fbpx
الخليجتقديرات

الوضع في الخليج بعد استهداف أرامكو

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة:

نقلت وكالة الأنباء السعودية عن مسؤول في وزارة الداخلية قوله “باشرت فرق الأمن الصناعي بشركة أرامكو إطفاء حريقين في معملين تابعين للشركة بمحافظة بقيق وهجرة خريص. نتيجة لاستهدافهما بطائرات بدون طيار”، موضحا أنه “تمت السيطرة على كلا الحريقين[1]“. ويعتبر هذا الهجوم واحدا من بين أهم التطورات التي تعصف بمستقبل المنطقة، على الصعيدين السياسي والعسكري. ففي الوقت الذي لم تعلن فيه المملكة أو التحالف العربي الذي تقوده أنّ المليشيات الحوثية الانقلابية هي التي نفّذت الهجوم على الرغم من تبنيها للعملية، إلا أنّ كل التوقعات والتحليلات العربية والغربية تلمّح صراحةً إلى تورط إيران، التي تعتبر خط الدعم الأول للحوثيين[2]. وعلى الرغم من نفي إيران تورطها في هذا الاعتداء الذي تبنته حركة أنصار الله الحوثية في اليمن إلا أن صحيفة جارديان البريطانية ترى أن الحوثيين لم يكن بمقدورهم تنفيذ هذه الهجوم دون دعم إيران. وقد كانت كل من السعودية والولايات المتحدة قد ألقت في وقت سابق باللوم على إيران في شن هجمات في الخليج على ناقلتين نفطيتين في شهري يونيو ويوليو الماضيين، وهو ما تنفيه طهران.

علما أنه في شهر مايو 2019م، تعرضت أربع ناقلات، اثنتان منها تحملان العلم السعودي، لأضرار جسيمة بسبب انفجار ألغام بحرية وقعت داخل المياه الإقليمية لدولة الإمارات في خليج عمان.[3] وتأتي أهمية هذه الدراسة انطلاقا من أهمية المنطقة المستهدفة كون “بقيق” يوجد بها أكبر معمل لتكرير النفط في العالم. وتعالج المنشأة النفط الخام القادم من حقل الغوار العملاق قبل نقله للتصدير إلى مرفأ رأس تنورة، أكبر منشأة لتحميل النفط في العالم، كما يوجد في “خريص” الواقعة على بعد 190 كيلو مترا إلى الجنوب الغربي من الظهران ثاني أكبر حقل نفطي في السعودية[4]. كما تهدف الدراسة إلى معرفة أبعاد استهداف أرامكو على المنطقة الاقليمية.

ما الهدف من استهداف أرامكو؟

انطلاقا من فرضية أن إيران أو أحد أذرعها العسكرية هي من تقف خلف الهجوم على “أرامكو”، فإن ذلك يرجع في الغالب إلى أن النظام الإيراني يعتمد على بعث رسالة مفادها أنه في حال أجبرت الولايات المتحدة إيران على تقليل صادراتها من النفط إلى “صفر”، فإن طهران لديها القوة الكافية على وقف الصادرات السعودية البترولية أيضًا. وأن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تدرك بأن إيران جزء من تلك المنطقة ولا يمكن استئصالها. كما أشارت صحيفة الجارديان البريطانية إلى أن إيران كانت حريصة على إظهار أن شعبها لن يكون الوحيد الذي يعاني من الخناق الأمريكي المفروض على اقتصادها[5].

الآثار السياسية والاقتصادية لاستهداف أرامكو.

