fbpx
دراسات

قراءات نظرية: الثورات السياسية ـ المفهوم والأبعاد

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

تحدث الثورة نتيجة وجود مقدمات وشروط محددة تبرز في إطار تطور المجتمع, تؤدي إلى وجود تناقضات أساسية تتحدد في التناقض بين الطابع الاجتماعي للإنتاج وشكل التملك الخاص, ويؤدي ذلك إلى اتساع الشعور بالظلم والاستغلال الذي يمارس من قبل فئة قليلة مالكة, وتؤدي هذه التناقضات إلى أزمة سياسية عميقة تحمل معها نشوء حالة ثورية تتجسد بنشاط الجماهير السياسي الواسع من خلال التمرد على الواقع بأشكال ومظاهر متعددة مثل المظاهرات والاجتماعات المعبئة والاعتصام, فالحالة الثورية هي تعبير عن التناقضات الموجودة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهي تمثل ذروة تفاقمها.

أولاً: مفهوم الثورة:

الثورة هي أسلوب من أساليب التغيير الاجتماعي تشمل الأوضاع والبنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعملية التغيير لا تتبع الوسائل المعتمدة في النظام الدستوري القديم للدولة وتكون جذرية وشاملة, تؤدي إلى انهيار النظام القائم وصعود نظام جديد ويفترض أن يكون تقدمي قياسا بسابقه, ويترتب على نجاح الثورة سقوط الدستور وانهيار النظام الحكومي القائم ولكن لا تمس شخصية الدولة ومؤسساتها وكادرها في مختلف المجالات, ولا تؤدي إلى إنهاء العمل بالتشريعات السابقة عليها بطريقة فوضوية, وخاصة الإيجابية منها وذات الصلة بالحياة العامة, فليست كل ما في النظام القديم هو بالي ويستحق السحق والإبادة, فهذا نوع من السلوك ألتدميري للدولة برمتها وإعاقتها من العمل مجددا (1).

والثورة كذلك هي “الإطاحة بالنظام السياسي والاقتصادي السائد الذي يقوم على الاستغلال. إنها تعني بناء نظام جديد يرفع إلى أعلى مستوى رخاء القسم الأعظم من الجماهير، والذي ينتج أقصى قدر من حقوق الإنسان والحرية، التي تستبدل أخلاق السادة الكنسية والدولتية بأخرى تقوم على الحرية والمساواة والتضامن” (2).

وتختلف الرؤي لمفهوم الثورة بسبب تنوع الفهم للمصطلح وتنوع إقترابات المفكرين منه، كل حسب أيديولوجيته وحسب اختصاصه، فنجد من يستخدمه للدلالة على تغييرات فجائية وجذرية تتم في الظروف الاجتماعية والسياسية، أي عندما يتم تغيير حكم قائم وتغيير النظام الاجتماعي والقانوني المصاحب له بصورة فجائية، وأحيانا بصورة عنيفة (3).

كما يستخدم المصطلح للتعبير عن تغييرات جذرية في مجالات غير سياسية كالعلم والفن والثقافة لأن الثورة تعني التغيير، واستخدم مفهوم الثورة بالمعنى السياسي في أواخر القرون الوسطى، كما يستخدم في علم الاجتماع السياسي للإشارة إلى التأثيرات المتبادلة للتغييرات الجذرية والمفاجئة للظروف والأوضاع الاجتماعية والسياسية. وتعرفها موسوعة علم الاجتماع بأنها: “التغييرات الجذرية في البنى المؤسسية للمجتمع، تلك التغييرات التي تعمل على تبديل المجتمع ظاهريا وجوهريا من نمط سائد إلى نمط جديد يتوافق مع مبادئ وقيم وإيديولوجية وأهداف الثورة، وقد تكون الثورة عنيفة دموية، كما قد تكون سلمية، وتكون فجائية سريعة أو بطيئة تدريجية (4).

ويعرف كرين برنتون الثورة في كتابه “تشريح الثورة” بقوله “إنها عملية حركية دينامية تتميز بالانتقال من بنيان اجتماعي إلى بنيان اجتماعي آخر”(5). وعرفها “هاري ايكشتاين” في مقدمته عن الحرب الداخلية بأنها “محاولات التغيير بالعنف أو التهديد باستخدامه ضد سياسات في الحكم أو ضد حكام أو ضد منظمة”. ويرى “بيتر أمان” أن الثورة هي “انكسار مؤقت أو طويل الأمد لاحتكار الدولة للسلطة يكون مصحوبا بانخفاض الطاعة”(6).

أما “يوري كرازين” فينظر لها بمنظار الأدبيات الماركسية في تحليل التطور الاجتماعي ويقول “إن معنى الثورة الاجتماعية ووظيفتها لا يمكن فهمها إلا حينما ننظر إلى تاريخ المجتمع على حقيقته كسلسلة متصلة من التشكيلات الاقتصادية – الاجتماعية، والثورة شكل من أشكال الانتقال من تشكيل إلى آخر، كما أنها قفزة من التشكيل الاقتصادي والاجتماعي البالي إلى تشكيل أكثر تقدما، تكون الخاصية المميزة السائدة له ومضمونه السياسي هو انتقال السلطة إلى الطبقات الثورية (7).

ومن استعراض هذه التعريفات يرى الباحث أن الثورة نوع من التغيير الجذري والعميق يستهدف اكتشاف الأخطاء وبناء علاقات سليمة مكانها، تشيع العدل وتصنع التقدم. أما سبب الاختلاف في فهم المصطلح فيكون إما للاختلاف العقائدي أو لتباين التخصص العلمي، كما أن الثورة أداة تطور تاريخي للمجتمعات الإنسانية، فهي حد فاصل بين النظام القديم والجديد، تحدث تغييرا جذريا للبناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى الثقافي، ويستهدف هذا التغيير إفراز منظومة تجسد مطالب الثوار وتحققها.

ثانياً: الثورة والمفاهيم القريبة منها:

1ـ الثورة والانقلاب:

الكثير من النخب المتصارعة والتي تنقلب على بعضها، تحاول إعطاء الشرعية لحركتها من خلال القول أنها ثورة نابعة من الإرادة الشعبية وتسعى لتحقيقها، فالانقلاب هو انتقال السلطة من يد فئة قليلة إلى فئة قليلة أخرى تنتمي إلى نفس الفئة الأولى التي كانت تسيطر على الحكم أو على الأقل تشبهها، ويكون باستخدام وسائل العنف الرسمية دون إحداث تغيير في وضع القوة السياسية في المجتمع أو في توزيع عوائد النظام السياسي أي انه تغيير في أوجه حال الحكام دون تغيير في أحوال المحكومين والانقلاب نوع من أنواع التمرد، وغالبا ما يكون الانقلاب باستيلاء العسكر على السلطة الشرعية بواسطة القوة المسلحة وتغيير نظام الحكم بالقوة دون الرجوع للناخبين والسلطة هنا هي الحكومة(8).

2ـ الثورة والحركة الاجتماعية:

عرف “لورانز فون شتاين” الحركة الاجتماعية في مؤلفه “تاريخ الحركة الاجتماعية في فرنسا من 1789 إلى 1850” بأنها “محاولات البروليتاريا اكتساب القوة الاقتصادية والسياسية”. وقال رودولف هيبرل بأن الحركة الاجتماعية تهدف على إحداث تغييرات راديكالية في النظام الاجتماعي العام وبخاصة في مجالات توزيع الثورة وعلاقات العمل، وبالتالي فقد وسع المفهوم الذي قدمه شتاين لتشمل حركات الفلاحين والحركات الوطنية والفاشية.

