fbpx
ترجمات

لو بوينت: إثيوبيا وترسانة من الأسلحة الفرنسية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشرت صحيفة “لو بوينت” الفرنسية بتاريخ 17 نوفمبر 2019 تقريراً كتبه لافريلوكس أريان بعنوان: “هل تسلح فرنسا الفائز بجائزة نوبل للسلام، آبي أحمد؟”، عن طلبات إثيوبية لشراء أسلحة من فرنسا تشمل صواريخ بعيدة المدى تحمل رؤوس نووية، وجاء فيه:

حصلت “لو بوينت” على قائمة الشراء (الطويلة) لترسانة من الأسلحة الفرنسية والتي قام بإرسالها إلى قصر الإليزيه رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، والتي شملت: طائرات رافال ومروحيات وصواريخ يمكنها حمل رؤوس نووية.

فقبل شهرين من منحه جائزة نوبل للسلام، قام رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بإرسال خطاب إلى “فخامة الرئيس” الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتحديداً في الثاني والعشرين من يوليو 2019 . طلب أبي أحمد من فرنسا المساعدة في “تعزيز القوة الجوية الإثيوبية” من خلال توفير ترسانة متطورة وذلك في قائمة مفصّلة تم تدوينها في ثلاث صفحات. وتشمل هذه القائمة: 12 طائرة مقاتلة (بما في ذلك رافال وميراج 2000) و 18 طائرة هليكوبتر وطائرتين للنقل العسكري المصنعة من قبل إيرباص و 10 طائرات داسو وأنظمة تشويش إلكترونية، والأكثر إثارة للدهشة، ثلاثين صاروخاً من طراز إم 51 يبلغ مداها أكثر من 6000 كيلومتر … والتي يمكنها حمل رؤوس النووية! لكن هذا الطلب الأخير شديد البذخ يُعتبرغير قانوني باعتبار أن كلاُ من فرنسا وإثيوبيا قد وقعتا على معاهدة حظر الانتشار النووي.

أما بالنسبة لباقي القائمة، فقد اعتمدت فرنسا بالتأكيد سياسة شراكة دفاعية جديدة في مارس 2019، لكن لم يتوقع أحد أن تصل هذه الشهية العسكرية إلى هذا الحد وأن يتم تطبيقها بشكل رسمي وبهذه السرعة من خلال توقيع عقود تسليح مع أفقر الدول على هذا الكوكب (إثيوبيا ومن قبلها مصر). وإذا أشرنا إلى أسعار مبيعات العقود السابقة المماثلة، فقد تتجاوز الفاتورة 4 مليارات يورو لإثيوبيا ومصر.

فقد اشترت مصر من قبل 24 طائرة رافال بلغ سعر الطائرة الواحدة حوالي 90 مليون يورو. ووفقاً لصحيفة “ذا تريبيون”، طلبت أوكرانيا طائرات هليكوبتر اتش 225 من طراز سوبر بوما يبلغ سعر الطائرة الواحدة حوالي 15 مليون يورو، و 5 ملايين للـ اتش 125 ام و 11 مليون للـ اتش 145 ام؛ واشترت الهند طائرات ايرباص سي 295 يبلغ سعر الطائرة حوالي 28 مليون يورو. بينما لم يتم تصدير طائرات بدون طيار من طراز داسو نيورون بعد، لكن تكلفتها تبلغ  406 مليون يورو.

وقد كان هدف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من وراء زيارته إلى أديس أبابا في الربيع الماضي هو تطوير التجارة التي تسيطر عليها الصين اليوم وتطوير القوات البحرية لأثيوبيا (التي اختفت بعد انفصال إريتريا واستقلالها)، حسب تقرير كتبه  باتريك فوريستير، الصحفي في “بوينت”. وفي ذلك قال آبي أحمد: “هذا التعاون مع فرنسا ليس تعاوناً قصير الأجل، إنه تعاون استراتيجي ممتد منذ القدم؛ بل إن هذا التعاون قد يتجاوز تطوير القوات البحرية الإثيوبية”. مما يعني أن التعاون في المجال العسكري بين البلدين “سيتجاوز” في ذلك كل شيء. وبينما يحلم آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، العسكري السابق، بالحصول على نفس الصواريخ التي تحملها الغواصات النووية الفرنسية، فإن بلاده لا يُمكنها الوصول إلى البحر الأحمر منذ عام 1993. وكما تشير قائمة شراء الأسلحة الفرنسية التي تقدم بها، فإن أولويته الآن هي أن يستعيد قوة سلاحه الجوي المتهالك الذي يبلغ عمره 90 سنة والعمل على تحديثه أولاً.

زعيم شرق إفريقيا …

وعلى الصعيد الدولي، فإن قيادة “آبي أحمد” للبلاد تثير الإعجاب. فبعد مرور عام على اتفاق السلام مع إريتريا التي امتد العداء معها 60 على مدى عاماً، برز رئيس الوزراء الإثيوبي كوسيط في الأزمة الدائرة في السودان لتسهيل الانتقال الديمقراطي في البلاد. ولكن على مستوى المنطقة، لا يتعاطف الجميع مع هذه النهضة الإثيوبية الجيوسياسية.

فمصر، على وجه الخصوص، تشعر بالقلق إزاء العناد الإثيوبي المتمثل في رغبتها في ملء سد المستقبل بالنسبة لها “سد النهضة” في أقرب وقت ممكن، دون القلق بشأن العواقب الوخيمة التي ستؤثر سلباً على تدفق المياه في نهر النيل والتي تسهم في ري 90 % من الحقول المصرية. وفي خضم أزمة دبلوماسية بين أديس أبابا والقاهرة، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا في أكتوبر الماضي: “إذا أردنا خوض الحرب، فيمكننا حشد ملايين الأشخاص للدفاع عن السد”. ولكن وتيرة التوترات بين البلدين انخفضت مرة أخرى منذ تدخل الوساطة الأمريكية في أوائل نوفمبر، ولكن النزاع بينهما أبعد ما يكون عن الحل.

ومن الناحية الرسمية، ترفض فرنسا الانخراط في هذه القضية الشائكة، خاصةً أنها أقامت شراكة استراتيجية مع مصر السيسي، حيث يُعتبر نظام السيسي مشترٍ رئيسي للأسلحة الفرنسية منذ عام 2014. لكن عندما تحمل رافال العلم الإثيوبي بعد صفقة الأسلحة الفرنسية لأثيوبيا فإن ذلك سيؤثر بالتأكيد على العلاقة الفرنسية المصرية في هذا الشأن. وقال توفيق أكليمندوس، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: “سيأخذ المصريون الأمر على محمل الجد، لأننا أكثر من منافسين مع الإثيوبيين، الذين بذلوا قصارى جهدهم لعرقلة الطريق الدبلوماسي، فيما يخص مفاوضات سد النهضة”.

ويقول سابين بلانيل الباحث في معهد البحوث من أجل التنمية (آي آر دي) فإن إثيوبيا من خلال سعيها إلى تحديث سلاح طيرانها، “تريد أن تؤكد من جديد مكانتها كقوة إقليمية، في مواجهة جيرانها غير الموثوقين بالنسبة لها إلى حد ما، مثل كينيا ومصر والصومال”. . ووفقًا للخبير الإثيوبي، فإن هذه الطموحات العسكرية لا تتناقض مع صورتها كضامن للاستقرار في المنطقة، حيث “تعمل إثيوبيا من خلال تجهيز نفسها بشراء ترسانة عسكرية ضخمة على تعزيز مصداقيتها في المنطقة كضامن محلي للسلام ووقوفها ضد الحركات الجهادية الموجودة في القرن الأفريقي.

على شفا الانهيار الداخلي…

ويشارك الجنود الإثيوبيون بالفعل في العديد من بعثات حفظ السلام في الصومال والسودان وجنوب السودان. وتعتزم إثيوبيا “تكييف جيشها مع العمليات المستقبلية كقوة ردع إقليمية من أجل المشاركة في التدخلات المشتركة في إطار الأمم المتحدة” في المناطق التي تميل فيها المنظمات الدولية بشكل متزايد إلى تفويض تدخلاتها لجهات الفاعلة المحلية، كما يقول محلل إقليمي لا يرغب في الكشف عن هويته، والذي يؤكد أيضاً أن إثيوبيا قد تحولت أيضاً إلى الولايات المتحدة وروسيا وإيطاليا لتعزيز ترسانتها من الأسلحة.

ويتناقض دور الدرَك الإقليمي هذا مع عجزالحكومة في إثيوبيا عن إدارة توتراتها الداخلية. ففي نوفمبر الماضي، قُتل 86 شخصاً في مظاهرات ضد الحكومة اندلعت بناءً على دعوة من خصم سياسي لآبي أحمد. وفي حين يبدو أن إثيوبيا على شفا الانهيار الداخلي، فإن سابين بلانيل يقول أن “إعادة الهيكلة الشاملة للقطاع العسكري (على افتراض أن القوة البشرية في القوات الإثيوبية ستواكب تطور الأسلحة، وأن يتم تمويل ذلك من حساب ميزانيات أخرى) لا شك في أنها ستفضي إلى الوصول إلى حل سلطوي وعنيف للأزمة الحالية. ويُحذر سابين بلانيل من أن أي تقوية لهذا القطاع في ظل هذه الأزمة يجب أن يتم تحت مراقبة شديدة.

في مسألة الديون، هل لدى إثيوبيا وسائل للسداد؟

وإلى جانب الاعتبارات السياسية، فهل تستطيع إثيوبيا سداد ثمن هذه الصفقات من الأسلحة للدولة الفرنسية؟ ففي الرسالة التي أرسلها آبي أحمد إلى إيمانويل ماكرون، يعترف رئيس الوزراء نفسه بأن بلاده تعاني من “نقص صارخ في العملة الأجنبية” وأنه يسعى للحصول على قرض سيتم “تسليمه في خلال فترة زمنية قصيرة”. وأكدت إدارة الاتصالات في قصر الإليزيه لصحيفة “لو بوينت” أن “الاتفاقية الموقعة في مارس الماضي تفتح الطريق للتعاون على جميع الأصعدة في مجال القوات البحرية والجوية”، لكن فرنسا “لم تصل إلى هذا المستوى من المناقشات”.

وحسب بيانات البنك الدولي، فإن الدين العام يبلغ 61 % من إجمالي الناتج المحلي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 110 ملايين نسمة الذي تتصاعد فيها بالفعل تراكمات القروض الأجنبية. فما بين عامي 2006 و 2015، قدمت الصين لإثيوبيا حوالي 13 مليار دولار على شكل قروض مقابل تراخيص لمشاريع استثمارية فيها. وفي يونيو 2018  تلقى البنك المركزي الإثيوبي مليار دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يُزعم أنها لعبت دوراً في التقارب بين إثيوبيا وإريتريا، لقربهما الشديد من الحرب الدائرة في اليمن. كما ستقوم الإمارات أيضاً بضخ 2 مليار دولار على شكل استثمارات في إثيوبيا، والتي يعتبرها ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، محوراً لسياسة التوسع والنفوذ الإماراتي في إفريقيا.

سد النهضة بين الرؤية الإثيوبية والمأزق المصري

اقرأ ايضا سد النهضة بين الرؤية الإثيوبية والمأزق المصري

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close