تقاريرمجتمع

التراث العالمي بمصر: بين الإضافة والشطب

في الوقت الذي تتسابق فيه الدول على ضم معالمها الثقافية والطبيعية لقائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو، نرى معالم مصر الأثرية معرض بعضها للشطب من تلك القائمة؛ لأنها لم تلتزم بنصوص الاتفاقية، فمصر التي كانت من مؤسسي تلك الاتفاقية؛ لا يوجد لها بتلك القائمة غير سبعة مواقع – أربعة منها معرضة للسحب – في حين نجد لدول أخرى لا تملك ما تملكه مصر من تراث عالمي تتقدم في الترتيب بتلك القائمة؛ فتركيا على سبيل المثال تمتلك 18 معلمًا ثقافيًا بتلك القائمة؛ هذا فضلًا عن أنها تحتل المركز الأول في القائمة المؤقتة للتراث العالمي بالمنظمة بواقع 77 موقعًا ثقافيًا[1]، في حين أن مصر لا يوجد لها على القائمة المؤقتة غير 32 موقعًا، كما أنه وفي هذا العام 2018 تم ادراج “واحة الأحساء” بالمملكة العربية السعودية؛ كخامس موقع سعودي ينضم إلى قائمة التراث العالمي؛ بالرغم من أن وجود المملكة بالقائمة لا يزال حديثًا فأول موقع سعودي ينضم لتلك القائمة وهو “مدائن صالح” تم ادراجه عام 2008، كما يوجد لسلطنة عمان أيضًا خمسة مواقع بتلك القائمة[2]، هذا فضلًا عن أنه وبالرغم من صغر دولة سويسرا إلا أنها تملك بتلك القائمة 11 موقعًا رغم من أن وجودها بالقائمة بدأ عام 1983.

المحور الأول: مواقع التراث العالمي:

مواقع التراث العالمي؛ هي تلك المعالم الثقافية أو الطبيعية التي تديرها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، والتي من أهدافها الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي الذي يحتوي على قيمة عالمية متميِـزة، ولذلك فإنه وطبقًا لاتفاقية حماية التراث العالمي الناتجة عن المؤتمر العام لليونسكو المنعقد في 16 نوفمبر عام 1972، والذي صادقت عليها 180 دولة، والتي تهدف إلى تصنيف وتسمية والحفاظ على المواقع ذات الأهمية الخاصة للجنس البشري، سواءً كانت ثقافية أو طبيعية، فإن الدول التي تُدرج مواقعها على القائمة تحصل على مساعدات مالية تحت شروط معينة، وقد بلغ عدد المواقع المدرجة على هذه القائمة حتى العام الحالي 2018 إلى 1092 موقعًا موزعة في 167 بلدًا[3].

وتَعتبر الاتفاقية أن كل موقع من مواقع التراث ملكًا للدولة التي يقع ضمن حدودها، ولكنه يحصل على اهتمام من المجتمع الدولي للتأكد من الحفاظ عليه للأجيال القادمة، وتشترك في حماية هذا التراث جميع الدول الأعضاء في الاتفاقية

المحور الثاني: المواقع المصرية بقائمة التراث العالمي:

بالرغم من أن مصر بها العديد من المواقع الأثرية التي تستحق باقتدار وضعها في قائمة التراث العالمي، إلا أنه وبالرغم من مرور 46 عاما على الاتفاقية، و40 عامًا على إنشاء القائمة، بل ومرور 39 عامًا على وضع خمسة مواقع أثرية مصرية على هذه القائمة، إلا أن القائمة التي تشتمل على ما يقرب من 1100 موقع ومعلم عالمي؛ لا يوجد بها غير سبعة مواقع – منها ستة مواقع أثرية آخرها تم ضمه منذ أكثر من ربع قرن – والمواقع السبعة هي: منطقة أبو مينا الأثرية بالإسكندرية، ومنطقة القاهرة التاريخية، ومنطقة آثار منف، ومدينة طيبة القديمة، ومدينة النوبة ومعابدها، ودير سانت كاترين، ووادي الحيتان بمحافظة الفيوم وهو الموقع الوحيد المسجل تراث طبيعي[4].

