” باشرتها في قطاع التربية والتعليم أثارت استياء التيار المحافظ في الجزائر.

وقال إن الأوساط الرسمية في مصر، لم تبتعد عن هذا الموقف في تصنيفها تسريبات تعلقت بأسئلة امتحان الثانوية العامة، وذلك على اعتبار ان المقصود بذلك الايحاء بأن الدولة عاجزة عن تأمين سير الامتحانات.

وأيد الكاتب ذلك، وأشار إلى أنه من ضمن مخطط دولي لإسقاط الدولة في العالم العربي، على النحو الحاصل في سوريا واليمن وليبيا، ومن بين ذلك ضرب التعليم.

4- الأحداث الاقتصادية في مصر:

وخصوصًا ما يتعلق بالعلاقات بين البلدَيْن، كان لها نصيبها من التغطيات الإخبارية في الإعلام السعودي، ومن بينها المحادثات التي جرت بين وزيرة التعاون الدولي المصرية، سحر نصر، مع مسؤول برامج التعاون مع مصر في “بنك التنمية الأفريقي” في القاهرة، براجاش باكتا، ومسؤول ملف المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، واساكي بودلي، بشأن دعم تمويل تطوير العشوائيات في مصر بقيمة 300 مليون دولار.

وفي ذلك أيضًا، نقلت صحف سعودية تصريحات عضو جمعية مستثمري جنوب سيناء، عاطف عبد اللطيف، في صدد مشاركة عدد من المستثمرين السعوديين في إقامة مشروعات “ضخمة” في المناطق السياحية السيناوية، بما لا يقل عن نحو مليار جنيه مصري (حوالي 110 ملايين دولار). كما أشار عبد اللطيف إلى أنه سيتم طرح فكرة إنشاء شركة أتوبيسات نقل سياحي بين المملكة ومصر، لخدمة السياحة الدينية والزيارات العادية بين البلدَيْن.

فيما يخص العلاقات الاقتصادية بين البلدَيْن أيضًا، نشرت “عكاظ” خبرًا خاصًّا بها(23)، يتعلق بأن وزيرة الاستثمار في الحكومة المصرية، داليا خورشيد، ستسعى خلال الفترة القادمة، إلى حل مشكلات المستثمرين السعوديين بإعادة هيكلة لجان فض المنازعات في الوزارة، وإعداد حصر متكامل وشامل للمشكلات التي تواجه المستثمرين السعوديين والعرب، بهدف التوصل إلى حلول “سريعة وفعالة في أقرب وقت ممكن”.

لكن على عكس هذه الصورة المتفائلة موقع “الإسلام اليوم”، نشر تقريرًا موسَّعًا حول الحالة الاقتصادية المصرية(24)، علق فيه أولاً على تقرير صدر عن البنك المركزي المصري، الخميس، 9 يونيو، بشأن ارتفاع ديون مصر الخارجية إلى 53.4 مليار دولار في العام 2016م. وقال تقرير للبنك عن مؤشرات الاقتصاد المصري، إن الدين الخارجى المستحق على مصر، ارتفع بمعدل 11.2%؛ حيث بلغ 53.4 مليار دولار، في نهاية شهر مارس الماضي، مقارنة بـ48.1 مليار دولار في نهاية يونيو 2015م، بارتفاع قدره 5.4 مليار دولار.

كما أعلن البنك أن معدلات التضخم الأساسية في مصر، وفقًا لمؤشرات البنك على المستوى السنوي، ارتفعت إلى 12.23% في شهر مايو الماضي، مقابل 9.51% في شهر أبريل السابق له.

كما أشار الموقع إلى تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، يوم 8 يونيو، عن الفترة من 30 مايو الماضي إلى 5 يونيو الحالي، ارتفاع أسعار أغلب السلع الغذائية، وعلى رأسها اللحوم، والدواجن، والجبن، واللبن، في حين تراجعت أسعار الأسماك والأرز.

5ـ الإخوان المسلمين في مصر:

نشرت صحيفة “عكاظ” تقريرًا بعنوان: “العودة يطلب الإخوان بجرأة المراجعة وشجاعة الاعتذار!”(25)، حول تغريدة منسوبة للشيخ سلمان بن فهد العودة، قال فيها: “تقبل الله، والإخوان فصيل إسلامي واسع يحتاج جرأة في مراجعة مواقفه وتصحيح أخطائه والتدرب على شجاعة الإعلان والاعتذار”.

