fbpx
ترجماتحقوقي

النص الكامل: تقييم التهديدات السنوي لمجتمع الاستخبارات الأمريكي 2024

في الحادي عشر من مارس 2024، نشر مكتب مدير الاستخبارات الوطنية تقرير تقييم التهديدات السنوي لعام 2024، حيث يعكس التقرير، الذي صدر في الخامس من فبراير، الرؤى الجماعية لمجتمع الاستخبارات الأمريكي (IC)، الذي “يلتزم بتوفير المعلومات الاستخبارية الدقيقة والمستقلة والصريحة التي يحتاجها صناع السياسات والمقاتلون والعاملون في مجال إنفاذ القانون المحلي، وذلك بشكل يومي، لحماية حياة الأمريكيين ومصالح الولايات المتحدة في أي مكان في العالم”.

ويضم مجتمع الاستخبارات الأمريكي جميع الوكالات الاستخباراتية الأمريكية البالغ عددها 18 منظمة استخباراتية على النحو التالي:

– وكالتان مستقلتان وهما: مكتب مدير الاستخبارات الوطنية (ODNI) ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA).

– تسع وكالات تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، وهي: وكالة استخبارات الدفاع (DIA)، ووكالة الأمن القومي (NSA)، ووكالة الاستخبارات الجغرافية الوطنية (NGA)، ومكتب الاستطلاع الوطني (NRO)، وخمس وكالات استخباراتية تمثل جميع فروع وزارة الدفاع الأمريكية؛ الجيش والبحرية، ومشاة البحرية، والقوات الجوية، وقوات الفضاء.

– سبعة مكاتب استخباراتية تابعة للوزارات والإدارات الأخرى، وهي: مكتب الاستخبارات ومكافحة التجسس التابع لوزارة الطاقة؛ ومكتب الاستخبارات والتحليل التابع لوزارة الأمن الداخلي واستخبارات خفر السواحل الأمريكية؛ ومكتب التحقيقات الفيدرالي التابع لوزارة العدل ومكتب استخبارات الأمن القومي التابع لإدارة مكافحة المخدرات؛ ومكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية؛ ومكتب الاستخبارات والتحليل التابع لوزارة الخزانة.

وتعزز سياسة مجتمع الاستخبارات الأمريكي (IC) التكامل عبر الوكالات الاستخباراتية المختلفة وتتوافق مع التوجيه التنفيذي والمتطلبات التشريعية والمبادرات الإستراتيجية لمدير الاستخبارات الوطنية وأولويات مجتمع الاستخبارات. ويعمل قسم السياسات لمجتمع الاستخبارات الأمريكي بشكل وثيق، وحسب ما تتطلبه الظروف، مع جميع المكونات في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية ODNI والوكالات الاستخباراتية المختلفة المنضوية تحت مجتمع الاستخبارات الأمريكي لمراجعة وتنقيح ونقض السياسات لضمان أن تكون سياسة مجتمع الاستخبارات ذات صلة ومواكِبة للحاضر.

ويتم إصدار تقييم التهديدات العالمية لمجتمع الاستخبارات من قبل مدير الاستخبارات الوطنية سنويا في جلسات الاستماع العامة للجان الإشراف على لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي ومجلس النواب. إذ يقدم تقييم التهديدات السنوية، الذي يشار إليه في الأغلب بـ “ATA”، ملخصاً غير مصنّف لتقييم مجتمع الاستخبارات للتهديدات الحالية للأمن القومي الأمريكي، بما في ذلك التهديدات السيبرانية والتكنولوجية والإرهاب وأسلحة الدمار الشامل والجريمة وقضايا البيئة والموارد الطبيعية، وكذلك القضايا الاقتصادية.

* * *

ولأهمية هذا التقرير الاستخباراتي الأمريكي، فقد قام المعهد المصري للدراسات بترجمة التقرير ترجمة كاملة، وذلك على النحو التالي:

تقييم التهديدات السنوي لمجتمع الاستخبارات الأمريكي (5 فبراير 2024)

تماشياً مع مبادئ الشفافية التي يتقيد بها مجتمع الاستخبارات، تهدف هذه القائمة من السياسات النشطة وغير السرية إلى تعزيز الفهم العام للسياسات التي تحكم جميع أنشطتها، حيث يعكس هذا التقرير الرؤى الجماعية لمجتمع الاستخبارات، الذي يوفر على أساس يومي المعلومات الاستخبارية الدقيقة والمستقلة والصريحة التي قد يحتاج إليها صناع السياسات والمقاتلون والعاملون في مجال إنفاذ القانون.

توطئة:

يتماشى هذا التقرير السنوي للتهديدات العالمية التي يتعرض لها الأمن القومي للولايات المتحدة مع المادة 617 من قانون تفويض الاستخبارات للعام المالي 2021 (النشرة L. رقم 116-260). ويعكس التقرير الرؤى الجماعية لمجتمع الاستخبارات (IC)، والتي تلتزم بتوفير المعلومات الاستخبارية الدقيقة والمستقلة والصريحة التي يحتاجها صناع السياسات والمقاتلون والعاملون في مجال إنفاذ القانون المحلي بشكل يومي لحماية حياة الأمريكيين ومصالح أمريكا في أي مكان في العالم.

ويركز هذا التقييم على التهديدات الأكثر مباشرة وخطورة والتي تواجه الولايات المتحدة خلال العام المقبل في المقام الأول. مع العلم بأن ترتيب الموضوعات المعروضة في هذا التقييم لا يشير بالضرورة إلى أهميتها النسبية أو حجم التهديدات من وجهة نظر مجتمع الاستخبارات. وتتطلب جميعها استجابة استخباراتية قوية، بما في ذلك تلك التي قد يساعد التركيز عليها على المدى القريب في تجنب تهديدات أكبر في المستقبل.

المقدمة:

خلال العام المقبل، ستواجه الولايات المتحدة نظاماً عالمياً هشاً بشكل متزايد وترته المنافسة الاستراتيجية المتسارعة بين القوى الكبرى، وتحديات عابرة للحدود أكثر حدة ولا يمكن التنبؤ بها، وصراعات إقليمية متعددة ذات آثار بعيدة المدى. إن الصين الطموحة والقلقة في آن واحد، وروسيا التي تميل إلى المواجهة، وبعض القوى الإقليمية، مثل إيران، والجهات الفاعلة غير الحكومية الأكثر قدرة، تتحدى القواعد القديمة للنظام الدولي، فضلاً عن التفوق الذي تتميز به الولايات المتحدة بداخله. وفي الوقت نفسه، أصبحت التكنولوجيات الجديدة، وهشاشة قطاع الصحة العامة، والتغيرات البيئية أكثر تواتراً، والتي غالباً ما يكون لها تأثير عالمي ويصعب التنبؤ بها. ولا يحتاج المرء إلا أن ينظر إلى أزمة غزة ــ التي أثارتها مجموعة “إرهابية” غير حكومية ذات قدرة عالية في حركة حماس، والتي تغذيها جزئياً طموحات إيران الإقليمية، والتي تفاقمت بدورها بسبب السرديات التي شجعتها الصين وروسيا لتقويض مكانة الولايات المتحدة على المسرح العالمي ــ لنرى كيف يمكن لأزمة إقليمية أن يكون لها آثار جانبية واسعة النطاق وتعقيد التعاون الدولي في قضايا ملحّة أخرى. وسوف يتشكل العالم الذي سيخرج من هذه الفترة المضطربة على يد من يقدم الحجج الأكثر إقناعاً حول الكيفية التي ينبغي بها حكم العالم، وكيف ينبغي تنظيم المجتمعات، وما هي الأنظمة الأكثر فعالية في دفع النمو الاقتصادي وتوفير المنافع لعدد أكبر من الناس، ومِن قبل القوى، سواء الحكومية أو غير الحكومية، الأكثر قدرة وراغبة في العمل على إيجاد حلول للقضايا العابرة للحدود الوطنية والأزمات الإقليمية.

وسوف تنشأ فرص جديدة للعمل الجماعي، بما في ذلك مع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية على حد سواء، من خلال هذه القضايا المعقدة والمترابطة. ويسلط تقييم التهديدات السنوية لعام 2024 الضوء على بعض هذه الروابط حيث يوفر تقييمات أساسية لمجتمع الاستخبارات للتهديدات الأكثر إلحاحاً على المصالح الوطنية للولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، فهو ليس تقييماً شاملاً لجميع التحديات العالمية. فهو يتناول التهديدات التقليدية وغير التقليدية من خصوم الولايات المتحدة، ومجموعة من القضايا الإقليمية التي لها آثار عالمية أكبر احتمالاً، فضلاً عن التحديات الوظيفية والعابرة للحدود الوطنية، مثل انتشار الأسلحة والتكنولوجيا الناشئة وتغير المناخ والإرهاب والمخدرات غير المشروعة.

وتتمتع الصين بالقدرة على التنافس المباشر مع الولايات المتحدة وحلفاء الولايات المتحدة وإمكانية تغيير النظام العالمي القائم على القواعد بطرق تدعم قوة بكين وشكل حكمها في مواجهة الولايات المتحدة. ولكن التحديات الديموغرافية والاقتصادية الخطيرة التي تواجهها الصين قد تجعلها لاعباً عالمياً أكثر عدوانية ولا يمكن التنبؤ به. ويؤكد العدوان الروسي المستمر في أوكرانيا على أنها لا تزال تشكل تهديداً للنظام الدولي القائم على القواعد. وتحاول القوى المحلية والإقليمية أيضاً اكتساب النفوذ وممارسته، وغالباً ما يكون ذلك على حساب دول الجوار والنظام العالمي نفسه. وسوف تظل إيران تشكل تهديداً إقليمياً مع أنشطة تأثير ضارة واسعة النطاق، وسوف تعمل كوريا الشمالية على توسيع قدراتها في مجال أسلحة الدمار الشامل في حين تظل لاعباً مدمراً على المسرحين الإقليمي والعالمي. وفي كثير من الأحيان، يفسر الخصوم الإجراءات الأمريكية التي تهدف إلى ردع العدوان الأجنبي أو التصعيد على أنها تعزز تصوراتهم الخاصة بأن الولايات المتحدة تنوي احتواءهم أو إضعافهم، ويمكن أن تؤدي هذه التفسيرات الخاطئة إلى تعقيد إدارة التصعيد والاتصالات في الأزمات.

إن الصراعات الإقليمية والمحلية وعدم الاستقرار، مثل الهجوم الذي قامت به حركة حماس ضد إسرائيل (في السابع من أكتوبر) والغزو الإسرائيلي اللاحق لغزة، سوف تتطلب اهتمام الولايات المتحدة بينما تتصارع الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية في هذا النظام العالمي المتطور، بما في ذلك التنافس على القوى الكبرى والتحديات المشتركة العابرة للحدود الوطنية. ومن هنا، فإن الصراعات ونوبات عدم الاستقرار من شرق آسيا إلى أفريقيا إلى نصف الكرة الغربي –والتي تفاقمت بسبب التحديات العالمية– لديها إمكانات أكبر للامتداد إلى العديد من المجالات، مع ما يترتب على ذلك من آثار على الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها والعالم أجمع.

وستؤدي الضغوط الاقتصادية إلى زيادة تأجيج حالة عدم الاستقرار تلك في جميع أنحاء العالم، حيث تواجه دول متعددة في جميع أنحاء العالم أعباء ديون متزايدة، وفي بعض الحالات غير مستدامة، بالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، والزيادة في الخسائر في التكاليف والإنتاج بسبب الأحداث المناخية القاسية، حتى مع استمرار تعافيها من جائحة كوفيد-19. وفي حين تراجعت أسعار السلع الغذائية الزراعية العالمية عن الذروة التي بلغتها في عام 2022، فإن تضخم أسعار المواد الغذائية المحلية لا يزال مرتفعا في العديد من البلدان، ولا يزال الأمن الغذائي في العديد من البلدان عرضة للصدمات الاقتصادية والجيوسياسية.

وفي نفس الوقت، يواجه العالم مجموعة من القضايا العالمية المشتركة التي تتطلب حلولاً عالمية تعاونية. ومع ذلك، فإن المنافسة الأكبر بين أشكال الحكم الديمقراطية والاستبدادية التي تغذيها الصين وروسيا ودول أخرى من خلال تعزيز الاستبداد ونشر المعلومات المضللة، تفرض ضغوطاً على المعايير القديمة التي تشجع النهج التعاوني للمشاعات العالمية. وتستغل هذه المنافسة أيضاً التقدم التكنولوجي –مثل الذكاء الاصطناعي، والتقنيات الحيوية والأمن الحيوي ذي الصلة، وتطوير وإنتاج الإلكترونيات الدقيقة، والتطورات الكمية المحتملة– لاكتساب نفوذ أقوى على السرديات العالمية التي تؤثر على التوازن الجيوسياسي العالمي، بما في ذلك التأثير في داخله. وتشهد مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية، على وجه الخصوص، تقدماً سريعاً، ومن المحتمل أن يؤدي التقارب بين مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا إلى المزيد من الإنجازات المهمة. إن الآثار المتسارعة لتغير المناخ تضع المزيد من سكان العالم، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، في خطر أكبر من تطرف أحوال الطقس، وانعدام الأمن الغذائي والمائي، والكوارث الإنسانية، مما يزيد من تدفقات الهجرة ويزيد من أخطار الأوبئة في المستقبل حيث تستغل مسببات الأمراض البيئة المتغيرة.

ويدعم تقرير تقييم التهديدات السنوي لعام 2024 التزام مكتب مدير الاستخبارات الوطنية بالشفافية وتقليد تقديم تحديثات منتظمة للتهديدات إلى الجمهور الأمريكي والكونجرس الأمريكي. إن اللجنة الدولية يقظة في مراقبة وتقييم التهديدات المباشرة وغير المباشرة لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها. ولتحقيق هذا المطلب، يعمل ضباط الاستخبارات الوطنية في مجتمع الاستخبارات –ومجلس الاستخبارات الوطني الذي يشكلونه بشكل جماعي– بشكل وثيق ومنتظم مع المحللين في جميع مكونات مجتمع الاستخبارات. كما يفحص هذا العمل بشكل تشخيصي أخطر التهديدات المباشرة والطويلة الأجل التي تواجه الولايات المتحدة، إلى جانب النظام العالمي المتطور والاتجاهات الكلية الأخرى، التي ستؤثر بشكل كبير على الاتجاه والتأثير المحتمل لهذه التهديدات. ومجلس الاستخبارات الوطني على استعداد تام لدعم صناع السياسات بمعلومات إضافية في إطار سري.

* * *

أولاً: الجهات الفاعلة الحكومية

تمهيد

تدخل العديد من الدول في سلوك تنافسي يهدد بشكل مباشر الأمن القومي الأمريكي، بينما تواجه مجموعة أكبر من الدول –بما في ذلك بعض الحلفاء– صراعات أو اضطرابات داخلية. ومن الممكن أن تمتد هذه الضغوط والديناميكيات عبر الحدود وعبر المناطق لزعزعة استقرار المناطق وتهديد سبل عيش وسلامة واستقرار مليارات من البشر. وتتنافس الصين على التفوق على الولايات المتحدة في القوة الوطنية الشاملة والاحترام الآمن لتفضيلاتها من جيرانها وكذلك من الدول في جميع أنحاء العالم، في حين تهدد روسيا الولايات المتحدة بشكل مباشر في محاولة لتأكيد نفوذها على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

الصين

أ- الأنشطة الإقليمية والعالمية

يرى الرئيس شي جين بينج أن الصين هي القوة البارزة في شرق آسيا كما أنها قوة رائدة على المسرح العالمي. وسيحاول الحزب الشيوعي الصيني استباق التحديات التي تواجه سمعته وشرعيته، بالعمل على تقويض نفوذ الولايات المتحدة، ودق إسفين بين واشنطن وشركائها، وتعزيز المعايير العالمية التي تفضّل نظامها الاستبدادي. والأهم من ذلك، أن جمهورية الصين الشعبية سوف تضغط على تايوان من أجل التوحيد، وهو جهد من شأنه أن يخلق نقاط احتكاك حرجة مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من النكسات الاقتصادية التي تتعرض لها بكين، فإن قادة الصين سوف يحافظون على سياسات اقتصادية مركزية لتوجيه رأس المال نحو القطاعات ذات الأولوية، والحد من الاعتماد على التكنولوجيات الأجنبية، وتمكين التحديث العسكري.

  • تنظر الصين إلى التدابير التنافسية التي تتخذها واشنطن ضد بكين كجزء من جهد دبلوماسي واقتصادي وعسكري وتكنولوجي أمريكي أوسع لاحتواء صعودها، وتقويض حكم الحزب الشيوعي الصيني، ومنع جمهورية الصين الشعبية من تحقيق طموحاتها الإقليمية والعالمية. ومع ذلك، سوف يبحث قادة الصين عن فرص لتقليل التوتر مع واشنطن عندما يؤمنون أن ذلك قد يفيد بكين ويحمي مصالحها الأساسية، مثل استعداد الرئيس شي للقاء الرئيس بايدن في قمة أبيك في أواخر عام 2023.
  • تواجه الصين عدداً لا يحصى من التحديات المحلية التي ربما تعيق طموحات قادة الحزب الشيوعي الصيني. وقد اعتقد قادة الحزب الشيوعي الصيني منذ فترة طويلة أن النمو الاقتصادي الذي يعتمد على التكنولوجيا في الصين سوف يتفوق على الدول الغربية. ومع ذلك، فمن شبه المؤكد أن نمو الصين سيستمر في التباطؤ بفضل التحديات الديموغرافية وانهيار معنويات المستهلكين والمستثمرين، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى سياسات بكين المتشددة.
  • وتتعرض طموحات قادة الصين الإقليمية والعالمية للعرقلة أيضاً بسبب المقاومة المتنامية للتكتيكات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية الغليظة التي تنتهجها الصين في التعامل مع تايوان وغيرها من الدول. وعلى وجه الخصوص، دفعت سياسات الصين العديد من البلدان والشركات إلى تسريع عملية إزالة المخاطر في القطاعات الرئيسية والحد من صادرات التكنولوجيا الحساسة إلى الصين، وهو ما يزيد من عرقلة أهداف القادة الصينيين للتنمية الاقتصادية والعسكرية القائمة على التكنولوجيا.

وتجمع جمهورية الصين الشعبية بين ثقلها الاقتصادي وقوتها العسكرية المتنامية وهيمنتها الدبلوماسية والتكنولوجية من أجل نهج منسَّق لتعزيز حكم الحزب الشيوعي الصيني، وتأمين ما تعتبره أراضيها السيادية وتفوقها الإقليمي، والسعي وراء القوة العالمية. وتستخدم بكين كل هذه الأدوات الحكومية، على وجه الخصوص، لإجبار الآخرين على الإذعان لتفضيلاتها، بما في ذلك تأكيداتها على السيادة على تايوان.

  • بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تايوان في عام 2024، ستواصل بكين ممارسة الضغط العسكري والاقتصادي بالإضافة إلى الرسائل العامة وأنشطة التأثير مع تعزيز التكامل الاقتصادي والاجتماعي طويل المدى عبر المضيق لحث تايوان على التحرك نحو التوحيد (مع الصين). وتُعد تايوان نقطة اشتعال محتملة كبيرة للمواجهة بين جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية حيث تدّعي بكين أن الولايات المتحدة تستخدم تايوان لتقويض صعود الصين. وسوف تستخدم بكين إجراءات أقوى للرد على الزيادات المتوقعة في الدعم الأمريكي لتايوان.
  • وستواصل بكين استخدام قدراتها العسكرية المتنامية وغيرها من القدرات البحرية، في بحر الصين الجنوبي، لمحاولة تخويف أصحاب المطالب المنافسين والإشارة إلى سيطرتها على المناطق المتنازع عليها. وعلى نحو مماثل، تضغط الصين على اليابان بشأن المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي.
  • وتهدف بكين إلى توسيع نفوذها في الخارج وأن يُنظر إليها على أنها بطلة للتنمية العالمية من خلال العديد من المنتديات المتعددة الجنسيات والمبادرات الصينية مثل مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي. وتعمل الصين على الترويج لبديل لمنتديات التنمية والأمن الدولية القائمة، والتي يهيمن عليها الغرب في أغلب الأحوال، لصالح معايير تدعم سيادة الدولة وتضع الاستقرار السياسي فوق الحقوق الفردية. وكجزء من هذا الجهد، تسعى بكين إلى دعم التنمية والأمن في الجنوب العالمي –وهي المناطق التي ترى بكين أنها متقبلة للتعامل مع الصين بسبب التجارب التاريخية المشتركة في ظل القمع الاستعماري والإمبريالي– كوسيلة لبناء النفوذ العالمي، وإظهار القيادة، وتوسيع حضورها الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري.

وتعمل بكين على موازنة مستوى دعمها لموسكو للحفاظ على العلاقة دون تكبد مخاطر على مصالحها الاقتصادية والدبلوماسية. وفي المقابل، تعمل الصين على تأمين أسعار مواتية للطاقة وإمكانية الوصول بشكل أكبر إلى القطب الشمالي.

  • تقدم الصين المساعدة الاقتصادية والأمنية للحرب الروسية في أوكرانيا من خلال دعم القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية، بما في ذلك من خلال توفير المواد والمكونات ذات الاستخدام المزدوج للأسلحة. وقد تزايدت التجارة بين الصين وروسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وارتفعت الصادرات الصينية من السلع ذات الاستخدام العسكري المحتمل أكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 2022.

ب- الاقتصاد

وسوف يتباطأ الاقتصاد الصيني خلال السنوات القليلة المقبلة بسبب العوائق الهيكلية وعدم رغبة بكين في اتخاذ تدابير تحفيزية قوية لتعزيز النمو الاقتصادي. وتدرك بكين مشكلتها، ولكنها تتجنب الإصلاحات التي تتعارض مع إعطاء الأولوية للرئيس شي للاستثمار الموجّه من الدولة في التصنيع والصناعة. ومن المحتمل أن يؤدي تباطؤ الاقتصاد الصيني إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية في جميع أنحاء العالم، وإلى تآكل القدرة التنافسية التصديرية للبلدان التي تنافس الصين بشكل مباشر، وإبطاء النمو العالمي، ولكن من غير المرجح أن يحد من إنفاق بكين على أولويات الدولة.

  • قد يؤدي تباطؤ الاقتصاد الصيني إلى فرض قيود على الموارد على المدى الطويل، ويجبرها ذلك على إعطاء الأولوية للإنفاق على القضايا الاجتماعية، والسياسة الصناعية، والجيش، والإقراض الخارجي.
  • ويعطي شي الأولوية لما يعتبره “النمو عالي الجودة” ــوالذي يتضمن قدراً أكبر من الاكتفاء الذاتي في القطاعات الاستراتيجية وتوزيعاً أكثر عدالة للثروةــ ليحل محل التركيز على تعظيم نمو الناتج المحلي الإجمالي، في حين يحاول أيضاً التخفيف من التهديد الذي تفرضه العقوبات الأميركية والتهديدات التي تفرضها الولايات المتحدة وعدم الرضا عن ضوابط تصدير أشباه الموصلات.

ج- التكنولوجيا

تسعى الصين إلى أن تصبح قوة عظمى عالمية في مجال العلوم والتكنولوجيا وأن تستخدم هذا التفوق التكنولوجي لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية وعسكرية. وتنفذ بكين جهوداً حكومية شاملة لتعزيز الابتكار المحلي وتعزيز الاعتماد على الذات، وتعطي الأولوية للطاقة والطاقة المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وعلوم المعلومات الكميّة، وأشباه الموصلات. تحاول بكين تسريع تطورها في مجال العلوم والتكنولوجيا من خلال الاستثمارات، وحيازة الملكية الفكرية والسرقة، والعمليات السيبرانية، وتوظيف المواهب، والتعاون العلمي والأكاديمي، والمشتريات غير المشروعة.

  • أشارت إحدى الشركات الرئيسية المملوكة للدولة في الصين في عام 2023 إلى عزمها على توجيه ما لا يقل عن 13.7 مليار دولار إلى الصناعات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات المتقدمة، والتكنولوجيا الحيوية، والمواد الجديدة. وأعلنت الصين أيضاً عن مبادرتها العالمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي لتعزيز الدعم الدولي لرؤيتها لحوكمة الذكاء الاصطناعي.
  • وتنافس الصين الآن الولايات المتحدة في مجال معدات تحديد تسلسل الحمض النووي وبعض الأبحاث الأساسية. وقد يضع الحجم الكبير من البيانات الوراثية التي تحوزها بكين، قد يضعها في موقع الريادة في الطب الدقيق وتطبيقات التكنولوجيا الحيوية الزراعية.
  • تحرز الصين تقدماً في إنتاج شرائح متقدمة لتعدين العملات المشفَّرة والأجهزة الخلوية على مستوى 7 نانومتر باستخدام المعدات الموجودة، ولكنها ستواجه تحديات في تحقيق إنتاج عالي الجودة وكميات كبيرة من الرقائق المتطورة دون الوصول إلى أدوات الطباعة الحجرية فوق البنفسجية القصوى. وبحلول عام 2025، من المتوقع أن يتم إنتاج 40% من جميع الرقائق القديمة بدقة 28 نانومتر في الصين، انطلاقاً من عدد المصانع الجديدة المتوقع أن تبدأ العمل خلال العامين المقبلين.

د- أسلحة الدمار الشامل

لا تزال الصين عازمة على توجيه موقفها النووي نحو التنافس الاستراتيجي مع الولايات المتحدة حيث توصل قادتها إلى أن قدراتهم الحالية غير كافية. وتشعر بكين بالقلق من أن التوتر بين البلدين، وتحديث القدرات النووية الأمريكية، والقدرات التقليدية المتقدمة لجيش التحرير الشعبي (الصيني)، قد زادت من احتمال توجيه الضربة الأمريكية الأولى. ومع نمو قوتها النووية، من المحتمل أن تؤدي ثقة بكين في رادعها النووي إلى تعزيز صمود الصين وتكثيف الصراعات التقليدية.

  • قد تكون الصين قد أكملت بناء أكثر من 300 صومعة جديدة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات وقامت بتحميل بعض هذه الصوامع على الأقل بالصواريخ.
  • وربما تمتلك الصين أيضاً قدرات ذات صلة بالحرب الكيميائية والبيولوجية (CBW) والتي تشكل تهديداً للولايات المتحدة والقوات المتحالفة والشركاء وكذلك السكان المدنيين.

هـ- الجيش

سوف تركز بكين على بناء قوة دفاعية وعسكرية وطنية حديثة بالكامل بحلول عام 2035، وأن يصبح جيش التحرير الشعبي جيشاً من الطراز العالمي بحلول عام 2049. وفي غضون ذلك، يأمل الحزب الشيوعي الصيني في استخدام جيش التحرير الشعبي لتأمين ما يدّعي أنه أراضي الصين السيادية، لتأكيد تفوقها في الشؤون الإقليمية، وإظهار القوة على المستوى العالمي، لا سيما من خلال القدرة على ردع ومواجهة تدخل الولايات المتحدة في صراع عبر المضيق. ومع ذلك، فإن الصين تفتقر إلى الخبرة القتالية الحديثة، والتي قد تؤدي إلى إضعاف فعالية جيش التحرير الشعبي واستعداد القادة لبدء الصراع. وبالإضافة إلى ذلك، فمن المؤكد تقريباً أن القادة الصينيين يشعرون بالقلق إزاء التأثير المستمر للفساد على قدرات الجيش وموثوقيته، انطلاقاً من عملية تطهير الضباط رفيعي المستوى بما في ذلك وزير الدفاع في عام 2023.

  • قام جيش التحرير الشعبي الصيني بنشر أنظمة حديثة وقام بتحسين كفاءته للقيام بعمليات مشتركة من شأنها أن تهدد القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها في غرب المحيط الهادي. ويقوم بتشغيل حاملتي طائرات، ومن المتوقع أن تدخل الخدمة في حاملة الطائرات الصينية الأكثر تقدماً في عام 2024، ويشغل الجيش الصيني مجموعة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز بالإضافة إلى مركبات الانزلاق التي تفوق سرعتها سرعة الصوت DF-17، كما يمتلك طائرات مقاتلة من الجيل الخامس.
  • وقد أجرت القوات البرية لجيش التحرير الشعبي سيناريوهات تدريب واقعية بشكل متزايد لتحسين استعدادها وقدرتها على تنفيذ العمليات، بما في ذلك الغزو المحتمل عبر المضيق.
  • يقوم جيش التحرير الشعبي بتطوير ونشر تقنيات جديدة لتعزيز قدرته على معالجة واستخدام المعلومات على نطاق واسع وبسرعة الآلة، مما يسمح لصناع القرار بالتخطيط والتشغيل ودعم القتال غير التقليدي وغير المتكافئ عبر المجالات. ويجدّ جيش التحرير الشعبي الصيني بالبحث في تطبيقات مختلفة للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك دعم توجيه الصواريخ، وكشف الأهداف وتحديد هويتها، والأنظمة المستقلة.
  • يعمل جيش التحرير الشعبي على تسريع دمج أنظمة معلومات القيادة، مما يوفر للقوات والقادة دراية معزَّزة بالموقف ودعم اتخاذ القرار لتنفيذ المهام والمهام المشتركة بشكل أكثر فعالية.

وسيواصل جيش التحرير الشعبي السعي إلى إنشاء منشآت عسكرية في الخارج واتفاقيات الوصول في محاولة لاستعراض القوة وحماية مصالح الصين في الخارج. وإلى جانب تطوير قاعدة الصين العسكرية في جيبوتي ومنشآتها العسكرية في قاعدة ريام البحرية في كمبوديا، تفيد التقارير أن بكين تفكر في متابعة منشآت عسكرية في مواقع متعددة، بما في ذلك –على سبيل المثال لا الحصر– بورما وكوبا وغينيا الاستوائية وباكستان وسيشيل وسريلانكا وطاجيكستان وتنزانيا والإمارات.

وعلى مدى عِقد من الزمن على الأقل، استخدمت بكين وموسكو أنشطة عسكرية مشتركة رفيعة المستوى للإشارة إلى قوة العلاقة الدفاعية بين الصين وروسيا، لكنهما لم تُجريا سوى تحسينات طفيفة على قابلية التشغيل البيني في التدريبات المتعاقبة.

و- الفضاء

تظل الصين ملتزمة بأن تصبح رائدة في مجال الفضاء على مستوى عالمي، وتستمر في إظهار براعتها المتنامية من خلال نشر أنظمة فضائية ذات قدرة متزايدة والعمل على تحقيق إنجازات علمية طموحة. وبحلول عام 2030، من المحتمل أن تحقق الصين مكانة عالمية في جميع مجالات تكنولوجيا الفضاء باستثناء عدد قليل منها.

  • تعتبر الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع الفضائية (ISR)، بالإضافة إلى تحديد المواقع والملاحة والتوقيت والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، مجالات يواصل جيش التحرير الشعبي الصيني تحسينها لسد الفجوة الملحوظة بينه وبين الجيش الأمريكي.
  • في أوائل عام 2023، أعلنت وكالة الفضاء الصينية المأهولة عن نيتها إرسال رواد فضاء إلى القمر بحلول عام 2030 تقريباً، وهي تعمل على إشراك الدول للانضمام إلى جهود محطة الأبحاث القمرية كجزء من محاولتها الأوسع لتطوير كتلة بديلة لاتفاقيات أرتميس التي تقودها الولايات المتحدة.
  • ينمو قطاع الفضاء التجاري في الصين بسرعة، وهو في طريقه ليصبح منافساً عالمياً رئيسياً بحلول عام 2030. وعلى سبيل المثال، تعمل الصين على تطوير خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض (LEO) للتنافس مع خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التجارية الغربية.

وستكون العمليات الفضائية المضادة جزءاً لا يتجزأ من الحملات العسكرية المحتملة لجيش التحرير الشعبي الصيني، وتمتلك الصين قدرات أسلحة فضائية مضادة تهدف إلى استهداف الأقمار الصناعية للولايات المتحدة وحلفائها. وقد نشرت الصين بالفعل قدرات فضائية مضادة أرضية، بما في ذلك أنظمة الحرب الإلكترونية (EW)، وأسلحة الطاقة الموجَّهة، والصواريخ المضادة للأقمار الصناعية (ASAT) التي تهدف إلى تعطيل الأقمار الصناعية المستهدفة وإتلافها وتدميرها.

  • وأجرت الصين أيضاً عروضاً توضيحية للتكنولوجيا المدارية، والتي على الرغم من أنها ليست اختبارات أسلحة فضائية مضادة، إلا أنها تثبت قدرة الصين على تشغيل أسلحة فضائية مضادة في المستقبل.

ز- الفضاء الإلكتروني

وتظل الصين التهديد السيبراني الأكثر نشاطاً واستمراراً للحكومة الأمريكية والقطاع الخاص وشبكات البنية التحتية الحيوية. وتزيد مساعي التجسس السيبراني في بكين وتصدير صناعتها لتقنيات المراقبة والمعلومات والاتصالات من تهديدات العمليات السيبرانية العدوانية ضد الولايات المتحدة وقمع التدفق الحر للمعلومات في الفضاء السيبراني.

  • قد تكون عمليات جمهورية الصين الشعبية التي اكتشفها القطاع الخاص الأمريكي تهدف إلى التأهب لهجمات إلكترونية مسبقة ضد البنية التحتية في غوام ولتمكين تعطيل الاتصالات بين الولايات المتحدة وآسيا.
  • إذا اعتقدت بكين أن هناك صراعاً كبيراً مع الولايات المتحدة وشيكاً، فإنها ستفكر في شن عمليات إلكترونية عدوانية ضد البنية التحتية الحيوية الأمريكية والأصول العسكرية. وسيتم تصميم مثل هذه الضربة لردع العمل العسكري الأمريكي من خلال إعاقة عملية صنع القرار الأمريكية، وإثارة الذعر المجتمعي، والتدخل في نشر القوات الأمريكية.
  • تقود الصين دول العالم في تطبيق المراقبة والرقابة لمراقبة سكانها وقمع المعارضة. وتجري بكين عمليات اختراق إلكترونية تستهدف التأثير على المواطنين الأمريكيين وغير الأمريكيين خارج حدودها –بما في ذلك الصحفيين والمعارضين والأفراد الذين تعتبرهم تهديدات– لمواجهة وجهات النظر التي تعتبرها تنتقد خطابات الحزب الشيوعي الصيني وسياساته وأفعاله.

ح- عمليات التأثير الخبيثة

تعمل بكين على توسيع نفوذها العالمي السري لدعم أهداف الحزب الشيوعي الصيني بشكل أفضل. وتهدف جمهورية الصين الشعبية إلى زرع الشكوك حول القيادة الأمريكية، وتقويض الديمقراطية، وتوسيع نفوذ بكين. وتركّز العمليات الإعلامية لبكين في المقام الأول على الترويج للخطابات المؤيدة للصين، ودحض الخطابات التي تروج لها الولايات المتحدة، ومواجهة سياسات الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تهدد مصالح بكين، بما في ذلك صورة الصين الدولية، والوصول إلى الأسواق، والخبرة التكنولوجية.

  • إن الجهود المتزايدة التي تبذلها بكين لاستغلال الانقسامات المجتمعية الأمريكية المتصوَّرة بشكل نشط باستخدام شخصياتها عبر الإنترنت، تجعلها أقرب إلى قواعد اللعبة التي تمارسها موسكو في عمليات التأثير.
  • تُظهِر الصين درجة أعلى من التطور في نشاطها النفوذي، بما في ذلك تجربة الذكاء الاصطناعي التوليدي. وبحسب بعض التقارير، استهدفت حسابات تيك توك التي تديرها ذراع الدعاية لجمهورية الصين الشعبية المرشحين من كلا الحزبين السياسيين خلال دورة الانتخابات النصفية الأمريكية في عام 2022.
  • وتكثف بكين جهودها لصياغة الخطاب العام الأمريكي، وخاصة فيما يتعلق بقضايا السيادة الأساسية، مثل هونج كونج وتايوان والتبت وشينجيانج. وتراقب الصين الطلاب الصينيين في الخارج بحثاً عن وجهات نظر معارضة، وتحشد جمعيات الطلاب الصينيين للقيام بأنشطة نيابة عن بكين، وتؤثر على الأبحاث التي يجريها الأكاديميون الأمريكيون وخبراء مراكز الأبحاث.

وقد تحاول الصين التأثير على الانتخابات الأمريكية في عام 2024 على مستوى ما بسبب رغبتها في تهميش منتقدي الصين وتضخيم الانقسامات المجتمعية الأمريكية. وزادت الجهات الفاعلة في جمهورية الصين الشعبية من قدراتها على إجراء عمليات التأثير السرية ونشر المعلومات المضللة. وحتى لو وضعت بكين قيوداً على هذه الأنشطة، فقد يحاول الأفراد الذين لا يخضعون لإشرافها المباشر ممارسة أنشطة التأثير على الانتخابات التي يرون أنها تتماشى مع أهداف بكين.

ط- العمليات الاستخباراتية

ستواصل الصين توسيع وضعها الاستخباراتي العالمي لتعزيز طموحات الحزب الشيوعي الصيني وتحدياته. ويعمل الأمن القومي الأمريكي والنفوذ العالمي على قمع تهديدات النظام المتصوَّرة في جميع أنحاء العالم، ومكافحة سرقة الأسرار التجارية والملكية الفكرية التي تهدف  لدعم قطاعات العلوم والتكنولوجيا المحلية في الصين.

  • سيحاول المسؤولون في أجهزة الاستخبارات في جمهورية الصين الشعبية استغلال بيئة المراقبة الفنية المنتشرة في الصين وتوسيع نطاق استخدامهم للمراقبة، وجمع البيانات، والقدرات التحليلية المتقدمة ضد أهداف الأمن السياسي خارج حدود الصين. وستعمل الصين على توسيع وتحسين قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لعمليات الاستخبارات.
  • تزيد العمليات الاستخباراتية القوية أيضاً من خطر أن تكون لهذه الأنشطة عواقب دولية، مثل تحليق المنطاد على ارتفاعات عالية فوق الولايات المتحدة في شهر فبراير 2023.

ي- التحديات

إن إعطاء الأولوية لأمن واستقرار الحزب الشيوعي الصيني من قِبَل شي جين بينج يقوّض قدرة الصين على حل المشاكل الداخلية المعقّدة وسوف يعوق ذلك تحقيق هدف الحزب الشيوعي الصيني في التحول إلى قوة كبرى على المسرح العالمي. وقد يكون قادة الصين أكثر قلقاً تجاه الفساد، واختلال التوازن الديموغرافي، والصراعات المالية والاقتصادية ــ فكل هذا يؤثر على الأداء الاقتصادي ونوعية الحياة، وهما العاملان الرئيسيان اللذان يعززان الدعم المحلي للحكومة والاستقرار السياسي.

  • أدى التركيز المتزايد على مسائل الأمن القومي في بكين إلى إنشاء قوانين جديدة بشأن أمن البيانات ومكافحة التجسس تستهدف الشركات الأجنبية، ودفع ذلك إلى شن حملات على شركات التكنولوجيا في الصين، مع دعوات إلى المجتمع الصيني بأكمله للمشاركة في أنشطة مكافحة التجسس.
  • ويواصل الرئيس شي التوبيخ بشكل منتظم، والتحذير العلني، والتحقيق، وإجراء عمليات الفصل من العمل على أساس أخطار الفساد. ومع ذلك، ربما لن تنجح جهود مكافحة الفساد أبداً في اقتلاع المشاكل الأساسية من جذورها، بسبب السلطة الكبيرة التي لا مثيل لها التي يتمتع بها كبار مسؤولي الحزب الشيوعي، وإصرار شي على أن جهاز الحزب يتمتع بسلطة حصرية لمراقبة الفساد ومكافحته.
  • وعلى الرغم من تخفيف القيود المفروضة على حدود المواليد، فإن معدل المواليد في الصين مستمر في الانخفاض. وتسير معدلات الزواج على مسار هبوطي مماثل، وهو ما من شأنه أن يعزّز الاتجاهات السكانية السلبية وتقلص القوى العاملة.
  • ويقوّض الخلط الذي يتبناه شي بين التهديدات الأمنية المحلية والخارجية موقف الصين ومكانتها في الخارج، ويقلل من قدرة بكين على التأثير على التصورات العالمية وتحقيق أهدافها. وقد أدى نهج بكين المتشدد تجاه النزعة الانفصالية المزعومة في شينج يانج وهونج كونج والتبت، فضلاً عن حملات القمع الأوسع على الدين والمعارضة في الصين، إلى توليد انتقادات عالمية واسعة النطاق لانتهاكات الصين لحقوق الإنسان والتدخل خارج الحدود الإقليمية.

* * *

روسيا

أ- الأنشطة الإقليمية والعالمية

لقد أدت الحرب العدوانية التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا إلى أضرار جسيمة في الداخل والخارج، لكن تظل روسيا خصماً صامداً وقادراً عبر مجموعة واسعة من المجالات، وتسعى إلى إبراز مصالحها والدفاع عنها عالمياً وتقويض الولايات المتحدة والغرب. ويشكل تعزيز علاقات روسيا مع الصين وإيران وكوريا الشمالية لتعزيز إنتاجها الدفاعي واقتصادها، تحدياً كبيراً للغرب والدول الشريكة. وسوف تستمر روسيا في السعي وراء مصالحها بطرق تنافسية وأحياناً تصادمية واستفزازية، وستمارس الضغوط للتأثير على الدول الأخرى في فضاء ما بعد الحقبة السوفييتية بدرجات متفاوتة.

  • يكاد يكون من المؤكد أن روسيا ليست راغبة في صراع عسكري مباشر مع قوات الولايات المتحدة وقوات حلف شمال الأطلسي، وسوف تستمر في نشاطها غير المتكافئ تحت ما تعتبره عتبة الصراع العسكري على مستوى العالم. وقد يعتقد الرئيس فلاديمير بوتين أن روسيا قد أضعفت الجهود الأوكرانية لاستعادة أراضٍ كبيرة، وأن نهجه في كسب الحرب يؤتي ثماره، وأن الدعم الغربي والأمريكي لأوكرانيا محدود، خاصة في ضوء الحرب التي تدور رحاها حالياً بين إسرائيل وحركة حماس.
  • لقد قلب بوتن النهضة الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية التي حققتها روسيا رأساً على عقب، وألحق الضرر بسمعتها الدولية من خلال الغزو واسع النطاق لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن روسيا تنفذ بعض السياسات لتخفيف هذه التكاليف والاستفادة من العلاقات الخارجية لتقليل الأضرار المرتبطة بالعقوبات وإعادة بناء مصداقيتها كقوة عظمى.
  • إن الارتباط الاقتصادي العميق لموسكو مع بكين يوفر لروسيا سوقاً رئيسية للطاقة والسلع الأساسية، وحماية أكبر من العقوبات المستقبلية، وشريكاً أقوى في معارضة الولايات المتحدة. فالصين تُعَد إلى حد بعيد الشريك التجاري الأكثر أهمية لروسيا، حيث وصلت التجارة الثنائية بينهما إلى أكثر من 220 مليار دولار في عام 2023، متجاوزة بالفعل إجمالي حجمها القياسي لعام 2022 بنسبة 15%.

وستواصل موسكو توظيف جميع مصادر القوة الوطنية المتاحة لتعزيز مصالحها ومحاولة تقويض الولايات المتحدة وحلفائها، لكنها من خلال القيام بذلك ستواجه عدداً من التحديات، مثل الانفصال عن الأسواق والتكنولوجيا الغربية وهروب رأس المال البشري. وسوف يتراوح هذا من استخدام الطاقة لمحاولة فرض التعاون وإضعاف الوحدة الغربية بشأن أوكرانيا، إلى الترهيب العسكري والأمني، والنفوذ الخبيث، والعمليات السيبرانية، والتجسس، والحيل.

  • يسير الناتج المحلي الإجمالي لروسيا على مسار نمو متواضع في عام 2024، لكن قدرتها التنافسية على المدى الطويل تضاءلت مقارنة بتوقعاتها قبل الحرب. فقد عملت روسيا على زيادة الإنفاق الاجتماعي، وهو ما ربما أدى إلى الحد من ردة الفعل الشعبية العنيفة، وزيادة الضرائب على الشركات، وهو ما أدى إلى تعزيز صمود الميزانية وخيارات التمويل.
  • نجحت موسكو في تحويل معظم صادراتها النفطية المنقولة بحراً، وربما تبيع كميات كبيرة تتجاوز الحدود القصوى لأسعار النفط الخام والمنتجات المكررة التي تقودها مجموعة السبع، والتي دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 2022 وفبراير 2023، على التوالي – ويرجع ذلك جزئياً إلى أن روسيا تزيد من استخدامها للخيارات غير الغربية لتسهيل تحويل معظم صادراتها النفطية المنقولة بحراً ولأن أسعار النفط العالمية ارتفعت العام الماضي.
  • سوف تحتفظ روسيا بقدر كبير من نفوذ الطاقة. ففي النصف الأول من عام 2023، كانت روسيا لا تزال ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وأعلنت عن خفض صادراتها من النفط الخام كجزء من التزامها بقرارات أوبك+.
  • وتعمل روسيا على التعويض عن تراجع علاقاتها مع الغرب من خلال توسيع علاقاتها مع الصين، وإيران، وكوريا الشمالية، ودول الجنوب العالمية الرئيسية.
  • وتسلط الجهود المتجددة التي تبذلها أرمينيا ومولدوفا وبعض دول آسيا الوسطى للبحث عن شركاء بديلين، الضوء على مدى الضرر الذي ألحقته الحرب بنفوذ موسكو، حتى في منطقة ما بعد الاتحاد السوفييتي. إن عدم رغبة روسيا في إنفاق الموارد ورأس المال السياسي لمنع أذربيجان من استعادة ناجورنو كاراباخ من الأرمن العرقيين من خلال هجوم عسكري في سبتمبر 2023، يسلط الضوء على كيف أضعفت حرب موسكو في أوكرانيا دورها كمُحكِّم أمني إقليمي.

ب- الصراع في أوكرانيا

كبّدت العملية العسكرية الروسية الخاصة المزعومة ضد أوكرانيا تكاليف كبيرة ودائمة بالنسبة لروسيا، كما فشلت في تحقيق إخضاع أوكرانيا بشكل كامل كما يسعى إليه بوتين في البداية، كما أنها حشدت الغرب للدفاع عن أوكرانيا ضد العدوان الروسي. وتكبدت روسيا خسائر عسكرية أكبر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية – ما يقرب من 300 ألف من الضحايا وتدمير آلاف الدبابات والمركبات القتالية المدرعة.

  • واجه الجيش الروسي، وسيظل، مسائل الاستنزاف، ونقص الأفراد، والتحديات المعنوية، على الرغم من أن اعتماده على الألغام، وإعداد المواقع الدفاعية، والنيران غير المباشرة ساعده على إضعاف الهجمات الأوكرانية في عام 2023.
  • ومع ذلك، فإن هذا المأزق يخدم المزايا العسكرية الاستراتيجية لروسيا ويعمل على نحو متزايد على تحويل الزخم لصالح موسكو. وتعمل صناعة الدفاع الروسية بشكل كبير على تكثيف إنتاج مجموعة كاملة من الأسلحة الهجومية بعيدة المدى، وذخائر المدفعية، وغيرها من القدرات التي من شأنها أن تسمح لها بمواصلة حرب طويلة شديدة الحدة إذا لزم الأمر. وفي نفس الوقت، حقّقت موسكو مكاسب متزايدة ومستمرة في ساحة المعركة منذ أواخر عام 2023، وتستفيد من عدم اليقين بشأن مستقبل المساعدة العسكرية الغربية.

ج- الجيش

ستواجه القوات العسكرية في موسكو تعافياً يمتد لعدة سنوات بعد أن تكبّدت خسائر كبيرة في المعدات والأفراد خلال الصراع في أوكرانيا. وستكون موسكو أكثر اعتماداً على القدرات النووية والفضائية المضادة للردع الاستراتيجي بينما تعمل على إعادة بناء قوتها البرية. وبصرف النظر عن ذلك، ستستمر القوات الجوية والبحرية الروسية في تزويد موسكو ببعض قدرات استعراض القوة العالمية.

  • لقد أصبح من شبه المؤكد أن خطط موسكو المعلنة لتوسيع قواتها البرية على نطاق واسع لن تحقق الهدف المطلوب، لكنها مع ذلك ستؤدي مع مرور الوقت إلى جيش أضخم، حتى وإن لم يكن أفضل نوعياً. لقد نجحت روسيا في تجنيد أعداد قياسية من الأفراد المتعاقدين من خلال تقديم فوائد كبيرة والتلاعب بالدعاية حول الحرب في أوكرانيا. ومن المحتمل أن توفر الزيادات المستمرة في الإنفاق الدفاعي تمويلاً كافياً لزيادة القوى العاملة تدريجياً دون أن تضطر موسكو إلى اللجوء إلى تعبئة جنود الاحتياط.

 

د- أسلحة الدمار الشامل

وستواصل روسيا تحديث قدراتها في مجال الأسلحة النووية، حيث تحتفظ بأكبر مخزون من الأسلحة النووية وأكثره تنوعا. وترى موسكو أن قدراتها النووية ضرورية للحفاظ على الردع وتحقيق أهدافها في صراع محتمل ضد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وترى في ذلك الضامن النهائي للاتحاد الروسي.

  • لا يزال عجز روسيا عن تحقيق انتصارات سريعة وحاسمة في ساحة المعركة، إلى جانب الضربات الأوكرانية داخل روسيا، يثير المخاوف من أن بوتين قد يستخدم الأسلحة النووية. ففي عام 2023، أعلن بوتين علناً عن استعداده لنقل الأسلحة النووية إلى بيلاروسيا استجابة لطلب طويل الأمد من مينسك.
  • سوف تستمر موسكو في تطوير صواريخ بعيدة المدى ذات قدرة نووية وأنظمة توصيل تحت الماء تهدف إلى اختراق الدفاعات الصاروخية الأمريكية أو تجاوزها. وتعمل روسيا على توسيع وتحديث مجموعتها الكبيرة والمتنوعة من أنظمتها غير الاستراتيجية، القادرة على حمل رؤوس حربية نووية أو تقليدية، لأن موسكو تعتقد أن مثل هذه الأنظمة توفر خيارات لردع الخصوم، والسيطرة على تصعيد الأعمال العدائية المحتملة، ومواجهة القوات التقليدية للولايات المتحدة وحلفائها.

وسوف تستمر روسيا في تشكيل تهديد يتعلق بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية. فقد قامت المعاهد العلمية هناك بأبحاث وتطوير قدرات الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، بما في ذلك تقنيات إيصال معامِلات الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. وتحتفظ روسيا ببرنامج غير معلن للأسلحة الكيميائية واستخدمت الأسلحة الكيميائية مرتين على الأقل خلال السنوات الأخيرة: في محاولات اغتيال بغاز الأعصاب نوفيتشوك، المعروف أيضاً باسم عوامل الجيل الرابع، ضد زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني في عام 2020 وضد المواطن البريطاني سيرجي سكريبال وابنته يوليا سكريبال على أراضي المملكة المتحدة في عام 2018.

هـ- الفضاء الإلكتروني

سوف تشكل روسيا تهديداً إلكترونياً عالمياً دائماً حتى مع إعطاء الأولوية للعمليات الإلكترونية في الحرب الأوكرانية. حيث تنظر موسكو إلى الاضطرابات السيبرانية باعتبارها أداة للسياسة الخارجية لتشكيل قرارات الدول الأخرى وتعمل باستمرار على تحسين واستخدام قدرات التجسس والنفوذ والهجوم ضد مجموعة متنوعة من الأهداف.

  • وتحافظ روسيا على قدرتها على استهداف البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الكابلات تحت الماء وأنظمة التحكم الصناعية، في الولايات المتحدة وكذلك في الدول الحليفة والشريكة.

و- عمليات التأثير الخبيثة

ستظل روسيا تشكل تهديداً خطيراً للنفوذ الأجنبي بسبب جهودها واسعة النطاق لمحاولة تقسيم التحالفات الغربية، وتقويض مكانة الولايات المتحدة العالمية، وزرع بذور الشقاق الداخلي، بما في ذلك بين الناخبين داخل الولايات المتحدة وشركاء الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم. وسوف تستمر حرب روسيا في أوكرانيا في الظهور بشكل كبير في أبرز رسائلها.

  • تنظر موسكو إلى الانتخابات الأمريكية على أنها فُرَص، وقد أجرت عمليات تأثير لعقود من الزمن، وحتى وقت قريب، مثل الانتخابات النصفية الأمريكية في عام 2022. وتفكر روسيا في كيفية القيام بذلك. ويمكن أن تؤثر نتائج الانتخابات الأمريكية في عام 2024 على الدعم الغربي لأوكرانيا، وربما ستحاول التأثير على الانتخابات بطرق تدعم مصالحها وأهدافها على أفضل وجه.
  • قامت الجهات المؤثرة في روسيا بتكييف جهودها لإخفاء نفسها بشكل أفضل، وقد تستخدم تقنيات جديدة، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، لتحسين قدراتها والوصول إلى الجماهير الغربية.

ز- الفضاء

ستظل روسيا منافساً رئيسياً في مجال الفضاء على الرغم من مواجهة الصعوبات الناجمة عن آثار العقوبات الدولية الإضافية وضوابط التصدير، ومشاكل قطاع الفضاء المحلي، والمنافسة المتوترة بشكل متزايد على موارد البرنامج داخل روسيا. وتعطي موسكو الأولوية للأصول ذات الأهمية الحيوية لأمنها القومي وتكامل الخدمات الفضائية – مثل الاتصالات، تحديد المواقع والملاحة والتوقيت، والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR).

  • تستخدم موسكو أقمارها الصناعية المدنية والتجارية للاستشعار عن بعد لتكملة القدرات العسكرية المخصصة، وقد حذّرت من أن البنية التحتية التجارية للدول الأخرى في الفضاء الخارجي المستخدمة لأغراض عسكرية يمكن أن تصبح هدفاً مشروعاً.
  • تواصل روسيا تدريب عناصرها العسكرية الفضائية ونشر أسلحة جديدة مضادة للأقمار الصناعية لتعطيل وإضعاف القدرات الفضائية للولايات المتحدة وحلفائها. وهي تعمل على توسيع ترسانتها من أنظمة التشويش، وأسلحة الطاقة الموجهة، وقدرات الفضاء المضاد في المدار، وصواريخ مضادة للأقمار الصناعية الأرضية المصممة لاستهداف الأقمار الصناعية الأمريكية وحلفائها.
  • تستثمر روسيا في الحرب الإلكترونية وأسلحة الطاقة الموجهة لمواجهة الأصول الغربية الموجودة في المدار، وتستمر في تطوير صواريخ مضادة للأقمار الصناعية الأرضية قادرة على تدمير الأهداف الفضائية في المدار الأرضي المنخفض.

ح- التحديات

وبينما يصور بوتين فشل ثورة مجموعة فاجنر في شهر يونيو 2023 كدليل على أن المجتمع الروسي متحد خلف قيادته، فإنه لا يزال يواجه تحديات محلية، بما في ذلك الدعم من النخب، والضغوط الاقتصادية، وعبء الحرب في أوكرانيا.

  • ربما تحتاج موسكو إلى الموازنة بين الإنفاق العسكري المتزايد والحاجة إلى إيرادات إضافية دون إثقال كاهل الشركات الخاصة والمدعومة من الدولة أو الجمهور الروسي بتكاليف الحرب. وتواجه روسيا مشاكل طويلة الأمد بما في ذلك نقص الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاع الطاقة.

* * *

إيران

أ- الأنشطة الإقليمية والعالمية

ستستمر إيران في تهديد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها ونفوذها في الشرق الأوسط، حيث تعتزم ترسيخ مكانتها الناشئة كقوة إقليمية مع تقليل التهديدات التي يتعرض لها النظام وخطر الصراع العسكري المباشر. وستحاول طهران الاستفادة من النجاحات العسكرية الأخيرة من خلال شبكة التهديدات الجريئة، والمكاسب الدبلوماسية، وبرنامجها النووي الموسع، ومبيعاتها العسكرية لتعزيز طموحاتها، بما في ذلك من خلال محاولة تعزيز العلاقات مع موسكو. وسوف تسعى إيران إلى استخدام الصراع في غزة للتنديد بـ “إسرائيل”، وشجب دورها في المنطقة، ومحاولة إثناء دول الشرق الأوسط الأخرى عن تحسين العلاقات مع تل أبيب، في حين تشيد بالدور الذي تلعبه إيران باعتبارها نصيرة القضية الفلسطينية. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يخفي موقف إيران من الصراع التحديات التي تواجهها داخلياً، حيث لا يزال الأداء الاقتصادي الضعيف والمظالم الاجتماعية بمثابة اختبار للنظام.

  • إن عقوداً من تنمية العلاقات وتوفير الدعم والتمويل والأسلحة والتدريب لشركائها ووكلائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك حزب الله اللبناني والحوثيين والميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا، ستمكن طهران من الاستمرار في إظهار قدراتها. فعالية الاستفادة من هؤلاء الأعضاء في “محور المقاومة”، وهو اتحاد فضفاض من الجهات الإرهابية والمتشددة ذات التفكير المماثل. وكانت طهران قادرة على استعراض القدرات العسكرية للشبكة في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث نظمت هجمات مناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة. هجمات من لبنان إلى مضيق باب المندب مع حماية القادة الإيرانيين من عواقب وخيمة.
  • إن عقوداً من تنمية العلاقات وتوفير الدعم والتمويل والأسلحة والتدريب لشركائها ووكلائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك حزب الله اللبناني والحوثيين والميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا، ستمكِّن طهران من الاستمرار في إظهار فعاليتها والاستفادة من هؤلاء الأعضاء في “محور المقاومة”، وهو اتحاد فضفاض من الجهات الفاعلة “الإرهابية” والمتشددة ذات التفكير المماثل. واستطاعت طهران استعراض القدرات العسكرية للشبكة في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر، حيث نظمت هجمات مناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة من لبنان إلى مضيق باب المندب، مع حماية القادة الإيرانيين من عواقب وخيمة.
  • وسعت إيران نفوذها الدبلوماسي خلال عام 2023 من خلال تحسين العلاقات مع روسيا والسعودية والعراق. وقد أبدت إيران استعدادها لإعادة تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 لتخفيف العقوبات، لكن دعم طهران المستمر للوكلاء “الإرهابيين” والتهديدات الموجهة إلى المسؤولين الأمريكيين السابقين لم تساعد على التوصل إلى اتفاق.
  • لا تزال بذور السخط الشعبي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية موجودة في إيران ويمكن أن تهدد بمزيد من الصراع الداخلي كما رأينا في الاحتجاجات الواسعة النطاق والمطولة داخل إيران خلال أواخر عام 2022 وأوائل عام 2023.
  • وستواصل إيران أيضاً تهديد الأشخاص الأمريكيين بشكل مباشر في الشرق الأوسط وستظل ملتزمة بجهودها المستمرة منذ عقد من الزمن لتطوير شبكات بديلة داخل الولايات المتحدة. تسعى إيران إلى استهداف مسؤولين أمريكيين سابقين وحاليين انتقاماً لمقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020، وقد حاولت سابقاً تنفيذ عمليات مميتة في الولايات المتحدة.
  • الصراع في غزة ودعم إيران لحماس يمكن أن يزيد من إضعاف محاولات إيران للقيام بتحسين مكانتها الدولية وجذب الاستثمار الأجنبي.

وستظل إيران تشكل تهديداً لإسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة بعد فترة طويلة من الصراع في غزة، وربما ستواصل تسليح ومساعدة حلفائها لتهديد الولايات المتحدة بالإضافة إلى دعم حماس وآخرين يسعون إلى عرقلة تسوية سلمية بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي حين ستظل إيران حريصة على تجنب الصراع المباشر مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، فإنها مع ذلك مكَّنت عشرات من هجمات الميليشيات الصاروخية والصاروخية والطائرات بدون طيار ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا، تبادل إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل على الحدود الشمالية مع لبنان، وصواريخ الحوثي وهجمات المسيّرات، سواء على إسرائيل مباشرة أو على السفن التجارية الدولية التي تعبر البحر الأحمر.

ب- أسلحة الدمار الشامل

لا تقوم إيران حالياً بتنفيذ أنشطة لتطوير الأسلحة النووية الأساسية اللازمة لإنتاج جهاز نووي قابل للاختبار. ومع ذلك، فمنذ عام 2020، صرحت طهران بأنها لم تعد مقيّدة بأي قيود في خطة العمل الشاملة المشتركة، وقامت إيران بتوسيع برنامجها النووي بشكل كبير، وقلّصت المراقبة التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقامت بأنشطة تجعلها في وضع أفضل لإنتاج جهاز نووي، إذا اختارت القيام بذلك.

  • تستخدم إيران برنامجها النووي لبناء نفوذها التفاوضي والاستجابة للضغوط الدولية المتصوَّرة. وقالت طهران إنها ستعيد تفعيل الحدود التي وردت في خطة العمل الشاملة المشتركة إذا أوفت الولايات المتحدة بالتزاماتها في خطة العمل الشاملة المشتركة وأغلقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقيقاتها المعلقة في مجال الضمانات. وقامت طهران بمزج كمية صغيرة من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% وخفضت معدل إنتاجها بشكل كبير من يونيو إلى نوفمبر 2023.
  • تستمر إيران في زيادة حجم ومستوى تخصيب مخزونها من اليورانيوم، وتطوير وتصنيع وتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة. وتمتلك طهران البنية التحتية والخبرة اللازمة لإنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة بسرعة، إذا اختارت القيام بذلك.
  • ومن المحتمل أن تفكر إيران في تركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً، أو زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب، أو تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 90 بالمائة رداً على عقوبات إضافية أو هجمات أو انتقادات ضد برنامجها النووي.

وربما تهدف إيران إلى مواصلة البحث وتطوير العوامل الكيميائية والبيولوجية لأغراض هجومية. لقد أجرى العلماء العسكريون الإيرانيون أبحاثاً حول المواد الكيميائية والسموم والمنظمات الحيوية، وكلها لها نطاق واسع من التخدير، والتفكك، وتأثيرات فقدان الذاكرة.

ج- الجيش

إن النهج الهجين الذي تتبعه إيران في الحرب – باستخدام القدرات التقليدية وغير التقليدية – سيشكل تهديداً لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة في المستقبل المنظور. إن العمليات الحربية غير التقليدية التي تقوم بها إيران وشبكة الشركاء والوكلاء المسلحين تمكن طهران من تحقيق مصالحها والحفاظ على العمق الاستراتيجي مع قدر من الإنكار.

  • بدأت إيران في استلام طائرات تدريب متقدمة ومن المحتمل أن تسعى للحصول على أنظمة أسلحة تقليدية جديدة، مثل الطائرات المقاتلة المتقدمة والمروحيات ودبابات القتال الرئيسية. ومع ذلك، فإن القيود المفروضة على الميزانية سوف تبطئ وتيرة وحجم عمليات الاستحواذ.
  • سوف تستمر القدرات الصاروخية والطائرات بدون طيار والدفاع الجوي والبحرية الإيرانية في تهديد الأصول التجارية والعسكرية للولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط.

تمتلك برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية أكبر مخزون في المنطقة، وتؤكد طهران على تحسين دقة صواريخها وقدرتها على القتل وموثوقيتها. وفي نفس الوقت، فإن عمل إيران على مركبات الإطلاق الفضائية –بما في ذلك سيمورج– من شأنه أن يقصر الجدول الزمني لإنتاج صاروخ باليستي عابر للقارات، إذا قررت تطوير ذلك، لأن الأنظمة تستخدم تقنيات مماثلة.

د- عمليات التأثير السيبراني والخبيثة

إن خبرة إيران المتزايدة واستعدادها للقيام بعمليات سيبرانية عدوانية تجعلها تهديداً كبيراً لأمن الشبكات والبيانات للولايات المتحدة والحلفاء والشركاء. ويُعرّض النهج الانتهازي الذي تتبعه طهران في التعامل مع الهجمات السيبرانية البنية التحتية الأمريكية لخطر الاستهداف، خاصة وأن هجماتها السابقة ضد أهداف إسرائيلية تظهر أن إيران مستعدة لاستهداف الدول التي تتمتع بقدرات سيبرانية أقوى منها. وستواصل إيران القيام بعمليات نفوذ خبيثة في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى، بما في ذلك محاولة تقويض العمليات السياسية الأمريكية وتضخيم الخلاف.