أولاً: منطقة “أبو مينا” بالإسكندرية:

منطقة أبو مينا الأثرية تقع عند الحافة الشمالية للصحراء الغربية، وتقع على بعد ١٢ كم من مدينة برج العرب، وتم اكتشافها عام 1905 على يد عالم الآثار الألماني “كوفمان” وفي عام 1907 تمكن من الكشف عن أجزاء كبيرة أخرى منها، وقد كُرست تلك المنطقة من أجل القديس مينا؛ الذي عاش في نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الميلادي، وانضم إلى الجيش الروماني، ثم فر من الخدمة عندما بدأ اضطهاد المسيحيين في عهد الإمبراطور “دقلديانوس” وأعلن مسيحيته، وبسبب ذلك صدر الأمر بقطع رأسه، ومنذ أواخر القرن الخامس وحتى النصف الأول من القرن السادس الميلادي كانت منطقة أبو مينا من أهم مراكز الحج المسيحية في مصر.

وتضم المنطقة منشآت عديدة ذات أغراض دينية متنوعة منها مركز الحج؛ وهو المبنى الرئيسي ويقع في الجزء الجنوبي من المنطقة السكنية القديمة، ويتكون من منطقة يتوسطها فناء متسع على شكل ميدان محاط بصفوف من الأعمدة كان يتجمع فيه الحجاج الوافدون على المكان المقدس، وفي الجزء الشمالي من الفناء يوجد فندقان يتكونان من فناء داخلي حوله حجرات النزلاء، وفي أقصى الشمال يوجد حمامان مزودان بالمياه الساخنة اللازمة للحجاج بعد سفرهم الطويل، ويفتح الفناء القبلي على كنيسة المدفن والبازيليكا الكبيرة، وقد تم تسجيل منطقة أبو مينا كموقع أثري داخل مصر طبقًا للقرار رقم ٦٩٨ في عام ١٩٥٦م، وفي عام ١٩٧٩م تم تسجيل الموقع على قائمة التراث العالمي لليونسكو[5].

ولذلك فإن منطقة أبو مينا هي أول موقع مصري يتم تسجيله بقائمة التراث العالمي، وبالرغم من ذلك فقد هددت منظمة اليونسكو بشطبه من القائمة، وهو تهديد حقيقي مبني على الأخطار التي يتعرض لها الموقع، حتى أن المنظمة قامت بالفعل بنقل الموقع من القائمة الدولية إلى قائمة التراث المعرض للأخطار، وقد بينت المنظمة المخاطر التي يتعرض لها الموقع في الآتي[6]:

– عدم الاهتمام بالمحافظة على أصالة الموقع.

– عدم توفير عناصر السلامة للموقع.

– غياب خطة الإدارة للموقع الأثري العالمي.

– غياب خطط المتابعة للموقع الاثري.

– عدم وضع الموقع ضمن البرامج والخطط السياحية.

– غياب دور المجتمع المحلي في الحفاظ على الممتلك الثقافي العالمي.

– تدهور حالة الموقع الأثري نتيجة العوامل السابقة

ثانيًا: القاهرة التاريخية:

تُطلق القاهرة التاريخية على المدينة التي أسسها القائد العسكري “جوهر الصقلي” لتكون عاصمة الخليفة “المعز لدين الله الفاطمي” وعاصمة دولة الفاطميين، حيث تأسست في القرن العاشر الميلادي، وتعتبر إحدى أقدم المدن الإسلامية بما تحويه من جوامع ومدارس وحمامات وينابيع، وقد بلغت عصرها الذهبي في القرن الرابع عشر، عندما كان للرواد من العلماء والأطباء والفلكيين وعلماء الدين والكُتاب تأثيرًا قويًا ومكانة كبيرةً امتدت خارج حدود العالم الإسلامي[7].

وتُعتبر القاهرة نموذجاً متميزًا للمعمار الإسلامي؛ حيث جمعت العديد من الأمثلة المعمارية الفريدة من عصور الأمويين والطولونيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، ونظرًا لوفرة وثراء هذا المعمار الذي يزين سماء القاهرة فقد عرفها العلماء والمؤرخون والجمهور باسم “مدينة الألف مئذنة”، وقد تم إدراج القاهرة التاريخية على قائمة التراث العالمي عام ١٩٧٩م بناءً على توصية المجلس الدولي للآثار والمواقع[8].