ومما ورد في التقرير عبارات هجومية ضد الإخوان المسلمين على غرار:

“لم يفق قياديو «الإخوان المسلمين» من لكمات راشد الغنوشي التي وجهها على دفعات، حتى جاء واحد من أكثر الوجوه الإسلامية تأثيرا في محيطهم ليوجه انتقادات موجعة، بيد أن انتقادات العودة أشعلت فتيل التساؤلات، التي من أبرزها: كيف يمكن أن يصف جماعة إرهابية بحسب قانون بلاده بـ«فصيل إسلامي»؟”.

في ملف آخر يتصل بطرفَيْ الأمر، السعودية والإخوان في مصر، كتب حمود أبو طالب في “عكاظ”، حول المشكلة التي أحدثها تخصيص قناة “فور شباب” التي يشرف عليها رجل الأعمال والإعلامي السعودي، الدكتور علي العمري، للداعية الإخواني المصري، وجدي غنيم، والذي دأب على الهجوم على النظامَيْن المصري والسعودي(26). ومما قاله أبو طالب في المقال:

“من أخطاء ومثالب جماعات الإسلام السياسي، وجماعة الإخوان المسلمين على وجه التحديد، أنها تصنع أوهامها وتصدقها وتتصرف بناء على ذلك وكأنها تتعامل مع واقع حقيقي لتزداد بذلك عرياً وفضيحة، وتكشف سذاجتها وضحالة تفكيرها”.

ويضيف أنه:

“في فترة حكم الإخوان لمصر ذهب بعض إخوان السعودية يبشرون ويقسمون أن الخلافة قادمة لا محالة وكأنه ليست هناك دول قائمة بكياناتها وسلطتها ومؤسساتها وشعوبها وجيوشها وعدتها وعتادها”.

ومن العبارات المباشرة في مقاله حول موضوع غنيم:

“الآن، وبكل وقاحة تعتزم قناة تبث من داخل المملكة ومعروف توجهها عرض برنامج رمضاني لأحد متطرفي الفكر الإخواني المصري وجدي غنيم الذي لم يرتكب إساءات بحق وطنه فحسب بل أساء أبلغ إساءة للمملكة وقيادتها وسياستها ووصفها بأوصاف قذرة. ودعم «القاعدة» و«داعش» وحتى الحوثيين تشفياً في المملكة لموقفها من جماعته ومؤازرتها لمصر في خيار شعبها بالتخلص منها”

علي العميم، كتب تحت عنوان: “تلفيق بين ماضٍ يساري وحاضر إخواني”(27)، يعلق فيه على بحث للمستشار طارق البشري، بعنوان: “الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي في التاريخ المعاصر”، ينتقد فيه وصفه للإخوان المسلمين بأنهم حركة إصلاحية تجديدية. ومن بين العبارات اللافتة في المقال، في هذا الصدد:

“بحث البشري هو عمل دعوى وليس بحثاً علمياً، فهو يلغي المشكلات ويذوب الصراعات وينفي التناقضات ويختزل العوامل السلبية في الاستعمار وفي التحديث الغربي (أو التغريب)، ويقوم على التنظير والتأريخ والتفكير عبر الرغبة والتمني. وهذه الرغبة وهذا التمني يصدران في منطلقاتهما ومحدداتهما عن فكر الإخوان المسلمين (..) ومن التناقضات في فكر الإخوان المسلمون والإسلاميين عامة، أنهم لا يدينون تجربة التحديث العثماني، رغم أن محتواها إصلاح علماني، بل يصمتون عنها، وإن تعرضوا لها اختلقوا العذر لها”.

العميم انتقد كذلك الرؤية التي قدمها البشري لتجارب الدولة العثمانية، ودولة محمد علي، ودولة عبد الناصر في مصر، وحاول إخراج بعض العيوب التاريخية المعلوماتية في البحث، مثل ضم البشري للهند لمنطقة نفوذ الدولة العثمانية، وكذلك مقارنته بين الدولة العثمانية ودولة محمد علي، وذلك ضمن تفنيده لبعض النقاط المضيئة التي أبرزها البشري في تناوله لتجربة الإصلاح والتجديد في الدولة العثمانية وتركيا.

6ـ السيسي، و”سلام دافئ” مع إسرائيل:

كانت دعوات السيسي حاضرة في في أكثر من مقال، كان أهمها مقال: “هل أصبح السلام الدافئ مع إسرائيل طموحاً عربياً؟”، للدكتور حسن نافعة”(28). نافعة قال في المقال، إن تعبير السيسي عن ذلك لم يأتِ مقترنًا باشتراط إقدام إسرائيل على تعديل سياستها المعلنة والمعروفة تجاه عملية السلام، وهو ما جعل إسرائيل ترى في حديثه “دليلاً جديدًا على أن السلام معها أصبح مطلبًا عربيًّا، وأن حاجة الدول العربية لتطبيع العلاقات معها أصبحت أكثر إلحاحاً من حاجة إسرائيل لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية، ومن هنا ترحيبها الفوري به”. ومن المقولات المهمة التي جاءت بعد سرديات تاريخية مطولة حول المشروع الصهيوني ومستهدفاته، وموقف إسرائيل من أكثر من مبادرة عربية في هذا الصدد:

“يتضح من هذا السرد أن إسرائيل تعاملت في الماضي مع كل تحرك عربي جديد يسعى للبحث عن تسوية شاملة للصراع باعتباره تنازلاً أملاه إحساس بالضعف أو بالخوف، ما يدفعها للتعنت أكثر على أمل الحصول على تنازلات جديدة تدعم استراتيجيتها الثابتة في إدارة الصراع”.

الجداول والأشكال التالية توضح الأوزان النسبية لهذه القضايا الداخلية والخارجية وكذلك الشأن المصري في الإعلام السعودي:

الجدول رقم (1) القضايا الخارجية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (1) القضايا الخارجية في الإعلام السعودي

الجدول رقم (2) القضايا الداخلية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (2) القضايا الداخلية في الإعلام السعودي

الجدول رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي

خامساً: اتجاهات المواقف تجاه القضايا الأساسية:

1. تركيا: خطاب سلبي، تحول إلى التصاعد، مع تجدد الهجوم على الرئيس التركي.

2. إيران وحلفاؤها في المنطقة: خطاب سلبي متصاعد.

3. الولايات المتحدة: خطاب سلبي متصاعد.

4. روسيا والدور في سوريا والشرق الأوسط: خطاب سلبي متصاعد.

5. الإخوان المسلمون والإسلام السياسي والربيع العربي: خطاب سلبي متصاعد.

6. مصر والعلاقات المصرية – السعودية: إيجابية تمامًا، باستثناء “بعض” المواقع الصحوية.

سادساً: الاستنتاجات:

1. استمرت الحالة المتواترة في العلاقات بين المملكة وثنائية الإخوان/ مصر، حيث تستمر إيجابية على مستوى الحكومتَيْن، وسلبية على مستوى الإخوان المسلمين، ولكن مع تراجع إحصائي وليس موضوعيًّا، للانتقادات الموجهة للإخوان، بسبب ظروف شهر رمضان؛ حيث تغيب بعض الأقلام عن الكتابة.

2. تستمر أزمات المملكة الإقليمية في التفاقُم؛ حيث لم يتم حسم الأزمة اليمنية، وكذلك تراجع موقف حلفاء الرياض في الميدان، في سوريا، مع عدم نجاح الإجراءات السعودية في عزل إيران بالصورة التي كانت تأملها الرياض.في المقابل، زاد مستوى الانتقادات الدولية الموجه للسياسات السعودية في المنطقة، على خلفية الحرب في اليمن على وجه الخصوص، مع استمرار التهديدات الأمريكية للرياض بكشف تورط بعض رموز الأسرة الحاكمة وعلماء الدين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، في إطار أزمة أكبر في العلاقات بين الرياض وواشنطن.

3. تراجعت وتيرة تحالفات الرياض في المنطقة، مع خسارتها لتركيا، وضعف قدرة النظام المصري على دعم السياسات السعودية بسبب مشكلاته الأمنية والاقتصادية، فيما الإمارات قد نأت بنفسها عن سياسات الرياض، وخصوصًا في اليمن، لصالح أوضاعها الاقتصادية وشؤونها الداخلية.

