fbpx
دراساتسياسة

الـعـاصــمة الإدارية الجديدة في مصر: ملكية عامة أم استثمار خاص؟

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

الـعـاصــمة الإدارية الجديدة في مصر: ملكية عامة أم استثمار خاص؟

مقدمة

تذخرُ كتب التاريخ بمشاهد نشأة الدول وزوالها، وفُتوح الممالك، وأسماء الفاتحين والغزاة والقادة العسكريين والسياسيين، ترصد المتغيرات التي أحدثتها حركة النصر والهزيمة، وأثرها في المجتمعات المحلية والمحيطات الإقليمية والدولية، تصف معالم الدول وإسهاماتها الحضارية وشواهدها الموروثة، توثق نظمها الإدارية والفنية، وتقرأ عبر أشعارها وأساطيرها وأمثلتها الشعبية وكشوفها الأثرية أسرار لغتها وثقافتها وفنونها.

“تشييد العواصم” يأتي في مقدمة أعمال الدول الكبرى، والممالك الناشئة، والحضارات التوسعية، فالعاصمة، تحمل بصمة المجتمعات في المشاعر الدينية، وأساليب التعلم، وأنماط الفنون، وأشكال العمارة، ودرجة التقدم العلمي، وتقنيات الطرق والمباني، وأساليب الحماية العسكرية، فتُصَوِّر عوامل التقدم والتخلف، فالعواصم، كتابٌ مفتوح يشرح بجلاء ما تمتلكه الدول وما تتركه النظم من بصمة في تاريخ الأمم وحركة الشعوب.

أعلن النظام المصري في منتصف عام 2014 عن عزمه تشييد “عاصمة إدارية جديدة”، واعتبر الانتقال إليها إسهاماً في تأسيس “الجمهورية الجديدة” وفق تصريح السيسي في يونيو 2022[1].

لكن الخطوات التي تمت، والمسار الذي اتخذته القرارات الحكومية والتشريعية بشأنها، يكتنفه الغموض في أحيان والالتباس في أخرى، ما يحتاج لتجلية الحقائق حول مجموعة من الإشكاليات تدور حول نشأة القرار ونظام الملكية والتكلفة والتمويل والربح وآلية اتخاذ القرارات، وهو ما سنتناوله في أربعة محاور، نبحث في الأول ظروف نشأة مشروع العاصمة وطبيعة ملكية الأرض، وفي الثاني نتناول النظام الإداري والمالي وآليات التكلفة والتمويل، والمحور الثالث يتناول شواهد المحاباة الحكومية والاستثناءات لمشروع العاصمة، والأخير نشير إلي دلالة مشروع العاصمة على هيمنة المؤسسة العسكرية.

المحور الأول: العاصمة الإدارية الجديدة .. النشأة والملكية

أعلن النظام مبكراً عن رغبته في تشييد “عاصمة إدارية جديدة”، عبر مؤتمر صحفي بتاريخ 17 يوليو 2014 عقده المهندس “إبراهيم محلب” رئيس الوزراء، تحدث فيه عن اعتزام حكومته نقل المقار الإدارية والوزارات من القاهرة القديمة، إلي عاصمة إدارية جديدة تقع على طريق السويس، في أراضٍ تتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة([2])، والهدف المعلن لتشييد العاصمة -حسب التصريحات- هو تقليل الازدحام داخل القاهرة.

لم يتضمن تصريح “محلب” المقتضب سوى تحديد تقريبي لمكان “العاصمة” وهدف مبدئي لإقامتها، كما لم يُشر لأية تقديرات أو دراسات أعدتها الحكومة عن جدوى إنشائها، وتكلفتها الفعلية، وكيفية العمل بها والانتقال إليها، ما أدى لاستدعاء تجارب تاريخية مماثلة للمقاربة، تضمنتها قرارات حكومية سابقة عن وقائع مماثلة، أبرزها تجربة “مدينة السادات”[3]

تناول الخبراء هذه التصريحات المبدئية بالتحليل والتعليق، تناول جانباً منها تقرير لـ “مدي مصر” رصد أبعاداً أخرى لتشييد العاصمة، على رأسها البُعد الأمني المتمثل في إبعاد المنشآت الحكومية الهامة عن الكتل السكنية ومناطق المظاهرات والاحتجاجات[4].

تصريحات رسمية أخرى حول إنشاء العاصمة، هذه المرة عن “التمويل” صرح بها الدكتور “مصطفي مدبولي” وزير الإسكان وقتها، عن عدم تحمل الدولة “مليماً واحداً” –حسب وصفه- موضحاً أن التمويل سيكون ذاتياً باعتبار المشروع اقتصادياً بحتاً بالمشاركة مع القطاع الخاص…” لكنه في الوقت ذاته، لم يوضح حجم التمويل أو صور تلك المشاركة[5].

إذن، فالمعلومات المبدئية المتاحة في هذه الفترة، أننا بصدد عاصمة إدارية جديدة ينتقل إليها الدولاب الإداري للدولة، تقام على أرض هيئة المجتمعات العمرانية بطريق القاهرة السويس، ولا تتكلف الدولة “مليماً” في إنشاءها.

نـشـأة مـرتـبـكـة

ظلت التصريحات الرسمية حول العاصمة على ذات الوتيرة لا تقدم معلومات متماسكة، حتي تم الإعلان بصورة مفاجأة عن شراكة بين “شركة إعمار العقارية” الإماراتية، ووزارة الإسكان المصرية[6]، عقدت على هامش مؤتمر “دعم وتنمية الاقتصاد المصري” بشرم الشيخ في مارس 2015[7].

وبرغم تناول أخبار تلك الشراكة في حينها بوسائل الإعلام المصرية[8]والإماراتية[9]، تم تناولها في الأيام التالية بشكل متناقض، حيث أصدرت شركة “إعمار” بيان رسمي ينفي كونها طرفاً في تنفيذ مشروع العاصمة[10]، وتزامن النفي مع إعلان رئيسها عن تأسيس شركة جديدة باسم “كابيتال بارتنرز” لتنفيذ المشروع[11]، وتوالت بعدها شواهد الارتباك، حيث صرح وزير الاستثمار المصري أن شركة “إيجل هيلز” الكائنة بإمارة أبو ظبي هي الشركة المنفذة لمشروع العاصمة[12].

بالرغم من تبني النظام له، فإن الارتباك الذي بلغه مشروع بهذا الحجم في أيامه الأولى، وكم التصريحات المتضاربة، والبيانات الرسمية المرتبكة، أثار اللغط والغموض حوله، عزز من ذلك غياب الإجابات الرسمية والتفسيرات المنطقية بشأن الخلافات والانسحابات الخاصة بالشراكة، في مسلك لا يقل غرابة عن ضبابية المعلومات المركزية للمشروع والتي تشمل منظومة الملكية، وموقع الأرض، ومصادر التمويل، وأساليب الرقابة عليه، فضلاً عن إعلان تلك الشراكة الضخمة دون إعلان محددات واضحة لدور الدولة والقطاع الخاص بشأنها.

طوال تلك الفترة، ظل الإعلان عن المشروع “حشدياً” بامتياز عن أخبار العاصمة الجديدة، والنقلة النوعية، والمدينة الذكية، في سياق يشبه “الوعود السياسية الشعبوية” التي تفتقد بيانات واضحة وقرارات رسمية موثقة.

أيضاً، الإعلان عن المشروع والبدء فيه، تم في غياب مؤسسات التشريع، التي لم تنعقد -بعد حل مجلس الشعب في 2012 ومجلس الشوري في 2013- إلا في يناير 2016[13].

قرار جمهوري

بعد قرابة العامين من إعلان المشروع، صدر قرار رسمي بشأن العاصمة، وهي المرة الأولي التي يُصدر فيها النظام وثيقة رسمية عن المشروع، تقدم بعض الإجابات الأساسية، عن الموقع، ونظام الملكية، وطريقة الإدارة.

في فبراير 2016 صدر القرار الرئاسي رقم 57 لسنة 2016 “باعتبار أراضي العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني من مناطق المجتمعات العمرانية الجديدة”[14]، واشتمل على مجموعة من البيانات والمعلومات، ولَّدَت بدورها مجموعة من الملاحظات والأسئلة المبدئية حول تفاصيل القرار، نوردها فيما يلي بإيجاز:

ملاحظة مبدئية يشملها عنوان القرار حيث جاء نصه كالتالي: “قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 57 لسنة 2016 باعتبار أراضي العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني من مناطق المجتمعات العمرانية الجديدة”

صياغة العنوان بهذا الشكل، تثير بدورها بعض التساؤلات حول ما إذا كان المشروع “عاصمة رسمية للدولة” أم مجرد شراكة تجارية دولية؟، ولو كان بالفعل مشروعاً رسمياً لبناء عاصمة، فما سبب وضع اسم نائب رئيس دولة أجنبية “الشيخ محمد بن زايد” في نص عنوان القرار؟، مع غياب أي مسوغ أو مبرر في ديباجة القرار أو صلبه يتضمن إشارة لقانون ما يحكم تلك المسألة، وما إذا كان يمثل بالفعل شراكة مع دولة الإمارات، أم مجرد مجاملة بروتوكولية.

ملاحظة أخرى حول موقع الأرض حيث تضمنت المادة الأولي[15] ثلاث أمور على قدر كبير من الأهمية، الأمر الأول: اعتبار مشروعي العاصمة وتجمع الشيخ محمد بن زايد من مناطق إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة، والثاني: تحديد دقيق لمساحة المشروعين، حيث تبلغ مساحة العاصمة 166645 فدان (700 كليو متر مربع تقريباً)، فيما تبلغ مساحة تجمع الشيخ محمد بن زايد17571 فدان (74 كيلو متر مربع تقريباً)، والثالث والأهم: تعيين جهة ملكية أرض مشروع العاصمة وأنها أراضٍ مخصصة لصالح جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة.

فأراضي العاصمة – وفق القرار- تقع ضمن أملاك القوات المسلحة، وهو ما يتناقض مع تصريح رئيس الوزراء في يوليو 2014 -الذي أشرنا إليه- من أن المشروع يقع ضمن أراضي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، فهل تم تعديل موقع العاصمة، أم تغيرت تبعية الأرض من هيئة المجتمعات إلي جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، وهو ما لم يرد تفسير بشأنه.

ملاحظة أخرى حول ما نصت عليه المادة الثانية[16] من تأسيس شركة مساهمة مصرية بين ثلاث جهات هي: هيئة المجتمعات العمرانية، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، بغرض تخطيط وإنشاء وتنمية المشروعين (العاصمة – تجمع الشيخ محمد بن زايد)

فاتجاه القرار لتأسيس “شركة مساهمة مصرية” لإنشاء العاصمة يوحي أن مشروع العاصمة استثماري تحكمه قوانين خاصة أهمها قانون الشركات المساهمة وقانون الاستثمار، ما يجعله اقرب للمشاريع الخاصة منه إلي المشاريع العامة التي تشرف عليها أجهزة الدولة لإنشاء المدن الجديدة سيما المدينة المزمع اعتبارها عاصمة جديدة للدولة، وهو الأمر المغاير لما انتهجه الدولة عندما قررت إنشاء “مدينة السادات” باعتبارها عاصمة جديدة، حيث أسندت الدولة الإشراف على تنفيذها لوزارة الإسكان والتعمير التي قامت باعتبارها جهة الولاية العامة بإنشاء جهاز لتعمير المدينة.

