fbpx
ترجمات

ريسبونسبل ستيتكرافت: كيف أهدر الفريق الأول لبايدن فرصته في السياسة الخارجية

نشر موقع ريسبونسبل ستيت كرافت الأمريكي في 14 مارس 2024 مقالاً تحليلياً بعنوان: “كيف أهدر الفريق الأول لبايدن فرصته في السياسة الخارجية” لبليز مالي، مراسل ‘ريسبونسبل ستيت كرافت’ حالياً والمحرر السابق في ‘ذا ناشيونال إنترست’، حيث يرى أنه قد تغير الكثير منذ الانتهاء من كتاب “الأمميون: النضال من أجل استعادة السياسة الخارجية الأمريكية بعد ترامب” للكاتب أليكس وارد – ولكن لم يكن الكثير منها في صالح الإدارة الأمريكية الحالية.

وقد جاء المقال على النحو التالي:

يختتم كتاب أليكس وارد الأخير بعنوان “الأمميون: النضال من أجل استعادة السياسة الخارجية الأمريكية بعد ترامب” –وهو وصف مفصَّل لأول عامين للرئيس جو بايدن في منصبه كرئيس للولايات المتحدة– بهذه العبارة: “كانت أمريكا مستعدة للتجديد. وكان العالم هناك مهيّأً لإعادة صناعته من جديد. وكان هناك ما لا يقل عن عامين آخرين لإنجاز ذلك الأمر.”

 حيث تنتهي سردية أليكس وارد المعمَّقة في أواخر إبريل من عام 2023، عندما ألقي مستشار الأمن القومي جيك سوليفان خطاباً في معهد بروكينجز، والذي شكَّل النهاية الرمزية لعصر الليبرالية الجديدة.

الحكاية التي يرويها وارد –مراسل الأمن القومي في مجلة بوليتيكو– هي قصة في الحقيقة مقنعة. لقد فهم فريق السياسة الخارجية لبايدن –بقيادة المطلعين البارزين في واشنطن العاصمة والذين أطلقوا على أنفسهم لقب “الفريق الأول”– أن التفويض الذي عُهد إليهم به كان العمل على إخراج واشنطن من الهاوية التي أوصلتها إليها سنوات ترامب في سدَّة الحكم. فقد كانت مشاهدة فوز دونالد ترامب ووصوله للبيت الأبيض بمثابة لحظة بحث عن الذات بالنسبة للديمقراطيين في مؤسسة السياسة الخارجية، مما دفع أولئك الذين أصبحوا في نهاية المطاف محل ثقة جو بايدن إلى تبني نموذج جديد.

كتب وارد: “لقد تغير سوليفان خلال سنوات ترامب بعد العمل على تحديد سياسة خارجية تقدمية، سياسة من شأنها أن تجتذب سكان المناطق الحيوية وكذلك النخب الحضرية من الأثرياء وحَسَنِي النية. وبعد أن شاهد المرشح الديمقراطي خصمه في المكتب البيضاوي وفي الحملة الانتخابية، توصل أيضاً إلى استنتاج مفاده أن الرسالة المعتادة بشأن السياسة الخارجية تحتاج إلى إعادة كتابة في المقام الأول”.

وأن الحزب الديمقراطي سيعمل على قلب ما اعتبروه عِلل الترامبية من خلال إعادة احتضان الحلفاء والشركاء الدوليين، واستعادة القيادة الأمريكية العالمية “للنظام العالمي القائم على القواعد”. ولكن، كما كتب وارد، “لن يتم استخدام القوة إلا عندما تكون أسس العالم التي ساعدت الولايات المتحدة في بنائه منذ عام 1945 في خطر. وإلا فسيتم إعادة الأسلحة إلى أغمادها”.

وكان الموضوع الذي استقر عليه سوليفان وآخرون لتحديد سياسة بايدن الخارجية هو “سياسة خارجية للطبقة الوسطى”.

وفي بعض الأحيان، كان أليكس وارد يتناول هذا النهج في كتابه بعين ناقدة، مشيراً إلى عدد من التناقضات في سياسة الإدارة. لكن البناء الزمني للحبكة السردية النهائية في الكتاب كانت أكثر وضوحاً: بعد بداية صعبة – حيث كان الدرك الأسفل منها هو إنهاء حرب الولايات المتحدة التي استمرت عقدين في أفغانستان، وهو القرار الشجاع الذي أسيئ تنفيذه – استعادت إدارة بايدن بريقها من خلال ردها على غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022.

وعلى الرغم من بعض العقبات التي كانت في الطريق، فقد بدأ بايدن وفريقه في إعادة بناء السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مع التركيز المتجدد على العمل مع الحلفاء، ودعم المعايير الديمقراطية، وحماية ما يسمى بالنظام الدولي القائم على القواعد.

لكن تلك القصة تغيرت بشكل كبير منذ الانتهاء من الكتاب، والتي وصلت بالقارئ إلى إبريل 2023، أي قبل عام تقريباً. لقد حدث الكثير منذ ذلك الحين، ولم يكن ذلك لصالح السردية التي قدمها أليكس وارد. فلو كانت حلقة كلاسيكية من “واجِه الموسيقى”، فهذه هي النقطة المحددة التي تتدحرج فيها السحب على فريقنا الأول ويخرج كل شيء عن المسار الصحيح، ربما إلى الأبد.

وهكذا، فإن أليكس وارد يقدم الرد على الحرب في أوكرانيا على أنه حالة نجاح. وكانت الاستعدادات الممنهجة والشاملة في الأشهر التي سبقت الغزو بمثابة إحباط يعكس النهج العشوائي الذي ميز الانسحاب من أفغانستان. ووفقاً لوارد، استعد فريق بايدن للعديد من حالات الطوارئ المحتملة، على الرغم من أن القيادة السياسية في أوكرانيا كانت متشككة في المعلومات الاستخبارية الأمريكية التي تشير إلى احتمال الغزو.

ويعرض الفصل الأخير من كتاب “الأمميون”، قبل الخاتمة التي تناولت خطاب سوليفان في معهد بروكينجز، يعرض زيارة بايدن المظفرة إلى كييف. يقول وارد، إن الرئيس خلال خطابه في العاصمة الأوكرانية “أراد أن يثبت أن المذهب البايدني (نسبة لبايدن) نجح – وأن العالم يحتاج إلى المزيد منه”. وبالنسبة لبايدن، كان الغزو الروسي بمثابة اختبار عالمي للديمقراطية، وأنه قد سادت الديمقراطية.

ومع ذلك، فخلال العام الماضي، وصلت الحرب إلى “طريق مسدود” – ويقول آخرون إنها حرب استنزاف، وأن موسكو قد فازت بها. وعلى الرغم من هذه الحقائق المتغيرة، أثبتت إدارة بايدن عدم رغبتها أو قدرتها على تحويل استراتيجيتها أو رسائلها بعيداً عن فهم الحرب باعتبارها معركة من أجل الديمقراطية لا يمكن كسبها إلا من خلال الوسائل العسكرية. وبدأت هذه الرسالة تفقد شعبيتها في واشنطن، وخاصة بين الجمهوريين في الكونجرس، كما تحركت السياسة في واشنطن ببطء ضد استمرار المساعدات لأوكرانيا.

ومن ناحية أخرى، ففي ردة فعلها على هجوم حماس على المستوطنات في غلاف غزة في السابع من أكتوبر، أهدرت إدارة بايدن أي شرعية عالمية وكل تماسك كانت قد بنته خلال أول عامين لها في السلطة، وقوَّضت أُسس رسالتها بشأن الحرب في أوكرانيا.

وفي خلال ما يزيد قليلاً عن خمسة أشهر، كشف البيت الأبيض عن النفاق والتناقض في التزامه المُعلَن بحقوق الإنسان والنظام الدولي، وترك واشنطن معزولة على المسرح العالمي.

وكانت الأمور مختلفة في مايو 2021 عندما اندلعت الحرب في غزة. وتماماً كما هو الحال اليوم، اختار بايدن دعم حرب إسرائيل بشكل كامل علناً بينما يتردد أنه يضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي خلف الأبواب المغلقة.

لقد اختار بايدن التفاوض “بشكل ممنهج وبهدوء” مع بنيامين نتنياهو واختار عدم لعب دور علني مهم. ورحَّب البيت الأبيض، بحسب أليكس وارد، بالضغط الذي يمارسه جناح اليسار الذي لعب دوراً في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، والذي تم التوصل إليه بعد 11 يوماً من الصراع.

وكان ذلك، بحسب المؤلف، مؤشراً على رؤية بايدن الأوسع للسياسة الخارجية: “إن القضايا الأساسية التي تتحدى النظام العالمي أو القيادة الأمريكية تحظى بجهده الكامل. وفي كل ما عدا ذلك فإن الولايات المتحدة ستساعد في الأمر إذا استطاعت”.

بينما صوّر أليكس وارد تعامل إدارة بايدن مع الرد على تلك الحرب على أنه نجاح، لأنه “ساعد في إبقاء الصراع قصيراً نسبياً وقابلاً للاحتواء”، إلا أن العكس تماماً هو الذي نتج عن تلك الاستراتيجية اليوم. ويواصل بايدن دعمه علناً لحرب إسرائيل، خطابياً ومادياً. على الرغم من سلسلة التقارير المتواصلة التي تفيد بأن واشنطن أعربت بشكل خاص عن “إحباطها” أو “قلقها” تجاه تل أبيب، إلا أن الحرب الإسرائيلية مستمرة على ما يبدو دون قيود حيث تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين 30 ألف قتيل.

وظل البيت الأبيض يرفض إلى حد كبير دعوات التقدميين إلى وقف دائم لإطلاق النار، ولا يزال خطر اندلاع حريق إقليمي قائماً. كما أن رد إدارة بايدن على ما يحدث في غزة يمثل خيانة صارخة لأي التزام ظاهري بحقوق الإنسان والقانون الدولي، اللذين كانا في غاية الأهمية للبيت الأبيض عندما كان الأمر يتعلق بأوكرانيا.

وكتب “وارد” عن منطق بايدن بعد تلقيه معلومات استخباراتية تفيد بأن روسيا قد تدخل أوكرانيا في أواخر عام 2021: “كان السبب وراء استعداد الإدارة للغوص في الاستعدادات المكثفة هو الدفاع عن النظام الدولي القائم على القواعد”.

أما على الخريطة حالياً، فإن العالم الذي ساعدت أمريكا في بنائه سوف ينهار أمام أعين هذه الإدارة.

لقد أكد البيت الأبيض باستمرار أن مخاطر الغزو الروسي لأوكرانيا هي مستقبل الديمقراطية نفسها. وانتقدت إدارة بايدن انتهاكات موسكو للقانون الدولي. وفي إبريل 2022، اتهم جو بايدن فلاديمير بوتين بارتكاب إبادة جماعية في أوكرانيا.

ومع ذلك، فعندما قضت محكمة العدل الدولية في وقت سابق من هذا العام بأنه “من الممكن” أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، وصف البيت الأبيض الاتهام بأنه “لا أساس له من الصحة”. وقد رفض مسؤولو الإدارة باستمرار إدانة جرائم الحرب الإسرائيلية، بما في ذلك قصف المستشفيات والتهجير القسري وتجويع السكان المدنيين.

وبدلاً من الضغط من أجل وقف إطلاق النار، واصلت الولايات المتحدة دعم الحرب الإسرائيلية. وغالباً ما يربط بايدن نفسه بين الحربين في أوكرانيا وغزة في إطار مشروع عالمي أكبر، بما في ذلك الجهود المستمرة لتمرير حزمة إنفاق تجمع بين 60 مليار دولار من المساعدات لكييف و17 مليار دولار لتل أبيب.

وبالإضافة إلى شعار حملة جو بايدن المتمثل في “سياسة خارجية للطبقة الوسطى”، يحاول أليكس وارد تناول بعض المبادئ الأخرى التي يمكن أن تحدد نهج الرئيس. فيكتب وارد: “لقد طوّر عقيدةً من نوع ما على مدار عامين قضاهما في منصبه: كن صادقاً مع الحلفاء؛ دافع عن الديمقراطية؛ تجنب الصراع التصعيدي؛ حافظ على النظام القائم على القواعد.”

وفي كل الأحوال تقريباً، فقد فشل بايدن في الارتقاء إلى مستوى تلك الأهداف النبيلة.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close