  • كشفت وكالة “بلومبرج” الأمريكية أن إنتاج النفط في السعودية سوف ينخفض إلى النصف على أن يستمر لأسابيع أو أشهر، وذلك بسبب وجود أعطال في المنشآت النفطية التي تعرضت لهجمات بطائرات بدون طيار.
  • أن الهجوم المدمر تسبب في وقف نصف إنتاج المملكة العربية السعودية، أي نحو 5% من الإمداد العالمي مما تسبب في زيادة قياسية في أسعار النفط. فقد أعلن وزير النفط السعودي، عبد العزيز بن سلمان، أن الهجمات أدت إلى خفض إنتاج المملكة من النفط الخام بمقدار 5.7 مليون برميل في اليوم، وهو ما يعادل نصف إنتاج الدولة من النفط تقريبا. ويمثل هذا الرقم انخفاضًا كبيرًا في القدرات، حيث تشير آخر الأرقام الصادرة عن أوبك منذ أغسطس 2019، إلى أن إجمالي الإنتاج السعودي 9.8 مليون برميل يوميًا. وتنتج المملكة حوالي 10% من إجمالي المعروض العالمي البالغ 100 مليون برميل يوميًا، مما يعني أن هجمات البقيق، تسببت في خفض نحو 5% من الإنتاج العالمي حاليا[6].
  • توقعت مجموعة “أوراسيا” المتخصصة في استشارات المخاطر السياسية أن تؤثر الهجمات على منشآت النفط السعودية على قيمة شركة أرامكو، لكنها رأت أنه من غير المرجح أن تعدل المملكة من خطتها لبيع الأسهم في عملاق النفط، لإظهار أنها قادرة بفاعلية على مواجهة الإرهاب أو تحديات الحرب.”[7].
  • انخفاض أسهم البورصة السعودية في بداية التداولات 3%، ثاني يوم الاستهداف. متأثرة بهجوم المنشآت النفطية[8].
  • اضطرار بعض الدول إلى بحث إمكانية اللجوء لمخزوناتها الاستراتيجية من النفط، لتلبية احتياجاتها المحلية. فقد أعلنت كوريا الجنوبية، أنها تدرس سحب نفط من احتياطيات الخام الاستراتيجية، “إذا تدهورت أوضاع واردات النفط الخام”، كما صرح ترامب: “سمحتُ بالسحب من مخزون النفط الاستراتيجي إذا لزم الأمر، وستكون الكمية التي سيتم تحديدها كافية للحفاظ على إمدادات السوق بوضع جيد.”[9]

الموقف الدولي من الهجوم على أرامكو

أولاً-الولايات المتحدة الأمريكية:

لمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إمكانية الرد العسكري على إيران بعد الهجمات. فقد عبر في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “بأن الإدارة الأمريكية تعرف من كان وراء الهجوم على مرافق النفط السعودية. لكننا ننتظر أن نسمع من السعوديين نتائج التحقيق قبل المضي قدما في أي خطوة قد تتخذ”، مبديًّا في الوقت نفسه استعداده لدعم أمن السعودية. وأضاف: “نحن على أهبة الاستعداد للرد”، من دون تحديد طبيعة الرد. وتعد هذه المرة الأولى التي يلمح فيها ترامب إلى “رد عسكري” أمريكي محتمل على الهجمات ضد منشآت شركة أرامكو السعودية[10].

وقد فجر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تصريحات مفاجئة عبر سلسلة تغريدات على حسابه في “تويتر”، بخصوص أزمة هجوم “أرامكو” الأخير في السعودية، قائلا: “لسنا بحاجة إلى نفط وغاز الشرق الأوسط”. وقال: “لسنا بحاجة له لأننا أصبحنا أكبر منتج للطاقة في العالم، لكننا سنساعد حلفاءنا[11]“. فيما حمّل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إيران مسؤولية الهجمات، كما أفادت تقارير إعلامية أمريكية مؤخرا بأن البيت الأبيض يدرس خيارات عسكرية للرد.[12] وقد حثت وزارة الخارجية الأمريكية المواطنين الأمريكيين على “توخي المزيد من الحذر” لدى السفر إلى السعودية.[13] وفي وقت لاحق دعا سيناتور جمهوري إلى مهاجمة مصافي النفط الإيرانية، ردا على استهدف جماعة الحوثي مصافي نفطية سعودية، ما أدى إلى تعطل الإنتاج فيها[14].

وقد ندد السفير الأمريكي لدى المملكة السعودية، جون أبي زيد، بالهجوم، ووصفه بـ “غير المقبول”. ونقل حساب السفارة على تويتر عن أبي زيد قوله: “تدين الولايات المتحدة بشدة الهجمات التي نفذتها طائرات مسيرة على منشأتي نفط في محافظة بقيق وهجرة خريص”. واعتبر أن “هذه الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية والتي تعرض المدنيين للخطر تصرف غير مقبول، ستفضي عاجلا أم آجلا إلى فقدان أرواح بريئة”[15].

ثانياً-بريطانيا:

صرح أندرو موريسون وزير الشؤون الخارجية البريطاني المسؤول عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تغريدة على تويتر: “هجوم غير مقبول بالمرة على منشآت نفط في السعودية هذا الصباح”. وأضاف: “على الحوثيين وقف تقويض أمن السعودية بتهديد المناطق المدنية والبنية التحتية التجارية”[16]. وفي بيان لوزارة الخارجية البريطانية، جاء فيه إن الهجوم الأخير على أرامكو، والذي تبناه الحوثيون في اليمن، يحتاج إلى رد دولي واضح وموحد، دون أن توجه أي اتهامات. بينما وصف وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، الهجمات على منشأتين نفطيتين لشركة “أرامكو” السعودية بـ “الخطيرة للغاية”، قائلا إنها تحتاج لرد دولي واضح وموحد[17].

ثالثاً-روسيا:

دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باتصال هاتفي أجراه معه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لإجراء تحقيق شامل وموضوعي في هجوم “أرامكو”، معبرا عن “قلقه” إزاء الهجمات. وأفاد الكرملين في بيان بأن بوتين وابن سلمان بحثا الوضع في سوق الهيدروكربون العالمي، بما في ذلك تنفيذ الاتفاقيات في إطار “أوبك زائد”، حيث أبدى الطرفان حرصهما المتبادل على مواصلة التنسيق الوثيق من أجل استقرار أسعار النفط العالمية. وتطرقت المكالمة التي كانت بمبادرة من الطرف السعودي، إلى مسائل تتعلق بزيارة الرئيس الروسي المخطط لها إلى السعودية.

وكان بوتين أكد، أنه مستعد لمساعدة السعودية في وجه الهجمات التي تتعرض لها في حال أقدمت على شراء منظومة “إس400” أو “إس300” لحماية البنية التحتية وأضاف: “نحن على استعداد لتقديم المساعدة المناسبة للمملكة العربية السعودية، ويكفي أن تتخذ القيادة السياسية في المملكة العربية السعودية قرارا، كما فعل قادة إيران، وهو شراء منظومة (إس300)، أو كما فعل الرئيس أردوغان الذي اشترى من روسيا أحدث منظومة للدفاع الجوي (إس 400)”[18].

رابعاً-إسرائيل:

أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، “الجاهزية” لاحتمال التورط بمواجهة أمريكية-إيرانية، على خلفية استهداف منشأتي نفط بالسعودية. وقال نتنياهو، ردا على سؤال حول ما إذا كانت إيران قد تسعى لاستفزاز إسرائيل في حال اتساع رقعة الأزمة: “إنني أهتم بأمننا على أساس 360 درجة، وبوسعي أن أقول لكم إننا مستعدون جيدا”[19].

خامساً-الناتو:

أعرب أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن قلقه إزاء إمكانية تصاعد التوترات في الشرق الأوسط عقب الهجوم على منشآت نفط حيوية تابعة لشركة أرامكو في السعودية. وقال ينس ستولتنبرغ، الأمين العام للناتو، إن “إيران تزعزع استقرار المنطقة بالكامل[20]“.

سادساً-الأمم المتحدة:

حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من حرب في الخليج، مشيراً إلى أن ذلك يترتب عليها آثار كارثية. وقال غوتيريش، في مقابلة مع (سي إن إن) الأمريكية: “إننا قلقون للغاية، مضيفا بأنه أرسل خبيرين بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن 2231 لفحص الحطام (الآثار في بقيق وخريص) والتمكن من تحليل ما هي ومن صنعها”. وأضاف: “وفي الوقت ذاته، أنا أعتبر هذا تصعيدا خطيرا للغاية أدينه بالكامل ويحتاج إلى أعصاب حديدية من المجتمع الدولي، للحيلولة دون حصول ما يمكن أن يكون صراعاً ضخماً في الخليج، تترتب عليه نتائج دراماتية على مستوى العالم”. وفي رده على سؤال إن كانت السعودية وإيران على شفا حرب؟ أجاب غوتيريش: “آمل لا، وأعتقد أن من المهم كما قلت تجنب صراع ضخم في الخليج، ستترتب عليه نتائج كارثية على المنطقة وأيضا على العالم[21]“.

سابعاً-العفو الدولية:

حذّر الأمين العام لمنظمة العفو الدولية كومي نايدو، من أن أي تدخل عسكري أمريكي ردا على الهجوم على المنشآت النفطية السعودية، الذي تمّ اتهام إيران بشنه، لن يؤدي ذلك إلا إلى تفاقم المعاناة في الشرق الأوسط. واعتبر نايدو أن على العالم بدلا من ذلك مضاعفة الجهود لإنهاء العنف المدمّر في اليمن. وقال في مقابلة في واشنطن: “نحتاج إلى وقف إراقة الدماء في الحال، وأي حديث عن تدخل عسكري في الوقت الحالي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع السيئ”. وحذّر من نتائج مشابهة لغزو العراق عام 2003، الذي “خلق الكارثة التي لدينا الآن، ليس فقط في العراق، ولكن أيضا في الدول المجاورة له”[22].

الموقف العربي من الهجوم على أرامكو

استنكرت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، الهجوم، مؤكدة في بيان “تضامنها التام مع المملكة في مواجهة الإرهاب، وتأييدها الكامل للإجراءات التي تتخذها لحماية شعبها ومصالحه الحيوية”، وفي السياق ذاته، ندد البرلمان العربي بالهجوم، داعيا في بيان إلى “التحرك العاجل للتصدي لهذه الأعمال الإرهابية”. وأدانت الجمهورية المصرية الهجوم، مشيرة في بيان للخارجية إلى تضامنها مع السعودية ودعم الإجراءات اللازمة للحفاظ على أمنها واستقرارها. فيما أعربت الخارجية الفلسطينية تأييدها الكامل للخطوات التي تأخذها المملكة في حماية مواطنيها ومنشآتها وسيادتها”. في حين وصفت الخارجية الأردنية استهداف أرامكو بالعمل الإرهابي الذي يهدف إلى توتر المنطقة.

كما أدانت الخارجية الكويتية الهجوم[23]. وقامت بتنفيذ ما أسمته بالتدريبات البحرية والجوية لرفع أعلى درجات الجهوزية[24]. كما أدانت دولة البحرين الهجوم وأعلنت أن موقفها ثابت إلى جانب السعودية. أما دولة الإمارات فقد صدر عن وزاره خارجيتها بيانا جاء فيه إن “أمن دولة الإمارات وأمن السعودية كل لا يتجزأ”[25].

وأدان وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، الهجوم، وقال في تغريدة على موقع تويتر: “الهجوم على السعودية تصعيد خطير في حد ذاته، والموقع الصحيح لكل دولة عربية وكل دولة مسؤولة في المجتمع الدولي يجب أن يكون مع السعودية ومع استقرار المنطقة وأمانها”[26].

كما رفضت الإمارات وعلى لسان وزير خارجيتها، ربط هجمات أرامكو السعودية الأخيرة، بتطورات اليمن، على الرغم من أن الحوثيين من أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجمات. وطالبت الإمارات المجتمع الدولي، بدعم دولي للسعودية.[27]

وعلى الرغم من الخلافات القطرية السعودية إلا أن وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أدان الهجوم على منشأتين تابعتين لشركة “أرامكو” بالبقيق شرق السعودية[28].

بينما نفى العراق من استخدام أراضيه في شن الهجوم الذي تعرضت له منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو السعودية. بعد أن نشر الحساب الرسمي لرئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي بيانا على حسابه في فيسبوك جاء فيه أن رئيس الحكومة تلقى اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لبحث الهجوم الأخير. وأضاف البيان أن الاتصال الذي أجري مساء “بحث الضربات الأخيرة التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية الشقيقة، وقيّم الطرفان موقفهما من الأزمة الراهنة واتفقا على التعاون في تبادل المعلومات”. وأضاف أن المهدي شدد على” أن مهمة العراق هي الحفاظ على أمنه واستقراره وتجنب أي خطوة للتصعيد وعلى منع استخدام أراضيه ضد أية دولة مجاورة أو شقيقة أو صديقة”[29].

التعقيبات والرود الإيرانية والسعودية

إيران:

نفت طهران تورطها في تلك الهجمات. ووصف الرئيس الإيراني حسن روحاني الهجوم بأنه رد فعل “من الشعب اليمني”[30]. كما أعلنت إيران، أنها أرسلت مذكرة سياسية إلى الإدارة الأمريكية، عن طريق السفارة السويسرية في طهران، تنفي فيها ضلوعها بالهجمات على منشآتي “أرامكو”. وتوعّدت الحكومة الإيرانية، بمذكرتها الولايات المتحدة بـ “رد قاس وفوري” على أي هجوم قد يستهدفها على خلفية استهداف منشأتين نفطيتين لشركة “أرامكو” السعودية، بحسب وكالة أنباء “إرنا” الرسمية.

وجاء في المذكرة أنه “في حال شن أي عدوان ضد إيران، فسنقوم بالردّ عليه ردًا فوريًا وقاسيًا”، مضيفة أن “الرد لن يقتصر فقط على مصدر التهديد”[31]. كما هاجم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مجددا الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية اتهاماتها لطهران بالمسؤولية عن الهجمات التي استهدف منشآت شركة أرامكو النفطية السعودية. ونشر ظريف تغريدة على حسابه في موقع تويتر قال فيه: إن “أمريكا تنكر الحقيقة إذا اعتقدت أن الضحايا اليمنيين لأربع سنوات ونصف من أسوأ جرائم الحرب لن يفعلوا كل ما بوسعهم للرد”. وتابع: “ربما تشعر (الولايات المتحدة) بالحرج لأن أسلحتها التي تتكلف مئات المليارات من الدولارات لم تعترض النيران اليمنية”، وقال: “لكن إلقاء اللوم على إيران لن يغير ذلك”.[32]

بينما تناقل العديد من الإيرانيين بسخرية تصريح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عام 2017 الذي قال فيه: “لن ننتظر حتى تأتي الحرب إلى المملكة السعودية بل سنأخذها إلى إيران[33]“. في حين وصفت الصحف الإيرانية الهجوم بأنه قط كسر العمود الفقري للسعودية[34].

السعودية:

اتهمت السعودية، التي تقود تحالفا تدخل في اليمن عام 2015 ضد الحوثيين، إيران بالمسؤولية عن الهجمات السابقة، وهو ما نفته طهران. كما تتهمها المملكة بتسليح الحوثيين وهو ما تنفيه الجماعة وطهران[35]. وفي مؤتمر صحفي لوزارة الدفاع السعودية بالرياض، قال المتحدث باسم الوزارة تركي المالكي إن “إيران حاولت تزيف الحقائق، والهجوم على أرامكو جاء من الشمال وبدعم إيراني”، مضيقا: “الأدلة التي لدينا تؤكد أن هجوم أرامكو لم ينطلق من اليمن”.[36] كما أفادت وكالة “يونهاب” الكورية الجنوبية للأنباء، بأن ولي العهد السعودي طلب من سيئول المساعدة في تعزيز نظام الدفاع الجوي للمملكة، بعدما أدى الهجوم على منشأتي نفط بالسعودية إلى انخفاض إنتاجها من الخام.[37]

تداعيات الأزمة

الاحتمالات العسكرية:

مما لا شك فيه أن الشرق الأوسط عموما ومنطقة الخليج على وجه الخصوص، تشهد حالة احتقان كبيرة تزيد من احتمالية اشتعال مواجهة عسكرية. ويبقى السؤال عن شكل المواجهة العسكرية:

  • المواجهة العسكرية الشاملة: والذي يقضى بقيام الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية بمساعدة بعض حلفائها الإقليميين بإعلان الحرب الشاملة على إيران. وقد يلجا الرئيس الأمريكي ترامب من أجل تصدير أزمته الداخلية في ظل وجود محاولات تهدف إلى تنحيته عن الرئاسة الأمريكية.
  • المواجهة العسكرية المحدودة: والذي يشير إلى إمكانية توجيه ضربات عسكرية ضد أذرع إيران في المنطقة الإقليمية سواء (إسرائيل مع غزة) أو (اسرائيل ولبنان) أو (السعودية والحوثيين) أو (ضربة عسكرية محدودة في الداخل الإيراني).

إلا أن المرجح هنا في حال تم استخدام الاحتمال الحل العسكري فإن هذا الحل سيكون محدودا، بمعني زيادة في الهجمات السعودية على اليمن. مع احتمالية نشوب حرب بين اسرائيل وغزة أو لبنان.

الحلول السياسية:

في المنظور القريب بات من المرجح أن تلجا الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية إلى اللجوء للحلول السياسية مع إيران والابتعاد عن المواجهة العسكرية وذلك يرجع للأسباب الاتية:

  • قرب الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية مما يتطلب تريثا وحكمة أمريكية في التعامل مع الأزمة.
  • رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في ابتزاز المملكة العربية السعودية.
  • وجود خشية حقيقية من القوة العسكرية الإيرانية إلى جانب قوة حلفائها في المنطقة.

ختاما

بات السعوديون يشعرون أن حليفتهم الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن الوثوق فيها. كما أن هناك تحديدات تواجه حلفائها الإقليميين كمصر. هذا إلى أن إسرائيل تعاني من أزمات سياسية داخلية. إضافة إلى التحديات الأمنية التي تواجهها سواء في الجبهة الشمالية أو الجنوبية. كافة تلك لمؤشرات تشير إلى أنه لن تكون هناك مواجهة عسكرية بمنطقة الخليج في غضون عام من الآن. إلا أن فرصة المواجهة العسكرية قد تزداد في حال امتلكت المملكة العربية السعودية منظومة دفاع جوي قوية، إلا أجانب اتخاذ الولايات المتحدة وإسرائيل قرار بالحرب. والذي قد يأتي في حال سمحت الظروف الداخلية لكلا البلدين (أمريكا واسرائيل) في ذلك. مصحوبا بعمل عسكري نوعي جديد تقف خلفه إيران [38].


الهامش

[1] Shaji Mathew, Filipe Pacheco, and Sarah Algethami, Attacks on Saudi Oil Plants Risk Lowering Aramco IPO Valuation, Bloomberg, September 15, 2019, link.

[2] أحمد علاء، هجمات أرامكو النوعية. هل أخطأت السعودية في الحرب اليمنية؟، مصر العربية، تاريخ النشر 17-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9- 2019م، الرابط.

[3] The Guardian, The Guardian view on Iran and Saudi Arabia: maximum pressure, maximum risks, 17-9-2019, link.

[4] Shaji Mathew, Filipe Pacheco, and Sarah Algethami, Attacks on Saudi Oil Plants Risk Lowering Aramco IPO Valuation, Bloomberg, September 15, 2019, link.

[5] The Guardian, The Guardian view on Iran and Saudi Arabia: maximum pressure, maximum risks, 17-9-2019, link.

[6] Anthony Dipaola, Javier Blas, and Will Kennedy, Aramco to Face Weeks without the Majority of Abqaiq’s Oil Output, Bloomberg, September 17, 2019, link.

[7] Shaji Mathew, Filipe Pacheco, and Sarah Algethami, Attacks on Saudi Oil Plants Risk Lowering Aramco IPO Valuation, Bloomberg, September 15, 2019, link.

[8] عربي 21، بالأرقام. هكذا تأثرت أسهم السعودية بهجمات أرامكو، تاريخ النشر، 15-9-2019م، تاريخ الاطلاع، 20-9-2019م، الرابط.

[9] صلاح الدين كمال، ارتدادات “هجوم أرامكو” تقلق أسواق النفط. من المستفيد؟، عربي 21، تاريخ النشر، 16-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[10] أحمد علاء، هجمات أرامكو النوعية. هل أخطأت السعودية في الحرب اليمنية؟، مصر العربية، تاريخ النشر 17-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9- 2019م، الرابط.

[11] عربي21، ترامب: لسنا بحاجة لنفط الشرق الأوسط وغازه. ولكن، تاريخ النشر، 16-9-2019م، تاريخ الاطلاع، 20-9-2019م، الرابط.

[12] عربي 21، مذكرة إيرانية لأمريكا بوساطة سويسرا: ردنا سيكون قاسيا، تاريخ النشر 18-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[13] عربي 21، خارجية أمريكا تدعو رعاياها للحذر عند السفر للسعودية، تاريخ النشر، 18-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[14] عربي 21، سيناتور أمريكي يدعو لاستهداف منشآت إيران النفطية، تاريخ النشر، 15-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[15] عربي 21، أصداء عربية ودولية لاستهداف الحوثيين “أرامكو” السعودية، تاريخ النشر 14-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[16] عربي 21، أصداء عربية ودولية لاستهداف الحوثيين “أرامكو” السعودية، تاريخ النشر 14-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[17] عربي21، بريطانيا تعلّق على هجوم “أرامكو”: خطير ويتطلب ردا دوليا، تاريخ النشر، 16-9-2019م، تاريخ الاطلاع، 20-9-2019م، الرابط.

[18] عربي 21، ابن سلمان يهاتف بوتين. والأخير يعبر عن قلقه من الهجمات، تاريخ النشر، 18-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[19] عربي 21، نتنياهو: مستعدون لاحتمال التورط بمواجهة أمريكية-إيرانية، تاريخ النشر،16-9-2019م، تاريخ الاطلاع، 20-9-2019م، الرابط.

[20] موقع bbc العربية، الهجوم على أرامكو في بقيق وخريص: الناتو يحذر من تصعيد محتمل في المنطقة، تاريخ النشر، 17-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[21] دنيا الوطن، الأمم المتحدة تُحذر من حرب كارثية في الخليج العربي، تاريخ النشر والاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

 

[22] عربي 21، العفو الدولية تحذّر من أي رد عسكري أمريكي على هجمات السعودية، تاريخ النشر، 17-9-2019م، تاريخ الاطلاع، 20-9-2019من الرابط.

[23] عربي 21، أصداء عربية ودولية لاستهداف الحوثيين “أرامكو” السعودية، تاريخ النشر 14-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[24] موقع دنيا الوطن، الكويت ترفع درجة التأهب الأمني بموانئها للدرجة الثانية، تاريخ النشر والاطلاع، 20-9-2019م، الرابط.

[25] عربي 21، أصداء عربية ودولية لاستهداف الحوثيين “أرامكو” السعودية، تاريخ النشر 14-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[26] موقع bbc العربية، الهجوم على أرامكو في بقيق وخريص: الناتو يحذر من تصعيد محتمل في المنطقة، تاريخ النشر، 17-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[27] موقع عربي 21، الإمارات ترفض ربط هجمات “أرامكو” بحرب اليمن، تاريخ النشر، 17-9-2019م، تاريخ الاطلاع، 20-9-2019م، الرابط.

[28] عربي 21، قطر تدين الهجوم على أرامكو السعودية، تاريخ النشر، 16-9-2019م، تاريخ الاطلاع، 20-9-2019م، الرابط.

[29] عربي 21، بغداد: بومبيو أكد لنا أن هجوم أرامكو لم ينطلق من العراق، تاريخ النشر، 16-9-2019م، تاريخ الاطلاع، 20-9-2019م، الرابط.

[30] موقع bbc العربية، الهجوم على أرامكو في بقيق وخريص: الناتو يحذر من تصعيد محتمل في المنطقة، تاريخ النشر، 17-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[31] عربي 21، مذكرة إيرانية لأمريكا بوساطة سويسرا: ردنا سيكون قاسيا، تاريخ النشر 18-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[32] عربي 21، ظريف: أمريكا محرجة لأن أسلحتها لم تعترض الطائرات اليمنية، تاريخ النشر،17-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[33] وائل عبد الحميد، بلومبرج لترامب: غزو إيران ليس نزهة، موقع مصر العربية، تاريخ النشر، 17-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[34] محمد مجيد الأحوازي، هكذا تناولت صحف إيرانية الهجوم الحوثي على “أرامكو”، عربي 21، تاريخ النشر 16-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[35] Shaji Mathew, Filipe Pacheco, and Sarah Algethami, Attacks on Saudi Oil Plants Risk Lowering Aramco IPO Valuation, Bloomberg, September 15, 2019, link.

[36] عربي 21، الرياض تنفي تنفيذ هجوم أرامكو من اليمن وتتهم إيران، تاريخ النشر، 18-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[37] عربي 21، ابن سلمان يطلب مساعدة كوريا الجنوبية لتعزيز الدفاع الجوي، تاريخ النشر 18-9-2019م، تاريخ الاطلاع 20-9-2019م، الرابط.

[38] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

السعودية والإمارات في اليمن تنافس أم توزيع أدوار؟

اقراء ايضا السعودية والإمارات في اليمن: تنافس أم توزيع أدوار؟

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close