fbpx
تقاريرالمشهد الإقليمي

المشهد المغاربي العدد 2

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

المشهد المغاربي العدد 2

تقديم

تقرير دوري يصدر عن المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، يتناول أهم التحولات التي شهدتها الدول المغاربية (ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا)، خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر 2019، من حيث التحولات والتطورات الداخلية في كل دولة من هذه الدول، وتفاعلاتها البينية، وكذلك تفاعلاتها الإقليمية والدولية، وذلك على النحو التالي:

أولا: المشهد المغربي

الدورة الرابعة للمنتدى البرلماني المغربي-الفرنسي

انعقدت في الفترة ما بين 12-14 ديسمبر 2019 الدورة الرابعة للمنتدى البرلماني الفرنسي بباريس والتي ترأسها عن الجانب المغربي كل من رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي ورئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماش. ومن الجانب الفرنسي رئيس الجمعية الوطنية ريتشارد فيرانRichard Ferrand ورئيس مجلس الشيوخ جيرارد لارشي Gérard Larcher.

وقد تمحورت النقاشات بين الطرفين حول محورين أساسين وهما: دور الدبلوماسية البرلمانية في مواجهة التحديات الكونية المرتبطة بالتغيرات المناخية، بحيث تم تسليط الضوء في هذا المحور على موضوع حماية البيئة البحرية من جهة، وتعزيز مقومات الديمقراطية من جهة أخرى، أما المحور الثاني تناول فيه الطرفان موضوع الشراكة المغربية-الفرنسية في مجال تعزيز الأمن والتنمية في القارة الإفريقية. وتمركزت أفكار هذا المحور حول السلم والتنمية بأبعادها السياسية، الاقتصادية، الترابية والبشرية، في إطار تعاون لا مركزي بين الطرفين.

وقد أنشئ المنتدى البرلماني المغربي-الفرنسي في العام 2013 وذلك بهدف فتح فضاء للحوار والتعاون بين مجلسي برلمان البلدين، وينظم بشكل تناوبي بين المغرب وفرنسا.

وفي نهاية أشغال هذا المنتدى، أكد الجانبان في البيان الختامي للدورة على ضرورة مواجهة التحديات المشتركة من أبرزها الهجرة غير الشرعية وقضايا التطرف والإرهاب.

تركيا تؤكد دعمها الكامل للوحدة الترابية للمملكة المغربية

أكدت تركيا دعمها الكامل للوحدة الترابية للمغرب، وقد جاء ذلك على لسان وزير خارجيتها السيد مولود تشاووش أوغلو الذي قام بزيارة للمغرب لحضور احتفالية الذكرى الخمسين لتأسيس منظمة التعاون الإسلامي في 12 ديسمبر الجاري.

وفي ندوة صحفية مشتركة بين وزيري خارجية البلدين، أكد السيد مولود تشاووش أوغلو قوله: “إننا ندعم بشكل كامل الوحدة الترابية لبلدنا الشقيق المغرب”، كما أعرب في السياق ذاته عن أسفه لسوء الفهم الذي وقع جراء بث إحدى القنوات التلفزيونية التركية تقريرا حول أميناتو حيدر، والذي تم استدراكه لاحقا من خلال حذف القناة للتقرير من جميع حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي إطار ذلك، واصل السيد تشاووش أوغلو التأكيد على موقف تركيا وحكومتها الثابت والواضح بخصوص الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وتمسكها باستقرار المغرب الذي يلعب دورا محوريا في العالم الإسلامي والقارة الإفريقية وأيضا المنطقة المتوسطية، مبرزا في ذات الوقت أن تركيا لا تدعم ولا يمكنها أن تدعم أي حركة انفصالية، وأن الحلول من وجهة نظرها تأتي عن طريق التسوية السلمية.

من جهة أخرى، تناولت مباحثات الوزيرين أيضا الخطوات والإجراءات التي يمكن اتخاذها من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

وبجانب لقائه بوزير الخارجية المغربي السيد ناصر بوريطة، التقى السيد أوغلو برئيس الحكومة المغربية السيد سعد الدين العثماني، بحيث أكد الطرفان على رغبتها في تعزيز آفاق التعاون الثنائي، من خلال تطوير الاستثمارات والمبادلات التجارية، ولتوطيد ذلك اتفق الجانبان على عقد اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، واللجنة الاقتصادية المشتركة في أقرب الآجال. 

وقد أعرب وزير الخارجية التركي خلال نهاية لقائه برئيس الحكومة المغربية على تطلع بلاده لتعزيز التعاون مع المغرب باعتباره البوابة الاستراتيجية نحو القارة الإفريقية، ومن جهته أعرب السيد سعد الدين العثماني على امتنان المغرب وتقديره لموقف تركيا الثابت من قضية الوحدة الترابية للمملكة، مؤكدا في ذات السياق دعم المغرب لوحدة الجمهورية التركية ورفضه لكل الحركات الانفصالية.

الملك محمد السادس يعين أعضاء اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد

قام الملك محمد السادس بتاريخ 13 ديسمبر الجاري، بتعيين أعضاء اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد، والذي أعلن عن فكرة إحداثها خلال خطاب العرش في 30 من يوليو الماضي، والذي أكد من خلاله أن هذه اللجنة ستكون بمثابة لجنة استشارية تضطلع بمهام محددة التاريخ، وقد كشف الملك خلال خطاب ثورة الملك والشعب في 20 من أغسطس الماضي النقاب عن المهام المنوطة بها وهي التوصل إلى نموذج تنموي من خلال انتهاج مقاربة شمولية ثلاثية الأبعاد وهي: التقويم، الاستباق، والإشراف، تتحلى من خلالها بروح المبادرة والابتكار والإبداع، وذلك من أجل التوصل إلى دراسة الواقع المغربي بكل موضوعية من أجل إصلاح عدد من القطاعات التي تعتريها صعوبات وتحديات كبيرة والتي تؤرق كاهل المواطن المغربي مثل: الصحة، التعليم والفلاحة والاستثمار وغيرها من المجالات، وذلك من أجل التوصل إلى آليات وتدابير مناسبة للرفع من مردودية هذه القطاعات.

ويرجع السبب وراء إحداث هذه اللجنة بحسب الرؤية الملكية في عدم نجاعة النموذج التنموي السابق في تلبية حاجيات فئة كبيرة من المواطنين، وكذا عدم استطاعته الحد من الفوارق الاجتماعية والقضاء على التفاوتات المجالية-الترابية.

وتضم اللجنة 35 عضوا بالإضافة إلى رئيسها السيد شكيب بنموسى وهو وزير داخلية سابق والذي عينه الملك محمد السادس في نوفمبر الماضي لقيادة عمل هذه اللجنة. وإلى جانب ذلك تضم اللجنة أسماء وازنة تجمع بين الأصالة والعصرنة، بالإضافة إلى تطعيمها بالعنصر النسوي والشبابي.

ومن أبرز هؤلاء الأسماء إدريس جطو الوزير الأول السابق والرئيس الحالي للمجلس الأعلى للحسابات، محمد العمراني بوخبزة أستاذ جامعي وعميد كلية الحقوق بتطوان، ليلى بنعلي الخبيرة الدولية في مجال الاستراتيجية الطاقية والاستدامة. وكريم التازي رجل أعمال مغربي معروف.

وسوف يمتد عمل اللجنة من تاريخ تشكيلها إلى حدود الصيف القادم، إذ سترفع إلى الملك التصورات الهامة الكبرى والمبادرات الواقعية الكفيلة بتجديد وتطوير النموذج التنموي الوطني، بالإضافة إلى طرح رؤى استشرافية طويلة المدى من أجل نهضة مستدامة في مجالات التنمية.

الجمعية العامة للأمم المتحدة تدعم المسار السياسي لحل قضية الصحراء المغربية

بتاريخ 14 ديسمبر 2019، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا تدعم من خلاله المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة من أجل إيجاد تسوية نهائية لقضية الصحراء المغربية.

وقد دعا القرار إلى ضرورة تعاون جميع الأطراف مع الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي دائم لهذه القضية، كما جدد مسعى الأمم المتحدة واستنادا إلى قرارات مجلس الأمن للتوصل إلى حل عادل ودائم لقضية الصحراء المغربية، وذلك من خلال تحلي الأطراف بالإرادة السياسية من أجل حوار فعال لا تشوبه صعوبات سياسية تكون عقبة أمام استمرارية النهج التفاوضي.

وفي السياق نفسه، دعمت الجمعية القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والتي أعطت اهتماما كبيرا لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، والتي حظيت بإشادة وتأييد دولي واسع النطاق كمبادرة واقعية عملية تستجيب للمعايير الدولية، باعتبارها السبيل الأنجع للتسوية وذلك في إطار السيادة الوطنية للمملكة المغربية ووحدتها الترابية.

وقد ثمن القرار أيضا، التدابير التي اتخذتها المملكة المغربية للنهوض بمجال حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، من خلال الدور الهام الذي يلعبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الإقليمية في مدن الجنوب، وذلك من خلال استناده على الآليات والمعايير المعتمدة من طرف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

تهنئة الملك محمد السادس للرئيس الجزائري الجديد ودعوته إلى فتح صفحة جديدة في مسار العلاقات المغربية الجزائرية

بعث الملك محمد السادس ببرقية تهنئة إلى الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية، مجددا دعوته إلى فتح مسار جديد ومختلف في العلاقات بين البلدين الجارين، وطي صفحة خلافات الماضي من أجل مستقبل زاهر يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين.

وقد قال الملك محمد السادس في معرض برقية التهنئة هذه: “إنه على إثر انتخابكم رئيسا للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، يطيب لي أن أعرب لكم عن أصدق التهاني، مقرونة بمتمنياتي لكم بكامل التوفيق في مهامكم السامية”.

كما أعرب عن دعوته لفتح مسار جديد ومغاير في علاقة المغرب بالجزائر، وذلك من خلال قوله “إذ أجدد دعوتي السابقة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين الجارين على أساس الثقة المتبادلة والحوار البناء”.

وقد جاء مضمون برقية التهنئة، في سياق مرتبط لدعوات الملك السابقة والمتواصلة في مناسبات عديدة، وذلك من أجل السير قدما نحو فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين تُطوى من خلالها صفحة الخلافات السياسية التي أثرت بشكل ملموس على البلدين وفي مختلف النواحي والمسارات، كما عرقلت النهوض باتحاد مغاربي متماسك ومتجانس. وذلك عبر فتح قنوات الحوار الصريح والمباشر مع المسؤولين في الجزائر عن طريق بناء آلية مشتركة لتجاوز الخلافات عبر شبكات الحوار والتشاور المبني على أساس الثقة المتبادلة لإحياء العلاقات وبعثها من جديد.

وفي المقابل، فإن هذه الدعوة وحسب خبراء وأساتذة جامعيين مغاربة، لن تلقى تجاوبا في دواليب صنع القرار في الجزائر، بحيث إن الرئيس الجديد لن يغير من سياسته تجاه المغرب، وذلك يرجع إلى جملة من الأسباب أبرزها تصريحات الرجل السابقة حول علاقات بلاده بالمغرب، والتي كانت تحمل في طياتها نوعا من العدائية، خصوصا عندما طالب المغرب بتقديم اعتذار رسمي للجزائر مقابل قبول الأخيرة فتح الحدود معه.

ومن كل ذلك، فإن المهتمين بمجال العلاقات المغربية-الجزائرية يرون أن سياسة الرئيس الجديد تجاه المغرب لن تحمل أي جديد، إذ ستستمر على نفس نمط العهد السابق، بل ربما سترجع خطوات إلى الوراء، لأن من يتحكم بزمام الحياة السياسية في الجزائر هم من يحددون شكل سياستها الخارجية ونمط عملها.

ثانيا: المشهد الجزائري

عبد المجيد تبون رئيسا للجزائر

أعلنت السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر، فوز عبد المجيد تبون بالانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر 2019، من الجولة الأولى ليصبح ثامن رئيس للبلاد منذ استقلالها عام 1962، وذلك بنسبة 58.15%، متبوعا بمرشح التيار الإسلامي عبد القادر بن قرينة بنسبة 17.28%، ثم الوزير الأول السابق على بن فليس الذي حل في المركز الثالث بنسبة 10.5 %، ليضع بعد هذه الانتخابات حدا لمسيرته السياسية.

وقد وصلت نسبة المشاركة حسب الجهة المعلنة نسبة 41.14% ، ما يمثل مشاركة 9 ملايين و6722 مواطنا في هذه الانتخابات.

وقد تقلد الرئيس الجديد مناصب مختلفة في الدولة، بحيث شغل منصب والي لمرات عديدة، ثم تولى مهام وزارية متعددة منها وزير الاتصال والثقافة، ووزير منتدب لدى الجماعات المحلية، ووزير السكن والعمل ووزير التجارة، إلى حين وصوله في العام 2017 لثاني أعلى منصب في البلاد وهو منصب الوزير الأول، والذي لم يعمر فيه إلا 90 يوما لتأتي بعد ذلك إقالته التي أثارت الكثير من الجدل عن مسبباتها.

ويعتبر الرئيس الجديد حسب الجزائريين من مخلفات النظام القديم والمرشح المفضل لدواليب الدولة العميقة في الجزائر، أو بالأحرى المرشح الذي يحظى بدعم وثقة كبيرة من طرف المؤسسة العسكرية. كما يعتبره متظاهرو الحراك على أنه جزء لا يتجرأ من نظام بوتفليقة، وما هو إلا بوتفليقة بحلة جديدة.

وفي خضم ذلك، تعهد عبد المجيد تبون في خطاب تنصيبه رسميا على صياغة دستور جديد يتلاءم مع متطلبات الشارع الجزائري، أضف إلى ذلك سعيه إلى توحيد صفوف الجزائريين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم. مع تعهده على تمكين فئة كبيرة من الشباب من تبوء المناصب، بالإضافة إلى عمله على تنويع الاقتصاد ومكافحة الفساد.

نتائج الانتخابات الجزائرية.. بين ردود الداخل والخارج

تباينت ردود الفعل عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في الجزائر بين ردود الداخل والتفاعل الإقليمي والدولي وجاءت كالتالي:

رد فعل الحراك الشعبي: تزامنا مع الإعلان عن نتائج الانتخابات، نزلت فئات كبيرة من الشعب الجزائري إلى الشارع وفي مدن عديدة وعلى رأسها العاصمة الجزائرية رافضين إجراء هذه الانتخابات والنتائج التي تمخضت عنها، وبحسب صوت الشارع فإن هذه الانتخابات أعادت إفراز نظام بوتفليقة برأس جديد وهو عبد المجيد تبون، وقد هتف المحتجون في هذه المظاهرات ضد الرئيس الجديد الذي شغل مناصب عديدة في عهد النظام السابق والذي ناضل الحراك منذ بدايته على إزالة كل شخوصه ومؤسساته.

وكانت أقوى الشعارات المرفوعة “لا للانتخابات مع العصابات”، “لا شرعية للنظام في ظل انتخابات مزورة” “دولة مدنية وليس عسكرية”، في إشارة واضحة لتدخل المؤسسة العسكرية في مسار الحياة السياسية في الجزائر. وفي خضم ذلك، رفض المتظاهرون مطلب الحوار الذي تقدم به عبد المجيد تبون مؤكدين أن لا دستور جديد مع رئيس غير شرعي.

وقد اتسمت هذه الانتخابات بمقاطعة واسعة وقياسية، بحيث بلغت حوالي 40%، وهي أدنى نسبة مشاركة تشهدها رئاسيات الجزائر عبر التاريخ، والتي شكك الجزائريون في نسبتها، مؤكدين أن هذه العملية مزورة من ألفها إلى يائها.

رد فعل المؤسسة العسكرية: لقد وصفت المؤسسة العسكرية العملية الانتخابية بأنها خطوة أساسية نحو تكريس دولة الحق والقانون والمرور إلى مرحلة جديدة مشرقة في تاريخ البلاد، كما أنها عبرت في رسالة تهنئتها للرئيس الجديد على لسان رئيس أركان جيشها السابق أحمد قايد صالح الذي وافته المنية يوم 23 ديسمبر الحالي بأنه “الرجل المناسب والمحنك والقادر على قيادة الجزائر نحو مستقبل أفضل”.

أما ردود الأفعال الإقليمية والدولية فقد تراوحت بين التهنئة والدعم والحذر:

على المستوى العربي، قام رؤساء وقادة الدول العربية بتهنئة عبد المجيد تبون، بمناسبة فوزه بالانتخابات وذلك من المحيط إلى الخليج متمنين له التوفيق في مهمته وللشعب الجزائري بمزيد من التطور والازدهار، آملين أن تشهد العلاقات مع الجزائر مزيدا من التقدم في عهده. لكن تبقى أبرز خطابات التهنئة تلك التي تلقاها الرئيس الجديد من الملك محمد السادس والذي أعرب له من خلاله عن أمله في أن تشهد العلاقات المغربية الجزائرية منعطفا جديدا يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين.

أما على الصعيد الدولي، فقد اعتبرت الخارجية الروسية في بيان لها أن إجراء هذه الانتخابات تشكل خطوة مهمة لتقدم الجزائر، آملين أن تشهد العلاقات الروسية الجزائرية في عهد الرئيس الجديد مزيدا من التوسع وفي جميع المجالات وبصورة ممنهجة.

أما الولايات المتحدة الأمريكية، فقد عبرت خارجيتها في بيان لها: تهنئتها للجزائر على إجراء الانتخابات الرئاسية، مؤكدة أن علاقات الشراكة التي تجمع البلدين تتسم بالاحترام المتبادل، والتي ترجع فائدتها على البلدين، كما تضمن البيان حرص واشنطن على مزيد من العمل في ظل الرئيس الجديد من أجل تعزيز الأمن والازدهار في المنطقة، لكن كل ذلك لم يمنع الخارجية الأمريكية من إعلان دعمها على حق الجزائريين بالتعبير عن آرائهم بسلمية.

أما الموقف الفرنسي فقد جاء مغايرا عن باقي المواقف، بحيث أثار نوعا من الجدل، جراء التصريحات الأولية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي لم يهنئ من خلالها الرئيس الجزائري الجديد، مكتفيا بقوله في مؤتمر صحفي في بروكسيل “أخذت علما بالإعلان الرسمي عن فوز السيد عبد المجيد تبون في الانتخابات الرئاسية الجزائرية”، داعيا السلطات الجزائرية إلى بدء حوار مع الشعب الذي خرج في تظاهرات حاشدة رفضا للانتخابات”.

لكن بعد أيام من تصريح ماكرون، أعلنت الرئاسة الفرنسية إجراء الرئيس اتصالا هاتفيا مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قدم له من خلالها تهانيه ومتمنيا له التوفيق في ممارسة مسؤولياته، مؤكدا له حرص فرنسا على مزيد من التعاون مع دولة الجزائر.

انطلاق السلسلة الثانية من محاكمات رموز النظام السابق في قضايا فساد

استأنف القضاء الجزائري السلسلة الثانية لمحاكمة رموز النظام السابق في قضايا فساد، وذلك بعد الحكم على كل من أحمد أويحيى وعبد المالك سلال ومجموعة من المسؤولين في السلسلة الأولى من محاكمة رؤوس نظام بوتفليقة.

ومثلت أمام أنظار العدالة المجموعة الثانية من كبار المسؤولين السابقين وعائلاتهم، ومن أبرزهم وزير الشباب والرياضة السابق محمد حطاب، والوالي السابق لولاية البيض محمد جمال خنفار، والمدير العام للأمن الوطني سابقا عبد الغني هامل و3 من أبنائه، بالإضافة إلى الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني محمد جميعي، ونجل جمال ولد عباس وزير التضامن السابق…، وقد تم التحقيق مع هؤلاء حول قضايا فساد تخص تبديد أموال عمومية ومنح امتيازات غير قانونية، وسوء استغلال واستعمال السلطة، وأيضا الاستيلاء على عقارات ومشاريع استثمارية تابعة للدولة والإثراء غير المشروع على حساب أموال عامة، بالإضافة إلى الارتشاء والمعاملات غير القانونية في الحملات الانتخابية للرئاسيات السابقة.

وقد جاءت السلسلة الثانية من المحاكمات قبيل الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية والتي فاز بها عبد المجيد تبون وسط غضب شعبي رافض لها. وهو ما يؤشر على إمكانية ربط سرعة النظر في قضايا فساد النظام السابق بمحاولة إخماد فتيل الحراك الجزائري الذي يرفض أن يكون له رئيس من أنقاض النظام السابق.

ثالثا: المشهد التونسي

سيدي بوزيد.. تحيي الذكرى التاسعة لثورة الياسمين بحضور الرئيس

أحيت تونس وبالضبط مدينة سيدي بوزيد في 17 من ديسمبر الجاري الذكرى التاسعة لاندلاع الثورة التونسية، ففي مثل هذا اليوم قام الشاب محمد البوعزيزي بإضرام النار في نفسه أمام ولاية سيدي بوزيد احتجاجا على الظلم التي تعرض له من طرف شرطية وصفعها له. وقد كان ما فعله البوعزيزي سببا في اندلاع الاحتجاجات في المدينة ومن تم توسعها لكل أنحاء تونس، بل تخطى ذلك الحدود لينتشر كسرعة البرق في مناطق متفرقة من العالم العربي، بحيث تم وصفه على أنه الشرارة التي أيقظت ثورات الربيع العربي.

وعلى الرغم من مرور تسع سنوات على اندلاع الثورة التونسية، فإن أهالي سيدي بوزيد يرون أن الوضع لا زال يراوح مكانه، بحيث أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لا زالت متردية، في ظل عدم مبالاة المسؤولين والمنتخبين بهموم المواطن وانغماسهم فقط في الصراعات السياسية التي كانت سببا في تعطيل عجلة التنمية في الولاية وفي البلاد بصفة عامة.

ويري الأهالي أن سيدي بوزيد ديسمبر 2010 هي نفسها سيدي بوزيد ديسمبر 2019، بحيث أنه لا زال يراودهم حلم التغيير في مجالات التنمية والتشغيل من خلال إحداث مشاريع كبرى في المدينة في سبيل النهوض بأوضاعها. وفي إطار ذلك تحتل ولاية سيدي بوزيد المرتبة الثانية من حيث الولايات الأكثر غضبا، والمرتبة الثالثة من حيث نسبة الاحتجاجات الاجتماعية.

وفي خضم هذه المناسبة دعا سكان الولاية إلى اعتبار تاريخ 17 ديسمبر يوم عطلة وطنية في كافة أنحاء الجمهورية، وذلك باعتباره شرارة ثورة الكرامة والحرية والقلب النابض للربيع العربي.

وفي خضم ذلك، ألقى رئيس الجمهورية التونسية خطابا من مدينة سيدي بوزيد عشية الاحتفالات بذكرى الثورة التونسية، والذي وعد من خلاله ساكني المدينة بالعديد من المشاريع التي من شأنها أن تساهم في رفع مستوى التشغيل وبالتالي القضاء على آفة البطالة التي كانت أحد أبرز أسباب اندلاع الثورة التونسية، وأكد في ذات الوقت على التزامه وتحمله المسؤولية لتحقيق مطالب المواطنين المتمثلة في العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية وحفظ الكرامة الإنسانية في إطار الشرعية.

مرصد حقوقي تونسي يؤكد وجود 500 مواطن تحت الإقامة الجبرية والسبب حالة الطوارئ.

أكد رئيس مرصد الحقوق والحريات في تونس وجود أكثر من 500 مواطن تونسي تحت الإقامة الجبرية، إما بشبهة الإرهاب أو الفساد، وذلك منذ فرض الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي حالة الطوارئ في البلاد في العام 2015 على إثر هجوم إرهابي على حافلة للأمن الرئاسي. وفي خضم ذلك طالب المرصد على لسان رئيسه عدم تجديد حالة الطوارئ التي ستنتهي في نهاية ديسمبر الجاري، مطالبا رئيس الجمهورية بالوفاء بوعوده وأن يطبق مبادئه كرجل للقانون الدستوري، وذلك بإنهاء حالة الطوارئ التي لا تتمتع بالشرعية الدستورية، ولا مبرر لها في ظل الوضع القائم.

مؤكدا في الوقت نفسه، أن حالة الطوارئ ساهمت في مزيد من الاحتقان نتيجة تضييق الخناق على المواطن التونسي وتقييد حرياته في التنقل، كما طالب في الوقت ذاته مجلس النواب بسن قانون أساسي ينظم حالة الطوارئ وذلك دون المساس بالحقوق والحريات الأساسية للمواطن.

مسار متعثر في مشاورات تشكيل الحكومة التونسية…. والرئيس يتدخل لحل الأزمة

تشهد تونس في الفترة الحالية اضطرابات في المشهد السياسي نتيجة تعثر مشاورات تشكيل الحكومة التونسية وذلك في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة تمر منها البلاد.

وقد اختلفت الأسباب في تعثر مسيرة ولادة الحكومة التونسية منذ بداية المشاورات الأولية بعد تكليف الحبيب الجملي بمهام تشكيلها إلى حدود الساعة، لكن يبقى حدث انسحاب مجموعة من الأحزاب من المشاورات من أصعب الأمور التي واجهت الجملي في مهمته والتي تبعثرت على إثرها الأوراق وأصبحت السيناريوهات خلالها جد محدودة وضيقة.

وفي خضم ذلك، أعلنت أحزاب كل من تحيا تونس والتيار الديمقراطي وحزب حركة الشعب انسحابهم من المشاورات الجارية، وبالتالي عدم مشاركتهم في الحكومة المقبلة. معللين ذلك بعدم توفر شروط نجاح المشاورات في ظل غياب الجدية في توزيع الحقائب الوزارية، ومن زاوية مقابلة؛ اتهمت حركة النهضة الأحزاب المنسحبة بإهدار الوقت، وعدم وجود أسباب منطقية للانسحاب في ظل منح وزارات لهذه الأحزاب، مع نفيهم لما تروج له هذه الأحزاب بأن رئيس الحكومة سيمنح 15 وزارة للمستقلين. مؤكدة في الوقت ذاته، أنها ستستأنف المفاوضات متحدية جميع العراقيل التي تواجه تكوينها، معلنة تمسكها بالحبيب الجملي كمرشح لرئاسة الحكومة.

وقد أوجبت هذه الأزمة، تدخل رئيس الجمهورية من أجل إخماد الخلافات بين الأحزاب السياسية التي كانت سببا في تعطيل تشكيل الحكومة، وقد اجتمع رئيس الجمهورية يوم 23 ديسمبر بقصر الرئاسة في قرطاج بمجموعة من رؤساء الأحزاب وهم: رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، ورئيس حزب تحيا تونس يوسف الشاهد، وأمين عام حزب التيار الديمقراطي محمد عبو، وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي من أجل التشاور لنزع فتيل الخلافات القائمة وذلك في سبيل تشكيل الحكومة القادمة. ودعا قيس سعيد خلال هذا الاجتماع الفرقاء السياسيين على تغليب المصلحة الوطنية لتسريع وتيرة تكوين شكل الحكومة من أجل تجاوز الأوضاع الصعبة التي تعيشها تونس، والتركيز على انتظارات المواطن التونسي من أجل النهوض بأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية.

ومن ناحية أخرى، وأمام كل هذه التجاذبات، استعان رئيس الحكومة المكلف بسيناريو مغاير، أعلن من خلاله عن قراره بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن كل الأحزاب والتيارات السياسية. مشيرا أنه سيعتمد على مبدأي الكفاءة والنزاهة في الاختيار.

وفي حال لم يتوصل رئيس الحكومة التونسية إلى تشكيل حكومة خلال المدة الدستورية الممددة وأقصاها 15 يناير، فإن لرئيس الجمهورية أن يعين شخصية أخرى لبدء مشاورات ومفاوضات جديدة لتكوين حكومة داخل أجل شهرين، أو ستكون الحكومة أمام خيارين إما تشكيل حكومة مصلحة وطنية كما دعا إلى ذلك حزب يوسف الشاهد “تحيا تونس”، وإما حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة. وتحتاج الحكومة لـــ 109 من أصل 217 لنيل ثقة البرلمان من أجل تنصيبها.

رابعا: المشهد الليبي

عبد الفتاح السيسي وحديثه عن إمكانية التدخل في ليبيا

قال عبد الفتاح السيسي في مداخلة له في منتدى شباب العالم بمدينة شرم الشيخ المصرية أن حكومة الوفاق الليبية (المعترف بها دوليا) لا تتمتع بالإرادة الحرة أي أنها مسلوبة الإرادة، متهما إياها أنها أسيرة الميلشيات الموجودة في طرابلس، وأن هذا الأمر كان له الأثر البالغ على الأمن القومي المصري.

مؤكدا في الوقت ذاته، أنه كان بإمكان مصر التدخل المباشر في ليبيا، لكن ذلك لم يحصل مراعاة للشعب الليبي بحيث أنه لن ينسى التدخل المباشر في أمنه، مردفا حديثه على أن ليبيا أصبحت ملاذا ومعبرا للهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، مؤكدا في نفس السياق عودة آلاف المصريين من هذا البلد نتيجة انعدام الأمن والاستقرار فيه.

ولم تقف تصريحات السيسي حول ليبيا عند هذا الحد، بل قال في حديث آخر له، إن مصر لن تسمح لأي طرف بالسيطرة على ليبيا، وذلك في إشارة غير مباشرة لتركيا التي وقعت مذكرتا تفاهم حول التعاون الأمني والعسكري وتحديد مجالات الصلاحية البحرية مع حكومة الوفاق وذلك في ظل معارضة الجانب المصري الذي وصفها “بغير الشرعية”.

كما صرح السيسي علانية دعمه الكامل لحفتر وميليشياته ومساندته له فيما سمي بـ ‘المعركة الحاسمة في طرابلس، والتي تعتبر المعقل الرئيسي لحكومة فايز السراج المعترف بها من قبل الشرعية الدولية.

وفي معرض الرد على تصريحات السيسي المضطربة والمتفاوتة حول الوضع في ليبيا، استنكرت الخارجية الليبية هذه التصريحات خصوصا الاتهامات الموجهة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بحيث اعتبرتها تصريحات غير مسؤولة، واصفة إياها بأنها عبارة عن “مراهقة سياسية”.

وقبل ذلك، كانت قد أعلنت السفارة الليبية في القاهرة عن تعليق جميع مهامها لظروف أمنية، من دون توضيح الأسباب وراء اتخاذ هذا القرار، نافية في بيان آخر لها عما راج في وسائل التواصل الاجتماعي من إشاعات مفادها انشقاق موظفين في السفارة الليبية في القاهرة.

مدن ليبية تستنفر لمواجهة ميلشيات حفتر

أعلنت عدد من مدن الغرب الليبي انضمامها للدفاع عن العاصمة طرابلس وضواحيها، وذلك في ظل الهجوم الذي شنته عليها مليشيات حفتر المدعومة لوجستيا وتمويليا من أطراف إقليمية أبرزها مصر والإمارات منذ أبريل الماضي.

وقد أعلنت المكونات السياسية والعسكرية للمدن السبعة: الزنتان ومصراته وكاباو وزليتن والخمس ومسلاتة والزاوية، تسخير كل الإمكانات والدعم اللازمين لمواجهة العدوان الذي تشنه ميليشيات حفتر على طرابلس، والتي تشهد منذ أكثر من ثمانية أشهر معارك مسلحة وقصف جوي من قبل القوات التابعة لحفتر من أجل إحكام السيطرة عليها. ولكن مسعى حفتر لم يتحقق في حسم ذلك، نتيجة الخسائر التي تكبدها ولمرات متتالية في محاولاته للدخول للعاصمة طرابلس. هذه المحاولات التي راح ضحيتها عدد كبير من الضحايا المدنيين نتيجة استهداف بيوتهم، وتشكل المجازر التي ارتكبها حفتر وقواته بحق الليبيين انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني بحيث صنفت على أنها جرائم حرب وذلك بحسب تقارير أممية وتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية.

وكان حفتر قد أعلن محاولته الدخول إلى طرابلس والسيطرة عليها عبر عملية سماها بـ “المعركة الحاسمة”، وفي المقابل من ذلك أعلنت حكومة الوفاق الوطني أن الوضع تحت السيطرة، معتبرة إعلان حفتر محاولة استعراضية يائسة كسابقاتها.

وفي خضم ذلك، أعلنت قوات حكومة الوفاق أن ميلشيات حفتر قصفت عشوائيا عددا من المنازل الآهلة بالسكان في العاصمة، بالإضافة إلى قصف مصراتة التي تعد قواتها من أكبر داعمي حكومة الوفاق عسكريا. وقد جاء هذا الهجوم من خلال شن طيران أجنبي غير محدد الهوية هجوما على أهداف مدنية في مناطق متفرقة من مصراتة. وذلك بعد مدة زمنية قصيرة من قرار الحكومة الليبية تفعيل مذكرة التفاهم العسكرية والأمنية مع تركيا، وقبول دعمها الفني واللوجستي.

وفي ذات الجانب، طالب فايز السراج خمس دول بتسريع تفعيل اتفاقياتها الأمنية مع ليبيا وهي الولايات المتحدة، تركيا، بريطانيا، إيطاليا والجزائر، وذلك من أجل مساعدة حكومة الوفاق لصد العدوان على طرابلس من أي مجموعات مسلحة، كما حث السراح أيضا هذه الدول إلى تفعيل تعاونها في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.

وفي سياق العمليات العسكرية لقوات حفتر في عدد من المدن الليبية ومن أبرزها طرابلس، أعلنت البعثة الأممية في ليبيا عن أسفها للتطورات الأخيرة وأبرزها التصعيد العسكري المتصاعد في البلاد، والذي يعرض حياة الكثير من المدنيين للخطر ويزيد من حالة التشرذم في ليبيا ويقلص فرص العودة إلى المفاوضات وفتح قنوات الحوار من أجل حل نهائي للأزمة الليبية.

ورغم خطورة وصعوبة الوضع الميداني، فقد أكدت الأمم المتحدة سعيها المتواصل لتوحيد المواقف الدولية بشأن ليبيا وحث الفرقاء الليبيين على العودة إلى طاولة الحوار والمفاوضات في سبيل وقف القتال لحقن دماء الليبيين الذين ترتكب في حقهم مجازر بشعة لا حصر لها. ولأجل ذلك تراهن الأمم المتحدة على مؤتمر برلين من أجل إيجاد تسوية سياسية لحالة الانقسام السياسي والعسكري في ليبيا.

اتصالات دولية لمناقشة الأزمة الليبية

في ظل تصاعد الوضع الميداني إثر إعلان حفتر تجديد هجومه على مجموعة من المدن الليبية وعلى رأسها العاصمة طرابلس، تصاعدت في الجانب الآخر الاتصالات السياسية بين عدد من الدول المهتمة بالوضع في ليبيا، ومن أبرزها، الاتصال الهاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي تباحث من خلاله الجانبان تفاقم الوضع العسكري الميداني المستمر في ليبيا، بحيث أعرب الطرفان عن دعمها لجهود الوساطة الأممية برعاية ألمانية وذلك من أجل الوصول إلى حل نهائي للنزاع المسلح وإنهاء معاناة الآلاف من المدنيين الليبيين والعودة إلى طاولة المفاوضات، والتي تعتبر بحسب الرئيسين فرصة لإيجاد تسوية سياسية للأزمة، وفي سياق ذلك أكد الطرفان استعدادهما الكامل للمساهمة في جهود الوساطة من خلال ترتيب اتصالات بين الأطراف الليبية.

ومن جهة أخرى، أجرى بوتين مباحثات هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لمناقشة آخر تطورات الملف الليبي، بحيث أكد الطرفان ضرورة تفادي التصعيد العسكري الحاصل ميدانيا، واستئناف الحوار السلمي من أجل حلحلة الأزمة التي تتفاقم مؤثراتها على أرض الواقع يوما بعد يوم. وقد أكد بوتين دعمه الكامل لجهود الوساطة التي تبذلها ألمانيا في هذا المسار وأبرزها الترتيب لعقد مؤتمر برلين من أجل تسوية الأزمة الليبية بالطرق السلمية في يناير القادم.

لم تقف اتصالات الرئيس الروسي عند هذا الحد، بحيث أجرى كذلك اتصالا مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ بحث من خلاله آخر مستجدات الوضع في ليبيا، وقد أكد الجانبان على ضرورة حل الأزمة عبر القنوات السياسية والدبلوماسية من أجل استتباب الأمن وعودة السلام إلى ليبيا.

خامسا: المشهد الموريتاني

القمة الاستثنائية لدول الساحل الإفريقي بحضور موريتانيا

عقدت في 14 ديسمبر الجاري في نيامي عاصمة النيجر القمة الاستثنائية لدول الساحل الإفريقي من أجل التشاور حول الوضع الأمني الخطير التي تشهده المنطقة خصوصا بعد الهجوم الذي شهدته النيجر وراح ضحيته 71 قتيلا من أفراد الجيش، تبنى خلاله تنظيم “داعش” في منطقة الصحراء الكبرى مسؤوليته عن هذا التفجير الإرهابي.

وقد شارك في القمة الرئيس الموريتاني عبد العزيز ولد الشيخ الغزواني إلى جانب نظرائه من قادة الدول الأعضاء وتضم مجموعة الساحل إلى جانب موريتانيا كل من مالي وبوركينافاسو والنيجر وتشاد.

وقد شكل الملف الأمني محور النقاشات بين قادة الدول الخمس، لأنه يعتبر مصدر قلق لدول الساحل، وفي هذا الإطار بحث الرؤساء سبل مكافحة الظاهرة الإرهابية التي استشرت بشكل كبير في المنطقة بل وتوسع رقعتها وانتقالها للمناطق المجاورة.

وقد أجمع القادة المشاركون في بيانهم الختامي على ضرورة التصدي للمشاكل الأمنية في المنطقة عن طريق توفير الوسائل والآليات للحد منها، وفي إطار ذلك عبروا عن قلقهم البالغ تجاه تنوع الجريمة في المنطقة واتساع مجالها، كما أكدوا على بذل كل الجهود لمواجهتها، من خلال التنسيق بين القوات العسكرية البينية من جهة والقوات الدولية الحليفة، كما اتفق القادة على ضرورة تفعيل الوسائل اللوجستية وتحسين عمل المكونات البشرية سواء الأمنية أو العسكرية والمخابراتية في سبيل الوصول إلى تنسيق فعال لمواجهة التحديات الأمنية بمختلف أنواعها سواء تعلق ذلك بمجال مكافحة الإرهاب أو الجريمة العابرة للحدود.

كما وجهوا طلبا لمجلس الأمن بضرورة الاهتمام والتعاطي بشكل أكثر فعالية من خلال تقديم المساعدة العسكرية أو الفنية لدول الساحل الخمس، بالإضافة إلى مزيد من الدعم لقوات حفظ السلام الأممية بمالي.

وأخيرا، دعت دول الساحل الإفريقي المجموعة الدولية إلى تحمل مسؤولياتها عن انعدام الأمن في الساحل، بحيث أرجأوا السبب في ذلك إلى الوضع الأمني المتردي في ليبيا، مع مطالبتهم لها بضرورة الانخراط الكامل في الحرب على الإرهاب، وذلك من خلال شراكة دولية من أجل استتباب الأمن والسلام في المنطقة.

الأسبوع المغربي في موريتانيا مناسبة لتعزيز العلاقات التجارية وفرص الاستثمار بين البلدين

افتتحت يوم 16 ديسمبر 2019 فعاليات “أسبوع المغرب” في العاصمة الموريتانية نواكشوط. وقد نظمت هذه التظاهرة بمبادرة من السفارة المغربية بنواكشوط بتعاون مع وزارة التجارة والسياحة وغرفة التجارة والصناعة والزراعة الموريتانية، بحيث كان الهدف من وراء تنظيم هذه التظاهرة تطوير وتنشيط العلاقات التجارية بين البلدين.

وفي سياق ذلك، أعرب السفير المغربي حميد شبار في كلمة ألقاها بالمناسبة، إلى أن تنظيم هذا الأسبوع يشكل فرصة للقاء مباشر بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي. كما أشاد السفير بتطور مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي تتميز بطابع خاص نتيجة التعاون المميز والمثمر بين الطرفين في جميع المجالات ومن أبرزها المجال الاقتصادي.

كما أعرب المسؤولون الموريتانيون في خضم ذلك وعلى رأسهم وزير التجارة والسياحة على أهمية الحدث في إعطاء دفعة قوية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، مؤكدا في ذات الوقت على عمق العلاقات السياسية بين المغرب وموريتانيا المتجذرة تاريخيا والتي تشهد حاليا تطورا كبيرا على جميع المستويات في ظل الإرادة المشتركة لقائدي البلدين.

وعلى هامش الأسبوع المغربي، نظمت السفارة المغربية بالتعاون مع مركز الصحراء للدراسات والاستشارات ندوة حول موضوع: “المبادلات التجارية بين موريتانيا والمغرب: الواقع والآفاق”.

وقد شارك في الندوة مسؤولون وأساتذة جامعيون من البلدين، وقد أكد المتدخلون من الجانب الموريتاني على الامتيازات والضمانات التي تقدمها موريتانيا للمستثمر الوطني أو الأجنبي، وذلك نتيجة توفرها على بيئة مناسبة لجذب الاستثمار، وذلك راجع لجملة من الأسباب من أهمها توقيع موريتانيا لمجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تتلاءم مع القوانين الداخلية الخاصة بالاستثمار مع تبسيط مسطرة الإجراءات والسرعة في تنفيذها.

وقد أوضح المشاركون أن هناك مجموعة من الضمانات التي تحفز المستثمرين الموريتانيين من أجل الاستثمار في المغرب والعكس كذلك، ومن أهمها ما ينعم به البلدان من استقرار سياسي وأمني بالإضافة إلى التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات البينية والدولية في هذا المجال والموقع الاستراتيجي الذي يتوفر للبلدين كمحور تلاقي بين أوروبا وإفريقيا.

المؤتمر الصحفي للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حول الأزمة الحالية في الحزب الحاكم

نظم الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز في 19 ديسمبر من هذا الشهر مؤتمرا صحفيا، تناول فيه الأزمة السياسية في الحزب الحاكم أو بين قوسين الخلاف القائم بينه وبين الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.

وقد أكد في بادئ الأمر، تعرضه لمضايقات كثيرة من أجل عرقلة تنظيمه لهذا المؤتمر سواء من خلال عدم تلبية مجموعة من الفنادق طلبه لتنظيم المؤتمر الصحفي، وكذلك رفض القنوات التلفزيونية المحلية نقل وقائعه.

وفي معرض حديثه، قال ولد عبد العزيز إن اتهامات المعارضة له في قضايا فساد وبالأخص في قضية الإثراء من أموال الدولة، وإساءة استعمال السلطة واستغلال نفوذها، ليس لها أي أساس من صحة، وقد رد على هذه الاتهامات مؤكدا عدم مخافته من مطلب المعارضة تشكيل لجان تحقيق في جميع الملفات، بل وأعلن تحديه أن يخرج أي مسؤول يقول إنه أمره بفعل أي عمل خارج إطار القانون.

كما أكد نفيه، أن يكون له أي علاقة أو ارتباط بالتغييرات التي حصلت في كتيبة الأمن الرئاسي، والتي اتهمه فيها البعض إلى أنه كان ينوي التخطيط لتدبير لمحاولة انقلابية على الرئيس الغزواني.

وفي جانب آخر أعلن عن عدم نيته الترشح لرئاسة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم خلال مؤتمره المقبل، لكنه في المقابل أكد تمسكه بعضويته في الحزب.

وقد انتقد ولد عبد العزيز في هذا المؤتمر الصحفي كل من يعتبر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية حزبا تابع للدولة، معربا على أن ما وقع داخل دواليب الحزب ليس له أي سند قانوني، معبرا في ذات الوقت تخوفه على مسار الديمقراطية الموريتانية.

مشاركة وزير الخارجية الموريتاني في منتدى الطلاب والشباب الأفارقة في المغرب

شارك وزير الخارجية والتعاون الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد يوم 20 ديسمبر الجاري، في أعمال الدورة الثامنة لمنتدى الطلاب والتبادل الأفارقة الذي احتضنته العاصمة المغربية الرباط.

وفي خطاب ألقاه في خضم هذه المشاركة أكد من خلاله سعي بلاده للاستثمار في مجالات التربية والتعليم والنهوض بالشباب، وذلك من خلال التوجهات التي رسمها الرئيس الموريتاني في تعهداته الانتخابية التي أكد فيها رهانه على إصلاح قطاعي التعليم والتشغيل، باعتبارهما السبيل الأمثل لتحقيق نهضة تنموية تشمل جميع الميادين، وهذا ما تبلور حسب وزير الخارجية الموريتاني في الميزانية المالية لسنة 2020.

وفي خضم ذلك، عبر أحمد ولد الشيخ عن شكره للملكة المغربية وذلك لدورها الهام في تقديم كل أشكال الدعم للطلبة الموريتانيين، هذا الدعم الذي تواصل على ما يزيد عن أربعين سنة، فتحت خلالها المملكة جميع مؤسساتها التعليمية والجامعية بمختلف تخصصاتها في وجه الطلبة الموريتانيين، هذا الشيء الذي لا زال مستمرا بل ويشهد تطورا نوعيا، وخير مثال على ذلك تخريج الجامعات المغربية لكفاءات ونخب موريتانية ذاع صيتها وسط الحياة السياسية والدبلوماسية الموريتانية.

ومن جانب آخر، وفي إطار تعزيز العلاقات بين البلدين، التقى ولد الشيخ بنظيره المغربي ناصر بوريطة، وقد عبر الجانبان عن رغبتهما في تطوير علاقاتهما الثنائية في مختلف المجالات. وقد أكد الطرفان خلال مؤتمر صحفي مشترك أن المباحثات تمحورت حول الإعداد والتحضير للاستحقاقات الثنائية القادمة من أجل تنشيط العلاقات بين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والثقافيين وغيرها من المجالات. كما أكد الطرفان التنسيق بين البلدين في عدد من القضايا الإقليمية خصوصا في ظل التحديات التي تواجه المنطقة وذلك باعتبار البلدين فاعلين رئيسيين لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.

لقراءة ملف الPDF إضغط هنا

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close