4. لجأت الرياض إلى تنشيط قنوات التواصل مع المواطن السعودي من خلال طرح مشروعات اقتصادية وتنموية، لتحقيق أي نجاح، إلا أن هذه التحركات تظل مقيدة بمشكلات الصراع على السلطة وخلافة الملك سلمان، الذي بدأ ينتبه إلى خطورة ثنائية محمد بن سلمان/ محمد بن نايف، فبدأ في استعادة دور مؤسسات الدولة والحكومة إلى واجهة العمل العام.

5. استمر تراجع مستوى انتقادات المواقع الصحوية للنظام المصري، وبدا ذلك واضحًا في موقع “الإسلام اليوم” كذلك، بعد موقف “المسلم”؛ حيث اقتصرت التغطيات هذا الأسبوع على تناول الأوضاع الاقتصادية، بينما غابت قضايا تقليدية مثل الأوضاع الأمنية، وملف حقوق الإنسان، بالمقياس الإحصائي المقارَن مع الأسابيع الماضية.

6. تراجعت للخلفية تمامًا قضية “تيران” و”صنافير”، ويبدو أن الأمر موجَّه، للتخفيف من حدة الانتقادات الموجهة للنظام المصري في هذا الإطار.

—————————————-

الهامش

(1) السعودية.. 24 جهة تنفذ 534 مبادرة لبرنامج التحول الوطني، “العربية.نت”، 8 يونيو 2016م، الرابط

وطالع أيضًا: التحول الوطني 2020 يعتمد على توسيع الشراكة مع قطاعي التطوير والتمويل العقاريين، “الرياض”، 9 يونيو 2016م، الرابط

(2) التحول الوطني بداية الانطلاقة نحو التغيّر الشمولي للاقتصاد المحلي، 9 يونيو 2016م، الرابط

(3) 9 يونيو 2016م، الرابط

(4) الرابط

(5) الرابط

(6) اختصاصيون: تحقيق رؤية الإسكان بزيادة المعروض وتقليص التكاليف، 9 يونيو 2016م، الرابط

(7) “الرياض”، 9 يونيو 2016م، الرابط

(8) “الرياض”، 8 يونيو 2016م، الرابط

(9) 9 يونيو 2016م، الرابط

(10) “الرياض”، 8 يونيو 2016م، الرابط

(11) 8 يونيو 2016م، الرابط

(12) 9 يونيو 2016م، الرابط

(13) «العمال الكردستاني» و«حزب الله» اللبناني كوجهين لخرافة واحدة، 6 يونيو 2016م، الرابط

(14) الحرب في الفلوجة والرقة بين ألغام تركيا وإيران، 6 يونيو 2016م، الرابط

(15) “الحياة” اللندنية، 7 يونيو 2016م، الرابط

(16) الرابط

(17) 6 يونيو 2016م، الرابط

(18) 9 يونيو 2016م، الرابط

(19) 9 يونيو 2016م، الرابط

(20) سليماني في الفلوجة، “الحياة” اللندنية، 6 يونيو 2016م، الرابط

(21) تحرير الفلوجة يبدأ من بغداد، “الحياة” اللندنية، 9 يونيو 2016م، الرابط

(22) تسريب أسئلة الامتحانات لضرب الأمن القومي، الرابط

(23) مصر تعيد هيكلة لجان فض المنازعات لحل مشكلات المستثمرين السعوديين، 4 يونيو 2016م، الرابط

(24) مصر.. الديون 53 مليار دولار.. وأسعار مجنونة للأغذية، 9 يونيو 2016م، الرابط

(25) 7 يونيو 2016م، الرابط

(26) «وجدي غنيم» .. وقناة «فور إساءة»، 5 يونيو 2016م، الرابط

(27) 4 يونيو 2016م، الرابط

(28) “الحياة” اللندنية، 8 يونيو 2016م، الرابط

تطورات المشهد السعودي 13 يونيو 2016

أحمد التَّلاوي

باحث سياسي ومحرر إعلامي، بكالوريوس العلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1996، من مؤلفاته: إيران وصراع الأصوليات في الشرق الأوسط، دولة على المنحدر، أمتنا بين مرحلتين، الدولة والعمران في الإسلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى