fbpx
تقاريرمجتمع

قطاع السياحة المصرية في مواجهة كورونا

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

لا شك أن الجائحة التي يتعرض لها العالم بظهور فيروس كورونا المستجد لها تأثير مدمر على مناحي الحياة جميعا، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ وإن كان تأثيرها على الجانب الاقتصادي هو الأكثر بروزا حتى الآن، وخاصة على تلك القطاعات التي تهتز لأي حدث عالمي؛ كقطاع السياحة الذي بات أقرب إلى الانهيار التام في كثير من دول العالم، وعلى الأخص تلك الدول التي تعتمد عليه اعتمادا شبه كلي؛ كمصر التي تمثل السياحة من دخلها القومي ما يقرب من 15%. ولذلك فإن تأثير الجائحة على قطاع السياحة بمصر حاليا ومستقبلا خطير جدا؛ ولذا فقد وجب على الحكومة أن تتعامل معه على هذا الأساس وأن تضع الخطط البديلة من أجل تقليل تلك المخاطر، بل وبإمكانها العمل على الاستفادة منه.

وقد جاءت هذه الورقة من أجل أن تساعد في ذلك من خلال وضع الآليات والإجراءات التي بإمكان الحكومة القيام به للتخفيف من حدة شبح الانهيار الذي يتعرض له القطاع. وقد اعتمدت الورقة ومقترحاتها على معرفة الواقع الذي يعيشه قطاع السياحة عن قرب، كما اطّلعت على التجارب المماثلة بالدول الأخرى، ولذا فقد جاءت مقترحاتها واقعية وشاملة وقابلة للتنفيذ. وهي في أربعة محاور؛ كالتالي:

المحور الأول: تداعيات أزمة كورونا على قطاع السياحة في مصر

الواقع أن كل القطاعات تضررت من هذا الوباء العالمي، لكن القطاع السياحي كان أكثرها تضررا. كما أنه وإن كانت السياحة العالمية قد تضررت جميعها، إلا أن السياحة المصرية على وجه التحديد كانت الأكثر تضررا، وذلك لاعتماد الدولة عليها بشكل كبير، فالسياحة هي ثالث مصدر للدخل القومي بمصر، بعد تحويلات المصريين بالخارج والصادرات غير البترولية. ولذا فيمكننا – بإيجاز – ذكر التداعيات التي تعرض لها القطاع السياحي في مصر بسبب كورونا في النقاط التالية: 

  • الموسم السياحي لهذا العام قد انتهى فعليا بسبب الجائحة، وانتهت معه كل المميزات التي كانت متوقعة، فقد كان مخططا لهذا الموسم بأن يكون الأكثر عائدا على الميزانية منذ عام 2010؛ فالبنك المركزي كان قد أعلن بأن قطاع السياحة حقق قفزة كبيرة في الإيرادات خلال العام المالي 2018/2019 بنسبة بلغت 28%، حيث بلغت 12.57 مليار دولار مقارنة بـ 9.8 مليارات دولار في العام المالي السابق 2017/2018، بينما كان الرقم القياسي السابق 11.6 مليار دولار في العام المالي 2009/2010.[1]
  • قيام شركات السياحة الدولية بإلغاء حجوزاتها في مصر بشكل كامل، ما تسبب في ضرر كبير بالقطاع، خاصة وأن منظمة السياحة العالمية كانت تتوقع بأن يتخطى عدد السياح الوافدين لمصر على مدار العام الجاري 15 مليون سائح، مقارنة بنحو 13.6 مليون سائح خلال 2019 بزيادة نسبتها نحو 15.38%[2].
  • خسارة أكثر من مليار دولار شهريا، معظمها بشركات السياحة والفنادق والقرى السياحية ومراكز الغوص والأنشطة المرتبطة بالسياحة، حيث توقفت رحلات نحو 400 ألف سائح بشكل شهري كانت تستقبلهم منتجعات البحر الأحمر شهريا ويقضون نحو 4 ملايين ليلة سياحية[3].
  • تراجع العائدات بالعملة الصعبة، وهذا سيكون له تأثير اقتصادي كبير؛ وسيعمل على ارتفاع العجز الجاري، والعجز في ميزان المدفوعات، وهو ما سيؤدي إلى اللجوء إلى الاقتراض الخارجي. وقد بدأت الحكومة فعليا في السعي نحو الاقتراض مرة ثانية من صندوق النقد الدولي، والصناديق الأخرى. بل ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على طلب مصر الحصول على مساعدة مالية طارئة بقيمة 2.772 مليار دولار أمريكي لتلبية احتياجات ميزان المدفوعات العاجلة الناشئة عن تفشي فيروس كورونا[4].
  • أما أصعب وأخطر تلك الأضرار التي لحقت بالقطاع في ظل عدم وجود إيرادات، فهو توقف العمالة وتسريحها، وزيادة نسبة البطالة. هذا فضلا عن اضطرار بعض الفنادق إلى الغلق لحين عودة التحسن مرة أخرى.