وتستحق القاهرة أن توضع في قائمة التراث العالمي، ولكن المشكلة أن المواقع الأثرية بها عديدة ومتكدسة، كما أن مساحة القاهرة التاريخية واسعة، فشارع المعز فقط به أكثر من 600 أثر، ولذا كان يجب على المسئولين والمختصين منذ بداية التسجيل اختيار بعض تلك الأثار وتسجيلها، وخاصة أن لتسجيل المواقع الأثرية على قائمة التراث العالمي مهام تبعات يجب على أي دولة أن تكون مستعدة لتحملها، ولما لم تتمكن الدولة من القيام بتوفير الحماية اللازمة؛ فقد تم وضع القاهرة التاريخية ضمن التراث العالمي المعرض للأخطار؛ فمنذ ما يقرب من ثلاث سنوات أرسلت منظمة اليونسكو خطابًا رسميًا لوزارة الخارجية المصرية تهددها فيه بأن المنظمة سوف تُخرج منطقتي القاهرة التاريخية وكذلك منطقة طيبة من المناطق المسجلة لديها ضمن قائمة مناطق التراث العالمي.

وقد وضحت اليونسكو تلك المخاطر في العناصر التالية: وجود بعض التعديات في هذا الممتلك الثقافي العالمي، وبخاصة حول بعض المنشآت الحديثة ذات الارتفاعات، ووجود بعض الأضرار التي تهدد الموقع، وعدم وجود ردود من قبل الحكومة المصرية على الاستفسارات الخاصة بالملف؛ فقد كان المطلوب أن تتقدم الجهات المسئولة للمنظمة بملف تحدد فيه وبشكل واضح آليات وضوابط العمل مع منطقة القاهرة الكبرى وكيفية التعامل قانونيًا مع التعديات[9].

ثالثاً: منطقة آثار مدينة منف:

تُعد منطقة منف وجبانتها واحدةً من أهم مواقع التراث العالمي؛ فقد كانت منف عاصمة لمصر في عدة فترات تاريخية منذ عصر الدولة القديمة، ثم فترة من عصر الدولتين الوسطى والحديثة، والعصر المتأخر، وأيضًا مع بداية عصر الإسكندر الأكبر، وتحتوي منطقة منف على الأهرامات الثلاثة؛ التي منها هرم خوفو؛ الذي يعد الأعجوبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع القديمة، كما تتضمن منطقة منف الأثرية ٣٨ هرمًا في الجيزة وسقارة وأبو صير ودهشور، وأكثر من٩٠٠٠ أثر ومقبرة من فترات مختلفة منذ عصر الأسرة الأولى وحتى العصرين اليوناني الروماني، وتنقسم منف كموقع أثري إلى سبعة أقسام إدارية هي: أبو رواش، والجيزة، وزاوية العريان، وأبو صير، وسقارة، وميت رهينة، ودهشور[10].

وقد تم تسجيل موقع منف وجبانتها على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في عام ١٩٧٩م، ولكن وللأسف ما ينطبق على القاهرة الكبرى ينطبق أيضا على منطقة الأهرامات، فلا يعقل أن تسجل المنطقة من الهرم وحتي دهشور بالإضافة إلى سقارة كموقع واحد بقائمة التراث العالمي، وخاصة – كما قلنا من قبل – أن هناك متطلبات لا بد وأن تقوم بها الحكومات تشمل الحماية والحفاظ على هذه المواقع؛ ولكن وبسبب اتساع المنطقة كان من الصعب جدًا القيام بهذه المهمة، بل إن هناك مشكلات خاصة تعترض عليها اليونسكو مثل وجود الجمال والخيول بمنطقة أهرامات الجيزة.

ولو حدثت مشكلة ما في هذه المساحة الشاسعة ستحذرنا اليونسكو وقد تصل للشطب لو لم يتم حل هذه المشكلة وغيرها من المشكلات، وقد ذكر كثير من الباحثين أن المنظمة هددت فعلًا بشطب المنطقة بسبب الإهمال للعديد من المعالم الأثرية بالمنطقة مثل هرم زوسر؛ الذي يتعرض للعديد من الأخطاء الخاصة بعملية الترميم التي بدأت منذ عام 2006 والتي كان من المخطط لها أن تنتهي في عام 2009، ولكن لا تزال مستمرة به حتى وقتنا هذا لم تنتهِ بعد[11].

وهرم سقارة أو هرم زوسر، أو كما يطلق عليه العديد من الناس الهرم المدرج، هو أحد المعالم الأثرية المهمة بجبانة سقارة غرب مدينة ممفيس القديمة في مصر، بناه المهندس المعماري “أمنحوتب” خلال القرن الـ 27 ق.م، ليدفن بداخله الملك زوسر، وقد زادت التخوفات على سلامة الهرم بعد تقرير اليونسكو؛ الذي أقر العديد من المخالفات التي تمت بعملية الترميم[12]

رابعا: منطقة “مدينة طيبة” القديمة:

مدينة طيبة هي مدينة الأقصر حاليًا، وتُلقب بمدينة المائة باب، أو مدينة الشمس، وتقع على ضفاف نهر النيل؛ الذى يقسمها إلى شطرين؛ البر الشرقي والبر الغربي، ويوجد بها نحو 14 من أهم المعابد المصرية، واختارتها لجنة التراث العلمي باليونسكو عام 1979 لتكون تراثًا عالميًا، وقد تم تسجيلها أيضا كلها بمعابدها ومقابرها؛ ومنها الكرنك والأقصر ووادي الملوك ووادي الملكات، وبالرغم من أن الاتفاقية الدولية بها باب يختص بتعديل الحدود؛ بمعني أنه من حق أي دولة لو وجدت خطأ ما أن تطالب بتعديل حدود الموقع الثقافي سواءً بالاتساع أو التضييق، وهذا من الممكن الاستفادة منه في التقليل من مساحة المواقع الأثرية المصرية الموضوعة على القائمة، بل ومن الممكن أن تكون سببًا في وضع مواقع أخرى على القائمة من خلال تقسيم المواقع السابقة ذات المساحات الكبيرة[13]، ومنطقة الأقصر من الموقع المصرية القليلة المسجلة بقائمة اليونسكو والتي غير مهددة بالشطب.

خامساً: آثار النوبة ومعابدها:

النوبة هي المنطقة الممتدة ما بين جنوب مصر بعد أسوان، وشمال السودان[14]، وتنقسم النوبة إلى قسمين رئيسيين، هما: النوبة السفلى وتقع جميعها داخل الحدود المصرية بين الشلال الأول والثاني، والنوبة العليا وتقع جنوب الشلال الثاني وحتى حدود منطقة (الدبة) داخل الحدود السودانية[15].

وتشتمل آثار النوبة على العديد من المعالم الأثرية المميزة والفريدة؛ مثل معبد رمسيس الثاني في أبو سمبل، ومعبد إيزيس في جزيرة فيلة، وكانت المعالم الأثرية بالنوبة تقع أمام الشلال الثاني، لكن ومنذ إنشاء السد العالي تم نقلها إلى موقعها الحالي الجديد، وتم اختيار تلك المعالم على قائمة التراث العالمي منذ عام 1979.[16]

وكانت منظمة اليونسكو قد أطلقت حملة عالمية لإنقاذ المواقع المهددة بالغرق من جراء بناء السد العالي ونقلها لموقع جديد ملائم من ناحية السلامة خلال الفترة من ١٩٦٠ إلى ١٩٨٠م بتكلفة بلغت وقتها ٨٠ مليون دولار وشاركت فيها ٥٠ دولة. [17]

وحالة موقع أبو سمبل أفضل من المواقع الأخرى ووضعه جيد، ولا توجد به مشاكل، وبحالة جيدة من الحفظ والحماية.

سادساً: دير سانت كاترين:

ودير سانت كاترين يقع في جنوب سيناء أسفل جبل كاترين أعلى جبال مصر، بالقرب من جبل موسى، ويُقال عنه إنه أقدم دير في العالم؛ فقد تأسس في القرن السادس الميلادي في الحقبة البيزنطية، بل ويعتبر أقدم دير مسيحي ما زال محافظًا على وظيفته الدينية حتى الآن، هذا فضلًا عن كونه يُعد مزارًا سياحيًا كبيرًا؛ حيث تقصده الأفواج السياحية من جميع بقاع الأرض، ويرأس الدير ويديره أسقف سيناء؛ وهو لا يخضع لسلطة أية بطريرك أو مجمع مقدس، ولكن تربطه علاقات وطيدة مع بطريرك القدس؛ لذلك فإن اسم بطريرك القدس يُذكر في القداسات المقامة بالدير، هذا على الرغم من أن الوصاية على الدير كانت لفترات طويلة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، ورهبان وكهنة الدير من اليونانيين وليسوا عربًا أو مصريين، شأنهم شأن أساقفة كنيسة الروم الأرثوذكس فى القدس التى يسيطر عليها اليونانيون منذ عهود طويلة، وتتمثل أهمية دير سانت كاترين في أنه يُعد نموذجًا لفن العمارة البيزنطية بالإضافة إلى اشتماله على مجموعات كبيرة من المخطوطات والأيقونات المسيحية ذات القيمة العالية. [18]

وقد تم وضع الدير على قائمة التراث العالمي باليونسكو عام 2002، وتُعتبر حالة الدير أفضل من حالات المواقع الأخرى، فوضعه جيد، ولا توجد به مشاكل كبيرة.

سابعاً: وادي الحيتان:

ووادي الحيتان هو الموقع الوحيد المسجل في مصر تراث طبيعي، وهو يقع داخل محمية وادي الريان؛ التي تتبع لوزارة البيئة وليست وزارة الآثار؛ وهي محمية طبيعية تغطي مساحة 1759 كيلومترًا بمحافظة الفيوم، على بعد 150 كيلومتر من القاهرة، وقد عُثر في وادي الحيتان على 10 هياكل كاملة لحيتان كانت تعيش في تلك المنطقة قبل نحو 40 مليون سنة، حيث كانت جزءًا من محيط كبير يشمل شمال أفريقيا، وترجع أهمية وادي الريان لأنه بيئة طبيعية للحيوانات المهددة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والغزال المصري وثعلب الفنك وثعلب الرمل والذئب والطيور المهاجرة النادرة؛ مثل صقر شاهين وصقر الغزال والصقر الحر والعقاب النسارى وأنواع أخرى من الطيور المهاجرة مثل أنواع البط والسمان والتفلق وأنواع البلشون والعنز وغيرها[19].

وفى العام 2005م تم تصنيف منطقة وادى الحيتان كمنطقة تراث عالمي واختارتها اليونسكو كأفضل مناطق التراث العالمي للهياكل العظمية للحيتان، ورغم ذلك لم تستفد الحكومة المصرية منه، فهي لم تقم بأي ترويج سياحي يفيد في تعزيز التنمية السياحية والاقتصادية.

المحور الثالث: معوقات وضع آثار مصر على قائمة التراث العالمي، وألية التخلص منها:

وبعد أن تعرفنا على وضع مصر الهزيل على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهو وضع مثير جدًا للقلق؛ وخاصة أن منظمة اليونسكو هددت بشطب وسحب عدة مناطق أثرية مصرية من دائرة اختصاصها وعدم تصنيفها ضمن التراث العالمي، وهذا التهديد يعتبر أمرًا خطيرًا، ولذا وجب علينا أن نوضح بعض المعوقات التي كانت سببًا في هذا الوضع الهزيل، ثم نحاول أن نضع بعض المقترحات التي تعيننا في التخلص من هذا الوضع:

أولاً: المعوقات:

فبالإضافة للمعوقات التي تواجه المناطق الأثرية المصرية الموضوعة على قائمة التراث العالمي، والتي تم ذكرها أثناء الدراسة، فهناك أيضًا معوقات أخرى تمنع مصر من اضافة أية مواقع مصرية أخرى على تلك القائمة، منها:

– أنه يوجد لدينا في مصر أخطاء واضحة في فهم منظومة التراث العالمي والتسجيل في القائمة، هذا بالرغم من أن مصر تُعتبر من أولى الدول المؤسسة للمنظمة والمشاركة في القائمة.

– كما أنه ليس لدينا الوعي الكامل للتواجد في القائمة، خاصة أن تغير المفاهيم والمعايير يوجب علينا إعادة التفكير في ذلك مع ظهور مصطلح مثل التراث الحديث.

– أن مصر ومنذ سنوات طويلة لم تقدم ملفًا واحدًا لتسجيله، وهو ما يؤكد أن لدينا ثغرات واضحة وقصور غريب في إعداد ملفات التسجيل.

– فنحن ومنذ 26 سنة لم نسجل أي موقع أثري جديد في مصر على قائمة التراث العالمي؛ رغم أن لدينا خبراء وشخصيات دولية قادرة على دعم ذلك بخبراتها وثقلها.

– أنه وبالرغم من أن هناك 10 معايير للتسجيل بالقائمة؛ بل ويكفي انطباق معيار واحد منها، لكن في مصر يُصر المسئولون على المعايير كلها مما يلقي علينا بتبعات والتزامات لا نستطيع القيام بها، ويؤدي ذلك في النهاية لوقوعنا في أخطاء توقف ملفات التسجيل.

ثانيًا: مقترحات للحلول:

وهنا نضع بعض الحلول المقترحة للحفاظ على المواقع الأثرية المصرية الموضوعة على قائمة التراث العالمي والمهدة بالشطب، كما نضع مقترحات أيضًا تساعد في العمل على إضافة مواقع أثرية أخرى على تلك القائمة، ومن هذه المقترحات:

– يجب أن تتعامل الحكومة ووزارة الآثار مع ملف المواقع الأثرية ووضعها على قائمة التراث العالمي بجدية.

– هذا فضلاً عن أننا في مصر في حاجة ضرورية لإعادة فهم ودراسة التراث المصري العالمي؛ لأن مصر تستحق اهتمامًا أكثر من وضعها الحالي الذي لا يتناسب اطلاقا مع تاريخها وتراثها.

– يجب أن تتكاتف جهود المؤسسات الحكومية والشعبية من أجل الاهتمام بالمواقع الأثرية والمحافظة عليها، فالجهود الشعبية لها دور بارز في الحفاظ على المواقع الأثرية؛ ولذلك فمنظمة اليونسكو تضعها أحد المحددات الرئيسية عند اضافة أية مواقع جديدة للقائمة.

– كما يجب العمل على ايجاد مديري مواقع مؤهلين لتقديم نظم إدارة فعالة تمنع من شطب تلك المواقع، بل وتعمل على اضافة مواقع أخرى.

– من الضروري والمحتم جدًا أن يكون لدى المسئولين المصريين الاجابة الدقيقة على جميع التفسيرات الواردة من منظمة اليونسكو ومركز التراث العالمي، ولابد من الاستعداد بكافة البيانات المطلوبة وتقديمها للجنة التراث العالمي، لأن تقصير الحكومة في هذا الملف كان سببًا واضحًا في التهديد بشطب العديد من المواقع المصرية من القائمة.

– يجب مراعاة عدد من ملفات المواقع الأثرية المعرضة للأخطار، ومنها ملف موقع أبو مينا، والعمل على إزالة كافة المعوقات، كما يجب مراعاة ملف القاهرة التاريخية الذي يحوي العديد من المشاكل العالقة منذ عام 2011، والإسراع في علاج القصور السابق.

– لا بد من وجود خطط ترميم وصيانة وتأمين لهذه المواقع، وهذا ما لا يتوافر حتى الآن بالنسبة للآثار المصرية بشكل عام وليس فقط المدرجة على قائمة التراث العالمي، ولذا فيجب إنشاء مراكز بحثية على غرار مركز صناعة الآثار بجامعة القاهرة، فمعظم المشاكل التي تعاني منها الآثار المصرية هي الترميم وعدم الاعتماد على المواصفات العالمية في الترميم،[20]

– يجب الاعتماد على منظمة اليونسكو؛ لأن إدراج أي مواقع ضمن قائمة التراث العالمي يعني إمكانية الاستفادة من اليونسكو على مستوى الخبراء والتمويل.

– ولذا فيجب علينا الاستفادة من قوانين المنظمة ومنها التدريب، وقد بدأ مكتب اليونسكو بالقاهرة بالقيام بدورة تدريبية حول كيفية “إدارة مواقع التراث العالمي”، كجزء من برنامج بناء القدرات لتعزيز إدارة وحفظ مواقع التراث العالمي في مصر وهي الدورة التي اشترك فيها أكثر من 30 مفتش آثار ومدير موقع من المواقع الأثرية الستة المُدرجة في قائمة التراث العالمي، ومن عدة مواقع مدرجة في القائمة المؤقتة للتراث العالمي بمصر أقيمت الدورة التدريبية في المقر الجديد لمكتب اليونسكو بالقاهرة بمدينه 6 أكتوبر، لمدة أسبوع[21]

– العمل على اضافة مواقع أخرى للقائمة منها؛ منطقة رشيد، ويجب على وزارة الآثار عداد ملف عن مدينة رشيد التاريخية لتقديمه إلى منظمة اليونسكو لوضعها على قائمة التراث العالمي حيث انها على القائمة التمهيدية للمنظمة منذ عام ٢٠٠٣، فمدينة رشيد تُعد المدينة الأولى بعد القاهرة التي لا تزال تحتفظ نسبيًا في بعض أجزائها بطابعها المعماري، وذلك بما تحويه من آثار إسلامية قائمة ترجع إلى العصر العثماني، والذي يتنوع ما بين آثار مدنية ودينية وحربية ومنشآت خدمة اجتماعية [22].


الهامش

[1] TRT عربي، تركيا تحتل الصدارة في قائمة (اليونسكو) المؤقتة للتراث العالمي، تركيا تحظى بالترتيب الأول في عدد تراثها الثقافي المدرج في القائمة المؤقتة لليونسكو وبواقع 77 تراثاً ثقافياً، 30 يوليو 2018

[2] سكاي نيوز، قائمة التراث العالمي تضم مواقع عربية جديدة السبت 30 يونيو 2018

[3] موقع منظمة اليونسكو، إدراج 19 موقعاً جديداً في قائمة التراث العالمي لليونسكو، 4 يوليو 2018

[4] اليوم السابع، لماذا تستحق مدينة رشيد ضمها لمدينة التراث العالمي؟ 3 أغسطس 2018

[5]) موقع وزارة الآثار المصرية، مواقع التراث العالمي، القاهرة 2018

[6] صدى البلد، خبير دولي: “أبو مينا “و”القاهرة التاريخية” مهددان بالخروج من قائمة التراث العالمي.. 6 مايو 2017

[7] موقع وزارة الآثار المصرية، مرجع سابق

[8]) المرجع السابق

[9] – الأهرام، من ينقذ القاهرة التاريخية؟ المدينة مهددة بالخروج من قائمة التراث العالمي والمسئولون صامتون!، 11 يوليو 2015

[10] – موقع وزارة الآثار المصرية، مرجع سابق

[11] – اليوم السابع، هرم زوسر يعود للحياة.. أعمال ترميمه توقفت منذ 2011 وثورة 30 يونيو أعادت له الأمل.. الدولة خصصت 15 مليوناً للانتهاء منه بعد شائعة خروجه من قائمة التراث العالمى.. والآثار تضع اللمسات الأخيرة لافتتاحه العام الحالى، 29 أكتوبر 2017

[12] – اليوم السابع، أين هرم سقارة على أجندة أولويات الآثار؟.. الوزارة تجيب، 21 أغسطس 2018

[13] – موقع وزارة الآثار المصرية، مرجع سابق

[14] – وولتر امرى، مصر وبلاد النوبة، ترجمة: تحفة حندوس، القاهرة 2008.

[15] – علاء الدين محمد قابيل، تاريخ بلاد النوبة القديم وآثارها، دار الفكر العربي، القاهرة 2006.

[16] – اليوم السابع، صور.. تعرف على المواقع المصرية الـ 7 بقائمة التراث العالمي، 25 فبراير 2018

[17] – موقع وزارة الآثار المصرية، مرجع سابق

[18] – المرجع السابق

[19] – السابق

[20] – بوابة فيتو، بعد شائعة خروج «هرم سقارة» من قائمة التراث العالمي: خبراء الآثار عمليات «الترميم» في مصر لا تخضع للاتفاقيات الدولية.. «حمزة»: لا بد من إنشاء مدرسة ترميم مصرية تعمل وفق المعايير العالمية، 20سبتمبر2014

[21] – موقع منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم (اليونسكو)، مكتب اليونسكو بالقاهرة، زيادة قدرات التراث العالمي في مصر، 2017

[22] الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

الوسوم

د. حسين دقيل

أكاديمي مصري،باحث ومتخصص في الآثار حاصل على الدكتوراه في الآثار اليونانية والرومانية من جامعة الإسكندرية حاصل على الدراسات العليا في التربية قسم اللغة العربية من جامعة جنوب الوادي

اعمال اخرى للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى