المرصد

تطورات المشهد السعودي 6 يونيو 2016

يتناول هذا التقرير أهم التطورات الداخلية والخارجية في المملكة العربية السعودية، وكذلك القضايا المصرية، كما تناولها الإعلام السعودي خلال الفترة من 25 مايو 2016 إلى 3 يونيو 2016

أولاً: حدث الأسبوع: تحولات الغنوشي والحج الإيراني

كانت التحولات التي أعلن عن رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، من ناحية، وقضية حج الإيرانيين، من ناحية ثانية، هما حدثا الأسبوع في وسائل الاعلام السعودية خلال الفترة التي يتناولها التقرير، وهو ما يمكن بيانه على النحو التالي:

1. تحولات الغنوشي:

كان التركيز هذا الأسبوع فيما يخص ما اصطلح على تسميته بـ”تحولات النهضة”، نقطتان، الأولى الغنوشي نفسه؛ حيث تم تقييم الخطوة من زاويته، وموقف الإخوان المسلمين في مصر، بعد حوار “الأناضول” مع الدكتور محمد جمال حشمت، وتصريحات بعض الرموز المحسوبة على طرفَيْ الأزمة داخل إخوان مصر، في صدد إمكانية الإقدام على خطوة مماثلة.

وعلى وجه الدقة، يمكن القول إن الأمر المهم فيما تم تناوله حول إخوان مصر في هذه المسألة، كان كما قالت “الشرق الأوسط” اللندنية، “مراجعات قوى «الإسلام السياسي» بين التطور والجمود”؛ حيث كانت قضية مستقبل الإسلام السياسي، بما في ذلك أوضاعه في المملكة، من بين أبرز القضايا التي تم تناولها في هذا الصدد في الإعلام السعودي (1). ويقول تقرير “الشرق الأوسط”، وهو على قدر كبير من الأهمية في عرض وجهة نظر الدوائر الرسمية السعودية فيما جرى:

“تعاني حركة «الإخوان المسلمون»، الحركة الأم لسائر حركات الإسلام السياسي في مصر، تصلبا وجمودا يكاد يقصمها ويقسمها، بين تياري «الصقور» و«الحمائم»، وبين الشيوخ والشباب، وبين العنف والسلمية، وبين تنظيمها المركزي وفروعها، التي تحمله دون أن يحملها، حتى بات يصح على الجماعة المصرية الأم وصف بعضهم لها بأنها «غدت كالإسفنجة التي تمتص المياه والحياة من الآخرين» (..) ورغم التأثير والتأثر، فإنه من الخطأ حسبان سائر حركات الإسلام السياسي عليها، فبعضها انفصل عنها مبكرا شأن الراحل الدكتور حسن الترابي وحركته في السودان، أو نشأ منفصلا عنها أساسا شأن «التوحيد والإصلاح» المغربية أو «حركة النهضة» التونسية”.

ويقول التقرير إن هناك فارقًا بين الغنوشي وبعض التنظيمات الأخرى، وخصوصًا إخوان مصر الذين وصفهم بالجمود، وذلك من خلال استعادة لبعض المعالم من مسيرة المراجعات التي قامت بها أحزاب محسوبة على الإخوان المسلمين؛ فيوضح:

“كذلك يمتلك «الإخوان» هوية منتفخة لا تؤمن بالاستفادة من غيرهم؛ ذلك أنهم حين خاطبهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان طارحا اعتناق مبدأ فصل الديني عن السياسي (العلمانية) إبان زيارته مصر في أغسطس (آب) 2011، ردت عليه قيادات الجماعة بأنها لا تتعلم من أحد، ولا تحتاج إلى نصائح أحد. وفي المقابل، صرح زعيم «حركة النهضة» راشد الغنوشي (74 سنة)، صاحب التجربة الطويلة في المنفى الأوروبي، بإعجابه بالأنظمة المدنية التي تفصل بين المجالين، وكتب ذلك مرارا، وبخاصة، في كتابه «الحريات العامة في الإسلام» (..).

من الفوارق الكبيرة أيضا أنه كانت لدى الشيخ الغنوشي، زعيم «النهضة» ورئيسها، الشجاعة الكاملة لأن يعلن الاعتذار عن أي أخطاء حدثت أثناء تجربة الحكم أو قبلها، بل شجاعة أن يترحّم على بعض أبرز معارضيه، مثل الشهيدين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين اغتيلا أثناءها، أما «الإخوان» فمفاصلتهم مع الجميع كانت أثناء الحكم واضحة واستمرت بعده بشكل أكثر وضوحًا”.

ويضيف بعض الأمور التي تعكس النظرة إلى إخوان مصر في الإعلام السعودي، وما يسعون في بعض دوائر الحكم والسياسة في المملكة إلى ترويجها عن إخوان مصر على وجه الخصوص:

“إنه على الرغم من سقوط حكم «الإخوان» في مصر وخروج الجماعة القسري من السلطة عام 2013، فإن خطابها ما زال عاجزا عن المفاصلة والقطيعة مع خطابات الجماعات الإرهابية العنيفة والمتشددة، بل لقد راهن عليه وعلى استنزاف الدولة، كما صرح عدد من قادتها وحلفائها أكثر من مرة. نجحوا في شراء العداء وتأبيده ليس فقط مع النظام والدولة، بل أيضا مع نخب وقوى مدنية طالما تحالفت مع الجماعة أو دافعت عنها. ومع صعود عمليات الإرهاب والعنف في مصر، تصدر بيانات في اتجاه ذرائعي وحيد لتحميل النظام الحالي الحاكم بعد 3 يوليو كل المسؤولية عن كل ما يحدث، دون براءة أو تخطئة لأي من جماعات العنف النشطة، بما فيها عمليات فرع «داعش» النشط «تنظيم بيت المقدس» أو جماعة «المرابطون» في سيناء ضد العسكريين والأمنيين.. حتى صارت عملياته داخل العاصمة القاهرة وعدد من المحافظات، التي يقع ضحاياها من المدنيين، فزاعة لآخريها ومبرّرا الدولة والنظام الذي تعارضه في الآن نفسه”.