وقبل مجيء الانتخابات الأمريكية في عام 2024، قد تحاول إيران إجراء عمليات تأثير تستهدف المصالح الأمريكية، بما في ذلك استهداف الانتخابات الأمريكية، بعد أن أظهرت الرغبة والقدرة على القيام بذلك في الماضي.

  • خلال الدورة الانتخابية الأمريكية لعام 2020، حصلت الجهات الفاعلة الإلكترونية الإيرانية أو حاولت الحصول على معلومات الناخبين الأمريكيين، وأرسلت رسائل بريد إلكتروني تهديدية للناخبين، ونشرت معلومات مضللة حول الانتخابات. وقد طورت نفس الجهات الفاعلة الإيرانية أنشطتها وطورت مجموعة جديدة من التقنيات، التي تجمع بين القدرات السيبرانية وقدرات النفوذ، التي يمكن لإيران نشرها خلال الدورة الانتخابية الأمريكية عام 2024.

هـ- التحديات

وعلى الرغم من الاحتجاجات المستمرة في أواخر عام 2022 وأوائل عام 2023، لا تزال إيران تواجه تحديات داخلية تحد من قدرة النظام على تحقيق أهدافه. ويشكل سوء الإدارة والعقوبات الدولية مكابح للاقتصاد وتحد من قدرة النظام على شراء الدعم المحلي والشرعية.

  • لا يزال الاقتصاد الإيراني يعاني في ظل ارتفاع معدل التضخم، والذي من المرجح أن يصل إلى 40% بحلول عام 2023، وضغوط العقوبات، وانخفاض قيمة العملة. وأغلب الأجور غير قادرة على مواكبة الأسعار المرتفعة، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية لدى الأسر. وخلال السنوات المقبلة، ستواجه إيران أيضاً تحديات متزايدة بسبب تغير المناخ مع ندرة المياه.
  • إن اعتماد إيران على عائدات تصدير النفط وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين –أكبر مشتري للنفط في إيران– ينذر بضعف الإيرادات بالنسبة لطهران واحتمال ارتفاع العجز في الميزانية، مما قد يؤدي على الأرجح إلى خفض الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، بما في ذلك الطاقة والمياه.
  • يشغل المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، هذا المنصب منذ عام 1989 وهو في منتصف الثمانينات من عمره. وقد يمثل رحيله في نهاية المطاف تحدياً لنظام يتسم بالانقسام النخبوي الذي لم يمر سوى بمرحلة انتقال واحدة لسلطة لزعيم الأعلى.

* * *

كوريا الشمالية

أ- الأنشطة الإقليمية والعالمية

سيواصل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون السعي وراء القدرات العسكرية النووية والتقليدية التي تهدد الولايات المتحدة وحلفائها، وهو ما سيمكّنه من اتخاذ إجراءات عدوانية دورية بينما يحاول إعادة تشكيل البيئة الأمنية الإقليمية لصالحه. لقد خرجت كوريا الشمالية من أعمق فترة من العزلة مدفوعة بمزيج مما يقرب من عقدين من العقوبات الصارمة التي فرضتها الأمم المتحدة والإغلاق الذي فرضته على نفسها بسبب فيروس كورونا. واليوم تسعى بيونح يانح إلى إقامة علاقات أقوى مع الصين وروسيا بهدف زيادة المكاسب المالية والدعم الدبلوماسي والتعاون الدفاعي. ويكاد يكون من المؤكد أن كيم لا ينوي التفاوض على التخلي عن برنامجه النووي، الذي يعتبره ضامناً لأمن النظام والفخر الوطني. وبالإضافة إلى ذلك، قد يأمل كيم أن يتمكن من استخدام علاقاته الدفاعية المزدهرة مع روسيا لتحقيق هدفه المتمثل في تحقيق القبول الدولي كقوة نووية.

  • في أواخر عام 2023، استضاف كيم وفوداً صينية وروسية رفيعة المستوى في بيونج يانج، وقام بأول رحلة له إلى الخارج منذ ظهور جائحة كوفيد-19 للقاء الرئيس بوتين. ومنذ هذا الاجتماع، ربما بدأت كوريا الشمالية في شحن الذخائر إلى روسيا لدعم الصراع مع أوكرانيا في مقابل تنازلات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية.
  • رداً على تعزيز التعاون الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، سعت بيونج يانج إلى إظهار الخطر الذي تشكله قواتها العسكرية من خلال إطلاق الصواريخ والخطاب الذي يهدد بالانتقام النووي. وتقوم كوريا الشمالية بشكل روتيني بضبط توقيت إطلاق الصواريخ والمظاهرات العسكرية لمواجهة التدريبات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وذلك جزئياً لمحاولة إجبار البلدين على تغيير سلوكهما ومواجهة السياسات المتشددة التي ينتهجها الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول تجاه الشمال.
  • سوف تنخرط كوريا الشمالية على نحو متزايد في أنشطة غير مشروعة، بما في ذلك نشر العمالة في مجال السرقة الإلكترونية واستيراد وتصدير السلع المحظورة من قبل الأمم المتحدة، لتمويل أولويات النظام مثل برنامج أسلحة الدمار الشامل.

ب- أسلحة الدمار الشامل

ويظل كيم ملتزماً بقوة بتوسيع ترسانة الأسلحة النووية في البلاد، والتي تشكل حجر الزاوية في هيكل الأمن القومي.

  • في مارس 2023، أمر كيم بزيادة مخزون الأسلحة النووية وتوسيع إنتاج المواد النووية المستخدمة في صنع الأسلحة. وكشفت كوريا الشمالية أيضاً عن رأس حربي نووي تكتيكي مزعوم، وادعت أنه يمكن تركيبه على ثمانية أنظمة توصيل على الأقل، بما في ذلك مركبة بدون طيار تحت الماء وصواريخ كروز.
  • استعدت كوريا الشمالية لاستئناف التجارب النووية في موقع بونجيي منذ منتصف عام 2022.

وتحتفظ كوريا الشمالية بقدراتها في مجال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وقد تستخدم بيونج يانج مثل هذه الأسلحة أثناء الصراع أو في هجوم غير تقليدي أو سري.

ج- الجيش

سوف تشكل المؤسسة العسكرية لكوريا الشمالية تهديداً خطيراً للولايات المتحدة وحلفائها من خلال استثمارها في القدرات المتخصصة المصممة لتزويد كيم بخيارات لردع التدخل الخارجي، والتعويض عن أوجه القصور الدائمة في القوات التقليدية للبلاد، وتعزيز أهدافه السياسية من خلال الإكراه. ويظل كيم ملتزماً بقوة بتطوير القدرات التي تهدف إلى تحدي الدفاع الصاروخي الإقليمي، وتنويع الخيارات لإيصال الرؤوس الحربية النووية، وتعزيز قدرات الضربة الثانية.

  • تعمل كوريا الشمالية على تطوير قدراتها التقليدية، على الرغم من أن الاختبار والنشر يتم بوتيرة أبطأ مقارنة بالتطورات في القوة الصاروخية، نظراً للأولوية والقيود النظامية على الموارد. في عام 2023، عرضت كوريا الشمالية أنظمة جديدة للطائرات بدون طيار تبدو مشابهة للمسيَّرات الأمريكية “إم كيو-9 ريبر” و “جلوبال هوك”، ولو أن القدرة التقنية قد تكون محدودة مقارنة بالأنظمة الأمريكية.
  • وسيواصل كيم إعطاء الأولوية للجهود الرامية إلى بناء قوة صاروخية أكثر قدرة –من صواريخ كروز إلى الصواريخ البالستية العابرة للقارات، والمركبات المنزلقة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت– والمصممة للتهرب من الدفاعات الصاروخية الأمريكية والإقليمية، ويستورد مجموعة متنوعة من السلع ذات الاستخدام المزدوج في انتهاك لعقوبات الأمم المتحدة، في المقام الأول من الصين وروسيا.
  • في عام 2023، أطلقت كوريا الشمالية غواصتها الصاروخية الباليستية بعد سنوات من تحسين غواصة قديمة من طراز روميو. وقد أعلن كيم عن نيته تحويل المزيد من الغواصات للقيام بمهمة مماثلة.
  • في شهر يناير 2024، أطلقت بيونج يانج صاروخاً جديداً يعمل بالوقود الصلب، زعمت أنه صاروخ باليستي متوسط المدى ومجهز بمركبة إعادة دخول تفوق سرعتها سرعة الصوت وقادرة على المناورة.
  • في عام 2023، أطلقت كوريا الشمالية ثلاث مركبات فضائية، فشلت اثنتان منها ونجحت الثالثة في وضع قمر صناعي في المدار.
  • في عام 2023، أجرت كوريا الشمالية خمس اختبارات طيران لصواريخها الباليستية العابرة للقارات، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات ” هواسونج-15″ و “هواسونج-17″ التي تعمل بالوقود السائل، بالإضافة إلى صاروخها الباليستي العابر للقارات الجديد الذي يعمل بالوقود الصلب، ” هواسونج-18″.

د- الفضاء الإلكتروني

سيشكل البرنامج السيبراني لكوريا الشمالية تهديداً تجسسياً وجريمة إلكترونية وهجوماً متطوراً وخاطفاً. وقد نضجت قوات بيونج يانج الإلكترونية وأصبحت قادرة تماماً على تحقيق مجموعة متنوعة من الأهداف الاستراتيجية ضد أهداف متنوعة، بما في ذلك هدف أوسع محدد في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

وستواصل كوريا الشمالية حملتها السيبرانية المستمرة، وخاصة سرقة العملات المشفرة، والبحث عن مجموعة واسعة من الأساليب لغسل العملات المشفرة المسروقة وصرفها، والحفاظ على برنامج للعاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات الذين يخدمون في الخارج لكسب أموال إضافية.

هـ- التحديات

وبينما تمكّنت كوريا الشمالية من التغلب على آثار الوباء (جائحة كورونا) وعزلتها الشديدة التي فرضتها على نفسها، فعلى المدى الطويل، سيتعين على كيم أن يوازن بين رغبته في السيطرة المطلقة على الدولة والتأثير السلبي على الرفاهية الاقتصادية لبلاده. لقد أعطى نظام كيم الأولوية لإعادة مركزية السلطة فوق سكانه واقتصاده من خلال حملات القمع الوحشية وسوء الإدارة الخطير للزراعة، والتي ربما تؤدي إلى تفاقم الظروف المعيشية. يخشى النظام الكوري الشمالي منذ فترة طويلة من فقدان السيطرة على شعبه ويحاول التراجع عن المستويات المتواضعة نسبياً للنشاط الاقتصادي الخاص التي نشأت منذ التسعينيات وضمان سيطرة الدولة على الحياة اليومية.

  • كان المقصود من حملة إعادة مركزية النظام ضمان بقاء حكم عائلة كيم على المدى الطويل. وتنبع حدتها من انهيار الدكتاتوريات الشيوعية خلال التسعينيات، حيث أدى التآكل التدريجي للسلطة وتسلل الأفكار الأجنبية إلى تقويض الدولة في نهاية المطاف. وتقيد حملة القمع سبل العيش وتعزز ضوابط الدولة غير الفعالة، مما يساهم في نقص الغذاء وبعض التراجع في النظام المدني – وخاصة جرائم العنف.

* * *

الصراعات والهشاشة

تمهيد

لا يزال احتمال نشوب صراع بين بعض الدول واضطرابات داخلية في دول أخرى حول العالم يشكل تحديات للأمن القومي الأمريكي، سواء بشكل مباشر أو كتهديد لحلفائنا وشركائنا. ويمكن أن يتفاقم التوتر وعدم الاستقرار المتزايد من بؤر التوتر هذه بسبب المنافسة العالمية المتزايدة على القوى نظراً للمشهد الأمني المعقد والمترابط. فالصراعات، وخاصة تلك التي تعطل تدفقات التجارة والاستثمار العالمية، قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة الهشاشة الاقتصادية حتى في الدول التي لا تشارك بشكل مباشر في الصراع أو بعيدة كل البعد عن الصراع. على سبيل المثال، شهدت السياحة، التي تعد مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية لمصر والأردن ولبنان، انخفاضاً حاداً منذ اندلاع الحرب في غزة، وساعد انقطاع الصادرات الغذائية الأوكرانية في عام 2022 على ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية. حيث إن الصراعات الإقليمية والمحلية لها آثار بعيدة المدى ومتتالية في بعض الأحيان، ليس فقط على الدول المجاورة، بل على العالم أيضاً. وبالإضافة إلى كون الحرب في غزة بمثابة تجسيد لهذه الظاهرة، فإن هذا الصراع يسلط الضوء أيضاً على احتمال امتداده إلى صراع أكبر وأكثر خطورة.

أ- الصراع في غزة

أدى هجوم حماس ضد إسرائيل في أكتوبر 2023 والحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل على غزة منذ ذلك الوقت إلى زيادة التوترات في جميع أنحاء المنطقة حيث يقوم وكلاء إيران وشركاؤها بهجمات مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، سواء لدعم حماس أو للضغط على الولايات المتحدة. ويتم تضخيم التغطية الإعلامية للدمار والخسائر في الأرواح من خلال الحملات النشطة على وسائل التواصل الاجتماعي من جميع الجوانب، مما يثير ردود الفعل العامة بين الدول المجاورة وفي جميع أنحاء العالم. وسوف تواجه إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة بسبب الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة، وسوف تؤدي الهجمات التي تدعمها إيران إلى تعريض الاستقرار في لبنان، والعراق، والخليج، والبحر الأحمر للخطر. ولا يزال خطر التصعيد إلى صراع مباشر بين الدول، سواء كان مقصوداً أو غير مقصود، مرتفعاً.

  • يشكل الصراع في غزة تحدياً للعديد من الشركاء العرب الرئيسيين، الذين يواجهون مشاعر عامة ضد إسرائيل والولايات المتحدة بسبب الموت والدمار الذي تقوم به في غزة، ولكنهم يرون أيضاً أن الولايات المتحدة هي وسيط القوة الذي يتمتع بوضع أفضل لردع المزيد من العدوان وإنهاء الصراع قبل أن يمتد إلى عمق المنطقة.

وتحاول إسرائيل وإيران معايرة تصرفاتهما ضد بعضهما البعض لتجنب التصعيد إلى صراع مباشر واسع النطاق. ونحن نقدّر أن القادة الإيرانيين لم ينسّقوا ولم يكن لديهم علم مسبق بالهجوم الذي شنّته حماس في السابع من أكتوبر.

ومنذ شهر أكتوبر 2023، شجّعت إيران ومكّنت مختلف وكلائها وشركائها المختلفين – بما في ذلك حزب الله والجماعات المدعومة من إيران في العراق وسوريا والحوثيين في اليمن – من شن ضربات ضد المصالح الإسرائيلية أو الأمريكية في المنطقة.

  • يقوم حزب الله بموازنة هذا الضغط على إسرائيل من الشمال بينما يحاول تجنب حرب أوسع من شأنها أن تدمر حزب الله ولبنان. ومع ذلك، من المحتمل أن تنظر قيادة حزب الله في مجموعة من الخيارات الانتقامية اعتماداً على تصرفات إسرائيل في لبنان خلال العام المقبل.
  • في العراق، من شبه المؤكد أن الميليشيات المتحالفة مع إيران ستواصل هجماتها ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا.
  • إن الهجمات المستمرة التي يشنها الحوثيون بالصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات بدون طيار ضد السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر، والتي تعطل الشحن الدولي، وكذلك على إسرائيل، تخلق خطراً حقيقياً لتصعيد أوسع نطاقاً.

وقام كل من تنظيمي القاعدة وداعش، بإلهام من هجوم حماس في السابع من أكتوبر، بتوجيه مؤيديهما إلى شن هجمات ضد المصالح الإسرائيلية والأمريكية. ويشجع هجوم حماس الأفراد على القيام بأعمال إرهابية معادية للسامية ومعادية للإسلام في جميع أنحاء العالم، ويحفز الأفراد للاستفادة من المحنة الفلسطينية للتجنيد والإلهام لتنفيذ الهجمات. وقد أشادت حركة المقاومة الشمالية –وهي منظمة نازية جديدة عابرة للحدود الوطنية– بالهجوم علناً، مما يوضح مدى جذب الصراع لمجموعة من الجهات الفاعلة التي تمثل تهديداً.