كما يمكن تعريفها: ذلك الجهد الموحد والمتصل الذي يقوم به مجموعة من الأفراد لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف المشتركة بين أعضائها وقد يكون معناها أكثر تحديدا ليدل على الجهد الذي يتجه نحو تعديل أو إبدال أو هدم نظام اجتماعي قائم.

أما “بول ويلكنسون” فقد وضع عناصر للحركة الاجتماعية وهي:

  • الحركة الاجتماعية هي حركة جمعية مقصودة لإحداث تغيير في أي اتجاه وبأية وسيلة ولا تستبعد الحركات العنيفة غير القانونية والثورات التي تعدل من بناء المجتمع، وبناءات على هذا فهي تختلف عن الحركات التاريخية.
  • لابد ان تتضمن حدا أدني من التنظيم.
  • التزامها بالتغيير يرتكز على الإرادة الواعية والالتزام المعياري بأهداف ومعتقدات الحركة.

ومن أهم الحركات في عالمنا المعاصر الحركة العمالية، الحركة الفلاحية، الحركة الطلابية، الحركة النسائية والحركة الثقافية. ويرجع الاهتمام لهذه الفئات لما تتبناه من أيديولوجيات وما لأفرادها وقادتها من نوايا وكذا لضمها لأغلبية الشعوب والمجتمعات.

وتكون الحركة الاجتماعية في بداية نشأتها ضعيفة التنظيم ينقصها التحديد الواضح من حيث الشكل والأهداف ولكنها لا تلبث أن تأخذ الطابع المنظم من حيث القيادة وتقسيم العمل والقيم والأهداف كما تكسب كل حركة اجتماعية وهي في طوره النشأة ثقافتها وتنظيمها المميز من غيرها من الحركات الاجتماعية الأخرى (9).

وكلما نمت الحركة الاجتماعية اكتسبت شكلا أكثر تنظيما وانطبعت بتقاليد مميزة كما تتميز بقيادات مستقرة وتندرج في الوظائف وتتحدد قيمها وقواعدها الاجتماعية أكثر. وقد قسمها بلومر إلى: حركات عامة: مثل الحركات العمالية والنسائية، وحركات خاصة: مثل الحركات المضادة لنظام الرق. حركات التعبير مثل الحركة الدينية وحركات تجديد الأساليب والأنماط في المعيشة واللباس (10).

إن للحركة الاجتماعية أهداف قد تختلف وتتباين فقد يكون هدفها قلب نظام الحكم القائم أو تحريم الخمر، أو الاعتراف بالحقوق السياسية للمرأة أو إلغاء حكم الإعدام أو إلغاء الأسلحة النووية. وبما أن الأهداف تختلف من حركة إلى أخرى فإن الإمكانيات تختلف أيضا فقد تبدأ من نشر أفكارها والضغط بوسائل الإعلام والمحاضرات وحتى الدعوة إلى الثورة العنيفة ومهما يكن فإن الدعاية والتبشير هما الميزة الواضحة للحركة الاجتماعية.

وتتضمن الحركات الإجتماعية والسياسية ثلاث عناصر أساسية تتمثل في أن للحركات الاجتماعية: الأول، تنظيما أو بناء. الثاني، معتقدات أو مثاليات، والثالث: أفعالا وقوالب سلوكية يقوم بها الناس المنتسبون إليها وهذا هو الشكل الخاص لكل من هذه العناصر التي تشكل الحركات الاجتماعية والسياسية، وتعطيها طابعها الخاص بها. وللحركات الاجتماعية ثلاث وظائف حددها عالم الاجتماع الفرنسي “جيروشيه” هي الوساطة بين مجموعة من الناس من جهة والأبنية والحقائق الاجتماعية من جهة أخرى. وتوضيح الضمير الجمعي، وهي حالة الجماعة التي تكشف نفسها أو مصلحتها وأين تكمن هذه المصلحة، والضغط على الشخص الذين بيدهم مقاليد الحكم (11).

إن الفرق بين الحركة الاجتماعية والثورة صعب الوضوح، بسبب التشابه الكبير، وهذا يؤدي بالكثيرين إلى المزاوجة بين المفهومين، فالحركة الاجتماعية تنظيم اجتماعي له هياكله ومؤسساته التنظيمية ويهدف إلى تحقيق أهداف بعينها، ومن وسائل هذه الحركات الثورة والتي يمكن ان تكون وسيلة لتحقيق وتجسيد أهدافها، لذلك قد نجد في الثورة الواحدة حركات اجتماعية مختلفة ومتنوعة الأهداف والاختصاصات، تشترك في إشعال الثورة (12).

3ـ الثورة والانتفاضة:

يجب علينا لفهم الثورة أكثر، القدرة على التمييز بينها وبين المصطلحات المتشابهة ومن بينها الانتفاضة، فنجد في كتابات علم اجتماع الثورة أن الفرق يكمن في كون الثورة تكون سريعة عكس الانتفاضة التي تمتد لفترة زمنية أطول فثورة 1830 في فرنسا كانت بمثابة انتفاضة، لأنها امتدت لمدة ثماني عشرة سنة، وهذا التمييز بين الثورة والانتفاضة لا يتناقض مع ما وصفت به الانتفاضة من حيث كونها وسيلة خاصة للاستحواذ على السلطة بالقوة (13). وأن الثورة “حدث مفاجئ يؤدي إلى تغيير راديكالي يقطع الصلة بالماضي ويؤسس لنظام يلبي مطالب الثوار والذين هم الشعب وليست نخب متصارعة في بنية النظام”(14).

وفي إطار هذه المفاهيم وتداخلها يري الباحث أن الأمر يتطلب يحتاج لتعريف يري في الثورة عملية تحول مجتمعي وسياسي واقتصادي، ويري في نخبتها الجديدة غير المركزية وغير الأيديولوجية وغير المؤسسة فرصا أكبر في مشاركة الجماهير في اختيار نظامها الجديد. ويرفض في الثورة استثنائية قوانينها وإجراءاتها ومؤسساتها، ويؤكد في المقابل مبدأ القانون، واحترام حقوق الإنسان لكل المواطنين، دون أن يكون لقناعاتهم السياسية والدينية والاقتصادية تأثير في مواطنتهم.

ثالثاً: أنواع الثورات:

تتخذ الثورات أشكالاً واتجاهات مختلفة؛ فقد اتخذت الثورة الأمريكية (1775-1783م) طابع حركة التحرير الوطني إذ اكتفت بالمطالبة والنضال في سبيل الاستقلال من الحكم البريطاني دون إحداث تغييرات رئيسية في البنية الاجتماعية. أما الثورة الفرنسية عام 1789م، فقد أنهت حكم الملك لويس السادس عشر وحولت الحكم إلى نظام جمهوري، ورفعت شعارات الحرية والإخاء والمساواة، كما استندت إلى دستور ينص على حقوق الأفراد وواجباتهم، وأعلنت قيام دولة المؤسسات ممثلة في الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، مؤكدة على حق الأفراد في التنظيم وحريتهم في الاعتقاد.

وكذلك الثورة الروسية في عام 1917م التي لم تكتف بعزل القيصر، بل عملت على إحداث تغييرات اجتماعية أساسية، كإلغاء نظام الملكية الفردية. وبشكل قريب من نموذج الثورة الروسية، قامت الثورة الشيوعية الصينية عام 1949م بانتزاع الأراضي من الإقطاعيين وتوزيعها على الفلاحين، وحققت مجانية التعليم والعلاج.

وتتفاوت الفترة الزمنية التي يتمكن فيها الثوار من السيطرة على الحكم من ثورة لأخرى. فقد حارب الشيوعيون الصينيون لمدة 22 عامًا قبل أن يتمكنوا من هزيمة حكومة الصين الوطنية عام 1949م. وقد استخدموا في سبيل إنجاح تلك الثورة تكتيكات واستراتيجيات عديدة. واعتمدوا على قوة التنظيم وشن حرب عصابات في عديد من مناطق الصين.

وفي دول العالم الثالث، كانت الثورات موجهة مباشرة إلى الاستعمار، وكانت تهدف إلى تحقيق السيادة والاستقلال، ويطلق على هذا النوع من الثورات “الثورات الوطنية”، كما في الجزائر، حيث قادت الثورة الجزائرية نضالاً مسلحًا ضد الاستعمار الفرنسي استمر سبع سنوات قدم فيه الجزائريون أكثر من مليون شهيد. وتقدم الحركات السياسية في أمريكا اللاتينية نموذجاً آخر من نماذج الثورات التي تمكنت من تغيير الحكام المستبدين، دون أن يصاحب ذلك إحداث تغييرات أساسية في أنظمة الحكومة أو في البنية الاجتماعية للدولة. ويطلق على هذا النوع من الثورات “ثورات ضد السلطة”، لكونها ذات هدف محدود هو الإطاحة بالحكومة القائمة. وفي عدد من الحالات تم انتقال هذه الثورات إلى مراحل أعلى، فتحولت إلى ثورات سياسية أو اجتماعية.

وعلى صعيد الثورات العلمية، فإنها لا تؤدي إلى تغييرات سياسية مباشرة، ولكنها تحقق بشكل تراكمي انتقال المجتمع من حالة إلى أخرى. فقد غيرت الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر الميلاديين الطبيعة الأساسية للمجتمع الأوروبي من الحياة الريفية إلى الحياة المدنية، كما أدى اختراع الهاتف والتطورات الأخرى في مجال التقنية والاتصالات في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين الميلاديين إلى إحداث ثورات في مجال الصناعة والحياة اليومية للمجتمعات (15).

وفي هذا الإطار يتم التمييز بين:

1ـ الثورة البرجوازية: تعنى في الأساس بحل التناقض بين القوى الإنتاجية والنظام السياسي الإقطاعي أو شبه الإقطاعي والمهمة التاريخية للثورة البرجوازية هي التخلص من العقبات أمام التطور الرأسمالي، فهي تترك أساس المجتمع البرجوازي دون تغيير، ولا تمس الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، ونجد من أبرز الثورات البرجوازية حرب الفلاحين في ألمانيا في القرن 16 والثورة اليابانية 1867(16).

2ـ الثورة الاشتراكية: ويعبر هذا النوع من الثورة عن التحول الجذري للمجتمع الذي يمر بالانتقال الكامل من الرأسمالية إلى الاشتراكية وتتميز بتحطيم علاقات الإنتاج التي تتسم بالتسلط والقهر، القائمة على الملكية الخاصة وهي تسعى إلى تقويض جهاز الدولة البرجوازية وإقامة دكتاتورية البروليتاريا (17).

3ـ الثورة السياسية: وتسعى إلى تغيير الفئة الحاكمة دون إن يكون هدفها إحداث تغيير جذري وشامل في الأوضاع الاجتماعية، فالثورات السياسية تشمل على عمليات التغيير المفاجئة والجذرية التي تحدث لأنظمة الحكم والإدارة والتنظيم في المجتمعات والتي يقوم بها الشعوب تحت لواء بعض الجماعات والأفراد لإصلاح الفساد الإداري والقضاء على السلطات الحاكمة المستبدة، التي لا تتسم بالعدالة، وقد تسهم القوات المسلحة في دعم ومساندة هذه الثورات، ويكون لها دور بارز في نجاحها (18).

4ـ الثورة الاجتماعية: تعرفها الموسوعة السياسية على أنها تغيير نوعي في الحياة الاقتصادية والسياسية والفكرية للمجتمع عبر انهيار النظام القديم البالي، وصعود نظام اجتماعي جديد أكثر تقدما مكانه عن طريق تفجير الصراع وحسمه لصالح التقدم، وللثورة الاجتماعية أبعادها الشاملة المتكاملة، التي تنعكس على مختلف نواحي النشاط والعلاقات بين البشر بدءا من علاقات الإنتاج والتمركز الاجتماعي والمؤسسات الاجتماعية، وتنزع السلطة من يد طبقة وتحل محلها طبقات ونخب صاعدة (19).

ويرى سوروكين أن الثورة الاجتماعية تتفجر بفعل مجموعة من العلاقات الاجتماعية، والطبيعة الموضوعية للثورة ولا يمكن تحديدها دون الرجوع إلى النظام الاقتصادي – الاجتماعي للمجتمع (20). فالثورة الاجتماعية هدفها إذن إحداث تغيير جذري في البناء الاجتماعي وما يرتبط به من وظائف وعلاقات، وتسعى هذه الثورات دائما إلى تحقيق العدالة الاجتماعية (21). ونمط الثورة الاجتماعية لا يتوقف كثيرا على عدد المشتركين الشعبيين بقدر ما يتوقف على التكوين الطبقي والوزن النسبي للطبقات والشرائح المختلفة، وعلى درجة وعيها الاجتماعي والسياسي وعلى العلاقة بينها (22).

5ـ الثورة الاقتصادية: يرى سوروكين أن الثورة الاقتصادية تسعى إلى إجراء تغييرات عنيفة في النظام الاقتصادي، ويقصد بها التغيير الجذري في البناء الاقتصادي للمجتمعات والذي يؤدي إلى إعادة توزيع الثروة والملكيات بصورة جديدة بما تضمنه من تغيير للعلاقات والنظم المرتبطة بهذا البناء (23).

رابعاً: أسباب الثورة:

إن الثورة إفراز لواقع اجتماعي، وهذا الواقع يختلف من مجتمع إلى آخر، لذلك لا يمكن الجزم بأسباب محددة بعينها تتوفر في كل الثورات لان كل ثورة هي وليدة سياق معين لذا تتعدد الأسباب بتعدد الظروف. فمنذ القديم شغلت الثورة الفلاسفة والمفكرين وبحثوا عن أبرز عواملها، فنجد أرسطو أفرد للثورة الفصل السابع من مؤلفه الشهير “السياسة” حيث يعتقد أن أسباب قيام الثورة تعود إلى عدم المساواة. كما أن أرسطو يرجع أسباب قيامها إلى عنصر أساسي وهو عدم الرضا عن الوضع القائم وقد اعتبر هذا العلة العامة التي تهيئ النفوس للثورة (24).

وهناك من يحصر أسباب الثورة في العوامل الاقتصادية ومن أبرز المنادين بهذا نجد سان سيمون وماركس وكل اليساريين، إذ يرى سان سيمون أن التطور التاريخي للجماعات البشرية هو صراع دائم بين الطبقات الاقتصادية في المجتمع بين من يملكون ومن لا يملكون، أما ماركس فيعتقد أن جميع الثورات مهما اختلفت أشكالها ذات طبيعة واحدة، فالثورة حسبه مرحلة طبيعية وحتمية في حياة المجتمعات، ويؤكد ماركس على علاقات الإنتاج والتوزيع والتي تؤدي إلى سلسلة من الثورات تنتهي بثورة البروليتاريا (25).

وفي نفس الاتجاه نجد لينين ومن بعده دعاة نظرية التخلف، يؤكدون على أن التخلف عامل حاسم للتغيير وبالتالي تصبح الثورة حتمية، حيث أن القهر والسخط الملتهب يمكن أن يخلق جوا ثوريا (26).

ويرجع هذا التخلف والفقر إلى سيطرة طبقة اوليجاركية على كل مصادر الدخل والرفاهية في المجتمع، وإهمال أو إغفال حاجيات الشعب بغالبية فئاته، وبالتالي يصبح الجو ملائم، لنمو السخط والشقاق الاجتماعي، والذي غالبا ما يواجه من قبل النظام القائم بالقمع، الآمر الذي يؤدي إلى ازدياد السخط بين الثوار. وما يميز غالبا حكم هذه الاوليجاركية اعتمادها على الآلة القمعية وقمع المطالبات بالتغيير لكن هذه الطبقة تهتز وتتخلخل بفعل الثورات الشعبية الناتجة عن عدم المساواة في التوزيع(27).

ولا يمكننا حصر الثورة في أسباب اقتصادية فقط فعلماء النفس يؤكدون على أن هناك عوامل نفسية تهيئ الأذهان للثورة مثل وجود الأوضاع الظالمة في المجتمع، إلى جانب إحساس الأفراد بالظلم الواقع عليهم. إضافة إلى الظلم الاجتماعي الناتج عن استئثار قلة من الناس بخيرات البلاد، ونظام الحكم العبودي الذي يؤدي إلى الكبت والقهر، مما يجعل الشعب يعيش حالة الخوف الدائم ويؤدي به في الأخير إلى الانفجار في وجه هذا الواقع (28).

ولعل الأسباب متعددة وتتقاطع فيها العديد من الثورات وهذا ما أثبتته الثورات المتنامية في الوطن العربي ككرة الثلج بسبب الظلم الواقع على الشعوب، وعقود القهر المتوالية إضافة إلى فشل قيام الدولة الوطنية المرتكزة على المواطنة، وبسبب سيطرة نخبة على مقدرات الشعوب مما ادخلها في موجات من التخلف والفقر زاده الظلم والاستبداد المعتمد على الأجهزة الأمنية، ومما زاد سخط هذه الشعوب ثلاثية الاستبداد: الاستبداد السياسي، الاستبداد الاجتماعي، الاستبداد الاقتصادي.

فالاستبداد السياسي معروف على أنه احتكار الحكم ومنع أي مشاركة للشرائح الشعبية والقوى المختلفة من تقاسم السلطة، أما الاستبداد الاجتماعي فهو وليد غياب العدالة الاجتماعية وسيطرة فئة محدودة على المقدرات وإقصاء غالبية البناء الاجتماعي مما يفرز ظلم اجتماعي وأمراض داخل المجتمع نتيجة لهذا الواقع، ويشعر المواطن أن هذا النظام لا يعبر عنه بل على فئة محدودة، والاستبداد الاقتصادي هو احتكار المقدرات، لكن ظهر نمط جديد منه بسبب تزاوج المال والسلطة، أي تحالف رجال الأعمال والسياسيين، مما جعل الدولة والشعب وكل المقدرات في خدمة هذه الفئات وأدى هذا إلى تركز رأس المال والعوائد في عدد محدود وقليل على حساب الغالبية مما يفرز نمو لعوائد رجال الأعمال، وفقر بسبب غياب التنمية وهو نموذج تنموي مشوه. ومن ثم فالأسباب عديدة ومتنوعة، وتختلف باختلاف السياق الزماني والمكاني وبتباين البناء الاجتماعي (29).

خامساً: مراحل الثورة

إن أي عملية ثورية تمر بعدة مراحل ومستويات لتحقيق الأهداف الثورية، ويرى “كرين برينتون” أن العلامات الدالة على اقتراب الثورة في المجتمع، لا تكون عادة واضحة، ولكن تكون هناك ضغوطات ومصاعب متزايدة يؤدي تفاقمها إلى انهيار النظام السياسي، وعندما تتفكك الشرعية يعمد النظام إلى الوسائل القسرية، في هذا الوقت تكتسب جماعات لم يكن لها وزن من قبل تكتسب قوة ونفوذا وتأثيرا على الحركة الثورية، وترفع شعار تحطيم النظام القائم، وهنا يتم التمييز بين عدة مراحل للثورة:

المرحلة الأولى: وتتميز بالآمال الطوباوية، وفيها يلتف الثوريون خلف الشعارات والآمال العريضة، وهذه المرحلة لا تدوم طويلا.

المرحلة الثانية: وهي مرحلة انقسام النخب الثورية إلى معتدلين ومتطرفين، وغالبا ما تنتهي هذه المرحلة بهزيمة المعتدلين، وتركز السلطة في أيدي المتطرفين أو المحافظين، وقد يستخدم العنف في هذا الصراع البيني.

المرحلة الثالثة: وفي هذه المرحلة وبعد سيطرة قيادة موحدة على الثورة، تسعى هاته الأخيرة لتحقيق الأهداف الثورية بأي ثمن.

المرحلة الرابعة: تخف في هذه المرحلة حدة المطالب والشعارات الثورية، وتتراجع الحماسة، وعادة ما يتولى الحكم فيها رجل قوي يحمل صدى الثورة، وتعتبر مرحلة حكمه هي المرحلة الخامسة (30).

إلا أن هذه المراحل ليست واحدة في كل الثورات، فقد تتقاطع الثورات في بعضها، وقد تختلف في البعض الآخر لان كل ثورة هي وليدة ظرف خاص أدى لظهورها (31).

 

خامساً: نظريات تفسير الثورات

يري أفلاطون في (الجمهورية) أن استيلاء الكثرة على الحكم يشبه تمرد البحارة علي الربان، حيث يدعي كل منهم حق القيادة، دون أن يتعلم هذا الفن، مع كل ما يصاحب ذلك من تصارع واقتتال، ثم بعد نجاح المتمردين تنفذ المؤن وينحرف مسار السفينة (32). وقد ورث أرسطو هذا الموقف المحافظ نفسه تجاه الثورة من أستاذه. فمع أنه خصص فصلا كاملا من كتاب (السياسة) لتحليل الثورة في نظم الحكم المختلفة، فهو يبدأ في تحليل أسباب الثورات، حتى يخلص إلى أساليب الوقاية منها والحفاظ على كيان الدولة. فالثورة لا تزيد عند أرسطو على كونها شرا لابد من الاحتراس من بداياتها، فالأخطاء تكمن دائما في البدايات التي يؤدي التهاون معها إلى انفلات الأمور (33).

ويفسر ليو شتراوس هذا الموقف المحافظ تجاه التغيير الثوري في الفكر السياسي الكلاسيكي، داخل التقاليد الفلسفية لهذا الفكر ذاته. إذ تتسم الفلسفة السياسية لأفلاطون وأرسطو بما يسميه اليوتوبية التقليدية التي تشدد على وجود مسافة بين المثال النظري والواقع العملي، بما يجعل تحقق نظام الحكم الأمثل أمرا يعتمد على مصادفة قد تتحقق وقد لا تتحقق، ولم يكن أحد يؤمن بأنه سوف يتحقق بالفعل. لكن ذلك لا يدفع إلى التخلي عن تصور نظام الحكم الأمثل، بل يجعل الباب مفتوحا من وجهة نظر الفلاسفة أمام إمكانية إدخال إصلاح حقيقي على أي نظام للحكم في الواقع.

وسعي الفيلسوف الألماني كارل ماركس إلى تغيير العالم، حينما أحل العالم البشري محل العالم الطبيعي، وكذلك الصيرورة التاريخية محل الصيرورة الطبيعية، بما يجعل تحقق النظام الأمثل للحكم ليس من قبيل المصادفة، وإنما هو عملية آلية حتمية، وإن كان يعوق مسارها بعض النوازع البشرية والمصالح الخاصة، يصبح من المشروع استئصالها ولو بالقوة (34). وهكذا، أعطي التصور الحديث لماركس الشرعية للثورة كمنهج للحركة السياسية، بغية تغيير الأوضاع القائمة لإقامة نظام مثالي، سيتحقق حتما في الواقع.

وقد كان استيعاب ماركس للثورة ومنحه إياها الشرعية كأداة للتغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي، في إطار فلسفة تاريخية -اجتماعية تطوي المسافة بين المثال والواقع، مما دفعه لأن يكون ناشطا سياسيا، بالإضافة إلي كونه مفكرا. ولذلك، تنامت أفكاره مع الممارسة التي طرحت عليه قضايا وأسئلة متنوعة تتعلق بالحركة البروليتارية وقدم هو لها استجابات مختلفة بحسب الموقف، ولكن في إطار فلسفته العامة.

وتنطلق نظرية ماركس عن الثورة من تحليل للأوضاع الطبقية في المجتمع، حينما يبلغ التناقض مداه بين علاقات ملكية وسائل الإنتاج وقوي الإنتاج، ويعايش المجتمع حالة استقطاب حادة بين الطبقة الحاكمة للمجتمع بسبب ملكيتها لوسائل الإنتاج، وتلك الطبقة المحكومة التي تشكل أغلبية المجتمع وتتحمل كافة أعباء التناقضات الطبقية، فيتولد في هذه الطبقة المقهورة وعي بضرورة قيام ثورة جذرية. ويؤكد ماركس ضرورة الثورة، ليس فقط لعدم إمكانية الإطاحة بالطبقة الرأسمالية الحاكمة بأية وسيلة أخري، ولكن أيضا لأن العمل الثوري هو السبيل الوحيد للطبقة البروليتارية المقهورة، حتى تتطهر من أدران العصور الماضية، وتتهيأ لخلق مجتمع جديد. إذن، ستتولد الثورة عند ماركس من رحم الصراع الطبقي بين البرجوازية والبروليتاري، وستكون المهمة التاريخية للبروليتاري هي أن تتحرر من خلال تحطيم كافة الطبقات (35).

وقد اعتبر ماركس استخدام الأساليب السلمية أو العنيفة أثناء الثورة مسألة تتعلق بالاستراتيجية والتكتيكات التي تسعي لتحقيق أهداف الثورة. إذ تحدد الشروط الاجتماعية والتاريخية في مكان وزمان معينين الأساليب التي يتعين استخدامها، ولم يسقط ماركس إمكانية استخدام العنف، لتصوره أن الطبقات الحاكمة لا يتوقع أن تتخلي عن السلطة دون وجود مقاومة مسلحة (36).

أما مرحلة ما بعد الثورة، فيتناولها ماركس في إطار مفهوم “ديكتاتورية البروليتاريا”، إذ ستقوم تلك الديكتاتورية في المرحلة الانتقالية بين هزيمة الرأسمالية وانتصار الاشتراكية، وسيقع على عاتقها تحطيم كافة الطبقات وإقامة مجتمع لا طبقي.

ونظرا لأن ماركس لم يورد تعريفا محددا لديكتاتورية البروليتاريا، فإن أفكاره عن مرحلة ما بعد الثورة أو الفترة الانتقالية المؤقتة التي تقوم فيها تلك الديكتاتورية تتسم “بالغموض المفاهيمي”. فتذهب بعض التأويلات لأفكار ماركس إلى أن ديكتاتورية البروليتاريا هي مجرد جانب من جوانب المرحلة الانتقالية يستهدف حماية الثورة من معارضة البرجوازية، لكن هناك تأويلات على النقيض من ذلك تجعل المرحلة الانتقالية تتطابق مع ديكتاتورية البروليتاريا، التي سوف تتحكم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بعد نجاح الثورة.

وبعيدا عن نطاق ديكتاتورية البروليتاريا، لم يحدد ماركس أيضا سمات أو أدوات هذه الديكتاتورية، فهي لا تشير عنده إلى أبعد من حكم البروليتاريا، ولا يوجد في كتاباته ما يدل على أن حكم البروليتاريا سيكون من خلال الحزب الواحد الذي يدعي لنفسه الحكم، نيابة عن تلك الطبقة، للقيام بمهامها التاريخية في مرحلة ما بعد الثورة (37).

ورغم النقلة التي قام بها كارل ماركس في إطار تقاليد الفلسفة السياسية واستيعابه للثورة كأداة مشروعة للتغيير، في إطار نظرية اجتماعية وتاريخية شاملة، فإن مرحلة ما بعد الثورة أو المرحلة الانتقالية لم تتضح معالمها في كتاباته بسبب الغموض والتضارب الذي أحاط بمفهوم ديكتاتورية البروليتاريا لديه. وكان على النظرية الماركسية أن تنتظر مجيء لينين الذي قام بسد الفراغ التنظيري فيما يتصل بمرحلة ما بعد الثورة. ومع أن لينين ذاته كان يؤكد قبل قيام الثورة الروسية عام 1917 أن أوضاع أوروبا تنبئ بضرورة نشوب انتفاضات شعبية تحت قيادة البروليتاريا، فإنه لم يتوقع أن جيله سوف يعيش ليري مشاهد تلك الثورة (38).

لكن لينين، وهو في المنفي، استطاع أن يطوع نظريته ليسبر غور الواقع الثوري المضطرب ويفهم ديناميكيات الثورة، وليجعل من تحليلاته أداة لتحريك هذه الديناميكيات في الاتجاه الذي يتيح لحزبه الوصول للسلطة، ووضع رؤيته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية -في إطار المفهوم الماركسي السابق لديكتاتورية البروليتاريا-موضع التنفيذ (39).

في القرن العشرين، صارت ظاهرة الثورة موضع اهتمام شديد من قبل الباحثين في مجالي التاريخ والعلوم الإنسانية، الذين قاموا بدراسة التجارب الثورية، ابتداء من الثورة الفرنسية عام 1789، باعتبارها نموذجا كلاسيكيا للثورة، انتهاء بالثورات الديمقراطية في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن العشرين، مرورا بالثورة الروسية عام 1917، والثورة الإيرانية عام 1979. ونتيجة تراكم هذا الرصيد من الدراسات عن الثورة، قسم الباحثون تلك النظريات أو الجهود التي سعت لتفسير ظاهرة الثورة إلى أربع مراحل أو أجيال متمايزة:

الجيل الأول من نظريات الثورة: كان في الفترة الزمنية بين عامي 1900 و1940 تقريبا، واتسمت الجهود فيه بالطابع الوصفي، حيث اهتم الدارسون بتحديد المراحل الرئيسية لعملية الثورة أو وصف التغييرات الاجتماعية الناتجة عنها. لكن تلك الدراسات افتقرت إلى العمق النظري الذي يمكنها من الوصول لفهم واضح لظاهرة الثورة من حيث الأسباب والنتائج.

الجيل الثاني من نظريات الثورة: يقع في الفترة بين عامي 1640 و1975 تقريبا، واهتمت الجهود فيه بتطوير أطر نظرية واضحة، تفسر أسباب وتوقيت نشوب الأوضاع الثورية. وتتقاسم جهود هذا الجيل الثاني ثلاثة تقاليد نظرية: التقاليد النفسية المرتبطة بمفهومي الإحباط، والحرمان كأساس لتفسير ظاهرة الثورة، والتقاليد السيسيولوجيا المرتبطة بمفهوم عدم التوازن أو الخلل الوظيفي بحسب الإطار البنائي -الوظيفي كمقدمة لحالة الثورة، وتقاليد العلوم السياسية المرتبطة بنظريات التعددية وجماعات المصالح والصراع التي تحاول فهم أسباب الثورة وتكييف طبيعة الحدث الثوري.

الجيل الثالث من نظريات الثورة: يقع في الفترة بين عام 1975 وأوائل التسعينيات من القرن العشرين، فتقوم الجهود فيه بالتركيز علي منطلقات تحليلية لم تكن موضع اهتمام الجيل الثاني، ومنها التركيز علي الدولة كفاعل مستقل، وليس مجرد ساحة للصراع بين القوي الاجتماعية والسياسية المختلفة; وكذلك أثر الضغوط الدولية السياسية والاقتصادية علي الهياكل الاقتصادية والاجتماعية المحلية في إحداث تغييرات اجتماعية واسعة في المجتمع محل الدراسة; والتركيب البنيوي للمجتمعات الفلاحية التي اتسمت محددات مشاركتها في الثورة بالتعقد والغموض. وهناك درجة تماسك المؤسسة العسكرية، ودرجة وجود عوائق بنيوية على استخدام الأنظمة الحاكمة لتلك المؤسسة في معالجة الأزمات الداخلية (40).

الجيل الرابع من النظريات: الذي بدأت الجهود المنتمية إليه تتلاحق في أخريات الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن العشرين، لتواكب اندلاع ثورات في أوروبا الشرقية وإيران وغيرها من البلدان، محاولة للارتقاء بالجهود السابقة، ولتوليد مداخل واقترابات جديدة لفهم ظاهرة الثورة. فعلي سبيل المثال، تحاول جهود الجيل الرابع تجاوز ثنائية البنية -الفاعل الشهيرة في الدراسات الإنسانية من خلال معالجة تلك المسألة بطريقة جديدة تربط قضية الفاعل بمستويين: ذلك المتعلق بالقوي والتحالفات القائمة علي أرض الواقع، وذلك المتعلق بالأفكار والثقافة والقيم والمعتقدات التي تحفز تلك القوي أو الفاعلين على الحركة.

وكذلك، ترتقي جهود الجيل الرابع بالدراسات السابقة المتصلة بدور البنية الاجتماعية في الحدث الثوري عن طريق إبراز تعقد البنية الاجتماعية محل الدراسة بإعادة الاعتبار لأدوار الجماعات الإثنية والعرقية والدينية، بل والنوعية، وبالتالي عدم اختزال البنية الاجتماعية في التقسيم الطبقي للمجتمع. وكرد فعل للتركيز الزائد على العوامل الاقتصادية والسياسية في دراسات الجيل الثالث، تسلط جهود الجيل الرابع الضوء على دور العوامل الثقافية والأيديولوجية في إحداث التغيير الاجتماعي والسياسي لاستيعاب مفهومي الثقافة والأيديولوجيا في الأطر النظرية والتحليلية الباحثة عن أسباب تفسر الحدث الثوري.

إذن، تقوم جهود الجيل الرابع على فكرتي النماذج المركبة المتعددة الأبعاد والمستويات، وكذلك المقارنة بين حالات تاريخية متنوعة، وتنأي عن الاختزال والقوالب الجاهزة القائمة على الأحادية السببية (41).

وفي إطار هذه المراحل وهذا التطور تعددت المداخل النظرية المفسرة لظاهرة الثورة، وتتنوع فكل مدخل أو نظرية اقتربت من الثورة من خلال زاوية معينة، ومن أسباب الاختلاف التفسيري التباين الأيديولوجي واختلاف التخصص العلمي، فنجد مداخل فرعية ومداخل رئيسية لدراسة الثورات، وسنحاول العرض لبعضها.

1/ مدخل تحليل التاريخ الطبيعي:

ويحاول أن يقدم تفسيرا للمراحل المختلفة داخل العملية الثورية ومن أبرز رواد هذا المدخل نجد جورج بيتي وكرين برنتون، حيث ركزا على دراسة النتائج الرئيسية للأعمال والأفعال التي تحلل مصادر التذمر والعنف.

2/ المدخل النفسي:

ويبحث عن العوامل النفسية التي تدفع بالشخص لكي يشارك في الحركات الثورية، ويتزعم هذا المدخل جوستاف لوبون الذي يعرف الثورة على أنها ” مجموعة من التحولات الفجائية في المعتقدات والأفكار والمذاهب “، ويرى جوستاف أن المشاعر والعواطف هي دعائم المعتقدات السياسية والرئيسية (42). وهناك من علماء النفس من يرى الثورة تعبير عن سيكولوجية الحشد ويقارنونها مع الارتدادات إلى العقلية البدائية التي يمكن ملاحظتها في حالات الانهيار العصبي (43).

3/ التفسير النقدي الارتقائي (المتفائل):

ساد في القرن التاسع عشر بين أحزاب ومفكري اليسار، وهو لا يزال سائدا في النظرية المادية التاريخية، وطبقا لهذا التفسير فإن الثورات السياسية والاجتماعية هي أدوات للتقدم الحتمي للبشرية، وهذا الاتجاه في علم الثورة ينقسم إلى عدة اتجاهات، فالبعض ضمن هذا التفسير يرى أن المساواتية هي العلامة الأبرز على التقدم، أما الاتجاه الثاني والذي يعبر عن النظرة الليبرالية، يرى أن الانتفاضات الجماهيرية لا تكون تقدمية أصلا إلا عندما تكون موجهة ضد الحكام المستبدين، وهادفة لإقامة حكم حر.

4/ التفسير المحافظ (التشاؤمي):

ظهر خلال فترة الثورة الفرنسية وما بعدها، ومن أبرز مفكريه نجد نيتشة، وهذا الاتجاه يتقاطع كثيرا مع المدخل النفسي لتحليل الثورة، ويرى هذا التفسير إن الثورة هي انفجارات شبه بربرية خارجة عن السيطرة وانفعالات جماهيرية مدمرة.

5/ نظرية الحق الطبيعي:

وتجسد هذه النظرية المفهوم البرجوازي للثورة وتعبر عن آراء أنصارها، فيعتقد دعاة نظرية الحق الطبيعي أن الثورة ضرورية لتوطيد الحرية والإخاء والمساواة، وكانت النظريات البرجوازية من أول نظريات الثورة في علم الاجتماع، وتؤكد هذه النظرية أن الأفعال الثورية ضرورية بسبب حقوق طبيعية معينة للإنسان، وبعض المبادئ لخالدة عن العدالة وليس بسبب الحاجات المادية الناضجة للتقدم الاجتماعي، وقد انقلب دعاة هذه النظرية فيما بعد على الثورات واعتبرها عارضا غير طبيعي في المجتمعات كما لقيت هذه النظرية نقدا شديدا من سان سيمون وأوغست كونت وكارل ماركس، إذ وصفعا الأخير بأنها ليست علمية وأكد على الطابع الحتمي للثورات التي تحدث نتيجة ضرورات اقتصادية(44).

6/ المذهب الفوضوي:

نجد من أبرز دعاة هذا المذهب كل من برودون وكروبوتكين، وذهبوا جميعا إلى أن الثورات تحاول تحقيق العدالة بواسطة القوة، ولكن الذي يحدث فعليا هو أن يحل استبداد محل آخر، ومع ذلك فان كل ثورة مهما تفككت وأصابها الإفلاس تدخل على المجتمع قدرا معينا من العدالة ومن شأن هذه الإنجازات الجزئية أن تفضي في النهاية إلى انتصار العدالة (45).

7/ البنائية الوظيفية:

كانت النظرية البنائية الوظيفية من أبرز النظريات التي حاولت تفسير ظاهرة الثورة، وكشف المصادر الموضوعية للتغيير الثوري داخل نسق الظواهر الاجتماعية ومن أبرز دعاتها تالكوت بارسونز الذي يعتبر الثورة انحرافا مرضيا يؤدي إلى خلخلة التوازن في بناء السلطة (46).

إن محور التناول البنائي الوظيفي هو مفهوم القيم، فترى البنائية الوظيفية أن النسق الاجتماعي سيواجه صعوبات حين لا تستطيع القيم القائمة تفسير التغييرات في الجوانب البيئية المحيطة، الأمر الذي يتطلب احتياج البيئة المحيطة إلى قيم جديدة تكون لديها القدرة التفسيرية، وهذا لا يتأتى إلا عن طريق التطور أو الثورة (47).

ويرى روبرت مرتون أن الاختلالات الوظيفية يمكن أن تفضي إلى حالة من عدم الاستقرار، وان التمرد هو استجابة لهذه الحالة (48). والاختلال الوظيفي الذي يتعرض له المجتمع يوجب التعديل أو التغيير، وإذا قاومت السلطة هذا التغيير فإن التغييرات تكتسب طابعا ثوريا، وقد لقيت هذه النظرية العديد من الانتقادات من بينها أنها لا تشير إلى مصدر الاختلال الوظيفي، أو سبب التناقضات الاجتماعية، ولا تميز بين مظاهر الاختلال الوظيفي وبين التناقضات التي تظهر في أي مجتمع سواء تلك التي تؤدي إلى الثورة أم التي لا تؤدي إليها (49).

8/ المادية التاريخية:

تنطلق المادية التاريخية من التفسير المادي للتاريخ، وترى بأن التناقض هو سبب التطور، وتطبيق هذا المذهب يؤدي إلى تفسير سير التاريخ بالتناقض بين مكونات الجانب المادي للمجتمع، وترى هذه النظرية أن الصراع بين المصالح المختلفة، والمتعارضة أحيانا داخل النسق السيسيولوجي ضرورة لازمة للتغيير الاجتماعي، ويعتبر ماركس أن الصراع الطبقي هو الموضوع الرئيسي للتاريخ ولا يمكن أن ينتهي إلا بالثورة (50).

كما يعتقد ماركس أن القوى الإنتاجية في المجتمع تدخل في مرحلة من تطورها في صراع مع علاقات الملكية ومع الإطار الاجتماعي والسياسي القائم، وعندما تصبح علاقات الملكية معوقة للإنتاج تحدث أزمة وتبدأ حقبة من الثورات الاجتماعية ولا تستطيع الطبقات الحاكمة، ولا تريد الطبقات المستغلة أن تعيشا معا في ظل الشروط القائمة، وهذا التناقض بين الطبقات هو الذي يفضي إلى ثورة عنيفة (51).

لكن ما يعاب على هذا المدخل التفسيري رغم جهده النظري الذي قدمه لتفسير الثورة، لتركيزه فقط على الحتمية الثورية الناتجة عن الأسباب الاقتصادية وإغفاله بل ونفيه المطلق لباقي الأسباب المؤدية للثورة.

9/ نظرية تعبئة الموارد:

ظهرت نظرية تعبئة الموارد، التي صاغها لأول مرة في شكلها التأليفي الكامل بفضل كل من زالد  Zald ومكارثيMcCarthy، وسرعان ما لقيت قبولا واسعا وإجماعا من قبل المجتمع العلمي. بنت هذه النظرية نقدها على أفكار ثلاثة:

ـ أنه لا يمكن اعتبار الفاعل الاجتماعي موضوعا للسيكولوجيا، ذلك أنه يعمل عقلانيا

ـ لا تعد واقعية النظرية التقليدية مسألة ملائمة، ذلك أن التحولات الاقتصادية الاجتماعية متجاهلة عند ظهور الفعل الجماعي.

ـ تعد التنظيمات، على عكس فرضيات نموذج مجتمع الجماهير، المفتاح الذي نفهم من خلاله عمليات التعبئة.

ويكمن الاختلاف الأساسي بين النظرية التقليدية ونظرية تعبئة الموارد في اعتقاد الأولى، على حسب تصور صاحبها كورنهوزر، إن عماد الفعل الجماعي يعود إلى غياب التنظيمات الوسيطة، في حين تعتقد الثانية أنه على العكس، أن التنظيمات الوسيطة هي عصب الفعل الجماعي. كما شرح كورنهوزر مسألة أن غياب علاقات التضامن التقليدية تم تعويضه من خلال خلق علاقات تضامن أخرى أكثر تطورا أفرزتها المدينة وأدارتها تنظيمات جديدة. هذه الأخيرة هي السبب الأساسي في ظهور التعبئات الاجتماعية التي تعيشها المجتمعات المعاصرة. انتقدت نظرية التعبئة المقاربة السيكولوجية واهتمت أكثر بالمقاربة الاقتصادية التي أصبحت عماد تحاليلها. فهي تعتقد أن الفاعلين الجماعيين أناس عقلانيون ويتصرفون انطلاقا من حسابات دقيقة. يشبه كل من زالد وماكرثي منظمات الحركات الاجتماعية بمديري المؤسسات، حيث يتصرفون في عدد معين من الموارد مثل العمل، الموظفين، التمويل… لذلك فهم يعتمدون في اختيار إستراتيجيات حركتهم على مفهومي الربح والخسارة.

كما انتقدت نظرية التعبئة، عبر مساهمات زالد وماكرثي، مفهوم وضعية النظرية التقليدية وشككت في وجود علاقة سببية وثيقة تربط بين التحولات الاقتصادية والاجتماعية وظهور الكبت والحرمان اللذان يؤديان إلى الفعل الجماعي. فهما لا يعتقدان في هذه الآلية السببية، حيث يتجاوزانها إلى تصور آخر ينبني على فكرة أن التنظيمات هي التي تخلق الحاجيات المطلبية والاعتراضات المعبئة.يقولان في هذا المعنى: “الاعتراضات والاستياءات يمكن تحديدها، خلقها والتلاعب بها من قبل المديرين (القادة) والتنظيمات”. فالأزمة، على حد اعتقادهم، لا تشكل سببا مباشرا في عمليات التعبئة الاجتماعية، ذلك أنها لا تتجاوز كونها موردا هاما لتنظيمات الحركات الاجتماعية التي تعمل على استغلالها (52).

إن الثورة وليدة سياق اجتماعي خاص بكل مجتمع ودولة، ولا يمكن فهم الثورة إلا من خلاله، ومهما حاول المنظرون إعطاء قوانين ثابتة للثورات والتنظير لها، تبقى كل ثورة متفردة عن غيرها من خلال أسبابها وظروفها الخاصة، لكن اجتهادات المفكرين من مختلف التيارات ساهمت وتساهم في فهم الثورة كظاهرة إنسانية (53).

—————————————-

(1) عامر صالح، أحجار الدومينو: سقوط نظام الدكتاتورية العربية، الشبكة العربية العالمية، 5 سبتمبر 2011، الرابط

(2) غ. ماكسيموف، الثورة المضادة والاتحاد السوفيتي، مجلة الطليعة المجلد 11، العدد 5، أكتوبر/ نوفمبر، 1935، ترجمة: مازن كم الماز

(3) عبد الوهاب الكيالي، الموسوعة السياسية، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الجزء الأول 1979، ص870.

(4) شعبان الطاهر الأسود، علم الاجتماع السياسي: قضايا العنف السياسي والثورة، (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية .2003)، ص 46-47.

(5) يوري كرازين، علم الثورة في النظرية الماركسية، (ترجمة سمير كرم)، بيروت: دار الطليعة، ط1،1975. ص31

(6) مولود زايد الطيب، علم الاجتماع السياسي، (ليبيا: دار الكتب الوطنية، 2007)، ص99.

(7) يوري كرازين، المرجع السابق. ص41.

(8) شعبان الطاهر الأسود، مرجع سابق، ص47-49

(9) للمزيد من التفاصيل حول هذه التعريفات راجع: محمد السويدي، علم الاجتماع السياسي ميدانه وقضاياه، (الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية)، ص 129ـ 131.

(10) محمد السويدي، علم الاجتماع السياسي ميدانه وقضاياه، (الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية)، ص 171.

(11) محمد السويدي، مرجع سابق، ص 132-135.

(12) سمية قادري وشنين محمد المهدي، سيسيولوجيا الثورة، مدونة بحوث، 10/4/2011. النص متاح على الرابط

(13) شعبان الطاهر الأسود، المرجع السابق، ص64.

(14) فوزية العطية، علم اجتماع الثورة وخصائص المجتمع الثوري. مجلة كلية الآداب العراقية، العدد الرابع والعشرين .1979، ص458.

(15) السيد عبد الحميد المشوادى، ما هي الثورة وما هي أسباب قيامها، 3/5/2011، النص متاح على الرابط

(16) نفس المرجع، ص 874.

(17) شعبان الطاهر الأسود، مرجع سابق، ص 54.

(18) عبد الوهاب الكيالي، مرجع سابق، ص 875.

(19) يوري كرازين، مرجع سابق، ص 39.

(20) شعبان الطاهر الأسود، مرجع سابق، ص 51.

(21) يوري كرازين، مرجع سابق، ص 52.

(22) شعبان الطاهر الأسود، مرجع سابق، ص 54.

(23) نفس المرجع، ص55.

(24) شعبان الطاهر الأسود، ص50.

(25) عبد الوهاب الكيالي، مرجع سابق، ص 871.

(26) إسماعيل علي سعد، مبادئ علم السياسة دراسة في العلاقة بين علم السياسة والسياسة الاجتماعية. القاهرة: دار المعرفة الجامعية، ط1، 2004.ص 251.

(27) شعبان الطاهر الأسود، مرجع سابق، ص 51.

(28) عبد الوهاب الكيالي، مرجع سابق،ص873.

(29) قادري سمية، شنين محمد المهدي، سيسيولوجيا الثورة، مدونة بحوث، 10/4/2011. النص متاح على الرابط

(30) شعبان الطاهر الأسود، مرجع سابق، ص 78.

(31) قادري سمية، شنين محمد المهدي، سيسيولوجيا الثورة، مدونة بحوث، 10/4/2011. النص متاح على الرابط

(32) Plato, The Republic, NY: Dover Publications, 2000, pp. 153-154.

(33)Aristotle, Politics, NY: Dover Publications, 2000. pp. 195-196.

(34) Strauss, Leo, What Can We Learn from Political Theory? The Review of Politics, vol. 69, No. 4, Fall 2007, p. 522-526.

(35) Singh, Rustam, Status of Violence in Marx’s Theory of Violence, vol. 24, No. 4, Jan. 1989, pp. 9-10.

(36) Ibid, p. 18

(37)Barany, Zoltan, The Volatile Marxian Concept of the Dictatorship of the Proletariat, Studies in East European Thought, vol. 49, No. 1, March 1997, p. 4-7.

(38) Sen, Mohit, Lenin and Revolution: Economic and Political Weekly, vol. 4, No. 31- August 1969, p. 1271.

(39) د. محمد صفار، إدارة مرحلة ما بعد الثورة. حالة مصر، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، مؤسسة الأهرام، عدد أبريل 2011

(40) Goldstone, Jack, “Review Theories of Revolution: The Third Generation”, World Politics, vol. 32, No. 3, April 1980, p. 426-437.

(41) Foran, John, Theories of Revolutions Revisited: Toward a Fourth Generation, Sociological Theory, vol. 11, No. 1, March 1993, pp. 1-16.

(42) عبد الوهاب الكيالي، المرجع السابق، ص 870.

(43) نفس المرجع، ص 871.

(44) يوري كرازين، مرجع سابق، ص 9.

(45) عبد الوهاب الكيالي، مرجع سابق، ص 871.

(46) فوزية العطية، مرجع سابق، ص456.

(47) شعبان الطاهر الأسود، مرجع سابق، ص79.

(48) يوري كرازين، مرجع سابق، ص 41.

(49) فوزية شعبان، مرجع سابق، ص 457.

(50) شعبان الطاهر الأسود، مرجع سابق، ص 81.

(51) عبد الوهاب الكيالي، مرجع سابق، ص 871.

(52) رياض الصيداوي، الانتخابات والديمقراطية والعنف في الجزائر، موقع الحوار المتمدن، النص متاح على الرابط

(53) قادري سمية، شنين محمد المهدي، سيسيولوجيا الثورة، مدونة بحوث، 10/4/2011. النص متاح على الرابط

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close