وفي “الشرق الأوسط” أيضاً جاء مقال عبد الله بن بجاد العتيبي، بعنوان: “الغنوشي. جدل الدين والسياسة”(2)، ينحو فيه نحوًا عكسيًّا للتقرير السابق؛ حيث يشير إلى أن الغنوشي لا يمكنه أن يقود مراجعات ناجحة، وإنما ما وقع منه في الفترة الأخيرة، إنما بسبب ضعف تواجده في الشارع السياسي التونسي؛ فيقول:

“بحكم حجم حركته الصغير فقد كان الغنوشي محكومًا بغيره، ومسكونًا بمداراة الأقوياء، فالاعتدال الذي ربما عرف عنه كان بسبب قوة بورقيبة وتصريحه المذكور أعلاه إنما جاء بسبب بروز استمرار تأثير توجهات بورقيبة في الشارع التونسي، وهو لطالما حاول استرضاء الدول الغربية ووسائل إعلامها ومراكز تأثيرها، فينجح مرةً ويفشل مراتٍ”.

وبعد هجوم مطوَّل على الغنوشي يأتي إلى أهم ما ذكره في مقاله، وهو ما يتعلق بمواقف الغنوشي من دول الخليج و”ملكياتها” مما يشير إلى مكنون ذاتي لدى الخليجيين إزاء الإخوان المسلمين، لا يمكن مداواته لارتباطه بأن الغنوشي طرح الكثير من المواقف التي تدعو إلى إنهاء حكم هذه الملكيات، أو فرض التغيير عليها.

ومن بين ما ذكره، بيان ذُكر فيه الغنوشي، يؤيد غزو العراق للكويت، وموقف للغنوشي في 2012م، خلال كلمة له في “معهد واشنطن”، عن السعودية ودول الخليج، قال فيها: “الثورات تفرض على الملكيات العربية اتخاذ قرارات صعبة، فإما أن تعترف بأن وقت التغيير قد حان، أو أن الموجة لن تتوقف عند حدودها لمجرد أنها نظم ملكية”.

أما خالد الدخيل، فقد وصف في “الحياة”، ما يحصل داخل حركة النهضة التونسية، والخطاب الذي يبدو أنه يتبلور داخلها؛ بأنه مؤشر على ما يحدث في الإخوان خارج تونس، وفي الدول العربية في مرحلة ما بعد الربيع العربي بشكل عام، ويقول في ذلك (3):

“لم تكن مواقف زعيم الحركة، راشد الغنوشي، بعيدة كثيراً عن ذلك منذ ما قبل الربيع العربي. لكن لم تكن النهضة مهيأة كما يبدو لتبني مواقف مثل هذه إلا بعد انهيار النظام السابق، ودخولها كطرف رئيس في العملية السياسية في تونس. وبما هي مواقف ترقى إلى مستوى الانقلاب الفكري داخل الإسلام وليس فقط الإسلام السياسي، فإنها جاءت نتيجة، أو استجابة لزخم وتداعيات موجة الربيع العربي، خصوصاً داخل تونس قبل غيرها. كيف؟ مع أن الإسلام السياسي لم يطلق الشرارة الأولى للربيع، إلا أنه اعتبره فرصته للانقضاض على النظام السياسي القائم. كاد الإخوان في مصر أن يحققوا ذلك استناداً إلى شعبيتهم الكبيرة، لكنهم فشلوا في ذلك فشلاً ذريعاً. ثم تبين أن الربيع العربي لم يكن في الحقيقة فرصة للإسلام السياسي، بقدر ما أنه مثل ما يبدو فاتحة لأفول هذا الإسلام. كان النظام الحاكم في الدول التي ضربتها الموجة أول ضحاياها. والإسلام السياسي هو ضحيتها الثانية”.

المتشككون كانوا الغالبية، وكان أبرز ما استندوا إليه في صدد التشكيك فيما قام به الغنوشي، هو مواقفهم السابقة كما عبَّر عن ذلك العتيبي على وجه الخصوص. أو باعتبار أن “«تغيير الجلد» ليس غريباً على جماعة الإخوان أكثر من غيرها من جماعات الإسلام السياسي وفصائله”، كما قال راشد العريمي في “الحياة” اللندنية(4).

ومن هؤلاء المتشككين، محمد علي فرحات، الذي كتب مقالاً في “الحياة” اللندنية، بعنوان: “زوبعة في فنجان الغنوشي”(5)، لكنه أشار إلى زاوية جديدة في تناول الأمر، وهي موقف الغرب، وخصوصًا أوروبا من هذه التحولات، وأشار إلى أن مبعث الاهتمام يأتي من أن الغنوشي يجمع بين صفتَيْ المفكر والزعيم، فيُعتبر من القليلين الذين لم يحذر منهم المفكرين المسلمين الذين ناهضوا الإسلام السياسي وحذّروا منه، بحسب قوله، ومن بينهم محمود محمد طه وعبد المجيد الشرفي وفضل الله خليفي، بحسب توصيف الكاتب.

ولكنه يختم بعبارة مهمة في صدد تحديد رؤية الإخوان داخل المملكة؛ حيث يشير إلى أن:

“زوبعة راشد الغنوشي لن تبقى في فنجانه، فالإسلام السياسي الذي يعادي إيمان المسلمين وسائر البشر، لا بد أن ينحسر، وأول الانحسار نقد ذاتي واضح لا عملية «تخصيص» للمحازبين”.

وربما كان الوحيد الذي غرَّد خارج السرب، هو جمال خاشقجي الذي كتب في “الحياة” اللندنية، تحت عنوان: “هرمنا من أجل هذه اللحظة: الديموقراطية الإسلامية”؛ مشيدًا بالغنوشي، ورأى في تحولات النهضة الأخيرة، خطوات تقدمية (6).

وفي الإطار تناول خاشقجي تاريخ الدولة القومية الحديثة في العالم العربي، وقارن بين محاولات الإسلاميين والإخوان على وجه الخصوص، لبناء دولة حديثة، وما قامت به الأنظمة العسكرية التي تحكم منذ عقود طويلة، من تأسيس ثانٍ لدولة المماليك، في العالم العربي، بحسب تعبيره. ومن بين مقولات المقال المهمة:

“المصريون، يجب أن يعترفوا بأنهم ضيعوا فرصة كبيرة، لقد عاشت الديموقراطية هناك أكثر من سنتين تبحث عمن يحميها، فانشغلوا بقضية الهوية، والاستئثار بالحكم، بينما كان عليهم بناؤها وتعميق جذورها أولاً قبل الإدارة والتمكين وخطط التنمية ومشروع النهضة والإصلاح الاقتصادي والتعليمي وأي شيء آخر، فالإجابة عن معضلة تداول السلطة هي نصف الطريق لنهضة الجميع وليس جماعتهم وحدها، وهو ما فعله الغنوشي، استقرت الديموقراطية في بلاده، وبات هو وحزبه «الديموقراطي الإسلامي» مستعدَين للقفز على السلطة في الانتخابات المقبلة”.

2. إيران وملف الحج:

كان أهم ما تناقلته وسائل الإعلام السعودية في هذا الصدد، تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، على هامش مؤتمر وزراء دول مجلس التعاون الخليجي الـ139، ولاجتماع الوزاري الخامس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وبريطانيا، في جدة، الإثنين، 30 مايو 2016م، حول خلفيات ما أعلنته مؤسسة الزيارة الإيرانية، حول تحميل السعودية مسؤولية عدم أداء الحجاج الإيرانيين للفريضة هذا العام.

الجبير أوضح أن المسؤولية تقع على عاتق الجانب الإيراني، الذي رفض التوقيع على الاتفاق الخاص بتنظيم أداء الفريضة، خلال اجتماع عُقد الخميس، 26 مايو، بسبب إصرار السلطات الإيرانية على أن يتضمن الاتفاق السماح للحجاج الإيرانيين بأداء مراسم لا تتعلق بأداء فريضة الحج، مثل طقوس “البراءة من المشركين”.

الجبير قال إن هذه المطالب الإيرانية، ستؤدي إلى فوضى خلال موسم الحج، ويتعلق الأمر بحالات سابقة، أثارت فيها الممارسات الإيرانية التي أقرها الخُميني بعد الثورة الإيرانية، غضب حجاج سعوديين ومن جنسيات أخرى، ووقعت في بعض الأحيان، اشتباكات وحالات تدافع، سقط فيها قتلى خلال بعض مواسم الحج.

وكان هذا السجال بين السلطات في كلا البلدَيْن، مجالاً مهمًّا لحملة جديدة ضد طهران في الصحف السعودية، وُصفت فيها إيران، بـ”مثيرة الفتنة”، وأن “أطماعها” في المنطقة، وراء الأزمات الحالية.

يقول عبد العزيز التويجري، في “الحياة” اللندنية (7)، في ذلك؛ حيث علق على تصريح للرئيس الإيراني، حسن روحاني، قال فيه إن بلاده “تتحمل مسؤولية حماية مراقد آل البيت حيثما كانت”؛ حيث قال إن إيران بذلك:

“تجاهر على رؤوس الأشهاد، تقتضي التدخل المباشر الذي يعني بعبارة أوضح، التدخل المباشر في شؤون دول ذات سيادة توجد بها تلك المراقد، وهي كما يعلم الجميع، دول كثيرة منها السعودية والعراق وسورية ومصــر. وهو الأمــر الذي يــؤكد تــأكيداً قـاطعـاً الإصرارَ عــلى العـدوان وانتهاك سيادة الدول ومخالفة القانون الدولي”.

وتحت عنوان: “طهران تختار التصعيد في الحج والرياض: لن نسمح بالفوضى”، قالت “الشرق الأوسط”(8):

“بعد أخذ ورد، حسمت إيران موقفها واختارت التصعيد وحرمان مواطنيها من أداء فريضة الحج والمضي في تسييس الشعيرة الدينية، إذ أعلن وزيرها للثقافة علي جنتي، أنه «بعد سلسلتين من المفاوضات من دون التوصل إلى نتيجة بسبب قيود السعوديين، فإن الحجاج الإيرانيين لن يتمكنوا للأسف من أداء الحج»”.

واستندت الصحيفة في رأيها حول الموضوع، إلى تصريحات علماء أزهريين، قالوا: “إن التظاهر خلال المناسك بدعة ويخالف المقصد الشرعي للركن الخامس من الإسلام”، ولكنها أسندت مواقفهم إلى “الأزهر الشريف” نفسه بينما مؤسسة الأزهر لم تصدر بيانًا رسميًّا في هذا الصدد، ولم تذكر اسم أحدٍ من هؤلاء العلماء، ولكنها ذكرت اسم الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء بمصر.

كما أبرزت الصحف والمصادر السعودية كافة، تصريحات الشيـخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف التي قال فيها إن دعوات إيران فيما يتعلق بالحج “مرفوضة من قِبَل المسلمين كلهم”، وإنه “من الواجب أن يتعاون الجميع؛ ليؤدي الناس الحج في أمن وأمان وطمأنينة”.

ثانياً: تطورات السياسة الداخلية:

1- المشهد السياسي الداخلي ورؤية المملكة “2030”:

الملاحظة الأولى على الصحف والمصادر السعودية العامة والصحوية، أنها تقريبًا بدأت تخلو من الحديث المفرِط عن الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع وولي ولي العهد، و”رؤية المملكة 2030″. كذلك عاد التوازن في تناول أخبار كلا من قطبي التنافس الحالي على السلطة في المملكة بعد الملك سلمان، الأمير محمد بن سلمان، وعمه، وزير الداخلية، وولي العهد، الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود؛ حيث كان هناك بعض الأخبار المتعلقة بنشاط كليهما، مثل قيام الأمير نايف بتدشين الزورق بعيد المدى “جدة”، التابع لمشروع الوسائط البحرية، وتوجيهه لجنة السياسات التقنية بوزارة الداخلية، بالعمل على رفع الجاهزية التقنية للوزارة. وكانت هذه الأخبار جنبًا إلى جنب، وبشكل ملحوظ، بجوار أخبار الأمير محمد بن سلمان، مثل رعايته حفل تخريج الدفعة الـ 13 من طلبة كلية الملك عبد الله للدفاع الجوي بالطائف.

الملاحظة المهمة في هذا الصدد، تبرزها الإحصائيات المتواترة على مواقع الصحف السعودية؛ حيث إن تزامن النشر بين أخبار كلا الأميرَيْن، بات واضحًا، فلا يمر ما بين 5 دقائق إلى 30 دقيقة، بين كل خبر وآخر يخص أيٍّ منهما.

كما كان من اللافت أن تنشر صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، يوم 1 يونيو، صورة للأمير محمد بن سلمان، وهو يُقبل يد الأمير محمد بن نايف، واللافت أكثر أنه لم تكن هناك مناسبة لنشر الصورة؛ حيث تم نشرها ضمن تقرير مفصل عن أعمال القمة الخليجية السادسة عشرة، التي عُقدت في جدة، يوم 31 مايو (9).

لم يمنع ذلك من أن يكون هناك بعض الأخبار والمقالات المرتبطة بموضوع الرؤية، ومن الملاحظ أن بعض المصادر السعودية، بدأ يربط بين أي إجراء حكومي كبير نسبيًّا، وبين الإجراءات التنفيذية للرؤية، حتى ما هو مفترض أنه من ضمن الإجراءات والأنشطة المعتادة.

لكن كان من أهم ما هو غير تقليدي، وتم نشره في هذا الصدد، الحديث عن شركة “سابك”، واتجاهات تطويرها، ودورها في تنمية الموارد البشرية في المملكة، مع تصريحات للأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، قال فيها إن “سابك” سوف تُحدث تغييرًا كبيرًا في توجيه استثماراتها لمنظومة التقنية والابتكار لتعزيز رؤية 2030.

الموضوع الآخر فيما يتعلق بالرؤية، كان يتعلق بارتباطها بدور الشباب في خطط التنمية، سواء على مستوى استهدافهم بها، أو دورهم ومشاركتهم فيها. ومن بين المقالات التي تناولت ذلك، مقال بعنوان: “رؤية 2030 .. خطة طمُوحة يَدعمُها عُنفوانُ الشّباب”(10)، للدكتور فائز بن ظَفْرَة، وكيل كلية العلوم الإدارية والمالية للتطوير والجودة بجامعة الملك خالد بأبها، وأكد فيها على أهمية الدور الذي يمكن أن الشباب في تنفيذ الرؤية، في مختلف اتجاهاتها.

كما نشرت “الشرق الأوسط”، تقريرًا مفصلاً، يوم 3 يونيو، بعنوان: “خريطة طريق تفصيلية لتحقيق (الرؤية السعودية)”، وذكرت أنها تركز على موضوع الشفافية والمحاسبة، وتحديد الأولويات وفق احتياجات المواطن، مع التأكيد على دور الإعلام في دعمها (11).

2- ملف الإسلام السياسي:

لم يقف تناول وسائل الإعلام والمصادر السعودية على ملف الإخوان المسلمين، في إطار حدث الأسبوع المتعلق بتحولات حركة النهضة الإسلامية التونسية؛ حيث كان هناك العديد من المقالات التي تناولت الإسلام السياسي داخل المملكة ذاتها، كما هو الحال منذ فترة، في إطار حملة موسعة ضد الإسلام السياسي والتيار الصحوي، في أعقاب أزمة “تيران” و”صنافير”.

فنقرأ في “الرياض”، لمحمد علي المحمود، مقالاً بعنوان: “نهاية داعش وانهيار أحلام المتأسلمين”()، يتناول فيه بعض القضايا المتعلقة بالإسلام السياسي، في إطار خيط رئيسي يربط الموضوع، وهو موضوع مكافحة تنظيم “داعش”. ومن بين أهم المقولات التي أوردها المحمود في هذا الصدد:

“من هنا، فإن كل الحركات السياسية المتأسلمة، بل وكل التيارات الإيديولوجية المتأسلمة، لم تنشأ أصلا إلا على مبدأ نزع المشروعية عن الواقع لصالح التاريخ. وحتى تلك الأدبيات ذات الطابع الجمودي، اللاّحركي، تتضمن يقينا – بحكم الضرورة العقدية – هذا المنزع الرفضي (..) وبدهي أن كل الحركات المتأسلمة تتكئ على هذا المنزع الرفضي في تأكيد رؤيتها الأممية المناهضة للقطرية، فالتقليدية الحركية الثورية تقول صراحة ما تقوله التقليدية السلبية تضمينا (..) في مضمون كل حراك سياسي متأسلم، تكمن إرادة ضمنية لنزع المشروعية عن الدول/الأنظمة القطرية التي لها وجود حقيقي، راهن ومتعين، لصالح خلافة أممية، خلافة متوهمة، ولكنها متحققة يقينا في صميم الوجدان. كل الحركات الأصولية هي في الأصل حركات سياسية؛ مهما رَفعت من شعارات ذات طابع ديني. وهذا يعني أنها – بالضرورة – تطرح بديلا سياسيا لواقع سياسي”.

3ـ المشهد الاقتصادي:

في 2 يونيو 2016، نشرت المصادر السعودية، ومن بينها “الرياض”، خبرًا يرتبط بإجراءات اقتصادية، تتعلق بخروج العملة الصعبة من المملكة، وسعودة الوظائف، كما يتعلق بملف المقيمين من بعض الجنسيات، بصدد تحويل الأموال إلى خارج البلاد. الخبر يقول إن مجلس الشورى السعودي يدرس مقترحًا بنظام لفرض رسوم على التحويلات النقدية للعاملين في المملكة من غير السعوديين، بنسبة 6% من قيمة التحويل خلال السنة الأولى من عمله في المملكة، وتقل النسبة سنويًّا حتى تقف عند 2% عند السنة الخامسة من عمله وما بعدها.

ويستهدف النظام الذي اقترحه حسام العنقري، رئيس ديوان المراقبة، وعضو الشورى السابق، تشجيع العاملين الأجانب لإنفاق مدخراتهم النقدية أو استثمارها داخل المملكة، وتطوير مستوى المزايا والخدمات التي تقدمها الدولة للعاملين الأجانب المقيمين في المملكة ومرافقيهم والحد من قيام العاملين الأجانب بممارسة أعمال إضافية والحصول على دخل بشكل غير نظامي.

ثالثاً: تطورات السياسة الخارجية:

كانت الفترة محل التقرير حافلة بالكثير من الحِراك الإقليمي والدولي شهدته مدينة جدة؛ حيث عقدت لقاءات بين العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وعدد من وزراء خارجية دول عدة، من بينهم وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، ووزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، ونظيره الكندي، ستيفان ديون.

1ـ هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية الخليجية:

لعل الحدث الأهم على مستوى هذا الزخم، كان انعقاد القمة الخليجية التشاورية السادسة عشرة، والتي أعلنت فيها الخارجية السعودية أنه قد تم فيها إقرار تشكيل هيئة عالية المستوى من الدول الأعضاء تحت مسمى “هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية”، تكون مهمتها تعزيز التكامل والتنسيق، و”متابعة تنفيذ رؤية الملك سلمان الخاصة بتعزيز العمل الخليجي المشترك”، التي أقرتها قمة الرياض في ديسمبر 2015م الماضي.

لكن ثمة ما يقول بأن هناك قضايا أخرى تطلبها عقد القمة الخليجية في غير موعدها؛ حيث إنه كان يمكن لاجتماع وزاري أن يأخذ هذا القرار، باعتبار أنه متابعة لقرارات القمة الأخيرة في الرياض، وهو اختصاص أصيل لمجلس وزراء الخارجية الخليجيين، كما أن المصادر السعودية لم تذكر على وجه الدقة سبب انعقاد القمة أصلاً، فلا يمكن القول بأنه قد تم جمع القادة الخليجيين لهذا الغرض فحسب.