المحور الثاني: الإجراءات التي قامت بها الحكومة لمواجهة تلك التداعيات

قامت الحكومة بعدد من الإجراءات لمؤازرة قطاع السياحة، في محاولة منها لمساعدته على مواجهة تداعيات الفيروس، وتمثلت تلك الإجراءات في الآتي:

  • أمرت الحكومة – وإن جاء متأخرا – بإغلاق المطارات وإلغاء الرحلات الجوية وإغلاق الحدود أمام السياحة الخارجية. وهذا وإن كان سيضر بالاقتصاد؛ إلا أنه عمل على تخفيف حدة انتشار الفيروس.
  • إغلاق المنشآت والمنتجعات السياحية، والمواقع والمتاحف الأثرية، أمام السائحين المصريين والأجانب.
  • القيام ببعض الإجراءات الإدارية، مثل: تعقيم الأماكن السياحية والمواقع والمتاحف الأثرية. وتقليل عدد العاملين بتلك المناطق. وإيقاف البعثات الأثرية عن استكمال حفرياتها.
  • موافقة مجلس الوزراء على تأجيل سداد وجدولة المديونيات والمستحقات عن مقابل استهلاك الكهرباء والمياه والغاز للمنشآت السياحية والفندقية وشركات الطيران الخاصة لمدة 6 أشهر[5].
  • إصدار البنك المركزي لقرار ينص على تقليل فائدة القروض على التشغيل من 8% إلى 5%. كما قرر إرجاء سداد كافة المستحقات على المنشآت السياحية والفندقية لمدة 3 أشهر دون غرامات أو فوائد تأخير[6].
  • قيام البنك المركزي أيضا بإصدار قرار بضم الاقتراض لتمويل أجور العمالة السياحية إلى المبادرة الأخيرة التي أطلقها نهاية ديسمبر الماضي بفائدة 8%متناقصة[7].
  • قرر وزير البترول منح تخفيضات إضافية على سعر الوقود الخاص بالطيران لتصل القيمة الإجمالية للتخفيض إلى 10 سنتات على الجالون الواحد والتي سوف يتم تطبيقها فور عودة حركة الطيران مرة أخرى وبشكل دائم[8].
  • أصدر عبد الفتاح السيسي قرارا بإسقاط الضريبة العقارية على المنشآت الفندقية والسياحية لمدة 6 أشهر[9]
  • قرر مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، إعفاء جميع الكافيتريات والبازارات التابعة للمجلس الأعلى للآثار الموجودة بالمتاحف والمواقع الأثرية من دفع الإيجارات.[10]
  • قيام وزارة السياحة والآثار بالإعلان عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد الفنادق التي تسرح عمالها[11]. ومن المعروف أن الفنادق المصرية تضم ما يتراوح بين 500 و600 ألف عامل يمثلون نحو 30% عمالة مباشرة بقطاع السياحة. وبالفعل حدثت بعد القرارات بخصوص ذلك، فقد أصدر وزير السياحة والآثار قرارا بإلغاء ترخيص أحد الفنادق السياحية الكبرى بمدينة شرم الشيخ، وذلك بسبب قيام إدارة الفندق بتسريح العمالة. كما أصدر قرارا بغلق مطعمين سياحيين بمنطقة القاهرة الكبرى نظرا لعدم التزامهما بالشروط والضوابط الموضوعة[12].
  • اجتماع لجنة إدارة الأزمات والمخاطر بقطاع السياحة، لبحث آلية جديدة للإسراع في التحقق من الشكاوى المقدمة من العاملين بالسياحة، وسرعة التعامل معها وتقديم الحل الفوري لها[13].
  • السماح للمطاعم والمنشآت السياحية التي تقدم وجبات وأغذية وحلويات، بخدمة استلام المأكولات من ذات المكان (التيك أواي) طوال أيام الأسبوع خلال شهر رمضان المبارك[14].
  • قيام وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع غرفتي الشركات السياحية والمنشآت الفندقية وبعض رجال الأعمال بإطلاق مبادرة لتوزيع عدد من كراتين المواد الغذائية على العاملين في القطاع بالمحافظات المختلفة حيث تم توزيع أكثر من 22 ألف كرتونة على عدد من العاملين فى قطاع السياحة والآثار على مستوى الجمهورية[15].
  • سعت الحكومة نحو إنعاش السياحة الداخلية، حيث سُمح للفنادق والمنتجعات السياحية بالعمل بشكل جزئي، بشرط إشغال ما لا يزيد عن 25% من الطاقة الاستيعابية للفندق، على أن يرتفع المعدل إلى 50% اعتبارا من شهر يونيو[16].
  • بدأت الحكومة متمثلة في وزارة السياحة والآثار بالترويج للمناطق والمعالم الأثرية السياحية في مصر من خلال البدء في تنفيذ “السياحة الافتراضية” حيث يستطيع السائح من خلالها الاستمتاع بالمعالم الأثرية وهو في منزله.

