fbpx
ترجمات

واتكينز: اكتشافات النفط والغاز في مصر – حدود الأهمية!

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشر موقع أويل برايس الأميركي مقالاً لسيمون واتكينز، الصحفي الأمريكي المتخصص في المال والاقتصاد، تحت عنوان: “لماذا تُعدّ اكتشافات النفط والغاز في مصر أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للمنطقة”، يرى فيه أن اكتشافات النفط والغاز في مصر أمرُ بالغ الأهمية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، في ظل سعى الغرب لإيجاد مصادر موثوقة لإمدادات ثابتة من النفط والغاز لتعويض تلك التي فقدوها من روسيا، والمساعي الحثيثة التي تبذلها كل من الصين وروسيا لحرمان الغرب من أي فرص لتحقيق ذلك.

وقد جاء المقال على النحو التالي:

يسعى الغرب منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير 2022 لإيجاد مصادر موثوقة لإمدادات ثابتة من النفط والغاز لتعويض تلك التي فقدوها من روسيا. وفي نفس الوقت، وإدراكاً لهذه الحاجة الماسة، بذلت الصين وروسيا قصارى جهدهما لحرمان الغرب من أي فرص من هذا القبيل. فهناك عامل إضافي حاسم وفاعل في هذا العنصر من النظام العالمي الجديد لسوق النفط، والذي قمت بتحليله بعمق في كتابي الجديد الذي يحمل هذا الاسم، “النظام العالمي الجديد لسوق الطاقة“.

حيث ترغب الصين وروسيا في الإسراع في إنشاء “شبكة كهرباء موحدة” عربية – بكل معنى الكلمة. وتعكس الفكرة الأساسية وجهة النظر حول كيفية مواصلة إحكام السيطرة على الأشخاص أو الدول، والتي تبناها الرئيس الأمريكي السابق ثيودور روزفلت، عندما قال: “إذا أحكمت السيطرة عليهم بالضغط على منطقة حساسة، فستسيطر على قلوبهم وعقولهم بعد ذلك”.

وفي هذا السياق، فإن السيطرة على شبكة كهرباء شرق أوسطية موحَّدة تعني أن الصين وروسيا ستكونان قادرتين على ممارسة المزيد من النفوذ على الدول التي تعتمد على تلك الشبكة لتوليد الكهرباء أكثر مما قد يكون هذا النفوذ عليهما ممكنا بخلاف ذلك. وتقع مصر في قلب هذه الخطط لشبكة كهرباء موحدة، لذا فإن الإعلانين الأخيرين من قبل الشركات الغربية عن اكتشافات جديدة كبرى في مصر هو أمر مهم للغاية في هذا السياق.

وجاءت أولى هذه الاكتشافات من إحدى الشركات الأساسية التي كانت في طليعة محاولات الغرب لتأمين إمدادات نفط وغاز جديدة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا – وهي شركة شيفرون. فوفقاً لشركة النفط والغاز الأمريكية العملاقة، من المقرر أن تقوم بحفر أول بئر للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في منطقة امتيازها في البحر الأحمر في مصر خلال النصف الأول من عام 2024. ويأتي ذلك بعد مسوحات زلزالية مكثفة ودراسات جيولوجية وجمع بيانات جيوفيزيائية من قبل الشركة في وقت سابق من هذا العام. وهذا بدوره جزء من دَفعة استراتيجية كبيرة من جانب شيفرون والحكومة الأمريكية لتأمين مصر كحليف رئيسي في النظام العالمي الجديد لسوق النفط، والذي تلقّى دفعة حيوية في عام 2019 عندما فازت شيفرون بأول جولة من العطاءات الدولية التي أعلنت عنها مصر للتنقيب عن النفط والغاز في البحر الأحمر.

ويضيف الكاتب: “تُعتبر مصر دولة مهمة للغاية في العالم العربي لعدة أسباب، وكلها تقدّرها الولايات المتحدة تماماً، كما قمت بتحليلها بعمق في كتابي الجديد عن النظام العالمي الجديد لسوق النفط. وهذا هو السبب في أنها (الولايات المتحدة) تقوم ببذل قصارى جهدها لتوطيد نفوذها هناك وإبقاء البلاد خارج دائرة نفوذ الصين وروسيا. فعلى مدى عقود من الزمان، كان العالم العربي ينظر إلى مصر على أنها الداعم الرئيسي لأيديولوجية “القومية العربية” التي تؤمن بأن القوة الدائمة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الوحدة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية للعرب عبر البلدان المختلفة التي ظهرت للوجود بعد الحربين العالميتين”.

وكان أقوى داعم لهذه الفلسفة هو الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (1954-1970). ويمكن القول إن خليفته في رعاية هذه الأيديولوجية كان الرئيس السوري حافظ الأسد (1971-2000). ومن أبرز العلامات على هذه الحركة حينئذٍ كان تشكيل وحدة باسم (الجمهورية العربية المتحدة) والتي تم تشكيلها بين مصر وسوريا من عام 1958 حتى عام 1961، وتشكيل منظمة أوبك في عام 1960، وسلسلة من الصراعات مع إسرائيل المجاورة خلال تلك الفترة، ثم حظر تصدير النفط خلال الفترة (1973-1974).

ومن خلال وضع هذه الدولة التي تُعتبر زعيمة العالم العربي (مصر) في صفها، تأمل الولايات المتحدة في تعويض التأثير الجيوسياسي السلبي، ولو على الأقل جزئياً، لفقدان المملكة العربية السعودية على المدى الطويل أمام الكتلة الصينية الروسية. فعلى الأقل، تضاهي المكانة التي تتمتع بها مصر سياسياً وتاريخياً في زعامة العالم العربي تلك المكانة التي تتمتع بها السعودية.

وبالطبع لم يغب هذا الأمر عن الصين، التي كانت تسعى منذ فترة طويلة من خلال حليفتها الرئيسية في الشرق الأوسط، إيران، إلى جرّ مصر إلى تصور شبكة الكهرباء الموحدة. وشهد العام الماضي إعلاناً عن قيام مصر والأردن بزيادة تعاونهما في مشروعات توصيل الغاز للداخل الأردني بخبرات مصرية من خلال شركات قطاع البترول المتخصصة.

وقبل ذلك بقليل، أُعلن أن العراق قد وافق على إعادة تصدير النفط الخام من كركوك العراقية إلى مصفاة الزرقاء في الأردن.

وتم أيضاً أخذ إمدادات الكهرباء القادمة من إيران في الاعتبار في هذه الصفقة، نظراً لأن إيران طالما زودت العراق تاريخياً بما يتراوح بين 30 إلى 40  في المائة من جميع احتياجاته من الكهرباء، وكانت قد  وقعت لتوها على أطول صفقة منفردة على الإطلاق بينها وبين العراق لمواصلة القيام بهذا الدور في تلك المرحلة.

وفي نفس الوقت تقريباً، أعلن وزير الكهرباء العراقي، مجيد مهدي حنتوش، أنه تم الانتهاء من إعداد الخطط المتعلقة باستكمال توصيل الكهرباء بين العراق ومصر في غضون السنوات الثلاث المقبلة. وكان من المقرر تعزيز هذه الشبكة من خلال اتصالات الشبكة الموازية التي عزّزتها إيران من حيث الكهرباء المباشرة والتبادلات الغازية. وقال وزير الطاقة الإيراني آنذاك، رضا أردكانيان، في عام 2019، إن تلك الشبكات ستكون جزءاً من المشروع الشامل لإنشاء سوق كهرباء عربي مشترك.

وعلى الرغم من ذلك، فإن شركة شيفرون موجودة الآن بقوة في مصر، وقد اكتشفت في وقت سابق من هذا العام حقلاً ضخماً للغاز البحري هناك، جنباً إلى جنب مع شريكتها الأوروبية في الموقع، إيني الإيطالية. حيث أعلنت شركتا إيني وشيفرون، اللتان تمتلك كل منهما حصة بمقدار 45 في المائة في امتياز منطقة نرجس البحرية البالغة مساحتها 1800 كيلومتر مربع (حيث تمتلك “شركة ثروة للبترول” المصرية الحصة المتبقية البالغة 10 في المائة)، وأنهما قد اكتشفا اكتشافاً جديداً للغاز في منطقة الامتياز، تركز في بئر نرجس 1.

وذكرت الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي المملوكة للدولة (إيجاس) أنه يجري تقييم الكمية الدقيقة للاحتياطيات في البئر لكنها تعمل مع شيفرون وإيني وثروة لبدء الإنتاج في أقرب وقت ممكن. ولا ينبغي أن يستغرق ذلك وقتاً طويلاً، وفقاً لبيانات جاءت من شركة الاستخبارات البحرية، فيسيلز فاليو، حيث تمتلك إيني منصة في ثيكا، على بعد حوالي 40 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من موقع نرجس. ويأتي هذا الاكتشاف في أعقاب الإعلان في ديسمبر 2022 عن أن شركة شيفرون قد وصلت إلى اكتشاف 3.5 تريليون قدم مكعب على الأقل من الغاز من خلال بئر الاستكشاف نرجس 1 في شرق دلتا النيل، على بعد حوالي 60 كيلومتراً شمال شبه جزيرة سيناء. وتشغل شيفرون الآن، إلى جانب كونوكو فيليبس الأمريكية على وجه الخصوص، حقلي ليفياثان وتمار الضخمين في إسرائيل ومشروع أفروديت قبالة سواحل قبرص. ووفقاً لرئيس شركة شيفرون إنترناشيونال للاستكشاف والإنتاج، كلاي نيف: “يتمتع شرق البحر الأبيض المتوسط بموارد وفيرة من الطاقة، وتطويرها يقود التعاون الاستراتيجي في المنطقة.”

وما يؤكد أن مصر أصبحت الآن حليفاً رئيسياً جديداً للتحالف الغربي للولايات المتحدة وأوروبا هو إعلان شركة شل البريطانية العملاقة للنفط والغاز أنها ستبدأ في تطوير المرحلة العاشرة من امتياز غرب الدلتا البحري العميق في البحر الأبيض المتوسط. وقامت شركة شل وشركاؤها (إيجاس، والهيئة المصرية العامة للبترول، وبتروناس الماليزية) بتطوير امتياز غرب الدلتا البحري العميق عبر تسع مراحل تطويرية، وفقاً لبيانات الشركة. ويتكون الامتياز من 17 حقلاً للغاز تقع على أعماق مائية تتراوح من 300 متراً إلى 1200 متراً وتمتد على ما يقرب من 90 إلى 120 كيلومتراً من الشاطئ.

وفي معرض تأكيده على الآثار الأوسع للطاقة والسياسة لهذه الصفقات الأخيرة، قال وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا: “هذه خطوة مهمة نحو إطلاق المزيد من الإمكانات الهيدروكربونية في منطقة دلتا النيل الغنية بمصر… ويسعدنا تعزيز شراكتنا طويلة الأمد مع شركة شل، والتي تلعب دوراً حاسماً في تطوير موارد الطاقة في مصر ودعم طموح البلاد في أن تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close