نص القرار أيضاً، على تقييم أرض المشروعين واعتبارها “حصة جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة في الشركة المساهمة المزمع تأسيسها”  ما يحمل إشارات عدة نفندها في المحور التالي بتعمق.

أرض العاصمة

بالقراءة الفنية لقرار التخصيص، يتبين أن الأرض المحددة لإنشاء العاصمة سبق تخصيصها للقوات المسلحة، وهي لا تتبع أي محافظة، كما لا تدخل في كردون أي مدينة.

وفق هذه المعايير فأرض العاصمة بالأساس “أراضٍ صحراوية” تمتلكها وزارة الدفاع “ملكية خاصة”

إذن، ما هي الطبيعة القانونية لأرض العاصمة الإدارية الواقعة جنوب طريق القاهرة السويس؟ ومن يمتلكها؟ وكيف امتلكها، ولماذا؟ وهل يمكنه التصرف فيها، وكيف؟ وهل يحق له المشاركة بها في ملكية العاصمة؟

هذه الأسئلة حول النظام القانوني لملكية ارض العاصمة، يجب أن يسبقه توضيح سريع حول النسق القانوني لتملك الأراضي في مصر، حتي نصل لفهم النظام القانوني لتملك أرض العاصمة الإدارية.

أولاً: القوانين الحاكمة

قانون الأراضي الصحراوية الذي أصدره الرئيس السادات برقم 143 لسنة 1981[17]، عَرَّف الأراضي الصحراوية بأنها الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، والواقعة خارج الزمام بعد مسافة كيلومترين[18].

وفق هذين القيدين الواردين بقانون الأراضي الصحراوية (مملوكة للدولة ملكية خاصة، واقعة خارج الزمام) نستخلص نتيجة غاية في الأهمية مفادها أن “المساحة الأكبر من أراضي مصر أراضٍ صحراوية تمتلكها الدولة ملكية خاصة” تتضح عملياً بتتبع المسار التاريخي لامتلاك الأراضي في مصر، وتؤكدها إحصائيات جهاز التعبئة والإحصاء لعام 2022 عن حجم الأراضي المأهولة الداخلة ضمن زمام المحافظات وكردونات المدن والتي لا تمثل  سوي 6.8% من مساحة مصر الكلية[19]،

أما قانون أملاك الدولة الخاصة رقم 7 لسنة 1991[20] حدد جهات الولاية على الأراضي الصحراوية، وذلك وفق معيارين، الأول “معيار عسـكـري” يحدد (المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية) وهي أراضٍ لا يجوز تملكها أو استخدامها في غير الأغراض العسكرية[21]، والمعيار الثاني “مـدنـي” ويشمل “أراضي الاستصلاح الزراعي، والمجتمعات العمرانية الجديدة، والمناطق السياحية، ومناطق التنمية الصناعية” وتدير كل غرض من هذه الأغراض هيئة عامة تمارس جميع سلطات المالك[22]، لكنها في الوقت ذاته لا تباشر تلك المهام إلا بالتنسيق مع وزارة الدفاع وفق ما تقرره الأخيرة من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة.

بالنظر لهذين القانونين (الأراضي الصحراوية – أملاك الدولة الخاصة) فالقوات المسلحة هي المهيمن الأكبر على أراضي الدولة، فهي إما مالكة للأرض أو يتم التخصيص لها أو يؤخذ رأيها في تملك الجهات الأخرى.

على كل حال، فقوانين الأراضي قد وضعت حظراً على كل جهة تخصص لها الأرض، يمنعها من استخدام أراضيها في غير الأغراض التي خصصت لأجلها، فأغراض الاستصلاح، والسياحة، والصناعة، والمجتمعات العمرانية الجديدة، التي تغيّاها القانون وخصص لأجلها تلك الأراضي، أغراض مقصودة لذاتها ولا ينبغي -بحق- الحياد عنها.

لكن كعادة الجمهورية العسكرية في استخدام الاستثناءات، منح قانون أملاك الدولة الخاصة لرئيس الجمهورية الحق في إصدار قرار “إعادة تخصيص الأرض لجهة أخرى أو غرض آخر“، وهو الاستثناء الذي فرغ الحظر من محتواه وفتح الباب على مصراعيه لإعادة تخصيص الأراضي للقوات المسلحة، ونقلها من حوزة الهيئات المدنية لحيازة المكون العسكري، الذي لم يفوت الفرصة وتوسع في سحب تلك الأراضي على فترات زمنية متقاربة.

حسب هذا الاستعراض الموجز، يتضح أن أرض العاصمة تابعة للقوات المسلحة بالتخصيص لصالح “جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة”، فهل يحق لجهاز أراضي القوات المسلحة إبرام شراكة بحجم مشروع العاصمة على تلك الأرض، وقبل ذلك ينبغي أن نعرف كيف تتصرف القوات المسلحة في أراضيها قانوناً؟

ثانياً: كيف تمتلك القوات المسلحة الأراضي؟

وفق ما أوردناه بقوانين تملك الأراضي، فالقوات المسلحة هي المسيطرة بالفعل على معظم أراضي الدولة، وعزز من سيطرتها تلك، صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 531 لسنة 1981 “بشأن قواعد التصرف في الأراضي والعقارات التي تخليها القوات المسلحة وتخصيص عائدها لإنشاء مدن ومناطق عسكرية بديلة”[23]، وهو القرار الذي ينقل القوات المسلحة من مجرد حائز للأرض إلي مالك يحق له بيع أراضيه أو استبدالها بغيرها، وهو ما فتح باب استثمار الأراضي.

بالأساس، فإن الجيش يحصل على الأراضي بداعي “ضرورات الدفاع عن الدولة” وهي ضرورات ترتبط بالوظيفة الدستورية للقوات المسلحة بالقدر الذي يمكنها من النهوض بمهمتها في حماية الحدود ورد العدوان، لكنها وفق تراتبية القرارات التي عرضناها، باتت تبيع تلك الأراضي  وتستبدلها بغيرها، بل أصبح لها جهاز مستقل يدير هذا الأمر باعتباره استثماراً، فتأسيس جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة[24]، كان لأجل القيام بجميع الخدمات والأنشطة الإدارية والتجارية والمالية التي من شأنها تحقيق أهدافه وتنمية موارده، وجميعها أمور يستأثر بتحديدها مجلس إدارته بلا معقب.

وفق هذا القرار، يحق للجهاز التخلي عن الأراضي التي خصصت للقوات المسلحة، بالكيفية التي يريد، فإنه لم يرد بالقانون ما يتضمن إلزام للجهاز بتوضيح أسباب تخليه عن الأراضي بعد حيازتها، لكنه ألزمه في المقابل بمجموعة من القيود عند التصرف، أبرزها: أن يتصرف في الأراضي بطريق المزاد العلني، ويخصص حصيلة البيع لإنشاء وتجهيز مدن ومناطق عسكرية بديلة للمناطق التي أُخليت، كما تودع حصيلة البيع في حساب خاص ببنك الاستثمار القومي، في الوقت ذاته أجاز لرئيس الجمهورية تخصيص 20% من تلك الحصيلة للإنفاق منها على أغراض التسليح.

ثالثاً: ملكية أرض العاصمة الإدارية

في ضوء ما ذكرنا، فما طبيعة الملكية لأرض العاصمة؟، أشارت ديباجة قرار تخصيص الأرض عن وجود تصديق من رئيس الجمهورية بتاريخ 20/8/2015 “بتحديد أراضي القوات المسلحة المطلوب إخلائها والتصرف فيها بمعرفة جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة لصالح إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني” وهو ما يعني عدة أمور:

  • تصديق رئيس الجمهورية في 20/8/2015 مغايرٌ -كما قدمنا- لما تم الإعلان عنه من تبعية الأرض لهيئة المجتمعات العمرانية في يوليو 2014، كما أنه لاحق على الشروع في تنفيذ المشروع وعقد الشراكة بشأنه في مارس 2015، وهو ما يشير أولاً لحلقة غائبة بخصوص التحول في وصف الأرض، كما يشير ثانياً إلي عدم التزام جهاز أراضي القوات المسلحة بالقيود التي رسمها قرار التصرف في الأراضي التي تخليها القوات المسلحة، فالقرار لم يشر لعقد مزاد علني، بل أشار أن الأرض قد جري تقييمها “بالاتفاق” بين جهاز الأراضي وهيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية وهم شركاء في شركة العاصمة، ثم صارت بعد تقويمها بمعرفة الشركاء حصة جهاز الأراضي في الشركة، وتقييم الأرض بالاتفاق بين شركاء المشروع وسيلة مغايرة بصورة واضحة للمصلحة التي استهدف المشرع حمايتها عندما اشتراط البيع بالمزاد.
  • أمر آخر يمثل مخالفة قانونية، تمثلت في عدم وضع حصيلة البيع في الحساب الخاص ببنك الاستثمار القومي، بل يتم توريد حصيلة بيع أراضي المشروع لخزينة شركة العاصمة كما سيأتي بيانه.
  • الغرض من بيع الأراضي التي تخليها القوات المسلحة، مشروطٌ بالأساس بإنشاء مدن ومناطق عسكرية بديلة للمناطق التي تم إخلائها وهو مالم يتم أيضاً.

وهو ما يمثل في المجمل حياداً عن الطريق الذي رسمته القوانين في هذا الشأن.

رابعاً: مخالفة دستورية أم شبهة تربح؟

التصرف في أراضي “العاصمة” بالمخالفة للطريقة التي رسمتها القوانين الخاصة بأراضي الدولة وطرق تخصيصها للقوات المسلحة والتصرف فيها وإخلائها، يحمل ما يمكن وصفه “بشبهة تربح” فأراضي الدولة هي ثروات الشعب، وملكية عامة للجميع، ووصفها بأنها ملكية خاصة للدولة إنما هو وصف قانوني من أجل الاستغلال الأمثل لتلك الأراضي وليس بيعها والتربح منها.

بنفس القدر فإن للقوات المسلحة وظيفة دستورية رسمها الدستور كغيرها من الوظائف الدستورية، وحيازتها للأراضي أثر من آثار تلك الوظيفة، وضرورة واقعية ينبغي أن تقدر بقدرها، لكن ما نحن بصدده خرج عن هذين المحددين، فالقوات المسلحة هي التي تحدد احتياجاتها من الأرض، وهي التي تقدر أهمية تلك الحاجة، وتسميها بمسمياتها القانونية من “الدفاع عن الدولة” أو “إعدادها للحرب”، كما أنها في الوقت ذاته تنفرد بتحديد المناطق العسكرية الاستراتيجية، ثم هي وحدها -فيما بعد- من تقرر تغيير أغراض التخصيص وتوقيت التخلي عن الأرض دون إلزامها بإبداء أسباب، فتتحول الأراضي التي كانت مناطق عسكرية ذات أهمية استراتيجية إلي أراضٍ تجارية صالحة لجميع الأغراض الاستثمارية، فتشرف على بيعها وتستأثر بأثمانها، وتحدد أوجه الصرف فيما بعد، وأخيراً أصبحت تساهم بالأراضي التي خصصت لها لأغراض الدفاع عن الدولة في شراكات استثمارية مع الدولة ذاتها، وتقيمها كحصص مساهمة في تلك الشراكات، وهو مسلك غير مفهوم ومناقض لأبجديات دولة القانون الحديثة، واتباعها قواعد الحوكمة ومبادئ دولة المؤسسات، وهو ما لا يتوقف بالأمر عند شبهة التربح، بل يتعداه لما قد يمثل “مخالفة دستورية للوظيفة العامة”.

المحور الثاني: الإدارة والتمويل

حتى تتضح لنا الصورة حول إدارة وتمويل مشروع العاصمة، ينبغي علينا الإجابة عن مجموعة من الأسئلة، عن هل العاصمة الإدارية مجتمع عمراني جديد أم شركة مساهمة؟ وهل مشروع العاصمة خاص أم حكومي؟ وهل تمويل المشروعات بالعاصمة ذاتي أم تتحمله الدولة من ميزانياتها؟

أولاً: العاصمة الإدارية مجتمع عمراني أم شركة مساهمة؟

أ- مجتمع عمراني

إنشاء المدن الجديدة، عملية مرهِقة ومركَّبة، تحتاج لمنظومة عمل متكاملة تشمل آليات تشريعية تصون حقوق الدولة والأفراد، وتنفيذية تحدد الجهات المعنية في الإدارة والتمويل، ومنظومة رقابة وإشراف ومتابعة، طورت الدولة تلك المنظومات بقوانين متتابعة أهمها “قانون البناء الموحد”([25]).

وفق هذا القانون، فالجهات المعنية بتخطيط المدن وتنفيذها “هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، الهيئة العامة للتنمية السياحية، الهيئة العامة للتنمية الصناعية” ثم أضيف لها فيما بعد الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وفق تعديل تم عام 2015([26])، وجميعها جهات منوطة بالتخطيط والترخيص كلٌ فيما يخصه.

أواخر سبعينيات القرن الماضي، وعقب فترة الحروب التي عاشتها مصر، توجهت الدولة نحو إنشاء مدن جديدة، وأسست لهذا الغرض “هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة” بالقانون 59 لسنة 1979[27]، والتي منحها القانون مزايا ضخمة، وإعفاءات كبيرة، من أجل توفير بيئة جيدة للتوسع العمراني وخلق تجمعات بشريه ومراكز حضارية جديدة وفق ما ورد بتعريفات القانون.

حسب قرار تأسيس العاصمة، فهي “مجتمعٌ عمرانيٌ جديد”، فهي -حسب الأصل- تتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، إلا أن القرار سلك مسلكاً غير مفهوم، أسند بموجبه مهمة تخطيطها وإنشاءها وتنميتها لشركة مساهمة بين هيئة المجتمعات العمرانية والقوات المسلحة ممثلة في جهازي مشروعات أراضي القوات المسلحة ومشروعات الخدمة الوطنية، ثم بعدها بأيام أصدر وزير الإسكان قراراً بإنشاء “جهاز تنمية المجتمع العمراني الجديد “العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني”[28].

هذا يجعلنا أمام قرارين رسميين، وجهتين لهما ذات الاختصاصات ويديران نفس المشروع، “شركة العاصمة” التي أنشأها قرار رئيس الجمهورية، و”جهاز العاصمة” الذي أنشأه قرار وزير الإسكان، ومهمة كل منهما هي (تخطيط وإنشاء وتنمية) العاصمة الإدارية، وهو ما قد يسبب لغطاً حول بعض الأمور على رأسها “جهة الولاية، وصاحب القرار”، فبدلاً من إزالة الالتباس، جاء قرار تأسيس العاصمة مغايراً من عدة زوايا لما قرره قانون هيئة المجتمعات العمرانية، تتمثل الزاوية الأولي في الطبيعة القانونية للجهتين، ففي حين تخضع “الشركة المساهمة” لمنظومة قوانين المال الخاص وفي مقدمتها قانوني الشركات المساهمة والاستثمار، فإن “الجهاز” يخضع المشروع لمنظومة قوانين المال العام وفي مقدمتها قانوني هيئة المجتمعات العمرانية وأملاك الدولة الخاصة، من زاوية أخرى فالشركات المساهمة تعتمد على العرض والطلب وضوابط المكسب الاستثماري، ونظام المجتمعات العمرانية يعتمد على دعم الدولة لتلك المشروعات باعتبارها الأَولى بالرعاية؟

لم يقدم النظام تفسيراً منطقياً رابطاً بين القرارين، كما لم يصدر بالتبعية ضوابط ترسيم العلاقة بين الشركة والجهاز في الاختصاصات التي يأتي في مقدمتها طرح الأراضي وبيعها، كما لم يرجح جهة الولاية في إصدار القرارات عند التعارض، ولا طبيعة وتقسيم المشروعات التابعة لكلٍ منهما.

لكننا عند وزن القرارين بميزان القانون، نجد إنشاء جهاز عمراني للعاصمة يصادف صحيح القانون، كونه تابع للهيئة صاحبة الاختصاص الأصيل بتأسيس المجتمعات العمرانية الجديدة، فقانون الهيئة قد منحها -دون غيرها- حق تأسيس المدن الجديدة باعتبارها “جهاز الدولة المسئول عن إنشاء هذه المجتمعات” حسب نص المادة الثانية[29]، وهو محددٌ هام يعني اختصاصاً حصرياً للهيئة في هذا الأمر، تأكدت الإشارة إليه في أكثر من موضعٍ بالقانون، ففي المادة “7” تختص الهيئة وحدها بتحديد موقع المجتمع العمراني الجديد[30]، وفي المادة “9” تُخَصَص الأرض “للهيئة” دون مقابل[31]، وهذه الأمور بلا شك منحت للهيئة مزايا ضخمة تبعاً لأهمية اختصاصها في التنمية العمرانية.

إذن، لماذا أنشأ النظام شركة مساهمة، في الوقت الذي اعتبر فيه مشروع العاصمة مجتمعاً عمرانياً جديداً، ما أخضعها -كما قدمنا- لنظامين مختلفين؟

تفسير هذا الأمر “غير متوفر” رسمياً، وهو ما سوف نجتهد في تفنيده هنا وعند الحديث عن شركة العاصمة.

لعل التفسير الأقرب لاختيار النظام مظلة قانون المجتمعات العمرانية، يكمن في المزايا الضخمة التي يتمتع بها المجتمع العمراني، ولعل من المفيد إيجازها في نقاطٍ سريعة تعطي تصوراً قريباً لكثافة تلك المزايا التي يتمتع بها مشروع العاصمة.

مجانية الأرض

تُمنح الأرض للهيئة بالمجان، كما تنزع ملكية الأراضي المتداخلة معها للمنفعة العامة، مع تخصيص حرم بعمق خمسة كيلو مترات حول التجمع العمراني يحظر التصرف فيه أو إقامة منشآت عليه، بالإضافة لمجانية إجراءات الشهر العقاري والمساحة كون التسجيل بنظام “الإيداع”.

لكن لعل المستغرب هنا!، أن النظام وبدلاً من الاستفادة بتلك الميزة “مجانية الأرض”، وهي بلا شك توفر مبالغ هائلة يمكن للهيئة استثمارها في تشييد المشروع نفسه، نجده عوضاً عن ذلك اختار أرض العاصمة ضمن أراضٍ تابعة للقوات المسلحة، وسمح لجهاز أراضي القوات المسلحة بتقييم الأرض بمبلغ مالي كبير مكنه من المشاركة بها كحصة عينية في شركة العاصمة بما يقارب 22% من أسهمها -وهي نسبة تقدر بمليارات الجنيهات- ما يمثل عبئاً غير مبرر على المشروع، ما قد يمثل شبهة “ترتيب ميزة مباشرة للقوات المسلحة”، ومن جانب آخر قد يقدم تفسيراً للملاحظة التي رصدناها حول التغير اللاحق على إعلان حكومة “محلب” بشأن تبعية الأرض لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

امتياز المرافق العامة

يحق للهيئة في مشاريعها ترتيب امتيازات للمرافق العامة لمدة أربعين عام، وتوقيع عقود منح الالتزام للمستثمرين مقابل نسبة في أرباح المرفق، كما يحق للهيئة في كل الأحوال إلغاء الالتزام وحقوق الامتياز عند المخالفة، وهذه ميزة كبيرة توفر تمويلات كبيرة لمشروعات المجتمع العمراني .

الاستقلال الذاتي

تمنح الهيئة ما يشبه الاستقلال أو الحكم الذاتي -إن جاز التعبير- عن أجهزة الحكم المحلي والمحافظات، وفي الوقت ذاته تحصل على كافة سلطات وصلاحيات الوحدات المحلية، وأهمها، إصدار تراخيص البناء والتشغيل والإدارة، وذلك حتي تسليم المجتمع العمراني الجديد للحكم المحلي[32].

الأموال مصانة

حقوق الهيئة المالية لها امتياز على أموال المدين، ولها ذات المركز القانوني للأموال العامة وفق أحكام القانون المدني الذي يحظر التصرف فيها أو الحجر عليها أو تملكها بالتقادم، كما يحق للهيئة اتخاذ إجراءات الحجز الإداري لتحصيلها.

إعفاءات مالية

تعد هذه الميزة الأكبر على الإطلاق، حيث يتمتع المجتمع العمراني بحزمة من الإعفاءات تشمل كافة الرسوم الجمركية المقررة على الواردات، والاستيراد دون ترخيص، والإعفاء من الضرائب والرسوم والفوائد المستحقة على القروض والتسهيلات الائتمانية، والإعفاء من الضريبة على الإيرادات، كما تعفي الأرض المحظور البناء عليها (الخمسة كيلو مترات حول التجمع العمراني) من ضريبة الأطيان وأي ضريبة أخرى لمدة عشر سنوات من تاريخ صلاحيتها للزراعة.

تتسع حزمة الإعفاءات المالية لتغطي شريحة المتعاملين مع الهيئة ضمن المجتمع العمراني، فالمقاولين الأصليين ومن الباطن والاستشاريين يتمتعون بالإعفاء من كافة الضرائب، والمشروعات والمنشآت التي تقام في المجتمع العمراني تعفي من ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وإيرادات القيم المنقولة وملحقاتها لمدة عشر سنوات، كما يعفي شاغلي العقارات التي تقام بالتجمع العمراني من ضريبة العقارات المبنية، ومن الضرائب والرسوم أيا كان تسميتها لمدة عشر سنوات من تاريخ إتمام العقار وصلاحيته للانتفاع.

هذه الحزمة امتدت بالتبعية لمشروع العاصمة الإدارية وانسحبت على شركة العاصمة الإدارية بشكل مباشر، بالرغم من كونها شركة مساهمة تعمل أساساً بأدوات المنافسة وآليات السوق ومزايا توفرها قوانين أخرى.

ب: شركة العاصمة

تأسست شركة “العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية” وفق قانون “ضمانات وحوافز الاستثمار”[33]، باعتبارها شركة مساهمة مصرية، برأس مال مدفوع يبلغ 6 مليارات جنيه، موزعة بين القوات المسلحة وهيئة المجتمعات العمرانية حسب حصص كل منهم، وانعقد الاجتماع الأول للجمعية التأسيسية للشركة في مايو 2016، وأعلن وكيل المؤسسين الدكتور “أحمد وشاحي” اختيار مجلس إدارة مكون من ثلاثة عشر عضواً، أربعة أعضاء عن القوات المسلحة، وثلاثة عن هيئة المجتمعات العمرانية، وستة أعضاء من ذوي الخبرة[34]، وتأتي نسب التشكيل معبرة عن حصص الشركاء، فالقوات المسلحة تمتلك 51% من أسهم الشركة (بواقع 21.6% لجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة وهي حصة عينية تتمثل في أرض العاصمة كما قدمنا، ونسبة 29.4 % لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية)، وحصة هيئة المجتمعات العمرانية 49% من أسهم الشركة، كما يقدر رأسمالها بمبلغ 204 مليار جنيه مصري وفق معلومات التعريف بصفحة الشركة بموقع (LinkedIn)[35]

مجلس الإدارة

تشكيل مجلس الإدارة وفق النسب المعلنة يعني ابتداءً أن القوات المسلحة تستأثر بالإدارة والقرار، من جانب آخر وعند استعراض أسماء الأعضاء وصفاتهم التي كانوا يشغلونها وقت تأسيس الشركة في 2016 وصفاتهم الوظيفية الآن، نجد معظمهم يشغلون وظائف بالطبقة العليا للدولة، في مواقع الرئاسة والحكومة والأجهزة والمؤسسات المختلفة نوضحها بالجدول التالي:

م

العضو

جهة العضوية

2016

الآن

1

الفريق كامل الوزير

القوات المسلحة

رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة

وزير النقل مارس 2019

2

اللواء أمير سيد أحمد

القوات المسلحة

مستشار وزير الدفاع للمشروعات

مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط  العمراني مايو 2019

3

اللواء مصطفي أمين علي

القوات المسلحة

مدير جهاز مشروعات الخدمة الوطنية

 

4

اللواء محمد عبد اللطيف

القوات المسلحة

مستشار الهيئة الهندسية

 

5

المهندس خالد عباس

هيئة المجتمعات

مساعد وزير الإسكان للشئون الفنية

نائب وزير الإسكان للمشروعات القومية يونيو 2018

6

الدكتور عاصم الجزار

المجتمعات العمرانية

رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني

وزير الإسكان فبراير 2019

7

المهندسة راندة المنشاوي

المجتمعات العمرانية

وكيل أول وزارة الإسكان

مساعد أول لرئيس مجلس الوزراء لشئون المتابعة ديسمبر 2019

8

اللواء عادل المرسى

ذوى الخبرة

رئيس هيئة القضاء العسكري (السابق)

 

9

أيمن إسماعيل

ذوى الخبرة

رئيس مجلس إدارة والمدير التنفيذي لشركة دار المعمار جروب للاستثمار العقاري

 

10

المهندس طارق الجمال

ذوى الخبرة

رئيس مجلس إدارة شركة ريدكون

 

11

لبنى هلال

ذوى الخبرة

نائب محافظ البنك المركزي المصري

غادرت المنصب في ديسمبر 2019

12

نضال القاسم عصر

ذوى الخبرة

الرئيس التنفيذي للبنك المصري الخليجي

 

13

الدكتور خالد حجازي

ذوى الخبرة

عضو هيئة تدريس بالجامعة

نجل رئيس الوزراء الأسبق عبد العزيز حجازي

 

تركيبة مجلس إدارة شركة العاصمة تضم مسئولين حاليين على رأسهم وزيرين حاليين (النقل والإسكان)[36]، ونائب وزير الإسكان للمشروعات القومية، ومستشار الرئيس للتخطيط العمراني، ومساعد رئيس مجلس الوزراء للمتابعة، ما يوفر مساحة كبيرة من التداخل بين طبيعة الوظائف الحكومية والعمل الاستثماري، في الوقت ذاته فلتلك الوظائف لها مهام فنية وثيقة الصلة بمشروع العاصمة، ما يمثل شبهة استغلال المنصب، أضف لذلك أن آليات الرقابة على الوظائف الحكومية تختلف تماماً عن آلية رقابة مشروع العاصمة إن وجدت.

يتوجب هنا، أن نضع في الحسبان مساحات التداخل تلك عند استعراض التصريحات الحكومية المتواترة التي تزعم أن تمويل مشروع العاصمة من خارج الموازنة العامة للدولة، كون الجهات التي يترأسها هؤلاء الحكوميون تصدر قرارات رسمية تتنافي مع هذا الزعم، فقد أصدروا بالفعل قرارات بتكلفة حكومية للعديد من مشروعات الطرق والبنية التحتية والمرافق وغيرها وضعت مشروع العاصمة أولوية عمل لدي جميع الجهات، وهو ما سترصده الدراسة لاحقاً.

مزايا قانون الاستثمار

يتضمن قانون “ضمانات وحوافز الاستثمار”[37] مزايا كثيفة لا تقل عن مزايا قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بل تتخطاها في بعض الأحيان، حيث يشمل إعفاءات جمركية وضريبية واسعة، وتخصيص الأراضي للشركات بالمجان، ومنحها الحق في إنشاء مناطق حرة بإمكانيات غير محدودة في مجالات الاستيراد والتصدير، في الوقت ذاته لا تخضع تلك الشركات لأي من قوانين الضرائب المصرية.

ولعل الدافع وراء تأسيس شركة للعاصمة وفق قانون الاستثمار، هو الرغبة في العمل وفق ضوابط السوق، والتمتع بحرية حركة ومرونة لا تعرقلها الإجراءات البيروقراطية والضوابط الحكومية، لكن هذه الرغبة تتناقض مع إنشاء “جهاز العاصمة” الذي يتبع هيئة المجتمعات العمرانية ما يجعلها عرضة –من جهة- لتطبيق ضوابط وزارة الإسكان وإجراءاتها البيروقراطية الحكومية، ومن جهة أخرى احتمالية التعارض بين قرارات الجهتين كما قدمنا.

الجدير بالذكر، أن قانون “ضمانات وحوافز الاستثمار” الذي أنشأت شركة العاصمة بموجبه تم إلغاؤه وإقرار قانون جديد للاستثمار.

لكن بإمعان النظر في وجود الجهتين نصل لنتيجة مفادها: تمتع العاصمة بميزة كبيرة في وجود كيانين، أحدها يعمل بضوابط السوق الاستثماري الحر المنطلقة من كل قيد، والآخر يضطلع بحل المشكلات الحكومية واستصدار القرارات اللازمة للعمل، كما يعمل على صناعة الاستثناءات والتقاط الفرص من منبعها الحكومي، وهذا بلا شك يصنع حالة تكامل يندر توافرها في غير حالة “العاصمة”.

ثانياً: العاصمة مشروع حكومي أم خاص؟

في مشروع العاصمة، يختلطُ الحكومي بالخاص، والنفع العام بالبيزنس، بالشكل الذي يتعذر معه الفصل بين تلك الأوصاف، كما يحتاج المتابع بذل جهدٍ كبير إذا ما أراد وضع حدود واضحة لهذه العلاقات المتشابكة، لكننا نستطيع الاقتراب من إجابة هذا السؤال بإمعان النظر في هذين “المثالين”.

المثال الأول: الحي الحكومي

الحديث عن “الحي الحكومي” تزامن مع تدشين مشروع العاصمة، بل إن شئت فقل هو الغرض الرئيس من إنشاء العاصمة “الإدارية”، فهو مخصص لنقل مباني الوزارات ومقرات المؤسسات الهامة بالدولة، تبلغ مساحته الإجمالية العاصمة 560 فداناً، تضم “34” مبني وزاري، ومباني مجلس الوزراء ومجلسي النواب والشيوخ.

إلا أن الحي الحكومي وبالرغم من التسمية والمهام، لا ينهض دليلاً على كون العاصمة مشروعاً حكومياً، لا من حيث المساحة التي لا تمثل سوي (ثلاثة في الألف) من المساحة الكلية للعاصمة التي تبلع 170 ألف فدان، ولا من حيث الملكية فمباني الحي الحكومي مؤجرة للحكومة من قِبل شركة العاصمة.

قد يجادل البعض بأن طبيعة المساحات المخصصة للإدارة تكون صغيرة بطبيعة الحال، لكن عند النظر لفكرة إيجار الحي الحكومي التي لم تكن فكرة مستحدثة، بل كانت مطروحة ضمن خيارات عدة منذ بدايات المشروع، وتأكدت مؤخراً بعد حديث “السيسي” عن طلب شركة العاصمة أربعة مليارات جنيه إيجاراً سنوياً للمباني الحكومية بالعاصمة[38]، تلك الفكرة لا تدع مجال للشك في تهميش فكرة الملكية الحكومية للعاصمة، يضاف إليها فكرة أخرى لا تقل عنها غرابة، تتمثل في “المقايضة” بين مباني العاصمة الإدارية، وبين المباني القديمة للوزارات بالقاهرة، وهي أخطر الخيارات المطروحة في هذا الباب، وقد ورد ذكرها على لسان المتحدث باسم شركة العاصمة العميد “خالد الحسيني” في حواره لموقع البورصة قال: “إن شركة العاصمة الإدارية تتحمل تكلفة الإنشاءات –يعني الحي الحكومي- وستحصل على العائد من خلال “المقايضة” مع الوزارات المالكة لمقرات في القاهرة”[39] وهو ذاته ما أكده فيما بعد رئيس شركة العاصمة حيث قال: “إن وزارة المالية ستقوم بإنشاء شركة تحت مسمى “نقل الأصول” ستكون مهمتها الأساسية تسعير كافة مباني الوزارات القديمة بالقيمة الدفترية وبالأسعار الموجودة بالسوق حاليا، لافتا إلى أنه بعد الانتهاء من كافة أعمال تقييم أصول المباني القديمة ستقوم شركة العاصمة الإدارية باحتساب تكلفة تنفيذ الحى الحكومي بالعاصمة، بحيث تحصل كل وزارة على مبنى جديد بالعاصمة الجديدة نظير حصول الشركة على المباني القديمة للوزارات”[40]

الفكرة المركزية التي تتضمنها تلك الخياريات، هي مطالبة الدولة بأداء قيمة إيجاريه أو مقايضة مباني العاصمة بالمباني الحكومية بالقاهرة القديمة، وهو ما يُغَلّب كفة الاستثمار الخاص، كما يدلل على تلاشي شواهد “الملكية الحكومة للعاصمة”، إذ كيف يُطَالَب المالك بأداء ثمن ما يملك، كما أن غياب مجانية الانتفاع بالعين أول شواهد غياب الملكية.

المثال الثاني: بيع الأراضي

في الحوار الصحفي المشار إليه، أعلن المتحدث الإعلامي باسم لعاصمة، “أن الشركة حققت أرباحاً في أول عامين من مبيعات الأراضي في ثلاث “طروحات” لأراضي الاستثمار العقاري بمساحة إجمالية 6650 فدان، وأضاف أن السعر في تلك الطروحات يتراوح بين 2500 و3800  جنيه…” المبيعات وفق هذا التصريح تقع في خانة عشرات المليارات، إلا أن هذه الأسعار قد ارتفعت بعد العامين الأولين حيث تجاوز سعر المتر 50 ألف جنيه،  بالإضافة لذلك فحي السفارات الذي يبلغ 1600 فدان يبلغ سعر المتر فيه 400 دولار[41]

اللافت هنا، أن الطروحات الكبيرة للأراضي يتم من قبل شركة العاصمة، في وجود جهاز حكومي يفترض اختصاصه قانوناً بمثل هذه الإجراءات هو “جهاز العاصمة الإدارية”، وهذا لا يعني بالضرورة أن جهاز العاصمة لا يقوم بالبيع، بل له أحقية طرح بعض المشاريع، يكمن الفارق في أن ما تبيعه الهيئة والجهاز لا يقارن بالمساحات التي تبيعها شركة العاصمة، حيث تختص الأخيرة ببيع المساحات الضخمة التي تبلغ آلاف الأفدنة، فيما تقتصر مبيعات الهيئة والجهاز على مالا يتجاوز آلاف الأمتار، من ناحية أخرى فإن الشركة تختص بالبيع للمطورين العقاريين والشركات الكبرى، فيما يغلب على تصرفات الجهاز التعامل مع الأفراد ببيع الوحدات السكنية وأراضي المشروعات ذات المساحات الصغيرة.

وفق هذا الفوارق، فشركة العاصمة هي الأصل في امتلاك الأراضي وبيعها بحسب ما ورد في تصريح رئيسها أن الشركة تمتلك محفظة من الأراضي تبلغ 220 ألف فدان[42]، ما يعني كامل مساحة العاصمة 170 ألف فدان مضافاً لها 50 ألف فدان يجري الحديث عن ضمها لمساحتها.

ومن الجدير بالذكر، أن حصيلة مبيعات الشركة تذهب لخزينتها مباشرة، بينما تذهب حصيلة المبيعات التي يجريها الجهاز لخزينة هيئة المجتمعات العمرانية، وهو ما يرتب فوارق أخرى في طبيعة القانون الحاكم لأموالهما، ومصارف كل منهما، وطريقة الرقابة على الحسابات، وحركة الأموال.

ثالثاً: هل تمويل مشروعات العاصمة ذاتي أم حكومي؟

تقوم فكرة العاصمة بالأساس على تنفيذ مشروعات ضخمة، وهي إما مشروعات قومية، أو مشروعات منفعة عامة، وهما على درجة  كبيرة من الأهمية، حيث توليهما الدولة ومؤسساتها عناية فائقة، تكمن في قرارات التأسيس والتمويل، أو الاستثناءات الممنوحة لتلك المشروعات.

وجود هذه النوعية من المشروعات بالعاصمة الإدارية يتعارض بشكلٍ ملحوظ مع تأكيد النظام المتكرر عن كون مشروع العاصمة لا يكلف خزانة الدولة “مليماً واحداً”[43].

أ: المشروعات القومية

كثافة المشروعات القومية بالعاصمة الإدارية تحمل دلالتان، تشير الأولي لمسألة التمويل، فيما تشير الثانية لجهة التنفيذ، ففي مسألة التمويل يشير بعض خبراء الاقتصاد أن مصدر التمويل الأول للمشروعات القومية بصفةٍ عامة وفي العاصمة الإدارية بصفةٍ خاصة، يأتي من القروض العامة[44]، فالحكومة توجه كل أدواتها لتوفير التمويل اللازم لتلك المشروعات، وتؤكد في مناسبات مختلفة على ضرورة بذل كافة الجهود لاستمرار تدفق التمويل وعدم توقفه، رغم ما تمر به الدولة من ظروف مختلفة تحول دون استكمال كثير من مشاريعها، وهو ما قد يفسر تكرار لجوء الحكومة للاقتراض[45].

وتجدر الإشارة، أن اتفاقيات القروض ربما لا تُبرم بشكلٍ مباشر لصالح مشروعات العاصمة، لكنها في كثير من الأحيان تدخل ضمن موازنات الوزارات أو الجهات العامة القائمة على تنفيذ تلك المشروعات، كما سيأتي بيانه بعد.

تشير الدلالة الثانية الخاصة بالتنفيذ إلي استحواذ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على معظم مشروعات العاصمة القومية، فهي التي تنفذها –أو تشرف على تنفيذها- وبشكلٍ مستقل عن دولاب الدولة الرسمي، استقلالية الهيئة الهندسية بالتنفيذ لم تأت بفعل الأمر الواقع، أو نتاج تميز الهيئة الهندسية وبراعتها الفنية، لكنها تمت وفق قرارٍ رسمي مباشر أصدرته الحكومة ونصت فيه على: “تعتبر المشروعات التي “نفذتها” أو “تقوم بتنفيذها” الهيئة الهندسية للقوات المسلحة داخل العاصمة الإدارية الجديدة مشروعات قومية في تطبيق أحكام قانون البناء الموحد الصادر في 119 لسنة 2008، وتكون الهيئة الهندسية هي الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالنسبة لتلك المشروعات وتقوم بإصدار تراخيصها”[46].

نصر القرار إذا ما أضيف لتعديلات قانون البناء الموحد[47]، يجعل الهيئة الهندسية مستحوذة بشكلٍ كامل على المنظومة التي تشمل “التخطيط والتنظيم وإصدار التراخيص”، وهو ما يعني انفرادها تقريباً بتنفيذ العاصمة أو الإشراف عليها دون تدخل من أية جهة أخرى.

الأغرب الذي حمله القرار هو “الأثر الرجعي” في تنفيذه، والذي يسبغ على المشروعات التي أنهتها الهيئة الهندسية بالفعل صفة المشروعات القومية، ما يحصنها من المساءلة عنها، أو مطالبة جهات أخرى باستلامها.

دلالتي “التمويل والتنفيذ” معاً تشيران إلي استئثار الجيش بالمشروعات القومية، واستحواذه على القرار وأولويته  في الحصول على التمويل، في معزلٍ عن أية رقابة، فالهيئة الهندسية وفق هذه الاستثناءات هي التي تختار الأرض، وهي التي تخطط المشروع، ومن ثم تصدر التراخيص بشأنه، ثم تقوم بتنفيذه أو الإشراف عليه، كما أنها تستلم المشروع، وتقوم بمنحه شهادات مطابقة الشروط والمواصفات، ثم تتعاقد على صيانته، وهي بالأساس الممثل الحصري عن مالك أغلبية أسهم العاصمة، وهو ما يخالف أبسط مبادئ تقسيم العمل، وأبجديات الإشراف والمتابعة والرقابة المعمول بها في الدول الرشيدة.

ب: مشروعات المنفعة العامة

لا تختلف مشروعات المنفعة العامة عما ذكرناه بخصوص المشروعات القومية، لكنها تُحمل الدولة أعباء أخرى، فأراضي المشروعات توفرها الدولة من أملاكها بالمجان، وفي حالة اضطرارها لنزع ملكية أصحاب الأراضي تلتزم بسداد التعويضات من خزينتها، وفي كل الأحوال تنفذ المشروعات على نفقتها.

من هذا الباب فمشروعات المنفعة العامة بالعاصمة تعد مثالاً واضحاً على تقديم الدولة تمويلاً مباشراً، فتوصيل مياه النيل للعاصمة مشروع من مشاريع المنفعة العامة، على أرض تم نزع ملكيتها، وقدرت وزارة الإسكان تعويضات ملاكها بمبلغ 113 مليون جنيه تلتزم الدولة بسداده[48]. وهو ما يعني إنفاق مزدوج تتحمله الدولة يتمثل في سداد التعويضات ومصروفات إقامة المشروع.

ت: مشروعات المرافق

توفر البنية التحتية وجودتها، قاطرة تقدم أي مشروع لا تمثل الحلقة الأهم، سيما المشروعات التي تقام في مساحات منقطعة عن العمران كحالة العاصمة

المرافق الرئيسية من مياه وكهرباء وغاز بالإضافة للطرق الرئيسية الموصلة للعاصمة، تقدم دليلاً واضحاً على تمويل تقدمه الدولة بسخاء، يأتي في مقدمة تلك النوعية مشروع إنشاء محطة الكهرباء العملاقة بالعاصمة الإدارية، فالتكلفة الإجمالية لمحطة العاصمة وفق ما أعلنته الدولة عام 2016 بلغ “2 مليار يورو+ 51.34 مليون جنيه وفق ما ورد بتعريف المشروع علي موقع رئاسة الجمهورية[49]، والمحطة تأتي ضمن ثلاث محطات تعاقدت عليها وزارة الكهرباء مع شركة سيمنز الألمانية، وفق ما أعلنه وزير الكهرباء حينها[50]، لاحقاً، وردت مطالبات لوزارة الكهرباء من شركة سيمنز بفواتير بلغت 700 مليون دولار من تحت حساب تنفيذ المحطات الثلاث، الجدير بالذكر أن تكلفة المحطات الثلاث تبلغ 6 مليارات يورو تم  تغطيتها بنسبة 85% عن طريق قروض تلتزم وزارة الكهرباء بسدادها مع فوائدها لثلاث بنوك ألمانية “التعمير الألماني” و “دويتشه بنك ” و”بنك HSBC ألمانيا”[51].

هذه الأمثلة الثلاث دلالة واضحة فندت حقيقة الزعم بعدم تحميل خزينة الدولة نفقات تخص مشروع العاصمة، ولها مثيلاتها في مجال النقل والخدمات والطرق.

المحور الثالث: شواهد المحاباة الحكومية لمشروع العاصمة الإدارية

أصبحت العاصمة منذ الإعلان عنها “المشروع الأولي بالرعاية”، المفروض على قمة أولويات جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية على السواء، إلى حدٍ يمكن وصفه بالمحاباة الحكومية، من جهة أخرى يمثل علامة واضحة على هيمنة المؤسسة العسكرية، وتغولها على حق الدولة في جميع مراحل تأسيس العاصمة، فقد انتقلت الدولة بشأنه من وظيفتها الأساسية باعتبارها حامية لمصالح الشعب، ومستأمنة على ثرواته، إلى شريك تجاري يُسهل هروب تلك الثروات لاقتصاد الجيش الموزي لاقتصاد الدولة المستفيد من جُل إمكانياتها.

أسوق لتلك المحاباة الشواهد التالية:

أولاً: تعديلات قانون شركات المساهمة

أُجريت في فترة وجيزة مجموعة من التعديلات التشريعية المتتابعة على قوانين الشركات المساهمة، بدأت بقانون يمنح الترخيص لأشخاص القانون العام “الوزارات والمؤسسات الرسمية” بتأسيس شركات مساهمة أو المشاركة فيها[52]، تزامن معه صدور القرار الرئاسي -الذي أشرنا إليه- والذي يمنح جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة الحق في تأسيس الشركات بكافة أنواعها بمفرده أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي، وهو ما فتح الطريق للوزارات والمؤسسات العامة للدولة لتأسيس شركات مساهمة وأهمها على الإطلاق شركة العاصمة.

أنتج هذا التعديل مرونة كبيرة في التعاملات الاستثمارية للحكومية، لكنه في المقابل حرم أموال المستثمرة في تلك الشركات من ميزة اعتبارها أموال عامة حيث يحكمها نظام قانوني مغاير.

ثانياً: قانون الاستثمار

اشترط قانون الاستثمار الجديد رقم 72 لسنة 2017[53] شرطاً هاماً يستوجب تأسيس الشركات بعد إقراره حتي تحصل على مزاياه، وهو ما يعني عدم استفادة شركة العاصمة كونها أسست بعده، وبالرغم من هذا الشرط فقد استفادت الشركة من مزايا القانون الجديد.

أبرز تلك المزايا القانون التي حصلت عليها شركة العاصمة بموجب القانون الجديد، ما ورد بالفصل الثالث من القانون “الحوافز الخاصة والإضافية”، حيث نصت المادة “11” على منح المشروعات الاستثمارية التي تقام بالمناطق الجغرافية ذات الأولوية والأكثر احتياجاً حافزاً استثمارياً يخصم 50% من التكاليف الاستثمارية للمشروعات من صافي الأرباح الخاضعة للضريبة، بدورها، والمناطق ذات الأولوية كما حددتها اللائحة التنفيذية هي “المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي، والمناطق التي يصدر بها قرار مجلس الوزراء بعد تحقق بعض المواصفات[54]، وبالتالي لا يحق فإن مشروعات شركة العاصمة الإدارية لا يمكنها الاستفادة من هذا الحافز الضخم، كونها أولاً أسست قبل إقرار القانون، وثانياً هي خارج نطاق المناطق التي حددها القانون، وهو ما حدا برئيس الوزراء إصدار قراره بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون وإضافة منطقة العاصمة الجديدة للمناطق ذات الأولوية التي تتمتع بخصم 50% من التكاليف الاستثمارية[55].

بهذا التعديل جمعت شركة العاصمة الإدارية بين ما لا يجتمع لغيرها، فهي أولاً شركة مساهمة تستفيد من حوافز قانون الاستثمار القديم والجديد معاً، وثانياً مجتمع عمراني يستفيد بمزايا وإعفاءات قانون المجتمعات العمرانية الجديدة، وهي ثالثاً منطقة اقتصادية ذات أولوية في تطبيق الحوافز الخاصة التي أقرها قانون الاستثمار الجديد.

ثالثاً: مياه النيل

مثال واقعي هذه المرة يدل على نهج المحاباة الحكومية للعاصمة، يتمثل في تخصيص حصة للعاصمة من مياه النيل تبلغ مليون ونصف المليون متر مكعب يومياً[56]، وهي حصة كبيرة إذا ما قورنت بكمية المياه المنتجة في مصر يومياً، والتي تقدر بـ 25.5 مليون متر مكعب حسب تصريح رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي[57]، وهو ما يربو على 6% من مياه الشرب المنتجة في مصر بشكلٍ يومي، وهو رقم لا يتوافق بأي حال مع مساحة العاصمة أو عدد سكانها باعتبارهما معيارين يُعتمد عليهما في تحديد حصص المياه.

المحور الرابع: العاصمة وشواهد الملكية العسكرية

المتتبع لتاريخ المؤسسة العسكرية وبخاصةً في عهدها الجمهوري، يسهل عليه تبين الكم الكبير والمتنوع للمزايا الممنوحة لها، وفي مقدمتها تملك الأرض أو تخصيصها، كما يلحظ تعمداً وقصداً في “تركيم”[58] تلك المزايا بشكلٍ ذكي يُحدث تكاملاً وتشبيكاً فيما بينها، ويعد مشروع العاصمة الإدارية دليلاً جلياً يقدم عدة شواهد على ما يمكن تسميه “التركيم التكاملي للمزايا” ويعني به الباحث “تركيب ميزة فوق أخرى في إطار مدروس عبر مستويات إدارية وفنية وسياسية متعددة، بهدف تعظيم قيمة وأهمية ما تحصله القوات المسلحة واتصاله بشكل وثيق بما سبق تحصيله في ذات السياق” بإيجاز شديد نضيئ حول هذا الطرح.

مرت مزايا القوات المسلحة فيما يخص الأراضي بثلاث مراحل متتابعة، أوردنا أولاها عند الحديث عن أرض العاصمة، وفصلنا الحديث عن قانون الأراضي الصحراوية وقانون أملاك الدولة الخاصة، ودورهما في صنع إمبراطورية أراضي القوات المسلحة، وكيف أصبحت صاحبة الكلمة العليا في تملك الأراضي وتخصيصها.

تتمثل المرحلة الثانية في إصدار مجموعة من القرارات الرئاسية أدت لتمتين أركان تلك الإمبراطورية، انتقلت القوات المسلحة بموجبها من الحيازة المرتبطة بأهداف التأمين والحماية، إلي التملك والاستثمار المباشر في الأرض، كما أنها صارت “قيِّماً” على أراضي الدولة المصرية، فلا يتم إجراء يخص الأراضي بغير إذن القوات المسلحة وموافقتها، فلها حق رفض الإجراء بشكل قانوني، أو تعطيله بشكل إداري وإجراءات بيروقراطية تنتهجها فروع إعداد الدولة للحرب بالمناطق العسكرية.

تتمثل هذه المرحة في إصدار قرار رئاسي ينظم “قواعد وشروط التصرف في الأراضي التي تخليها القوات المسلحة”، وهو القرار الذي أنشأ جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة الذي تعززت سلطاته بمرور الوقت، ليصبح ذراع الجيش الطولي في استثمار الأراضي، والذي انتقل في مرحلة لاحقة من مجرد جهاز مختص بالتصرف في الأراضي التي تخليها القوات المسلحة وبيعها عن طريق مزاد وإنشاء مدن عسكرية بديلة[59]، إلي جهاز يمول مشروعاته الاستثمارية والخدمية ذاتياً، ويقوم بتقسيم الأراضي وإمدادها بالمرافق وبيعها[60]، ثم أخيراً جهاز يحق له تأسيس الشركات بكافة صورها بمفرده أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي وفق ما تم في تعديل عام 2015[61]

تأتي المرحلة الثالثة، بعد عام 2013 والتي أطلقت يد القوات المسلحة في التصرف والتحكم بالأراضي المصرية وأكملت ما أسميناه “التركيم التكاملي” وفق تعديلات قانون البناء الموحد التي منحت الهيئة الهندسية أحقية التخطيط العمراني وإصدار التراخيص في الأراضي المخصصة أو المملوكة للقوات المسلحة والمشروعات القومية التي تقوم الهيئة بتنفيذها.

وفق هذه المراحل الثلاث، يعد مشروع العاصمة نموذجياً في تكامل المزايا واستثمار الصلاحيات، فالأرض ملك جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، شارك بها باعتبارها حصة عينية في مشروع العاصمة، ليشكل هو وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية نسبة 51% من أسهم المشروع عن طريق تأسيس شركة مساهمة تدير عمليات التخطيط والتنفيذ والتنمية، وتدير الحصص وفق قانون الاستثمار وتتمتع بمزايا لا محدودة.

شواهد الملكية

التملك فعل فطري مجبول عليه الناس، والملكية حق تحميه الدساتير، وتنظم شئونه القوانين، ويستدل عليه بمؤشرات عدة لا تقتصر على الجانب القانوني المستند لدلائل مادية من عقود أو قرارات أو أحكام، كما لا يقتصر على آليات التمكن الواقعي كالحيازة ووضع اليد، لكن الملكية مفهوم أوسع من ذلك وأعمق.

تأتي الدلالة الرمزية على وجود الملكية في منزلة أرفع من الدلالة المادية، فقد تكون مالكاً بالقانون وتنقصك الحيازة، وقد تكون مالكاً وحائزاً لكن يُنسب التملك بصورته المعنوية لغيرك، أما الدلالة الرمزية فتعني ظهورك الواضح في صورة صاحب الملك المهيمن على حياضه، المتصرف في شئونه، المرجع فيما يخصه من تصرفات.

نتناول هنا بعض الشواهد التي تدعم فكرة “الدلالة الرمزية على الملكية” التي تتمتع بها القوات المسلحة وتميزها عن غيرها فيما يخص العاصمة الإدارية.

أولاً: قرار التملك

قرار إنشاء العاصمة الإدارية اعتبر أرض القوات المسلحة حصة في الملكية، وبالرغم من دخوله ضمن أدلة الملكية المادية، إلا أنه يحمل إشارة رمزية مؤثرة إلي حدٍ كبير في علاقة القوات المسلحة بالمشروع وتبنيه، إضافة لذلك فإن استئثار القوات المسلحة في شركة العاصمة بحصة الأغلبية 51% عززت من تلك الرمزية، فوفق المستقر في العرف الشعبي والتراث الإنساني العام، يعد اجتماع “تملك الأرض مع أغلبية القرار” دليل التمكن من الملكية ومعلماً على أصليتها.

ثانياً: اسم وشعار “للعاصمة”

يُعَد الاسم والشعار من أقوى دلالات الرمزية وشواهدها، فكما أن المولود لا يسميه إلا والداه أو من له رمزية الولاية عليه، فالمشروع أيضاً يسميه ملاكه أصحاب رمزية الولاية عليه، وتسمية المدن ورسم شعاراتها أمور يتم اختيارها بعناية وفق هويتها وخطها الحضاري، لا سيما مشاريع المدن محط النظر كالعاصمة الإدارية، وكثيراً ما تقوم الدول بالإعلان عن مسابقات يشارك فيها المجتمع وأهل الفنون المختلفة في اختيار الاسم و “اللوجو” والهوية البصرية لتلك المدن.

في ضوء ذلك، أعلن الحساب الرسمي للمتحدث العسكري للقوات المسلحة عن مسابقة لاختيار اسم وشعار للعاصمة، ورد ضمن نصه “في إطار حرص القوات المسلحة على الاستفادة من إبداعات أبناء الشعب المصري في المشروعات القومية التي تشرف (يعني القوات المسلحة) على تنفيذها، وفى إطار الاستعدادات لافتتاح العاصمة الإدارية الجديدة، قامت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتنظيم مسابقة يشارك بها كافة أبناء الشعب المصري العظيم للاشتراك بالأفكار والمقترحات لاختيار اسم للمدينة وصياغة جملة دعائية بالإضافة إلى تصميم شعار مبتكر وهوية بصرية مميزة تعكس رؤية الدولة…”[62]

في ذات السياق، نظمت الهيئة الهندسية مسابقة لتصميم جدارية “مدينة مصر للألعاب الأولمبية بالعاصمة الإدارية” وأعلنت عن الفائزين الذين انفردت بتحكيم واختيار تصميماتهم، وهو عمل يدخل في نطاق اختصاص وزارة الشباب والرياضة أو اللجنة الأولمبية[63]

في المثالين دلالة واضحة على جهة الملكية الرمزية للمشروع والتي تستأثر ليس بالتنفيذ فحسب بل بالتسمية وتصميم الهوية البصرية، وصناعة النسق الحضاري العام.

ثالثاً: زيارات ميدانية

الزيارات التي تنظمها القوات المسلحة للعاصمة، وتدعو إليها بين الحين والآخر، تعزز أيضاً من الشواهد الرمزية للملكية، شعور المالك الذي يحرص على شرح إنجازاته ومدي أهميتها يتأكد عند مطالعة التغطية الإعلامية لتلك الزيارات، حيث لا يجد المتابع صعوبة في تبين عوامل الإلحاح على ترسيخ تلك الرمزية.

نظمت القوات المسلحة زيارة للملحقين العسكريين العرب والأجانب المعتمدين بسفارات بلادهم في مصر، تضمن خبر التغطية “الموحد” الجمل التالية: “وذلك في إطار المشاهدة الميدانية للمشروعات التنموية العملاقة التي تشرف على تنفيذها القوات المسلحة بالتعاون مع كافة أجهزة ومؤسسات الدولة ويتم تنفيذها بالسواعد المصرية” كما تضمن “ووجه الملحقين العسكريين، خلال جولتهم التفقدية للعاصمة الإدارية الجديدة، الشكر والتقدير للقوات المسلحة لما تبذله، من جهود للانتهاء من المشروع في أوقات قياسية وبمعايير الجودة العالمية”[64]

زيارات أخرى نظمتها قوات الدفاع الشعبي التابعة للقوات المسلحة، بالتعاون مع إدارات الجامعات المختلفة، وكانت التغطية أيضاً موحدة تتضمن الجمل التالية “وجاء ذلك بالتعاون مع قوات الدفاع الشعبي والعسكري لتطبيق استراتيجية الدولة في مشاركة شباب الجامعات والتعرف على المشروعات القومية وتنمية روح الولاء والانتماء لدي الشباب المصري”[65]، وفي تغطية أخرى “وقد كان في استقبال الوفد كلا من اللواء أركان حرب مهندس مساعد رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وعدد من الضباط المسؤولين عن تنفيذ المشروعات التي تتم داخل العاصمة الإدارية وتهدف الزيارة إلي تنمية روح الولاء والانتماء وتوعية شباب الجامعات بالمشروعات القومية التي تقوم بها الدولة علي كافة الاتجاهات، وفي ختام الزيارة تم تبادل الدروع وتوجه طارق كمال، مدير إدارة إعداد القادة بالشكر للواء أركان حرب مهندس مساعد رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالنيابة عن رئيس الجامعة ونائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب”[66]، ويأتي ذلك ضمن أجواء أداء التحية العسكرية والتقاط الصور التذكارية مع القادة العسكريين المضيفين لتلك الزيارات، ما يوحي بظلال الرمزية التي يراد ترسيخها وتوجيهها دون حاجة لكثير كلام.

