fbpx
السياسات العامةمجتمع

مصر: آليات حماية الممارسين الصحيين في أماكن العمل

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

طبيعة المشكلة:

يمثل الاعتداء على الممارسين الصحيين في مكان عملهم مشكلة عالمية تشمل معظم الدول بما فيها مصر[1]، وقد برزت هذه المشكلة خلال العقد الأخير كجزء من التردي العام للخدمات الأمنية في مصر[2]، وقد شهد الاعتداء البدني على الأطباء المصريين تغطية إعلامية واسعة في السنوات الأخيرة، كما يتعرض ممارسو التمريض المصريون إلى أنواع الاعتداءات المختلفة: بدنيا ولفظيا وجنسيا، إلا أن مثل هذه الاعتداءات لا تحظى بنفس الدرجة من التغطية الإعلامية مثل الأطباء، ولم يعد أمرًا نادرا أن نقرأ في الصحف الإخبارية أو على صفحات الإعلام الاجتماعي (السوشيال ميديا) أخبارا عن تعرض طبيب للضرب أو الإصابة بسبب تعدى المرضى أو أهاليهم، ففي شهر مايو من عام 2015 تعرض أحد الأطباء بمستشفى الساحل التعليمي للضرب بواسطة أقارب أحد المرضى ونتج عن ذلك كسر بأنف الطبيب[3]، كما شهد شهر يناير من العام 2016 الاعتداء على طبيبين بواسطة فردين من الشرطة المصرية بعد رفض أحد الأطباء أن يقوم بكتابة تقرير طبي زائف[4].

هذا الحدث تبعه تصعيد الأمر بواسطة نقابة الأطباء وتظاهر الآلاف من الأطباء، ومما يزيد المشكلة سوءا هو أن الأطباء لا يتعرضون للعنف فقط من جانب المرضى وأهاليهم، بل صار الاعتداء يحدث من موظفين رسميين بالدولة كما في المثال المذكور سابقا، وهي ليست الحادثة الوحيدة من هذا النوع[5].

وقد أجريت العديد من الدراسات من أجل تقدير معدلات ومدى شيوع الاعتداء على الممارسين الصحيين في مصر، فقد أشارت دراسة أجريت على أفراد التمريض بأقسام النساء والولادة بمستشفيات القاهرة إلى أن 86% منهن قد تعرضن إلى أحد أشكال العنف في مكان العمل خلال الشهور الستة السابقة للدراسة[6]، وكان النوع الأكثر شيوعا هو العنف النفسي المتمثل في الاعتداء اللفظي ونقص الاحترام عن طريق تجاهل تواجد الممرضة، يلي ذلك العنف البدني والتحرش الجنسي، أما في الإسكندرية ففي المستشفى الجامعي الرئيسي بالمدينة تبين أن 73% من الموظفات الإناث قد تعرضن إلى العنف في مكان العمل، وكان الاعتداء اللفظي هو الأكثر شيوعا تلاه الاعتداء البدني ثم الجنسي[7]، أما في محافظة بنى سويف فقد قدرت نسبة التعرض إلى الاعتداء بواسطة المرضى أو ذويهم خلال العام السابق على الدراسة بكونها 86% وسط التمريض و80% وسط الأطباء، وكانت الدراسة قد أجريت في أنواع مختلفة من المستشفيات الحكومية، أما في محافظة الإسماعيلية فقد أجريت دراسة في قسم الطوارئ بمستشفى جامعة قناة السويس على الأطباء والتمريض والعمالة المساندة، وقدرت نسبة التعرض للعنف بين المجموعة بكونها 60%[8]، تعرض العاملين بالقطاع الصحي إلى الاعتداءات المختلفة أثناء ممارستهم عملهم له عواقب وخيمة على الأفراد وعلى جودة الرعاية الصحية وعلى النظام الصحي بأكمله، وقد أشارت الدراسات المختلفة إلى أن تبعات الاعتداءات على الممارسين الصحيين تتمثل في الآتي[9]،[10]،[11]:

  • تبعات جسدية: حيث يؤدى الاعتداء على الممارسين الصحيين إلى إصابات وجروح مختلفة قد تكون في شكل كدمات أو عضات أو خدوش وتهتكات، وما يتبع ذلك من ألم شديد، وغالبا ما تؤدى هذه الإصابات إلى التغيب عن العمل، كما تحتاج إلى فترة طويلة من إعادة التأهيل.
  • تبعات نفسية: وتشمل هذه التبعات اضطراب ما بعد الصدمة، الحساسية المفرطة، التوتر والقلق، صعوبات النوم، الاكتئاب، وأنواع أخرى من الاضطرابات.
  • تبعات عاطفية: تتمثل في الغضب والحزن والخوف والاشمئزاز والإحباط، وقد يتسبب الاعتداء في تكوين مشاعر سلبية مثل الكراهية والعداء والرغبة في الانتقام.
  • تبعات وظيفية: قد تحدث في صورة الإعاقة الكاملة، أو الاستقالة، أو أخذ إجازات مرضية، أو التغيب عن العمل، أو طلب النقل إلى أقسام أخرى، كما قد يكون هناك تبعات وظيفية في صورة ضعف الإنتاجية وتأثر السلوك أثناء العمل، وانخفاض الرضا الوظيفي.
  • تبعات مرتبطة بالعلاقة مع المرضى وجودة الرعاية المقدمة: قد يحدث ذلك كنتيجة لمشاعر الخوف لدى الضحية من المرضى، مع غياب الرضا أثناء الرعاية بالمرضى، كما يتأثر الوقت الذي يتم قضاؤه مع المريض من حيث الكم والكيف، وقد يكون لمثل هذه الاعتداءات تأثير على الحياة الاجتماعية والأسرية والشخصية للممارسين الصحيين.
  • تبعات اقتصادية: وترجع التبعات في أغلب الأحوال للتغيب عن العمل بعد حدوث هذه الاعتداءات، كما أن من أهم التبعات في مصر هو ميل المزيد والمزيد من الأطباء للاستقالة من عملهم الحكومي، وهو ما قد يمثل تهديدا للنظام الصحي في مصر، حيث أشار أحد المسؤولين البارزين في نقابة الأطباء إلى أن عدد الأطباء الذين استقالوا من العمل الحكومي كان 1044 طبيب في عام 2016 ثم ارتفع الرقم إلى 2049 طبيب في عام 2017، وارتفع الرقم مجددا إلى 2397 في عام 2018، وتمثل هذه الأرقام جرس إنذار خطير في بلد يعاني بالفعل من نزيف العقول والكفاءات الماهرة بالإضافة إلى نقص في عدد الممارسين الصحيين[12].

الخلفية الاجتماعية والسياسية للمشكلة:

لا يمكن تحليل مشكلة الاعتداء على الممارسين الصحيين وفهمها بصورة صحيحة دون فهم الخلفيات الاجتماعية والسياسية للموضوع، فمن جهتها تقوم الحكومة المصرية بإنفاق جزء ضئيل للغاية من الدخل القومي على الرعاية الصحية مما يجعل المستشفيات الحكومية في حالة سيئة[13]، وفي أغلب الأحوال يكون هناك نقص في عدد الموارد البشرية بالإضافة إلى نقص حاد في المستلزمات الطبية، وغالبا ما تكون التجهيزات والأجهزة الطبية قديمة أو معطلة، مثل هذه العوامل تضع الممارسين الصحيين في مواجهة مباشرة مع المرضى، وقد يحدث هذا الأمر بصورة خاصة إذا كانت الخدمة غير متوفرة كعدم وجود أسرة شاغرة بالرعاية المركزة، أو كون حالة المريض حرجة بدرجة لا يمكن علاجها في هذه المؤسسة وتحتاج إلى مستوى أعلى من الرعاية[14]. كما أن المشكلة تزداد تعقيدا بسبب التغطية الإعلامية المتحيزة التي تتعمد لوم الأطباء عن أي قصور في الرعاية الصحية المقدمة أو عن أي نتائج غير مرضية، وهو الأمر الذي بدوره يولد موقفا سلبيا لدى المرضى وذويهم تجاه الأطباء والعاملين الصحيين مما يجعلهم أكثر عرضة للاعتداء والعن، كما أن أقسام الطوارئ بأكثر المستشفيات الحكومية تعمل بأكثر من طاقتها الاستيعابية مما يجعلها دوما في وضع فوضوي وهو الأمر الذي يعطي انطباعا لدى المراجعين بغياب النظام والانضباط في المكان، ويوحي بأن أي نوع من العنف أو الاعتداء قد يمر دون محاسبة.

كما أن معظم الممارسين الصحيين يعملون في بيئة عمل غير مؤمنة وقد يكون هناك غياب كامل لأفراد الأمن في بعض الأقسام، وحتى في حالة تواجد بعض أفراد أمن المستشفيات فغالبا ما يكون تواجدهم غير فعال، فهم من جهة غير مسلحين، ومن جهة أخرى غالبا ما يكون المرضى مصحوبين بعدد كبير من الأقارب أو المعارف يفوق عدد وإمكانيات أفراد الأمن كجزء من الثقافة الشعبية المصرية، وغالبا ما يكون هناك نقص في الوعي والإدراك لطبيعة الرعاية الصحية والمضاعفات المتوقعة للمرض، وذلك نتيجة لارتفاع نسبة الأمية والجهل في مصر، وهو الأمر الذى بدوره قد يسهم بدرجة كبيرة من سوء التفاهم والذى قد يتطور إلى أحد أشكال العنف أو الاعتداء.

كما أن طبيعة بيئة الرعاية الصحية تكون غالبا مشحونة بالتوتر والضغط النفسي العالي على كل من الممارسين الصحيين وأيضا ذوي المرضى، مما قد يسهم بدوره في ارتفاع احتمالية حدوث الاعتداءات[15]، يضاف إلى ذلك ما قد يحدث من كون المريض أو أحد أقاربه تحت تأثير المخدرات أو العقاقير المؤثرة على الوعي والإدراك، وهو الأمر الذي يعرض الممارسين الصحيين لمخاطر مرتفعة في حالة كون هؤلاء الأفراد مسلحين أو خطرين، خصوصا مع غياب أي احتياطات للتعرف على المعادن أو حظر دخول الأشخاص المسلحين والخطرين.

الهدف المرجو من أجل علاج المشكلة:

الهدف من أي إجراء للتعامل مع هذه المشكلة هو منع وتقليل معدلات حدوث الاعتداء على الممارسين الصحيين بأي صورة من صوره سواء كان اعتداء لفظيا أو بدنيا أو جنسيا، ويمكن تحقيق هذا الهدف عن طريق إجراءات تستهدف الضحية (الممارسين الصحيين) أو المعتدي (المرضى وذويهم) أو البيئة متمثلة في المؤسسات الصحة والبيئة الاجتماعية، هذه الإجراءات التي تمنع حدوث مثل هذه الاعتداءات من المتوقع أن تؤدى إلى حماية الممارسين الصحيين وبالتالي تحسين جودة الخدمة الصحية وتقليل التبعات والخسائر الاقتصادية بالإضافة إلى تقليل درجة الاستياء الوظيفي لديهم[16].

الأدوات السياساتية للتعامل مع المشكلة:

الأداة السياساتية الأساسية التي يمكن تطبيقها للتعامل مع هذه المشكلة تتمثل في التشريعات والإجراءات الحكومية، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق إصدار قانون أو تعديل القانون الحالي بهدف منع الاعتداء على الممارسين الصحيين والمنشآت الصحية، تطبيق القانون وتأمين بيئة العمل بالمستشفيات هي إجراءات إلزامية يمكن للحكومة استخدامها لعلاج المشكلة، هذه التشريعات ينبغي أن تعتبر الاعتداء على الممارس الصحي جريمة وينبغي أن يكون لها عقوبة رادعة، وقد أعلنت وزارة الصحة السعودية على سبيل المثال أن عقوبة الاعتداء اللفظي أو البدني على أي ممارس صحي أثناء أداء عمله قد تؤدى للسجن لمدة عشر سنوات أو غرامة تصل إلى مليون ريال سعودي(ما يوازى 266.66 ألف دولار أمريكي)، وهو الإجراء الذى يهدف لحماية الممارسين الصحيين من الاعتداءات[17].

كما أن استخدام أداة الحملات الإعلامية كوسيلة توعوية يمكن أن يعمل بكفاءة على تصحيح الموقف السلبي تجاه الأطباء والممارسين الصحيين، بالإضافة إلى تعريف الجمهور بعواقب مخالفة القانون وممارسة أي نوع من أنواع العنف أو الاعتداء في المؤسسات الصحية.

المعوقات والمحاذير:

هناك معوقات كثيرة ينبغي أخذها في الاعتبار عند التفكير في حلول وإجراءات للتعامل مع هذه المشكلة.

العائق الأول هو العائق المالي، ففي ظل الميزانية المحدودة للقطاع الصحي فلن يكون من اليسير تطبيق احتياطات أمنية إضافية مثل كاميرات المراقبة وتحسين بيئة العمل أو إجراء أي عمليات إصلاح وتجديد، كما أن تدريب الممارسين الصحيين على التعامل مع هذه المشكلة قد يتطلب أيضا أعباءً مالية إضافية.

البيئة السياسية ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار حيث لا تمثل مشكلة الاعتداء على الطواقم الطبية أولوية لدى معظم أعضاء البرلمان أو السياسيين[18]، لابد من أخذ هذا الأمر جيدا بعين الاعتبار عند التفكير في إصدار أو تعديل القانون، وهو الأمر الذي يتطلب جهودا من وزارة الصحة ومن نقابة الأطباء لتكوين مجموعة ضغط لتمرير إصدار القانون، خصوصا مع وجود محاولات مسبقة لإصدار مثل هذا القانون ولكن شيئا لم يحدث حتى الآن.

كما أن هناك قصورا في طريقة التعامل مع الاعتداء على الممارسين الصحيين حاليا، حيث يذهب الشخص الذي تم الاعتداء عليه إلى قسم الشرطة ويقوم بتحرير محضر بالواقعة، ويحدث غالبا على الجانب الآخر أن يتوجه المعتدى أيضا على قسم الشرطة ويقوم بتحرير محضر بأن الممارس الصحي قد اعتدى عليه، حيث يتحول الأمر في النهاية إلى كونه مجرد مشاجرة، وغالبا ما يحدث أن يتنازل كلا الطرفين وهو الأمر الذي يهدر حقوق الممارسين الصحيين ويساعد على مرور الأمر دون محاسبة [19]،[20].

شهد عام 2013 مبادرة لتكوين شرطة خاصة بالمنشآت الصحية لحماية الممارسين الصحيين والتعامل مع أي حالات اعتداء عليهم، ولكن هذه المبادرة اختفت وقد يعزي ذلك إلى تغير المناخ والمزاج السياسي عقب 2013[21].

كما أن أحد العقبات الهامة هو الاعتقاد الشائع بأن إدارات المستشفيات أو السلطات لن تقوم بأي إجراء في حالة الاعتداء على الممارسين الصحيين، وهو الأمر الذي يدفع بدوره إلى تدني الإبلاغ عن حالات الاعتداءات[22]، وما يزيد الأمر سوءا هو أن بعض الممارسين الصحيين مع مرور الوقت قد يعتبرون مثل هذه الاعتداءات جزء طبيعي من طبيعة العمل اليومية، وقد يخشون الإبلاغ عن حالات الاعتداءات خوفا من التعرض للوم.

الجهات المعنية وأصحاب المصالح:

العديد من الجهات وأصحاب المصالح معنيون باتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع هذه المشكلة:

  • أعضاء البرلمان: وخصوصا أعضاء البرلمان من الأطباء أو ذوي الخلفية الطبية، حيث أن لهم دورا هاما في الدعوة لإصدار تشريع لتغليظ العقوبة على المعتدين على الممارسين الصحيين، كما أن لهم دورا هاما في الترويج لهذا القانون وشرح أبعاد المشكلة لزملائهم البرلمانيين.
  • وزارة الصحة والسكان: هناك أدوار كثيرة يمكن أن تقوم بها الوزارة إذ يمكنها أن تقترح إصدار القانون، ودعوة أعضاء البرلمان لدعم هذا التشريع بعد توعيتهم بشأن المشكلة وحجمها وتبعاتها[23]، كما أن من أدوار الوزارة الهامة العمل على تأمين الممارسين الصحيين عن طريق تحسين بيئة العمل، وحل مشكلة نقص العمالة، وتحسين الإجراءات الأمنية في المستشفيات العامة بالإضافة إلى تدريب العاملين الصحيين على التعامل الصحيح مع حالات الاعتداء عليهم.
  • نقابة الأطباء ونقابة التمريض: للنقابات دور هام في دعم الأفراد، ويمكن تسهيل هذه العملية عن طريق استحداث طريقة الكترونية للإبلاغ عن الاعتداءات مما يساعد النقابات على توفير الدعم بما فيه الدعم القانوني للأفراد المعتدى عليهم، كما أن للنقابات دور هام في إصدار القانون بدءا من المشاركة في اقتراح القانون ومرورا بدعوة الأفراد ذوي الصلة بتشريعه وتطبيقه[24].
  • وزارة الداخلية: لوزارة الداخلية دور هام في حماية المؤسسات والأفراد والتعامل الفوري مع أي حالات اعتداء على الممارسين الصحيين، هذا التعامل الفوري سيعطي انطباعا بأن هناك درجة من الحماية للمؤسسات الصحية مما قد يقلل من مثل هذه الاعتداءات، قد يكون تأمين المنشآت الصحية ليس أمرا ذا أولوية لدى وزارة الداخلية المشغولة أصلا بتأمين النظام السياسي، وهذا الأمر يتطلب بدوره جهودا كبيرة من وزارة الصحة والسكان ومن النقابات المعنية لرفع درجة أهمية الأمر لدى وزارة الداخلية.
  • المرضى وأهاليهم: للمرضى والجمهور دور هام في الدعوة لتوفير بيئة عمل آمنة في المستشفيات لحماية المرضى والممارسين الصحيين على حد سواء، كما أن تحسين بيئة العمل سيؤدى بدوره إلى تقليل درجة الاستياء لدى الممارسين الصحيين مما ينتج عنه في النهاية رفع مستوى جودة الخدمة المقدمة، كما أن ظاهرة هجرة الأطباء المهرة قد تؤدى في النهاية إلى تهديد النظام الصحي بأكمله.
  • الإعلام: لا بد أن يتوقف التوجه الإعلامي السلبي ضد الأطباء حيث يتم لومهم على أي تقصير في الخدمة الصحية على أن يتم توجيه اللوم للمؤسسات لا الأفراد، كما أن للإعلام دورا هاما في رفع درجة الوعي والدعوة لاحترام الممارسين الصحيين والتعريف بعواقب الاعتداء عليهم والتبعات الجنائية لذلك.

الحلول المبنية على البرهان:

حيث أن مشكلة الاعتداء على العاملين الحيين أثناء ممارسة عملهم عاملة ومنتشرة في العديد من الدول، فقد تمت دراسة المشكلة في مناطق مختلفة ووضع حلول لها مبنية على أدلة وتجارب سابقة، هذه الإجراءات أو الحلول يمكن وضعها عموما في ثلاث مجموعات: الإجراءات التي تستهدف الضحية (الممارسين الصحيين)، والإجراءات التي تستهدف المعتدين (المرضى وذويهم)، والإجراءات التي تستهدف البيئة المحيطة (المؤسسات الصحية، والبيئة الاجتماعية)، كما هو معروض في الجدول التالي:

الفئة المستهدفة الإجراء المقترح الهدف المرجع
المعتدون (المرضى وذووهم) توعية الجمهور بشأن طبيعة الرعاية الصحية، وبضرورة احترام الممارسين الصحيين والعقوبات المتوقعة في حالة الاعتداء على أي منهم · رفع مستوى الوعي العام بخصوص المشكلة

· تحسين موقف الجمهور من الممارسين الصحيين

· تعريف الجمهور بشأن عواقب الاعتداء على الممارسين الصحيين

[25]

[26]

الضحية (الممارسون الصحيون) تدريب وتعليم الممارسين الصحيين · تدريب الممارسين الصحيين على التعامل مع حالات العنف والسياسات والإجراءات المتعلقة بذلك بالإضافة إلى طريقة الإبلاغ المناسبة

· توقع حالات العنف الوشيكة والتعامل الصحيح معها

· كيفية حماية أنفسهم في حالة حدوث عنف في مكان العمل

[27]

[28]

تكوين فرق للتعامل مع العنف في المستشفيات · تكوين فريق من الأقسام المختلفة يستطيع التعامل مع المشاكل الأمنية وحوادث العنف بصورة فورية بهدف منعها أو تقليل الأضرار [29]
نظام قومي للإبلاغ عن حالات الاعتداء يكون سهل الاستخدام · من أجل تقديم الدعم والمساندة للضحايا

· لفهم طبيعة انتشار المشكلة ومعدل حدوثها

· لمتابعة وتقييم أثر الإجراءات المختلفة على معدل حدوث المشكلة

[30]

[31]

جلسات دعم واستشارة لضحايا العنف · لتوفير برنامج لعلاج وتأهيل ودعم ضحايا العنف في المؤسسات الصحية

· لتقليل التبعات النفسية والتبعات المتعلقة بالعمل

[32]
البيئة المحيطة (المؤسسات الصحية، والبيئة الاجتماعية) التزام إدارات المؤسسات الصحية بمنع العنف وعدم تقبله تحت أي ظرف · توفير الموارد المالية للتدريب وتقييم المخاطر

· تحسين الإجراءات الأمنية مثل كاميرات المراقبة والأدوات الأخرى

· الالتزام برعاية وتأهيل ضحايا العنف

[33]

[34]

[35]

تعديل التشريعات لرفع درجة عقوبة الاعتداء على الممارسين الصحيين · تعديل القانون الحالي أو إصدار قانون جديد لجعل العقوبات رادعة للجمهور [36]
توفير وحدات شرطية في المستشفيات الكبرى والمؤسسات المعرضة للاعتداء بصورة أكبر · تقليل فرصة حدوث الاعتداءات نتيجة وجود قوة رسمية

· التعامل الفوري مع حالات الاعتداء فور حدوثها

· حماية الأفراد والمؤسسات

· تسهيل عملية الإبلاغ وحفظ حقوق الضحايا

[37]
توفير بيئة عمل آمنة عن طريق دراسة تصاميم المباني وتوفير المعدات الأمنية · التأكد من أن بيئة العمل آمنة وبالتالي تقليل فرصة تعرض العاملين للاعتداءات

· التعرف على مصادر الخطر المحتملة في البيئة المحيطة

· إصلاح الأثاث والأجهزة المعطوبة وصيانتها بشكل دوري لإعطاء انطباع بالمسؤولية والنظام

[38]

[39]

التوصيات:

الإجراءات المقترحة للتعامل مع هذه المشكلة بناء على الأدلة وعلى طبيعة البيئة المحلية والتحديات الحالية يمكن النظر إليها على أنها تدخل ثلاثي الجوانب يستهدف الأطراف المختلفة المعنية بالمشكلة ويعيد تشكيل العلاقة بينها.

  • 1- تغييرات تشريعية لتغليظ عقوبة الاعتداء على الممارسين الصحيين.

الإجراء الأول الذي يمكن اتباعه لمنع الاعتداء على الممارسين الصحيين هو تعديل القانون الجنائي الحالي أو إصدار قانون جديد[40]، تجريم هذا الفعل وتغليظ العقوبة من المتوقع أن يؤدى إلى خفض معدل حدوث هذه الاعتداءات التي يظن بعض الناس أنها قد تمر دون مساءلة، مثل هذا الإجراء سيؤدى إلى تحسين بيئة العمل وإعادة تشكيل طريقة التعامل بين المرضى وأهليهم من جهة، والأطباء والمؤسسات الصحية من جهة أخرى.

من النماذج المطبقة في المنطقة هو ما دأبت عليه وزارة الصحة السعودية من الإعلان والتعريف بأن عقوبة الاعتداء على الممارسين الصحيين في مكان العمل جريمة تصل عقوبتها إلى السجن لعشر سنوات وغرامة مالية قد تصل إلى مليون ريال سعودي (ما يعادل 266.6 ألف دولار أمريكي)، كما أن هذه الرسالة التحذيرية القوية كانت مصحوبة بالإعلان عن خط ساخن لتلقي شكاوى المرضى في حالة وجود أي تقصير أو خلل في الرعاية الصحية المقدمة[41].

2- توعية الجهور بشأن طبيعة الرعاية الصحية واحترام الممارسين الصحيين وعقوبة الاعتداء على أي منهم في مكان العمل.

استخدام الحملات الإعلانية العامة بالإضافة إلى الوسائل الإعلامية المحلية في المؤسسات الصحية له دور هام في تقليل حوادث الاعتداءات[42]، كما ينبغي توقف الحملات الإعلامية تجاه الممارسين الصحيين ولومهم واتهامهم بالتقصير والفساد، كما ينبغي أن تغطى الحملات الإعلامية طبيعة الرعاية الصحية والتوقعات المرجوة منها، بالإضافة إلى مسؤولية المريض أثناء وجوده في المؤسسات الصحية، كما ينبغي رفع الوعي بشأن تبعات الاعتداء على الممارسين الصحيين والطرق الصحيحة لتقديم الشكوى في حالة حدوث أي تقصير[43].

مثل هذه الحملات الإعلامية هي مسؤولية حكومية بالأساس ممثلة في وزارة الصحة، بالإضافة إلى دور النقابات المهنية في الدفاع عن منتسبيها وحمايتهم، وتستهدف هذه الحملات المرضى وذويهم لتعيد تشكيل مواقفهم تجاه الممارسين الصحيين.

3- نظام إبلاغ إلكتروني قومي عن جميع حالات الاعتداءات على أن يكون بسيطا وسهل الاستخدام.

يمكن تطوير مثل هذا النظام بالتعاون بين نقابة الأطباء ونقابة التمريض، حيث أن الإبلاغ عن حالات الاعتداءات أمر غاية في الأهمية من أجل اتخاذ أي إجراء فعال[44]، ينبغي أن يوفر النظام طريقة إبلاغ فورية وسهلة بواسطة أي ممارس صحي يتم الاعتداء عليه[45]، كما ينبغي تشجيع الممارسين الصحيين على استخدام هذا النظام لتيسير المتابعة والرقابة وتقديم كافة أشكال الدعم المطلوبة بدنيا ونفسيا وقانونيا[46]، كما ينبغي التنسيق من وزارة الصحة والسكان وإبلاغها بهذه الحالات حتى تقوم الوزارة بدورها وبالإجراءات المناسبة، نظام الإبلاغ هذا يستهدف بالأساس الضحية أي الممارسين الصحيين وينطوي على مشاركة المؤسسات على مستوى الدولة من أجل القيام بدورهم ومسؤوليتهم من أجل حماية الأفراد تجاه الاعتداءات المختلفة ([47]).


الهامش

[1] McPhaul, K. M., & Lipscomb, J. A. (2004). Workplace violence in health care: recognized but not regulated. Online Journal of Issues in Nursing, 9(3), 7

[2] Sulaiman, E. (2019, January 30). Elwatannews. Retrieved March 25, 2019, from link

[3] Ghaly, M. (2018, May 19). Almasryalyoum. Retrieved March 25, 2019, from link

[4] Sulaiman, E. (2018, February 25). Elwatannews. Retrieved March 25, 2019, from link

[5] BBC News Arabic. (2016, February 20). BBC News Arabic. Retrieved March 25, 2019, from link

[6] Samir, N., Mohamed, R., Moustafa, E., & Abou Saif, H. (2012). Nurses’ attitudes and reactions to workplace violence in obstetrics and gynaecology departments in Cairo hospitals.

[7] Moustafa, M. S., & Gewaifel, G. I. (2013). Work-related violence among female employees in a university hospital in Alexandria: an epidemiologic study. J Am Sci, 9(3), 243-50.

[8] Abdellah, R. F., & Salama, K. M. (2017). Prevalence and risk factors of workplace violence against health care workers in emergency department in Ismailia, Egypt. Pan African medical journal, 26(1), 1-8.

[9] Lanctôt, N., & Guay, S. (2014). The aftermath of workplace violence among healthcare workers: A systematic literature review of the consequences. Aggression and violent behavior, 19(5), 492-501.

[10] Al-Shiyab, A. A., & Ababneh, R. I. (2018). Consequences of workplace violence behaviors in Jordanian public hospitals. Employee Relations, 40(3), 515-528.

[11] Cooper, C. L., & Swanson, N. (2002). Workplace violence in the health sector. State of the art. Geneva: Organización Internacional de Trabajo, Organización Mundial de la Salud, Consejo Internacional de Enfermeras Internacional de Servicios Públicos.

[12] Egyptian Medical Syndicate. (2018, December 2). EMS. Retrieved March 25, 2019, from link

[13] Gericke, C. A., Britain, K., Elmahdawy, M., & Elsisi, G. (2019). Health System in Egypt. Health Services Evaluation, 809-826.

[14] Sulaiman, E. (2019, January 30). Elwatannews. Retrieved March 25, 2019, from link

[15] Spelten, E., Thomas, B., O’Meara, P. F., Maguire, B. J., FitzGerald, D., & Begg, S. J. (2017). Organizational interventions for preventing and minimising aggression directed toward healthcare workers by patients and patient advocates. Cochrane Database of Systematic Reviews, (5).

[16] Alameddine, M., Mourad, Y., & Dimassi, H. (2015). A national study on nurses’ exposure to occupational violence in Lebanon: prevalence, consequences and associated factors. PloS one, 10(9), e0137105.

[17] Saudi Gazette report. (2018, July 17). Violence against health workers on the rise. Retrieved March 25, 2019, from http://saudigazette.com.sa/article/539258

[18] Daabes, A. (2018, May 20). Youm7. Retrieved March 25, 2019, from link

[19] Tarek, M., & Sulaiman, E. (2018, May 21). Elwatannews. Retrieved March 25, 2019, from link

[20] Sulaiman, E. (2019, January 30). Elwatannews. Retrieved March 25, 2019, from link

[21] Zayed, H., & Farouk, A. (2013, March 1). Ahram. Retrieved March 25, 2019, from link

[22] Al-Turki, N., Afify, A. A., & AlAteeq, M. (2016). Violence against health workers in Family Medicine Centers. Journal of multidisciplinary healthcare, 9, 257.

[23] Hussain, M. (2019, February 03). Youm7. Retrieved March 25, 2019, from link

[24] Daabes, A. (2018, May 20). Youm7. Retrieved March 25, 2019, from link

[25] Di Martino, V. (2002). Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study. In Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study.

[26] Spelten, E., Thomas, B., O’Meara, P. F., Maguire, B. J., FitzGerald, D., & Begg, S. J. (2017). Organisational interventions for preventing and minimising aggression directed toward healthcare workers by patients and patient advocates. Cochrane Database of Systematic Reviews, (5).

[27] Morrison, J. L., Lantos, J. D., & Levinson, W. (1998). Aggression and violence directed toward physicians. Journal of general internal medicine, 13(8), 556-561.

[28] Baig, L. A., Ali, A. K., Shaikh, S., & Polkowski, M. M. (2018). Multiple dimensions of violence against healthcare providers in Karachi: Results from a multicenter study from Karachi. JPMA: Journal of the Pakistan Medical Association, 68(8), 1157-1165.

[29] Cooper, C. L., & Swanson, N. (2002). Workplace violence in the health sector. State of the art. Geneva: Organización Internacional de Trabajo, Organización Mundial de la Salud, Consejo Internacional de Enfermeras Internacional de Servicios Públicos.

[30] Cooper, C. L., & Swanson, N. (2002). Workplace violence in the health sector. State of the art. Geneva: Organización Internacional de Trabajo, Organización Mundial de la Salud, Consejo Internacional de Enfermeras Internacional de Servicios Públicos.

[31] Di Martino, V. (2002). Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study. In Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study.

[32] Di Martino, V. (2002). Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study. In Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study.

[33] Morrison, J. L., Lantos, J. D., & Levinson, W. (1998). Aggression and violence directed toward physicians. Journal of general internal medicine, 13(8), 556-561.

[34] Cooper, C. L., & Swanson, N. (2002). Workplace violence in the health sector. State of the art. Geneva: Organización Internacional de Trabajo, Organización Mundial de la Salud, Consejo Internacional de Enfermeras Internacional de Servicios Públicos.

[35] Saines, J. C. (1999). Violence and aggression in A&E: recommendations for action. Accident and Emergency Nursing, 7(1), 8-12.

[36] Di Martino, V. (2002). Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study. In Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study.

[37] Di Martino, V. (2002). Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study. In Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study.

[38] Mayhew, C., & Chappell, D. (2003). Workplace violence in the health sector–a case study in Australia. Safety, 19(6).

[39] Morrison, J. L., Lantos, J. D., & Levinson, W. (1998). Aggression and violence directed toward physicians. Journal of general internal medicine, 13(8), 556-561.

[40] Di Martino, V. (2002). Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study. In Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study.

[41] Saudi Gazette report. (2018, July 17). Violence against health workers on the rise. Retrieved March 25, 2019, from http://saudigazette.com.sa/article/539258

[42] Spelten, E., Thomas, B., O’Meara, P. F., Maguire, B. J., FitzGerald, D., & Begg, S. J. (2017). Organisational interventions for preventing and minimising aggression directed toward healthcare workers by patients and patient advocates. Cochrane Database of Systematic Reviews, (5).

[43] Di Martino, V. (2002). Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study. In Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study.

[44] Di Martino, V. (2002). Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study. In Workplace violence in the health sector. Country case studies Brazil, Bulgaria, Lebanon, Portugal, South Africa, Thailand and an additional Australian study.

[45] Spelten, E., Thomas, B., O’Meara, P. F., Maguire, B. J., FitzGerald, D., & Begg, S. J. (2017). Organisational interventions for preventing and minimising aggression directed toward healthcare workers by patients and patient advocates. Cochrane Database of Systematic Reviews, (5).

[46] Cooper, C. L., & Swanson, N. (2002). Workplace violence in the health sector. State of the art. Geneva: Organización Internacional de Trabajo, Organización Mundial de la Salud, Consejo Internacional de Enfermeras Internacional de Servicios Públicos.

([47]) الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close