fbpx
المشهد الإقليمي

اتجاهات الإعلام السعودي 7 مارس 2016

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

يتناول هذا التقرير تحليل اتجاهات الإعلام السعودي، خلال الفترة بين 27 فبراير و5 مارس 2016، وذلك من خلال أربعة محاور أساسية، الأول: أهم أحداث الأسبوع في الإعلام السعودي، الثاني، أهم قضايا السياسة الخارجية السعودية، الثالث، أهم قضايا السياسة الداخلية السعودية، والرابع، أهم القضايا المصرية، مع خلاصة بأهم الاستنتاجات التي وقف عليها التقرير، وذلك على النحو التالي:

أولاً: حدث الأسبوع:

يمكن اعتبار الحرب السعودية الراهنة على “حزب الله”، هي حدث الأسبوع، بعد تفاعلها على أكثر من اتجاه، بحيث تجاوزت بمراحل ارتباطها الأوَّلي بالأزمة السورية. فقد استنكر الإعلام السعودي تصريحات الأمين العام لـ “حزب الله”، حسن نصر الله، التي اتهم فيها السعودية بدعم الإرهاب والتورط في تفجيرات وقعت في لبنان على فترات ماضية. كما تفاعل الإعلام السعودي بالاهتمام الواجب مع قرار مجلس التعاون الخليجي باعتبار “حزب الله” اللبناني، جماعةً إرهابية، الذي تلا تصريحات نصر الله الفائتة.

وهو القرار الذي أشارت الرياض إلى أنها تسعى إلى تعميمه على العالم العربي، ولكنها لم تلقَ قبولاً؛ حيث رفضت كل من تونس والجزائر ذلك، باعتبار أنه أمر لم يُدرَج في مقررات مؤتمر وزراء الداخلية العرب، الذي عُقِد في تونس الأربعاء (2 مارس)، وهو أمر كان محط انتقاد الصحف السعودية، والتي صورت قرار مجلس التعاون المتقدِّم، على أنه ضربة قوية لإيران ومخططاتها في الإقليم.

مقالات الرأي في الصحف السعودية، وخصوصًا اللندنية، تحدثت عن الأزمة الراهنة بالمصطلحات اللازمة في مثل هذه الأزمات؛ حيث استخدمت مصطلحات من نوع “الحزب يختطف لبنان”، و”سرقة الدولة في لبنان”، مع التأكيد على أن الإجراءات السعودية ضد الحزب تحظى بقبول اللبنانيين والعرب.

وقد تم إبراز خبر مفاده فشل وزراء “حزب الله” في الحكومة اللبنانية في حمل الحكومة، خلال جلستها الأربعاء الماضي، على رفض قرار مجلس التعاون بإدراج الحزب على قائمة منظماته الإرهابية.

وبالرغم من الكثرة العددية للمقالات والتقارير التي تناولت هذا الشأن؛ إلا أن جُلَّ هذه المواد كانت أحادية الاتجاه فيما تناولته وذهبت إليه في صدد الحزب والمشروع الإقليمي الإيراني، مع الحرص على ربط الحزب – وليس إيران فحسب – بمختلف الأزمات الإقليمية، بما في ذلك الأزمة في اليمن؛ حيث تزايد الحديث عن تدخل الحزب في اليمن للقتال إلى جوار الحوثيين.

كما أن “هاجس” “الإجماع العربي” كان حاضرًا في مختلف المقالات التي تناولت الحزب والحرب السعودية الحالية عليه، بالرغم من أن القرارات التي تم تبنيها إلى الآن تجاهه هي سعودية و”بعض” خليجية؛ حيث إن سلطنة عُمان لم تؤيد القرار، وهو ما قاد إلى اتهامات في الإعلام السعودي لـ “دول جوار” تدعم الحوثيين في اليمن، وبما أن اليمن بلدٌ لا يوجد لديه جوار سوى السعودية وسلطنة عُمان؛ فإنه ليس من الصعب معرفة هذه الدولة المجاورة لليمن التي تدعم الحوثيين بالسلاح.

كما أن الكويت لم تعلن صراحة عن تأييدها له، لاعتبارات تتعلق بحساسيات داخلية لديها؛ حيث الأقلية الشيعية كبيرة العدد ومنظمة، ولها تأثير سياسي ومجتمعي.

ثانياً: تطورات السياسة الخارجية:

1-الأزمة اليمنية:

كانت هي الأهم على المستوى الاستراتيجي للرياض في الإطار النوعي بسبب وجود تقارير تشير إلى بدء المحور الذي تقوده روسيا في المنطقة، في التعامل مع السعودية في اليمن، من أجل تعويق نشاطها الكبير في الملف السوري.

فقد تداولت بعض وسائل الإعلام السعودية، والصفحات المحسوبة على رموز ونشطاء معارضين، أن وسائل إعلام روسية تناقلت تقارير في صدد ضغوط دولية على السعودية لوقف الحرب في اليمن، مع قيام بعض حلفاء الرياض في الغرب بممارسة المزيد من الضغوط على السعودية لوقف استهداف المدنيين في العمليات الجوية والبرية الجارية حاليًا في اليمن، والتي طالت المستشفيات والمدارس، وحصار قرى ومدن بالكامل.

الإعلام السعودي “الرسمي” تناقل أخبار اليمن والانتقادات الموجهة للرياض من ثلاثة زوايا أساسية:

الأولي: الجهود المبذولة في مجال فك الحصار الحوثي عن بعض القرى والمدن اليمنية، وإيصال المساعدات إلى هناك، مع بعض المواد الدعائية حول رفع اليمنيين لصور الملك سلمان، في مقابل إبراز جرائم الحوثيين، خصوصًا في تعز.

الثانية: ردود المملكة على الاتهامات الموجهة إليها في هذا الخصوص، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

الثالثة: تصريحات عن قرب بدء معركة “تحرير” العاصمة اليمنية، صنعاء من الحوثيين، انطلاقًا من “نهم”، التي كانت آخر إنجاز فعلي على الأرض قبل أسابيع، وجاءت بدورها بعد أسابيع طويلة من ركود العمليات العسكرية.

وفي هذا الإطار، نشرت “عكاظ” حوارًا مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، تحدث فيه عن الحرب في اليمن من وجهة نظر سعودية بحتة؛ حيث أثنى على “عاصفة الحزم”، وعلى الدور السعودي في بلاده، وانتقد بشدة الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، وأشار إلى أن اليمن سوف يصبح دولة فيدرالية من ثلاثة ولايات، بعد سقوط الحوثيين (1).

2-الملف السوري:

ركزت وسائل الإعلام السعودية على الانتهاكات الروسية والنظام السوري للهدنة المعلنة في سوريا، وتصريحات رياض حجاب، المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، من أنه لا جدوى من استئناف المفاوضات مع النظام السوري، في ظل التطورات الراهنة على الأرض، بالرغم من الهدنة، وهو ما رفضته روسيا؛ حيث أشار وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في تصريحاته نقلتها قناة “العربية”، إلى أن موسكو ترفض أي ربط بين الهدنة والمفاوضات.

كما اهتمت وسائل الإعلام السعودية كذلك بمواقف دولية عدة صدرت، من بينها الموقف الفرنسي بشأن الانتخابات التي أعلن عنها النظام السوري، في أبريل المقبل، والتي وصفتها باريس بالاستفزازية.

واهتمت الوسائط السعودية بالمظاهرات التي شهدتها حلب الجمعة، 4 مارس، لتجديد روح المظاهرات المناهضة لنظام الأسد، واعتبرتها بعثًا جديدًا للثورة السورية، مع اقتراب الذكرى الخامسة لاندلاعها.

3-زيارة بن سلمان إلي فرنسا:

اهتم الإعلام السعودي بزيارة ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، إلى فرنسا، ولقاءاته مع المسؤولين الفرنسيين، وكان اللافت أن الملف السوري كان ملفًّا ضمن ملفات أخرى تناولتها مباحثات ابن سلمان في باريس، ولكنها شملت كذلك قضايا مكافحة الإرهاب، والتعاون العسكري. وثُمَّة ما يمكن ربطه في هذا الصدد مع زيارة محمد بن سلمان إلى باريس، ومحادثاته مع نظيره الفرنسي، جان إيف لودريان، وهو خبر تداولته صحيفة الرياض عن محادثات سعودية مع كندا في مجال الطاقة الذرية، وهو بند صار ثابتًا على أجندة اللقاءات الخارجية للمسؤولين السعوديين، بعد الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب (2).

4-الملف العراقي:

تنوعت الأخبار والتقارير التي تم نشرها في الصحف والمصادر السعودية، عن العراق؛ بين ما هو سياسي، في ظل تصعيد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، لتصريحاته ومواقفه ضد حكومة العبادي، والتي وصلت إلى درجة التحريض على اقتحام المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد، وبين ما هو عسكري، يتعلق بالاستعدادات الحالية لطرد “داعش” من الموصل، والعمليات الجوية، العراقية والأمريكية، في سامراء.

5-الملف الليبي:

فيما يخص ليبيا، كان الاهتمام بإعلان ما يُعرَف بالجيش الوطني الليبي، التابع لبرلمان طبرق، سقوط معسكر 17 فبراير في بنغازي، في قبضته، والضربات الأمريكية وتلك التي تقوم بها طائرات مجهولة الهوية”، ضد معسكرات تنظيم “داعش” وقوافله في المناطق القريبة من طرابلس.

ولكن بعض وسائل الإعلام السعودية -الصحوية ولم تذكر ذلك الوسائل “الرسمية” -ونقلت بيانًا لمجلس شورى ثوار بنغازي، قال فيه إن اللواء المتقاعد خليفة حفتر، يستعين بمليشيات حركة العدل والمساواة السودانية، وقوات التبوء التشادية، إضافة إلى اللواء 32 الذي يضم قيادات كتائب معمر القذافي، والذين كانت تحمل آلياتهم الرايات الخضراء”، في إشارة لعلم ليبيا في فترة حكم العقيد معمر القذافي، وأن المجلس انسحب من بعض المحاور التي كان يسيطر عليها كـ “انحياز عسكري محسوب لامتصاص زخم التقدم الغاشم”.

6-الملف التونسي:

تم التركيز على الاتفاق الذي تم بين الحكومة التونسية والحكومة الألمانية، لتدريب عناصر من الجيش الليبي على مكافحة الإرهاب، وكذلك إعلان وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، أن بلاده سترسل فريقًا تدريبيًّا من حوالي 20 جنديًّا إلى تونس للمساعدة على الحد من دخول العناصر “الإرهابية” من ليبيا.

7-الملف التركي:

الموقف من تركيا شابه بعض الغموض في الإعلام السعودي، فبالرغم من وصول مقاتلات سعودية من طراز “إف. 15” إلى قاعدة “أنجرليك”، والحديث عن تطابق وجهات نظر البلدَيْن في صدد التطورات السورية، والخروقات السورية والروسية الرسمية للهدنة؛ إلا أن السياقات التي تناول بها الإعلام السعودي، التطورات التركية، كانت سلبية في الغالب، وخصوصًا في الإعلام السعودي اللندني. وكان الملف الرئيسي للتناول، هو الحرب المستمرة بين الأكراد والأتراك، واستمرار أنقرة في قصف مواقع الأكراد في شمال سوريا.

كذلك تناولت وسائل الإعلام السعودية، المفاوضات التركية – الأوروبية بشأن ملف اللاجئين، وسبل وقف تدفق موجاتهم إلى أوروبا، وخصوصًا عبر اليونان، وكذلك الأوضاع الأمنية في تركيا.

ومال بعضها إلى تحميل السياسات التركية – في موضوع دعم الإسلاميين – مسؤولية الأزمات الأمنية الحالية في هذا البلد.

كما تمت الإشارة إلى بعض “خروقات” الحكومة التركية في مجال حقوق الإنسان، مثل فرض الحراسة على صحيفة “زمان” المعارِضة، والتي دأبت على انتقاد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وكذلك الجدل الذي رافق الإفراج عن صحفيَّيْن سُجِنا بسبب انتقادهم لأردوغان.

لكن مواقع صحوية اهتمت بنشر ما نقلته صحيفة المعاريف العبرية من تصريحات للسفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، رون درمر (3)، في صدد عن دعم إسرائيل لما أسماه بـ طموحات الشعب الكردي في الشرق الأوسط بالاستقلال”، وذلك خلال حديثه مع التلفزيون الكردي؛ حيث قال درمر: “إلى جانب إسرائيل، هنالك شعب آخر يحب الحرية ويناضل من أجل الاستقلال، إنه الشعب الكردي”، وتابع السفير: “إننا نشعر أن هنالك علاقات قوية بين اليهود والأكراد وبين إسرائيل وكردستان”. وأردف: “الإسلام الجهادي، لا يهدد إسرائيل فحسب، إنما يهدد الجميع في الشرق الأوسط، الأٌقليات، وعلى رأسهم المسيحيين، والأكراد، وحتى المسلمين”.

8-الإخوان المسلمون:

نشرت الصحف السعودية أكثر من مقال، كان هناك الكثير من التعريض بالإخوان فيها، وتوجيه الاتهامات المعتادة للجماعة بـ “العنف والإرهاب، ودعم الفوضى في العالم العربي”، وبالرغم من أنه قد يكون للتقارير التي تناولت موضوع مشروع القانون الذي أُقر في اللجنة القضائية في الكونجرس الأمريكي، لاعتبار الإخوان “جماعة إرهابية”؛ إلا أن بعض المقالات التي أتت على ذكر الإخوان؛ لم تكن تتناول هذه القضية، ولا حتى قضايا قريبة من ذلك، وبدا وكأنه موقف مبدأي يتم تضمينه في المقالات السعودية، بالذات “عكاظ”.

ثالثاً: تطورات السياسة الداخلية:

1-برزت حالة التوازن في الصحف السعودية المحلية في تناول أخبار ولي العهد، وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان. فعلى خلفية الاهتمام التقليدي بزيارة الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا، وما تطلبته في صدد الاهتمام بأخبار الزيارة؛ كان هناك اهتمام بمشاركة الأمير محمد بن نايف، في مؤتمر وزراء الداخلية العرب.

2-قضية تضرر 75 ألف معلمة و20 ألف معلم، من البند 105 من نظام الخدمة الاجتماعية، كانت حاضرة في اهتمامات الإعلام السعودي المحلي، بعد موافقة مجلس الشورى السعودي خلال جلسة الثلاثاء (1 مارس) على احتساب خدمة العاملين على هذا البند ممَّن تم تثبيتهم على وظائف رسمية غير مدرجة في لوائح الخدمة المدنية لأغراض التقاعد، بعد حسم مستحقات التقاعد المترتبة عن تلك الفترة (4).

3-لوحظت زيادة نسبية محسوسة، وإن كانت محسوبة في وتيرة انتقادات كُتَّاب الرأي السعوديين للخدمات العامة، وكذلك نشر الكثير من التحقيقات والتقارير حول مشاكل المواطنين مع الجهات الحكومية وأداء الأجهزة العامة، وبغض النظر عن أن هذه الانتقادات ابتعدت عن تناول أداء الأمراء الموجودين في مواقع اتخاذ القرار، في إمارات المناطق، أو في الوزارات والمصالح الحكومية؛ إلا أنه تبقى لها دلالاتها.

وكانت أكثر الجهات الحكومية انتقادًا، إمارة مكة المكرمة ومسؤوليها، سواء فيما يتعلق بسوء أداء قطاع الاتصالات أو ضعف الاستثمارات، ومردُّ هذه الملاحظة، هو أن إمارة مكة المكرمة في يد الأمير خالد الفيصل، وهو آخر أمراء آل الفيصل في منصب ذي شأن في المملكة، بعد سلسلة التغييرات التي قام بها الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في مستهل فترة حكمه، في يناير 2015م؛ حيث لوحظ أن الانتقادات الموجهة إلى إدارة الإمارة هي الأكبر، بالرغم من وجود إمارات أخرى أكثر سوءًا في أوضاع الخدمات فيها.

4-استمر الاهتمام الإعلامي بالهواجس الأمنية والتصدي للفكر المتطرف، وخصوصًا المحلي، وكانت قضية “الأمن الشامل”، أي بمحتواه الفكري والثقافي، ضمن هذه الاهتمامات. ويمكن إدراج التركيز الراهن على أداء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخطاء التي يقع فيها منسوبيها، في هذا الإطار، في ظل اتهامات عديدة للهيئة بدعم التطرف وتغذية العوامل التي تقود إلى انضمام الشباب السعودي لتنظيم “داعش”، وغيره من التنظيمات المُصنَّفة إرهابية في المملكة.

5-مسألة غسيل الأموال في المملكة، كانت من بين اهتمامات صحف الداخل، بعد تقرير للجمارك السعودية عن ضوابط دخول وخروج الأموال إلى ومن المملكة، وذكرت فيه أن حوالي 155 مليار ريال، دخلت المملكة في العام 2015م، أفصح عنها حائزوها زيادة على 60 ألف ريال، هي قيمة ما يسمح للفرد بإدخاله أو الخروج به إلى أو من المملكة من دون الإبلاغ عنه (5).

رابعاً: القضايا المصرية في الإعلام السعودي

– غلب على تناول الإعلام السعودي للشأن المصري، الحرص على إظهار أن علاقات البلدَيْن جيدة، مع بعض “العتب” على الإعلام المصري الخاص الذي دأب على انتقاد الرياض وسياساتها في المنطقة، ولم يظهر أثر كبير للخلاف في وجهات النظر والمواقف بين الجانب المصري والجانب السعودي في صدد التعامل مع الأوضاع في سوريا، كما حرصت قناة “العربية” على وجه الخصوص على إظهار تصريحات وزير الخارجية المصري، سامح شكري، حول الهدنة في سوريا، من زاوية تظهِر تطابق مواقف البلدَيْن. ففي الصحف اليومية التي تصدر في المملكة، تبرز الأخبار الأهم الخاصة بمصر، في اتفاقيات التعاون، وفي الاتصالات المشتركة في القضايا المختلفة.

2-حول قضية الإعلام المصري، في 3 مارس، نشرت “عكاظ” مقالاً بعنوان” “بعض إعلام مصر. هلا تكف عن العبث!!” للكاتب محمد الساعد، قال فيه: “الهجوم الذي يقوده اليسار وصحفه ومذيعوه وشاشاته في مصر ضد المملكة، بسياساتها وإرادتها ودورها المحوري في الشرق الأوسط والعالم”.

ويقول: “هو جزء من مسار عنيف، تسيره من خلف الكواليس حركة الإخوان بذراعيها المحلي والعالمي، وامتطت لذلك الهدف إعلاميي وصحف «اليسار» الذي حولته لمقاول يخوض معاركها الوسخة بدلا منها. هذا الخليط «المتعفن»، كان وما زال يسعى لهدم العلاقة السعودية -المصرية، فهو على يقين أنهما جناحا الأمة، إذا سقط أحدهما سقط الآخر”.

وأضاف: “ولأن تيار الإخوان الإرهابي توارى عن الأنظار بسبب الهبة الشعبية عليه، فقد تراجع خطوة خلف بقايا اليساريين، ومطلقات المنظمات الغربية، ومن يسمون أنفسهم بالحقوقيين والمدافعين عن حرية الشذوذ”.

كما كان هناك بعض المقالات التي تناولت رؤية الرياض لواقع العلاقات مع مصر، ومن بينها مقال نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، يوم 4 مارس، لرئيس تحريرها السابق، عبد الرحمن الراشد، بعنوان “مصر باتجاه تركيا أم إيران؟”.

وتحدث الراشد عن مساعي المصالحة التي تتم بين الحكومة المصرية، وبين كل من جماعة الإخوان المسلمين وتركيا، ولكنه أشار إلى تصريحات إيجابية لحركة “حماس” عن العلاقات مع الحكومة المصرية، وأشار إلى أن علاقات “حماس” الإيجابية مع طهران تقول بأنه من الممكن أن تنجر مصر إلى محور إيران في المنطقة.

وفي هذا الإطار، “حرصت” مصادر سعودية، من بينها “الوطن” و”العربية” على وجه الخصوص، على متابعة ملفات محاكمات الإخوان في مصر، وكان الواجهة الإعلامية لهذه الأخبار، هو الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مع إقرانهم بتهم “الإرهاب” و”القتل” إلى آخر هذه القائمة من الاتهامات.

3-كان هناك اهتمام واسع هذا الأسبوع بالأزمة الخاصة بالنائب المخلوع توفيق عكاشة، بعد صور لقاءاته مع السفير الإسرائيلي في القاهرة، حاييم كورين، وتتبعها الإعلام المرئي على وجه الخصوص، يومًا بيوم، حتى صدر قرار مجلس النواب المصري، بإسقاط عضوية عكاشة، وقرار الحكومة المصرية بوقف بث قناة “الفراعين” التي يملكها عكاشة، لمدة سنة.

4-اهتم الإعلام السعودي “الرسمي”، بالجولة الآسيوية التي قام بها قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، وشملت كازاخستان، واليابان، وكوريا الجنوبية، وكان التناول إيجابيًّا في رؤية الزيارة، وهو ما اختلفت فيه المصادر الصحوية؛ حيث أشارت إلى أن جولة السيسي الخارجية هي هروب من أزماته الداخلية، في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والأمنية والمعيشية.

5- اهتم الإعلام السعودي بعدد من القضايا ذات الصلة بالأجهزة الأمنية المصرية، حيث كانت هناك أكثر من واقعة تمس أداء الأجهزة الأمنية بشكل شديد السلبية، بجانب التدهور الحاصل في شمال سيناء بطبيعة الحال، والاعتداء على الممثلة ميريهان سعيد، في قسم الهرم، بعد اتهامها في قضية آداب، ونجاح عصابة من تجار المخدرات في قتل ضابط شرطة وعنصرَيْن أمنيَيْن، في القليوبية، والفرار، وتفجير عبوة ناسفة في محول كهرباء في منشية ناصر، جنوب القاهرة، والحكم الذي أصدرته محكمة جنح الجيزة، بحبس الإعلامية ريهام سعيد، سنة ونصف وتغريمها 25 ألف جنيه لاتهامها بالسب والقذف في القضية المعروفة باسم “قضية فتاة المول”.

6-أبرزت بعض المصادر السعودية حيثيات حكم هيئة قضايا الدولة برفض دعوى المحامي سمير صبري، لإسقاط الجنسية المصرية عن “بلال” نجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ حيث أكدت هيئة قضايا الدولة أن رفض المحكمة للدعوى سببه انتفاء القرار الإداري وهو ما يعني عدم وجود قرار رسمي بإعطاء بلال أردوغان الجنسية المصرية كي يمكن إسقاطها، بعكس ما كرسه الإعلام المصري الموالي للانقلاب في هذا الصدد؛ من أن الرئيس محمد مرسي، قد منح بلال أردوغان الجنسية المصرية.

7-تناولت قناة “العربية” ومصادر أخرى، قضية الطالب المصري المسلم، عماد الدين السيد (23 عامًا)، الذي “هدد” بقتل المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، في حسابه على موقع “فيس بوك” قبل شهرين؛ حيث تم اعتقاله في سجن “أورانج” بولاية كاليفورنيا، فيما سوف تنظر محكمة خاصة بالهجرة، مصيره إما الموافقة على بقائه كطالب في الولايات المتحدة، أو طرده.

8-قضية المعتقلين، والحملات التضامنية الراهنة الخاصة بالصحفيين المعتقلين، وكذلك إضراب رموز من الإخوان المسلمين والرموز السياسيين الآخرين المعتقلين في سجن العقرب، عن الطعام، كانت حاضرة في تغريدات وتقارير لوسائل إعلام وشخصيات سعودية عدة، ذات انتماء صحوي، في ظل تصعيد الدولة في مصر لقمعها بحق النشطاء السياسيين والمثقفين المخالفين لتوجهات الدولة والنظام.

9-الأوضاع الأمنية المتدهورة في شمال سيناء كانت محط اهتمام الإعلام السعودي، بما في ذلك المصادر الموجَّهة، مثل قناة “العربية”، ولكن اختلف تناول المصادر السعودية بحسب هويتها؛ حيث وازنت الصحف والمصادر “الرسمية” أو الموجهة، بين العمليات التي يقوم بها الجيش في شمال سيناء، وبين تلك التي يقوم بها تنظيم “ولاية سيناء”.

ولكن المصادر الصحوية كانت أكثر إيضاحًا لمستوى التردي الحاصل للأوضاع في الأوضاع الأمنية هناك؛ حيث تناولت اختراقات “ولاية سيناء” الأخيرة في مدينة العريش، وإعدامه لمواطن ونجله تعاونا مع الجيش، وتفتيش عناصر التنظيم لمقاهي بحثًا عن “مطلوبين”.

كما تم إبراز الخلافات الحاصلة بين القيادات العسكرية حول طريقة التعامل على الأرض مع التنظيم، والتي مالت إلى التضحية بالجنود بدلاً من المعدات، وتذمر رجال الشرطة بسبب عدم تزويدهم بالمعدات الحديثة لحمايتهم.

10-تناوُل الإعلام الإسرائيلي للسيسي وسياساته، والنظام المصري الحالي، كان حاضرًا كذلك، ولكن بشكل أكبر في تناولات الإعلام السعودي الصحوي، الذي استخدم اللهجة الإيجابية للصحافة الإسرائيلية في وصف السيسي والنظام في مصر للتدليل على تبعية النظام لإسرائيل، وصداقته لها.

11-بعض المواقع الصحفية السعودية الفرعية، أشارت إلى تصريحات لمصادر “إخوانية” لم تسمها، بشأن لقاء الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، الدكتور محمود حسين أمين، بمسئولين سعوديين بتركيا منذ نحو 10 أيام، بسبب أزمة أثارتها تصريحات نائب المرشد للإخوان المسلمين للخارج، الدكتور إبراهيم منير أكد فيها أن الأزمتَيْن اليمنية والسورية “ليس لهما حل إلا بجلوس كل من تركيا والسعودية وإيران على طاولة المفاوضات لحقن دماء المسلمين التي تنزف بسبب الحرب”.

رابعاً: اتجاهات المواقف تجاه القضايا الأساسية:

1. تركيا: خطاب محايد أو سلبي، باستثناء المواقع الصحوية.

2. إيران وحلفاؤها في المنطقة، حزب الله والنظام السوري: استمرار في تصعيد الخطاب السلبي.

3. الولايات المتحدة: استمرار في التصعيد في الخطاب السلبي.

4. روسيا والدور في سوريا والشرق الأوسط: استمرار في التصعيد السلبي.

5. الإخوان المسلمون والإسلام السياسي والربيع العربي: تصعيد كبير المواقف السلبية، باستثناء المواقع الصحوية.

6. مصر: محايد أو إيجابي بحسب المصدر، باستثناء المواقع الصحوية.

والجداول والأشكال التالية توضح الأوزان النسبية لهذه الحزمة من القضايا الداخلية والخارجية وكذلك الشأن المصري في الإعلام السعودي:

الجدول رقم (1) القضايا الخارجية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (1) القضايا الخارجية في الإعلام السعودي

الجدول رقم (2) القضايا الداخلية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (2) الجدول رقم (2) القضايا الداخلية في الإعلام السعودي

الجدول رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي

خامساً: الاستنتاجات:

1. يؤشر السلوك السعودي في موضوع “حزب الله”، وما يرتبط به من أزمات وملفات، إلى أن المنطقة داخلة على فترة طويلة من عدم الاستقرار، في ظل عدم تصور أي أحد أن يقف المشروع الإيراني في الإقليم، و”حزب الله” جزء وشريك أصيل فيه، عند حدوده الحالية أو التراجع عنها.

2. هناك مخاوف حقيقية داخل أروقة صانع القرار السعودي في صدد تحول مواقف مصر إلى الاقتراب من إيران أكثر، ومقال عبد الرحمن الراشد المشار إليه، يقول ذلك صراحةً، وخصوصًا أنه لو تم؛ فسوف يكون بوساطة “إخوانية” – أي “حماس” – ووقتها سوف يكون لذلك – وفق تصورات السعوديين – أثر على مواقف الإخوان المسلمين، التي مالت في أزمات أخرى، مثل حرق واقتحام المنشآت الدبلوماسية السعودية في مشهد وطهران، والموقف من الأزمة السورية، كما في تصريحات الدكتور إبراهيم منير الأخيرة، إلى عدم إدانة إيران صراحة.

ويعني ذلك للسعوديين أن أقطابًا سُنِّية قوية سوف تكون في طرف طهران في الأزمة الحالية بينها وبين الرياض، وهو ما يعني بطبيعة الحال، حشر السعودية في الزاوية، مع تأثيرات مصر والإخوان الكبيرة في العالم الإسلامي بالكامل.

3. الإعلام المصري صار مصدرًا مهمًّا للإعلام السعودي لتناول الأوضاع في مصر، مما قاد إلى تكوين صورة ذهنية سيئة عن مصر وسياساتها وأوضاعها العامة.

4. وسَّعت الرياض من دائرة اتصالاتها الإقليمية والدولية بصدد مواجهة ثورات الربيع العربي، ووقف التمدد الإيراني الذي استغل الفوضى التي حققتها الأنظمة الحاكمة للتصدي للثورات العربية، ولكنها لا تلق القبول المأمول؛ حيث شملت دوائر اتصالاتها خطًّا يمتد من ماليزيا وحتى الولايات المتحدة، ولكن التجاوب كان ضعيفًا، وحتى حلفاء الرياض الأقرب في المنطقة، كما في حالة مصر والجزائر وتونس وسلطنة عُمان؛ لم تقبل بالاندفاع الذي تريده الرياض.

———————————————–

الهامش

(1) الرئيس اليمني لـ «عكاظ»: لولا المملكة لأصبحت اليمـــن إيرانية. وصالح نهب المليارات وسلم المدن لـ «القاعدة»، “عكاظ”، 2 مارس 2016م، الرابط

(2) اللجنة السعودية -الكندية تتفق على التعاون في مجالات الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، “الرياض”، 4 مارس 2016م، الرابط

(3) إسرائيل تكشف عن دعمها لانفصال الأكراد، “المسلم”، 2 مارس 2016م، الرابط

(4) محامي المعلمات المتضررات أكد لـ «عكاظ» أن تبني «الشورى» للقضية مفاجأة سارة. أخبار «مبشرة» لـ 96 ألف معلم متضررين من «البند 105»، “عكاظ”، 4 مارس 2016م، الرابط

(5) 155مليارا أفلتت حائزيها من تهم غسل الأموال، “الوطن” السعودية، 4 مارس 2016م، الرابط

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close