رابعاً: أسماء عسكرية

إطلاق الأسماء على الشوارع والمباني الهامة يتضمن أيضاً دلالات رمزية، في هذا السياق أعلن رئيس قطاع الخدمات بشركة العاصمة اللواء “عادل الزميتي” عن إنشاء سبعة مساجد جديدة بالعاصمة وإطلاق أسماء شهداء القوات المسلحة عليها[67]، دلائل رمزية أخرى تتمثل في حفر أسماء شهداء القوات المسلحة على النصب التذكاري بالعاصمة، وزراعة 100 شجرة زيتون بأسماء شهداء القوات المسلحة والشرطة بمحيط مسجد وكاتدرائية العاصمة[68]، إضافة لمقترحات تسمية الشوارع الرئيسية وغيرها بأسماء شهداء وقادة القوات المسلحة.

هذه بعض الشواهد الرمزية التي تشير بجلاء لرغبة المالك في ترسيخ شواهد ملكيته، كما يستطيع المتابع تبين عدد من الشواهد الأخرى تمت في هذا السياق.

الخلاصة

في أربعة محاور، قدم البحث مجموعة من الخلاصات الهامة، التي تشير بجلاء لجهة الملكية الحقيقية للعاصمة، مدعومة بقراءات للنص القانوني وسياقاته العامة، ما يصنع بانوراما حية عن كواليس القرارات الحكومية بشأن العاصمة في التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ، مروراً بالتفضيلات الحكومية في اختيار الموقع والشكل القانوني والشخصيات المعنية بالإدارة، وصناعة الهوية البصرية والخط الحضاري.

أوضح البحث أيضاً عوامل الارتباك والتضارب الحكومي في بدايات الإعلان عن مشروع العاصمة، وكيف تحول فيما بعد لمشروع يتسم بالصبغة العسكرية، ما سهل طرق الاستفادة من التشريعات التي خلقت الفرص والمزايا وسيل الإعفاءات التي لا ينبغي أن تجتمع في إطار واحد، ومن ثم إلقاء الضوء على ما يمكن اعتباره “محاباة حكومية” للمشروع.

في جانب آخر من البحث، يلفت الباحث النظر لمجموعة من الأفكار الهامة، يأتي في مقدمتها ما أسماه “تركيم المزايا العسكرية” ومهارة القوات المسلحة المصرية في استثمار الفرص وتكاملها، كما أشار لفكرة “الملكية الرمزية” وكيف كانت أمور كالتسمية والشعار والهوية البصرية في حقيقتها دلالة على ما يفوق الشواهد المادية والقانونية للملكية.

في الأخير، فإن مشروع العاصمة نموذج واضح للنظم العسكرية عندما تتولي الحكم، وكيف تستغل ثقل وظيفتها الدستورية في إدارة المخصصات وتأمين المزايا وهروب الثروات من العام للخاص، ومن ثم توسع أدوات القوة على حساب العمل المؤسسي، في ظل مهارة القوات المسلحة وخبرتها الطويلة في “تسييل أدوار الدولة” وإفراغها في قنوات أخرى ينتقل بها النظام من وظيفته الأساسية في حماية الثروات المملوكة للشعب إلي أدوار السمسرة والوساطة والشراكة وحماية النفوذ الخاص لشخصيات الحكم وتحالفاته.

في مواضع أخرى يوضح  البحث عمق الزيف الذي تمارسه طبقات الحكم عبر تصريحات عدم تحمل الدولة كلفة إنشاء العاصمة، ومدي الوهم الكامن في أحاديث الجمهورية الجديدة القادرة على تدبير التمويل وتحول الدولة لنظم الحوكمة الشفافة وتقنيات الجيل الخامس.

كما تجمع العاصمة مزيجاً من القرارات المتضاربة والأعمال المتناقضة، ففي الوقت الذي يتراجع فيه النظام عن فكرة استقلالية العاصمة ويضمها لحدود محافظة القاهرة[69]، لا زالت بوابات سداد الرسوم تعمل في الاتجاهين بينهما، ثم في سياقٍ موازٍ غير مفهوم يسمي الطريق الرئيس الواصل بينهما باسم الشيخ محمد بن زايد!

وفي الوقت الذي يقرر مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية طرحها في البورصة لتنمية استثماراتها[70]، تقترض الدولة مليارات الدولارات لتوصيل مرافقها، كما تمنحها رغم قلة ساكنيها وضآلة مساحتها 6% من مياه النيل، ثم في المقابل تأتي مطالبات الشركة للدولة بسداد قيمة الإيجارات لمباني الوزارات والدواوين الحكومية بالعاصمة.

في المجمل فمشروع العاصمة ضم أموراً لا يجمعها سياق، ولا يربط بينها رابط، ولا يستوعبها منطق سليم، تمثلت في صنع مدينة يملكها الجيش وتتحمل كلفتها الدولة ويفصلها عن الشعب سور.


الهامش

[1] “قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن الانتقال إلي العاصمة الإدارية الجديدة يساهم في تأسيس جمهورية تسودها قيم العدل وتكافؤ الفرص”، RT، 24/6/2022 في: https://1bestlinks.net/pJwyr

[2] سحر زهران، “عقب اجتماع مجلس الوزراء محلب: عاصمة إدارية جديدة على طريق السويس الصحراوي”، الأهرام، 17/7/2014، في: https://1bestlinks.net/Jblwl

[3] قرار رئيس الجمهورية رقم 123 لسنة 1978 “بتخصيص الأراضي اللازمة لإنشاء مدينة السادات”، الجريدة الرسمية، العدد (12)، 23 مارس 1978

[4] مصطفي محيي، “العاصمة الإدارية..حل لمشاكل القاهرة أم هروب منها؟”، مدي مصر، 18/8/2014 في:  https://1bestlinks.net/uHxEK

[5] أيمن حمزة، “وزير الإسكان: العاصمة الإدارية لن تكلف الدولة “مليماً”، المصري اليوم، 29/9/2014 في: https://1bestlinks.net/IlnPW

[6] “محمد بن راشد والسيسي يطلعان على مجسم مشروع بناء العاصمة الادارية الجديدة لمصر”، مقطع فيديو، قناة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بموقع اليوتيوب، 15/3/2015 في:  https://1bestlinks.net/izPhN

[7] انعقد المؤتمر –حسب تقرير الهيئة العامة للاستعلامات- استجابة لمبادرة الملك السعودي “عبد الله بن عبد العزيز” الداعمة لثورة 30 يونيو، “مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري 13 – 15 مارس 2016” الهيئة العامة للاستعلامات، 20/5/2016 في: https://1bestlinks.net/VEFqw

[8] عزت ابرهيم، “محمد العبار يتحدث إلي الأهرام بعد التوقيع على مشروع العاصمة الجديدة: التخطيط لكايو كابيتال استقرق 4 شهور.. وسنبدأ العمل فوراً”، الأهرام، 15/3/2015 في: https://1bestlinks.net/bqpIT

[9] “شارع يحمل اسم محمد بن زايد يربط المدينة الجديدة بالقاهرة، محمد بن راشد والسيسي يشهدان توقيع “العاصمة الإدارية”، البيان، 15/3/2015 في: https://1bestlinks.net/kcceh

[10] محمد بوهريد، “إعمار الإماراتية تنفي مشاركتها في بناء العاصمة الجديدة لمصر”، العربي الجديد، 16/3/2015، في: https://1bestlinks.net/FAYwc

[11] آدم مهران، “إجمالي تكلفة المشروع يزيد على الـ 300 مليار دولار العبار للـ”بيان”: ورشة عمل “العاصمة” تنطلق خلال أسابيع”، البيان، 16/3/2015، في: https://1bestlinks.net/hpigG

[12] سهر هاني، “كابيتال سيتي – منفذ العاصمة الجديدة .. شركة تستثمر في 7 أضعاف مساحة باريس”، مصراوي، 18/3/2015، في: https://1bestlinks.net/OuPlX

[13] انعقدت الجلسة الأولي للبرلمان في 11 يناير 2016.

[14] القرار الجمهوري رقم 57 لسنة 2016، الجريدة الرسمية، العدد(5) مكرر، 8 فبراير 2016.

[15] نصت المادة على “تعتبر الأراضي الواقعة جنوب طريق القاهرة / السويس البالغ مساحتها (166645) فداناً شرق الطريق الدائري الإقليمي، (17571) فداناً غرب الطريق الدائري الإقليمي والمبينة الحدود والإحداثيات بالخريطة المرفقة المخصصة لصالح جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة واللازمة لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني من مناطق إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة لأحكام القانونين رقمي 59 لسنة 1979، 7 لسنة 1991).

[16] نصت المادة الثانية علي “تؤسس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة شركة مساهمة مصرية تتولي تخطيط وإنشاء وتنمية العاصمة الإدارية وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني وتكون قيمة الأراضي المشار إليها في المادة السابقة من حصة جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة في رأسمالها بعد تقدير قيمتها بالاتفاق مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية”.

[17] القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، الجريدة الرسمية، العدد (35) مكرر، 31 أغسطس 1981.

[18] يقصد بالزمام تبعاً لقانون الأراضي الصحراوية “حد الأراضي التي تمت مساحتها مساحة تفصيلية وحصرت في سجلات المساحة وفي سجلات المكلفات وخضعت للضريبة العقارية على الأطيان، وبالنسبة للمحافظات الصحراوية يعتبر زماماً كردون المدن والقري القائمة في تاريخ العمل بهذا القانون والتي تقام مستقبلاً حتي مسافة كيلومترين”.

[19] د. أحمد ضياء الدين، “الإحصاء: 6.8% إجمالي المساحة المأهولة بالسكان في مصر”، أخبار اليوم، 2/5/2022، في: https://1bestlinks.net/YVteG

[20] قانون أملاك الدولة الخاصة رقم 7 لسنة 1991، الجريدة الرسمية، العدد (10) مكرر، 13مارس 1991.

[21] صدر بتحديدها أكثر من قرار أبرزهم قرار رئيس الجمهورية رقم 152 لسنة 2001 بشأن تحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية من الأراضي الصحراوية والقواعد الخاصة بها، الجريدة الرسمية، العدد (22)، 31 مايو 2001.

[22] حدد قانون الأراضي الصحراوية تلك الهيئات “الهيئة العامة لمشروعات التعمير وتقوم بمهمة استصلاح الأراضي، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة” وأضيفت بقانون الأملاك الخاصة للدولة وتعديلاته الهيئة العامة للتنمية السياحية والهيئة العامة للتنمية الصناعية.

[23] قرار رئيس الجمهورية رقم 531 لسنة 1981 “بشأن قواعد وشروط التصرف في الأراضي التي تخليها القوات المسلحة وتخصيص عائدها لإنشاء مدن ومناطق عسكرية بديلة”، الجريدة الرسمية، العدد (42)، 15 أكتوبر 1981.

[24] تأسس جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بقرار رئيس الجمهورية رقم 224 لسنة 1982، الجريدة الرسمية، العدد (21)، 27 مايو 1982.

[25] قانون البناء رقم 119 لسنة 2008، الجريدة الرسمية، العدد (19) مكرر (أ)، 11 مايو 2008.

[26] القانون 23 لسنة 2015 بتعديل قانون البناء، الجريدة الرسمية، العدد (16) مكرر(ب)، 20 أبريل 2015″ حيث أضاف جهة رابعة لجهات التخطيط الواردة بقانون البناء وهي “الهيئة الهندسية للقوات المسلحة” التي اختصت حسب التعديل بتخطيط وإصدار التراخيص للمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية ولأراضي المخصصة أو المملوكة للقوات المسلحة والمشروعات القومية التي تقوم بتنفيذها بناء على قرار رئيس الوزراء

ينظر: عباس قباري “الهيئة الهندسية والمشروعات القومية – تحصين وتمكين”، المعهد المصري للدراسات، 20/4/2021، في: https://1bestlinks.net/fRwtP

[27] قانون رقم 59 لسنة 1979 “في شأن إنشاء هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة”، الجريدة الرسمية، العدد (48)، 29 نوفمبر 1979.

[28] قرار وزير الإسكان رقم 150 لسنة 2016، الصفحة الرسمية لوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، 21/2/2016 في: https://1bestlinks.net/QafGd

[29] نصت المادة الثانية من قانون الهيئة على “يكون إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وفقاً لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، وتنشأ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة طبقاً لأحكام الباب الثاني من  هذا القانون وتكون – دون غيرها – جهاز الدولة المسئول عن إنشاء هذه المجتمعات العمرانية ويعبر عنها في هذا القانون ” بالهيئة”

[30] نصت المادة 7 على “تتولي الهيئة اختيار المواقع اللازمة لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وإعداد التخطيطات العامة والتفصيلية لها، وذلك طبقاً لخطة الدولة …”

[31] نصت المادة 9 على “يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة المجلس بتخصيص الأراضي المملوكة للدولة التي يقع عليها الاختيار لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والطرق الموصلة إليها(…)وذلك بغير مقابل …”

[32] نصت المادة 50 من القانون على “يصدر قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح الجهة التي تتبعها الهيئ بتسليم ما ينشأ من مجتمعات عمرانية جديدة بعد استكمال مقوماتها ومرافقها الأساسية إلي وحدات الحكم المحلي لتباشر اختصاصاتها وفقا للقانون المنظم للحكم المحلي ويحدد القرار الصادر طبقا للفقرة السابقة حقوق والتزامات كل من الهيئة والوحدة المحلية”.

[33] القانون رقم 8 لسنة 1997، الجريدة الرسمية، العدد (19) مكرر، 11 مايو 1997.

[34] “تأسيس شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمانية برأسمال 6 مليارات جنيه” البورصة، 9/5/2016،في: https://1bestlinks.net/xVfyo

[35] وردت تلك النسب في صفحة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية في موقع LinkedIn، في: https://cutt.us/Az0PQ

[36] في فترة لاحقة على التأسيس تم تعيين اللواء أحمد زكي عابدين رئيساً لمجلس إدارة الشركة العاصمة، وسبق تعيينه وزيراً للتنمية المحلية.

[37] قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، الجريدة الرسمية، العدد (19) مكرر، 11 مايو 1997.

[38] مصطفي أحمد “السيسي: شركة العاصمة الإدارية تريد تأجير الحي الحكومي بـ 4 مليارات جنيه”، أخبار اليوم، 6/7/2022، في: https://1bestlinks.net/jluDd

[39] محمد درويش، بدوي شلبي، “العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية حققت أرباحاً في أول عامين لتأسيسيها”، البورصة، 27/3/2019، في: https://1bestlinks.net/DZHWa

[40] “شركة العاصمة تتولي تطوير وتسويق مباني الوزارات القديمة”، العقارية، 22/10/2017، في: https://1bestlinks.net/auaqD

[41] صفوت سليم، “بعد توجيه السيسي: كل ما تريد معرفته عن الحي الدبلوماسي”، الوفد، 24/11/2020، في: https://1bestlinks.net/UGLwX

[42] مروة حمدان “زكي عابدين: العاصمة الإدارية تحقق أعلي عوائد استثمارية عن مبيعات الأراضي..وتعتزم الطرح في البورصة خلال عامين”، الوطن، 5/3/2022، في: https://1bestlinks.net/lYKPE

[43] إسلام سعيد “من أين تمول مشروعات العاصمة الإدارية؟”، اليوم السابع، 12/11/2021، في: https://1bestlinks.net/mDuHo

[44] المستشار محمد حامد الجمل “حول تمويل المشروعات القومية”، الوفد، 19/10/2018، في: https://1bestlinks.net/REgWK

[45] محمد غايات “رئيس الوزراء يوجه بسرعة توفير التمويل لاستكمال المشروعات القومية”، مصراوي، 6/6/2022، في: https://1bestlinks.net/JyYOc

[46] محمد مجدي “الوزراء: مشروعات الهيئة الهندسية للجيش بالعاصمة الإدارية “قومية”، الوطن، 20/6/2018 في: https://1bestlinks.net/Bfudw، القرار رقم 24 لسنة 2018 باعتبار مشروعات الهيئة الهندسية بالعاصمة الإدارية مشروعات قومية في تطبيق أحكام قانون البناء، الجريدة الرسمية، العدد 23 مكرر(د) في 13 يونيه 2018.

[47] القرار رقم 23 لسنة 2015، الجريدة الرسمية، العدد 16 مكرر(ب) في 20 أبريل 2015.

[48] قرار رقم 45 لسنة 2020 باعتبار مشروع مأخذ وخطوط المياه العكرة من نهر النيل إلي العاصمة الإدارية بطاقة مليون ونصف المليون م3 من مشروعات المنفعة العامة، الجريدة الرسمية، العدد رقم 51 في 17 ديسمبر 2020

[49] “إنشاء محطة كهرباء العاصمة”، موقع رئاسة الجمهورية، يوليو 2018، في: https://1bestlinks.net/qSQof

[50] “شاكر: اتفاقية مع “سيمنز” لإنشاء ثلاث محطات بقدرة 14 ألف ميجاوات”، أخبارك، ديسمبر 2015، في: https://1bestlinks.net/CSJXZ

[51] محمد فرج “الكهرباء تسدد أول قسط من قرض محطات “سيمنس” الشهر الجاري”، البورصة، 5/1/2019، في: https://1bestlinks.net/lrqpZ

[52] قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 127 لسنة 2015 “بالترخيص لأشخاص القانون العام بتأسيس شركات مساهمة”، الجريدة الرسمية، العدد رقم (52) مكرر(هـ) في 29 ديسمبر 2015.

[53] قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017، الجريدة الرسمية، العدد (21) مكرر (ج)، 31 مايو 2017.

[54] شملت الحوافز قسماً آخر يخصم له نسبة 30% يضم مشروعات أخرى في غير هذه المناطق الجغرافية تتصف ببعض المواصفات التي حددها القانون ولائحته التنفيذية.

[55] قرار رئيس الوزراء رقم 2467 لسنة 2020 ” بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار”، الجريدة الرسمية، العدد (48) تابع (أ)، 26 نوفمبر 2020.

[56] عفاف عمار “الإسكان تبدأ مشروع نقل مياه نهر النيل إلي العاصمة الإدارية بطاقة 1.5 مليون متر مكعب في اليوم”، الشروق، 24/11/2019 في: https://1bestlinks.net/ECAXu

[57] أحمد حسن “القابضة للمياه: ننتج 25.5 مليون متر من مياه الشرب يومياً وجودة الخدمة أولويتنا”، اليوم السابع، 14/4/2022، في: https://1bestlinks.net/lJVMJ

[58] يقصد الباحث بمصطلح تركيم “تعمد إحداث التراكم في المزايا المختلفة التي حصلت عليها المؤسسة العسكرية والتجهيز الدائم للاستفادة من الفرص”

[59] قرار رئيس الوزراء رقم 31 لسنة 1981 “بشأن قواعد وشروط التصرف في الأراضي والعقارات التي تخليها القوات المسلحة”، الوقائع المصرية، العدد (19)، 24 يناير 1982.

[60] القرار الجمهوري رقم 245 لسنة 1990 “بشأن القواعد المنظمة للصرف من حصيلة بيع وإيجار العقارات التي تخليها القوات المسلحة”، الجريدة الرسمية العدد (23) في 7 يونيه 1990.

[61] قرار رئيس الجمهورية رقم 446 لسنة 2015 “بتعديل بعض أحكام رئيس الجمهورية رقم 531 لسنة 1981″، الجريدة الرسمية، العدد (48) مكرر (ب)، 29 نوفمبر 2015، نصت المادة الأولي على “…وله في سبيل ذلك تأسيس الشركات بكافة صورها سواء بمفرده أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي”.

[62] المتحدث العسكري، “الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تنظم مسابقة لاختيار إسم وجملة دعائية وتصميم وشعار وهوية بصرية للعاصمة الإدارية الجديدة” الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة بموقع الفيسبوك، 24/10/2021، في: https://1bestlinks.net/RhrEL

[63] زكي القاضي، “الهيئة الهندسية تعلن أسماء الفائزين بمسابقة اختيار جدارية مدينة مصر للألعاب الأوليمبية”، اليوم السابع، 1/11/2021، في: https://1bestlinks.net/RQkIM

[64] محمد مجدي، “القوات المسلحة تنظم زيارة للملحقين العسكريين للعاصمة الإدارية الجديدة” الوطن، 6/9/2021، في: https://1bestlinks.net/gzaiH

[65] محمد كامل “طلاب جامعة عين شمس في زيارة للعاصمة الإدارية الجديدة”، المصري اليوم، 13/4/2021، في: https://1bestlinks.net/wgCeJ

[66]   وفد من طلاب جامعة المنوفية في زيارة إلي العاصمة الإدارية”، الموقع الرسمي لجامعة المنوفية، 6/6/2022‘ في: https://1bestlinks.net/GqFhs

[67] محمد زكريا “إطلاق أسماء شهداء القوات المسلحة على 7 مساجد جديدة بالعاصمة الإدارية”، القاهرة 24‘ 10/6/2022 في: https://1bestlinks.net/psAmY

[68] “حواء تطلق مبادرتها بالعاصمة الإدارية الجديدة..”شجرة الشهيد”، مجلة حواء، 7/11/2018، في: https://1bestlinks.net/ntXgo

[69] قرار رئيس الجمهورية  رقم 314 لسنة 2022، تعديل الحد الإداري الشرقي لمحافظة القاهرة، الجريدة الرسمية، العدد (27) مكرر(أ)، 8 يوليو 2022.

[70] “العاصمة الإدارية.. نحو أكبر طرح عام في تاريخ البورصة المصرية”، العربية، 16/8/2021، في: https://1bestlinks.net/ZUWXy–

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close