fbpx
سياسةتحليلات

قراءة قانونية في قرار إلغاء قانون الطوارئ

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تقدمة

هلل الإعلام المصري لقرار النظام المصري بإلغاء قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 وتعديلاته التي كان آخرها الصادر بتاريخ 6 مايو بالقانون 22 لسنة 2020، وفرح الكثيرون من الذين يعطون آذانهم للإعلام المصري وأملهم أن يحقق إلغاء القانون شيئا من العدالة والحرية وحقوق الإنسان، والحقيقة في هذا الشأن مُرّة بل علقم. 

وبعد دراستي لقانون الطوارئ وتعديلاته، وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015 وتعديلاته التي كان آخرها بتاريخ 3 مارس 2020 بالقانون 14 لسنة 2020، وقانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 وتعديلاته التي كان آخرها بتاريخ 3 مارس 2020  بالقانون رقم 15 لسنة 2020، وقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي 149 لسنة 2019 [1] يمكنني الوصول لحقيقة الأمر من خلال دراسة المقصود بحالة الطوارئ وأنوعها وشروط فرضها والمقارنة بين حالة الطوارئ في الدول المتقدمة وحالة الطوارئ عندنا، ثم النتيجة الحقيقية لإلغاء حالة الطوارئ في مصر.

ماذا تعني حالة الطوارئ؟

ورد لتعريف حالة الطوارئ تعريفات عدة، أختار منها هذا التعريف الذي أراه موفيا لحالة الطوارئ موضع الدراسة، هي “نظام قانوني يتقرر بمقتضى قوانين دستورية عاجلة، لحماية المصالح الوطنية، ولا يلجأ إليه إلا بصفة استثنائية ومؤقتة لمواجهة الظروف الطارئة التي تقصر عنها الأداة الحكومية الشرعية، وينتهي بانتهاء مبرراته ومسوغاته”[2]

وفق هذا التعريف تقوم الأنظمة بفرض حالة الطوارئ في الظروف الاستثنائية سواء كانت هذه الظروف طبيعية ناتجة عن كوراث لا يتدخل في صنعها البشر مثل الزلازل والبراكين والأعاصير والأوبئة والجوائح، أو كانت من صنع البشر مثل الحروب أو الثورات أو النزاعات المسلحة أو الانقلابات العسكرية أو الاضطرابات الداخلية أو غيرها، ويفترض أنها حالة مؤقتة تنتهي بانتهاء الظرف الاستثنائي أو زوال أسبابه، ولا يجب أن تمتد لأي سبب غير ما وضعت له، وفي الأنظمة الحرة والدول الديمقراطية لا يسمح بفرض حالة الطوارئ إلا بمبرر حقيقي تقوم الجهات التشريعية والرقابية بتقدير الموقف له وتسمح بإصدار قرار حالة الطوارئ أو بمده أو لا تسمح بإصداره أو بمده إذا لم يكن السبب مقنعا لها، وترضخ السلطة التنفيذية لقرار السلطات التشريعية والرقابية والقضائية إذا لزم الأمر، أما في الأنظمة المستبدة والبلدان المستعبدة فتستطيع السلطة التنفيذية فرض حالة الطوارئ وقتما تشاء وبشكل قانوني تقدمه السلطات التشريعية والرقابية على طبق من ألماس للسلطة التنفيذية ولا تهتم السلطة التشريعية والرقابية ولا تستطيع تقدير الحالة وأيضا، ولا تستطيع تقرير أو الموافقة على إصدار قانون حالة الطوارئ أو حتى تمديده أو رفعه، وإنما هي أداة طيعة في يد من أتى بها، وما حالة مصر بخافية على أحد سواء تغول السلطة التنفيذية في صورة رأس النظام، وخوار وتخرف السلطة التشريعية واستسلامها بشكل كامل لقرارات وأوامر السلطة التنفيذية التي هي في صورة شخص واحد. 

إذا الهدف من فرض حالة الطوارئ هو تمكين السلطة التنفيذية من مواجهة الظروف الاستثنائية التي لا يستطيعون مواجهتها في ظل الأطر القانونية العادية، وهذا التمكين يتم وفق قانون خاص وفقا للدستور منضبطا بضوابط أهمها الرقابة التشريعية والقضائية.

  • أنواع حالات الطوارئ: [3] تتنوع حالات الطوارئ حسب السبب، وحسب الشمول كما يلي:
  • حالات الطوارئ العسكرية وتنشأ عن الحروب بين الدولة ودول أخرى، ويتم إلغاء المحاكم المدنية والإجراءات المدنية وتحويلها إلى السلطة العسكرية وتستمر حتى انتهاء حالة الحرب.
  • حالة الطوارئ السياسية وتحدث عندما تتعرض الدولة إلى حالة طارئة تشكل خطرا يهدد كيان الدولة وسلامتها مثل الاضطرابات الداخلية العصيان المسلح والكوارث الطبيعية والوباء الصحي وغيرها من غير الحروب.
  • حالة الطوارئ الصورية، وتقرر كسبب أو ذريعة لمنع الحقوق والحريات للمواطنين التي يكفلها الدستور الوطني أو القانون الأساسي للدولة.
  • حالة الطوارئ الكلية وتفرض على جميع أنحاء البلاد عند توفر أسبابها.
  • حالة الطوارئ الجزئية وتفرض على إقليم أو بعض أقاليم الدولة التي تقع  بها الظروف غير الطبيعية.
  • شروط وضوابط إصدار حالة الطوارئ: يشترط لفرض حالة الطوارئ وفق الأعراف الدولية والقانونية ما يلي:
  • وقوع أحداث استثنائية طارئة، مثل الحروب أو الفيضانات أو الزلازل وأمثالها.
  • أن تهدد هذه الأحداث الطارئة المصالح العامة للدولة.
  • عدم كفاية القوانين العادية لمواجهة الأحداث الاستثنائية الطارئة.
  • بيان الحالة التي توجب فرض حالة الطوارئ.
  • تحديد المنطقة الخاضعة لحالة الطوارئ.
  • تحديد مدة حالة الطوارئ والتي تنتهي بنهايتها حالة الطوارئ.

مقارنة حالات الطوارئ في مصر وبعض الدول الأخرى

سأقوم بعرض أهم النقاط الحاكمة لقوانين حالة الطوارئ في بعض البلاد المتقدمة لمقارنتها بحالة الطوارئ في مصر، وذلك لأنها بلاد ديمقراطية تحترم الحريات وحقوق الإنسان، أما بلدان العالم الثالث فحالة الطوارئ فيها مستمرة معظم الوقت ولا يمكن المقارنة بها لافتقارها لأبسط قواعد الحريات والديمقراطية.

حالة الطوارئ في أمريكا

تم إقرار قانون حالة الطوارئ القومي عام 1976، كما تم إقرار قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية عام 1977، ويختص قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية بمنح الرئيس حق فرض عقوبات أو معاقبة الحكام المستبدين أو الإرهابيين أو منظمات أجنبية تضر بالمصالح الأميركي، ويتطلب إعلان قانون الطوارئ القومي أن يبلغ الرئيس الكونجرس بوجود أزمة طارئة تستدعي الإعلان عما يلزم للتعامل معها، ويفرض القانون على الرئيس أن يبلغ دورياً الكونجرس بمستجدات الأزمة التي استدعت فرض حالة الطوارئ.

ويمنح القانون الرئيس الأمريكي حق مواجهة حالات الأزمات الطارئة التي تمثل تهديدات كبرى بما يستدعي سرعة الحركة واتخاذ قرارات حاسمة، ويحق له أن يتجنب أي قيود أو حدود على قراراته المتعلقة بالتعامل مع الأزمات، وبموجب هذا القانون يصبح للرئيس حق التصرف مع أي أزمة كما يريد بدون أي قيود، لكن يشترط على الرئيس من أجل تفعيل هذا القانون إثبات وجود تهـديدات خطيرة غير طبيعية على الأمن القومي والمصالح الأمريكية.

ويحق للرئيس حال إثبات التهديدات الخطيرة غير الطبيعية أن يفرض حالة الطوارئ لمدة عام واحد، قابلة للتجديد، ولا يسمح الدستور الأميركي للرئيس بتجميد القوانين أو حل الكونجرس من أجل حالة الطوارئ.

وقد أعلن عدد من الرؤساء الأمريكيين حوالي 60 حالة طوارئ حتى الآن بداية من عام 1979

أولها كان إعلان الرئيس جيمي كارتر حالة الطوارئ بموجب القانون خلال أزمة الرهائن مع إيران لتجميد الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة، وقد أعلن أيضا الرئيس جورج بوش الابن حالة الطوارئ القومية عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

ثم أعلن الرئيس باراك أوباما حالة الطوارئ القومية بسبب انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير عام 2009.

وفي شهر مايو 2019 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة الطوارئ الوطني على مستوى بلاده بهدف حماية شبكات الاتصالات من التجسس الخارجي، وفي مارس 2020 أعلن أيضا الرئيس ترامب حالة الطوارئ لمواجهة جائحة كورونا.

حالة الطوارئ في إنجلترا

أو حالة طوارئ في إنجلترا كان قانون فيروس كورونا لعام 2020 هو قانون صادر عن برلمان المملكة المتحدة وحصل على الموافقة المَلكية في 25 مارس 2020، يمنح القانون الحكومة سلطة التعامل مع جائحة كوفيد-19 بالحد من أو تعليق التجمعات العامة واحتجاز الأفراد المشتبه في إصابتهم بكوفيد-19، تشمل المجالات التي يغطيها القانون الخدمات الصحية الوطنية والرعاية الاجتماعية والمدارس وشرطة الحدود والمجالس المحلية والجنازات والمحاكم.

مدة القانون سنتان يمكن تقصيرها أو تمديدها لمدة ستة أشهر حسب التقدير الوزاري، سيخضع القانون أيضاً للتجديد البرلماني كل ستة أشهر؛ بعد أن كان سيعاد إلى البرلمان لمناقشته بعد عام واحد من إصداره[4]

وقد طالب سياسيون من مختلف الأحزاب بما في ذلك المحافظين والديمقراطيين الليبراليين بمراجعة برلمانية دقيقة للقانون في البرلمان قبل إصداره، وكذا طلبت مجموعات مهتمة بحقوق الإنسان وحقوق المعاقين معاينة القانون عن قرب وأثارت قلقا بشأن آثاره المحتملة على حقوق الإنسان أثناء الجائحة كورونا أو بعدها.

وقد وصف بعض البريطانيين القانون بأنه أكبر انتهاك للحريات المدنية البريطانية ولم يسبق له مثيل على الإطلاق في زمن الحرب.

حالة الطوارئ في فرنسا:

 فرضت حالة الطوارئ في فرنسا بالقانون رقم 55- 385 بتاريخ 3/ 4 / 1955. وكانت الحالات التي طبق فيها القانون أولا خارج البلاد، 4 مرات في الجزائر كمستعمرة فرنسية، المرة الأولى مدة 3 أشهر من نهاية عام 1954 إلى بداية عام 1955، ثم الثانية عام 1958، والثالثة عام 1961، بينما كانت الرابعة عام 1984 في المستعمرة الفرنسية كاليدونيا الجديدة التي تقع في جنوب المحيط الهادي، إثر دعوة قادة إحدى حركات الاستقلال إلى انتفاضة ضد المستعمر الفرنسي.

ثم ثلاث مرات داخل حدود فرنسا، كانت المرة الأولى التي طبق فيها داخل حدود فرنسا كان من نوفمبر عام 2005 إلى يناير عام 2006 عقب أعمال عنف واضطرابات في ضواحي العاصمة باريس وامتدت لعدة مدن ومناطق أخرى.

والمرة الثانية لفرض حالة الطوارئ داخل حدود فرنسا كانت في نوفمبر 2015 عقب سلسلة الاعتداءات التي وصفت بالإرهابية في العاصمة باريس، حيث  قام الرئيس أولاند باجتماع مع مجلس الوزراء وقرر بعدها إعلان حالة الطوارئ في كل أرجاء فرنسا، وإعلان إعادة المراقبة على الحدود.

والمرة الثالثة لفرض حالة الطوارئ داخل حدود فرنسا في 24 مارس/آذار  2020 لمكافحة جائحة كورونا، حيث منحت حالة الطوارئ الحكومة لها سلطة تقييد الحريات المدنية بمرسوم صدر دون موافقة البرلمان، هذا المرسوم يجيز لها عند الاقتضاء وخلال فترة أقصاها أربعة أشهر فرض قيود على حركة النقل العام أو أن تحد من بعض التجمعات أو تمنعها بالكامل أو أن تغلق أبواب بعض المؤسسات أمام الجمهور.

ويلاقي  مشروع تمديد حالة الطوارئ استنكارا من بعض القانونيين  والمدافعين عن حقوق الإنسان في فرنسا، وكذلك يواجه انتقادات دولية متمثلة في الانتقادات الصادرة عن الأمم المتحدة والمجلس الأوروبي.

حالة الطوارئ في أستراليا

لرئيس الوزراء الأسترالي أن يعلن حالة الطوارئ حال وجود تهديد للعمل أو السلامة أو النظام العام، وذلك لمدة 30 يوماً، ويجوز إلغاؤها قبل هذه المدة بقرار من مجلس الشيوخ أو النواب، وبموجب قانون الحفاظ على السلامة العامة يمكن لرئيس مجلس الدولة القيام فوراً بأي لوائح مطلوبة لضمان النظام العام والسلامة العامة، ويجوز له بموجب القانون أن يُعمِل أو يحظر خدمات أساسية مثل النقل والوقود والماء والغاز وغيرها، حسب الحاجة لكنها تُلغى وتنتهي إذا لم يوافق البرلمان على استمرارها خلال 7 أيام[5].

وقد أعلنت حالة الطوارئ في نيو ساوث ويلز في ديسمبر 2019 لمواجهة حرائق الغابات التي اندلعت في الولاية، وفي مارس 2020 أعلنت الحكومة حالة الطوارئ لمواجهة جائحة كورونا، وتمنح حالة الطوارئ الحكومة سلطة إغلاق المدن، وفرض حظر التجوال والحجر الصحي، إذا اعتبر ذلك ضروريا لمواجهة الفيروس.

 حالة الطوارئ في ألمانيا

تم إصدار قانون التمكين  بتاريخ 24 /3 / 1933 وإعلان حالة الطوارئ في البلاد عقب احتراق مبنى البرلمان الألماني في  فبراير 1933، وتم تمرير القانون في البرلمان الذي أعطى هتلر سلطة تشريعية بدون قيود.[6]

وكذلك صادق البرلمان الألماني بالأغلبية الساحقة في 30 /5 / 1968 على قانون يسمح بإعلان حالة الطوارئ في بعض الحالات كتعرض البلاد لكارثة طبيعية، أو في حالات حدوث ظروف استثنائية أو حالة الحرب العسكرية، ويسمح قانون الطوارئ لكل من جهاز المخابرات الداخلية وجهاز المخابرات الخارجية الاطلاع على محتوى الرسائل والتصنت على المكالمات الهاتفية، إضافة إلى أن قانون الطوارئ يخول للسلطات التنفيذية حق إجبار القوى المدنية للعمل في المستشفيات العسكرية.

ويجيز القانون تقييد حقوق الحرية الشخصية، وحرية التعبير بما في ذلك حرية الصحافة، وحرية التنظيم والتجمع، وخصوصية الاتصالات بمختلف صورها، وكذا يجيز تفتيش المنازل، ومصادرة الممتلكات وفرض القيود على الممتلكات خارج حدود القانون.

المقارنة مع الحالة المصرية

بمقارنة قوانين حالة الطوارئ في البلدان المتقدمة السابق عرضها يتضح ما يلي:

  • كل الدول المتقدمة تفرض حالة الطوارئ عند حدوث أحداث حقيقية طارئة تمثل تهديدا حقيقيا للأمن القومي للدولة ومصالح الوطن.
  • تفرض حالة الطوارئ لمدة محددة بعضها لا يتجاوز 30 يوما مثل أستراليا، وبعضها لا يتعدى عاما واحدا مثل أمريكا.
  • لا يمكن فرض حالة الطوارئ دون موافقة البرلمان موافقة حقيقية ومن برلمان حقيقي وليس صوري مثل برلمانات معظم دول العالم النامي ومنها مصر.
  • تحظى حالات الطوارئ في الدول المتقدمة بمتابعات دقيقة وعن قرب لمنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، مما يمثل رقابة حقيقية لعدم تجاوز السلطات التنفيذية للحدود المخولة لها بنص القانون.
  • تحظى حالات الطوارئ في البلدان المتقدمة بقلق وخوف بالغين من قبل المتابعين والقانونيين وعموم الشعب من أن يتم استخدامه لتثبيت ديكتاتورية أو للاعتداء على حريات وحقوق الإنسان.
  • أما في حالة الطوارئ في مصر فمن نافلة القول بأن فرض حالة الطوارئ لا تحظى بالحدود الدنيا من المعايير الدولية الخاصة بحالات الطوارئ، لا من حيث الحالة التي تستدعي فرضها، ولا من الآليات الحقيقية لفرضها وإقرارها من البرلمان، لصورية البرلمان وخضوعه التام للسلطة التنفيذية والذي يأتمر بأمرها ولا يستطيع أن يخالف قرارا لها، لأنه جاء بمعرفتها، ولا من حيث أدوات الرقابة على إجراءات حالة الطوارئ، ولا من حيث الهدف منها، والذي غالبا ما يكون لتثبيت أركان الديكتاتورية وحمايتها من غضب الشعب وقمع المعارضين لها، ولا من حيث مدة فرضها وتجديدها، ولا من حيث اختراق المخول للسلطة التنفيذية بنصوصها.

فضلا عن أن إلغاء قانون الطوارئ الذي أثيرت له زفة وكأنه انتصار للحريات وحقوق الإنسان والحقيقة غير ذلك، حيث قد تم تفريغ قانون الطوارئ الملغى في هذين القانونين (الكيانات الإرهابية – مكافحة الإرهاب)، بل إن الموجود في هذين القانونين أشد مما كان في قانون الطوارئ سيئ السمعة، وبعد نهاية هذه الدراسة سيقول البعض “ولا يوم من أيامك يا قانون الطوارئ!!!!!”

وإليكم الأدلة بنصوص القوانين:

ينص قانون الطوارئ في مادته رقم 3 بنود أرقام 1، 2، 6، 13 على ما يلي:

1- وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور.

2- الأمر بمراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان.

6- إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة. ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة في الفقرة السابقة.

13- حظر الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات والاحتفالات وغيرها من أشكال التجمعات، وتقييد الاجتماعات الخاصة.

هذه الفقرات تم استبدالها بأضعافها من حيث الإجراء ومن يشمله الإجراء في خمس مواد كاملة في القانونين البديلين المذكورين سلفا، ففي قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015 وتعديلاته (علما بأن القانون قد توسع في توصيف الكيان الإرهابي والإرهابي بدرجة تجعل كل من تسول له نفسه معارضة النظام القائم إرهابيا)، في المادة 7 منه تنص على:

  • حظر الكيان الإرهابي، ووقف أنشطته.
  • غلق الأمكنة المخصصة له، وحظر اجتماعاته.
  • حظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
  • –       تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للكيان أو لأعضائه سواء كان يملكها الكيان بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة، والعائدات المتولدة منها، أو التي يتحكم فيها الكيان بشكل مباشر أو غير مباشر، والأموال أو الأصول الأخرى الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله.
  • حظر الانضمام إلى الكيان أو الدعوة إلى ذلك، أو الترويج له، أو رفع شعاراته.
  • سحب جواز السفر أو إلغاؤه أو منع إصدار جواز سفر جديد أو تجديده.
  • فقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية أو المحلية.
  • عدم التعيين أو التعاقد بالوظائف العامة أو بشركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، بحسب الأحوال.
  • الوقف عن العمل مع صرف نصف الأجر.
  • تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للإرهابي، سواء بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة، والعائدات المتولدة منها، أو التي يتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، والأموال أو الأصول الأخرى الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله.
  • حظر ممارسة جميع الأنشطة الأهلية أو الدعوية تحت أي مسمى.
  • –       حظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للإرهابي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وحظر تلقي الأموال أو تحويلها وكذا غيرها من الخدمات المالية المشابهة.
  • وقف العضوية في النقابات المهنية ومجالس إدارات الشركات والجمعيات والمؤسسات وأي كيان تساهم فيه الدولة أو المواطنون بنصيب ما ومجالس إدارات الأندية والاتحادات الرياضية وأي كيان مخصص للمنفعة العامة.

وكذلك المادة 8 مكرر من قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية التي تنص على:

“للنائب العام إذا توافرت معلومات أو دلائل جدية على وجود أموال ثابتة أو منقولة متحصله من أنشطة أي إرهابي أو كيان إرهابي مدرج أو غير مدرج على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، أو تستخدم في تمويله بأي صورة كانت أو في تمويل المنتسبين إليه أو المرتبطين به، أن يأمر بالتحفظ على هذه الأموال أو الأصول الأخرى ومنع مالكيها أو حائزيها من التصرف فيها..”

والمادة 46 من قانون مكافحة الإرهاب التي تنص على:

“للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال، في جريمة إرهابية أن تأذن بأمر مسبب لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، بمراقبة وتسجيل المحادثات والرسائل التي ترد على وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، وتسجيل وتصوير ما يجري في الأماكن الخاصة أو عبر شبكات الاتصال أو المعلومات أو المواقع الإلكترونية وما يدون فيها، وضبط المكاتبات والرسائل العادية أو الإلكترونية والمطبوعات والطرود والبرقيات بجميع أنواعها”

والمادة 47 من قانون مكافحة الإرهاب التي تنص على: “وللسلطات المختصة اتخاذ التدابير التحفظية اللازمة، بما في ذلك تجميد الأموال أو الأصول الأخرى، والمنع من التصرف فيها أو إدارتها، أو المنع من السفر، على أن تلتزم بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها في المواد المذكورة بالفقرة الأولى من هذه المادة.”

والمادة 49 من قانون مكافحة الإرهاب التي تنص على: “للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال، في الجرائم المنصوص عليها بالمواد (12، 15، 19، 22) من هذا القانون، أن تصدر أمراً مؤقتاً بغلق المقار، والأماكن، والمساكن، ومحال الإيواء على أن يصدر القرار من رئيس نيابة على الأقل، وتعتبر الأمتعة والأثاث المضبوط فيها في حكم الأشياء المحجوز عليها إدارياً بمجرد ضبطها حتى يفصل في الدعوى نهائياً، وتسلم بعد جردها وإثباتها في محضر إلى حارس يكلف بحراسة الأختام الموضوعة على المقر أو المكان أو المحل أو المسكن المغلق، ..”

والمادة رقم 53 من قانون مكافحة الإرهاب التي تنص على: “لرئيس الجمهورية، متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية أو ترتب عليها كوارث بيئية، أن يصدر قراراً باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، بما في ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، على أن يتضمن القرار تحديد المنطقة المطبق عليها لمدة لا تجاوز ستة أشهر.

وينص قانون الطوارئ في مادة 3 مكرر “ب”: لمأموري الضبط القضائي متى أعلنت حالة الطوارئ التحفظ على كل من توافرت في شأنه دلائل على ارتكابه جناية أو جنحة وعلى ما قد يحوزه بنفسه أو في مسكنه وكافة الأماكن التي يشتبه إخفائه فيها أي مواد خطرة أو متفجرة أو أسلحة أو ذخائر أو أي أدلة أخرى على ارتكاب الجريمة، وذلك استثناء من أحكام القوانين الأخرى، على أن يتم إخطار النيابة العامة خلال 24 ساعة من التحفظ.

والمادة 3 مكرر “ج”: يجوز لمحاكم أمن الدولة الجزئية طوارئ، بناء على طلب النيابة العامة احتجاز من توافر في شأنه دلائل على خطورته على الأمن العام لمدة شهر قابلة للتجديد.

ويقابل هذا ويزيد عليه نص المادة 37 من قانون مكافحة الإرهاب التي تنص على: “للمحكمة في أية جريمة إرهابية، فضلاً عن الحكم بالعقوبة المقررة أن تقضي، بتدبير أو أكثر، من التدابير الآتية: 1- إبعاد الأجنبي عن البلاد. 2- حظر الإقامة في مكان مُعين أو في منطقة مُحددة. 3- الإلزام بالإقامة في مكان مُعين. 4- حظر الاقتراب أو التردد على أماكن أو محال معينة. 5- الإلزام بالوجود في أماكن معينة في أوقات مُعينة. 6- حظر العمل في أماكن معينة أو مجال أنشطة مُحددة. 7- حظر استخدام وسائل اتصال مُعينة أو المنع من حيازتها أو إحرازها…”

والخطير الذي لم يكن ينص عليه قانون الطوارئ هو نص المادة 8 من قانون مكافحة الإرهاب التي تنص على: “لا يُسأل جنائياً القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم، أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو الأموال أو الأصول الأخرى، وذلك كله متى كان استخدامهم لهذا الحق ضرورياً وبالقدر الكافي لدفع الخطر”.

ولهذا كله لا داعي مطلقا لوجود قانون الطوارئ لأن المتاح في القوانين البديلة أشد وأنكى. ولا يمكن لإنسان حر أن يقبل أن يعيش مكبلا بهذه الصورة، ولا أن تنطلي عليه لعبة إلغاء قانون الطوارئ والأصل الذي ينبغي أن يكون فيه مجتمع يسعى لأن يعيش مثل بقية المجتمعات الحرة أن يتمتع بحقوق الآدمي في ظل عدالة اجتماعية واقتصادية وسياسية يكون فيها الناس سواسية لا يفرق بينهم منصب ولا مكانة ولا سلطة.

وأختم قراءتي بمقتطفات من مقال في مجلة فورين بوليسي [7] للكاتب سيتفن كوك تبين إلى أي مدى ينظر إلينا العالم وإلى إلغاء قانون الطوارئ، يقول الكاتب في موضوع صلاحية عبد الفتاح السيسي باتخاذ أي إجراءات لحماية الأمن القومي: “وستقوم السلطات المصرية بلا شك بتعريف حماية الأمن والنظام العام بطريقة موسعة قدر الإمكان. والنتيجة هي قانون لمكافحة الإرهاب بسلطات موسعة أكثر من قوانين الطوارئ التي قرر السيسي رفعها قبل أسبوع من هذا القرار”

ويتساءل الكاتب عن الحاجة لإلغاء قانون الطوارئ: “لماذا يشعر الديكتاتوريون المعادون بشكل كامل تقريبا لكل ملمح من ملامح السياسة الديمقراطية بالحاجة لعمل إجراءات ديمقراطية هزلية، فما يريدون منها؟ والجواب: الكثير، فالدستور المصري لمن لا يعرفه يقدم صورة عن نظام ديمقراطي مفتوح، وعادل للحكم، وحكومة ديمقراطية”.

ويقول الكاتب إن دستور مصر مثل دساتير الدول الليبرالية، لكن “قد يبدو هذا مجرد كلام، إلا أن هذه الصيغ تسمح للسلطات المصرية الحصول على الأمرين: مؤسسات تشبه تلك التي تملكها السياسات الليبرالية والديمقراطية، ولكن بأبواب عليها أقفال تسهل القمع والاضطهاد”.

أما أنا فلن أقول يوما “ولا يوم من أيامك يا قانون الطوارئ”، بل أقول متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.


الهامش

[1]https://manshurat.org/node/12875 –  https://www.egypt.gov.eg/arabic/documents/default.aspx

[2] – محفوظ، زكريا (1996)،حالة الطوارئ في القانون المقارن وفي تشريعات الجمهورية العربية المتحدة، رسالة دكتوراه، جامعة الإسكندرية، ص13 .

[3] – البدراوي، حسن (2000) الأحزاب السياسية والحريات العامة، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، ص818.

[4]https://www.independent.co.uk/news/uk/politics/coronavirus-emergency-bill-review-boris-johnson-a9418236.html

[5]https://www.theguardian.com/australia-news/2020/jan/03/victoria-fires-state-of-disaster-declared-as-evacuation-ordered-and-second-man-found-dead

[6]https://www.britannica.com/topic/Enabling-Act

[7]https://foreignpolicy.com/2021/11/10/why-dictators-always-pretend-to-love-the-law/

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close