وفيما يتعلق بغزة، فإن إسرائيل ما زالت تصر على استهداف تدمير حماس، التي يدعمها سكانها على نطاق واسع. ولكن على عكس ذلك، من المرجح أن تواجه إسرائيل مقاومة مسلحة متواصلة من قِبَل حماس لسنوات قادمة، وسوف تناضل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من أجل تحييد البنية الأساسية تحت الأرض التابعة لحماس، والتي تسمح للمقاومين بالاختباء، واستعادة قوتهم، ومفاجأة القوات الإسرائيلية.

وستكون هياكل الحكم والأمن في غزة والضفة الغربية، فضلاً عن حل الوضع الإنساني في غزة وإعادة البناء، مكونات أساسية للعلاقة الإسرائيلية الفلسطينية طويلة الأمد.

  • أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علناً عن معارضته لدبلوماسية ما بعد الحرب مع السلطة الفلسطينية من أجل التوصل إلى تسوية إقليمية.
  • إن قدرة نتنياهو على البقاء كزعيم، فضلاً عن ائتلافه الحاكم المؤلف من أحزاب اليمين المتطرف والأحزاب الدينية المتطرفة التي اتبعت سياسات متشددة بشأن القضايا الفلسطينية والأمنية، قد تكون في خطر.

وقد تعمقت واتسعت حالة عدم الثقة في قدرة نتنياهو على الحكم لدى الجمهور مقارنة بمستوياتها المرتفعة بالفعل قبل الحرب، ونتوقع احتجاجات كبيرة تطالب باستقالته وإجراء انتخابات جديدة. ومن الممكن تشكيل حكومة مختلفة وأكثر اعتدالاً.

وسيكون العداء المستمر بين حماس والسلطة الفلسطينية عاملاً في نتائج الحكم، وكذلك الدعم الشعبي الواسع الذي تتمتع به حماس. وسيتوقف الكثير أيضاً على قرارات إسرائيل بشأن كيفية التعامل مع غزة في أعقاب حملتها العسكرية الحالية، فضلاً عن حجم ونطاق دعمها للسلطة الفلسطينية.

ب- الصراع المحتمل بين الدول

يمكن أن يكون للصراع بين الدول آثار أمنية واقتصادية وإنسانية أوسع نطاقًا على المستوى الإقليمي وحتى العالمي. وفيما يلي بعض الصراعات المحتملة بين الدول، والتي يمكن أن تمتد وتترتب عليها تداعيات قد تتطلب اهتماماً أمريكياً فورياً.

الصين البحرية

ستؤدي جهود بكين لمحاولة تأكيد مطالباتها السيادية على الجزر في بحر الصين الجنوبي والشرقي إلى توتر شديد مستمر بين الصين الشعبية والمطالبين المتنافسين المجاورين لها وزيادة فرص سوء التقدير، على الرغم من أن بكين ربما تفضل تجنب الصراع المباشر. وتحافظ بكين على وجود بحري بالقرب من المناطق المتنازع عليها، وتسمح قواعدها العسكرية في جزر سبراتلي بوجود مستدام في المناطق المتنازع عليها وتوفر القدرة على الاستجابة السريعة للأزمات في بحر الصين الجنوبي.

  • في عام 2023، استخدم خفر السواحل في الصين خراطيم المياه والحواجز العائمة لمنع وصول الفلبينيين إلى المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. وأثارت اصطدامات الصين بسفن الإمداد الفلبينية اهتماماً إعلامياً سلط الضوء على سلوكيات الصين العدوانية. ومن غير المرجح أن تتخلى مانيلا عن موقعها الاستيطاني في سكند توماس شول، مما يوفر المزيد من الفرص للتصعيد غير المقصود من قبل أي من الجانبين.
  • اندلعت التوترات بين الصين واليابان بشأن جزر سينكاكو آخر مرة قبل عقد من الزمان. ومنذ ذلك الحين، ظلت السفن الصينية على مقربة من الجزر المتنازع عليها باستمرار، وتدخل المنطقة الإقليمية من حين لآخر، مما يؤدي إلى ردود أفعال من قوات الدفاع الذاتي اليابانية لمراقبة هذه الأنشطة.

الهند-الصين

ستظل الحدود المشتركة المتنازع عليها بين الهند والصين تشكل ضغطاً على علاقاتهما الثنائية. ورغم أن الجانبين لم ينخرطا في اشتباكات كبيرة عبر الحدود منذ عام 2020، إلا أنهما مستمران في عمليات نشر كبيرة للقوات، كما أن المواجهات المتفرقة بين القوات المتعارضة تهدد بسوء التقدير والتصعيد إلى صراع مسلح.

الهند-باكستان

تميل نيودلهي وإسلام أباد إلى الحفاظ على الهدوء الهش الحالي في علاقتهما بعد تجديدهما لوقف إطلاق النار على طول خط السيطرة في أوائل عام 2021. ومع ذلك، لم يستغل أي من الطرفين فترة الهدوء هذه لإعادة بناء علاقاتهما الثنائية، حيث ركّزت كلا الحكومتين على الأولويات المحلية الأكثر إلحاحاً بما في ذلك التجهيزات والحملات الانتخابية، وبالنسبة لباكستان، فهناك مخاوف بشأن تزايد هجمات المسلحين في غربها. إن تاريخ باكستان الطويل في دعم الجماعات المسلحة المناهضة للهند واستعداد الهند المتزايد، تحت قيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، للرد بالقوة العسكرية على الاستفزازات الباكستانية المتصوّرة أو الحقيقية، يزيد من خطر التصعيد أثناء أي أزمة. ولا يزال هناك احتمال أن يؤدي حدث ما إلى تصعيد سريع.

أذربيجانأرمينيا

من المرجح أن تظل العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان متوترة، ولكن استعادة أذربيجان لمنطقة ناجورنو كاراباخ كانت سبباً في الحد من التقلبات، وربما تكون المواجهة العسكرية محدودة في كل من المدة ومدى الشدة. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى معاهدة سلام ثنائية، وقرب مواقع قواتهما العسكرية، والافتقار إلى آلية لإنفاذ وقف إطلاق النار، واستعداد أذربيجان لاستخدام الضغط العسكري المدروس لتحقيق أهدافها في المحادثات مع أرمينيا، سوف تظل قائمة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن انتقال حكم ناجورنو كاراباخ من العرق الأرمني إلى الأذربيجاني ومطالبة أذربيجان بالوصول إلى ممر بري يربط أذربيجان بجيبها، من شأنه أن يزيد من خطر المواجهة المسلحة.

  • في سبتمبر 2023، بدأت أذربيجان عملية عسكرية أدت إلى هزيمة قوات الدفاع الذاتي في ناجورنو كاراباخ واستسلام سلطات الأمر الواقع في ناجورنو كاراباخ. وقد سمح النزوح السريع لمعظم السكان من أصل أرمني في المنطقة والحل الذاتي المخطط للحكومة لباكو بتقديم خطط لدمج المنطقة مع أذربيجان، مما أدى بشكل فعال إلى إزالة هذه القضية القديمة من أجندة السلام الثنائية.

ج- الاضطرابات المحتملة داخل الدول

يمكن أن تؤجج الاضطرابات داخل الدول – سواء كانت ناجمة عن اضطرابات داخلية، أو استياء اقتصادي، أو تحديات الحكم – دورات العنف، وحركات التمرد، والصراع الداخلي. وغالباً ما تتشابك التحديات مع تضاؤل الأداء الاجتماعي والاقتصادي، والفساد المستشري، والنزوح السكاني، والضغوط الناتجة عن تغير المناخ، وانتشار الأيديولوجيات المتطرفة من الجماعات الإرهابية والمتمردة. فخلال العقد الماضي، أدى تآكل الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، والتوترات في التحالفات الأمريكية، والتحديات التي واجهتها المعايير الدولية، إلى زيادة صعوبة معالجة القضايا العالمية للولايات المتحدة وحلفائها مع خلق فرص أكبر للحكومات والجماعات المارقة للإفلات من العقاب. وسنسلط الضوء أدناه على بعض الأمثلة التي سيكون لها تأثير أكبر على الأمن العالمي وإمكانية اتخاذ إجراءات من جانب الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها.

البلقان

من المحتمل أن تواجه منطقة غرب البلقان خطراً متزايداً للعنف العرقي المحلي خلال عام 2024. ومن المرجح أن يؤدي القادة القوميون إلى تفاقم التوتر من أجل مصلحتهم السياسية، وسوف تعمل الجهات الفاعلة الخارجية على تعزيز واستغلال الاختلافات العرقية لزيادة نفوذها الإقليمي أو حمايته أو إحباط المزيد من الاندماج في منطقة البلقان مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي أو المؤسسات الأوروبية الأطلسية.

 

  • أدت الاشتباكات بين القوميين الصرب وسلطات كوسوفو إلى سقوط قتلى وجرحى، بما في ذلك إصابات في صفوف قوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي، في عام 2023.
  • يتخذ زعيم صرب البوسنة ميلوراد دوديك خطوات استفزازية لتحييد الرقابة الدولية في البوسنة وتأمين الانفصال الفعلي لجمهورية صربسكا. وقد يدفع تصرفه زعماء السكان البوشناق (مسلمي البوسنة) إلى تعزيز قدرتهم على حماية مصالحهم وربما يؤدي إلى صراعات عنيفة يمكن أن تطغى على قوات حفظ السلام.

السودان

يزيد الصراع المطول من مخاطر انتشار الصراع خارج حدود السودان، وانضمام الجهات الفاعلة الخارجية إلى المعركة، ومواجهة المدنيين للموت والنزوح. ولا تزال القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تتقاتل لأن قادتها يعتقدون أن بإمكانهم تحقيق أهدافهم، في غياب وقف الأعمال العدائية عن طريق التفاوض. ومع وجود السودان على مفترق طرق القرن الأفريقي ومنطقة الساحل وشمال أفريقيا، فمن الممكن أن يصبح مرة أخرى بيئة مثالية للشبكات الإرهابية والإجرامية.

  • ربما تتلقى قوات الأمن المتحاربة في السودان المزيد من الدعم العسكري الأجنبي، الأمر الذي من المرجح أن يعوق التقدم في أي محادثات سلام مستقبلية. وأي مشاركة متزايدة من جانب جهة خارجية واحدة يمكن أن تدفع الآخرين إلى أن يحذوا حذوها بسرعة.

إثيوبيا

وتشهد إثيوبيا صراعات داخلية متعددة ومتزامنة، مما يؤدي إلى تفاقم التوتر العرقي وخطر ارتكاب فظائع ضد المدنيين. وظهر صراع جديد في ولاية أمهرة الإقليمية في شهر إبريل 2023، عندما اشتبكت الحكومة الإثيوبية مع ميليشيا أمهرة واستمر القتال طوال العام. وفي حين أنهى اتفاق وقف الأعمال العدائية في نوفمبر 2022 بين الحكومة الإثيوبية وأهالي تجراي حرباً استمرت عامين، فإن القضايا الإقليمية التي لم يتم حلها يمكن أن تؤدي إلى استئناف الصراع.

الساحل

منذ عام 2020، شهدت منطقة الساحل سبع عمليات نقل غير منتظمة للسلطة حيث فشل القادة في معالجة سوء الإدارة والمظالم العامة أو تزويد جيوشهم بالموارد الكافية لتحقيق مهامهم. ويزيد هذا الاضطراب من احتمال انتشار هذه الأزمات وامتدادها إلى البلدان المجاورة في منطقة غرب أفريقيا الساحلية في عام 2024. وتواجه العديد من حكومات غرب أفريقيا الساحلية انقلابات محتملة بسبب التوترات المدنية العسكرية المستمرة، وتزايد الاستياء العام من فشلها في تحسين الحكم والإصلاح السياسي ومستويات المعيشة، وزيادة الشركاء الأجانب الراغبين في التغاضي عن الحكم العسكري للتركيز على المصالح الأمنية الضيقة. ومن المرجح أن يتصور قادة الانقلابات في المستقبل أن المنافسة بين القوى الكبرى ستخلق مساحة للتغلب على أي تداعيات دولية.

  • لقد استفادت روسيا بشكل انتهازي من الاضطرابات الداخلية، حيث قدمت دعماً خطابياً، وفي بعض الحالات، دعماً جوهرياً لأولئك الذين يسعون إلى الإطاحة بالأنظمة الحاكمة.
  • بدأت الأزمات المتصاعدة في إضعاف المؤسسات الإقليمية، مما يزيد من إعاقة قدرتها على تطوير استجابات أمنية إقليمية فعالة. ففي عام 2023، شكلت المجالس العسكرية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر تحالفاً منفصلاً لمقاومة الضغوط التي تمارسها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS)، والتي كانت تاريخياً واحدة من أكثر الهيئات اتساقاً في محاولة دعم معايير مكافحة الانقلابات في المنطقة.
  • يركز العديد من الشركاء الغربيين على المصالح الأمنية الأساسية في المنطقة – مثل وقف تدفقات المهاجرين، واحتواء المنافسين الجيوسياسيين، ومكاسب مكافحة الإرهاب – على حساب الدعم طويل المدى للديمقراطية والحكم.

هايتي

وسوف تظل الظروف غير قابلة للتنبؤ بها مع فقدان المؤسسات الحكومية الضعيفة قبضتها على السلطة من أجل السيطرة الجماعية على الأراضي، وخاصة في العاصمة بورت أو برنس. وسوف يقترن ذلك بتآكل الاقتصاد والبنية التحتية والوضع الإنساني السيئ على نحو متزايد. ومن المرجح أن تقاوم العصابات بعنف نشر قوات وطنية أجنبية في هايتي لأنها ترى أن ذلك يشكل تهديداً مشتركاً لسيطرتها وعملياتها.

  • دعا كبار زعماء العصابات في هايتي، مثل زعيم مجموعة التسعة، جيمي “باربيكي” شيريزير، وزعيم كرازي، باري فيتلهوم إنوسنت، إلى الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء أرييل هنري.
  • لم تتمكن الشرطة الوطنية الهايتية من مواجهة عنف العصابات، كما عانت من مشاكل الموارد، وتحديات الفساد، ومحدودية التدريب.

فنزويلا

سيحتفظ الرئيس الفنزويلي المتنازع عليه نيكولاس مادورو بقبضة قوية على السلطة ومن غير المرجح أن يخسر الانتخابات الرئاسية عام 2024 بسبب سيطرته على مؤسسات الدولة التي تؤثر على العملية الانتخابية واستعداده لممارسة سلطته. ولا تتولى المعارضة، التي كانت منقسمة في كثير من الأحيان، سوى القليل من مناصب النفوذ العامة.

  • يساعد الدعم المقدم من الصين وإيران وروسيا نظام مادورو على التهرب من العقوبات.
  • وقد منع النظام حتى الآن كبار مرشحي المعارضة من تولي مناصب عامة، وقيد التغطية الإعلامية للسياسيين المعارضين، ووضع حلفاء مقربين في المجلس الانتخابي الوطني لضمان فوز مادورو، في حين يحاول أيضاً تجنب التزوير الصارخ في التصويت.
  • غادر أكثر من 7.7 مليون مواطن فنزويلي البلاد منذ عام 2017، حيث يعيش 6.5 مليون منهم في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. ومن المرجح أن تظل الهجرة الفنزويلية إلى المنطقة والولايات المتحدة مرتفعة خلال العام المقبل، إذ من المرجح أن يستمر نقص الفرص الاقتصادية.
  • يحصل أكثر من 80% من الفنزويليين على دخل أقل من خط الفقر، ولن تكون مستويات النمو الاقتصادي المنخفضة كافية لانتشال معظمهم من الفقر أو التخفيف من دوافع الهجرة.

 

* * * *

 

ثانياً: القضايا العابرة للحدود الوطنية

تمهيد

تتفاعل التهديدات العابرة للحدود الوطنية في نظام معقد جنباً إلى جنب مع التهديدات الصادرة عن الجهات الحكومية، وغالباً ما يعزز بعضها البعض ويخلق مخاطر معقدة ومتتالية على الأمن القومي الأمريكي. كما أدت زيادة الترابط بين البلدان إلى خلق فرص جديدة للتدخل والصراع العابر للحدود الوطنية. وتتمثل العديد من التحديات الواضحة والمباشرة في التطور السريع للتكنولوجيات، وانتشار القمع خارج الحدود المادية، والتهديدات التي تشكلها الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والإرهاب، والآثار الاجتماعية للهجرة الدولية.

المساحات المتنازع عليها

أ- التكنولوجيا التخريبية

ويجري تطوير التكنولوجيات الجديدة –وخاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية– وتنتشر بمعدل يجعل من الصعب على الشركات والحكومات صياغة القواعد المتعلقة بالحريات المدنية والخصوصية والأخلاق. من المرجح أن يؤدي التقارب بين هذه التقنيات الناشئة إلى تحقيق اختراقات، مما قد يؤدي إلى التطور السريع للتهديدات غير المتماثلة –مثل الطائرات بدون طيار المتقدمة– لمصالح الولايات المتحدة وربما يساعد في (إعادة) تشكيل الرخاء الاقتصادي الأمريكي.

  • على سبيل المثال، أثّرت تكنولوجيا التخفي بشكل كبير على أنظمة الدفاع التقليدية ودفعت الجهود التي تبذلها دول مختلفة لبدء جولة جديدة من الأبحاث حول أنظمة الكشف والأسلحة الموجهة. والاتجاه الرئيسي هو تطوير مواد متقدمة ذات خصائص خفية محسَّنة مع تقليل خصائص الانعكاس والامتصاص.

ويؤدي التقدم في الذكاء الاصطناعي ونماذج التعلم الآلي الجديدة إلى نقل الذكاء الاصطناعي إلى عصره الصناعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار اقتصادية ضخمة محتملة لكل من الفائزين والمتابعين بالإضافة إلى عواقب غير مقصودة –بدءاً من التزييف العميق المتفشي والمعلومات المضللة إلى تطوير فيروسات الكمبيوتر المولَّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي أو أسلحة كيميائية جديدة. ويُعتبر الذكاء الاصطناعي التوليدي وسيلة لاكتشاف وتصميم التقنيات الجديدة والعمليات المتقدمة على مستوى النظام التي يمكن أن تعزز القدرة التنافسية التكنولوجية والاقتصادية والاستراتيجية الأوسع للدولة.

  • تسعى الصين إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في المدن الذكية، والمراقبة الجماعية، والرعاية الصحية، واكتشاف الأدوية، ومنصات الأسلحة الذكية. وأصبحت شركات الذكاء الاصطناعي الصينية بالفعل رائدة على مستوى العالم في مجال التعرف على الصوت والصورة، وتحليلات الفيديو، وتقنيات المراقبة الجماعية.
  • وصف الباحثون في الصين تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي على اكتشاف الأدوية بأنه عمل “ثوري”. وفي المتوسط، يستغرق تطوير دواء جديد أكثر من 10 سنوات ومليارات الدولارات. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل اكتشاف الأدوية أسرع وأرخص من خلال استخدام نماذج التعلم الآلي للتنبؤ بكيفية تصرف الأدوية المحتملة في الجسم وتقليل الحاجة إلى العمل المعملي المضني على المركبات ذات النهاية المغلقة.
  • وتستخدم روسيا الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور مزيفة وتقوم بتطوير القدرة على خداع الخبراء. وقد يكون الأفراد في مناطق الحرب والبيئات السياسية غير المستقرة بمثابة بعض الأهداف الأعلى قيمة لمثل هذا التأثير الخبيث العميق.
  • ومن المحتمل أن يتحكم المبدعون في مجال البيولوجيا التركيبية في التطبيقات العسكرية والتجارية الجديدة ويمتلكون قدرة إنتاجية تقدر بتريليونات الدولارات، بما في ذلك سلاسل التوريد للمنتجات التي تتراوح من بذور المحاصيل المقاومة للأمراض إلى المعادن إلى الأدوية.
  • لن تدفع دول مثل الصين والولايات المتحدة، التي تقود اختراقات التكنولوجيا الحيوية في مجالات مثل الطب الدقيق، والبيولوجيا التركيبية، والبيانات الضخمة، ومواد المحاكاة الحيوية، نمو الصناعة فحسب، بل ستؤدي أيضاً إلى المنافسة الدولية وستمارس تأثيراً كبيراً على الاقتصاد العالمي لأجيال قادمة.

ب- الاستبداد الرقمي والقمع العابر للحدود الوطنية

تعمل الدول الأجنبية على تطوير الوسائل الرقمية والمادية لقمع المنتقدين من الأفراد ومجتمعات الشتات في الخارج، بما في ذلك في الولايات المتحدة، للحد من نفوذهم على الجماهير المحلية. كما أصبحت تلك الدول أكثر تطوراً في عمليات التأثير الرقمي التي تحاول التأثير على آراء الجماهير الأجنبية، والتأثير على وجهات نظر الناخبين، وتغيير السياسات، وخلق اضطرابات اجتماعية وسياسية. فقد أصبحت التقنيات الرقمية عنصراً أساسياً في مجموعة الأدوات القمعية للعديد من الحكومات حتى مع استمرارها في الانخراط في أعمال القمع الجسدي العابر للحدود الوطنية، بما في ذلك الاغتيالات والاختطاف وإساءة استخدام أوامر الاعتقال والترهيب العائلي. ومن المحتمل أن تكون الصين هي المرتكب الرئيسي للقمع الجسدي العابر للحدود الوطنية.

  • خلال السنوات العديدة المقبلة، من المرجح أن تستغل الحكومات التقنيات الجديدة والأكثر تدخلاً –بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي– للقمع العابر للحدود الوطنية. ومن عام 2011 إلى عام 2023، تعاقدت 74 دولة على الأقل مع شركات خاصة للحصول على برامج تجسس تجارية، والتي تستخدمها الحكومات بشكل متزايد لاستهداف المنشقين والصحفيين.
  • واجه المغتربون من مواطني الصين اتهامات بالتهديدات الكاذبة بالقنابل في بلدان حول العالم، مما أدى إلى تحقيقات الشرطة المحلية معهم، وإلغاء التأشيرات، ووضعهم على قوائم السفر السوداء، وفي بعض الأحيان الاعتقال، كوسيلة لمضايقة المنشقين في الخارج. ومن المحتمل أيضاً أن تسعى جمهورية الصين الشعبية إلى الحفاظ على مكاتب الأمن العام المعروفة أيضاً باسم “مراكز الشرطة الخارجية” لمراقبة وقمع الشتات الصيني.

ب- أسلحة الدمار الشامل

الأسلحة النووية

إن التوسع في مخزونات الأسلحة النووية وأنظمة إيصالها، إلى جانب تزايد الصراعات الإقليمية التي تشمل الدول الحائزة للأسلحة النووية، يشكل تحدياً كبيراً للجهود العالمية لمنع انتشار واستخدام الأسلحة النووية. وسوف تتغير جهود الحد من الأسلحة حتى عام 2035 من حيث النطاق والتعقيد مع نمو عدد التقنيات الاستراتيجية والبلدان التي تمتلكها.

  • وتسعى الصين وروسيا إلى ضمان الاستقرار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة من خلال نمو وتطوير مجموعة من قدرات الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة غير التقليدية التي تهدف إلى هزيمة الدفاعات الصاروخية الأمريكية أو التهرب منها.
  • تستمر كوريا الشمالية في التهديد بإجراء تجربة نووية سابعة، وقد يؤدي احتمال تصاعد التوتر بين باكستان والهند إلى زيادة خطر التصعيد النووي.

الأسلحة الكيميائية

إن استخدام الأسلحة الكيميائية، خاصة في حالات أخرى غير العمليات العسكرية بين الدول، يمكن أن يتزايد في المستقبل القريب. وقد استخدمت الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية خلال العقد الماضي عناصر الحرب الكيميائية في مجموعة من السيناريوهات، بما في ذلك استخدام الجيش السوري للكلور والسارين ضد جماعات المعارضة والمدنيين، واستخدام كوريا الشمالية وروسيا للعناصر الكيميائية في عمليات القتل المستهدف. ويمكن لمزيد من الجهات الحكومية استخدام المواد الكيميائية في العمليات ضد المعارضين والمنشقين وغيرهم من أعداء الدولة المتصوَّرين؛ وكذلك المتظاهرين تحت ستار قمع الاضطرابات الداخلية؛ أو ضد سكانها من المدنيين أو اللاجئين.

الأسلحة البيولوجية

تؤكد العوامل البيولوجية الحالية والتكنولوجيا الحيوية سريعة التقدم على الطبيعة المتنوعة والديناميكية للتهديدات البيولوجية المتعمدة. وقد يساعد التقدم السريع في التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، بما في ذلك المعلوماتية الحيوية، والبيولوجيا التركيبية، وتكنولوجيا النانو، والتحرير الجيني، في تطوير تهديدات بيولوجية جديدة.

  • ومن المحتمل أن تحتفظ روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية بالقدرة على إنتاج واستخدام مسببات الأمراض والسموم، وقد أثبتت الصين وروسيا براعتهما في التلاعب بمساحة المعلومات لتقليل الثقة في التدابير المضادة والتكنولوجيا الحيوية والأبحاث الأمريكية.

المجالات المشتركة

أ- التغير البيئي والطقس المتطرف

تتزايد المخاطر التي تهدد مصالح الأمن القومي الأمريكي مع تقاطع التأثيرات المادية للتغير المناخي والبيئي مع التوترات الجيوسياسية ونقاط الضعف في بعض الأنظمة العالمية. وستؤدي الكوارث المرتبطة بالمناخ في البلدان المنخفضة الدخل إلى تفاقم التحديات الاقتصادية، وزيادة خطر الصراع بين الطوائف على الموارد الشحيحة، وزيادة الحاجة إلى المساعدات الإنسانية والمالية.

  • من المتوقع أن تستمر الكوارث المرتبطة بالمناخ والخسائر الاقتصادية في البلدان المنخفضة الدخل في المساهمة في الهجرة عبر الحدود.
  • التنافس على الوصول إلى القطب الشمالي والموارد الاقتصادية فيه، مع انحسار الجليد البحري، يزيد من خطر سوء التقدير، وخاصة في ظل التوتر العسكري بين روسيا والدول السبع الأخرى التي تقع على أراضي القطب الشمالي.
  • تجتمع أنماط الطقس الناجمة عن ظاهرة النينيو مع تأثيرات تغير المناخ ونقاط الضعف الموجودة مسبقاً في البنية التحتية الحيوية، مما يؤدي إلى تفاقم تعرض السكان للفيضانات، والجفاف، وموجات الحر، والعواصف الشديدة. ومن المتوقع أن تؤدي الأحداث المرتبطة بظاهرة النينيو إلى انخفاض النمو الاقتصادي العالمي، مما سيؤدي إلى خسارة أكثر من 3 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة المتبقية من العقد.
  • وتعمل حالات الجفاف على تقليص قدرة الشحن وتوليد الطاقة في أمريكا الوسطى، والصين، وأوروبا، والولايات المتحدة، كما زادت خسائر التأمين الناجمة عن الكوارث بنسبة 250% خلال الأعوام الثلاثين الماضية.
  • وقد تؤدي تأثيرات أنماط الطقس المتغيرة على المصدِّرين الزراعيين الرئيسيين والمناطق الزراعية المحلية المهمة إلى زيادة الضغط على النظم الغذائية في المناطق المعرضة للخطر في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا. والأرصدة السمكية المستدامة التي يعتمد عليها بعض سكان المناطق الساحلية آخذة في الانحدار بسبب ارتفاع درجات حرارة المحيطات والصيد الجائر، وخاصة عن طريق الصيد غير القانوني وغير المبلَّغ عنه وغير المنظَّم.

ومن المرجح أن تؤدي التأثيرات المكثفة لتغير المناخ –إلى جانب أنماط الطقس المرتبطة بظاهرة النينيو– إلى تفاقم المخاطر على صحة الإنسان، في المقام الأول، ولكن ليس على سبيل الحصر، في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ومن المرجح أن يتقاطع ارتفاع درجات حرارة الأرض والمحيطات، وتغير أنماط هطول الأمطار، وزيادة تواتر الظواهر الجوية القاسية مع التدهور البيئي، والتلوث، وسوء إدارة الموارد، مما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي والمائي، وسوء التغذية، وتفشي الأمراض.

ب- الأمن الصحي

إن أوجه القصور في النظام الصحي الوطني، وانعدام ثقة الجمهور والمعلومات الطبية الخاطئة، وتآكل إدارة الصحة العالمية، ستؤدي إلى إعاقة قدرة الدول على الاستجابة للتهديدات الصحية. ولا تزال الدول عرضة لدخول مسببات الأمراض الجديدة أو الناشئة التي يمكن أن تسبب جائحة مدمرة أحرى.

  • وبحلول عام 2030، سيحدث النقص المتوقع بما لا يقل عن 10 ملايين عامل في مجال الرعاية الصحية في المقام الأول في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
  • قد تتآكل إدارة الصحة العالمية والالتزام ببروتوكولات الأمم المتحدة الصحية خلال العام المقبل بسبب استمرار تجاهل الحكومات للمؤسسات والأعراف الصحية الدولية وتدخل الخصم في مبادرات الصحة العالمية.
  • العوامل المسببة لظهور الأمراض المعدية آخذة في الارتفاع، بما في ذلك إزالة الغابات، وحصاد الحياة البرية والتجارة بها، وإنتاج الغذاء على نطاق واسع، والافتقار إلى الإجماع الدولي بشأن معايير السلامة الحيوية. وتتفاقم هذه الدوافع بفِعل عوامل تسهل الانتشار العالمي، مثل السفر والتجارة الدوليين، وعدم كفاية مراقبة الأمراض ومكافحتها على مستوى العالم، وضعف الأنظمة الصحية، وانعدام الثقة العامة، والمعلومات الطبية المضللة.
  • أدت التفشيات الكبيرة لأنفلونزا الطيور شديدة الإمراض، والكوليرا، وحمى الضنك، والإيبولا، وجدري القرود، وشلل الأطفال إلى زيادة الضغط على الأنظمة العالمية والوطنية للكشف عن الأمراض والاستجابة لها مما يرهق قدرة المجتمع الدولي على معالجة حالات الطوارئ الصحية.

 

 

 

 

 

 

 

ج- الهجرة

ستستمر الصراعات والعنف وعدم الاستقرار السياسي والظروف الاقتصادية السيئة والكوارث الطبيعية في نزوح أعداد متزايدة من الناس داخل حدودهم الوطنية وعلى المستوى الدولي – مما يجهد قدرة الدول على استيعاب الوافدين الجدد وقدرات الحكومات على تقديم الخدمات وإدارة السخط العام المحلي. ومن المرجح أن يستمر نصف الكرة الغربي في الحفاظ على مستويات عالية من تدفقات المهاجرين داخل المنطقة مدفوعة بالظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة وانعدام الأمن بالإضافة إلى عوامل الجذب التي تشمل الفرص الاقتصادية، ولم شمل الأسر، وتصورات سياسات الهجرة في الدول المتلقية للمهاجرين أو دول العبور.

  • كان عدد الأفراد النازحين داخلياً من ديارهم في عام 2022 أعلى بثلاثة أضعاف من متوسط السنوات العشر السابقة. وتتزايد الهجرة غير النظامية إلى الدول ذات الدخل المرتفع حيث تعاني العديد من الدول في أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي من اضطرابات سياسية وضعف الأداء الاقتصادي.
  • وسوف يستمر القمع السياسي والافتقار إلى الفرص الاقتصادية في دفع الهجرة في كوبا ونيكاراجوا وفنزويلا. ومع ذلك، ستستمر تلك الأنظمة في إلقاء اللوم على العقوبات والسياسات الأمريكية في الهجرة غير النظامية من بلدانها.
  • ويمكن أن تؤدي التغييرات في متطلبات الحصول على تأشيرة الدخول لدول نصف الكرة الغربي ــ مثل تخفيف نيكاراجوا للمتطلبات من مواطني هايتي ــ إلى ارتفاعات جديدة في الهجرة غير النظامية المتجهة إلى الولايات المتحدة.

قضايا الجهات الفاعلة غير الحكومية

أ- الجريمة المنظَّمة العابرة للحدود الوطنية

تهدد المنظمات الإجرامية عبر الوطنية (TCOs) أنظمة الصحة العامة الأمريكية وحلفاءها، وتستغل النظام المالي الدولي، وتؤدي إلى تدهور سلامة وأمن الولايات المتحدة والدول الشريكة. وتحرّض هذه العمليات على عدم الاستقرار والعنف، وتدفع إلى الهجرة، وتوفر لبعض خصوم الولايات المتحدة سبلاً إضافية لتعزيز مصالحهم الجيوسياسية.

المخدرات الأجنبية غير المشروعة

إن المنظمات الإرهابية العاملة في نصف الكرة الغربي والمتورطة في إنتاج المخدرات والاتجار بها بشكل غير مشروع والمتجهة إلى الولايات المتحدة والدول الشريكة، تعرض صحة وسلامة الملايين من الأفراد للخطر وتساهم في أزمة صحية عالمية. و تساهم المخدرات غير المشروعة، بما في ذلك الفنتانيل والهيروين والميثامفيتامين والكوكايين المستورد من أمريكا الجنوبية، في زيادة الطلب العالمي على المخدرات.

  • تعتبر شركات TCO التي يوجد مقرها في المكسيك المنتجين والموردين المهيمنين للمخدرات غير المشروعة إلى السوق الأمريكية، بما في ذلك الفنتانيل والهيروين والميثامفيتامين والكوكايين من أمريكا الجنوبية.
  • وتتأثر كل من كولومبيا والإكوادور بمستويات قياسية من الكوكايين الذي يتم إنتاجه وتهريبه إلى الأسواق الدولية، مما يساهم في الطلب العالمي على المخدرات، بينما يؤجج العنف المرتبط بالمخدرات داخل حدودهما.

غسيل الأموال والجرائم المالية

تقوم التنظيمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية بالاحتيال على الأفراد والشركات والبرامج الحكومية، حيث تقوم بغسل مليارات الدولارات من العائدات غير المشروعة من خلال المؤسسات المالية الأمريكية. وتختلف مخططاتهم وتكتيكاتهم الاحتيالية بشكل كبير. فالبعض يستخدم الشركات الوهمية والواجهة للتعتيم على أنشطتهم غير المشروعة، وتعتمد بعض شركات التنظيمات الإجرامية العابرة للحدود على غاسلي أموال محترفين أو خبراء ماليين وأساليب أخرى لغسل العائدات غير المشروعة.

  • لا تزال عمليات غسيل الأموال تعتمد على أساليب غسل الأموال التقليدية وعمليات تهريب الأموال النقدية بالجملة لإعادة عائدات المخدرات من الولايات المتحدة، في حين يستخدم بعض غاسلي الأموال معاملات العملة المشفرة.

الجريمة الإلكترونية

يعمل المجرمون المنظًَمون العابرون للحدود الوطنية والمتورطون في عمليات برامج الفدية على تحسين هجماتهم، ويبتزون الأموال، ويعطلون الخدمات الحيوية، ويكشفون البيانات الحساسة. ولا تزال الخدمات الأمريكية المهمة والبنية التحتية الحيوية مثل الرعاية الصحية والمدارس والتصنيع تتعرض لهجمات برامج الفدية؛ ومع ذلك، فإن الدفاعات السيبرانية الضعيفة، إلى جانب الجهود الرامية إلى رقمنة الاقتصادات، جعلت شبكات البلدان المنخفضة الدخل أهدافا جذابة أيضاً.

  • أدى ظهور بنية تحتية غير مكلفة ومجهولة الهوية عبر الإنترنت، بالإضافة إلى الربحية المتزايدة لبرامج الفدية، إلى انتشار النشاط الإجرامي عبر الإنترنت وتحقيق اللامركزية فيه وتخصصه. وقد أدى هذا النظام المترابط إلى تحسين كفاءة وتعقيد هجمات برامج الفدية مع خفض المستوى الفني لدخول جهات فاعلة جديدة.
  • يتوقف المجرمون المنظَّمون العابرون للحدود الوطنية في بعض الأحيان عن عملياتهم بشكل مؤقت استجابة لاهتمام رفيع المستوى، أو إجراءات إنفاذ القانون، أو تعطيل البنية التحتية، على الرغم من أن أعضاء المجموعة يجدون أيضاً طرقاً لإعادة تسمية أنشطتهم أو إعادة تشكيلها أو تجديدها.
  • وفي غياب التعاون في مجال إنفاذ القانون من جانب روسيا أو الدول الأخرى التي توفر لمجرمي الإنترنت ملاذاً آمناً أو بيئة متساهلة، فإن جهود التخفيف سوف تظل محدودة.

تقويض سيادة القانون

تعمل المنظمات الإرهابية المسلحة والعصابات الإجرامية على تقويض سيادة القانون من خلال استغلال شبكات الفساد، وارتكاب أعمال العنف، والتغلب على قوات الأمن الإقليمية. ويقوم موظفو العمليات الفنية بانتظام باستمالة المسؤولين الحكوميين الأجانب من خلال الرشاوى أو التهديدات لخلق بيئة عمل متساهلة واستهداف المسؤولين الذين يدعمون جهوداً أقوى لمكافحة المخدرات.

  • وتقوم التنظيمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية برشوة المرشحين السياسيين الأجانب ومسؤولي الأمن في محاولة للحد من إجراءات التنفيذ وحماية العمليات غير المشروعة، مثل إنتاج المخدرات غير المشروعة أو عمليات التهريب عبر الحدود.
  • وقد أدى عنف العصابات المرتبط بالمخدرات في الإكوادور إلى ارتفاع معدلات جرائم القتل واغتيال مرشح رئاسي. أعلنت البلاد حالات طوارئ متعددة، وعلّقت الخدمات العامة الأساسية –بما في ذلك وسائل النقل العام– وأغلقت المدارس والشركات.

ب- الاتجار بالبشر

ينظر المسؤولون التنفيذيون في العمليات التجارية والجهات الإجرامية إلى الاتجار بالبشر، بما في ذلك الاتجار بالجنس والعمل القسري، على أنه جرائم فرص منخفضة المخاطر. وتنخرط جهات إجرامية متعددة في عمليات تسعى إلى استغلال الأفراد والجماعات الضعيفة لتعزيز تدفقات الإيرادات غير المشروعة. قد تشارك أيضاً المنظمات التقنية العاملة في مجال الاتجار بالبشر في الاتجار بالمخدرات وتهريب الأسلحة وتهريب البشر وغسل الأموال.

  • وعادة ما يقوم المتاجرون بالبشر بإكراه ضحاياهم أو الاحتيال عليهم للقيام بالاتجار بالجنس أو العمل القسري، ومصادرة وثائق الهوية والمطالبة بدفع الديون. وقد لاحظ مسؤولو إنفاذ القانون الأمريكيون في عام 2023 حوادث متعددة تم فيها استغلال القُصَّر غير المصحوبين بذويهم في عمليات العمل القسري في مصانع تجهيز الأغذية الأمريكية لسداد الديون.
  • ومن المرجح أن تنخرط منظمات التعاون الفني الموجودة في نصف الكرة الغربي وآسيا في أنشطة الاتجار بالبشر التي لها روابط مع الولايات المتحدة.
  • ويتم استغلال المهاجرين الذين يعبرون نصف الكرة الغربي إلى الولايات المتحدة من قبل جهات إجرامية من خلال الاختطاف للحصول على فدية، أو أهداف للعمل القسري، أو ضحايا عمليات الاتجار بالجنس. ويستفيد كل من منظمي العمليات الإرهابية، ومهربي البشر، والعصابات، والجهات الإجرامية المنفردة من المستويات المرتفعة للهجرة المتجهة إلى الولايات المتحدة، ويتعرض المهاجرون المستضعفون لخطر الاتجار بهم.
  • ويتم الاتجار ببعض المهاجرين، الذين يستخدمون طوعاً شبكات تهريب البشر لتسهيل سفرهم إلى الولايات المتحدة، أثناء رحلتهم.

ج- الإرهاب العالمي

سيواجه الأشخاص والمصالح الأمريكية في الداخل والخارج تهديداً أيديولوجياً متنوعاً من الإرهاب. ومن المرجح أن يظهر هذا التهديد في الغالب في خلايا صغيرة أو أفراد يستلهمون المنظمات الإرهابية الأجنبية والأيديولوجيات المتطرفة العنيفة لتنفيذ هجمات. وبينما وصل تنظيم القاعدة إلى الحضيض العملياتي في أفغانستان وباكستان، وعانى تنظيم داعش من خسائر متتالية في القيادة في العراق وسوريا، فإن الفروع الإقليمية التابعة له ستستمر في التوسع. وترمز هذه المكاسب إلى تحول مركز ثقل الجهاد العالمي السنّي إلى أفريقيا.

  • سيحتفظ الإرهابيون باهتمامهم بشن هجمات باستخدام المواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية ضد الأشخاص الأمريكيين وحلفائهم ومصالحهم في جميع أنحاء العالم. ويواصل الإرهابيون من خلفيات أيديولوجية متنوعة تعميم تعليمات ذات مصداقية متنوعة لشراء أو إنتاج أسلحة سامة أو مُشعّة باستخدام مواد متاحة على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات عبر الإنترنت.

داعش

ستبقى داعش منظمة عالمية مركزية حتى مع اضطرارها إلى الاعتماد على فروع إقليمية رداً على الخسائر المتعاقبة في قياداتها خلال السنوات القليلة الماضية. وتختلف القدرات الخارجية عبر الفروع العالمية لداعش، لكن المجموعة ستظل تركز على محاولة تنفيذ وإلهام هجمات عالمية ضد الغرب والمصالح الغربية.

  • يساهم تنظيم داعش في الصحراء الكبرى وتنظيم داعش في غرب أفريقيا في عدم استقرار الحكومة والصراع الطائفي والمظالم المناهضة للحكومة ويستفيدان منها لتحقيق مكاسب في نيجيريا ومنطقة الساحل.
  • يحاول تنظيم داعش-خراسان تنفيذ هجمات من شأنها تقويض شرعية نظام طالبان من خلال توسيع الهجمات ضد المصالح الأجنبية في أفغانستان.

القاعدة

سوف تحافظ الفروع الإقليمية لتنظيم القاعدة في القارة الأفريقية واليمن على الشبكة العالمية حيث تحافظ المجموعة على نيتها الإستراتيجية لاستهداف الولايات المتحدة والمواطنين الأمريكيين. ولم تعلن القيادة العليا لتنظيم القاعدة بعد عن بديل لأمير التنظيم السابق، أيمن الظواهري، مما يعكس الطبيعة الإقليمية واللامركزية للمنظمة.

  • تواصل حركة الشباب تطوير قدراتها الهجومية من خلال الحصول على أنظمة الأسلحة أثناء مواجهة حملة مكافحة الإرهاب متعددة الجنسيات، مما يشكل خطراً على الأفراد الأمريكيين. وفي عام 2023، وسّعت حركة الشباب أيضاً عملياتها في شمال شرق كينيا.

حزب الله

سيواصل حزب الله اللبناني تطوير قدراته “الإرهابية” العالمية كاستكمال للقدرات العسكرية التقليدية المتنامية للجماعة في المنطقة. منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، نفذ حزب الله هجمات على طول الحدود الشمالية لإسرائيل لتقييد مسعى القوات الإسرائيلية في القضاء على حركة حماس في غزة. ومن المحتمل أن يستمر حزب الله في القيام بأعمال استفزازية مثل إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل طوال فترة الصراع.

  • يسعى حزب الله إلى الحد من نفوذ الولايات المتحدة في لبنان والشرق الأوسط الكبير، ويحتفظ بالقدرة على استهداف الأشخاص والمصالح الأمريكية في المنطقة، وفي جميع أنحاء العالم، وبدرجة أقل، في الولايات المتحدة.

المتطرفون العنيفون العابرون للحدود الوطنية ذوي الدوافع العنصرية أو العرقية

سوف تستمر حركة المتطرفين العنيفين العابرة للحدود الوطنية ذوي الدوافع العنصرية أو الإثنية (RMVE)، وخاصة بدافع التفوق الأبيض، في إثارة العنف في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الجنوبية وأستراليا وكندا ونيوزيلندا، مما يُلهم الفاعل المنفرد أو هجمات الخلايا الصغيرة التي تشكل تهديداً كبيراً للأشخاص الأمريكيين. وسوف تشكل البنية الفضفاضة لمنظمات وشبكات المتطرفين العنيفين العابرة للحدود الوطنية ذوي الدوافع العنصرية أو الإثنية، والتي تشجّع أو تُلهم، ولكنها لا توجه الهجمات عادة، تحدياً لأجهزة الأمن المحلية وتخلق القدرة على الصمود ضد الاضطرابات.

  • يصعب اكتشاف وتعطيل الجهات الفاعلة المنفردة بسبب عدم انتمائها. وفي حين يميل هؤلاء المتطرفون العنيفون إلى الاستفادة من أساليب الهجوم البسيطة، إلا أنه يمكن أن تكون لها عواقب مدمرة وضخمة.
  • وتغذّي منشورات وبيانات المتطرفين العنيفين العابرة للحدود الوطنية ذوي الدوافع العنصرية أو الإثنية من المهاجمين السابقين حركة المتطرفين العنيفين العابرة للحدود من ذوي الدوافع العنصرية أو الإثنية بالدعاية والأهداف والتكتيكات العنيفة. وتحظى مجموعة ” تيرورجرام كوليكتف”، وهي شبكة من القنوات وغرف الدردشة على الإنترنت، بانتشار عالمي، وتسعى من خلال منشوراتها المتطورة عبر الإنترنت إلى إثارة العنف.
  • وقد حددنا منذ أوائل عام 2022 خمس هجمات من حركة المتطرفين العنيفين العابرة للحدود الوطنية ذوي الدوافع العنصرية أو الإثنية وخمس هجمات مشتبه بها من نفس الحركة، مما أسفر عن مقتل ما مجموعه 27 شخصاً، من قِبل جهات فاعلة منفردة على ما يبدو في الولايات المتحدة وخارجها. وخلال الفترة نفسها، تم الإبلاغ عن مؤامرات واعتقالات وتهديدات لحركة المتطرفين العنيفين العابرة للحدود الوطنية ذوي الدوافع العنصرية أو الإثنية في العديد من البلدان الأوروبية.

د- الشركات العسكرية والأمنية الخاصة

تتمتع الشركات العسكرية والأمنية الخاصة بحضور متزايد في البيئة الدولية، وتهدد حفنة من هذه الشركات المرتبطة بمنافسي الولايات المتحدة، مثل روسيا، الأمن العالمي في العديد من البلدان والمناطق من خلال قدرتها على إثارة العنف وتصعيد عدم الاستقرار في المناطق الهشة بالفعل.

  • أصبحت الشركات العسكرية والأمنية الخاصة عنصراً أساسياً في العمليات العسكرية الحديثة ومن المرجح أن ينمو الطلب على خدماتها. والجزء الأكبر من الصناعة عبارة عن شركات تقدم خدمات أمنية للإيجار للمصالح التجارية أو الدول. ومع ذلك، فإن الصين وروسيا وتركيا والإمارات تعتبر الشركات العسكرية والأمنية الخاصة أداة قيمة في ترسانتها إما لتعزيز مصالحها في الخارج أو حمايتها.
  • وسوف تتطلع العديد من الحكومات إلى أن تلعب الشركات العسكرية والأمنية الخاصة دوراً هاماً باعتبارها قوة مضاعفة لجيوشها التقليدية –حيث تقوم بمهام عالية التقنية أو كثيفة العمالة مثل الصيانة، أو الخدمات اللوجستية، أو أمن المواقع الثابتة– أو في بعض الحالات توفير خدمات متخصصة للغاية ومتكاملة. وقدرات العمل المباشر الرئيسية غائبة في قواتهم. أو في بعض الحالات توفير قدرات عمل عالية التخصص وجاهزة للاستخدام بشكل مباشر، تكون عادة غير متوفرة في قواتهم.
  • يحتوي عدد قليل فقط من عقود الشركات العسكرية والأمنية الخاصة على التدخل المباشر، وهي أنشطة شديدة الخطورة قد تتطلب استخدام القوة المميتة.
  • لا توجد أي شركة عسكرية وأمنية خاصة أخرى لديها مصادر التمويل والتدريب والحجم للعمل على مستوى شركة فاجنر كقوة تعمل بالوكالة، على الرغم من أنه يمكن لأي جهة فاعلة حكومية توسيع نطاق أنشطة شركة عسكرية وأمنية خاصة أصغر حجماً (لتصبح على غرار فاجنر) في غضون عام إلى عامين.
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close