2- معركة الفلوجة:

الوجه الطائفي لمعركة الفلوجة كان طاغيًا على تناول الإعلام والمصادر السعودية كافة، سواء العامة أو الصحوية؛ حيث تم عرض معاناة أهل الفلوجة من العرب السُّنَّة على يد ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية، والقوات الحكومية، وربما كان هذا التناول الإعلامي المكثف من جانب المصادر السعودية، والإعلام العربي، وخصوصًا الصحوي، بشكل عام، وراء قرار رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، بتهدئة العمليات، حرصًا على أرواح المدنيين في المدينة كما قال.

واهتمت وسائل الإعلام السعودية على وجه الخصوص في ذلك، بنشر صور لمعدات عسكرية لميليشيات الحشد الشعبي الشيعية، وعليها اسم رجل الدين الشيعي، نمر النمر، الذي أعدمته السلطات السعودية في يناير الماضي.

واستخدمت وسائل الإعلام السعودية مصطلحات حادة في انتقاد موقف العبادي، مثل ضرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بالمناشدات التي أطلقها أهالي مدينة الفلوجة بعدم إشراك ميليشيات «الحشد الشعبي» في معركة تحرير الفلوجة، عرض الحائط، إذ أكدت مصادر محلية أن ميليشيات «الحشد» تشارك بالفعل في العملية التي أعلنت الحكومة انطلاقها أمس، وقصفت (الميليشيات) مباني سكنية بصواريخ حملت شعارات طائفية”(13).

ومن بين المواد التي تبرز ذلك أيضًا، افتتاحية لصحيفة “الرياض”، يوم 28 مايو(14)، حذرت فيها من:

“تحول العمليات العسكرية للطبيعة الطائفية مع تصدر صور قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني المشهد وإلى جواره هادي العامري، وخروج شخصيات دينية عراقية بملابس عسكرية مثل عمار الحكيم وكذلك التصريحات التي أدلى بها نوري المالكي قرب الفلوجة وتلك المظاهر كفيلة بإخراج العملية من إطارها المعلن إلى إطار آخر”.

وتضيف الافتتاحية:

“صحيح أن الحكومة راغبة في الاستفادة من نقاط تحرير الفلوجة في تعزيز موقعها الضعيف، لكن يجب أن تنتهي العملية بما يضمن استدامة الأمن في هذه المدينة التي عانت كثيراً منذ الاحتلال الأميركي، فنجاحها ولجم طيش الطائفيين القائمين على بعض فصائلها كفيل باستعادة رئيس الحكومة حيدر العبادي زمام المبادرة والعكس صحيح”.

3- الملف التركي:

على مستوى الحدث الإخباري، كان الأهم بطبيعة الحال، هو قرار البرلمان الألماني، بالاعتراف بما يُعرف بإبادة الأرمن في العام 1915م، خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، والتي تتهم فيها الدولة العثمانية، وقرار الحكومة التركية بسحب السفير التركي من ألمانيا، بعد إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن العلاقات سوف تتضرر بين البلدين، إذا ما أقر البرلمان الألماني هذا الاعتراف، الذي نال أغلبية كبيرة من كل الأحزاب الحاكمة، والمعارضة، بينما لم تشارك المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل في التصويت، ولكنها كانت قد أعلنت سابقًا عن تأييدها للقرار.

على المستوى السياسي الداخلي، كان هناك اهتمام بتصريحات رئيس الوزراء التركي الجديد، بن علي يلدرِم، قال فيها إن حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا سيسعى إلى إجراء تعديل دستوري من خلال البرلمان، لتحويل النظام رئاسيًّا، وقال إنها سيلجأ إلى صناديق الاقتراع إذا حدث مأزق سياسي في هذا الصدد.

فيما يتعلق بالموقف في سوريا، كان أهم ما يتعلق بالموضوع التركي، هو عرض الأتراك على الولايات المتحدة المشاركة في عملية طرد “داعش” من ريف الرقة، وشمال سوريا، ولكن من دون مشاركة الأكراد فيها من خلال قوات سوريا الديمقراطية، التي تدعمها الولايات المتحدة، وهو ما رفضته واشنطن.

في الموضوع السوري بالنسبة لتركيا كذلك، نشرت صحيفة “العرب” الإلكترونية التي تصدر في لندن تقريرًا من أنقرة، قالت فيه إن تصريحات صدرت من مسؤولين أتراك تشير إلى أن تركيا بدأت مرحلة الاعتراف بالأمر الواقع الجديد في سوريا على حدودها الجنوبية، فيما يتعلق بموضوع الأكراد (15).

وأشارت في ذلك إلى تصريحات للرئيس التركي حول أن قوات سوريا الديمقراطية، التي تشن العملية العسكرية ضد “داعش” في شمال الرقة، تضم 2500 مقاتل سوري عربي، و450 عنصرًا فقط من وحدات حماية الشعب الكردية.

ويرى خبراء أن ما يقوله أردوغان ليس إلا لحفظ ماء الوجه بعد أن أدارت واشنطن ظهرها له وتبنت دعم الأكراد السوريين، فهذه العمليات العسكرية لا تحظى بموافقة تركيا في حقيقة الأمر بمقدار ما هي رضوخ لواقع لا تستطيع أنقرة أن ترفضه ولذلك تحاول أن تطلق تصريحات متضاربة مع تصريحاتها السابقة وتعاكس المعطيات على الأرض لتقدم رواية إلى الشعب التركي في محاولة للتغطية على التراجع في السياسة التركية بسوريا، وفق الصحيفة.

واستمرارًا في الهجوم على الرئيس التركي، نشرت “الحياة” اللندنية، مقالاً بعنوان: “طريق أردوغان نحو… السلطنة”، للكاتب الكردي السوري، داريوس الدرويش، تناول فيه موضوع التعديلات الدستورية التي يسعى الحزب الحاكم في تركيا لتمريرها، لإقرار نظام رئاسي في البلاد، لتدعيم سلطات الرئيس التركي. أهم ما في المقال، هو كشف الكاتب لـ”خلفيات” قرار رفع الحصانة عن 139 نائبًا تركيًّا، من بينهم 59 نائبًا كرديًّا، من أن ذلك سوف يقود إلى استبعاد هؤلاء النواب من البرلمان، وبالتالي تسهيل موضوع التعديل الدستوري المطلوب (16).

4- الحرب في سوريا:

بجانب التركيز على الجانب الإنساني المتعلق بحلب، والقصف المتواصل للنظام السوري، والطائرات الروسية، واستقالة محمد علوش من رئاسة وفد المعارضة السورية المفاوض في جنيف، والذي فسره الإعلام السعودي بأنه بناء على ضغوط روسية لتغيير تركيبة الوفد؛ اختلطت في ملف الحرب السورية – كالمعتاد – الكثير من الملفات الإقليمية الأخرى، وكان على رأسها بطبيعة الحال، موضوع الحرب على “داعش” في سوريا والعراق، والمتفاعلة في الوقت الراهن، والدور الروسي، وكذلك مشاركة إيران السياسية والعسكرية، و”حزب الله” اللبناني، في هذه الصراعات.

الكثير من الأقلام أجمعت على أن الموضوع في سوريا، مرتبط بتطورات العراق الحالية في الفلوجة، والحرب على “داعش” بشكل عام، وأن الأزمتَيْن وظيفيتان، أي أنهما أوراق في يد قوى عظمى تعمل على إعادة رسم حدود المنطقة. ويرتبط بذلك الاتهامات المتوالية في الإعلام السعودي منذ أشهر، للولايات المتحدة بأنها أحد أهم عوامل مشروع الفوضى الهدامة في المنطقة. وفي هذا، جاء مقال عبد الوهاب بدرخان، في الحياة اللندنية، بعنوان: “محاربة «داعش» وتوظيفه في تسويات سورية والعراق”، يقول في مستهله(17):

“تثير معركتا الفلوجة والرقّة جدلاً متوقعاً ومشروعاً، حتى لو اتخذ طابعاً طائفياً مؤسفاً، فهذا هو المنطق الذي فرض نفسه في الأعوام الأخيرة، حين راحت الصراعات الأهلية تتطيّف، وبالأخص حين دخلت الولايات المتحدة وروسيا كطرفين في هذه الصراعات ومنحازَين صراحة أو ضمناً إلى جانب إيران في مشروعيها للهيمنة بميليشياتها الطائفية على العراق ثم على سورية ولبنان”.

وبعد تطواف واسع في الموضوع الكردي على وجه الخصوص، نجده يختم بعبارة مهم للغاية، تعكس المعنى السابق:

“كل السيناريوات التي حاولت تصوّر حلول ما في سورية أو في العراق كانت تشير إلى لحظة فارقة غير محددة المعالم، كإعلان توافق أميركي – روسي أو توافق أميركي – إيراني، غير أن أيّاً منها لم يتوقّع أن يكون «تحرير» المدن المستدعشة هو تلك اللحظة. كان الظن أن «داعش» حال شاذة يتنافس فيها الغباء مع الخطورة ولا يمكن بناء حلول دائمة عليها، فهو لا يعبّر عن المجتمع وحركة التاريخ، وليست لديه مشاريع ورؤى للمستقبل. لكن المتدخّلين الكبار وجدوه فرصة سانحة للعبث بخرائط طرأت عليها تغييرات تنتظر من يعترف بها”.

رابعاً: القضايا المصرية في الاعلام السعودي:

1. محاكمة جنينة:

احتل خبر إحالة الرئيس المُقال للجهاز المركزي للمحاسبات، أعلى جهة رقابية في مصر، المستشار هشام جنينة، للمحاكمة، صدارة المصادر السعودية كافة، سواء العامة أو الصحوية. المصادر الصحوية السعودية أضافت على التغطية الإخبارية المعتادة للموضوع، حدث آخر مرتبط، وهو إقامة جنينة دعوى قضائية ضد عبد الفتاح السيسي، بسبب إعفائه من منصبه، وقال موقع “الإسلام اليوم”، إن هذا الإعفاء غير قانوني (18).

2. معبر رفح:

كان قرار مصر بفتح معبر رفح مع قطاع غزة، لمدة أربعة أيام، من الأربعاء، وحتى الأحد، عدا الجمعة، ولمدة أسبوعين، محلا للاهتمام الاعلامي وتباينت التغطيات بتباين طبيعة وسيلة الإعلام؛ حيث هاجمت بعض وسائل الإعلام الصحوية، التعقيدات التي وقعت من الجانب المصري على المعبر، في “أسبوع” الفتح الأول؛ حيث نقل موقع “الإسلام اليوم” كذلك، عن وكالة “قدس برس”، تقريرًا بعنوان: “آمال الغزيين بالسفر تتهاوى أمام اغلاق المصريين للمعبر”، ذكرت فيه أن حافلتين وعدد من المرضى والجرحى هم فقط من سمح لهم بالسفر في أول أيام فتح معبر رفح الأربعاء، 1 يونيو، وهم من المسجلين للسفر، ومثلهم ممن لا يشملهم التسجيل هم أصحاب “التنيسقات المصرية” الذين تطلبهم السلطات المصرية بالاسم للسفر بعد حصولهم على تأشيرة مصرية خاصة لدخول لمصر، وأنه لا يمكن بحال وصف معاناة من هم بحاجة للسفر(19).

3. المبادرة الفرنسية:

كان نفي وزير الخارجية المصري، سامح شكري، وجود أفكار لتبادل أراض مصرية في إطار المبادرة الفرنسية لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، محط اهتمام على الجانب الإخباري، واهتمت المصادر السعودية الموالية بنشره؛ حيث قال خلال مؤتمر صحفي مشترك، عقده مع نظيره المجري، بيتر سيزيارتو، في ختام جلسة مباحثاتهما في القاهرة، يوم 1 يونيو 2016. شكري قال إنه “ليس هناك في الطرح الفرنسي ما يتعلق بتبادل الأراضي، أو أي مبادرة أو أفكار تتضمن أي معادلة للتسوية، بحيث تكون أراضي مصر ضمن أي معادلة لتسوية النزاع”.

4. الاقتصاد المصري:

كان هناك اهتمام بتقرير عرضه رئيس مجلس إدارة “الشركة القابضة لكهرباء مصر”، جابر دسوقي، خلال الجمعية العمومية برئاسة وزير الطاقة محمد شاكر، حول الاستثمارات خلال السنة المالية 2016/2017م، وقدرت بنحو 52.6 مليار جنيه (5.8 بليون دولار)، وأن مصر تخطط لاستثمار 13 مليار دولار أخرى في هذا القطاع.