المحور الثالث: تقييم الإجراءات التي قامت بها الحكومة في قطاع السياحة

الإجراءات التي قامت بها الحكومة، وإن كانت ضرورية، إلا أنها في الحقيقة ليست إلا إجراءات أولية، فضلا عن أنها غير كافية، ولا تتناسب مع خطورة الأزمة. وذلك للأسباب الآتية:

  • عمليات التعقيم للمنشآت السياحية، وتقليل العمالة، وإيقاف عمل البعثات، وإن كانت إجراءات أولية ومهمة، إلا أنها بالرغم من ذلك لم تتم بشكل كامل، فهناك مناطق لم تصلها عملية التعقيم، كما أن هناك مواقع أثرية ومتاحف لم تتوقف الأعمال فيها، وأخيرا فهناك بعثات أثرية مصرية ما تزال تعمل؛ بل لقد تم الإعلان عن اكتشافات أثرية من خلالها وإن جاء الإعلان عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
  • الدعم المادي الذي أعلنت عنه الحكومة؛ والمتمثل بشكل أساسي في تقديم إعفاءات ضريبية وإعادة جدولة ديون القطاع السياحي ومؤسساته وأفراده، هو قرار ضروري بل هو قرار أولي قامت به كل الدول، ولكنه بالرغم من ذلك مرتبط بوقت محدد، فالحكومة لن تستطيع المداومة عليه؛ فهي تعاني من نقص الموارد المالية وتراكم الدين والعجز في موازنتها.
  • هناك بعض قرارات اتخذتها الحكومة غير أنها لم تنفذ بشكل كامل؛ كقرار البنك المركزي بتقليل فائدة القروض على التشغيل من 8% إلى 5%، فقد ناشدت غرفة شركات السياحة، طارق عامر، محافظ البنك المركزي، بالتدخل لتنفيذ هذا القرار؛ بعد رفض وتعنت بعض البنوك الخاصة في تنفيذه[17].
  • القرارات المرتبطة بالحفاظ على العمالة بقطاع السياحة ومنع المنشآت السياحية من طرد العمل، هي قرارات جيدة، وخاصة أنه تم تطبيقها فعلا في بعض الحالات؛ من خلال غلق فنادق ومطاعم قامت بتسريح عمالها. لكن ومع جدية هذه القرارات إلا أنها وقتية لن تستطيع الحكومة الاستمرار في تطبيقها؛ إذ إن تلك المنشآت السياحية قد تتخلى عن تلك العمالة في حالة توقفها بشكل تام. وإذا حدث هذا فسيُعتبر تخلي عن عمالة مدربة قد لا نستطيع تعويضها فيما بعد.
  • وجود لجنة لإدارة الأزمة بقطاع السياحة، شيء جيد لكنها تحتاج لوجود خبراء متنوعين ومن قطاعات أخرى ذات صلة، كالآثار والنقل وغيرهما، ويجب أن تسعى نحو التفكير عن إيجاد حلول مبتكرة.
  • هناك قرارات يرى فيها بعض المختصين والخبراء، أنها تعمل على اتساع رقعة الأزمة وليس علاجها، مثل قرار إعادة فتح المنشآت السياحية أمام السياحة الداخلية، وتشغيل الفنادق بنسبة إشغال أقل، حيث يعتبروه قرار متعجلا.
  • قرار السماح للمطاعم بتقديم الوجبات بخدمة (تيك أواي) قرار جيد ويساعد في تشغيل تلك المطاعم، ولكنه يحتاج مع ذلك متابعة مستمرة، لأن مخاطره أيضا كبيرة.
  • هناك قرارات جيدة، كالبدء في السياحة الافتراضية، وإن كانت التقنية موجودة بالدول الأوربية منذ سنوات عديدة، وهذه العملية بالرغم من أن نتائجها على قطاع السياحة ليست مادية، كما أنها ليست قريبة المنال؛ إلا أنها تساعد في الدعاية الجيدة للسياحة الحقيقية وقد تدفع نحو الإقبال السياحي للمعالم الأثرية المصرية بمجرد زوال هذا الوباء. هذا بالرغم من أن هذا المشروع بدأ بوزارة الآثار جيدا، ووجد دعاية قوية مصاحبة له، لكنه سرعان ما خفت صيته لأسباب عديدة.

رابعا: الآليات المقترحة لمنع قطاع السياحة في مصر من الانهيار

وعلى ضوء الوضع المأساوي الذي يعيشه قطاع السياحة في مصر، يبدو أن الإجراءات التي قدمتها الحكومة حتى الآن لا ترتقي أن تصبح حلولا، فالأمر جد خطير.. وكل الإجراءات المقدمة حتى الآن؛ هي ما بين إجراءات وقتية لن تستطيع الدولة الاستمرار عليها طويلا، وإجراءات جزئية لا تعمل على حل الجانب الأكبر من المشكلة، وهو الجانب الاقتصادي.. ولذا فإن هذه الورقة تقدم هنا بعض الآليات التي قد تساعد في التخفيف من حدة الأضرار المترتبة على تلك الجائحة، بل والاستفادة منها مستقبلا لهذا القطاع الهش الذي يتأثر بكل حدث؛ كبيرا كان أم صغيرا.

وقد سعت الورقة بأن تكون آلياتها المقترحة إبداعية ومبتكرة وشاملة. وراعت فيها السهولة والمرونة والقابلية للتنفيذ. هذا فضلا عن أن بعضها قد تم تنفيذه بالفعل في عدد من دول العالم، ولذا فهي آليات واقعية، يمكننا أن نجملها في الآتي:    

  • بداية من المهم؛ السعي نحو تحقيق كل ما يُشعر السائح بالأمن على نفسه وبدنه عندما يقبل نحو زيارة مصر بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا، وهذا يتحتم على الحكومة السعي الحثيث نحو تحسين الوضع الصحي والأمني من أجل نشر صورة جيدة عن حالة البلاد. ولن يتحقق ذلك إلا إذا كانت قدرتنا على تخطي هذا الوباء كبيرة وواضحة ومتسمة بالشفافية.
  • يجب الوضع في الحسبان؛ أنه وفي حال انتهاء الوباء خلال العام الحالي، فإن عودة السياحة لمصر لن تكون بالسرعة المطلوبة، ولذا يجب العمل نحو تهيئة الظروف المناسبة لعودة نشاط القطاع بشكل طبيعي.
  • ضرورة العمل على تطوير “لجنة إدارة الأزمة” الموجودة بالقطاع وذلك من خلال تمثيلها لكل القطاعات ذات الصلة، ويجب أن تُتاح لها كل الإمكانات المطلوبة، وأن تدار بأعلى مستوى وأن تكون صاحبة قرار. وأن تخطط لإدارة الأزمة مستقبلا، تخطيطا إبداعيا ومبتكرا، وأن تعمل على الاستفادة من تجارب الدول الأخرى.
  • من المهم أن يعي المسؤولون بأن الأزمة تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة وحازمة وسريعة تتخطى حاجز اللوائح والروتين لتتناسب وطبيعة هذه الأزمة العالمية.
  • يجب أن تسعى الحكومة بكل مكوناتها ذات الصلة نحو العمل على مساعدة قطاع السياحة على تحمّل الصدمة المترتبة على الجائحة، وضمان استمرار مرافقه في العمل.
  • يمكن للحكومة أن تستمر أيضا في توفير الدعم المالي للمنشآت السياحية، من أجل مساعدتها في تغطية تكاليف السيطرة الفعلية على تأثيرات الفيروس، مثل خدمات التنظيف الشامل، كما فعل صندوق دعم التنظيف في “سنغافورة” مع الفنادق.[18]
  • من الضروري تكاتف كل الجهود من أجل الحفاظ على العاملين بالقطاع وكل المنشآت السياحية، وخاصة أنها عمالة مدربة من الصعب تعويضها فيما بعد بسهولة. ويتمثل الحفاظ عليها في العديد من الإجراءات، منها؛ فضلا عن الدعم المادي والإعفاءات المالية التي قامت بها الحكومة، يجب السعي نحو المساهمة في تحمل جزء من مرتباتهم خلال فترة الأزمة حتى وإن طالت، ويجب أن يتم التخطيط لذلك.
  • ومن أجل المحافظة على العاملين بالسياحة واستمرار عملهم، يمكن إعادة تأهيل بعضهم للعمل بالقطاع الصحي الذي يعاني نقصا كبيرا حاليا في الطواقم الطبية، وقد نُفذت هذه التجربة في “السويد” وبدأت تؤتي ثمارها، حيث قامت الحكومة هناك بإعادة تأهيل المضيفين الذين فقدوا عملهم في شركة الطيران الإسكندنافية SAS؛ للعمل في القطاع الصحي، على أن تقوم المشافي الجامعية بإعادة التأهيل. وقد تم حتى الآن تأهيل مئات المضيفين في دورات قصيرة مدتها بضعة أسابيع وإلحاقهم بوظائف شاغرة في دور رعاية المسنين والمستوصفات والمشافي[19].
  • أيضا بإمكان الحكومة الاستفادة من العمالة المتوقفة عن العمل بالقطاع السياحي؛ من خلال تشغيل المناسب منهم في تنظيف المدن والأرياف من المخلفات والنفايات، خاصة وأن التكلفة المتوقعة لهذه التجربة أقل بكثير من التكاليف الناتجة عن ضعف الوقاية من تلك المخلفات وخاصة في زمن الأزمات الصحية مثل أزمة كورونا الحالية، وخاصة أن بلادنا في، حاجة ماسة إلى الأمن الصحي والغذائي، وبالإمكان الاستفادة من تلك العمالة المدربة في هذا الجانب مؤقتا.
  • من الممكن العمل بشكل جدي على تحويل بعض الفنادق والمنتجعات السياحية إلى مراكز تأهيل وتدريب وإدارة وإنتاج وخدمات متنوعة. ولذا فإنه إذا ما وُضعت برامج إعادة تأهيل جيدة وحوافز مناسبة، فإن استيعاب جزء هام من الذي فقدوا عملهم في السياحة أمر وارد خلال فترة قصيرة، لاسيما وأن القسم الأكبر منهم لديه تعليم جيد ويتقن لغات متعددة تساعد على التواصل مع التقنيات الجديدة ومواكبتها.
  • الاستمرار في عملية الترويج للسياحة الخارجية، ومن الممكن أن تقوم الحكومة باختيار شعارات مناسبة لعملية الترويج تلك، وهناك نماذج ناجحة في ذلك، فقد قامت “إستونيا” بتعديل حملة ترويجية للسياحة لديها، فأصبح شعارها: “زُر إستونيا لاحقاً” بدلا من “زر إستونيا” مع ضرورة #البقاء_في_المنزل حالياً #stayhome.[20]
  • الترويج للغرف الفندقية عبر آلية “الشراء المستقبلي” من خلال البرامج السياحية المتضمنة تخفيضا على أسعار الغرف بنسبة تصل إلى 50%. وقد قام “الأردن” بعملية الترويج وتجد نجاحا ملحوظا الآن[21].
  • من الممكن أن يقوم قطاع السياحة بإلغاء رسوم تغيير موعد الحجز بالنسبة لشركات السياحة المتجهة نحو مصر، وهذا سيحفز السائحين على تأجيل رحلاتهم بدلا من إلغائها.
  • ضرورة قيام الحكومة بالدعاية للسياحة العلاجية بمصر، وخاصة أن الجائحة لم تُظهر تغولا كبيرا في المجتمع المصري، وهناك دول انتشر فيها الفيروس بشكل كبير ولكن ولأن إجراءاتها الصحية كانت جيدة، فقد أصبحت وجهة للسياحة العلاجية، ومنها “تركيا” التي حقق القطاع الصحي بها نجاحات كبيرة أكسبته ثقة الناس حول العالم؛ فتصدرت جهات السياحة العلاجية العالمية[22].
  • من الممكن قيام وزراء السياحة بالمنطقة العربية بالاجتماع عبر الفيديو كونفرانس من أجل البحث عن حلول حالية ومستقبلية للمشكلة التي يتعرض لها القطاع، وقد حدث هذا في تكتلات دولية عديدة، منها: مجموعة العشرين، والاتحاد الأوروبي الذي اجتمع قادته في قمة خاصة من خلال الإنترنت لمناقشة كيفية التخفيف من الأثر الاقتصادي لوباء الفيروس التاجي. والذين بدأوا في الفعل في إعادة التفكير في السياحة، ورفعوا شعار: “سياحة الغد – نحو قطاع أكثر استدامة ومرونة وابتكارًا”.
  • البدء في الترويج للسياحة بالموسم المقبل، وقد بدأت بعص الدول بتحقيق هذا المقترح، حيث قامت “النمسا” في إبرام اتفاقيات ثنائية مع دول مثل “ألمانيا” للسماح للسياح بدخول البلاد خلال فصل الصيف.
  • يمكن أيضا الدعوة إلى مسابقة لتقديم العروض من صناعة السياحة، تبحث عن حلول مبتكرة يمكن أن تساعد في زيادة القدرة التنافسية لقطاع السياحة وانتعاشه، وقد قامت “إسبانيا” بعمل تجربة مشابهة، حيث أعلنت عن مكافأة قدرها 15,000 يورو عن الحل التكنولوجي الذي سيساعد على انتعاش السياحة في الأندلس، من خلال التحول والتكيف مع أنماط الطلب الجديدة وزيادة القدرة التنافسية في سيناريو ما بعد فيروس كورونا.
  • من الممكن التفكير في فتح الفنادق والمنتجعات السياحية بشكل يتناسب مع الجائحة، كأن يتم تقليل الأعداد داخل الفنادق بحيث يتم تأجير غرفة وإغلاق الحجرة المجاورة لها، أو فتح فندق وإغلاق فندق آخر بجواره، كما تسعى “ألمانيا” لذلك.
  • هناك مقترحات أيضا يمكننا القيام بها، تتمثل في فصل كراسي الشاطئ وطاولات المطاعم بصناديق زجاجية. كما بدأت “إيطاليا” التخطيط لذلك، وهي مقترحات تُظهر مدى الجهود الإبداعية والمبتكرة لإنقاذ صناعة السياحة المهددة بالانقراض.
  • الترويج للرحلات النيلية والبحرية، فهي أكثر أمانا وقد بدأت بعض الدول الأوربية الدعوة لذلك ووجدت إقبالا على الحجز. ونحن لدينا الميزات والإمكانات الجاذبة لذلك.
  • السفر بدون لمس: وهي آلية تسعى إليها العديد من الدول حاليا، وتتمثل في التحول إلى السفر بدون لمس من رصيف المطار حتى تسجيل الوصول في الفندق. ولكن هذا يتطلب تشغيل المزيد من الخيارات التي لا تعمل باللمس بما في ذلك بصمة الإصبع، وكذلك القزحية والتعرف على الوجه، وبإمكاننا القيام بها.

وهكذا:

بعد أن عرضت الورقة لتداعيات الأزمة على قطاع السياحة المصرية، والإجراءات التي قامت بها الحكومة في مواجهتها. سعت نحو تقييم تلك الإجراءات، ثم تقديم بعض الآليات التي ترى أنها تساعد في إيجاد حل لمشكلة هذا القطاع الذي انهار بسبب الجائحة؛ تستطيع أن تقول إن تلك الآليات والإجراءات المطروحة من الممكن تطبيقها إذا وُجدت إرادة لتحقيقها، وفي حال تطبيقها تتوقع الورقة تقليل حدة الأضرار بشكل كبير.


الهامش

[1] البورصة، المركزي: إيرادات السياحة تقفز 28% العام المالي الماضي لتتجاوز 12.5 مليار دولار، 14 نوفمبر 2019

[2] مصر العربية، 15 مليون سائح فى 2020.. وخبراء يطالبون بفتح أسواق جديدة بالقطاع، 24 يناير 2020

[3] المصري اليوم، مليار دولار شهريًا.. كيف أثر فيروس كورونا على قطاع السياحة بالبحر الأحمر؟، 13 أبريل 2020

[4] الشروق، صندوق النقد يوافق على صرف قرض جديد لمصر بقيمة 2.772 مليار دولار، 11 مايو 2020

[5] المصري اليوم، تأجيل سداد وجدولة مديونيات ومستحقات استهلاك المياه والكهرباء والغاز لهذه الفئات، 8 أبريل 2020

[6] فيتو، وزير السياحة يعلن قرار البنك المركزي بتخفيض فائدة القروض على التشغيل إلى 5%، 30 أبريل 2020

[7] الشروق، الحكومة: تجميد تحصيل الضريبة العقارية من المنشآت السياحية والفندقية لحين صدور القانون الجديد، 20 أبريل 2020

[8] الدستور، العناني يناقش مع «الأزمات» مجابهة تداعيات كورونا على القطاع السياحي، 29 أبريل 2020

[9] أخبار اليوم، «السيسي» يوجه بإسقاط الضريبة العقارية على المنشآت الفندقية والسياحية لمدة 6 أشهر، 6 أبريل 2020

[10] اكسترا نيوز، لمواجهة تداعيات كورونا.. الآثار تعفي البازارات والكافتيريات من الإيجار، 1 أبريل 2020

[11] البورصة، السياحة: إجراءات صارمة ضد الفنادق الثى تسرح عمالها، 25 مارس 2020

[12] اليوم السابع، وزير السياحة يلغى ترخيص فندق بشرم الشيخ ويغلق مطعمين فى القاهرة، 26 أبريل 2020

[13] البورصة، “السياحة” تبحث سيناريوهات استقبال السائحين بعد انتهاء “كورونا”، 30 أبريل 2020

[14] أخبار اليوم، «السياحة» تؤكد عمل المطاعم على وجبات التيك اواي، 24 أبريل 2020

[15] جريدة المال، وزارة السياحة: توزيع 21.800 كرتونة مواد غذائية على العاملين فى القطاع، 5 مايو 2020

[16] دويتشه فيله الألمانية، مصر- توجه جديد للسياحة بسبب كورونا.. هل ينجح؟، 8 مايو 2020

[17] النبأ، غرفة السياحة تستغيث بمحافظ البنك المركزي من تعنت البنوك، 13 مايو 2020

[18] جريدة الاقتصادية، كيف نحافظ على الوظائف في قطاع السياحة؟ «2 من 2»، 27 مارس 2020

[19] دويتشه فيله، تحليل: شلل السياحة العربية وبدائل الخروج من طريق مسدود، 19 أبريل 2020

[20] كدونات البنك الدولي، مع تفشي فيروس كورونا المُستجد … كيف نحافظ على الوظائف في قطاع السياحة، 20 مارس 2020

[21] صحيفة الساعة الأردنية، بحث آليات الترويج للسياحة عبر التقنيات الحديثة، 3 مايو 2020

[22] الأناضول، لنجاحها في مكافحة كورونا.. تركيا تتصدر وجهات السياحة العلاجية، 8 مايو 2020

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close