fbpx
ترجمات

ذا بوليتين: محطة الضبعة فوز طويل الأمد لروسيا

نشر موقع ذا بوليتين، وهو مؤسسة إعلامية أمريكية، في 20 ديسمبر 2023 مقالاً بعنوان: “لماذا تعتبر المحطة النووية الجديدة في مصر (الضبعة) فوزاً طويل الأمد لروسيا؟”، لمارينا لورينزيني، منسقة برنامج الأبحاث في مبادرة الشرق الأوسط في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في كلية جون كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد.

حيث أبرمت روسيا ومصر في عام 2015 اتفاقاً حكومياً دولياً شرعت على إثره شركة “روساتوم” الروسية في بناء محطة للطاقة النووية بتكلفة 30 مليار دولار بالقرب من مدينة الضبعة الساحلية على البحر الأبيض المتوسط، على بعد حوالي 170 كيلومتراً غرب الإسكندرية، مصر.

“ومع فوز السيسي بولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية التي جرت هذا الشهر، فإن الكيفية التي ستغير بها محطة الضبعة النووية طبيعة العلاقة الشاملة بين روسيا ومصر – وربما حتى تقويض السيادة المصرية – أصبحت واضحة. فقد أظهر مشروع الضبعة أوجه تشابه مع مشاريع البنية التحتية الكبيرة الأخرى التي طوّرتها قوة عالمية كبرى، بما في ذلك ميناء هامبانتوتا في سريلانكا. وفي مثل هذه الحالات، تسمح الدول النامية للقوى الكبرى ببناء مشاريع بنية تحتية مكلفة وعالية التقنية، مما يؤدي إلى تدهور اقتصاداتها والتحول إلى الوقوع في فخ الديون. ويبدو أن الكثير من هذه الخصائص موجودة في مشروع الضبعة، مما سيجعل القاهرة تحت رحمة الشروط الروسية على مدى القرن المقبل.”

وقد جاء المقال الذي نشره موقع “ذا بوليتين” على النحو التالي:

مع تعهد 22 دولة بمضاعفة إنتاج الطاقة النووية العالمي ثلاث مرات بحلول عام 2050 في اجتماع المناخ (كوب-28) الذي انعقد هذا العام في دبي، فإن الآفاق الصادقة للنمو في سوق الطاقة النووية العالمية مطروحة على الطاولة. ومع ذلك فإن هذه الدول الاثنتين والعشرين تمثل إلى حد كبير تلك التي لا تكاد تربطها علاقات مع الصادرات النووية الروسية، أو تسعى إلى النأي بنفسها عن التبعية الحالية.

وتدرس العديد من الدول الأخرى خيار الطاقة النووية، وسوف يلجأ العديد منها إلى شركة الطاقة النووية المملوكة للدولة في روسيا، روساتوم، لبناء مفاعلاتها الجديدة. فمنذ تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السلطة، عمل على تطوير صادرات الصناعة النووية الروسية كجزء أساسي من محفظتها من الطاقة والجيوسياسية. وتمتلك شركة روساتوم حالياً حوالي 70% من سوق التصدير العالمية لبناء محطات الطاقة النووية الجديدة. وبحسب إفصاحات الشركة الروسية، فقد تجاوزت صادراتها 10 مليارات دولار في 2022، مع وجود جدول للطلبات العالمية المقبلة يصل إلى نحو 200 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وهناك دولة واحدة على وجه الخصوص قد تبنت شراكة مع روساتوم، وهي: مصر. ففي عام 2015، أبرمت روسيا ومصر اتفاقاً حكومياً دولياً شرعت على إثره شركة “روساتوم” الروسية في بناء محطة للطاقة النووية بتكلفة 30 مليار دولار بالقرب من مدينة الضبعة الساحلية على البحر الأبيض المتوسط، على بعد حوالي 170 كيلومتراً غرب الإسكندرية، مصر. ومن المتوقع أن تولد محطة الضبعة للطاقة النووية، من خلال أربع وحدات من مفاعل (VVER) بقدرة 1.2 جيجاوات روسية التصميم، أكثر من 10% من إجمالي إنتاج الكهرباء في مصر، وتوفر مصدر طاقة ثابت لنحو 20 مليون شخص.

وبينما تسعى روساتوم إلى إقامة شراكات مع الدول النووية الجديدة، فإن مشروع الضبعة هو بمثابة دراسة حالة كاشفة لتحليل أوجه عدم اليقين والمخاطر المحتملة للصادرات النووية الروسية. فبحثاً عن التنويع السياسي، قامت القاهرة في نفس الوقت بتوسيع احتمالات وقوعها تحت مخاطر الديون، حيث تقوم روسيا ببناء أحد أصول البنية التحتية الأكثر أهمية في البلاد. ومع فوز السيسي بولاية رئاسية ثالثة في الانتخابات التي جرت هذا الشهر، فإنه قد آن الأوان لإعادة النظر في محطة الضبعة النووية التي ستغير العلاقات بين روسيا ومصر بشكل شامل – وربما ستؤدي حتى إلى تقويض السيادة المصرية.

المحطة: وبعد دخول العقود حيز التنفيذ في عام 2017، وافقت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية (ENRRA) على إنشاء الموقع في عام 2019. ورغم أن المجموعات الأربع الرئيسية من العقود ليست متاحة للجمهور، إلا أنها تغطي الهندسة والمشتريات والبناء؛ خدمات الوقود النووي؛ التشغيل والدعم والإدارة؛ ومعالجة الوقود النووي المستهلَك.

وبدأ إنشاء الوحدة 1 في يوليو 2022 وبدأت الوحدة 2 في نوفمبر 2022. وتم صب الخرسانة لأول مرة لأساس للوحدة 3 في مايو 2023، وحصلت الوحدة 4 على ترخيص من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية في أغسطس 2023. ومن المتوقع حالياً أن يتم ربط الوحدتين 1 و2 بالشبكة الكهربائية وأن تكونا قابلتين للتطبيق تجارياً في عام 2028، بينما الوحدة 3 في عام 2029 والوحدة 4 في عام 2030.

وبالإضافة إلى إنتاج الكهرباء، سيكون لدى محطة الضبعة النووية أيضاً القدرة على تحلية مياه البحر الساحلية. وسيتم استخدام المياه المحلاة لملء وتجديد الحلقات الأولية والثانوية للمفاعلات الأربعة، والحفاظ على إمدادات المياه الصناعية والطارئة للمحطة، وتوفير مياه الشرب لموظفي الصيانة. ووفقا لشركة “روساتوم”، مشروع الضبعة يمكنه زيادة قدرة تحلية المياه إلى 100 ألف متر مكعب يومياً، على غرار منشأة قيد الإنشاء في تونس. ومن شأن هذا الاحتمال أن يتماشى مع جهود القاهرة طويلة المدى لبناء المزيد من مرافق تحلية المياه، وتوفير مصادر موثوقة للمياه لعامة السكان، والتخفيف من آثار سد النهضة الإثيوبي على تدفقات نهر النيل إلى مصر.

مخاطر على مصر من عرض “روساتوم”: ففي محطة الضبعة النووية بمصر، وافقت موسكو على توفير التمويل بنسبة 85% من التكلفة (25 مليار دولار)، مع التزام القاهرة بجمع نسبة الـ 15% المتبقية (5 مليارات دولار) لتغطية تكاليف البناء، واستيراد المعدات المتخصصة، والخبرة الفنية والإدارية. ومن غير الواضح كيف ستدر القاهرة 5 مليارات دولار لهذا المشروع في أي وقت قريب. تعد مصر واحدة من أكثر دول العالم عرضة لمخاطر الديون السيادية (في المرتبة الثانية بعد أوكرانيا التي مزقتها الحرب). كما أن عدم توفر الدولار، والمزيد من الجولات المتوقعة لتخفيض قيمة العملة، وندرة شهية المانحين من دول الخليج، لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية في البلاد.

وحتى لو توصل صندوق النقد الدولي أو دول الخليج إلى اتفاق مع القاهرة لتخفيف ضغوط الديون السيادية في مقابل المزيد من الانخراط في الصراع في غزة، فمن غير المرجح أن تتغير وتيرة الإصلاحات البطيئة التي تبنتها القيادة الحالية في البلاد. وفي العقد المقبل، سيكون لدى محطة الضبعة القدرة على إحداث بعض التأثيرات الإيجابية، لكنها ستعمل أيضاً على تعميق العلاقة الثنائية بين مصر وروسيا وقد تدفع القاهرة إلى الاعتماد على موسكو في بعض المجالات.

وقد تم تصميم كل مفاعل بحيث تكون فترة تشغيله حوالي 60 عاماً، حيث يتسق هذا مع عمر المفاعل، كما يتوافق مع إحدى محطات الطاقة النووية البارزة الأخرى التي تنشئها شركة روساتوم، والتي تم بناؤها في أكويو، تركيا. ومع التمديد التشغيلي، يمكن أن يستمر الأمر لمدة تصل إلى 80 عاماً. وفي حالة محطة الضبعة، فمنذ دخول العقود حيز التنفيذ في عام 2017 حتى نهاية عمر خدمة المفاعل الرابع المتوقع أن يكون في عام 2110، ستحافظ الدولة المصرية على علاقة تعاقدية مع روسيا لما يقرب من قرن من الزمان، بالإضافة إلى المرحلة التالية من وقف التشغيل والإخراج من الخدمة. وفي المقابل، ستحافظ روسيا على نفوذها على أصول البنية التحتية الحيوية لأمن الطاقة المصري، مع تداعيات جيوسياسية محتملة قد يمتد أثرها إلى ما وراء الحدود المصرية.

وفي محطة الضبعة، اقترحت روساتوم نموذجاً جديداً للبناء والتملك والتشغيل (BOO)، حيث توفر روسيا الأموال لتغطية تكاليف البناء بالكامل تقريباً، مقابل خطة سداد تعتمد جزئياً على عائدات الكهرباء المستقبلية. ويتناقض نموذج “البناء والتملك والتشغيل” مع النموذج المعمول به في مشاريع البنية التحتية بين القطاعين العام والخاص، والذي يُعرف بـ “البناء والتشغيل ونقل الملكية” (BOT)، حيث يعيد الكيان الخاص السيطرة على أصول البنية التحتية بعد استرداد استثماراته المالية.

ولكن في ظل هدف تحقيق برنامج محلي للطاقة النووية وضعف المركز المالي للقيام بذلك، جاء العرض الروسي بشكل لم تستطع مصر رفضه. ففي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وضع الرئيس حسني مبارك تخوفاته بشأن مخاطر الطاقة النووية جانباً، والتي كانت ترتبط جزئياً بكارثة مفاعل تشيرنوبيل عام 1986، وأعاد إحياء سعي مصر للحصول على الطاقة النووية مع التركيز على تنويع مصادر الطاقة المحلية. ومع ذلك، كافحت القاهرة لجذب موردي الصناعة النووية من الصين وفرنسا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة لتصدير مفاعلات أو محطات طاقة نووية بأكملها، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الافتقار إلى الضمانات المالية الكافية والقيمة التجارية غير المؤكدة. وظل هذا هو الحال حتى أصبحت موسكو على استعداد لتقديم تمويل كبير مقدماً، وهي السمة المميزة لنموذج “البناء والتملك والتشغيل” (BOO). لكن خبراء الصناعة يتساءلون عن الخطوط العريضة لعقود 2017، وما إذا كانت مصر ستكون قادرة على تشغيل المحطة بالكامل، وما إذا كانت الدولة المضيفة ستحصل على نقل للملكية على الإطلاق.

ويُذكر أنه في الوقت الحالي، يبدو أن مرسوم السيسي رقم 484 لعام 2015 الخاص بالاتفاقية الحكومية الدولية مع روسيا غير متاحة تماماً على الجريدة الرسمية المصرية، التي تنشر عادةً المراسيم الحكومية في مصر. ومع ذلك، فإنه يمكن للمحللين الرجوع إلى تقارير الاتفاقية الحكومية الدولية من “بارلميني”، وهي وسيلة إعلامية تستحوذ عليها الحكومة الروسية منذ عامين، للحصول على نسخة من المرسوم الخاص بالاتفاقية.

ويبلغ تمويل روسيا لتكلفة إنشاء مشروع الضبعة نحو 25 مليار دولار، بموجب اتفاقية موقَّعة بين وزارتي المالية المصرية والروسية. ويتم سداد الأموال على مدى 22 سنة على 43 قسط نصف سنوي متساوي. (الدفعة الأولى تستحق في 15 أكتوبر 2029). ويمكن لمصر أن تسدد لروسيا بالدولار الأمريكي أو بالجنيه المصري، أيهما أكثر لصالح الطرف الروسي. ويجب أن توافق وزارتا المالية المعنيتان على استخدام أي عملة أخرى. وستدفع مصر نسبة فائدة مناسبة للغاية قدرها 3% سنوياً، تبدأ من تاريخ استخدام كل دفعة.

ومن بين الـ 15% المتبقية (5 مليارات دولار) من تكاليف محطة توليد الكهرباء التي يجب على مصر دفعها بموجب الاتفاقية، ذكرت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية في عام 2020 إن “مصر ستدفع قيمتها عن طريق بيع الطاقة المولدة من المفاعلات النووية. وأن هذا المشروع لن يكلف مصر شيئاً”. ويشير البيان إلى اتفاقية شراء الطاقة، وهو ترتيب نموذجي لمشاريع البنية التحتية. لكن هذا البيان يتجاهل جوانب التسعير لمعظم اتفاقيات شراء الطاقة.

وفيما يخص هذا العقد، فإنه من المرجح أن شركة “روساتوم” قد تفاوضت على السعر الذي ستبيع به مصر الكهرباء لاسترداد تكاليف البناء والتشغيل. وبصرف النظر عن محاولة فهم المعدل نفسه، فبمجرد انتهاء روساتوم من الدفع في عام 2028، ليس من الواضح ما إذا كانت مصر ستتمكن من الوصول إلى حصة ما من إنتاج الكهرباء منذ البداية (أو بالأحرى، لبيع الكهرباء لنفسها لجمع جزء من مبلغ الـ 5 مليارات دولار)، أو ما إذا كان توليد الكهرباء سيكون حصرياً لشركة روساتوم في السنوات الأولى من التشغيل، أو ما إذا كان يحق لروساتوم الحصول على نسبة مئوية من الأرباح طوال العمر التشغيلي لمحطة الطاقة النووية.

ومع ذلك، ففيما يتعلق بهذا الاحتمال، فإن الحفاظ على متعاقد أجنبي بالسيطرة التشغيلية دون نقل الملكية في نهاية المطاف هو سابقة فريدة في الشرق الأوسط: ففي عام 2016، فازت شركة مرافق كورية جنوبية بعقد تشغيل محطة براكة للطاقة النووية في دولة الإمارات بمدة تشغيلية تبلغ 60 عاماً، وهي العمر الافتراضي للمفاعلات. ومع ذلك، فإن الوضع الاقتصادي للإمارات لا يمكن مقارنته بالوضع الاقتصادي لمصر على الإطلاق.

ويجب على المحللين أن يفكروا بجدية في السيناريو المحتمل الذي قد يترتب على فشل مصر في سداد مستحقات روسيا في الوقت المناسب. وإذا حدث ذلك، فقد لا تتمكن موسكو من السيطرة بالقوة على موقع المحطة مثلما حدث مع محطة زابوريزهيا للطاقة النووية في أوكرانيا أو الاستيلاء على أصول مثلما حدث مع شركة المرافق الفنلندية “فورتوم”، لكنها قد تستمر في ممارسة النفوذ على القاهرة في ساحات أخرى حيث تكون المقايضة المباشرة أقل وضوحاً.

توصيل الوقود وإدارة النفايات: كما تنص العقود على أن “روساتوم” لن تقوم ببناء المحطة فحسب، بل ستقوم أيضاً بتزويد المفاعلات بالوقود النووي طوال فترة تشغيلها. ويعد التوفيق بين مصممي المفاعلات وموردي الوقود النووي أمراً معتاداً في جميع أنحاء الصناعة. كما أنه يخفف على مصر العبء المالي والتصنيعي لإنتاج دورة وقود محلية بالكامل (استخراج اليورانيوم وتحويله وتخصيبه وتصنيع الوقود) للوقود النووي المتوافق مع المفاعلات الروسية.

وفي حالة مشروع الضبعة، لا يمثل توفير الوقود النووي سوى نصف الحافز؛ ومن المقرر أيضاً أن تشارك روسيا في إدارة الوقود النووي المستهلَك، وهو منتج ثانوي لتشغيل المفاعل. وقد اختارت مصر دورة وقود مفتوحة، وهو ما يعني على الأرجح أن محطة الضبعة ستقوم بتخزين النفايات في الموقع لبضع سنوات حتى تعيد “روساتوم” الوقود النووي المستهلَك إلى روسيا، سواء لإعادة المعالجة أو التخزين على المدى الطويل. وهذا يخفف من حاجة مصر إلى تطوير حل لتخزين طويل الأجل يكون مكلفاً، على غرار المستودع العميق تحت الأرض في فنلندا.

ويُعد عرض “الاسترداد” الذي يتم الإشارة إليه غالباً على أنه سمة جذابة لنموذج “البناء والتملك والتشغيل” (BOO)، ومن المرجح أن يتم تنفيذه أيضاً في محطة روبور للطاقة النووية في بنجلاديش ومحطة أكويو للطاقة النووية في تركيا، قيد الإنشاء حالياً. وهذا العرض له سابقة في اتفاقية الوقود النووي بين إيران وروسيا لعام 2005، حيث توفر “روساتوم” حصرياً الوقود النووي لمحطة بوشهر للطاقة النووية الإيرانية. وبشكل عام، فإن هذا العرض من شأنه أن يقلل من الضغوط المالية والسياسية على مصر لاستضافة النفايات، بينما يخفف أيضاً من مخاطر الانتشار والانتقادات البيئية.

ومع ذلك، فإن اتفاقية الوقود قد تضع القاهرة أيضاً في وضع تعتمد فيه الحكومة على إمدادات الوقود الروسية ويمكن لموسكو إيقاف تشغيل المحطة من أجل ضمان المدفوعات، كما حدث مع محطة بوشهر الإيرانية خلال صيف عام 2021. ومع تطور العلاقة بين إيران وروسيا، قد يكون مشروع الضبعة بمثابة “عصا”، ولكنه أيضاً “جزرة” رمزية – كعلامة على متانة وقيمة العلاقة بين روسيا ومصر، وهي محاولة للتنويع السياسي بالنسبة للسيسي. وقد تؤدي محطة الضبعة للطاقة أيضاً إلى صفقات متبادلة المنفعة في مجالات أخرى ذات صلة بالأمن.

الحفاظ على سيادة مصر: تبدو آفاق قيام مصر بإعادة هيكلة ديونها، وسنّ إصلاحات متفق عليها، وتحقيق وضع اقتصادي أفضل في العقد المقبل، تبدو قاتمة في ظل القيادة الحالية – وموسكو في وضع جيد للاستفادة من هذا الضعف.

فمن خلال موافقته على البرنامج الروسي، ربط السيسي بلاده أيضاً، من خلال العديد من المقاييس، بنظام معزول ودولة غير مزدهرة. وبينما تسير أعمال البناء في الضبعة حتى الآن وفقاً للخطة إلى حد كبير، إلا أنه لا ينبغي للمحللين أن يعتبروا هذا التقدم أمراً مفروغاً منه. فمع استمرار العقوبات عليها والمجهود الحربي الذي تقوم به في أوكرانيا، قد تقلل موسكو من أولوية مثل هذه المشاريع الخارجية وتعطي الأفضلية لميزانيتها العسكرية وموظفيها المدنيين والبنية التحتية.

هذه ليست قصة جديدة: فحتى الآن، أظهرت قضية الضبعة أوجه تشابه مع مشاريع البنية التحتية الكبيرة الأخرى التي طورتها قوة عالمية كبرى، بما في ذلك ميناء هامبانتوتا في سريلانكا. وفي مثل هذه الحالات، تسمح الدول النامية للقوى الكبرى ببناء مشاريع بنية تحتية مكلفة وعالية التقنية، مما يؤدي إلى تدهور اقتصادياتها والتحول إلى فخ من الديون. ويبدو أن الكثير من هذه الخصائص موجودة في حالة مشروع الضبعة، مما سيجعل القاهرة تحت رحمة الشروط الروسية على مدى القرن المقبل.

ومن أجل الحفاظ على مستوى من الاستقلال، يجب على القاهرة أن تتعامل بجدية مع صندوق النقد الدولي وأن تستمر في بناء قوة عاملة محلية مختصة قادرة على التشغيل الكامل وصيانة محطة للطاقة النووية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجهود الأخيرة التي بذلتها كندا وفرنسا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ستعزز سلسلة توريد الوقود النووي العالمية وقد تكون خياراً لاحقاً لمشروع الضبعة للحفاظ على خيارات البدائل وتنوع الإمدادات في الموقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close