5ـ العلاقات المصرية ـ السعودية:

كان أهم ملمح فيما يتعلق بالعلاقات المصرية السعودية، هو ذلك الجدل الذي أثاره الحوار الذي أجرته صحيفة “الشرق الأوسط”، مع وزير الإعلام والاتصالات الإثيوبي، جيتاشو رضا، والذي أشار فيه إلى أن أديس أبابا لا تكترث بـ”وقوع أضرار على مصر من جراء بناء سد النهضة”؛ حيث قامت وزارة الخارجية المصرية بالاتصال بالوزير الذي أكد للحكومة المصرية أن بلاده ملتزمة بإعلان المبادئ الموقع مع مصر والسودان، بشأن سد النهضة “في إطار بناء الثقة”، وأن بلاده لا تسعى للتأثير على حصة مصر المائية، وأنها سوف تلتزم بنتائج الدراسات الفنية التي سوف تتم على السد.

العبارة التي أثارت استياء القاهرة في الحوار، كانت أن “السد قائم، ولن يتأثر بناؤه بتقاريرها (الشركات التي أسندت لها هذه المهمة)، أما إذا كان هناك مَن يرى بعد إعداد الدراسات أنه سيتضرر، فهذه ليست مشكلتنا في إثيوبيا”.

اللافت في الموضوع، أن صحيفة “الشرق الأوسط”، نشرت رد فعل القاهرة كاملاً(20)، وفي مساحة كبيرة، وبدا الأمر وكأنه كان مفروضًا من دوائر سياسية سعودية، بعدما أثاره الحوار من مشكلات مع القاهرة.

في إطار آخر للعلاقات، نشرت صحف سعودية عدة، تصريحات لوزيرة التعاون الدولي المصري، سحر نصر، قالت فيها إن الحكومة المصرية تلقت منحة تقدر بنحو 500 مليون دولار، من المملكة، كدفعة أولى من منحة يبلغ إجماليها 2.5 مليار دولار، ستمول بشكل أساسي عددا من المشاريع التنموية في شبه جزيرة سيناء، وعددًا من المشاريع الصغيرة والمتوسطة لفئة الشباب، إضافة إلى تمويل عدد من المشاريع الزراعية، من بينها مشروع الـ1.5 مليون فدان، والمناطق الصناعية الجديدة.

كما نشرت الصحف السعودية، تصريحات لوزير الخارجية، سامح شكري، قال فيها إن مصر تربطها علاقة وثيقة بالمملكة العربية السعودية، واصفًا هذه العلاقة بأنها ركيزة لاستقرار المنطقة العربية، مثمنًا “الدعم الكبير” الذي تقدمه المملكة لمصر في عهد الملك سلمان، لافتا إلى أن المملكة قادرة على الموازنة ومواجهة تحديات المنطقة منذ عهد الملك عبد الله وبوجود الملك سلمان، وتعمل جاهدة على دعم مصر وتنميتها.

ومن بين ما جاء في تصريحات شكري وتم إبرازه، ما يتعلق بجزيرتي “تيران” و”صنافير”؛ حيث قال شكري: “لا يمكن لمصر وقيادتها أن تفرط في شبر واحد، حتى لو لمجرد الاشتباه، والقيادة السياسية حريصة على أن تتقدم للأمام، ويجب ألا نتعامل مع قضية الجزيرتَيْن بشكل عاطفي”.

كما أبرزت كذلك فاعلية أقامها سفير المملكة في مصر، أحمد بن عبد العزيز قطان، يوم 2 يونيو، وهي أمسية الصالون الثقافي “رياض النيل” في دورتها الثالثة، وكان ضيف الشرف فيها، الدبلوماسي المصري السابق، مصطفى الفقي، الذي تحدث عن “العلاقات السعودية ـ- المصرية من منظور جديد”.

كما كان هناك خبر عن تكريم السفير قطان، بناءً على توجيهات من ولي ولي العهد، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، في مقر السفارة في القاهرة، جنديًّا في القوات المسلحة المصرية، يُدعى منصور جمال محمد مهران، نوطي الشرف والتمرين من الدرجة الأولى، بعد إصابته في مناورات “رعد الشمال” التي جرت في المملكة بمشاركة 21 دولة، في فبراير ومارس الماضيَيْن.

6. وجدي غنيم:

نشرت صحيفة “عكاظ”، تقريرًا بعنوان: “مغردون ينتفضون ضد «فور شباب» لاستضافتها «إخوانيًّا» معاديًا للمملكة”(21)، قالت فيه إن إعلان بثته قناة “فور شباب” المحسوبة على الإخوان السعوديين، وتحديدًا الدكتور علي العمري، أنها سوف تستضيف المفكر المصري “الداعم للفكر الإخواني” وجدي غنيم، خلال شهر رمضان، قد أثار استياء مغردين سعوديين وخليجيين وعرب على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت إنهم أعربوا عن “استغرابهم من توجه القناة والتي يملكها السعودي علي العمري، وتبث من جدة، من استضافة إخواني مناهض للمملكة بشدة، إذ قابل المغردون ذلك بنشر تغريدات غنيم الداعمة للفكر المتطرف، وتهاجم المملكة وقيادتها والرئيس المصري. وطالبوا القناة بإلغاء البرنامج وإنهاء التعامل مع غنيم حالاً”. وقالت الجريدة إنها “رصدت تغريدات عدة لغنيم تدعم التشدد والتطرف وتعارض سياسة المملكة، وتؤيد الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسي وآخرها تغريدة زعم فيها كذبا على المملكة أنها تعتقل العلماء”.

وتوضح الجداول والأشكال التالية الأوزان النسبية لهذه القضايا الداخلية والخارجية في الإعلام السعودي:

الجدول رقم (1) القضايا الخارجية في الإعلام السعودي

الجدول رقم (2) القضايا الداخلية في الإعلام السعودي

الجدول رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي

خامساً: اتجاهات المواقف تجاه القضايا الأساسية:

1. تركيا: خطاب سلبي، ولكنه غير متصاعد، مع تراجع الهجوم على الرئيس التركي (إحصائيًّا وليس موضوعيًّا).

2. إيران وحلفاؤها في المنطقة: خطاب سلبي متصاعد.

3. الولايات المتحدة: خطاب سلبي متصاعد.

4. روسيا والدور في سوريا والشرق الأوسط: خطاب سلبي متصاعد.

5. الإخوان المسلمون والإسلام السياسي والربيع العربي: خطاب سلبي متصاعد.

6. مصر والعلاقات المصرية – السعودية: إيجابية تمامًا، باستثناء “بعض” المواقع الصحوية.

سادساً: الاستنتاجات:

1. هناك تحول في مواقف بعض وسائل الإعلام والنشطاء السعوديين من المحسوبين على التيار الصحوي، من الموقف في مصر، وربما يعود ذلك إلى رغبة القائمين على هذه الوسائط، مثل الدكتور سلمان العُمُر، في امتصاص الهجمة الراهنة في الإعلام، وعلى المستوى الأمني، للسلطات السعودية، عقب أزمة موقف مكتب الإخوان المسلمين المصريين في الخارج، من موضوع “تيران” و”صنافير”.

2. الاتجاه العام للعلاقات المصرية – السعودية، إيجابي، وبدا ذلك في تبني الإعلام السعودي الموجه للمواقف المصرية في “كل القضايا” بمعنى الكلمة، وبدت صحف مثل “عكاظ” و”الحياة” و”الشرق الأوسط”، وكأنها وسائل إعلام حكومية مصرية فيما تنقله عن مصر والقضايا المصرية.

3. هناك تراجع في الموقف السلبي إزاء تركيا، ولكن الاتجاه السلبي لا يزال قائمًا، ومن بين ملامح ذلك، عدم إبراز الإعلام السعودي بالشكل الكافي لمشاركة المملكة في مناورات “نسر الأناضول”، وغياب نبرة التعاطف مع تركيا في أزماتها السياسية والأمنية.

4. المقالات التي تناولت تحولات النهضة، قدمت رؤى سلبية عن الأذرع الفاعلة في الإقليم للإخوان، وكان تقارب “حماس” مع إيران، وكذلك تركيا؛ محل انتقادات عدة في الإعلام السعودي. وربما باستثناء التجمع اليمني للإصلاح، يصعب القول بوجود أوجه تعاون محتملة، وحتى اليمن، ومع استمرار الحوثيين في القصف الصاروخي على المملكة، وتراجع مستوى التفاؤل بالتوصل لحلٍّ سلمي للأزمة؛ فإن المملكة تخلت عن فكرة التعاون مع إخوان اليمن لتثبيت عملية سياسية سليمة في البلاد بعد وقف إطلاق النار الذي تراجعت فرصه كثيرًا.

5. تراجعت وتيرة الانتقادات الموجهة للولايات المتحدة، في مقابل عدم وجود تصريحات تصعيدية من مسؤولين أمريكيين فيما يتعلق بدور محتمل لمسؤولين وعلماء دين سعوديين، في أحداث 11 سبتمبر 2001م، والذي أقرت لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخرًا مشروع قرار مشترك لنواب ديمقراطيين وجمهوريين، يطالب “الدول المتورطة” بتعويضات لأهالي الضحايا (22).

———————————

الهامش

(1) هاني نسيرة، “نهضة” تونس و”إخوان مصر” على المحك، صحيفة الشرق الأوسط، لندن، 30 مايو 2016م، الرابط، تاريخ الزيارة 3 يونيو 2016.

(2) عبد الله بن بجاد العتيبي، بعنوان: “الغنوشي.. جدل الدين والسياسة”، صحيفة الشرق الأوسط، لندن، عدد 29 مايو 2016م، الرابط.

(3) خالد الدخيل، الربيع والإسلام السياسي وانقلاب النهضة، صحيفة الحياة، لندن، 29 مايو 2016م، الرابط.

(4) راشد العريمي، القضية أكبر من راشد الغنوشي، الحياة، 30 مايو 2016م، الرابط

(5) محمد على فرحات، زوبعة في فنجان الغنوشي، صحيفة الحياة، لندن، 28 مايو 2016م، الرابط

(6) جمال خاشقجي، “هرمنا من أجل هذه اللحظة: الديموقراطية الإسلامية”، صحيفة الحياة، لندن، 28 مايو 2016م، الرابط

(7) عبد العزيز التويري، كشف الغطاء عن خطر إيران وأطماعها، صحيفة الحياة، لندن، 28 مايو 2016م، الرابط

(8) طهران تختار التصعيد في الحج والرياض: لن نسمح بالفوضى”، الشرق الأوسط، لندن، 30 مايو 2016م، الرابط

(9) الشرق الأوسط، تكامل خليجي برؤية سعودية، عدد 1 يونيو 2016، الرابط.

(10) “رؤية 2030 .. خطة طمُوحة يَدعمُها عُنفوانُ الشّباب”، الرياض”، 31 مايو 2016م، الرابط.

(11)”خريطة طريق تفصيلية لتحقيق (الرؤية السعودية)”، الشرق الأوسط، 3/6/2016، الرابط.

(12) محمد علي المحمود، “نهاية داعش وانهيار أحلام المتأسلمين”، صحيفة الرياض، عدد 2 يونيو 2016م، الرابط.

(13) صحيفة الشرق الأوسط، لندن، الرابط

(14) أيمن الحماد: تحرير الفلوجة لا تجريفها؟، صحيفة الرياض، الرابط.

(15) تركيا تدخل مرحلة حفظ ماء الوجه في سوريا، صحيفة العرب، لندن، 3 يونيو 2016م، الرابط.

(16) داريوس الدرويش، “طريق أردوغان نحو… السلطنة”، صحيفة الحياة، لندن، 2 يونيو 2016م، الرابط.

(17) عبد الوهاب بدرخان، “محاربة «داعش» وتوظيفه في تسويات سورية والعراق”، الحياة اللندنية، 2 يونيو 2016م، الرابط

(18) إحالة الرئيس المقال لأعلى جهاز رقابي في مصر إلى المحاكمة، 2 يونيو 2016م، الرابط

(19)آمال الغزيين بالسفر تتهاوى أمام اغلاق المصريين للمعبر، موقع الاسلام اليوم، 2/6/2016، الرابط.

(20) أديس أبابا تطمئن القاهرة حول سد النهضة وحصتها من النيل.. تحرك دبلوماسي مصري بعد حوار وزير الإعلام الإثيوبي مع «الشرق الأوسط»، 30 مايو 2016م، الرابط

(21) 3 يونيو 2016م، الرابط

(22) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

تطورات المشهد السعودي 6 يونيو 2016

أحمد التَّلاوي

باحث سياسي ومحرر إعلامي، بكالوريوس العلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1996، من مؤلفاته: إيران وصراع الأصوليات في الشرق الأوسط، دولة على المنحدر، أمتنا بين مرحلتين، الدولة والعمران في الإسلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى